الإمام الحافظ المقرىء المحدث الكبير أبو الربيع سليمان بن داود الأزدي
العتكي الزهراني البصري أحد الثقات. ولد سنة نيف وأربعين ومئة.
وسمع من جرير بن حازم ومالك بن أنس وفليح بن سليمان ونافع بن أبي نعيم
القارىء وحماد بن زيد وأبي شهاب الحناط وشريك القاضي وطائفة كبيرة.
وطال عمره وتفرد في وقته وقد ذكره أبو عمرو الداني في طبقات القراء وقال له كتاب جامع في القراءات سمع عن نافع حرفين ومن حفص الغاضري وعبد الوارث التنوري وذكر جماعة من شيوخه وما ذكر أحداً تلا عليه.
حدث عنه البخاري ومسلم وأبو داود وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل وابن راهويه والذهلي وأبو زرعة وإدريس بن عبد لكريم وأبو يعلى الموصلي وأبو القاسم البغوي ويوسف القاضي وزكريا الساجي وعمران بن موسى بن مجاشع السختياني وخلق كثير.
وثقة يحيى بن معين وأبو زرعة الرازي والنسائي وغيرهم.
فأما قول عبد الرحمن بن خراش فيه فلا يساوي السماع فإنه قال تكلم الناس فيه وهو صدوق.
قلت بل أجمعوا على الاحتجاج به.
وقد توفي في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين ومئتين.
وقع لنا من موافقاته العالية.
فصل
وقد كان في هذا العصر سليمان بن داود جماعة هو أجلهم.
والشاذكوني وهو أحفظهم.
والختلي أبو الربيع شيخ لمسلم ثقة مشهور.
وأبو الربيع المهري صاحب ابن وهب حدث عنه أبو داود والنسائي.
والحافظ أبو داود اليمامي من شيوخ أبي زرعة وأبي حاتم ليس بمشهور.
وأبو أحمد الرازي القزاز روى عنه ابن أبي حاتم ووثقه وقال سمع ابن عيينة ومعن بن عيسى.
وأبو داود النيسابوري الخفاف من شيوخ ابن خزيمة يروي عن عبد الله بن رجاء.
وشيخ مسلم أبو داود المباركي اشتهر أنه سليمان بن داود وليس بصواب بل هو سليمان بن محمد كما حرره ابن نقطة وغيره. أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق المقرىء أخبرنا الإمام شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهروردي أخبرنا هبة الله بن محمد الشبلي وأخبرنا علي بن أحمد الحسيني أخبرنا محمد بن أحمد المؤرخ أخبرنا محمد بن عبيد الله قالا أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الزينبي أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا أبو القاسم البغوي حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بين العمودين تلقاء وجهه في جوف الكعبة. أخرجه مسلم عن الزهراني.
وبه حدثنا أبو الربيع حدثنا حماد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن بلال قال صلى رسول الله في البيت.وقال ابن عباس لم يصل فيه إنما كبر في نواحيه.
قلت هذا ظن من ابن عباس لا يقاوم رؤية بلال والمثبت معه زيادة علم.
الشاذكوني
العالم الحافظ البارع أبو أيوب سليمان بن داود بن بشر المنقري البصري الشاذكوني أحد الهلكى.
روى عن حماد بن زيد وعبد الواحد بن زياد وجعفر بن سليمان وعبد الوارث ومعتمر بن سليمان وطبقتهم فأكثر إلى الغاية.
حدث عنه أبو قلابة الرقاشي وأسيد بن عاصم والكديمي وأبو مسلم الكجي وإبراهيم بن محمد بن الحارث الأصبهاني والحسن بن سفيان وأبو يعلى الموصلي وكانا يدلسانه ويقولان حدثنا أبو أيوب المنقري.
وروى عنه أيضاً محمد دبن علي الفرقدي وغيره من الأصبهانيين.
قال عمرو الناقد قدم سليمان الشاذكوني بغداد فقال لي أحمد بن حنبل اذهب بنا إليه نتعلم منه نقد الرجال.
قلت كفى بها مصيبة أن يكون رأساً في نقد الرجال ولا ينقد نفسه.
قال حنبل سمعت أبا عبد الله يقول كان أعلمنا بالرجال يحيى بن معين وأحفظنا للأبواب سليمان الشاذكوني وكان علي بن المديني أحفظنا للطوال.
وقال عباس العنبري وسئل أيهما كان أعلم بالحديث ابن المديني أو الشاذكوني قال ابن الشاذكوني بصغير الحديث وعلي بجليله.
قال أبو عبيد انتهى العلم إلى أربعة يعني علم الحديث إلى أحمد ابن حنبل وعلي بن عبد الله ويحيى بن معين وأبي بكر بن أبي شيبة فأحمد أفقههم به وعلي أعلمهم به وابن معين أجمعهم له وأبو بكر أحفظهم له قال الحافظ زكريا الساجي وهم أبو عبيد أحفظهم له الشاذكوني.
قال أبو بكر بن أبي الأسود كنا عند يحيى القطان وعنده بلبل المحدث وكان أسود فنازعه الشاذكوني وقال لأقتلنك فقال يحيى سبحان الله تقتله قال نعم أنت حدثتني عن عوف عن الحسن عن عبد الله بن مغفل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن الكلاب أمة لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل أسود بهيم وهذا أسود.
قال ابن عدي سألت عبدان عن الشاذكوني فقال معاذ الله أن يتهم إنما كان قد ذهبت كتبه فكان يحدث حفظاً.
وقيل إنه لما احتضر قال اللهم إني أعتذر إليك غيرأني ما قذفت محصنة ولا دلست حديثاً.
قال زكريا الساجي حدثنا أحمد بن محمد حدثنا ابن عرعرة قال كنت عند يحيى بن سعيد وعنده بلبل وابن المديني وابن أبي خدويه فقال علي ليحيى ما تقول في طارق وابن مهاجر فقال يجريان مجرى واحداً فقال الشاذكوني نسألك عما لا تدري وتكلف لنا ما لا تحسن حديث إبراهيم بن مهاجر خمس مئة عندك عنه مئة وحديث طارق مئة عندك منها عشرة فأقبل بعضنا على بعض وقلنا هذا ذل فقال يحيى دعوه فإن كلمتموه لم آمن أن يقرفنا بأعظم من هذا.
قال إبراهيم بن أورمة كان الطيالسي بأصبهان فلما أراد الرجوع بكى فقالوا له إن الرجل إذا رجع إلى أهله فرح قال لا تدرون إلى من أرجع أرجع إلى شياطين الإنس ابن المديني الشاذكوني والفلاس.
سئل صالح جزرة عن الشاذكوني فقال ما رأيت أحفظ منه قيل بم كان يتهم قال كان يكذب في الحديث.
وسئل عنه أحمد بن حنبل فقال جالس حماد بن زيد ويزيد بن زريع وبشر بن المفضل فما نفعه الله بواحد منهم.
وقال ابن معين جربت على الشاذكوني الكذب.
قال الحاكم حدثنا موسى بن سعيد الحنظلي سمعت سليمان بن داود الرازي سمعت أبا زرعة يقول وضع الشاذكوني سبعة أحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقلها.
وقال النسائي ليس بثقة.
وقال عباس العنبري انسلخ من العلم انسلاخ الحية من قشرها.
قال ابن المديني كنا عند عبد الرحمن فجاؤوا بالشاذكوني سكران.
وعن البخاري قال هو أضعف عندي من كل ضعيف. قال يحيى بن معين قال لنا الشاذكوني هاتوا حرفاً من رأي الحسن لا أحفظه.
حكى عبد الباقي بن قانع أنه سمع إسماعيل بن الفضل يقول رأيت ابن الشاذكوني في النوم فقلت ما فعل الله بك قال غفر لي قلت بماذا قال كنت في طريق أصبهان فأخذني المطر ومعي كتب ولم أكن تحت سقف فانكببت على كتبي حتى أصبحت فغفر لي بذلك.
قلت كان أبوه يتجر ويبيع المضربات الكبار التي تسمى باليمن شاذكونة فنسب إليها.
قال ابن أبي عاصم ومطين وابن قانع مات سليمان في سنة أربع وثلاثين ومئتين.
وقال أبو الشيخ قدم إلى أصبهان مرات وتوفي سنة ست وثلاثين.
قلت مع ضعفه لم يكد يوجد له حديث ساقط بخلاف ابن حميد فإنه ذو مناكير.
أخبرنا شرف الدين أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء قراءة عليه أنبأنا عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر بن طاهر وتميم بن أبي سعيد قالا أخبرنا أبو سعد الكنجروذي أخبرنا أبو عمرو بن حمدان أخبرنا أبو يعلى الموصلي حدثنا سليمان الشاذكوني حدثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة.
هذا حديث غريب. وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة.
وجاء النهي عن صوم يوم عرفة بعرفة في السنن بإسناد لا بأس به.
وقال عليه السلام ليس من البر أن تصوموا في السفر والأفضل للمسافر إفطار صوم الفرض فالنافلة أولى فمن صام يوم عرفه بها مع علمه بالنهي وبأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما صامه بها ولا أحد من أصحابه فيما نعلم لم يصب والله أعلم ولا نقطع على الله بأن الله لا يأجره ولكن لم يكن صومه له مكفراً لسنتين لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك في حق المقيم لا المسافر.