الأُمُّ تَعْجُو ولَدَها: تُؤخِّرُ رَضاعَه عن مَواقِيته ويورثُ ذلك ولدها وَهْناً؛ قال الأعشى:
مُشْفِقاً قَلْبُها عَلَيْه، فما تَعْ |
|
جُوه إلاَّ عُفافةٌ أَو فُواقُ |
قال الجوهري: عَجَتِ الأُمُّ وَلَدها تَعْجُوه عَجْواً إذا سَقَتْه اللَّبن، وقيل: عَجَتِ المرأة ابْنَها عَجْواً أَخَّرَتْ رَضاعَه عن وَقْتِهِ، وقيل: داوَتْه بالغِذاء حتى نَهَض. والعُجْوَة والمُعاجاةُ: أَن لا يكون للأُمِّ لبنٌ يُرْوِي صَبِيَّها فتُعاجِيه بشيءٍ تعلِّلُه به ساعةً، وكذلك إن ولِيَ ذلك منه غير أُمِّه، والاسمُ منه العُجْوة، والفعل العَجْوُ، واسم ذلك الوَلد العَجِيُّ، والأُنثى عجيَّةٌ، وقد عَجتْه. وعجاه اللَبنُ: غَذاه؛ وأَنشد بيت الأَعشى.
وتَعادَى عنه النهارُ، فما تَعْ |
|
جُوه إلاَّ عُفافةٌ أَو فُـواقُ |
وأَما من مُنِع اللبنَ فغُذِي بالطَّعام فيقال: عُوجِيَ. والعَجيُّ: الفَصِيلُ تموتُ أُمُّه فيُرْضِعُه صاحبه بلبَنِ غيرها ويقوم عليه، وكذلك البَهْمة؛ وقال ثعلب: هو الذي يُغَذَّى بغير لَبَنٍ، والأُنثى عَجِيَّة، وقيل: الذكر والأُنثى جميعاً بغير هاءٍ، والجمع من كلِّ ذلك عُجايا وعَجايا، والأَخيرة أَقيس؛ قال الشاعر:
عَداني أَنْ أَزُورَك أَنْ بَهْمى |
|
عَجايا، كلُّها، إلا قَـلِـيلاَ |
ويقال للَّبَنِ الذي يُعاجَى به الصَّبيُّ اليَتيم أَي يُغَذَّى به: عُجاوَةٌ، ويقال لذلك اليتيم الذي يُغَذَّى بغير لبن أُمِّه: عَجِيٌّ. وفي الحديث: كنتُ يَتِيماً ولم أَكُنْ عَجِيّاً؛ قال ابن الأثير: هو الذي لا لَبنَ لأُمِّه، أَو ماتَتْ أُمُّه فعُلِّلَ بلَبن غيرها أَو بشيءٍ آخر فأَورثه ذلك وَهّناً. وعاجيْتُ الصّبيَّ إذا أَرْضَعْتَه بلَبن غَير أُمّه أَو مَنَعْته اللَّبنَ وغَذَّيْته بالطعام. وعَجا الصَّبيَّ يَعْجُوه إذا عَلَّله بشيء فهو عَجِيٌّ، وعَجِيَ هو يَعْجَى عَجاً، ويقال للبن الذي يُعاجَى به الصَّبيُّ: عُجاوَةٌ؛ وأَنشد الليث للنابغة الجعدي:
إِذا شِئْتَ أَبْصَرْتَ، من عَقْبِهِمْ |
|
يَتَامى يُعاجَـوْنَ كـالأَذْؤُب |
وقال آخر في صفة أَولاد الجراد:
إذا ارْتَحَلَتْ من مَنزِلٍ خَلَّفَتْ بِه |
|
عَجايا، يُحاثي بالتُّرابِ صغيرُها |
قال ابن بري: قال ابن خالويه العَجِيّ في البهائم مثل اليَتيم في الناس.
قال ابن سيده: العَجيُّ من الناس الذي يَفْقِدُ أُمَّه.
وعَجَوْته عَجْواً: أَمَلْته؛ قال الحرث بن حِلِّزَة:
مُكْفَهِرّاً على الحوادث، لا تَعْ |
|
جُوهُ للِدَّهْرِ مُؤْيِدٌ صَـمَّـاءُ |
ويروى: لا تَرْتُوه. وعَجا البَعيرُ: رَغا. وعَجا فاه: فَتَحه. قال الأزهري: وعَجا شِدْقَه إذا لواه. قال خلَفٌ الأَحْمر: سأَلتُ أَعرابيّاً عن قولهِم عَجا شِدْقَه فقال إذا فَتَحه وأَمالَه؛ قال الأَزهري: قال الطِّرمَّاح يصف صائداً له أَولادٌ لا أُمَّهات لَهمُ فهم يعاجَون تَرْبِيةً سَيِّئة:
إِنْ يُصِبْ صَيداً يكُنْ جُلُّه |
|
لعَجايا، قُوتُهمْ باللِّحـامْ |
وقال ابن شميل: يقال لَقِيَ فلانٌ ما عَجاه وما عَظاه وما أَوْرَمَه إذا لَقِيَ شِدّةً وبَلاءً. ولَقَّاه الله ما عَجاه وما عَظاه أَي ما ساءهُ.
وفي حديث الحجاج: أَنه قال لبعض الأَعراب أَراكَ بَصيراً بالزرع، فقال: إني طالَما عاجَيْتهُ أَي عانَيْتُه وعالَجْتُه. والعَجِيُّ: السّيّءُ الغِذاء؛ وأَنشد أَبو زيد:
يَسْبِقُ فيها الحَمَل العَجِـيّا |
|
رَغْلاً، إذا ما آنسَ العَشِيَّا |
والعُجاوَة: قدر مُضْغةٍ من لحْمٍ تكونُ موصولةً بِعَصبة تَنْحَدِرُ من رُكْبةِ البعيرِ إلى الفرْسِنِ، وهي من الفَرَسِ مَضِيغَةٌ، وهي العُجاية أَيضاً، وقيل: هيَ عَصَبة في باطِنِ يدِ الناقةِ. وقال اللحياني: عُجاوَةُ الساقِ عَصَبة تَتتقَلَّع معَها في طَرَفِها مثلُ العُظَيْمِ، وجمعها عُجىً كَسَّروه على طرح الزائد فكأنهم جَمَعوا عُجْوَةً أَو عُجاةً؛ قال ابن سيده: وهذه الكلمة واوية ويائية. وقال ابن شميل: العُجاية من الفَرَسِ العَصَبةُ المُسْتَطيلة في الوَظيفِ ومُنْتَهاها إلى الرُّسْغَين وفيها يكون الحَطْمُ، قال: والرُّسْغُ مُنتهى العُجايةِ. وقال ابن سيده في معتلّ الياء: العُجايَة عصبٌ مركَّبٌ فيه فصوصٌ من عِظامٍ كأَمثالِ فُصُوصِ الخاتَمِ تكون عند رُسْغِ الدابةِ؛ زاد غيره: وإذا جاعَ أَحدُهم دَقَّها بين فِهْرَيْنِ فأَكلها؛ وقال كعب:
سُمْرُ العُجاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصَى زِيَماً |
|
لم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكْمِ تَـنْـعِـيلُ |
قال: وتُجْمَعُ على العُجَى، يصف حَوافِرَها بالصلابة؛ قال ابن الأَثيرِ: هي أَعصابُ قوائِمِ الإِبلِ والخَيْلِ واحدتُها عُجايةٌ. قال ابن سيده: وقيل العجاية كل عَصَبةٍ في يدٍ أَو رِجْلٍ، وقيل: هي عَصبَة باطِنِ الوَظيفِ من الفرسِ والثَّوْرِ، والجمْعُ عُجىً وعُجِيٌّ، على حذف الزائِدِ فيهما، وعُجايا؛ عن ابن الأَعرابي. قال الجوهري: العُجايَتانِ عَصَبتان في باطِنِ يَدَي الفرَسِ، وأَسْفَلَ منهما هَناتٌ كأَنها الأَظفارُ تسمى السَّعْداناتِ، ويقال: كلُّ عَصَبٍ يَتَّصلُ بالحافِرِ فهو عُجايةٌ؛ قال الراجز:
وحافِرٌ صُلْبُ العُجَى مُدَمْلَقُ |
|
وساقُ هَيْقُواتِها مُعَـرَّقُ، |
معرَّق: قليل اللحم؛ قال ابن بري: وأَنشده في فصلِ دملق:
وساقُ هَيْقٍ أَنفُها مُعرَّقُ |
والعَجْوة: ضَرْبٌ من التَّمرِ يقالُ هو مما غَرَسهُ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، بيده، ويقال: هو نَوعٌ من تَمرِ المَدينةِ أَكبر منَ الصَّيْحانيِّ يَضْرِبُ إلى السواد من غَرْسِ النبيِ، صلى الله عليه وسلم. قال الجوهري: العَجْوَةُ ضَرْبٌ من أَجْوَدِ التَّمْرِ بالمدينة ونَخْلتُها تسمى لِينَةً؛ قال الأَزهري: العَجْوَةُ التي بالمدينة هي الصَّيْحَانيَّةُ، وبها ضُرُوبٌ من العَجْوة ليس لها عُذُوبة الصَّيْحانيَّةِ ولا رِيُّها ولا امتِلاؤها. وفي الحديث: العَجْوةُ من الجنةِ. وحكى ابن سيده عن أَبي حنيفة: العَجْوةُ بالحجازِ أُمُّ التَّمْرِ الذي إليه المَرْجِعُ كالشِّهْرِيز بالبَصْرةِ، والتَّبّيّ بالبحرين، والجُذاميِّ باليمامة. وقال مرَّة أُخرى: العَجْوة ضربٌ من التمر. وقيل لأُحَيْحةَ بن الجُلاحِ: ما أَعْدَدْتَ للشتاء؟ قال: ثلثَمائةٍ وسِتِّينَ صاعاً من عَجْوة تُعْطِي الصبيَّ منها خَمْساً فيردُّ عليكَ ثلاثاً. قال الجوهري: ويقال العُجى الجُلود اليابسةُ تُطْبَخُ وتُؤكلُ، الواحدةُ عُجْية؛ وقال أَبو المُهَوِّش:
ومُعَصِّبٍ قَطَعَ الشِّتاءَ، وقُوتُه |
|
أَكلُ العُجى وتَكَسُّبُ الأَشْكادِ |
فبَدَأْتُه بالمَحْضِ، ثم ثَنَـيْتـه |
|
بالشَّحْمِ، قَبْلَ مُحَمَّـدٍ وزِيادِ |
وحكى ابن بري عن ابن وَلاَّد: الْعُجى في البيت جمع عُجْوَةٍ، وهو عَجْبُ الذَّنَبِ، وقال: وهو غلط منه إِنما ذلك عُكعوَةٌ وعُكىً؛ قال:
حَتَّى تُوَلِّيك عُكَى أَذْنابِها |
وسيأْتي ذكره. والعُجَى أَيضاً: عَصَبَة الوَظِيف، والأَشْكادُ: جمع شُكْدٍ، وهو العَطاءُ.
العُجْبُ والعَجَبُ: إِنكارُ ما يَرِدُ عليك لقِلَّةِ اعْتِيادِه؛ وجمعُ العَجَبِ: أَعْجابٌ؛ قال:
يا عَجَباً للدَّهْرِ ذِي الأَعْجابِ، |
|
الأَحْدَبِ البُرْغُوثِ ذِي الأَنْيابِ |
وقد عَجِبَ منه يَعْجَبُ عَجَباً، وتَعَجَّبَ، واسْتَعْجَبَ؛ قال:
ومُسْتَعْجِبٍ مما يَرَى من أَناتِنا، |
|
ولو زَبَنَتْهُ الحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ |
والاسْتِعْجابُ: شِدَّةُ التَّعَجُّبِ.
وفي النوادر: تَعَجَّبنِي فلانٌ وتَفَتَّنَني أَي تَصَبَّاني؛ والاسم: العَجِيبةُ، والأُعْجُوبة.
والتَّعاجِيبُ: العَجائبُ، لا واحدَ لها من لفظها؛ قال الشاعر:
ومنْ تَعاجِيبِ خَلْقِ اللّهِ غَاطِيةٌ، |
|
يُعْصَرُ مِنْها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ |
الغَاطِيَةُ: الكَرْمُ. وقوله تعالى: بل عَجِبْت ويَسْخَرُون؛ قرأَها حمزة والكسائي بضم التاءِ، وكذا قراءة علي بن أَبي طالب وابن عباس؛ وقرأَ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وأَبو عمرو: بل عَجِبْتَ، بنصب التاءِ.
الفراءُ: العَجَبُ، وإِن أُسْنِدَ إِلى اللّه، فليس معناه من اللّه، كمعناه من العباد.
قال الزجاج: أَصلُ العَجَبِ في اللغة، أَن الإِنسان إذا رأَى ما ينكره ويَقِلُّ مِثْلُه، قال: قد عَجِبْتُ من كذا. وعلى هذا معنى قراءة من قرأَ بضم التاءِ، لأَن الآدمي إذا فعل ما يُنْكِرُه اللّهُ، جاز أَن يقول فيه عَجِبْتُ، واللّه، عز وجل، قد علم ما أَنْكَره قبل كونه، ولكن الإِنكارُ والعَجَبُ الذي تَلْزَمُ به الحُجَّة عند وقوع الشيءِ. وقال ابن الأَنباري في قوله: بل عَجِبْتُ؛ أَخْبَر عن نفسه بالعَجَب. وهو يريد: بل جازَيْتُهم على عَجَبِهم من الحَقِّ، فَسَمّى فِعْلَه باسمِ فِعْلهم. وقيل: بل عَجِبْتَ، معناه بل عَظُمَ فِعْلُهم عندك. وقد أَخبر اللّه عنهم في غير موضع بالعَجَب من الحَقِّ؛ قال: أَكَانَ للناسِ عَجَباً؛ وقال: بل عَجِبُوا أَنْ جاءهم مُنْذِرٌ منهم؛ وقال الكافرون: إِنَّ هذا لشيءٌ عُجابٌ.
ابن الأَعرابي: العَجَبُ النَّظَرُ إِلى شيءٍ غير مأْلوف ولا مُعتادٍ.
وقوله عز وجل: وإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولُهم؛ الخطابُ للنبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَي هذا موضعُ عَجَبٍ حيث أَنكروا البعْثَ، وقد تبين لهم مِنْ خَلْقِ السمواتِ والأَرض ما دَلَّهم على البَعْث، والبعثُ أَسهلُ في القُدْرة مما قد تَبَيَّنُوا. وقوله عز وجل: واتَّخَذَ سبيلَه في البحر عَجَباً؛ قال ابن عباس: أَمْسَكَ اللّه تعالى جرْيَةَ البَحْرِ حتى كان مثلَ الطاقِ فكان سَرَباً، وكان لموسى وصاحبه عَجَباً. وفي الحديث: عَجِبَ رَبُّكَ من قوم يُقادُونَ إِلى الجنةِ في السلاسِل؛ أَي عَظُمَ ذلك عنده وكَبُرَ لديه. أَعلم الله أَنه إِنما يَتَعَجَّبُ الآدميُّ من الشيءِ إذا عَظُمَ مَوْقِعُه عنده، وخَفِيَ عليه سببُه، فأَخبرهم بما يَعْرِفون، ليعلموا مَوْقعَ هذه الأَشياء عنده. وقيل: معنى عَجِبَ رَبُّكَ أَي رَضِيَ وأَثابَ؛ فسماه عَجَباً مجازاً، وليس بعَجَبٍ في الحقيقة. والأَولُ الوجه كما قال: ويَمْكُرونَ ويَمْكُرُ اللّهُ؛ معناه ويُجازيهم اللّه على مكرهم. وفي الحديث: عَجِبَ رَبُّكَ من شَابٍّ ليستْ له صَبْوَةٌ؛ هو من ذلك.
وفي الحديث: عَجِبَ رَبُّكُمْ من إِلِّكم وقُنُوطِكم. قال ابن الأَثير: إِطْلاقُ العَجَب على اللّه تعالى مَجَازٌ، لأَنه لا يخفى عليه أَسبابُ الأَشياء؛ والتَّعَجُّبُ مما خَفِيَ سببه ولم يُعْلَم.
وأَعْجَبَه الأَمْرُ: حَمَلَهُ على العَجَبِ منه؛ وأَنشد ثعلب:
يا رُبَّ بَيْضَاءَ على مُهَشَّمَهْ، |
|
أَعْجَبَها أَكْلُ البَعيرِ اليَنَمَـهْ |
هذه امرأَةٌ رأَتِ الإِبلَ تأْكل، فأَعْجَبها ذلك أَي كَسَبها عَجَباً؛ وكذلك قولُ ابنِ قَيسِ الرُّقَيَّاتِ:
رَأَتْ في الرأْسِ منِّي شَيْ |
|
بَةً، لَسْـتُ أُغَـيِّبُـهـا |
فقالتْ لي: ابنُ قَـيْسٍ ذا، |
|
وبَعْضُ الشَّيْءِ يُعْجِبُهـا |
أَي يَكْسِبُها التَّعَجُّبَ.
وأُعْجِبَ به: عَجِبَ.
وعَجَّبَه بالشيءِ تَعْجِيباً: نَبَّهَهُ على التَّعَجُبِ منه.
وقِصَّةٌ عَجَبٌ، وشيء مُعْجِبٌ إذا كان حَسَناً معدّاً.
والتَّعَجُّبُ: أَن تَرَى الشيءَ يُعْجِبُكَ، تَظُنُّ أَنك لم تَرَ مِثلَه. وقولهم: للّه زيدٌ، كأَنه جاءَ به اللّه من أَمْرٍ عَجِيبٍ، وكذلك قولهم: للّه دَرّهُ، أَي جاءَ اللّهُ بدَرِّه من أَمْرٍ عَجِيبٍ لكثرته.
وأَمر عُجَابٌ وعُجَّابٌ وعَجَبٌ وعَجِيبٌ وعَجَبٌ عاجِبٌ وعُجَّابٌ، على المبالغة، يؤكد به. وفي التنزيل: إِنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ؛ قرأَ أَبو عبد الرحمن السُّلَمِيُّ: ان هذا لشيء عُجَّابٌ، بالتشديد؛ وقال الفراء: هو مِثْلُ قولهم رجل كريم، وكُرامٌ وكُرَّامٌ، وكَبيرٌ وكُبَارٌ وكُبَّارٌ، وعُجَّاب، بالتشديد، أَكثر من عُجَابٍ. وقال صاحب العين: بين العَجِيب والعُجَاب فَرْقٌ؛ أَما العَجِيبُ، فالعَجَبُ يكون مثلَه، وأَما العُجَاب فالذي تَجاوَزَ حَدَّ العَجَبِ.
وأَعْجَبَهُ الأَمْرُ: سَرَّه. وأُعْجِبَ به كذلك، على لفظ ما تَقَدَّم في العَجَبِ.
والعَجِيبُ: الأَمْرُ يُتَعَجَّبُ منه. وأَمْرٌ عَجِيبٌ: مُعْجِبٌ.
وقولهم: عَجَبٌ عاجِبٌ، كقولهم: لَيْلٌ لائِلٌ، يؤكد به؛ وقوله أَنشده ثعلب:
وما البُخْلُ يَنْهاني ولا الجُودُ قادَني، |
|
ولكنَّها ضَـرْبٌ إِلـيَّ عَـجـيبُ |
أَرادَ يَنْهاني ويَقُودُني، أَو نَهاني وقَادَني؛ وإِنما عَلَّقَ عَجِيبٌ بإليَّ، لأَنه في معنى حَبِيب، فكأَنه قال: حَبِيبٌ إِليَّ. قال الجوهري: ولا يجمع عَجَبٌ ولا عَجِيبٌ. ويقال: جمعُ عَجِيب عَجائبُ، مثل أَفِيل وأَفائِل، وتَبيع وتَبائعَ. وقولهم: أَعاجِيبُ كأَنه جمع أُعْجُوبةٍ، مثل أُحْدُوثةٍ وأَحاديثَ. والعُجْبُ: الزُّهُوُّ. ورجل مُعْجَبٌ: مَزْهُوٌّ بما يكون منه حَسَناً أَو قَبِيحاً. وقيل: المُعْجَبُ الإِنسانُ المُعْجَبُ بنفسه أَو بالشيءِ، وقد أُعْجِبَ فلانٌ بنفسه، فهو مُعْجَبٌ برأْيه وبنفسه؛ والاسم العُجْبُ، بالضم. وقيل: العُجْب فَضْلَةٌ من الحُمْق صَرَفْتَها إِلى العُجْبِ. وقولُهم ما أَعجَبَه برأْيه، شاذّ لا يُقاس عليه. والعُجْب: الذي يُحِبُّ محادثةَ النساء ولا يأْتي الريبة. والعُجْبُ والعَجْبُ والعِجْبُ: الذي يُعْجِبُه القُعُود مع النساءِ. والعَجْبُ والعُجْبُ من كل دابة ما انْضَمَّ عليه الوَرِكان من أَصل الذَّنَبِ المَغْروز في مؤخر العَجُز؛ وقيل: هو أَصلُ الذَّنَبِ كُلُّه. وقال اللحياني: هو أَصْلُ الذَّنَبِ وعَظْمُه، وهو العُصْعُصُ؛ والجمعُ أَعْجابٌ وعُجُوبٌ. وفي الحديث: كُلُّ ابنِ آدمَ يَبْلَى إِلا العَجْبَ؛ وفي رواية: إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَب. العَجْبُ، بالسكون: العظم الذي في أَسفل الصُّلْب عند العَجُز، وهو العَسِيبُ من الدَّوابِّ. وناقة عَجْباءُ: بَيِّنَةُ العَجَبِ، غلِيظةُ عَجْبِ الذَّنَب، وقد عَجِبَتْ عَجَباً. ويقال: أَشَدُّ ما عَجُبَتِ الناقةُ إذا دَقَّ أَعْلى مُؤَخَّرِها، وأَشْرَفَتْ جاعِرَتاها. والعَجْباءُ أَيضاً: التي دَق أَعلى مُؤَخَّرها، وأَشرَفَتْ جاعِرَتاها، وهي خلْقَةٌ قبيحة فيمن كانت. وعَجْبُ الكَثِيبِ: آخِرُه المُسْتَدِقُّ منه، والجمعُ عُجُوب؛ قال لبيد:
يَجْتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّـذاً |
|
بعُجُوبِ أَنْقاءٍ، يَميلُ هَيامُها |
ومعنى يَجتابُ: يَقْطَع؛ ومن روى يَجْتافُ، بالفاءِ، فمعناه يَدْخُلُ؛ يصف مطراً. والقالِصُ: المرتفعُ. والمُتَنَبِّذُ: المُتَنَحِّي ناحيةً.
والهَيَامُ: الرَّمْل الذي يَنْهار. وقيل: عَجْبُ كلّ شيءٍ مُؤَخَّرُه.
وبَنُو عَجْبٍ: قبيلة؛ وقيل: بَنُو عَجْبٍ بطن. وذكر أَبو زيد خارجةُ بنُ زيدٍ أَن حَسَّان بنَ ثابتٍ أَنشد قوله:
انْظُرْ خَليلِي ببَطْنِ جِلَّقَ هلْ |
|
تُونِسُ، دونَ البَلْقاءِ، مِن أَحَدِ |
فبكى حَسَّان بذِكْرِ ما كان فيه من صِحَّة البصر والشَّبابِ، بعدما كُفَّ بَصَرُه، وكان ابنه عبدُ الرحمن حاضِراً فسُرَّ ببكاءِ أَبيه. قال خارجةُ: يقول عَجِبْتُ من سُروره ببكاءِ أَبيه؛ قال ومثله قوله:
فقالتْ لي: ابنُ قَيْسٍ ذا، |
|
وبعضُ الشَّيءِ يُعْجِبُها |
أَي تَتَعَجَّبُ منه. أَرادَ أَابنُ قَيْسٍ، فتَرك الأَلفَ الأُولى.
عَجَّ يَعِجُّ ويَعَجُّ عَجّاً وعجيجاً، وضجَّ يَضِجُّ: رفع صوته وصاحَ؛ وقيَّده في التهذيب فقال: بالدعاءِ والاستغاثة. وفي الحديث: أَفضل الحجّ العَجُّ والثَّجُّ؛ العجُّ: رفع الصوت بالتَّلْبيَة، والثَّجُّ: صَبُّ الدم، وسَيَلان دماء الهَدْيِ؛ يعني الذبح؛ ومنه الحديث: أَن جبريل أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: كن عَجَّاجاً ثَجَّاجاً. وفي الحديث: من قتل عُصْفُوراً عَبَثاً عَجَّ إِلى الله تعالى يوم القيامة.
وعَجَّةُ القوم وعَجِيجُهم: صِياحُهم وجَلَبتهم؛ وفي الحديث: من وحَّد الله تعالى في عَجَّتِه وجبتْ له الجنة، أَي من وحَّده عَلانِيَة برفع صوته. ورجل عاجٌّ وعَجْعاجٌ وعَجَّاجٌ: صيّاح، والأُنثى بالهاء؛ قال:
قَلْبٌ تَعَلَّقَ فَيْلَقاً هَوْجَلاً، |
عَجَّاجَةً هَجَّاجَةً تَأَلاَّ، |
لَتُصْبِحَنَّ الأَحْقَرَ الأَذَلاَّ |
اللحياني: رجل عَجْعاجٌ بَجْباجٌ إذا كان صَيَّاحاً.
وعَجْعَجَ: صوَّت؛ ومضاعفته دليل على تكريره. والبعير يَعِجُّ في هَديره عَجّاً وعَجِيجاً: يُصَوِّت. ويُعَجْعِجُ: يردِّد عَجِيجَه ويُكَرِّرُه؛ قال أَبو محمد الحذلمي:
وقَرَّبُوا لِلْبَينِ والتَّقَضِّي، |
من كلِّ عَجَّاجٍ تَرَى للْغَرْضِ، |
خَلْفَ رَحَى حَيزُومه كالغَمْضِ |
الغمض: المطمئن من الأَرض. وعَجَّ: صاح. وجَعَّ: أَكل الطِّين. وعَجَّ الماءُ يَعِجُّ عَجيجاً وعَجْعَجَ، كلاهما: صوَّت؛ قال أَبو ذؤَيب:
لكُلِّ مَسيلٍ منْ تِهَامَةَ، بعدما |
|
تَقَطَّعَ أَقْرانُ السَّحابِ عَجيجُ |
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
بأَوْسَعَ، منْ كَفِّ المُهاجِرِ، دَفْقَةً |
|
ولا جَعْفَر عَجَّت إِليه الجَعافرُ |
عَجَّت إِليه: أَمدَّته، فللسَّيل صوْت من الماءِ، وعَدَّى عَجَّت بإِلى لأَنها إذا أَمدَّته فقد جاءَته وانضَمَّتْ إِليه، فكأَنه قال: جاءَت إِليه وانضمت إِليه. والجَعْفَرُ هنا: النهر. ونهرٌ عَجَّاج: تسمع لمائه عَجيجاً أَي صوْتاً؛ ومنه قول بعض الفَخَرة: نحن أَكثر منكم ساجاً ودِيباجاً وخَراجاً ونَهْراً عَجَّاجاً. وقال ابن دريدٍ: نهر عَجَّاج كثير الماءِ؛ وفي حديث الخيل: إِن مَرَّت بنهر عَجَّاج فشرِبت منه كُتبت له حسَنات؛ أَي كثير الماءِ كأَنه يَعِجُّ من كثرته وصَوْت تدفُّقه. وفَحْلٌ عَجَّاج في هَديره أَي صيَّاح؛ وقد يجيءُ ذلك في كل ذي صوْت مِن قوس وريح.
وعَجَّت القوس تَعِجُّ عَجيجاً: صوَّتت، وكذلك الزَّنْدُ عند الوَرْيِ.
والعَجَاج: الغُبار، قيل: هو من الغبار ما ثَوَّرَتْه الريح، واحدته عَجاجة، وفعله التَّعْجيجُ. وفي النوادر: عَجَّ القوم وأَعَجُّوا، وهَجُّوا وأَهَجُّوا، وخَجُّوا وأَخَجُّوا إذا أَكثروا في فُنُونه الرُّكوبَ وعَجَّجَته الرِّيح: ثَوَّرتْهُ.
وأَعَجَّتِ الرِّيح، وعَجَّت: اشتدَّ هُبوبها وساقت العجاج.
والعَجَّاج: مُثِير العجاج. والتعجيجُ: إِثارة الغُبار. ابن الأَعرابي: النُّكْبُ في الرياح أَربعٌ: فنَكباءُ الصَّبا والجَنُوب مِهْيافٌ مِلْواحٌ، ونكباءُ الصَّبا والشَّمال مِعْجاجٌ مِصْرادٌ لا مطر فيه ولا خيرَ، ونَكْباءُ الشَّمال والدَّبُور قَرَّةٌ، ونَكْباءُ الجَنُوب والدَّبور حارَّة؛ قال: والمِعْجاجُ هي التي تُثِير الغُبار. ويوم مِعَجٌّ وعَجَّاجٌ، ورياحٌ مَعاجِيجُ: ضِدُّ مَهَاوين والعَجَاجُ: الدُّخَان؛ والعَجَاجَة أَخصُّ منه. وعَجَّجَ البيتَ دُخَاناً فَتَعَجَّجَ: مَلأَهُ.
والعَجَاجة: الكثير من الإِبل؛ قال شَمِر: لا أَعرفُ العَجاجة بهذا المعنى. وقال ابن حبيب: العَجْعاجُ من الخيل النَّجِيب المُسِنُّ.
والعُجَّة: دقيق يُعجَن بسَمْن ثم يُشْوَى؛ قال ابن دريد: العُجَّة ضرْب من الطعام لا أَدري ما حدُّها. قال الجوهري: العُجَّة هذا الطعام الذي يُتخذ من البيض، أَظنُّه مولَّداً. قال ابن دريد: لا أَعرف حقيقة العُجَّة غير أَن أَبا عمرو ذكر لي أَنه دقيق يعجن بسمن؛ وحكى ابن خالويه عن بعضهم أَن العُجَّة كلُّ طعام يُجمع مثل التمر والأَقِطِ.
وجئتهم فلم أَجد إِلاَّ العَجَاج والهَجَاج؛ العَجَاج: الأَحمق.
والهَجَاج: مَن لا خير فيه. وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى يأْخذ الله شَريطَتَه من أَهل الأَرض، فَيَبْقَى عَجَاجٌ لا يعرفون معروفاً ولا يُنْكِرون منكراً؛ قال الأَزهري: أَظنه شُرْطَته أَي خياره، ولكنه كذا رُوي شَريطَتَه. والعَجَاجُ من الناس: الغَوْغاءُ والأَراذِل ومَن لا خير فيه، واحدهم عَجاجة، وهو كنحو الرَّجَاجِ والرَّعاعِ؛ قال:
يَرضَى، إذا رَضِي النِّساءُ،عجاجة |
|
وإِذا تُعُمِّدَ عَمْدُهُ لـم يَغْـضَـب |
والعَجَّاج بن رؤْبة السَّعْدي: من سعد تميم، هذا الراجز؛ يقال: أَشعر الناس العَجَّاجان أَي رؤْبة وأَبوه قال ابن دريد: سمي بذلك لقوله:
حتى يَعجَّ ثَخَناً مَنْ عَجْعَـجَـا |
|
ويُودِيَ المُودِي، ويَنْجُو مَنْ نَجا |
أَي استغاث. قال الليث: لَمَّا لم يستقم له أَن يقول في القافية عَجَّا، ولم يصح عَجَجاً ضاعفه، فقال: عَجْعَجا، وهُمْ فُعَلاءُ لذلك.
ويقال للناقة إذا زجرتها: عاج، وفي الصحاح: عاجِ، بكسر الجيم، مخففة.
وقد عَجْعَجَ بالناقة إذا عَطَفها إِلى شيء فقال: عَاجِ عَاجِ.
والعَجْعَجة في قضاعة: كالعَنْعَنة في تميم يُحَوِّلون الياء جيماً مع العين، يقولون: هذا راعِجَّ خرج مَعِجْ أَي راعِيّ خرج مَعِي؛ كما قال الراجز:
خالي لَقِيطٌ وأَبو عَلِـجِّ |
|
المُطْعِمَان اللَّحم بالعَشِجِّ |
وبالغَداةِ كِسَرَ البَـرْنِـجِّ |
|
يُقْلَعُ بالوَدِّ وبالصِّيصِجِّ |
أَراد: عَليّ والعَشِيّ والبَرْنيّ والصِّيصِيّ.
وفلان يَلُفُّ عَجَاجَته على بَني فلان أَي يُغِير عليهم؛ وقال الشَّنْفَرَى:
وإِني لأَهْوَى أَنْ أَلُفَّ عَجَـاجَـتـي |
|
على ذِي كِساءٍ، من سُلامَان، أَو بُرْدِ |
أَي أَكْتَسِحَ غنيَّهم ذا البُرْدِ، وفقيرهم الكساءِ. وطَرِيقٌ عاجٌّ زاجٌّ إذا امتلأَ.
العَجَدُ: الغِرْبانُ، الواحدة عَجَدَة؛ قال صخر الغيّ يصف الخيل:
فَأَرْسَلُوهُنَّ يَهْتَلِكْنِ بهـم |
|
شَطْرَ سَوامٍ، كأَنها العَجَدُ |
والعُجْدُ: الزَّبيبُ. والعُجْدُ والعُنْجُدُ: حَبُّ العِنَبِ، وقيل: حبُّ الزبيب، وقيل: هو أَرْدَؤُه، وقيل: هو ثَمَرٌ يشبهه وليس به.
العَجَر، بالتحريك: الحَجْم والنُّتُوُّ. يقال: رجل أَعْجَرُ بَيِّن العَجَر أَي عظيم البطن.
وعَجِر الرجلُ، بالكسر، يعْجَر عَجَراً أَي غلُظ وسَمِن. وتَعَجَّر بطنُه: تَعَكَّنَ. وعَجِر عَجَراً: ضَخُم بطنُه. والعُجْرةُ: موضع العَجَر. وروى عن عليّ، كرَّم الله وجهه، أَنه طاف ليلةَ وقعةِ الجمل على القَتْلى مع مَوْلاه قَنْبَرٍ فوقف على طلحةَ بن عبيدالله، وهو صَريع، فبكى ثم قال: عز عليّ أَبا محمد أَن أَراك مُعَفَّراً تحت نجوم السماء؛ إِلى الله أَشكو عُجَرِي وبُجَرِي، قال محمد بن يزيد: معناه همومي وأَحزاني، وقيل:ما أُبْدِي وأُخْفِي، وكله على المَثَل. قال أَبو عبيد: ويقال أَفضيت إِليه بعُجَرِي وبُجَرِي أَي أَطلعتُه من ثِقتي به على مَعَايِبي. والعرب تقول: إِن من الناس من أُحَدِّثه بعُجَرِي وبُجَري أَي أُحدثه بمَساوِيَّ، يقال هذا في إِفشاء السر. قال: وأَصل العُجَر العُرُوق المتعقدة في الجسد، والبُجَر العروق المتعقدة في البطن خاصة. وقال الأَصمعي: العُجْرَة الشيء يجتمع في الجسد كالسِّلعة، والبُجْرة نحوها، فيراد: أَخْبرته بكل شيء عندي لم أَستر عنه شيئاً من أَمري. وفي حديث أُم زرع: إِن أَذكُرْه أَذكُرْ عُجَرَهُ وبُجَرَه؛ المعنى إِنْ أَذكُرْه أَذكر مَعايِبَه التي لا يعرفها إِلاَّ مَن خَبَرَه؛ قال ابن الأَثير: العُجَر جمع عُجْرة، هو الشيء يجتمع في الجسد كالسِّلعة والعُقْدة، وقيل: هو خَرَز الظهر، قال: أَرادت ظاهرَ أَمره وباطنَه وما يُظْهِرُه ويُخفيه. والعُجْرَة: نَفْخَة في الظهر، فإِذا كانت في السرة فهي بُجْرة، ثم يُنْقَلانِ إِلى الهموم والأَحزان. قال أَبو العباس: العُجَر في الظهر والبُجر في البطن. وعَجَرَ الفرسُ يَعْجِرُ إذا مدَّ ذنبه نحو عَجُزِه في العَدْو؛ وقال أَبو زيد:
وهَبَّتْ مَطاياهُمْ، فَمِنْ بَيْنَ عاتبٍ، |
|
ومِنْ بَيْنِ مُودٍ بالبَسِيطَةِ يَعْجِـرُ |
أَي هالك قد مَدَّ ذنبه. وعَجَر الفرسُ يَعْجِرُ عَجْراً وعَجَرَاناً وعاجَرَ إذا مَرَّ مَرّاً سريعاً من خوف ونحوه. ويقال: فرس عاجِر، وهو الذي يَعْجِر برجليه كقِماص الحِمار، والمصدر العَجَران؛ وعَجَرَ الحمارُ يَعْجِر عَجْراً: قَمصَ؛ وأَما قول تميم بن مقبل:
أَماالأَداةُ ففِينا ضُمَّرٌ صُنُعٌ، |
|
جُرْدٌ عَواجِرُ بالأَلْبادِ واللُّجُمِ |
فإِنها رويت بالحاء والجيم في اللجم، ومعناه عليها أَلبادها ولحمُها، يصفها بالسِّمَن وهي رافعةٌ أَذنابها من نشاطها. ويقال: عَجَرَ الرِّيقُ على أَنيابه إذا عَصَبَ به ولزِقَ كما يَعْجِرُ الرجل بثوبه على رأْسه؛ قال مُزَرِّد بن ضرار أَخو الشماخ:
إِذ لا يزال يابِساً لُعابُـه |
|
بالطَّلَوَان، عاجراً أَنْيابُه |
والعَجَرُ: القوة مع عِظَم الجسد. والفحل الأَعْجَرُ: الضَّخْم. وعَجِرَ الفرسُ: صلُب لحمُه. ووظيف عَجِرٌ وعَجُرٌ، بكسر الجيم وضمها: صلب شديد، وكذلك الحافر؛ قال المرار:
سَلِط السُّنْبُكِ ذي رُسْغٍ عَجِرْ |
والأَعْجَر: كل شيء ترى فيه عُقَداً. وكِيسٌ أَعْجَر وهِمْيان أَعْجَر: وهو الممتلئ. وبَطْنٌ أَعْجرُ: مَلآن، وجمعه عُجْر؛ قال عنترة:
أَبَنِي زَبِيبةَ، ما لِمُهْرِكُـمُ |
|
مُتَخَدِّداً، وبُطونكُمْ عُجْر؟ |
والعُجْرة، بالضم: كل عقدة في الخشبة، وقيل: العُجْرة العقدة في الخشبة ونحوها أَو في عروق الجسد. والخَلَنْج في وشْبِه عُجَر، والسيف في فِرِنْدِه عُجَر؛ وقال أَبو زبيد:
فأَوَّلُ مَنْ لاقَى يجُـول بـسَـيْفـهِ |
|
عَظِيم الحواشي قد شَتا، وهو أَعْجَرُ |
الأَعْجَر: الكثير العُجَر. وسيف ذو مَعْجَرٍ: في مَتْنِه كالتعقيد.
والعَجِير: الذي لا يأْتي النساء، يقال له عَجِير وعِجِّير، وقد رويت بالزاي أَيضاً. ابن الأَعرابي: العَجِير، بالراء غير معجمة، والقَحُول والحَرِيك والضعيف والحَصُور العِنِّين، والعَجِير العِنِّين من الرجال والخيل. الفراء:الأَعْجَر الأَحْدَب، وهو الأَفْزَرُ والأَفْرَصُ والأَفْرَسُ والأَدَنّ والأَثْبَج.
والعَجّارُ: الذي يأْكل العَجاجِير، وهي كُتَلُ العجين تُلقى على النار ثم تؤكل. ابن الأَعرابي: إذا قُطِّع العَجين كُتَلاً على الخِوَان قبل أَن يبسط فهو المُشَنَّق. والعَجاجِيرُ والعَجّارُ: الصِّرِّيعُ الذي لا يُطاق جنبُه في الصِّراع المُشَغْزب لِصَريعه.
والعَجْرُ: لَيُّك عنق الرجل. وفي نوادر الأَعراب: عَجَر عنقه إِلى كذا وكذا يَعْجِره إذا على وجه فأَراد أَن يرجع عنه إِلى شيء خلفه، وهو منهيّ عنه، أَو أَمَرْته بالشيء فَعَجَر عنقه ولم يرد أَن يذهب إِليه لأَمرك.
وعَجَر عنقَه يَعْجِرها عَجْراً: ثناها. وَعَجَر به بَعِيرُه عَجَراناً:كأَنه أَراد أَن يركب به وجهاً فرجع به قِبلَ أُلاَّفِه وأَهِله مثل عكَر به؛ وقال أَو سعيد في قول الشاعر:
فلو كُنتَ سيفاً كان أَثْرُكَ عُجْرَةً، |
|
وكنت دَداناً لا يُؤَيِّسُه الصَّقْـل |
يقول: لو كنتَ سيفاً كنت كَهاماً بمنزلة عُجْرَةِ التِّكَّة. كَهاماً:لا يقطع شيئاً. قال شمر: يقال عَجَرْت عليه وحَظَرْت عليه وحَجَرْت عليه بمعنى واحد. وعَجَر عليه بالسيف أَي شدّ عليه. وعُجِرَ على الرجل: أُلِحَّ عليه في أَخذ ماله. ورجل مَعْجورٌ عليه: كَثُر سؤاله حتى قلَّ، كَمثْودٍ. الفراء: جاء فلان بالعُجرِ والبُجَرِ أَي جاء بالكذب، وقيل: هو الأَمر العظيم. وجاء بالعَجارِيَّ والبَجاريّ، وهي الدواهي. وعَجَرَه بالعصا وبَجَرَه إذا ضَرَبه بها فانتفخ موضع الضرب منه. والعَجارِيُّ: رؤوس العظام؛ وقال رؤبة:
ومِنْ عَجارِيهنَّ كلَّ جِنْجِن |
فخفف ياءَ العَجارِي، وهي مشددة. والمِعْجَر والعجِارُ: ثوب تَلُفُّه المرأَة على استدارة رأْسها ثم تَجَلَّبَبُ فوقه بجلِبابِها، والجمع المَعاجرُ؛ ومنه أُخذ الاعَتِجارُ، وهو لَيُّ الثوب على الرأْس من غير إِدارة تحت الحنَك. وفي بعض العبارات: الاعْتِجارُ لَفُّ العمامة دون التَّلَحِّي. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه دخل مكة يوم الفتح مُعْتَجِراً بعمامةٍ سَوْداءَ؛ المعنى أَنه لَفَّها على رأْسه ولم يَتَلَحَّ بها؛ وقال دكين يمدح عمرو بن هبيرة الفزاري أمير العراق وكان راكباً على بغلة حسناء فقال يمدحه بديهاً:
جاءت به، مُعْتَجِراً بِـبُـرْدِه، |
|
سِفْواءُ تَرْدُي بنَسِـيج وَحْـدِه |
مُسْتَقْبِلاً خَدَّ الصَّبَّـا بـخـدِّه، |
|
كالسَّيفِ سُلَّ نَصْلُه من غِمْدِه |
خَيرُ أَميرٍ جاء من مَـعَـدِّه، |
|
من قبله، أَو رَافِداً مِن بَعْـدِه |
فكل قلس قـادِحٌ بِـزَنْـدِه، |
|
يَرْجُون رَفْعَ جَدِّهم بِـجَـدِّه |
فإن ثَوَى ثَوى الندى في لَحْدِه، |
|
واخْتَشَعَتْ أُمَّتُـه لِـفَـقْـدِه |
فدفع إِليه البغلةَ وثيابَه والبُرْدة التي عليه. والسَّفْواء: الخَفِيفةُ الناصِيةِ، وهو يستحب في البِغال ويكره في الخيل. والسَّفْواء أَيضاً:السريعة. والرافد: هو الذي يَلي المَلِك ويقوم مقامه إذا غاب.
والعِجْرة، بالكسر: نوع من العِمَّة. يقال: فلان حسَنُ العِجْرة. وفي حديث عبيد الله بن عديّ بن الخيار: وجاء وهو مُعْتَجِرٌ بعمامته ما يرى وَحْشِيٌّ منه إِلاَّ عَيْنَيْهِ ورِجْلَيْه؛ الاعْتِجارُ بالعمامة: هو أَن يَلُفَّها على رأْسِه ويردَّ طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئاً تحت ذَفَنِه.
والاعْتِجارُ: لِبسة كالالْتِحافِ؛ قال الشاعر:
فما لَيْلى بِتَاشِزَة القُصَيْرَى، |
|
ولا وَقْصاءَ لِبْستُها اعْتجِارُ |
والمِعْجَر: ثوبٌ تَعْتَجِر به المرأَة أَصغَر من الرداء وأَكبر من المِقْنَعة. والمِعْجر والمَعاجِرُ: ضرب من ثياب اليمن. والمِعْجَر: ما ينْسَج من اللِّيف كالجُوالقِ.
والعَجْراء: العصا التي فيها أُبَنٌ؛ يقال: ضربه بعَجْراءَ من سَلَمٍ. وفي حديث عياش بن أَبي ربيعة لما بَعَثَه إِلى اليمن: وقَضيب ذو عُجَرٍ كأَنه من خَيزُوانٍ أَي ذو عُقَدٍ. وكعب بن عُجْرة: من الصحابة رضي الله عنهم. وعاجِرٌ وعُجَيرٌ والعُجَير وعُجْرة، كلها: أَسماء. وبنو عُجْرة: بطن منهم. والعُجَير: موضع؛ قال أَوس بن حجر:
تَلَقَّيْنَني يوم العُجَيرِ بمْنـطِـقٍ، |
|
تَروَّحَ أَرْطَى سُعْدَ منه وضالُها |
العَجْرَدُ والعُجارِدُ: ذَكَرُ الرجل؛ وفي التهذيب: الذكر من غير تخصيص؛ وأَنشد شمر:
فَشامَ في وَمَّاحِ سَلْمى العَجْرَدا |
والمُعَجْرِدُ: العُرْيانُ. قال شمر: هو بكسر الراء وكأَنَّ اسم عَجْرَدٍ منه مأْخوذ. وشجر عَجْرَدٌ ومُعَجْرِدٌ: عارٍ من ورقه. والعَجْرَدُ: الخفيف السريع.
وعَجْرَدٌ: اسم رجل من الحَرُوريَّة. والعَجْرَدِيَّة من الحرورية: ضَرْب ينسبون إِليه. والعَجْرَدُ: الغليظ الشديد. وناقة عجرد: منه، ومنه سمي حَمَّادُ عَجْرَدٍ. الجوهري: العَجارِدَةُ صنف من الخوارج أَصحاب عبدالكريم بن العَجْرَدِ.
العَجْرَفَةُ والعَجْرَفِيَّة: الجَفْوة في الكلام، والخُرْق في العمَل، والسرعة في المشي، وقيل: العجْرفيّة أَن تأْخذ الإبل في السير بخُرق إذا كلَّت؛ قال أُميَّة بن أَبي عائذ:
ومن سَيْرها العَنَق المُسْبَطِرْ |
|
ر والعَجْرَفِيَّة بَعْد الكَـلال |
الأَزهري: العجرفيّةُ التي لا تَقصِد في سَيرها من نَشاطها. قال ابن سيده: وعَجْرَفِيّةُ ضَبّةَ أَراها تقعُّرَهم في الكلام. وجمل عَجْرَفي: لا يَقصد في مَشيْه من نَشاطه، والأُنثى بالهاء، وقد عَجْرَفَ وتعَجْرَف.
الأَزهري: يكون الجمل عَجْرَفيَّ المشي لسرعته. ورجل فيه عَجَرْفيَّة وبعير ذُو عَجاريفَ. الجوهري: جمل فيه تَعَجْرُف وعَجْرَفةُ وعَجْرفيّة كأَنّ فيه خُرْقاً وقِلّة مُبالاة لسرعته. الأَزهري: العجرفية من سير الإبل اعْتِراضٌ في نَشاط، وأَنشد بيت أُمية بن أَبي عائذ. والعَجْرفةُ: ركُوبكَ الأَمْرَ لا تُرَوِّي فيه، وقد تعَجْرَفَه. وفلان يَتَعَجْرَفُ على فلان إذا كان يركبه بما يكره ولا يَهابُ شيئاً. وعَجارِفُ الدهر وعَجارِيفه: حَوادِثُه، واحدها عُجْرُوف؛ قال الشاعر:
لم تُنْسِني أُمَّ عَمَّارٍ نَوىً قَـذَفٌ |
|
ولا عَجاريفُ دَهْرٍ لا تُعَرِّيني |
وتعَجْرَفَ فلان علينا إذا تكبَّر؛ ورجل فيه تعَجْرُفٌ.
والعُجروف: دويبَّةٌ ذات قوائم طِوالٍ، وقيل: هي النمل ذُو القوائم؛ وقال ابن سيده في موضع آخر: أَعظم من النملة. الأَزهري: يقال أَيضاً لهذا النمل الذي رفعَته عن الأَرض قوائمه عُجْروف.
العُجْرُمةُ والعِجْرِمةُ: شجرة من العِضاه غليظة عظيمة، لها كعُقَدٌ الكِعاب تُتَّخذ منها القِسِيُّ. وقال أَبو حنيفة: العُجْرمةُ والنَّشَمةُ شيءٌ واحد، والجمع عُجْرُمٌ وعِجْرِمٌ؛ قال العجاج ووصفَ المطايا:
نَواحِلاً مِثلَ قِسِيِّ العِجْرِمِ |
وهي العُجرومة، وعَجْرَمَتُها غِلظ عُقَدِها. وقال أَبو حنيفة: المُعَجرَم القضيب الكثير العُقَد، وكلُّ مُعقَّد مُعَجَرمَ. والعِجْرِم: دويبّة صُلبة كأَنها مَقْطوطةٌ تكون في الشجر وتأْكل الحشيش. والعَجاريم من الدابّة: مُجتَمع عُقَد ما بين فخذيه وأَصل ذكَره. والعُجْرُم: أَصل الذكرَ، وإِنه لَمُعَجرَمٌ إذا كان غليظ الأَصل. والعُجارِم: الذكرَ، وقيل: أَصله، وقد يوصف به. وذكَرٌ مُعَجْرَمٌ: غليظ الأَصل؛ قال رؤبة:
يُنْبي بشَرْخَي رَحْلِه مُعَجْرَمُهْ، |
|
كأَنما يَسْفِيه حادٍ يَنْـهَـمُـهْ |
ومُعَجرمَ البعير: سَنامه. والعَجْرَمة: مَشْيٌ فيه شِدَّة وتَقارُب؛ وقال رجل من بني ضَبَّة يوم الجمل:
هذا عَلِيٌّ ذو لَظىً وهَمْهَمهْ، |
يُعَجْرِمُ المَشيَ إلينا عَجْرَمَهْ، |
كالليَّث يحْمِي شِبلَه في الأَجَمَهْ |
قال ابن دريد: العَجْرَمة العدْوُ العدْوُ الشديد؛ وأَنشد:
أَو سِيد عادِيةٍ يُعَجْرِمُ عَجْرَمهْ |
ورجل عَجرَم وعُجرُم وعُجارِم: شديد. الجوهري: والعُجارِم، بالضم، الرجل الشديد، قال: وربما كُنيَ به عن الذكَر؛ وأَنشد ابن بري لجرير:
تُنادي بجُنْحِ اللـيل: يا آلَ دارِمِ، |
|
وقد سَلَخُوا جِلدَ اسْتِها بالعُجارِمِ |
والعِجْرِم، بالكسر: الرجل القصير الغليظ الشديد. وبعير عُجرُم: شديد، وقيل: كلُّ شديد عُجْرُم. وناقة مُعَجرَمة: شديدة؛ قال أَبو النجم:
مُعَجْرَماتٍ بُزَّلاً سَغابلا |
والعَجرَمة من الإبل: مائة أَو مائتان، وقيل: ما بين الخمسين إلى المائة. والعَجرَمة: الإسراع. قال ابن بري: العَجرَمة إسراعٌ في مُقاربة خَطوٍ؛ قال عمرو بن معديكرب، ويقال الأَسعَر بن حُمران:
أَمّا إذا يَعدُو فثَعْلَـبُ جَـرْيةٍ، |
|
أَو ذِئبُ عادِيةٍ يُعَجْرِمُ عَجْرَمَهْ |
الأَزهري: عجوزٌ عِكرِشةٌ وعَجْرَمةٌ وعَضَمَّزةٌ وقَلَمَّزةٌ وهي اللئيمة القصيرة. وعَجْرَمة: اسم رجل.
العَجْزُ: نقيض الحَزْم، عَجَز عن الأَمر يَعْجِزُ وعَجِزَ عَجْزاً فيهما؛ ورجل عَجِزٌ وعَجُزٌ: عاجِزٌ. ومَرَةٌ عاجِزٌ: عاجِزَةٌ عن الشيء؛ عن ابن الأَعرابي. وعَجَّز فلانٌ رَأْيَ فلان إذا نسبه إِلى خلاف الحَزْم كأَنه نسبه إِلى العَجْز. ويقال: أَعْجَزْتُ فلاناً إذا أَلفَيْتَه عاجِزاً. والمَعْجِزَةُ والمَعْجَزَة: العَجْزُ. قال سيبويه: هو المَعْجِزُ والمَعْجَزُ، بالكسر على النادر والفتح على القياس لأَنه مصدر.
والعَجْزُ: الضعف، تقول: عَجَزْتُ عن كذا أَعْجِز. وفي حديث عمر: ولا تُلِثُّوا بدار مَعْجِزَة أَي لا تقيموا ببلدة تَعْجِزُون فيها عن الاكتساب والتعيش، وقيل بالثَّغْر مع العيال. والمَعْجِزَةُ، بفتح الجيم وكسرها، مفعلة من العَجْز: عدم القدرة. وفي الحديث: كلُّ شيءٍ بِقَدَرٍ حتى العَجْزُ والكَيْسُ، وقيل: أَراد بالعَجْز ترك ما يُحبُّ فعله بالتَّسويف وهو عامّ في أُمور الدنيا والدين. وفي حديث الجنة: ما لي لا يَدْخُلُني إِلاَّ سَقَطُ الناس وعَجَزُهُم؛ جمع عاجِزٍ كخادِمٍ وخَدَم، يريد الأَغْبِياءَ العاجِزِين في أُمور الدنيا. وفحل عَجِيزٌ: عاجز عن الضِّراب كعَجِيسٍ؛ قال ابن دُرَيْد: فحل عَجِيزٌ وعَجِيسٌ إذا عَجَز عن الضِّراب؛ قال الأَزهري وقال أَبو عبيد في باب العنين: هو العَجِيز، بالراء، الذي لا يأْتي النساء؛ قال الأَزهري: وهذا هو الصحيح، وقال الجوهري: العَجِيز الذي لا يأْتي النساء، بالزاي والراء جميعاً. وأَعْجَزَه الشيءُ: عَجَزَ عنه.
والتَّعْجِيزُ: التَّثْبِيط، وكذلك إذا نسبته إِلى العَجْز. وعَجَّزَ الرجلُ وعاجَزَ: ذهب فلم يُوصَل إِليه. وقوله تعالى في سورة سبأ: والذين سَعَوْا في آياتنا مُعاجِزِين؛ قال الزجاج: معناه ظانِّين أَنهم يُعْجِزُوننا لأَنهم ظنوا أَنهم لا يُبعثون وأَنه لا جنة ولا نار، وقيل في التفسير: مُعاجزين معاندين وهو راجع إِلى الأَوّل، وقرئت مُعَجِّزين، وتأْويلها أَنهم يُعَجِّزُون من اتبع النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُثَبِّطُونهم عنه وعن الإِيمان بالآيات وقد أَعْجَزهم. وفي التنزيل العزيز: وما أَنتم بمُعْجِزِين في الأَرض ولا في السماء؛ قال الفاء: يقول القائل كيف وصفهم بأَنهم لا يُعْجِزُونَ في الأَرض ولا في السماء وليسوا في أَهل السماء؟ فالمعنى ما أَنتم بمُعْجِزِينَ في الأَرض ولا من في السماء بمُعْجِزٍ، وقال أَبو إِسحق: معناه، والله أَعلم، ما أَنتم بمُعْجِزِين في الأَرض ولا لو كنتم في السماء، وقال الأَخفش: معناه ما أَنتم بمُعْجِزِين في الأَرض ولا في السماء أَي لا تُعْجِزُوننا هَرَباً في الأَرض ولا في السماء، قال الأَزهري: وقول الفراء أَشهر في المعنى ولو كان قال: ولا أَنتم لو كنتم في السماء بمُعْجِزِينَ لكان جائزاً، ومعنى الإِعْجاز الفَوْتُ والسَّبْقُ، يقال: أَعْجَزَني فلان أَي فاتني؛ ومنه قول الأَعشى:
فَذاكَ ولم يُعْجِزْ من الموتِ رَبَّه |
|
ولكن أَتاه الموتُ لا يَتَـأَبَّـقُ |
وقال الليث: أَعْجَزَني فلان إذا عَجَزْتَ عن طلبه وإِدراكه. وقال ابن عرفة في قوله تعالى مُعاجِزِينَ أَي يُعاجِزُون الأَنبياءَ وأَولياءَ الله أَي يقاتلونهم ويُمانِعُونهم ليُصَيِّروهم إِلى العَجْزِ عن أَمر الله، وليس يَعْجِزُ اللهَ، جل ثناؤه، خَلْقٌ في السماء ولا في الأَرض ولا مَلْجَأَ منه إِلا إِليه؛ وقال أَبو جُنْدب الهذلي:
جعلتُ عُزَانَ خَلْفَهُـم دَلِـيلاً |
|
وفاتُوا في الحجازِ ليُعْجِزُوني |
وقد يكون أَيضاً من العَجْز. ويقال: عَجَزَ يَعْجِزُ عن الأَمر إذا قَصَرَ عنه. وعاجَزَ إلى ثِقَةٍ: مالَ إليه. وعاجَزَ القومُ: تركوا شيئاً وأَخذوا في غيره. ويقال: فلان يُعاجِزُ عن الحق إلى الباطل أَي يلجأُ إليه.
ويقال: هو يُكارِزُ إلى ثقة مُكارَزَةً إذا مال إليه.
والمُعْجِزَةُ: واحدة مُعْجِزات الأَنبياء، عليهم السلام. وأَعْجاز الأُمور: أَواخِرُها. وعَجْزُ الشيء وعِجْزُه وعُجْزُه وعَجُزُه وعَجِزُه: آخره، يذكر ويؤنث؛ قال أَبو خِراش يصف عُقاباً:
بَهِسيماً، غيرَ أَنَّ العَجْزَ منها |
|
تَخالُ سَرَاتَه لَبَناً حَـلِـيبـا |
وقال اللحياني: هي مؤنثة فقط. والعَجُز: ما بعد الظهر منه، وجميع تلك اللغات تذكر وتؤنث، والجمع أَعجاز، لا يُكَسَّر على غير ذلك. وحكى اللحياني: إِنها لعظيمة الأَعْجاز كأَنهم جعلوا كل جزء منه عَجُزاً، ثم جمعوا على ذلك. وفي كلام بعض الحكماء: لا تُدَبِّرُوا أَعْجازَ أُمور قد وَلَّت صُدورُها؛ جمع عَجُزٍ وهو مؤخر الشيء، يريد بها أَواخر الأُمور وصدورها؛ يقول: إذا فاتَكَ أَمرٌ فلا تُتْبِعه نفسَك متحسراً على ما فات وتَعَزَّ عنه متوكلاً على الله عز وجل؛ قال ابن الأَثير: يُحَرِّض على تَدَبُّر عواقب الأُمور قبل الدخول فيها ولا تُتْبَع عند تَوَلِّيها وفواتها.
والعَجُزُ في العَرُوض: حذفك نون فاعلاتن لمعاقبتها أَلف فاعلن هكذا عبر الخليل عنه ففسر الجَوْهر الذي هو العَجُز بالعَرَض الذي هو الحذف وذلك تقريب منه، وإِنما الحقيقة أَن تقول العَجُز النون المحذوفة من فاعلاتن لمعاقبة أَلف فاعلن أَو تقول التَّعْجيز حذف نون فاعلاتن لمعاقبة أَلف فاعلن وهذا كله إِنما هو في المديد. وعَجُز بيت الشعر: خلاف صدره.
وعَجَّز الشاعرُ: جاء بعَجُز البيت. وفي الخبر: أَن الكُمَيْت لما افتتح قصيدته التي أَولها:
أَلا حُيِّيتِ عَنَّا يا مَدِينا |
أَقام بُرْهة لا يدري بما يُعَجِّز على هذا الصدر إِلى أَن دخل حمَّاماً وسمع إِنساناً دخله، فسَلَّم على آخر فيه فأَنكر ذلك عليه فانتصر بعض الحاضرين له فقال: وهل بأْسٌ بقول المُسَلِّمِينَ؟ فاهْتَبلَها الكُمَيْتُ فقال:
وهل بأْسٌ بقول مُسَلِّمِينا؟ |
وأَيامُ العَجُوز عند العرب خمسة أَيام: صِنّ وصِنَّبْر وأُخَيُّهُما وَبْرٌ ومُطْفِئ الجَمْر ومُكْفِئ الظَّعْن؛ قال ابن كُناسَة: هي من نَوْءِ الصَّرْفَة، وقال أَبو الغَوْث: هي سبعة أَيام؛ وأَنشد لابن أَحمر:
كُسِعَ الشِّتاءُ بِسَبْعَةٍ غُـبْـرِ |
|
أَيَّامِ شَهْلَتِنا من الـشَّـهْـرِ |
فإِذا انْقَضَتْ أَيَّامُها، ومَضتْ |
|
صِنٌّ وصِنِّبْرٌ مع الوَبْـرِ، |
وبآمِرٍ وأَخـيه مُـؤْتَـمِـرٍ |
|
ومُعَلِّلٍ وبِمُطْفِئ الجَـمْـرِ |
ذهبَ الشِّتاء مُوَلِّياً عَـجِـلاً |
|
وأَتَتْكَ واقِدَةٌ من النَّـجْـرِ |
قال ابن بري: هذه الأَبيات ليست لابن أَحمر وإِنما هي لأَبي شِبْلٍ الأَعرابي؛ كذا ذكره ثعلب عن ابن الأَعرابي.
وعَجِيزَةُ المرأَة: عَجُزُها، ولا يقال للرجل إِلا على التشبيه، والعَجُزُ لهما جميعاً. ورجل أَعْجَزُ وامرأَة عَجْزاءُ ومُعَجِّزَة: عظيما العَجِيزَةِ، وقيل: لا يوصف به الرجلُ. وعَجِزَت المرأَة تَعْجَزُ عَجَزاً وعُجْزاً، بالضم: عَظُمَتْ عَجِيزَتُها، والجمع عَجِيزاتٌ، ولا يقولون عَجائِز مخافة الالتباس. وعَجُزُ الرجل: مؤَخَّره، وجمعه الأَعْجاز، ويصلح للرجل والمرأَة، وأَما العَجِيزَةُ فعَجِيزَة المرأَة خاصة. وفي حديث البراء، رضي الله عنه: أَنه رفع عَجِيزَته في السجود؛ قال ابن الأَثير: العَجِيزَة العَجُز وهي للمرأَة خاصة فاستعارها للرجل. قال ثعلب: سمعت ابن الأَعرابي يقول: لا يقال عَجِزَ الرجلُ، بالكسر، إِلا إذا عظم عَجُزُه.
والعَجْزاء: التي عَرُض بطنُها وثَقُلَت مَأْكَمَتُها فعظم عَجُزها؛ قال:
هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْـزاءُ مُـدْبِـرَةً |
|
تَمَّتْ، فليس يُرَى في خَلْقِها أَوَدُ |
وتَعَجَّزَ البعيرَ: ركِبَ عَجُزَه. وروي عن علي، رضي الله عنه، أَنه قال: لنا حقٌّ إِن نُعْطَهُ نأْخذه وإِن نُمْنَعْه نركب أَعْجازَ الإِب وإِن طال السُّرى؛ أَعْجاز الإِبل: مآخيرها والركوب عليها شاقّ؛ معناه إِن مُنِعْنا حقنا ركبنا مَرْكَب المشقة صابرين عليه وإِن طال الأَمَدُ ولم نَضْجَر منه مُخِلِّين بحقنا؛ قال الأَزهري: لم يرد عليٌّ، رضي الله عنه، بقوله هذا ركوبَ المشقة ولكنه ضرب أَعْجاز الإِبل مثلاً لتقدم غيره عليه وتأْخيره إِياه عن حقه، وزاد ابن الأَثير: عن حقه الذي كان يراه له وتقدّم غيره وأَنه يصبر على ذلك، وإِن طال أَمَدُه، فيقول: إِن قُدِّمْنا للإِمامة تقدّمنا، وإِن مُنِعْنا حقنا منها وأُخِّرْنا عنها صبرنا على الأُثْرَة علينا، وإِن طالت الأَيام؛ قال ابن الأَثير: وقيل يجوز أَن يريد وإِن نُمْنَعْه نَبْذُل الجهد في طلبه، فِعْلَ مَنْ يضرب في ابتغاء طَلِبَتِه أَكبادَ الإِبل، ولا نبالي باحتمال طول السُّرى، قال: والوجه ما تقدم لأنه سَلَّم وصبر على التأَخر ولم يقاتل، وإِنما قاتل بعد انعقاد الإِمامة له.
وقال رجل من ربيعة بن مالك: إِن الحق بِقَبَلٍ، فمن تعدّاه ظلَم، ومن قَصَّر عنه عَجَزَ، ومن انتهى إِليه اكتفى؛ قال: لا أَقول عَجِزَ إِلاَّ من العَجِيزَة، ومن العَجْز عَجَز. وقوله بِقَبَلٍ أَي واضحٌ لك حيث تراه، وهو مثل قولهم إِن الحق عاري وعُقاب عَجْزاءُ: بمؤخرها بياض أَو لون مخالف، وقيل: هي التي في ذَنَبها مَسْح أَي نقص وقصر كما قيل للذنَب أَزَلُّ، وقيل: هي التي ذنبها ريشة بيضاء أَو ريشتان، وقيل: هي الشديدة الدائرة؛ قال الأَعشى:
وكأَنّما تَبِعَ الصِّوارُ، بِشَخْصِها |
|
عَجْزاءَ تَرْزُقُ بالسُّلَيِّ عِيالَها |
والعَجَزُ: داء يأْخذ الدواب في أَعْجازِها فتثقل لذلك، الذكر أَعْجَزُ والأُنثى عَجْزاءُ.
والعِجازَة والإِعْجازَة: ما تُعَظِّم به المرأَةُ عَجِيزَتَها، وهي شيء شبيه بالوسادة تشده المرأَة على عَجُزِها لِتُحْسَبَ أَنها عَجْزاءُ.
والعِجْزَةُ وابن العِجْزَةِ: آخر ولد الشيخ، وفي الصحاح: العِجْزَةُ، بالكسر، آخرُ ولد الرجل. وعِجْزَةُ الرجل: آخر ولد يولد له؛ قال:
واسْتَبْصَرَتْ في الحَيِّ أَحْوى أَمْرَدا |
|
عَجِزَةَ شَيْخَينِ يُسَمَّى مَـعْـبَـدا |
يقال: فلان عِجْزَةُ ولد أَبويه أَي آخرهم، وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه، والمذكر والمؤنث والجمع والواحد في ذلك سواء. ويقال: وُلِدَ لِعِجْزَةٍ أَي بعدما كَبِر أَبواه.
والعِجازَةُ: دائرة الطائر، وهي الأُصبع المتأَخرة.
وعَجُزُ هَوازِنَ: بنو نَصْر بن معاوية وبنو جُشَمِ ابن بكر كأَنه آخرهم.وعِجْزُ القوس وعَجْزها ومَعْجِزُها: مَقْبِضها؛ حكاه يعقوب في المبدل، ذهب إِلى أَن زايه بدل من سينه، وقال أَبو حنيفة: هو العِجْز ولا يقال مَعْجِز، وقد حكيناه نحن عن يعقوب. وعَجْز السكين: جُزْأَتُها؛ عن أَبي عبيد.
والعَجُوز والعَجُوزة من النساء: الشَّيْخَة الهَرِمة؛ الأَخيرة قليلة، والجمع عُجُز وعُجْز وعَجائز، وقد عَجَزَت تَعْجُزْ عَجْزاً وعُجوزاً وعَجَّزَتْ تُعَجِّزُ تَعْجِيزاً: صارت عَجُوزاً، وهي مُعَجِّز، والاسم العُجْز. وقال يونس: امرأَة مُعَجِّزة طعنت في السن، وبعضهم يقول: عَجَزَت، بالتخفيف. قال الأَزهري: والعرب تقول لامرأَة الرجل وإِن كانت شابة: هي عَجُوزُهُ، وللزوج وإِن كان حَدَثاً: هو شَيْخُها، وقال: قلت لامرأَة من العرب: حالبي زوجكِ، فَتَذَمَّرَتْ وقالت: هلا قلتَ حالبي شَيْخَكِ؟ ويقال للرجل عَجُوز وللمرأَة عَجُوز. ويقال: اتَّقِي الله في شَبِيبَتِكِ وعُجْزِك أَي بعدما تصيرين عَجُوزاً. قال ابن السكيت: ولا تقل عَجُوزَة والعامة تقوله. وفي الحديث: إِن الجنة لا يدخلها العُجُز؛ وفيه: إِياكم والعُجُزَ العُقُرَ؛ قال ابن الأَثير: العُجُز جمع عَجُوز وعَجُوزة، وهي المرأَة الكبيرة المسنَّة، والعُقُر جمع عاقِرٍ، وهي التي لا تلد. ونَوى العَجُوزِ: ضرب من النَّوَى هَشٌّ تأْكله العَجُوزُ لِلينِه كما قالوا نَوى العَقُوقِ، وقد تقدّم. والعَجُوز: الخمر لقدمها؛ قال الشاعر:
لَيْتَهُ جامُ فِضَّةٍ من هَـدايا هُ |
|
سِوى ما به الأَمِيرُ مُجِيزِي |
إِنما أَبْتَغِيهِ للـعَـسَـلِ الـمَـمْ |
|
زُوجِ بالماءِ، لا لِشُرْبِ العَجُوزِ |
وفي التهذيب: يقال للخمر إذا عَتَقَتْ عَجُوز. والعَجُوز: القِبْلة.
والعَجُوز: البقرة. والعَجُوز: نَصْل السيف؛ قال أَبو المِقْدام:
وعَجُوز رأَيتُ في فَمِ كَلْبٍ |
|
جُعِلَ الكلبُ للأَمِيرِ حَمالا |
الكلبُ: ما فوق النصل من جانبيه، حديداً كان أَو فضة، وقيل: الكلب مسمار في قائم السيف، وقيل: هو ذُؤابَتُه. ابن الأَعرابي: الكلب مسمار مَقْبِض السيف، قال: ومعه الآخر يقال له العَجُوز.
والعَجْزاءُ: حَبْل من الرمل مُنْبِت، وفي التهذيب: العَجْزاءُ من الرمال حَبْل مرتفع كأَنه جَلَدٌ ليس بِرُكام رمل وهو مَكْرُمَة للنبت،، والجمع العُجْز لأَنه نعت لتلك الرملة. والعَجُوز: رملة بالدَّهْناء؛ قال يصف داراً:
على ظَهْرِ جَرْعاءِ العَجُوزِ، كأَنها |
|
دَوائرُ رَقْمٍ فـي سَـراةِ قِـرامِ |
ورجل مَعْجُوزٌ ومَشْفُوهٌ ومَعْرُوكٌ ومَنْكُودٌ إذا أُلِحَّ عليه في المسأَلة؛ عن ابن الأَعرابي.
والعَجْزُ: طائر يضرب إِلى الصُّفرة يُشْبه صوتُه نُباح الكلب الصغير يأْخذ السَّخْلَة فيطير بها ويحتمل الصبي الذي له سبع سنين، وقيل: الزُّمَّجُ، وجمعه عِجْزان.
وفي الحديث: أَنه قَدِمَ على النبي، صلى الله عليه وسلم، صاحبُ كِسْرى فوهب له مِعْجَزَةً فسُمِّيَ ذا المِعْجَزَة، هي بكسر الميم، المِنْطَقَة بلغة اليمن؛ قال: وسميت بذلك لأَنها تلي عَجُزَ المُتَنَطِّق بها، والله أَعلم.
العَجْسُ: شدّة القَبْضِ على الشيء. وعَجْسُ القوسِ وعِجْسُها وعُجْسُها ومَعْجِسُها وعُجْزُها: مَقْبِضُها الذي يقبضه الرامي منها، وقيل: هو موضع السهم منها. قال أَبو حنيفة: عَجْسُ القَوس أَجلُّ موضع فيها وأَغلظه. وكل عَجْزٍ عَجْسٌ، والجمع أَعْجاس؛ قال رؤبة:
ومَنْكِبا عِزٍّ لنا وأَعْجاس |
وعُجْسُ السهم: ما دون ريشه. والعُجْسُ: آخر الشيء.
وعَجِيساءُ الليل وعَجاساؤُه. ظلمته. والعَجاساءُ: الظلمة. وعَجَسَتِ الدابة تَعْجِسُ عَجَساناً: ظَلَعَتْ. والعَجاساءُ: الإِبلُ العِظامُ المَسانُّ، الواحِدُ والجمعُ عَجاساءُ؛ قال الراعي يصف إِبلاً وحاديها:
إِذا سَرَحَتْ من مَنْزِلٍ نام خَلْفَـهـا |
|
بِمَيْثاءَ، مِبْطانُ الضُّحى غَيْرَ أَرْوَعا |
وإِن بَرَكَتْ منها عَجـاسـاءُ جِـلَّةٌ |
|
بِمَحْنِيَّةٍ، أَشْلَى العِفاسَ وبَـرْوَعَـا |
مِبْطانُ الضُّحى: يعني راعياً يبادر الصَّبُوح فيشرب حتى يمتلئ بطنه من اللبن. والأَرْوَعُ: الذي يَرُوعُك جَمَاله، وهو أَيضاً الذي يُسْرِعُ إِليه الارتياع. والميثاء: الأَرض السهلة. وبَرَكَتْ: من البُرُوك.
والعِفاسُ وبَرْوَعٌ: اسما ناقتين؛ يقول: إذا استأْخرت من هذه الإِبل عَجاسَاءُ دعا هاتين الناقتين فتبعهما الإِبل، قال ابن بري: وهو في شعره خَذَلَتْ أَي تخلفت. والجِلَّةُ: المَسَانُّ من الإِبل، واحدها جليلٌ مثل صَبِيٍّ وصِبْيَةٍ، وقيل: هي القطعة العظيمة منها، وقيل: هي الناقة العظيمة الثقيلة الحَوْساءُ، الواحدة عَجاساءُ، والجمع عَجاسَاءُ، قال: ولا تقل جَمَلٌ عَجاساءُ، والعَجاساءُ يمد ويقصر؛ وأَنشد:
وطافَ بالحَوْضِ عَجاساً حُوسُ |
الحُوسُ: الكثيرة الأَكل. وقال أَبو الهيثم: لا يعرف العَجاسا مقصورةً.
والعَجُوسُ: آخر ساعة من الليل.
والعُجُوسُ: إِبطاء مشي العَجاسَاءِ، وهي الناقة السمينة تتأَخر عن النوق لثقل قَتَالِها، وقَتالُها شَحْمُها ولحمها. والعَجِيساء: مِشْيَةٌ فيها ثقل.
وعَجَّسَ: أَبْطَأَ. ولا آتيك سَجِيسَ عُجَيْسٍ أَي طُولَ الجهر، وهو منه لأَنه يَتَعَجَّسُ أَي يبطئ فلا يَنْفَدُ أَبداً. ولا آتيك عُجَيْسَ الدهرِ أَي آخره؛ أَبو عبيد عن الأَحمر:
فأَقْسَمْتُ لا آتي ابْنَ ضَمْرَةَ طائعاً، |
سَجِيسَ عُجَيْسٍ، ما أَبانَ لِساني عُجَيْس مصغر، أَي لا آتيه أَبداً، وهو مثل قولهم لا آتيك الأَزْلَمَ الجَذَعَ، وهو الدهر.
وتَعَجَّسَت بي الراحلةُ وعَجَسَتْ بي إذا تَنَكَّبَتْ عن الطريق من نشاطها؛ وأَنشد لذي الرمة:
إِذا قالَ حَادِينا: أَيا، عَجَسَتْ بِـنـا |
|
صُهابِيَّةُ الأَعْرافِ عُوجُ السَّوالِفِ |
ويروى: عَجَّسَتْ بنا، بالتشديد. والعَجاسا، بالقَصْرِ: التَّقَاعُسُ.
وعَجَسَهُ عن حاجته يَعْجِسُهُ وتَعَجَّسَهُ: حبسه؛ وعَجَسَتْنِي عَجَاساءُ الأُمور عنك. وما منعك، فهو العَجاسَاءُ. وعَجَسَني عن حاجتي عَجْساً: حبسني. وتَعَجَّسَتْني أُمورٌ: حَبَسَتْني. وتَعَجَّسَه: أَمَرَه أَمْراً فغيره عليه. وفَحْلٌ عَجِيسٌ وعَجِيساءُ وعَجاسَاءُ: عاجز عن الضِّراب، وهو الذي لا يُلْقِحُ. وعَجِيساءُ: موضع.
والعَيْجُوسُ: سمك صغار يملح؛ وأَما قول الراجز:
وفِتْيَةٍ نَبَّهْتُهُمْ بالعَجْسِ |
فهو طائفة من وسط الليل كأَنه مأْخوذ من عَجْسِ القَوسِ؛ يقال: مضى عَجْسٌ من الليل. والعُجْسَةُ: الساعة من الليل، وهي الهُتْكَةُ والطَّبِيقُ؛ وروى ابن الأَعرابي بيت زهير:
بَكَرْنَ بُكُوراً واسْتَعَنَّ بِعُجْسَةٍ |
قال: وأَراد بعُجْسَةٍ سَوادَ الليل وهذا يدل على أَن من رواه: واسْتَحَرْنَ بِسُحْرَةٍ، لم يرد تقديم البُكور على الاسْتِحارِ.
وتَعَجَّسْتُ أَمر فلان إذا تعقبته وتتبعته. وفي حديث الأَحنف: فَيَتَعَجَّسُكُمْ في قريش أَي يتبعكم. ويقال: تَعَجَّسَتِ الأَرضَ غُيُوثٌ إذا أَصابها غَيْثٌ بعد غَيثٍ فتثاقل عليها. ومَطَرٌ عَجُوسٌ أَي مُنْهَمِرٌ؛ قال رؤبة:
أَوْطَف يَهْدِي مُسْبِلاً عَجُوسا |
وتَعَجَّسَهُ عِرْقُ سَوْءٍ وتَعَقَّلَه وتَثَقَّلَه إذا قَصَّرَ به عن المكارم. وفي الحديث: يَتَعَجَّسُكُمْ عند أَهل مكة؛ قيل: معناه يُضَعِّفُ رَأْيَكُمْ عندهم. وعِجِّيسَى مثل خِطِّيبَى: اسم مِشْيَة بطيئة؛ وقال أَبو بكر بن السَّرَّاج: عَجِيساءُ، بالمد، مثال قَرِيثَاءَ.
عَجَفَ نَفسَه عن الطعام يَعْجِفُها عَجْفاً وعُجوفاً وعَجَّفَها: حبَسها عنه وهو له مُشْتَهٍ ليؤثِرَ به غيرَه ولا يكون إلا على الجوع والشهوة، وهو التعجيف أيضاً؛ قال سلمة بن الأَكوع:
لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصِيفُ |
|
ولا تُمَيْراتٌ ولا تَعْجيفُ |
قال ابن الأَعرابي: التعجيف أَن يَنْقُلَ قُوتَه إلى غيره قبل أَن يَشْبَعَ من الجُدوبة. والعُجوفُ: تركُ الطعام. والتعجيفُ: الأَكلُ دونَ الشِّبَعِ.
والعُجوفُ: منعُ النفس عن المقابح. وعَجَفَ نفسَه على المريض يَعْجِفُها عَجْفاً: صَبَّرها على تَمْريضه وأَقام على ذلك. وعَجَفْتُ نفسي على أَذى الخليلِ إذا لم تَخْذُلْه. وعَجَفَ نفسَه على فلان، بالفتح، إذا آثره بالطعام على نفسه؛ قال الشاعر:
إني، وإن عَيَّرتِني نُحولـي |
|
أَو ازْدَرَيْتِ عِظَمِي وطُولي |
لأَعْجِفُ النفسَ على الخليلِ |
|
أَعْرِضُ بالوُدِّ وبالتَّـنْـويلِ |
أَراد أَعرض الودّ والتنويل كقوله تعالى: تنبُت بالدهن. وعَجَفْتُ نفسي عنه عَجْفاً إذا احْتملتَ غيَّه ولم تؤاخذه. وعَجَفَ نفسه يَعْجِفها: حلَّمها. والتعجيف: سُوء الغذاء والهزالُ. والعَجَفُ: ذهاب السِّمَنِ والهُزالُ، وقد عَجِفَ، بالكسر، وعَجُف، بالضم، فهو أَعْجفُ وعَجِفٌ، والأُنثى عجفاء وعجِفٌ، بغير هاء، والجمع منهما عِجافٌ حملوه على لفظ سِمانٍ، وقيل: هو كما قالوا أبطح وبِطاح وأَجرب وجِراب ولا نظير لعَجفاء وعِجاف إلا قولُهم حَسْناء وحِسان؛ كذا قول كراع، وليس بقويّ لأَنهم قد كسَّروا بطْحاء على بِطاحٍ وبَرْقاء على بِراقٍ. ومُنْعَجِفٌ كعَجِفٍ؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
صِفْرُ المَباءة ذو هِرْسَينِ مُنْعجِفٌ |
|
إذا نَظَرْتَ إليه، قلتَ: قد فَرَجا |
قال الأَزهري: وليس في كلام العرب أَفعل وفَعْلاء جمعاً على فِعالٍ غير أَعْجَفَ وعَجْفاء، وهي شاذة، حملوها على لفظ سِمان فقالوا سِمان وعِجاف، وجاء أَفْعلُ وفَعْلاء على فَعُل يَفْعُل في أَحرف معدودة منها: عَجُف يَعْجُف، فهو أَعْجف، وأَدُم يأْدُمُ، فهو آدمُ، وسَمُرَ يَسْمُر، فهو أَسمرُ، وحَمُق يَحْمُق، فهو أَحْمَقُ، وخَرُق يَخْرُق، فهو أَخرق. وقال الفراء: عَجُفَ وعَجِفَ وحَمُق وحَمِقَ ورَعُن ورَعِن وخَرُق وخَرِق. قال الجوهري: جمع أَعجَف وعَجْفاء من الهُزال عِجاف، على غير قياس، لأَن أَفعلَ وفَعْلاء لا يجمع على فعال ولكنهم بنوه على سِمانٍ، والعرب قد تبني الشيء على ضدّه كما قالوا عَدُوّةٌ بناء على صديقة، وفعول إذا كان بمعنى فاعل لا تدخله الهاء؛ قال مِرْداسُ بن أَذَنَةَ:
وإنْ يَعْرَيْنَ إنْ كُسِيَ الجَواري |
|
فَتَنْبُو العَيْنُ عن كَرَمٍ عِجافِ |
وأَعْجَفه أَي هَزَله. وقوله تعالى: يأْكلُهنّ سَبْع عِجافٌ؛ هي الهَزْلَى التي لا لحم عليها ولا شحم ضُرِبت مثلاً لسبع سِنين لا قَطْر فيها ولا خِصْبَ. وفي حديث أُم مَعْبَد: يَسُوق أَعْنُزاً عجافاً؛ جمع عجفاء، وهي المَهْزولةُ من الغنم وغيرها. وفي الحديث: حتى إذا أَعْجَفَها ردَّها فيه أَي أهْزَلها. وسيف مَعْجُوف إذا كان داثراً لم يُصْقَلْ؛ قال كعب بن زهير:
وكأَنَّ مَوْضِعَ رَحْلِها من صُلْبِها |
|
سَيْفٌ، تَقَادَمَ عَهْدُه، مَعْجُـوفُ |
ونَصْلٌ أَعْجَفُ أَي رقِيق. والتعجُّفُ: الجهْد وشِدَّة الحال؛ قال مَعْقِلُ بن خُوَيْلِد:
إذا ما ظَعَنَّا، فانْزِلوا في دِيارِنـا |
|
بَقِيَّةَ من أَبقَى التعجُّفُ من رُهْمِ |
وربما سَمَّوا الأَرض المُجْدبةَ عِجافاً؛ قال الشاعر يصف سحاباً:
لَقِحَ العِجافُ له لِسابعِ سَبْعةٍ |
|
فَشَرِبْن بَعْد تَحلِّئ فَرَوِينـا |
هكذا أَنشده ثعلب والصواب بعد تَحَلُّؤٍ؛ يقال: أَنْبَتَتْ هذه الأَرضون المُجدبة لسبعة أَيام بعد المطر. والعَجَفُ: غِلظُ العِظام وعَراؤُها من اللحم. وتقول العرب: أَشدّ الرّجال الأَعْجفُ الضخْم. ووجهٌ عَجِف وأَعْجَفُ: كالظمْآن. ولثةٌ عَجْفاء: ظَمْأَى؛ قال:
تَنْكَلُّ عن أَظْمى اللِّثاتِ صافِ |
|
أَبْيَضَ ذي مَناصِبٍ عِجـافِ |
وأَعْجَفَ القومُ: حبَسُوا أَموالهم من شِدّة وتَضْييق. وأَرض عَجْفاء: مَهزولة؛ ومنه قول الرائد: وجدْت أَرضاً عَجْفاء وشجراً أَعْشَمَ أَي قد شارَفَ اليُبْس والبُيود. والعُجافُ: التمْر.
وبنو العُجَيْفِ: بَطْن من العرب.
العَجَلُ والعَجَلة: السرْعة خلاف البُطْء. ورجُلٌ عَجِلٌ وعَجُلٌ وعَجْلانُ وعاجِلٌ وعَجِيلٌ من قوم عَجالى وعُجالى وعِجالٍ، وهذا كلُّه جمع عَجْلان، وأَما عَجِلٌ وعَجْلٌ فلا يُكَسَّر عند سيبويه، وعَجِلٌ أَقرب إِلى حَدِّ التكسير منه لأَن فَعِلاً في الصفة أَكثر من فَعُلٍ، على أَنَّ السلامة في فَعِلٍ أَكثر أَيضاً لقِلَّته وإِن زاد على فَعُلٍ، ولا يجمع عَجْلانُ بالواو والنون لأَن مؤنثه لا تلحقه الهاء. وامرأَة عَجْلى مثال رَجْلى ونِسْوة عَجالى كما قالوا رَجالى وعِجالٌ أَيضاً كما قالوا رِجال.
والاسْتِعْجال والإِعْجال والتَّعَجُّل واحد: بمعنى الاسْتِحْثاث وطَلَبِ العَجَلة. وأَعَجَله وعَجَّله تعجيلاً إذا اسْتَحَثَّه، وقد عَجِلَ عَجَلاً وعَجَّل وتَعجَّل. واسْتَعْجَل الرجلَ: حَثَّه وأَمره أَن يَعْجَل في الأَمر. ومَرَّ يَسْتَعْجِل أَي مَرَّ طالباً ذلك من نفسه مُتَكَلِّفاً إِياه؛ حكاه سيبويه، ووَضَع فيه الضمير المنفصل مكان المتصل. وقوله تعالى: وما أَعْجَلك عن قَومِك؛ أَي كيف سَبَقْتَهم. يقال: أَعْجَلَني فَعَجَلْتُ له. واسْتَعْجَلْته أَي تقدَّمته فَحَمَلتْه على العَجَلة.
واسْتَعْجَلْته: طَلَبْت عَجَلَته؛ قال القطاميّ:
فاسْتَعْجَلُونا، وكانوا من صَحابَتِنا |
|
كما تَعَجَّـل فُـرَّاطٌ لِـوُرَّاد |
وعاجَلَه بذَنْبه إذا أَخَذَه به ولم يُمْهِلْه. والعَجْلانُ: شَعْبانُ لسُرْعَة نفاد أَيَّامه؛ قال ابن سيده: وهذا القول ليس بقَوِيٍّ لأَن شَعْبان إِن كان في زمن طُول الأَيام فأَيَّامُه طِوالٌ وإِن كان في زمن قِصَر الأَيام فأَيَّامُه قِصارٌ، وهذا الذي انْتَقَدَه ابنُ سيده ليس بشيء لأَن شعبان قد ثبت في الأَذهان أَنه شهر قصير سريع الانقضاء في أَيِّ زمان كان لأن الصومَ يَفْجَأُ في آخره فلذلك سُمِّي العَجْلان، والله أَعلم.
وقَوْسٌ عَجْلى: سرعة السَّهْم؛ حكاه أَبو حنيفة. والعاجِلُ والعاجِلةُ: نقيض الآجل والآجلة عامٌّ في كل شيء. وقوله عز وجلَّ: من كان يُريد العاجِلَةَ عَجَّلْنا له فيها ما نشاء؛ العاجِلةُ: الدنيا، والآجلة الآخرة.
وعَجِلَه: سَبَقَه. وأَعْجَلَه: اسْتَعْجَلَه. وفي التنزيل العزيز: أَعَجِلْتُم أَمْرَ رَبِّكم؛ أَي أَسْبَقْتُم. قال الفراء: تقول عَجِلْتُ الشيءَ أَي سَبَقْتُه، وأَعْجَلْته اسْتَحْثَثْته. وأَما قوله عز وجل: ولو يُعَجِّل اللهُ للناس الشَّرَّ اسْتِعْجالَهم بالخير لقُضي إِليهم أَجَلُهُم؛ فمعناه لَوْ أُجِيبَ الناسُ في دعاء أَحدهم على ابنه وشبيهه في قوله: لَعَنَك اللهُ وأَخْزاك اللهُ وشِبْهه، لَهَلَكوا. قال: ونُصِب قولُه اسْتِعْجالَهم بوقوع الفعل وهو يُعَجِّل، وقيل نُصِب اسْتِعْجالَهم على معنى مِثْلَ اسْتِعْجالهم على نعتِ مصدرٍ محذوف؛ والمعنى: ولو يُعَجِّل اللهُ للناس الشر تعجيلاً مثل استعجالهم، وقيل: معناه لو عَجَّل الله للناس والشَّرَّ إذا دَعَوْا به على أَنفسهم عند الغضب وعلى أَهليهم وأَولادهم واسْتَعْجلوا به كما يَسْتَعْجلون بالخير فَيَسْأَلونه الخَيْرَ والرَّحْمَةَ لقُضي إِليهم أَجَلُهم أَي ماتوا؛ وقال الأَزهري: معناه ولو يُعَجِّل اللهُ للناس الشَّرَّ في الدعاء كتعجيله اسْتِعْجالَهم بالخير إذا دَعَوْه بالخير لَهَلَكُوا. وأَعْجَلَتِ الناقةُ: أَلْقَتْ وَلَدَها لغير تمام؛ وقوله أَنشده ثعلب:
قِياماً عَجِلْنَ عليه الـنَّـبـا |
|
ت، يَنْسِفْنَه بالظُّلوف انْتِسافا |
عَجِلْن عليه: على هذا الموضع، يَنْسِفْنَه: يَنْسِفْن هذا النَّبات يَقْلَعْنه بأَرجلهن؛ وقوله:
فَوَرَدَتْ تَعْجَل عن أَحْلامِها |
معناه تَذْهَب عُقولُها، وعَدَّى تَعْجَل بعن لأَنها في معنى تَزِيغُ، وتَزِيغُ متعدِّية بعَنْ. والمُعْجِل والمُعَجِّل والمِعْجال من الإِبل: التي تُنْتَج قبل أَن تَسْتَكْمِلَ الحول فَيَعِيش ولَدُها، والوَلَدُ مُعْجَلٌ؛ قال الأَخطل:
إِذا مُعْجَلاً غادَرْنَه عند مَنْزِلٍ |
|
أُتِيحَ لجَوَّابِ الفَلاةِ كَسُـوب |
يعني الذئب. والمِعْجال من الحوامل التي تضع ولدَها قبل إِناه، وقد أَعْجَلَتْ، فهي مُعْجِلةٌ، والوَلَدُ مُعْجَلٌ. والإِعْجال في السَّيْر: أَن يَثِبَ البعيرُ إذا رَكِبه الراكب قبل استوائه عليه. والمِعْجال: التي إذا أَلْقى الرَّجُلُ رِجْلَه في غَرْزِها قامت ووَثَبَتْ. يقال: جَمَلٌ مِعْجالٌ وناقة مِعْجالٌ، ولَقِي أَبو عمرو بن العَلاء ذا الرُّمَّة فقال أَنشِدْني:
ما بالُ عينِك منها الماءُ يَنْسَكِبُ |
فأَنشده حتى انتهى إِلى قوله:
حتى إذا ما اسْتَوَى في غَرْزِها تَثِبُ |
فقال له: عَمُّك الراعي أَحْسَنُ منك وَصْفاً حين يقول:
وهْيَ، إذا قامَ في غَرْزِها |
|
كَمِثْل السَّفِـينة أَو أَوْقَـرُ |
ولا تُعْجِلُ المَرْءَ عند الوُرُو |
|
كِ، وهي برُكْبتِه أَبْصَـرُ |
فقال: وصَفَ بذلك ناقَةَ مَلِكٍ، وأَنا أَصِفُ لك ناقةَ سُوقةٍ. ونَخْلة مِعْجالٌ: مُدْرِكةٌ في أَول الحَمْل. والمُعَجِّل والمُتَعَجِّل: الذي يأْتي أَهله بالإِعْجالةِ. والمُعَجِّل من الرِّعاء: الذي يَحْلُب الإِبلَ حَلْبةً وهي في الرَّعْي كأَنه يُعْجِلُها عن إِتمام الرَّعْي فيأْتي بها أَهلَه، وذلك اللَّبن الإِعجالةُ. والإِعجالةُ: ما يُعَجِّله الراعي من اللبن إِلى أَهله قبل الحَلْب؛ قال ارمؤ القيس يصف سَيَلانَ الدَّمْع:
كأَنَّهُما مَزَادَتَا مُتَعَجِّـلٍ |
|
فَرِيّانِ، لمّا تُسْلَقا بِدِهَانِ |
والعُجَالةُ، وقيل الإِعْجالةُ: أَن يُعَجِّل الراعي بلبن إِبله إذا صَدَرَتْ عن الماء، قال: وجمعها الإِعْجالاتُ؛ قال الكميت:
أَتَتْكُمْ بإِعْجالاتِها، وهْيَ حُفَّلٌ |
|
تَمُجُّ لكم قبل احْتِلابٍ ثُمَالَها |
يخاطِب اليَمَنَ يقول: أَتَتْكُم مَوَدَّةُ مَعَدٍّ بإِعْجالاتها، والثُّمالُ: الرَّغْوَة، يقول لكم عندنا الصَّرِيحُ لا الرَّغْوة. والذي يجيء بالإِعْجالة من الإِبل من العَزيب يقال له: المُعَجِّل؛ قال الكميت:
لم يَقْتَعِدْها المُعَجِّـلـون، ولـم |
|
يَمْسَخْ مَطاها الوُسُوق والحَقَبُ |
وفي حديث خزيمة: ويَحْمِل الراعي العُجالة؛ قال ابن الأَثير: هي لَبَنٌ يَحْمِله الراعي من المَرْعى إِلى أَصحاب الغنم قبل أَن تَرُوحَ عليهم.
والعُجّال: جُمّاع الكَفِّ من الحَيْس والتَّمر يستعجلُ أَكْلهُ، والعُجَّال والعِجَّوْل: تمر يُعْجَن بسَوِيق فيُتَعَجَّلُ أَكْلُه.
والعَجَاجِيل: هَنَاتٌ من الأَقِط يجعلونها طِوَالاً بِغَلَظِ الكَفِّ وطُولِها مثل عَجَاجِيل التَّمْر والحَيْس، والواحدة عُجَّال. ويقال: أَتانا بِعُجَّال وعِجَّوْل أَي بجُمْعَةٍ من التَّمْر قد عُجِنَ بالسَّوِيق أَو بالأَقِط. وقال ثعلب: العُجَّال والعِجَّوْل ما اسْتَعْجِل به قبل الغِذاء كاللُّهنة. والعُجَالةُ والعَجَل: ما اسْتُعْجِل به من طَعَام فقُدِّم قبل إِدراك الغِذاء؛ وأَنشد:
إِنْ لم تُغِثْني أَكُنْ يا ذا النَّدَى عَجَلاً |
|
كَلُقْمَةٍ وَقَعَتْ في شِدْقِ غَرْثـان |
والعُجَالةُ: ما تعَجَّلْته من شيء. وعُجَالة الراكبِ: تَمْر بسَوِيق.
والعُجَالة: ما تَزَوَّدَه الراكبُ مما لا يُتْعِبُه أَكْلُه كالتمر والسَّوِيق لأَنه يَسْتَعجِله، أَو لأَن السفر يُعْجِله عما سوى ذلك من الطعام المُعالَج، والتمرُ عُجَالة الراكب. يقال: عجَّلْتم كما يقال لَهَّنْتُم. وفي المثل: الثَّيِّبُ عُجَالة الراكب.
والعُجَيْلة والعُجَيْلى: ضَرْبانِ من المشيء في عَجَلٍ وسرعة؛ قال الشاعر:
تَمْشِي العُجَيْلى من مخافة شَدْقَمٍ |
|
يَمْشي الدِّفِقَّى والخَنِيفُ ويَضْبِرُ |
وذَكَره ابن وَلاَّد العُجَّيْلى بالتشديد. وعَجَّلْت اللحم: طَبَخْته على عَجَلة. والعَجُول من النساء والإِبل: الوالِه التي فَقَدَتْ وَلَدَها الثَّكْلَى لَعَجَلِتها في جَيْئَتِها وذَهَابها جَزَعاً؛ قالت الخنساء:
فما عجُولٌ على بَوٍّ تُطِيفُ به |
|
لها حَنِينانِ: إِعْلانٌ وإِسرار |
والجمع عُجُل وعَجائل ومَعاجِيل؛ الأَخيرة على غير قياس؛ قال الأَعشى:
يَدْفَع بالرَّاح عنه نِسْوَةٌ عُجُلُ |
والعَجُول: المَنِيَّة؛ عن أَبي عمرو، لأَنها تُعْجِل من نَزَلَتْ به عن إِدراك أَمَله؛ قال المرّار الفَقْعسي:
ونرجو أَن تَخَاطَأَكَ المَنـايا |
|
ونخشى أَن تَعَجِّلَك العَجُولُ |
وقوله تعالى: خُلِقَ الإِنسانُ من عَجَل؛ قال الفراء: خُلِقَ الإِنسانُ من عَجَلٍ وعلى عَجَلٍ كأَنك قلت رُكِّبَ على العَجَلة، بِنْيَتُه العَجَلةُ وخِلْقَتُه العَجَلةُ وعلى العَجَلة ونحو ذلك؛ قال أَبو إِسحق: خوطب العرب بما تَعْقِل، والعرب تقول للذي يُكْثِر الشيءَ: خُلِقْتَ منه، كما تقول: خُلِقْتَ من لعِبٍ إذا بُولغ في وصفه باللَّعِب. وخُلِقَ فلان من الكَيْس إذا بُولغ في صفته بالكَيْس. وقال أَبو حاتم في قوله: خُلِق الإِنسان من عَجَل؛ أَي لو يعلمون ما استعجلوا، والجواب مضمر، قيل: إِن آدم، صلوات الله على نبينا وعليه، لما بَلَغَ منه الرُّوحُ الركبتين هَمَّ بالنُّهُوض قبل أَن تبلغ القَدَمين، فقال الله عز وجل: خُلِقَ الإِنسانُ من عَجَل؛ فأَوْرَثَنا آدَمُ، عليه السلام، العَجَلة. وقال ثعلب: معناه خُلِقَت العَجَلةُ من الإِنسان؛ قال ابن جني الأَحسن أَن يكون تقديره خُلِقَ الإِنسان من عَجَلٍ لكثرة فعله إِياه واعتياده له، وهذا أَقوى معنىً من أَن يكون أَراد خُلِقَ العَجَل من الإِنسان لأَنه أَمرٌ قد اطّرَد واتَّسَع، وحَمْلُه على القَلْب يَبْعُد في الصنعة ويُصَغِّر المعنى، وكأَن هذا الموضع لمَّا خَفِيَ على بعضهم قال: إِن العَجَل ههنا الطِّين، قال: ولعمري إِنه في اللغة لكَما ذَكَر، غير أَنه في هذا الموضع لا يراد به إِلاَّ نفس العَجَلة والسرعة، أَلا تراه عَزَّ اسْمُه كيف قال عَقيبة: سأُرِيكم آياتي فلا تسْتَعْجِلونِ؟ فنظيره قوله تعالى: وكان الإِنسان عَجُولاً وخُلِق الإِنسان ضعيفاً؛ لأَن العَجَل ضَرْبٌ من الضعف لِمَا يؤذن به من الضرورة والحاجة، فهذا وجه القول فيه، وقيل: العَجَل ههنا الطين والحَمْأَة، وهو العَجَلة أَيضاً؛ قال الشاعر:
والنَّبْعُ في الصَّخْرة الصَّمَّاءِ مَنْبِتُهوالنَّخْلُ يَنْبُتُ بينَ الماءِ والعَجَل |
قال الأَزهري: وليس عندي في هذا حكاية عمن يُرْجَع إِليه في علم اللغة.
وتعَجَّلْتُ من الكِراءِ كذا وكذا، وعجَّلْت له من الثَّمن كذا أَي قَدَّمْت.
والمَعَاجِيلُ: مُخْتَصَرات الطُّرُق، يقال: خُذْ مَعاجِيلَ الطَّرِيق فإِنها أَقرب. وفي النوادر: أَخْذْتُ مُسْتَعْجِلة من الطريق وهذه مُسْتَعْجِلاتُ الطريق وهذه خُدْعة من الطريق ومَخْدَع، ونَفَذٌ ونَسَمٌ ونَبَقٌ وأَنْباقٌ، كلُّه بمعنى القُرْبة والخُصْرة. ومن أَمثال العرب: لقد عَجِلَت بأَيِّمِك العَجول أَي عَجِل بها الزواجُ.
والعَجَلة: كارَةُ الثَّوب، والجمع عِجَالٌ وأَعْجالٌ، على طرح الزائد.
والعَجَلة: الدَّوْلاب، وقيل المَحَالة، وقيل الخَشَبة المُعْترِضة على النَّعَامَتين، والجمع عَجَلٌ. والغَرْبُ مُعَلَّق بالعَجَلة.
والعِجْلة: الإِداوة الصغيرة. والعِجْلة: المَزَادة، وقيل قِرْبة الماء، والجمع عِجَلٌ مثل قِرْبة وقِرَب؛ قال الأَعشى:
والساحبـاتِ ذُيُولَ الـخَـزِّ آوِنةً |
|
والرَّافِلاتِ عى أَعْجازِها العِجَلُ |
قال ثعلب: شَبَّه أَعْجازَهُنَّ بالعِجَل المملوءة، وعِجَال أَيضاً.
والعِجْلة: السِّقَاء أَيضاً؛ قال الشاعر يصف فرساً:
قَانَى له في الصَّيْف ظِلٌّ بـارِدٌ |
|
ونَصِيُّ ناعِجَةٍ ومَحْضٌ مُنْقَـعُ |
حتى إذا نَبَحَ الظِّبـاءُ بَـدَا لـه |
|
عَجِلٌ، كأَحْمِرة الصَّريمة، أَرْبَعُ |
قَانَى له أَي دَامَ له. وقوله نَبَحَ الظِّباء، لأَن الظَّبْيَ إذا أَسَنَّ وبدت في قَرْنِه عُقَدٌ وحُيُودٌ نَبَح عند طلوع الفجر كما يَنْبَح الكلب؛ أَورد ابن بري:
ويَنْبَحُ بين الشِّعْب نَبْحاً، تَخالُـه |
|
نُباحَ الكِلابِ أَبْصَرَتْ ما يَرِيبُها |
وقوله كأَحْمِرة الصَّرِيمة يعني الصُّخُور المُلْس لأَن الصخرة المُلَمْلَمة يقال لها أَتانٌ، فإِذا كانت في الماء الضَّحْضاح فهي أَتانُ الضَّحْل، فلَمّا لم يمكنه أَن يقول كأُتُنِ الصَّرِيمة وضَع الأَحْمِرة مَوْضِعَها إِذ كان معناهما واحداً، فهو يقول: هذا الفرس كريم على صاحبه فهو يسقيه اللبن، وقد أَعَدَّ له أَربعَ أَسْقِية مملوءَة لَبناً كالصُّخُور المُلْس في اكتنازها تُقَدَّم إِليه في أَول الصبح، وتجمع على عِجَالٍ أَيضاً مثل رِهْمة ورِهامٍ وذِهْبةٍ وذِهاب؛ قال الطِّرمّاح:
تُنَشِّفُ أَوْشالَ النِّطافِ بطَبْخِها |
|
على أَن مكتوبَ العِجال وَكِيع |
والعَجَلة، بالتحريك: التي يَجُرُّها الثور، والجمع عَجَلٌ وأَعْجالٌ.
والعَجَلة: المَنْجَنُون يُسْقَى عليه، والجمع عَجَلٌ.
والعِجْلُ: وَلدُ البقرة، والجمع عِجَلة، وهو العِجَّوْل والأُنثى عِجْلة وعِجَّوْلة. وبقرة مُعْجِل: ذات عِجْلٍ؛ قال أَبو خيرة: هو عِجْلٌ حين تضَعُه أُمُّه إِلى شهر، ثم بَرْغَزٌ وبُرْغُزٌ نحواً من شهرين ونصف، ثم هو الفَرْقَد، والجمع العَجَاجيلُ. وقال ابن بري: يقال ثلاثة أَعْجِلة وهي الأَعْجال. والعِجْلة: ضَرْب من النَّبْت، وقيل: هي بَقْلة تستطيل مع الأَرض؛ قال:
عليك سرْداحاً من السِّرْداحِ |
|
ذا عِجْلة وذا نَصِيٍّ ضاحي |
وقيل: هي شجر ذات وَرَق وكعُوب وقُضُب ليِّنة مستطيلة، لها ثمرَة مثل رِجْلِ الدَّجاجة مُتقَبِّضة، فإِذا يَبِسَتْ تفَتَّحت وليس لها زَهْرة، وقيل: العِجْلة شجرة ذات قُضُب ووَرَقٍ كوَرَقِ الثُّدّاء. والعَجْلاء، ممدود: موضع، وكذلك عَجْلان؛ أَنشد ثعلب:
فهُنَّ يُصَرِّفْنَ النَّوَى، بين عـالِـجٍ |
|
وعَجْلانَ، تَصْرِيف الأَدِيبِ المُذَلَّل |
وبنو عِجْل: حَيٌّ، وكذلك بنو العَجْلان. وعِجْلٌ: قبيلة من رَبيعة وهو عِجْل بن لُجَيم بن صَعْب بن عليّ بن بكْر بن وائل؛ وقوله:
عَلَّمَنا أَخْوالُنا بَنُـو عِـجِـلْ |
|
شُرْبَ النَّبيذ، واعْتِقالاً بالرِّجِلْ |
إِنما حَرَّك الجيم فيهما ضرورة لأَنه يجوز تحريك الساكن في القافية بحركة ما قبله كا قال عبد مناف بن رِبْع الهُذَلي:
إِذا تَجاوَبَ نَوْحٌ قامَنا مَـعَـهُ |
|
ضَرْباً أَلِيماً بسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدا |
وعَجْلَى: اسمُ ناقةٍ؛ قال:
أَقولُ لِنَاقَتي عَجْلَى، وحَـنَّـتْ |
|
إِلى الوَقَبَى ونحن على الثِّمادِ: |
أَتاحَ اللهُ يا عَـجْـلَـى بـلاداً |
|
هَواكِ بها مُرِبّاتِ العِـهَـاد |
أَراد لِبلادٍ؛ فحذف وأَوْصَل. وعَجْلى: فرس دُرَيد ابن الصِّمَّة.
وعَجْلى أَيضاً: فرس ثَعْلبة بن أُمِّ حَزْنة. وأُمُّ عَجْلان: طائر.
وعَجْلان: اسم رَجُل.
وفي الحديث حديث عبد الله بن أُنَيْس: فأَسْنَدُوا إِليه في عَجَلة من نَخْل؛ قال القتيبي: العَجَلة دَرَجة من النَّخل نحو النَّقِير، أَراد أَن النَّقِير سُوِّيَ عَجَلة يُتَوَصَّل بها إِلى الموضع؛ قال ابن الأَثير: هو أَن يُنْقَر الجِذْع ويُجْعل فيه شِبْه الدَّرَج لِيُصْعَدَ فيه إِلى الغُرَف وغيرها، وأَصله الخشبة المُعْترِضة على البئر.
لَبَنٌ عُجَلِدٌ: كَعُجَلِطٍ، والعُجالِدُ والعُجَلِدُ: اللَّبَنُ الخاثِرُ.
العِجْلِزَةُ والعَجْلَزَةُ، جميعاً: الفرس الشديدة الخَلْق، الكسر لقَيْس، والفتح لتميم، وقيل: هي الشديدة الأَسْر المجتمِعةُ الغليظة ولا يقولونه للفرس الذكر. الأَزهري: قال بعضهم أَخذ هذا من جَلْزِ الخَلْق، وهو غير جائز في القياس، ولكنهما اسمان اتفقت حروفهما ونحوُ ذلك قد يجيء وهو متباين في أَصل البناء ولم أَسمعهم يقولون للذكر من الخيل، ولكنهم يقولون للجمل عِجْلِزٌ وللناقة عِجْلِزَة، وهذا النعت في الخيل أَعْرَف، وناقة عِجْلِزَةٌ وعَجْلَزَةٌ: قوية شديدة، وجمل عِجْلِزٌ. ورملة عِجْلِزَة: ضخمة صلبة. وكَثِيبٌ عِجْلِز: كذلك. وعَجْلَزَ الكِثْيبُ: ضَخُم وصَلُبَ. الجوهري: فرس عِجْلِزَةٌ؛ قال بشر:
وخَيْلٍ قد لَبِسْتُ بِجَمْعِ خَيْلٍ |
|
على شَقَّاءَ عِجْلِزَةٍ وَقـاحِ |
تُشَبِّه شَخْصَها، والخَيْلُ تَهْفُو |
|
هُفُوّاً، ظِلَّ فَتْخاءِ الجَنـاحِ |
الشقَّاء: الفرس الطويلة. والوقاح: الصُّلبة الحافر. وتهفو: تعدو.
والفتخاء: العُقاب اللينة الجناح تقلبه كيف شاءت. والفَتَخ: لِينُ الجناح.
وعِجْلِزَة: اسم رملة بالبادية؛ قال الأَزهري: هي اسم رملة معروفة حذاءَ حَفَر أَبي موسى، وتجمع عَجالِزَ؛ ذكرها ذو الرمة فقال:
مَرَرْنَ على العَجالِزِ نِصْفَ يومٍ |
|
وأَدَّيْنَ الأَواصِـرَ والـخِـلالا |
وفرس رَوْعاءُ: وهي الحديدة الذكية، ولا يقال للذكر أَرْوَعُ، وكذلك فرس شَوْهاءُ، ولا يقال للذكر أَشْوَه، وهي الواسعة الأَشْداقِ.
العُجَلِطُ: اللبن الخاثِر الطَّيِّبُ، وهو مَحْذُوف من فُعالِل وليس فُعَلِلٌ فيه ولا في غيره بأَصل؛ قال الشاعر:
كَيْفَ رأَيْتَ كُثْأَتَيْ عُجَلِطِهْ، |
|
وكُثْأَةَ الخامِطِ من عُكَلِطِهْ؟ |
كُثْأَةُ اللبن: ما عَلا الماء من اللبن الغَليظ وبقي الماء تحته صافِياً؛ وقال الراجز:
ولو بَغى أَعْطاهُ تَيْساً قافِطا، |
|
وَلَسَقاهُ لَبَناً عُـجـالِـطـا |
ويقال للبن إذا خَثُر جدّاً وتَكَبَّد: عُجَلِطٌ وعُجالِطٌ وعُجالِدٌ؛ وأَنشد:
إِذا اصْطَحَبْتَ رائِباً عُجالِطـا |
|
مِن لَبَنِ الضَأْنِ، فَلَسْتَ ساخِطا |
وقال الزَّفَيان:
ولم يدَعْ مَذْقاً ولا عُجالِطـا، |
|
لِشاربٍ حَزْراً، ولا عُكالِطا |
قال ابن بري: ومما جاء على فُعَلِلٍ عُثَلِطٌ وعُكَلِطٌ وعُجَلِطٌ وعُمَهِجٌ: اللبن الخاثِرُ، والهُدَبِدُ: الشَّبْكرةُ في العين، وليل عُكمِسٌ: شديد الظُّلمةِ، وإِبل عُكَمِسٌ أَي كثيرة، ودِرْع دُلَمِصٌ أَي بَرّاقةٌ، وقِدْرٌ خُزَخِزٌ أَي كبيرة، وأَكل الذئبُ من الشاة الحُدَلِقَ، وماءٌ زُوَزِمٌ: بَيْنَ الملح والعذب، ودُوَدِمٌ: شيء يشبه الدَّمَ يخرُجُ من السَّمُرة يجعله النساء في الطِّرارِ، قال: وجاء فَعَلُلٌ مثال واحد عَرَتُنٌ محذوف من عَرَنْتُنٍ.
العُجْمُ والعَجَمُ: خِلافُ العُرْبِ والعَرَبِ، يَعْتَقِبُ هذانِ المِثالانِ كثيراً، يقال عَجَمِيٌّ وجمعه عَجَمٌ، وخلافه عَرَبيّ وجمعه عَرَبٌ، ورجل أَعْجَم وقوم أعْجَمُ؛ قال:
سَلُّومُ، لو أَصْبَحْتِ وَسْطَ الأعْجَمِ |
في الرُّومِ أَو فارِسَ، أَو في الدَّيْلَمِ، |
إذاً لَزُرناكِ ولو بسُلَّمِ |
وقول أَبي النَّجْم:
وطَالَما وطَالَما وطـالَـمـا |
|
غَلَبْتُ عاداً، وغَلَبْتُ الأَعْجَما، |
إنما أَراد العَجَم فأَفرده لمقابلته إياه بعادٍ، وعادٌ لفظ مفرد وإِن كان معناه الجمعَ، وقد يُرِيدُ الأَعْجَمِينَ، وإِنما أَراد أَبو النجم بهذا الجَمْعَ أَي غلبتُ الناسَ كُلَّهم، وإن كان الأَعْجَمُ ليسوا ممن عارَضَ أَبو النجم، لأَن أَبا النجم عربي والعَجَم غير عرب، ولم يجعل الأَلف في قوله وطالما الأخيرةَ تأْسيساً لأَنه أَراد أَصل ما كانت عليه طال وما جميعاً إذا لم تجعلا كلمة واحدة، وهو قد جعلهما هنا كلمة واحدة، وكان القياسُ أَن يجعلها ههنا تأْسيساً لأَن ما ههنا تَصْحَبُ الفعلَ كثيراً.
والعَجَمُ: جمع العَجيّ، وكذلك العَرَبُ جمع العَرَبيّ، ونَحْوٌ من هذا جَمْعُهم اليهوديَّ والمجوسيَّ اليهودَ والمجوس. والعُجْمُ: جمع الأَعْجَمِ الذي لا يُفْصِحُ، ويجوز أَن يكون العُجْمُ جمعَ العَجَم، فكأَنه جمع الجمع، وكذلك العُرْبُ جمعُ العَرَبِ. يقال: هؤلاء العُجْمُ والعُرْبُ؛ قال ذو الرمة:
ولا يَرى مِثْلَها عُجْمٌ ولا عَرَبُ |
فأَراد بالعُجْم جمعَ العَجَمِ لأَنه عطف عليه العَرَبَ. قال أَبو إسحق: الأَعْجَمُ الذي لا يُفْصِحُ ولا يُبَيِّنُ كلامَه وإِن كانَ عَرَبيَّ النَّسبِ كزيادٍ الأَعْجَمِ؛ قال الشاعر:
مَنْهَل للعبادِ لا بُدَّ منـه، |
|
مُنْتَهى كلِّ أَعْجَمٍ وفَصِيح |
والأُنثى عَجْماءُ، وكذلك الأَعْجَميُّ، فأَما العَجَميُّ فالذي من جنس العَجَم، أَفْصَحَ أَو لم يُفْصِحْ، والجمع عَجَمٌ كَعَرَبيٍّ وعَرَبٍ وعَرَكيٍّ وعَرَكٍ ونَبَطيٍّ ونَبَطٍ وخَوَليٍّ وخَوَلٍ وخَزَريٍّ وخَزَرٍ.
ورجل أَعْجَميٌّ وأَعْجَمُ إذا كان في لسانه عُجْمة، وإن أَفْصَحَ بالعجمية، وكلامٌ أَعْجَمُ وأَعْجَميٌّ بَيِّنُ العُجْمة. وفي التنزيل: لِسانُ الذي يُلْحدُونَ إليه أَعْجَمِيٌّ؛ وجمعه بالواو والنون، تقول: أَحْمَرِىٌّ وأَحْمَرُونَ وأَعْجَمِيٌّ وأَعْجَموُن على حَدِّ أَشْعَثِيٍّ وأَشْعَثِينَ وأَشْعَريٍّ وأَشْعَرِينَ؛ وعليه قوله عز وجل: ولو نَزَّلْناه على بَعْضِ الأَعْجَمِينَ؛ وأَما العُجْمُ فهو جمع أَعْجَمَ، والأَعْجَمُ الذي يُجْمَعُ على عُجْمٍ يَنْطَلِقُ على ما يَعْقِلُ وما لا يَعْقِل، قال الشاعر:
يَقُولُ الخَنا وأَبْغَضُ العُجْمِ ناطقاً، |
|
إلى ربِّنا، صَوْتُ الحِمارِ اليُجَدَّعُ |
ويقال: رَجُلانِ أعْجمانِ، ويُنْسَبُ إلى الأَعْجَمِ الذي في لسانه عُجْمةٌ فيقال: لسانٌ أَعْجَميٌّ وكِتابٌ أَعْجَميٌّ، ولا يقال رجل أَعجميٌّ فتَنسُبه إلى نفسه إلاَّ أَن يكون أَعْجَمُ وأَعْجَمِيٌّ بمعنىً مثل دَوَّارٍ ودَوَّاريّ وجَمَلٍ قَعْسَرٍ وقَعْسَريٍّ، هذا إذا ورَدَ ورُوداً لا يُمْكِنُ رَدُّه. وقال ثعلب: أَفْصَحَ الأَعْجَمِيٌّ؛ قال أَبو سهل: أَي تكلم بالعربية بعد أَن كان أَعْجَمِيّاً، فعلى هذا يقال رجل أَعْجَمِيٌّ، والذي أَراده الجوهري بقوله: ولايقال رجل أَعْجَمِيٌّ، إنما أَراد به الأَعْجَمَ الذي في لسانه حُبْسَةٌ وإن كان عربيّاً؛ وأَما قولُ ابنِ مَيَّادَةَ، وقيل هو لمِلْحَة الجَرْميّ:
كأَنَّ قُرادَيْ صَدْرِه طَبَعَتْهمـا، |
|
بطينٍ من الجَوْلان، كُتَّابُ أَعْجَمِ |
فلم يُرِدْ به العَجَمَ وإنما أَراد به كُتَّابَ رَجُلٍ أَعجَمَ، وهو مَلِكُ الروم. وقوله عَزَّ وجَلَّ: أَأَعْجَمِيٌّ وعربيٌّ، بالاستفهام؛ جاء في التفسير: أَيكون هذا الرسولُ عربيّاً والكتابُ أَعجمي. قال الأَزهري: ومعناه أَن الله عز وجل قال: ولو جعلناه قرآناً أَعْجَمِيّاً لقالوا هَلاَّ فُصِّلَتْ آياتُه عَرَبِيَّةً مُفَصَّلةَ الآي كأَن التَّفْصِيل للسان العَرَب، ثم ابتدأَ فقال: أَأَعجمي وعربي، حكايةً عنهم كأَنهم يَعْجبون فيقولون كتابٌ أَعجميّ ونبيّ عربي، كيف يكون هذا؟ فكان أَشد لتكذيبهم، قال أَبو الحسن: ويُقرأ أَأَعجمي، بهمزتين، وآعجمي بهمزة واحدة بعدها همزة مخففة تشبه الأَلف، ولا يجوز أن تكون أَلفاً خالصة لأن بعدها عيناً وهي ساكنة، ويُقرأُ أَعْجَميٌّ، بهمزة واحدة والعين مفتوحة؛ قال الفراء: وقراءة الحسن بغير استفهام كأنه جعله من قِبَلِ الكَفَرَة، وجاء في التفسير أَن المعنى لو جعلناه قرآناً أَعجميّاً لقالوا هَلاّ بُيِّنَتْ آياته، أَقرآنٌ ونَبيٌّ عَربي، ومن قرأَ آعجمي بهمزة وأَلف فإنه منسوب إلى اللسان الأَعجمي، تقول: هذا رجل أَعْجميٌّ إذا كان لا يُفْصِحُ، كان من العَجَمِ أَو من العَرَب. ورجل عَجَمِيٌّ إذا كان من الأَعاجِم، فَصِيحاً كان أَو غير فصيح، والأَجْوَدُ في القراءةِ آعْجَميٌّ، بهمزة وأَلف على جهة النسبة إلى الأَعْجَمِ، ألا تَرى قَوْلَه: ولو جعلناه قرآناً أَعجميّاً؟ ولم يقرأْه أحد عَجَمِيّاً؛ وأَما قراءة الحسن: أَعَجَمِيٌّ وعربي، بهمزة واحدة وفتح العين، فعلى معنى هَلاَّ بُيِّنَتْ آياتُه فَجُعِلَ بعضُه بياناً للعَجَم وبعضُه بياناً للعرب. قال: وكل هذه الوجوه الأَربعة سائغةٌ في العربية والتفسير. وأَعْجَمْتُ الكتابَ: ذَهَبْتُ به إلى العُجْمَةِ، وقالوا: حروفُ المُعْجم فأَضافوا الحروفَ إلى المُعْجَم، فإن سأَل سائل فقال: ما معنى حروف المعجم؟ هل المُعْجَم صفةٌ لحروفٍ هذه أَو غير وصف لها؟ فالجواب أَنَّ المُعْجَم من قولنا حروفُ المُعْجَم لا يجوز أَن يكون صفة لحروفٍ هذه من وجهين: أَحدهما أَن حروفاً هذه لو كانت غير مضافة إلى المُعْجَم لكانت نكرة والمُعْجَم كما ترى معرفة ومحال وصف النكرة بالمعرفة، والآخر أَن الحروفَ مضافةٌ ومحال إضافة الموصوف إلى صفته، والعلة في امتناع ذلك أَن الصفة هي الموصوف على قول النحويين في المعنى، وإضافةُ الشيء إلى نفسه غير جائزة، وإذا كانت الصفةُ هي الموصوف عندهم في المعنى لم تجز إضافة الحروف إلى المعجم، لأَنه غير مستقيم إضافةُ الشيءِ إلى نفسه، قال: وإنما امتنع من قِبَلِ أَن الغَرَضَ في الإضافة إنما هو التخصيصُ والتعريفُ، والشيء لا تُعَرِّفُه نفسهُ لأَنه لو كان معرفة بنفسه لما احتيج إلى إضافته، إنما يضاف إلى غيره ليُعَرِّفَه، وذهب محمد بن يزيد إلى أَن المُعْجَم مصدر بمنزلة الإعجام كما تقول أَدْخَلْتُه مُدْخَلاً وأَخْرَجْتُه مُخْرَجاً أَي إدخالاً وإخراجاً. وحكى الأَخفش أَن بعضهم قَرَأَ: ومن يُهِنِ اللهُ فما له من مُكْرَم، بفتح الراء، أَي من إكْرامٍ، فكأَنهم قالوا في هذا الإعْجام، فهذا أَسَدُّ وأَصْوَبُ من أن يُذْهَب إلى أَن قولهم حُروف المُعْجَم بمنزلة قولهم صلاةُ الأُولى ومسجد الجامع، لأَن معنى ذلك صلاة الساعةِ الأُولى أَو الفَريضةِ الأُولى ومسجد اليوم الجامع، فالأُولى غيرُ الصلاةِ في المَعنى والجامعُ غيرُ المسجد في المعنى، وإنما هما صِفتان حُذف موصوفاهما وأُقيما مُقامَهما، وليس كذلك حُروفُ المُعْجَم لأَنه ليس معناه حروفَ الكلامِ المعجم ولا حروف اللفظِ المعجم، إنما المعنى أَن الحروفَ هي المعجمةُ فصار قولنا حروف المعجم من باب إضافة المفعول إلى المصدر، كقولهم هذه مَطِيَّةُ رُكُوبٍ أَي من شأْنها أَن تُرْكَب، وهذا سَهْمُ نِضالٍ أَي من شأْنه أَن يُناضَلَ به، وكذلكَ حروفُ المعجم أَي من شأْنها أَن تُعجَم، فإن قيل إن جميع الحروف ليس مُعْجَماً إنما المُعْجمُ بَعْضُها، أَلا ترى أَنَّ الأَلفَ والحاء والدالَ ونحوها ليس معجماً فكيف استجازوا تسميةَ جميعِ هذه الحروفِ حُروفَ المعجم؟ قيل: إنما سُمّيت بذلك لأَن الشكل الواحدَ إذا اختلفتْ أَصواتُه، فأَعْجَمْتَ بَعْضَها وترَكْتَ بعضَها، فقد علم أَن هذا المتروكَ بغير إعجام هو غيرُ ذلك الذي مِنْ عادته أَن يُعْجَمَ، فقد ارتفع أَيضاً بما فعَلُوا الإشكالُ والاسْتِبْهامُ عنهما جميعاً، ولا فرقَ بين أَن يزولَ الاستبهامُ عن الحرفِ بإعْجامٍ عليه، أَو ما يقوم مَقامَ الإِعجام في الإيضاحِ والبيان، أَلا ترى أَنك إذا أَعْجَمْتَ الجيمَ بواحدةٍ من أَسفلَ والخاءَ بواحدةٍ من فَوْقُ وتركتَ الحاءَ غُفْلاً فقد عُلِمَ بإِغْفالها أَنها ليست بواحدةٍ من الحرفين الآخَرَيْن، أَعني الجيمَ والخاء؟ وكذلك الدالُ والذالُ والصادُ وسائرُ الحروف، فلما اسْتَمَرَّ البيانُ في جميعها جاز تسميتُها حروفَ المعجم. وسئل أَبوالعباس عن حروف المعجم: لِمَ سُمِّيَت مُعْجَماً؟ فقال: أَما أَبو عمرو الشَّيْبانيُّ فيقول أَعْجَمْتُ أَبهمت، وقال: والعَجَمِيُّ مُبْهَمُ الكلامِ لا يتبين كلامُه، قال: وأَما الفراء فيقول هو من أَعْجَمْتُ الحروف، قال: ويقال قُفْلٌ مُعْجَم وأَمْرٌ مُعْجَم إذا اعْتاصَ، قال: وسمعت أَبا الهَيْثَم يقول مُعجمُ الخَطِّ هو الذي أَعْجَمه كاتِبُه بالنقط، تقول: أَعْجَمْتُ الكتابَ أُعْجِمهُ إعْجاماً، ولا يقال عَجَمْتُه، إنما يقال عَجَمْتُ العُودَ إذا عَضَضْتَه لتَعرِفَ صَلابتَه من رَخاوتِه. وقال الليث: المعجم الحروفُ المُقَطَّعَةُ، سُمِّيت مُعْجَماً لأَنها أَعجمية، قال: وإذا قلت كتابٌ مُعَجَّمٌ فإن تَعْجيمَه تنقيطُه لِكَيْ تسْتبِينَ عُجْمَتُه وتَضِحَ، قال الأَزهري: والذي قاله أَبوالعباس وأَبو الهَيْثم أَبْينُ وأَوْضَحُ. وفي حديث عطاء: سُئل عن رجل لَهَزَ رجلاً فقَطَعَ بعضَ لسانه فعَجَمَ كلامَه فقال: يُعْرَضُ كلامُه على المُعْجَم، فما نقَصَ كلامُه منها قُسِمَت عليه الدِّيةُ؛ قال ابن الأَثير: حروف المعجم حروف أ ب ت ث، سميت بذلك من التَّعْجيم، وهو إزالة العُجْمة بالنقط.
وأَعْجَمْت الكتاب: خلافُ قولك أَعْرَبْتُه؛ قال رؤبة
الشِّعرُ صَعْبٌ وطَويلٌ سُلَّمُهْ، |
إذا ارْتَقَى فيه الذي لا يَعْلَمُهْ، |
زَلَّتْ به إلى الحَضِيضِ قَدَمُهْ، |
والشِّعْرُ لا يَسْطِيعُه مَنْ يَظْلِمُهْ، |
يُريدُ أَنْ يُعْرِبَه فَيُعجِمُهْ |
معناه يريد أَن يُبيِّنَه فَيَجْعَلُه مُشْكِلاً لا بَيانَ له، وقيل: يأْتي به أَعْجَمِيّاً أَي يَلْحَنُ فيه؛ قال الفراء: رَفَعَه على المُخالفة لأَنه يريد أَن يُعْربَه ولا يُريدُ أَن يُعْجِمه؛ وقال الأَخفش: لوُقوعه مَوْقِع المرفوع لأَنه أَراد أَن يقول يريد أَن يعربه فيقَعُ مَوْقعَ الإعْجام، فلما وضع قوله فيُعْجِمُه موضعَ قوله فيقعُ رَفعَه؛ وأَنشد الفراء:
الدارُ أَقْوَتْ بَعْدَ محْرَنْجِـمِ، |
|
مِنْ مُعْرِبٍ فيها ومِنْ مُعْجِمِ |
والعَجْمُ: النَّقْطُ بالسواد مثل التاء عليه نُقْطتان. يقال: أَعْجَمْتُ الحرفَ، والتَّعْجِيمُ مِثْلُه، ولا يقال عَجَمْتُ. وحُروفُ المعجم: هي الحُروفُ المُقَطَّعَةُ من سائر حروفِ الأُمَم. ومعنى حروفِ المعجم أَي حروف الخَطِّ المُعْجَم، كما تقول مسجد الجامعِ أَي مسجد اليوم الجامعِ، وصلاةُ الأُولى أَي صلاة الساعةِ الأُولى؛ قال ابن بري: والصحيح ما ذهب إليه أَبو العباس المبرد من أَن المُعْجَم هنا مصدر؛ وتقول أَعْجَمْتُ الكتابَ مُعْجَماً وأَكْرَمتُه مُكْرَماً، والمعنى عنده حروفُ الإعْجامِ أَي التي من شأْنها أَن تَعْجَم؛ ومنه قوله: سَهْمُ نِضالٍ أَي من شأْنه أَنْ يُتَناضَلَ به. وأَعْجَم الكتابَ وعَجَّمَه: نَقَطَه؛ قال ابن جني: أَعْجَمْتُ الكتاب أَزَلْتُ اسْتِعْجامَه. قال ابن سيده: وهو عنده على السَّلْب لأَن أَفْعَلْتُ وإن كان أَصْلُها الإثْباتَ فقد تجيء للسلب، كقولهم أَشْكَيْتُ زيداً أَي زُلْتُ له عَمَّا يَشكُوه، وكقوله تعالى: إن الساعة آتية أَكادُ أُخْفِيها؛ تأْويله، والله أَعلم، عند أَهل النظر أَكاد أُظْهرها، وتلخيصُ هذه اللفظةِ أَكادُ أُزِيل خَفاءَها أَي سَتْرَها.
وقالوا: عَجَّمْتُ الكتابَ، فجاءت فَعَّلْت للسَّلْب أَيضاً كما جاءت أَفْعَلْت، وله نظائر منها ما تقدّم ومنها ما سيأْتي، وحُروفُ المُعْجَم منه.
وكتابٌ مُعْجمٌ إذا أَعْجمَه كاتبُه بالنَّقْط؛ سُمِّي مُعْجَماً لأَن شُكول النَّقْط فيها عُجمةٌ لا بيانَ لها كالحروف المُعْجَمة لا بيانَ لها، وإن كانت أُصولاً للكلام كله. وفي حديث ابن مسعود: ما كُنّا نتَعاجَمُ أَن مَلَكاً يَنْطِقُ على لسان عُمَر أَي ما كنا نَكْني ونُوَرّي. وكلُّ مَنْ لم يُفْصح بشيء فقد أَعْجَمه. واسْتَعْجم عليه الكلامُ: اسْتَبْهَم.
والأَعْجَمُ: الأَخْرَسُ. والعَجْماء والمُسْتَعجِمُ: كلُّ بهيمةٍ. وفي الحديث: العَجْماءُ جُرْحُها جُبارٌ أَي لا دِيةَ فيه ولا قَودَ؛ أَراد بالعَجْماء البهيمة، سُمِّيت عَجْماءَ لأَنها لا تَتَكلَّمُ، قال: وكلُّ مَن لا يقدِرُ على الكلام فهو أَعجم ومُسْتَعْجِمٌ. ومنه الحديث: بعدَدِ كل فصيح وأَعْجَم؛ قيل: أَراد بعدد كل آدَمِيٍّ وبهيمةٍ، ومعنى قوله العجماءُ جُرْحُها جُبارٌ أَي البهيمة تنفلت فتصيبُ إنساناً في انْفِلاتها، فذلك هَدَرٌ، وهو معنى الجُبار. ويقال: قرأَ فلان فاسْتَعْجمَ عليه ما يَقْرؤه إذا الْتَبَسَ عليه فلم يَتَهيَّأْ له أَن يَمضِي فيه. وصلاةُ النهارِ عَجماءُ لإخْفاء القراءة فيها، ومعناه أَنه لا يُسْمَعُ فيها قراءةٌ.واسْتَعّجَمَتْ على المُصَلِّي قِراءته إذا لم تَحضُرْه. واستعجم الرجل: سكَت. واستَعجمت عليه قراءتُه: انقطعت فلم يَقْدِرْ على القراءة من نعاس. ومنه حديث عبد الله: إذا كانَ أحدكُم يُصلِّي فاسْتعجَمَتْ عليه قِراءتُه فَلْيُتِمَّ، أَي أُرْتِجَ عليه فلم يقدِرْ أَن يقرأَ كأَنه صارَ به عُجْمةٌ، وكذلك اسْتَعْجَمَتِ الدارُ عن جواب سائلها؛ قال امرؤ القيس:
صَمَّ صَداها وعَفا رَسْمُـهـا، |
|
واسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِقِ السائلِ |
عَدَّاه بِعن لأَن اسْتَعْجَمَت بمعنى سكتَتْ؛ وقول علقمة يَصف فرساً:
سُلاَّءَةٌ كعَصا النَّهْدِيّ غُلَّ لـهـا |
|
ذُو فَيْئةٍ، من نَوَى قُرَّانَ، معجومُ |
قال ابن السكيت: معنى قوله غُلَّ لها أَي أُدخِلَ لها إدخالاً في باطن الحافرِ في موضع النُّسور، وشَبَّه النُّسورَ بِنَوَى قُرَّانَ لأَنها صِلابٌ، وقوله ذُو فَيئَة يقول له رُجوعٌ ولا يكون ذلك إلامن صَلابتِه، وهو أَن يَطعَمَ البعيرُ النَّوَى ثم يُفَتَّ بَعرُه فيُخْرَجَ منه النَّوَى فيُعلَفَه مَرَّةً أُخرى، ولا يكون ذلك إلا من صَلابته، وقوله مَعْجوم يريد أَنه نَوى الفَم وهو أَجود ما يكون من النَّوى لأَنه أَصْلَبُ من نَوى النبيذِ المطبوخ. وفي حديث أُمّ سلمة: نهانا النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن نَعْجُمَ النَّوَى طَبخاً، وهو أَن نُبالِغَ في طَبْخِه ونُضْجه يَتَفتَّتَ النَّوَى وتَفْسُدَ قُوّتُه التي يَصْلُحُ معها للغنم، وقيل: المعنى أَن التمر إذا طُبِخَ لِتُؤْخذَ حَلاوتهُ طُبِخَ عَفواً حتى لا يَبلُغَ الطَّبخ النوى ولا يُؤثِّرَ فيه تأْثيرَ مَنْ يَعْجُمُه أَي يَلُوكُه ويَعَضُّه، لأَن ذلك يُفْسِد طعمَ السُّلافةِ، أَو لأَنه قُوتُ الدَّواجِن فلا يُنْضَجُ لئلا وخَطَب الحَجَّاجُ يوماً فقال: إِن أَميرَ المؤمنينَ نَكَبَ كِنَانَتَه فعَجَم عِيدانَها عُوداً عُوداً فوجَدَني أَمَرّها عُوداً؛ يريد أَنه قد رازَها بأَضْراسِه ليَخْبُرَ صَلابتَها؛ قال النابغة:
فَظَلَّ يَعْجُمُ أَعْلى الرَّوْق مُنْقَبِضاً |
أَي يَعَضُّ أَعْلى قَرْنِه وهو يقاتله. والعَجْمُ: عَضٌّ شديدٌ بالأَضراس دُون الثّنايا. وعَجَم الشيءَ يَعْجُمُه عَجْماً وعُجوماً: عَضّه ليَعْلَم صلابَتَه من خَوَرِه، وقيل: لاكَه للأَكْل أَو للخِبْرة؛ قال أَبو ذؤيب:
وكنتُ كعَظْمِ العاجِماتِ اكْتَنَفْنَه |
|
بأَطْرافِها، حتى اسْتدَقَّ نُحولُها |
يقول: رَكِبَتْني المصائبُ وعجَمَتْني كما عَجَمتِ الإبلُ العِظامَ.
والعُجامةُ: ما عَجَمْتَه. وكانوا يَعْجُمون القِدْح بين الضِّرْسَيْن إذا كان معروفاً بالفَوْز ليُؤثِّرُوا فيه أثَراً يَعْرفونه به. وعَجمَ الرجلَ: رَازَه، على المَثَل. والعَجْمِيُّ من الرجالِ: المُميِّزُ العاقلُ.
وعَجَمَتْه الأُمورُ: دَرَّبَتْه. ورجل صُلْبُ المَعْجَمِ والمَعْجَمةِ: عزيزُ النفْس إذا جَرَّسَتْه الأُمورُ وَجَدَتْه عزيزاً صُلْباً. وفي حديث طلحة: قال لعمر لقد جَرَّسَتْكَ الأُمور عَجَمَتْك البَلايَا أَي خَبَرَتْك، من العَجْم العَضّ، يقال: عَجَمْتُ الرجلَ إذا خَبَرْتَه، وعَجمْتُ العُودَ إذا عَضَضْتَه لِتَنْظُرَ أَصُلْبٌ أَم رخْوٌ. وناقةٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ صَبْرٍ وصلابةٍ وشِدّةٍ على الدَّعْك؛ وأَنشد بيت المَرَّار:
جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ، ونُـوقٌ |
|
عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً، وحُولُ |
وقال غيره: ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ سِمَنٍ، وأَنكره شمر. قال الجوهري: أي ذاتُ سِمَن وقُوةٍ وبَقِيَّةٍ على السَّير. قال ابن بري: رجلٌ صُلْبُ المَعْجَم للذي إذا أَصابَتْه الحوادثُ وجدته جَلْداً، من قولك عَودٌ صُلْبُ المَعْجَمِ، وكذلك ناقة ذاتُ مَعْجَمةٍ للتي اخْتُبِرَتْ فوُجِدتْ قَويَّةً على قَطْع الفَلاة، قال: ولا يُراد بها السِّمَنُ كما قال الجوهري؛ وشاهده قول المتلمس:
جاوَزْتُه بأَمونٍ ذاتِ مَعْجَـمة، |
|
تَهْوي بكَلْكَلِها والرأْس مَعْكومُ |
والعَجُومُ: الناقةُ القوِيَّةُ على السفَر. والثَّوْرُ يَعْجُمُ قَرْنَه إذا ضَرب به الشجرةَ يَبْلُوه. وعَجِم السَّيْفَ: هزَّه للتَّجْرِبة.
ويقال: ما عَجَمَتْكَ عَيني مُذْ كذا أَي ما أَخَذَتْك. ويقول الرجلُ للرجل: طالَ عهدِي بك وما عَجَمَتْك عيني. ورأَيتُ فلاناً فجعلَتْ عيني تعْجُمه أَي كأَنها لا تَعْرِفُه ولا تَمْضِي في معرفته كأَنها لا تُثْبِتُه؛ عن اللحياني؛ وأَنشد لأَبي حَيَّة النُّمَيْري:
كتَحْبير الكِتابِ بكفِّ، يَوْماً، |
|
يَهُـودِيٍّ يُقـارِبُ أَو يَزِيلُ |
على أَن البَصيرَ بها، إذا ما |
|
أَعادَ الطَّرْفَ، يَعْجُم أَو يَفيلُ |
أَي يَعْرف أَو يَشُكُّ، قال أَبو داود السِّنْحيُّ: رآني أَعرابي فقال لي: تَعْجُمُك عَيْني أَي يُخَيَّلُ إليّ أَنّي رَأَيْتُك، قال: ونَظَرْتُ في الكتاب فعَجَمْتُ أَي لم أَقِفْ على حُروفه، وأَنشد بيت أَبي حَيَّة: يَعْجُم أو يَفيل. ويقال: لقد عَجَموني ولَفَظُوني إذا عَرَفُوك؛ وأَنشد ابن الأعرابي لِجُبَيْهاءَ الأَسلميّ:
فلَوْ أَنّها طافَتْ بِطُنْبٍ مُعَجَّـمٍ، |
|
نَفَى الرِّقَّ عنه جَذْبُه فهو كالِحُ |
قال: والمُعَجَّمُ الذي أُكِلَ لم يَبْقَ منه إلا القليلُ، والطُّنُبُ أَصلُ العَرْفَجِ إذا انْسَلخَ من وَرَقِه.
والعَجْمُ: صِغارُ الإبل وفَتاياها، والجمعُ عُجومٌ. قال ابن الأعرابي: بنَاتُ اللَّبونِ والحِقاقُ والجِذاعُ من عُجومِ الإبل فإذا أَثْنَتْ فهي من جِلَّتِها، يستوي فيه الذكرُ والأُنثى، والإبلُ تُسَمَّى عَواجمَ وعاجِماتٍ لأَنها تَعْجُم العِظامَ؛ ومنه قوله: وكنتُ كعَظْم العاجِمات.
وقال أَبو عبيدة: فحلٌ أَعْجمُ يَهْدِرُ في شِقْشِقةٍ لا ثُقْبَ لها فهي في شِدْقه ولا يَخْرُج الصوتُ منها، وهم يَسْتحِبُّون إرْسالَ الأَخْرسِ في الشَّوْلِ لأَنه لا يكون إلا مِئْناثاً، والإبلُ العَجَمُ: التي تَعْجُم العِضاهَ والقَتادَ والشَّوْكَ فَتَجْزَأُ بذلك من الحَمْض. والعَواجِمُ: الأَسنانُ.
وعَجَمْتُ عُودَه أَي بَلَوْتُ أَمْرَه وخَبَرْتُ حالَه؛ وقال:
أَبَى عُودُك المَعْجومُ إلا صَلابةً، |
|
وكَفَّاكَ إلا نائِلاً حينَ تُـسْـأَلُ |
والعَجَمُ، بالتحريك: النَّوَى نَوى التمرِ والنَّبِقِ، الواحدةُ عَجَمةٌ مثل قَصَبةٍ وقَصَب. يقال: ليس هذا الرُّمَّان عَجَم؛ قال يعقوب: والعامّة تقوله عَجْمٌ، بالتسكين، وهو العُجام أَيضاً؛ قال رؤبة ووصف أُتُناً:
في أَرْبعٍ مِثْلِ عُجامِ القَسْبِ |
وقال أبو حنيفة: العَجَمةُ حبّة العِنب حتى تنبُت، قال ابن سيده: والصحيح الأَول، وكلُّ ما كان في جوف مأْكولٍ كالزبيب وما أَشبهه عَجَمٌ؛ قال أَبو ذؤيب يصف مَتْلَفاً:
مُسْتوقدٌ في حَصاهُ الشَّمْسُ تَصْهره، |
|
كأَنه عَجَمٌ بالـبِـيدِ مَـرْضُـوخُ |
والعَجَمةُ، بالتحريك: النخلةُ تنبُت من النَّواة. وعُجْمةُ الرملِ: كَثرته، وقيل: آخِره، وقيل: عُجْمتُه، وعِجْمتُه ما تعقَّد منه. ورملةٌ عَجْماءُ: لا شجرَ فيها؛ عن ابن الأَعرابي. وفي الحديث: حتى صَعِدْنا إحدى عُجْمَتَي بدرٍ؛ العُجْمةُ، بالضم: المتراكم من الرمل المُشرف على ما حَوْله. والعَجَمات: صُخورٌ تَنبت في الأَودية؛ قال أَبو دُواد:
عَذْبٌ كماء المُـزْنِ أَنْ |
|
زَلَه مِنَ العَجَماتِ، بارِدْ |
يصف رِيقَ جارية بالعذوبة. والعَجَماتُ: الصُّخور الصِّلاب. وعَجْمُ الذَّنَب وعُجْمُه جميعاً: عَجْبُه، وهو أَصله، وهو العُصْعُص، وزعم اللحياني أَن ميمَهما بدلٌ من الباء في عَجْبٍ وعُجْب. والأعجَم من الموج: الذي لا يتنفَّسُ أَي لا يَنضَح الماءَ ولا يُسمعَ له صوت. وبابٌ مُعْجَم أَي مُقْفَل. أَبو عمرو: العَجَمْجَمةُ من النوق الشديدة مثل العَثَمْثَمة؛ وأَنشد:
باتَ يُباري وَرِشاتٍ كالقَطـا، |
|
عَجَمْجَماتٍ خُشُفاً تَحْتَ السُّرَى |
الوَرِشاتُ: الخِفافُ، والخُشُفُ: الماضيةُ في سيرها بالليل.
وبنو أَعجَمَ وبنو عَجْمانَ: بَطنان.
ابن دريد: العجَمْضَى ضرب من التمر.
عَجَنَ الشيءَ يَعْجِنُه عَجْناً، فهو مَعْجُونٌ وعَجِين، واعْتَجَنه: اعتمد عليه بجُمْعه يَغْمِزُه؛ أَنشد ثعلب:
يَكْفيك من سَوْداءَ واعْتِجانِها، |
وكَرِّكَ الطَّرْفَ إلى بَنانِها، |
ناتِئةُ الجَبْهةِ في مكانِها، |
صَلْعاءُ لو يُطْرَحُ في مِيزانِها |
رِطْلُ حديدٍ، شالَ من رُجْحانها. |
والعاجِنُ من الرجال: المُعْتَمِدُ على الأَرض بجُمْعه إذا أَراد النُّهوضَ من كِبَرٍ أَو بُدْنٍ؛ قال كثير:
رأَتْني كأَشْلاءِ اللِّجامِ، وبَعْلُهـا |
|
من المَلْءِ أَبْزَى عاجنٌ مُتَباطِنُ |
ورواه أَبو عبيد:
من القوم أَبْزَى مُنْحَنٍ مُتَباطِنُ. |
وعَجَنتِ الناقةُ. وناقةٌ عاجِنٌ: تضْرِبُ بيديها إلى الأَرض في سيرها. ابن الأَعرابي: العُجُنُ أَهل الرَّخاوة من الرجال والنساء. يقال للرجل عَجِينة وعَجِينٌ، وللمرأَة عَجِينة لا غير، وهو الضعيف في بدنه وعقله. والعُجُنُ: جمع عاجِنٍ، وهو الذي أَسَنَّ، فإِذا قام عَجَنَ بيديه. يقال: خَبَز وعَجَنَ وثَنَّى وثَلَّثَ ووَرَّصَ كله من نعت الكبير. وعَجَنَ وأَعْجَنَ إذا أَسَنَّ فلم يَقُمْ إلاَّ عاجِناً؛ قال الشاعر:
فأَصْبَحْتُ كُنْتيّاً، وهَيَّجْتُ عاجِنـاً، |
|
وشَرُّ خِصَالِ المرءِ كُنْتٌ وعاجِنُ |
وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يَعْجِنُ في الصلاة فقيل له: ما هذا؟ فقال: رأَيت رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، يَعْجِنُ في الصلاة أَي يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يَعْجِنُ العَجينَ. قال الليث: والعَجّانُ الأَحمق، وكذلك العَجِينة. ويقال: إن فلاناً ليَعْجِنُ بمِرْفَقَيْه حُمْقاً. قال الأَزهري: سمعت أَعرابياً يقول لآخر يا عَجّان إنك لتَعْجِنُه، فقلت له: ما يَعْجِنُ وَيْحَكَ، فقال: سَلْحه، فأَجابه الآخر: أَنا أَعْجِنُه وأَنت تَلْقَمُه، فأَفْحَمه. وأَعْجَنَ إذا جاء بولدٍ عَجِينةٍ، وهو الأَحمق.
والعَجِينُ: المَجْبُوسُ من الرجال. وعَاجِنةُ المكانِ: وسَطُه؛ وأَنشد الأَخطل:
بعاجنةِ الرَّحُوبِ فلم يَسيروا |
وعَجِنَتِ الناقة تَعْجَنُ عَجَناً وهي عَجْناء: كثر لحم ضَرْعها وسَمِنَتْ، وقيل: هو إذا صَعِدَ نحو حَيائها، وكذلك الشاة والبقرة. والعَجَنُ أَيضاً: عيب، وهو ورم حياء الناقة من الضَّبَعَة، وقيل: هو ورم يصيبها في حَيائها ودبرها، وربما اتصلا، وقيل: هو ورم في حيائها كالثُّؤْلول، وهو شبيه بالعَفَل يمنعها اللِّقاحَ، عَجِنَتْ عَجَناً، فهي عَجِنة وعَجْناء، وقيل: العَجْناء الناقة الكثيرة لحم الضَّرْع مع قلة لبنها بَيِّنةُ العَجَن. والعَجْناء أَيضاً: القليلة اللبن. والعَجْناء والمُعْتَجِنةُ: المُنْتَهيةُ في السِّمَنِ. والمُتَعَجِّنُ: البعيرُ المُكْتَنِزُ سَمناً كأَنه لحم بلا عظم. وبعير عَجِنٌ: مُكْتَنِز سِمَناً. وأَعْجَنَ الرجلُ إذا ركب العَجْناء، وهي السمينة، ومن الضُّرُوع الأَعْجَنُ. والعَجَنُ: لحمة غليظة مثل جُمْع الرجل حِيالَ فِرْقَتَي الضَّرَّة، وهو أَقلها لبَناً وأَحسنها مَرْآةً. وقال بعضهم: تكون العَجْناء غَزِيرة وتكون بَكيئة.
والعَجْنُ: مصدر عَجَنْتُ العَجينَ. والعجينُ معروف. وقد عَجَنَتِ المرأَةُ، بالفتح، تَعْجِنُ عَجِيناً واعْتَجَنتْ بمعنى أَي اتخذت عَجِيناً.
والعِجَانُ: الاسْتُ، وقيل: هو القضيب الممدود من الخُصْيَةِ إلى الدبر، وقيل: هو آخر الذكر ممدود في الجلد، وقيل: هو ما بين الخُصية والفَقْحَة. وفي الحديث: إن الشيطانَ يأْتي أَحدكم فيَنْقُرُ عند عِجانه؛ العِجان: الدبر، وقيل: هو ما بين القبل والدبر. وفي حديث علي، رضي الله عنه: أَن أَعجميّاً عارضه فقال: اسكتْ يا ابنَ حمراء العِجان، هو سَبٌّ كان يجري على أَلسنة العرب؛ قال جرير:
يَمُدُّ الحَبْلَ مُعْتَمِداً عليه، |
|
كأَنَّ عِجَانَه وتَرٌ جَدِيدُ. |
والجمع أَعْجِنةٌ وعُجُنٌ. وعَجَنه عَجْناً: ضربَ عِجَانه. وعِجانُ المرأَة: الوَتَرَةُ التي بين قُبُلِها وثَعْلَبَتِها. وأَعْجَنَ: وَرِمَ عِجانُه. والعِجان، بلغة أَهل اليمن: العُنق؛ قال شاعرهم يرثي أُمه وأَكلها الذئبُ:
فلم يبْقَ منها غيرُ نِصْفِ عِجانِها، |
|
وشُنْتُرَةٌ منها، وإحدى الذَّوائبِ. |
وقال الشاعر:
يا رُبَّ خَوْدٍ ضَلْعَةِ العِجانِ، |
|
عِجانُها أَطْوَلُ من سِنـانِ. |
وأُمُّ عَجِينَةَ: الرَّخَمةُ.
العَجَنَّسُ: الجملُ الشديدُ الضَّخْمُ؛ السيرافي: هو مع ثِقَلٍ وبُطءٍ؛ قال العجاج، وقيل جُرَيٌّ الكاهِليُّ:
يَتْبَعْنَ ذا هَداهِدٍ عَجَنَّسَا |
|
إِذا الغُرابانِ به تَمَرَّسَا |
قال ابن بري: نسب الجوهري هذا البيت للعجاج وهو لجريّ الكاهلي.
والهداهد: جمع هَدْهَدَةٍ لهدير الفحل؛ وأَنشد الأَزهري للعجاج:
عَصْباً عِفِرَّى جُخْدُباً عَجَنَّسا |
وقال: عِفِرَّى عظيم العنق غليظه. عَصْباً: غليظاً. الجُخْدُبُ: الضخم. والعَجَنَّسُ: الشديد، والجمع عَجَانِسُ، وتحذف الثقيلة لأَنها زائدة.
والعَجَنَّسُ: الضَّخْمُ من الإِبل والغنم.
تعَجَّهَ الرجلُ: تَجاهل، وزعم بعضهم أَنه بدل من التاء في تعَتَّه. قال ابن سيده: وإِنما هي لغة على حِدَتِها، إِذ لا تبدل الجيم من التاء. قال أَبو منصور: رأَيت في كتاب الجيم لابن شميل: عَجَّهْتُ بين فلان وفلان، معناه أَنه أَصابهما بعينه حتى وَقَعتِ الفُرْقة بينهما، قال: وقال أَعرابي أَنْدَرَ اللهُ عيْنَ فلانٍ لقد عَجَّهَ بيْنَ ناقتي وولدها.
والعُنْجُهِيُّ: ذو البَأْوِ؛ ومنه قول رؤبة:
بالدَّفْعِ عني دَرْء كلِّ عُنْجُهِي |
وقال الفراء: يقال فيه عُنْجُهِيَّة وعُنْجُهانِيَّةٌ وعُنْجُهانِيَةٌ، وهي الكِبْرُ والعَظَمةُ. ويقال: العُنْجُهِيَّة الجهلُ والحُمْقُ؛ قال أَبو محمد يحيى بنُ المبارك اليزِيديّ يهجو شَيْبةَ بن الوليد:
عِشْ بجَدٍّ فلن يَضُـرَّكَ نُـوكٌ، |
|
إِنما عَيْشُ منْ تَرَى بالـجُـدُودِ |
عِشْ بجَدٍّ، وكُنْ هَبَنّـقَةَ الـقَـيْ |
|
سِيَّ، جَهْلاً، أَو شَيْبةَ بنَ الوَلِيدِ، |
رُبَّ ذي أُرْبَةٍ مُقِلٍّ مـنَ الـمـا |
|
لِ، وذي عُنْجُـهِـيَّةٍ مَـجْـدُودِ |
شَيْبَ يا شَيْبَ يا هُنَيَّ بني القَـعْ |
|
قاعِ، ما أَنتَ بالحَلِيمِ الـرَّشِـيدِ |
لا ولا فيك خَصلَةٌ من خِصال ال |
|
خير أَحْرَزْتَها بحـلْـمٍ وَجُـودِ |
غيرَ ما أَنَّكَ المُجِيدُ لتَـحْـبِـي |
|
رِ غِناءٍ، وضَرْبِ دُفٍّ وعُـودِ |
فعَلى ذا وذاكَ يَحْتَـمِـلُ الـدَّهْ |
|
رُ مُجِيداً به، وغـيرَ مُـجِـيدِ |
الأَزهري: العُنْجُهُ الجافي من الرجالِ. يقال: إِنَّ فيه لَعُنْجِهِيَّةً أيَ جَفْوَةً في خُشونةِ مَطْعَمِه وأُموره؛ وقال حسانُ بن ثابت:
ومن عاشَ منّا عاشَ في عُنْجُهِيَّةٍ، |
|
على شَظَفٍ من عَيشِه المُتَنَكِّـدِ |
قال: والعُنْجُهُ والعُنْجُهَةُ القُنْفُذَة الضَّخْمة. قال ابن سيده:العُنْجُهُ والعُنْجَهُ والعُنْجَهِيُّ كلُّه الجافي من الرجال؛ الفتح عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَدْرَكْتُها قُدَّامَ كُـلِّ مِـدْرَهِ |
|
بالدَّفْعِ عَنِّي دَرْءَ كُلِّ عُنْجَهِ |
ابن الأَعَرابي: العُنْجُهِيَّةُ خشونة المَطْعَمِ وغيره.
عَنْجَهورُ: اسم امرأَة، واشتقاقه من العَجْهرةِ، وهي الجفاء.
ابن الأعرابي: العُجْهومُ طائرٌ من طير الماء كأَن مِنقارَه جَلَمُ الخَيَّاط.
الأَزهري: العُجاهِنُ صديق الرجل المُعْرِس الذي يجري بينه وبين أَهله في إِعْراسه بالرَّسائل، فإِذا بَنى بها فلا عُجاهنَ له؛ قال الراجز:
ارْجِعْ إلى بيتِكَ يا عُـجـاهِـنُ، |
|
فقد مضى العُرْسُ، وأَنتَ واهِنُ. |
والأُنثى بالهاء. وتَعَجْهَنَ الرجلُ يَتَعَجْهَنُ تَعَجْهُناً إذا لزِمَها حتى يُبْنَى عليها. والعُجاهِنة: الماشِطة إذا لم تفارق العَرُوسَ حتى يُبْنَى بها. والعُجاهِنُ، بالضم: الطَّبّاخ. والعُجاهِنُ: الخادم، والجمع العَجاهِنة، بالفتح؛ وقال الكميت:
ويَنْصِبْنَ القُدُورَ مُشَمِّراتٍ، |
|
يُنازِعْنَ العَجاهِنةَ الرِّئينا. |
الرِّئين: جمعُ الرِّئة، جمعها على النون كقولهم عِزِينَ وثُبِينَ وكُرِينَ، والمرأَة عُجاهِنة؛ قال: وهي صَديقة العَرُوسِ، قال ابن بري: قد تعَجْهَنَ الرجل لفلانٍ إذا صار له عُجاهِناً؛ وقال تأَبط شرّاً:
ولكنَّني أَكْرَهْتُ رَهْطـاً وأَهْـلَـه، |
|
وأَرْضاً يكونُ العُوصُ فيها عُجاهِنا. |
ويروى:
وكَرِّي إذا أَكْرَهْتُ رَهْطاً وأَهله. |
والعُجاهِنُ: القنفذ؛ حكاه أَبو حاتم؛ وأَنشد:
فباتَ يُقاسي ليلَ أَنْـقَـدَ دائبـا، |
|
ويَحْدُرُ بالقُفِّ اخْتِلافَ العُجاهِنِ |
وذلك لأَن القنفذ يَسْرِي ليله كله، وقد يجوز أَن يكون الطَّبَّاخ لأَن الطباخ يختلف أَيضاً.