الصفار

الصفار

الملك أبو يوسف يعقوب بن الليث السجستاني المستولي على خراسان.

قيل: كان هو وأخوه عمرو بن الليث يعملان في النحاس فتزهدا وجاهدا مع صالح المطوعي المحارب للخوارج.

قال ابن الأثير: غلب صالح على سجستان ثم استنقذها منه طاهر بن عبد الله بن طاهر فظهر بها درهم بن حسين المطوعي فاستولى أيضاً عليها وجعل يعقوب بن الليث قائد عسكره ثم رأى أصحاب درهم عجزه فملكوا يعقوب لحسن سياسته فأذعن لهم درهم واشتهرت صولة يعقوب وغلبه على هراة وبوشنج وحارب الترك وظفر برتبيل فقتله وقتل ثلاثة ملوك ورجع معه ألوف من الرؤوس فهابته الملوك وكان بوجهه ضربة سيف مخيطة.

بعث هدية إلى المعتز منها مسجد فضة يسع خمسة عشر نفساً يحمل عل قطار جمال ثم إنه حارب متولي فارس ونصر عليه وقتل رجاله فكتب إليه الصلحاء ينكرون عليه تسرعه في الدماء وحاصرهم وأخذ شيراز فأمنهم وأخذ من متوليها أربع مائة بدرة وعذبه ورد إلى سجستان فجبى الأموال.

وكان يحمل إلى المعتمد في العام خمسة آلاف ألف درهم وقنع المعتمد بمداراته. ثم أخذ بلخ ونيسابور وأسر متوليها ابن طاهر في ستين نفساً من آله وقصد جرجان فهزم المعتز عليها الحسن بن زيد العلوي وغنم منه ثلاث مائة حمل مال وأخذ آمل ثم التقاه العلوي فهزم يعقوب ثم دخل جرجان فظلم وعسف فجاءت زلزلة قتلت من جنده ألفين.

واستغاث جماعة جرجانيون ببغداد من يعقوب فعزم المعتمد على حربه ونفذ كتباً إلى أعيان خراسان وبذم يعقوب وبأن يهتموا لاستئصاله فكاتب المعتمد يخضع ويراوغ ويطلب التقليد بتوليه المشرق ففعل المعتمد ذاك وأخوه الموفق لاشتغالهم بحرب الزنج.

وأقبل يعقوب ليملك العراق وبرز المعتمد فالتقى الجمعان بدير العاقول وكشف الموفق الخوذة وحمل وقال: أنا الغلام الهاشمي وكثرت القتلى فانهزم يعقوب وجرح أمراؤه وذهبت خزائنه وغرق منهم خلق في نهر.

وقال أبو الساج ليعقوب: ما رأيت منك شيئاً من تدبير الحرب فكيف غلبت الناس؟ فإنك تركت ثقلك وأسراءك أمامك وقصدت بلداً على جهل منك بأنهاره ومخائضه وأسرعت وأحوال جندك مختلة؟ قال: لم أظن أني محارب ولم أشك في الظفر.

قال أبو الفرج الأصبهاني: لم تزل كتب يعقوب تصل إلى المعتمد بالمراوغة ويقول: عرفت أن نهوض أمير المؤمنين ليشرفني ويتلقاني والمعتمد يبعث يحثه على الانصراف فما نفع ثم عبأ المعتمد جيوشه وشقوا المياه على الطرق فكان ذلك سبب كسرتهم وتوهم الناس أن انهزامه مكيدة فما تبعوه وخلص ابن طاهر فجاء في قيده إلى بين يدي المعتمد وكان بعض جيوش يعقوب نصارى وكان المصاف في رجب سنة فذهب يعقوب إلى واسط ثم إلى تستر فأخذها وتراجع جيشه وعظمت وطأته وكاد أن يملك الدنيا ثم كان موته بالقولنج ووصفت له حقنة فأبى وتلف بعد أسبوعين وكان المعتمد قد بعث إليه رسولاً يترضاه ويتألفه وكان العلوي صاحب جرجان يسميه: يعقوب السندان من ثباته وقل أن رئي متبسماً.

مات بجنديسابور في سنة خمس وستين ومائتين.

أخوه صاحب خرسان:

عمرو بن الليث الصفار

قيل: كان ضراباً في الصفر وقيل: بل مكاري حمير فآل به الحال إلى السلطنة.

تملك بعد أخيه وأحسن السياسة وعدل وعظمت دوله وأطاع الخليفة كان ينفق كل ثلاثة أشهر في جيشه فيحضر بنفسه عند عارض الجيش والأموال كدوس فأول ما ينادي النقيب عمرو بن الليث فيقدم فرسه إلى العارض بعدتها فيتفقدها ثم يزن له ثلاث مائة درهم ويضعها بين يديه فيضعها في خفه ويقول: الحمد الله الذي وفقني لطاعة أمير المؤمنين حتى استوجبت العطاء فيكون لمن يقلعه خفه ثم يدعى بعده بالأمراء وبخيولهم وعددهم فمن أخل بشيء منع رزقه.

وقيل: كان في خدمة زوجته ألف وسبع مائة جارية.

ثم بغى عمرو على والي سمرقند إسماعيل بن أحمد بن أسد وقصده فخضع له وقال: أنا في ثغر قد قنعت به وأنت معك الدنيا فدعني فما تركه فبادر إسماعيل في الشتاء ودهم عمراً فخارت قواه وشرع في الهزيمة فأسروه.

قال نفطويه: حدثنا محمد بن أحمد أن السبب في انهزام عمرو من بلخ أن أهلها ملوا من جنده ومن ظلمهم وأقبل إسماعيل فأخذ أصحاب عمرو بن الليث في الهزيمة فركبت عساكر إسماعيل ظهورهم وتوحلت بعمرو دابته فأسر فأتي به إسماعيل فاعتنقه وخدمه وقال: ما أحببت أن يجري هذا ثم بالغ في احترامه فقال: احلف لي ولا تسلمني فحلف له لكن جاء رسول المعتضد بالخلع والتقليد لإسماعيل ويطلب عمراً فقال: أخاف أن يخرج عليكم عسكر يخلصونه فجميع عساكر البلاد في طاعته لقد كتب إلي وما كناني بل قال: يا ابن أحمد والله لو أردت أن أعمل جسراً على نهر بلخ من ذهب لفعلت وصرت إليك حتى آخذك فكتبت إليه: الله بيني وبينك وأنا رجل ثغري مصاف للترك لباسي الكردوائي الغليظ ورجالي خشر بغير رزق وقد بغيت علي ثم سلمة إلى الرسول وقال: إن حاربكم أحد لأجله فاذبحوه فبقي يصوم ويبكي ويخرج رأسه من العمارية ويقول للناس: يا سادتي ادعوا لي بالفرج فأدخل بغداد علي بختي عليه جبة ديباج وبرنس السخط ثم قال له المعتضد: هذا بيعتك يا عمرو! ثم اعتقله فقتله القاسم عبيد الله الوزير يوم موت المعتضد سنة تسع وثمانين ومائتين وكان دولته نيفاً وعشرين سنة.

حكى القشيري أن عمرو بن الليث رئي فقيل: ما فعل الله بك؟ قال: أشرفت يوماً من جبل على جيوشي فأعجبني كثرتهم فتمنيت أنني كنت حضرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصرته وأعنته فشكر الله لي وغفر لي.

 ابن أبي الشوارب

قاضي القضاة أبو محمد الحسن بن المحدث محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي أحد العلماء الأجواد الممدحين.

ولي قضاء المعتمد وقد ناب في قضاء سامراء سنة أربعين ومائتين.

وكان يضرب بسخائه المثل وهو من بيت رئاسة وإمرة وعلم فجدهم عتاب بن أسيد متولي مكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن صالح بن دراج الكاتب قال: كان المعتز يقول: ما رأيت أحداً أفضل من الحسن بن أبي الشوارب ولا أحسن وفاء ما حدثني قط فكذبني ولا ائتمنته على سر أو غيره فخانني.

قال محمد بن جرير: مات بمكة بعد قضاء حجه في ذي الحجة سنة إحدى وستين ومائتين.

قلت: عاش أربعاً وخمسين سنة.

يروي عن نحو سليمان بن حرب وأبي الوليد.

لم يقع لنا من روايته.

فأما أخوه قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد فبقي إلى سنة بضع وثمانين ومائتين.

جلوان

ابن سمرة بن ماهان بن خاقان بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الإمام المحدث أبو الطيب الأموي البخاري.

سمع أبا عبد الرحمن المقرئ والقعنبي وأحمد بن حفص الفقيه وسعيد بن منصور وأبا مقاتل النحوي وعدة.

روى عنه: سهل بن شاذويه وحسين بن محمد بن قريش وغيرهما.

قال أبو بكر الخطيب: جلوان بكسر الجيم وقال ابن ماكولا: بل بفتحها وكذلك فتحه جعفر المستغفري وأبو عبد الله غنجار.

ومن ذريته أحمد بن حسين بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم ابن جنيد بن جلوان الأموي.

حاتم بن الليث

الحافظ المكثر الثقة أبو الفضل البغدادي الجوهري.

سمع عبيد الله بن موسى وحسين بن محمد المروذي وطبقتهما.

وعنه أبو العباس السراج ومحمد بن محمد الباغندي ومحمد بن مخلد وآخرون.

توفي سنة اثنتين وستين ومائتين.

حاجب بن سليمان

ابن بسام الحافظ الرحال أبو سعيد المنبجي.

حدث عن وكيع وأبي أسامة وابن أبي فديك وجماعة.

وعنه: النسائي ووثقه وأبو عروبة وأبو بكر بن زياد وعبد الرحمن بن أخي الإمام وعدة.

مات سنة خمس وستين ومائتين.

الفارسي

الشيخ العالم أبو علي الحسن بن سعيد الفارسي ثم البغدادي البزاز شيخ صدوق معمر من أقارب سعدان بن نصر.

سمع من: سفيان بن عيينة ومعمر بن سليمان وجماعة.

روى عنه: أحمد بن محمد الأدمي والقاضي المحاملي وأبو سعيد بن الأعرابي وآخرون.

قال ابن أبي حاتم: هو صدوق أتيناه فلم نصادفه.

وقال محمد بن مخلد: كان يعرف بابن البستنبان.

مات في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين ومائتين ومنهم من سماه الحسين.

ويروي أيضاً عنه: أبو العباس السراج وعنده عن ابن علية وأبي بدر السكوني.

عطية

ابن الإمام بقية بن الوليد الحمصي مكثر عن والده وما علمت له شيئاً عن غيره وكان شيخاً محدثا ليس بالماهر بل طال عمره وتفرد.

حدث عنه: عبد العزيز بن عمران الأصبهاني وعبيد بن أحمد الصفار الحمصي وأحمد بن هارون البخاري وأبو عوانة وابن أبي حاتم وعبد الله بن أحمد بن حنبل وآخرون.

قال ابن أبي حاتم: كانت فيه غفلة ومحله الصدق.

قال عبد الله بن أحمد: سمعته يقول: أنا عطية بن بقية وأحاديثي نقية فإذا مات عطية ذهب حديث بقية.

توفي سنة خمس وستين ومائتين.

أخبرنا ابن اليونيني أخبرنا ابن صباح أخبرنا ابن رفاعة أخبرنا الخلعي أخبرنا ابن النحاس حدثنا محمد بن جعفر بن دران حدثنا محمد بن خالد بن يزيد بمكة سمعت عطية يقول:

يا عطية بن بقـيه

 

كأن قد أتتك المنيه

 

بكرة أو عشيه

 

فتفكر وتـذكـر

 

وتجنب الخطيه

واذكر الله بتقوى

 

واتبع القول بنيه

وأبي شيخ البرية

 

فاكتبوا عني بنيه

 

في قراطيس نقيه

 

الدوري

 

الإمام الحافظ الثقة الناقد أبو الفضل عباس بن محمد بن حاتم بن واقد الدوري ثم البغدادي مولى بني هاشم أحد الأثبات المصنفين.


ولد سنة خمس وثمانين ومائة.


سمع حسين بن علي الجعفي ومحمد بن بشر وجعفر بن عون وأبا داود الطيالسي وعبد الوهاب بن عطاء ويحيى بن أبي بكير وشبابة بن سوار وعبيد الله بن موسى وهاشم بن القاسم ويعقوب بن إبراهيم بن سعد وعفان وخلقاً كثيراً.


ولازم يحيى بن معين وتخرج به وسأله عن الرجال وهو في مجلد كبير. حدث عنه: أرباب السنن الأربعة ووثقه النسائي ومن الرواة عنه ابن صاعد وأبو عوانة وأبو بكر بن زياد وأبو جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وحمزة بن محمد الدهقاني وأبو العباس الأصم وخلق.


قال الأصم: لم أر في مشايخي أحسن حديثاً منه.


قلت: يحتمل أنه أراد بحسن الحديث الإتقان أو أنه يتبع المتون المليحة فيرويها أو أنه أراد علو الإسناد أو نظافة الإسناد وتركه رواية الشاذ والمنكر والمنسوخ ونحو ذلك فهذه أمور تقضي للمحدث إذا لازمها أن يقال: ما أحسن حديثه.


قال إسماعيل الصفار: سمعت عباساً الدوري يقول: كتب لي يحيى بن معين وأحمد بن حنبل إلى أبي داود الطيالسي كتاباً فقالا فيه: إن هذا فتى يطلب الحديث وما قالا: من أهل الحديث.


قلت: كان مبتدئا له سبع عشرة سنة ثم إنه صار صاحب حديث ثم صار من حفاظ وقته.


وقد عاش الدوري بعد رفيقه ونظيره أبي بكر الصاغاني سنة واحدة.

 

توفي في صفر سنة إحدى وسبعين ومائتين.


وفيها مات محمد بن سنان القزاز ومحمد بن حماد الطهراني وكربزان الحارثي ويوسف بن سعيد بن مسلم.


أخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضوراً أخبرنا علي بن المسلم أخبرنا الحسين بن طلاب أخبرنا محمد بن أحمد الغساني حدثنا علي بن محمد بن عبيد الحافظ حدثنا العباس بن محمد الدوري حدثنا أزهر السمان عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا: وفي نجدنا قال: هناك الزلازل والفتن وبها أو قال: منها يطلع قرن الشيطان".

 

كيلجة

 

الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن صالح البغدادي الأنماطي كيلجة محدث جوال.


سمع عفان بن مسلم وسعيد بن أبي مريم ومسلم بن إبراهيم وأبا الوليد وطبقتهم.


روى عنه: القاضي المحاملي وإسماعيل الصفار ومحمد بن مخلد وجماعة قال الخطيب: كان حافظاً متقناً ثقة.


وذكره أبو داود فقال: صدوق.


وقد سماه محمد بن مخلد مرة: أحمد بن صالح.


وقال النسائي: أحمد بن صالح بغدادي ثقة.


وقال الدارقطني كذلك وزاد فقال: ويقال اسمه محمد بن صالح.


قال أبو بكر الخطيب: بل هو محمد بلا شك.


قال أبو الحجاج القضاعي: روى النسائي حديثاً عن أحمد بن صالح عن يحيى بن محمد عن ابن عجلان فإن كان كيلجة فقد سقط من بينه وبين أبي زكير يحيى بن محمد وإن كان يحيى هو الحارثي فقد سقط من بينه وبين ابن عجلان.


قلت: لا يبعد أن يكون أحمد بن صالح هو الطبري الحافظ عن أبي زكير فالنسائي قد سمع أولاً منه.


نعم وتوفي كيلجة بمكة في سنة إحدى وسبعين ومائتين.


أخبرنا الأبرقوهي أخبرنا زيد البيع أخبرنا ابن قفرجل أخبرنا عاصم أخبرنا ابن مهدي حدثنا المحاملي حدثنا محمد بن صالح حدثنا ابن مريم أخبرنا يحيى بن أيوب أخبرني يحيى بن سعيد أخبرنا أبو صالح عن الأسدي رجل حدثه قال: مررت على أبي ذر بالربذة فحدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أشد أمتي حباً لي ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو يعطي أهله وماله بأن يراني" غريب.

 

الدارابجردي

 

الإمام القدوة المحدث المأمون أبو الحسن علي بن الحسن بن أبي عيسى موسى بن ميسرة الهلالي الخراساني الدرابجردي.


حج ورأى سفيان بن عيينة وما سمع منه وصلى عليه هكذا قال الحاكم في تاريخه بالإسناد ولم يمت سفيان في أيام الحج بل في وسط العام.


سمع حرمي بن عمارة ويعلى بن عبيد وأبا جابر محمد بن عبد الملك وأبا عاصم النبيل وعبد المجيد بن أبي رواد وعبد الملك بن إبراهيم الجدي وأبا عبد الرحمن المقرئ وعبد الله بن الوليد العدني ويزيد بن أبي حكيم ومحمد بن جهضم وحبان بن هلال وأبا الوليد وهوذة بن خليفة ومكي بن إبراهيم وعبيد الله بن موسى وعبدان بن عثمان وخلقاً كثيراً وكان من أوعية العلم.


حدث عنه: أبو داود وأبو حاتم وأبو زرعة ومسلم والبخاري في غير صحيحيهما وإبراهيم بن أبي طالب وابن خزيمة ومحمد ابن يعقوب الشيباني وآخرون.


قال أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن عبد الوهاب يقول: علي بن الحسن الهلالي عندي ثقة صدوق.


قال الحاكم: سمعت محمد بن إسماعيل السكري يذكر عن أبي عبد الله الراوساني قال: وجد علي بن الحسن الهلالي ميتاً بعد أسبوع في مسجد من مساجد القرية سنة سبع وستين ومائتين. وسمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب غير مرة يقول: استشهد علي بن الحسن برستاق أرغيان في ضيعته قال: وكان السبب أنه زبر العامل بها فلما جن عليه الليل أمر به فأدخل متبنه وأوقد النار في تبن فمات في الدخان ثم وجد ميتاً وقد أكلت النمل عينيه.


قال الحاكم: كان من أكابر علماء المسلمين وابن عالمهم طلب الحديث بالحجاز واليمن والعراق وخراسان.


وقيل: إنه مات في رمضان سنة سبع وستين ومائتين وأكله الذئب رحمه الله تعالى.


قال أبو عبد الله بن الأخرم: حدثنا علي بن الحسن الهلالي وما رأيت أفضل منه.


وعن مسلم بن الحجاج أنه ذكر علي بن الحسن فقال: ذاك الطيب ابن الطيب.

 

محمد بن عميرة

 

الإمام الحافظ البارع أبو عبد الله الجرجاني نزيل هراة.


حدث عن: إسحاق الأزرق ويزيد بن هارون وعبد الرزاق وطبقتهم.


وكان كبير الشأن واسع الرحلة.


روى عنه: محمد بن عبد الرحمن السامي ومحمد بن شاذان وأبو يحيى البزاز وآخرون.


بلغنا أنه كان يحفظ سبعين ألف حديث.

 

إبراهيم بن مسعود

 

ابن عبد الحميد المحدث أبو محمد القرشي الهمذاني ابن أخي سندول.


سمع ابن نمير وأسباط بن محمد وأبا أسامة ويونس بن بكير والقاسم بن الحكم.


وعنه: عبد الله بن أحمد الدشتكي وأبو عوانة وابن حاتم وقال: صدوق وأحمد بن محمد بن أوس ومحمد بن ينبل وآخرون.

 

صالح بن أحمد

 

ابن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الإمام المحدث الحافظ الفقيه القاضي أبو الفضل الشيباني البغدادي قاضي أصبهان.


سمع أباه وتفقه عليه وسمع عفان وأبا الوليد وإبراهيم بن أبي سويد وعلي بن المديني وطبقتهم.


حدث عنه: ابنه زهير وأبو بكر بن أبي عاصم والبغوي وابن صاعد ومحمد بن مخلد وأبو علي الحصائري ومحمد بن جعفر الخرائطي وعبد الرحمن ابن أبي حاتم وأحمد بن محمد بن يحيى القصار شيخ لأبي نعيم الحافظ.


قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بأصبهان وهو صدوق ثقة.


قلت: ولد سنة ثلاث ومائتين وهو أكبر إخوته.


قال الخلال في أدب القضاء: أخبرنا محمد بن العباس حدثني محمد بن علي قال: لما صار صالح إلى أصبهان قرىء عهده بالجامع فبكى كثيراً وبكى بعض الشيوخ فلما فرغ جعلوا يدعون له ويقولون: ما ببلدنا إلا من يحب أباك قال: أبكاني أني ذكرته ويراني في هذه الحالة وكان عليه السواد ثم قال: كان أبي يبعث خلفي إذا جاءه رجل زاهد أو متقشف لأنظر إليه يحب أن أكون مثله ولكن الله يعلم ما دخلت في هذا الأمر إلا لدين غلبني وكثرة عيال.


قال الخلال: كان صالح سخياً جداً.


قال ابن المنادي: توفي بأصبهان في رمضان سنة ست وستين ومائتين.


وقال أبو نعيم: مات سنة خمس وستين.

 

أبو عوف

 

الإمام المحدث الصادق أبو عوف عبد الرحمن بن مرزوق بن عطية البغدادي البزوري.


سمع عبد الوهاب بن عطاء وروح بن عبادة وشبابة بن سوار وأبا نوح قراد ويحيى بن أبي بكير وطبقتهم.


حدث عنه: أبو جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وأبو سهل بن زياد وعدة.


قال الدارقطني: لا بأس به.


قلت: مات في سنة خمس وسبعين ومائتين.


ولده الصدر النبيل الثقة أبو عبد الله:

 

أحمد بن أبي عوف

 

سمع سويد بن سعيد ولويناً وعثمان بن أبي شيبة.


حدث عنه: أبو علي بن الصواف وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي وجماعة.


وثقه الدارقطني.


توفي قبل الثلاث مائة.


فأما سميه أبو عوف:

 

عبد الرحمن بن مرزوق الطرسوسي

 

فهالك.


قال ابن حبان: كان يضع الحديث روى عن عبد الوهاب بن عطاء حدثنا عنه محمد بن المسيب الأرغياني فذكر حديثاً رفعه: لن تخلو الأرض من ثلاثين مثل إبراهيم عليه السلام بهم يرزقون. فهذا كذب.


وفيها مات إبراهيم بن أورمة الحافظ وصالح بن أحمد بن حنبل ومحمد بن الشجاع بن الثلجي وأبو الساج الأمير وآخرون.

 

المعتز بالله

 

الخليفة أبو عبد الله محمد وقيل: الزبير بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد هارون بن المهدي العباسي ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.


واستخلف وهو ابن عشرين سنة أو دونها وكان أبيض جميلاً وسيماً من ملاح زمانه.


قال علي بن حرب: أدخلت على المعتز بالله ليسمع مني الحديث فما رأيت خليفة أحسن منه وأمه رومية. بويع وقت خلع المستعين فلما كان بعد أشهر من ولايته خلع أخاه المؤيد بالله إبراهيم من العهد فما بقي إبراهيم حتى مات وخاف المعتز من أن يتحدث الناس أنه سمه فأحضر القضاة حتى شاهدوه وما به أثر فالله أعلم.


وكانت دولة المعتز مستضعفة مع الأتراك فاتفق القواد وقالوا: أعطنا أرزاقنا ويقبل صالح بن وصيف وكان المعتز يخافه فطلب من أمه مالاً لينفقه فيهم فشحت عليه فتجمع الأتراك لخلعه واتفق معهم صالح وبابياك ومحمد بن بغا فتسلحوا وأتوا الدار وبعثوا إلى المعتز ليخرج إليهم فقال: قد شربت دواء وأنا ضعيف فهجم جماعة جروه وضربوه وأقاموه في الحر فبقي المسكين يتضور وهم يلطمونه ويقولون: اخلع نفسك ثم أحضروا القاضي والعدول وخلعوه وأقدموا من بغداد محمد بن الواثق وكان المعتز قد أبعده فسلم المعتز إليه الخلافة وبايعوه ولقب بالمهتدي بالله.


ثم إن رؤوس الأتراك أخذوا المعتز بعد خمسة أيام فأدخلوه حماماً وأكربوه حتى عطش ومنعوه الماء حتى كاد ثم سقوه ماء ثلج فسقط ميتاً رحمه الله وذلك في شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وعاش ثلاثاً وعشرين سنة.


ولما تولى خلع على محمد بن عبد الله بن طاهر خلعة الملك وقلده سيفين فأقام وصيف وبغا على وجل ابن طاهر ثم رضي المعتز عنهما وأعادهما إلى مرتبتهما وخلع على أخيه أبي أحمد خلعة الملك أيضاً وتوجه ورشحه وقلده سيفين وولي القضاء الحسن بن محمد بن أبي الشوارب الأموي وحسبت أرزاق جند الإسلام فكانت في السنة مائتي ألف ألف درهم ثم قبض المعتز على أخيه أبي أحمد ثم أطلقه مضطهداً.


وغلب على خراسان يعقوب بن الليث الصفار وأخذ هراة وغيرها وخرج بالكرج الأمير عبد العزيز بن أبي دلف فالتقاه موسى بن بغا وجرت ملحمة كبرى وقتل وصيف من كبار الأمراء.


ومات بمصر نائبها مزاحم بن خاقان.


وفيها أول ظهور الخبيث قائد الزنج واستباح البصرة وافترى أنه علوي.


وفيها التقى يعقوب الصفار وطوق بن المغلس متولي كرمان فأسر طوقاً ونزع الطاعة علي بن قريش ثم كتب إلى المعتز ليوليه خراسان ويقول: إن آل طاهر قد ضعفوا عن محاربة الصفار فكتب إليه بإمرة خراسان وكتب بمثل ذلك إلى الصفار ليغري بينهما ويشتغلا عنه فأسر الصفار ثابت بن قريش وهو طوق ثم غلب على شيراز ثم التقى ابن قريش فانتصر الصفار ودانت له الأمم وأسر ابن قريش وبعث إلى المعتز بهدايا وتحف ووثب صالح بن وصيف غضباً لمقتل أبيه فقيد كتاب المعتز أحمد بن إسرائيل والحسن بن مخلد وأبا نوح وصادرهم وقل ما في بيوت الأموال جداً ثم خلع المعتز واختفت أمه قبيحة ثم بذلت لصالح أموالاً فقتر عنها وظهر لها نحو من ثلاثة آلاف ألف دينار فقال ابن وصيف: قبحها الله عرضت ابنها للقتل لأجل خمسين ألف دينار يرضي بها الأتراك ثم قتل ابن وصيف أبا نوح وأحمد بن إسرائيل ووهى منصب الخلافة فلله الأمر.


وخلف من الولد عبد الله بن المعتز وحمزة.

 

المهتدي بالله

 

أمير المؤمنين المهتدي بالله أبو إسحاق وأبو عبد الله محمد بن الواثق هارون بن المعتصم محمد بن الرشيد العباسي.


مولده في دولة جده.


وبويع ابن بضع وثلاثين سنة لليلة بقيت من رجب سنة خمس وخمسين وما قبل مبايعة أحد حتى أحضر المعتز بالله فلما رآه قام له وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين وجلس بين يديه فجيء بشهود فشهدوا على المعتز أنه عاجز عن أعباء الإمامة وأقر بذلك ومد يده فبايع ابن عمه المهتدي بالله فارتفع حينئذ المهتدي إلى صدر المجلس وقال: لا يجتمع سيفان في غمد وأنشد قول ابن أبي ذؤيب:

 

تريدين كيما تجمـعـينـي وخـالـداً

 

وهل يجمع السيفان ويحك في غمد؟!

 

وكان المهتدي أسمر رقيقاً مليح الوجه ورعاً عادلاً صالحاً متعبداً بطلاً شجاعاً قوياً في أمر الله خليقاً للإمارة لكنه لم يجد معيناً ولا ناصراً والوقت قابل للإدبار.


نقل الخطيب عن أبي موسى العباسي أنه مازال صائماً منذ استخلف إلى أن قتل. وقال أبو العباس هاشم بن القاسم: كنت عند المهتدي عشية في رمضان فقمت لأنصرف فقال: اجلس فجلست فصلى بنا ودعا بالطعام فأحضر طبق خلاف عليه أرغفة وآنية فيها ملح وزيت وخل فدعاني إلى الأكل فأكلت أكل من ينتظر الطبيخ فقال: ألم تكن صائماً؟ قلت: بلى قال: فكل واستوف فليس هنا غير ما ترى؟! فعجبت ثم قلت: ولم يا أمير المؤمنين وقد أنعم الله عليك؟ قال: إني فكرت أنه كان في بني أمية عمر بن عبد العزيز فغرت على بني هاشم وأخذت نفسي بما رأيت.


قال ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو النضر المروزي قال لي جعفر بن عبد الواحد: ذاكرت المهتدي بشيء فقلت له: كان أحمد بن حنبل يقول به ولكنه كان يخالف كأني أشرت إلى آبائه فقال: رحم الله أحمد بن حنبل لو جاز لي لتبرأت من أبي تكلم بالحق وقل به فإن الرجل ليتكلم بالحق فينبل في عيني.


قال نفطويه: أخبرنا بعض الهاشميين أنه وجد للمهتدي صفط فيه جبة صوف وكساء كان يلبسه في الليل ويصلي فيه وكان قد اطرح الملاهي وحرم الغناء وحسم أصحاب السلطان عن الظلم وكان شديد الإشراف على أمر الدواوين يجلس بنفسه ويجلس بين يديه الكتاب يعملون الحساب ويلزم الجلوس يومي الخميس والإثنين وقد ضرب جماعة من الكبار ونفى جعفر بن محمود إلى بغداد لرفض فيه وقدم موسى بن بغا من الري فكرهه وبعث بعبد الصمد بن موسى الهاشمي يأمره بالرجوع فلم يفعل وعزل من القضاء ابن أبي الشوارب وحبسه وولى مكانه عبد الرحمن بن نائل البصري.


وفي أوائل خلافته عبأ موسى بن بغا جيشه وشهر السلاح بسامراء لقتل صالح بن وصيف بدم المعتز ولأخذه أموال أمه قبيحة وأموال الدواوين وصاحت الغوغاء على صالح: يا فرعون جاءك موسى فطلب موسى الإذن على المهتدي بالله فلم يأذن له فهجم بمن معه والمهتدي جالس في دار العدل فأقاموه وحملوه على أكدش وانتهبوا القصر ولما دخلوا دار ناجور أدخلوا المهتدي إليها وهو يقول: يا موسى اتق الله ويحك ما تريد؟!! قال: والله ما نريد إلا خيراً وحلف له لا نالك سوء ثم حلفوه أن لا يمالئ صالح بن وصيف فحلف لهم فبايعوه حينئذ ثم طلبوا صالحاً ليحاققوه فاختفى.

 

ورد المهتدي بالله إلى داره ثم قتل صالح شر قتلة فيما بعد.


وفي المحرم من سنة ست ذكر أن سيما الشرابي زعم أن امرأة جاءت بكتاب فيه نصيحة لأمير المؤمنين وإن طلبتموني فأنا في مكان كذا وكذا قال: فطلبت فلم تقع فجمع الأمراء وقال: هذا كتاب تعرفونه؟ فقال رجل: نعم هو خط صالح وفيه يذكر أنه مستخف بسامراء وأن الأموال علمها عند الحسن بن مخلد وكان كتابه دالاً على قوة نفسه فأشار المهتدي بالصلح فاتهمه ابن بغا وذووه ونافسوه ثم من الغد تكلموا في خلعه فقال باكيال: ويحكم! قتلتم ابن المتوكل وتريدون قتل هذا الصوام الدين! لئن فعلتم لأصيرن إلى خراسان ولأشنعن عليكم ثم خرج المهتدي وعليه ثياب بيض وتقلد سيفاً وأمر بإدخالهم إليه فقال: قد بلغني شأنكم ولست كالمستعين والمعتز والله ما خرجت إلا وأنا متحنط وقد أوصيت وهذا سيفي فلأضربن به ما استمسك بيدي أما دين أما حياء أما رعة؟ كم يكون الخلاف على الخلفاء والجرأة على الله؟ ثم قال: ما أعلم أين هو صالح قالوا: فاحلف لنا قال: إذا كان يوم الجمعة وصليت حلفت فرضوا وانفصلوا على هذا.


ثم ورد من فارس مال نحو عشرة آلاف ألف درهم فانتشر في العامة أن الأتراك على خلع المهتدي فثار العوام والقواد وكتبوا رقاعاً ألقوها في المساجد: معاشر المسلمين ادعوا لخليفتكم العدل الرضى المضاهي عمر بن عبد العزيز أن ينصره الله على عدوه. وراسل أهل الكرخ والدور المهتدي بالله في الوثوب على موسى بن بغا فجزاهم خيراً ووعدهم بالجميل وعاثت الزنج بالبصرة ويعقوب الصفار بخراسان وقتل المهتدي الأمير باكيال فثار أصحابه وأحاطوا بدار الجوسق فألقي الرأس إليهم وركب أعوان الخليفة فتمت ملحمة كبرى قتل فيها من الأتراك ألوف وقيل بل ألف في رجب سنة ست ثم أصبحوا على الحرب فركب المهتدي وصالح بن علي في عنقه المصحف يصيح: أيها الناس انصروا إمامكم فحمل عليه أخو باكيال في خمس مائة وخامر الأتراك الذين مع الخليفة إليه وحمي الوطيس وتفلل جمع المهتدي واستحر بهم القتل فولى والسيف في يده يقول: أيها الناس قاتلوا عن خليفتكم ثم دخل دار صالح بن محمد بن يزداد ورمى السلاح ولبس البياض ليهرب من السطح وجاء حاجب باكيال فأعلم به فهرب فرماه واحد بسهم ونفحه بالسيف ثم حمل إلى الحاجب فأركبوه بغلاً وخلفه سائس وضربوه وهم يقولون: أين الذهب؟ فأقر لهم بست مائة ألف دينار مودعة ببغداد فأخذوا خطه بها وعصر تركي على أنثييه فمات وقيل: أرادوا منه أن يخلع نفسه فأبى فقتلوه رحمه الله وبايعوا المعتمد على الله.


بنو المهتدي بالله: أبو جعفر عبد الله وأبو الحسن عبد الصمد وأبو بكر عبد الرحمن وأبو أحمد عبد الله وأبو الفضل هبة الله وفي ذريته علماء وخطباء.

 

المعتمد على الله

 

الخليفة أبو العباس وقيل: أبو جعفر أحمد بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم أبي إسحاق بن الرشيد الهاشمي العباسي السامري وأمه رومية اسمها فتيان.


ولد سنة تسع وعشرين ومائتين.


قال ابن أبي الدنيا: كان أسمر رقيق اللون أعين جميلاً خفيف اللحية.


قلت: استخلف بعد قتل المهتدي بالله في سادس عشر رجب سنة ست وخمسين ومائتين.


وقدم موسى بن بغا بعد أربعة أيام إلى سامراء وخمدت الفتنة وكان في حبس المهتدي بالجوسق فأخرجوه وبايعوه فضيق المعتمد على عيال المهتدي واستعمل أخاه أبا أحمد الموفق على سائر المشرق وعقد بولاية العهد لابنه جعفر ولقبه المفوض إلى الله واستعمله على مصر والمغرب وانهمك في اللهو واللعب واشتغل عن الرعية فكرهوه وأحبوا أخاه الموفق.


وفي رجب أيضاً استولت الزنج على البصرة والأبلة والأهواز وقتلوا وسبوا وهم عبيد العوام وغوغاء الأنذال الملتفين على الخبيث وقام بالكوفة علي بن زيد العلوي واستفحل أمره وهزم جيش الخليفة وظهر أخوه حسن بن زيد بالري فسار لحربه موسى بن بغا وحج بالناس محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور العباسي ونودي على صالح بن وصيف المختفي من جاء به فله عشرة آلاف دينار فاتفق أن غلاماً دخل درباً فرأى باباً مفتوحاً فمشى في الدهليز فرأى صالحاً نائماً فعرفه فأسرع إلى موسى بن بغا فأخبره فبعث جماعة أحضروه وذهبوا به مكشوف الرأس إلى الجوسق فبدره تركي من ورائه فأثبته واحتزوا رأسه قبل مقتل المهتدي بيسير فقال: رحم الله صالحاً فلقد كان ناصحاً.


وأما الصولي: فقال: بل عذبوه في حمام كما هو فعل بالمعتز حتى أقر بالأموال ثم خنق.


وقتلت الزنج بالأبلة نحو ثلاثين ألفاً فحاربهم سعيد الحاجب ثم قووا عليه وقتلوا خلقاً من جنده وتمت بينهم وبين العسكر وقعات.


وفيها قتل ميخائيل بن توفيل طاغية الروم قتله بسيل الصقلبي فكان دولة ميخائيل أربعاً وعشرين سنة.


وفي سنة 258 جرت وقعة بين الزنج وبين العسكر فانهزم العسكر وقتل قائدهم منصور ثم نهض أبو أحمد الموفق ومفلح في عسكر عظيم إلى الغاية لحرب الخبيث فانهزم جيشه ثم تهيأ وجمع الجيوش وأقبل فتمت ملحمة لم يسمع بمثلها وظهر المسلمون ثم قتل مقدمهم مفلح فانهزم الناس واستباحهم الزنج وفر الموفق إلى الأبلة وتراجعت إليه العساكر ثم التقى الزنج فانتصر وأسر طاغيتهم يحيى وبعث به إلى سامراء فذبح ووقع الوباء فمات خلائق ثم التقى الموفق الزنج فانكسر وقتل خلق من جيشه وتحيز هو في طائفة وعظم البلاء وكاد الخبيث أن يملك الدنيا وكان كذاباً ممخرقاً ماكراً شجاعاً داهية ادعى أنه بعث إلى الخلق فرد الرسالة وكان يدعي علم الغيب لعنه الله. ودخلت سنة تسع فعرض الموفق جيشه بواسط وأما الخبيث فدخل البطائح وبثق حوله الأنهار وتحصن فهجم عليه الموفق وأحرق وقتل فيهم واستنقذ من السبايا ورد إلى بغداد فسار خبيث الزنج إلى الأهواز فوضع السيف وقتل نحواً من خمسين ألفاً وسبى أربعين ألفاً فسار لحربه موسى بن بغا فتحاربا بضعة عشر شهراً وذهب تحت السيف خلائق من الفريقين فإنا لله وإنا إليه راجعون.


وفيها عصى كنجور فسار لحربه عدة أمراء فأسر وذبح وأقبلت الروم فنازلوا ملطية وسميساط فبرز القابوس بأهل ملطية فهزم الروم وقتل مقدمهم.


وفيها تملك يعقوب الصفار نيسابور وركب إلى خدمته نائبها محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر فعنفه وسبه واعتقله فبعث المعتمد يلوم الصفار ويأمره بالانصراف إلى ولايته فأبى واستولى على الإقليم ودانت له البلاد.


وفي سنة ستين التقى الصفار الحسن بن زيد العلوي فانهزم العلوي ودخل الصفار طبرستان والديلم واحتمى العلوي بالجبال فتبعه الصفار فهلك خلق من جيشه بالثلج ووقع الغلاء وأبيع ببغداد الكر بمائة وخمسين ديناراً وأخذت الروم مدينة لؤلؤة.


وفي سنة 261 مالت الديلم إلى الصفار ونابذوا العلوي فصار إلى كرمان.


وأما الزنج فحروبهم متتالية وسار يعقوب الصفار إلى فارس فالتقى هو وابن واصل فهزمه الصفار وأخذ له من قلعته أربعين ألف ألف درهم وأعيا المعتمد شأن الصفار وحار فلان له وبعث إليه بالخلع وبولاية خراسان وجرجان فلم يرض بذلك حتى يجيء إلى سامراء وأضمر الشر فتحول المعتمد إلى بغداد وأقبل الصفار بكتائب كالجبال فقيل: كانوا سبعين ألف فارس وثقله على عشرة آلاف جمل فأناخ بواسط في سنة اثنتين وستين وانضمت العساكر المعتمدية ثم زحف الصفار إلى دير عاقول فجهز المعتمد الملتقى أخاه الموفق وموسى بن بغا ومسروراً فالتقى الجمعان في رجب واشتد القتال فكانت الهزيمة أولاً على الموفق ثم صارت على الصفار وانهزم جيشه فقيل نهب منهم عشرة آلاف فرس ومن العين ألفا ألف دينار ومن الأمتعة ما لا يحصى وخلص ابن طاهر من الأسر ورجع الصفار إلى فارس ورد المعتمد بن طاهر إلى ولايته وأعطاه خمس مائة ألف درهم.


وأما الخبيث فاغتنم اشتغال الجيش فعمل كل قبيح من القتل والأسر.


وفيها ولي قضاء القضاة بسامراء علي بن محمد بن أبي الشوارب وكان أخوه الحسن قد توفي حاجاً وولي قضاء بغداد إسماعيل القاضي وفيها واقع المسلمون الزنج وهزموهم وقتلوا قائدهم الصعلوك.


وفي سنة ثلاث أقبل الصفار فاستولى على الأهواز.


وفي سنة أربع سار الموفق وابن بغا لحرب الزنج فمات ابن بغا وغزا المسلمون الروم وغنموا ثم بيتت الروم مقدم المسلمين ابن كاوس فأسروه جريحاً وغلبت الزنج على واسط ونهبوها وأحرقوها.


وغضب المعتمد على وزيره سليمان بن وهب وأخذ أمواله واستوزر الحسن بن مخلد وتمكن الموفق وبقي لا يلتفت على أحد وأظهر المنابذة وقصد سامراء فتأخر المعتمد أخوه ثم تراسلا ووقع الصلح وأطلق سليمان بن وهب وهرب الحسن بن مخلد.
وفي سنة 65 مات يعقوب بن الليث الصفار المتغلب على خراسان وفارس بالأهواز فقام بعده أخوه عمرو ودخل في الطاعة واستنابه الموفق على المشرق وبعث إليه بالخلع وقيل: بلغت تركة الصفار ثلاثة آلاف ألف دينار ودفن بجندسابور وكتب على قبره: هذا قبر المسكين يعقوب وكان في صباه يعمل في ضرب النحاس بدرهمين.


وفي سنة 66 أقبلت الروم إلى ديار ربيعة وقتلوا وسبوا وهرب أهل الجزيرة وتمت وقعة مع خبيث الزنج وظهروا فيها وسار أحمد بن عبد الله الخجستاني فهزم الحسن بن زيد العلوي وظفر به فقتله وحارب عمرو بن الليث الصفار وظهر على عمرو ودخل نيسابور وفتل وصادر واستباحت الزنج رامهرمز. وفي سنة سبع كروا على واسط وعثروا أهلها فجهز الموفق ولده أبا العباس الذي صار خليفة فقتل وأسر وغرق سفنهم ثم تجمع جيش الخبيث والتقوا بالعباس فهزمهم ثم التقوا ثالثاً فهزمهم ودام القتال شهرين ورغبوا في أبي العباس واستأمن إليه خلق منهم ثم حاربهم حتى دوخ فيهم ورد سالماً غانماً وبقي له وقع في النفوس وسار إليهم الموفق في جيش كثيف في الماء والبر ولقيه ولده والتقوا الزنج فهزموهم أيضاً وخارت قوى الخبيث وألح الموفق في حربهم ونازل طهثيا وكان عليها خمسة أسوار فأخذها واستخلص من أسر الخبثاء عشرة آلاف مسلمة وهدمها وكان المهلبي القائد مقيماً بالأهواز في ثلاثين ألفاً من الزنج فسار الموفق لحربه فانهزم وتفرق عسكره وطلب خلق منهم الأمان فأمنهم ورفق بهم وخلع عليهم ونزل الموفق بتستر وأنفق في الجيش ومهد البلاد وجهز ابنه المعتضد أبا العباس لحرب الخبيث فجهز له سفناً فاقتتلوا وانتصر أبو العباس وكتب كتاباً إلى الخبيث يهدده ويدعوه إلى التوبة مما فعل فعتا وتمرد وقتل الرسول فسار الموفق إلى مدينة الخبيث بنهر أبي الخصيب ونصب السلالم ودخلوها وملكوا السور فانهزمت الزنج ولما رأى الموفق حصانتها اندهش واسمها المختارة وهاله كثرة المقاتلة بها لكن استأمن إليه عدة فأكرمهم.


ونقلت تفاصيل حروب الزنج في تاريخ الإسلام فمن ذلك لما كان في شعبان سنة سبع برز الخبيث وعسكره فيما قيل في ثلاث مائة ألف ما بين فارس وراجل فركب الموفق في خمسين ألفاً وحجز بينهم النهر ونادى الموفق بالأمان فاستأمن إليه خلق ثم إن الموفق بنى بإزاء المختارة مدينة على دجلة سماها الموفقية وبنى بها الجامع والأسواق وسكنها الخلق واستأمن إليه في شهر خمسة آلاف وتمت ملحمة في شوال ونصر الموفق.


وفي ذي الحجة عبر الموفق بجيشه إلى ناحية المختارة وهرب الخبيث لكنه رجع وأزال الموفق عنها واستولى أحمد الخجستاني على خراسان وكرمان وسجستان وعزم على قصد العراق.


وفي سنة ثمان وستين تتابع أجناد الخبيث في الخروج إلى الموفق وهو يحسن إليهم وأتاه جعفر السجان صاحب سر الخبيث فأعطاه ذهباً كثيراً فركب في سفينة حتى حاذى قصر الخبيث فصاح إلى متى تصبرون على الخبيث الكذاب؟ وحدثهم بما اطلع عليه من كذبه وكفره فاستأمن خلق ثم زحف الموفق على البلد وهد من السور أماكن ودخل العسكر من أقطارها واغتروا فكر عليهم الزنج فأصابوا منهم وغرق خلق ورد الموفق إلى بلده حتى رم شعثه وقطع الجلب عن الخبيث حتى أكل أصحابه الكلاب والميتة وهرب خلق فسألهم الموفق فقالوا: لنا سنة لم نر الخبز وقتل بهبود أكبر أمراء الخبيث وقتل الخبيث ولده لكونه هم أن يخرج إلى المرفق وشد على أحمد الخجستاني غلمانه فقتلوه وغزا الناس مع خلف التركي فقتلوا من الروم بضعة عشر ألفاً.


وفي سنة تسع دخل الموفق المختارة عنوة ونادى الأمان وقاتل حاشية الخبيث دونه أشد قتال وحاز الموفق خزائن الخبيث وألقى النار في جوانب المدينة وجرح الموفق بسهم فأصبح على الحرب وآلمه جرحه وخافوا فخرجوا حتى عوفي ورم الخبيث بلده.


وفي السنة خرج المعتمد من سامراء ليلحق لصاحب مصر أحمد بن طولون وكان بدمشق فبلغ ذلك الموفق فأغرى بأخيه إسحاق بن كنداج فلقي المعتمد بين الموصل والحديثة وقال: يا أمير المؤمنين ما هذا؟ فأخوك في وجه العدو وأنت تخرج من مقر عزك! ومتى علم بهذا ترك مقاومة عدوك وتغلب الخارجي على ديار آبائك وهذا كتاب أخيك يأمرني بردك فقال: أنت غلامي أو غلامه؟ قال: كلنا غلمانك ما أطعت الله وقد عصيت بخروجك وتسليطك عدوك على المسلمين ثم قام ووكل به جماعة ثم إنه بعث إليه يطلب منه ابن خاقان وجماعة ليناظرهم فبعث بهم فقال لهم: ما جنى أحد على الإمام والإسلام جنايتكم أخرجتموه من دار ملكه في عدة يسيرة وهذا هارون الشاري بإزائكم في جمع كثير فلو ظفر بالخليفة لكان عاراً على الإسلام ثم رسم أيضاً عليهم وأمر المعتمد بالرجوع فقال: فاحلف لي أنك تنحدر معي ولا تسلمني فحلف وانحدر إلى سامراء فتلقاه كاتب الموفق صاعد فأنزله في دار أحمد بن الخصيب ومنعه من نزول دار الخلافة ووكل به خمس مائة نفس ومنع من أن يجتمع به أحد وبعث الموفق إلى ابن كنداج بخلع وذهب عظيم.


قال الصولي: تحيل المعتمد من أخيه فكاتب ابن طولون ومما قال:

 

أليس من العجائب أن مثلـي

 

يرى ما قل ممتنعاً عـلـيه

وتؤكل باسمه الدنيا جمـيعـاً

 

وما من ذاك شيء في يديه؟!

 

ولقب الموفق صاعد بن مخلد ذا الوزراتين ولقب ابن كنداج ذا السيفين فلما علم ابن طولون جمع الأعيان وقال: قد نكث الموفق بأمير المؤمنين فاخلعوه من العهد فخلعوه سوى القاضي بكار بن قتيبة فقال لابن طولون: أنت أريتني كتاب أمير المؤمنين بتوليته العهد فأرني كتابه بخلعه قال: إنه محجوز عليه قال: لا أدري قال: أنت قد خرفت لم وحبسه وأخذ منه عطاءه على القضاء عشرة آلاف دينار وأمر الموفق بلعنة أحمد بن طولون على المنابر وسار ابن طولون فحاصر المصيصة وبها خادم فسلط الخادم على جيش أحمد بثوق النهر فهلك منهم خلق وترحلوا وتخطفهم أهل المدينة ومرض أحمد ومات مغبوناً.


وفي شوال كانت الملحمة الكبرى بين الخبيث والموفق ثم وقعت الهزيمة على الزنج وكانوا في جوع شديد وبلاء لا خفف الله عنهم وخامر عدة من قواد الخبيث وخواصه وأدخل المعتمد في ذي القعدة إلى واسط ثم التقى الخبيث والموفق فانهزمت الزنج أيضاً وأحاط الجيش فحصروا الخبيث في دار الإمارة فانملس منها إلى دار المهلبي أحد قواده وأسرت حرمه فكان النساء نحو مائة فأحسن إليهن الموفق وأحرقت الدار ثم جرت ملحمة بين الموفق والخبيث في أول سنة سبعين ثم وقعة أخرى قتل فيها الخبيث لا رحمه الله وكان قد اجتمع من الجند ومن المطوعة مع الموفق نحو ثلاث مائة ألف وفي آخر الأمر شد الخبيث وفرسانه فأزالوا الناس عن مواقفهم فحمل الموفق فهزمهم وساق وراءهم إلى آخر النهر فبينا الحرب تستعر إذ أتى فارس إلى الموفق وبيده رأس الخبيث فما صدق وعرضه على جماعة فقالوا: هو هو فترجل الموفق والأمراء وخروا ساجدين لله وضجوا بالتكبير وبادر أبو العباس بن الموفق في خواصه ومعه رأس الخبيث على قناة إلى بغداد وعملت قباب الزينة وكان يوماً مشهوداً وشرع الناس يتراجعون إلى المدائن التي أخذها الخبيث وكانت أيامه خمس عشرة سنة.


قال الصولي: قد قتل من المسلمين ألف ألف وخمس مائة.


قلت: وكذا عدد قتلى بابك.


قال: وكان يصعد على منبره بمدينته ويسب عثمان وعلياً وطلحة وعائشة كمذهب الأزارقة وكان ينادي على المسبية العلوية في عسكره بدرهمين وكان عند الزنجي الواحد نحو عشر علويات يفترشهن ويخدمن امرأته وفي شعبان أعادوا المعتمد إلى سامراء في أبهة تامة.


وظهر بالصعيد أحمد بن عبد الله الحسني فحاربه عسكر مصر غير مرة ثم أسر وقتل.


وفيها أول ظهور دعوة العبيدية وذلك باليمن.


وفيها نازلت الروم في مائة ألف طرسوس فبيتهم يازمان الخادم فقيل: قتل منهم سبعون ألفاً وقتل ملكهم وأخذ منهم صليب الصلبوت.


فالحمد لله على هذا النصر العزيز الذي لم يسمع بمثله مع تمام المنة على الإسلام بمصرع الخبيث.


قالت أمه: أخذه أبوه مني وغاب سنين وتزوجت أنا وجاءني ولد ثم جاءني الغلام وقد مات أبوه باليمن فأقام عندي مدة لا يدع بالري أحداً عنده أدب أو حديث إلا خالطهم وعاشرهم.


وفي سنة 271 كانت الملحمة بين أبي العباس بن الموفق وبين صاحب مصر خمارويه بفلسطين وجرت السيول من الدماء ثم انهزم خمارويه وذهبت خزائنه ونزل أبو العباس في مضربه ولكن كان سعد الأعسر كميناً فخرج على أبي العباس بغتة فهزم جيشه ونجا هو في نفر يسير ونهب سعد وأصحابه ما لا يوصف.


وفي سنة 72 نزل أبو العباس بطرسوس وتراجع عسكره وآذوا أهل البلد فتناخوا وطردوهم واستولى هارون الشاري الخارجي وحمدان بن حمدون التغلبي على الموصل وقبض الموفق على ذي الوزارتين صاعد وأخذ أمواله واستكتب إسماعيل بن بلبل وهاجت بقايا الزنج بواسط وصاحوا: أنكلاي يا منصور وهو ولد الخبيث وكان في سجن بغداد هو والقواد: ابن جامع والمهلبي والشعراني فاخرجوا وصلبوا وسار الموفق إلى كرمان لحرب عمرو بن الليث الصفار وسار يازمان الخادم أمير الثغور فوغل في أرض الروم فقتل وسبى ورجع مؤيداً وأخذ عدة مراكب.


وفي سنة 76 وقع الرضى عن الصفار وكتب اسمه على الأعلام والأترسة وتمت بين محمد بن أبي الساج وخمارويه وقعات ثم انكسر محمد واتفق يازمان مع صاحب مصر وخطب له فبعث إليه خمارويه بخلع وذهب عظيم واستولى رافع بن هرثمة على طبرستان وعاد الموفق إلى بغداد مريضاً من نقرس ثم صار داء الفيل وقاسى بلاء فكان يقول: في ديواني مائة ألف مرتزق ما أصبح فيهم أسوأ حالاً مني ثم مات.


وفي سنة 78 ظهور القرامطة بأعمال الكوفة وحاصر يازمان الخادم حصناً للعدو فجاء حجر فقتله وكان مهيباً مفرط الشجاعة.


وفي سنة 79 خلع المفوض بن المعتمد من ولاية العهد وقدم عليه أبو العباس المعتضد بن الموفق نهض بذلك الأمراء.


وفيها منع أبو العباس القصاص والمنجمين وألزم الكتبيين أن لا يبيعوا كتب الفلسفة والجدل وضعف أمر عمه المعتمد معه ثم مات فجأة لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين ببغداد ونقل فدفن بسامراء فكانت خلافته ثلاثاً وعشرين سنة وثلاثة أيام وقيل: كان نحيفاً ثم سمن وأسرع إليه الشيب.


مات بالقصر الحسني مع الندماء والمطربين أكل في ذلك اليوم رؤوس الجداء فيقال: سم ومات معه من أكل منها وقيل: نام فغموه ببساط وقيل: سم في كأس وأدخلوا إليه إسماعيل القاضي والشهود فلم يروا به أثراً واستخلف أبو العباس المعتضد وكانت عريب جارية المعتمد ذات أموال جزيلة ولها في المعتمد مدائح وكان يسكر ويعربد على الندماء سامحه الله وكانت دولته بهمة أخيه الموفق لا بأس بها.


وللمعتمد من البنين: المفوض جعفر ومحمد وعبد العزيز وإسحاق وعبيد الله وعباس وإبراهيم وعيسى وعدة بنات وكتب له سليمان بن وهب ثم عبيد الله بن يحيى بن خاقان وغيرهما.