باب الصاد والفاء، القاف، الكاف

صفا

الصَّفْوُ والصَّفَاءُ، مَمْدودٌ: نَقِيضُ الكَدَرِ، صفَا الشيءُ والشَّرابُ يَصْفُو صَفاءً وصُفُوّاً، وصَفْوُهُ وصَفْوَتُه وصِفْوَتُه وصُفْوَتُه: ما صَفَا منه، وصَفَّيْتُه أَنَا تَصْفِيَةً. وصَفْوَةُ كُلِّ شيءٍ: خالِصُهُ من صَفْوَة المالِ وصَفْوَةِ الإخَاء. الكسائي: هو صُفْوَةُ المَاءِ وصِفْوَةُ الماءِ، وكذلك المالُ. وقال أَبو عبيدة: يقال له صَفْوَةُ مالِي وصِفْوَةُ مالِي وصُفْوَة مالِي، فإذا نَزَعُوا الهاءَ قالوا له صَفْوُ مالِي، بالفتح لا غير. وفي حديث عَوفِ بن مالك: لَهُمْ صِفْوَةُ أَمْرِهِمْ؛ الصِّفْوةُ، بالكَسْرِ: خِيارُ الشيء وخُلاصَتُه وما صَفَا منه، فإذا حذفت الهاء فتحت الصاد، وهو صَفْوُ الإهالَة لا غيرُ.والصَّفاءُ: مَصْدَرُ الشيءِ الصافي. وإذا أَخَذَ صَفْوَ ماءٍ من غدِيرٍ قال: اسْتَصْفَيْتُ صَفْوَةً. وصَفَوْتُ القِدْرَ إذا أَخَذْتَ صَفْوَتَها.والمِصْفَاةُ: الرَّاووُقُ. وفي الإناءِ صِفْوَةٌ مِن مَاءٍ أَوْ خَمْرٍ أَي قَلِيلٌ. وصَفَا الجَوُّ: لم تكن فيه لُطْخَةُ غَيْمٍ. ويومٌ صافٍ وصَفْوانُ إذا كان صَافِيَ الشَّمْس لا غَيْمَ فيه ولا كَدَرَ وهو شدِيدُ البَرْدِ. وقولُ أَبي فَقْعَسٍ في صِفَةِ كَلإٍ: خَضِعٌ مَضِغٌ صافٍ رَتِعٌ؛ أَراد أَنَّه نَقِيُّ من الأَغْثَاءِ والنَّبْتِ الذي لا خَيْرَ فيه، فإذا كان ذلك فهو من هذا الباب، وقد يكون صَافٍ مقلوباً من صائِفٍ أَي أَنه نَبْتٌ صَيْفِيٌّ فقُلِبَ، فإذا كان هذا فليس من هذا الباب وإنما هو من باب ص ي ف. أَبو عبيد: الصَّفِيُّ من الغنيمة ما اخْتارَه الرئيس من المَغْنَمِ واصْطَفاه لنَفْسِه قبلَ القسْمَةِ منْ فَرسٍ أَو سيفٍ أَو غيره، وهو الصَّفيَّةُ أَيضاً، وجَمْعُه صَفايا؛ وأَنشد لعبد الله بن عَنَمة يخاطب بِسْطامَ بنَ قَيْسٍ:

لَكَ المِرْباعُ فِيها والصَّفَـايا،

 

وحُكْمُكَ والنَّشِيطَةُ والفُضولُ

وفي الحديث: إنْ أَعْطَيْتُمُ الخُمُس وسهمَ النبي، صلى الله عليه وسلم، والصَّفِيَّ فأَنْتُم آمِنُونَ؛ قال الشعبي: الصفيّ عِلْقٌ تَخَيَّرَهُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، منَ المَغْنم، كانَ منه صَفِيَّةُ بنتُ حُيَيٍّ؛ ومنه حديث عائشة: كانت صَفِيَّةُ من الصَّفَايا، تَعْني صَفِيَّة بنْتَ حُيَيٍّ كانتْ من غَنيمَةِ خَيْبَرَ.واسْتَصْفَيْتُ الشيء إذا اسْتَخْلَصْتَه. ومن قرأَ: فاذكُروا اسمَ اللهِ عَلَيْها صَوافِيَ، بالياء، فَتفسيرهُ أَنَّها خالصَة لله تعالى يذْهَب بها إلى جمع صافية؛ ومنه قيل للضِّيَاع التي يَسْتَخْلِصُها السلطانُ لخاصته: الصَّوَافِي. وفي حديث عليّ والعباس، رضي الله عنهما: أَنهما دَخَلا على عمر، رضي الله عنه، وهُما يَخْتَصِمان في الصَّوافِي التي أَفاءَ اللهُ على رسولِه، صلى الله عليه وسلم، من أَموال بَني النَّضِير؛ الصَّوافِي: الأَمْلاكُ والأَرض التي جَلا عَنْها أَهْلُها أَو ماتُوا ولا وارِثَ لَها، واحدتها صافِيَةٌ. واسْتَصْفَى صَفْوَ الشيء: أَخَذَه.
وصَفَا الشيءَ: أَخَذَ صَفْوَه؛ قال الأَسْودُ بن يَعْفُرَ:

بَهَالِيلُ لا تَصْفُو الإمَاءُ قُدُورَهُمْ،

 

إذا النَّجْمُ وافَاهُمْ عِشاءً بشَمْأَلِ

وقول كثير عزة:

كأَنَّ مَغارِزَ الأَنْيابِ منْهـا،

 

إذا ما الصُّبْحُ نَوَّرَ لانْفِلاقِ،

صَلِيتُ غَمامَةٍ بجَناةِ نَحْـلٍ،

 

صَفَاةِ اللَّوْنِ طَيِّبَةِ المَـذَاقِ

قال ابن سيده:؛ قيل في تفسير صَفاةُ اللَّوْنِ صَافِيةٌ، قال: وهو عندي فَعِلَةٌ على النَّسَب كأَنه صَفِيَةٌ، قُلِب إلى صَفَاةٍ، كما قيل ناصَاةٌ وباناةٌ. واسْتَصْفَى الشيءَ واصْطَفاه: اختارَهُ. الليث: الصَّفَاءُ مُصافاة المَوَدَّةِ والإخاءِ. والاصْطِفاءُ: الاخْتِيارُ، افْتِعالٌ من الصَّفْوَةِ. ومنه: النبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، صَفْوَةُ الله منْ خَلْقِه ومُصْطَفاةُ، والأَنْبِياءُ المُصْطَفَوْنَ، وهم من المُطْطَفَين إذا اخْتِيرُوا، وهُمُ المُصْطَفُون إذا اختاروا، وهذا بضم الفاء.
وصَفِيُّ الإنْسانِ: أَخُوهُ الذي يُصافِيه الإخاءَ. والصِّفِيُّ: المُصافِي.
وأَصْفَيْتُه الوُدَّ: أَخْلَصْته وصَافيتُه. وتَصافَيْنا: تخالَصْنا. وصافَى الرجلَ: صَدَقَهُ الإخاءَ. وصَفِيُّكَ: الذي يُصافِيكَ.
والصَّفِيُّ: الخالِصُ من كلِّ شيءٍ. واصْطفاه: أَخذَه صفيّاً؛ قال أَبو ذؤيب:

عَشِيَّةَ قامتْ بالفِناء كأَنـهـا

 

عَقيلَةُ نَهْبٍ تُصْطَفى وتَغُوجُ

وفي الحديث: إن الله لا يَرْضى لعبدهِ المُؤمِن إذا ذَهَبَ بصَفِيَّه من أَهلِ الأَرض فصَبَر واحْتَسَب بثَوابٍ دونَ الجنةِ؛ صَفِيُّ الرجلِ:الذي يصافِيهِ الوُدَّ ويُخْلِصُه له، فَعِيلٌ بمعنى فاعلٍ أَو مفعول.وفي الحديث: كَسانِيه صَفِيِّي عُمَرُ أَي صديقي. وناقةٌ صَفِيٌّ أَي غَزيرةٌ كثيرةُ اللبنِ، والجمعُ صَفايا؛ قال سيبويه: ولا يُجمَع بالأَلف والتاء لأَن الهاء لم تَدْخُلْه في حَدِّ الإفرادِ، وقد صَفُوَتْ وصَفَتْ.
وفي حديث عوف بن مالك: تَسْبِيحةٌ في طَلَب حاجَةٍ خيرٌ من لَقُوحٍ صَفِيٍّ في عامِ لَزْبَةٍ، هي الناقة الغزيرةُ، وكذلك الشاة. ويقال: ما كانت الناقةُ والشاةُ صَفِيّاً ولقد صَفَتْ تَصْفُو، وكذلك الإبلُ. وبنو فلانٍ مُصْفُونَ إذا كانت غنمُهُمْ صَفايا، والنَّخْلة كذلك. ونَخْلةٌ صَفِيٌّ: كثيرةُ الحَمْل، والجمع الصَّفايا. ويقال: أَصْفَيْتُ فلاناً بكذا وكذا إذا آثرْتَه به. الأَصمعي: الصَّفْواءُ والصَّفْوانُ والصَّفا، مقصور، كلُّه واحدٌ؛ وأَنشد لامرئ القيس:

كُمَيتٌ يَزِلُّ اللِّبْدُ عن حالِ مَتْنِه،

 

كما زَلَّتِ الصَّفْواءُ بالمُتَنَـزَّلِ

ابن السكيت: الصَّفا العريضُ من الحِجارَةِ الأَمْلَسُ، جمع صَفاةٍ يكتَبُ بالأَلف، فإذا ثُنِّي قيل صَفَوانِ، وهو الصَّفْواءُ أَيضاً؛ ومنه الصَّفا والمروةُ، وهما جَبَلانِ بين بَطْحاء مَكَّة والمَسْجِد، وفي الحديث ذِكرُهما. والصَّفا: اسم أَحد جبلَي المَسْعى. والصَّفا: موضِعٌ بمكة.والصَّفاةُ: صخْرةٌ مَلْساءُ. يقال في المَثَل: ما تَنْدى صفَاتُه. وفي حديث معاوية: يَضْرِبُ صَفاتَها بمِعْوَلِه، هو تمثيلٌ أَي أَجْتَهد عليه وبالغَ في امْتحانهِ واخْتِباره؛ ومنه الحديث: لا تُقْرَعُ لهمْ صَفاةٌ أَي لا يَنالهم أَحدٌ بسُوءٍ. ابن سيده: الصَّفاةُ الحَجر الصَّلْدُ الضُّخْمُ الذي لا يُنبِتُ شيئاً، وجمعُ الصَّفاة صَفَواتٌ وصَفاً، مقصور، وجمع الجمع أَصْفاءٌ وصُفِيٌّ وصِفيٌّ؛ قال الأَخيل:

كأَن مَتْنَيْهِ، مِنَ النَّـفِـيِّ،

 

مواقعُ الطَّيْر على الصُّفِيِّ

كذا أَنشده متنيه؛ والصحيح مَتْنَيَّ كما أَنشده ابن دريد لأَن بعده:

من طول إشْرافي على الطَّويِّ

قال ابن سيده: وإنما حَكَمنا بأَن أَصْفاءً وصُفيّاً إنما هو جمع صَفاً لا جمع صَفاةٍ لأَن فَعَلةً لا تُكَسَّر على فُعُولٍ، إنما ذلك لَفَعْلة كبَدْرَةٍ وبُدورٍ، وكذلك أَصْفاءٌ جمعُ صَفاً لا صَفاةٍ لأَن فَعَلةً لا تجمع على أَفْعالٍ. وهو الصَّفْواءُ: كالشَّجْراءِ، واحدتُها صَفاةٌ، وكذلك الصَّفْوانُ واحدَته صَفوانةٌ. وفي التنزيل: كمثل صَفْوانٍ عليه تُرابٌ؛ قال أَوس ابن حجر:

على ظَهْرِ صَفْوانٍ كأَن مُتُونَه

 

عُلِلْنَ بدُهْنٍ يُزْلِقُ المُتَنَـزِّلا

وفي حديث الوحْي: كأَنها سِلْسلَةٌ على صَفْوانٍ. وأَصْفى الحافِرُ:بلَغ الصَّفا فارْتَدَع. وأَصْفى الشاعرُ: انقطَع شِعْرُه ولم يقلْ شِعْراً.ابن الأَعرابي: أَصْفى الرجلُ إذا أَنْفَدَت النساءُ ماءَ صُلْبهِ.
وأَصْفي الرجلُ من المالِ والأَدَبِ أي خلا. وأَصْفى الأَمِيرُ دارَ فلانٍ؛ واسْتَصْفى مالَه إذا أَخذه كلَّه. وأَصْفَتِ الدَّجاجةُ إصْفاءً:انْقطَع بيضُها.
والصَّفا: اسم نهرٍ بعيْنهِ؛ قال لبيد يصف نخلاً:

سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفا وسَرِيُّهُ،

 

عُمُّ نَواعِمُ، بينهـنَّ كـرومُ

وبالبحرين نهرٌ يَتَخَلَّجُ من عينِ مُحَلِّمٍ يقال له الصَّفا، مقصورٌ. وصَفِيٌّ: اسم أبي قيس بن الأَسْلَتِ السُّلَمي. وصَفْوانُ:اسم.

صفت

رجل صِفْتِيتٌ وصِفْتاتٌ: قويٌّ جسيم. ابن سيده: الصِّفْتاتُ من الرجال التارُّ اللَّحْمِ، المجتَمِع الخَلْق، الشديدُ المُكْتَنِز، والأُنثى: صِفْتاتٌ وصِفْتاتةٌ. وقيل: لا تُنْعَتُ المرأَة بالصِّفْتاتِ، واختلفوا في ذلك. والصَّفِتَّانُ: كالصِّفْتاتِ. ورجل صِفِتَّان عِفِتَّان: يكثر الكلام، والجمع صِفْتانٌ وعِفْتانٌ. وفي حديث الحسن، قال المُفَضَّلُ بنُ ذالانَ: سأَلته عن الذي يستيقظ فيَجِدُ بَلَّة، فقال: أَما أَنت فاغْتَسِلْ، ورآني صِفْتاتاً؛ وهو الكثير اللحم، المُكْتَنِزُه.

صفح

الصَّفْحُ: الجَنْبُ. وصَفْحُ الإِنسان: جَنْبُه. وصَفْحُ كل شيءٍ: جانبه. وصَفْحاه: جانباه. وفي حديث الاستنجاء: حَجَرَين للصَّفْحَتين وحَجَراً للمَسْرُبةِ أَي جانبي المَخْرَج. وصَفْحُه: ناحيته. وصَفْحُ الجبلِ: مُضْطَجَعُه، والجمع صِفاحٌ.
وصَفْحَةُ الرجل: عُرْضُ وجهه. ونظر إِليه بصَفْحِ وجهه وصُفْحِه أَي بعُرْضِه.
وفي الحديث: غيرَ مُقْنِعٍ رأْسَه ولا صافحٍ بِخَدّه أَي غيرَ مُبْرِزٍ صَفْحةَ خَدِّه ولا مائلٍ في أَحد الشِّقَّيْن؛ وفي شعر عاصم بن ثابت:

تَزِلُّ عن صَفْحتِيَ المَعابِلُ

أَي أَحد جانِبَي وجهه.
ولقيه صِفاحاً أَي استقبله بصَفْحِ وجهه، هذه عن اللحياني.
وصَفْحُ السيف وصُفْحُه: عُرْضُه، والجمع أَصفاح. وصَفْحَتا السيف: وجهاه.
وضَرَبه بالسيف مُصْفَحاً ومَصْفوحاً، عن ابن الأَعرابي أَي مُعَرَّضاً؛ وضربه بصُفْح السيف، والعامة تقول بصَفْحِ السيف، مفتوحة، أَي بعُرْضه؛ وقال الطِّرِمّاح:

فلما تنَاهتْ، وهي عَجْلى كـأَنـهـا

 

على حَرْفِ سيفٍ، حَدُّه غيرُ مُصْفَحِ

وفي حديث سعد بن عُبادة: لو وجدتُ معها رجلاً لضربته بالسيف غيرَ مُصْفَحٍ؛ يقال: أصْفَحه بالسيف إذا ضربه بعُرْضه دونَ حَدِّه، فهو مُصْفِحٌ، والسيف مُصْفَحٌ، يُرْوَيان معاً. وقال رجل من الخوارج: لنضرِبَنَّكم بالسيوف غيرَ مُصْفَحات؛ يقول: نضربكم بحدّها لا بعُرْضها؛ وقال الشاعر:

بحيثُ مَناط القُرْطِ من غيرِ مُصْفَحٍ،

 

أُجاذِبُه حَدَّ المُـقَـلَّـدِ ضـارِبُـهْ

وصَفَحْتُ فلاناً وأَصْفَحْته جميعاً، إذا ضربته بالسيف مُصْفَحاً أَي بعُرْضه. وسيف مُصْفَح ومُصَفَّح: عريض؛ وتقول: وَجْهُ هذا السيف مُصْفَح أَي عريض، مِن أَصْفَحْتُه؛ قال الأَعشى:

أَلَسْنا نحنُ أَكْرَمَ، إِن نُسِبْنـا،

 

وأَضْرَبَ بالمُهَنَّدَةِ الصِّفاحِ؟

يعني العِراض؛ وأَنشد:

وصَدْري مُصْفَحٌ للموتِ نَـهْـدٌ،

 

إِذا ضاقتْ، عن الموتِ، الصُّدورُ

وقال بعضهم: المُصْفَحُ العريض الذي له صَفَحاتٌ لم تستقم على وجه واحد كالمُصْفَحِ من الرؤوس، له جوانب. ورجل مُصْفَح الوجه: سَهْلُه حَسَنُه؛ عن اللحياني: وصَفِيحةُ الوجه: بَشَرَةُ جلده.
والصَّفْحانِ والصَّفْحتانِ: الخَدَّان، وهما اللَّحْيانِ. والصَّفْحانِ من الكَتِف: ما انْحَدَر عن العين من جانبيهما، والجمع صِفاحٌ.
وصَفْحَتا العُنُق: جانباه. وصَفْحَتا الوَرَقِ: وَجْهاه اللذان يُكتبان.
والصَّفِيحة: السيف العريض؛ وقال ابن سيده: الصَّفيحة من السيوف العريضُ.
وصَفائِحُ الرأْس: قبائِلُه، واحِدتُها صَفيحة. والصفائح: حجارة رِقاقٌ عِراض، والواحد كالواحد.
والصُّفَّاحُ، بالضم والتشديد: العَرِيضُ؛ قال: والصُّفَّاح من الحجارة كالصَّفائح، الواحدة صُفَّاحة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

وصُفَّاحةٍ مثلِ الفَنِيقِ، مَنَحْتُها

 

عِيالَ ابنِ حَوْبٍ جَنَّبَتْه أَقارِبُه

شبه الناقة بالصُّفَّاحةِ لصلابتها. وابن حَوْبٍ: رجلٌ مجهود محتاج لأَن الحَوْبَ الجَهْدُ والشِّدَّة.
ووَجْهُ كل شيء عريض: صَفِيحةٌ. وكل عريض من حجارة أَو لوح ونحوهما: صُفَّاحة، والجمع صُفَّاحٌ، وصَفِيحةٌ والجمع صفائح؛ ومنه قول النابغة:

ويُوقِدْنَ بالصُّفَّاحِ نارَ الحُباحِبِ

قال الأَزهري: ويقال للحجارة العريضة صَفائح، واحدتها صَفِيحة وصَفِيحٌ؛ قال لبيد:

وصَفائِحاً صُمّاً، رَوا

 

سيها يُسَدِّدْنَ الغُضُونا

وصَفائح الباب: أَلواحه. والصُّفَّاحُ من الإِبل: التي عظمت أَسْنِمَتُها فكادَ سنامُ الناقة يأْخذ قَراها، جمعها صُفَّاحاتٌ وصَفافيح. وصَفْحَة الرجل: عُرْضُ صدرِه. والمُصَفَّحُ من الرؤوس الذي ضُغِطَ من قِبَلِ صُدْغَيْه، فطال ما بين جبهته وقفاه؛ وقيل: المُصَفَّح الذي اطمأَنَّ جنبا رأْسه ونَتَأَ جبينه فخرجت وظهرت قَمَحْدُوَتُه؛ قال أَبو زيد: من الرؤوس المُصْفَحُ إِصْفاحاً، وهو الذي مُسِحَ جنبا رأْسه ونَتَأَ جبينه فخرج وظهرت قَمَحْدُوَتُه، والأَرْأَسُ مثلُ المُصْفَحِ، ولا يقال: رُؤَاسِيّ؛ وقال ابن الأَعرابي: في جبهته صَفَحٌ أَي عِرَضٌ فاحش؛ وفي حديث ابن الحَنَفِيَّة: أَنه ذكر رجلاً مُصْفَحَ الرأْس أَي عريضه. وتَصْفِيحُ الشيء: جَعْلُه عريضاً؛ ومنه قولهم: رجل مُصَفَّحُ الرأْس أَي عريضها. والمُصَفَّحاتُ: السيوف العريضة، وهي الصَّفائح، واحدتها صَفِيحةٌ وصَفيحٌ؛ وأَما قول لبيد يصف سحاباً:

كأَنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذُراهُ،

 

وأَنْواحاً عليهنَّ المَآلـي

قال الأَزهري: شبَّه البرق في ظلمة السحاب بسيوفٍ عِراضٍ؛ وقال ابن سيده: المُصَفَّحاتُ السيوف لأَنها صُفِّحَتْ حين طُبِعَتْ، وتَصْفِيحها تعريضها ومَطُّها؛ ويروى بكسر الفاء، كأَنه شبَّه تَكَشُّفَ الغيث إذا لمَعَ منه البَرْق فانفرج، ثم التقى بعد خُبُوِّه بتصفيح النساء إذا صَفَّقْنَ بأَيديهن.
والتَّصفيح مثل التصفيق. وصَفَّحَ الرجلُ بيديه: صَفَّق. والتَّصْفيح للنساء: كالتصفيق للرجال؛ وفي حديث الصلاة: التسبيح للرجال والتصفيح للنساء، ويروى أَيضاً بالقاف؛ التصفيح والتصفيق واحد؛ يقال: صَفَّحَ وصَفَّقَ بيديه؛ قال ابن الأَثير: هو من ضَرْب صَفْحةِ الكفِّ على صفحة الكف الأُخرى، يعني إذا سها الإِمام نبهه المأْموم إِن كان رجلاً قال: سبحان الله، وإِن كانت امرأَة ضربت كفها على كفها الأُخرى عِوَضَ الكلام؛ وروى بيت لبيد:

كأَنَّ مُصَفِّحاتٍ في ذُراهُ

جعل المُصَفِّحات نساءً يُصَفِّقْن بأَيديهن في مأْتَمٍ؛ شَبَّه صوتَ الرعد بتصفيقهن، ومَن رواه مُصَفَّحاتٍ، أَراد بها السيوف العريضة؛ شبه بَرِيقَ البَرْقِ ببريقها. والمُصافَحةُ: الأَخذ باليد، والتصافُحُ مثله.
والرجل يُصافِحُ الرجلَ إذا وضع صُفْحَ كفه في صُفْح كفه؛ وصُفْحا كفيهما: وَجْهاهُما؛ ومنه حديث المُصافَحَة عند اللِّقاء، وهي مُفاعَلة من إِلصاق صُفْح الكف بالكف وإِقبال الوجه على الوجه.
وأَنْفٌ مُصَفَّحٌ: معتدل القَصَبة مُسْتَوِيها بالجَبْهة. وصَفَحَ الكلبُ ذراعيه للعظم صَفْحاً يَصْفَحهما: نصبهما؛ قال:

يَصْفَحُ للقِنَّةِ وَجْهاً جَأْبا،

 

صَفْحَ ذِراعَيْهِ لعَظْمٍ كَلْبا

أَراد: صَفْحَ كَلْبٍ ذراعيه، فَقَلَبَ؛ وقيل: هو أَن يبسطهما ويُصَيِّرَ العظم بينهما ليأْكله؛ وهذا البيت أَورده الأَزهري، قال: وأَنشد أَبو الهيثم وذكره، ثم قال: وصف حَبْلاً عَرَّضه فاتله حتى فتله فصار له وجهان، فهو مَصْفُوح أَي عريض، قال: وقوله صَفْحَ ذراعيه أَي كما يَبْسُط الكلبُ ذراعيه على عَرَقٍ يُوَتِّدُه على الأَرض بذراعيه يَتَعَرَّقه، ونصب كلباً على التفسير؛ وقوله أَنشده ثعلب:

صَفُوحٌ بخَدَّيْها إذا طالَ جَرْيُها،

 

كما قَلَّبَ الكَفَّ الأَلَدُّ المُماحِكُ

عنى أَنها تنصبهما وتُقَلِّبهما. وصَفَحَ القَومَ صَفْحاً: عَرَضَهم واحداً واحداً، وكذلك صَفَحَ وَرَقَ المصحف. وتَصَفَّحَ الأَمرَ وصَفَحَه: نظر فيه؛ قال الليث: صَفَحْت وَرَقَ المصحف صَفْحاً. وصَفَحَ القومَ وتَصَفَّحَهم: نظر إِليهم طالباً لإِنسان. وصَفَحَ وُجُوهَهم وتَصَفَّحَها: نظرها مُتَعَرِّفاً لها. وتَصَفَّحْتُ وُجوهَ القوم إذا تأَمَّلْتَ وجوههم تنظر إِلى حِلاهم وصُوَرهم وتَتَعَرَّفُ أَمرهم؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

صَفَحْنا الحُمُولَ، للسَّلامِ، بنَظْرَةٍ،

 

فلم يَكُ إِلاَّ وَمْؤُها بالحَواجِـبِ

أَي تَصَفَّحْنا وجوه الرِّكاب. وتَصَفَّحْت الشيء إذا نظرت في صَفَحاته. وصَفَحْتُ الإِبلَ على الحوضِ إذا أَمررتها عليه؛ وفي التهذيب: ناقة مُصَفَّحة ومُصَرّاة ومُصَوّاة ومُصَرَّبَةٌ، بمعنى واحد. وصَفَحَتِ الشاةُ والناقة تَصْفَحُ صُفُوحاً: وَلَّى لَبَنُها، ابن الأَعرابي: الصافح الناقة التي فَقَدَتْ وَلدَها فَغَرَزَتْ وذهب لبنها؛ وقد صَفَحَتْ صُفُوحاً. وصَفَح الرجلَ يَصْفَحُهُ صَفْحاً وأَصْفَحَه: سأَله فمنعه؛ قال:  

ومن يُكْثِرِ التَّسْآلَ يا حُرّ، لا يَزَلْ

 

يُمَقَّتُ في عَينِ الصديقِ، ويُصْفَحُ

ويقال: أَتاني فلان في حاجة فأَصْفَحْتُه عنها إِصْفاحاً إذا طلبها فمَنَعْتَه. وفي حديث أُم سلمة: أُهْدِيَتْ لي فِدْرَةٌ من لحم، فقلت للخادم: ارفعيها لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإِذا هي قد صارت فِدْرَةَ حَجَر، فقصصتُ القِصَّةَ على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: لعله وقف على بابكم سائل فأَصْفَحْتموه أَي خَيَّبْتُموه. قال ابن الأَثير: يقال صَفَحْتُه إذا أَعطيته، وأَصْفَحْتُه إذا حَرَمْتَه. وصَفَحه عن حاجته يَصْفَحُه صَفْحاً وأَصْفَحَه، كلاهما: رَدَّه. وصَفَحَ عنه يَصْفَح صَفْحاً: أَعرض عن ذنبه.
وهو صَفُوحٌ وصَفَّاحٌ: عَفُوٌّ. والصَّفُوحُ: الكريم، لأَنه يَصْفَح عمن جَنى عليه.
واستْصَفَحَه ذنبه: استغفره إِياه وطلب أَن يَصْفَحَ له عنه.
وأَما الصَّفُوحُ من صفات الله عز وجل، فمعناه العَفُوُّ؛ يقال: صَفَحْتُ عن ذنب فلان وأَعرضت عنه فلم أُؤَاخذْه به؛ وضربت عن فلان صَفْحاً إذا أَعرضت عنه وتركته؛ فالصَّفُوحُ في صفة الله: العَفُوُّ عن ذنوب العباد مُعْرِضاً عن مجازاتهم بالعقوبة تَكرُّماً. والصَّفُوحُ في نعت المرأَة: المُعْرِضَةُ صادَّةً هاجِرَةً، فأَحدهما ضدُّ الآخر. ونصب قوله صَفْحاً في قوله:أَفَنَضْرِبُ عنكم الذِّكْرَ صَفْحاً؟ على المصدر لأَن معنى قوله أَنُعْرِضُ عنكم الصَّفْحَ؛ وضَرْبُ الذَّكْرِ رَدُّه كَفُّه؛ وقد أَضْرَبَ عن كذا أَي كف عنه وتركه؛ وفي حديث عائشة تصف أَباها: صَفُوحُ عن الجاهلين أَي الصَّفْح والعفوِ والتَّجاوُزِ عنهم؛ وأَصله من الإِعراض بصَفْحَه وجهه كأَنه أَعرض بوجهه عن ذنبه. والصَّفُوحُ من أَبنية المبالغة. وقال الأَزهري في قوله تعالى: أَفَنَضْرِبُ عنكم الذِّكْرَ صَفْحاً؟ المعنى أَفَنُعْرِضُ عن أَن نُذَكِّرَكم إِعراضاً من أَجل إِسرافكم على أَنفسكم في كفركم؟ يقال صَفَح عني فلانٌ أَي أَعرض عنه مُوَلِّياً؛ ومنه قول كثير يصف امرأَة أَعرضت عنه:

صَفُوحاً فما تَلْقاكَ إِلا بَـخِـيلةً،

 

فمن مَلَّ منها ذلك الوصلَ مَلَّتِ

وصَفَح الرجلَ يَصْفَحُه صَفْحاً: سقاه أَيَّ شَراب كان ومتى كان.
والمُصْفَحُ: المُمالُ عن الحق؛ وفي الحديث: قلبُ المؤمن مُصْفَحٌ على الحق أَي مُمالٌ عليه، كأَنه قد جعل صَفْحَه أَي جانبه عليه؛ وفي حديث حذيفة أَنه قال: القلوب أَربعة: فقلبٌ أَغلَفُ فذلك قلب الكافر، وقلب منكوس فذلك قلب رجع إِلى الكفر بعد الإِيمان، وقلب أَجْرُدُ مثل السِّراج يَزْهَرُ فذلك قلب المؤمن، وقلب مُصْفَحٌ اجتمع فيه النفاق والإِيمان، فمَثَلُ الإِيمان فيه كمَثَل بقلة يُمِدُّها الماءُ العذبُ، ومَثَل النفاق كمثل قَرْحة يُمِدُّها القَيْحُ والدمُ، وهو لأَيهما غَلَبَ؛ المُصْفَحُ الذي له وجهان: يلقى أَهلَ الكفر بوجه وأَهل الإِيمان بوجه. وصَفْحُ كل شيء: وجهه وناحيته، وهو معنى الحديث الآخر: من شَرِّ الرجال ذو الوجهين، الذي يأْتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه وهو المنافق. وجعل حذيفةُ قلب المنافق الذي يأَتي الكفار بوجه وأَهل الإَيمان بوجه آخر ذا وجهين؛ قال الأَزهري: وقال شمر فيما قرأْت بخطه: القلبُ المُصْفَحُ زعم خالد أَنه المُضْجَعُ الذي فيه غِلٌّ الذي ليس بخالص الدين؛ وقال ابن بُزُرْجٍ: المُصْفَحُ المقلوب؛ يقال: قلبت السيف وأَصْفَحْتُه وصابَيْتُه؛ والمُصْفَحُ: المُصابَى الذي يُحَرَّف على حدّه إذا ضُرب به ويُمالُ إذا أَرادوا أَن يَغْمِدُوه.
ويقال: صَفَح فلان عني أَي أَعرض بوجه ووَلاَّني وَجْهَ قَفاه؛ وقوله أَنشده ثعلب:

ونـادَيْتُ شِـبْـلاً فـاسْـتَـجـــابَ،

 

وربما ضَمِنَّا القِرَى عَشْراً لمن لا نُصافِحُ

ويروى: ضَمِنَّا قِرَى عَشْرٍ لمن لا نُصافِحُ؛ فسره فقال: لمن لا نصافح أَي لمن لا نعرف،وقيل: للأَعداء الذين لا يحتمل أَن نُصافحهم.
والمُصْفَحُ من سهام المَيْسر: السادسُ، ويقال له: المُسْبِلُ أَيضاً؛ أَبو عبيد: من أَسماء قداح المَيْسِر المُصْفَحُ والمُعَلَّى.
وصَفْحٌ: اسم رجل من كَلْب بن وَبْرَة، وله حديث عند العرب معروف؛ وأَما قول بشر:

رَضِيعَةُ صَفْحٍ بالجِباهِ مُلِـمَّةٌ،

 

لها بَلَقٌ فوقَ الرُّؤوسِ مُشَهَّرُ

فهو اسم رجل من كلب جاور قوماً من بني عامر فقتلوه غَدْراً؛ يقول: غَدْرَتكم بصَفْحٍ الكَلْبيِّ.
وصِفاحُ نَعْمانَ: جبال تُتاخِمُ هذا الجبل وتصادفه؛ ونَعْمانُ: جبل بين مكة والطائف؛ وفي الحديث ذكر الصِّفاحِ، بكسر الصاد وتخفيف الفاء، موضع بين حُنَين وأَنصابِ الحَرَم يَسْرَةَ الداخل إِلى مكة. وملائكةُ الصَّفيح الأَعْلى: هو من أَسماء السماء، وفي حديث عليّ وعمار: الصَّفِيحُ الأَعْلى من مَلَكُوته.

صفد

الصَّفَدُ والصَّفْدُ: العَطاءُ، وقد أَصْفَدَهُ، ويُعَدَّى إِلى مفعولين؛ قال الأَعشى في العطِية يَمْدح رجلاً:

تضَيَّفْتُه يَوْماً فَقَرَّبَ مَقْعَدِي،

 

وأَصْفَدَني على الزَّمانةِ قائِدا

يُريد وهَبَ لي قائداً يَقُودُني. والصَّفْد والصَّفادُ: الشَّدُّ. وفي حديث عمر: قال له عبد الله بن أَبي عمار: لقَدْ أَرَدْتُ أَن آتيَ به مَصْفُوداً أَي مُقَيَّداً. وفي الحديث: نَهى عن صلاة الصَّافِدِ؛ هُوَ أَنْ يَقْرُنَ بين قَدَمَيْهِ معاً كأَنهما في قَيد.
وصَفَده يَصْفِدُه صَفْداً وصُفُوداً وصَفَّدَه: أَوْثَقَه وشده وقَيَّده في الحديث وغيره، ويكون من نِسْع أَو قِدٍّ؛ وأَنشد:

هلا كرَرتَ على ابن أُمِّك مَعْبَدٍ،

 

والعامريُّ يقـوده بـصِـفـادِ

وكذلك التَّصفِيد. والصَّفد: الوَثاقُ، والاسم الصَّفادُ. والصِّفادُ: حَبْلٌ يُوثَقُ به أَو غُلٌّ، وهو الصَّفْد والصَّفَدُ، والجمع الأَصْفادُ؛ قال ابن سيده: لا نعلمه كُسِّر على غير ذلك، قصروه على بناء أَدنى العدد. وفي التنزيل العزيز: وآخَرين مُقَرَّنِين في الأَصْفاد، قيل: هي الأَغلال، وقيل: القيود، واحدها صَفَد. يقال: صَفَدْتُه بالحديد وفي الحديد وصَفَّدْتُه، مخفف ومثقل؛ وقيل: الصَّفَد القيد، وجمعها أَصفاد. الجوهري: الصِّفادُ ما يُوثَقُ به الأَسير من قِدٍّ وقَيْدٍ وغُلٍّ. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إذا دخل شهر رمضان صُفِّدَت الشياطين؛ صُفِّدَت يعني شُدَّت وأُوثِقَت بالأَغْلال. يقال منه: صَفَدْت الرجل، فهو مَصْفود، وصَفَّدْته فهو مُصَفَّد، فأَما أَصْفَدْته، بالأَلف، إِصْفاداً فهو أَن تُعْطِيَه وتَصِلَه، والاسم من العطية الصَّفَد وكذلك من الوَثاق؛ قال النابغة:

فَلَمْ أُعَرِّضْ، أَبَيْتَ اللَّعْنَ، بالصَّفَدِ

يقول: لم أَمْدَحْك لتُعطِيَني، والجمع منها أَصْفاد، والمصدر من العَطِيَّةِ الإِصْفاد، ومن الوَثاق الصَّفْد والتَّصْفيدُ. وأَصْفَدْته إِصْفاداً أَي أَعْطَيْتُه مالاً أَو وَهَبْت له عبداً؛ وقول الشاعر يصف روضة:

وبَدا لكَوْكَبِها سَعِيطٌ، مِـثْـلَ مـا

 

كُبِسَ العَبِيرُ على المَلابِ الأَصْفَد

قال: إِنما أَراد الإِصْفَنْط

صفر

الصُّفْرة من الأَلوان: معروفة تكون في الحيوان والنبات وغير ذلك ممَّا يقبَلُها، وحكاها ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً. والصُّفْرة أَيضاً: السَّواد، وقد اصْفَرَّ واصفارّ وهو أَصْفَر وصَفَّرَه غيرُه. وقال الفراء في قوله تعالى: كأَنه جِمَالاتٌ صُفْرٌ، قال: الصُّفر سُود الإِبل لا يُرَى أَسود من الإِبل إِلا وهو مُشْرَب صُفْرة، ولذلك سمَّت العرب سُود الإِبل صُفراً، كما سَمَّوا الظِّباءَ أُدْماً لِما يَعْلُوها من الظلمة في بَياضِها. أَبو عبيد: الأَصفر الأَسود؛ وقال الأَعشى:

تلك خَيْلي منه، وتلك رِكابي،

 

هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها كالزَّبِيب

وفرس أَصْفَر: وهو الذي يسمى بالفارسية زَرْدَهْ. قال الأَصمعي: لا يسمَّى أَصفر حتى يصفرَّ ذَنَبُه وعُرْفُهُ. ابن سيده: والأَصْفَرُ من الإِبل الذي تَصْفَرُّ أَرْضُهُ وتَنْفُذُه شَعْرة صَفْراء. والأَصْفَران: الذهب والزَّعْفَران، وقيل الوَرْسُ والذهب. وأَهْلَكَ النِّساءَ الأَصْفَران: الذهب والزَّعْفَرا، ويقال: الوَرْس والزعفران. والصَّفْراء: الذهب لِلَوْنها؛ ومنه قول عليّ بن أَبي طالب، رضي الله عنه:يا دنيا احْمَرِّي واصْفَرِّي وغُرِّي غيري. وفي حديث آخر عن عليّ، رضي الله عنه: يا صَفْراءُ اصْفَرِّي ويا بَيْضاء ابْيَضِّي؛ يريد الذهب والفضة، وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، صالَحَ أَهلَ خَيْبَر على الصَّفْراء والبَيْضاء والحَلْقَة؛ الصَّفْراء: الذهب، والبيضاء: الفِضة، والحَلْقة: الدُّرُوع. يقال: ما لفلان صفراء ولا بَيْضاء. والصَّفْراءُ من المِرَرِ: سمَّيت بذلك للونها. وصَفَّرَ الثوبَ: صَبغَهُ بِصُفْرَة؛ ومنه قول عُتْبة ابن رَبِيعة لأَبي جهل: سيعلم المُصَفِّر اسْتَه مَن المَقْتُولُ غَداً. وفي حديث بَدْر: قال عتبة بن ربيعة لأَبي جهل: يا مُصَفِّر اسْتِهِ؛ رَماه بالأُبْنَةِ وأَنه يُزَعْفِر اسْتَهُ؛ ويقال: هي كلمة تقال للمُتَنَعِّمِ المُتْرَفِ الذي لم تُحَنِّكْهُ التَّجارِب والشدائد، وقيل: أَراد يا مُضَرِّط نفسه من الصَّفِير، وهو الصَّوْتُ بالفم والشفتين، كأَنه قال: يا ضَرَّاط، نَسَبه إِلى الجُبْن والخَوَر؛ ومنه الحديث:أَنه سَمِعَ صَفِيرَه. الجوهري: وقولهم في الشتم: فلان مُصَفَّر اسْتِه؛ هو من الصِفير لا من الصُّفرة، أَي ضَرَّاط.
والصَّفْراء: القَوْس. والمُصَفِّرة: الَّذِين عَلامَتُهم الصُّفْرَة، كقولك المُحَمَّرة والمُبَيِّضَةُ.
والصُّفْريَّة: تمرة يماميَّة تُجَفَّف بُسْراً وهي صَفْراء، فإِذا جَفَّت فَفُركَتْ انْفَرَكَتْ، ويُحَلَّى بها السَّوِيق فَتَفوق مَوْقِع السُّكَّر؛ قال ابن سيده: حكاه أَبو حنيفة، قال: وهكذا قال: تمرة يَمامِيَّة فأَوقع لفظ الإِفراد على الجنس، وهو يستعمل مثل هذا كثيراً. والصُّفَارَة من النَّبات: ما ذَوِيَ فتغيَّر إِلى الصُّفْرَة. والصُّفارُ: يَبِيسُ البُهْمَى؛ قال ابن سيده: أُراه لِصُفْرَته؛ ولذلك قال ذو الرمة:

وحَتَّى اعْتَلى البُهْمَى من الصَّيْفِ نافِضٌ،

 

كما نَفَضَتْ خَيْلٌ نواصِـيَهـا شُـقْـرُ

والصَّفَرُ: داءٌ في البطن يصفرُّ منه الوجه. والصَّفَرُ: حَيَّة تلزَق بالضلوع فَتَعَضُّها، الواحد والجميع في ذلك سواء، وقيل: واحدته صَفَرَة، وقيل: الصَّفَرُ دابَّة تَعَضُّ الضُّلوع والشَّرَاسِيف؛ قال أَعشى باهِلة يَرْثِي أَخاه:

لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُـبُـهُ،

 

ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفِه الصَّفَرُ

وقيل: الصَّفَر ههنا الجُوع. وفي الحديث: صَفْرَة في سبيل الله خير من حُمْر النَّعَمِ؛ أَي جَوْعَة. يقال: صَغِر الرَطْب إذا خلا من اللَّبَن، وقيل: الصَّفَر حَنَش البَطْن، والصَّفَر فيما تزعم العرب: حيَّة في البطن تَعَضُّ الإِنسان إذا جاع، واللَّذْع الذي يجده عند الجوع من عَضِّه.
والصَّفَر والصُّفار: دُودٌ يكون في البطن وشَراسيف الأَضلاع فيصفرُّ عنه الإِنسان جِدّاً وربَّما قتله. وقولهم: لا يَلْتاطُ هذا بِصَفَري أَي لا يَلْزَق بي ولا تقبَله نفسي. والصُّفار: الماء الأَصْفَرُ الذي يُصيب البطن، وهو السَّقْيُ، وقد صُفِرَ، بتخفيف الفاء. الجوهري: والصُّفار، بالضم، اجتماع الماء الأَصفر في البطن، يُعالَجُ بقطع النَّائط، وهو عِرْق في الصُّلْب؛ قال العجاج يصِف ثور وحش ضرب الكلب بقرنه فخرج منه دم كدم المفصود أَو المَصْفُور الذي يخرج من بطنه الماء الأَصفر:

وبَجَّ كـلَّ عـانِـدٍ نَـعُـورِ،

 

قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ

وبَجَّ: شق، أَي شق الثورُ بقرنه كل عِرْق عانِدٍ نَعُور. والعانِد:الذي لا يَرْقأُ له دمٌ. ونَعُور: يَنْعَرُ بالدم أَي يَفُور؛ ومنه عِرْق نَعَّار. وفي حديث أَبي وائل: أَن رجلاً أَصابه الصَّفَر فنُعِت له السُّكَّر؛ قال القتيبي: هو الحَبَنُ، وهو اجتماع الماء في البطن. يقال: صُفِر، فهو مَصْفُور، وصَفِرَ يَصْفَرُ صَفَراً؛ وروى أَبو العباس أَن ابن الأَعرابي أَنشده في قوله:

يا رِيحَ بَيْنُونَةَ لا تَذْمِينا،

 

جِئْتِ بأَلْوان المُصَفَّرِينا

قال قوم: هو مأْخوذ من الماء الأَصفر وصاحبه يَرْشَحُ رَشْحاً مُنْتِناً، وقال قوم: هو مأْخوذ من الصَّفَر، وهو الجوعُ، الواحدة صَفْرَة. ورجل مَصْفُور ومُصَفَّر إذا كان جائعاً، وقيل: هو مأْخوذ من الصَّفَر، وهي حيَّات البطن. ويقال: إِنه لفي صُفْرة للذي يعتريه الجنون إذا كان في أَيام يزول فيها عقله، لأَنهم كانوا يمسحونه بشيء من الزعفران.
والصُّفْر: النُّحاس الجيد، وقيل: الصُّفْر ضرْب من النُّحاس، وقيل: هو ما صفر منه، واحدته صُفْرة، والصِّفْر: لغة في الصُّفْر؛ عن أَبي عبيدة وحده؛ قال ابن سيده: لم يَكُ يُجيزه غيره، والضم أَجود، ونفى بعضهم الكسر.
الجوهري: والصُّفْر، بالضم، الذي تُعمل منه الأَواني. والصَّفَّار: صانع الصُّفْر؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

لا تُعْجِلاها أَنْ تَجُرَّ جَرّا،

 

تَحْدُرُ صُفْراً وتُعَلِّي بُرّا

قال ابن سيده: الصُّفْر هنا الذهب، فإِمَّا أَن يكون عنى به الدنانير لأَنها صُفْر، وإِمَّا أَن يكون سماه بالصُّفْر الذي تُعْمل منه الآنية لما بينهما من المشابهة حتى سمي اللاَّطُون شَبَهاً.
والصِّفْر والصَّفْر والصُّفْر: الشيء الخالي، وكذلك الجمع والواحد والمذكر والمؤنث سواء؛ قال حاتم:

تَرَى أَنَّ ما أَنفقتُ لم يَكُ ضَرَّني،

 

وأَنَّ يَدِي، مِمَّا بخلتُ به، صفْرُ

والجمع من كل ذلك أَصفار؛ قال:

لَيْسَتْ بأَصْفار لِـمَـنْ

 

يَعْفُو، ولا رُحٍّ رَحَارحْ

وقالوا: إِناءٌ أَصْفارٌ لا شيء فيه، كما قالوا: بُرْمَة أَعْشار. وآنية صُفْر: كقولك نسْوَة عَدْل. وقد صَفِرَ الإِناء من الطعام والشراب، والرَطْب من اللَّبَن بالكسر، يَصْفَرُ صَفَراً وصُفُوراً أَي خلا، فهو صَفِر. وفي التهذيب: صَفُر يَصْفُر صُفُورة. والعرب تقول: نعوذ بالله من قَرَعِ الفِناء وصَفَرِ الإِناء؛ يَعْنُون به هَلاك المَواشي؛ ابن السكيت:صَفِرَ الرجل يَصْفَر صَفِيراً وصَفِر الإِناء. ويقال: بيت صَفِر من المتاع، ورجل صِفْرُ اليدين. وفي الحديث: إِنَّ أَصْفَرَ البيوت من الخير البَيْتُ الصَّفِرُ من كِتاب الله. وأَصْفَر الرجل، فهو مُصْفِر، أَي افتقر. والصَّفَر: مصدر قولك صَفِر الشيء، بالكسر، أَي خلا. والصِّفْر في حِساب الهند: هو الدائرة في البيت يُفْني حِسابه.
وفي الحديث: نهى في الأَضاحي عن المَصْفُورة والمُصْفَرة؛ قيل:المَصْفورة المستأْصَلة الأُذُن، سميت بذلك لأَن صِماخيها صَفِرا من الأُذُن أَي خَلَوَا، وإِن رُوِيَت المُصَفَّرة بالتشديد فَللتَّكسِير، وقيل: هي المهزولة لخلوِّها من السِّمَن؛ وقال القتيبي في المَصْفُورة: هي المَهْزُولة، وقيل لها مُصَفَّرة لأَنها كأَنها خَلَت من الشحم واللحم، من قولك: هو صُفْر من الخير أَي خالٍ. وهو كالحديث الآخر: إِنَّه نَهَى عن العَجْفاء التي لا تُنْقِي، قال: ورواه شمر بالغين معجمة، وفسره على ما جاء في الحديث، قال ابن الأَثير: ولا أَعرفه؛ قال الزمخشري: هو من الصِّغار. أَلا ترى إِلى قولهم للذليل مُجَدَّع ومُصلَّم؟ وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: صِفْرُ رِدائها ومِلءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها؛ المعنى أَنها ضامِرَة البطن فكأَن رِداءها صِفْر أَي خالٍ لشدَّة ضُمور بطنها، والرِّداء ينتهي إِلى البطن فيقع عليه. وأَصفَرَ البيتَ: أَخلاه. تقول العرب: ما أَصْغَيْت لك إِناء ولا أَصْفَرْت لك فِناءً، وهذا في المَعْذِرة، يقول: لم آخُذْ إِبِلَك ومالَك فيبقى إِناؤُك مَكْبوباً لا تجد له لَبَناً تَحْلُبه فيه، ويبقى فِناؤك خالِياً مَسْلُوباً لا تجد بعيراً يَبْرُك فيه ولا شاة تَرْبِضُ هناك.
والصَّفارِيت: الفقراء، الواحد صِفْرِيت؛ قال ذو الرمة:

ولا خُورٌ صَفارِيتُ

والياء زائدة؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده ولا خُورٍ، والبيت بكماله:

بِفِتْيَةٍ كسُيُوف الهِـنْـدِ لا وَرَعٍ

 

من الشَّباب، ولا خُورٍ صَفارِيتِ

والقصيدة كلها مخفوضة وأَولها:

يا دَارَ مَيَّةَ بالخَلْصاء حُيِّيتِ

وصَفِرَت وِطابُه: مات، قال امرؤُ القيس:

وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَـرِيضـاً،

 

ولو أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب

وهو مثَل معناه أَن جسمه خلا من رُوحه أَي لو أَدركته الخيل لقتلته ففزِعت، وقيل: معناه أَن الخيل لو أَدركته قُتل فصَفِرَت وِطابُه التي كان يَقْرِي منها وِطابُ لَبَنِه، وهي جسمه من دَمِه إذا سُفِك. والصَّفْراء:الجرادة إذا خَلَت من البَيْضِ؛ قال:

فما صَفْراءُ تُكْنَى أُمَّ عَوْفٍ،

 

كأَنَّ رُجَيْلَتَيْها مِنْـجَـلانِ؟

وصَفَر: الشهر الذي بعد المحرَّم، وقال بعضهم: إِنما سمي صَفَراً لأَنهم كانوا يَمْتارُون الطعام فيه من المواضع؛ وقال بعضهم: سمي بذلك لإِصْفار مكة من أَهلها إذا سافروا؛ وروي عن رؤبة أَنه قال: سَمَّوا الشهر صَفَراً لأَنهم كانوا يَغْزون فيه القَبائل فيتركون من لَقُوا صِفْراً من المَتاع، وذلك أَن صَفَراً بعد المحرم فقالوا: صَفِر الناس مِنَّا صَفَراً.
قال ثعلب: الناس كلهم يَصرِفون صَفَراً إِلاَّ أَبا عبيدة فإِنه قال لا ينصرف؛ فقيل له: لِمَ لا تصرفه؟ لأَن النحويين قد أَجمعوا على صرفه، وقالوا: لا يَمنع الحرف من الصَّرْف إِلاَّ علَّتان، فأَخبرنا بالعلتين فيه حتى نتبعك، فقال: نعم، العلَّتان المعرفة والسَّاعةُ، قال أَبو عمر: أَراد أَن الأَزمنة كلها ساعات والساعات مؤنثة؛ وقول أَبي ذؤيب:

أَقامَتْ به كـمُـقـام الـحَـنِـي

 

فِ شَهْرَيْ جُمادى، وشَهْرَيْ صَفَر

أَراد المحرَّم وصفراً، ورواه بعضهم: وشهرَ صفر على احتمال القبض في الجزء، فإِذا جمعوه مع المحرَّم قالوا: صَفران، والجمع أَصفار؛ قال النابغة:

لَقَدْ نَهَيْتُ بَني ذُبْيانَ عن أُقُرٍ،

 

وعن تَرَبُّعِهِم في كلِّ أَصْفارِ

وحكى الجوهري عن ابن دريد: الصَّفَرانِ شهران من السنة سمي أَحدُهما في الإِسلام المحرَّم. وقوله في الحديث: لا عَدْوَى ولا هامَةَ ولا صَفَر؛ قال أَبو عبيد: فسر الذي روى الحديث أَن صفر دَوَابُّ البَطْن. وقال أَبو عبيد: سمعت يونس سأَل رؤبة عن الصَّفَر، فقال: هي حَيَّة تكون في البطن تصيب الماشية والناس، قال: وهي أَعدى من الجَرَب عند العرب؛ قال أَبو عبيد: فأَبطل النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنها تعدي. قال: ويقال إِنها تشتد على الإِنسان وتؤذيه إذا جاع. وقال أَبو عبيدة في قوله لا صَفَر: يقال في الصَّفَر أَيضاً إِنه أَراد به النَّسيءَ الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، وهو تأْخيرهم المحرَّم إِلى صفر في تحريمه ويجعلون صَفَراً هو الشهر الحرام فأَبطله؛ قال الأَزهري: والوجه فيه التفسير الأَول، وقيل للحية التي تَعَضُّ البطن: صَفَر لأَنها تفعل ذلك إذا جاع الإِنسان.
والصَّفَرِيَّةُ: نبات ينبت في أَوَّل الخريف يخضِّر الأَرض ويورق الشجر. وقال أَبو حنيفة: سميت صفرية لأَن الماشية تَصْفَرُّ إذا رعت ما يخضر من الشجر وترى مَغابِنَها ومَشَافِرَها وأَوْبارَها صُفْراً؛ قال ابن سيده: ولم أَجد هذا معروفاً.
والصُّفَارُ: صُفْرَة تعلو اللون والبشرة، قال: وصاحبه مَصْفُورٌ؛ وأَنشد:

قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ

والصُّفْرَةُ: لون الأَصْفَر، وفعله اللازم الاصْفِرَارُ. قال: وأَما الاصْفِيرارُ فَعَرض يعرض الإِنسان؛ يقال: يصفارُّ مرة ويحمارُّ أُخرى، قال: ويقال في الأَوَّل اصْفَرَّ يَصْفَرُّ.
والصَّفَريُّ: نَتَاج الغنم مع طلوع سهيل، وهو أَوَّل الشتاء، وقيل:الصَّفَرِيَّةُ من لدن طلوع سُهَيْلٍ إِلى سقوط الذراع حين يشتد البرد وحينئذ يُنْتَجُ الناس، ونِتاجه محمود، وتسمى أَمطار هذا الوقت صَفَرِيَّةً.
وقال أَبو سعيد: الصَّفَرِيَّةُ ما بين تولي القيظ إِلى إِقبال الشتاء، وقال أَبو زيد: أَول الصفرية طلوع سُهَيْلٍ وآخرها طلوع السِّماك. قال:وفي أَوَّل الصَّفَرِيَّةِ أَربعون ليلة يختلف حرها وبردها تسمى المعتدلات، والصَّفَرِيُّ في النّتاج بعد القَيْظِيِّ. وقال أَبو حنيفة:الصَّفَرِيَّةُ تولِّي الحر وإِقبال البرد. وقال أَبو نصر: الصَّقَعِيُّ أَول النتاج، وذلك حين تَصْقَعُ الشمسُ فيه رؤوسَ البَهْم صَقْعاً، وبعض العرب يقول له الشَّمْسِي والقَيْظي ثم الصَّفَري بعد الصَّقَعِي، وذلك عند صرام النخيل، ثم الشَّتْوِيُّ وذلك في الربيع، ثم الدَّفَئِيُّ وذلك حين تدفأُ الشمس، ثم الصَّيْفي ثم القَيْظي ثم الخَرْفِيُّ في آخر القيظ. والصَّفَرِية: نبات يكون في الخريف؛ والصَّفَري: المطر يأْتي في ذلك الوقت. وتَصَفَّرَ المال: حسنت حاله وذهبت عنه وَغْرَة القيظ. وقال مرة: الصَّفَرِية أَول الأَزمنة يكون شهراً، وقيل: الصَّفَري أَول السنة. والصَّفِير: من الصوت بالدواب إذا سقيت، صَفَرَ يَصْفِرُ صَفِيراً، وصَفَرَ بالحمار وصَفَّرَ: دعاه إِلى الماء. والصَّافِرُ: كل ما لا يصيد من الطير. ابن الأَعرابي: الصَّفارِيَّة الصَّعْوَةُ والصَّافِر الجَبان؛ وصَفَرَ الطائر يَصْفِرُ صَفِيراً أَي مَكَا؛ ومنه قولهم في المثل: أَجْبَنُ من صَافِرٍ وأَصفَرُ من بُلْبُلٍ، والنَّسْر يَصْفِر. وقولهم: ما في الدار صافر أَي أَحد يصفر. وفي التهذيب: ما في الدار أَحد يَصْفِرُ به، قال: هذا مما جاء على لفظ فاعل ومعناه مفعول به؛ وأَنشد:

خَلَتِ المَنازل ما بِـهـا،

 

مِمَّن عَهِدْت بِهِنَّ، صَافِر

وما بها صَافِر أَي ما بها أَحد، كما يقال ما بها دَيَّارٌ، وقيل: أَي ما بها أَحد ذو صَفير. وحكى الفراء عن بعضهم قال: كان في كلامه صُفار، بالضم، يريد صفيراً. والصَّفَّارَةُ: الاست. والصَّفَّارَةُ: هَنَةٌ جَوْفاء من نحاس يَصْفِر فيها الغلام للحَمَام، ويَصْفِر فيها بالحمار ليشرب.
والصَّفَرُ: العَقل والعقد. والصَّفَرُ: الرُّوعُ ولُبُّ القَلْبِ، يقال: ما يلزق ذلك بصَفَري.
والصُّفَار والصِّفَارُ: ما بقي في أَسنان الدابة من التبن والعلف للدواب كلها. والصُّفَار: القراد، ويقال: دُوَيْبَّةٌ تكون في مآخير الحوافر والمناسم؛ قال الأَفوه:

ولقد كُنْتُمْ حَدِيثـاً زَمَـعـاً

 

وذُنَابَى، حَيْثُ يَحْتَلُّ الصُّفَار

ابن السكيت: الشَّحْمُ والصَّفَار، بفتح الصاد، نَبْتَانِ؛ وأَنشد:

إِنَّ العُرَيْمَةَ مانِعٌ أَرْوَاحنـا،

 

ما كانَ مِنْ شَحْم بِهَا وَصَفَار

والصَّفَار، بالفتح: يَبِيسالبُهْمى. وصُفْرَةُ وصَفَّارٌ: اسمان. وأَبو صُفْرَةَ: كُنْيَة.
والصُّفْرِيَّةُ، بالضم: جنس من الخوارج، وقيل: قوم من الحَرُورِيَّة سموا صُفْرِيَّةً لأَنهم نسبوا إِلى صُفْرَةِ أَلوانهم، وقيل: إِلى عبدالله بن صَفَّارٍ؛ فهو على هذا القول الأَخير من النسب النادر، وفي الصحاح:صِنْفٌ من الخوارج نسبوا إِلى زياد بن الأَصْفَرِ رئيسهم، وزعم قوم أَن الذي نسبوا إِليه هو عبدالله ابن الصَّفَّار وأَنهم الصِّفْرِيَّة، بكسر الصاد؛ وقال الأَصمعي: الصواب الصِّفْرِيَّة، بالكسر، قال: وخاصم رجُل منهم صاحبَه في السجن فقال له: أَنت والله صِفْرٌ من الدِّينِ، فسموا الصِّفْرِيَّة، فهم المَهَالِبَةُ نسبوا إِلى أَبي صُفْرَةَ، وهو أَبو المُهَلَّبِ وأَبو صُفْرَةَ كُنْيَتُهُ.
والصَّفْراءُ: من نبات السَّهْلِ والرَّمْل، وقد تنبُت بالجَلَد، وقال أَبو حنيفة: الصَّفْراءُ نبتا من العُشب، وهي تُسَطَّح على الأَرض، وكأَنَّ ورقَها ورقُ الخَسِّ، وهي تأْكلها الإِبل أَكلا شديداً، وقال أَبو نصر:هي من الذكور. والصَّفْراءُ: شِعْب بناحية بدر، ويقال لها الأَصَافِرُ.
والصُّفَارِيَّةُ: طائر. والصَّفْراء: فرس الحرث بن الأَصم، صفة غالبة. وبنو الأَصْفَرِ: الرَّوم، وقيل: ملوك الرّوم؛ قال ابن سيده: ولا أَدري لم سموا بذلك؛ قال عدي ابن زيد:

وِبَنُو الأَصْفَرِ الكِرامُ، مُلُوكُ ال

 

رومِ، لم يَبْقَ مِنْهُمُ مَـذْكُـورُ

وفي حديث ابن عباس: اغْزُوا تَغْنَمُوا بَناتِ الأَصْفَرِ؛ قال ابن الأَثير: يعني الرومَ لأَن أَباهم الأَول كان أَصْفَرَ اللون، وهو رُوم بن عِيْصُو بن إِسحق بن إِبراهيم. وفي الحديث ذكر مَرْجِ الصُّفَّرِ، وهو بضم الصاد وتشديد الفاء، موضع بغُوطَة دمشق وكان به وقعة للمسلمين مع الروم. وفي حديث مسيره إِلى بدر: ثُمَّ جَزَع الصُّفَيْراءَ؛ هي تصغير الصَّفْرَاء، وهي موضع مجاور بدر. والأَصَافِرُ: موضع؛ قال كُثَيِّر:

عَفَا رابَغٌ مِنْ أَهْلِهِ فَالظَّوَاهِـرُ،

 

فأَكْنَافُ تْبْنَى قد عَفَتْ فَالأَصافِرُ

وفي حديث عائشة: كانت إذا سُئِلَتْ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ من السِّبَاعِ قَرَأَتْ: قُلْ لا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِليَّ مُحَرَّماً على طَاعِمٍ يَطْعَمُه وتقول: إِن البُرْمَةَ لَيُرَى في مائِهَا صُفْرَةٌ، تعني أَن الله حرَّم الدَّم في كتابه، وقد تَرَخّص الناس في ماء اللَّحْم في القدر وهو دم، فكيف يُقْضَى على ما لم يحرمه الله بالتحريم؟ قال:كأَنها أَرادت أَن لا تجعل لحوم السِّبَاع حراماً كالدم وتكون عندها مكروهة، فإِنها لا تخلو أَن تكون قد سمعت نهي النبي، صلى الله عليه وسلم، عنها.

صفرد

الصِّفْرِدُ: طائر أَعظم من العُصفور. وفي المثل: أَجْبَنُ من صِفْرِدٍ؛ ابن الأَعرابي: هو طائر جَبان يَفْزَعُ من الصَّعْوَة وغيرها؛ وقال الليث: هو طائر يَأْلَفُ البيوت وهو أَجْبَنُ طائر، والله أَعلم.

صفرق

الصُّفْروقُ: نبت مثَّل به سيبويه وفسره السيرافي عن ثعلب، وقيل: هو الفالوذ.

صفصل

الصِّفْصِلُّ: نَبْتٌ أَو شجر؛ قال:

رَعَيْتُها أَكْـرَمَ عُـودٍ عُـودا

 

الصِّلَّ والصِّفْصِلَّ واليَعْضِيدا

وأَصْفَل الرَّجلُ: رَعَى إِبلَه الصِّفْصِلَّ.

صفع

صَفَعَه يَصْفَعُه صَفْعاً إذا ضرب بِجُمْعِ كَفِّه قفاه، وقيل: هو أَن يَبْسُطَ الرجل كفه فيضرب بها قفا الإِنسان أَو بدنه، فإِذا جمع كفَّه وقبضها ثم ضرب بها فليس بِصَفْعٍ، ولكن يقال ضربه بِجُمْعِ كفِّه؛ ورجل مَصْفَعانيٌّ: يُفْعَلُ به ذلك، وقيل: الصَّفْعُ كلمة مولَّدة، والرجل صَفْعان. قال ابن دريد: الصَّوْفَعةُ هي أَعْلى الكُمَّة والعمامةِ.
يقال: ضربه على صَوْفَعَتِه إذا ضربه هُنالِك، قال: والصَّفْعُ أصله من الصَّوْفَعةِ، والصوفعةُ معروفة.

صفغ

الصَّفْغ: القَمْحُ باليد، عربي معروف. صَفَغَ الشيءَ يَصْفَغُه صَفْغاً وأَصْفَغَه فَمَه؛ وأَنشد أَبو مالك:

دُونَكِ بَوْغاءَ تُرابَ الرَّفْغِ

 

فأَصْفِغيهِ فاكِ أَيَّ صَفْغِ

وإِن تَرَيْ كَفَّـكِ نَـفْـعِ

 

شَفَيْتِها بالنَّفْثِ أَو بالمَرْغِ

أَراد أَيّ إصفاغ فلم يمكنه. ويقال: قَمَحْتُ الشيء وصَفَغْتُه أَصْفَغُه صَفْغاً؛ قال أَبو منصور: هذا حرف صحيح رواه عَمْرو بن كِرْكِرةَ وهو ثقة، قال: والرَّفْعُ تِبْنُ الذُّرة، والرَّفْعُ أَسفل الوادي، والنَّفْغُ التَّنَفُّطُ، والمَرْغ الرِّيق.

صفف

الصَّفُّ: السَّطْرُ المُسْتَوي من كل شيء معروفٌ، وجمعه صُفُوفٌ.
وصَفَفْتُ القوم فاصْطَفُّوا إذا أَقمتهم في الحرب صَفّاً. وفي حديث صلاة الخَوْفِ: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان مُصافَّ العَدُوِّ بعُسْفانَ أَي مُقابِلهم. يقال: صَفَّ الجيشَ يَصُفُّه صَفّاً وصافَّهُ، فهو مُصافٌّ إذا رَتَّبَ صُفُوفَه في مُقابِل صُفُوفِ العدوّ، والمَصافُّ، بالفتح وتشديد الفاء: جمع مَصَفٍّ وهو موضع الحرب الذي يكون فيه الصُّفُوفُ.
وصَفَّ القوم يَصُفُّونَ صَفّاً واصْطَفُّوا وتَصافُّوا: صاروا صَفّاً. وتَصافُّوا عليه: اجتمعوا صَفّاً. اللحياني: تَصافُّوا على الماء وتَضافُّوا عليه بمعنى واحد إذا اجتمعوا عليه، ومثله تَضَوَّكَ في خُرْئِهِ، وتَصَوَّكَ إذا تَلَطَّخَ به، وصلاصِلُ الماء وضَلاضِلُه. وقوله عز وجل: والصافَّاتِ صَفّاً؛ قيل: الصافَّاتُ الملائكةُ مُصْطَفُّونَ في السماء يسبحون اللّه تعالى؛ ومثله: وإنا لنحن الصَّافُّون؛ قال: وذلك لأَنَّ لهم مَراتِبَ يقومون عليها صُفُوفاً كما يَصْطَفُّ المُصَلُّون. وقول الأَعرابية لبنيها: إذا لَقِيتُمُ العَدُوَّ فدَغَرى ولا صَفّاً أَي لا تَصُفُّوا صَفّاً. والصَّف: موقف الصُّفوفِ. والمَصَفُّ: الموْقفُ في الحرب، والجمع المَصافُّ، وصافُّوهم القِتالَ. والصَّفُّ في القرآن المُصَلَّى وهو من ذلك لأَن الناس يَصْطَفُّون هنالك. قال اللّه تعالى: ثم ائْتُوا صَفّاً؛ مُصْطَفّين فهو على هذا حال. قال الأزهري: معناه ثم ائْتُوا الموضع الذي تجتمعون فيه لعيدكم وصلاتِكم. يقال: ائْتِ الصفَّ أَي ائْتِ المُصَلَّى، قال: ويجوز ثم ائْتُوا صفّاً أَي مصطفين ليكون أَنْظَم لكمْ وأَشدّ لهَيْبَتِكم. الليث: الصفُّ واحد الصُّفوف معروف. والطير الصَّوافُّ: التي تَصُفُّ أَجْنِحتَها فلا تحركها. وقوله تعالى: وعُرِضُوا على ربك صَفّاً؛ قال ابن عرفة: يجوز أَن يكونوا كلهم صَفّاً واحداً ويجوز أَن يقال في مثل هذا صَفَّاً يراد به الصُّفُوفُ فيؤدي الواحدُ عن الجميع.
وفي حديث البقرة وآل عمران: كأَنهما حِزْقانِ من طَيْر صَوافَّ باسِطاتٍ أَجْنِحَتَها في الطيران، والصوافُّ: جمع صافّةٍ. وناقة صَفُوفٌ: تَصُفُّ يديها عند الحَلَبِ. وصفَّت الناقة تَصُفُّ، وهي صَفوفٌ: جمعت بين مِحْلَبَيْن أَو ثلاثة في حَلْبة. والصف: أَن تَحْلُبَ الناقةَ في مِحْلبين أَو ثلاثة تَصُفُّ بينها؛ وأَنشد أَبو زيد:

ناقةُ شَيْخٍ للإلهِ راهِبِ

تصُفُّ في ثلاثةِ المَحالِب

في اللَّهْجَمَيْنِ والهَنِ المُقارِب

اللَّهْجَمُ: العُسُّ الكبير، وعَنى بالهَنِ المُقارِبِ العُسَّ بين العُسَّيْنِ. الأَصمعي: الصَّفُوفُ الناقةُ التي تجمع بين مِحْلَبَيْنِ في حَلْبة واحدة، والشَّفُوع والقَرُون مثلها. الجوهري: يقال ناقة صَفُوفٌ للتي تَصُفُّ أَقْداحاً من لبنها إذا حُلِبتْ، وذلك من كثرة لبنها، كما يقال قَرُونٌ وشَفُوعٌ؛ قال الراجز:

حَلْبانَةٍ رَكْبانَةٍ صَفُـوفِ

 

تَخْلِطُ بَينَ وَبَرٍ وصُوفِ

وقول الراجز:

تَرْفِدُ بَعْدَ الصَّفِّ في فُرْقانِ

هو جمع فَرْقٍ. والفَرْقُ: مِكْيالٌ لأَهل المدينة يسَعُ ستة عشر رِطلاً. والصفُّ: القَدحانِ لإقرانِهما. وصَفَّها: حَلَبَها. وصَفَّتِ الطيرُ في السماء تَصُفُّ: صَفَّتْ أَجنحتها ولم تحركها. وقوله تعالى: والطيرُ صافَّاتٍ؛ باسِطاتٍ أَجْنِحَتها. والبُدْنُ الصَّوافُّ: المصفوفة للنحر التي تُصَفَّفُ ثم تُنحر. وفي قوله عز وجل: فاذكروا اسم اللّه عليها صَوافَّ؛ منصوبة على الحال أَي قد صَفَّتْ قَوائمها فاذكروا اللّه عليها في حالِ نحْرها صوافَّ، قال: ويحتمل أَن يكون معناها أَنها مُصْطَفّةٌ في مَنْحَرِها. وعن ابن عباس في قوله تعالى صوافّ، قال: قياماً. وعن ابن عمر في قوله صوافّ قال: تُعْقَلُ وتقوم على ثلاث، وقرأَها ابن عباس صَوافِنَ وقال: معقولة، يقول: بسم اللّه واللّه أكبر اللهم منك ولك. الجوهري: صَفّتِ الإبلُ قَوائِمها، فهي صافَّةٌ وصَوافُّ. وصَفَّ اللحمَ يَصُفُّه صَفّاً، فهو صَفِيفٌ: شَرَّحَه عِراضاً، وقيل: الصَّفِيفُ الذي يُغْلى إغْلاءَةً ثم يُرْفَعُ، وقيل: الذي يُصَفُّ على الحصى ثم يُشْوَى، وقيل: القَدِيدُ إذا شُرِّرَ في الشمس يقال صَفَفْتُه أَصُفُّه صَفّاً؛ قال امرؤ القيس:

فَظَلَّ طُهاةُ اللَّحْمِ منْ بَينِ مُنْضِجٍ

 

صَفِيفَ شِواء، أَو قَدِيرٍ مُعَجَّلِ

ابن شميل: التَّصْفِيف نحو التَّشْريحِ وهو أَن تُعرِّض البَضْعةَ حتى تَرِقّ فتراها تَشِفُّ شَفِيفاً. وقال خالد بن جَنْبة: الصفِيفُ أَن يُشَرَّحَ اللحمُ غير تشريح القَدِيدِ، ولكن يُوَسَّعُ مثل الرُّغْفان، فإذا دُقَّ الصفِيفُ ليؤكل، فهو قَدِيرٌ، فإذا تُرِك ولم يُدَقَّ، فهو صَفيفٌ. الجوهري: الصَّفِيفُ ما صُفَّ من اللحم على الجمر لِيَنْشَويَ، تقول منه: صَفَفْتُ اللحمَ صَفّاً. وفي حديث الزبير: كان يَتَزَوَّدُ صَفِيف الوَحْشِ وهو مُحْرِم أَي قَدِيدَها. يقال: صَففتُ اللحمَ أَصُفُّه صفّاً إذا تركته في الشمس حتى يجِفَّ.
وصُفّةُ الرَّحْلِ والسَّرْجِ: التي تَضُمّ العَرْقُوَتَينِ والبِدادَينِ من أَعْلاهما وأَسفلهما، والجمع صُفَفٌ على القياس. وحكى سيبويه: وصَفَّ الدابةَ وصفَّ لها عمل لها صُفَّةً. وصَفَفْتُ لها صُفَّة أَي عَمِلْتُها لها. وصَفَفْت السرْجَ: جعلت له صُفَّة. وفي الحديث: نَهَى عن صُفَفِ النُّمُورِ؛ هي جمع صُفّة وهي للسرج بمنزلة المِيثرَة من الرَّحْل؛ قال ابن الأَثير: وهذا كحديثه الآخر: نَهى عن رُكوبِ جلود النُّمُورِ. وصُفّةُ الدارِ: واحدة الصُّفَفِ؛ الليث: الصُّفّةُ من البُنْيانِ شبه البَهْو الواسِع الطويلِ السَّمْكِ. وفي الحديث ذكر أَهْلِ الصُّفّة، قال: هم فُقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه فكانوا يَأْوُون إلى موضع مُظَلَّل في مسجد المدينة يسكنونه وفي الحديث: مات رجلٌ من أَهل الصُّفّة؛ هو موضع مظلَّل من المسجد كان يأْوي إليه المساكينُ وصُفّةُ البُنْيانِ: طُرَّته. والصُّفَّةُ: الظُّلَّةُ. ابن سيده: وعذاب يوم الصُّفَّة كعذاب يوم الظُّلَّة. التهذيب: الليث وعذاب يوم الصفة كان قومٌ عَصَوْا رسُولَهم فأَرسل اللّه عليهم حَرّاً وغَمّاً غَشِيَهم من فوقهم حتى هلكوا. قال أَبو منصور: الذي ذكره اللّه في كتابه عَذابُ يوم الظلة لا عذابُ يوم الصفة، وعُذِّبَ قوم شُعَيب به، قال: ولا أَدْري ما عذابُ يوم الصفَّة. وأَرض صَفْصَفٌ: مَلْساء مُسْتَوِية. وفي التنزيل: فَيَذَرُها فاعاً صَفْصفاً؛ الفراء الصَّفْصَفُ الذي لا نبات فيه، وقال ابن الأَعرابي: الصفصف القَرْعاء، وقال مجاهد: قاعاً صفصفاً، مستوياً. أَبو عمرو: الصفصف المستوي من الأَرض، وجمعه صَفاصِفُ؛ قال الشاعر:

إذا رَكِبَتْ داوِيَّةً مُـدْلَـهِـمّةً

 

وغَرَّدَ حادِيها لها بالصَّفاصِفِ

والصَّفْصَفَةُ كالصَّفْصَفِ؛ عن ابن جني، والصفصَفُ: الفَلاةُ.
والصُّفْصُفُ: العُصْفور، في بعض اللغات.
والصَّفْصافُ: الخِلافُ، واحدته صَفْصافةٌ، وقيل: شجر الخِلاف شامِيّة.
والصَّفْصَفةُ دُوَيْبّة، وهي دخيل في العربية؛ قال الليث: هي الدويبة التي تسميها العجم السيسك، وروي أَن الحجاج قال لِطبّاخِه: اعْمَلْ لنا صفصافةً وأَكْثِرْ فَيْجَنَها، قال: الصَّفْصافةُ لغة ثَقِيفِيّةٌ، وهي السِّكْباجة. أَبو عمرو: الصَّفْصفةُ السِّكباجة والفَيْجَنُ السَّدابُ. وفي حديث أَبي الدرداء، رضي اللّه عنه: أَصْبَحْتُ لا أَملِك صُفَّةً ولا لُفَّةً؛ الصفَّةُ: ما يجعل على الرَّاحة من الحُبُوبِ، واللُّفّةُ اللُّقْمَة. وصَفْصَفةُ الغَضَا: موضع، وذكر ابن بري في هذه الترجمة صِفُّونَ، قال: وهو موضع كانت فيه حَرْب بين عليّ، عليه السلام، وبين معاوية؛ وأَنشد لمُدْرِكِ بن حُصَيْنٍ الأَسدي:

وصِفُّونَ والنَّهْرُ الهَنِـيُّ ولُـجَّةٌ

 

من البَحْرِ، مَوقُوفٌ عليها سَفِينُها

قال: وتقول في النصب والجر رأَيت صِفِّينَ ومررت بِصِفِّين، ومن أَعرب النون قال هذه صفينُ ورأَيت صفينَ، وقال في ترجمة صفن عند كلام الجوهري على صِفِّين، قال: حقه أَن يذكر في فصل صفف لأَن نونه زائدة بدليل قولهم صِفُّونَ فيمن أعربه بالحروف.

صفق

الصَّفْق: الضرب الذي يسمع له صوت، وكذلك التَّصْفِيقُ. ويقال: صَفَّقَ بيديه وصفَّح سواء. وفي الحديث: التسبيحُ للرجال والتَّصْفِيقُ للنساء؛ المعنى إذا ناب المصلي شيء في صلاته فأَراد تنبيه مَنْ بحذائه صَفَّقَت المرأَة بيديها وسبَّح الرجل بلسانه. وصفَقَ رأْسَه يَصفِقه صفْقاً:ضربه، وصَفَقَ عينه كذلك أَي ردَّها وغمَّضها. وصفَقه بالسيف إذا ضربه؛ قال الراجز:

كأَنها بَصْرِية صوافق

واصْطَفَقَ القومُ: اضطربوا. وتصافَقُوا: تبايعوا. وصَفَقَ يَده بالبيعة والبيع وعلى يده صَفْقاً: ضرب بيده على يده، وذلك عند وجوب البيع، والاسم منها الصَّفْقُ والصِّفِقَّى؛ حكاه سيبويه اسْماً؛ قال السيرافي: يجوز أَن يكون من صَفْقِ الكفِّ على الأُخرى، وهو التَّصْفاقُ يذهب به إِلى التكثير؛ قال سيبويه: هذا باب ما يكثر فيه المصدر من فَعَلْت فتُلْحِق الزوائد وتَبْنيه بناء آخر، كما أَنك قلت في فَعَلت فَعَّلت حين كثَّرت الفعل ثم ذكرت المصادر التي جاءت على التَّفْعال كالتَّصْفاقِ وأَخواتها، قال: وليس هو مصدر فَعَلْت ولكن لما أَردت التكثير بنيت المصدر على هذا كما بنيت فَعَلت على فَعَّلت، وتَصافَقَ القومُ عند البَيعة.
ويقال: رَبِحَت صَفْقَتُك، للشِّراء، وصَفْقةٌ رابحةٌ وصَفْقةٌ خاسِرةٌ.
وصَفَقْت له بالبيع والبيعة صَفْقاً أَي ضربت يدي على يده. وفي حديث ابن مسعود: صَفْقَتانِ في صَفْقةٍ رِباً؛ أَراد بَيْعتانِ في بيعة، وهو مثل حديث بيعتين في بيعة وهو مذكور في موضعه، وهو على وجهين: أَحدهما أَن يقول البائع للمشتري بِعْتُك عبدي هذا بمائة درهم على أَن تشتري مني هذا الثوبَ بعشرة دراهم، والوجه الثاني أَن يقول بِعْتُك هذا الثوبَ بعشرين درْهَماً على أَن تَبِيعني سِلعة بعينها بكذا وكذا درهماً، وإِنما قيل للبيعة صفقة لأَنهم كانوا إذا تبايَعوا تَصافَقُوا بالأَيدي. ويقال: إِنه لَمُبارَكُ الصَّفْقةِ أَي لا يشتري شيئاً إِلاَّ رَبِحَ فيه؛ وققد اشتريت اليوم صَفْقةً صالحة. والصَّفْقةُ تكون للبائع والمشتري. وفي حديث أَبي هريرة: أَلْهاهُم الصَّفْقُ بالأَسواق أَي التبايُعُ. وفي الحديث: إِن أَكْبَرَ الكبائِر أَن تقاتِلَ أَهلَ صَفْقَتِكَ؛ هو أَن يُعْطِيَ الرجلَ عهدَه وميثاقَه ثم يقاتله، لأَن المتعاهدين يضع أَحدهما يده في يد الآخر كما يفعل المتبايعان، وهي المرَّة من التَّصْفِيق باليدين. ومنه حديث ابن عمر:أَعْطاه صَفْقَة يدِه وثمرةَ قَلَبه. والتَّصْفِيقُ باليد: التصويت بها.
وفي الحديث: أَنه نهى عن الصَّفْقِ والصفير؛ كأَنه أَراد معنى قوله تعالى: وما كان صَلاتُهم عند البيت إِلاَّ مُكاءً وتَصْدِيةً؛ كانوا يُصَفِّقونَ ويُصفِّرونَ ليَشْغَلوا النبي، صلى الله عليه وسلم، والمسلمين في القراءة والصلاة، ويجوز أَن يكون أَراد الصَّفْقَ على وجه اللهو واللعب.
وأَصْفَقَتْ يدُه بكذا أَي صادَقَتْه ووافَقَتْه؛ قال النمر بن تولب يصف جزّاراً:

حتى إذا طُرِحَ النَّصِيبُ، وأَصْفَقَتْ

 

يدُه بِجِلْدةِ ضَرْعِها وحُـوارِهـا

وأَنشد أَبو عمرو:

يَنْضَحْنَ ماءَ البَدَنِ المُـسَـرّى،

 

نَضْحَ الأَداوَى الصَّفَقَ المُصْفَرّا

أَي كأَنّ عَرَقَها الصَّفَقُ المُسَرّى المنضوحُ. يقال: هو يُسَرِّي العَرَقَ عن نفسه؛ وقال أَبو كبير الهذلي:

أَحَلا وإِن يُصْفَقْ لأَهل حَظِيرة،

 

فيها المُجَهْجهُ والمنَارةُ تُـرزِمُ

إِن يُصْفَق أَي يُقْدَر ويُتاح. يقال: أُصْفِقَ لي أَي أُتِيحَ لي؛ يقول: إِن قُدِرَ لأَهل حَظِيرة متَحَرِّزين الأَسد كان المقدور كائناً، وأَراد بالمنارة تَوَقُّد عيني الأَسد كالنار، أَراد وذو المنارة يُرْزِمُ.
وصَفَق الطائرُ بجناحيه يَصْفِقُ وصَفَّق: ضرب بهما. وانْصَفَقَ الثوبُ: ضربَتْه الريح فَنَاسَ. الليث: يقال الثوب المعلق تُصَفِّقه الريح كل مُصَفَّق فيَنْصَفِقُ؛ وأَنشد:

وأُخْرَى تُصَفِّقُهـا كـلُّ رِيحٍ

 

سَرِيعٍ، لدَى الجَوْرِ، إِرْغانُها

والصَّفْقةُ: الاجتماعُ عى الشيء. وأَصْفَقُوا على الأَمر: اجتمعوا عليه، وأَصْفَقُوا على الرجلِ كذلك؛ قال زهير:

رأَيت بني آلِ امرِئ القَيْس أَصْفَقُوا

 

علينا، وقالوا: إِنَّنا نَحْـنُ أَكـثـرُ

وفي حديث عائشة، رضوان الله عليها: فأَصْفَقَتْ له نِسْوانُ مكة أَي اجتمعت إِليه، وروي فانْصَفَقَتْ له. وفي حديث جابر: فنَزَعْنا في الحَوْضِ حتى أَصْفَقْناه أَي جَمَعْناه فيه الماء؛ هكذا جاء في رواية والمحفوظ أَفْهَقْناه أَي ملأْناه. وأَصْفَقُوا له: حَشَدُوا. وصَفَقَتْ علينا صافِقةٌ من الناس أَي قومٌ. وانْصَفَقوا عليه يميناً وشمالاً: أَقبلوا. وأَصْفَقُوا على كذا أَي أَطبقوا عليه؛ قال يزيد بن الطَّثَرِيّة:

أَثِيبي أَخا ضارُورة أَصْفَقَ العِدى

 

عليه، وقَلَّتْ في الصَّديقِ أَواصِرُهْ

ويقال: اصْفِقْهُم عنك أَي اصْرِفْهُم عنك؛ وقال رؤبة:

فما اشْتَلاها صَفْقَةً في المُنْصَفَق،

 

حتى تردَّى أَربعٌ في المُنْعَفَـق

وانصَفَقُوا: رجعوا. ويقال: صَفَق ماشيتَه يَصْفِقُها صَفْقاً إذا صرفها. والصَّفْقُ والصَّفَقُ: الجانبُ والناحية؛ قال:

لا يَكْدَحُ الناسُ لهنَّ صَفْقا

وجاء أَهل ذلك الصَّفَق أَي أَهل ذلك الجانب. وصَفْقُ الجبلِ: صَفْحُه وناحِيَتُه؛ قال أَبو صَعْترةَ البَوْلاني:

وما نُطْفَةٌ في رأْسِ نيقٍ تمنَّعـتْ

 

بعَنْقاءَ من صَعْب، حَمَتْها صُفُوقُها

وصَفَقَ عينَه أَي ردَّها وغمضها.وصافَقَت الناقةُ: نامت على جانب مرة وعلى جانب أُخرى، فاعَلَتْ من الصفْق الذي هو الجانب. وتَصَفَّقَ الرجلُ: تقلَّب وتردد من جانب إِلى جانب؛ قال القطامي:

وأَبَيْنَ شَيْمَتَهُـنَّ أَولَ مَـرّةٍ،

 

وأَبَى تَقَلُّبُ دهرِك المُتَصَفِّقَ

وتَصَفَّقَتِ الناقة إذا انقلبت ظهراً لبطن عن المخاض. وتَصَفَّقَ فلان للأَمر أَي تعرض له؛ قال رؤبة:

لَمّا رأَيْتُ الشَّعرَّ قد تَأَلَّقا،

وفِتْنَةً تَرْمي بِمَنْ تَصَفَّقَا،

هَنَّا وهَنَّا عن قِذافٍ أَخْلَقا

قال شمر: تصفَّق أَي تعرَّض وتردَّد. والمُصَافِقُ من الإِبل: الذي ينام على جنبه مرة وعلى الآخر مرة، وإِذا مخَضَت الناقة صافَقَت؛ قال الشاعر يصف الدجاجة وبيضها:

وحامِلة حَياًّ، ولَيْسَـتْ بِـحـيَّةٍ

 

إِذا مخَضَتْ يوماً به لم تُصَافِق

وصَفْقَا العُنُقِ: ناحيتاه. وصفقا الفرس: خدّاه. وصَفْقُ الجبل: وجهه في أَعلاه. وهو فوق الحضيض.وصَفَّقَ الشرابَ: مزجَه، فهو مُصَفَّقٌ. وصَفَقَه وصَفَّقَه وأَصْفَقَه: حوَّله من إِناء إِلى إِناء لِيَصْفُو؛ قال حسان:

يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عَلَيْهِمُ،

 

بَرَدَى يُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ

وقال الأَعشى:

وشَمول تَحْسَبُ العَـيْنُ، إِذا

 

صُفِّقَتْ، وَرْدَتَها نَوْرَ الذُّبَحْ

الفراء: صَفَقْتُ القدحَ وصَفَّقْتُه وأَصْفَقْتُه إذا مَلأْته.والتَّصْفِيقُ: تحويلُ الشراب من دَنٍّ إِلى دَنٍّ في قول الأَصمعي؛ وأَنشد:

إِذا صُفِّقَتْ بَعْدَ إِزْبادِها

وصَفَقَت الريحُ الماءَ: ضرَبَتْه فصَفَّتْه، والرِّيحُ تَصْفِقُ الأَشجارَ فتَصْطَفِقُ أَي تضطرب. وصَفَّقَت الرِّيحُ الشيء إذا قَلَبَتْه يميناً وشمالاً وردَّدَتْه. يقال: صَفَقَتْه الريحُ وصَفَّقَتْه. وصَفَّقَت الريحُ السحابَ إذا صَرَمَتْه واختلفت عليه؛ قال ابن مقبل:

وكأَنما اعْتَنَقَتْ صَبِيرَ غَمامةٍ،

 

بُعْدَى تُصَفِّقُه الـرِّياحُ زُلالِ

قال ابن بري: وهذا البيت في آخر كتاب سيبويه من باب الإِدغام بنصب زُلال، وهو غلط لأَن القصيدة مخفوضة الروي. وفي حديث أَبي هريرة: إذا اصْطَفَقَ الآفاقُ بالبيَاضِ أَي اضطرب وانْتَشَر الضَّوءُ، وهو افْتَعَل من الصَّفْق، كما تقول اضطرب المجلس بالقوم.
وصِفاقُ البطنِ: الجلدةُ الباطنة التي تلي السواد سوادَ البطن وهو حيث ينقب البيطار من الدابة؛ قال زهير:

أَمين صَفاة لم يُخَرَّق صِفاقه

 

بِمِنْقَبِه، ولم تُقَطَّعْ أَباجِلُـهْ

والجمع صُفُقٌ، لا يُكسَّر على غير ذلك؛ قال زهير:

حتى يَؤُوبَ بها عُوجاً مُعَطَّـلةً،

 

تَشْكُو الدَّوابرَ والأَنْساءَ والصُّفُقا

وبعض يقول: جلد البطن كله صِفاقٌ. ابن شميل: الصِّفاقُ ما بين الجلد والمُصْرانِ، ومَراقُّ البطن: صفاقٌ أَجمع ما تحت الجلد نمه إِلى سواد البطن، قال: ومَراقُّ البطن كل ما لم ينحن عليه عظم. وقال الأَصمعي:الصِّفاقُ الجلد الأَسْفل الذي دون الجلد الذي يُسْلخ، فإِذا سلخ المَسْك بقي ذلك مُمْسِكَ البطن، وهو الذي إذا انْشَقَّ كان منه الفَتْقُ. وقال أَبو عمرو: الصِّفاقُ ما حول السرّة حيث يَنْقُبُ البَيْطارُ؛ وقال بشر:

مُذَكَّرة كأَنّ الرَّحْلَ مـنـهـا،

 

على ذي عانةٍ، وافي الصِّفاقِ

وافي الصفاق أَراد أَن ضلوعَه طِوالٌ. وقال الأَصمعي في كتاب الفرس: الصِّفاقُ الجلد الأَسفل الذي تحت الجلد الذي عليه الشعر؛ وأَنشد للجعدي:

لُطِمْنَ بِتُرْسٍ شَديدِ الصِّـفـا

 

ق من خَشَبِ الجَوْزِ لم يُثْقَب

يقول: ذلك الموضع منه كأَنه تُرْس وهو شديد الصِّفاق. وفي حديث عمر: أَنه سئل عن امرأَة أَخذَت بأُنْثَيَيْ زَوْجِها فَخَرَقَتِ الجِلْدَ ولم تَخْرِقِ الصِّفاقَ، فقضى بنصف ثلث الدية؛ الصِّفاقُ: جِلدة رقيقة تحت الجلد الأَعلى وفوق اللحم.
والصَّفَقُ: الأَدِيمُ الجديد يُصَبُّ عليه الماء فيخرج منه ماء أَصفر واسم ذلك الماء الصَّفْقُ والصَّفَقُ. والصَّفَقُ، بالتحريك: الماء الذي يُصَبُّ في القربة الجديدة فيحرك فيها فيصفرّ؛ قال ابن بري: شاهده قول أَبي محمد الفقعسي:

يَنْضَحْنَ ماءَ البَدَنِ ا لمُسَرَّى،

 

نَضْحَ البَدِيعِ الصَّفَقَ المُصْفَرّا

والمُسَرّى: المُسْتَسِرُّ في البدن. ويقال: وردنا ماءَ كأَنَّه صَفَقٌ، وهو أَول ما يُصَبُّ في القربة الجديدة فيخرج الماء أَصفر؛ وصَفَّق القربة: فعل بها ذلك. وقال أَبو حنيفة: الصَّفَقُ رِيحُ الدباغ وطعمه.وصَفَقَ الكأْسَ وأَصْفَقَها: ملأَها؛ عن اللحياني. وصَفَقَ البابَ يَصْفِقْه صَفْقاً وأَصْفَقَه، كلاهما: أَغْلَقَه وردّه مثل بَلَقْتُه وأَبْلَقْتُه؛ قال عدي بن زيد:

متَّكِئاً تُصْفَـقُ أَبْـوابُـه،

 

يسْعَى عليه العبْدُ بالكُوبِ

قال أَبو منصور: وهما بمعنى الفتح. وقال النضر: سَفَقْت الباب وصَفَقْته، قال: وقال أَبو الدقيش صَفَقْت البابَ أَصْفِقُه صَفْقاً إذا فتحته؛ وتركت بابَه مَصْفوقاً أَي مفتوحاً، قال: والناس يقولون صَفَقْت البَاب وأَصْفَقْته أَي رَدَدْته، قال: وقال أَبو الخطاب يقال هذا كله. وباب مَبْلوقٌ أَي مفتوح. وروى أَبو تراب عن بعض الأَعراب: أَصْفَقْتُ البابَ وأَصْمَقْته بمعنى أَغْلَقْته، وقال غيره: هي الإِجافةُ دون الإغْلاق.
الأَصمعي: صَفَقْت الباب أَصْفِقُه صَفْقاً، ولم يذكر أَصْفَقْته. ومِصْراعا الباب: صَفْقاه. والصَّفْقُ: الرَّدُّ والصَّرْفُ، وقد صَفَقْته فانْصَفَقَ.وفي كتاب معاوية إِلى ملك الروم: لأَنْزِعَنَّكَ من المُلْكِ نَزْعَ الأَصْفَقانِيّة؛ هم الخَولُ بلغة اليمن. يقال: صَفَقَهم من بلد إِلى بلد أَي أَخرجهم منه قَهْراً وذُلاً. وصَفَقَهم عن كذا أَي صرَفَهم.
والتَّصْفيق: أَن يكون نوى نِيَّة عزم عليها ثم ردّ نيّته؛ ومنه قوله:

وزَللِ النِّيَّةِ والتَّصْفِيقِ

وفي النوادر: والصَّفُوق الحجاب الممتنع من الجِبال، والصُّفُقُ الجمع. والخَريقُ من الوادي: شاطئُه، والجمع خُرُقٌ. وناقة خَرِيقٌ:غزيرة.وثوب صَفِيق: مَتِين بيّن الصَّفاقة، وقد صَفُقَ صَقاقةً: كثُف نسجه، وأَصْفَقَه الحائك. وثوب صَفِيق وسَفِيق: جيّدُ النسج. والصَّفِيقُ:الجَلْدُ. والصَّفُوق: الصَّعُود المُنْكرة، وجمعها صَفائِقُ وصُفُقٌ.
وصافَقَ بين قميصين: لَبِس أَحدَهما فوق الآخر. والدِّيكُ الصَّفّاقُ:الذي يضرب بجناحيه إذا صوّت.وصَفَقَ ماشِيَته صَفْقاً: صرَفها. وصَفَقَ الرجلُ صَفْقاً: ذهب. وفي حديث لقمان بن عاد أَنه قال: خذِي منّي أَخِي ذا العِفاقِ صَفّاقاً أَفّاقاً؛ قال الأَصمعي: الصَّفّاق الذي يَصْفِقُ على الأَمر العظيم، والأَفّاق الذي يتصرف ويضرِب إِلى الآفاق؛ قال أَبو منصور: روى هذا ابن قتيبة عن أَبي سفيان عن الأَصمعي، قال: والذي أَراه في تفسير الأَفّاق الصّفّاقِ غيرُ ما حكاه، إِنَّما الصَّفّاق الكثير الأَسفار والتصرّف في التجارات، والصَّفْقُ والأَفْقُ قريبان من السَّواء، وكذلك الصَّفّاقُ والأَفّاقُ معناهما متقارب، وقيل: الأَفّاقُ من أُفُقِ الأَرض أَي ناحيتها. وانْصَفَقَ القومُ إذا انصرفوا. وصَفَقَ القومُ في البلاد إذا أَبْعَدُوا في طلب المرعى؛ وبه فسر ابن الأَعرابي قول أَبي محمد الحَذلِمِيّ:

إِنّ لها في العامِ ذي الفُتُوقِ،

وزَلَلِ النِّيَّةِ والتَّصْـفِـيقِ،

رِعْيةَ مَوْلىً ناصِحٍ شَفـيقِ

وتَصفِيقُ الإِبل: أَن تحوْلَها مِن مرعى قد رَعَتْه إِلى مكان فيه مَرْعىً.وأَصْفَقَ الغَنَمَ إِصْفاقاً: حلبها في اليوم مرّة؛ قال:

أَوْدَى بنو غَنْمٍ بأَلْبانِ العُصُـمْ

 

بالمُصْفقاتِ ورَضوعاتِ البَهَمْ

وأَنشد ابن الأَعرابي:

وقالوا: عليكم عاصِماً يُعْتَصَمْ به،

 

رُوَيْدَك حتى يُصْفِقَ البَهْمَ عاصِمُ،

أَراد أَنه لا خير عنده وأَنه مشغول بغنمه؛ والأِصْفاق: أَن يحلُبَها مرّة واحدة في اليوم والليلة. وفي الصحاح: أَصْفَقْتُ الغنمَ إذا لم تَحْلُبْها في اليوم إِلا مرة. والصافِقةُ: الداهيةُ؛ قال أَبو الرُّبَيْس التَّغْلبِي:

قِفِي تُخْبِرينا، أَو تَعُلِّـي تَـحِـيّةً

 

لنا، أَو تُشِيبي قَبْلَ إحْدَى الصَّوافق

والصَّفائِقُ: صَوارِفُ الخطوب وحوادثها، الواحدة صَفيقة؛ وقال كثيِّر:

وأَنْتِ المُنَى، يا أُمَّ عَمْروا، لو انَّنا

 

نَنالُك، أَو تُدْنِي نَواكِ الصَّفـائِقُ

وهي الصَّوافِقُ أَيضاً؛ قال أَبو ذؤيب:

أَخ لكَ مَأْمون السَّجِيّاتِ خِضْـرِم،

 

إِذا صَفَقَتْه في الحُروب الصَّوافِقُ

وصَفَقْتُ العود إذا حرّكت أَوْتارَه فاصْطَفَقَ. واصْطَفَقَت المَزاهِرُ إذا أَجابَ بعضها بعضاً؛ قال ابن الطَّثَرِيّة:

ويوم كظِلِّ الرُّمْحِ قَصَّرَ طُـولَـه

 

دَمُ الزِّقِّ عنّا، واصْطفاقُ المَزاهِرِ

قال ابن بري: نسب الجوهري هذا البيت ليزيد بن الطَّثريّة، وصوابه لِشُبْرُمة بن الطفيل.

صفل

التهذيب: أَصْفَل الرَّجلُ إذا رَعَى إِبلَه الصِّفْصِلَّ.

صفن

الصَّفْنُ والصَّفَنُ والصَّفْنَة والصَّفَنَةُ: وِعاء الخُصْية.
وفي الصحاح: الصَّفَنُ، بالتحريك، جلدة بيضة الإنسان، والجمع أَصْفانٌ.
وصَفَنَه يَصْفِنُه صَفْناً: شق صَفَنَه. والصُّفْنُ: كالسُّفْرة بين العَيْبةِ والقِرْبة يكون فيها المتاع، وقيل: الصُّفْنُ من أَدَم كالسُّفْرة لأَهل البادية يجعلون فيها زادهم، وربما اسْتَقَوْا به الماءَ كالدَّلْوِ؛ ومنه قول أَبي دُواد:

هَرَقْتُ في حَوْضِه صُفْناً ليَشْرَبَه

 

في دائِرٍ خَلَقِ الأَعْضادِ أَهْدامِ.

ويقال: الصُّفْنُ هنا الماء. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لئن بقيتُ لأُسَوِّيَنَّ بين الناسِ حتى يأْتِيَ الراعِيَ حقُّه في صُفْنِه لم يَعْرَقْ فيه جَبينُه؛ أَبو عمرو: الصُّفْنُ، بالضم، خريطة يكون للراعي فيها طعامه وزِنادُه وما يحتاج إليه؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:

معه سِقاءٌ لا يُفَـرِّطُ حَـمْـلَـهُ

 

صُفْنٌ، وأَخْراصٌ يَلُحْنَ، ومِسْأَبُ

وقيل: هي السُّفْرة التي تجمع بالخيط، وتضم صادها وتفتح؛ وقال الفراء: هو شيء مثل الدلو أَو الرَّكْوَة يتوضأُ فيه؛ وأَنشد لأَبي صخر الهذلي يصف ماءً ورَدَه:

فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّهِ،

 

خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفا

قال أَبو عبيد: ويمكن أَن يكون كما قال أَبو عمرو والفراء جميعاً أَن يُسْتَعْمَلَ الصُّفْنُ في هذا وفي هذا، قال: وسمعت من يقول الصَّفْنُ، بفتح الصاد، والصَّفْنة أَيضاً بالتأْنيث. ابن الأَعرابي: الصَّفْنَةُ، بفتح الصاد، هي السُّفْرة التي تُجْمَع بالخيط؛ ومنه يقال: صَفَنَ ثيابَه في سَرْجه إذا جمعها. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، عَوَّذَ عليّاً حين رَكبَ وصَفَنَ ثيابَه في سَرْجه أَي جمعها فيه. أَبو عبيد: الصَّفْنَةُ كالعَيْبَة يكون فيها متاع الرجل وأَداتُه، فإِذا طرحت الهاء ضممت الصاد وقلت صُفْنٌ، والصُّفْنُ، بضم الصاد: الرَّكْوَةُ. وفي حديث عليّ، عليه السلام: الْحَقْنِي بالصُّفْنِ أَي بالرَّكْوَة. والصَّفَنُ: جلد الأُنثيين، بفتح الفاء والصاد؛ ومنه قول جرير:

يَتْرُكْنَ أَصْفانَ الخُصَى جَلاجِلا.

والصَّفْنَةُ: دلو صغيرة لها حَلقة واحدة، فإِذا عظمت فاسمها الصُّفْنُ، والجمع أَصْفُنٌ؛ قال:

غَمَرْتُها أَصْفُناً مـن آجِـنٍ سُـدُمٍ،

 

كأَنَّ ما ماصَ منه في الفَمِ الصَّبِرُ.

عَدَّى غَمَرت إلى مفعولين لأَنها بمعنى سَقَيْتُ. والصَّافِنُ: عِرْق ينغمس في الذِّراع في عَصَبِ الوَظِيفِ. والصَّافِنانِ: عرقان في الرجلين، وقيل: شُعْبَتان في الفخذين. والصَّافِنُ: عِرْق في باطن الصلب طُولاً متصل به نِياطُ القلب، ويسمى الأَكْحل. غيره: ويسمى الأَكحلُ من البعير الصافنُ، وقيل: الأَكحلُ من الدواب الأَبْجَلُ. وقال أَبو الهيثم:الأَكْحَل والأَبْجَلُ والصافِنُ هي العروق التي تُفصد، وهي في الرِّجْلِ صافِنٌ، وفي اليد أَكْحَلُ. الجوهري: الصَّافِنُ عرق الساق. ابن شميل: الصَّافِنُ عرق ضخم في باطن الساق حتى يَدْخُلَ الفخذَ، فذلك الصافنُ. وصَفَنَ الطائرُ الحشيشَ والوَرَقَ يَصْفِنُه صَفْناً وصَفَّنَه: نَضَّدَه لِفراخه، والصَّفَنُ: ما نَضَّدَه من ذلك. الليث: كل دابة وخَلْق شِبْه زُنْبُورٍ يُنَضِّدُ حولَ مَدْخَله ورَقاً أَو حشيشاً أَو نحو ذلك، ثم يُبَيِّتُ في وسطه بيتاً لنفسه أَو لِفراخه فذلك الصَّفَنُ، وفعله التَّصْفِينُ.
وصَفَنَتِ الدابةُ تَصْفِنُ صُفُوناً: قامت على ثلاثٍ وثَنَتْ سُنْبُكَ يدِها الرابعَ. أَبو زيد: صَفَنَ الفرسُ إذا قام على طرف الرابعة. وفي التنزيل العزيز: إذ عُرِضَ عليه بالعَشِيِّ الصافِناتُ الجِيادُ. وصَفَنَ يَصْفِنُ صُفُوناً: صَفَّ قدميه. وخيل صُفُونٌ: كقاعد وقُعُود؛ وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة فرس:

أَلِفَ الصُّفُونَ، فلا يَزالُ كأَنه

 

مما يَقُومُ على الثلاثِ كسيرا

قوله: مما يقوم، لم يرد من قيامه وإنما أَراد من الجنس الذي يقوم على الثلاث، وجعل كسيراً حالاً من ذلك النوع الزَّمِنِ لا من الفرس المذكور في أَول البيت؛ قال الشيخ: جعل ما اسماً منكوراً. أَبو عمرو: صَفَنَ الرجلُ برجله وبَيْقَرَ بيده إذا قام على طرف حافره. ومنه حديث البَرَاءِ بن عازِبٍ: كنا إذا صَلَّيْنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرفَع رأْسَه من الركوع قمنا خَلْفَه صُفُوناً، وإِذا سجد تَبِعْناه، أَي واقفين قد صَفَنَّا أَقدامنا؛ قال أَبو عبيد: قوله صُفُوناً يُفَسَّرُ الصافنُ تفسيرين: فبعض الناس يقول كل صافٍّ قدميه قائماً فهو صافِنٌ، والقول الثاني أَن الصَّافِنَ من الخيل الذي قد قَلَب أَحدَ حوافره وقام على ثلاث قوائم.
وفي الصحاح: الصَّافِنُ من الخيل القائم على ثلاث قوائم وقد أَقام الرابعة على طرف الحافر، وقد قيل: الصافِنُ القائم على الإطلاق؛ قال الكميت:

نُعَلّمُهم بها ما عَلَّمَتْـنـا

 

أُبُوَّتُنا جوارِيَ، أَو صُفُونا

وفي الحديث: من سَرَّه أَن يقوم له الناسُ صُفُوناً أَي واقفين.
والصُّفُون: المصدر أَيضاً؛ ومنه الحديث: فلما دَنا القومُ صافَنَّاهُم أَي واقَفْناهم وقُمْنا حِذاءَهم. وفي الحديث: نهى عن صلاةِ الصَّافِنِ أَي الذي يجمع بين قدميه، وقيل: هو أَن يَثْنِيَ قدمه إلى ورائه كما يفعل الفرسُ إذا ثَنى حافره. وفي حديث مالك ابن دينار: رأَيتُ عِكْرِمَةَ يُصَلِّي وقد صَفَنَ بين قدميه. وكان ابن عباس وابن مسعود يقرآن: فاذكروا اسمَ الله عليها صَوافِنَ، بالنون، فأَما ابن عباس ففسرها مَعْقُولةً إِحْدى يَدَيْها على ثلاث قوائم، والبعير إذا نحر فعل به ذلك، وأَما ابن مسعود فقال: يعني قِياماً. وقال الفراء: رأَيت العرب تجعل الصَّافِنَ القائمَ على ثلاث وعلى غير ثلاث، قال: وأَشعارهم تدل على أَن الصُّفُونَ القيامُ خاصة؛ وأَنشد:

وقامَ المَها يُقْفِلْنَ كُـلَّ مُـكَـبَّـلٍ،

 

كما رُصَّ أَيْقا مُذْهَبِ اللَّوْنِ صافِنِ.

المَها: البقر يعني النساء، والمُكَبَّلُ: أَراد الهودج، يُقْفِلْنَ: يَسْدُدْنَ، كما رُصَّ: كما قُيِّد وأُلْزِق، والأَيْقُ: الرُّسْغُ، مُذْهَبِ اللون: أَراد فرساً يعلوه صُفْرَة، صافِن: قائم على ثلاث قوائم، قال: وأَما الصَّائِنُ فهو القائم على طرف حافره من الحَفا، والعرب تقول لجمع الصافِنِ صَوافِن وصافِنَات وصُفُونٌ. وتَصَافَنَ القومُ الماءَ إذا كانوا في سفر فقلَّ عندهم فاقتسموه على الحَصاةِ. أَبو عمرو: تَصَافَنَ القومُ تَصَافُناً، وذلك إذا كانوا في سفر ولا ماء معهم ولا شيء، يقتسمونه على حَصاةٍ يُلْقونها في الإِناء، يُصَبُّ فيه من الماء بقدر ما يَغْمُر الحصاة فيعطاه كل رجل منهم؛ وقال الفرزدق:  

فلما تَصَافَنَّا الإدَاوةَ، أَجْهَشَـتْ

 

إليَّ غُضُونُ العَنْبَرِيِّ الجُراضِمِ

الجوهري: تَصَافَنَ القومُ الماء اقتسموه بالحِصَص، وذلك إِنما يكون بالمَقْلَةِ تَسْقي الرجلَ قدر ما يَغْمُرها، فإِن كانت من ذهب أَو فضة فهي البَلَدُ. وصُفَيْنة: قرية كثيرة النخل غَنَّاءُ في سَوادِ الحَرَّةِ؛ قالت الخَنْساء:

طَرَقَ النَّعِيُّ على صُفَيْنَةَ غُدْوَةً،

 

ونَعَى المُعَمَّمَ من بَني عَمْرِو.

أَبو عمرو: الصَّفْنُ والصَّفْنة الشَّقْشِقَة. وصِفِّينُ: موضع كانت به وقعة بين علي، عليه السلام، ومعاوية، رضي الله عنه، قال ابن بري: وحقه أَن يذكر في باب الفاء في ترجمة صفف، لأَن نونه زائدة بدليل قولهم صِفُّون، فيمن أَعربه بالحروف. وفي حديث أَبي وائل: شَهِدْتُ صِفِّينَ وبِئْسَتِ الصِّفُّونَ، وفيها وفي أَمثالها لغتان: إِحداهما إِجراء الإعراب على ما قبل النون وتركها مفتوحة كجمع السلامة كما قال أَبو وائل، والثانية أَن تجعل النون حرف الإِعراب وتقرّ الياء بحالها فنقول: هذه صِفِّينُ ورأَيت صِفِّينَ ومررت بصفِّينَ، وكذلك تقول في قِنَّسْرِينَ وفِلَسْطِينَ ويَبْرِينَ.

صقب

الصَّقْب والصَّقَب، لغتان، الطَّويلُ التارُّ من كل شيءٍ، ويقال لِلْغُصْنِ الرَّيَّانِ الغَلِيظِ الطَّويلِ. وصَقْبُ النَّاقَةِ وَلَدُها وجَمْعُه صِقابٌ وصِقْبانٌ. والصَّقْبُ عَمُودٌ يُعْمَدُ به البَيْتُ؛ وقيل: هُو العَمُودُ الأَطوَلُ في وَسَطِ البَيْتِ والجمع صُقُوبٌ.
وصَقَبَ البِناءَ وغَيْرَه رَفَعَه. وصُقُوبُ الإِبِلِ: أَرْجُلُها، لغة في سُقُوبِها؛ حكاها ابن الأَعرابي. قال: وَأَرَى ذلك لمكان القاف، وضَعُوا مَكانَ السِّينِ صاداً، لأَنها أَفْشَى من السين، وهي موافِقَةٌ للقافِ في الإِطْباقِ ليَكون العَمَلُ مِن وَجْهٍ واحد. قال: وهذا تعليلُ سِيبويْه في هذا الضَّرْبِ من المُضارَعَةِ.
والصَّقَبُ: القُرْب. وحكى سيبويه في الظُّروفِ التي عَزَلَها مما قَبْلَها لِيُفَسِّرَ معانِيها لأَنها غَرائِبُ: هو صَقَبُك، ومعناه القُرْب؛ ومكانٌ صَقَبٌ وصَقِبٌ: قريب. وهذا أَصْقَبُ من هذا أَي أَقْرَبُ.
وأَصْقَبَتْ دارُهم وصَقِبَت، بالكسر، وأَسْقَبَتْ: دَنتْ وقَرُبَتْ. وفي الحديث: الجارُ أَحقُّ بِصَقَبه؛ قال ابن الأَنباري: أَراد بالصَّقَب المُلاصَقَة والقُرْب والمراد به الشُّفْعَةُ كأَنه أَرادَ بما يَلِيه؛ وقال بَعْضُهُمْ: أَرادَ الشَّريكَ؛ وقال بَعْضُهُمْ: أَرادَ المُلاصِقَ؛ أَبو عبيد: يَعْني القُرْبَ. ومنه حديث علي، عليه السلام: أَنه كان إذا أُتِيَ بالقَتِيلِ قَدْ وُجِدَ بَيْنَ القَرْيَتَيْنِ، حُمِلَ على أَصْقَبِ القَريَتَيْنِ إِليه أَي أَقْربِهِما، ويروى بالسين؛ وأَنشد لابن الرُّقَيَّاتِ:

كُوفِيَّةٌ، نازِحٌ مَحِلَّتُـهـا

 

لا أَمَمٌ دارُها ولا صَقَبُ

قال: مَعْنَى الحَديثِ أَنَّ الجارَ أَحَقُّ بالشُّفْعَة من الذي لَيْسَ بجار.
وداري مِن دارِه بسَقَبٍ وصَقَبٍ وزَمَمٍ وأَمَمٍ وصَدَدٍ أَي قَريبٌ.
ويقال: هو جاري مُصاقِبي، ومُطانبي، ومُؤَاصِري أَي صَقْبُ دارِه وإِصارهُ وطُنُبُه بحذاء صَقْب بيتي وإِصاري. وقيل:أَصْقَبَك الصَّيْدُ فارْمِه أَي دَنا مِنْكَ وأَمْكَنَكَ رَمْيُه.
وتقول: أَصْقَبَه فَصَقِب أَي قَرَّبهُ فَقَرُب. وصاقَبْناهُم مُصاقَبَةً وصِقاباً: قارَبْناهُمْ. ولَقِيتُه مُصاقَبَةً، وصِقاباً وصِفاحاً مِثلَ الصِّراح أَي مُواجَهَة. والصَّقْب: الجَمْعُ.
وصقَبَ قفَاهُ: ضَربَه بِصَقْبِه. والصَّقْب: الضَّرْبُ على كل شيء مُصْمَتٍ يابِس. وصَقَبَ الطائرُ: صَوَّتَ؛ عن كُراع.
والصَّاقِبُ: جَبَل معروف، زاد ابن بَري في بلاد بني عامر، قال:

رُمِيَتْ بأَثْقَلَ مِن جِبالِ الصَّاقِبِ

السين في كل ذلك لغة.

صقح

الصُّقْحةُ الصَّلَعةُ. ورجل أَصْقَحُ: أَصْلَعُ، يَمانِيةٌ.

صقر

الصَّقْرُ: الطائر الذي يُصاد به، من الجوارح. ابن سيده: والصَّقْرُ كل شيء يَصيد من البُزَاةِ والشَّواهينِ وقد تكرر ذكره في الحديث، والجمع أَصْقُرٌ وصُقُورٌ وصُقُورَةٌ وصِقَارٌ وصِقَارَةٌ. والصُّقْرُ: جَمْعُ الصُّقُور الذي هو جمع صَقْرٍ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:  

كَأَنَّ عَيْنَـيْهِ، إذا تَـوَقَّـدَا،

 

عَيْنَا قَطَامِيٍّ منَ الصُّقْرِ بَدَا

قال ابن سيده: فسره ثعلب بما ذكرنا؛ قال: وعندي أَن الصُّقْرَ جمع صَقْرٍ كما ذهب إِليه أَبو حنيفة من أَن زُهْواً جمع زَهْو، قال: وإِنما وجهناه على ذلك فراراً من جمع الجمع، كما ذهب الأَخفش في قوله تعالى: فرُهُنٌ مَقْبُوضَة، إِلى أَنه جمع رَهْنٍ لا جمع رِهَان الذي هو جمع رَهْنٍ هَرَباً من جمع الجمع، وإِن كان تكسير فَعْلٍ على فُعْلٍ وفُعُلٍ قليلاً، والأُنثى صَفْرَةٌ. والصَّقْرُ: اللبن الشديد الحُمُوضَة. يقال: حَبَانا بِصَقْرَةٍ تَزْوِي الوجه، كما يقال بِصَرْبَةٍ؛ حكاهما الكسائي. وما مَصَلَ من اللَّبن فامَّازَتْ خُثَارَته وصَفَتْ صَفْوَتُه فإِذا حَمِضَتْ كانت صِبَاغاً طيِّباً، فهو صَقْرَة. قال الأَصمعي: إذا بلغ اللبن من الحَمَضِ ما ليس فوقه شيء، فهو الصَّقْرُ. وقال شمر: الصَّقْر الحامض الذي ضربته الشمس فَحَمِضَ. يقال: أَتانا بِصَقْرَةٍ حامضة. قال: مِكْوَزَةُ: كأَن الصَّقْرَ منه. قال ابن بُزُرج: المُصْقَئِرُّ من اللبن الذي قد حَمِضَ وامتنع. والصَّقْرُ والصَّقْرَةُ: شدة وقعِ الشمس وحِدَّةُ حرّها، وقيل:شدة وقْعِها على رأْسه؛ صَقَرَتْهُ صَقْراً: آذاه حَرُّها، وقيل: هو إذا حَمِيَتْ عليه؛ قال ذو الرمة:

إِذا ذَابَت الشمْسُ، اتَّقَى صَقَرَاتِها

 

بِأَفْنَانِ مَرْبُوعِ الصَّرِيمَةِ مُعْبِـلِ

وصَقَرَ النَّارَ صَقْراً وصَقَّرَهَا: أَوْقَدَها؛ وقد اصْتَقَرَتْ واصْطَقَرَتْ: جاؤوا بها مَرَّةً على الأَصل ومَرَّةً على المضارَعة. وأَصْقَرَت الشمس: اتَّقَدَتْ، وهو مشتق من ذلك. وصَقَرَهُ بالعصا صَقْراً: ضربه بها على رأْسه. والصَّوْقَرُ والصَّاقُورُ: الفأْس العظيمة التي لها رأْس واحد دقيق تكسر به الحجارة، وهو المِعْوَل أَيضاً. والصَّقْر: ضرب الحجارة بالمِعْوَل. وصَقَرَ الحَجَرَ يَصْقُرُهُ صَقْراً: ضربه بالصَّاقُور وكسره به.
والصَّاقُورُ: اللِّسان. والصَّاقِرَةُ: الداهية النازلة الشديدة كالدَّامِغَةِ. والصَّقْرُ والصَّقَرُ: ما تَحَلَّب من العِنَب والزبيب والتمر من غير أَن يُعْصَر، وخص بعضهم من أَهل المدينة به دِبْسَ التمر، وقيل: هو ما يسيل من الرُّطَب إذا يبسَ. والصَّقْرُ: الدِّبس عند أَهل المدينة.
وصَقَّرَ التمر: صبَّ عليه الصَّقْرَ. ورطب صَقِرٌ مَقِرٌ: صَقِرٌ ذو صَقْرٍ ومَقِرٌ إِتباع، وذلك التمر الذي يصلح للدِّبس. وهذا التمر أَصْقَرُ مَنْ هذا أَي أَكْثَرُ صَقْراً؛ حكاه أَبو حنيفة وإِن لم يك له فِعْل. وهو كقولهم للسانين وقد تقدم مراراً.
والمُصَقَّرُ من الرطب: المُصَلِّبُ يُصَبُّ عليه الدّبس ليَلينَ، وربما جاء بالسين، لأَنهم كثيراً ما يقلبون الصاد سيناً إذا كان في الكلمة قاف أَو طاء أَو عين أَو خاء مثل الصَّدْع والصِّماخ والصِّراط والبُصاق. قال أَبو منصور: والصَّقْر، عند البَحْرَانِيِّينَ، ما سال من جِلالِ التمر التي كُنِزَتْ وسُدِّك بعضُها فوق بعض في بيت مُصَرَّج تحتها خَوابٍ خُضْر، فينعصر منها دِبْس خامٌ كأَنه العسل، وربما أَخذوا الرُّطَب الجَيِّد ملقوطاً من العِذْقِ فجعلوه في بَساتِيقَ وصَبّوا عليه من ذلك الصَّقْر، فيقال له رُطَب مُصَقِّر، ويبقى رُطباً طيباً طول السنة وقال الأَصمعي: التَّصْقِيرُ أَن يُصَب على الرُّطَب الدِّبْسُ فيقال رُطَب مُصَقَّر، مأْخوذ من الصَّقْرِ، وهو الدِّبْس. وفي حديث أَبي حَثْمَةَ: ليس الصَّقْر في رؤوس النَّحل. قال ابن الأَثير: هو عسل الرُّطَب ههنا، وهو الدِّبْس، وهو في غير هذا اللَّبَنُ الحامض. وماء مُصْقَرٌّ: متغير. والصَّقَر: ما انْحَتَّ من ورق العِضاهِ والعُرْفُطِ والسَّلَمِ والطَّلْح والسَّمُر، ولا يقال له صَقَرٌ حتى يَسْقط.
والصَّقْرُ: المَاءُ الآجِنُ. والصَّاقُورَةُ: باطن القِحْف المُشْرِفُ على الدِّماغ، وفي التهذيب:والصَّاقُور باطن القِحْفِ المُشْرِف فوق الدِّماغ كأَنه قَعْرُ قَصْعة. وصَاقُورَةُ والصَّاقُورَةُ: اسم السماء الثَّالثة. والصَّقَّارُ: النَّمَّامُ. والصَّقَّار: اللَّعَّانُ لغير المُسْتَحِقين. وفي حديث أَنس: مَلْعُون كلّ صَقَّارٍ، قيل: يا رسولُ الله، وما الصَّقِّار؟ قال: نَشْءٌ يكونون في آخر الزمن تَحِيْتُهم بينهم إذا تلاقوا التَّلاعُن. التهذيب عن سهل بن معاذ عن أَبيه: أَن رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، قال: لا تزال الأُمة على شَريعَةٍ ما لم يظهر فيهم ثلاث: ما لم يُقْبَضْ منهم العِلْمُ، ويَكْثُرْ فيهم الخُبْثُ، ويَظْهَرْ فيهم السَّقَّارُونَ، قالوا: وما السَّقَّارُون يا رسولُ الله؟ قال: نَشَأٌ يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم إذا تلاقوا التلاعنَ، وروي بالسين وبالصاد، وفسره بالنَّمَّامِ. قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يكون أَراد به ذا الكْبرِ والأُبَّهَةِ بأَنه يميل بخدّه. أَبو عبيدة: الصَّقْرَانِ دَائِرتانِ من الشَّعر عند مؤخر اللِّبْدِ من ظهر الفرس، قال: وحدُّ الظهر إِلى الصَّقْرين.
الفراء: جاء فلان بالصُّقَرِ والبُقَرِ والصُّقارَى والبُقارَى إذا جاءَ بالكَذِب الفاحش. وفي النوادر: تَصَقَّرْت بموضع كذا وتشكلت وتنكفت بمعنى تَلَبَّثْت.
والصَّقَّار: الكافر. والصَّقَّار: الدَّبِّاس، وقيل: السَّقَّار الكافر، بالسين. والصَّقْرُ: القِيَادَةُ على الحُرَم؛ عن ابن الأَعرابي؛ ومنه الصَّقِّار الذي جاء في الحديث. والصَّقُّور: الدَّيُّوث، وفي الحديث: لا يَقْبَلُ اللهُ من الصَّقُّور يوم القيامة صَرْفاً ولا عَدْلاً؛ قال ابن الأَثير: هو بمعنى الصَّقَّار، وقيل: هو الدَّيُّوث القَوَّاد على حُرَمه. وصَقَرُ: من أَسماء جهنم، نعوذ بالله منها، لغة في سَقَر.
والصَّوْقَرِيرُ: صَوْت طائر يُرَجِّع فتسمع فيه نحو هذه النَّغْمَة. وفي التهذيب: الصَّوْقَرِيرُ حكاية صوت طائر يُصَوْقِرُ في صياحه يسمع في صوته نحو هذه النغمة.
وصُقارَى: موضع.

صقع

صَقَعَه يَصْقَعُه صَقْعاً: ضربه بِبَسْطِ كفِّه. وصَقَع رأْسَه: علاه بأَيِّ شيءٍ كان؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

وعَمْرُو بنُ هَمّامٍ صَقَعْنا جَبينَه

 

بشَنْعاءَ، تَنْهَى نَخْوَةَ المُتَظَلِّـمِ

المُتَظَلِّمُ هنا: الظالِمُ. وفي الحديث: من زَنَى مِنَ امْبِكْر فاصْقَعُوه مائة أَي اضربوه، هو من ذلك؛ وقوله مِنَ امْبِكْر لغة أَهل اليمن يُبْدلُون لام التعريف ميماً؛ ومنه الحديث أَيضاً: أَن مُنْقِذاً صُقِعَ آمّةً في الجاهلية أَي شُجَّ شَجَّةً بلغَتْ أُمَّ رأْسِه. وصُقِعَ الرجل آمّةً: وهي التي تبلُغ أُمَّ الدِّماغِ، وقد يُسْتَعارُ ذلك للظهر؛ قال في صفة السيوف:

إِذا اسْتُعِيرَتْ مِنْ جُفُونِ الأَغْماد

 

فَقَأْنَ بالصَّقْعِ يَرابِيعَ الصَّـاد

أَراد الصيد. وقيل: الصَّقْعُ ضربُ الشيء اليابس المُصْمَتِ بمثله كالحجر بالحجر ونحوه، وقيل: الصَّقْعُ الضربُ على كل شيء يابس؛ قال العجاج:

صَقْعاً إذا صابَ اليَآفِيخَ احْتَقَرْ

وصُقِعَ الرجل: كصُعِقَ، والصاقِعةُ كالصاعِقةِ؛ حكاه يعقوب؛ وأَنشد:

يَحْكُونَ، بالمَصْقُولةِ القَواطِعِ

 

تَشقُّقَ البَرْقِ عنِ الصَّواقِعِ

ويقال: صَقَعَتْه الصاقِعةُ. قال الفراء: تميم تقول صاقِعةٌ في صاعِقةٍ؛ وأَنشد لابن أَحمر:

أَلم تَرَ أَنَّ المجرمـينَ أَصـابَـهُـم

 

صَواقِعُ، لا بلْ هُنَّ فوقَ الصَّواقِعِ؟

والصقِيعُ: الجلِيدُ؛ قال:

وأَدْرَكَه حُسامٌ كالصَّقِيعِ

وقال:

تَرَى الشَّيبَ، في رأْسِ الفرَزْدَقِ، قد عَلا

 

لهازِمَ قِرْدٍ رَنَّـحَـتْـه الـصَّـواقِـعُ

وقال الأَخطل:

كأَنَّما كانوا غُراباً واقِـعـا

 

فَطارَ لَمّا أَبْصَرَ الصَّواقِعا

والصقِيعُ: الذي يَسْقُطُ من السماء بالليل شَبيهٌ بالثلج.
وصُقِعَتِ الأَرض وأُصْقِعَتْ فهي مصقوعةٌ: أَصابَها الصقِيعُ. ابن الأَعرابي: صُقِعَتِ الأَرضُ وأُصْقِعْنا، وأَرضٌ صَقِعةٌ ومَصْقوعةٌ، وكذلك ضُرِبَتِ الأَرضُ وأُضْرِبْنا وجُلِدَت وأُجْلِدَ الناسُ، وقد ضُرِبَ البَقْلُ وجُلِدَ وصُقِعَ، ويقال: أَصْقَعَ الصقِيعُ الشجرَ، والشجرُ صَقِعٌ ومُصْقَعٌ. وأَصبحتِ الأَرضُ صَقِعةً وضَرِبةً.
والصَقَعُ: الضلالُ والهلاكُ. والصِّقِعُ: الغائبُ البعيدُ الذي لا يُدْرَى أَين هو، وقيل: الذي قد ذهَب فنزل وحده؛ وقوْلُ أَوْس أَنشده ابن الأَعرابي:

أَأَبا دُلَيْجةَ، مَنْ لِحَيٍّ مُـفْـرَدٍ

 

صَقِعٍ من الأَعْداءِ في شَوّالِ؟

صَقِع: مُتَنَحٍّ بعِيد من الأَعداء، وذلك أَن الرجل كان إذا اشتدَّ عليه الشتاء تَنَحَّى لئلا ينزل به ضيف. وقوله في شوّال يعني أَن البَرْد كان في شوّال حين تنحى هذا المُتَنَحِّي. والأَعداءُ: الضَّيفانُ الغُرَباءُ.
وقد صَقِعَ أَي عَدَلَ عن الطريق. والصاقِعُ: الذي يَصْقَعُ في كل النواحي.
وصَوْقَعةُ الثرِيد: وَقْبَتُه، وقيل: أَعلاه. وصَقَعَ الثرِيدَ يَصْقَعُه صَقْعاً: أَكَله من صَوْقَعتِه؛ وصنع رجل لأَعرابيّ ثريدة يأْكلُها ثم قال: لا تَصْقَعْها ولا تَشْرِمْها ولا تَقْعَرْها، قال: فمن أَين آكُل لاأَبا لَك، تَشْرِمْها تَخْرِقْها، وتَقْعَرْها تأْكل من أَسْفَلها.
وصَوْقَعَ الثريدةَ إذا سطَحَها، قال: وصَوْمَعَها وصَعْنَبَها إذا طَوَّلها.
والصَّوْقَعةُ: ما نَتَأَ من أَعلى رأْسِ الإِنسانِ والجبل.
والصَّوْقَعَةُ: ما بقي الرأْسَ من العِمامةِ والخِمارِ والرِّداءِ. والصَّوْقَعةُ: خِرْقةٌ تُقْعَدُ في رَأْسِ الهَوّدَجِ يُصَفِّقُها الريحُ. والصَّوْقَعةُ والصِّقاعُ، جميعاً: خِرْقة تكون على رأْس المرأَة تُوَقِّي بها الخِمار من الدُّهْنِ، وربما قيل للبرقع صِقاعٌ. والصَّوْقَعةُ من لبُرْقُع: رأْسُه، ويقال لِكَفِّ عَيْنِ البُرْقُع الضِّرْسُ ولِخَيْطَيْه لشِّبامانِ.والصِّقاعُ: الذي يَلي رأْسَ الفَرَسِ دون البُرْقُعِ الأَكبر.
والصِّقاعُ: ما يُشَدُّ به أَنف الناقة إذا أَرادوا أَن تَرْأَمَ ولدها أَو ولد غيرها؛ قال القطامي:

إِذا رَأْسٌ رَأيْتُ به طِماحـاً

 

شَدَدْت له الغَمائِمَ والصِّقاعا

قال أَبو عبيد: يقال للخرقة التي تُشَدُّ بها الناقةُ إذا ظُئِرَتِ الغِمامةُ، والتي يُشَدُّ بها عيناها الصِّقاعُ، وقد ذكر ذلك في ترجمة درج.
والصِّقاعُ: صِقاعُ الخِباءِ، وهو أَن يُؤْخَذ حَبْل فيُمدّ على أَعلاه ويُوَتَّرَ ويُشدَّ طرَفاه إِلى وَتِدَيْنِ رُزّا في الأَرض، وذلك إذا اشتدَّت الريح فخافوا تَقَوُّضَ الخِباء. والعرب تقول: اصْقَعُوا بيتكم فقد عَصَفتِ الريحُ، فَيَصْقَعُونه بالحبْل كما وصفته. والصِّقاعُ: حديدة تكون في موضع الحكَمَةِ من اللِّجامِ؛ قال ربيعة ابن مقروم الضَّبِّي:

وخَصْمٍ يَرْكَبُ العَوْصاءَ طاطٍ

 

عن المُثْلَى، غُناماهُ القِـذاعُ

طَمُوحِ الرأْسِ كُنْتُ له لِجاماً

 

يُخَيِّسُه له منـه صِـقـاعُ

ويقال: صَقَعْتُه بِكَيٍّ أَي وسَمْتُه على رأْسه أَو وجهه.
والأَصْقَعُ من الطير والخيل وغيرهما: ما كان على رأْسه بياض؛ قال:

كأَنَّها، حِينَ فاضَ الماءُ واحْتَفَلَتْ

 

صَقْعاءُ، لاحَ لها بالقَفْرَةِ الذِّيبُ

يعني العُقابَ. وعُقابٌ أَصْقَعُ إذا كان في رأْسِه بياض؛ قال ذو الرمة:

من الزُّرْقِ أَو صُقْعٍ كأَنَّ رُؤُوسَها

 

من القِهْزِ والقُوهِيِّ، بِيضُ المَقانِعِ

وظليم أَصْقَعُ: قد ابْيَضَّ رأْسُه. ونعامة صَقْعاءُ: في وسط رأْسها بياض على أَيّةِ حالاتِها كانت. والأَصْقَعُ: طائر كالعُصْفور في ريشه ورأْسه بياض، وقيل: هو كالعصفور في ريشه خُضْرةٌ ورأْسه أَبيض، يكون بِقُرْبِ الماءِ، إِن شِئت كسَّرته تكسيرَ الأَسماء لأَنه صفة غابة، وإِن شئت كسرته على الصفة لأَنها أَصله، وقيل: الأَصْقَعُ طائر وهو الصُّفارِيّةُ؛ قاله قطرب.وقال أَبو حاتم: الصَّقْعاءُ دُخَّلةٌ كَدْراءُ اللَّوْنِ صغيرة رأْسها أَصفر قصيرةُ الزِّمِكَّى. أَبو الوازع: الصُّقْعَةُ بياض في وسط رأْس الشاة السوداء ومَوْضِعُها من الرأْس الصَّوْقَعةُ. وصَقَعْتُه: ضربته على صَوْقَعَتِه؛ قال رؤبة:

بالمَشْرَفِيَّاتِ وطَعْنٍ وَخْـزِ

 

والصَّقْعِ من خابِطَةٍ وجُرْزِ

وفرسٌ أَصقَعُ: أَبيضُ أَعلى الرأْسِ. والأَصْقَعُ من الفرس: ناصِيَتُه، وقيل: ناصيته البيضاء. والصَّقْعُ: رَفْعُ الصوْتِ. وصَقَعَ بصوته يَصْقَعُ صَقْعاً وصُقاعاً: رفَعه. وصَقْعُ الدِّيكِ: صوْتُه، والصقِيعُ أَيضاً صوتُه. وقد صَقَعَ الدِّيكُ يَصْقَعُ أَي صاح.
والصُّقْعُ: ناحيةُ الأَرضِ والبيت. وصُقْعُ الرَّكِيّةِ: ما حَوْلَها وتحتها من نواحيها، والجمع أَصْقاعٌ؛ وقوله:

قُبِّحْتِ من سالِفةٍ ومن صُدُغْ

 

كأَنَّها كُشْيَةُ ضَبٍّ في صُقُعْ

إِنما معناه في ناحية، وجمع بين العين والغين لتقارب مخرجيهما، وبعضهم يرويه في صُقُغ، بالغين؛ قال ابن سيده: فلا أَدْرِي أَهو هَرَبٌ من الإِكْفاءِ أَم الغين في صُقُغ وضع، وزعم يونس أَن أَبا عمرو بن العلاء رواه كذلك وقال، أَعني أَبا عمرو: لولا ذلك لم أَروِها، قال ابن جني: فإِذا كان الأَمر على ما رواه أَبو عمرو فالحال ناطقة بأَن في صُقع لغتين: العين والغين جميعاً، وأَن يكون إِبدال الحرف للحرف. وفلان من أَهل هذا الصُّقْعِ أَي من أَهل هذه الناحية.
وخَطِيبٌ مِصْقَعٌ: بَلِيغٌ؛ قال قيس بن عاصم:

خُطَباءُ حِينَ يَقُومُ قـائِلُـنـا

 

بِيضُ الوُجُوهِ، مَصاقِعٌ لُسن

قيل: هو من رَفْعِ الصَّوْتِ، وقيل: يذهب في كل صُقْعٍ من الكلام أَي ناحية، وهو للفارسي. ابن الأَعرابي: الصَّقْعُ البلاغة في الكلام والوُقُوعُ على المعاني. والصَّقْعُ: رَفْعُ الصَّوْتِ؛ قال الفرزدق:

وعُطارِدٌ وأَبوه مِنْهم حاجِـبٌ

 

والشَّيْخُ ناجِيةُ الخِضَمُّ المِصْقَعُ

وفي حديث حذيفة بن أُسَيْدٍ: شَرُّ الناسِ في الفِتْنةِ الخطيبُ المِصْقَعُ أَي البلِيغُ الماهِرُ في خطبته الداعي إِلى الفِتَن الذي يُحرِّضُ الناس عليها، وهو مِفْعَلٌ من الصَّقْعِ رَفْعِ الصَّوْتِ ومُتابَعَتِه، ومِفْعَلٌ من أَبنية المبالغة.
والعرب تقول: صَهْ صاقِعُ، تَقوله للرجل تَسْمَعُه يَكْذِبُ أَي اسكُتْ يا كَذَّابُ فقد ضَلَلْتَ عن الحقِّ. والصاقِعُ: الكَذَّابُ. وصَقَع في كل النَّواحِي يَصْقَعُ: ذَهَبَ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

وعَلِمْتُ أَني إِنْ أُخِذْتُ بِـحِـيلَةٍ

 

نَهِشَتْ يَدايَ إِلى وَجَى لَمْ يَصْقَعِ

هو من هذا أَي لم يذهب عن طريق الكلام. ويقال: ما أَدْرِي أَين صَقَعَ وبَقَعَ أَي ما أَدْرِي أَينَ ذَهَبَ، قَلَّما يُتكلم به إِلاَّ بحرف النفي. وما أَدري أَين صَقَعَ أَي ما أَدري أَين توجه؛ قال:

ولله صُـعْـلُـوكٌ تَـشَـدَّدَ هَـمُّـه

 

عليه، وفي الأَرض العَرِيضةِ مَصْقَعُ

أَي مُتَوَجَّه. وصَقَعَ فلانٌ نحو صُقْعِ كذا وكذا أَي قَصَدَه.
وصَقِعَتِ الرَّكيَّةُ تَصْقَعُ صَقَعاً: انهارت كصَعِقَتْ. والصَّقَعُ: القَزَعُ في الرأْس، وقيل: هو ذَهابُ الشعر، وكل صاد وسين تجيءُ قبل القاف فللعرب فيها لغتان: منهم من يجعلها سيناً، ومنهم من يجعلها صاداً، لا يبالون متصلة كانت بالقاف أَو منفصلة، بعد أَن تكونا في كلمة واحدة، إِلاَّ أَنَّ الصاد في بعض أَحْسَنُ والسين في بعض أَحسن.
والصَّقَعِيُّ: الذي يُولَدُ في الصَّفَرِيَّة. ابن دريد: الصَّقَعِيُّ الحُوار الذي يُنْتَجُ في الصَّقِيعِ وهو من خير النِّتاجِ؛ قال الراعي:

خَراخِرُ تُحْسِبُ الصَّقَعِيَّ، حتى

 

يَظَلّ يَقُرّه الرَّاعِي سِـجـالا

الخَراخِرُ: الغَزِيراتُ، الواحِدةُ خِرْخِرةٌ، يعني أَنَّ اللبن يكثر حتى يأْخذه الراعي فيصبه في سقائه سجالاً سجالاً. قال: والإِحْسابُ الإِكْفاءُ. وقال أَبو نصر: الصَّقَعِيُّ أَوَّلُ النِّتاج، وذلك حين تَصْقَعُ الشمسُ فيه رؤُوسَ البَهْمِ صَقْعاً، قال: وبعض العرب تسميه الشَّمْسِيّ والقَيْظِيَّ ثم الصَّفَرِيُّ بعد الصَّقَعِيّ، وأَنشد بيت الراعي. قال أَبو حاتم: سمعت طائِفِيّاً يقول لِزُنْبُورٍ عندهم: الصقيعُ والصَّقِعُ كالغَمِّ يأْخذ بالنفْس من شدَّة الحر؛ قال سويد بن أَبي كاهل:

في حُرُورٍ يَنْضَجُ اللحمُ بها

 

يأْخُذُ السائِرَ فيها كالصَّقَعْ

والصَّقْعاءُ: الشمس. قالت ابنة أَبي الأَسود الدُّؤَليّ لأَبيها في يوم شديد الحر: يا أَبت ما أَشدُّ الحر؛ قال: إذا كانت الصَّقْعاءُ من فوْقِكِ والرَّمْضاءُ من تحتِك، فقالت: أَرَدْتُ أَن الحرَّ شديدٌ، قال: فقولي ما أَشدَّ الحر، فحينئذ وضع باب التعجب.

صقعب

الصَّقْعَب: الطَّويلُ مِن الرّجالِ، بالصادِ والسينِ؛ وهو في الصحاح: الطَّويلُ مُطْلَقاً، مِن غير تَقْييدٍ.

صقعر

الصُّقْعُرُ: الماء المُرُّ الغليظ. والصَّقْعَرَةُ: هو أَن يَصيحَ الإنسان في أُذن آخر. يقال: فلان يُصَقْعِرُ في أُذن فلان.

صقعل

الصِّقْعَلُ، على وزن السِّبَحْل: التمر اليابس يُنْقَع في المَخْض؛ وأَنشد: تَرَى لَهُم حَوْلَ الصِّقْعَلِ عِثْيَره

صقغ

الصُّقْغُ: لغة في الصُّقْع، وقد تقدم؛ قال:

قُبِّحَتِ من سالِفةٍ ومن صُدُغْ

 

كأَنها كُشْيةُ ضَبٍّ في صُقُغْ

هكذا رواية يونس عن أَبي عمرو، وقال له أَبو عمرو: لولا ذلك لم أَروهما، كأَنه آنَسَ من يونس تَوَحُّشاً من هذا.

صقف

التهذيب عن ابن الأَعرابي: الصُّقُوفُ المَظالُّ؛ قال الأَزهري: والأَصل فيه السُّقُوف.

صقل

الصَّقْلُ: الجِلاءِ. صَقَلَ الشيءَ يَصْقُلُه صَقْلاً وصِقَالاً، فهو مَصْقُولٌ وصَقِيلٌ: جَلاهُ، والاسم الصِّقَالُ، وهو صاقِلٌ والجمع صَقَلَةٌ؛ وقال يزيد بن عمرو بن الصَّعِق:

نَحْنُ رؤوسُ القَوْمِ يومَ جَبَلَـه

 

يَوْمَ أَتَتْنا أَسَدٌ وحَـنْـظَـلـه

نَعْلُوهُمُ بقُضُبٍ مُنْـتَـخَـلـه

 

لم تَعْدُ أَنْ أَفْرَشَ عنها الصَّقَله

والمِصْقَلة: التي يُصْقَل بها السيف ونَحوُه.
والصَّيْقَل: شَحَّاذُ السُّيوف وجَلاَّؤها، والجمع صَيَاقِل وصياقِلةٌ، دخلت فيه الهاء لغير علة من العلل الأَربع التي توجب دخول الهاء في هذا الضَّرْب من الجمع، ولكن على حَدِّ دخولها في المَلائِكة والقَشَاعِمة.
والصَّقِيلُ: السَّيْف.
وصِقَالُ الفَرَس: صَنْعَتُه وصِيانَتُه، يقال: الفَرسُ في صِقَالِه أَي في صِوَانهِ وصَنْعَته. ويقال: جعَل فلان فَرَسَه في الصِّقَال أَي في الصِّوان والصَّنْعة؛ قال أَبو النجم يَصِف فرساً:

حَتَّى إذا أَثْنَى جَعَلنا نَصْقُلُه

قال شَمِر: نَصْقُله أَي نُضَمِّره، ويقال نَصْقُله أَي نَصْنَعه بالجِلالِ والعَلَف والقِيَام عليه، وهو صِقَالُ الخيل. وفي حديث أُمِّ مَعْبد: ولم تُزْرِ به صُقْلةٌ: أَي دِقَّة ونُحُول، وقال شمر في قولها لم تُزْرِ به صُقْلَةٌ تريد ضُمْره ودِقَّتَه؛ وقال كثيِّر:

رَأَيْتُ بها العُوجَ اللَّهاميمَ تَغْتَلـي

 

وقد صُقِلَتْ صَقْلاً وشَلَّتْ لُحومُها

أَبو عمرو: صَقَلْتُ الناقةَ إذا أَضمرْتَها، وصَقَلَها السيرُ إذا أَضْمَرها، وشَلَّتْ أَي يَبِست؛ قال: والصُّقْلُ الخاصرة أُخِذَ من هذا؛ وقال غيره: أَرادت أَنه لم يكن مُنتفِخَ الخاصِرة جِدّاً ولا ناحِلاً جِدّاً، ولكن رَجُلاً رَتَلاً، ورواه بعضهم: ولم تَعِبْه ثُجلةٌ ولم تُزْرِ به صَعْلةٌ؛ فالثُّجْلة استرخاء البطن، والصَّعْلة صِغَرُ الرأْس، وبعضهم يَرْويه: لم تَعِبْه نُحْلة، ويروى بالسين على الإِبدال من الصاد سُقْلة.
ابن سيده: والصُّقْلة والصُّقْل الخاصِرَة، والصُّقْلانِ القُرْبانِ من الدَّاية وغيرها، وفي التهذيب: من كلّ دابَّة؛ قال ذو الرمة:

خَلَّى لها سِرْبَ أُولاها وهَيَّجَهـا

 

مِنْ خَلْفِها، لاحِقُ الصُّقْلَيْن هِمْهِيمُ

والصُّقْل الجَنْب، والصَّقَلُ انهِضام الصُّقْل، والصُّقْل الخفيف من الدواب؛ قال الأَعشى:

نَفَى عنه المَصِيفَ وصارَ صُقْلاً

 

وقد كَثُر التَّذَكُّـر والـفُـقُـودُ

ويروى: وصارَ صَعْلاً، وقَلَّمَا طالت صُقْلَة فَرَسٍ إِلا قَصْرَ جَنْباهُ، وذلك عَيْبٌ. ويقال: فرس صَقِلٌ بَيِّنُ الصَّقَل إذا كان طَوِيل الصُّقْلَيْن. أَبو عبيدة: فرس صَقِلٌ إذا طالت صُقْلَتُه وقَصُرَ جنباه؛ وأَنشد:

لَيْسَ بأَسْفَى ولا أَقنَى ولا صَقِل

ورواه غيره: ولا سَغِل؛ والأُنثى صَقِلَةٌ، والجمع صِقَالٌ، وهو الطويل الصُّقْلة، وهي الطُّفْطَفة، والعرب تُسَمِّي اللَّبَن الذي عليه دُوَايةٌ رقيقة مَصْقول الكِساء. ويقول أَحَدُهُم لصاحبه: هَلْ لك في مَصْقُولِ الكِساء؟ أَي في لَبَنٍ قد دَوَّى؛ قال الراجز:

فَهْو، إذا اهْتَافَ أَو تَهَيَّفا،

يَنْفِي الدُّوَاياتِ إذا تَرَشَّفا،

عن كُلِّ مَصْقُول الكِساءِ قد صَفَا

اهْتَاف أَي جاع وعَطِش؛ وأَنشد الأَصمعي: فباتَ دونَ الصَّبَا، وهي قَرَّةٌ، لِحَافٌ، ومَصْقُولُ الكِساءِ رَقيقُ أَي بات له لِباسٌ وطعامٌ؛ هذا قول الأَصمعي، وقال ابن الأَعرابي: أَراد بمَصْقُول الكساء مِلْحَفةً تحت الكساء حمراء، فقيل له: إِن الأَصمعي يقول أَراد به رَغْوَةَ اللَّبَن، فقال: إِنه لَمَّا قاله اسْتَحَى أَن يرجع عنه. أَبو تراب عن الفراء: أَنت في صُقْعٍ خالٍ وصُقْل خالٍ أَي في ناحية خالية، قال: وسَمِعْت شُجاعاً يقول: صَقَعه بالعصا وصَقَلَه وصَقَع به الأَرضَ وصَقَل به الأَرضَ أَي ضَرَب به الأَرضَ.
ومَصْقَلةُ: اسمُ رجل؛ قال الأَخطل:

دَعِ المُغَمَّرَ لا تَسْأَلْ بمَصْرَعِـه

 

واسْأَلْ بمَصْقَلَة البَكْريِّ ما فَعَلا

وهو مَصْقَلة بن هُبَيْرة من بني ثعلبة بن شيبان والصَّقْلاء: موضع؛ وقوله أَنشده ثعلب:

إِذا هُمُ ثاروا، وإِنْ هُمْ أَقْبلوا

 

أَقْبَلَ مِسْماحٌ أَرِيبٌ مِصْقَلُ

فَسَّره فقال: إِنما أَراد مِصْلَق فقَلَب، وهو الخطيب البليغ، وقد ذكر في موضعه.

صقلب

بعير صِقْلابٌ: شَديدُ الأَكْل. ابن الأَعرابي: الصِّقْلابُ الرجلُ الأَبْيَضُ. وقال أَبو عمرو: هو الأَحْمَرُ؛ وأَنشد لجندل: بَيْنَ مَقَذَّى رأْسِه الصِّقْلاب قال أَبو منصور: الصقالِبَةُ جِيلٌ حُمْرُ الأَلوان، صُهْبُ الشُّعُور، يُتاخِمُون الخَزَر وبَعْضَ جِبالِ الرُّوم. وقيل للرَّجُلِ الأَحمرِ: صِقْلابٌ تَشْبِيهاً بهم.

صقم

أهمله الليث. ابن الأعرابي: الصَّيْقَمُ المُنْتِنُ الرائحة.

صكا

ابن الأَعرابي: صَكا إذا لزِمَ الشيءَ.

صكك

الصَّكُّ: الضرب الشديد بالشيء العريض، وقيل: هو الضرب عامة بأيّ شيء كان، صَكَّه يَصُكُّه صَكّاً. الأصمعي: صَكَمْته ولكَمْتُه وصَكَكْتُه ودَكَكْتُه ولكَكْتُه، كأنه إذا دفعته. وصَكَّه أَي ضربه؛ قال مُدْرِك بن حِصْن:

يا كَرَواناً صُكَّ فاكْيَأَنَّا،

 

فشَنَّ بالسَّلْحِ فلما شَنَّا

ومنه قوله تعالى: فَصكّتْ وجهها. وفي حديث ابن الأَكوع: فأَصُكّ سهماً في رجْله أَي أضربه بسهم؛ ومنه الحديث: فاصْطَكُّوا بالسيوف أَي تضاربوا بها، وهو افْتَعلوا من الصَّكِّ، قلبت التاء طاء لأجل الصاد، وفيه ذكر الصَّكيكِ، وهو الضعيف، فعيل بمعنى مفعول، من الصَّكِّ الضرب أي يُضْرب كثيراً لاستضعافه. وبعير مَصْكوك ومُصَكَّكٌ: مضروب باللحم واصْطَكَّ الجِرْمانِ: صَكَّ أَحدهُما الآخر.
والصَّكَكُ: اضطراب الرُّكبتين والعُرقوبين من الإنسان وغيره، والنعت رجل أَصَكُّ، صَكَّ يَصَكُّ صَكَكاً فهو أَصَكُّ ومِصَكّ، وقد صَكِكْتَ يا رجل. أَبو عمرو: كل ما جاء على فَعِلَتْ ساكنة التاء من ذوات التضعيف فهو مدغم نحو صَمَّتِ المرأة وأَشباهه، إلا أَحرفاً جاءت نوادر في إظهار التضعيف: وهو لَحِحَتْ عينه إذا التصقت، وقد مَشِشَت الدابة وصَكِكتْ، وقد ضَبِبَ البلدُ إذا كثر ضِبابُه، وأَلِلَ السِّقاء إذا تغيرت ريحه، وقد قَطِطَ شعره. ابن الأعرابي: في قدميه قَبَلٌ ثم حَنَفٌ ثم فَحَجٌ، وفي ركبتيه صَكَكٌ وفي فخذيه فَجىً. والمِصَكُّ: القويُّ الشديد من الناس والإبل والحمير؛ وأَنشد يعقوب:

ترى المِصَكَّ يَطْرُد العَواشِيا

 

جِلَّتَها والأُخَرَ الحَـواشِـيا

ورجل مِصَكّ: قوي شديد. وفي الحديث: على جمل مِصَكّ، بكسر الميم وتشديد الكاف؛ هو القوي الجسيم الشديد الخَلْق، وقيل: هو من الصَّكِّ احتكاكِ العُرقوبين. والأصَكُّ: كالمِصَكّ؛ قال الفرزدق:

قَبَحَ الإلهُ خُصاكُما، إذ أَنتمـا

 

رِدْفانِ، فوق أَصَكَّ كاليَعْفورِ

قال سيبويه: والأُنثى مِصَكَّة، وهو عزيز عنده لأن مِفْعَلاً مِفْعَالاً قلما تدخل الهاء في مؤنثه. والصَّكَّةُ: شدَّة الهاجرة. يقال: لقيته صَكَّةَ عُمَيٍّ وصَكَّةَ أَعْمَى، وهو أَشد الهاجرة حرّاً، قال بعضهم: عُمَيٌّ اسم رجل من العماليق أَغار على قوم في وقت الظهيرة فاجتاحهم، فجرى به المثل؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

صَكَّ بها عين الظهيرة غائراً

 

عُمَيٌّ، ولم يَنْعَلْنَ إلاّ ظِلالَها

ويقال: هو تصغير أَعمى مرخماً. وفي الحديث: كان يُسْتظل بظل جَفْنة عبد الله بن جُدْعانَ صَكَّةَ عُمَيٍّ، يريد في الهاجرة، والأصل فيها أَن عميّاً مصغَّراً مرخم كأنه تصغير أعمى، وقيل إن عميّاً اسم رجل من عَدَوانَ كان يُفيض بالحج عند الهاجرة وشدة الحر، وقيل: إنه أَغار على قومه في حرّ الظهيرة فضرب به المثل فيمن يخرج في شدة الحر، يقال: لقيته صَكَّةَ عُمَيٍّ، وهذه الجَفْنة كانت لابن جدعان في الجاهلية يُطعم فيها الناس وكان يأكل منها القائم والراكب لعظمها، وكان له منادٍ ينادي: هَلُمَّ إلى الفالوذِ، وربما حضر طعامَه سيدُنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم.وظَليم أَصَكُّ: لتقارب ركبتيه يُصيب بعضُها بعضاً إذا عدا؛ قال الشاعر:

إنَّ بَني وَقْدانَ قومٌ سُكُّ،

 

مثْلُ النَّعامِ، والنَّعامُ صُكُّ

الجوهري: ظَليم أَصَكُّ لأنه أَرَحُّ طويل الرجلين ربما أَصاب لتَقاربِ ركبتيه بعضُها بعضاً إذا مشى. وفي الحديث: مَرَّ بجَدْيٍ أَصَكَّ ميِّتٍ؛ الصَّكَكُ: أَن تضرب إحدى الركبتين الأُخرى عند العدْو فتؤثر فيها أثراً، كأَنه لما رآه ميتاً قد تقلَّصت ركبتاه وصفه بذلك، أَو كأَنَّ شعر ركبتيه قد ذهب من الاصْطكاك وانْجَرَدَ فعرَّفه به، ويروى بالسين؛ ومنه كتاب عبد الملك إلى الحجاج: قاتلك الله، أُخَيْفِشَ العينين أَصَكٌّ وصُكُوكٌ وصِكَاك؛ قال أَبو منصور: والصك الذي يُكتبُ للعُهدة، معرَّب أَصله حَكَّ، ويُجمَعُ صِكَاكاً وصُكوكاً، وكانت الأرزاق تسمى صِكاكاً لأنها كانت تُخْرَجُ مكتوبة؛ ومنه الحديث في النهي عن شراء الصِّكاك والقُطُوط، وفي حديث أَبي هريرة: قال لمَرْوانَ أَحْلَلْتَ بيع الصِّكاك؛ هي جمع صَكٍّ وهو الكتاب، وذلك أَن الأُمراء كانوا يكتبون للناس بأرزاقهم وأَعْطياتهم كتباً فيبيعون ما فيها قبل أن يقبضوها مُعَجَّلاً، ويُعطُون المشتري الصَّكَّ ليمضي ويقبضه، فنُهوا عن ذلك لأنه بيع ما لم يُقْبَض. وصَكَّ البابَ صَكّاً: أَغلقه، وصَكَكْتُه: أَطبقته. والمِصَكُّ: المغلاق.
والصَّكِيكُ: الضعيف؛ عن ابن الأنباري، حكاه الهرويّ في الغريبين.
أَبو عمرو: كان عبد الصمد بن عليّ قُعْدُداً وكانت فيه خَصْلة لم تكن في هاشميّ: كانت أَسنانه وأَضراسه كلها ملتصقة؛ قال: وهذا يسمى أَصَكَّ، قال الأَزهري: ويقال له الأَلَصُّ أَيضاً.

صكم

صَكَمَه صَكْماً: ضربه ودفعه. وصَكَمَهُ صَكْمَةً: صَدَمه. الليث: الصَّكْمَةُ صَدْمة شديدة بحجر أو نحو حجر، والعرب تقول: صَكَمَتْه صَواكِمُ الدَّهْر، وصواكِمُ الدهر: ما يصيب من نوائبه. وصَكَمَ الفرسُ يَصْكُمُ: عَضَّ على اللجام ثم مَدَّ رأْسَه كأَنه يريد أن يغلبه. الأصمعي: صَكَمْتُه ولَكَمْتُه وصَكَكْتُه ودَكَكْتُه ولَكَكْتُه كله إذا دَفَعْتَه.