محمد بن عيسى

محمد بن عيسى

ابن يزيد الحافظ العالم الجوال أبو بكر التميمي الطرسوسي الثغري نزيل بلخ. حدث عن: أبي عبد الرحمن المقرئ وأبي نعيم وأبي اليمان وعفان وطبقتهم. وعنه ابن خزيمة وأبو عوانة الإسفراييني وأبو العباس الدغولي ومكي بن عبدان ومحمد بن أحمد بن محبوب وعبد الله بن إبراهيم بن الصباح الأصبهاني وآخرون. قال الحاكم: مشهور بالرحلة والفهم والتثبت أخذ عنه أهل مرو. وقال ابن عدي: هو في عداد من يسرق الحديث. قلت: توفي سنة سبع وسبعين ومئتين.

أخبرنا يحيى بن أحمد المشهدي: أخبرنا الشرف المرسي أخبرنا منصور ألفراوي أخبرنا عبد الجبار بن محمد أخبرنا البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس المحبوبي حدثنا محمد بن عيسى الطرسوسي حدثنا سنيد حدثنا يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قالت أم سليمان لسليمان: يا بني لا تكثر النوم بالليل فأن ذلك يدع صاحبه فقيرا يوم القيامة".

أبو حمزة البغدادي

شيخ الشيوخ أبو حمزة محمد بن إبراهيم البغدادي الصوفي. جالس بشراً الحافي والإمام أحمد وصحب السري بن المغلس. وكان بصيراً بالقراءات وكان كثير الرباط والغزو. حكى عنه: خير النساج ومحمد بن علي الكتاني وغير واحد. ومن كلامه: قال: علامة الصوفي الصادق أن يفتقر بعد الغنى ويذل بعد العز ويخفى بعد الشهرة وعلامة الصوفي الكاذب أن يستغني بعد الفقر ويعز بعد الذل ويشتهر بعد الخفاء. قال إبراهيم بن علي المريدي: سمعت أبا حمزة يقول: من المحال أن تحبه ثم لا تذكره وأن تذكره ثم لا يوجدك طعم ذكره ويشغلك بغيره. قلت: ولأبي حمزة انحراف وشطح له تأويل. ففي الحلية: عن عبد الواحد بن بكر حدثنا محمد بن عبد العزيز سمعت أبا عبد الله الرملي يقول: تكلم أبو حمزة في جامع طرسوس فقبلوه فصاح غراب فزعق أبو حمزة: لبيك لبيك فنسبوه إلى الزندقة وقالوا: حلولي وشهدوا عليه وطرد وبيع فرسه بالمناداة على باب الجامع: هذا فرس الزنديق. قال أبو نصر السراج صاحب اللمع: بلغني أنه دخل على الحارث المحاسبي فصاحت شاة: ماع فشهق وقال: لبيك لبيك يا سيدي فغضب الحارث وأخذ السكين وقال: أن لم تتب أذبحك.

أبو نعيم: حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم حدثنا أبو بدر الخياط سمعت أبا حمزة قال: بينا أنا أسير وقد غلبني النوم إذ وقعت في بئر فلم أقدر أطلع لعمقها فبينا أنا جالس اذ وقف على رأسها رجلان فقال أحدهما: نجوز ونترك هذه في طريق السابلة قال: فما نصنع قال: نطمها فهممت أن أقول: أنا فيها فتوقرت: تتوكل علينا وتشكو بلاءنا إلى سوأنا فسكت فمضيا ورجعا بشيء جعلاه على راس البئر غطوها به فقالت لي نفسي أمنت طمها ولكن حصلت مسجونا فيها فمكثت يومي وليلتي فلما كان من الغد ناداني شيء يهتف بي ولا أراه: تمسك بي شديداً فمددت يدي فوقعت على شيء خشن فتمسكت به فعلا وطرحني فتأملت فوق الأرض فذا هو سبع فلما رأيته لحقني شيء فهتف بي هاتف: يا أبا حمزة استنقذناك من البلاء بالبلاء وكفيناك ما تخاف بما تخاف.

وقيل: أن أبا حمزة تكلم يوماً على كرسيه ببغداد وكان يذكر الناس فتغير عليه حاله وتواجد فسقط عن كرسيه فمات بعد أيام. نقل الخطيب وفاته في سنة تسع وستين ومئتين. وأما السلمي فقال: توفي سنة تسع وثمانين ومئتين. قلت: تصحفت واحدة بالأخرى والصواب: ستين لا ثمانين.

وكذا ورخه ابن الأعرابي وقال: جاء من طرسوس فاجتمعوا عليه ببغداد وما زال مقبولاً حضر جنازته أهل العلم والنسك وغسله جماعة من بني هاشم وقدم الجنيد في الصلاة عليه فامتنع فتقدم ولده وكنت بائتاً في مسجده ليلة موته فأخبرت أنه كان يتلو حزبه حتى ختم تلك الليلة.

وكان صاحب ليل مقدماً في علم القرآن وخاصة في قراءة أبي عمرو وحملها عنه جماعة وكان سبب علته أن الناس كثروا فأتي بكرسي فجلس ومر في كلامه شيء اعجبه فردده وأغمي عليه فسقط وقد كان هذا يصيبه كثيراً فانصرف بين اثنين يوم الجمعة فتعلل ودفن في الجمعة الثانية بعد الصلاة وهو أول من تكلم في صفاء الذكر وجمع الهم والمحبة والشوق والقرب والأنس على رؤوس الناس وهو مولى لعيسى بن أبان القاضي وقد سمعته غير مرة يقول: قال لي أحمد بن حنبل: يا صوفي ما تقول في هذه المسألة.

الموفق

ولي عهد المؤمنين الأمير الموفق أبو أحمد طلحة ومنهم من سماه: محمدا ابن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد الهاشمي العباسي أخو الخليفة المعتمد وولي عهده ووالد أمير المؤمنين المعتضد وأمه أم ولد. ولد سنة تسع وعشرين ومئتين.

وعقد له أخوه بولاية العهد من بعد ولده جعفر في سنة أحدى وستين ومئتين فكان الموفق بيده العقد والحل لا يبرم أمر دونه وكان من أعلاهم رتبة وأنبلهم رأيا واشجعهم قلباً وأوفرهم هيبة وأجودهم كفاً وكان محبوباً إلى الرعية ولا سيما لما استؤصل الخبيث طاغوت الزنج على يديه فأنه ما زال يحاربه حتى ظفر به ولذا لقبه الناس الناصر لدين الله.

قال إسماعيل الخطبي: لم يزل أمر الموفق يقوى ويزيد حتى صار صاحب الجيش وكلهم تحت يده ولما غلب على الأمر حظر على المعتمد واحتاط عليه وعلى ولده ووكل بهم وأجرى الأمور مجاريها. مات في صفر سنة ثمأن وسبعين ومئتين. وكان قد غضب على ابنه وسجنه خوفا منه فلما احتضر أخرجه وفوض إليه منصبه.

أبو أحمد القلانسي

شيخ الصوفية القدوة أبو أحمد مصعب بن أحمد البغدادي صاحب أبي حمزة وماتا في وقت. حكى عنه: الواعظ علي بن محمد المصري وغيره. قال ابن الأعرابي: الحكايات عن أخلاقه ومذاهبه يطول بها الكتاب صحب أبا عثمان والوراق وسافر مع عبد الله الرباطي وكان مقدماً على جميع مريدي بغداد لما كان فيه من السخاء والأخلاق ومراعاته مذاهب النسك مع طيب القلب ورقته وعلو الإشارة وشدة الاحتراق وعبارته كانت دون إشارته وله نكت وإشارات صحبته إلى أن مات فما رأيته بيت درهماً يتكلم في الأحوال والمقامات وكان النوري يقدمه في ذلك.

قال منبه البصري: سافرت مع أبي أحمد فجعنا جوعاً شديداً ففتح علينا بشيء من طعام فآثرني به وكان معنا سويق فقال: يا منبه تكون جملي يمزح قلت: نعم فكان يؤجرني السويق.

قال ابن الأعرابي: كان أبو أحمد يكرمه من أدركت كأبي حمزة وسعد الدمشقي والجنيد وابن الخلنجي ويحبونه ثم أنه تزوج فما أغلق باباً ولا ادخر شيئاً عن أصحابه وحضرنا ليلة عرسه ومعنا الجنيد ورويم ومعنا قارئ يقول قصائد في الزهد فما زال أبو أحمد عامة ليله في النحيب والحركة إلى أن قال: وحج سنة سبعين ومئتين فمات بمكة بعد ذهاب الوفد فصلي عليه أمير مكة.

قال الخلدي: قال لي أبو أحمد القلانسي: فرق رجل أربعين ألفاً على ألفقراء فقال لي سمنون: أما ترى ما أنفق هذا وما قد عمله ونحن لا نرجع إلى شيء ننفقه فامض بنا إلى موضع فذهبنا إلى المدائن فصلينا أربعين ألف ركعة.

صاحب الأندلس

مر مع آبائه وهو: الأمير أبو عبدالله محمد بن صاحب الأندلس عبد الرحمن بن الحكم بن هاشم بن الداخل عبد الرحمن بن معاوية بن الخليفة هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشي الأموي المرواني القرطبي. من خيار ملوك المروانية كان ذا فضل وديانة وعلم وفصاحة وإقدام وشجاعة وعقل وسياسة. بويع بعد أبيه فس سنة ثمان وثلاثين ومئتين على مدائن الأندلس وكان كثير الغزو والتوغل في بلاد الروم يبقى في الغزوة السنة والسنتين قتلاً وسبياً. قال الحافظ بقي بن مخلد: ما رأيت ولا علمت أحدا من الملوك أبلغ لفظاً من الأمير محمد بن عبد الرحمن ولا أفصح ولا أعقل منه. قال سبط ابن الجوزي: هو صاحب وقعة سليط وهي ملحمة عظمى يقال: أنه قتل فيها ثلاث مئة ألف كافر وهذا شيء ما سمع بمثله قط ومدحته الشعراء. مات في صفر سنة ثلاث وسبعين ومئتين. وقام بعده ابنه المنذر فلم تطل أيامه.

المروذي

الإمام القدوة الفقيه المحدث شيخ الإسلام أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي نزيل بغداد وصاحب الإمام أحمد وكان والده خوارزميا وأمه مروذية. ولد في حدود المئتين. وحدث عن: أحمد بن حنبل ولازمه وكان أجل أصحابه وعن: هارون بن معروف ومحمد بن المنهال الضرير وعبيد الله بن عمر القواريري وسريج بن يونس ومحمد بن عبد الله بن نمير وعثمان بن أبي شيبة والعباس بن عبد العظيم ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة وخلق سواهم. روى عنه: أبو بكر الخلال ومحمد بن عيسى بن الوليد ومحمد بن مخلد العطار وعبد الله الخرقي والد الفقيه أبي القاسم وأبو حامد أحمد ابن عبدالله الحذاء وآخرون. قال الخلال: أخبرنا محمد بن جعفر الراشدي سمعت إسحاق بن داود يقول: لا أعلم أحدا أقوم بأمر الإسلام من أبي بكر المروذي. وقال أبو بكر بن صدقة: ما علمت أحدا أذب عن دين الله من المروذي. قال الخلال: سمعت المروذي يقول: كان أبو عبد الله يبعث بي في الحاجة فيقول: قل ما قلت فهو على لساني فأنا قلته.

قال الخلال: خرج أبو بكر إلى الغزو فشيعوه إلى سامراء فجعل يردهم فلا يرجعون قال: فحزروا فإذا هم بسامراء سوى من رجع نحو خمسين ألفا فقيل له يا أبا بكر: أحمد الله فهذا علم قد نشر لك فبكى وقال: ليس هذا العلم لي أنما هو لأبي عبد الله أحمد. قال الخطيب في المروذي: هو المقدم من أصحاب أحمد لورعه وفضله وكان أحمد يأنس به وينبسط إليه وهو الذي تولى إغماضه لما مات وغسله وقد روى عنه مسائل كثيرة. وقيل لعبد الوهاب الوراق: أن تكلم أحد في أبي طالب والمروذي أما البعد منه أفضل قال: نعم من تكلم في أصحاب أحمد ثم اتهمه فاتهمه فأن له خبئة سوء وأنما يريد أحمد. الخلال: حدثنا أحمد بن حمدون قال المروذي: رأيت كان القيامة قد قامت والملائكة حول بني آدم ويقولون: قد أفلح الزاهدون اليوم في الدنيا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا أحمد هلم إلى العرض على الله. قال: فرأيت أحمد والمروذي وحده خلفه وقد رؤي أحمد راكباً فقيل: إلى أين يا أبا عبد الله قال: إلى شجرة طوبى نجلو أبا بكر المروذي.
قال الخلال: المروذي أول أصحاب أبي عبد الله واورعهم روى عن أبي عبد الله مسائل مشبعة كثيرة وأغرب على أصحابه في دقائق المسائل وفي الورع وهو الذي غمض أبا عبد الله وغسله ولم يكن أبو عبد الله يقدم عليه أحداً. توفي أبو بكر في جمادى الأولى سنة خمس وسبعين ومئتين. وكان إماما في السنة شديد الاتباع له جلالة عجيبة ببغداد.

حدثنا إبراهيم بن إسماعيل القرشي في كتابه عن أسعد بن روح وعائشة بنت معمر قالا: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء أخبرنا أحمد ابن محمود أخبرنا أبو بكر بن المقرئ حدثنا محمد بن دبيس ببغداد حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي حدثنا محمد بن أبي بكر البصري حدثنا سلام عن ثابت عن أنس قال: أوحى الله تعالى إلى يوسف: يا يوسف: من نجاك من القتل إذ هم إخوتك بقتلك قال: أنت يا رب قال: فمن نجاك من المرأة إذ هممت بها قال: أنت قال: فما بالك نسيتني وذكرت مخلوقاً قال: يا رب كلمة تكلم بها لساني ووجب قلبي قال: وعزتي لأخلدنك في السجن سنين. غريب موقوف.

أنبأنا شيخ الإسلام عبد الرحمن بن أبي عمر: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا يحيى بن علي أخبرنا محمد بن علي العباسي أخبرنا عمر ابن إبراهيم الكتأني حدثنا أحمد بن عبد الله الحذاء حدثنا أحمد بن اصرم وأبو بكر المروذي قالا: حدثنا محمد بن نوح رفيق أحمد بن حنبل حدثنا إسحاق الأزرق عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" كل امة بعضها في الجنة وبعضها في النار إلا هذه الأمة فأنها كلها في الجنة".

ومات سنة مع المروذي: أحمد بن ملاعب والحسين بن محمد بن أبي معشر وأبو داود صاحب السنن وأبو عوف البزوري ويحيى بن أبي طالب وأحمد بن محمد بن غالب غلام خليل ومحمد بن أصبغ بن الفرج وفهد بن سليمان الدلال.

أبو قلابة

الإمام الحافظ القدوة العابد محدث البصرة أبو قلابة عبد الملك بن الحافظ محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم الرقاشي البصري. ولد سنة تسعين ومئة. وسمع في حداثته من: يزيد بن هارون وروح بن عبادة وأبي عامر العقدي وعبد الله بن بكر السهمي وأبي عاصم النبيل وأبي عتاب سهل ابن حماد الدلال وعبيد بن عقيل الهلالي وعمر بن حبيب العدوي ويعقوب الحضرمي وسعد بن الربيع أبي زيد الهروي وعون بن عمارة ووالده محمد بن عبد الله وخلق سواهم. وكان أحد الأذكياء المذكورين.

حدث عنه: ابن ماجه وابن صاعد وأبو بكر النجاد وأبو سهل القطان وإبراهيم بن علي الهجيمي وأبو بكر الشافعي وأبو جعفر بن البختري والحافظ حفص بن عمر الأردبيلي وأبو سعيد بن الأعرابي وعلي بن الفضل البلخي الحافظ وإسحاق بن إبراهيم الجرجأني البحري وخلق كثير.

قال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ لكونه يحدث من حفظه.

وقال أحمد بن كامل القاضي: قيل أن أبا قلابة كان يصلي في اليوم والليلة أربع مئة ركعة قال: ويقال: أنه حدث من حفظه بستين ألف حديث. وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: أمين مأمون كتبت عنه. وقال محمد بن جرير الطبري: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي قلابة الرقاشي. قلت: توفي في شوال سنة ست وسبعين ومئتين.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه في كتابه أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا هبة الله بن الحصين أخبرنا أبو طالب بن غيلان أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله حدثنا أبو قلابة سنة حدثنا يعقوب الحضرمي وسعيد بن عامر قالا حدثنا شعبة عن سفيان ح: وحدثنا أبو قلابة حدثنا أبو عاصم حدثنا سفيان عن علي بن الأقمر عن أبي جحيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أما أنا فلا آكل متكئا".

قرأت على عبد الحافظ بن بدران أخبرنا أبو محمد بن قدامة أخبرنا محمد بن الحسين الحاجب أخبرنا طراد بن محمد أخبرنا ابن حسنون حدثنا محمد بن عمرو الرزاز حدثنا عبد الملك بن محمد حدثنا يحيى بن طلحة إملاء سنة ست ومئتين سمعت سعيد بن جمهان يحدث عن سفينة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" احملوا عليه فأنه سفينة". هذا حديث حسن من العوالي بل هو أعلى ما وقع لأبي قلابة. قيل: أن أم أبي قلابة أريت وهي حامل به كانها ولدت هدهداً فقال لها عابر: أن صدقت رؤياك تلدين ولداً يكثر الصلاة.

رغيف

الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن عبد الله بن القاسم التميمي البصري الوراق ولقبه رغيف. سمع: عبيد الله بن معاذ وصالح بن حاتم بن وردان. وعنه: محمد بن مخلد وأبو سعيد بن الأعرابي.

توفي سنة تسع وستين ومئتين.

الفسوي - ت،س -

الإمام الحافظ الحجة الرحال محدث اقليم فارس أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي من أهل مدينة فسا ويقال له: يعقوب بن أبي معاوية. مولده في حدود عام تسعين ومئة في دولة الرشيد: وله تاريخ كبير جم الفوائد ومشيخته في مجلد رويناها. ارتحل إلى الأمصار ولحق الكبار.

وسمع: أبا عاصم النبيل وعبيد الله بن موسى والأنصاري ومكي ابن إبراهيم وأبا عبد الرحمن المقرئ وأبا نعيم وعبد الله بن رجاء وأبا مسهر الغساني وعون بن عمارة وحبان بن هلال وسعيد بن أبي مريم وأبا الجماهر محمد بن عثمان وحجاج بن منهال وسعيد بن منصور وعبد الحميد بن بكار البيروتي وصفوان بن صالح وطبقتهم.

حدث عنه: أبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي وإبراهيم ابن أبي طالب والحسن بن سفيان ألفسوي وعبد الرحمن بن خراش وأبو بكر بن أبي داود وأبو بكر بن خزيمة ومحمد بن حمزة بن عمارة الأصبهاني وأبو عوانة الإسفراييني وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي وهو راويته وخاتمة أصحابه.

قال الفسوي: وخرجت في سنة تسع عشرة فسمعت من آدم بن أبي اياس وأبي اليمان والوحاظي ومشايخ فلسطين ودمشق قال: وسمعت من هشام بن عمار في سنة اثنتين وأربعين. قال النسائي: لا بأس به. وجوان قيده الأمير بضم الجيم. وروي عن الحافظ أبي عبد الرحمن النهاوندي أنه سمع الفسوي يقول: كتبت عن ألف شيخ وكسر كلهم ثقات. قلت: ليس في مشيخته إلا نحو من ثلاث مئة شيخ فأين الباقي ثم في المذكورين جماعة قد ضعفوا.

قال الحافظ أبو إسحاق بن حمزة: سمعت أبي يقول: كنت رحلت إلى يعقوب بن سفيان فبقيت عنده ستة أشهر فقلت له: طال مقامي عندك ولي والدة فقال: رددت الباب على والدتي ثلاثين سنة. وعن محمد بن القاسم بن بشر: سمعت محمد بن يزيد ألفسوي العطار سمعت يعقوب بن سفيان يقول: كنت في رحلتي في طلب الحديث فدخلت إلى بعض المدن فصادفت بها شيخاً احتجت إلى الإقامة عليه للاستكثار عنه وقلت نفقتي وبعدت عن بلدي فكنت أدمن الكتابة ليلاً وأقرا عليه نهاراً فلما كان ذات ليله كنت جالساً أنسخ وقد تصرم الليل فنزل الماء في عيني فلم أبصر السراج ولا البيت فبكيت على أنقطاعي وعلى ما يفوتني من العلم فاشتد بكائي حتى اتكأت على جنبي فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فناداني: يا يعقوب بن سفيان لم أنت بكيت فقلت: يا رسول الله ذذهب بصري فتحسرت على ما فاتني من كتب سنتك وعلى الانقطاع عن بلدي فقال: أدن مني فدنوت منه فأمر يده علي عيني كانه يقرأ عليهما قال: ثم استيقظت فأبصرت وأخذت نسخي وقعدت في السراج أكتب.

قال محمد بن إسماعيل الفارسي: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: قدم علينا رجلان من نبلاء الرجال أحدهما وأجلهما يعقوب بن سفيان أبو يوسف يعجز أهل العراق أن يروا مثله رجلاً وذكر الثاني: حرب بن إسماعيل الكرماني فقال: هذا من الكتاب عني. أبو بكر الإسماعيلي: حدثنا محمد بن داود بن دينار الفارسي حدثنا يعقوب بن سفيان العبد الصالح بحديث ساقه.

الحافظ أبو ذر: سمعت أبا بكر أحمد بن عبدان يقول قدم يعقوب بن الليث الصفار صاحب خرسان إلى فارس فأخبر أن هناك رجلاً يتكلم في عثمان بن عفان وأراد بالرجل يعقوب الفسوي فأنه كان يتشيع فأمر بإحضاره من فسا إلى شيراز فلما أن قدم علم الوزير ما وقع في قلب السلطان فقال: أيها الملك أن هذا الرجل قد قدم ولا يتكلم في أبي محمد عثمان بن عفان شيخنا يريد بشيخه السجزي وأنما يتكلم في عثمان ابن عفان صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فلما سمع ذلك قال: مالي ولأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توهمت أنه يتكلم في عثمان بن عفان السجزي فلم يعرض له. قلت: هذه حكاية منقطعة فالله أعلم وما علمت يعقوب الفسوي إلا سلفياً وقد صنف كتاباً صغيراً في السنة. قال أبو الشيخ: سمعت أحمد بن محمود بن صبيح يقول: مات يعقوب بن سفيان بفسا في سنة سبع وسبعين ومئتين ومات قبل أبي حاتم الرازي بشهر.

أخبرنا محمد بن محمد بن صاعد القاضي أخبرنا الحسن بن أحمد الأوقي أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا أحمد بن علي الطريثيثي أخبرنا أبو علي بن شاذان أخبرنا عبدالله بن درستويه أخبرنا يعقوب بن سفيان أخبرنا حاتم القزاز حدثنا زنفل العرفي. حدثنا ابن أبي مليكة عن عائشة عن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أمرا قال" اللهم خر لي واختر لي". ومات معه أبو حاتم الرازي ومحمد بن الجهم وإبراهيم ابن أبي العنبس القاضي والحسن بن سلام السواق ومحمد بن الحسين الحنيني وعلي بن الحسن بن عبدويه الخزاز وعيسى زغات. ابن ديزيل

الإمام الحافظ الثقة العابد أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين ابن علي الهمدأني الكسائي ويعرف بابن ديزيل. وكان يلقب بدابة عفان لملازمته له ويلقب بسيفنة وسيفنة: طائر ببلاد مصر لا يكاد يحط على شجرة إلا أكل ورقها حتى يعريها. فكذلك كان إبراهيم إذا ورد على شيخ لم يفارقه حتى يستوعب ما عنده. سمع بالحرمين ومصر والشام والعراق والجبال وجمع فأوعى. ولد قبل المئتين بمديدة.

وسمع: أبا نعيم وأبا مسهر ومسلم بن إبراهيم وعفان وأبا اليمان وسليمان بن حرب وآدم بن أبي اياس وعلي بن عياش وعمرو ابن طلحة القناد وعتيق بن يعقوب و أبا الجماهر والقعنبي وعبد السلام بن مطهر وقرة بن حبيب ويحيى الوحاظي وأصبغ بن الفرج وإسماعيل بن أبي أويس وعيسى قالون ونعيم بن حماد و يحيى بن بكير وطبقتهم.

حدث عنه: أبو عوانة وأحمد بن هارون البرديجي وأحمد بن مروان الدينوري وأبو الحسن علي بن إبراهيم القطان وعلي بن حمشاذ النيساربوري وعمر بن حفص المستملي وأحمد بن صالح البروجردي وعبد السلام بن عبديل وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب وأحمد بن عبيد وأحمد بن محمد المقرئ وإبراهيم بن أحمد بن أبي غأنم وعمر ابن سهل الحافظ وأحمد بن إسحاق بن نيخاب ومحمد بن عبد الله بن برزة والروذراوري وخلق كثير.وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً. قال الحاكم: هو ثقة مأمون. وقال ابن خراش: صدوق اللهجة. قلت: إليه المنتهى في الإتقان روي عنه أنه قال: إذا كان كتابي بيدي وأحمد بن حنبل عن يميني ويحيى بن معين عن شمالي ما أبالي يعني: لضبط كتبه.
قال صالح بن أحمد في تاريخ همذان: سمعت جعفر بن أحمد يقول: سألت أبا حاتم الرازي عن ابن ديزيل فقال: ما رأيت ولا بلغني عنه إلا صدق وخير وكان معنا عند سليمان بن حرب وابن الطباع.

قلت: فعند أبي صالح قال: لا أحفظه قلت: فعند عفان قال:ولا أحفظه غير أني قد التقيت معه في غير موضع وليس كل الناس رأيتهم أنا عند المحدثين قال جعفر: فعارضني رجل فقال: يا أبا حاتم يذكر أن عنده عن عفان ثلاثين ألف حديث قال أبو حاتم: من ذكر أن عنده عن عفان ثلاثين ألف حديث فقد كذب كان عسراً في التحديث كنت أختلف اليه ثلاثة عشر شهراً ما كتبت عنه إلا مقدار خمس مئة حديث قلت: يا أبا حاتم نكذب على إبراهيم.

قال صالح: سمعت القاسم بن أبي صالح سمعت إبراهيم يقول: سمعت حديث همام عن أبي جمرة من عفان أربع مئة مرة لأنه كان يسأل عنه ولما دعي عفان للمحنة كنت أخذاً بلجام حماره قال صالح: فمن تكون مواظبته هكذا لا يكاد أن يبقي عنده شيئاً. وسمعت أبا جعفر بن عبيد يقول: سألت إبراهيم بن الحسين عن محمد بن عبد العزيز الدينوري فقال: رأيته عند أبي نعيم وليس حده أن يكذب ولعله أدخل عليه فيما أنكروا عليه.

قال: سمعت القاسم بن أبي صالح سمعت إبراهيم يقول: كنت بالمدينة ووافى محمد بن عبد الجبار سندول فأفدته عن إسماعيل بن أبي اويس وكان إسماعيل يكرمه فلما دخل عليه اجلسه معه على السرير وقمت أنا عند الباب فجعل محمد يسأل إسماعيل فبصر بي فقال: هذا من عمل ذاك المكدي اخرجوه فأخرجت ثم خرجت مع محمد إلى مكة فجعلت أذاكره في الطريق فتعجب وقال: من أين لك هذا قلت: هذا سماع المكدين.

وسمعت القاسم سمعت يحيى الكرابيسي يقول: صححنا كتبنا بإبراهيم ومر يوماً حديث فقال يحيى: قد كنا سمعناه فقال إبراهيم: سمعتموه بالفارسية وتسمعونه اليوم بالعربية.

وسمعت من أصحابنا من يحكي عن ابن وهب الدينوري قال: كنا نذاكر إبراهيم بالحديث فتذاكرنا بالقماطر. وسمعت أبي يحكي عن ابن ماجة القزويني أنه قال: منعني الخروج إلى إبراهيم قلة ذات اليد.

وسمعت أحمد بن محمد يقول: لما وافى إبراهيم قال لي الدحيمي: قد وافى إبراهيم بن الكسائي فنحضر غداً مجلسه فلما حضرنا قال إبراهيم: أول ما نذاكر: حدثنا آدم بن أبي إياس فصعب على الدحيمي وقال: لا قلت خيراً قلت: تقول هذا قال: قد سوانا مع الصبيان.
قال صالح بن أحمد الحافظ: سمعت أبي سمعت علي بن عيسى يقول: إن الإسناد الذي يأتي به إبراهيم لو كان فيه أن لا يؤكل الخبز لوجب أن لا يؤكل لصحة إسناده.

قال الحاكم: بلغني أن ابن ديزيل قال: كتبت حديث أبي جمرة عن ابن عباس عن عفان وسمعته منه أربع مئة مرة.

قال القاسم بن أبي صالح: سمعت إبراهيم بن ديزيل يقول: قال لي يحيى بن معين: حدثني بنسخة الليث عن ابن عجلان فإنها فاتتني على أبي صالح فقلت: ليس هذا وقته قال: متى يكون قلت: إذا مت. قلت: عنى أني لا أحدث في حياتك فاساء العبارة.

لا تلمني على ركاكة عقلي

 

إن تيقنت أنني همـذانـي

 

قال القاسم بن أبي صالح: جاء أيام الحج أبو بكر محمد بن الفضل القسطاني وحريش بن أحمد إلى إبراهيم بن الحسين فسألاه عن حديث الإفك رواية الفروي عن مالك فحانت منه التفاته فقال له الزعفراني: يا أبا إسحاق تحدث الزنادقة قال: ومن الزنديق قال: هذا إن أبا حاتم الرازي لا يحدث حتى يمتحن فقال: أبو حاتم عندنا أمير المؤمنين في الحديث والامتحان دين الخوارج من حضر مجلسي فكان من أهل السنة سمع ما تقر به عينه ومن كان من أهل البدعة يسمع ما يسخن الله به عينه فقاما ولم يسمعا منه. وقد طول الحافظ شيرويه ترجمة إبراهيم وذكر فيها بلا سند أنه قال إبراهيم: كتبت في بعض الليالي فجلست كثيراً وكتبت ما لا أحصيه حتى عييت ثم خرجت أتأمل السماء فكان أول الليل فعدت إلى بيتي وكتبت إلى أن عييت ثم خرجت فإذا الوقت آخر الليل فأتممت جزئي وصليت الصبح ثم حضرت عند تاجر يكتب حساباً له فورخه يوم السبت فقلت سبحان الله أليس اليوم الجمعة فضحك وقال: لعلك لم تحضر أمس الجامع قال: فراجعت نفسي فإذا أنا قد كتبت لليلتين ويوما.
قال أبو يعلى الخليلي في مشايخ ابن سلمة القطان قال: إبراهيم يسمى: سيفنة لكثرة ما يكون في كمه من الأجزاء قال: كان يكون في كمي خمسون جزئاً في كل جزء ألف حديث إلى أن قال: وهو مشهور بالمعرفة بهذا الشأن. وقال: مات سنة سبع وسبعين ومئتين كذا قال فوهم.
وروي عن عبد الله بن وهب الدينوري قال: كنا نذاكر إبراهيم بن الحسين فيذاكرنا بالقمطر نذكر حديثاً واحداً فيقول: عندي منه قمطر يريد طرقه وعلله واختلاف الفاظه.
والصحيح من وفاته ما أرخه علي بن الحسين الفلكي فقال: في آخر شعبان سنة إحدى وثمانين ومئتين وكذا أرخ القاسم بن أبي صالح.
أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الخالق بن علوان ببعلبك أخبرنا البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم أخبرنا عبد الحق اليوسفي أخبرنا علي بن محمد العلاف أخبرنا عبد الملك بن محمد الواعظ اخبرنا أحمد بن إسحاق الطيبي حدثنا إبراهيم بن الحسين بهمذان حدثنا عفان حدثنا مبارك عن الحسن أخبرني أبو بكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي فإذا سجد وثب الحسن بن علي على ظهره أو على عنقه فيرفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعا رفيقا لئلا يصرع فعل ذلك غير مرة فلما قضى صلاته قالوا: يا رسول الله رأيناك صنعت بالحسن شيئاً ما رأيناك صنعته بأحد قال: "إنه ريحانتي من الدنيا وأن ابني هذا سيد وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين".
هذا حديث حسن من حسنات الحسن تفرد به عن أبي بكرة الثقفي الحسن بن أبي الحسن ومبارك بن فضالة: شيخ حسن.
وفيها مات: أحمد بن إسحاق الوزان وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وأبو بكر بن أبي الدنيا وعثمان بن خرزاذ وأبو زرعة الدمشقي وعبد الله بن محمد بن النعمان بأصبهان.

الحسن بن سلام

الإمام الثقة المحدث أبو علي البغدادي السواق.
حدث عن: عبيد الله بن موسى وأبي عبد الرحمن المقرئ وعمرو بن حكام وأبي نعيم وعفان بن مسلم وعدة. حدث عنه: ابن صاعد وإسماعيل الصفار وعثمان بن السماك وأبو بكر النجاد وأبو بكر الشافعي وخلق سواهم. قال أبو بكر الخطيب: ثقة صدوق. قال أبو بكر الشافعي: مات في صفر سنة سبع وسبعين ومئتين.

الحسن بن مكرم

الإمام الثقة أبو علي البغدادي البزاز.
سمع: علي بن عاصم ويزيد بن هارون وروح بن عبادة وأبا النضر هاشم بن القاسم وطائفة.
حدث عنه: القاضي المحاملي وإسماعيل الصفار وأبو بكر النجاد وأبو سهل بن زياد وآخرون.
وثقه الخطيب. توفي في شهر رمضان سنة أربع وسبعين ومئتين.

أبو عصيدة

الشيخ العالم المحدث أبو جعفر أحمد بن عيد بن ناصح بن بلنجر الديلمي ثم البغدادي الهاشمي مولاهم الملقب بأبي عصيدة. حدث عن: علي بن عاصم ويزيد بن هارون وأبي داود الطيالسي وعبد الله بن بكر والأصمعي ومحمد بن مصعب القرقساني وعدة.
حدث عنه: علي بن محمد المصري الواعظ ومحمد بن جعفر الأدمي وعبد الله بن إسحاق الخرساني وعدة. في حديثه مناكير. قال ابن عدي: كان يسكن بسر من رأى يحدث عن الأصمعي ومحمد بن مصعب بمناكير وهو صاحب موعظة الأوزاعي للمنصور وتفرد به قلت: قد تابعه أحمد الحوطي قال: وأبو عصيدة مع هذا كله من أهل الصدق. قلت: كان رأساً في العربية.

مات في سنة ثمان وسبعين ومئتين وكان من أبناء التسعين رحمه الله. وفيها مات إبراهيم بن الهيثم البلدي وعبد الكريم الديرعاقولي ومحمد بن شداد المسمعي وموسى بن سهل الوشاء وهاشم بن مرثد الطبراني وموسى بن عيسى بن المنذر الحمصي وأبو أحمد الموفق بالله ولي العهد. إسحاق بن سيار

ابن محمد: الإمام الحافظ الثبت أبو يعقوب النصيبي. سمع: عبد الله بن داود الخريبي وأبا عاصم النبيل وأبا النضر هاشم بن القاسم وطبقتهم وجمع وصنف. قال ابن عساكر: إسحاق بن سيار بن محمد بن مسلم النصيبي حدث عن: عبيد الله بن موسى والخريبي ويحيى البابلتي وأبي نعيم وأبي مسهر وأبي النضر ومحمد بن جهضم وجنادة بن محمد. حدث عنه: جعفر الفريابي وابن صاعد ومحمد بن يوسف الهروي وأحمد بن نصر بن بجير وخيثمة بن سليمان ومحمد بن حمدون ابن خالد وآخرون. قال محمد بن حمدون في بعض أماليه: حدثنا إسحاق بن سيار إمام الأئمة حدثنا إبراهيم بن زكريا فذكر حديثاً.
وقال ابن أبي حاتم: كتب إلي إسحاق بن سيار ببعض حديثه وكان صدوقاً ثقة. قال أبو عروبة الحراني: مات بنصيبين في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين ومئتين. قال ابن أبي حاتم: كان إسماعيل القاضي يقول: ما بقي في زماننا أحد تجب الرحلة إليه غير إسحاق بن سيار وأبي حاتم الرازي ويعقوب الفسوي.
أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي أخبرنا الفتح بن عبد الله حدثنا أبو الفضل الأرموي ومحمد بن أحمد الطرائفي وابن الداية قالوا: أخبرنا أبوجعفر بن المسلمة أخبرنا أبو الفضل الزهري حدثنا جعفر الفريابي حدثنا إسحاق بن سيار حدثنا أبو صالح حدثنا معاوة بن صالح عن المهاصر بن حبيب: أن عيسى بن مريم كان يقول: أن الذي يصلي ويصوم ولا يترك الخطايا مكتوب في الملكوت كذاباً.
وفيها مات: حنبل بن إسحاق وأحمد بن الوليد الفحام والفتح بن شخرف العابد وأبو أمية الطرسوسي وأبو إبراهيم أحمد بن سعد الزهري وأحمد بن يوسف التغلبي وأبو عبد الله بن ماجة القزويني وعبد الله بن حماد الآملي وخلق.

جعفر بن محمد بن شاكر

الإمام المحدث شيخ الإسلام أبو محمد البغدادي الصائغ أحد الأعلام. ولد قبل التسعين و مئة.
وسمع: حسين بن محمد المروذي وأبا نعيم وقبيصة بن عقبة و عفان بن مسلم وأبا غسان النهدي ومعاوية بن عمرو وسريج بن النعمان وطبقتهم. حدث عنه: موسى بن هارون وابن صاعد وأبو جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وأبو بكر النجاد وعثمان بن السماك وابن نجيح وأبو بكر الشافعي ومحمد بن جعفر الأنباري وخلق سواهم. قال الخطيب: كان زاهداً ثقة صادقاً متقناً ضابطاً. وقال أبو الحسين بن المنادي: كان ذا فضل وعبادة وزهد أنتفع به خلق كثير في الحديث وأكثروا عنه لثقته وصلاحه. قال: وتوفي لإحدى عشرة خلت من ذي الحجة سنة تسع وسبعين ومئتين وبلغ تسعين سنة سوى أشهر يسيرة رحمه الله. قلت: حديثه بعلو في الغيلانيات. وفيها: وفاة الخليفة المعتمد وأحمد بن الخليل البرجلاني وأحمد بن أبي خيثمة وأبو عيسى الترمذي وأبو يحيى بن أبي مسرة وإبراهيم بن عبد الله القصار.

ابن أبي العنبس

الإمام المحدث قاضي الكوفة أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق ابن أبي العنبس الزهري الكوفي.
سمع: جعفر بن عون ويعلى بن عبيد وجماعة. وعنه: أبو العباس بن عقدة وخيثمة بن سليمان وعلي بن محمد ابن الزبير القرشي وجماعة وروى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا مع تقدمه ومحمد بن خلف ووكيع. قال الخطيب: كان ثقة خيراً فاضلاً ديناً صالحاً ولي القضاء بعد أحمد بن محمد بن سماعة. قال محمد بن خلف: كتبت عنه سنة ثلاث وخمسين وهو على قضاء مدينة المنصور فبقي سنة وصرف لأن الموفق أراد أن يقرضه أموال الأيتام فقال لا والله ولا حبة فعزله ورده إلى قضاء الكوفة. مات في ربيع الآخر سنة سبع وسبعين ومئتين عن نيف وتسعين سنة. وله أخ ماجن صاحب نوادر.

كردوس

الإمام المتقن أبو الحسين خلف بن محمد بن عيسى الواسطي. سمع: علي بن عاصم ويزيد بن هارون وروحاً. وعنه: ابن ماجة وابن مخلد: وإسماعيل الصفار وابن أبي حاتم وابن الأعرابي وخيثمة. وثقة الدارقطني.توفي سنة أربع وسبعين ومئتين.

ابن بلبل

الوزير الكبير الأوحد الأديب أبو الصقر إسماعيل بن بلبل الشيباني. أحد الشعراء والبلغاء والأجواد الممدحين. وزر للمعتمد في سنة خمس وستين ومئتين بعد الحسن بن مخلد ثم عزل ثم وزر ثم عزل ثم وزر ثالثاً عند القبض على صاعد الوزير سنة اثنتين وسبعين. وكان في رتبة كبار الملوك له راتب عظيم في اليوم مئة شاة وسبعون جدياً وقنطار حلواء ولما ولي العهد المعتضد قبض عليه وعذبه حتى هلك في سنة ثمان وسبعين ومئتين. قال عبيد الله بن أبي طاهر: وقع اختيار الموفق لوزارته على أبي الصقر فاستوزر رجلا قلما رؤى مثله كفاية للمهم واستقلالاً بالأمور وأمضى للتدبير في أصح سبله وأعودها بالنفع وأحوطها لأعمال السلطان مع رفع قدره للأدب واهله وبذله لهم الكرائم مع الشجاعة وعلو الهمة وصغر الدنيا عنده إلا ما قدمه لمعاده مع سعة حلمه وكظمه وإفضاله على من أراد تلف نفسه.
قال أبو علي التنوخي: حدثنا أبو الحسين عبد الله بن أحمد حدثنا سليمان بن الحسن قال: قال أبو العباس بن الفرات: حضرت مجلس ابن بلبل وقد جلس جلوساً عاماً فدخل إليه المتظلمون فنظر في أمورهم فما أنصرف أحد إلا بصلة أو ولاية أو قضاء حاجة أو أنصاف وبقي رجل في آخر المجلس يسأله تسييب إجارة قريته فقال: أن الموفق أمر أن لا أسيب شيئاً إلا عن أمره فسأخبره قال: فراجعنا الرجل وقال: متى أخرني الوزير فسد حالي فقال لكاتبه: اكتب حاجته في التذكرة فولى الرجل غير بعيد ثم رجع واستأذن ثم قال:

ليس في كـل دولة وأوان

 

تتهيا صنائع الإحـسـان

فإذا أمكنتك يوما من الدهر

 

فبادر بها صروف الزمان

فقال لي: يا أبا العباس: اكتب له بتسييب إجارة ضيعته الساعة وأمر الصيرفي أن يدفع إليه خمس مئة دينار. ويقال: أن فتاه ناوله مدة بالقلم فنقطت على دراعة مثمنة فجزع فقال: لا تجزع ثم أنشد:

إذا ما المسك طيب ريح قوم

 

كفأني ذاك رائحة المـداد

فما شيء بأحسن من ثـياب

 

على حافاتها حمم السـواد

قلت: صدق وهي خال في ملبوس الوزراء. قال جحظة: قلت:

بأبي الصقر علينـا

 

نعم اللـه جـلـيلة

ملك في عينيه الدني

 

ا لراجيه قلـيلـه

فأمر لي بمئتي دينار. قال الصولي: ولد ابن بلبل سنة ثلاثين ومئتين ورأيته مرات فكان في نهاية الجمال وتمام القد والجسم فقبض عليه في صفر سنة ثمان وسبعين وقيد وألبس عباءة غمست في دبس ومرقة كوارع وأجلس في مكان حار وعذب بأنواع العذاب فمات في جمادى الأولى وقيل: رؤي في النوم فقيل: ما فعل الله بك قال: غفر لي بما لقيت لم يكن ليجمع علي عذاب الدنيا والآخرة.
وروى أبو علي التنوخي عن أبيه عن جماعة من أهل الحضرة أخبروه: أن المعتضد أمر بابن بلبل فاتخذ له تغاراً كبيراً وملئ اسفيذاجاً وبله ثم جعل رأسه فيه إلى عنقه ومسك عليه حتى خمد فلم يزل روحه يخرج بالضراط من أسفله حتى مات

أصبغ بن خليل

فقيه قرطبة ومفتيها أبو القاسم الأندلسي المالكي. أخذ عن: الغازي بن قيس قليلا وعن يحيى بن يحيى وأصبغ بن الفرج وسحنون وطائفة. وبرع في الشروط وكان لا يدري الأثر وقد اتهم في النقل ووضع في عدم رفع اليدين فيما قيل. وقال قاسم بن أصبغ: هو منعني السماع من بقي وسمعته يقول: أحب أن يكون في تابوتي خنزير ولا يكون فيه مصنف ابن أبي شيبة ثم دعا عليه قاسم. وقيل:؟ قرأ عليه أحمد بن خالد الحافظ اسم أسيد بن الحضير فرد عليه بخاء معجمة. روى عنه: هو وقاسم بن أصبغ ومحمد بن عبد الملك. وكان ذا تعبد وورع عفا الله عنه. عاش نحو التسعين ومات سنة ثلاث وسبعين ومئتين.

أبو داود وابنه

سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو بن عامر كذا اسماه عبد الرحمن بن أبي حاتم وقال محمد بن عبد العزيز الهاشمي: سليمان بن الأشعث بن بشر بن شداد وقال ابن داسة وأبو عبيد الآجري: سليمان ابن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد وكذلك قال أبو بكر الخطيب في تاريخه وزاد: ابن عمرو بن عمران. الإمام شيخ السنة مقدم الحفاظ أبو داود الأزدي السجستاني محدث البصرة. ولد سنة اثنتين ومئتين ورحل وجمع وصنف وبرع في هذا الشأن. قال أبو عبيد الآجري: سمعته يقول: ولدت سنة اثنتين وصليت على عفان سنة عشرين ودخلت البصرة وهم يقولون: أمس مات عثمان بن الهيثم المؤذن فسمعت من أبي عمر الضرير مجلساً واحداً. قلت: مات في شعبان من سنة عشرين ومات عثمان قبله بشهر. قال: وتبعت عمر بن حفص بن غياث إلى منزله ولم أسمع منه وسمعت من سعيد بن سليمان مجلساً واحداً ومن عاصم بن علي مجلساً واحداً. قلت: وسمع بمكة من القعنبي وسليمان بن حرب. وسمع من: مسلم بن إبراهيم وعبد الله بن رجاء وأبي الوليد الطيالسي وموسى بن إسماعيل وطبقتهم بالبصرة. ثم سمع بالكوفة من: الحسن بن الربيع البوراني وأحمد بن يونس اليربوعي وطائفة وسمع من: أبي توبة الربيع بن نافع بحلب ومن: أبي جعفر النفيلي وأحمد بن أبي شعيب وعدة بحران ومن حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه وخلق بحمص ومن صفوان بن صالح وهشام بن عمار بدمشق ومن إسحاق بن راهويه وطبقته بخراسان ومن أحمد بن حنبل وطبقته ببغداد ومن قتيبة بن سعيد ببلخ ومن أحمد بن صالح وخلق بمصر ومن إبراهيم بن بشار الرمادي وإبراهيم بن موسى الفراء وعلي بن المديني والحكم بن موسى وخلف بن هشام وسعيد بن منصور وسهل بن بكار وشاذ بن فياض وأبي معمر عبد الله بن عمرو المقعد وعبد الرحمن بن المبارك العيشي وعبد السلام بن مطهر وعبد الوهاب بن نجدة وعلي بن الجعد وعمرو بن عون وعمرو بن مرزوق ومحمد بن الصباح الدولابي ومحمد بن المنهال الضرير ومحمد بن كثير العبدي ومسدد بن مسرهد ومعاذ بن أسد ويحيى بن معين وأمم سواهم.
حدث عنه: أبو عيسى في جامعه والنسائي فيما قيل وإبراهيم ابن حمدان العاقولي وأبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن الأشناني البغدادي نزيل الرحبة راوي السنن عنه وأبو حامد أحمد بن جعفر الاشعري الأصبهاني وأبو بكر النجاد وأبو عمرو أحمد بن علي بن حسن البصري راوي السنن عنه وأحمد بن داود بن سليم وأبو سعيد بن الأعرابي راوي السنن بفوت له وأبو بكر أحمد بن محمد الخلال الفقيه وأحمد بن محمد بن ياسين الهروي وأحمد بن المعلى الدمشقي وإسحاق بن موسى الرملي الوراق وإسماعيل بن محمد الصفار وحرب بن إسماعيل الكرماني والحسن بن صاحب الشاشي والحسن بن عبد الله الذارع والحسين بن إدريس الهروي وزكريا بن يحيى الساجي وعبد الله بن أحمد الأهوازي عبدان وابنه أبو بكر بن أبي داود وأبو بكر بن أبي الدنيا وعبد الله ابن أخي أبي زرعة وعبد الله بن محمد بن يعقوب وعبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي وعلي بن الحسن بن العبد الأنصاري أحد رواة السنن وعلي بن عبد الصمد ما غمه وعيسى بن سليمان البكري والفضل بن العباس بن أبي الشوارب وأبو بشر الدولابي الحافظ وأبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي راوي السنن ومحمد بن أحمد بن يعقوب المتوثي البصري راوي كتاب القدر له ومحمد بن بكر بن داسة التمار من رواة السنن ومحمد بن جعفر بن الفريابي ومحمد بن خلف بن المرزبان ومحمد بن رجاء البصري وأبو سالم محمد بن سعيد الأدمي وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الهاشمي المكي وأبو أسامة محمد ابن عبد الملك الرواس راوي السنن بفواتات وأبو عبيد محمد بن علي ابن عثمان الآجري الحافظ ومحمد بن مخلد العطار الخضيب ومحمد ابن المنذر شكر ومحمد بن يحيى بن مرداس السلمي وأبو بكر محمد بن يحيى الصولي وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني.
وقد روى النسائي في سننه مواضع يقول: حدثنا أبو داود حدثنا سليمان بن حرب وحدثنا النفيلي وحدثنا عبد العزيز بن يحيى المدني وعلي بن المديني وعمرو بن عون ومسلم بن إبراهيم وأبو الوليد فالظاهر أن أبا داود في كل الاماكن هو السجستاني فأنه معروف بالرواية عن السبعة لكن شاركه أبو داود سليمان بن سيف الحراني في الرواية عن بعضهم والنسائي فمكثر عن الحراني.
وقد روى النسائي في كتاب الكنى عن سليمان بن الأشعث ولم يكنه وذكر الحافظ ابن عساكر في النبل أن النسائي يروي عن أبي داود السجستاني.
أنبأني جماعة سمعوا ابن طبرزد أخبرنا أبو البدر الكرخي أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو عمر الهاشمي أخبرنا أبو علي اللؤلؤي أخبرنا أبو داود حدثنا محمد بن كثير أخبرنا جعفر بن سليمان عن عوف عن أبي رجاء عن عمران بن حصين قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليكم فرد عليه ثم جلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم عشر ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس فقال: عشرون ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فجلس وقال: ثلاثون. أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد فيما أظن وعمر بن محمد الفارسي وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا أبو الحسن الداوودي أخبرنا عبد الله بن أحمد أخبرنا عيسى ابن عمر السمرقندي أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الحافظ أخبرنا محمد ابن كثير فذكره بنحوه. أخرجه أبو عبد الرحمن النسائي عن أبي داود عن محمد بن كثير وأخرجه أبو عيسى في جامعه عن الحافظ عبد الله الدارمي فوافقناهما بعلو.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحليم الفقيه بقراءتي أخبرنا علي بن مختار أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي الصوفي أخبرنا علي بن أحمد الرزاز حدثنا أحمد بن سلمأن الفقيه حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث بالبصرة حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع حدثنا عبيد الله بن عمرو عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تلقي الجلب فأن تلقاه متلق فاشتراه فصاحب السلعة بالخيار إذا ورد السوق. هذا حديث صحيح غريب وأخرجه الترمذي من طريق عبيد الله ابن عمرو وهو من أفراده. وقع لنا عدة أحاديث لأبي داود وكتاب الناسخ له وسكن البصرة بعد هلاك الخبيث طاغيه الزنج فنشر بها العلم وكان يتردد إلى بغداد. قال الخطيب أبو بكر: يقال: أنه صنف كتابه السنن قديماً وعرضه على أحمد بن حنبل فاستجاده واستحسنه. قال أبو عبيد: سمعت أبا داود يقول: رأيت خالد بن خداش ولم أسمع منه ولم أسمع من يوسف الصفار ولا من ابن الأصبهاني ولا من عمرو بن حماد والحديث رزق. قال أبو عبيد الآجري: وكان أبو داود لا يحدث عن ابن الحماني ولا عن سويد ولا عن ابن كاسب ولا عن محمد بن حميد ولا عن سفيان ابن وكيع.
وقال أبو بكر بن داسة: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس مئه ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعني كتاب السنن جمعت فيه أربعه آلاف حديث وثماني مئه حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث أحدها قوله صلى الله عليه وسلم:" الأعمال بالنيات والثاني:" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" والثالث: قوله:" لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه" والرابع: "الحلال بين" الحديث. رواها الخطيب: حدثني أبو بكر محمد بن علي بن إبراهيم القاري الدينوري بلفظه: سمعت أبا الحسين محمد بن عبد الله بن الحسن الفرضي سمع ابن داسة قوله: يكفي الإنسان لدينه ممنوع بل يحتاج المسلم إلى عدد كثير من السنن الصحيحة مع القرآن.
قال أبو بكر الخلال: أبو داود الإمام المقدم في زمانه رجل لم يسبقه إلى معرفته بتخريج العلوم وبصره بمواضعه أحد في زمانه رجل ورع مقدم سمع منه أحمد بن حنبل حديثاً واحداً كان أبو داود يذكره. قلت: هو حديث أبي داود عن محمد بن عمرو الرازي عن عبد الرحمن بن قيس عن حماد بن سلمه عن أبي العشراء عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العتيره فحسنها. وهذا حديث منكر تكلم في ابن قيس من اجله وإنما المحفوظ عند حماد بهذا السند حديث: أما تكون الذكاة إلا من اللبة. ثم قال الخلال: وكان إبراهيم الأصبهاني ابن اورمة وأبو بكر بن صدقه يرفعون من قدره ويذكرونه بما لا يذكرون أحدا في زمانه مثله.
وقال أحمد بن محمد بن ياسين: كان أبو داود أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه وعلله وسنده في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع من فرسان الحديث.
وقال أبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني وإبراهيم الحربي: لما صنف أبو داود كتاب السنن ألين لأبي داود الحديث كما الين لداود عليه السلام الحديد. الحاكم: سمعت الزبير بن عبد الله بن موسى سمعت محمد بن مخلد يقول: كان أبو داود يفي بمذاكرة مئة ألف حديث ولما صنف كتاب السنن وقرأه على الناس صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف يتبعونه ولا يخالفونه وأقر له أهل زمانه بالحفظ والتقدم فيه. وقال الحافظ موسى بن هارون: خلق أبو داود في الدنيا للحديث وفي الآخرة للجنة. وقال علان بن عبد الصمد: سمعت أبا داود وكان من فرسان الحديث. قال أبو حاتم بن حبان: أبو داود أحد أئمة الدنيا فقهاً وعلماً وحفظاً ونسكاً وورعاً وإتقانا جمع وصنف وذب عن السنن. قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة: الذين خرجوا وميزوا الثابت من المعلول والخطأ من الصواب أربعة البخاري ومسلم ثم أبو داود والنسائي. وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة سمع بمصر والحجاز والشام والعراقين وخراسان وقد كتب بخراسان قبل خروجه إلى العراق في بلده وهراة وكتب ببغلان عن قتيبة وبالري عن إبراهيم بن موسى إلا أن أعلى اسناده: القعنبي ومسلم بن إبراهيم وسمى جماعه قال: وكان قد كتب قديماً بنيسابور ثم رحل بابنه أبي بكر إلى خراسان روى أبو عبيد الآجري عن أبي داود قال: دخلت الكوفه سنه أحدى وعشرين وما رأيت بدمشق مثل أبي النضر الفراديسي وكان كثير البكاء كتبت عنه سنة اثنتين وعشرين.
قال القاضي الخليل بن أحمد السجزي: سمعت أحمد بن محمد بن الليث قاضي بلدنا يقول جاء سهل بن عبد الله التستري إلى أبي داود السجستاني فقيل يا أبا داود: هذا سهل بن عبد الله جاءك زائراً فرحب به واجلسه فقال سهل: يا أبا داود لي إليك حاجة قال: وما هي قال: حتى تقول: قد قضيتها مع الإمكان قال: نعم قال: أخرج الي لسانك الذي تحدث به أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اقبله فأخرج اليه لسانه فقبله. روى إسماعيل بن محمد الصفار عن الصاغاني قال: لين لأبي داود السجستاني الحديث كما لين لداود الحديد. وقال موسى بن هارون: ما رأيت أفضل من أبي داود. قال ابن داسة: سمعت أبا داود يقول: ذكرت في السنن الصحيح وما يقاربه فأن كان فيه وهن شديد بينته.
قلت: فقد وفى رحمه الله بذلك بحسب اجتهاده وبين ما ضعفه شديد ووهنه غير محتمل وكاسر عن ما ضعفه خفيف محتمل فلا يلزم من سكوته والحالة هذه عن الحديث أن يكون حسنا عنده ولا سيما إذا حكمنا على حد الحسن باصطلاحنا المولد الحادث الذي هو في عرف السلف يعود إلى قسم من أقسام الصحيح الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء أو الذي يرغب عنه أبو عبد الله البخاري ويمشيه مسلم وبالعكس فهو داخل في أداني مراتب الصحة فأنه لو أنحط عن ذلك لخرج عن الاحتجاج ولبقي متجاذباً بين الضعف والحسن فكتاب أبي داود أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان وذلك نحو من شطر الكتاب ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين ورغب عنه الآخر ثم يليه ما رغبا عنه وكان إسناده جيداً سالماً من علة وشدود ثم يليه ما كان إسناده صالحاً وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعداً يعضد كل إسناد منهما الآخر ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه فمثل هذا يمشيه أبو داود ويسكت عنه غالبا ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه فهذا لا يسكت عنه بل يوهنه غالباً وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته والله أعلم. قال الحافظ زكريا الساجي: كتاب الله أصل الإسلام وكتاب أبي داود عهد الإسلام.
قلت: كان أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء فكتابه يدل على ذلك وهو من نجباء أصحاب الإمام أحمد لازم مجلسه مدة وسأله عن دقاق المسائل في الفروع والأصول. وكان على مذهب السلف في اتباع السنة والتسليم لها وترك الخوض في مضائق الكلام. روى الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: كان عبد الله بن مسعود يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله وكان علقمة يشبه بعبد الله في ذلك. قال جرير بن عبد الحميد: وكان إبراهيم النخعي يشبه بعلقمة في ذلك وكان منصور يشبه بإبراهيم. وقيل: كان سفيان الثوري يشبه بمنصور وكان وكيع يشبه بسفيان وكان أحمد يشبه بوكيع وكان أبو داود يشبه بأحمد. قال الخطابي: حدثني عبد الله بن محمد المسكي حدثني أبو بكر بن جابر خادم أبي داود رحمه الله قال: كنت مع أبي داود ببغداد فصلينا المغرب فجاءه الأمير أبو أحمد الموفق يعني ولي العهد فدخل ثم أقبل عليه أبو داود فقال: ما جاء بالأمير في مثل هذا الوقت قال: خلال ثلاث قال: وما هي قال: تنتقل إلى البصرة فتتخذها وطناً ليرحل إليك طلبة العلم فتعمر بك فأنها قد خربت وأنقطع عنها الناس لما جرى عليها من محنة الزنج فقال: هذه واحدة قال: وتروي لأولادي السنن قال: نعم هات الثالثة قال: وتفرد لهم مجلساً فأن اولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة قال: أما هذه فلا سبيل اليها لأن الناس في العلم سواء. قال ابن جابر: فكانوا يحضرون ويقعدون في كم حيري عليه ستر ويسمعون مع العامة. قال ابن داسة: كان لأبي داود كم واسع وكم ضيق فقيل له في ذلك فقال: الواسع للكتب والآخر لا يحتاج إليه. قال أبو بكر بن أبي داود: سمعت أبي يقول: خير الكلام ما دخل الأذن بغير إذن.
قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: الليث روى عن الزهري وروى عن أربعة عن الزهري حدث عن: خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري. وسمعت أبا داود يقول: كان عمير بن هانئ قدرياً يسبح كل يوم مئة ألف تسبيحة قتل صبراً بدارياً أيام يزيد بن الوليد وكان يحرض عليه.
قال أبو داود: مسلمة بن محمد حدثنا عنه مسدد قال أبو عبيد: فقلت لأبي داود: حدث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:" إياكم والزنج فأنه خلق مشوه" فقال: من حدث بهذا فاتهمه. وقال أبو داود: يونس بن بكير ليس هو عندي حجة هو والبكائي سمعا من ابن إسحاق بالري.
قال الحاكم: سليمان بن الأشعث السجستاني مولده بسجستان وله ولسلفه إلى الآن بها عقد وأملاك وأوقاف خرج منها في طلب الحديث إلى البصرة فسكنها وأكثر بها السماع عن سليمان بن حرب وأبي النعمان وأبي الوليد ثم دخل إلى الشام ومصر وأنصرف إلى العراق ثم رحل بابنه أبي بكر إلى بقية المشايخ وجاء إلى نيسابور فسمع ابنه من إسحاق بن منصور ثم خرج إلى سجستان وطالع بها أسبابه وانصرف إلى البصرة واستوطنها.
وحدثنا محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني حدثنا أبو بكر بن أبي داود حدثنا أبي حدثنا محمد بن عمرو الرازي حدثنا عبد الرحمن بن قيس عن حماد بن سلمة عن أبي العشراء الدارمي عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العتيرة فحسنها".
قيل: أن أحمد كتب عن أبي هذا فذكرت له فقال: نعم قلت: وكيف كان ذلك فقال: ذكرنا يوماً أحاديث أبي العشراء فقال أحمد: لا أعرف له إلا ثلاثة أحاديث ولم يرو عنه إلا حماد حديث اللبة وحديث: رأيت علي أبي العشراء عمامة فذكرت لأحمد هذا فقال: امله علي ثم قال لمحمد بن أبي سمينة عند أبي داود حديث غريب فسألني فكتبه عني محمد بن يحيى بن أبي سمينة.
قال الحاكم: وأخبرنا أبو حاتم بن حبان: سمعت ابن أبي داود سمعت أبي يقول: أدركت من أهل الحديث من أدركت لم يكن فيهم أحفظ للحديث ولا اكثر جمعاً له من ابن معين ولا أورع ولا أعرف بفقه الحديث من أحمد وأعلمهم بعلله علي بن المديني ورأيت إسحاق على حفظه ومعرفته يقدم أحمد بن حنبل ويعترف له.
وحدثني أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة حدثني عبد الكريم بن النسائي حدثني أبي حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث بالبصرة قال: سمع الزهري من ثلاثة عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنس سهل السائب سنين أبي جميلة محمود بن الربيع رجل من بلي ابن أبي صعير أبو أمامة بن سهل وقالوا: ابن عمر فقال: رأيت ابن عمر سن على وجهه الماء سناً وقالوا: إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوم قبض وعبد الرحمن بن أزهر.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد وإسماعيل بن عبد الرحمن ومحمد بن بيان بقراءتي أخبركم الحسن بن صباح أخبرنا عبد الله بن رفاعة أخبرنا علي بن الحسن القاضي أخبرنا عبد الرحمن بن عمر النحاس قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن الأعرابي حدثنا أبو داود سليمان بن حرب ومسدد قالا: أخبرنا حماد عن ثابت عن أبي بردة عن الأغر وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنه ليغان على قلبي وأني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة". أخرجه مسلم أيضاً من حديث حماد هذا وهو ابن زيد وأخرجه مسلم من حديث عمرو بن مرة عن أبي بردة عن الأغر بن يسار المزني وقيل: الجهني وما علمته روى شيئاً سوى هذا الحديث.
وأخبرناه أبو سعيد الثغري أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف أخبرنا عبد الحق أخبرنا علي بن محمد أخبرنا أبو الحسن الحمامي أخبرنا ابن قانع حدثنا علي بن محمد بن أبي الشوارب حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة قال: عمرو بن مرة أخبرني قال: سمعت أبا بردة يحدث عن رجل من جهينة يقال له: الأغر وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" يا أيها الناس توبوا إلى ربكم فأني أتوب إلى الله في كل يوم مائة مرة". قال أبو داود في سننه: شبرت قثاءة بمصر ثلاثة عشر شبراً ورأيت أترجه على بعير وقد قطعت قطعتين وعملت مثل عدلين.
فأما سجستان الإقليم الذي منه الإمام أبو داود: فهو إقليم صغير منفرد متاخم لإقليم السند غربيه بلد هراة وجنوبيه مفازة بينه وبين إقليم فارس وكرمان وشرقيه مفازة وبرية بينه وبين مكران التي هي قاعدة السند وتمام هذا الحد الشرقي بلاد الملتان وشماليه أول الهند.
فأرض سجستان كثيرة النخل والرمل وهي من الإقليم الثالث من السبعة وقصبة سجستان هي: زرنج وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وتطلق زرنج على سجستان ولها سور وبها جامع عظيم وعليها نهر كبير وطولها من جزائر الخالدات تسع وثمانون درجة والنسبة إليها أيضاً: سجزي وهكذا ينسب أبو عوانة الإسفراييني أبا داود فيقول: السجزي وإليها ينسب مسند الوقت أبو الوقت السجزي وقد قيل وليس بشيء أن أبا داود من سجستان قرية من أعمال البصرة ذكره القاضي شمس الدين في وفيات الأعيان فأبو داود أول ما قدم من البلاد دخل بغداد وهو ابن ثمان عشرة سنة وذلك قبل أن يرى البصرة ثم ارتحل من بغداد إلى البصرة.
قال أبو عبيد الآجري: توفي أبو داود في سادس عشر شوال سنة خمس وسبعين ومئتين.
قلت: كان أخوه محمد بن الأشعث أسن منه بقليل وكان رفيقاً له في الرحلة. يروي: عن أصحاب شعبة. روى عنه: ابن اخيه أبو بكر بن أبي داود ومات كهلاً قبل أبي دواد بمدة.