باب الصاد والهاء، الواو

صها

صَهْوَةُ كلّ شيءٍ: أَعْلاهُ؛ وأَنشد بيت عارِقٍ:

فأَقْسَمْتُ لا أَحْتَلُّ إلا بصَهْوَةٍ

 

حَرامٍ عليَّ رَمْلُه وشَقائِقُهْ

وهي منَ الفَرَسِ موضِعُ اللِّبْدِ من ظَهْرِه، وقيل: مَقْعَدُ الفارِسِ وقيل: هي ما أَسْهَلَ من سَرَاةِ الفَرَسِ من ناحِيتيْها كِلْتَيْهِما، والصَّهْوَةُ: مُؤَخَّر السَّنامِ، وقيل: هي الرَّادِفة تَراها فوْقَ العَجُزِ؛ قال ذو الرمة يصف ناقة:

إلى صَهْوَةٍ تَتْلُو مَحالاً كأَنـهـا

 

صَفاً دَلَّصَتْهُ طَحْمَةُ السَّيْلِ أَخْلَقُ

والجمع صَهَواتٌ وصِهاءٌ. الجوهري: أَعْلى كلِّ جَبلٍ صَهْوَتُهُ.
والصِّهاءُ: مَنابِعُ الماءِ، الواحدة صَهْوةٌ؛ وأَنشد ابن بري:

تَظَلَّلُ فِيهِـنَّ أَبْـصـارُهـا،

 

كما ظَلَّل الصَّخْر ماء الصِّهاءْ

والصَّهْوةُ: ما يُتَّخَذُ فوقَ الرَّوابي من البُروُج في أَعاليها،والجمعُ صهىً نادِرٌ، وفي التهذيب: والصَّهَواتُ؛ وأَنشد:

أَزْنَأَني الحُبُّ في صُهَى تَلَفٍ،

 

ماكنتُ لولا الرَّبابُ أَزْنَؤُهـا

والصَّهْوةُ: مكانٌ مُتَطامِنٌ من الأَرض تأْوي إليه ضَوَالُّ الإبِل:والصَّهَواتُ: أَوْساطُ المَتْنَيْنِ إلى القَطاةِ. وهاصاهُ: كسَرَ صُلْبَه. وصاهاه: رَكِبَ صَهْوَتَه. والصَّهْوة: كالغارِ في الجَبل يكونُ فيه الماءُ، وقد يكونُ فيه ماءُ المَطَر، والجمعُ صِهاءٌ. وصَهَا الجُرْحُ، بالفتح، يَصْهى صَهْياً: نَدِيَ. وقال الخليل: صَهِيَ الجُرْحُ، بالكسر. وأَصْهَى الصَّبيَّ: دَهَنه بالسَّمْنِ ووضَعه في الشمس من مرضٍ يُصِيبهُ. قال ابن سيده: وحَمَلْناهُ على الواوِ لأَنّا لا نَجِدُ ه ص ي. ابن الأَعرابي: تَيْسٌ ذو صَهَواتٍ إذا كان سميناً؛ وأَنشد:

ذا صَهَواتٍ يَرْتَعِي الأَدْلاسا،

كأَنَّ فوقَ ظَهْرِه أَحْلاسا،

من شَحْمِه ولَحْمِهِ دِحاسا

والدَّلْسُ: أَرضٌ أَنْبَتتْ بعدَما أُكِلَتْ. وصَها إذا كَثُرَ مالهُ.الأَصمعي: إذا أَصابَ الإنسانَ جُرْحٌ فجعَلَ يَنْدَى قيلَ صَها يَصْهى.وصِهْيَوْنُ: هي الرُّوم، وقيل: هي بيتُ المَقْدِس؛ وأَنشد:

وإنْ أَجْلَبَتْ صِهْيَوْنُ يوماً عليكُما،

 

فإنَّ رَحى الحَرْبِ الدَّلوك رَحاكُما

صهب

الصُّهْبةُ: الشُّقْرة في شعر الرأْس، وهي الصُّهُوبةُ.
الأَزهري: الصَّهَبُ والصُّهْبة: لونُ حمْرةٍ في شعر الرأْس واللحية، إذا كان في الظاهر حُمْرةٌ، وفي الباطن اسودادٌ، وكذلك في لون الإِبل؛ بعيرٌ أَصْهَبُ وصُهابيٌّ وناقة صَهْباء وصُهابِيَّةٌ؛ قال طَرَفة:

صُهابِيَّةُ العُثْنُونِ، مُؤجَدَةُ القَرَابَعيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ، مَوَّارَةُ اليَدِ

الأَصمعي: الأَصْهَبُ: قريبٌ من الأَصْبَح. والصَّهَبُ والصُّهْبَة: أَن يَعْلُوَ الشعرَ حُمْرَةٌ، وأُصُولُه سُودٌ، فإِذا دُهِنَ خُيِّل إِليك أَنه أَسود. وقيل: هو أَن يَحْمَرَّ الشعر كُلُّهُ. صَهِبَ صَهَباً واصْهَبَّ واصْهابَّ وهو أَصْهَبُ. وقيل: الأَصْهَبُ من الشِّعر الذي يُخالط بياضَه حمرةٌ. وفي حديث اللِّعانِ: إِن جاءَت به أَصْهَبَ فهو لفلان؛ هو الذي يَعْلُو لونَه صُهْبَةٌ، وهي كالشُّقْرة، قاله الخطابي. والمعروف أَن الصُّهْبة مختصة بالشعر، وهي حُمْرَة يعلوها سواد. والأَصْهَبُ من الإِبل: الذي ليس بشديد البياض. وقال ابن الأَعرابي: العرب تقول: قُريشُ الإِبل صُهْبُها وأُدْمُها؛ يذهبون في ذلك إِلى تشريفها على سائر الإِبل. وقد أَوضحوا ذلك بقولهم: خيرُ الإِبل صُهْبُها وحُمْرُها، فجعلوها خير الإِبل، كما أَن قريشاً خيرُ الناس عندهم.
وقيل: الأَصْهَبُ من الإِبل الذي يخالط بياضَه حُمرةٌ، وهو أَن يَحْمَرَّ أَعلى الوَبَر وتَبْيَضَّ أَجْوافُه. وفي التهذيب: وليستْ أَجوافُه بالشديدةِ البياضِ، وأَقْرابُه ودُفُوفه فيها تَوضِيحٌ أَي بَياض. قال: والأَصْهَبُ أَقلُّ بياضاً من الآدَم، في أَعاليه كُدْرة، وفي أَسافله بياضٌ. ابن الأَعرابي: الأَصْهَبُ من الإِبل الأَبيضُ. الأَصمعي: الآدَمُ من الإِبل: الأَبيضُ، فإِن خالطته حُمْرة، فهو أَصْهَبُ. قال ابن الأَعرابي: قال حُنَيْفُ الحَناتِم، وكان آبَلَ الناس: الرَّمْكَاءُ بُهْيَا، والحَمْراءُ صُبْرَى، والخَوَّارَةُ غُزْرَى، والصَّهْبَاءُ سُرْعَى. قال: والصُّهْبَةُ أَشْهَرُ الأَلوان وأَحسنُها، حين تَنْظُر إِليها؛ ورأَيتُ في حاشيةٍ: البُهْيا تأْنيث البَهِيَّةِ، وهي الرائعة.
وجَمَلٌ صُهابيٌّ أَي أَصْهَبُ اللون، ويقال: هو منسوب إِلى صُهابٍ: اسم فَحل أَو موضع. التهذيب: وإِبل صُهابِيَّةٌ: منسوبة إِلى فحل اسمه صُهابٌ. قال: وإِذا لم يُضِيفُوا الصُّهابِيَّة، فهي من أَولاد صُهابٍ؛ قال ذو الرمة:

صُهابِيَّةٌ غُلْبُ الرِّقابِ، كأَنما

 

يُناطُ بأَلْحِيها فَراعِلَةٌ غُثْـرُ

قيل: نُسبت إِلى فَحْل في شِقِّ اليمن. وفي الحديث: كان يَرْمي الجِمارَ على ناقةٍ له صَهْباء.
ويقال للأَعداء: صُهْبُ السِّبالِ، وسُود الأَكباد، وإِن لم يكونوا صُهْبَ السِّبال، فكذلك يقال لهم؛ قال:

جاؤوا يَجُرُّونَ الحَديدَ جَـرَّا

 

صُهْبَ السِّبالِ يَبْتَغُونَ الشَّرَّا

وإِنما يريد أَنَّ عداوتهم لنا كعداوة الروم. والرومُ صُهْبُ السِّبال والشعور، وإِلاّ فهم عَرَبٌ، وأَلوانهم: الأُدْمَةُ والسُّمْرةُ والسَّوادُ؛ وقال ابنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:

فَظِلالُ السُّيوفِ شَيَّبْـنَ رأْسِـي

 

واعْتِناقي في القَوْمِ صُهْبَ السِّبالِ

ويقال: أَصله للروم، لأَن الصُّهُوبةَ فيهم، وهم أَعداءُ العرب.
الأَزهري: ويقال للجَراد صُهابِيَّةٌ؛ وأَنشد:

صُهابِيَّةٌ زُرْقٌ بعيدٌ مَسيرُها

والصَّهْباءُ: الخَمْر؛ سميت بذلك للونها. قيل: هي التي عُصِرَت من عنب أَبيضَ؛ وقيل: هي التي تكون منه ومن غيره، وذلك إذا ضَرَبَتْ إِلى البَياض؛ قال أَبو حنيفة: الصَّهْباءُ اسم لها كالعَلَم، وقد جاءَ بغير أَلف ولام لأَنها في الأَصل صفة؛ قال الأَعشى:

وصَهْباءَ طافَ يَهودِيها

 

وأَبْرَزَها، وعليها خَتَمْ

ويقال للظَّلِيم: أَصْهَبُ البَلَدِ أَي جِلْدُه.
والموتُ الصُّهابيُّ: الشديد كالموت الأَحمر؛ قال الجَعْدِيُّ:

فَجِئْنا إِلى المَوتِ الصُّهابيِّ بعدما

 

تَجَرَّدَ عُرْيانٌ، من الشَّرِّ، أَحدَبُ

وأَصْهَبَ الرجلُ: وُلِدَ له أَولادٌ صُهْبٌ.
والصُّهابيُّ: كالأَصْهَب؛ وقولُ هِمْيانَ:

يُطيرُ عنها الوَبَرَ الصُّهَابِجَا

أَراد الصُّهَابيَّ، فخفَّف وأَبدل؛ وقول العجاج: بِشَعْشَعانيٍّ صُهابيٍّ هَدِلْ إِنما عنى به المِشْفَرَ وحدَه، وصفه بما توصف به الجملة. وصُهْبى: اسم فرسِ النَّمِر بن تَوْلَب، وإِياها عَنَى بقوله:

لقد غَدَوْتُ بصُهْبَى وهي مُلْهِبَةٌ

 

إِلْهابُها كضِرامِ النارِ في الشِّيحِ

قال: ولا أَدري أَشْتَقَّه من الصَّهَبِ، الذي هو اللون، أَم ارْتَجَلَه عَلَماً.
والصُّهَابيُّ: الوافر الذي لم يَنْقُصْ. ونَعَمٌ صُهَابيٌّ: لم تُؤْخَذْ صَدَقتُه بل هو بِوَفْرِه. والصُّهَابيُّ من الرجال: الذي لا ديوان له. ورَجُلٌ صَيْهَبٌ: طَويلٌ. التهذيب: جَمَلٌ صَيْهَبٌ، وناقة صَيْهَبَة إذا كانا شديدين، شُبِّها بالصَّيْهَبِ، الحِجارةِ؛ قال هِمْيَانُ:

حَتَّى إذا ظَلْماؤُها تَكَشَّـفَـتْ

 

عَنِّي، وعَنْ صَيْهَبَةٍ قد شَدِفَتْ

أَي عن ناقةٍ صُلْبَةٍ قد تَحَنَّتْ. وصَخرةٌ صَيْهَبٌ: صُلْبَة.
والصَّيْهَبُ الحجارة؛ قال شمر: وقال بعضهم هي الأَرض المستوية؛ قال القُطاميّ:

حَدا، في صَحَارَى ذي حماسٍ وعَرْعَرٍ

 

لِقاحاً يُغَشِّيها رُؤُوسَ الـصَّـياهِـب

قال شمر: ويقال الصَّيْهَبُ الموضع الشديد؛ قال كثير:

على لاحِبٍ، يَعْلُو الصَّيَاهِبَ، مَهْيَعِ

ويومٌ صَيْهَبٌ وصَيْهَدٌ: شَديد الحَرِّ. والصَّيْهَبُ شِدَّةُ الحَرِّ؛ عن ابن الأَعرابي وحده ولم يَحْكِهِ غيرهُ إِلا وَصْفاً. وصُهابُ: موضع جعلوه اسماً للبُقْعة؛ أَنشد الأَصمعي:

وأَبي الذي تَرَكَ المُلُوكَ وجَمْعَهم

 

بصُهابِ هامِدةٍ، كأَمْسِ الدَّابِـر

وبين البَصْرة والبحرين عينٌ تُعرف بعين الأَصْهَبِ. قال ذو الرمة، فجمعه على الأَصْهَبِيَّات:

دَعاهُنَّ من ثَأْجٍ، فأَزْمَعْنَ وِرْدَه

 

أَو الأَصْهَبِيَّات، العُيُونُ السَّوائحُ

وفي الحديث ذِكْرُ الصَّهْباءِ، وهو موضع على رَوْحةٍ من خَيْبَر.
وصُهَيْبُ بنِ سِنانٍ: رجل، وهو الذي أَراده المشركون مع نَفَرٍ معه على ترك الإِسلام، وقتلوا بعض النَّفَرِ الذين كانوا معه، فقال لهم صُهَيْبٌ:أَنا شيخ كبير، إِنْ كنتُ عليكم لم أَضُرَّكُم، وإِن كنتُ معكم لم أَنفعكم، فخَلُّوني وما أَنا عليه، وخُذُوا مالي. فقَبلوا منه، وأَتى المدينةَ فلقيه أَبو بكر الصديقُ، رضي اللّه عنه، فقال له: رَبِحَ البيع يا صُهَيْبُ. فقال له: وأَنتَ رَبِحَ بيعُك يا أَبا بكر. وتلا قوله تعالى: ومن الناسِ من يَشْري نَفْسَه ابتغاءَ مَرْضاةِ اللّه. وفي حاشيةٍ: والمُصَهَّبُ: صَفِيفُ الشِّواءِ والوَحْشِ المُخْتَلِطُ.

صهبج

التهذيب في الرباعي: وَوَبَرٌ صُهَابِجٌ أَي صُهَابيّ، أَبدلوا الجيم من الياء، كما قالوا: الصِّيصِجّ والعَشِجّ وصِهْرِيجٌ وسِهْرِيٌّ؛ وقول هِمْيان:

يُطيرُ عنها الوَبَر الصُّهابِجَا

أَراد الصُّهابيّ، فخفف وأَبدل.

صهتم

الأَزهري في الرباعي: ابن السكيت رجل صَهْتمٌ شديدٌ عِسرٌ لا يرتَدُّ وجْهُه، وهو مِثْلُ الصِّهْميم؛ وأَنشد غيره:

فعَدا على الرُّكْبانِ، غيرَ مُهَلِّلٍ

 

بِهراوةٍ، سَلِسِ الخَلِيقةِ، صَهْتَمُ

صهد

صَهَدَتُه الشمسُ: لغة في صَخَدَتْه. ابن سيده: صَهَدَتْه الشَّمْسُ تَصْهَدُه صَهْداً وصَهَداناً: أَصابَتْه وحَمِيَتْ عليه.
والصَّيْهَدُ: شدّة الحَرِّ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:  

فأَوْرَدَهـا فَـيْحُ نَـجْـمِ الـفُـرُو

 

عِ، من صَيْهَدِ الصَّيفِ، بَردَ الشمال

وقال أَبو عبيد: الصَّيْهَد هنا السَّرابُ؛ قال ابن سيده: وهو خطأٌ. وفي التهذيب: الصَّيْهَدُ السرابُ الجاري؛ وأَورد بيت أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:

من صيهد الصيف برد الشمال

قال: وأَنكَرَ شمر الصَّيْهَد السراب، وقال: صَيْهَدُ الحرّ شدّته؛ ويوم صَيْهَدٌ وصَيْهَبٌ وصَيْخُود. وقد صَهَدَهم الحر وصَخَدَهم بمعنى واحد؛ وهاجِرَةٌ صَيْهَدٌ وصَيْهُود: حارَّة.
والصَّيْهَدُ: الطويل. والصَّيْهُود: الجَسيم. وفلاة صَيْهَدٌ: لا يُنالُ ماو ها؛ وقال مُزاحِمٌ العُقَيْلي:

إِذا عَرَضَتْ مَجْهُولة صَـيْهَـدِيَّةٌ،

 

مَخُوفٌ رَدَاها من سَرابٍ ومِغْوَل

وما غالَك وأَهْلَكَكَ، فهو مِغْوَل.

صهر

الصَّهْرُ: القرابة. والصِّهْرُ: حُرْمة الخُتُونة، وخَتَنُ الرجل صِهْرُه، والمتزوَّجُ فيهم أَصْهارُ الخَتَنِ، والأَصْهارُ أَهلُ بيت المرأَة ولا يقال لأَهل بيت الرجل إِلاَّ أَخْتان، وأَهل بيت المرأَة أَصْهار، ومن العرب من يجعل الصَّهْرَ من الأَحماءِ والأَخْتان جميعاً. يقال: صاهَرْتُ القوم إذا تزوجت فيهم، وأَصْهَرْتُ بهم إذا اتَّصلت بهم وتحرَّمت بجِوار أَو نسب أَو تزوُّجٍ. وصِهْرُ القوم: خَتَنَهُم، والجمع أَضْهارٌ وصُهَراءُ؛ الأَخيرة نادرة، وقيل: أَهلُ بيتِ المرأَة أَصْهارٌ وأَهل بيت الرجل أَخْتانٌ. وقال ابن الأَعرابي: الصِّهْرُ زوجُ بنتِ الرجل وزوج أُخته. والخَتَنُ أَبو امرأَة الرجل وأَخو امرأَته، ومن العرب من يجعلهم أَصْهاراً كلهم وصِهْراً، والفعل المُصاهَرَةُ، وقد صاهَرَهُمْ وصاهَرَ فيهم؛ وأَنشد ثعلب:

حَرَائِرُ صاهَرْنَ المُلُوكَ، ولم يَزَلْ

 

على النَّاسِ، مِنْ أَبْنائِهِنَّ، أَمـيرُ

وأَصْهَرَ بِهِمْ وإِليهم: صار فيهم صِهْراً؛ وفي التهذيب: أَصْهَرَ بهم الخَتَن. وأَصْهَرَ: مَتَّ بالصِّهْر. الأَصمعي: الأَحْماءُ من قِبَل الزّوج والأَخْتانُ من قِبَل المرأَة والصِّهْرُ يجمعهما، قال: لا يقال غيره. قال ابن سيده: وربما كَنَوْا بالصِّهرِ عن القَبْر لأَنهم كانوا يَئِدُونَ البنات فيدفنو نهن، فيقولون: زوّجناهن من القَبْر، ثم استعمل هذا اللفظ في الإِسلام فقيل: نِعْمَ الصِّهْرُ القَبْرُ، وقيل: إِنما هذا على المثل أَي الذي يقوم مَقام الصِّهْرِ، قال: وهو الصحيح. أَبو عبيد: يقال فلان مُصْهِرٌ بنا، وهو من القرابة؛ قال زهير:

قَوْد الجِيادِ، وإِصْهار المُلُوك، وصَبْ

 

ر في مَوَاطِنَ، لو كانوا بها سَئِمُوا

وقال الفراء في قوله تعالى: وهو الذي خَلَقَ من الماء بشراً فجعله نَسَباً وصِهْراً؛ فأَما النَّسَبُ فهو النَّسَبُ الذي يَحِلُّ نكاحه كبنات العم والخال وأَشباههن من القرابة التي يحل تزويجها، وقال الزجاج:الأَصْهارُ من النسب لا يجوز لهم التزويج، والنَّسَبُ الذي ليس بِصِهْرٍ من قوله: حُرّمت عليكم أُمهاتكم... إِلى قوله: وأَن تجمعوا بين الأُختين؛ قال أَبو منصور: وقد رويْنا عن ابن عباس في تفسير النَّسَبِ والصِّهْرِ خلافَ ما قال الفراءُ جُمْلَةً وخلافَ بعضِ ما قال الزجاج. قال ابن عباس:حرَّم الله من النسب سبعاً ومن الصِّهْرِ سبعاً: حُرّمَتْ عليكم أُمهاتُكم وبناتُكم وأَخواتُكم وعماتُكم وخالاتُكم وبناتُ الأَخِ وبناتُ الأُختِ من النسب، ومن الصهر: وأُمهاتكم اللاتي أَرْضَعْنَكم وأَخواتُكم من الرَّضاعة وأُمهاتُ نسائكم ورَبائِبُكُم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن وحلائلُ أَبنائِكم الذين من أَصلابكم ولا تنكحوا ما نكحَ آباؤكم من النساء وأَن تجمعوا بين الأُختين؛ قال أَبو منصور: ونَحْوَ ما رويْنا عن ابن عباس قال الشافعي: حرم الله تعالى سبعاً نَسَباً وسبعاً سَبَباً فجعل السببَ القرابةَ الحادثةَ بسبب المُصاهَرَة والرَّضاع، وهذا هو الصحيح لا ارْتِيابَ فيه.
وصَهَرَتَهُ الشمسُ تَصْهَرُه صَهْراً وصَهَدَتْهُ: اشتدَّ وقْعُها عليه وحَرُّها حتى أَلِمَ دِماغهُ وانْصَهَرَ هو؛ قال ابن أَحمر يصف فرخ قطاة:

تَرْوِي لَقىً أُلْقِي في صَفْصَفٍ،

 

تَصْهَرُهُ الشَّمْسُ فَما يَنْصَهِـرْ

أَي تُذُيبه الشمس فيَصْبر على ذلك. تَرْوي: تسوق إِليه الماء أَي تصير له كالراوِيَةِ. يقال: رَوَيْتُ أَهلي وعليهم رَيّاً أَتيتهم بالماء. والصَّهْرُ: الحارُّ؛ حكاه كراع، وأَنشد:

إِذ لا تَزالُ لَكُمْ مُغَرْغِـرَة

 

تَغْلي، وأَعْلى لَوْنِها صَهْرُ

فعلى هذا يقال: شيء صَهْرٌ حارٌّ. والصَّهْرُ: إِذابَةُ الشَّحْم.
وصَهَرَ الشحمَ ونَحْوه يَصْهَرُه صَهْراً: أَذابه فانْصَهَرَ. وفي التنزيل:يُصْهَرُ بِه ما في بطونهم والجلودُ؛ أَي يُذَاب. واصْطَهَرَه: أَذابه وأَكَلَهُ، والصُّهارَةُ: ما أَذبت منه، وقيل: كلُّ قطعة من اللحم، صَغُرَت أَو كَبُرت، صُهارَةٌ. وما بالبعير صُهارَةٌ، بالضم، أَي نِقْيٌ، وهو المُخّ. الأَزهري: الصَّهْر إِذابة الشحْم، والصُّهارَةُ ما ذاب منه، وكذلك الاصْطِهارُ في إِذابته أَو أَكْلِ صُهارَتِهِ؛ وقال العجاج:

شَكّ السَفافِيدِ الشَّواءَ المُصْطَهَرْ

والصَّهْرُ: المَشْوِي. الأَصمعي: يقال لما أُذيب من الشحم الصُّهارة والجَمِيلُ. وما أُذيب من الأَلْيَة، فهو حَمٌّ، إذا لم يبق فيه الوَدَكُ. ابو زيد: صَهَرَ خبزَه إذا أَدَمَه بالصُّهارَة، فهو خبز مَصْهُورٌ وصَهِيرٌ. وفي الحديث: أَن الأَسْوَد كان يَصْهَر رِجليه بالشحم وهو محرم؛ أَي كان يُذِيبه ويَدْهُنُهما به. ويقال: صَهَرَ بدنه إذا دهنه بالصَّهِيرِ. وصَهَرَ فلانٌ رأْسَه صَهْراً إذا دهنه بالصُّهارَة، وهو ما أُذيب من الشحم. واصْطَهَر الحِرْباءُ واصْهارَّ: تَلأْلأَ ظهره من شدة حر الشمس، وقد، صَهَرَه الحرُّ. وقال الله تعالى: يُصْهَرُ به ما في بطونهم حتى يخرج من أَدبارهم؛ أَبو زيد في قوله: يُصْهَرُ به قال: هو الإِحْراق، صَهَرْته بالنار أَنَضَجتْه، أَصْهَرُه. وقولهم: لأَصْهَرَنَّكَ بِيَمِينٍ مُرَّةٍ، كأَنه يريد الإِذابة. أَبو عبيدة: صَهَرْتُ فلاناً بيمينٍ كاذبةٍ توجب له النار. وفي حديث أَهل النار: فَيُسْلَتُ ما في جوفه حتى يَمْرُقَ من قدميه، وهو الصَّهْرُ. يقال: صَهَرْت الشحم إذا أَذبته. وفي الحديث: أَنه كان يؤسِّسُ مسجدَ قُباءٍ فَيَصْهَرُ الحجرَ العظيمَ إِلى بطنه؛ أَي يُدْنيه إِليه. يقال: صَهَرَه وأَصْهَرَه إذا قرَّبه وأَدناه. وفي حديث علي، رضي الله عنه: قال له ربيعة بن الحرث: نِلْتَ صِهْرَ محمد فلم نَحْسُدْك عليه؛ الصِّهْرُ حرمة التزويج، والفرق بينه وبين النَّسَب: أَن النسب ما يرجع إِلى ولادة قريبةٍ من جهة الآباء، والصِّهْر ما كان من خُلْطَةٍ تُشبِه القرابةَ يحدثها التزويج.
والصَّيْهُورُ: شِبْهُ مِنْبر يُعمل من طين أَو خشب بوضع عليه متاع البيت من صُفْرٍ أَو نحوه؛ قال ابن سيده: وليس بثبت. والصَّاهُورُ: غِلاف القمر، أَعجمي معرب.
والصِّهْرِيُّ: لغة في الصِّهْرِيج، وهو كالحوض؛ قال الأَزهري: وذلك أَنهم يأْتون أَسفل الشِّعْبَة من الوادي الذي له مَأْزِمانِ فيبنون بينهما بالطين والحجارة فيترادُّ الماءُ فيشربون به زماناً، قال: ويقال تَصَهْرَجُوا صِهْرِيّاً.

صهرج

الصِّهْرِيجُ: واحد الصَّهاريج، وهي كالحياض يجتمع فيها الماء؛ وقال العجاج:

حتى تَنَاهَى في صَهارِيجِ الصَّفا

يقول: حتى وقف هذا الماء في صَهارِيج من حَجَر. ابن سيده: الصِّهْرِيج مَصْنعة يجتمع فيها الماء، وأَصله فارسيّ، وهو الصِّهْرِيّ، على البَدَل، وحكى أَبو زيد في جمعه: صَهاريّ.
وصَهْرَجَ الحوضَ: طَلاه، ومنه قول بعض الطُفَيْلِيِّين: وَدِدْتُ أَن الكُوفة بِرْكَة مُصَهرَجَة. وحوض صُهارِج: مَطْلِيٌّ بالصَّارُوج.
والصُّهارج، بالضم: مثل الصِّهْرِيج؛ وأَنشد الأَزهري:

قَصَبَّحَتْ حابِيَةً صُهَارِجا

وقد صَهْرَجُوا صِهْرِيجاً؛ قال ذو الرُّمة:

صَوارِي الهامِ، والأَحشاءُ خافِقَة

 

تُناوِلُ الهِيمَ أَرْشَافَ الصَّهارِيج

صهصلق

صوت صَهْصَلِقٌ أَي شديد؛ وأَنشد:

قد شَيَّبَتْ رأْسِي بصَوْتٍ صَهْصَلِقْ

ورجل صَهْصَلِقُ الصوتِ: شديدُه. وامرأَة صَهصِلقٌ وصَهْصَليقٌ: شديدة الصوت صَخَّابة، ومنهم من قَيّد فقال: الصَّهْصَلِقُ العجوز الصخّابة؛ ومنه قول الشاعر:

أُمُّ حوار ضَنْؤُهـا غـيرُ أَمِـرْ،

 

صَهْصَلِقُ الصوتِ بعَينَيْهَا الصَّبِرْ

سائلة أَصْداغُها لا تَخْـتَـمِـرْ،

 

تَعْدو على الذئب بِعود مُنْكَسِرْ

تُبادِرُ الذئبَ بعَدْوٍ مُشْـفَـتِـرْ،

 

يَفِرُّ مَنْ قاتَلهـا، ولا تَـفِـرُّ

لو نُحِرَتْ في بيتِها عَشْرُ جُزُرْ،

 

لأَصْبَحَتْ منَ لَحمِهنَّ تَعْتَـذِرْ

قال: وكذلك الصَّهْصَلِيقُ؛ وأَشد للعُلَيكم الكندي:

نأْآجَةُ العَدْوةِ شَمْشَلِيقها،

شَدِيدة الصَّيْحةِ صَهْصَليقها،

تُسامِرُ الضِّفْدَعَ في نَقِيقِها

والشَّمْشَلِيقُ: السريعة المشي.

صهصه

صَهَّ القَوْمَ وصَهْصَهَ بهم: زَجَرَهُمْ، وقد قالوا صَهْصَيْتُ فأَبدلوا الياء من الهاء، كما قالوا دَهْدَيْتُ في دَهْدَهْتُ. وصَهْ: كلمة زَجْرٍ للسكوت؛ قال:

صَهْ، لا تَكَلَّمْ لحَمَّـادٍ بـداهِـيةٍ،

 

عَلَيْكَ عَيْنٌ من الأَجْذاعِ والقَصَبِ

وصَهْ: كلمة بنيت على السكون، وهو اسم سمي به الفعل، ومعناه اسكت، تقول للرجل إذا سَكَّنْته وأَسْكَتَّهُ صَهْ، فإِن وصلت نونت قلت صَهٍ صَهْ، وكذلك مَهْ، فإِن وصلت قلت مَهٍ مَهْ، وكذلك تقول للشيء، إذا رضيته بَخْ وبَخٍ بَخْ، ويقال: صَهِ، بالكسر، قال ابن جني: أَما قولهم صَهٍ إذا نوَّنت فكأَنك قلت سُكوتاً، وإِذا لم تنوّن فكأَنك قلت السكوتَ، فصار التنوين علم التنكير وتركه علم التعريف؛ وأَنشد الليث:

إِذا قال حادِينا لتَشْبِـيهِ نَـبْـأَةٍ:

 

صَهٍ، لم يَكُنْ إِلاَّ دَوِيُّ المَسامع

قال: وكل شيء من موقوفِ الزَّجْر فإِن العرب قد تُنَوِّنُه مخفوضاً، وما كان غيرَ موقوف فعلى حركةٍ صَرْفُه في الوجوه كلها. وتضاعف صَهْ فيقال: صَهْصَهْتُ بالقوم؛ قال المبرد: إِن وصلت فقلت صَهٍ يا رجل بالتنوين فإِنما تريد الفرق بين التعريف والتنكير لأَن التنوين تنكير، قال ابن الأَثير: وقد تَكَرَّرَ ذِكْرُ صَه في الحديث، وهي تكون للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بمعنى اسْكُتْ؛ قال: وهي من أَسماء الأَفعال، وتنوّن ولا تنوّن، فهي للتنكير كأَنك قلت اسكت سكوتاً، وإِذا لم تنوّن فللتعريف أَي اسكت السكوت المعروف منك، والله تعالى أَعلم.

صهك

أَبو عمرو: الصُّهْكُ الجواري السُّود.

صهل

الصَّهَلُ: حِدَّةُ الصوت مع بَحَح كالصَّحَل. يقال: في صوته صَهَلٌ وصَحَلٌ، وهو بُحَّة في الصوت، والصَّهِيلُ للخيل. قال الجوهري: الصَّهِيل والصُّهال صوت الفرس مثل النَّهِيق والنُّهاق. وفي حديث أُمِّ زَرْع: فَجَعَلَني في أَهْل صَهِيلٍ وأَطِيطٍ؛ تريد أَنها كانت في أَهل قِلَّة فَنَقَلها إِلى أَهل كَثْرة وثَرْوة، لأَن أَهل الخيل والإِبل أَكثر من أَهل الغَنم. ابن سيده: الصَّهِيل من أَصوات الخيل، صَهَلَ الفرسُ يَصْهَل ويَصْهِلُ صَهِيلاً. وفَرَس صَهَّالٌ: كثير الصَّهِيل. وفي حديث أُمِّ مَعْبَد: في صوته صَهَلٌ؛ حِدَّةٌ وصَلابة من صَهِيلِ الخيل وهو صوتها.
ورجُل ذُو صاهِل: شديد الصِّياح والهِياج. والصاهِلُ من الإِبل: الذي يَخْبِط بيده ورجله وتسمع لجَوْفه دَوِيّاً من عِزَّة نفسه. النضر: الصَّاهل من الإِبل الذي يَخْبِط ويَعَضُّ ولا يَرْغُو بواحدة من عِزَّة نفسه.
يقال: جَمَلٌ صاهِلٌ وذو صاهِلٍ وناقةٌ ذاتُ صاهل؛ وأَنشد:

وذو صاهِلٍ لا يَأْمَن الخَبْطَ قائدُه

وجعل ابنُ مُقْبل الذِّبَّانَ صَواهِلَ في العُشْب، يُريد عُنَّةَ طَيرانها وصَوْتَه، فقال:

كأَنَّ صَـواهِـلَ ذِبَّـانِـــه

 

قُبَيْلَ الصَّباحِ، صَهيلُ الحُصُن

وجعل أَبو زُبَيدٍ الطائي أَصواتِ المَساحِي صَواهلَ فقال:

لها صَواهِلُ في صُمِّ السِّلام، كما

 

اح القَسِيَّاتُ في أَيدي الصَّيارِيف

والصَّواهِلُ: جمع الصاهِلة، مصدر على فاعِلَة بمعنى الصَّهِيل، وهو الصوت كقولك سَمِعْتُ رواغِيَ الإِبل.
وصاهِلَةُ: اسمٌ. وبَنُو صاهِلةَ: بطنٌ.

صهم

الصَّيْهَمُ: الشديدُ؛ قال:

فغَدَا على الرُّكْبانِ، غَيرَ مُهَلِّلٍ

 

بِهِراوةٍ، شَكِسُ الخَلِيقةِ صَيْهَمُ

والصِّهْمِيمُ: السيدُ الشريف من الناس، ومن الإبلِ الكريمُ. والصِّهْميمُ: الخالصُ في الخيرِ والشَّرِّ مثلُ الصَّمِيم؛ قال الجوهري: والهاء عندي زائدة؛ وأَنشد أَبو عبيد للمُخَيِّس:

إنَّ تَمِيماً خُلِقَتْ مَلْـمـومـا

 

مثلَ الصَّفا، لا تَشْتَكي الكُلومَا

قَوْماً تَرى واحِدَهم صِهْمِيمـا،

 

لا راحِمَ الناسِ ولا مَرْحومـا

قال ابن بري: صوابه أَن يقول وأَنشد أَبو عبيدة للمُخَيِّس الأَعرجيِّ، قال: كذا قال أَبو عبيدة في كتاب المجاز في سورة الفرقان عند قوله عز وجل: وأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بالساعةِ سَعيراً؛ فالسعيرُ مُذَكَّر ثم أَنَّثه فقال: إذا رَأتْهُم من مكانٍ بَعيدٍ سَمِعُوا لها؛ وكذلك قوله:

إنّ تميماً خُلِقَتْ مَلْموما

فجمعَ وهو يريد أَبا الحيّ؛ ثم قال في الآخر:

لا راحِمَ الناسِ ولا مَرْحُوما

قال: وهذا الرجز في رجز رؤبة أَيضاً؛ قال ابن بري: وهو المشهور.
الجوهري: والصِّهْميمُ السَّيِّءُ الخُلُقِ من الإبل. والصِّهْميم: من نَعْت الإِبل في سُوء الخُلُقِ؛ قال رؤبة:

وخَبْط صِهْميمِ اليَدَيْنِ عَيْدَه

والصِّيَهْمُ: الجملُ الضخمُ. والصِّيَهْمُ: الذي يَرْفع رأْسَه، وقيل: هو العظيمُ الغليظُ، وقيل: هو الجَيِّدُ البَضْعةِ، وقيل: هو القصيرُ، مَثَّلَ به سيبويه وفسره السيرافي، وقال بعضم: الصِّيَهْمُ الشديدُ من الإبل، وكلُّ صُلْبٍ شديدٍ فهو صِيَهْمٌ وصِيَمٌّ وكأَنَّ الصِّهْميمَ منه؛ وقال مُزاحِم:

حتى اتَّقَيْتَ صِيَهْماً لا تُوَرِّعُه،

 

مِثْلَ اتِّقاءِ القَعُودِ القَرْمَ بالذَّنَبِ

والصِّهْميمُ من الرجال: الشجاعُ الذي يَرْكَبُ رأْسَه لا يَثْنِيه شيء عمَّا يُريد ويَهْوَى. والصِّهْمِيمُ من الإبل: الشديدُ النَّفْس الممتنعُ السِّيءُ الخُلقِ، وقيل: هو الذي لا يَرْغُو، وسئلَ رجل من أَهل البادية عن الصَّهْميمِ فقال: هو الذي يَزُمُّ بأَنْفِه ويَخْبِطُ بيدَيْه ويَرْكُض برجليه؛ قال ابن مُقبِل:

وقَرَّبوا كلَّ صِهْميمٍ مَناكِبهُ،

 

إذا تَدَاكأَ منه دَفْعُه شَنَفـا

قال يعقوب: مَناكِبُه نواحيه، وتَداكأ تدافع، وتَدافعُهُ سَيْرُه. ورجل صِيَهْمٌ وامرأَة صِيَهْمةٌ: وهو الضَّخْمُ والضخمةُ. ورجلٌ صِيَهْمٌ: ضخمٌ؛ قال ابن أَحمر:

ومَلَّ صِيَهْمٌ ذو كَرادِيس لم يَكُنْ

 

أَلُوفاً، ولا صَبّاً خِلافَ الرَّكائِبِ

ابن الأَعرابي: إذا أَعطيت الكاهنَ أُجْرتَه فهو الحُلْوان والصِّهْميمُ.

صوب

الصَّوْبُ: نُزولُ المَطَر.
صَابَ المَطَرُ صَوْباً، وانْصابَ: كلاهما انْصَبَّ. ومَطَرٌ صَوْبٌ وصَيِّبٌ وصَيُّوبٌ، وقوله تعالى: أَو كَصَيِّبٍ من السماءِ؛ قال أَبو إِسحق: الصَّيِّبُ هنا المطر، وهذا مَثَلٌ ضَرَبه اللّه تعالى للمنافقين، كأَنّ المعنى: أَو كأَصْحابِ صَيِّبٍ؛ فَجَعَلَ دينَ الإِسلام لهم مثلاً فيما ينالُهم فيه من الخَوْفِ والشدائد، وجَعَلَ ما يَسْتَضِيئُون به من البرق مثلاً لما يستضيئُون به من الإِسلام، وما ينالهم من الخوف في البرق بمنزلة ما يخافونه من القتل. قال: والدليل على ذلك قوله تعالى: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عليهم. وكُلُّ نازِلٍ من عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ، فقد صابَ يَصُوبُ؛ وأَنشد:

كأَنهمُ صابتْ عليهم سَحابَةٌ

 

صَواعِقُها لطَيرهنَّ دَبيبُ

وقال الليث: الصَّوْبُ المطر.
وصابَ الغيثُ بمكان كذا وكذا، وصابَتِ السَّماءُ الأَرضَ: جادَتْها.
وصابَ الماءَ وصوَّبه: صبَّه وأَراقَه؛ أَنشد ثعلب في صفة ساقيتين:

وحَبَشِيَّينِ، إذا تَـحَـلَّـبـا

 

قالا نَعَمْ، قالا نَعَمْ، وصَوَّبا

والتَّصَوُّبُ: حَدَبٌ في حُدُورٍ، والتَّصَوُّبُ: الانحدار.
والتَّصْويبُ: خلاف التَّصْعِيدِ. وصَوَّبَ رأْسَه: خَفَضَه. التهذيب: صَوَّبتُ الإِناءَ ورأْسَ الخشبة تَصْويباً إذا خَفَضْتُه؛ وكُرِه تَصْويبُ الرأْسِ في الصلاة. وفي الحديث: من قَطَع سِدْرةً صَوَّبَ اللّه رأْسَه في النار؛ سُئِلَ أَبو داود السِّجسْتانيّ عن هذا الحديث، فقال: هو مُخْتَصَر، ومعناه: مَنْ قَطَعَ سِدْرةً في فلاة، يَسْتَظِلُّ بها ابنُ السبيل، بغير حق يكون له فيها، صَوَّبَ اللّه رأْسَه أَي نكَّسَه؛ ومنه الحديث: وصَوَّبَ يَده أَي خَفَضَها.
والإِصابةُ: خلافُ الإِصْعادِ، وقد أَصابَ الرجلُ؛ قال كُثَيِّر عَزَّةَ:

ويَصْدُرُ شتَّى من مُصِيبٍ ومُصْعِدٍ

 

إِذا ما خَلَتْ، مِمَّنْ يَحِلُّ، المنازِلُ

والصَّيِّبُ: السحابُ ذو الصَّوْبِ.
وصابَ أَي نَزَلَ؛ قال الشاعر:

فَلَسْتَ لإِنْسِيٍّ ولكن لـمَـلأَكٍ

 

تَنَزَّلَ، من جَوِّ السماءِ، يَصوبُ

قال ابن بري: البيتُ لرجلٍ من عبدِ القيس يمدَحُ النُّعْمانَ؛ وقيل: هو لأَبي وجزَة يمدح عبدَاللّه بن الزُّبير؛ وقيل: هو لعَلْقَمَة بن عَبْدَة. قال ابن بري: وفي هذا البيتِ شاهدٌ على أَن قولَهم مَلَك حُذِفت منه وخُفِّفَت بنقل حركتِها على ما قبلَها، بدليل قولهم مَلائكة، فأُعيدت الهمزة في الجمع، وبقول الشاعر: ولكن لمَلأَك، فأَعاد الهمزة، والأَصل في الهمزة أَن تكون قبل اللام لأَنه من الأَلُوكَة، وهي الرسالة، فكأَنَّ أَصلَ مَلأَكٍ أَن يكون مأْلَكاً، وإِنما أَخروها بعد اللام ليكون طريقاً إِلى حذفها، لأَن الهمزة متى ما سكن ما قبلها، جاز حذفها وإِلقاء حركتها على ما قبلها.
والصَّوْبُ مثل الصَّيْبِ، وتقول: صابَهُ المَطَرُ أَي مُطِرَ. وفي حديث الاستسقاء: اللهم اسقِنا غيثاً صَيِّباً؛ أَي مُنْهَمِراً متدفقاً.
وصَوَّبْتُ الفرسَ إذا أَرسلته في الجَرْيِ؛ قال امرؤُ القيس:

فَصَوَّبْـتُـه، كـأَنـه صَـوْبُ غَـبْـيَةٍ

 

على الأَمْعَزِ الضاحي، إذا سِيطَ أَحْضَرا

والصَّوابُ: ضدُّ الخطإِ. وصَوَّبه: قال له أَصَبْتَ.
وأَصابَ: جاءَ بالصواب. وأَصابَ: أَراد الصوابَ؛ وأَصابَ في قوله، وأَصابَ القِرْطاسَ، وأَصابَ في القِرْطاس. وفي حديث أَبي وائل: كان يُسْأَلُ عن التفسير، فيقول: أَصابَ اللّهُ الذي أَرادَ، يعني أَرادَ اللّهُ الذي أَرادَ؛ وأَصله من الصواب، وهو ضدُّ الخطإِ.
يقال أَصاب فلانٌ في قوله وفِعْلِه؛ وأَصابَ السهمُ القِرْطاسَ إذا لم يُخْطِئْ؛ وقولٌ صَوْبٌ وصَوابٌ. قال الأَصمعي: يقال أَصابَ فلانٌ الصوابَ فأَخطأَ الجواب؛ معناه أَنه قَصَدَ قَصْدَ الصوابِ وأَراده، فأَخْطَأَ مُرادَه، ولم يَعْمِدِ الخطأَ ولم يُصِبْ. وقولهم: دَعْني وعليَّ خطَئي وصَوْبي أَي صَوابي؛ قال أَوسُ بن غَلْفاء:

أَلا قالَتْ أُمامةُ يَوْمَ غُـولٍ

 

تَقَطَّع، بابنِ غَلْفاءَ، الحِبالُ:

دعِيني إِنما خَطَئي وصَوْبي

 

يَّ، وإِنَّ ما أَهْلَكْتُ مـالُ

وإِنَّ ما: كذا منفصلة. قوله: مالُ، بالرفع، أَي وإِنَّ الذي أَهلكتُ إِنما هو مالٌ.
واسْتَصْوَبَه واسْتَصابَه وأَصابَه: رآه صَواباً.
وقال ثعلب: اسْتَصَبْتُه قياسٌ. والعرب تقول: اسْتَصْوَبْتُ رأْيَك.
وأَصابه بكذا: فَجَعَه به. وأَصابهم الدهرُ بنفوسهم وأَموالهم. جاحَهُم فيها فَفَجَعَهم.
ابن الأَعرابي: ما كنتُ مُصاباً ولقد أُصِبْتُ. وإِذا قال الرجلُ لآخر: أَنتَ مُصابٌ، قال: أَنتَ أَصْوَبُ مِني؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَصابَتْهُ مُصِيبةٌ فهو مُصابٌ. والصَّابةُ والمُصِيبةُ: ما أَصابَك من الدهر، وكذلك المُصابةُ والمَصُوبة، بضم الصاد، والتاء للداهية أَو للمبالغة، والجمع مَصاوِبُ ومَصائِبُ، الأَخيرة على غير قياس، تَوَهَّموا مُفْعِلة فَعِيلة التي ليس لها في الياءِ ولا الواو أَصل. التهذيب: قال الزجَّاج أَجمع النحويون على أَنْ حَكَوْا مَصائِبَ في جمع مُصِيبة، بالهمز، وأَجمعوا أَنَّ الاختيارَ مَصاوِبُ، وإِنما مَصائبُ عندهم بالهمز من الشاذ. قال: وهذا عندي إِنما هو بدل من الواو المكسورة، كما قالوا وسادة وإِسادة؛ قال: وزعم الأَخفش أَن مَصائِبَ إِنما وقعت الهمزة فيها بدلاً من الواو، لأَنها أُعِلَّتْ في مُصِيبة. قال الزجّاج: وهذا رديء لأَنه يلزم أَن يقال في مَقَام مَقَائِم، وفي مَعُونة مَعائِن. وقال أَحمدُ بن يحيى: مُصِيبَة كانت في الأَصل مُصْوِبة. ومثله: أَقيموا الصلاة، أَصله أَقْوِمُوا، فأَلْقَوْا حركةَ الواو على القاف فانكسرت، وقلبوا الواو ياء لكسرة القاف. وقال الفراء: يُجْمَعُ الفُواق أَفْيِقَةً، والأَصل أَفْوِقةٌ. وقال ابن بُزُرْجَ: تركتُ الناسَ على مَصاباتِهم أَي على طَبقاتِهم ومَنازِلهم. وفي الحديث: من يُرِدِ اللّهُ به خيراً يُصِبْ منه، أَي ابتلاه بالمصائب ليثيبه عليها، وهو الأَمر المكروه ينزل بالإِنسان.
يقال أَصابَ الإِنسانُ من المال وغيره أَي أَخَذَ وتَنَاول؛ وفي الحديث: يُصِيبونَ ما أَصابَ الناسُ أَي يَنالون ما نالوا. وفي الحديث: أَنه كان يُصِيبُ من رأْس بعض نسائه وهو صائم؛ أَراد التقبيلَ.
والمُصابُ: الإِصابةُ؛ قال الحرثُ بن خالد المخزومي:

سُلَيْمَ، إِنَّ مُصابَكُمْ رَجُـلاً

 

أَهْدَى السَّلامَ، تحيَّةً، ظُلْمُ

أَقْصَدْتِه وأَرادَ سِلْمَـكُـمُ

 

إِذْ جاءَكُمْ، فَلْيَنْفَعِ السِّلْـمُ

قال ابن بري: هذا البيت ليس للعَرْجِيِّ، كما ظنه الحريري، فقال في دُرَّة الغواص: هو للعَرْجِيِّ. وصوابه: أَظُلَيْم؛ وظُلَيم: ترخيم ظُلَيْمة، وظُلَيْمة: تصغير ظَلُوم تصغير الترخيم.
ويروى: أَظَلُومُ إِنَّ مُصابَكم. وظُلَيْمُ: هي أُمُّ عمْران، زوجةُ عبدِاللّه بنُ مُطِيعٍ، وكان الحرثُ يَنْسِبُ بها، ولما مات زوجها تزوجها.
ورجلاً: منصوبٌ بمُصابٍ، يعني: إِنَّ إِصابَتَكم رجلاً؛ وظُلْم: خبر إِنَّ.
وأَجمعت العرب على همز المَصائِب، وأَصله الواو، كأَنهم شبهوا الأَصليّ بالزائد. وقولُهم للشِّدة إذا نزلتْ: صَابَتْ بقُرٍّ أَي صارت الشِّدَّة في قَرارِها.
وأَصابَ الشيءَ: وَجَدَه. وأَصابه أَيضاً: أَراده. وبه فُسِّر قولُه تعالى: تَجْري بأَمْره رُخاءً حيثُ أَصابَ؛ قال: أَراد حيث أَراد؛ قال الشاعر:

وغَيَّرها ما غَيَّر الناسَ قَبْلَـهـا

 

فناءَتْ، وحاجاتُ النُّفوسِ تُصِيبُها

أَراد: تُريدها؛ ولا يجوز أَن يكون أَصَابَ، من الصَّواب الذي هو ضدّ الخطإِ، لأَنه لا يكونُ مُصيباً ومُخْطِئاً في حال واحد.
وصابَ السَّهْمُ نحوَ الرَّمِيَّةِ يَصُوبُ صَوْباً وصَيْبُوبةً وأَصابَ إذا قَصَد ولم يَجُزْ؛ وقيل: صَابَ جاءَ من عَلُ، وأَصابَ: من الإِصابةِ، وصَابَ السهمُ القِرْطاسَ صَيْباً، لغة في أَصابه. وإِنه لسَهْمٌ صائِبٌ أَي قاصِدٌ.
والعرب تقول للسائر في فَلاة يَقْطَعُ بالحَدْسِ، إذا زاغَ عن القَصْدِ: أَقِمْ صَوْبَك أَي قَصْدَك. وفلان مُستقيم الصَّوْبِ إذا لم يَزِغْ عن قَصْدِه يميناً وشمالاً في مَسِيره.
وفي المثل: مع الخَوَاطِئِ سهمٌ صائبٌ؛ وقول أَبي ذؤَيب:

إِذا نَهَضَتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرُها

 

كعَنْزِ الفَلاةِ، مُسْتَدِرٌّ صِيابُها

أَرادَ جمعَ صَائِبٍ، كصاحِب وصِحابٍ، وأَعَلَّ العينَ في الجمع كما أَعَلَّها في الواحد، كصائم وصِيامٍ وقائم وقِيامٍ، هذا إِن كان صِيابٌ من الواو ومن الصَّوابِ في الرمي، وإِن كان من صَابَ السَّهمُ الهَدَفَ يَصِيبُه، فالياء فيه أَصل؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

فكيفَ تُرَجِّي العَـاذِلاتُ تَـجَـلُّـدي

 

وصَبْرِي إذا ما النَّفْسُ صِيبَ حَمِيمُها

فسره فقال: صِيبَ كقولكَ قُصِدَ؛ قال: ويكون على لغة من قال: صَاب السَّهْمُ. قال: ولا أَدْري كيف هذا، لأَن صاب السهمُ غير متعدٍّ. قال: وعندي أَن صِيبَ ههنا من قولهم: صابتِ السماءُ الأَرْضَ أَصابَتْها بِصَوْبٍ، فكأَنَّ المنيةَ كانت صابَتِ الحَميمَ فأَصابَتْه بصَوْبِها.
وسهمٌ صَيُوبٌ وصَوِيبٌ: صائبٌ؛ قال ابن جني: لم نعلم في اللغة صفة على فعيل مما صحت فاؤُه ولامه، وعينه واو، إِلاَّ قولهم طَوِيلٌ وقَوِيم وصَوِيب؛ قال: فأَما العَوِيصُ فصفة غالبة تَجْرِي مَجْرى الاسم. وهو في صُوَّابةِ قومه أَي في لُبابهم. وصُوَّابةُ القوم: جَماعتُهم، وهو مذكور في الياءِ لأَنها يائية وواوية. ورجلٌ مُصابٌ، وفي عَقْل فلان صابةٌ أَي فَتْرة وضَعْفٌ وطَرَفٌ من الجُنون؛ وفي التهذيب: كأَنه مجنون. ويقال للمجنون: مُصابٌ. والمُصابُ: قَصَب السُّكَّر.
التهذيب، الأَصمعي: الصَّابُ والسُّلَعُ ضربان، من الشجر، مُرَّان.
والصَّابُ عُصارة شجر مُرٍّ؛ وقيل: هو شجر إذا اعْتُصِرَ خَرَج منه كهيئة اللَّبَن، وربما نَزَت منه نَزِيَّةٌ أَي قَطْرَةٌ فتقع في العين كأَنها شِهابُ نارٍ، وربما أَضْعَفَ البصر؛ قال أَبو ذُؤَيب الهُذَلي:

إِني أَرِقْتُ فبِتُّ الليلَ مُشْتَجِراً

 

كأَنَّ عَيْنِيَ فيها الصّابُ مَذْبُوحُ

ويروى:

نام الخَلِيُّ وبتُّ الليلَ مُشْتَجراً

والمُشْتَجِرُ: الذي يضع يده تحت حَنَكِه مُذكِّراً لِشِدَّة هَمِّه.
وقيل: الصَّابُ شجر مُرٌّ، واحدته صابَةٌ. وقيل: هو عُصارة الصَّبِرِ.
قال ابن جني: عَيْنُ الصَّابِ واوٌ، قياساً واشتقاقاً، أَما القياس فلأَنها عين والأَكثر أَن تكون واواً، وأَما الاشتقاق فلأَنَّ الصَّابَ شجر إذا أَصاب العين حَلَبها، وهو أَيضاً شجر إذا شُقَّ سالَ منه الماءُ.
وكلاهما في معنى صابَ يَصُوبُ إذا انْحَدر.
ابن الأَعرابي: المِصْوَبُ المِغْرَفَةُ؛ وقول الهذلي:

صابُوا بستَّةِ أَبياتٍ وأَربعةٍ،

 

حتَّى كأَن عليهم جابِياً لُبَدَا

صابُوا بهم: وَقَعوا بهم. والجابي: الجَراد. واللُّبَدُ: الكثير.
والصُّوبةُ: الجماعة من الطعام. والصُّوبةُ: الكُدْسةُ من الحِنْطة والتمر وغيرهما. وكُلُّ مُجْتَمعٍ صُوبةٌ، عن كراع. قال ابن السكيت: أَهلُ الفَلْجِ يُسَمُّونَ الجَرِينَ الصُّوبةَ، وهو موضع التمر. والصُّوبةُ: الكُثْبة من تُراب أَو غيره. وحكى اللحياني عن أَبي الدينار الأَعرابي: دخلت على فلان فإِذا الدنانيرُ صُوبةٌ بين يديه أَي كُدْسٌ مجتمع مَهِيلةٌ؛ ومَن رواه: فإِذا الدينار، ذهب بالدينار إِلى معنى الجنس، لأَن الدينار الواحد لا يكون صُوبةً. والصَّوْبُ: لَقَبُ رجل من العرب، وهو أَبو قبيلة منهم. وبَنُو الصَّوْبِ: قوم من بَكْر بن وائل. وصَوْبةُ: فرس العباسِ بن مِرْداس. وصَوْبة أَيضاً: فرس لبني سَدُوسٍ.

صوت

الصَّوتُ: الجَرْسُ، معروف، مذكر؛ فأَما قول رُوَيْشِدِ بن كَثيرٍ الطائي:

يا أَيُّها الراكبُ المُزْجِي مَطِيَّتَـه،

 

سائلْ بَني أَسَدٍ: ما هذه الصَّوْتُ؟

فإِنَّما أَنثه، لأَنه أَراد به الضَّوضاءَ والجَلَبة، على معنى الصَّيْحةِ، أَو الاستغاثة؛ قال ابن سيده: وهذا قبيح من الضرورة، أَعني تأْنيث المذكر، لأَنه خروجٌ عن أَصلٍ إِلى فَرْعٍ، وإِنما المُسْتَجاز من ذلك رَدُّ التأْنيث إِلى التذكير، لأَن التذكير هو الأَصْلُ، بدلالة أَن الشيء مذكر، وهو يقع على المذكر والمؤنث، فعُلم بهذا عُمومُ التذكير، وأَنه هو الأَصل الذي لا يُنْكَر؛ ونظير هذا في الشذوذ قوله، وهو من أَبيات الكتاب:

إِذا بَعْضُ السِّنينَ تَعَرَّقَتْنا،

 

كفَى الأَيتامَ فَقْدُ أَبي اليَتيم

قال: وهذا أَسهل من تأْنيثِ الصوتِ، لأَن بعضَ السنين: سنة، وهي مؤَنثة، وهي من لفظ السنين، وليس الصوتُ بعضَ الاستغاثة، ولا مِن لفظها، والجمعُ أَصْواتٌ.
وقد صاتَ يَصُوتَ ويَصاتُ صَوتاً، وأَصاتَ، وصَوَّتَ به: كلُّه نادَى. ويقال: صَوَّتَ يُصَوِّتُ تصْويتاً، فهو مُصَوِّتٌ، وذلك إذا صَوَّت بإِنسانٍ فدعاه. ويقال: صاتَ يَصُوتُ صَوتاً، فهو صائت، معناه صائح. ابن السكين: الصوتُ صوتُ الإِنسان وغيره. والصائتُ: الصائح. ابن بُزُرْجَ: أَصاتَ الرجلُ بالرجل إذا شَهَّره بأَمر لا يَشْتَهيه. وانْصاتَ الزمانُ به انْصِياتاً إذا اشْتَهر.
وفي الحديث: فَصْلُ ما بين الحلال والحرام الصَّوتُ والدُّفُّ؛ يريد إِعلانَ النكاح. وذَهابَ الصَّوتِ، والذِّكرَ به في الناس؛ يقال: له صَوتٌ وصِيتٌ أَي ذِكْرٌ. والدُّفُّ: الذي يُطَّبَلُ به، ويُفتح ويضم. وفي الحديث: أَنهم كانوا يكرهون الصَّوتَ عند القتال؛ هو أَن يُناديَ بعضُهم بعضاً، أَو يفعل أَحدُهم فِعْلاً له أَثر، فيَصِيحَ ويُعَرِّفَ بنفسه على طريق الفَخْر والعُجْب.
وفي الحديث: كان العباس رجلاً صَيِّتاً أَي شديدَ الصوت، عاليه؛ يقال: هو طيِّتٌ وصائِتٌ، كمَيِّتٍ ومائِتٍ، وأَصله الواو، وبناؤُه فَيْعِلٌ، فقلب وأُدغم؛ ورجل صَيِّتٌّ وصاتٌ؛ وحمارٌ صاتٌ: شديدُ الصَّوتِ. قال ابن سيده: يجوز أَن يكون صاتٌ فاعلاً ذَهَبَتْ عينه، وأَن يكون فَعِلاً مكسور العين؛ قال النَّظَّارُ الفَقْعَسِيّ:

كأَنَّني فـوقَ أَقَـبّ سَـهْـوَقٍ

 

جَأْبٍ، إذا عَشَّرَ، صاتِ الإِرْنانْ

قال الجوهري: وهذا مَثَلٌ، كقولهم رجلٌ مالٌ: كثيرُ المال، ورجلٌ نالٌ: كثير النَّوال، وكبشٌ صافٌ، ويوم طانٌ، وبئر ماهةٌ، ورجل هاعٌ لاعٌ، ورجل خَافٌ، قال: وأَصل هذه الأَوصافِ كلِّها فَعِل، بكسر العين.
والعرب تقول: أَسمعُ صَوتاً وأَرى فَوتاً أَي أَسْمَعُ صَوتاً ولا أَرى فِعلاً. ومثله إذا كنتَ تَسمعُ بالشيء ثم لا تَرى تَحْقِيقاً؛ يقال: ذِكْرٌ ولا حِساسَ، ينصب على التبرئة، ومنهم من يقول: لا حِساسٌ، ومنهم من يقول: لا حِساسٍ، ومنهم من يقول: ذِكْرٌ ولا حَسِيسَ، فينصب بغير نون، ويرفع بنون. ومن أَمثالهم في هذا المعنى: لا خيرَ في رَزَمَة لا دِرَّة معها أَي لا خير في قول ولا فِعْلَ معه. وكلُّ ضَرْبٍ من الغِناء صوتٌ، والجمع الأَصْوات. وقوله عز وجل: واسْتَفْزِزْ من اسْتَطَعْتَ منهم بصَوتِك؛ قيل: بأَصوات الغِناء والمَزامير.
وأَصاتَ القَوسَ: جَعَلَها تُصَوِّتُ.
والصِّيتُ: الذِّكْرُ؛ يقال: ذَهَب صِيتُه في الناس أَي ذِكْرُه.
والصِّيتُ والصَّاتُ: الذِّكْرُ الحَسَنُ. الجوهري: الصِّيتُ الذِّكْر الجميلُ الذي يَنْتَشِرُ في الناس، دون القبيح. يقال: ذهب صِيتُه في الناس، وأَصله من الواو، وإِنما انقلبت ياء لانكسار ما قبلها، كما قالوا: رِيحٌ من الرُّوحِ، كأَنهم بَنَوه على فِعْلٍ، بكسر الفاء، للفرق بين الصَّوتِ المسموع، وبين الذِّكْر المعلوم، وربما قالوا: انْتَشَرَ صَوتُه في الناس، بمعنى الصِّيتِ. قال ابن سيده: والصَّوْتُ لغةٌ في الصِّيتِ. وفي الحديث: ما من عبدٍ إِلاّ له صِيتٌ في السماء أَي ذِكْرٌ وشُهْرة وعِرفان؛ قال: ويكون في الخير والشر.
والصِّيتَةُ، بالهاء: مثلُ الصِّيتِ؛ قال لبيد:

وكم مُشْتَرٍ من مالهِ حُسنَ صِيتةٍ

 

لآبائِهِ، في كلِّ مَبْدىً ومَحْضَرِ

وانْصاتَ للأَمْر إذا اسْتَقَامَ. وقولُهم: دُعيَ فانْصاتَ أَي أَجابَ وأَقْبل، وهو انْفَعلَ مِن الصَّوْت. والمُنْصاتُ: القَويم القامة. وقد انْصاتَ الرجلُ إذا اسْتَوَتْ قامَتُهُ بعد انْحنَاءٍ، كأَنه اقْتَبَل شَبابُهُ؛ قال سلمة بن الخُرْشُبِ الأَنْبارِيُّ:

ونَصْرُ بنُ دَهْمانَ الهُنَيْدةَ عاشَهـا

 

وتِسْعِينَ حَوْلاً، ثُمَّ قُوِّمَ فانْصاتَـا

وعادَ سوادُ الرأْسِ بعد ابْيضاضِه،

 

وراجَعهُ شَرْخُ الشَّبابِ الذي فاتَا

وراجَعَ أَيْداً، بعد ضَعفٍ وقُـوَّةٍ،

 

ولكنه، من بعدِ ذا كلِه، مـاتَـا

صوج

الصَّوْجان من الإِبل والدَّوابّ: الشديد الصُّلب؛ قال:

في ظَهْرِ صَوْجان القَرَى لِلمُمْتَطِي

وعَصاً صَوْجانَةٌ: كَزَّة. ونَخْلة صَوْجانة: كَزَّة السَّعَف.
والصَّوْجان: الصَّوْلَجان.

صوح

 تَصَوَّحَ البَقْلُ وصَوَّحَ: تَمّ يُبْسُه؛ وقيل: إذا أَصابته آفة ويبس؛ قال ابن بري: وقد جاء صَوَّحَ البَقْلُ غير متعد بمعنى تَصَوَّح إذا يبس؛ وعليه قول أَبي عليّ البَصِير:

ولكنَّ البلادَ، إذا اقْشَعَـرَّتْ

 

وصَوَّحَ نَبْتُها، رُعِيَ الهَشِيمُ

وصَوَّحَتْه الريحُ: أَيْبَسَتْه؛ قال ذو الرمة:

وصَوَّحَ البَقْلَ نَأْآجٌ تَجِيءُ به

 

هَيْفٌ يَمانِيةٌ، في مَرِّها نَكَبُ

وقيل: تَصَوَّحَ البقلُ إذا يبس أَعلاه وفيه نُدُوَّةٌ؛ وأَنشد للراعي:

وحارَبَت الهَيْفُ الشَّمالَ، وآذَنَتْ

 

مَذانِبُ، منها اللَّدْنُ والمُتَصَوِّحُ

وتَصَوَّحَتِ الأَرضُ من اليُبْسِ ومن البَرْدِ: يَبِسَ نَباتُها.
والانْصِياحُ: كالتَّصَوُّحِ.
والصَّاحَةُ من الأَرض: التي لا تُنْبِتُ شيئاً أَبداً.
الأَصمعي: إذا تَهَيَّأَ النباتُ لليُبْسِ قيل: قد اقْطارَّ، فإِذا يَبِسَ وانْشَقَّ قيل: قد تَصَوَّحَ؛ قال الأَزهري: وتَصَوُّحُه من يُبْسِه زمانَ الحرِّ لا من آفَةٍ تُصيبه. وفي الحديث: نهى عن بيع النخل قبل أَن يُصَوِّحَ أَي قبل أَن يستبين صلاحُه وجَيِّدُه من رَديئه. وفي حديث ابن عباس: أَنه سئل متى يَحِلُّ شِراءُ النخل؟ قال: حين يُصَوِّحُ، ويروى بالراء، وقد تقدم. وفي حديث الاستسقاء: اللهم انْصاحتْ جِبالُنا أَي تَشَققت وجَفَّتْ لعدم المطر. يقال: صاحَه يَصُوحُه، فهو مُنْصاحٌ إذا شَقَّه.
وصَوَّحَ النباتُ إذا يَبِسَ وتَشَقَّقَ؛ وفي حديث عليّ: فبادِرُوا العِلم من قبل تَصْوِيح نَبْتِه؛ وفي حديث ابن الزبير: فهو يَنْصاحُ عليكم بوابل البَلايا أَي يَنْشَقُّ عليكم؛ قال الزمخشري: ذكره الهروي بالصاد والحاء، قال: وهو تصحيف. وانْصاحَ الثوبُ انْصِياحاً: تشقق من قِبَلِ نَفْسه؛ ومنه قول عَبيدٍ يصف مطراً قد ملأَ الوِهادَ والقَرارات:

فأَصْبَحَ الرَّوْضُ والقِيعانُ مُتْرَعَةً،

 

ما بين مُرْتَتِقٍ منها ومُنْـصـاحِ

قال شمر: ورواه ابن الأَعرابي:

من بين مُرْتَفِقٍ منها ومُنْصاحِ

وفَسَّرَ: المُنْصاحُ الفائض الجاري على وجه الأَرض، قال: والمُرْتَفِقُ الممتلئ. والمُرْتَتِقُ من النبات: الذي لم يخرج نَوْرُهُ وزَهْرُه من أَكمامه. والمُنْصاحُ: الذي قد ظهر زَهْرُه. وقوله: منها، يريد من نبتها فحذف المضاف وأَقام المضاف إِليه مقامه؛ قال: وروي عن أَبي تَمَّام الأَسَدِيِّ أَنه أَنشده:

من بين مُرْتَفِقٍ منها ومن طاحي

وقال: الطاحي الذي فاضَ وسالَ وذهب.
وتَصَايَحَ غِمْدُ السيف إذا تشقق.
وفي النوادر: صَوَّحَتْه الشمسُ ولَوَّحَتْه وصَمَحَتْه إذا أَذْوَتْهُ وآذَتْهُ. والتَّصَوُّحُ: التَّشقُّق في الشَّعَر وغيره. وتَصَوُّحُ الشعر: تشقُّقُه من قِبَلِ نفسه وتَناثره؛ وقد صَوَّحَه الجُفُوفُ.
وصُحْتُ الشيءَ فانْصاحَ أَي شققته فانشقَّ. وانْصاحَ القمر: استنار.
وانْصاحَ الفجرُ انْصِياحاً إذا استنار وأَضاءَ، وأَصله الانشقاق.
والصُّوَّاحةُ، على تقدير فُعَّالة: من تشقق الصُّوف وقد صَوَّحه.
والصُّوَاحُ: عَرَقُ الخيل خاصةً، وقد يُعَمُّ به؛ وأَنشد الأَصمعي:

جَلَبْنَ الخَيْلَ دامِيةً كُلاهـا،

 

يُسَنُّ على سَنابِكِها الصُّواح

ُ ويروى يسيل؛ ومثله قوله:

تُسَنُّ على سَنابِكِها القُرُونُ

وفي الحديث: أَن مُحَلِّم بنَ جُثامةَ الليثي قتل رجلاً يقول: لا إِله إِلاَّ الله؛ فلما مات هو دفنوه فلفظته الأَرض فأَلقته بين صَوْحَيْنن فأَكلته السباع؛ ابن الأَعرابي: الصَّوْحُ، بفتح الصاد: الجانب من الرأْس والجبل؛ ويقال: صُوحٌ لوجه الجبل القائم كأَنه حائط، وهما لغتان صحيحتان؛ وصُوحا الوادي: حائطاه ويفرد، فيقال: صُوحٌ، ووجه الجبل القائم تراه كأَنه حائط؛ وأَلْقَوْه بين الصُّوحَيْنِ حتى أَكلته السباع أَي بين الجبلين، فأَما ما أَنشده بعضهم:

وشِعْبٍ كَشَكِّ الثوب شَكْسٍ طريقُه،

 

مَدارِجُ صُوحَيْهِ عِذابٌ مَخاصِـرُ

تَعَسَّفْتُهُ بالليْلِ، لـم يَهْـدِنـي لـه

 

دَلِيلٌ، ولم يَشْهَدْ له النَّعْتَ خابِـرُ

فإِنما عَنَى فَماً قَبَّله، فجعله كالشِّعْبِ لصغره، ومَثَّلَه بشَك الثوب، وهي طريقة خياطته، لاستواء منابت أَضراسه وحسن اصطفافها وتَراصُفِها، وجعل رِيقَه كالماء، وناحِيَتَيِ الأَضراس كصُوحَيِ الوادي. وصُوحُ الجبل: أَسفله.
والصُّواحُ: الطَّلْعُ حين يَجِفُّ فيتناثَرُ؛ عن أَبي حنيفة.
وصُوحانُ: اسم؛ قال:

قتلت عِلْباءَ وهِنْدَ الجَـمَـلِ،

 

وابْناً لِصُوحانَ على دِينِ عَلِي

وبنو صُوحانَ: من بني عبد القيس. والصُّواحُ: الجِصُّ. الأَزهري عن الفراء قال: الصُّواحِيُّ مأْخوذ من الصُّواحِ، وهو الجِصُّ؛ وأَنشد:

جَلَبْنا الخيلَ من تَثْلِيتَ، حتى

 

كأَنَّ على مَناسِجِها صُوَاحا

قال: شَبَّه عَرَق الخيل لما ابيضَّ بالصُّواح، وهو الجِصُّ؛ قال ابن بري: في هذا البيت شاهد على أَن الصُّواحَ العرق كما ذكر الجوهري، وفيه أَيضاً شاهد على الجصِّ على ما رواه ابن خالويه هنا منصوباً، والبيت مجهول القائل فلهذا وقع الاختلاف في روايته؛ أَبو سعيد: الصُّواحُ من اللبن ما غلب عليه الماء، وهو الضَّياحُ والشَّهابُ؛ والصُّواحُ: النَّجْوَةُ من الأَرض وصاحةُ: موضع؛ قال بشر بن أَبي خازم:

تَعَرُّضَ جأْبةِ المِدْرَى خَذُولٍ

 

بصاحةَ، في أَسِرَّتِها السِّلامُ

وقيل: صاحةُ اسم جبل؛ وفي الحديث ذِكْرُ الصاحة؛ قال ابن الأَثير: هي بتخفيف الحاء هِضابٌ حُمْرٌ بقرب عَقِيق المدينة.

صود

الصاد حرف هجاء وهو حرف مهموس يكون أَصلاً وبدلاً لا زائداً، والصاد أَحد الحروف المستعلية التي تمنع الإِمالة؛ قال ابن سيده: وأَلفها منقلبة عن واو لأَن عينها أَلف.

صور

في أسماء الله تعالى: المصور وهو الذي صور جميع الموجودات ورتبها فأعطى كل شيء منها صورة خاصة وهيئة مفردة يتميز بها على اختلافها وكثرتها. ابن سيده: الصورة في الشكل، قال: فأما ما جاء في الحديث من قوله خلق الله آدم على صورته فيحتمل أن تكون الهاء راجعة على اسم الله تعالى، وأن تكون راجعة على آدم، فإذا كانت عائدة على اسم الله تعالى فمعناه على الصورة التي أنشاها الله وقدرها، فيكون المصدر حينئذ مضافا إلى الفاعل لأنه سبحانه هو المصور لا أن له، عز اسمه وجل، صورة ولا تمثالا، كما أن قولهم لعمر الله إنما هو والحياة التي كانت بالله والتي آتانيها الله، لا أن له تعالى حياة تحله ولا هو، علا وجهه، محل للاعراض، وإن جعلتها عائدة على آدم كان معناه على صورة آدم أي على صورى أمثاله ممن هو مخلوق مدبر، فيكون هذا حينئذ كقولك للسيد والرئيس: قد خدمته خدمته أي الخدمة التي تحق لأمثاله، وفي العبد والمبتذل: قد استخدمته استخدامه أي استخدام أمثاله ممن هو مأمور بالحقوف والتصرف، فيكون حينئذ كقوله تعالى: في أي صورة ما شاء ركبك، والجمع صور وصور وصور، وقد صوره فتصور. الجوهري: والصور،بكسر الصاد، لغة في الصور جمع صورة، وينشد هذا البيت على هذه اللغة يصف الجواري:

أشبهن من بقر الخلصاء أعينهـا

 

وهن أحسن من صيرانها صورا

وصوره الله صورة حسنة فتصور. وفي حديث ابن مقرن: أما علمت أن الصورة محرمة؟ أراد بالصورة الوجه وتحريمها المنع من الضرب واللطم على الوجه، ومنه الحديث: كره أن تعلم الصورة، أي يجعل في الوجه كي أو سمة. وتصورت الشيء: توهمت صورته فتصور لي. والتصاوير: التماثيل. وفي الحديث: أتاني الليلة ربي في أحسن صورة. قال ابن الأثير: الصورة ترد في كلام العرب على ظاهرها وعلى معنى حقيقة الشيء وهيئته وعلى معنى صفته. يقال: صورة الفعل كذا وكذا أي هيئته، وصورة الأمر كذا وكذا أي صفته، فيكون المراد بما جاء في الحديث أنه أتاه في أحسن صفة، ويجوز أن يعود المعنى إلى النبي، صلى الله عليه وسلم: أتاني ربي وأنا في أحسن صورة، وتجري معاني الصورى كلها عليه، إن شئت ظاهرها أو هيئتها أو صفتها، فأما إطلاق ظاهر الصورة على الله عز وجل فلا، تعالى الله عز وجل عن ذلك علوا كبيرا. ورجل صير شير أي حسن الصورة والشارة، عن الفراء، وقوله:

وما أيبلي على هيكـل

 

بناه وصلب فيه وصارا

ذهب أبو علي إلى أن معنى صار صور، قال ابن سيده: ولم أرها لغيره. وصار الرجل: صوت. وعصفور صوار: يجيب الداعي إذا دعا. والصور، بالتحريك: الميل. ورجل أصور بين الصور أي مائل مشتاق. الأحمر: صرت إلي الشيء وأصرته إذا أملته إليك، وأنشد:

أصار سديسها مسد مريج.

ابن الأعرابي: في رأسه صور إذا وجد فيه أكالا وهميما. وفي رأسه صور أي ميل. وفي صفة مشيه، عليه السلام، كان فيه شيء من صور أي ميل، قال الخطابي: يشبه أن يكون هذا الحال إذا جد به السير لا خلقة. وفي حديث عمر وذكر العلماء فقال: تنعطف عليهم بالعلم قلوب لا تصورها الأرحام أي لا تميلها، هكذا أخرجه الهروي عن عمر، وجعله الزمخشري من كلام الحسن. وفي حديث ابن عمر: إني لأدني الحائض مني وما بي إليها صورة أي ميل وشهوة تصورني إليها. وصار الشيء صورا وأصاره فانصار: أماله فمال، قالت الخنساء:

لظلت الشهب منها وهي تنصار

أي تصدع وتفلق، وخص بعضهم به إمالة العنق. وصور يصور صورا، وهو أصور: مال، قال:

الله يعلم أنا في تلـفـتـنـا

 

يوم الفراق إلى أحبابنا صور

وفي حديث عكرمة: حملة العرش كلهم صور، هو جمع أصور، وهو المائل العنق لثقل حمله. وقال الليث: الصور الميل. والرجل يصور عنقه إلى الشيء إذا مال نحوه بعنقه، والنعت أصور، وقد صور. وصاره يصوره ويصيره أي أماله، وصار وجهه يصور: أقبل به. وفي التنزيل العزيز: فصرهن إليك، وهي قراءة علي وابن عباس وأكثر الناس، أي وجههن، وذكره ابن سيده في الياء أيضا لأنصرت وصرت لغتان، قال اللحياني: قال بعضهم معنى صرهن وجههن، ومعنى صرهن قطعهن وشققهن، والمعروف أنهما لغتان بمعنى واحد، وكلهم فسروا فصرهن أملهن، والكسر فسر بمعنى قطعهن، قال الزجاج: قال أهل اللغة معنى صرهن إليك أملهن واجمعهن إليك، وأنشد:

وجاءت خلعة دهس صفايا

 

يصور عنوقها أحوى زنيم

أي يعطف عنوقها تيس أحوى، ومن قرأ: فصرهن إليك، بالكسر، ففيه قولان: أحدهما أنه بمعنى صرهن، يقال صاره يصوره ويصيره إذا أماله، لغتان، الجوهري: قرئ فصرهن، بضم الصاد وكسرها، قال الأخفش: يعني وجههن، يقال: صر إلي وصر وجهك إلي أي أقبل علي. الجوهري: وصرت الشيء أيضا قطعته وفصلته، قال العجاج:

صرنا به الحكم وأعيا الحكما

قال: فمن قال هذا جعل في الآية تقديما وتأخيرا، كأنه قال: خذ إليك أربعة فصرهن، قال ابن بري: هذا الرجز الذي نسبه الجوهري للعجاج ليس هوالعجاج، وإنما هو لرؤبة يخاطب الحكم بن صخر وأباه صخر بن عثمان، وقبله:

أبلغ أبا صخر بيانـا مـعـلـمـا

 

صخر بن عثمان بن عمرو وابن ما

وفي حديث مجاهد: كره أن يصور شجرة مثمرة، يحتمل أن يكون أراده يميلها فإن إمالتها ربما تؤديها إلى الجفوف، ويجوز أن يكون أراد به قطعها.
وصورا النهر: شطاه.
والصور، بالتسكين: النخل الصغار، وقيل: هو المجتمع، وليس له واحد من لفظه وجمع الصير صيران، قال كثير عزة:

أالحي أم صيران دوم تناوحت

 

بتريم قصرا واستحنت شمالها

والصور: أصل النخل، قال:

كأن جذعا خارجا من صوره

 

ما بين أذنيه إلى سـنـوره

وفي حديث ابن عمر: أنه دخل صور نحل، قال أبو عبيدة: الصور جماع النخل ولا واحد له من لفظه، وهذا كما يقال لجماعة البقر صوار. وفي حديث ابن عمر: أنه خرج إلأى صور بالمدينة، قال الأصمعي: الصور جماعة النخل الصغار، وهذا جمع على غير لفظ الواحج، وكذلك الحابس، وقال شمر: يجمع الصور صيرانا، قال: ويقال لغير النخل من الشجر صور وصيران، وذكره كثير وفيه أنه قال: يطلع من هذا الصور رجل من أهل الجنة، فطلع أبو بكر، الصور: الجماعة من النخل، ومنه: أنه خرج إلى صور بالمدينة. والحديث الآخر: أنه أتى امرأة من الأنصار ففرشت له صورا وذبحت له شاة. وحديث بدر: أن أبا سفيان بعث رجلين من أصحابه فأحرقا صورا من صيران العريض.
الليث: الصوار والصوار القطيع من البقر، والعدد أصورة والجمع صيران. والصوار: وعاء المسك، وقد جمعها الشاعر بقوله:

إذا لاح الصوار ذكرت ليلى

 

وأذكرها إذا نفح الصـوار

والصيار لغة فيه. ابن الأعرابي: الصورة النخلة، والصورة الحكة من انتغاش الحظى في الرأس. وقالت امرأة من العرب لابنه لهم: هي تشفيني من الصورة وتسترني من الغورة، بالغين، وهي الشمس. والصور: القرن، قال الراجز:  

لقد نطحناهم غداة الجـمـعـين

 

نطحا شديدا لا كنطح الصورين.

وبه فسر المفسرون قوله تعالى: فإذا نفخ في الصور، ونحوه، وأما أبو علي فالصور هنا عنده جمع صورة، وسيأتي ذكره. قال أبو الهيثم: اعترض قوم فأنكروا أن يكون الصور قرنا كما أنكروا العرش والميزان والصراط وادعوا أن الصور جمع الصورة، كما أن الصوف جمع الصوفة والثوم جمع الثومة، ورووا ذلك عن أبي عبيدة، قال أبو الهيثم: وهذا خطأ فاحش وتحريف لكلمات الله عز وجل عن مواضعها لأن الله عز وجل قال: وصوركم فأحسن صوركم، ففتح الواو، قال: ولا نعلم أحدا من القراء قرأها فأحسن صوركم، وكذلك قال: ونفخ في الصور، فمن قرأ: ونفخ في الصور، أو قرأ: فأحسن صوركم، فقد افترى الكذب وبدل كتاب الله، وكان أبو عبيدة صاحب أخبار وغريب ولم يكن له معرفة بالنحو، قال الفراء: كل جمع على لفظ الواحد الذكر سبق جمعه واحدته فواحدته بزيادة هاء فيه، وذلك مثل الصوف والوبر والشعر والقطن والعشب، فكل واحد من هذه الأسماء اسم لجميع جنسه، فإذا أفردت واحدته زيدت فيها هاء لأن جميع هذا الباب سبق واحدته، ولو أن الصوفة كانت سابقة الصوف لقالوا: صوفة وصوف وبسرة وبسر، كما قالوا: غرفة وغرف وزلفة وزلف، وأما الصور القرن، فهو واحد لا يجوز أن يقال واحدته صورة، وإنما تجمع صورة الإنسان صورا لأن واحدته سبقت جمعه. وفي حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: كيف أنعم وصاحب القرن قد التقمه وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر متى يؤمر؟ قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل. قال الأزهري: قد احتج عندي غير ما ذهب إليه وهو قول أهل السنة والجماعة، قال: والدليل على صحة ما قالوا أن الله تعالى ذكر تصويره الخلق في الأرحام قبل نفخ الروح، وكانوا قبل أن صورهم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم صورهم تصويرا، فأما البعث فإن الله تعالى ينشئهم كيف شاء، ومن ادعى أنه يصورهم ثم ينقخ فيهم فعليه البيان، وتعوذ بالله من الخذلان. وحكى الجوهري: عن الكلبي في قوله تعالى: يوم ينفخ في الصور، ويقال: هو جمع صورة مثل بسر وبسرة، أي ينفخ في صور الموتى الرواح، وقرأ الحسن: يوم ينفخ في الصور.
والصوران: صماغا الفم، والعامة تسميهما الصوارين، وهما الصامغان أيضا. وفيه: تعهدوا الصوارين فإنهما مقعد الملك، هما ملتقى الشدقين، أي تعهدوهما بالنظافة، وقول الشاعر:

كأن عرفا مائلا من صوره

يريد شعر الناصية. ويقال: إني لأجد في رأسي صورة وهي شبه الحكة، قال ابن سيده: الصورة شبه الحكة يجدها الإنسان في رأسه حتى يشتهي أن يفلى. والصوار، مشدد: كالصوار، قال جرير:

فلم يبق في الدار إلا الثمام

 

وخيط النعام وصوارهـا

والصوار والصوار: الرائحة الطيبة. والصوار والصوار: القيليل من المسك، وقيل: القطعة منه، والجمع أصورة، فارسي. وأصورة المسك: نافقاته، وروى بعضهم بيت الأعشى:

إذا تقوم يضوع المسك أصـورة

 

والزنبق الورد من أردانها شمل

وفي صفة الجنة: وترابها الصوار، يعني المسك. وصوارالمسك: نافجته، والجمع أصورة.
وضربه فتصور أي سقط. وفي الحديث: يتصور الملك على الرحم، أي يسقط من قولهم: صريته تصرية تصور منها أي سقط.
وبنو صور: بطن من بني هزان بن يقدم بن عنزة. الجوهري: وصارة اسم جبل ويقال أرض ذات شجر. وصارة الجبل: أعلاه، وتحقيرها صؤيرة سماعا من العرب. والصور والصور: موضع بالشام، قال الأخطل:

أمست إلى جانب الحشاك جيفته

 

ورأسه دونه اليحموم والصور

وصارة: موضع، قال ابن سيده: وغذ قد تكافأ في ذلك الياء والواو والتبس الاشتقاقان فحمله على الواو أولى، والله أعلم.

صوص

رجل صُوصٌ: بَخِيل. والعرب تقول: ناقةٌ أَصُوصٌ عليها صُوصٌ أَي كريمة عليها بخيل. والصُّوصُ: المنفردُ بطعامه لا يُؤاكلُ أَحداً. ابن الأَعرابي: الصُّوص هو الرجل اللئيم الذي يَنْزِل وحده ويأْكل وحده، فإِذا كان بالليل أَكَلَ في ظلِّ القمر لئلا يراه الضيفُ؛ وأَنشد:

صُوص الغِنَى سَدَّ غِناه فَقْرَه

يقول: يُعَفِّي على لُؤْمِه ثَرْوتُه وغناه، قال: ويكون الصُوصُ جمعاً؛ وأَنشد:  

وأَلْفَيْتُكم صُوصاً لُصُوصاً، إذا دجَا ال

 

ظلامُ، وهَيَّابِينَ عـنـد الـبَـوارِق

وقيل: الصُّوصُ اللئيمُ القليلُ الندَى والخير.

صوع

صاعَ الشُّجاعُ أَقْرانَه والراعي ماشيته يَصُوعُ: جاءهم من نَواحِيهِمْ، وفي بعض العبارة: حازَهُم من نَواحيهم؛ حكى ذلك الأَزهري عن الليث وقال: غَلِط الليث فيما فسّر، ومعْنَى الكَمِيُّ يَصُوعُ أَقْرانَه أَي يَحْمِلُ عليهم فَيُفَرِّق جمعهم، قال: وكذلك الرّاعي يَصُوعُ إِبله إذا فَرَّقَها في المَرْعَى، قال: والتيْسُ إذا أُرْسِلَ في الشاءِ صاعَها إذا أَراد سفادها أَي فَرَّقَها. والرجلُ يَصُوعُ الإِبل، والتيْسُ يصوعُ المَعَزَ، وصاعَ الغَنَمَ يَصُوعُها صَوْعاً: فرّقها؛ قال أَوْسُ بن حَجَر:

يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِـيمُ

 

له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَرِيمُ

قال ابن بري: البيت للمعلى بن جمال العبدي، وصَوَّعَها فَتَصَوَّعَتْ كذلك، وعمّ به بعضهم فقال: صاعَ الشيءَ يَصُوعُه صَوْعاً فانْصاعَ وصَوَّعَه: فَرَّقه. والتَّصَوُّعُ: التفرّق؛ قال ذو الرمة:

عَسَفْتُ اعْتِسافاً دُونَها كُلّ مَجْهَل

 

تَظَلُّ بِها الآجالُ عَنِّي تَصَـوَّعُ

وتَصَوَّعَ القومُ تَصَوُّعاً: تَفَرَّقُوا. وتَصَوَّعَ الشعر: تَفَرَّقَ. وصاعَ القومُ: حَمَل بعضُهم على بعض؛ كلاهما عن اللحياني. وصاعَ الشيءَ صَوْعاً: ثَناه ولواه. وانْصاعَ القومُ: ذَهَبُوا سِراعاً. وانْصاعَ أَي انْفَتَلَ راجعاً ومَرَّ مُسْرِعاً. والمُنْصاعُ: المُعَرّدُ والناكِصُ؛ قال ذو الرمة:

فانْصاعَ جامِبهُ الوَحْشِيُّ، وانْكَدَرَتْيَلْحَبْنَ لا يَأْتَلي المَطْلُوبُ والطَّلَبُ

وفي حديث الأَعرابي: فانْصاعَ مُدْبراً أَي ذَهَبَ سَرِيعاً؛ وقول رؤبة:

فَظَلَّ يَكْسوها النَّجاءَ الأَصيْعا

عاقَبَ بالياء والأَصل الواو، ويروى: الأَصْوعا؛ قال الأَزهري: لو ردّ إِلى الواو لقال الأَصْوعا. وصَوَّعَ موضِعاً للقُطن: هَيّأَه لنَدْفِه، والصاعةُ: اسم موضع ذلك؛ قال ابن شميل: ربما اتُّخِذَت صاعةٌ من أَدِيمٍ كالنِّطع لنَدْف القطن أَو الصوف عليه، وقال الليث: إذا هَيَّأَتِ المرأَةُ لندف القطن موضعاً يقال: صَوَّعَتْ موضعاً، والصاعةُ: البقعة الجَرْداءُ ليس فيها شيء، قال: والصاحةُ يَكْسَحُها الغلامُ ويُنَحِّي حجارتها ويَكْرُو فيها بكُرَته فتلك البقعة هي الصاعةُ، وبعضهم يقول الصاعُ، والصاعُ المطمئنُّ من الأَرض كالحُفْرة، وقيل: مطمئنّ مُنْهَبِط من حروفه المُطِيفةِ به؛ قال المسيِّب بن علس:

مَرِحَتْ يَداها للنَّجاءِ، كأَنَّمـا

 

تَكْرُو بِكَفَّيْ لاعِبٍ في صاعِ

والصاعُ: مِكيالٌ لأَهل المدينة يأُخذ أَربعة أَمدادٍ، يذكر ويؤنث، فمن أَنت قال: ثلاث أَصْوُعٍ مثل ثلاث أَدْوُرٍ، ومن ذكَّره قال: أَصْواع مثل أَثواب، وقيل: جمعه أَصْوُعٌ، وإِن شئت أَبْدلتَ من الواو المضمومة همزة. وأَصْواعٌ وصِيعانٌ، والصُّواعُ كالصاع. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، كان يغتسل بالصاعِ ويتوضَّأُ بالمُدّ. وصاعُ النبيّ، صلى الله عليه وسلم، الذي بالمدينة أَربعةُ أَمدادٍ بمُدِّهم المعروفِ عندهم، قال: وهو يأْخذ من الحَبّ قَدْرَ ثُلُثَيْ مَنّ بَلدنا، وأَهلُ الكوفة يقولون عِيارُ الصاعِ عندهم أَربعة أَمْناءٍ، والمُدُّ رُبْعُه، وصاعُهم هذا هو القَفِيزُ الحجازي ولا يعرفه أَهل المدينة؛ قال ابن الأَثير: والمُدُّ مُخْتَلَف فيه، فقيل: هو رِطْل وثلث بالعِراقيّ، وبه يقول الشافعي وفقهاء الحجاز، فيكون الصاع خمسة أَرْطال وثلثاً على رأْيهم، وقيل: هو رطلان، وبه أَخذ أَبو حنيفة وفقهاء العراق فيكون الصاع ثمانية أَرطال على رأْيهم؛ وفي أَمالي ابن بري:

أَوْدَى ابن عِمْرانَ يَزِيد بالوَرِقْ

 

فاكْتَلْ أُصَيّاعَكَ منه وانطَلقْ

وفي الحديث: أَنه أَعْطى عَطِيّةَ بن مالك صاعاً من سحَرّةِ الوادي أَي موضعاً يُبْذَرُ فيه صاعٌ كما يقال: أَعطاه جَرِيباً من الأَرض أَي مَبْذَرَ جَرِيبٍ، وقيل: الصاع المطمئن من الأَرض. والصُّواعُ والصِّواعُ والصَّوْعُ والصُّوعُ، كله: إِناء يشرب فيه، مذكر. وفي التنزيل: قالوا نَفْقِدُ صُواعَ الملِك؛ قال: هو الإِناء الذي كان الملك يشرب منه. وقال سعيد بن جبير في قوله صُواعَ الملك، قال: هو المَكُّوكُ الفارسي الذي يلتقي طرَفاه، وقال الحسن: الصُّواعُ والسِّقايةُ شيء واحد، وقد قيل: إِنه كان من وَرِق فكان يُكالُ به، وربما شربوا به. وأَما قوله تعالى: ثم استخرجها من وِعاء أَخيه، فإِنّ الضمير رجع إِلى السِّقاية من قوله جعل السقاية في رَحْل أَخيه، وقال الزجاج: هو يذكر ويؤنث، وقرأَ بعضهم: صَوْعَ الملِك، ويقرأُ: صوْغَ الملِك، كأَنه مصدر وُضِع مَوضِع مفعول أَي مَصُوغَه، وقرأَ أَبو هريرة: صاع الملِك، قال الزجاج: جاء في التفسير أَنه كان إِناءً مستطيلاً يشبه المكُّوكَ كان يشرَب الملِك به وهو السقاية، قال: وقيل إِنه كان مصوغاً من فضة مُمَوَّهاً بالذهب، وقيل: إِنه كان يشبه الطاسَ، وقيل: إِنه كان مِنْ مِسْ.
وصَوَّعَ الطائرُ رأْسه: حركه. وصَوَّعَ الفرسُ: جَمَحَ برأْسه. وفي حديث سلمان: كان إذا أَصابَ الشاةَ من المَغْنَمِ في دار الحرب عَمَدَ إِلى جلدها فجعَل منه جِراباً، وإِلى شعرها فجعل منه حبْلاً، فينظر رجلاً صَوَّعَ به فرسُه فيُعْطِيه، أَي جَمَحَ برأْسه وامتنع على صاحبه. وتَصَوَّعَ الشعرُ: تَقَبَّضَ وتشقّق. وتصوّع البقلُ تَصَوُّعاً وتَصَيَّعَ تَصَيُّعاً: هاجَ كتَصَوَّحَ.وصَوَّعَتْه الريحُ: صَيَّرَتْه هَيْجاً كصَوَّحَتْه؛ قال ذو الرمة:

وصَوَّعَ البَقْلَ نَأْآجٌ نَجِيءُ به

 

هَيْفٌ يَمانِيةٌ، في مَرِّها نَكَبُ

ويروى: وصَوَّحَ، بالحاء.

صوغ

الصَّوْغُ: مصدر صاغَ الشيءَ يَصُوغُه صَوْغاً وصِياغةً وصُغْتُه أَصوغُه صِياغةً وصِيغةً وصَيْغُوغةً؛ الأَخيرة عن اللحياني: سَبكَهُ ومثله كان كَيْنُونةً ودام دَيْمُومةً وساد سَيْدُودةً. قال: وقال الكسائي كان أَصلُه كَوْنُونةً وسَوْدُودةً ودَوْمُومةً فقُلبت الواوُ ياء طلبَ الخِفَّةِ، وكل ذلك عند سيبويه فَعْلُولةً، كانت من ذوات الياء أَو من ذوات الواو.
ورجل صائِغٌ وصَوَّاغٌ وصَيَّاغٌ مُعاقِبةٌ في لغة أَهل الحجاز. وفي حديث علي: واعَدْتُ صَوَّاغاً من بني قَيْنُقاعَ؛ هو صَوَّاغُ الحَلْي، قال ابن جني: إنما قال بعضهم صَيّاغٌ لأَنهم كرهوا التقاء الواوين لا سَّيما فيما كثر استعماله، فأَبدلوا الأُولى من العينين ياء كما قالوا في أَمَّا أَيْما ونحو ذلك فصار تقديره الصَّيْواغُ، فلما التقت الواو والياء على هذا أَبدلوا الواو للياء قبلها فقالوا الصيَّاغ، فإبدالهم العين الأُولى من الصوَّاغِ دليل على أَنها هي الزائدة لأَن الإِعْلال بالزائد أَولى منه بالأصل؛ قال ابن سيده: فإِن قلت فقد قلبْتَ العين الثانية أَيضاً فقلتَ صَيَّاغ، فلسنا نراك إلا وقد أَعللت العينين جميعاً، فمن جعلك بأَن تجعل الأُولى هي الزائدة دون الأَخيرة وقد انقلبتا جميعاً؟ قيل: قلب الثانية لا يستنكر لأَنه عن وجوب وذلك لوقوع الياء ساكنة قبلها، فهذا غير تَعَدٍّ ولا يُعْتَذَر منه، لكن قلبُ الأُولى وليس هناك علة يُضْطَر إلى إبدالها أَكثر من الاستخفاف مجرداً هو التَّعَدِّي المستنكر ولكنه المعوّل عليه المحتج به، فلذلك اعتمدناه، وعَملُه الصِّياغةُ، والشيءُ مَصُوغٌ. والصَّوْغُ: ما صِيغَ، وقد قرئ: قالوا نَفْقِدُ صَوْغَ الملك. ورجل صَوَّاغٌ: يَصُوغُ الكلامَ ويُزَوِّرُهُ، وربما قالوا: فلان يَصوغُ الكذب، وهو استعارة. وصاغَ فلان زُوراً وكذباً إذا اختلقه. وهذا شيء حسَنُ الصِّيغةِ أَي حسَنُ العَملِ. وفي الحديث أَكْذَبُ الناس الصَّبَّاغُون والصَّوَّاغُون؛ هم صَبَّاغُو الثيابِ وصاغةُ الحُلِيّ لأَنهم يَمْطُلُونَ بالمواعِيدِ الكاذبة، وقيل: أَراد الذين يرتِّبُون الحديث: ويَصُوغُون الكذب. يقال: صاغ شعراً وكلاماً أَي وضعه ورتَّبَه، ويروى الصيَّاغون، بالياء، وروي عن أَبي رافع الصائغ قال: كان عمر يُمازِحُني يقول أَكْذَبُ الناس الصَّوَّاغُ، يقول اليوم وغَداً، وقيل: أَراد الذين يَصْبُغون الكلام ويَصُوغُونه أَي يُغَيِّرُونه ويَخْرُصُونه؛ وأَصل الصَّبْغِ التغْيير. وفي حديث أَبي هريرة: رأَى قوماً يَتَعادَوْنَ فقال:ما لهم؟ فقالوا: خرج الدَّجَّالُ، فقال: كَذِبَةٌ كَذَبَها الصيَّاغون؛ وروي الصوَّاغون، أَي اخْتلقها الكذابون.
وهذا صَوْغُ هذا أَي على قدره. وغُلامانِ صَوْغانِ: على لِدةٍ واحدةٍ.
وهما صَوْغانِ أَي سِيَّانِ. قال ابن بزرج: هو سَوْغُ أَخيه طَرِيدُه وُلِدَ في إِثره.قال الفراء: بنو سُليم وهَوازِنُ وأَهلُ العالِيةِ وهُذَيْلٌ يقولون هو أَخوه صَوْغُه، بالصاد، قال: وأَكثر الكلام بالسين سوغُه.
وفلان حسَنُ الصِّيغةِ أَي حسَنُ الخِلْقةِ والقَدِّ. وصاغَه اللهُ صِيغةً حَسَنةً أَي خَلَقَه، وصِيغَ على صِيغَتِه أَي خُلِقَ خِلْقَتَه، وصاغَ اللهُ الخلقَ يَصُوغُها. ابن شميل: صاغَ الأُدْمُ في الطعام يَصُوغُ أَي رَسَبَ، وصاغَ الماءُ في الأَرض رَسَبَ فيها. وفي حديث بكير المزني في الطعام: يدخل صَوْغاً ويخرج سُرُحاً أَي الأَطْعِمةُ المَصُوغةُ أَلواناً المهيأَة بعضها إِلى بعض. والصِّيغةُ: السِّهامُ التي من عمل رجل واحد وهو من ذلك؛ قال العجاج:

وصِيغة قَدْ راشَها ورَكَّبا

وسِهامٌ صِيغةٌ من ذلك أَي من عَمَلِ رجُل واحدٍ، وهو من الواوِ إِلا أَنها انقلبت ياء لكسرة ما قبلها؛ قال ابن بري: شاهده قول حميد الأَرقط:

شَرْيانة تمنع بَعْدَ الـلِّـينِ

 

وصِيغة ضُرِّجْنَ بالبَشْنِينِ

صوف

الصُّوفُ للضأْن وما أَشبهه؛ الجوهري: الصوف للشاة والصُّوفةُ أَخص منه. ابن سيده: الصوفُ للغنم كالشَّعَر للمَعَزِ والوَبَرِ للإبل، والجمع أَصوافٌ، وقد يقال الصوف للواحدة على تسمية الطائفة باسم الجميع؛ حكاه سيبويه؛ وقوله:

حَلْبانَةٍ رَكْبانةٍ صَفُـوفِ

 

تَخْلِطُ بين وبَرٍ وصُوفِ

قال ثعلب: قال ابن الأَعرابي معنى قوله تخلط بين وبر وصوف أَنها تباع فيشترى بها غنم وإبل، وقال الأصمعي: يقول تُسْرِعُ في مِشْيَتِها، شبّه رَجْع يديها بقَوْسِ الندَّافِ الذي يَخْلِط بين الوبر والصوف، ويقال لواحدة الصوف صُوفةٌ، ويصغر صُوَيْفة.
وكبش أَصْوَفُ وصَوِفٌ على مثال فَعِل، وصائفٌ وصافٌ وصافٍ، الأَخيرة مقلوبة، وصوفانيٌّ، كل ذلك: كثير الصوف، تقول منه: صافَ الكَبْشُ بعدما زَمِرَ يَصُوفُ صَوْفاً، قال: وكذلك صوِف الكَبْشُ، بالكسر، فهو كبش صَوِفٌ بَيِّنُ الصَّوَفِ؛ حكاه أَبو عبيد عن الكسائي، والأُنثى صافةٌ وصُوفانةٌ. ولِيّةٌ صافةٌ: يُشْبِه شعرُها الصوفَ؛ قال تأَبط شرّاً:

إذا أَفْزَعُوا أُمَّ الصَّبِيَّينِ، نَفَّضُوا

 

غَفارِيَّ شُعْثاً، صافَةً لم تُرَجَّلِ

أَبو الهيثم: يقال كبش صُوفانٌ ونعجة صوفانة. الأَصمعي: من أَمثالهم في المال يملكه من لا يسأْهِلُه: خَرْقاءُ وجدت صُوفاً؛ يضرب للأحمق يصيب مالاً فيُضَيِّعُه في غير موضعه. وصُوفُ البحر: شيء على شكل هذا الصُّوفِ الحيواني، واحدته صُوفةٌ. ومن الأَبَدِيَّات قولهم: لا آتيك ما بَلَّ بَحْرٌ صُوفةً، وحكى اللحياني: ما بَلَّ البحرُ صُوفةً. والصُّوفانَةُ: بقلة معروفة وهي زغْباء قصيرة؛ قال أَبو حنيفة: ذكر أَبو نصر أَنه من الأَحْرار ولم يُحلِّه، وأَخَذَ بصُوفَةِ رَقَبَتِه وصُوفِها وصافِها: وهي زَغَبات فيها، وقيل: هي ما سال في نُقْرَتِها، التهذيب: وتسمى زَغَباتُ القَفا صوفةَ القَفا. ابن الأَعرابي: خُذْ بصوفةِ قفاه وبصُوف قفاه وبقَرْدَتِه وبكَرْدَتِه. ويقال: أَخذه بصُوفِ رقَبَتِه وبطُوف رَقَبَتِه وبطافِ رَقَبَتِه وبظُوفِ رَقَبَتِه وبظافِ رقبتِه وبقُوفِ رقبته وبقافِ رقبته أَي بجلد رقبته؛ وقال أَبو السَّميدع: وذلك إذا تبعه وظن أَن لن يدركه فلَحِقَه، أَخذ برقبته أَم لم يأْخذ؛ وقال ابن دريد أَي بشعره المتدَلي في نُقْرةِ قفاه؛ وقال الفراء إذا أَخذه بقفاه جمعاء، وقال أَبو الغوث أَي أَخذه قهراً، قال: ويقال أَيضاً أَعطاه بصوف رقبته كما يقال أَعطاه برُمَّته. وقال أَبو عبيد: أَعْطاه مَجّاناً ولم يأْخذ ثمناً.وصَوَّفَ الكرْمُ: بدت نوامِيه بعد الصِّرام.
والصوفةُ: كل من ولي شيئاً من عمل البيت، وهم الصُّوفان. الجوهري: وصُوفةُ أَبو حَيّ من مُضَرَ وهو الغوث بن مُرّ بن أُدِّ بن طابخةَ بن إلياسَ بن مُضَرَ، كانوا يَخْدِمُون الكعبة في الجاهلية ويجيزون الحاجَّ أَي يُفِيضون بهم. ابن سيده: وصُوفةُ حَيٌّ من تميم وكانوا يُجِيزون الحاجّ في الجاهلية من مِنىً، فيكونون أَوّل من يدفع. يقال في الحج: أَجِيزي صُوفةُ، فإذا أَجازت قيل: أَجِيزي خِنْدِفُ، فإذا أَجازت أُذِنَ للناس كلهم في الإجازة، وهي الإفاضة؛ وفيهم يقول أَوْسُ بن مَغْراء السعدي:

ولا يَريمُونَ في التعريف مَوْقِفَهُمْ

 

حتى يقالَ: أَجِيزُوا آل صُوفانـا

قال ابن بري: وكانت الإجازة بالحج إليهم في الجاهلية، وكانت العرب إذا حجت وحضرت عرفةَ لا تدفع منها حتى يدفع بها صوفُة، وكذلك لا يَنْفِرُون من مِنىً حتى تَنْفِرَ صُوفةُ، فإذا أَبطأَتْ بهم قالوا: أَجيزي صوفةُ؛ وقيل: صوفة قبيلة اجتمعت من أَفْناء قبائل.
وصافَ عني شَرُّه يصُوفُ صَوْفاً: عَدَلَ. وصافَ السهْمُ عن الهَدَفِ يَصُوفُ ويَصِيفُ: عدل عنه، وهو مذكور في الياء أَيضاً لأَنها كلمة واوية ويائية؛ ومنه قولهم: صافَ عني شرُّ فلان، وأَصافَ اللّه عني شَرَّه.

صوق

الصّاقُ: لغة في السّاقِ، عَنْبريّة. قال ابن سيده: وأُراه ضَرْباً من المضارعة لمكان القاف. والصَّويقُ: لغة في السَّويق المعروف لمكان المضارعة.

صوك

صاكَ به الدمُ والزعفران وغيرهِما يَصوُك صَوْكاً: لزق؛ وأَنشد:

سَقى الله طِفْلاً خَوْدةً ذاتَ بَهْجَةٍ،

 

يَصُوكُ بكَفَّيْها الخِضابُ ويَلْبَـقُ

يَصُوك: يَلْزَقُ، والياء فيه لغة، وسنذكرها. أَبوعمرو: الصائك اللازق، وقد صاكَ يصِيك؛ وظَلَّ يُصايكُني منذ اليوم ويُحايِكُني. ولقيته أَوَّلَ صَوْكٍ وبوْكٍ. أَي أَوَّل شيء؛ وافْعله أَوَّلَ كلِّ صَوْكٍ وبَوْكٍ.والصَّوْكُ: ماء الرجل؛ عن كراع وثعلب. وتَصَوَّك في عذرته: التطخ بها كَتَضَوَّك، وسنذكره في الضاد المعجمة. والصائِكُ: الدم اللازق، ويقال:الصائك دم الجَوْف.

صول

صالَ على قِرْنِه صَوْلاً وصِيالاً وصُؤُولاً وصَوَلاناً وصالاً ومَصالةً: سَطا؛ قال:

ولم يَخْشَوْا مَصالَتَهُ علـيهـم

 

وتَحْتَ الرَّغْوَةِ اللَّبَنُ الصَّريحُ

والصَّؤُول من الرجال: الذي يَضْرب الناسَ ويَتَطاول عليهم؛ قال الأَزهري: الأَصل فيه ترك الهمز وكأَنه هُمِز لانضمام الواو، وقد هَمَزَ بعض القُرَّاء: وإِن تَلْؤُوا، بالهمز، أَو تُعْرِضوا لانضمام الواو. وصالَ عليه إذا اسْتطال. وصالَ عليه: وَثَبَ صَوْلاً وصَوْلةً، يقال: رُبَّ قَوْلٍ أَشَدّ من صَوْل.
والمُصاوَلَةُ: المُواثَبة، وكذلك الصِّيالُ والصِّيالة. والفَحْلان يَتَصاولانِ أَي يَتَواثَبانِ.
الليث: صالَ الجَمَلُ يَصُولُ صِيالاً وصُوالاً وهو جَمَلٌ صَؤولٌ، وهو الذي يأْكل راعَيه ويُواثِبُ الناسَ فيأْكلهم. وفي حديث الدعاء: بك أَصُول، وفي رواية: أُصاوِل أَي أَسْطُو وأَقْهَر. والصَّولة: الوَثْبة. وصالَ الفَحْلُ على الإِبل صَوْلاً، فهو صَؤُول: قاتَلَها وقَدَّمَها. أَبو زيد: صَؤُل البعير يَصْؤُل، بالهمز، صآلةً إذا صار يَشُلُّ الناس ويَعْدُو عليهم، فهو صَؤول. وصِيلَ لهم كذا أَي أُتِيح لهم؛ قال خُفاف بن نُدْبَة:

فَصِيلَ لهُم قَرْمٌ كأَنَّ بـكَـفِّـه

 

شِهاباً، بدا في ظُلْمة اللَّيل يَلْمَع

وصالَ العَيْرُ على العانةِ: شَلَّها وحَمَلَ عليها. وفي الحديث: إِنَّ هؤلاء الحَيَّيْنِ من الأَوْس والخَزْرج كانا يتصاوَلانِ مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تَصاوُلَ الفَحْلين أَي لا يفعل أَحدُهما معه شيئاً إِلا فعل الآخر مثله. وفي حديث عثمان: فَصامِتٌ صَمْتُه أَنْفَذُ من صَوْلِ غيره أَي إِمْساكُه أَشَدُّ من تَطاوُل غيره؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

لا خَيْرَ فيه غَيْر أَن لا يَهْتَدي،

وأَنَّه ذُو صَوْلَةٍ في المِزْوَدِ،

وأَنَّه غيرُ ثَقِيل في اليَدِ

قوله ذُو صَوْلة في المِزْوَد، يقول: إِنه ذو صَوْلةٍ على الطعام يأْكله ويَنْهَكه ويُبالِغ فيه، فكأَنه إِنما يَصُولُ على حَيَوان مَّا، أَو يَصُول على أَكِيله لذَوْدِه إِيَّاهم ومُدافَعَته لهم؛ وقوله وأَنه غير ثقيلٍ في اليد، يقول: إذا بَلِلْتَ به لم يَصِرْ في يدك منه خَيْر تَثْقُل به يَدُك لأَنه لا خير عنده.
ابن الأَعرابي: المِصْوَلة المِكْنَسة التي يُكْنَس بها نواحي البَيْدَر. أَبو زيد: المِصْوَل شيء يُنْقَع فيه الحَنْظَل لتَذْهَب مَرارتُه، والصِّيلة، بالكسر: عُقْدة العَذَبة. وصُولٌ: اسم موضع؛ قال حُنْدُج ابن حُنْدُج المُرِّي:

في لَيْلِ صُولٍ تَناهى العَرْضُ والطُّولُ

 

كأَنما لَيْلُـه بـالـلَّـيل مَـوْصـولُ

لِساهِرٍ طالَ في صُولٍ تَمَـلْـمُـلُـه

 

كأَنه حَيَّة بـالـسَّـوْط مَـقْـتـولُ

صوم

الصَّوْمُ: تَرْكُ الطعامِ والشَّرابِ والنِّكاحِ والكلامِ، صامَ يَصُوم صَوْماً وصِياماً واصْطامَ، ورجل صائمٌ وصَوْمٌ من قومٍ صُوَّامٍ وصُيّامٍ وصُوَّمٍ، بالتشديد، وصُيَّم، قلبوا الواو لقربها من الطرف؛ وصِيَّمٍ؛ عن سيبويه، كسروا لمكان الياء، وصِيَامٍ وصَيَامى، الأَخير نادر، وصَوْمٍ وهو اسمٌ للجمع، وقيل: هو جمعُ صائمٍ. وقوله عز وجل: إني نَذَرْتُللرَّحْمَنِ صَوْماً؛ قيل: معناه صَمْتاً، ويُقوِّيه قولهُ تعالى: فلن أُكلِّمَ اليومَ إنْسِيّاً. وفي الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلاّ الصَّومَ فإنه لي؛ قال أَبو عبيد: إنما خص الله تبارك وتعالى الصَّومَ بأَنه له وهو يَجْزِي به، وإنْ كانت أَعمالُ البِرِّ كلُّها له وهو يَجْزِي بها، لأَن الصَّوْمَ ليس يَظْهَرُ من ابنِ آدمَ بلسانٍ ولا فِعْلٍ فتَكْتُبه الحَفَظَةُ، إنما هو نِيَّةٌ في القلب وإمْساكٌ عن حركة المَطْعَم والمَشْرَب، يقول الله تعالى: فأنا أَتوَلَّى جزاءه على ما أُحِبُّ من التضعيف وليس على كتابٍ كُتِبَ له، ولهذا قال النبي، صلى الله عليه وسلم: ليس في الصوم رِياءٌ، قال: وقال سفيان بن عُيَيْنة: الصَّوْمُ هُو الصَّبْرُ، يَصْبِرُ الإنسانُ على الطعام والشراب والنكاح، ثم قرأ: إنما يُوَفَّى الصابرونَ أَجْرَهم بغير حِساب. وقوله في الحديث: صَوْمُكُمْ يومَ تَصُومون أَي أَن الخَطأَ موضوع عن الناس فيما كان سبيلُه الاجتهادَ، فَلو أنَّ قوماً اجتهدُوا فلم يَرَوا الهِلال إلا بعدَ الثلاثين ولم يُفْطِروا حتى اسْتَوْفَوا العددَ، ثم ثَبَت أَن الشهرَ كان تِسْعاً وعشرين فإن صَوْمَهم وفطْرهم ماضٍ ولا شيء عليهم من إثْم أَو قضاءٍ، وكذلك في الحج إذا أَخطؤُوا يومَ عَرفة والعيد فلا شيء عليهم. وفي الحديث: أَنه سئل عمَّنْ يَصُومُ الدهرَ فقال: لا صامَ ولا أَفْطَرَ أَي لم يَصُمْ ولم يُفْطِرْ كقوله تعالى: فلا صَدَّق ولا صَلَّى؛ وهو إحْباطٌ لأَجْرِه على صَوْمِه حيث خالف السنَّةَ، وقيل: هو دُعاءٌ عليه كراهِيةً لصنيعهِ. وفي الحديث: فإنِ امْرُؤٌ قاتَلَهُ أَو شاتَمه فَلْيَقُلْ إني صائمٌ؛ معناه أن يَرُدَّه بذلك عن نفسه ليَنْكَفَّ، وقيل: هو أَن يقول ذلك في نفسه ويُذَكِّرَها به فلا يَخُوضَ معه ولا يُكافِئَه على شَتْمِه فَيُفْسِدَ صَوْمَه ويُحْبِطَ أَجْرَه. وفي الحديث: إذا دُعِيَ أَحدُكم إلى طعام وهو صائمٌ فَلْيَقُلْ إني صائم؛ يُعَرِّفُهم بذلك لئلا يُكْرِهُوه على الأَكل أَو لئلا تَضِيقَ صدورُهم بامتناعه من الأكل. وفي الحديث: مَنْ مات وهو صائمٌ فلْيَصُمْ عنه وَليُّه. قال ابن الأَثير: قال بظاهرِه قومٌ من أَصحاب الحديث، وبه قال الشافعي في القديم، وحَمَلَه أَكثرُ الفقهاء على الكفَّارة وعَبَّر عنها بالصوم إذ كانت تُلازِمُه. ويقال: رجلٌ صَوْمٌ ورجُلانِ صَوْمٌ وقوم صَوْمٌ وامرأَة صَوْمٌ، لا يثنى ولا يجمع لأَنه نعت بالمصدر، وتلخيصه رجلٌ ذو صَوْمٍ وقوْم ذو صوم وامرأَة ذاتُ صَوْمٍ. ورجل صَوَّامٌ قَوَّامٌ إذا كان يَصُوم النهارَ ويقومُ الليلَ، ورجالٌ ونِساءٌ صُوَّمٌ وصُيَّمٌ وصُوَّامٌ وصُيَّامٌ. قال أَبو زيد: أَقمتُ بالبصرة صَوْمَينِ أي رَمضانينِ.
وقال الجوهري: رجل صَوْمانُ أي صائمٌ. وصامَ الفرسُ صَوْماً أي قام على غير اعْتلافٍ. المحكم: وصامَ الفرَسُ على آرِيِّه صَوْماً وصِياماً إذا لم يَعْتَلِفْ، وقيل: الصائمُ من الخيل القائمُ الساكنُ الذي لا يَطْعَم شيئاً؛ قال النابغة الذُّبياني:

خَيْلٌ صِيامٌ وخيلٌ غـيرُ صـائمةٍ،

 

تحتَ العَجاجِ، وأُخرى تَعْلُكُ اللُّجُما

الأَزهري في ترجمة صون: الصائِنُ من الخيل القائمُ على طرَفِ حافِره من الحَفاء، وأما الصائمُ فهو القائمُ على قوائمه الأَربع من غير حَفاء.
التهذيب: الصَّوْمُ في اللغة الإمساكُ عن الشيء والتَّرْكُ له، وقيل للصائم صائمٌ لإمْساكِه عن المَطْعَم والمَشْرَب والمَنْكَح، وقيل للصامت صائم لإمساكه عن الكلام، وقيل للفرس صائم لإمساكه عن العَلَفِ مع قيامِه. والصَّوْمُ: تَرْكُ الأَكل. قال الخليل: والصَّوْمُ قيامٌ بلا عمل. قال أَبو عبيدة: كلُّ مُمْسكٍ عن طعامٍ أَو كلامٍ أَو سيرٍ فهوصائمٌ. والصَّوْمُ: البِيعةُ. ومَصامُ الفرسِ ومَصامَتُه: مَقامُه ومَوْقِفُه؛ وقال امرؤ القيس:

كأنَّ الثُّرَيّا عُلِّقَتْ في مَصامِها،

 

بأمْراسِ كَتَّانٍ إلى صُمِّ جَنْدَلِ

ومَصَامُ النَّجْمِ: مُعَلَّقُه. وصامَتِ الريحُ: رَكَدَتْ. والصَّوْمُ: رُكُودُ الريحِ. وصامَ النهارُ صَوماً إذا اعْتَدَلَ وقامَ قائمُ الظهيرة؛ قال امرؤ القيس.

فدَعْها، وسَلِّ الهَمَّ عنْكَ بِجَسْرةٍ

 

ذَمُولٍ، إذا صامَ النهارُ، وهَجَّرا

وصامَت الشمسُ: استوت. التهذيب: وصامَت الشمسُ عند انتصاف النهار إذا قام ولم تَبْرَحْ مكانَها. وبَكْرةٌ صائمةٌ إذا قامت فلم تَدُرْ؛ قال الراجز:

شَرُّ الدِّلاءِ الوَلْغَةُ المُلازِمَهْ،

 

والبَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمهْ

يعني التي لا تَدُورُ. وصامَ النَّعامُ إذا رَمَى بِذَرْقِه وهو صَوْمُه. المحكم: صامَ النعامُ صَوْماً أَلْقَى ما في بطنه. والصَّوْمُ: عُرَّةُ النَّعامِ، وهو ما يَرْمي به من دُبُرِه. وصامَ الرجلُ إذا تَظَلَّلَ بالصَّوْمِ، وهو شجرٌ؛ عن ابن الأَعرابي. والصَّوْمُ: شجرٌ على شَكْل شخص الإنسانِ كرِيهُ المَنْظَر جِدّاً، يقال لِثَمرِه رؤُوس الشياطين، يُعْنى بالشياطين الحَيّاتُ، وليس له وَرَقٌ؛ وقال أَبو حنيفة: للصَّوْم هَدَبٌ ولا تَنْتَشِرُ أَفْنانُه ينْبُتُ نباتَ الأثْل ولا يَطُولُ طُولَه، وأكثرُ مَنابِته بلادُ بني شَبابة؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:

مُوَكَّلٌ بشُدوفِ الصَّوْمِ يَرْقُـبُـهـا،

 

من المَناظِر، مَخْطوفُ الحَشَا زَرِمُ

شُدُوفُه: شُخوصُه، يقول: يَرْقُبها من الرُّعْبِ يَحْسَبُها ناساً، واحدتُه صَوْمة. الجوهري: الصَّوْمُ شجرٌ في لغة هُذَيْل، قال ابن بري: يعني قول ساعدة:

موكَّل بشدوف الصوم يبصـرهـا،

 

من المعازب، مخطوفُ الحَشَا زَرِمُ

وفسره فقال: من المَعازب من حيث يَعْزُبُ عنه الشيء أَي يتباعد، ومخطوفُ الحَشا: ضامِرُه، وزَرِم: لا يَثْبُتُ في مكان، والشُّدُوفُ: الأَشخاص، واحدها شَدَفٌ.
قال ابن بري: وصَوامٌ جَبَلٌ؛ قال الشاعر:

بمُسْتَهْطِعٍ رَسْلٍ، كأَنَّ جَدِيلَـه

 

بقَيْدُومِ رعْنٍ مِنْ صَوامٍ مُمَنَّع

صون

الصَّوْنُ: أَن تَقِيَ شيئاً أَو ثوباً، وصانَ الشيءَ صَوْناً وصِيانَةً وصِيَاناً واصْطانه؛ قال أُمية ابن أَبي عائذ الهذلي:

أَبْلِغْ إِياساً أَنَّ عِرْضَ ابنِ أُخْتِكُمْرِداؤُكَ، فاصْطَنْ حُسْنَه أَو تَبَذَّلِ

أَراد: فاصْطَنْ حَسَنه، فوضع المصدر موضع الصفة. ويقال: صُنْتُ الشيءَ أَصُونه، ولا تقل أَصَنْتُه، فهو مَصُون، ولا تقل مُصانٌ. وقال الشافعي، رضي الله عنه: بِذْلَةُ كلامِنا صَوْنُ غَيْرِنا. وجعلتُ الثَّوْبَ في صُوَانه وصِوَانه، بالضم والكسر، وصِيَانه أَيضاً: وهو وعاؤه الذي يُصان فيه. ابن الأَعرابي: الصَّوْنَةُ العَتِيدَة. وثوب مَصُونٌ، على النقص، ومَصْوُون، على التمام؛ الأَخيرة نادرة، وهي تميمية، وصَوْنٌ وَصْفٌ بالمصدر. والصِّوَانُ والصُّوانُ: ما صُنْتَ به الشيء. والصِّينَةُ: الصَّوْنُ، يقال: هذه ثياب الصِّينَةِ أَي الصَّوْنِ. وصَانَ عِرْضَه صِيَانة وصَوْناً، على المَثل؛ قال أَوْس بن حَجَر:

فإِنا رَأَيْنَا العِرْضَ أَحْوَجَ، ساعةً،

 

إلى الصَّوْنِ من رَيْطٍ يَمانٍ مُسَهَّمِ

وقد تَصَاوَنَ الرجلُ وتَصَوَّنَ؛ الأَخيرة عن ابن جني، والحُرُّ يَصُونُ عِرْضَه كما يَصُونُ الإِنسان ثوبه. وصَانَ الفرسُ عَدْوَه وجَرْيَه صَوْناً: ذَخَرَ منه ذَخيرة لأَوانِ الحاجةِ إليه؛ قال لبيد:

يُراوِحُ بين صَوْنٍ وابْتذالِ

أَي يَصُونُ جَرْيه مرة فيُبْقِي منه، ويَبْتَذِلُه مرة فيَجْتهدُ فيه.
وصَانَ صَوْناً: ظَلَعَ ظَلْعاً شديداً؛ قال النابغة:

فأَوْرَدَهُنَّ بَطْنَ الأَتْم شُعْثاً،

 

يَصُنَّ المَشْيَ كالحِدَإ التُّؤَامِ

وقال الجوهري في هذا البيت: لم يعرفه الأَصمعي، وقال غيره: يُبْقِين بعضَ المَشْيِ، وقال: يَتَوَجيْنَ من حَفاً. وذكر ابن بري: صانَ الفَرَسُ يَصُونُ صَوْناً إذا ظَلَعَ ظَلْعاً خفيفاً، فمعنى يَصُنَّ المَشْي أَي يَظْلَعْنَ وَيَتَوَجَّيْنَ من التعب. وصانَ الفرسُ يَصُونُ صَوْناً: صَفَّ بين رجليه، وقيل: قام على طرف حافره؛ قال النابغة:

وما حاوَلْتُما بقـيادِ خَـيْل،

 

يَصُونُ الوَرْدُ فيها والكُمَيْتُ

أَبو عبيد: الصائن من الخيل القائم على طرف حافره من الحَفَا أَو الوَجَى، وأَما الصائم فهو القائم على قوائمه الأَربع من غير حَفاً.
والصَّوَّانُ، بالتشديد: حجارة يُقْدَحُ بها، وقيل: هي حجارة سُود ليست بصلبة، واحدتها صَوَّانة. الأَزهري: الصَّوَّان حجارة صُلْبة إذا مسته النار فَقَّع تَفْقِيعاً وتشقق، وربما كان قَدَّاحاً تُقْتَدَحُ به النار، ولا يصلح للنُّورَةِ ولا للرِّضافِ؛ قال النابغة:

بَرَى وَقَعُ الصَّوّانِ حَدَّ نُسُورِها،

 

فهُنَّ لِطافٌ كالصِّعَادِ الذَّوابِلِ.

صوي

الصُّوَّةُ: جَماعةُ السِّباعِ؛ عن كراع. والصُّوَّة: حَجَرٌ يكونُ علامةً في الطريق، والجمْع صُوىً، وأَصْواء جمعُ الجمعِ؛ قال:

قد أَغْتَدي والطَّيرُ فوقَ الأَصْوا

وأَنشد أَبو زيد:

ومِن ذاتِ أَصْواءٍ سُهُوب كأَنها

 

مَزاحِفُ هَزْلَى، بينَها مُتَباعَدُ

قال ابن بري: وقد جاء فُعْلَةٌ على أَفعالٍ كما قال:

وعُقْبة الأَعْقابِ في الشهر الأَصَمُّ

قال: وقد يجوز أَن يكون أَصْواءٌ جمعَ صُوىً مثلَ رُبَعٍ وأَرباعٍ، وقيل: الصُّوَى والأَصْواءُ الأَعلامُ المَنْصُوبة المُرْتَفِعة في غَلْظٍ.وفي حديث أَبي هريرة: إنَّ للإسلامِ صُوىً ومَناراً كمَنارِ الطريقِ، ومنه قيل للقبور أَصْواءٌ. قال أَبو عمرو: الصُّوَى أَعْلامٌ من حجارةٍ منصوبةٌ في الفَيافي والمَفازةِ المجهولةِ يُسْتدَلُّ بها على الطريق وعلى طَرَفيها، أَراد أَنَّ للإسلام طَرائقَ وأَعْلاماً يُهْتَدَى بها؛ وقال الأَصمعي: الصُّوَى ما غَلُظَ من الأَرض وارتفع ولم يَبْلُغ أَن يكون جبلاً؛ قال أَبو عبيد: وقولُ أَبي عمرو أَعْجَبُ إليَّ وهو أَشْبَهُ بمعنى الحديث؛ وقال لبيد:

ثم أَصْدَرْناهمـا فـي وارِدٍ

 

صادِرِ، وَهْمٍ صُواهُ قد مثَلْ

وقال أَبو النجم:

وبينَ أَعلامِ الصُّوَى المَوائِلِ

ابن الأَعرابي: أَخْفَضُ الأَعلامِ الثَّايَةُ، وهي بلُغة بني أَسَدٍ بقَدْرِ قِعْدَةِ الرجلِ، فإذا ارْتفعَتْ عن ذلك فهي صُوَّة. قال يعقوبُ:والعَلَم ما نُصِبَ من الحجارة ليُسْتدَلَّ به على الطريقِ، والعَلَمُ الجبلُ. وفي حديث لَقيط: فيَخْرُجون مِن الأَصْواءِ فيَنْظُرون إليه ساعةً، قال القُتيبي: يعني بالأَصْواءِ القُبورَ، وأَصلُها الأَعلامُ، شَبَّه القبورَ بها، وهي أَيضاً الصُّوَى، وهي الآرام، واحدها أَرَمٌ وإرَمٌ وأَرَميٌّ وإرَميٌّ وأَيْرَميٌّ ويَرَميٌّ أَيضاً. وفي حديث أَبي هريرة:فتخرجون من الأَصْواءِ فتَنْظُرُون إليه؛ الأَصْواءُ: القُبورُ. والصاوي:اليابِسُ.
الأَصمعي في الشاء: إذا أَيْبَس أَرْبابُها أَلْبانَها عَمْداً ليكون أَسْمَنَ لها فذلك التَّصْوِيَةُ وقد صَوَّيْناها، يقال: صَوَّيْتها فصَوَتْ. ابن الأَعرابي: النَّصُوِيَة في الإناثِ أَن تُبَقَّى أَلبانُها في ضُروعِها ليكون أَشدَّ لها في العامِ المُقْبِلِ. وصَوَّيْت الناقة:حَفَّلْتُها لتَسْمَنَ، وقيل: أَيْبَسْتُ لَبنَها، وإنما يُفْعَلُ ذلك ليكونَ أَسْمَنَ لها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

إذا الدِّعْرِمُ الدِّفْناسُ صَوَّى لِقاحَه،

 

فإنَّ لنا ذَوْداً عِظامَ المَحـالِـبِ

قال: وناقةٌ مُصَوَّاةٌ ومُصَرّاة ومُحَفَّلَةٌ بمعنىً واحدٍ. وجاء في الحديث: التَّصُوِيَةُ خِلابَةٌ، وكذلك التَّصْرِية. وصَوَّيْت الغَنمَ:أَيْبَسْتُ لَبنَها عَمْداً ليكون أَسْمَنَ لها مثلُه في الإبِل، والاسمُ من كلِّ ذلك الصَّوَى، وقيل: الصَّوى أن تترُكَها فلا تَحْلُبَها؛ قال:

يَجْمع للرِّعـاءِ فـي ثَـلاثٍ:

 

طُولَ الصَّوَى، وقِلَّةَ الإرْغاثِ

والتَّصْوِيَةُ مثلُ التَّصْرِيَةِ: وهو أَنْ تُتْرَكَ الشاةُ أَيّاماً لا تُحْلَب. والخِلابَةُ: الخِدَاعُ. وضَرْعٌ صاوٍ إذا ضَمَرَ وذَهَبَ لَبَنُه؛ قال أَبو ذُؤَيب:

مُتَفَلِّق أَنْساؤُها عـن قَـانِـئ

 

كالقُرْطِ صَاوٍ، غُبْرهُ لا يُرْضَعُ

أَرادَ بالقانِيءِ ضَرْعَها، وهو الأَحْمَر لأَنه ضَمَر وارْتَفعَ لَبَنُه. التهذيب: الصَّوَى أنْ تُعَرَّز الناقةُ فيَذْهَبَ لَبَنُها؛ قال الراعي:

فَطَأْطَأْتُ عَيْني، هلْ أَرَى من سَمِينة

 

تَدارَك مِنها نَيّ عامَيْنِ والصَّـوَى؟

قال: ويكون الصَّوَى بمعنى الشَّحْمِ والسِّمَنِ. الأَحمر: هو الصَّاءَةُ بوزن الصَّاعَة ماءٌ ثَخِين يَخْرُج مع الوَلَد. وقال العَدَبَّس الكِنَاني: التَّصْوِيَة للْفُحولِ من الإِبِلِ أَن لا يُحْمَل عليه ولا يُعْقَد فيه حبلٌ ليكون أَنْشَطَ له في الضِّرَاب وأَقْوَى؛ قال الفقعسي يصف الراعي والإِبل:

صوَّى لها ذا كِدْنةٍ جُلْذِيَّا،

 

أَخْيَفَ كانَتْ أُمُّه صَفِيَّا

وصَوَّيْتُ الفَحْلَ من ذلك، وقيل: إِنَّما أَصل ذلك في الإِناثِ تُغَرَّزُ فلا تُحْلَب لتَسْمَن ولا تَضْعُفَ فَجَعَله الفَقْعَسي للفَحْل أَي تُرِكَ من العملِ وعُلِفَ حتى رَجَعَت نفسُه إِليه وسَمِنَ. وصوَّيْتُ لإِبلي فَحْلاً إذا اخْتَرْتَه ورَبَّيْتَه للفِحْلة.
الليث: الصاوِي من النخيل اليابِسُ، وقد صَوَتِ النخلةُ تَصْوِي صُوِيّاً. قال ابن الأَنباري: الصَّوَى في النخلة مقصورٌ يكتب بالياء، وقد صَوِيت النخلَة، فهي صاوية إذا عَطِشَت وضَمَرَتْ ويَبِسَتْ، قال: وقد صَوِيَ النَّخْلُ وصَوَّى النَّخْلُ، قال الأَزهري: وهذا أَصَحُّ مما قالَ الليث، وكذلك غيرُ النَّخْلِ من الشَّجَر، وقد يكُونُ في الحَيَوانِ أَيضاً؛ قال ساعدة يصف بَقَر وحش:

قَدْ أُوبِيَتْ كُلَّ مَاءٍ فَهْي صاويةٌ،

 

مَهَمَا تُصِبْ أُفُقاً مِنْ بارِقٍ تَشِمِ

والصَّوُّ: الفارِغُ. وأَصْوَى إذا جَفَّ. والصُّوَّةُ: مُخْتَلَفُ الرِّيحِ؛ قال امرؤُ القَيس:

وهَبَّتْ لَهُ ريحٌ، بِمُخْتَلَفِ الصُّوَى،

 

صَباً وشمالٌ في مَنَازِلِ قُـفَّـالِ

ابن الأَعرابي: الصَّوَى السُّنْبُلُ الفارِغُ والقُنْبُعُ غِلافُهُ؛ الأَزهري في ترجمة صعنب:

تحسبُ باللَّيْل صُوىً مُصَعْنَبَا

قال: الصُّوَى الحجارةُ المَجْمُوعَة، الواحدَة صُوَّة. ابن الأَعرابي:الصُّوَّةُ صَوْتُ الصَّدَى، بالصاد. التهذيب في ترجمة ضَوَى: سَمِعْتُ ضَوَّةَ القَوْمِ وعَوَّتَهُم أَي أَصْوَاتَهُم، وروي عن ابن الأَعرابي الصَّوَّة والعَوَّة بالصاد.وذاتُ الصُّوَى: مَوْضِعٌ؛ قال الراعي:

تَضَمَّنَهُم، وارْتَدَّتِ العَـيْنُ دُونَـهُـم،

 

بذاتِ الصوَى من ذِي التَّنَانِير، ماهِرُ