القسم الثالث: فوائد من أوابد العرب

فوائد من أوابد العرب

منقولة من كتاب نثر الدر للوزير الآبي

إغلاق الظهر

كان الرجل إذا بلغت إبله مائة عمد إلى البعير الذي أمأت به، فأغلق ظهره لئلا يركب، وليعلم أن صاحبه ممء.


وإغلاق الظهر أن ينزع سناسن فقرته، ويعقر سنامه.

[التعمية والتفقئة]

فإذا بلغت إبله ألفاً فقأ عين الجمل، فإذا زادت على الألف عموه بفقء العين الأخرى. ويقولون: إن ذلك يدفع عنها العين والغارة.
قال الشاعر ينعى ذلك عليهم:

 

فكان شكر القوم عند المـنـين

 

كي الصحيحات وفقء الأعين

عقد الرتم

كان الرجل إذا أراد سفراً عمد إلى شجرة، فعقد غصناً من أغصانها بآخر، فإن رجع ورآه معقوداً زعم أن امرأته لم تخنه، وإن رآه محلولا زعم أنها خانته.


قال الشاعر:

هل ينفعنك اليوم إن هما بهـم

 

كثرة ما توصي وتعقاد الرتم؟

العتائر

كان الرجل منهم يأخذ الشاة. وتسمى العتيرة، فيذبحها، ويصب دمها على رأس الصنم الذي يعترها له.

كي السليم عند الجرب

زعموا أن الإبل إذا أصابها العر، وأخذوا الصحيح وكووه، زال العر عن السقيم.


قال النابغة:

لكلفتني ذنب امـرئ وتـركـتـه

 

كذي العر يكوى غيره وهو راتع

ضرب البقر

كانوا إذا امتنعت البقر عن شرب الماء ضربوا الفحل، وزعموا أن الجن تركب الثيران، فتصد البقر عن الشرب.


قال الأعشى:

لكالثور والجني يضرب ظهـره

 

وما ذنبه أن عافت الماء مشربا

عقد السلع والعشر

كانوا إذا استمطروا يعمدون إلى البقر، فيعقدون في أذنابها ذاك، ثم يضرمون فيها النيران، ويصعدونها في الجبل، ويزعمون أنهم يمطرون في الوقت.

كعب الأرنب

كانوا يلعقونه على أنفسهم، ويقولون: من فعل ذلك لم تصبه عين ولا سحر؛ وذلك أن الجن يهرب من الأرنب، وليست من مطاياه لأنها تحيض.

 وطئ المقاليت

ويزعمون أن المرأة المقلات _ وهي التي لا يعيش لها ولد _ إذا وطئت قتيلا شريفاً بقي أولادها.


قال بشر بن أبي خازم:

 

تظل مقاليت النـسـاء يطـأنـه

 

يقلن: ألا يلقى على المرء مئزر

تعليق الحلي على السليم

يزعمون أنه إذا علق عليه سبعة أيام، ومنع من النوم، أفاق.


قال النابغة:

يسهد من نوم العشاء سليمها

 

لحلي النساء في يديه قعاقع

شق الرداء والبرقع

زعموا أن المرأة إذا أحب رجلاً أو أحبها، ثم لم تشق عليه رداءه، أو يشق عليها برقعها، فسد الحب بينهما.


قال الشاعر:

إذا شق برد شق بالبرد برقع

 

دواليك حتى كلنا غير لابس

[رمي السن في الشمس]

ويزعمون أن الغلام إذا أثغر فرمى سنه في عين الشمس بسبابته وإبهامه، وقال: أبدليني بها أحسن، ولتكن إياتك فيها! أمن على أسنانه من العوج والقلح وغير ذلك.


قال طرفة:

بدلته الشمس من منـبـتـه

 

برداً أبيض مصقول الأشر

[خدر الرجل]

ويزعمون أن الرجل إذا خدرت رجله، فذكر أحب الناس إليه ذهب عنه الخدر.


قالت امرأة عن كلاب:

إذا خدرت رجلي ذكرت ابن مصعب

 

فان قلت: عبد الله! أجلى فتورهـا

[حبس البلايا]

وكانوا إذا مات الميت يشدون ناقته إلى قبره، ويعكسون رأسها إلى ذنبها، ويغطون رأسها بولية - وهي البرذعة - فإن أفلتت لم ترد عن ماء ولا مرعى. ويزعمون أنهم إنما يفعلون ذلك ليركبها صاحبها في المعاد، فيحشر عليها، ولا يحتاج أن يمشي.


قال أبو زبيد:

كالبلايا رؤوسها في الـولايا

 

مانحات السموم حر الخدود

[الهامة]

وزعموا أن الإنسان إذا قتل ولم يطلب بثأره، خرج من رأسه طائر يسمى الهامة، وصاح على قبره: اسقوني! اسقوني! قال ذو الأصبع:

 

يا عمرو إن لا تدع شتمي ومنقصتـي

 

أضربك حتى تقول الهامة: اسقوني!

[الحرقوص]

ويزعمون أن الحرقوص دويبة أكبر من البرغوث يدخل أحراح الأبكار ويفتضهن.

وأنشدوا: ما لقي البيض من الحرقوص ما مارد لص من اللصوص  

[الصفر]

وزعموا أن الإنسان إذا جاع عض على شرسوفه حية تكون في البطن، يقال لها: الصفر.


قال أعشى باهلة:

لا يتأرى لما في القـدر يرقـبـه

 

ولا يعض على شرسوفه الصفر

[الضبع]

وزعموا أن الضبع تحيض، وأنها تنتاب جيف القتلى، فتركب كمرها، وتستعمله.


وقال في معنى قول الشنفرى:

 

تضحك الضبع لقتلى هذيل

 

وترى الذئب لها يستهل

 

فعلى هذا أحدها:

[خضاب النحر]

وكانوا إذا أرسلوا الخيل للصيد، فسبق واحد منها، خضبوا صدره بدم الصيد علامة له.


قال امرؤ القيس:

كأن دماء الهاديات بنـحـره

 

عصارة حناء بشيب مرجل

[ذوات الرايات]

وكانت العواهر تنصب على أبواب بيوتها رايات لتعرف بها.


ومن شتائمهم: يا ابن ذات الراية!

[دم الأشراف]

ويقولون: إن دم الأشراف ينفع من عضة الكلب الكلب.


قال الشاعر:

 

من البيض الوجوه بنو نمير

 

دماؤهم من الكلب الشفاء

[التصفيق]

وكانوا إذا ضل منهم الرجل في الفلاة، قلب ثيابه، وحبس ناقته، وصاح في أذنيها كأنه يومئ إلى إنسان، وصفق بيديه: الوحا الوحا! النجا النجا! هيكل! الساعة الساعة! إلي إلي! عجل! ثم يحرك الناقة فيهتدي.


قال شاعرهم:

وآذن بالتصفيق من ساء ظنـه

 

فلم يدر من أي اليدين جوابها

[الدم]

وكانوا يجعلون الدم في المصران، ويلقونه على النار، ثم يأكلونه.

[جز الناصية]

وكانوا إذا أسروا رجلا، ثم منوا عليه وأطلقوه، جزوا ناصيته، ووضعوها في الكنانة.


قال الحطيئة:

قد ناضلوك فسلوا من كنانتهم

 

مجداً تليداً ونبلا غير أنكاس

[الاستئسار]

وكان الرجل يحمل في الحرب على الرجل بالطرف فيه الزج، فيقول: استأسر! فإن لم يفعل قلب له السنان.


قال زهير:

ومن يعص أطراف الزجاج فانه

 

يطيع العوالي ركبت كل لهذم

[الذئاب]

ويزعمون أنه إذا ظهر بأحد الذئاب دم، مال عليه صاحبه فقتله.


قال ابن الطثرية:

فتى ليس لابن العم كالذئب إن رأى

 

بصاحبه يوماً دماً فهـو آكـلـه

[نباح الكلاب]

ويقولون: إن الكلاب إذا نبحت السماء دل ذلك على الخصب.


قال:

ومالي لا أغزو وللدهر كـرة

 

وقد نبحت نحو السماء كلابها

[نقب لحي الكلب]

وكانوا ينقبون لحي الكلب في السنة الصعبة لئلا يسمع الأضياف نباحه.

[خرزة السلوان]

ويزعمون أن للسلوان خرزة إذا حكها العاشق بماء، وشرب ما يخرج منها، سلا وصبر.


قال ذو الرمة: لا أشرب السلوان ما سليت ما بي غنى عنك وإن غنيت

الالتفات

ويزعمون أنه من خرج في سفر، فالتفت وراءه، لم يتم سفره، فإن التفت تطيروا له من ذلك، سوى العاشق فانهم كانوا يتفاءلون له بذلك؛ ليرجع إلى من خلف.

البحيرة

كان أهل الوبر يقطعون لآلهتهم من اللحم، وأهل المدر من الحرث والغرس: فكانت الناقة إذا انتجت خمسة أبطن عمدوا إلى الخامس _ ما لم يكن ذكراً _ فشقوا أذنها؛ فتلك البحيرة. فربما اجتمع منها هجمة فلا يجز لها وبر، ولا يحمل عليها شيء، وكانت ألبانها ومنافعها للرجال دون النساء.

السائبة

كان يسيب لها الرجل الشيء من ماله، فيكون حراماً أبداً، منافعها للرجال دون النساء.

الوصيلة

كانت الشاة إذا وضعت سبعة أبطن، عمدوا إلى السابع، فإن كان ذكراً ذبح، وإن كانت أنثى تركت في الشاء. فإن كان ذكراً وأنثى قيل: قد وصلت أخاها؛ فحرما جميعاً. وكانت منافعها للرجال دون النساء.

الحامي

كان الفحل إذا ركب أولاد أولاده، فصار ولده جداً، قالوا: أحمى ظهره، اتركوه! فلا يحمل عليه، ولا يركب، ولا يمنع ماء ولا مرعى. فإذا ماتت هذه التي جعلوها لآلهتهم، اشترك في أكلها الرجال والنساء.

قال الله تعالى "وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء".

وأما أهل المدر فكانوا إذا غرسوا أو حرثوا، خطوا في وسط ذلك خطاً، وقسموه بين اثنين، فقالوا: ما دون هذا الخط لآلهتهم، وما وراءه لله.
 وإن سقط مما جعلوه لله فيما جعلوه لآلهتهم أقروه، وإذا أرسلوا الماء في الذي لآلهتهم فانفتح في الذي سموه لله سدوه، وإن انفتح من ذاك في هذا قالوا: اتركوه فإنه فقير إليه! فأنزل الله تعالى "وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون".

الأزلام

كانوا إذا أرادوا أمراً ولا يدرون ما الشأن فيه، أخذوا قداحاً لهم فيها: افعل، لا تفعل، نعم، لا، خير، شر، بطيء، سريع؛ فيقول السادن من سدنة الأوثان: اللهم إن كان خيراً فأخرجه لفلان! فيرضى بما خرج له.

 

وإذا شكو في نسب الرجل أجالوا له القداح، وفيها صريح وملصق؛ فإن خرج الصريح ألحقوه بهم وإن كان دعيا، وان خرج الملصق نفوه وإن كان صريحاً.


فهذه قداح الاستقسام.

الميسر

وأما الميسر فإن القوم كانوا يجتمعون فيشترون الجزور بينهم فيفصلونها على عشرة أجزاء، ثم يؤتى بالحرضة - وهو رجل لم يأكل لحماً قط بثمن - ويؤتى بالقداح، وهي أحد عشر قدحاً، سبعة منها لها حظ إن فازت، وعلى أهلها غرم إن خابت بقدر ما لها من الحظ، وأربعة [تثقل] بها القداح، لاحظ لها إن فازت، ولا غرم عليها إن خابت.


فأما التي لها الحظ: فأولها: الفذ، في صدره خز واحد، فإن خرج أخذ نصيباً، وإن خاب غرم صاحبه ثمن نصيب.


ثم: التوأم، له نصيبان إن فاز، وعليه ثمن نصيبين إن خاب.


ثم: الضريب، له ثلاثة.


ثم: الحلس، له أربعة.


ثم: النافس، له خمسة.


ثم: المسبل، له ستة.


ثم: المعلى، له سبعة.


وأما الأربعة التي تثقل بها القداح [فهي]: السفيح، والمنيح، والمضعف، والمصدر.


فيؤتى بالقداح كلها وقد عرف كل رجل ما اختار من السبعة، ولا تكون الأيسار إلا سبعة، فإن نقصوا رجلاً أو رجلين، فأحب الباقون أن يأخذوا ما فضل من القداح، فيأخذ الرجل القدح والقدحين، فله فوزهما إن فازا، وعليه الغرم إن خابا، ويدعى ذلك: التميم.
قال النابغة:

إني أتمم أيساري وأمـنـحـهـم

 

مثنى الأيادي وأكسو الجفنة الأدما

نكاح المقت

كان الرجل إذا مات قام أكبر أولاده فألقى ثوبه على امرأة أبيه فورث نكاحها، فإن لم يكن له فيها حاجة تزوجها بعض إخوته بمهر جديد. فكانوا يرثون النساء كما يرثون المال، فأنزل الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن".

نيران العرب

نار الاستسقاء

منها النار التي كانوا يستعملونها في الجاهلية الأولى: كانوا إذا تتابعت عليهم الأزمات، واشتد الجدب، واحتاجوا إلى الاستمطار، اجتمعوا وجمعوا ما قدروا عليه من البقر، ثم عقدوا في أذنابها وبين عراقيبها السلع والعشر، ثم صدوا بها في جبل وعر، وأشعلوا فيها النار، وضجوا بالدعاء والتضرع.


وكانوا يرون أن ذلك من أسباب السقيا.

نار التحالف

ونار أخرى كانوا يوقدونها عند التحالف، ويعقدون عندها حلفهم، ويدعون على ناقض العهد، ويهولون أمرها.


قال أوس بن حجر:

إذا استقبلته الشمس صد بوجهه

 

كما صدعن نار المهول حالف

نار الطرد

ونار أخرى كانوا ربما أوقدوها خلف المسافر والزائر الذي لا يحبون رجوعه، ويقولون في الدعاء: أبعده الله وأسحقه! وأوقدوا ناراً إثره.

نار القرى

النار التي يوقدونها للأشعار بالعزة وجمع الأولياء. ونار القرى يوقدها الجواد الليل كله في ليالي الشتاء وغيرها ليستدل بها الأضياف.

نار الإياب

ونار الإياب توقد للقادم من السفر سالماً غانماً. قال الشاعر:

يا لبينى أوقدي النارا=إن من تهوين قد حارا

حار: رجع.

نار العار

ونار العار كان المغدور به يوقد ناراً أيام الحج على الجبل المطل على منى، ثم يصيحون: هذه غدرة فلان! فيدعو عليه أهل الموسم.
قالت امرأة من هاشم

 

فان تهلك فلم تقرب عقوقاً

 

ولم توقد لنا بالغدر نارا

خيل العرب المشهورة

 قال الوزير الآبي: عن ابن عباس أن أول من اتخذ الخيل وركبها إسماعيل عليه السلام. وقالوا: كان داود عليه السلام يحبها حباً شديداً، وجمع ألف فرس؛ فأورثها سليمان عليه السلام، فقال: ما أورثني داود ما لا أحب إلي من هذه الخيل! وضمرها.
ومن الأفراس القديمة:

زاد الركب

قالوا: إن قوماً من أزد عمان قدموا على سليمان بعد تزويجه بلقيس، فأعطاهم هذا الفرس، وانتشرت الخيل منه في العرب.
وأشهر ما أنتج منه: أعوج الذي كان لهلال بن عامر، وأفراس غني بن أعصر المشهور التي يقول فيها طفيل الغنوي:

 

بنات الغراب والوجيه ولاحق

 

وأعوج تنمي نسبة المتنسب

 

والغبراء كانت لقيس بن زهير العبسي، وهي خالة داحس؛ وأخته لأبيه الحنفاء من ولد ذي العقال.

الشوهاء

فرس حاجب بن زرارة.

اللطيم

فرس ربيعة بن مكدم.

الجون

لمتمم بن نويرة.

العباب

لمالك بن نويرة.

شولة

لزيد الفوارس.

النحام

للسليك.

المزنوق

لعامر بن الطفيل

الأبجر

لعنترة

خصاف

لسفيان بن ربيعة الباهلي. فيها جرى المثل: "أجرى من خصاف".

السلس

لمهلهل. ولما قال الحارث بن عباد: قربا مربط النعامة مني قال مهلهل: اركب نعامى إني راكب السلس

زيم

للأخنس بن شهاب التغلبي، ولها يقول: هذا أوان الشد فاشتدي زيم

اليحموم

فرس النعمان بن المنذر.

العصا

لجذيمة الأبرش، وهي بنت العصية لإياد، ولها قيل: "العصا من العصية".

الضبيب

لحسان بن حنظلة الطائي، حمل عليه كسرى حين انهزم عن بهرام جوبين، فنجا.

أطلال

لبكير بن عبد الله بن الشداح الليثي شهد مع سعد القادسية. ويقال: إنه لما قطعوا الجسر صاح بها وقال: أطلال! فاجتمعت ووثبت فإذا هي وراء النهر، وكان عرضه أربعين ذراعاً؛ فقالت الأعاجم: هذا من السماء! وانهزموا.


وقيل فيها:

لقد غاب عن خيل بموقان أجحمت

 

بكير بن عبد الله فارس أطـلال

الصفا

لمجاشع بن مسعود السلمي؛ كانت من نسل الغبراء، اشتراها عمر بن الخطاب بعشرة آلاف درهم. ثم غزا مجاشع، فقال عمر: تحبس هذه بالمدينة، وصاحبها في نحر العدو، هو إليها أحوج! فردها إليه.

الحرون

لمسلم بن عمرو الباهلي؛ من نجل أعوج، تزايد فيه مسلم مع المهلب حتى بلغا به ألف دينار، فاشتراه مسلم وسبق الناس دهراً لا يتعلق به فرس.


ومن نتاجه سوابق بني أمية البطين، والرائد، وأشقر مروان.

ذو الخمار

لمالك بن نويرة.

الشقراء

للرقاد بن المنذر الضبي، وفيها قال:

إذا المهرة الشقراء أدرك ظهرها

 

فشب الإله الحرب بين القبـائل

قرزل

للطفيل بن مالك والد عامر.

سيوف العرب

وأفراس العرب كثيرة، وكذلك سيوف العرب والخطي فالشهير منها في القديم والحديث:

ذو الفقار

كان للعاص بن منبه السهمي، فقتله علي بن أبي طالب يوم بدر، وأتى بسيفه، فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه.
وروي أنه سمع في الهواء يوم أحد

 

لا سيف إلا ذو الفقا

 

ر ولا فتى إلا علي

 

وصمصامة عمرو بن معدي كرب، وذو النون له أيضاً.

تاريخ مدين بن ابراهيم عليه السلام

وهم إخوة العرب المستعربة وجيرانهم في الحجاز الشامي. قال البيهقي: منهم ملوك الأيكة وبني مدين الذين هم على عدد كلمات (أبي جد)، ملكوا واحداً بعد واحد إلى أن كان آخرهم آخر كلمة من حروف (أبي جد).


وفي زمن الأخير منهم بعث:

شعيب بن عنقاء بن بويب بن مدين

ذكر الجوزي أنه أرسل إلى أهل مدين ابن عسرين سنة، فدعاهم إلى التوحيد، ونهاهم عن التطفيف، فلم يجيبوا.


ومن نكت الماوردي: كلمات (أبي جاد) حروف أسماء من أسماء الله، والأيام التي خلق فيها الدنيا، أو أسماء ملوك مدين.
قال شاعرهم:

 

ألا يا شعيب قد نـطـقـت مـقـالة

 

سببت بها عمراً وحي بني عمـرو

ملوك بني حطي وهـوز مـنـهـم

 

وصعفص أصل في المكارم والفخر

هم صبحوا أهل الحـجـاز بـغـارة

 

كمثل شعاع الشمس أو مطلع الفجر

قال الجوزي: ولما لم يجيبوا بعث الله عليهم حراً شديداً أخذ بأنفاسهم، فخرجوا إلى البرية، فبعث عليهم سحابة أظلتهم، فوجدوا برداً واجتمعوا تحتها، فأرسل الله عليهم ناراً أحرقتهم.

وقال قتادة: بل أهلك الله أهل مدين بالصيحة والرجفة، ثم بعث شعيباً إلى أهل الأيكة، فأهلكوا بالحر الشديد كما تقدم.
ثم إنه زوج بنته من موسى عليه السلام، ثم خرج إلى مكة، فتوفي بها. وأوصى إلى موسى، وكان عمره مائة وأربعين سنة، ودفن حيال الحجر الأسود.

وسميت المدينة مدين باسم القبيل الذين تولوها، وهي على بحر القلزم بينها وبين تبوك _ على ما ذكر ابن حوقل ست مراحل. وفيها البئر التي استقى منها موسى عليه السلام.

وقد قيل: إن مدين هي كفر مندة من أعمال طبريا وعندها البئر والصخرة.

وقال الشريف الإدريسي: بين مدين ومصر ثمانية أيام وهي الآن خالية.

وقال البيهقي: الأيكة اسم جامع للأرض التي فيها مدينة أيلة ومدينة مدين.

وقيل: الأيكة بلدة معينة كانت في قديم الزمان، فخربت.

تاريخ اليهود الذين جاوروا بني إسماعيل بالحجاز

قد تقدم في تاريخ بني إسرائيل سبب دخول آبائهم إلى ديار العرب، وأن ذلك كان في زمن موسى ويوشع عليهما السلام، فسكنوا بالمدينة، وخيبر وحصونها.

 

واشتهر من أعلامهم ملوك مارد والأبلق. قال أبو عبيدة في الأمثال: مارد هو حصن دومة الجندل، والأبلق حصن تيماء.


وقال البيهقي: كان أحدهما بالحجارة البيض، والآخر بالحجارة السود. وقيل الأبلق بحجارة سود وبيض.


وغزتهما الزباء، وبهما اليهود من نسل هرون، فقالت حين استصعبا عليها: "تمرد مارد وعز الأبلق".


وفي معجم ياقوت: أن مارداً هو حصن دومة الجندل قرب جبل طيء، وهو حصن أكيدر بن عبد الملك الكلبي، وقيل: السكوني. ولما نقض الصلح أجلاه عمر رضي الله عنه من مارد.

شريح بن عاديا الهروني

من واجب الأدب: هو من ولد هرون بن عمران عليه السلام، ورث ملك درمة الجندل وأرض تيماء عن سلفه الذين دخلوا بلاد العرب من الشام، وغلبوا على بأيديهم منها.


وهو من شعراء الأغاني، وإليه تنسب القصيدة التي تنسب لابنه السموأل، أنشدها أبو تمام في حماسته، وهي من غر القصائد، وهي:

 

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه

 

فكـل رداء يرتـديه جـمــيل

وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها

 

فليس إلى حسن الثنـاء سـبـيل

تعـيرنـا أنـا قـلـيل عـديدنــا

 

فقلت لها: إن الـكـرام قـلـيل

وما ضرنا أنـا قـلـيل وجـارنـا

 

عزيز وجـار الأكـثـرين ذلـيل

وما قل من كانت بقاياه مـثـلـنـا

 

شباب تسامى للـعـلا وكـهـول

لنا جبل يحـتـلـه مـن نـجـيره

 

منيع يرد الطرف وهـو كـلـيل

رسا أصله تحت الثرى وسمـا بـه

 

إلى النجم فـرع لا ينـال طـويل

هو الأبلق الفرد الذي شـاع ذكـره

 

يعز على مـن راقـه ويطـول

وإنا لقوم لا نرى القـتـل سـبـه

 

إذا ما رأته عـامـر وسـلـول

يقرب حب الموت آجالـنـا لـنـا

 

وتكرهه آجالـهـم فـتـطـول

وما مات منا سيد حـتـف أنـفـه

 

ولا طل منا حيث كـان قـتـيل

تسيل على حد الظبات نفـوسـنـا

 

وليست على غير الظبات تسـيل

صفونا فلم نكدر وأخلـص سـرنـا

 

إناث أطابت حملـنـا وفـحـول

فنحن كماء المزن ما في نصابـنـا

 

كهام، ولا فـينـا يعـد بـخـيل

وننكر إن شئنا على الناس قولـهـم

 

ولا ينكرون القول حـين نـقـول

إذا سـيد مـنـا خـلا قـام سـيد

 

قؤول لما قال الكـرام فـعـول

وما أخمدت نار لنـا دون طـارق

 

ولا ذمنا في الـنـازلـين نـزيل

وأيامنا مشـهـورة فـي عـدونـا

 

لها غرر معـلـومة وحـجـول

وأسيافنا في كل شرق ومـغـرب

 

بها من قراع الدارعـين فـلـول

معـودة ألا تـسـل نـصـالـهـا

 

فتغمد حتى يسـتـبـاح قـبـيل

ابنه السموأل بن شريح بن عاديا

من واجب الأدب: ملك بعد أبيه، وقد قيل: إنه السموأل بن عاديا، وتروى له القصيدة المنسوبة لأبيه.

وهو من شعراء الأغاني؛ ويضرب به المثل في الوفاء، فيقال: "أوفى من السموأل".

ومن كتاب أفعل للأصفهاني: "أما قولهم: "أوفى من السموأل" فمن وفائه أن امرأ القيس بن حجر الكندي لما أراد الخروج إلى قيصر استودعه دروعاً، واستودع مثلها أحيحة بن الجلاح بالمدينة. فلما مات امرؤ القيس غزا السموأل ملك من ملوك الشام بني جفنة، فتحصن منه السموأل. فأخذ الملك ابناً للسموأل كان خارج الحصن، وخيره بين ذبحه أو إسلام الدروع، فأبى إلا الوفاء، فذبح ابنه وهو ينظر إليه.
ثم انصرف [الملك بالخيبة، فلما دخلت أيام الموسم، وافى السموأل بالدروع الموسم، فدفعها في يد ورثة امرئ القيس، وقال في ذلك]:

وفيت بأدرع الكندي إني

 

إذا ما خان أقوام وفيت"

 

و[في] هذه القضية قال الأعشى في كناية عن ملك الشام للسموأل: اختر فما فيهما حظ لمختار وقيل: إن الذي طالبه بالدروع الحارث بن ظالم الفتاك؛ وقيل الحارث بن أبي شمر الغساني.

سعية بن السموأل

من واجب الأدب: ملك بعد أبيه، وله شعر منه:

إن يقتلوك فقد قتلت خيارهـم

 

والمرء أكرم ما يموت قتيلا

وله:

ارفع ضعيفك لا يحر بك ضعفه

 

يوماً فتدركه العواقب قد نمـا

يجزيك أو يثني عليك وإن مـن

 

يثنى عليك بما فعلت فقد جزى

 

وذكر صاحب زهر الآداب أن النبي صلى الله عليه وسلم أنشد عائشة رضي الله عنها هذين البيتين.

ومن يهود خيبر

أبو قيس دثار بن رفاعة

اليهودي الخيبري. قال البكري في اللآلي: هو الصحيح. وسماه القالي في الأمالي: قيس بن رفاعة، وأنشد له الأبيات التي تمثل بها عبد الملك بن مروان:

من يصلي ناري بلا ذنب ولا تـرة

 

يصل بنار كـريم غـير غـدار

أنا النذير لكم منـي مـجـاهـرة

 

كيلا ألام علـى نـهـي وإنـذار

فان عصيتم مقالي اليوم فاعترفـوا

 

أن سوف تلقون خزياً ظاهر العار

لترجـعـن أحـاديثـاً مـلـعـنة

 

لهو المقيم ولهو المدلج السـاري

وصاحب الوتر ليس الدهر مدركـه

 

عندى وإنـي لـدراك بـأوتـار

 

قال أبو عبيد: كان يفد إلى النعمان سنة، وإلى الحارث بن أبي شمر الغساني سنة.


وهو من شعراء اليهود من طبقة الربيع بن أبي الحقيق.

ومن حصن القموص من حصون خيبر

الربيع بن أبي الحقيق اليهودي

كان بنو أبي الحقيق من بني النضير، ولهم رياسة القموص. وكان ولد الربيع على عهد رسول الله صلى الله عليه، وممن قتل في أعداد اليهود.


والربيع شاعر مشهور، أنشد له أبو تمام في الحماسة:

 

وما بعض الإقامة في ديار

 

يذل بها الفتى إلا عنـاء

وبعض خلائق الأقوام داء

 

كداء البطن ليس له شفاء

يريد المرء أن يعطى حياة

 

ويأبى الله إلا مـا يشـاء

وبعض الداء ملتمس شفاء

 

وداء النوك ليس له شفاء

ومن غيره من حصون خيبر

مرحب

ذكر البيهقي أنه كان له حصن بالقرب من خيبر وذكر صاحب السيرة أن مرحباً اليهودي خرج من حصنه وهو يرتجز: قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب أطعن أحياناً وحيناً أضرب إن جنابي أبداً لا يقرب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من له؟ فقال محمد بن مسلمة: أنا له يا رسول الله، أنا الموتور، قتل أخي بالأمس. قال: فقم إليه، اللهم أعنه عليه! فقتله مسلمة".


وقال صاحب الكمائم وغيره: إن قاتله علي رضي الله عنه. وكذلك هو مصور في كتب الوراقين، ومشهور عند العامة.

كعب بن الأشرف اليهودي

ذكر البيهقي أنه كان له حصن من حصون خيبر. ومن كتاب السيرة أن كعباً هذا من طيئ، وأمه من بني النضير اليهود. وكان عدواً لرسول الله صلى الله عليه، كان قد سار إلى مكة بعد بدر، وجعل يحرض المشركين عليه، ويضع في ذلك الأشعار.


ثم رجع إلى المدينة فشبب بنساء المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه: من لي بابن الأشرف؟ فقال له محمد بن مسلمة الأنصاري المتقدم الذكر: أنا له يا رسول الله! فقتله، وذلت اليهود بعده.


وذكر البيهقي أنه خرج مع جماعته إلى حصنه، فناداه بالليل، وغدر به، فقتله.


وذكر صاحب الأغاني أنه "فحل فصيح من شعراء اليهود وفرسانها. وله الأبيات التي أنشدها قدامة، ومنها:

 

ونخـيل فـي قـلاع جـمة

 

تخرج الطلع كأمثال الأكف

ومن الروض الأنف: قوله تعالى: "فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا" نزلت في كعب بن الأشرف.

ومن النكت للماوردي أن قوله تعالى "وما قدروا الله حق قدره" نزلت فيه.

الخاتمة

كمل كتاب نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب وهو المجلد الثاني من كتاب القدح المعلى في التاريخ المحلى