الكجي

الطبقة السادسة عشرة

الكجي

الشيخ الإمام الحافظ المعمر شيخ العصر أبو مسلم إبراهيم بن عبدالله بن مسلم بن ماعز بن مهاجر البصري الكجي صاحب السنن. ولد سنة نيف وتسعين ومئة.


وسمع في الحداثة من: أبي عاصم النبيل ومحمد بن عبدالله الأنصاري ومعاذ بن عوذ الله وعبد الرحمن بن حماد الشعيثي وعبد الملك بن قريب الأصمعي وسعيد بن سلام العطار وأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري وبدل بن المحبر ومسلم بن إبراهيم وعبد الله بن رجاء وحجاج بن نصير وأبي الوليد وحجاج بن منهال وأبي عمر الضرير وسليمان بن داود الهاشمي وعثمان بن الهيثم المؤذن وخلق كثير.


وعنده عدة أحاديث ثلاثية السند.


حدث عنه: أبو بكر النجاد وأبو بكر الشافعي وفاروق الخطابي وحبيب القزاز وأبو القاسم الطبراني وأبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي والحسن بن سعد القرطبي والقاضي أبو أحمد العسال وأحمد بن طاهر الميانجي وأبو بكر الآجري وأبو محمد بن ماسي وخلق سواهم.


وثقة الدارقطني وغيره. وكان سرياً نبيلاً متمولاً عالماً بالحديث وطرقه عالي الإسناد قدم بغداد وازدحموا عليه فقال أحمد بن جعفر الختلي: لما قدم علينا أبو مسلم الكجي أملى علينا في رحبة غسان وكان في مجلسه سبعة مستملين يبلغ كل واحد منهم صاحبه الذي يليه وكتب الناس عنه قياماً ثم مسحت الرحبة وحسب من حضره بمحبرة فبلغ ذلك نيفاً وأربعين ألف محبرة سوى النظارة.


إسنادها صحيح سمعه أبو بكر الخطيب من بشرى الفاتني قال: سمعت الختلي يقول ذلك. وقال غنجار في تاريخ بخارى: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد: سمعت جعفر بن محمد الطبسي يقول: كنا ببغداد ومعنا عبد الله مستملي صالح جزرة فقيل لأبي مسلم الكجي: هذا مستملي صالح قال: ومن صالح فقيل: صالح الجزري قال: ويحكم ما أهونة عندكم ألا تقول: سيد المسلمين وكنا في أخريات الناس فقدمنا فقال كيف أخي وكبيري ما تريدون فقلنا: أحاديث محمد بن عرعرة وحكايات الأصمعي فأملى علينا عن ظهر قلب وكان ضريراً مخضوب اللحية.


عن فاروق الخطابي قال: لما فرغنا من السنن على الكجي عمل لنا مأدبة أنفق عليها ألف دينار وقد مدح الكجي أبو عبادة البحتري فأجازه بمال وقيل: إنه لما حدث تصدق بعشرة آلاف درهم شكراً لله.


مات ببغداد في سابع المحرم سنة اثنتين وتسعين ومئتين فنقل إلى البصرة ودفن بها وقد قارب المئة رحمه الله.

بكر بن سهل

ابن إسماعيل بن نافع الإمام المحدث أبو محمد الهاشمي مولاهم الدمياطي المفسر المقرىء. ولد سنة ست وتسعين ومئة.
وسمع: نعيم بن حماد وعبدالله بن يوسف التنيسي وعبدالله بن صالح كاتب الليث وسليمان بن أبي كريمة وشعيب ين يحيى ومحمد ابن مخلد الرعيني وصفوان بن صالح وطائفة وتلا على تلامذة ورش.


قرأ عليه: أبو الحسن بن شنبوذ وزكريا بن يحيى الأندلسي. وحمل عنه أحمد بن يعقوب التائب الحروف وإبراهيم بن عبدالرزاق في كتابه إليهما.


وحدث عنه: أبو جعفر الطحاوي وأبو العباس الأصم وعلي بن محمد الواعظ وأحمد بن عتبة الرازي وأبو أحمد العسال وأبو القاسم سليمان الطبراني وخلق كثير. وكان أسمر ربعة كبير الأذنين.


قال أبو الشيخ: كانوا قد جمعوا له بالرملة خمس مئة دينار ليقرأ لهم التفسير فامتنع وقدم بيت المقدس فجمع له منها ومن الرملة ألف دينار فقرأ عليهم الكتاب ومات في هذه السنة أي سنة سبع وثمانين ومئتين.


قال النسائي: ضعيف. وقال أبو سعيد بن يونس: مات بدمياط في ربيع الأول سنة تسع وثمانين ومئتين. قلت: هذا أصح.


قال أبو بكر القباب: سمعت أبا الحسن بن شنبوذ سمعت بكر بن سهل الدمياطي يقول: هجرت أي بكرت يوم الجمعة فقرأت إلى العصر ثمان ختمات حكاه يحيى بن مندة في تاريخه.

الحسين بن فهم

هو: الحافظ العلامة النسابة الأخباري أبو علي الحسين ابن محمد بن عبدالرحمن بن فهم بن محرز البغدادي.


روى عن: محمد بن سلام الجمحي وخلف هشام ويحيى بن معين ومحمد بن سعد الكاتب ولزمه وأكثر عنه ومحرز بن عون ومصعب بن عبدالله وزهير بن حرب وطبقتهم وجمع وصنف.


حدث عنه: أحمد بن معروف الخشاب وأحمد بن كامل وإسماعيل الخطبي وأبو علي الطوماري وطائفة. وكان له جلساء من أهل العلم يذاكرهم لكنه عسر في الرواية.


وقد قال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال الخطبي: مولده في سنة إحدى عشرة ومئتين ومات في رجب سنة تسع وثمانين ومئتين.


وقال ابن كامل القاضي: كان حسن المجلس مفنناً في العلوم كثير الحفظ للحديث مسنده ومقطوعه ولأصناف الأخبار والنسب والشعر والمعرفة بالرجال فصيحاً متوسطاً في الفقه يميل إلى مذهب العراقيين سمعته يقول: صحبت يحيى بن معين فأخذت عنه معرفة الرجال وصحبت مصعباً فأخذت عن النسب وصحبت أبا خيثمة فأخذت عنه المسند وصحبت سجادة فأخذت عنه الفقه.

الصائغ

المحدث الإمام الثقة أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد المكي الصائغ.


سمع: القعنبي وخالد بن يزيد العمري وحفص بن عمر الحوضي وسعيد بن منصور ومحمد بن معاوية ويحيى بن معين ومحمد بن بشر التنيسي وأحمد بن شبيب وحفص بن عمر الجدي وإبراهيم بن المنذر ويعقوب بن حميد بن كاسب وعدة مع الصدق والفهم وسعة الرواية. حدث عنه: دعلج بن أحمد وأبو أحمد وأبو محمد الفاكهي وسليمان الطبراني وخلق كثير من الرحالين. أرخ أبو يعلى الخليلي وفاته سنة سبع وثمانين ومئتين. والصواب: وفاته بمكة في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين ومئتين.

ماغمه

الشيخ المحدث الحافظ أبو الحسن علي بن عبدالصمد الطيالسي البغدادي علان ويلقب أيضاً: ماغمه وماغمها.سمع: مسروق بن المرزبان وعبيد الله القواريري أبا معمر الهذلي والجراح بن مخلد وطبقتهم.


وعنه: أحمد بن كامل وعبد الباقي بن قانع وأبو بكر الشافعي وأبو القاسم الطبراني وآخرون. وثقة أبو بكر الخطيب. توفي في شعبان سنة تسع وثمانين ومئتين.

ابن بشار

الإمام العلامة شيخ الشافعية أبو القاسم عثمان بن سعيد بن بشار البغدادي الفقيه الأنماطي الأحول. ارتحل وتفقه على المزني والربيع المرادي وروى عنهما.ويعز وقوع شيء من حديثه لأنه مات قبل أوان الرواية. وعليه تفقه أبو العباس بن سريج وغيره.


قال الشيخ أبو إسحاق: هو كان السبب في نشاط الناس ببغداد لكتب فقه الشافعي وتحفظه. توفي في شوال سنة ثمان وثمانين ومئتين ببغداد.

ابن أبي عاصم

حافظ كبير إمام بارع متبع للآثار كثير التصانيف. قدم أصبهان على قضائها ونشر بها علمه. قال أبو الشيخ: كان من الصيانة والعفة بمحل عجيب. وقال أبو بكر بن مروديه: حافظ كثير الحديث صنف المسند والكتب.


وقال أبو العباس النسوي: أبو بكر بن أبي عاصم وهو: أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني من أهل البصرة من صوفية المسجد من أهل السنة والحديث والنسك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صحب النساك منهم: أبو تراب وسافر معه وكان مذهبه القول بالظاهر وكان ثقة نبيلاً معمراً.


وقال الحافظ أبو نعيم: كان فقيهاً ظاهري المذهب.في هذا نظر فإنه صنف كتاباً على داود الظاهري أربعين خبراً ثابتة مما نفى داود صحتها.


قالت بنته عاتكة: ولد أبي شوال سنة ست ومئتين فسمعته يقول: ما كتبت الحديث حتى صار لى سبع عشرة سنة وذلك أني تعبدت وأنا صبي فسألني إنسان عن حديث فلم أحفظه فقال لي: ابن ابي عاصم لا تحفظ حديثاً فاستأذنت أبي فأذن لي فارتحلت.


قلت: كان يمكنه أن يحفظ أحاديث يسيره من جده أبي عاصم. وأمه هي: أسماء بنت الحافظ موسى بن إسماعيل التبوذكي فسمع من جده التبوذكي ومات والده بحمص على قضائها في سنة اثنتين وأربعين ومئتين وله نيف وستون سنة.


وكان وأخوه عثمان بن عمرو بن أبي عاصم من كبار العلماء.


قال ابن عبد كويه: سمعت عاتكة بنت أحمد تقول: سمعت أبي يقول: جاء أخي عثمان عهده بالقضاء على سامراء فقال: أقعد بين يدي الله تعالى قاضياً فانشقت مرارته فمات.


قال ابن عبد كويه: أخبرتنا عاتكة: سمعت أبي يقول: خرجت إلى مكة من الكوفة فأكلت أكلة بالكوفة والثانية بمكة. قلت: إسنادها صحيح.


قال أبو الشيخ: سمعت ابني عبد الرزاق يحكي عن أبي عبد الله الكسائي قال: كنت عنده يعني ابن أبي عاصم فقال واحد: أيها القاضي بلغنا أن ثلاثة نفر كانوا بالبادية وهم يقبلون الرمل فقال واحد منهم: اللهم إنك قادر على أن تطمعنا خبيصاً على لون هذا الرمل فإذا هم بأعرابي بيده طبق فوضعه بينهم خبيص حار فقال ابن أبي عاصم: قد كان ذاك.


قال أبو عبد الله: كان الثلاثة: عثمان بن صخر الزاهد وأبو تراب وابن أبي عاصم وكان هو الذي دعا. عن محمد بن إبراهيم عن ابن أبي عاصم قال: صحبت أبا تراب فقطعوا البادية فلم يكن زاد إلا هذين البيتين

 

رويدك جانب ركوب الهوى

 

فبئس المطية للـراكـب

وحسبك بالله من مـؤنـس

 

وحسبك بالله من صاحـب

 

وكان ابن أبي عاصم مجوداً للقراءة وكان يقول: أنا أقدم نافعاً في القراءة وكان يقول:ما بقي أحد قرأ على روح بن عبد المؤمن غيري يعني صاحب يعقوب.


ابن مردويه: سمعت عبد الله بن محمد بن عيسى سمعت أحمد بن محمد بن محمد المديني البزاز يقول: قدمت البصرة وأحمد بن حنبل حي فسألت عن أفقههم فقالوا: ليس بالبصرة أفقه من أحمد بن عمرو بن أبي عاصم. أبو الشيخ: سمعت ابني عبد الرزاق يحكي عن أحمد بن محمد بن عاصم: سمعت ابن أبي عاصم يقول: وصل إلى منذ دخلت إلى أصبهان من دراهم القضاء زيادة على أربع مئة ألف درهم لا يحاسبني الله يوم القيامة أني شربت منها شربة ماء أو أكلت منها أو لبست.


وأورد هذه الحكاية ابن مردويه فقال: أرى أني سمعتها من أحمد بن محمد بن عاصم.


أبو الشيخ: وسمعت ابني يحكي عن أبي عبدالله الكسائي: سمعت ابن أبي عاصم يقول: لما كان من أمر العلوي بالبصرة ما كان ذهبت كتبي فلم يبق منها شيء فأعدت عن ظهر قلبي خمسين ألف حديث كنت أمر إلى دكان البقال فكنت أكتب بضوء سراجه ثم تفكرت أني لم أستأذن صاحب السراج فذهبت إلى البحر فغسلته ثم أعدته ثانياً.


قال أبو الشيخ: فولي القضاء بأصبهان مدة لإبراهيم بن أحمد الخطابي ثم ولي القضاء بعد موت صالح بن أحمد إلى سنة اثنتين وثمانين ومئتين ثم بقي يحدث ويسمع منه إلى أن توفي وكان قاضياً ثلاث عشرة سنة وكثرت الشهود في أيامه.


قال ابن مردويه: عزل سنة اثنتين وثمانين.


قال أبو عبد الله بن خفيف: قال ابن أبي عاصم: صحبت أبا تراب فكان يقول: كم تشقى لا يجيء منك إلا قاضي وكان بعدما دخل في القضاء إذا سئل عن مسألة الصوفية يقول: القضاء والدنية والكلام في علم الصوفية محال.


قال أبو الشيخ: كثرت الشهود في أيامه واستقام أمره إلى أن وقع بينه وبين علي بن متويه وكان صديقه طول أيامه فاتفق أنه صار إلى ابن متويه قوم من المرابطين فشكوا إليه خراب الرباطات وتأخر الإجراء عنهم فاحتد علي بن متويه فذكر ابن أبي عاصم حتى قال: إنه لا يحسن يقوم سورة الحمد فبلغ الخبر ابن أبي عاصم فتغافل عنه إلى أن حضر الشهود عنده فاستدرجهم وقرأ عليهم سورة الحمد فقومها ثم ذكر ما فيها من التفسير والمعاني ثم أقبل عليهم فقال: هل ارتضيتم قالوا: بلى قال: فمن زعم أني لا أحسن تقويم سورة الحمد كيف هو عندكم قالوا: كذاب ولم يعرفوا قصده فحجر ابن أبي عاصم على علي بن متويه لهذا السبب فماج الناس واجتمعوا على باب أبي ليلى يعني الحارث بن عبدالعزيز وكان خليفة أخيه عمر بن عبدالعزيز على البلد وذلك في سنة فأكرهه أبو ليلى على فسخه ففسخه ثم ضعف بصره فورد صرفه.


قال أبو بكر بن أبي علي: سمعت بعض مشايخنا يحكون أنه حكم بحجره ووضعه في جونته فأنفذ إليه السلطان يكرهونه على فسخه فامتنع حتى منع من الخروج إلى المسجد أياماً فصبر وكانت الرسل تختلف إليه في ذلك فيقول: قد حكمت بحكم وهو في جونتي مختوم فمن أحب إخراج ذلك منها فليفعل من دون أمري فلم يقدروا إلى أن طيب قلبه فأخرجه وفسخه.


قال أبو موسى المديني: وجدت بخط بعض قدماء علماء أصبهان فيما جمع من قضاتها قال: إبراهيم بن أحمد الخطابي وافى أصبهان من قبل المعتز وكان من أهل الأدب والنظر فلما قدمها صادف بها ابن أبي عاصم فجعله كاتبه وعليه كان يعول ثم وافى صالح بن أحمد بن حنبل من قبل المعتمد وانقطع القضاة عن أصبهان مدة إلى أن ورد كتاب المعتمد على ابن أبي عاصم بتوليته القضاء وكان في رجب سنة تسع وستين ومئتين فبقي عليها ثلاث عشرة سنة واستقام أمره إلى أن وقع بينه وبين علي بن متويه زاهد البلد قال وولي بعده القضاء الوليد بن أبي دواد.


أبو العباس النسوي: سمعت أبا بكر محمد بن مسلم سمعت محمد ابن خفيف يقول: سمعت الحكيمي يقول: ذكروا عند ليلى الديلمي أن أبا بكر بن أبي عاصم ناصبي فبعث غلاماً له ومخلاة وسيفاً وأمره أن يأتيه برأسه فجاء الغلام وأبو بكر يقرأ الحديث والكتاب في يده فقال أمرني أن أحمل إليه رأسك فنام على قفاه ووضع الكتاب الذي كان في يده على وجهه وقال: افعل ما شئت فلحقه إنسان وقال: لا تفعل فإن الأمير قد نهاك فقام أبو بكر وأخذ الجزء ورجع إلى الحديث الذي قطعه فتعجب الناس.


قال أبو بكر بن مردويه: سمعت أحمد بن إسحاق يقول: مات أحمد ابن عمرو سنة سبع وثمانين ليلة الثلاثاء لخمس خلون من ربيع الآخر.


وذكر عن أبي الشيخ قال: حضرت جنازة أبي بكر وشهدها مئتا ألف من بين راكب وراجل ما عدا رجلاً كان يتولى القضاء فحرم شهود جنازته وكان يرى رأي جهم. قال أبو الشيخ: سمعت ابني عبد الرزاق يحكي عن أبي عبد الله الكسائي قال: رأيت ابن عاصم فيما يرى النائم كأنه كان جالساً في مسجد الجامع وهو يصلي كم قعود فسلمت عليه فرد علي وقلت له: أنت أحمد بن أبي عاصم قال: نعم قلت: ما فعل الله بك قال: يؤنسني ربي قلت: يؤنسك ربك قال: نعم فشهقت شهقة وانتبهت.


ذكر تصانيفه: جمع جزء فيها زيادة على ثلاث مئة مصنف رواها عنه أبو بكر القباب من ذلك: المسند الكبير نحو خمسين ألف حديث والآلحاد والمثاني نحو عشرين ألف حديث في الأصناف المختصر من المسند نيف وعشرون ألفاً فذكر نحواً من هذا إلى أن عد مئة وأربعين ألفاً ونيفاً.


شيوخه: أبو الوليد الطيالسي وعمرو بن مرزوق وأبو عمر الحوضي ومحمد بن كثير ومحمد بن أبي بكر المقدمي وشيبان بن فروخ وهدبة بن خالد ومحمد بن عبدالله بن نمير وإبراهيم بن محمد الشافعي ويعقوب بن حميد بن كاسب وإبراهيم بن الحجاج السامي والحوطي عبد الوهاب بن نجدة ودحيم وهشام بن عمار وأبو بكر بن أبي شيبة وعبد الأعلى بن حماد وكامل بن طلحة الجحدري وأبو كامل الجحدري وعبدالله بن محمد بن أسماء وطبقتهم وينزل إلى طبقة أبي حاتم الرازي والبخاري ويكثر عن ابن أبي شيبة وابن كاسب وهشام.


حدث عنه: ابنته أم الضحاك عاتكة وأحمد بن جعفر بن معبد والقاضي أبو أحمد العسال ومحمد بن إسحاق بن أيوب وعبدالرحمن بن محمد بن سياه وأحمد بن محمد بن عاصم وأحمد بن بندار الشعار ومحمد بن معمر بن ناصح وأبو الشيخ وأبو بكر القباب وهو آخر أصحابه وفاة وأبو عبد الله محمد بن أحمد الكسائي.


قال أبو سعيد بن الأعرابي في كتاب طبقات النساك له: فأما أبو بكر ابن أبي عاصم فسمعت من يذكر أنه كان يحفظ لشقيق البلخي ألف مسألة وكان من حفاظ الحديث والفقه وكان مذهبه القول بالظاهر ونفي القياس.


قرأت على أحمد بن محمد الدشتي: أخبركم يوسف الحافظ أخبرنا مسعود بن أبي منصور الجمال وأنبأنا أحمد بن سلامة عن الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد بن مسلم بن رافع بن رفيع بن ذهل بن شيبان أبو بكر كان فقيها: ظاهري المذهب ولي القضاء بأصبهان ثلاث عشرة سنة بعد صالح بن أحمد توفي فصلى عليه ابنه الحكم سمع من جده لأمه موسى بن إسماعيل كتب حماد بن سلمة ومن أبي الوليد وعمرو بن مرزوق والحوضي.


وبه إلى أبي نعيم: حدثنا القاضي أبو أحمد حدثنا أحمد بن عمرو ابن أبي عاصم حدثنا الأزرق بن علي أبو الجهم حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني حدثنا خالد بن سعيد المدني عن أبي حازم عن سهل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل عمل سناماً وسنام القرآن البقرة من قرأها في بيته ليلاً لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال ومن قرأها في بيته نهاراً لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام".


وبه إلى أبي نعيم حدثنا عبدالرحمن بن محمد بن سياه حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا هدبة حدثنا أبان عن يحيى بن أبي كثير قال: بلغني أن القرآن يرفع يوم القيامة غير سورة يوسف وسورة مريم يتكلم بها أهل الجنة.


أخبرنا بلال الحبشي: أخبرنا ابن رواج أخبرنا السلفي أخبرنا محمد وأحمد ابنا أبي القاسم السوذرجاني أخبرنا علي بن ميلة الفرضي إملاء حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن عاصم حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم حدثنا المقدمي حدثنا عبد ربه الحنفي حدثنا سماك الحنفي سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة من كان له فرطان من أمتي دخل الجنة" قالت: يا نبي الله فمن كان له فرط قال: "ومن كان له فرط يا موفقة" قالت: يا نبي الله فمن لم يكن له فرط من أمتك قال: "أنا فرط أمتي لم يصابوا بمثلي".


رواه الترمذي محسناً مغرباً له عن نصر بن علي وزياد بن يحيى وعن أحمد بن سعيد المرابطي عن حبان جمعياً عن عبد ربه عن سماك بن الوليد أبي زميل الحنفي.


وعبد ربه هذا: ضعفه ابن معين وقال أحمد: ما به بأس. أخبرنا إسحاق بن طارق أخبرنا يوسف بن خليل أخبرنا ناصر بن محمد أخبرنا جعفر بن عبد الواحد أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد الكاتب أخبرنا عبد الله بن محمد أبو الشيخ بقراءة أبي حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم حدثنا عمرو بن مرزوق عن عمران القطان عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة قالت: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: شهاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت هشام" إسناده جيد.

الحكيم

الإمام الحافظ العارف الزاهد أبو عبدالله محمد بن علي ابن الحسن بن بشر الحكيم الترمذي.


حدث عن: أبيه وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر وصالح بن عبد الله الترمذي وعتبة بن عبد الله المروزي ويحيى خت وسفيان بن وكيع وعباد بن يعقوب الرواجني وطبقتهم.


وكان ذا رحلة ومعرفة وله مصنفات وفضائل. حدث عنه: يحيى بن منصور القاضي والحسن بن علي وغيرهما من مشايخ نيسابور فإنه قدمها وحدث بها في سنة خمس وثمانين ومئتين. وقد لقي أبا تراب النخشبي وصحب أحمد بن خضرويه ويحيى ابن الجلاء. وله حكم ومواعظ وجلالة لولا هفوة بدت منه. ومن كلامه: ليس في الدنيا حمل أثقل من البر فمن برك فقد أوثقك ومن جفاك فقد أطلقك. وقال: كفى بالمرء عيباً أن يسره ما يضره.


وقال: من جهل أوصاف العبودية فهو بنعوت أوصاف الربانية أجهل.


وقال: صلاح خمسة في خمسة: صلاح الصبي في المكتب وصلاح الفتى في العلم وصلاح الكهل في المسجد وصلاح المرأة في البيت وصلاح المؤذي في السجن.


وسئل عن الخلق: فقال ضعف ظاهر ودعوى عريضة.


قال أبو عبدالرحمن السلمي: أخرجوا الحكيم من ترمذ وشهدوا عليه بالكفر وذلك بسبب تصنيفه كتاب: ختم الولاية وكتاب علل الشريعة وقالوا: إنه يقول: إن للأولياء خاتماً كالأنبياء لهم خاتم وإنه يفضل الولاية على النبوة واحتج بحديث: "يغبطهم النبيون والشهداء" فقدم بلخ فقبلوه لموافقته لهم في المذهب.


وذكره ابن النجار فوهم في قوله: روى عنه علي بن محمد بن ينال العكبري فإن ابن ينال إنما سمع من محمد الترمذي شيخ حدثهم في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.


قال السلمي: حدثنا علي بن بندار الصيرفي سمعت أحمد بن عيسى الجوزجاني سمعت محمد بن علي الترمذي يقول: ما صنفت شيئاً عن تدبير ولا لأن ينسب إلي شيء منه ولكن كان إذا اشتد علي وقتي كنت أتسلى بمصنفاتي.


وقال السلمي: هجر لتصنيفه كتاب: ختم الولاية وعلل الشريعة وليس فيه ما يوجب ذلك ولكن لبعد فهمهم عنه.


قلت: كذا تكلم في السلمي من أجل تأليفه كتاب: حقائق التفسير فياليته لم يؤلفه فنعوذ بالله من الإشارات الحلاجية والشطحات البسطامية وتصوف الاتحادية فواحزناه على غربة الإسلام والسنة قال الله تعالى: "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله" الأنعام.

الصوري

الإمام المحدث أبو علي الحسن بن جرير الصوري الزنبقي البزاز. حدث عن: سلام المدائني وقالون وسعيد بن منصور وإسماعيل بن أبي أويس وعدة. وعنه: خيثمه وأبو محمد بن زبر وعلي بن أبي العقب والطبراني وآخرون. بقي إلى سنة ثلاث وثمانين ومئتين.

الأبار

الحافظ المتقن الإمام الرباني أبو العباس أحمد بن علي بن مسلم الأبار من علماء الأثر ببغداد.


حدث عن: مسرهد ومحمد بن المنهال وعلي بن الجعد وأمية بن بسطام وهدبة وإبراهيم بن هشام الغساني ويحيى الحماني وعلي بن عثمان اللاحقي وشيبان بن فروخ ودحيم وهشام ابن عمار وطبقتهم بالشام والعراق وخراسان. وجمع وصنف وأرخ. حدث عنه: يحيى بن صاعد وأبو بكر النجاد ودعلج السجزي وأبو سهل بن زياد وأبو بكر القطيعي وجعفر الخلدي وخلق. قال الخطيب: كان ثقة حافظاً متقناً حسن المذهب.


وقال جعفر الخلدي: كان الأبار من أزهد الناس استأذن أمه في الرحلة إلى قتيبة فلم تأذن له ثم ماتت فخرج إلى خراسان ثم وصل إلى بلخ وقد مات قتيبة فكانوا يعزونه على هذا فقال: هذا ثمرة العلم إني اخترت رضى الوالدة. وقال أبو سهل بن زياد: سمعت أحمد الأبار يقول: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال أحمد بن جعفر بن سلم سمعت الأبار يقول: كنت بالأهواز فرأيت رجلاً قد حف شاربه وأظنه قال: قد اشترى كتباً وتعين للفتيا فذكر له أصحاب الحديث فقال: ليسوا بشيء وليس يسوون شيئاً فقلت: أنت لا تحسن تصلي قال: أنا قلت: نعم أيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتحت ورفعت يديك فسكت قلت: فما تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجدت فسكت فقلت: ألم أقل: إنك لا تحسن تصلي فلا تذكر أصحاب الحديث.


قال الخطيب: توفي الأبار يوم النصف من شعبان سنة تسعين ومئتين. قلت: عاش نيفاً وثمانين سنة وله تاريخ مفيد رأيته وقد وثقه الدارقطني وجمع حديث الزهري.

ابن وضاح

الإمام الحافظ محدث الأندلس مع بقي أبو عبد الله محمد بن وضاح بن بزيع المرواني مولى صاحب الأندلس عبدالرحمن بن معاوية الداخل. ولد سنة تسع وتسعين ومئة.


وسمع: يحيى بن معين وإسماعيل بن أبي أويس وأصبغ بن الفرج وزهير بن عباد وحرملة ويعقوب بن كاسب وإسحاق بن أبي إسرائيل ومحمد بن رمح وطبقتهم.


وقيل: إنه ارتحل قبل ذلك في حياة آدم بن أبي إياس فلم يسمع شيئاً وقد ارتحل إلى العراق والشام ومصر وجمع فأوعى. روى عنه: أحمد بن خالد الجباب وقاسم بن أصبغ ومحمد بن أيمن وأحمد بن عبادة ومحمد بن المسور وخلق. قال ابن حزم: كان يواصل أربعة أيام. وقال ابن الفرضي: كان عالماً بالحديث بصيراً بطرقه وعلله كثير الحكاية عن العباد ورعاً زاهداً صبوراً على نشر العلم متعففاً نفع الله أهل الأندلس به وكان ابن الجباب يعظمه ويصف عقله وفضله ولا يقدم عليه أحداً غير أنه ينكر رده لكثير من الحديث. قال ابن الفرضي: كان كثيراً ما يقول: ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم في شيء ويكون ثابتاً من كلامه. قال: وله خطأ كثير محفوظ عنه ويغلط و يصحف ولا علم له بالعربية ولا بالفقه. توفي ابن وضاح في المحرم سنة سبع وثمانين ومئتين.


أنبأنا ابن هارون عن أبي القاسم بن بقي عن شريح بن محمد: أن أبا محمد بن حزم أجاز له: أخبرنا أحمد بن الجسور حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي دليم حدثنا محمد بن وضاح حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا يزيد أخبرنا حميد عن بكر بن عبد الله عن ابن عمر قال: إنما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج وأهللنا معه فلما قدم قال: "من لم يكن معه هدي فليحل".

خمارويه

ابن أحمد بن طولون التركي: صاحب مصر والشام. ولي بعد أبيه وله عشرون سنة فكانت دولته ثنتي عشرة سنة. وكان بطلاً شجاعاً جواداً مبذراً مسرفاً على نفسه.
روى علي بن محمد الماذرائي عن عم أبيه قال: تنزه خمارويه بعذراء فغناه المغني فطرب فأمر له بمئة ألف دينار فكلمه خازنه في ذلك فقال: كيف أرجع عما قلت لكن عجل له مئة ألف درهم وفرق ما تبقي وابسطه له. وروى الماذرائي عن أبيه قال: كنا مع أبي الجيش خمارويه على نهر ثورا فأتاه أعرابي فأخذ بلجامه وقال: اسمع لي قال: قل قال:

 

إن السنان وحد السيف لو نطقا

 

لحدثا عنك بين الناس بالعجب

أتلفت مالك تعطيه وتنهـبـه

 

يا آفة الفضة البيضاء والذهب

 

فأعطاه خمس مئة دينار فقال: أيها الملك زدني فقال: للغلمان اطرحوا له سيوفكم ومناطقكم. وقد ملك من النوبة إلى الفرات. ولما استخلف المعتضد سارع خمارويه بالتحف إليه فتزوج المعتضد بابنته قيل: أراد أن يفقره بجهازها. يقال: قتله مماليكه للفاحشة في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين ومئتين بدير مران ثم ضربت رقابهم.

السرخسي

الفليسوف البارع ذو التصانيف أبو العباس أحمد بن الطيب وقيل: أحمد بن محمد السرخسي من بحور العلم الذي لا ينفع. وكان مؤدب المعتضد ثم صار نديمه وصاحب سره ومشورته وله رئاسة وجلالة كبيرة. وهو تلميذ يعقوب بن إسحاق الكندي الفليسوف. روى عنه: أحمد بن إسحاق الملحمي ومحمد بن أبي الأزهر وعم صاحب الأغاني ومحمد بن أحمد الكاتب. ثم إن المعتضد انتخى لله وقتل السرخسي لفلسفته وخبث معتقده. فقيل: إنه تنصل إليه وقال: قد بعت كتب الفلسفة والنجوم والكلام وما عندي سوى كتب الفقه والحديث فلما خرج قال المعتضد: والله إني لأعلم أنه زنديق فعل ما زعم رياء. ويقال: إنه قال له: لك سالف خدم فكيف تختار أن نقتلك. فاختار أن يطعم كباب اللحم وأن يسقى خمراً كثيراً حتى يسكر ويفصد في يديه ففعل به ذلك فصفي من الدم وبقيت فيه حياة وغلبت عليه الصفراء وجن وصاح وبقي ينطح الحائط لفرط الآلام ويعدو كثيراً حتى مات وذلك في أول سنة ست ثمانين ومئتين.

ابن الضريس

الحافظ المحدث الثقة المعمر المصنف أبو عبد الله محمد بن أيوب بن يحيى بن ضريس البجلي الرازي صاحب كتاب: فضائل القرآن. مولده في حدود عام مئتين.


وسمع: مسلم بن إبراهيم والقعنبي وأبا الوليد الطيالسي ومحمد ابن كثير العبدي وعلي بن عثمان اللاحقي ومسدد بن مسرهد وأبا سلمة التبوذكي وأحمد بن يونس ومحمد بن سنان العوقي وعبيد الله بن محمد العيشي وإسحاق بن محمد الفروي ويحيى بن هاشم السمسار وحفص ابن عمر الحوضي وعبد الله بن الجراح وعبد الأعلى بن حماد وأبا الربيع الزهراني وسهل بن بكار ومحمد بن أبي بكر المقدمي ومحمد ابن المنهال وطبقتهم وانتهى إليه علو الإسناد بالعجم مع الصدق والمعرفة.


روى عنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: هو ثقة وعلي بن شهريار وأحمد بن إسحاق الطيبي وأبو عمرو إسماعيل بن نجيد وأحمد بن عبيد الهمذاني وخلق كثير آخرهم موتاً: أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي.


قال أبو يعلى الخليلي: ابن الضريس ثقة وهو محدث ابن محدث وجده يحيى بن الضريس من أصحاب سفيان الثوري.


ولما سمع أبو بكر الإسماعيلي بموت ابن الضريس وكان يود أن يرحل إليه صاح ولطم وقال لأهله: منعتموني من الرحلة إليه قال: فرقوا وسفروني مع خالي إلى الحسن بن سفيان. مات ابن الضريس يوم عاشوراء سنة أربع وتسعين ومئتين بالري. وأما ابن عقدة فأورد وفاته في سنة خمس وتسعين والأول أصح.


أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله وأبو عبد الله بن أبي عصرون وزينب بنت عمر عن المؤيد بن محمد الطوسي أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي: وأخبرونا عن أبي روح الهروي أخبرنا تميم بن أبي سعيد: وأخبرونا عن زينب الشعرية أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم قالوا: أخبرنا عمر بن أحمد بن مسرور أخبرنا إسماعيل بن نجيد حدثنا محمد بن أيوب بن ضريس حدثنا محمد بن سنان العوقي حدثنا إبراهيم بن طهمان عن بديل عن عبدالله بن شقيق عن ميسرة الفجر قال: قلت: يا رسول الله متى كتبت نبياً قال:" كتبت نبياً وآدم بين الروح والجسد".


وبه إلى محمد بن الضريس: أخبرنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن محمد بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال: رفعت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً لها في محفة فقالت: يا رسول الله ألهذا حج قال:" نعم ولك أجر".


أخبرنا عيسى بن يحيى أخبرنا منصور بن الدماغ أخبرنا السلفي أخبرنا ابن مردويه أخبرنا محمد بن سليمان الوكيل أخبرنا علي بن الفصل بن شهريار حدثنا محمد بن أيوب حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا خالد عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما".


ومات في سنة أربع معه: جبرون بن عيسى البلوي ومحمد بن إسحاق بن راهويه وعبيد بن محمد العجل والحسن بن مثنى العنبري ومحمود بن أحمد بن الفرج بأصبهان وعبد الله بن أحمد ابن عبد السلام الخفاف بمصر وأحمد بن يحيى بن خالد الرقي ومحمد ابن نصر المروزي الفقيه وموسى بن هارون الحافظ.

العلاف

الإمام المحدث الحجة الفقيه أبو زكريا يحيى بن أيوب بن بادي المصري العلاف.


حدث عن: سعيد بن أبي مريم: وعبد الغفار بن دواد الحراني ويوسف بن عدي ويحيى بن بكير وأحمد بن يزيد المكي وطائفة. حدث عن: سعيد بن أبي مريم: وعبد الغفار بن داود الحراني ويوسف بن عدي ويحيى بن بكير وأحمد ين يزيد المكي وطائفة. حدث عنه: النسائي ومحمد بن جعفر الحضرمي وأبو القاسم الطبراني وأحمد بن خالد بن الجباب وعلي بن محمد الواعظ وآخرون. وكان شيخاً آدم شديد الأدمة أعور ثقة بصيراً بالفقه. قال أحمد بن خالد الحافظ: أخبرنا يحيى بن أيوب العلاف فقيه أهل مصر.


قلت: مات في المحرم سنة تسع وثمانين ومئتين وكان مسناً من أبناء التسعين.


وفيها مات: أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم البسري والمعتضد بالله وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة البتلهي وأمير القيروان إبراهيم بن الأغلب وأنس بن السلم الدمشقي والحسين بن محمد ابن زياد القباني.

 الحكاني

الشيخ المحدث الثقة مسند هراة أبو الحسن علي بن محمد بن عيسى الخزاعي الهروي الحكاني وحكان: محلة على باب مدينة هراة. رحل وسمع من: أبي اليمان وآدم بن أبي إياس ومحمد بن وهب بن عطية ويحيى بن صالح الوحاظي ومحمد بن أبي السري.
وعنه: أبو علي حامد الرفاء وأبو محمد أحمد بن عبد الله المغفلي ومحمد بن عبد الله بن خميرويه وأحمد بن إسحاق الهرويون. ووثقه بعض الحفاظ. مات سنة اثنتين وتسعين ومئتين في عشر المئة.

القراطيسي

الإمام الثقة المسند أبو يزيد يوسف بن يزيد بن كامل بن حكيم الأموي المصري القراطيسي: مولى أمير مصر عبد العزيز بن مروان. سمع: أسد بن موسى السنة وسعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح الكاتب وحجاج بن إبراهيم الأزرق وعدة. وكان عالماً مكثراً مجوداً. حدث عنه: عبد الله بن جعفر بن الورد وعلي بن محمد الواعظ وسليمان بن أحمد الطبراني وآخرون وقيل: إن النسائي روى عنه. وثقة ابن يونس. وكان معمراً رأى الشافعي. قال الحافظ أحمد بن خالد الجباب: أبو يزيد من أوثق الناس لم أر مثله ولا لقيت أحداً إلا وقد مس أو تكلم فيه إلا هو ويحيى بن أيوب العلاف. ورفع أحمد الحباب من شأن القراطيسي. مات فيما أرخه ابن يونس في ربيع الأول سنة سبع وثمانين ومئتين عن مئة سنة رحمه الله. وفيها مات: أحمد بن إسحاق بن نبيط وأبو بكر بن أبي عاصم ومحمد بن وضاح محدث الأندلس وأبو السري موسى بن الحسن الجلاجلي.

إسحاق بن أبي عمران

الإمام الفقيه الحافظ شيخ خراسان أبو يعقوب الإسفراييني. أخبرنا المؤمل بن محمد كتابة أخبرنا أبو اليمن الكندي أخبرنا أبو منصور الشيباني أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرنا محمد بن أحمد أخبرنا محمد بن نعيم الضبي حدثني محمد بن محمد بن يحيى الإسفراييني الفقيه حدثنا إسحاق بن أبي عمران حدثنا أبو محمد المروزي وراق محمود بن غيلان حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا علي بن المديني حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة تبوك فكان يؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر فيجمع بينهما.


رواه البيهقي بلفظه عن الحاكم محمد بن نعيم الضبي.


قال الحاكم: هو إسحاق بن موسى بن عمران أحد أئمة الشافعية والرحالة في طلب الحديث من رستاق إسفرايين تفقة عند أبي إبراهيم المزني وسمع المبسوط من الربيع وكتب الحديث بخراسان والعراقين والحجاز ومصر والشام.


قال: وله مصنفات كثيرة سمع بخراسان: قتيبة بن سعيد وإبراهيم بن يوسف وإسحاق بن راهويه وعلي بن حجر وأقرانهم وبالجبال: محمد بن مقاتل وابن أحمد وطائفة وببغداد: منصور بن أبي مزاحم ومحمد بن بكار وعبيد الله القواريري وأحمد بن عمران الأخنسي وأبا مسلم الواقدي وبالبصرة: عبد الأعلى بن حماد النرسي وعبد الله بن معاوية وبنداراً وأبا موسى وبالكوفة: عثمان بن أبي شيبة وأخاه القاسم وجبارة بن المغلس وأبا كريب وعبد الله بن عمر ابن أبان وبالحجاز: إبراهيم بن محمد الشافعي وإبراهيم بن المنذر وأبا مصعب ويعقوب بن حميد وعدة وبالشام: هشام بن عمار ودحيماً وأحمد بن أبي الحواري وطبقتهم وبمصر: محمد بن رمح وعيسى بن حماد وحرملة وأبا الطاهر بن السرح وطبقتهم. حدث عنه: أبو عمرو الحيري وأبو عوانة الإسفراييني ومؤمل بن الحسن ومحمد بن عبدك وغيرهم وأبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني. قال محمد بن عبدك الإسفراييني: توفي أبو يعقوب الإسفراييني بها في شهر رمضان سنة أربع وثمانين ومئتين.


ثم قال الحاكم: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ حدثنا إسحاق بن موسى الإسفراييني حدثنا إسحاق أخبرنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال: أول من خطب جالساً: معاوية وذلك حين عظم بطنه وكثر شحمه.


قلت: عاش ابن أبي عمران هذا نحواً من سبعين سنة وكان من الأئمة الأثبات وتخيل إلى أنه والد أبي عوانة لكن والد أبي عوانة اسمه: إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الإسفراييني يروي عن: إسحاق بن راهويه وابن حجر وأبي مروان العثماني أكثر عنه: ولده أبو عوانة في صحيحه ثم إني لم أظفر لأبي عوانة برواية عن إسحاق بن أبي عمران ولا ذكر الحاكم لوالد أبي عوانة ترجمة في تاريخه فلهذا جوزت في البديهة أنهما واحد وكلاهما طبقة واحدة. أخبرنا أحمد بن هبة الله عن القاسم بن أبي سعد أخبرنا أبو الأسعد القشيري أخبرنا عبد الحميد البحيري أخبرنا أبو نعيم عبد الملك ابن الحسن حدثنا أبو عوانة حدثني أبي: حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" قالت النار يا رب أكل بعضي بعضاً فأذن لها بنفسين" الحديث.

الخشني

الإمام الحافظ المتقن اللغوي العلامة أبو الحسن محمد ابن عبد السلام بن ثعلبة الخشني الأندلسي القرطبي صاحب التصانيف. حدث عن: يحيى بن يحيى الليثي وغيره.


وحج ولقي الكبار وحمل عن محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ومحمد بن بشار وسلمة بن شبيب وطبقتهم فأكثر وجود. حدث عنه: أسلم بن عبد العزيز ومحمد بن قاسم بن محمد وابنه محمد الخشني وقاسم بن أصبغ وآخرون. وأريد على قضاء الجماعة فامتنع وتصدر لنشر الحديث وكان أحد الثقات الأعلام.


أنبأنا ابن هارون الطائي عن ابن بقي عن شريح بن محمد عن أبي محمد بن حزم حدثنا محمد بن سعيد حدثنا أحمد بن عون الله حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا محمد بن عبد السلام حدثنا بندار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن أبي قزعة عن أنس قال: كنت رديف أبي طلحة وكانت ركبة أبي طلحة تكاد تمس ركبة النبي صلى الله عليه وسلم فكان يهل بهما جميعاً. توفي الخشني سنة ست وثمانين ومئتين وكان من أبناء الثمانين رحمه الله.


وجده ثعلبه هو: ابن زيد بن حسن بن كلب بن صاحب النبي أبي ثعلبة الخشني قاله ابن الفرضي وولده محمد بن محمد بقي إلى سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة. سميه: الإمام المحدث أبو عبد الله:

محمد بن عبد السلام

ابن بشار النيسابوري الوراق الزاهد. سمع الكتب من: يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري والتفسير من: إسحاق وكان ينسخ التفسير ويتقوت. وسمع من: الحسن بن عيسى وعمرو بن زرارة ومحمد بن رافع. وعنه: مؤمل بن الحسن وأبو حامد بن الشرقي. قال ولده عبدان: كان يقول أبي: نحن في مرحلة وكان يصوم النهار ويقوم الليل ويقول: هذا ما أوصانا به يحيى بن يحيى.


قال الحاكم: حدثنا أبو زكريا العنبري سمعت محمد بن يونس سمعت الحسين بن محمد القباني يقول: حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى فلما فرغ قال: أتدرون عمن حدثتكم قالوا: حدثتنا عن بندار عن يحيى القطان قال: لا والله حدثنا محمد بن عبد السلام بن بشار حدثنا يحيى بن يحيى.


توفي محمد بن عبد السلام في رمضان سنة ست أيضاً وثمانين ومئتين فتوافق هو والذي قبله في الاسم والأب والحفظ وعام الوفاة وفي اسم شيخيهما الليثي والتميمي والله أعلم.


وفيها مات: أحمد بن سلمة النيسابوري وأحمد بن علي الخزاز وشيخ الصوفية أبو سعيد الخزاز وأحمد بن المعلى الدمشقي وإبراهيم بن سويد الشامي ورفيقه إبراهيم بن برة الصنعاني ورفيقهما الحسن بن عبد الأعلى البوسي أصحاب عبد الرزاق وعبد الرحيم بن البرقي راوي السيرة وعلي بن عبد العزيز البغوي بمكة ومحمد بن وضاح القرطبي ومحمد بن يونس الكديمي والزاهد محمد بن يوسف البناء وأبو عبادة البحتري الشاعر ومحمد بن محمد بن رجاء الأسفراييني.

يحيى بن عمر

ابن يوسف: الإمام شيخ المالكية أبو زكريا الكناني الأندلسي الفقيه.


قال ابن الفرضي: ارتحل وسمع بإفريقية من: سحنون وأبي زكريا الحفري وعون بن يوسف صاحب الدراوردي وسمع بمصر من: يحيى بن بكير وحرملة وابن رمح وبالمدينة من: أبي مصعب وطائفة وسكن القيروان وكان حافظاً للفروع ثقة ضابطاً لكتبه. أخذ عنه: أحمد بن خالد الحافظ وجماعة وأهل القيروان. وكانت الرحلة إليه في وقته سكن سوسة في آخر عمره وبها مات. قال الحميدي: هو من موالي بني أمية. روى عنه: سعيد بن عثمان الأعناقي وإبراهيم بن نصر ومحمد ابن مسرور وقمود بن مسلم القابسي وعبد الله بن محمد القرباط وتوفي سنة خمس وثمانين. وقال ابن الفرضي: مات في ذي الحجة سنة تسع وثمانين ومئتين. وقال أبو بكر بن اللباد: كان أهل الصيام والقيام مجاب الدعاء كانت له براهين. وقال أبو العباس الأبياني: ما رأيت مثل يحيى بن عمر في علمه وزهده ودعائه وبكائه فالوصف والله يقصر عن ذكر فضله. وقال محمد بن حارب: كان متقدماً في الحفظ لقي يحيى بن بكير وكان يقول: سألت سحنون فرأيت بحراً لا تكدره الدلاء والله ما رأيت مثله قط كأن العلم جمع بين عينيه وفي صدره. قال يحيى الكانشي: أنفق يحيى بن عمر في طلب العلم ستة آلاف دينار. قلت: له شهرة كبيرة بإفريقية وحمل عنه عدد كثير رحمه الله.

المعتضد بالله

الخليفة أبو العباس أحمد بن الموفق بالله ولي العهد أبي أحمد طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد الهاشمي العباسي. ولد في أيام جده سنة اثنتين وأربعين ومئتين. ودخل دمشق سنة إحدى وسبعين لحرب ابن طولون واستخلف بعد عمه المعتمد في رجب سنة تسع. وكان ملكاً مهيباً شجاعاً جباراً شديد الوطأة من رجال العالم يقدم على الأسد وحده. وكان أسمر نحيفاً معتدل الخلق كامل العقل.


قال المسعودي: كان قليل الرحمة إذا غضب على أمير حفر له حفيرة وألقاه حياً وطم عليه.


وكان ذا سياسة عظيمة قيل: إنه تصيد فنزل إلى جانب مقثأة فصاح الناطور فطلبه فقال: إن ثلاثة غلمان دخلوا المقثأة وأخذوا فجيء بهم فاعتقلوا ومن الغد ضربت أعناقهم فقال لابن حمدون: اصدقني عني فذكرت الثلاثة فقال: والله ما سفكت دماً حراماً منذ وليت الخلافة وإنما قتلت حرامية قد قتلوا أوهمت أنهم الثلاثة قلت: فأحمد ابن الطيب قال: دعاني إلى الإلحاد.


روى أبو العباس بن سريج عن إسماعيل القاضي قال: دخلت على المعتضد وعلى رأسه أحداث روم ملاح فنظرت إليهم فرآني المعتضد أتأملهم فلما أردت الانصراف أشار إلي ثم قال: أيها القاضي والله ما حللت سراويلي على حرام قط.


ودخلت مرة فدفع إلي كتاباً فنظرت فيه فإذا قد جمع له فيه الرخص من زلل العلماء فقلت مصنف هذا زنديق فقال: ألم تصح هذه الأحاديث قلت: بلى ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة ومن أباح المتعة لم يبح الغناء وما من عالم إلى وله زلة ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه فأمر بالكتاب فأحرق.


قال أبو علي المحسن التنوخي: بلغني عن المعتضد أنه كان جالساً في بيت يبنى له فرأى فيهم أسود منكر الخلقة يصعد السلالم درجتين درجتين ويحمل ضعف ما يحمله غيره فأنكر ذلك وطلبه وسأله عن سبب ذلك فتلجلج فكلمه ابن حمدون فيه وقال: من هذا حتى صرفت فكرك إليه قال: قد وقع في خلدي أمر ما أحسبه باطلاً ثم أمر به فضرب مئة وتهدده بالقتل ودعا بالنطع والسيف فقال: الأمان أنا أعمل في أتون الآجر فدخل من شهور رجل في وسط هميان فأخرج دنانير فوثبت عليه وسددت فاه وكتفته وألقيته في الأتون والذهب معي يقوى به قلبي فاستحضرها فإذا على الهميان اسم صاحبه فنودي في البلد فجاءت امرأة فقالت: هو زوجي ولي منه طفل فسلم الذهب إليها وقتله.


قال التنوخي: وبلغني أنه قام ليلة فرأى المماليك المرد واحد منهم فوق آخر ثم دب على ثلاثة واندس بين الغلمان فجاء فوضع يده على صدره فإذا بفؤاده يخفق فرفسه برجله فجلس فذبحه.


وأن خادماً أتاه فأخبره أن صياداً أخرج شبكته فثقلت فجذبها فإذا فيها جراب فظنه مالاً فإذا فيه آجر بينه كف مخضوبة فهال ذاك المعتضد وأمر الصياد فعاود طرح الشبكة فخرج جراب آخر فيه رجل فقال: معي في بلدي من يفعل هذا ما هذا بملك فلم يفطر يومه ثم أحضر ثقة له وأعطاه الجراب وقال: طف به على من يعمل الجرب: لمن باعه فغاب الرجل وجاء وقد عرف بائعه وانه اشترى منه عطار جراباً فذهب إليه فقال: نعم اشترى مني فلان الهاشمي عشرة جرب وهو ظالم إلى أن قال: يكفيك أنه كان يعشق مغنية فاكتراها من مولاها وادعى أنها هربت فلما سمع المعتضد ذلك سجد وأحضر الهاشمي فأخرج له اليد والرجل فاصفر واعترف فدفع إلى صاحب الجارية ثمنها وسجن الهاشمي فيقال: قتله.


وروى التنوخي عن أبيه قال: رأيت المعتضد وكان صبياً عليه قباء أصفر وقد خرج إلى قتال وصيف بطرسوس. وعن خفيف السمرقندي قال: خرجت مع المعتضد للصيد وانقطع عنه العسكر فخرج علينا الأسد فقال: يا خفيف أمسك فرسي. ونزل فتحزم وسل سيفه وقصد الأسد فتلقاه المعتضد فقطع يده فتشاغل بها الأسد فضربه فلق هامته ومسح سيفه في صوفه وركب وصحبته إلى أن مات فما سمعته يذكر الأسد لقلة احتفاله به.


قلت: وكان في المعتضد حرص وجمع للمال حارب الزنج وله مواقف مشهودة وفي دولته سكتت الفتن وكان فتاه بدر على شرطته وعبيد الله بن سليمان على وزارته ومحمد بن شاه على حرسه وأسقط المكس ونشر العدل وقلل من الظلم وكان يسمى السفاح الثاني أحيا رميم الخلافة التي ضعفت من مقتل المتوكل وأنشأ قصراً غرم عليه أربع مئة ألف دينار وكان مزاجه قد تغير من فرط الجماع وعدم الحمية حتى إنه أكل في مرضه زيتوناً وسمكاً.


ونقل المسعودي أنهم شكوافي موته فتقدم الطبيب فجس نبضه ففتح عينيه فرفس الطبيب دحرجه أذرعاً فمات الطبيب ثم مات المعتضد من ساعته كذا قال.


وقال الخطبي في تاريخه: حبس الموفق ابنه أبا العباس فلما اشتدت علة الموفق عمد غلمان أبي العباس فأخرجوه وأدخلوه إلى أبيه فلما رآه أيقن بالموت فقيل: إنه قال: لهذا اليوم خبأتك ثم فوض إليه وضم الجيش إليه وخلع عليه قبل موته بثلاث.


قال: وكان ابن العباس شهماً جلداً رجلاً بازلاً موصوفاً بالرجلة والجزالة قد لقي الحروب وعرف فضله فقام بالأمر أحسن قيام وهابه الناس ورهبوه ثم عقد له المعتمد مكان الموفق وجعل أولاده تحت يده ثم إن المعتمد جلس مجلساً عاماً أشهد فيه على نفسه بخلع ولده المفوض إلى الله جعفر من ولاية عهده وإفراد أبي العباس بالعهد في المحرم وتوفي في رجب يعني المعتمد فقيل: إنه غم في بساط.


وكان المعتضد أسمر نحيفاً معتدل الخلق أقنى الأنف في مقدم لحيته طول وفي مقدم رأسه شامة بيضاء تعلوه هيبة شديدة رأيته في خلافته.


قلت: لما بويع قدمت هدايا خمارويه وخضع وذلك عشرون بغلا تحمل الذهب سوى الخيل والجواهر والنفائس وزرافة وقدمت هدية الصفار فولاه خراسان وتزوج المعتضد ببنت خمارويه فقدمت في تجمل لا يعبر عنه وصلى بالناس يوم النحر فكبر في الأولى ستاً وفي الثانية نسي تكبيرها ولم يكد يسمع صوته. وفي سنة ثمان وسبعين: كان أول شأن القرامطة. ولا ريب أن أول وهن على الأمة قتل خليفتها عثمان صبراً فهاجت الفتنة وجرت وقعة الجمل بسببها ثم وقعة صفين وجرت سيول الدماء في ذلك. ثم خرجت الخوارج وكفرت عثمان وعلياً وحاربوا ودامت حروب الخوارج سنين عدة.


ثم هاجت المسودة بخراسان وما زالوا حتى قلعوا دولة بني أمية وقامت الدولة الهاشمية بعد قتل أمم لا يحصيهم إلا الله. ثم اقتتل المنصور وعمه عبد الله ثم خذل عبد الله وقتل أبو مسلم صاحب الدعوة. ثم خرج ابنا حسن وكادا أن يتملكا فقتلا. ثم كان حرب كبير بين الأمين والمأمون إلى أن قتل الأمين. وفي أثناء ذلك قام غير واحد يطلب الإمامة: فظهر بعد المئتين بابك الخرمي زنديق بأذربيجان وكان يضرب بفرط شجاعته الأمثال فأخذ عدة مدائن وهزم الجيوش إلى أن اسر بحيلة وقتل.


ولما قتل المتوكل غيلة ثم قتل المعتز ثم المستعين والمهتدي وضعف شأن الخلافة توثب ابنا الصفار إلى أن أخذا خراسان بعد أن كانا يعملان في النحاس وأقبلا لأخذ العراق وقلع المعتمد. وتوثب طرقي داهية بالزنج على البصرة وأباد العباد ومزق الجيوش وحاربوه بضع عشرة سنة إلى أن قتل وكان مارقاً بلغ جنده مئة ألف.


فبقي يتشبه بهؤلاء كل من في رأسه رئاسة ويتحيل على الأمة ليرديهم في دينهم ودنياهم فتحرك بقوى الكوفة رجل أظهر التعبد والتزهد وكان يسف الخوص ويؤثر ويدعو إلى إمام أهل البيت فتلفق له خلق وتألهوه إلى سنة ست وثمانين فظهر بالبحرين أبو سعيد الجنابي وكان قماحاً فصار معه عسكر كبير ونهبوا وفعلوا القبائح وتزندقوا وذهب الأخوان يدعوان إلى المهدي بالمغرب فثار معهما البربر إلى أن ملك عبد الله الملقب بالمهدي غالب المغرب وأظهر الرفض وأبطن الزندقة وقام بعده ابنه ثم ابن ابنه ثم تملك المعز وأولاده مصر والمغرب واليمن والشام دهراً طويلاً فلا حول ولا قوة إلا بالله. وفي سنة ثمانين: أخذ المعتضد محمد بن سهل من قواد الزنج فبلغه أنه يدعو إلى هاشمي فقرره فقال: لو كان تحت قدمي ما رفعتها عنه فقتله. وعاثت بنو شيبان فسار المعتضد فلحقهم بالسن فقتل وغرق ومزقهم وغنم العسكر من مواشيهم ما لا يوصف حتى أبيع الجمل بخمسة دراهم وصان نساءهم وذراريهم ودخل الموصل فجاءته بنو شيبان وذلوا فأخذ منهم رهائن وأعطاهم نساءهم ومات في السجن المفوض إلى الله وقيل: كان المعتضد ينادمه في السر.


قيل: كان لتاجر على أمير مال فمطله ثم جحده فقال له صاحب له: قم معي فأتى بي خياطا في مسجد فقام معنا إلى الأمير فلما رآه هابه ووفاني المال فقلت للخياط: خذ مني ما تريد فغضب فقلت له: فحدثني عن سبب خوفه منك قال: خرجت ليلة فإذا بتركي قد صاد امرأة مليحة وهي تتمنع منه وتستغيث فأنكرت عليه فضربني فلما صليت العشاء جمعت أصحابي وجئت بابه فخرج في غلمانه وعرفني فضربني وشجني وحملت إلى بيتي فلما تنصف الليل قمت فأذنت في المنارة لكي يظن أن الفجر طلع فيخلي المرأة لأنها قالت: زوجي حالف علي بالطلاق أنني لا أبيت عن بيتي فما نزلت حتى أحاط بي بدر وأعوانه فأدخلت على المعتضد فقال: ما هذا الأذان فحدثته بالقصة فطلب التركي وجهز المرأة إلى بيتها وضرب التركي في جوالق حتى مات ثم قال لي: أنكر المنكر وما جرى عليك فأذن كما أذنت فدعوت له وشاع الخبر فما خاطبت أحداً في خصمه إلا أطاعني وخاف. وفيها: ولد بسلمية القائم محمد بن المهدي العبيدي الذي تملك هو وأبوه المغرب. وفيها: غزا صاحب ما وراء النهر إسماعيل بن أحمد بن أسد بلاد الترك وأسر ملكهم في نحو من عشرة آلاف نفس وقتل مثلهم وزلزلت ديبل فسقط أكثر البلد وهلك نحو من ثلاثين ألفاً ثم زلزلت مرات ومات أزيد من مئة ألف. وغزا المسلمون أرض الروم فافتتحوا ملورية. وفي سنة إحدى وثمانين ومئتين: غارت مياه طبرستان حتى لأبيع الماء ثلاثة أرطال بدرهم وجاعوا وأكلوا الميتة.


وفيها: سار المعتضد إلى الدينور ورجع ثم قصد الموصل لحرب حمدان بن حمدون جد بني حمدان وكانت الأعراب والأكراد قد تحالفوا وخرجوا فالتقاهم المعتضد فهزمهم فكان من غرق أكثر ثم قصد ماردين فهرب منه حمدان فحاصر ماردين وتسلمها ثم ظفر بحمدان فسجنه ثم حاصر قلعة للأكراد وأميرهم شداد فظفر به وهدمها وهدم دار الندوة بمكة وصيرها مسجداً. وفي سنة اثنتين وثمانين أبطل المعتضد وقيد النيران وشعار النيروز.


وقدمت الندى بنت صاحب مصر مع عمها وقيل: مع عمتها العباسة فدخل بها المعتضد فكان جهازها بأزيد من ألف ألف دينار وكان صداقها خمسين ألف دينار وقيل: كان في جهازها أربعة آلاف تكة مجوهرة وكانت بديعة الحسن جيدة العقل قيل: خلا بها المعتضد يوماً فنام على فخذها قال: فوضعت رأسه على مخدة وخرجت فاستيقظ فناداها وغضب وقال: ألم أحلك إكراماً لك فتفعلين هذا قالت: ما جهلت إكرامك لي ولكن فيما أدبني أبي أن قال: لا تنامي بين جلوس ولا تجلسي مع النائم. ويقال: كان لها ألف هاون ذهب.


وفيها: قتل خمارويه صاحب مصر والشام غلمانه لأنه راودهم ثم أخذوا وصلبوا وتملك ابنه جيش فقتلوه بعد يسير وملكوا أخاه هارون وقرر على نفسه أن يحمل إلى المعتضد في العام ألف ألف دينار وخمس مئة ألف دينار.


وفيها: قتل المعتضد عمه محمداً لأنه بلغه أنه يكاتب خمارويه.


وفي سنة ثلاث وثمانين ومئتين: سار المعتضد إلى الموصل لأجل هارون الشاري وكان قد عاث وأفسد وامتدت أيامه فقال الحسين بن حمدان للمعتضد: إن جئتك به فلي ثلاث حوائج قال: سمها قال: تطلق أبي والحاجتان: أذكرهما إذا أتيت به قال: لك ذلك قال: وأريد أن أنتقي ثلاث مئة بطل قال: نعم ثم خرج الحسين في طلب هارون فضايقه في مخاضة والتقوا فانهزم أصحاب هارون واختفى هو ثم دل عليه أعراب فأسره الحسين وقدم به وخلع المعتضد على الحسين وطوقه وسوره وعملت الزينة وأركب هارون فيلاً وازدحم الخلق حتى سقط كرسي جسر بغداد وغرق خلق ووصلت تقادم الصفار منها مئتا حمل مال وكتبت الكتب إلى الأمصار بتوريث ذوي الأرحام.


وفيها: غلب رافع بن هرثمة على نيسابور وخطب بها لمحمد بن زيد العلوي فأقبل الصفار وحاصره ثم التقوا فهزمه الصفار وساق خلفه إلى خوارزم فأسر رافعاً وقتله وبعث برأسه إلى المعتضد وليس هو بولد لهرثمة بن أعين بل ابن زوجته. قال ابن جرير: وفي سنة: عزم المعتضد على لعنة معاوية على المنابر فخوفه الوزير فلم يلتفت وحسم مادة اجتماع الشيعة وأهل البيت ومنع القصاص من الكلام جملة وتجمع الخلق يوم الجمعة لقراءة ما كتب في ذلك وكان من إنشاء الوزير فقال يوسف القاضي: راجع أمير المؤمنين فقال: يا أمير المؤمنين تخاف الفتنة فقال: إن تحركت العامة وضعت السيف فيهم قال: فما تصنع بالعلوية الذين هم في كل قطر قد خرجوا عليك فإذا سمع الناس هذا من مناقبهم كانوا إليهم أميل وأبسط ألسنة فأعرض المعتضد عن ذلك وعقد المعتضد لابنه علي المكتفي فصلى بالناس يوم النحر.


وفي سنة ست: سار المعتضد بجيوشه فنازل آمد وقد عصى بها ابن الشيخ فطلب الأمان فآمنه وفي وسط العام جاء الحمل من الصفار فمن ذلك أربعة آلاف ألف درهم.


وفيها: تحارب الصفار وابن أسد صاحب سمرقند وجرت أمور ثم ظفر ابن أسد بالصفار أسيراً فرفق به واحترمه وجاءت رسل المعتضد تحث في إنفاذه فنفذ وأدخل بغداد أسيراً على جمل وسجن بعد مملكة العجم عشرين سنة ومبدأه: كان هو وأخوه يعقوب صانعين في ضرب النحاس وقيل: بل كان عمرو يكري الحمير فلم يزل مكارياً حتى عظم شأن أخيه يعقوب فترك الحمير ولحق به وكان الصفار يقول: لو شئت أن أعمل على نهر جيحون جسراً من ذهب لفعلت وكان مطبخي يحمل على ست مئة جمل وأركب في مئة ألف ثم صيرني الدهر إلى القيد والذل فيقال: إنه خنق عند وفاة المعتضد.


وبني المعتضد على البصرة سوراً وحصنها.


وظهر بالبحرين رأس القرامطة أبو سعيد الجنابي وكثرت جموعه وانضاف إليه بقايا الزنج وكان كيالاً بالبصرة فقيراً يرفو الأعدال وهم يستخفون به ويسخرون منه فآل أمره إلى ما آل وهزم عساكر المعتضد مرات وفعل العظائم ثم ذبح في حمام قصره فخلفه ابنه سليمان الذي أخذ الحجر الأسود وقتل الحجيج حول الكعبة وهو وجد أبي علي الذي غلب إلى الشام وهلك الرملة في سنة خمس وستين وثلاث مئة.


وفي سنة سبع: استفحل شأن القرامطة وأسرفوا في القتل والسبي والتقى الجنابي وعباس الأمير فأسره الجنابي وأسر عامة عسكره ثم قتل الجميع سوى عباس فجاء إلى المعتضد وحده في أسوا حال.


ووقع الفناء بأذربيجان حتى عدمت الأكفان جملة فكفنوا في اللبود.


واعتل المعتضد في ربيع الآخر ثم تماثل وانتكس فمات في الشهر وقام المكتفي لثمان بقين من الشهر وكان غائباً بالرقة فنهض بالبيعة له الوزير القاسم بن عبيد الله.


وعن وصيف الخادم قال: سمعت المعتضد يقول عند موته:

تمتع من الدنيا فـإنـك لا تـبـقـى

 

وخذ صفوها ما إن صفت ودع الرنقا

ولا تأمنن الـدهـر إنـي أمـنـتـه

 

فلم يبق لي حالاً ولم يرع لي حـقـا

قتلت صناديد الـرجـال فـلـم أدع

 

عدواً ولم أمهل على ظنه خـلـقـا

وأخليت دور الملك من كـل بـازل

 

وشتتهم غرباً ومزقتـهـم شـرقـا

فلما بلغت الـنـجـم عـزاً ورفـعة

 

ودانت رقاب الخلق أجمع لي رقـا

رماني الردى سهماً فأخمد جمرتـي

 

فها أناذا في حفرتي عاجلا ملـقـى

فأفسـدت دنـياي ودينـي سـفـاهة

 

فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقـى

فياليت شعري بعد موتـي مـا أرى

 

إلى رحمة لـلـه أم نـاره ألـقـى

 

وقال الصولي: قال المعتضد:

يا لا حظي بالفتـور والـدعـج

 

وقاتلي بـالـدلال والـغـنـج

أشكو إليك الذي لقـيت مـن ال

 

وجد فهل لي إليك مـن فـرج

حللت بالظروف والجمال من النا

 

س محل العـيون والـمـهـج

 

وكانت خلافة المعتضد تسع سنين وتسعة أشهر وأياماً ودفن في دار الرخام.


ولعبد الله بن المعتز يرثيه:

يا ساكن القبر في غبراء مظلـمة

 

بالظاهرية مقصى الدار منفـردا

أين الجيوش التي قد كنت تسحبها

 

أين الكنوز التي أحصيتها عـددا

أين السرير الذي قد كنت تملـؤه

 

مهابة من رأته عينـه ارتـعـدا

أين الأعادي الأولى ذللت مصعبهم

 

أين الليوث التي صيرتها بـعـدا

أين الجياد التي حجلـتـهـا بـدم

 

وكن يحملن منك الضيغم الأسـدا

 

أين الرماح التي غذيتها مهجاًَ== مذ مت ما وردت قلباً ولا كبدا  

أين الجنان التي تجري جداولهـا

 

وتستجيب إليها الطائر الغـردا

أين الوصائف كالغـزلان رائحة

 

يسحبن من حلل موشية جـددا

أين الملاهي وأين الراح تحسبها

 

ياقوته كسيت من فـضة زردا

أين الوثوب إلى الأعداء مبتغـياً

 

صلاح ملك بني العباس إذ فسدا

مازلت تقسر منهم كل قسـورة

 

وتخبط العالي الجبار معتـمـدا

ثم انقضيت فلا عـين ولا أثـر

 

حتى كأنك يوماً لم تكـن أحـدا

وقد ولي الخلافة من بنيه: المكتفي علي والمقتدر جعفر والقاهر محمد وله عدة بنات وهارون.