شهاب الدين السهروردي

 هـ

هو الإمام الفاضل أبو حفص عمر بن كان أوحداً في العلوم الحكمية، جامعاً للفنون الفلسفية، بارعاً في الأصول الفلكية، مفرط الذكاء، جيد الفطرة، فصيح العبارة، لم يناظر أحداً إلا بزّه، ولم يباحث محصلاً إلا أربى عليه، وكان علمه أكثر من عقله.

وفي حديث أن شهاب الدين السهروردي قد أتى إلى شيخنا فخر الدين المارديني، وكان يتردد إليه في أوقات وبينهما صداقة، وكان الشيخ فخر الدين يقول ما أذكى هذا الشاب وأفصحه، ولم أجد أحداً مثله في زماني، إلا أني أخشى عليه لكثرة تهوره واستهتاره، وقلة تحفظه أن يكون ذلك سبباً لتلافه، قال فلما فارقنا شهاب الدين السهروردي من الشرق، وتوجه إلى الشام أتى إلى حلب وناظر بها الفقهاء، ولم يجاره أحد فكثر تشنيعهم عليه، فاستحضره السلطان الملك الظافر غازي بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب واستحضر الأكابر من المدرسين والفقهاء والمتكلمين ليسمع ما يجري بينهم وبينه من المباحث والكلام، فتكلم معهم بكلام كثير بان له فضل عظيم، وعلم باهر، وحسن موقعه عند الملك الظاهر وقربه، وصار مكيناً، عنده مختصاً به، فازداد تشنيع أولئك عليه وعملوا محاضرة بكفره وسيروها إلى دمشق إلى الملك الناصر صلاح الدين، وقالوا إن بقي هذا فإنه يفسد اعتقاد الملك الظاهر، وكذلك إن أطلق فإنه يفسد أي ناحية كان بها من البلاد، وزادوا عليه أشياء كثيرة من ذلك فبعث صلاح الدين إلى ولده الملك الظاهر بحلب كتاباً في حقه بخط القاضي الفاضل وهو يقول فيه إن هذا الشهاب السهروردي لا بد من قتله ولا سبيل أنه يطلق ولا يبقى بوجه من الوجوه ولما بلغ شهاب الدين السهروردي ذلك، وأيقن أنه يقتل، وليس جهة إلى الإفراج عنه اختار أنه يترك في مكان مفرد ويمنع من الطعام والشراب إلى أن يلقى اللّه تعالى ففعل به ذلك، وكان بقلعة حلب.

لشهاب الدين السهروردي من الكتب كتاب التلويحات اللوحية والعرشية، كتاب الألواح العمادية، ألفه لعماد الدين أبي بكر بن قرا أرسلان بن داود بن أرتق صاحب خرت برت، كتاب اللحمة، كتاب المقاومات وهو لواحق على كتاب التلويحات، كتاب هياكل النور، كتاب المعارج، كتاب المطارحات، كتاب حكمة الإشراق.


المرجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء