باب الشين والياء

شيا

أَبو عبيد عن الأَحمر: يا فيَّ مالي ويا شَيَّ مالي ويا هَيَّ مالي؛ معناه كله الأَسفُ والتلهفُ والحزنُ. الكسائي: يا فَيَّ مالي ويا هَيَّ مالي لا يهمزان، ويا شَيَّ مالي ويا شَيْءَ مالي يُهمز ولا يهمز، وما في كلها في موضع رفع، تأْويله يا عَجَباً مالي ومعناه التلهُّف والأَسى.
قال الفراء: قال الكسائي من العرب من يتعجب بشَيَّ وهَيَّ وفَيَّ، ومنهم من يزيدُ ما فيقول يا شَيَّما ويا هَيَّما ويا فَيَّما أَي ما أَحسن هذا.
وجاء بالعِيِّ والشِّيِّ، واو الشِّيِّ مدغمة في يائِها. وفلان عَيِيٌّ شَيِيٌّ، ويقال عَوِيٌّ شَوِيٌّ. الأَصمعي: الأَيْدَعُ والشَّيَّانُ دَمُ الأَخوينِ، وهو فَعْلانُ؛ قال ابن بري شاهده ما أَنشده الأَصمعي:

مِلاطٌ، تَرى الذِّئبانَ فيه كأَنه

 

مَطِينٌ بثأْطٍ قد أُمِير بشَيَّان

المِلاط: الكَتِف، والذِّئبانُ: الوَبَر الذي يكون عليه، والثَّأْطُ:الحَمْأَةُ الرقيقة، والشَّيَّانُ: البعيدُ النَّظَر.

شيب

الشَّيْبُ: مَعْرُوفٌ، قَلِيلُه وكَثِيرُه بَياضُ الشَّعَر، والمَشِيبُ مِثْلُه، ورُبَّما سُمِّيَ الشَّعَرُ نَفْسُه شيْباً. شَابَ يَشِيبُ شَيْباً، ومَشِيباً وشَببةً، وهو أَشْيَبُ، على غيرِ قياسٍ، لأَنَّ هذا النعت إِنما يكونُ من باب فَعِلَ يَفعَلُ، ولا فَعْلاءَ له. قيلَ: الشَّيْبُ بياضُ الشَّعَر. ويقال: عَلاهُ الشَّيْبُ.
ويقال: رَجلٌ أَشْيَبُ، ولا يقال: امْرَأَةٌ شَيْباءُ، لا تُنْعَتُ به المَرْأَةُ، اكْتَفوا بالشَّمْطاءِ عَن الشَّيْباءِ، وقد يقال: شَابَ رَأْسُها.
والمَشِيبُ: دُخُولُ الرَّجُلِ في حَدِّ الشَّيْبِ من الرِّجالِ؛ قال ابن السكيت في قول عَدِيّ:

تَصْبُو، وأَنَّى لَكَ التَّصابي؟

 

والرأْسُ قَدْ شابَهُ المَشِيبُ

يعني بَيَّضَه المَشِيبُ، وليس معناه خَالَطَه؛ قال ابن برّي: هذا البيتُ زَعَم الجوهري أَنه لعَدِيٍّ، وهو لعَبِيدِ بنِ الأَبرَصِ؛ وقول الشاعر:

قَدْ رابَه، ولِمِثْـلِ ذلِـكَ رَابَـهُ،

 

وَقَعَ المَشِيبُ عَلى السَّوادِ، فشَابَهُ

أَي بَيَّضَ مُسْوَدَّه.
والأَشْيَبُ: المُبْيَضُّ الرأْس.
وشَيَّبَه الحُزْنُ، وشَيَّبَ الحُزْنُ رَأْسَه، وبرأْسِهِ، وأَشابَ رَأْسَه وبِرَأْسِه، وقَوْمٌ شِيبٌ، ويجوز في الشِّعر شُيُبٌ، على التَّمامِ؛ هذا قولُ أَهلِ اللغة.
قال ابن سيده: وعِندِي أَنَّ شُيُباً إِنما هو جمعُ شَائِبٍ، كما قالوا بازِلٌ وبُزُلٌ، أَو جمع شَيُوبٍ، على لُغةِ الحجازيِّين، كما قالوا دُجاجَةٌ بَيُوضٌ، ودُجاجٌ بُيُضٌ؛ وقول الرائد: وجَدْتُ عُشْباً وتَعَاشِيب، وكَمْأَةً شِيب، إِنما يعني به البِيضَ الكِبارَ.
والشِّيبُ: جمعُ أَشْيَبَ. والشِّيبُ: الجِبالُ يَسْقُطُ عليها الثَّلْجُ، فتَشِيبُ به؛ وقول عَدِيٍّ ابنِ زيد:

أَرِقْتُ لمُكْفَهِرٍّ، بَـاتَ فـيهِ

 

بَوارِقُ، يَرْتَقِينَ رُؤُوسَ شِيبِ

وقال بعضهم: الشِّيبُ ههنا سَحائِبُ بيضٌ، واحِدُها أَشْيَبُ؛ وقيل: هِيَ جِبالٌ مُبْيَضَّةٌ منَ الثَّلْجِ، أَو مِنَ الغُبارِ؛ وقيل: شِيبٌ اسمُ جَبَلٍ ذكره الكُمَيْت، فقال:

وما فُدُرٌ عَواقِلُ أَحْرَزَتْها

 

عَمَاية، أَوْ تَضَمَّنَهُنَّ شِيبُ

وشَيْبٌ شائِبٌ: أَرادُوا به المبالغةَ على حَدِّ قَوْلِهِم: شِعْرٌ شاعِرٌ، ولا فِعْلَ له. واشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً، نَصْبٌ على التَّمْييز؛ وقيل على المصدر، لأَنه حين قال: اشْتَعَلَ كأَنه قال شابَ فقال شَيْباً.
وأَشابَ الرَّجُلُ: شابَ وَلَدُه، وكانت العرب تقولُ للبِكْرِ إذا زُفَّتْ إِلى زَوْجِها، فدَخَلَ بها ولم يَفْتَرِعْها ليلةَ زِفافِها: باتت بلَيلةِ حُرَّةٍ؛ وإِن افْتَرَعَها تلك الليلة، قالوا: باتَتْ بلَيلَةِ شَيْباءَ؛ وقال عُرْوةُ بنُ الوَرْد:

كلَيْلَةِ شَيْباءَ، التي لَسْتُ ناسِياً،

 

ولَيْلَتِنا، إِذْ مَنَّ، ما مَنَّ، قَرْمَلُ

فكنت كليلةِ الشَّيْباءِ، هَـمَّـتْ

 

بِمَنْعِ الشَّكْرِ، أَتْأَمَها القَبِـيلُ

وقيل: ياءُ شَيْباءَ بَدلٌ من واوٍ، لأَنَّ ماءَ الرَّجُلِ شابَ ماءَ المرأَةِ، غيرَ أَنا لَم نَسْمَعْهم قالوا بليلةِ شَوْباءَ؛ جَعَلوا هذا بَدلاً لازِماً كعِيدٍ وأَعيادٍ. وليلةُ شَيْباءَ: آخِرُ ليلةٍ من الشهرِ، ويومٌ أَشْيَبُ شَيْبان: فيه غَيْمٌ وصُرَّادٌ وبَرْدٌ.
وشِيبانُ ومِلْحانُ: شَهْرا قِماحٍ، وهما أَشدُّ شهورِ الشِّتاءِ بَرْداً، وهما اللَّذان يقولُ مَن لا يَعْرِفُهما: كانونٌ وكانُونُ؛ قال الكميت:

إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ غُبْراً جُنُوبُهـا

 

بشِيبانَ، أَو مِلْحانَ، واليَوْمُ أَشْهَبُ

أَي من الثَّلْج؛ هكذا رواه ابن سَلَمة، بكسر الشينِ والميم، وإِنما سُمِّيا بذلك لابْيضاضِ الأَرض بما عليها من الثَّلْج والصَّقيعِ، وهما عند طلوعِ العَقْرَبِ والنَّسْرِ؛ وقول ساعدة:

شابَ الغُرابُ، ولا فُؤَادُكَ تارِكٌ

 

ذِكْرَ الغَضُوبِ، ولا عِتابُك يُعْتَبُ

أَراد: طالَ عليك الأَمرُ حتى كان ما لا يكون أَبداً، وهو شَيْبُ الغُرابِ.
وشَيبانُ: قَبِيلةٌ، وهم الشَّيَابِنة.
وشَيْبانُ: حيٌّ من بَكْرٍ، وهما شَيْبانانِ: أَحدهما شَيْبانُ بنُ ثَعْلَبة بنِ عُكابةَ بنِ صَعْبِ بنِ علي بنِ بَكْرِ بن وائِلٍ، والآخَر شيبانُ بنُ ذُهْلِ ابنِ ثَعْلَبة بنِ عُكابة.
وشَيْبةُ: اسمُ رَجُلٍ، مِفْتاحُ الكَعْبةِ في وَلَده، وهو شيبةُ بنُ عثمانَ بنِ طلحة بن عبدِ الدار بن قُصَيٍّ.
والشِّيبُ، بالكسر، حكاية صَوْتِ مَشافِرِ الإِبِل عند الشُّرْبِ. قال ذو الرمة وَوَصَفَ إِبِلاً تَشْرَبُ في حَوْضٍ متثَلِّمٍ، وأَصواتُ مَشافِرِها شِيبْ شِيبْ:

تَدَاعَيْنَ، باسمِ الشِّيبِ، في مُتَثَلِّمٍ،

 

جَوانِبُه من بَصْـرةٍ وسِـلامِ

وشِيبا السَّوْط: سَيْرانِ في رأْسِه، وشِيبُ السَّوْطِ: معروف؛ عربي صحيح.
وشِيبٌ والشِّيبُ، وشابةُ: جَبَلان معروفان؛ قال أَبو ذؤيب:

كأَنَّ ثِقالَ المُزْنِ، بَينَ تُضارعٍ

 

وشابةَ، بَرْكٌ، مِن جُذَامَ، لَبِيجُ

وفي الصحاح: شابةُ، في شِعْرِ أَبي ذُؤَيْبٍ: اسمُ جَبَلٍ بِنَجْدٍ، وقد يجوز أَن تكونَ أَلِفُ شابةَ مُنْقَلبةً عن واوٍ لأَنَّ في الكلام ش و ب كما أَن فيه ش ي ب.
التهذيب: شابةُ اسمُ جبلٍ بناحيةِ الحِجاز، واللّه، سبحانه، أَعلم.

شيت

الشِّيْتانُ من الجَرادِ: جماعةٌ غير كثيرة؛ عن أَبي حنيفة، وأَنشد:

وخَيْلٍ كشَيْتانِ الجَرادِ، وزَعْتُها

 

بطَعْنٍ، على اللَّبَّاتِ، ذِي نَفَيانِ

شيح

الشِّيحُ والشائِحُ والمُشِيحُ: الجادُّ والحَذِرُ.
وشَايَح الرجلُ: جدَّ في الأَمر؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي يرثي رجلاً من بني عمه ويصف مواقفه في الحرب:

وزَعْتَهُمُ، حتى إذا ما تَـبَـدَّدُوا

 

سِراعاً، ولاحَتْ أَوْجُهٌ وكُشُوحُ،

بَدَرْتَ إِلى أُولاهُمُ فَسَبَقْتَـهُـمْ،

 

وشايَحْتَ قبلَ اليومِ، إِنكَ شِـيحُ

وقال الأَفْوه:

وبرَوْضةِ السُّلاَّنِ منا مَشْهَـدٌ،

 

والخيلُ شائحةٌ، وقد عَظُمَ الثُّبَى

وأَشاحَ: مثل شايَحَ؛ قال أَبو النجم:

قُبّاً أَطاعتْ راعِياً مُشِيحـا

 

لا مُنْفِشاً رِعْياً، ولا مُرِيحا

القُبُّ: الضامرة. والمُنْفِشُ: الذي يتركها ليلاً تَرْعَى. والمُرِيحُ: الذي يُريحها على أَهلها.
وفي حديث: سطيح على جَمَل مُشِيح أَي جادّ مُسْرِع؛ الفراء: المُشِيح على وجهين: المُقْبِلُ إِليك، والمانع لما وراء ظهره.
ابن الأَعرابي: والإِشاحةُ الحَذَرُ؛ وأَنشد لأَوْسٍ:

في حَيْثُ لا تَنْفَعُ الإِشاحةُ من

 

أَمْرٍ لمن قد يُحاوِلُ البِدَعـا

والإِشاحةُ: الحَذَر والخوف لمن حاول أَن يدفع الموت، ومحاوَلَتُه دَفْعَه بِدْعةٌ؛ قال: ولا يكون الحَذِرُ بغير جدّ مُشِيحاً؛ وقول الشاعر:

تُشِيحُ على الفَلاةِ، فَتَعْتَليهـا

 

بنَوْعِ القَدْرِ، إِذ قَلِقَ الوَضِينُ

أَي تديم السير. والمُشِيحُ: المُجِدُّ؛ وقال ابن الإِطْنابَة:

وإِقْدامي على المَكْرُوهِ نَفْسِي،

 

وضَرْبي هامةَ البَطَلِ المُشِيحِ

وأَشاحَ على حاجته وشايَحَ مُشَايَحَةً وشِياحاً. والشِّياحُ: الحِذارُ والجِدُّ في كل شيء. ورجل شائح: حَذِرٌ. وشايَحَ وأَشاحَ، بمعنى حَذِرَ؛ وقال أَبو السَّوْداء العِجْلي:

إِذا سَمِعْنَ الرِّزَّ من رَباحِ،

 

شايَحْنَ منه أَيَّمـا شِـياحِ

أَي حَذَرٍ. وشايَحْنَ: حَذِرْنَ. والرِّزُّ: الصوت. ورَباح: اسم راع؛ وتقول: إِنه لَمُشِيحٌ حازِمٌ حَذِرٌ؛ وأَنشد:

أَمُرُّ مُشِيحاً معي فِـتْـيَةٌ،

 

فمن بينِ مُودٍ، ومن خاسِرِ

والشائح: الغَيُورُ، وكذلك الشَّيْحانُ لحَذَرِه على حُرَمِه؛ وأَنشد المُفَضَّل:

لمَّا اسْتَمَرَّ بها شَيْحانُ مُبْتَجِحٌ،

 

بالبَيْنِ عنك بها يَرْآكَ شَنْآنـا

الأَزهري: شايَحَ أَي قاتل؛ وأَنشد:

وشايَحْتَ قبلَ اليوم، إِنك شِيحُ

والشَّيْحانُ: الطويلُ الحَسَن الطُّولِ؛ وأَنشد شمر:

مُشِيحٌ فوقَ شَيْحانٍ،

 

يَدِرُّ، كأَنه كَلْـبُ

قال شمر: ورُوِي فوق شِيحانٍ، بكسر الشين.
الأَزهري: قال خالد بن جَنْبَة: الشَّيْحانُ الذي يَتَهَمَّسُ عَدْواً؛ أَراد السرعة.
ابن الأَعرابي: شَيَّحَ إذا نظر إِلى خَصْمِه فضايقه.
وأَشاحَ بوجهه عن الشيء: نَحَّاه. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم، إذا غَضِبَ أَعْرَضَ وأَشاحَ؛ وقال ابن الأَعرابي: أَعرض بوجهه وأَشاحَ أَي جَدَّ في الإِعراض. قال: والمُشِيحُ الجادُّ؛ قال وأَقرأَنا لطرفة:

أَدَّتِ الصنعةُ في أَمـتُـنِـهـا،

 

فهيَ، من تحتُ، مُشِيحَاتُ الحُزُمْ

يقول: جَدَّ ارتفاعُها في الحُزُم؛ وقال: إذا ضمَّ وارتفع حزامه، فهو مُشيح، وإِذا نَحَّى الرجلُ وجهَه عن وَهَجٍ أَصابه أَو عن أَذىً، قيل: قد أَشاح بوجهه؛ وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: اتقوا النار ولو بشِقِّ تمرة، ثم أَعرض وأَشاح؛ قال ابن الأَثير: المُشِيح الحَذِرُ والجادُّ في الأَمر، وقيل: المقبل إِليك المانع لما وراء ظهره، فيجوز أَن يكون أَشاحَ أَحدَ هذه المعاني أَي حَذِرَ النارَ كأَنه ينظر إِليها، أَو جَدَّ على الإِيصاء باتقائها، أَو أَقبل إِليك بخطابه. التهذيب، الليث: إذا أَرْخَى الفَرَسُ ذَنَبَه قيل: قد أَشاح بذنبه؛ قال أَبو منصور: أَظن الصواب أَساحَ، بالسين، إذا أَرْخاه، والشين تصحيف.
وهم في مَشِيحَى ومَشْيُوحاءَ من أَمرهم أَي اختلاط. والمَشْيُوحاء: أَن يكون القوم في أَمر يَبْتَدِرُونه. قال شمر: المُشِيحُ ليس من الأضداد، إِنما هي كلمة جاءَت بمعْنَيَين.
والشِّيحُ: ضَرْبٌ من بُرودِ اليمن، يقال له الشِّيح والمُشِيحُ، وهو المخطط؛ قال الأَزهري: ليس في البرود والثياب شِيحٌ ولا مُشَيَّحٌ، بالشين معجمة من فوق، والصواب السِّيحُ والمُسَيَّحُ، بالسين والياء في باب الثياب، وقد ذكر ذلك في موضعه.
والشِّيحُ: نبات سُهْلِيٌّ يتخذ من بعضه المَكانِسُ، وهو من الأَمْرار، له رائحة طيبة وطعم مُرٌّ، وهو مَرْعىً للخيل والنَّعَم ومَنابتُه القِيعانُ والرِّياض؛ قال:

في زاهر الرَّوْضِ يُغَطِّي الشِّيحا

وجمعه شِيحانٌ؛ قال:  

يَلُوذُ بشِيحانِ القُرَى من مُسَفَّةٍ

 

شَآمِيَةٍ، أَو نَفْحِ نَكْباءَ صَرْصَرِ

وقد أَشاحت الأَرضُ. والمَشْيُوحاءُ: الأَرض التي تُنْبِت الشِّيح، يقصر ويمدّ؛ وقال أَبو حنيفة إذا كثر نباته بمكان قيل: هذه مَشْيُوحاء.
وناقة شَيْحانة أَي سريعة.

شيخ

الشيْخُ: الذي استبانتْ فيه السن وظهر عليه الشيبُ؛ وقيل: هو شَيْخٌ من خمسين إِلى آخره؛ وقيل: هو من إِحدى وخمسين إِلى آخر عمره؛ وقيل: هو من الخمسين إِلى الثمانين، والجمع أَشياخ وشِيخانٌ وشُيوخٌ وشِيَخَة وشِيخةٌ ومَشْيَخةٍ ومَشِيخة ومَشْيُوخاء ومَشايِخُ، وأَنكره ابن دريد.
وفي الحديث ذكر شِيخانِ قريش، جمع شَيْخ كضَيْف وضِيفانٍ، والأُنثى شَيْخَة؛ قال عَبِيدُ بنُ الأَبرَص:

كأَنها لِقْـوَةٌ طَـلُـوبُ،

 

تَيْبَسُ في وَكْرِها القُلُوب

باتتْ على أُرَّمٍ عَذُوبـاً،

 

كأَنها شَـيْخةٌ رَقُـوبُ

قال ابن بري: والضمير في باتت يعود على اللِّقْوَة وهي العُقاب، شبه بها فرسه إذا انقضت للصيد. وعَذُوبٌ: لم تأْكل شيئاً. والرَّقُوبُ: التي تَرْقُبُ وَلَدَها خوفاً أَن يموت.
وقد شاخَ يَشِيخُ شَيَخاً، بالتحريك، وشُيُوخة وشُيِوُخِيَّةً؛ عن اللحياني، وشَيْخُوخة وشَيْخوخِيَّة، فهو شَيْخ.
وشَيَّخَ تَشْيِيخاً أَي شاخَ، وأَصل الياءِ في شيخوخة متحرّكة فسكنت لأَنه ليس في الكلام فَعْلُولٌ، وما جاءَ على هذا من الواو مثل كَيْنُونة وقَيْدودة وهَيْعُوعة فأَصله كَيَّنُونة، بالتشديد، فخفف ولولا ذلك لقالوا كَوْنُونة وقَوْدُودة ولا يجب ذلك في ذوات الياءِ مثل الحَيْدُودة والطَّيْرورة والشَّيْخوخة. وشَيَّخْته: دَعَوْتُه شَيْخاً للتبجيل؛ وتصغير الشَّيخ شُيَيْخٌ وشُيَيْخٌ أَيضاً، بكسر الشين، ولا تقل شُوَيْخ. أَبو زيد: شَيَّخْتُ الرجل تَشْييخاً وسَمَّعت به تَسْميعاً ونَدَّدت به تَنْديداً إذا فضحته. وشَيَّخَ عليه: شنَّع؛ أَبو العباس: شَيْخٌ بَيّن التَّشَيُّخ والتشييخ والشَّيْخُوخة.
وأَشياخُ النجوم: هي الدراريُّ؛ قال ابن الأَعرابي: أَشياخُ النجوم هي التي لا تنزل في منازل القمر المسماة بنجوم الأَخْذِ؛ قال ابن سيده: أُرى أَنه عنى بالنجوم الكواكب الثابتة؛ وقال ثعلب: إِنما هي أَسْناخُ النجوم وهي أُصولها التي عليها مدار الكواكب وسِرُّها؛ وقوله أَنشده ثعلب عن ابن الأَعرابي:

يَحْسَبُه الجاهلُ، ما لم يَعْلَما،

 

شَيْخاً، على كُرْسِيِّه، مُعَمَّما

لو أَنه أَبانَ أَو تَكَـلَّـمـا،

 

لكان إِيَّاه، ولكن أَعْجَـمـا

وفسره فقال يصف وَطْبَ لبن شبهه برجل مُلَفَّفٍ بكسائه وقال: ما لم يعلم، فلما أَطلق الميم رَدَّها إِلى اللام، وأَما سيبويه فقال: هو على الضرورة وإِنما أَراد يعلمنْ؛ قال: ونظيره في الضرورة قول جَذيمَة الأَبْرَص:

ربما أَوفَيْتُ في عَلَـم

 

تَرْفَعَنْ ثَوْبي شَمالاتُ

وقول الشاعر:

مَتى مَتى تُطَّلَعُ المَثابا؟

 

لَعَلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابا

قال: عني بالشيخ الوَعِلَ.
والشِّيخَةُ: نَبْتَةٌ لبياضها، كما قالوا في ضرب من الحَمْضِ الهَرْمُ.
والشاخةُ: المعتدِلُ؛ قال ابن سيده: وإِنما قضينا على أَن أَلف شاخة ياء لعدم ش و خ وإِلا فقد كان حقها الواو لكونها عيناً. قال أَبو زيد: ومن الأَشجار الشَّيْخُ وهي شجرة يقال لها شجرة الشُّيُوخِ، وثمرتها جِرْوٌ كجِرْوِ الخِرِّيعِ، قال: وهي شجرة العُصْفُر مَنْبِتُها الرِّياضُ والقُرْيانُ.
وفي حديث أُحُدٍ ذكر شَيْخانِ بفتح الشين: هو موضع بالمدينة عَسْكَرَ به سيدُنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليلة خَرَجَ إِلى أُحُدٍ وبه عَرَضَ الناسَ، والله أَعلم.

شيد

الشِّيدُ، بالكسر: كلُّ ما طُليَ به الحائطُ من جِصٍّ أَو بَلاط، وبالفتح: المصدر، تقول: شاده يَشِيدُه شَيْداً: جَصَّحَه.
وبناءٌ مَشِيدٌ: معمول بالشِّيد. وكل ما أُحْكِمَ من البناءِ، فقد شُيِّدَ. وتَشْييدُ البناء: إِحكامُه ورَفْعُه. قال: وقد يُسَمِّي بعض العرب الحَضَرَ شَيْداً. والمَشِيدُ: المبني بالشِّيد؛ وأَنشد:

شادَه مَرْمَراً، وَجَلَّلَـه كِـلْ

 

ساً، فللطَّيْرِ في ذَراهُ وكُورُ

قال أَبو عبيد: البناء المشَيَّد، بالتشديد، المطوّل. وقال الكسائي: المَشِيدُ للواحد، والمُشِيَّد للجمع؛ حكاه أَبو عبيد عنه؛ قال ابن سيده: والكسائي يجل عن هذا. غيره: المَشِيدُ المعمول بالشِّيد. قال الله تعالى: وقَصرٍ مَشيد. وقال سبحانه: في بروج مُشيَّدة؛ قال الفراء: يشدّد ما كان في جمع مثل قولك مررت بثياب مُصَبَّغة وكباش مُذَبَّحة، فجاز التشديد لأَن الفعل متفرق في جمع، فإِذا أَفردت الواحد من ذلك، فإِن كان الفعل يترددُ في الواحد ويكثر جاز فيه التشديد والتخفيف، مثل قولك مررت برجل مُشَجَّج وبثوب مُخَرَّق، وجاز التشديد لأَن الفعل قد تردَّد فيه وكَثُر. ويقال: مررت بكبش مذبوح، ولا تقل مُذَبَّح، فإِن الذبح لا يتردد كتردُّد التَّخَرُّق. وقوله: وقصر مشيد؛ يجوز فيه التشديد لأَن التشييد بناء والبناء يتطاول ويتردّد، ويقاس على هذا ما ورد. وحكى الجوهري أَيضاً قول الكسائي في أَن المَشيدَ للواحد والمُشَيَّد للجمع، وذكر قوله تعالى: وقصر مَشِيد للواحد، وبروج مُشَيَّدة للجمع؛ قال ابن بري: هذا وهمٌ من الجوهري على الكسائي لأَنه إِنما قال مُشَيَّدة، بالهاء، فأَما مُشَيَّد فهو من صفة الواحد وليس من صفة الجمع؛ قال: وقد غلط الكسائي في هذا القول فقيل المَشِيدُ المعمول بالشِّيد، وأَما المُشَيَّدُ فهو المطوّل؛ يقال: شَيَّدت البناء إذا طوّلته؛ قال: فالمُشَيَّدَة على هذا جمع مَشِيد لا مُشَيَّد؛ قال: وهذا الذي ذكره الراد على الكسائي هو المعروف في اللغة؛ قال: وقد يتجه عندي قول الكسائي على مذهب من يرى أَن قولهم مُشَيَّدَة أَي مُجَصَّصَة بالشِّيد فيكون مُشَيَّدٌ ومَشِيدٌ بمعنىً، إِلا أَن مَشِيداً لا تدخله الهاء للجماعة فيقال قصور مَشيدة، وإِنما يقال قصور مُشَيَّدَة، فيكون من باب ما يستغني فيه عن اللفظة بغيرها، كاستغنائهم بتَرَك عن وَدَعَ، وكاستغنائهم عن واحدة المَخاضِ بقولهم خَلِفَة، فعلى هذا يتجه قول الكسائي.

شير

شيا السبت في الجاهلية كانت العرب تسمي يوم السبت شياراً قال:

أؤمل ان أعيش وأن يومي

 

بأول أو بأهوان أو جبار

أو التالي دبارفإن يفتنـي

 

فمؤنس أوعربة أو شيار

وفي التهذيب الشيار يوم السبت

شيز

الشِّيزُ: خشب أَسود تتخذ منه الأَمْشاط وغيرها. والشِّيزَى: شجر تُعْمل منه القِصَاع والجِفَان، وقيل: هو شجر الجَوْز، وقيل: إِنما هي قِصاع من خَشَب الجَوْز فَتَسْوَدّ من الدَّسَم. الجوهري: الشِّيزُ والشِّيزَى خشب أَسود تتخذ منه القصاع؛ قال لبيد:

وصَباً غَداةَ مُقامَةٍ وزَّعْتُها

 

بِجِفانِ شِيزَى،فوقهنَّ سَنامُ

التهذيب: ويقال للجفان التي تسوَّى من هذه الشجرة الشِّيزَى؛ قال ابن الزِّبَعْرَى:

إِلى رُدُحٍ من الشِّيزى مِلاءٍ

 

لُبابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّـهـادِ

أَبو عبيد في باب فِعْلى: الشِّيزى شجرة. أَبو عمرو: الشِّيزى يقال له الآبَنُوس ويقال السَّاسَم؛ وفي حديث بدر في شعر ابن سَوادَةَ:

فماذا بالقَلِيبِ قَلِيبِ بَـدْرٍ

 

من الشِّيزَى، يُزَيَّنُ بالسَّنَام

الشِّيزَى: شجر تتخذ منه الجِفان، وأَراد بالجِفان أَربابها الذين كانوا يُطْعِمون فيها وقُتِلُوا بِبَدْر وأُلْقوا في القليب، فهو يَرْثِيهم، وسَمَّى الجِفانَ شِيْزَى باسم أَصلها، والله تعالى أَعلم.

شيش

الفراء:يقال للتمر الذي لا يشتد نواه الشيشاء وانشد

يا لك من تمر ومن شيشاء

 

ينشب في المعسل والهاء

الجوهري الشيش الشيشاء لغه في الشص والشيصاء وينشد

يا لك من تمر ومن شيشاء

 

ينشب في المعسل والهاء

ويروي الهاء بكسر الام جمع لها مثل اضى واضاء جمع اضاء

شيص

الشِّيصُ والشِّيصَاءُ: رَدِيء التمر، وقيل: هو فارسي معرب واحدتُه شِيصةٌ وشِيصَاءَة ممدودة، وقد تَأشاصَ النخلُ وأَشاصَت وشَيَّصَ النخلُ؛ الأَخيرة عن كراع؛ الفراء: يقال للتمر الذي لا يشتدُّ نواه ويَقْوَى وقد لا يكون له نوى أَصلاً، والشِّيشاءُ هو الشِّيصُ، وإِنما يُشَيِّصُ إذا لم يُلْقَحْ؛ قال الأُموي: هي في لغة بلحرث بن كعب الصِّيصُ. الأَصمعي: صَأْصأَت النخلة إذا صارت شِيصاً، وأَهلُ المدينة يسمون الشِّيصَ السَّخْلَ، وأَشاصَ النخلُ إِشاصةً إذا فسَدَ وصار حملُه الشِّيصَ. وفي الحديث: أَنه نهى عن تَأْبِير نَخْلهم فصارت شيصاً.
وفي نوادر الأَعراب: شَيَّصَ فلانٌ الناسَ إذا عذَّبَهم بالأَذَى، قال: وبينهم مُشايَصةٌ أَي مُنافرةٌ. ويقال: أَشاصَ به إذا رفَعَ أَمرَه إِلى السلطان؛ قال مَقّاس العائذيّ:

أَشاصَتْ بنا كَلْب شُصُوصاً، وواجَهَت

 

على رافِدينا بالجـزيرة تَـغْـلـب

شيط

شاطَ الشيءُ شَيْطاً وشِياطةً وشَيْطُوطةً: احترق، وخصَّ بعضهم به الزيتَ والرُّبَّ؛ قال:

كَشائطِ الرُّبِّ عليه الأَشْكَلِ

وأَشاطَه وشَيَّطَه، وشاطَتِ القِدْر شَيْطاً: احتَرقَتْ، وقيل: احترقت ولَصِقَ بها الشيء، وأَشاطَها هو وأَشَطْتُها إِشاطة؛ ومنه قولهم: شاطَ دمُ فلان أَي ذهب، وأَشَطْتُ بدَمِه. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: القسامةُ تُوجِبُ العَقْلَ ولا تُشِيطُ الدَّمَ أَي تؤخذ بها الدِّيَةُ ولا يُؤْخَذُ بها القِصاصُ، يعني لا تُهْلِكُ الدم رأْساً بحيث تُهْدِرُه حتى لا يجب فيه شيء من الديّة. الكلابي: شَوَّط القِدْرَ وشَيَّطَها إذا أَغْلاها. وأَشاطَ اللحم: فَرَّقه. وشاطَ السمْنُ والزَّيْتُ: خَثُرَ. وشاطَ السمنُ إذا نَضِجَ حتى يَحْتَرِقَ وكذلك الزيت؛ قال نِقادةُ الأَسدي يصف ماء آجِناً:

أَوْرَدْتُه قَلائصاً أَعْـلاطـا،

 

أَصْفَرَ مِثْل الزَّيْتِ، لَمّا شاطا

والتَشْيِيطُ: لحم يُصْلَح للقوم ويُشْوى لهم، اسم كالتَّمْتِين، والمُشَيَّطُ مِثْلُه، وقال الليث: التشَيُّطُ شَيْطُوطةُ اللحم إذا مسَّته النار يَتَشَيَّطُ فيَحْتَرِقُ أَعْلاه، وتَشَيَّطَ الصوفُ. والشِّياطُ: رِيح قُطنة مُحْتَرِقةٍ. ويقال: شَيَّطْتُ رأْس الغنم وشوَّطْتُه إذا أَحْرَقْت صُوفه لتُنظِّفه. يقال: شَيَّطَ فلان اللحم إذا دَخَّنه ولم يُنْضِجُه؛ قال الكميت:

لَمّا أَجابَتْ صَفِيراً كان آيَتَهـا

 

مِنْ قابِسٍ شَيَّطَ الوَجْعاء بالنارِ

وشَيَّطَ الطَّاهي الرأْس والكُراعَ إذا أَشْعَل فيهما النار حتى يَتَشَيَّطَ ما عليهما من الشعرَ والصُّوفِ، ومنهم من يقول شَوّطَ. وفي الحديث في صفةِ أَهل النار: أَلم يَرَوْا إِلى الرأْسِ إذا شُيِّطَ؛ من قولهم شَيَّطَ اللحمَ أَو الشعَرَ أَو الصُّوفَ إذا أَحرقَ بعضَه. وشاطَ الرجلُ يَشيطُ: هلَك؛ قال الأَعشى:

قد نَخْضِبُ العَيْرَ في مَكْنُون فائِله،

 

وقد يَشِيطُ على أَرْماحِنا البَطَـل

والإِشاطةُ: الإِهْلاكُ. وفي حديث زيد بن حارثة: أَنه قاتلَ بِرايةِ رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، حتى شاطَ في رِماحِ القوم أَي هلَك؛ ومنه حديث عمر، رضي اللّه عنه: لما شَهِدَ على المُغيرة ثلاثةُ نَفَرٍ بالزِّنا قال: شاطَ ثلاثةُ أَرباع المُغيرة. وكلُّ ما ذهَب، فقد شاطَ. وشاطَ دَمُه وأَشاطَ دمَه وبدَمِه: أَذْهَبَه، وقيل: أَشاطَ فلان فلاناً إذا أَهْلَكه، وأَصلُ الإِشاطةِ الإِحْراقُ؛ يقال: أَشاط بدَمِه عَمِل في هَلاكِه، وتَشَيَّطَ دمُه. وأَشاطَ فلان دمَ فلانٍ إذا عَرَّضه للقتل. ابن الأَنباري: شاطَ فلانٌ بدم فلانٍ معناه عَرَّضه للهَلاك. ويقال: شاط دمُ فلان إذا جُعل الفعل للدّمِ، فإِذا كان للرجلِ قيل: شاط بدمِه وأَشاط دمَه. وتشيَّطَ الدمُ إذا عَلا بصاحبه، وشاط دمُه. وشاط فلانٌ الدِّماء أَي خلَطَها كأَنه سَفَكَ دمَ القاتل على دم المقتول؛ قال المتلَمِّسُ:

أَحارِثُ إِنَّا لو تُشاطُ دِماؤنا،

 

تَزَيَّلْن حتى ما يَمَسّ دَمٌ دَما

ويروى: تُساطُ، بالسين، والسَّوْطُ: الخَلْط. وشاطَ فلان أَي ذهب دمُه هَدَراً. ويقال: أَشاطَه وأَشاطَ بدمِه. وشاطَ بمعنى عَجِلَ. ويقال للغُبار السَّاطِعِ في السماء: شَيْطِيٌّ؛ قال القطامي:

تَعادِي المَراخِي ضُمَّراً في جُنوحِها،

 

وهُنَّ من الشَّيطِيّ عـارٍ ولابِـسُ

يصف الخيل وإِثارَتَها الغُبارَ بسنابِكها. وفي الحديث: أَنَّ سَفِينةَ أَشاطَ دمَ جَزُورٍ بِجِذْلٍ فأَكَله؛ قال الأَصمعي: أَشاطَ دمَ جَزُورٍ أَي سَفَكَه وأَراقه فشاطَ يَشِيطُ يعني أَنه ذبحه بعُود، والجذل العود.
واشْتاطَ عليه: الْتَهَب. والمُسْتَشِيطُ: السَّمين من الإِبل.
والمِشْياطُ من الإِبل: السريعةُ السِّمَنِ، وكذلك البعير. الأَصمعي:المَشايِيطُ من الإِبل اللَّواتي يُسْرِعن السِّمَن، يقال: ناقةِ مِشْياطٌ، وقال أَبو عمرو: هي الإِبل التي تجعل للنَّحْر من قولهم شاطَ دمُه.
غيره: وناقة مِشْياطٌ إذا طارَ فيها السِّمنُ؛ وقال العجاج:

بوَلْقِ طَعْنٍ كالحَرِيقِ الشّاطي

قال: الشّاطي المُحْتَرِق، أَرادَ طَعْناً كأَنه لَهَبُ النار من شدَّته؛ قال أَبو منصور: أَراد بالشاطي الشائطَ كما يقال للهائر هارِ. قال اللّه عزّ وجلّ: هارٍ فانْهارَ به.
ويقال: شاطَ السَّمْنُ يَشِيطُ إذا نَضِجَ حتى يحترق.
الأَصمعي: شاطَتِ الجَزُور إذا لم يبق فيها نصيب إِلا قُسم. ابن شميل: أَشاطَ فلان الجزور إذا قسَمها بعد التقطيع. قال: والتقطيعُ نفْسه إِشاطةٌ أَيضاً. ويقال: تَشَيَّطَ فلان من الهِبّةِ أَي نَحِلَ من كثرة الجماع. وروي عن عمر، رضي اللّه عنه، أَنه قال: إِنَّ أَخْوفَ ما أَخافُ عليكم أَن يؤخذ الرجلُ المسلمُ البريء فيقالَ عاصٍ وليس بعاص فيُشاطَ لحمُه كما تُشاطُ الجَزُور؛ قال الكميت:

نُطْعِمُ الجَيْأَلَ اللَّهِيدَ من الكـوُ

 

مِ، ولم نَدْعُ من يُشِيطُ الجَزُورا

قال: وهذا من أَشَطْتُ الجزور إذا قطَّعْتها وقسَّمت لحمها، وأَشاطَها فلان، وذلك أَنهم إذا اقْتَسَمُوها وبقي بينهم سهم فيقال: من يُشِيطُ الجَزُور أَي من يُنَفِّقُ هذا السهمَ، وأَنشد بيت الكميت، فإِذا لم يبق منها نصيب قالوا: شاطت الجزور أَي تنَفَّقَتْ.
واسْتَشاطَ الرجلُ من الأَمر إذا خَفّ له. وغَضِبَ فلان واسْتشاطَ أَي احْتَدَم كأَنه التهب في غضَبِه؛ قال الأَصمعي: هو من قولهم ناقة مِشْياط وهي التي يُسْرِع فيها السِّمَن. واسْتَشاطَ البعير أَي سَمِن. واستشاط فلان أَي احْتَدَّ وخَفّ وتحرّقَ. ويقال: استشاط أَي احتدَّ وأَشرف على الهَلاكِ من قولك شاطَ فلان أَي هلَك. وفي الحديث: إذا اسْتَشاطَ السُّلْطان تَسَلَّطَ الشيطان، يعني إذا استشاط السلطان أَي تحرَّقَ من شدَّة الغضَب وتلهَّب وصار كأَنه نار تسلَّط عليه الشيطانُ فأَغْراه بالإِيقاع بمن غَضب عليه، وهو اسْتَفْعَلَ من شاطَ يَشِيط إذا كاد يحترق. واستشاط فلان إذا اسْتَقْتَل؛ قال:

أَشاطَ دِماء المُسْتَشِيطِين كلِّـهـم،

 

وغُلَّ رُؤوسُ القومِ فيهم وسُلْسِلُوا

وروى ابن شميل بإِسناده إِلى النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: ما رؤي ضاحِكاً مُسْتَشِيطاً، قال: معناه ضاحكاً ضَحِكاً شديداً كالمُتَهالِكِ في ضَحِكه. واسْتشاطَ الحَمامُ إذا طارَ وهو نشِيطٌ.
والشيْطان، فَعْلان: من شاطَ يَشِيط. وفي الحديث: أَعُوذ بك من شرِّ الشيطان وفُتونه وشِيطاه وشجونه، قيل: الصواب وأَشْطانِه أَي حِبالِه التي يَصِيد بها. والشيطانُ إذا سمّي به لم ينصرف؛ وعلى ذلك قول طُفيل الغَنَوي:

وقد مَتَّتِ الخَدْواءُ مَتّاً عليهِمُ،

 

وشَيْطانُ إِذ يَدْعوهُمُ ويُثَوِّبُ

فلم يصرف شيطانَ وهو شَيْطانُ بن الحكَمِ بن جلهمة، والخَذْواء فرسه.
والشَّيِّطُ: فرس أُنَيْفِ بن جبَلةَ الضّبّي. والشَّيِّطانِ: قاعانِ بالصَّمّانِ فيهما مساكاتٌ لماء السماء.

شيظ

يقال: شاظَت يَدِي شَظِيّةٌ من القَناة تَشِيظُها شَيْظاً: دخلت فيها.

شيع

الشَّيْعُ: مِقدارٌ من العَدَد كقولهم: أَقمت عنده شهراً أَو شَيْعَ شَهْرٍ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: بَعْدَ بَدْرٍ بِشهر أَو شَيْعِه أَي أَو نحو من شهرٍ. يقال: أَقمت به شهراً أَو شَيْعَ شهر أَي مِقْدارَه أَو قريباً منه. ويقال: كان معه مائةُ رجل أَو شَيْعُ ذلك، كذلك.
وآتِيكَ غَداً أَو شَيْعَه أَي بعده، وقيل اليوم الذي يتبعه؛ قال عمر بن أَبي ربيعة:

قال الخَلِيطُ: غَداً تَصَدُّعُنا

 

أَو شَيْعَه، أَفلا تُشَيِّعُنا؟

وتقول: لم أَره منذ شهر وشَيْعِه أَي ونحوه. والشَّيْعُ: ولد الأَسدِ إذا أَدْرَكَ أَنْ يَفْرِسَ.
والشِّيعةُ: القوم الذين يَجْتَمِعون على الأَمر. وكلُّ قوم اجتَمَعوا على أَمْر، فهم شِيعةٌ. وكلُّ قوم أَمرُهم واحد يَتْبَعُ بعضُهم رأْي بعض، فهم شِيَعٌ. قال الأَزهري: ومعنى الشيعة الذين يتبع بعضهم بعضاً وليس كلهم متفقين، قال الله عز وجل: الذين فرَّقوا دِينَهم وكانوا شِيَعاً؛ كلُّ فِرْقةٍ تكفِّر الفرقة المخالفة لها، يعني به اليهود والنصارى لأَنّ النصارى بعضُهُم بكفراً بعضاً، وكذلك اليهود، والنصارى تكفِّرُ اليهود واليهودُ تكفرهم وكانوا أُمروا بشيء واحد. وفي حديث جابر لما نزلت: أَو يُلْبِسَكُمْ شِيَعاً ويُذيقَ بعضَكم بأْس بعض، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: هاتان أَهْوَنُ وأَيْسَرُ؛ الشِّيَعُ الفِرَقُ، أَي يَجْعَلَكُم فرقاً مختلفين. وأَما قوله تعالى: وإِنَّ من شيعته لإِبراهيم، فإِن ابن الأَعرابي قال: الهاءُ لمحمد، صلى الله عليه وسلم، أَي إِبراهيم خَبَرَ نَخْبَره، فاتَّبَعَه ودَعا له، وكذلك قال الفراء: يقول هو على مِناجه ودِينه وإِن كَان ابراهيم وسابقاً له، وقيل: معناه أَي من شِيعة نوح ومن أَهل مِلَّتِه، قال الأَزهري: وهذا القول أَقرب لأَنه معطوف على قصة نوح، وهو قول الزجاج. والشِّيعةُ: أَتباع الرجل وأَنْصارُه، وجمعها شِيَعٌ، وأَشْياعٌ جمع الجمع. ويقال: شايَعَه كما يقال والاهُ من الوَلْيِ؛ وحكي في تفسير قول الأَعشى:

يُشَوِّعُ عُوناً ويَجْتابُها

يُشَوِّعُ: يَجْمَعُ، ومنه شيعة الرجل، فإِن صح هذا التفسير فعين الشِّيعة واو، وهو مذكور في بابه. وفي الحديث: القَدَرِيَّةُ شِيعةُ الدَّجَّالِ أَي أَولِياؤُه وأَنْصارُه، وأَصلُ الشِّيعة الفِرقة من الناس، ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد، وقد غلَب هذا الاسم على من يَتَوالى عَلِيّاً وأَهلَ بيته، رضوان الله عليهم أَجمعين، حتى صار لهم اسماً خاصّاً فإِذا قيل: فلان من الشِّيعة عُرِف أَنه منهم. وفي مذهب الشيعة كذا أَي عندهم. وأَصل ذلك من المُشايَعةِ، وهي المُتابَعة والمُطاوَعة؛ قال الأَزهري: والشِّيعةُ قوم يَهْوَوْنَ هَوى عِتْرةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُوالونهم. والأَشْياعُ أَيضاً: الأَمثالُ. وفي التنزيل: كما فُعِلَ بأَشْياعِهم من قبل؛ أَي بأَمْثالهم من الأُمم الماضية ومن كان مذهبُه مذهبهم؛ قال ذو الرمة:

أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عن أَشْياعِهِم خَبَراًأَمْ راجَعَ القَلْبَ من أَطْرابِه طَرَبُ؟

يعني عن أَصحابهم. يقال: هذا شَيْعُ هذا أَي مِثْله. والشِّيعةُ: الفِرْقةُ، وبه فسر الزجاج قوله تعالى: ولقد أَرسلنا من قبلك في شِيَعِ الأَوّلينَ. والشِّيعةُ: قوم يَرَوْنَ رأْيَ غيرهم. وتَشايَعَ القومُ: صاروا شِيَعاً. وشيَّعَ الرجلُ إذا ادَّعى دَعْوى الشِّيعةِ. وشايَعَه شِياعاً وشَيَّعَه: تابَعه. والمُشَيَّعُ: الشُّجاعُ؛ ومنهم من خَصَّ فقال: من الرجال. وفي حديث خالد: أَنه كان رجُلاً مُشَيَّعاً؛ المُشَيَّع: الشُّجاع لأَنَّ قَلْبَه لا يَخْذُلُه فكأَنَّه يُشَيِّعُه أَو كأَنَّه يُشَيَّعُ بغيره. وشَيَّعَتْه نفْسُه على ذلك وشايَعَتْه، كلاهما: تَبِعَتْه وشجَّعَتْه؛ قال عنترة:

ذُلُلٌ رِكابي حَيْثُ كُنْتُ مُشايِعي

 

لُبِّي، وأَحْفِزُهُ بِرأْيٍ مُـبْـرَمٍ

قال أَبو إِسحق: معنى شَيَّعْتُ فلاناً في اللغة اتَّبَعْتُ. وشَيَّعه على رأْيه وشايَعه، كلاهما: تابَعَه وقَوَّاه؛ ومنه حديث صَفْوانَ: إِني أَرى مَوضِعَ الشَّهادةِ لو تُشايِعُني نفْسي أَي تُتابِعُني.
ويقال: شاعَك الخَيرُ أَي لا فارقك؛ قال لبيد:

فَشاعَهُمُ حَمْدٌ، وزانَتْ قُبورَهُم

 

أَسِرَّةُ رَيْحانٍ بِقاعٍ مُـنَـوَّرِ

ويقال: فلان يُشَيِّعُه على ذلك أَي يُقَوِّيه؛ ومنه تَشْيِيعُ النار بإِلقاء الحطب عليها يُقَوِّيها. وشَيَّعَه وشايَعَه، كلاهما: خرج معه عند رحيله ليُوَدِّعَه ويُبَلِّغَه مَنْزِله، وقيل: هو أَن يخرج معه يريد صُحْبته وإِيناسَه إِلى موضع مّا. وشَيَّعَ شَهْرَ رمضان بستة أَيّامٍ من شَوَّال أَي أَتبَعَه بها، وقيل: حافظ على سِيرتِهِ فيها على المثل. وفلان شِيعُ نِساء: يُشَيِّعُهُنَّ ويُخالِطُهُنَّ. وفي حديث الضَّحايا: لا يُضَحَّى بالمُشَيِّعةِ من الغَنم؛ هي التي لا تزال تَتبَعُ الغنم عَجَفاً، أَي لا تَلْحَقُها فهي أَبداً تُشَيِّعُها أَي تمشي وراءها، هذا إِن كسرت الياء، وإِن فتحتها فهي التي تحتاج إِلى من يُشَيِّعُها أَي يَسُوقُها لتأَخّرها عن الغنم حتى يُتْبِعَها لأَنها لا تَقْدِرُ على ذلك. ويقال: ما تُشايِعُني رِجْلي ولا ساقي أَي لا تَتبَعُني ولا تُعِينُني على المَشْيِ؛ وأَنشد شمر:

وأَدْماءَ تَحْبُو ما يُشايِعُ ساقُهـا

 

لدى مِزْهَرٍ ضارٍ أَجَشَّ ومَأْتَمِ

الضارِي: الذي قد ضَرِيَ من الضَّرْب به؛ يقول: قد عُقِرَتْ فهي تحبو لا تمشي؛ قال كثير:

وأَعْرَض مِنْ رَضْوى مَعَ الليْلِ، دونَهُم

 

هِضابٌ تَرُدُّ الطَّرْفَ مِمَّـنْ يُشَـيِّعُ

أَي ممن يُتبعُه طَرْفَه ناظراً.
ابن الأَعرابي: سَمِع أَبا المكارِمِ يَذُمُّ رجلاً فقال: هو ضَبٌّ مَشِيعٌ؛ أَراد أَنه مثل الضَّبِّ الحقود لا ينتفع به. والمَشِيعُ: من قولك شِعْتُه أَشِيعُه شَيْعاً إذا مَلأتَه. وتَشَيَّعَ في الشيء: اسْتَهلك في هَواه. وشَيَّعَ النارَ في الحطبِ: أَضْرَمَها؛ قال رؤبة:

شَداً كما يُشَيَّعُ التَّضْريمُ

والشَّيُوعُ والشِّياعُ: ما أُوقِدَتْ به النار، وقيل: هو دِقُّ الحطب تُشَيَّعُ به النار كما يقال شِبابٌ للنار وجِلاءٌ للعين. وشَيَّعَ الرجلَ بالنار: أَحْرَقَه، وقيل: كلُّ ما أُحْرِقَ فقد شُيِّعَ. يقال: شَيَّعْتُ النار إذا أَلْقَيْتَ عليها حطباً تُذْكيها به، ومنه حديث الأَحنف: وإِن حَسَكى كان رجلاً مُشَيَّعاً؛ قال ابن الأَثير: أَراد به ههنا العَجولَ من قولك شَيَّعْتُ النارَ إذا أَلقيت عليها حَطباً تُشْعِلُها به. والشِّياعُ: صوت قَصَبةٍ ينفخ فيها الراعي؛ قال:

حَنِين النِّيبِ تَطْرَبُ للشِّياعِ

وشَيَّعَ الراعي في الشِّياعِ: رَدَّدَ صَوْتَه فيها. والشاعةُ: الإِهابةُ بالإِبل. وأَشاعَ بالإِبل وشايَع بها وشايَعَها مُشايَعةً وأَهابَ بمعنى واحد: صاح بها ودَعاها إذا استأْخَرَ بعضُها؛ قال لبيد:

تَبكِّي على إِثْرِ الشَّبابِ الذي مَضَى

 

أَلا إِنَّ إِخإوانَ الشّبابِ الرَّعـارِعُ

أَتَجْزَعُ مما أَحْدَثَ الدَّهْرُ بالفَتَـى؟

 

وأَيُّ كرِيمٍ لم تُصِبْه الـقَـوارِعُ؟

فَيَمْضُونَ أَرْسالاً ونَخْلُفُ بَعْدَهُـم

 

كما ضَمَّ أُخْرَى التالياتِ المُشايِعُ

وقيل: شايَعْتُ بها إذا دَعَوْتَ لها لتَجْتَمِعَ وتَنْساقَ؛ قال جرير يخاطب الراعي:

فأَلْقِ اسْتَكَ الهَلْباءَ فَوْقَ قَعودِها

 

وشايِعْ بها، واضْمُمْ إِليك التَّوالِيا

يقول: صوّت بها ليلحَق أُخْراها أُولاها؛ قال الطرمّاح:

إِذا لم تَجِدْ بالسَّهْلِ رِعْياً، تَطَوَّقَتْ

 

شمارِيخَ لم يَنْعِقْ بِهِنَّ مُشَـيِّعُ

وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِنَّ مَرْيم ابنة عِمْرانَ سأَلت ربها أَنْ يُطْعِمَها لحماً لا دم فيه فأَطْعَمها الجراد، فقالت: اللهم أَعِشْه بغير رَضاع وتابِعْ بينه بغير شِياعٍ؛ الشِّياعُ، بالكسر: الدعاء بالإِبل لتَنْساق وتجتمع؛ المعنى يُتابِعُ بينه في الطيران حتى يَتَتابع من غير أَنْ يُشايَع كما يُشايِعُ الراعي بإِبله لتجتمع ولا تتفرق عليه؛ قال ابن بري: بغير شِياعٍ أَي بغير صوت، وقيل لصوت الزَّمّارة شِياعٌ لأَن الراعي يجمع إِبله بها؛ ومنه حديث عليّ: أُمِرْنا بكسر الكُوبةِ والكِنّارةِ والشِّياعِ؛ قال ابن الأَعرابي: الشِّياعُ زَمّارةُ الراعي، ومنه قول مريم: اللهم سُقْه بلا شِياعٍ أَي بلا زَمّارة راع. وشاعَ الشيْبُ شَيْعاً وشِياعاً وشَيَعاناً وشُيُوعاً وشَيْعُوعةً ومَشِيعاً: ظهَرَ وتفرَّقَ، وشاعَ فيه الشيبُ، والمصدر ما تقدّم، وتَشَيَّعه، كلاهما: استطار. وشاعَ الخبَرُ في الناس يَشِيعُ شَيْعاً وشيَعاناً ومَشاعاً وشَيْعُوعةً، فهو شائِعٌ: انتشر وافترَقَ وذاعَ وظهَر. وأَشاعَه هو وأَشاعَ ذِكرَ الشيءِ: أَطارَه وأَظهره. وقولهم: هذا خبَر شائع وقد شاعَ في الناس، معناه قد اتَّصَلَ بكل أَحد فاستوى علم الناس به ولم يكن علمه عند بعضهم دون بعض. والشاعةُ: الأَخْبار المُنتشرةُ. وفي الحديث: أَيُّما رجلٍ أَشاع على رجل عَوْرة ليَشِينَه بها أَي أَظهر عليه ما يُعِيبُه.
وأَشَعْتُ المال بين القوم والقِدْرَ في الحَيّ إذا فرقته فيهم؛ وأَنشد أَبو عبيد:

فقُلْتُ: أَشِيعَا مَشِّرا القِدْرَ حَوْلَنا

 

وأَيُّ زمانٍ قِدْرُنا لم تُمَشَّـرِ؟

وأَشَعْتُ السِّرّ وشِعْتُ به إذا أَذعْتَ به. ويقال: نَصِيبُ فلان شائِعٌ في جميع هذه الدار ومُشاعٌ فيها أَي ليس بمَقْسُوم ولا مَعْزول؛ قال الأَزهري: إذا كان في جميع الدار فاتصل كل جزء منه بكل جزء منها، قال: وأَصل هذا من الناقة إذا قَطَّعت بولها، قيل: أَوزَغَتْ به إِيزاغاً، وإِذا أَرسلته إِرسالاً متصلاً قيل: أَشاعت. وسهم شائِعٌ أَي غير مقسوم، وشاعٌ أَيضاً كما يقال سائِرُ اليوم وسارُه؛ قال ابن بري: شاهده قول ربيعة بن مَقْروم:

له وهَجٌ من التَّقْرِيبِ شاعُ

أَي شائعٌ؛ ومثله:

خَفَضُوا أَسِنَّتَهُمْ فكلٌّ ناعُ

أَي نائِعٌ. وما في هذه الدار سهم شائِعٌ وشاعٍ مقلوب عنه أَي مُشْتَهِرٌ مُنْتَشِرٌ.
ورجل مِشْياعٌ أَي مِذْياعٌ لا يكتم سِرّاً. وفي الدعاء: حَيّاكم اللهُ وشاعَكم السلامُ وأَشاعَكم السلامَ أَي عَمَّكم وجعله صاحِباً لكم وتابِعاً، وقال ثعلب: شاعَكم السلامُ صَحِبَكُم وشَيَّعَكم؛ وأَنشد:

أَلا يا نَخْلةً مِن ذاتِ عِرْقٍ

 

بَرُودِ الظِّلِّ، شاعَكُمُ السلامُ

أَي تَبِعكم السلامُ وشَيَّعَكم. قال: ومعنى أَشاعكم السلامَ أَصحبكم إِيَّاه، وليس ذلك بقويّ. وشاعَكم السلامُ كما تقول عليكم السلامُ، وهذا إِنما بقوله الرجل لأَصحابه إذا أَراد أَن يفارقهم كما قال قيس بن زهير لما اصطلح القوم: يا بني عبس شاعكم السلامُ فلا نظرْتُ في وجهِ ذُبْيانية قَتَلْتُ أَباها وأَخاها، وسار إِلى ناحية عُمان وهناك اليوم عقِبُه وولده؛ قال يونس: شاعَكم السلامُ يَشاعُكم شَيْعاً أَي مَلأَكم. وقد أَشاعكم اللهُ بالسلام يُشِيعُكم إِشاعةً. ونصِيبُه في الشيء شائِعٌ وشاعٍ على القلب والحذف ومُشاعٌ، كل ذلك: غير معزول. أَبو سعيد: هما مُتشايِعانِ ومُشتاعانِ في دار أَو أَرض إذا كانا شريكين فيها، وهم شُيَعاءُ فيها، وكل واحد منهم شَيِّعٌ لصاحبه. وهذه الدار شَيِّعةٌ بينهم أَي مُشاعةٌ. وكلُّ شيء يكون به تَمامُ الشيء أَو زيادتُه، فهو شِياعٌ له. وشاعَ الصَّدْعُ في الزُّجاجة: استطارَ وافترق؛ عن ثعلب.
وجاءت الخيلُ شَوائِعَ وشَواعِيَ على القلب أَي مُتَفَرِّقة. قال الأَجْدَعُ بن مالك بن مسروق بن الأَجدع:

وكأَنَّ صَرْعاها قِداحُ مُـقـامِـرٍ

 

ضُرِبَتْ على شَرَنٍ، فَهُنّ شَواعِي

ويروى: كِعابُ مُقامِرٍ. وشاعتِ القطرةُ من اللبن في الماء وتَشَيَّعَتْ: تَفَرَّقَت. تقول: تقطر قطرة من لبن في الماء. وشَيّع فيه أَي تفرَّق فيه. وأَشاعَ ببوله إِشاعةً: حذف به وفَرَّقه. وأَشاعت الناقة ببولها واشتاعَتْ وأَوْزَغَتْ وأَزْغَلَتْ، كل هذا: أَرْسَلَتْه متفَرِّقاً ورَمَتْه رَمْياً وقَطَّعَتْه ولا يكون ذلك إِلا إذا ضَرَبَها الفحل. قال الأَصمعي: يقال لما انتشر من أَبوال الإِبل إذا ضرَبَها الفحل فأَشاعَتْ ببولها: شاعٌ؛ وأَنشد:

يُقَطِّعْنَ لإِبْساسِ شاعـاً كـأَنّـه

 

جَدايا، على الأَنْساءِ منها بَصائِر

قال: والجمل أَيضاً يُقَطِّعُ ببوله إذا هاج، وبوله شاعٌ؛ وأَنشد:

ولقد رَمَى بالشّاعِ عِنْدَ مُناخِه

 

ورَغا وهَدَّرَ أَيَّما تَـهْـدِيرِ

وأَشاعَتْ أَيضاً: خَدَجَتْ، ولا تكون الإِشاعةُ إِلا في الإِبل. وفي التهذيب في ترجمة شعع: شاعَ الشيءُ يَشِيعُ وشَعَّ يَشِعُّ شَعّاً وشَعاعاً كلاهما إذا تفرَّقَ.
 وشاعةُ الرجلِ: امرأَتُه؛ ومنه حديث سيف بن ذي يَزَن قال لعبد المطلب: هل لك من شاعةٍ؟ أَي زوجة لأَنها تُشايِعُه أَي تُتابِعُه. والمُشايِعُ: اللاحِقُ؛ وينشد بيت لبيد أَيضاً:

فيَمْضُون أَرْسالاً ونَلْحَقُ بَعْدَهُـم

 

كما ضَمَّ أُخْرَى التالِياتِ المُشايِعُ

هذا قول أَبي عبيد، وعندي أَنه من قولك شايَعَ بالإِبل دعاها.
والمِشْيَعة: قُفَةٌ تضَعُ فيها المرأة قطنها.
والمِشْيَعةُ: شجرة لها نَوْر أَصغرُ من الياسمين أَحمر طيب تُعْبَقُ به الثياب؛ عن أَبي حنيفة كذلك وجدناه تُعْبَق، بضم التاء وتخفيف الباء، في نسخة موثوق بها، وفي بعض النسخ تُعَبَّقُ، بتشديد الباء. وشَيْعُ اللهِ: اسم كتَيْمِ الله.
وفي الحديث: الشِّياعُ حرامٌ؛ قال ابن الأَثير: كذا رواه بعضهم وفسره بالمُفاخَرةِ بكثرة الجماع، وقال أَبو عمرو: إِنه تصحيف، وهو بالسين المهملة والباء الموحدة، وقد تقدم، قال: وإِن كان محفوظاً فلعله من تسمية الزوجة شاعةً.
وبَناتُ مُشيّع: قُرىً معروفة؛ قال الأَعشى:

من خَمْرِ بابِلَ أُعْرِقَتْ بمِزاجِها

 

أَو خَمْرِ عانةَ أَو بنات مُشَيّعا

شيق

الشِّيقُ: شعر ذنب الدابة. والشِّيقُ البُرَكُ، واحدته شِيقةٌ:طائر. والشِّيق: الشَّقُّ في الجبل، والشِّيق ما جُذِبَ، والشِّيقُ ما لم يزل، والشِّيقُ رأْسُ الأُدافِ، والشِّيقُ شعر الفرس، والشِّيقُ الجانب، يقال: امتلأَ من الشِّيقِ إلى الشِّيقِ. والشِّيقُ سُقْعٌ مستوٍ دقيق في لِهْب الجبل لا يستطاع ارتقاؤه وأَنشد:

إحْلِيلُها شَقُّ كشَقِّ الشِّيقِ

وقيل: هو أَعلى الجبل، وقيل: هو الجبل؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:

تأَبَّط خافةً فيها مِـسـابٌ،

 

فأَصبَحَ يَقْتَري مَسَداً بِشِيقِ

أراد يقتري شِيقاً بمسد فقلبه؛ ويقال: هو أصعب موضع في الجبل؛ قال الشاعر:

شَغْواءُ تُوطِنُ بين الشِّيقِ والنِّيقِ

وقوله يَقْتَري مَسَداً، أَراد أَنه يتبع هذا الحبل المربوط في الشِّيق عند نزوله إلى موضع تعسيل النحل، فيكون شِيق في موضع الصفة لمسَدٍ، ولا يحتاج إلى أن يجعل مقلوباً. والمِسابُ: سقاء العسل وأَصله الهمز فخففه.
والشِّيقُ: ضَرْبٌ من السمك. والشِّياقُ: مثل النِّياط. يقال: شِقْتُ الطُّنُبَ إلى الوتد مثل نُطْته؛ قال دريد بن الصمة يرثي أخاه:

فجئتُ إليه، والرِّمـاحُ يَشِـقْـنَـه

 

كوَقْعِ الصَّياصِي في النَّسيجِ المُمَدَّدِ

ويروى: تَنُوشُه.

شيم

الشِّيمةُ: الخُلُقُ. والشِّيمةُ: الطبيعة، وقد تقدم أن الهمز فيها لُغَيَّة، وهي نادرة. وتَشَيَّم أباه: أشبهه في شيمتِه؛ عن ابن الأعرابي.والشّامة: علامة مخالفة لسائر اللون. والجمع شاماتٌ وشامٌ. الجوهري: الشَّامُ جمع شامةٍ وهي الخالُ، وهي من الياء، وذكر ابن الأثير الشامة في شأَم، بالهمز، وذكر حديث ابن الحنظلية قال: حتى تكونوا كأنكم شَأْمة في الناس، قال: الشأْمةُ الخالُ في الجسد معروفة، أراد كونوا في أَحْسن زِيٍّ وهَيْئةٍ حتى تَظْهروا للناس ويَنْظُروا إليكم كما تَظْهَرُ الشأْمةُ ويُنْظَرُ إليها دون باقي الجسد، وقد شِيمَ شَيْماً، ورجل مَشِيمٌ ومَشْيُومٌ وأَشْيَمُ، والأُنثى شَيْماء. قال بعضهم: رجل مَشْيُوم لا فعل له.
الليث: الأَشْيَمُ من الدواب ومن كل شيء الذي به شامة، والجمع شِيمٌ. قال أبو عبيدة: مما لا يقال له بَهِيمٌ ولا شِيَةَ له الأَبْرَشُ والأَشْيَمُ، قال: والأَشْيَمُ أن تكون به شامةٌ أو شامٌ في جَسده. ابن شميل: الشامةُ شامةٌ تخالف لون الفرس على مكان يُكْرَهُ وربما كانت في دوائرها. أبو زيد: رجل أشْيَمُ بَيِّنُ الشّيمِ الذي به شامة، ولم نعرف له فعلاً. والشامةُ أيضاً: الأَثَرُ الأسْودُ في البدن وفي الأرض، والجمع شامٌ؛ قال ذو الرمة:

وإنْ لم تَكُوني غَيْرَ شامٍ بقَفْرةٍ،

 

تَجُرُّ بها الأَذْيالَ صَيْفِيَّةٌ كُدْرُ

ولم يستعملوا من هذا الأخير فعلاً ولا فاعلاً ولا مفعولاً. وشامَ يَشِيمُ إذا ظهرت بجِلْدَته الرَّقْمَةُ السوداء. ويقال: ما له شامةٌ ولا زَهْراءُ يعني ناقةُ سوداء ولا بيضاء؛ قال الحرث بن حِلِّزَةَ:

وأَتَوْنا يَسْتَرْجِعون، فلم تَرْ

 

جِعْ لهم شامةٌ ولا زَهْراءُ

ويروى: فلم تُرْجَعْ. وحكى نفطويه: شأْمة، بالهمز، قال ابن سيده: ولا أعرف وجه هذا إلا أن يكون نادراً أو يهمزه من يهمز الخأْتم والعأْلم.
والشِّيمُ: السُّودُ. وشِيمُ الإبل وشُومُها: سُودُها، فأما شِيمٌ فواحدها أشْيَمُ وشَيْماء، وأما شُومٌ فذهب الأصمعي إلى أنه لا واحد له، وقد يجوز أن يكون جمع أشْيَمَ وشَيْماء، إلاَّ أنه آثر إخراج الفاء مضمومة على الأصل، فانقلبت الياء واواً؛ قال أبو ذؤيب يصف خمراً:

فما تُشْتَرى إلاَّ بربْحٍ سِبـاؤُهـا،

 

بَناتُ المَخاضِ شُومُها وحِضارُها

ويروى: شِيمُها وحِضارُها، وهو جمع أَشْيَمَ، أي سُودها وبيضها؛ قال ذلك أبو عمرو والأَصمعي، هكذا سمعتها، قال: وأظنها جمعاً واحدها أشْيَمُ، وقال الأصمعي: شُومها لا واحد له، وقال عثمان بن جني: يجوز أن يكون لما جمعه على فُعْلٍ أَبقى ضمة الفاء فانقلبت الياء واواً، ويكون واحده على هذا أَشْيَم، قال: ونظير هذه الكلمة عائِطٌ وعِيطٌ وعُوطٌ؛ قال: ومثله قول عُقْفانَ بن قيس بن عاصم:

سَواءٌ عليكم شُومُها وهجانُـهـا،

 

وإن كان فيها واضحُ اللَّوْنِ يَبْرُقُ

ابن الأَعرابي: الشامة الناقةُ السوداء، وجمعها شامٌ. والشِّيمُ: الإبلُ السُّودُ، والحِضارُ: البِيضُ، يكون للواحد والجمع على حدّ ناقةٌ هِجانٌ ونُوق هِجانٌ ودِرْع دِلاصٌ ودُروع دِلاصٌ.
وشامَ السَّحابَ والبرقَ شَيْماً: نظر إليه أين يَقْصِدُ وأين يُمْطر، وقيل: هو النظر إليهما من بعيد، وقد يكون الشَّيْمُ النظرَ إلى النار؛ قال ابن مقبل:

ولو تُشْتَرى منه لباعَ ثِيابَـهُ

 

بنَبْحةِ كلْبٍ، أو بنارٍ يَشِيمُها

وشِمْتُ مَخايِلَ الشيء إذا تَطَلَّعْتَ نحوها ببصرك منتظراً له.
وشِمْتُ البَرْقَ إذا نَظَرْت إلى سحابته أين تمطر. وتَشَيَّمه الضِّرامُ أي دخله؛ وقال ساعدة ابن جُؤَيَّةَ:

أفَعَنْكَ لا بَرْقٌ، كأَنَّ وَمِيضَهُ

 

غابٌ تَشَيَّمهُ ضِرامٌ مُثْقَـبُ

ويروى: تَسَنَّمه، يريد أفَمِنْكَ لا بَرْقٌ، ومُثْقَبٌ: مُوقَدٌ؛ يقال: أثْقَبْتُ النارَ أوْقَدْتُها.
وانْشامَ الرجل إذا صار منظوراً إليه. والانْشِيامُ في الشيء: الدخولُ فيه. وشامَ السيفَ شَيْماً: سلَّه وأغمده، وهو من الأضداد، وشك أبو عبيد في شِمْتُه بمعنى سللْته، قال شمر: ولا أَعْرِفُه أنا؛ وقال الفرزدق في السَّلِّ يصف السيوفَ:

إذا هي شِيمَتْ فالقوائِمُ تحتها،

 

وإنْ لم تُشَمْ يوماً عَلَتْها القوائمُ

قال: أراد سُلَّتْ، والقوائم: مقابضُ السيوف؛ قال ابن بري: وشاهدُ شِمْتُ السيف أغْمَدْتُه قول الفرزدق:

بأَيدِي رجالٍ لم يَشيموا سيوفَهُم،

 

ولم تَكْثُرِ القَتْلى بها حين سُلَّتِ

قال: الواو في قوله ولم واو الحال أي لم يغمدوها والقَتْلى بها لم تكثر، وإنما يُغْمِدونها بعد أن تكثر القتلى بها؛ وقال الطِّرِمَّاحُ:

وقد كنتُ شِمْتُ السيفَ بعد اسْتِـلالِـه،

 

وحاذَرْتُ، يومَ الوَعْدِ، ما قيل في الوعْدِ

وقال آخر:

إذا ما رآني مُقْبِلاً شامَ نَبْلَـهُ،

 

ويَرْمِي إذا أَدْبَرْتُ عنه بأَسْهُمِ

وفي حديث أبي بكر، رضي الله عنه: شُكِيَ إليه خالد بن الوليد فقال: لا أَشِيمُ سَيْفاً سَلَّه اللهُ على المشركين أي لا أُغْمِدُه. وفي حديث عليّ، عليه السلام: قال لأبي بكر لما أراد أن يخرج إلى أهل االرِّدَّة وقد شَهَرَ سيفَه: شِمْ سَيْفَك ولا تفْجَعْنا بنَفْسِك. وأصل الشَّيْمِ النظرُ إلى البرق، ومن شأْنه أنه كما يَخْفِقُ يخفى من غير تَلَبُّثٍ ولا يُشامُ إلاَّ خافقاً وخافياً، فَشُبِّه بهما السَّلُّ والإغْمادُ. وشامَ يَشِيمُ شَيْماً وشُيُوماً إذا حَقَّقَ الحَمْلَة في الحرب. وشامَ أبا عُمَيْرٍ إذا نال من البِكْرِ مُرادَه. وشامَ الشيءَ في الشيء: أدخله وخَبَأَه؛ قال الراعي:

بمُعْتَصِبٍ من لحمِ بِكْرٍ سَمِينةٍ،

 

وقد شامَ رَبَّاتُ العِجافِ المَناقِيا

أي خَبَأْنَها وأدخلنها البيوت خشية الأَضياف. وانْشام الشيءُ في الشيء وتَشَيَّم فيه وتَشَيَّمه: دخل فيه؛ وأنشد بيت ساعدة بن جؤيَّة:

غابٌ تَشَيَّمه ضِرامٌ مُثْقَبُ

قال: وروي تَسَنَّمه أي علاه ورَكِبَه أراد: أعنك البرق؛ قال ابن سيده: هذا تفسير أبي عبيد، قال: والصواب عندي أنه أراد أعنك بَرْقٌ، لأن ساعدة لم يقل أفَعَنْكَ لا البرق، معرفاً بالأَلف واللام، إنما قال أفعنك لا برق، منكراً، فالحكم أن يفسر بالنكرة. وشام إذا دخَل. أبو زيد: شِمْ في الفَرسِ ساقَكَ أَي ارْكلها بساقِكَ وأمِرَّها. أبو مالك: شِمْ أدْخِلْ وذلك إذا أَدخَلَ رجله في بطنها يضربها. وتَشَيَّمه الشَّيْبُ: كثر فيه وانتشر؛ عن ابن الأعرابي.
والشِّيامُ: حُفْرةٌ أو أرضٌ رِخْوَةٌ. ابن الأعرابي: الشِّيامُ، بالكسر، الفأْر. الكسائي: رجل مَشِيمٌ ومَشُومٌ ومَشْيُوم من الشامة.
والشِّيامُ: الترابُ عامَّةً؛ قال الطرماح:

كَمْ به من مَكْءٍ وَحْشيَّةٍ،

 

قِيضَ في مُنْتَثَلٍ أو شيام

مُنْتَثَل: مكان كان محفوراً فاندفن ثم نظف. وقال الخليل: شِيامٌ حفرة، وقيل: أرض رِخْوة التراب. وقال الأصمعي: الشِّيام الكِناسُ، سمي بذلك لانْشِيامه فيه أي دخوله. الأصمعي: الشِّيمةُ التراب يُحْفَر من الأرض.
وشامَ يَشِيمُ إذا غَبَّرَ رجليه من الشِّيام، وهو التراب. قال أبو سعيد: سمعت أبا عمرو ينشد بيت الطرماح أو شَيام، بفتح الشين، وقال: هي الأرض السهلة؛ قال أبو سعيد: وهو عندي شِيام، بكسر الشين، وهو الكِناسُ، سمي شِياماً لأن الوحش يَنْشامُ فيه أي يدخل، قال: والمُنْتَثَلُ الذي كان اندفَن فاحتاج الثورُ إلى انْتِثاله أي استخراج ترابه، والشِّيامُ الذ ي لم يَنْدَفِنْ ولا يحتاج إلى انْتِثاله فهو يَنْشامُ فيه، كما يقال لِباسٌ لما يُلْبَسُ. ويقال: حَفَرَ فشَيَّمَ، قال: والشَّيَمُ كل أرض لم يُحْفَرْ فيها قَبْلُ فالحفرُ على الحافر فيها أَشَدُّ؛ وقال الطرماح يصف ثوراً:

غاصَ، حتى استَباثَ من شَيَمِ الأَرْ

 

ضِ سفاةً، مـن دُنـهـا ثَـأَدُهْ

التهذيب: المَشِيمَةُ هي للمرأَة التي فيها الوَلَدُ، والجمع مَشِيمٌ ومَشايِمُ؛ قال جرير:

وذاك الفَحْلُ جاء بِشرِّ نَجْلٍ

 

خَبيثاتِ المَثابِرِ والمَشِـيمِ

ابن الأَعرابي: يقال لما يكون فيه الولد المَشِيمَةُ والكِيسُ والحَوْرانُ والقَمِيصُ.الجوهري: والشِّيمُ ضرب من السمك؛ وقال:

قُلْ لِطَغامِ الأَزْدِ: لا تَبْطَرُوا

 

بالشِّيمِ والجِرِّيثِ. والكَنْعَدِ

والمَشِيمةُ: الغِرْسُ، وأصله مَفْعِلةٌ فسكنت الياء، والجمع مَشايِمُ مثلُ مَعايشَ؛ قال ابن بري: ويجمع أيضاً مَشِيماً؛ وأنشد بيت جرير:

خبيثات المثابر والمشيم

وقوم شُيُومٌ: آمِنُونَ، حَبَشِيَّةٌ. ومن كلام النجاشي لقريش: اذهبوا فأَنتم شُيُومٌ بأَرْضِي.
وبَنُو أَشْيَمَ: قبيلة. والأَشْيَمُ وشَيْمانُ: اسمان. ومَطَرُ بن أَشْيَمَ: من شعرائهم. وصِلةُ ابن أشْيَمَ: رجلٌ من التابعين؛ وقول بلال مؤذن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:

ألا لَيْتَ شِعْرِي هل أَبِيتَنَّ لـيلةً

 

بوادٍ، وحَوْلي إذْخِرٌ وجَلـيلُ؟

وهَلْ أرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَـنَّةٍ؟

 

وهل يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيلُ؟

هما جبلان مُشْرِفانِ، وقيل: عينان، والأول أكثر. ومَجَنَّةُ: موضع قريب من مكة كانت تُقام به سُوقٌ في الجاهلية، وقال بعضهم: إنه شابة بالباء وهو جبل حجازي. والأَشْيَمان: موضعان.
فصل الصاد المهملة

شين

الشين: معروف خلاف الزين، وقد شانه يشينه شينا. قال أبومنصور: والعرب تقول وجه فلان زين أي حسن ذو زين، ووجه فلان شين أي قبيح ذو شين. والفراء: العين والشين والشنار العيب، المشاين المعايب والمقابح، وقول لبيد:

نشين صحاح البيد كل عشـية

 

بعوج السراء عند باب محجب

يريد أنهم يتفاخرون ويخطون بقسيهم على الأرض فكأنهم شانوها بتلك الخطوط. وفي حديث أنس يصف شعر النبي، صلى الله عليه وسلم: ما شانه الله ببيضاء، الشين: العيب، قال ابن الأثير: جعل الشيب ههنا عيبا، وليس بعيب، فإنه قد جاء في الحديث: أنه وقار وأنه نور، قال: ووجه الجم بينهما أنه، صلى الله عليه وسلم، لما رأى أبا قحافة ورأسه كالثغامة أمرهم بتغييره وكرهه، ولذلكقال غيروا الشيب، فلما علم أنس ذلك من عادته قال: ما شانه الله بيضاء، بناء على هذا القول وحملا له على هذا الرأي ولم يسمع الحديث الآخر، قال: ولعل أحدهما ناسخ للآخر.
والشين: حرف هجاء من حروف المعجم وهو حرف مهموس يكون أصلا لا غير. وشين شينا: عملها عن ثعلب. التهذيب: وقد شينت شينا حسنة.