أبو بكر
عبد الله بن سليمان بن الأشعث: الإمام العلامة الحافظ شيخ بغداد أبو بكر السجستاني صاحب التصانيف. ولد بسجستان في سنة ثلاثين ومئتين. وسافر به أبوه وهو صبي فكان يقول رأيت جنازة إسحاق بن راهويه. قلت: وكانت في سنة ثمان وثلاثين ومئتين في شعبان فأول شيخ سمع منه: محمد بن أسلم الطوسي وسر أبوه بذلك لجلالة محمد بن أسلم.
روى عن: أبيه وعمه وعيسى بن حماد زغبة وأحمد بن صالح ومحمد بن يحيى الزماني وأبي الطاهر بن السرح وعلي بن خشرم ومحمد بن بشار ونصر بن علي وعمرو بن عثمان الحمصي وكثير بن عبيد وموسى بن عامر المري ومحمود بن خالد ومحمد بن سلمة المرادي وهارون بن إسحاق ومحمد بن معمر البحراني وأبي سعيد الأشج وهارون بن سعيد الأيلي ومحمد بن مصفى وإسحاق الكوسج والحسن بن أحمد بن أبي شعيب وعمرو بن علي الفلاس وهشام بن خالد الدمشقي والحسن بن محمد الزعفراني وزياد بن أيوب والحسن بن عرفة ومحمد بن يحيى الذهلي وإسحاق بن أبراهيم شاذان ويوسف بن موسى القطان وعباد بن يعقوب الرواجني وخلق كثير بخراسان والحجاز والعراق ومصر والشام وأصبهان وفارس. وكان من بحور العلم بحيث أن بعضهم فضله على أبيه. صنف السنن والمصاحف وشريعة المقارئ والناسخ والمنسوخ والبعث وأشياء.
حدث عنه خلق كثير منهم: ابن حبان وأبو أحمد الحاكم وأبو عمر بن حيويه وابن المظفر وأبو حفص بن شاهين وأبو الحسن الدارقطني وعيسى بن علي الوزير وابن المقرئ وأبو القاسم بن حبابة وأبو طاهر المخلص ومحمد بن عمر بن زنبور الوراق وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب وآخرون.
وكان يقول: دخلت الكوفة ومعي درهم وأحد فأخذت به ثلاثين مد باقلاً فكنت آكل منه وأكتب عن أبي سعيد الأشج فما فرغ الباقلاً حتى كتبت عنه ثلاثين ألف حديث ما بين مقطوع ومرسل. قال أبو بكر بن شاذان: قدم أبو بكر بن أبي داود سجستان فسألوه أن يحدثهم فقال: ما معي أصل فقالوا: ابن أبي داود وأصل قال: فأثاروني فأمليت عليهم من حفظي ثلاثين ألف حديث فلما قدمت بغداد قال البغداديون: مضى إلى سجستان ولعب بهم ثم فيجوا فيجاً اكتروه بستة دنانير إلى سجستان ليكتب لهم النسخة فكتبت وجيء بها وعرضت على الحفاظ فخطؤوني في ستة أحاديث منها ثلاثة أحاديث حدثت بها كما حدثت وثلاثة أخطأت فيها. هكذا رواها أبو القاسم الأزهري عن ابن شاذان ورواها غيره فذكر أن ذلك كان بأصبهان وكذا روى أبو علي النيسابوري الحافظ عن ابن أبي داود فالأزهري واهم.
قال الحاكم أبو عبد الله: سمعت أبا علي الحافظ سمعت ابن أبي داود يقول: حدثت من حفظي بأصبهان بستة وثلاثين ألفاً ألزموني الوهم فيها في سبعة أحاديث فلما انصرفت وجدت في كتابي خمسة منها على ما كنت حدثتهم به. قال الحافظ أبو محمد الخلال: كان ابن أبي داود إمام أهل العراق ومن نصب له السلطان المنبر وقد كان في وقته بالعراق مشايخ أسند منه ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هو.
أبو ذر الهروي: أنبأنا أبو حفص بن شاهين قال: أملى علينا ابن أبي داود سنين وما رأيت بيده كتاباً أنما كان يملي حفظاً فكان يقعد على المنبر بعدما عمي ويقعد دونه بدرجة ابنه أبو معمر بيده كتاب فيقول له: حديث كذا فيسرده من حفظه حتى يأتي على المجلس.
قرأ علينا يوماً حديث الفتون من حفظه فقام أبو تمام الزينبي وقال: لله درك ما رأيت مثلك إلا أن يكون إبراهيم الحربي فقال: كل ما كان يحفظ إبراهيم فأنا أحفظه وأنا اعرف النجوم وما كان هو يعرفها.
أنبأنا المسلم بن محمد وغيره: سمعوا أبا اليمن الكندي أنبأنا أبو منصور الشيباني أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: عبد الله بن أبي داود رحل به أبوه من سجستان يطوف به شرقاً وغرباً بخراسان والجبال وأصبهان وفارس والبصرة وبغداد والكوفة ومكة والمدينة والشام ومصر والجزيرة والثغور يسمع ويكتب واستوطن بغداد وصنف المسند والسنن والتفسير والقراءات والناسخ والمنسوخ وغير ذلك وكان فقيهاً عالماً حافظاً. قلت: وكان رئيساً عزيز النفس مدلاً بنفسه سامحه الله.
قال أبو حفص بن شاهين: أراد الوزير علي بن عيسى أن يصلح بين ابن أبي داود وابن صاعد فجمعهما وحضر أبو عمر القاضي فقال الوزير: يا أبا بكر أبو محمد أكبر منك فلو قمت إليه فقال: لا أفعل فقال الوزير: أنت شيخ زيف فقال: الشيخ الزيف: الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الوزير: من الكذاب قال: هذا ثم قام وقال: تتوهم أني أذل لك لأجل رزقي وأنه يصل إلي على يدك والله لا آخذ من يدك شيئاً قال: فكان الخليفة المقتدر يزن رزقه بيده ويبعث به في طبق على يد الخادم.
قال أبو أحمد الحاكم: سمعت أبا بكر يقول: قلت لأبي زرعة الرازي: ألق علي حديثاً غريباً من حديث مالك فألقى علي حديث وهب ابن كيسان عن أسماء حديث: لا تحصي فيحصى عليك رواه عن عبد الرحمن بن شيبة وهو ضعيف فقلت له: يجب أن تكتبه عني عن أحمد بن صالح عن عبد الله بن نافع عن مالك فغضب أبو زرعة وشكاني إلى أبي وقال انظر ما يقول لي أبو بكر.
ويروى بإسناد منقطع: أن أحمد بن صالح كان يمنع المرد من حضور مجلسه فأحب أبو داود أن يسمع ابنه منه فشد على وجهه لحية وحضر فعرف الشيخ فقال: أمثلي يعمل معه هذا فقال أبو داود: لا ينكر علي سوى جمع ابني من الكبار فأن لم يقاومهم بالمعرفة فاحرمه السماع.
حدث بها أبو القاسم بن السمرقندي حدثنا يوسف بن الحسن بن محمد التفكيري الزنجاني قال: سمعت الحسن بن علي بن بندار الزنجاني قال: كان أحمد بن صالح يمنع المرد من التحديث تنزهاً فذكرها وزاد: فاجتمع طائفة فغلبهم الابن بفهمه ولم يرو له أحمد بعدها شيئاً وحصل له الجزء الأول فأنا أرويه. قلت: بل أكثر عنه. قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن ابن أبي داود فقال: ثقة كثير الخطأ في الكلام على الحديث. وقد ذكره أبو أحمد بن عدي في كامله وقال: لولا أنا شرطنا أن كل من تكلم فيه ذكرناه لما ذكرت ابن أبي داود قال: وقد تكلم فيه أبوه وإبراهيم ابن أورمة وينسب في الابتداء إلى شيء من النصب. ونفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط ثم رده الوزير علي بن عيسى فحدث وأظهر فضائل علي رضي الله عنه ثم تحنبل فصار شيخاً فيهم وهو مقبول عند أصحاب الحديث وأما كلام أبيه فيه فلا أدري أيش تبين له منه وسمعت عبدان يقول: سمعت أبا داود يقول: من البلاء أن عبد الله يطلب القضاء. ابن عدي: أنبأنا علي بن عبد الله الداهري سمعت أحمد بن محمد ابن عمرو كركرة سمعت علي بن الحسين بن الجنيد سمعت أبا داود يقول: ابني عبد الله كذاب. قال ابن صاعد: كفانا ما قال فيه أبوه. ابن عدي: سمعت موسى بن القاسم الأشيب يقول: حدثني أبو بكر سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر بن أبي داود كذاب. ابن عدي: سمعت أبا القاسم البغوي وقد كتب إليه أبو بكر بن أبي داود رقعة يسأله عن لفظ حديث لجده فلما قرأ رقعته قال: أنت عندي والله منسلخ من العلم.
قال: وسمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم يقول: أشهد على محمد بن يحيى بن مندة بين يدي الله تعالى أنه قال: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال: روى الزهري عن عروة قال: حفيت أظافير فلان من كثرة ما كان يتسلق على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: هذا باطل وإفك مبين وأين إسناده إلى الزهري ثم هو مرسل ثم لا يسمع قول العدو في عدوه وما اعتقد أن هذا صدر من عروة أصلاً وابن أبي داود أن كان حكى هذا فهو خفيف الرأس فلقد بقي بينه وبين ضرب العنق شبر لكونه تفوه بمثل هذا البهتان فقام معه وشد منه رئيس أصبهان محمد بن عبد الله بن حفص الهمداني الذكواني وخلصه من أبي ليلى امير أصبهان وكان أنتدب له بعض العلويه خصماً ونسب إلى أبي بكر المقالة وأقام عليه الشهادة محمد بن يحيى بن مندة الحافظ ومحمد بن العباس الأخرم وأحمد بن علي بن الجارود واشتد الخطب وأمر أبو ليلى بقتله فوثب الذكواني وجرح الشهود مع جلالتهم فنسب ابن مندة إلى العقوق ونسب أحمد إلى أنه يأكل الربا وتكلم في الآخر وكان الهمداني الذكواني كبير الشأن فقام وأخذ بيد أبي بكر وخرج به من الموت فكان أبو بكر يدعو له طول حياته ويدعو على أولئك الشهود. حكاها أبو نعيم الحافظ ثم قال: فاستجيب له فيهم منهم من احترق ومنهم من خلط وفقد عقله. قال أحمد بن يوسف الأزرق: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: كل الناس مني في حل إلا من رماني ببغض علي رضي الله عنه.
قال الحافظ ابن عدي: كان في الابتداء ينسب إلى شيء من النصب فنفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط فرده ابن عيسى فحدث وأظهر فضائل علي ثم تحنبل فصار شيخاً فيهم. قلت: كان شهماً قوي النفس وقع بينه وبين ابن جرير وبين ابن صاعد وبين الوزير ابن عيسى الذي قربه.
قال محمد بن عبد الله القطان: كنت عند ابن جرير فقيل: ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل الإمام علي فقال ابن جرير: تكبيرة من حارس. قلت: لا يسمع هذا من ابن جرير للعداوة الواقعة بين الشيخين. قال أبو بكر الخطيب: سمعت الحافظ أبا محمد الخلال يقول: كان أبو بكر أحفظ من أبيه أبي داود. وروى الإمام أبو بكر النقاش المفسر وليس بمعتمد أنه سمع أبا بكر ابن أبي داود يقول: أن في تفسيره مئة ألف وعشرين ألف حديث.
قال صالح بن أحمد الهمذاني الحافظ: كان ابن أبي داود امام العراق ونصب له السلطان المنبر وكان في وقته ببغداد مشايخ أسند منه ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ.
قلت: لعل قول أبيه فيه أن صح أراد الكذب في لهجته لا في الحديث فأنه حجة فيما ينقله أو كان يكذب ويوري في كلامه ومن زعم أنه لا يكذب أبداً فهو أرعن نسأل الله السلامة من عثرة الشباب ثم أنه شاخ وارعوى ولزم الصدق والتقى. قال محمد بن عبد الله بن الشخير: كان ابن أبي داود زاهداً ناسكاً صلى عليه يوم مات نحو من ثلاث مئة ألف إنسان وأكثر.
قال: ومات في ذي الحجة سنة ست عشرة وثلاث مئة وخلف ثلاثة بنين: عبد الأعلى ومحمداً وأبا معمر عبيد الله وخمس بنات وعاش سبعاً وثمانين سنة وصلي عليه ثمانين مرة نقل هذا أبو بكر الخطيب. قال المحدث يوسف بن الحسن التفكري: سمعت الحسن بن علي ابن بندار الزنجاني قال: كان أحمد بن صالح يمتنع علي المرد من التحديث تورعاً وكان أبو داود يسمع منه وكان له ابن أمرد فاحتال بأن شد على وجهه قطعة من شعر ثم أحضره وسمع فأخبر الشيخ بذلك فقال: أمثلي يعمل معه هذا قال أبو داود: لا تنكر علي واجمع ابني مع شيوخ الرواة فأن لم يقاومهم بمعرفته فاحرمه السماع. إسنادها منقطع.
قال أبو أحمد بن عدي سمعت علي بن عبد الله الداهري يقول: سألت ابن أبي داود عن حديث الطير فقال: أن صح حديث الطير فنبوة النبي صلى الله عليه وسلم باطل لأنه حكى عن حاجب النبي صلى الله عليه وسلم خيانة يعني أنساً وحاجب النبي لا يكون خائناً.
قلت: هذه عبارة رديئة وكلام نحس بل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حق قطعي أن صح خبر الطير وأن لم يصح وما وجه الارتباط هذا أنس قد خدم النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحتلم وقبل جريان القلم فيجوز أن تكون قصة الطائر في تلك المدة فرضنا أنه كان محتلماً ما هو بمعصوم من الخيانة بل فعل هذه الجناية الخفيفة متأولاً ثم أنه حبس علياً عن الدخول كما قيل فكان ماذا والدعوة النبوية قد نفذت واستجيبت فلو حبسه أو رده مرات ما بقي يتصور أن يدخل ويأكل مع المصطفى سواه إلا اللهم الا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد بقوله:" إيتني بأحب خلقك إليك يأكل معي" عدداً من الخيار يصدق على مجموعهم أنهم أحب الناس إلى الله كما يصح قولنا: احب الخلق إلى الله الصالحون فيقال: فمن احبهم إلى الله فنقول: الصديقون والأنبياء فيقال: فمن احب الأنبياء كلهم إلى الله فنقول: محمد وإبراهيم وموسى والخطب في ذلك يسير وأبو لبابة مع جلالته بدت منه خيانة حيث أشار لبني قريظة إلى حلقه وتاب الله عليه وحاطب بدت منه خيانة فكاتب قريشاً بأمر تخفي به نبي الله صلى الله عليه وسلم من غزوهم وغفر الله لحاطب مع عظم فعله رضي الله عنه وحديث الطير على ضعفه فله طرق جمة وقد أفردتها في جزء ولم يثبت ولا أنا بالمعتقد بطلانه وقد أخطأ ابن أبي داود في عبارته وقوله وله على خطئه أجر واحد وليس من شرط الثقة أن لا يخطئ ولا يغلط ولا يسهو والرجل فمن كبار علماء الإسلام ومن أوثق الحفاظ رحمه الله تعالى. قال ابنه عبد الأعلى: توفي أبي وله ست وثمانون سنة وأشهر.
أنشدنا أبو العباس أحمد بن عبد الحميد قال: أنشدنا الإمام أبو محمد بن قدامة سنة ثمان عشرة وست مئة أخبرتنا فاطمة بنت علي الوقاياتي أخبرنا علي بن بيان أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري حدثنا أبو حفص بن شاهين أنشدنا أبو بكر بن أبي داود لنفسه:
تمسك بحبل الله واتبـع الـهـدى |
|
ولا تك بدعيا لعـلـك تـفـلـح |
ودن بكتاب الله والسنـن الـتـي |
|
أتت عن رسول الله تنجو وتربح |
? وقل: غير مخلوق كلام مليكنا |
|
بذلك دأن الاتقياء وأفـصـحـوا |
ولا تك في القرآن بالوقف قـائلاً |
|
كما قال أتباع لجهم وأستجحمـوا |
ولا تقل: القرآن خلـق قـرأتـه |
|
فأن كلام الله باللـفـظ يوضـح |
وقل يتجلى الله للخلـق جـهـرة |
|
كما البدر لا يخفى وربك أوضح |
وليس بمولـود ولـيس بـوالـد |
|
وليس له شبه تعالى المـسـبـح |
وقد ينكر الجهمي هذا وعنـدنـا |
|
بمصداق ما قلنا حديث مصـرح |
رواه جرير عن مقال مـحـمـد |
|
فقل مثل ما قد قال في ذاك تنجح |
وقد ينكرالجهمي أيضـاً يمـينـه |
|
وكلتا يديه بألفواضـل تـنـفـح |
وقل ينزل الجبار في كـل لـيلة |
|
بلا كيف جل الواحد المتـمـدح |
إلى طبق الدنيا يمن بفـضـلـه |
|
فتفرج أبواب السماء وتـفـتـح |
يقول ألا مستغفر يلـق غـافـراً |
|
ومستمنح خيرا ورزقا فيمـنـح |
روى ذاك قوم لا يرد حديثـهـم |
|
ألا خاب قوم كذبوهم وقبـحـوا |
وقل: أن خير الناس بعد محـمـد |
|
وزيراه قدماً ثم عثمان الأرجـح |
ورابعهم خير البرية بـعـدهـم |
|
علي حليف الخير بالخير منجـح |
وأنهم للـرهـط لا ريب فـيهـم |
|
على نجب الفردوس بالنور تسرح |
سعيد وسعد وابن عوف وطـلـحة |
|
وعامر فهر والزبير الـمـمـدح |
وقل خير قول في الصحابة كلهـم |
|
ولا تك طعاناً تعـيب وتـجـرح |
فقد نطق الوحي المبين بفضلـهـم |
|
وفي الفتح أي للصحابة تـمـدح |
وبالقدر المـقـدور أيقـن فـأنـه |
|
دعامة عقد الـدين والـدين أفـيح |
ولا تنكرن جهلاً نكيراً ومنـكـراً |
|
ولا الحوض والميزان أنك تنصح |
وقل: يخرج الله العظيم بفضـلـه |
|
من النار أجسادا من الفحم تطرح |
على النهر في الفردوس تحيا بمائة |
|
كحب حميل السيل إذ جاء يطفـح |
وأن رسول الله للخـلـق شـافـع |
|
وقل في عذاب القبر: حق موضح |
ولا تكفرن أهل الصلاة وأن عصوا |
|
فكلهم يعصي وذو العرش يصفح |
ولا تعتقـد أي الـخـوارج أنـه |
|
مقال لمن يهواه يردي ويفـضـح |
لا تك مرجـيا لـعـوبـا بـدينـه |
|
ألا أنما المرجي بالـدين يمـزح |
وقل: أنمـا الإيمـان قـول ونـية |
|
وفعل على قول النبي مـصـرح |
وينقص طوراً بالمعاصـي وتـارة |
|
بطاعته ينمي وفي الوزن يرجـح |
ودع عنك آراء الرجال وقولـهـم |
|
فقول رسول الله أولـى وأشـرح |
ولا تك من قوم تلهـو بـدينـهـم |
|
فتطعن في أهل الحديث وتقـدح |
إذا ما اعتقدت الدهر يا صاح هذه |
|
فأنت على خير تبيت وتـصـبـح |
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن المؤيد بمصر أخبرنا الفتح بن عبد السلام أخبرنا هبة الله بن الحسين أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور البزاز حدثنا عيسى بن علي حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث إملاء سنة أربع عشرة وثلاث مئة حدثنا محمد بن سليمان لوين حدثنا سليمان بن بلال عن أبي وجزة عن عمر بن أبي سلمة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا بني ادن وكل بيمينك وكل مما يليك واذكر اسم الله عز وجل" أخرجه أبو داود عن لوين فوافقناه بعلو.
أخبرنا أحمد بن عبد الحميد وأحمد بن محمد الحافظ وسنقر الثغري وأحمد بن مكتوم وعبد المنعم بن عساكر وعلي بن محمد الفقيه وطائفة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء حضوراً ح: وأخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا أكمل بن أبي الأزهر العلوي أخبرنا ابن البناء أخبرنا محمد بن محمد الزينبي أخبرنا محمد بن عمر بن خلف حدثنا أبو بكر بن أبي داود حدثنا عبد الله ابن سعيد حدثنا زياد بن الحسن بن الفرات القزاز عن أبيه عن جده عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما في الجنة من شجرة إلا وساقها من ذهب". أخرجه الترمذي عن عبد الله وهو أبو سعيد الأشج فوافقناه بعلو.
ابن عبد الشكور بن زين: الإمام الحافظ البطل الكرار أبو الفضل الزيني البخاري محدث بخارى في وقته رحل ولقي الأعلام. وحدث عن: أبي الوليد الطيالسي وعبد السلام بن مطهر والحسن ابن سوار البغوي وعبدان بن عثمان بن المروزي ومسدد بن مسرهد ويحيى بن يحيى وطبقتهم.
روى عنه: محمد بن إسماعيل خارج الصحيح وصالح بن محمد جزرة وأهل بخارى وعبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري الأستاذ.
وكان والده من علماء الحديث رحل لقي ابن عيينة وابن وهب أكثر عنه ولده عبيد الله. قال أبو الفضل السليماني: روى عن عبيد الله شيوخنا وكان البخاري يتبجح به لقي سهل بن بكار وهلال بن فياض وسعيد بن منصور وسمى جماعة. استشهد رحمه الله في وقعه خوكيجة في شوال سنة اثنتين وسبعين ومئتين وقيل: قتل سنة سبع وسبعين ومئتين وهو في عشر الثمانين.
أخبرنا أبو الفضل بن قدامة عن محمود بن منده أخبرنا محمد بن أحمد أخبرنا عبد الوهاب بن محمد العبدي أخبرنا أبي أخبرنا عبد الله ابن محمد بن الحارث حدثنا عبيد الله بن واصل عن الحسن بن سوار عن قيس عن عاصم بن سليمان عن عباس مولى بني هاشم قال:" رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة في المسجد فحكه ثم لطخه بزعفران".
الإمام الحافظ الصدوق أحمد بن حازم بن محمد بن يونس بن قيس بن أبي غرزة أبو عمرو الغفاري الكوفي صاحب المسند. ولد سنة بضع وثمانين ومئة. سمع: جعفر بن عون ويعلى بن عبيد وعبيد الله بن موسى وإسماعيل بن أبان وعفان وأحمد بن يونس وعدة. حدث عنه: مطين وابن دحيم الشيباني وإبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم وأبو العباس بن عقدة وخلق كثير. وله مسند كبير وقع لنا منه جزء. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان متقناً. قلت: توفي سنة ست وسبعين ومئتين في ذي الحجة.
الإمام المحدث مسند طرابلس أبو علي أحمد بن محمد بن يزيد بن مسلم بن أبي الخناجر الأنصاري الشامي الأطرابلسي. حدث عن: يزيد بن هارون ويحيى بن أبي بكير ومؤمل بن إسماعيل ومحمد بن مصعب القرقساني ومعاوية بن عمرو وعدة. روى عنه: أبو نعيم بن عدي وابن جوصا وابن صاعد وابن أبي حاتم وخيثمة بن سليمان وآخرون. قال أبن أبي حاتم: صدوق. وقيل: كان لبيباً حليماً قال ابن دحيم: توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين ومئتين. وسمعه خيثمة يقول: وقف المأمون على مجلس يزيد وكنت فيهم وفي المجلس ألوف فالتفت إلى أصحابه وقال: هذا الملك.
الإمام المحدث الثقة أبو بكر أحمد بن عبيد بن ادريس الضبي مولاهم البغدادي النرسي. سمع: أبا بدر شجاع بن الوليد ويزيد بن هارون وروح بن عبادة ويحيى بن أبي بكير وشبابة بن سوار وطبقتهم. حدث عنه: ابن صاعد وعثمان بن السماك ومكرم بن أحمد القاضي وأحمد بن كامل وأبو بكر الشافعي وآخرون. ويقع حديثه عالياً في الغيلانيات. قال: أبو بكر الخطيب: كان ثقة أميناً. وقال ابن كامل: توفي في خامس ذي الحجة سنة ثمانين ومئتين. وقال مرة أخرى: مات في خامس ذي الحجة سنة تسع وسبعين. وقال أبو الحسين بن المنادي: مات سنة ثمانين وقد وثقه الحافظ الدارقطني وكان مولده في سنة ست وثمانين ومئة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا ظفر بن سالم أخبرنا هبة الله بن أحمد أخبرنا محمد بن علي بن أبي عثمان سنة ثمان وسبعين وأربع مئة أخبرنا محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي حدثنا أبو عمر الزاهد حدثنا أحمد بن عبيد الله النرسي حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حريز بن عثمان سمعت حبيب بن عبيد الرحبي يقول: تعلموا العلم واعقلوه وتفقهوا به ولا تعلموه لتجملوا به فإنه يوشك أن طال بكم عمر أن يتجمل بالعلم كما يتجمل ذو البز ببزه.
الإمام الحافظ الثقة أبو إسماعيل السلمي الترمذي ثم البغدادي. ولد بعد التسعين ومئة.
وسمع: محمد بن عبد الله الأنصاري وأبا نعيم وقبيصة بن عقبة ومسلم بن إبراهيم والحميدي وسعيد بن أبي مريم وعارماً وحماد بن مالك الحرستاني وإسحاق بن الأركون ونعيم بن حماد وطبقتهم بالحجاز والشام ومصر والعراق. وعني بهذا الشأن وجمع وصنف وطال عمره ورحل الناس اليه.
حدث عنه: أبو داود والترمذي والنسائي وابن أبي الدنيا وموسى ابن هارون وابن صاعد وابن مخلد والمحاملي وإسماعيل الصفار وأحمد بن كامل وخيثمة بن سليمان وأبو سهل بن زياد وأبو بكر الشافعي وأبو بكر النجاد وأبو عبد الله بن محرم وخلق كثير. قال النسائي: ثقة. وقال: الدار قطني: ثقة صدوق تكلم فيه أبو حاتم. وقال الخطيب: كان فهماً متقناً مشهوراً بمذهب السنة. وقال ابن أبي حاتم: سمعت منه بمكة وتكلموا فيه. قلت: أنبرم الحال على توثيقه وإمامته. قال أبو الحسين بن المنادي: توفي في رمضان سنة ثمانين ومئتين.
الإمام المحدث الحافظ المتقن أبو جعفر محمد بن الحسين بن موسى بن أبي الحنين الحنيني الكوفي صاحب المسند وقع لنا مسند أنس من مسنده. سمع: عبيد الله بن موسى وأبا نعيم والقعنبي وأبا غسان النهدي ومسدداً. وحدث بالموطأ عن القعنبي. حدث عنه: ابن مخلد وأبو عبد الله المحاملي وعثمان بن السماك وأبو سهل بن زياد ومكرم القاضي ومحمد بن علي بن دحيم وطائفة سواهم. وثقه الدارقطني وغيره. مات في سنة سبع وسبعين ومئتين.
المحدث الإمام أبو عبد الله أحمد بن مسعود المقدسي الخياط. حدث عن: عمرو بن أبي سلمة التنيسي والهيثم بن جميل الأنطاكي ومحمد بن كثير المصيصي ومحمد بن عيسى الطباع وطبقتهم. وعنه: أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي وأبو عوانة الإسفراييني وأبو القاسم الطبراني وآخرون. لقيه الطبراني ببيت المقدس سنة أربع وسبعين ومئتين.
الإمام العلامة أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني الفقيه تلميذ أحمد بن حنبل. رحل وطلب العلم. وأخذ عن: أبي الوليد الطيالسي وأبي بكر الحميدي وأبي عبيد وسعيد بن منصور وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. روى عنه: القاسم بن محمد الكرماني نزيل طرسوس وعبد الله بن إسحاق النهاوندي وعبد الله بن يعقوب الكرماني وأبو حاتم الرازي رفيقه وأبو بكر الخلال وآخرون. قال الخلال: كان رجلاً جليلاً حثني المروذي على الخروج إليه. قلت: مسائل حرب من أنفس كتب الحنابلة وهو كبير في مجلدين. قيد تاريخ وفاته عبد الباقي بن قانع في سنة ثمانين ومئتين. قلت: عمر وقارب التسعين وما علمت به بأساً رحمه الله تعالى.
ابن معاوية الإمام الحافظ الحجة أبو محمد الأبيوردي محدث نيسابور. سمع في الرحلة من: أبي عبد الرحمن المقرئ وأبي نعيم وعبدان ابن عثمان ومسلم بن إبراهيم ومحمد بن الصلت وطبقتهم. حدث عنه: أبو بكر بن خزيمة وإبراهيم بن أبي طالب وأبو حامد بن الشرقي ومحمد بن صالح بن هانئ والحسن بن يعقوب وعدد كثير.
قال الحاكم: هو شيخ فوق الثقة ورد نيسابور سنة سبعين ومئتين وبقي بها يحدث إلى سنة أربع وسبعين ثم انصرف إلى أبيورد فسمعت محمد بن صالح يقول: لما قتل حيكان يعني ابن الذهلي رفضوا الحديث والمجالس حتى لم يقدر أحد أن يأخذ بنيسابور محبرة إلى أن من الله علينا بورود السري بن خزيمة فاجتمعنا لنذهب إليه فلم نقدر فقصدنا أبا عثمان الحيري الزاهد واجتمع الناس عنده فأخذ هو محبرة بيده وأخذنا المحابر بأيدينا فلم يقدر أحد من المبتدعة أن يتقرب منا فخرج السري فأملى علينا وابن خزيمة ينتخب.
قال الحاكم: وسمعت الحسن بن يعقوب يقول: ما رأيت مجلساً أبهى من مجلس السري بن خزيمة ولا شيخاً أبهى منه كانوا يجلسون بين يديه وكأنما على رؤوسهم الطير وكان لا يحدث إلا من أصل كتابه رحمه الله.
أخبرنا سنقر الزيني بحلب أخبرنا علي بن محمود أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا القاسم بن الفضل أخبرنا يحيى بن إبراهيم أخبرنا محمد بن يعقوب الحافظ حدثنا السري بن خزيمة حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا ايوب عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من حلف بملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال ومن قتل نفسه بشيء عذب به في جهنم ولعن المؤمن كقتله ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله". توفي أظنه في سنة خمس وسبعين ومئتين.
محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران: الإمام الحافظ الناقد شيخ المحدثين الحنظلي الغطفاني من تميم بن حنظلة بن يربوع وقيل: عرف بالحنظلي لأنه كان يسكن في درب حنظلة بمدينة الري. كان من بحور العلم طوف البلاد وبرع في المتن والإسناد وجمع وصنف وجرح وعدل وصحح وعلل. مولده سنة خمس وتسعين ومئة. وأول كتابه للحديث كان في سنة تسع ومئتين وهو من نظراء البخاري ومن طبقته ولكنه عمر بعده أزيد من عشرين عاماً.
سمع: عبيد الله بن موسى ومحمد بن عبد الله الأنصاري والأصمعي وقبيصة وأبا نعيم وعفان وعثمان بن الهيثم المؤذن وأبا مسهر الغساني وأبا اليمان وسعيد بن أبي مريم وزهير بن عباد ويحيى بن بكير وأبا الوليد وآدم بن أبي إياس وثابت بن محمد الزاهد وأبا زيد الأنصاري النحوي وعبد الله بن صالح العجلي وعبد الله بن صالح الكاتب وأبا الجماهر محمد بن عثمان وهوذة بن خليفة ويحيى الوحاظي وأبا توبة الحلبي وخلقاً كثيراً وينزل إلى بندار وأبي حفص الفلاس والربيع المرادي ثم إلى ابن وارة ومحمد بن عوف. ويتعذر استقصاء سائر مشايخه فقد قال الخليلي: قال لي أبو حاتم اللبان الحافظ: قد جمعت من روى عنه أبو حاتم الرازي فبلغوا قريبا من ثلاثة آلاف. حدث عنه: ولده الحافظ الإمام أبو محمد بن عبد الرحمن بن أبي حاتم ويونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان المؤذن شيخاه وأبو زرعة الرازي رفيقه وقرابته وأبو زرعة الدمشقي وإبراهيم الحربي وأحمد الرمادي وموسى بن إسحاق الأنصاري وأبو بكر بن أبي الدنيا وأبو عبد الله البخاري فيما قيل وأبو داود وأبو عبد الرحمن النسائي في سننهما وابن صاعد وأبو عوانة الإسفراييني وحاجب بن أركين ومحمد بن إبراهيم الكناني وزكريا بن أحمد البلخي والقاضي المحاملي ومحمد بن مخلد العطار وأبو الحسن علي بن إبراهيم القطان وأبو عمرو محمد ابن أحمد بن حكيم وسليمان بن يزيد الفامي والقاسم بن صفوان وأبو بشر الدولابي وأبو حامد بن حسنويه وخلق كثير. وقد حدث في رحلاته بأماكن وارتحل بابنه ولقي به أصحاب ابن عيينة ووكيع.
قال الحافظ أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عديك حدثنا الربيع المرادي حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا داود الجعفري حدثنا عبد العزيز ابن محمد عن إبراهيم بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" خير نساء العالمين مريم وآسية امرأة فرعون وخديجة وفاطمة" ثم قال ابن عدي: وحدثناه أبو حاتم.
قال صالح بن أحمد الهمذاني الحافظ: حدثنا القاسم بن أبي صالح وسليمان بن يزيد قالا: حدثنا أبو حاتم قال: حدثني أبو زرعة عني عن أبي الجماهر أخبرنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن مجاهد عن ابن عباس يرفعه قال:" رفع القلم عن ثلاثة". قال أبو حاتم: كان عندي هذا في قرطاس فضاع رواه الحافظ أبو بكر الخطيب حدثنا علي بن طلحة حدثنا صالح.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت موسى بن إسحاق القاضي يقول: ما رأيت أحفظ من والدك وكان قد لقي أبا بكر بن أبي شيبة وابن نمير وابن معين ويحيى الحماني. قال الخطيب: كان أبو حاتم أحد الأئمة الحفاظ الأثبات أول سماعه سنة تسع ومئتين.
قال أبو الشيخ الحافظ: حكى لنا عبد الله بن محمد بن يعقوب: سمعت أبا حاتم يقول: نحن من اهل أصبهان من قرية جروكان وأهلنا كانوا يقدمون علينا في حياة أبي ثم أنقطعوا عنا.
قال الخليلي: كان أبو حاتم عالماً باختلاف الصحابة وفقه التابعين ومن بعدهم سمعت جدي وجماعة سمعوا علي بن إبراهيم القطان يقول: ما رأيت مثل أبي حاتم فقلنا له: قد رأيت إبراهيم الحربي وإسماعيل القاضي قال: ما رأيت أجمع من أبي حاتم ولا أفضل منه.
علي بن إبراهيم الرازي: حدثنا أحمد بن علي الرقام سمعت الحسن بن الحسين الدراستيني قال: سمعت أبا حاتم يقول: قال لي أبو زرعة: ما رأيت أحرص على طلب الحديث منك فقلت له: أن عبد الرحمن ابني لحريص فقال: من أشبه أباه فما ظلم قال الرقام: فسألت عبد الرحمن عن اتفاق كثرة السماع له وسؤالاته لأبيه فقال: ربما كان يأكل وأقرأ عليه ويمشي وأقرأ عليه ويدخل الخلاء وأقرأ عليه ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه. قال أحمد بن سلمة النيسابوري: ما رأيت بعد إسحاق ومحمد بن يحيى أحفظ للحديث من أبي حاتم الرازي ولا أعلم بمعانيه.
قال ابن عدي: سمعت القاسم بن صفوان سمعت أبا حاتم يقول: أورع من رأيت أربعة: آدم وأحمد بن حنبل وثابت بن محمد الزاهد وأبو زرعة الرازي قال القاسم: فذكرته لعثمان بن خرزاذ فقال: أنا اقول أحفظ من رأيت أربعة: محمد بن المنهال الضرير وإبراهيم بن عرعرة وأبو زرعة وأبو حاتم. قال ابن أبي حاتم: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان ودعا لهما وقال: بقاؤهما صلاح للمسلمين. وقال محمد بن الحسين بن مكرم: سمعت حجاج بن الشاعر وذكرت له أبا زرعة وابن وارة وأبا جعفر الدارمي فقال: ما بالمشرق أنبل منهم.
ابن أبي حاتم: سمعت أبي قال لي هشام بن عمار أي شيء تحفظ من الأذواء قلت: ذو الأصابع وذو الجوشن وذو الزوائد وذو اليدين وذو اللحية الكلابي وعددت له ستة فضحك وقال: حفظنا نحن ثلاثة وزدت انت ثلاثة. قال الحافظ عبد الرحمن بن خراش: كان أبو حاتم من أهل الامأنة والمعرفة. وقال هبة الله اللالكائي: كان أبو حاتم إماماً حافظاً متثبتاً وذكره اللالكائي في شيوخ البخاري. وقال النسائي: ثقة. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: جرى بيني وبين أبي زرعة يوماً تمييز الحديث ومعرفته فجعل يذكر أحاديث وعللها وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها وخطأ الشيوخ فقال لي: يا أبا حاتم قل من يفهم هذا ما أعز هذا إذا رفعت هذا من واحد واثنين فما أقل من تجد من يحسن هذا وربما أشك في شيء أو يتخالجني في حديث فإلى أن ألتقي معك لا أجد من يشفيني منه قال أبي: وكذلك كان أمري.
صالح بن أحمد الحافظ: حدثنا القاسم بن أبي صالح سمعت أبا حاتم يقول: قال لي أبو زرعة: ترفع يديك في القنوت قلت: لا فترفع أنت قال: نعم قلت: فما حجتك قال: حديث ابن مسعود قلت: رواه ليث بن أبي سليم قال: فحديث أبي هريرة قلت: رواه ابن لهيعة قال: حديث ابن عباس قلت: رواه عوف قال: فما حجتك في تركه قلت: حديث أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء فسكت.
و قال ابن أبي حاتم في اول كتاب الجرح والتعديل له: سمعت أبي يقول: جاءني رجل من جلة أصحاب الرأي من أهل الفهم منهم ومعه دفتر فعرضه علي فقلت في بعضه: هذا حديث خطأ قد دخل لصاحبه حديث في حديث وهذا باطل وهذا منكر وسائر ذلك صحاح فقال: من أين علمت أن ذاك خطأ وذاك باطل وذاك كذب أأخبرك راوي هذا الكتاب بأني غلطت أو بأني كذبت في حديث كذا قلت: لا ما أدري هذا الجزء من راويه غير أني أعلم أن هذا الحديث خطأ وأن هذا باطل فقال: تدعي الغيب قلت: ما هذا ادعاء غيب قال: فما الدليل على ما قلت قلت: سئل عما قلت من يحسن مثل ما أحسن فأن اتفقنا علمت أنا لم نجازف ولم نقله إلا بفهم قال: ويقول أبو زرعة كقولك قلت: نعم قال: هذا عجب قال: فكتب في كاغد ألفاظي في تلك الاحاديث ثم رجع إلي وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أبو زرعة في تلك الأحاديث فقال: ما قلت أنه كذب قال أبو زرعة: هو باطل قلت: الكذب والباطل واحد قال: وما قلت: أنه منكر قال: هو منكر كما قلت وما قلت: أنه صحيح قال: هو صحيح ثم قال: ما أعجب هذا تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما قلت: فعند ذلك علمت أنا لم نجازف وأنا قلنا بعلم ومعرفة قد أوتيناه والدليل على صحة ما نقوله أن ديناراً بهرجاً يحمل إلى الناقد فيقول: هذا بهرج فأن قيل له: من أين قلت: أن هذا بهرج هل كنت حاضراً حين بهرج هذا الدينار قال: لا وأن قيل: أخبرك الذي بهرجه قال: لا قيل: فمن أين قلت قال: علماً رزقته وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك وكذلك إذا حمل إلى جوهري فص ياقوت وفص زجاج يعرف ذا من ذا ويقول كذلك وكذلك نحن رزقنا علماً لا يتهيأ له أن نخبرك كيف علمنا بأن هذا كذب او هذا منكر فنعلم صحة الحديث بعدالة ناقليه وأن يكون كلاماً يصلح أن يكون كلام النبوة ونعرف سقمه وأنكاره بتفرد من لم تصح عدالته.
قال: وسمعت أبي يقول: قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب علي حديثاً غريباً مسنداً لم أسمع به صحيحاً فله علي درهم يتصدق به وكان ثم خلق: أبو زرعة فمن دونه وأنما كان مرادي أن يلقى علي ما لم أسمع به فيقولون: هو عند فلان فأذهب وأسمعه فلم يتهيأ لأحد أن يغرب علي حديثاً.
وسمعت أبي يقول: كان محمد بن يزيد الأسفاطي قد ولع بالتفسير وتحفظه فقال يوماً: ما تحفظون في قوله تعالى:" فنقبوا في البلاد" فبقي أصحاب الحديث ينظر بعضهم إلى بعض فقلت: حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: ضربوا في البلاد فاستحسن. سمعت أبي يقول: قدم محمد بن يحيى النيسابوري الري فألقيت عليه ثلاثة عشر حديثاً من حديث الزهري فلم يعرف منها إلا ثلاثة احاديث وسائر ذلك لم تكن عنده ولم يعرفها.
سمعت أبي يقول: أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سبع سنين أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ. قلت: مسافة ذلك نحو أربعة أشهر سير الجادة. قال: ثم تركت العدد بعد ذلك وخرجت من البحرين إلى مصر ماشياً ثم إلى الرملة ماشياً ثم إلى دمشق ثم أنطاكية وطرسوس ثم رجعت إلى حمص ثم إلى الرقة ثم ركبت إلى العراق كل هذا في سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة خرجت من الري فدخلت الكوفة في رمضان سنة ثلاث عشرة وجاءنا نعي المقرئ وأنا بالكوفة ثم رحلت ثانياً سنة اثنتين وأربعين ثم رجعت إلى الري سنة خمس وأربعين وحججت رابع حجة في سنة خمس وخمسين وحج فيها عبد الرحمن ابنه. سمعت: أبي يقول كتب عني محمد بن مصفى جزءاً أنتخبه.
وكلمني دحيم في حديث أهل طبرية وكانوا سألوني التحديث فقلت: بلدة يكون فيها مثل دحيم القاضي أحدث أنا بها فكلمني دحيم فقال: أن هذه بلدة نائية عن جادة الطريق فقل من يقدم عليهم يحدثهم.
سمعت أبي يقول: بقيت في سنة أربع عشرة ثمانية أشهر بالبصرة وكان في نفسي أن أقيم سنة فأنقطعت نفقتي فجعلت أبيع ثيابي حتى نفذت وبقيت بلا نفقة ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة وأسمع إلى المساء فأنصرف رفيقي ورجعت إلى بيتي فجعلت أشرب الماء من الجوع ثم أصبحت فغدا علي رفيقي فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد وانصرفت جائعاً فلما كان من الغد غدا علي فقال: مر بنا إلى المشايخ قلت: أنا ضعيف لا يمكنني.
قال: ما ضعفك قلت: لا أكتمك أمري قد مضى يومان ما طعمت فيهما شيئاً فقال: قد بقي معي دينار فنصفه لك ونجعل النصف الآخر في الكراء فخرجنا من البصرة وأخذت منه النصف دينار.
وسمعت أبي يقول: خرجنا من المدينة من عند داود الجعفري وصرنا إلى الجار وركبنا البحر فكانت الريح في وجوهنا فبقينا في البحر ثلاثة أشهر وضاقت صدورنا وفني ما كان معنا وخرجنا إلى البر نمشي أياماً حتى فني ما تبقى معنا من الزاد والماء فمشينا يوماً لم نأكل ولم نشرب ويوم الثاني كمثل ويوم الثالث فلما كان يكون المساء صلينا وكنا نلقي بأنفسنا حيث كنا فلما أصبحنا في اليوم الثالث جعلنا نمشي على قدر طاقتنا وكنا ثلاثة أنفس: شيخ نيسابوري وأبو زهير المروروذي فسقط الشيخ مغشياً عليه فجئنا نحركه وهو لا يعقل فتركناه ومشينا قدر فرسخ فضعفت وسقطت مغشياً علي ومضى صاحبي يمشي فبصر من بعد قوماً قربوا سفينتهم من البر ونزلوا على بئر موسى فلما عاينهم لوح بثوبه إليهم فجاؤوه معهم ماء في إداوة.
فسقوه واخذوا بيده فقال لهم: الحقوا رفيقين لي فما شعرت إلا برجل يصب الماء على وجهي ففتحت عيني فقلت: اسقني فصب من الماء في مشربة قليلاً فشربت ورجعت إلي نفسي ثم سقاني قليلاً وأخذ بيدي فقلت: ورائي شيخ ملقى فذهب جماعة إليه وأخذ بيدي وأنا أمشي وأجر رجلي حتى إذا بلغت إلى عند سفينتهم وأتوا بالشيخ وأحسنوا إلينا فبقينا أياماً حتى رجعت إلينا أنفسنا ثم كتبوا لنا كتاباً إلى مدينة يقال لها: راية إلى واليهم وزودونا من الكعك والسويق والماء.
فلم نزل نمشي حتى نفد ما كان معنا من الماء والقوت فجعلنا نمشي جياعاً على شط البحر حتى دفعنا إلى سلحفاة مثل الترس فعمدنا إلى حجر كبير فضربنا على ظهرها فانفلق فإذا فيها مثل صفرة البيض فتحسيناه حتى سكن عنا الجوع ثم وصلنا إلى مدينة الراية وأوصلنا الكتاب إلى عاملها فأنزلنا في داره فكان يقدم لنا كل يوم القرع ويقول لخادمه: هاتي لهم اليقطين المبارك فيقدمه مع الخبز أياماً فقال واحد منا: ألا تدعو باللحم المشؤوم فسمع صاحب الدار فقال: أنا أحسن بالفارسية فإن جدتي كانت هروية وأتانا بعد ذلك باللحم ثم زودنا إلى مصر.
وسمعت أبي يقول: كتبت الحديث سنة تسع وأنا ابن أربع عشرة سنة وكتبت عن عتاب بن زياد المروزي سنة عشر فلما قدم علينا حاجاً وكنت أفيد الناس عن أبي عبد الرحمن المقرئ وأنا بالري فيخرج الناس إليه فيسمعون منه ويرجعون وأنا بالري. وسمعت أبي يقول: كتبت عند عارم وهو يقرأ وكتبت عند عمرو بن مرزوق وهو يقرأ وسرت من الكوفة إلى بغداد ما لا أحصي كم مرة.
ابن حبان: أخبرني محمد بن المنذر حدثنا محمد بن إدريس قال: كان أبو نعيم يوماً جالساً ورجل في ناحية المجلس يقول: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا ابن جريج قال: فنظر إليه أبو نعيم وقال: كذب الدجال ما سمعت من ابن جريج شيئاً. ابن حبان: أخبرني محمد بن المنذر حدثنا محمد بن إدريس حدثنا مؤمل بن يهاب عن يزيد بن هارون قال: كان بواسط رجل يروي عن أنس بن مالك أحرفاً ثم قيل: أنه أخرج كتاباً عن أنس فأتيناه فقلنا له: هل عندك من شيء من تلك الأحرف فقال: نعم عندي كتاب عن أنس فقلنا: أخرجه فأخرجه فنظرنا فإذا هي أحاديث شريك بن عبد الله فجعل يقول: حدثنا أنس فقلنا: هذه أحاديث شريك. فقال: صدقتم حدثنا أنس بن مالك عن شريك قال: فأفسد علينا تلك الأحرف التي سمعناها منه وقمنا عنه.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية له: حدثنا أبي وأبو زرعة قال: كان يحكى لنا أن هنا رجلاً من قصته هذا فحدثني أبو زرعة قال: كان بالبصرة رجل وأنا مقيم سنة ثلاثين ومئتين فحدثني عثمان بن عمرو بن الضحاك عنه أنه قال: أن لم يكن القرآن مخلوقاً فمحا الله ما في صدري من القرآن وكان من قراء القرآن فنسي القرآن حتى كان يقال له: قل:" بسم الله الرحمن الرحيم" فيقول: معروف معروف ولا يتكلم به قال أبو زرعة: فجهدوا به أن أراه فلم أره.
وقال الحافظ أبو القاسم اللالكائي: وجدت في كتاب أبي حاتم محمد ابن ادريس الحنظلي مما سمع منه يقول: مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين والتمسك بمذاهب أهل الأثر مثل الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد ولزوم الكتاب والسنة ونعتقد أن الله عز وجل على عرشه" ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"-الشورى:11- وأن الإيمان يزيد وينقص ونؤمن بعذاب القبر وبالحوض وبالمسائلة في القبر وبالشفاعة ونترحم على جميع الصحابة وذكر أشياء.
إذا وثق أبو حاتم رجلاً فتمسك بقوله فأنه لا يوثق الا رجلاً صحيح الحديث وإذا لين رجلاً أو قال فيه: لا يحتج به فتوقف حتى ترى ما قال غيره فيه فإن وثقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم فأنه متعنت في الرجال قد قال في طائفة من رجال الصحاح: ليس بحجة ليس بقوي او نحو ذلك وآخر من حدث عنه هو: محمد بن إسماعيل بن موسى الرازي عاش إلى بعد سنة إحدى و خمسين وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق بن المؤيد أخبرنا زيد بن يحيى بن هبة الله ببغداد أخبرنا أبو القاسم أحمد بن المبارك بن قفرجل أخبرنا عاصم ابن الحسن قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي الفارسي حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل إملاء حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا أبو مسهر أخبرنا إسماعيل بن عياش حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" قال الله عز وجل: ابن آدم أركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره".
أخبرنا المؤمل بن محمد وابن علان كتابة قالا: أخبرنا أبو اليمن الكندي أخبرنا عبد الرحمن الشيباني أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو عمر بن مهدي أخبرنا أبو عمر بن مهدي أخبرنا ابن مخلد حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا خالد بن الحباب بالشام حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" احتج آدم وموسى فحج آدم موسى".
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن سنة اثنتين وتسعين وست مئة أخبرنا محمد بن خلف الحنبلي سنة ست عشرة وست مئة أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا محمد وأحمد ابنا عبد الله بن أحمد قالا: أخبرنا علي بن محمد الفرضي أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيم حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا محمد بن عبد الله حدثني حميد عن أنس بن مالك قال: افتتح أبو بكر رضي الله عنه- البقرة- في يوم عيد فطر او أضحى فقلت: يقرأ عشر آيات فلما جاوز العشر قلنا: يقرأ مئة آية حتى قرأها فرأيت أشياخ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يميلون. هذا حديث صحيح غريب.
قال أبو الحسين بن المنادي وغيره: مات الحافظ أبو حاتم في شعبان سنة سبع وسبعين ومئتين وقيل: عاش ثلاثاً وثمانين سنة. ولأبي محمد الإيادي الشاعر مرثية طويلة في أبي حاتم رواها عنه ابن أبي حاتم أولها.
أنفسي مالك لا تجـزعـينـا |
|
وعيني مالك لا تدمـعـينـا |
ألم تسمعي بكسوف العـلـو |
|
م من شهر شعبان محقا مدينا |
ألم تسمعي خبر المرتضـى |
|
أبي حاتم أعلم العالـمـينـا |
العلامة الحافظ يكنى: أبا محمد ولد سنة أربعين ومئتين أو أحدى وأربعين. قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الرازي الخطيب في ترجمة عملها لابن أبي حاتم: كان رحمه الله قد كساه الله نوراً وبهاء يسر من نظر إليه.
سمعته يقول: رحل بي أبي سنة خمس وخمسين ومئتين وما احتلمت بعد فلما بلغنا ذا الحليفة احتلمت فسر أبي حيث أدركت حجة الإسلام فسمعت في هذه السنة من محمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ.
قلت: وسمع من: أبي سعيد الأشج والحسن بن عرفة والزعفراني ويونس بن عبد الأعلى وعلي بن المنذر الطريقي وأحمد ابن سنان ومحمد بن إسماعيل الأحمسي وحجاج بن الشاعر ومحمد ابن حسان الأزرق ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه وإبراهيم المزني والربيع بن سليمان المؤذن وبحر بن نصر وسعدان بن نصر والرمادي وأبي زرعة وابن وارة وخلائق من طبقتهم وممن بعدهم بالحجاز والعراق والعجم ومصر والشام والجزيرة والجبال. وكان بحراً لا تكدره الدلاء.
روى عنه: ابن عدي وحسين بن علي التميمي والقاضي يوسف الميانجي وأبو الشيخ بن حيان وأبو أحمد الحاكم وعلي بن عبد العزيز بن مردك وأحمد بن محمد البصير الرازي وعبد الله بن محمد بن أسد الفقيه وأبو علي حمد بن عبد الله الأصبهاني وإبراهيم بن محمد بن يزداد وأخوه أحمد وإبراهيم بن محمد النصر آباذي وأبو سعيد بن عبد الوهاب الرازي وعلي بن محمد القصار وخلق سواهم.
قال أبو يعلى الخليلي: اخذ أبو محمد علم أبيه وأبي زرعة وكان بحراً في العلوم ومعرفة الرجال صنف في الفقه وفي اختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار قال: وكان زاهداً يعد من الأبدال. قلت: له كتاب نفيس في الجرح والتعديل أربع مجلدات وكتاب الرد على الجهمية مجلد ضخم انتخبت منه وله تفسير كبير في عدة مجلدات عامته آثار بأسأنيده من أحسن التفاسير.
قال الحافظ يحيى بن مندة: صنف ابن أبي حاتم المسند في ألف جزء وكتاب الزهد وكتاب الكنى وكتاب الفوائد الكبير وفوائد أهل الري وكتاب تقدمة الجرح والتعديل. قلت: وله كتاب العلل مجلد كبير.
وقال الرازي المذكور في ترجمة عبد الرحمن: سمعت علي بن محمد المصري ونحن في جنازة ابن أبي حاتم يقول: قلنسوة عبد الرحمن من السماء وما هو بعجب رجل منذ ثمانين سنة على وتيرة واحدة لم ينحرف عن الطريق. وسمعت علي بن أحمد الفرضي يقول: ما رأيت أحداً ممن عرف عبد الرحمن ذكر عنه جهالة قط. وسمعت عباس بن أحمد يقول: بلغني أن أبا حاتم قال: ومن يقوى على عبادة عبد الرحمن لا أعرف لعبد الرحمن ذنباً. وسمعت عبد الرحمن يقول: لم يدعني أبي اشتغل في الحديث حتى قرات القرآن على الفضل بن شاذان الرازي ثم كتبت الحديث. قال الخليلي: يقال أن السنة بالري ختمت بابن أبي حاتم وأمر بدفن الأصول من كتب أبيه وأبي زرعة ووقف تصانيفه وأوصى إلى الدرستيني القاضي.
وسمعت أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ يحكي عن علي بن الحسين الدرستيني أن أبا حاتم كان يعرف الاسم الأعظم فمرض ابنه فاجتهد أن لا يدعو به فأنه لا ينال به الدنيا فلما اشتدت العلة حزن ودعا به فعوفي فرأى أبو حاتم في نومه: استجبت لك ولكن لا يعقب ابنك فكان عبد الرحمن مع زوجته سبعين سنة فلم يرزق ولداً وقيل: أنه ما مسها.
وقال الرازي: وسمعت علي بن أحمد الخوارزمي يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ وبالليل: النسخ والمقابلة قال: فأتينا يوماً أنا ورفيق لي شيخاً فقالوا: هو عليل فرأينا في طريقنا سمكة أعبجتنا فاشتريناه فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس فلم يمكنا إصلاحه ومضينا إلى المجلس فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام وكاد أن يتغير فأكلناه نيئاً لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.
قال الخطيب الرازي: كان لعبد الرحمن ثلاث رحلات: الأولى مع أبيه سنة خمس وسنة ست ثم حج وسمع محمد بن حماد في سنة ثنتين ثم رحل بنفسه إلى السواحل والشام ومصر سنة اثنتين وستين ومئتين ثم رحل إلى أصبهان في سنة أربع وستين فلقي يونس بن حبيب.
سمعت الواعظ أبا عبد الله القزويني يقول: إذا صليت مع عبد الرحمن فسلم إليه نفسك يعمل بها ما شاء دخلنا يوماً بغلس على عبد الرحمن في مرض موته فكان على الفراش قائماً يصلي وركع فأطال الركوع. ومن كلامه: قال: وجدت ألفاظ التعديل والجرح مراتب: فإذا قيل ثقة: أو: متقن احتج به وأن قيل: صدوق أو: محله الصدق أو: لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية وإذا قيل: شيخ فيكتب حديثه وهو دون ما قبله وإذا قيل: صالح الحديث فيكتب حديثه وهو دون ذلك يكتب للاعتبار وإذا قيل: لين فدون ذلك وإذا قالوا: ضعيف الحديث فلا يطرح حديثه بل يعتبر به فإذا قالوا: متروك الحديث أو: ذاهب الحديث أو: كذاب فلا يكتب حديثه.
قال عمر بن إبراهيم الهروي الزاهد: حدثنا الحسين بن أحمد الصفار سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: وقع عندنا العلاء فأنفذ بعض أصدقائي حبوباً من أصبهان فبعته بعشرين ألفاً وسألني أن اشتري له داراً عندنا فإذا جاء ينزل فيها فأنفقتها في الفقراء وكتبت إليه: اشتريت لك بها قصراً في الجنة فبعث يقول: رضيت فاكتب على نفسك صكاً ففعلت فأريت في المنام قد وفينا بما ضمنت ولا تعد لمثل هذا. قال الإمام أبو الوليد الباجي: عبد الرحمن بن أبي حاتم ثقة حافظ.
وقال أبو الربيع محمد بن الفضل البلخي: سمعت أبا بكر محمد بن مهرويه الرازي سمعت علي بن الحسين بن الجنيد سمعت يحيى بن معين يقول: أنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة من أكثر من مئتين سنة. قلت: لعلها من مئة سنة فأن ذلك لا يبلغ في أيام يحيى هذا القدر. قال ابن مهرويه: فدخلت على عبد الرحمن بن أبي حاتم وهو يقرأ على الناس كتاب: الجرح والتعديل فحدثته بهذا فبكى وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب وجعل يبكي ويستعيدني الحكاية. قلت: أصابه على طريق الوجل وخوف العاقبة وإلا فكلام الناقد الورع في الضعفاء من النصح لدين الله والذب عن السنة.
وقد كتب الي عبد الرحمن بن محمد وجماعة سمعوا عمر بن محمد يقول: أخبرنا هبة الله بن محمد أخبرنا محمد بن محمد بن غيلأن أخبرنا أبو إسحاق المزكي أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الحنظلي حدثنا هارون بن حميد حدثنا الفضل بن عنبسة أخبرنا شعبة عن الحكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" الجار أحق بسقب داره أو أرضه".
أخرجه النسائي عن زكريا خياط السنة عن هارون هذا فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين. توفي ابن أبي حاتم في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاث مئة بالري وله بضع وثمانون سنة.
الشيخ الإمام الثقة أبو جعفر أحمد بن الخليل بن ثابت البغدادي البرجلاني والبرجلانية: محلة من بغداد. سمع: الواقدي وأبا النضر والأسود بن عامر شاذان والحسن الأشيب. حدث عنه: عثمان بن السماك وأبو بكر النجاد ومحمد بن جعفر ابن الهيثم الأنباري وآخرون. وثقه أبو بكر الخطيب وقال: توفي في ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومئتين.