ابن مقبل

ابن مقبل

الحافظ الإمام أبو محمد بكر بن أحمد بن مقبل الهاشمي مولاهم البصري.

يروي عن: عبد الله بن معاوية الجمحي وأبي حفص الفلاس وبندار وعبد الملك بن هوذة بن خليفة وطبقتهم.

وعنه: أبو القاسم الطبراني وجماعة.

توفي سنة إحدى وثلاث مئة في رمضان.

ابن الحداد

الإمام شيخ المالكية أبو عثمان سعيد بن محمد بن صبيح بن الحداد المغربي صاحب سحنون وهو أحد المجتهدين وكان بحراً في الفروع ورأساً في لسان العرب بصيراً بالسنن.
وكان يذم التقليد ويقول: هو من نقص العقول أو دناءة الهمم.
ويقول: ما للعالم وملاءمة المضاجع.
وكان يقول: دليل الضبط الإقلال ودليل التقصير الإكثار.
وكان من رؤوس السنة.
 قال ابن حارث: له مقامات كريمة ومواقف محمودة في الدفع عن الإسلام والذب عن السنة ناظر فيها أبا العباس المعجوقي أخا أبي عبد الله الشيعي الداعي إلى دولة عبيد الله فتكلم ابن الحداد ولم يخف سطوة سلطانهم حتى قال له ولده أبو محمد: يا أبة! اتق الله في نفسك ولا تبالغ قال: حسبي من له غضبت وعن دينه ذببت.
وله مع شيخ المعتزلة الفراء مناظرات بالقيروان رجع بها عدد من المبتدعة.
وقيل: إنه صنف في الرد على المدونة وألف أشياء.
قال أبو بكر بن اللباد: بينا سعيد بن الحداد جالس أتاه رسول عبيد الله - يعني المهدي - قال: فأتيته وأبو جعفر البغدادي واقف فتكلمت بما حضرني فقال: اجلس فجلست فإذا بكتاب لطيف فقال لأبي جعفر: اعرض الكتاب على الشيخ فإذا حديث غدير خم قلت وهو صحيح وقد رويناه.
فقال عبيد الله: فما للناس لا يكونون عبيدنا؟ قلت أعز الله السيد لم يرد ولاية الرق بل ولاية الدين قال: هل من شاهد؟ قلت قال الله تعالى:" ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله" آل عمران:79 فما لم يكن لنبي الله لم يكن لغيره قال: انصرف لا ينالك الحر فتبعني البغدادي فقال: اكتم هذا المجلس.
وقال موسى بن عبد الرحمن القطان: لو سمعتم سعيد بن الحداد في تلك المحافل - يعني مناظرته للشيعي - وقد اجتمع له جهارة الصوت وفخامة المنطق وفصاحة اللسان وصواب المعاني لتمنيتم أن لا يسكت.
وقيل: إن ابن الحداد تحول شافعياً من غير تقليد ولا يعتقد مسألة إلا بحجة وكان حسن البزة لكنه كان يتقوت باليسير ولم يحج وكان كثير الرد على الكوفيين.
وقيل: إنه سار لتلقي أبي عبد الله الشيعي فقال له: يا شيخ! بم كنت تقضي؟ فقال إبراهيم بن يونس: بالكتاب والسنة قال: فما السنة؟ قال: السنة السنة قال ابن الحداد: فقلت للشيعي: المجلس مشترك أم خاص؟ قال مشترك فقلت أصل السنة في كلام العرب المثال قال الشاعر:

تريك سنة وجه غير مقـرفة

 

ملساء ليس بها خال ولا ندب

 

أي صورة وجه ومثاله والسنة محصورة في ثلاث: الائتمار بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما نهى عنه والائتساء بما فعل فقال الشيعي: فإن اختلف عليك النقل وجاءت السنة من طرق؟ قلت أنظر إلى أصح الخبرين كشهود عدول اختلفوا في شهادة قال: فلو استووا في الثبات؟ قلت يكون أحدهما ناسخاً للآخر قال: فمن أين قلتم بالقياس؟ قلت من كتاب الله" يحكم به ذوا عدل منكم" المائدة:95 فالصيد معلومة عينه فالجزاء أمرنا أن نمثله بشيء من النعم ومثله في تثبيت القياس:" لعلمه الذين يستنبطونه" النساء:83 والاستنباط غير منصوص ثم عطف على موسى القطان فقال: أين وجدتم حد الخمر في كتاب الله تقول: اضربوه بالأردية وبالأيدي ثم بالجريد؟ فقلت أنا: إنما حد قياساً على حد القاذف لأنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى.


فأوجب عليه ما يؤول إليه أمره قال: أولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم:" وأقضاكم علي" فساق له موسى تمامه وهو:" وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ وأرأفكم أبو بكر وأشدكم في دين الله عمر" قال: كيف يكون أشدهم وقد هرب بالراية يوم خيبر؟ قال موسى: ما سمعنا بهذا فقلت إنما تحيز إلى فئة فليس بفار.


وقال في:" لا تحزن إن الله معنا " التوبة:40 إنما نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن حزنه لأنه كان مسخوطاً قلت لم يكن قوله إلا تبشيراً بأنه آمن على رسول الله وعلى نفسه فقال أين نظير ما قلت؟ قلت قوله لموسى وهارون:" لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى" طه:46 فلم يكن خوفهما من فرعون خوفاً بسخط الله. ثم قال: يا أهل البلدة: إنكم تبغضون علياً؟ قلت على مبغضه لعنة الله فقال: صلى الله عليه قلت نعم ورفعت صوتي: صلى الله عليه وسلم لأن الصلاة في خطاب العرب الرحمة والدعاء قال: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنت مني بمنزلة هارون من موسى" ؟ قلت نعم إلا أنه قال:" إلا أنه لا نبي بعدي" وهارون كان حجة في حياة موسى وعلي لم يكن حجة في حياة النبي وهارون فكان شريكاً أفكان علي شريكاً للنبي صلى الله عليه وسلم في النبوة؟! وإنما أراد التقريب والوزارة والولاية قال: أوليس هو أفضل؟ قلت أليس الحق متفقاً عليه؟ قال: نعم قلت قد ملكت مدائن قبل مدينتنا وهي أعظم مدينة واستفاض عنك أنك لم تكره أحداً على مذهبك فاسلك بنا مسلك غيرنا ونهضنا.


قال ابن الحداد: ودخلت يوماً على أبي العباس فأجلسني معه في مكانه وهو يقول لرجل: أليس المتعلم محتاجاً إلى المعلم أبداً؟ فعرفت أنه يريد الطعن على الصديق في سؤاله عن فرض الجدة فبدرت وقلت المتعلم قد يكون أعلم من المعلم وأفقه وأفضل لقوله عليه السلام:" رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه..." ثم معلم الصغار القرآن يكبر أحدهم ثم يصير أعلم من المعلم قال: فاذكر من عام القرآن وخاصه شيئاً؟ قلت قال تعالى:" ولا تنكحوا المشركات" البقرة:221 فاحتمل المراد بها العام فقال تعالى:" والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" المائدة:5 " فعلمنا أن مراده بالآية الأولى خاص أراد: ولا تنكحوا المشركات غير الكتابيات من قبلكم حتى يؤمن قال: ومن هن المحصنات؟ قلت العفائف قال بل المتزوجات قلت الإحصان في اللغة: الإحراز فمن أحرز شيئاً فقد أحصنه والعتق يحصن المملوك لأنه يحرزه عن أن يجري عليه ما على المماليك والتزويج يحصن الفرج لأنه أحرزه عن أن يكون مباحاً والعفاف إحصان للفرج قال: ما عندي الإحصان إلا التزويج قلت له: منزل القرآن يأبى ذلك قال" ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها " التحريم:12 أي أعفته وقال "محصنات غير مسافحات" النساء:25 عفائف قال: فقد قال: في الإماء:" فإذا أحصن" النساء:25 وهن عندك قد يكن عفائف قلت سماهن بمتقدم إحصانهن قبل زناهن قال تعالى:" ولكم نصف ما ترك أزواجكم" النساء:12 وقد انقطعت العصمة بالموت يريد اللاتي كن أزواجكم قال: يا شيخ! أنت تلوذ قلت لست ألوذ أنا المجيب لك وأنت الذي تلوذ بمسألة أخرى وصحت: ألا أحد يكتب ما أقول وتقول قال: فوقى الله شره وقال: كأنك تقول: أنا أعلم الناس قلت أما بديني فنعم قال: فما تحتاج إلى زيادة فيه؟ قلت لا قال: فأنت إذاً أعلم من موسى إذ يقول:"هل أتبعك على أن تعلمني" الكهف:66 قال: هذا طعن على نبوة موسى موسى ما كان محتاجاً إليه في دينه كلا إنما كان العلم الذي عند الخضر دنياوياً: سفينة خرقها وغلاماً قتله وجداراً أقامه وذلك كله لا يزيد في دين موسى قال: فأنا أسألك قلت أورد وعلي الإصدار بالحق بلا مثنوية قال: ما تفسير الله؟ قلت ذو الإلهية قال: وما هي؟ قلت الربوبية قال: وما الربوبية؟ قلت المالك الأشياء كلها قال: فقريش في جاهليتها كانت تعرف الله؟ قلت لا قال فقد أخبر الله تعالى عنهم أنهم قالوا: "ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله" الزمر:3 قلت لما أشركوا معه غيره قالوا وإنما يعرف الله من قال: إنه لا شريك له وقال تعالى:" قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون" الكافرون:1-2 فلو كانوا يعبدونه ما قال:" لا أعبد ما تعبدون" إلى أن قال: فقلت المشركون عبدة الأصنام الذين بعث النبي إليهم علياً ليقرأ عليهم سورة براءة قال: وما الأصنام؟ قلت الحجارة قال: والحجارة أتعبد؟ قلت نعم والعزى كانت تعبد وهي شجرة والشعري كانت تعبد وهي نجم قال: فالله يقول:" أمن لا يهدي إلا أن يهدى" يونس:35 فكيف تقول: إنها الحجارة؟ والحجارة لا تهتدي إذا هديت لأنها ليست من ذوات العقول قلت أخبرنا الله أن الجلود تنطق وليست بذوات عقول قال: نسب إليها النطق مجازاً قلت منزل القرآن يأبى ذلك فقال:" اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم" يس:65 إلى أن قال:" قالوا: أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء" فصلت:21 وما الفرق بين جسمنا والحجارة؟ ولو لم يعقلنا لم نعقل وكذا الحجارة إذا شاء أن تعقل عقلت. وقيل: لم ير أغزر دمعة من سعيد بن الحداد وكان قد صحب النساك وكان مقلا حتى مات أخ له بصقلية فورث منه أربع مئة دينار فبنى منها داره بمئتي دينار واكتسى بخمسين ديناراً وكان كريماً حليماً.


روى عنه ولده أبو محمد عبد الله شيخ ابن أبي زيد.


وكان يقول: القرب من السلطان في غير هذا الوقت حتف من الحتوف فكيف اليوم؟ وقال: من طالت صحبته للدنيا وللناس فقد ثقل ظهره خاب السالون عن الله المتنعمون بالدنيا من تحبب إلى العباد بالمعاصي بغضه الله إليهم.


وقال: لا تعد لن بالوحدة شيئاً فقد صار الناس ذئاباً.


وقال: ما صد عن الله مثل طلب المحامد وطلب الرفعة.


وله.

بعـد سـبـعـــين حـــجة وثـــمـــان

 

قد تـوفــيتـــهـــا مـــن الأزمـــان

يا خليلي قد دنا الموت منيفابكياني هديتما وانعياني

 

 

 

قال القاضي عياض: مات أبو عثمان سنة اثنتي ن وثلاث مئة وله ثلاث وثمانون سنة رحمه الله.

 

حماس

العلامة المفتي القاضي أبو القاسم حماس بن مروان بن سماك الهمداني المغربي.
اختلف في صغره إلى سحنون وكان عادلاً في حكمه بصيراً بالفقه علامة وكان الإمام يحيى بن عمر يثني على حماس ويطريه.
وقال ابن حارث: كان معدوداً في العباد صاحب تهجد وصيام ولبس صوف مع الفقه البارع.
وقال أبو العرب: سمع من سحنون وابن عبدوس وغيرهما.
قيل: إنه قام من الليل فوجد ولديه والعجوز والخادم يتهجدون فسر بذلك.
ويؤثر عنه حكايات في زهده وقنوعه.
توفي سنة اثنتين وثلاث مئة أيضاً بإفريقية.

 

ابن البردون

 

الإمام الشهيد المفتي أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن البردون الضبي مولاهم الإفريقي المالكي تلميذ أبي عثمان بن الحداد.
قال القاضي عياض: كان يقول إني أتكلم في تسعة أعشار قياس العلم.


وكان مناقضاً للعراقيين فدارت عليه دوائر في أيام عبيد الله وضرب بالسياط ثم سعوا به عند دخول الشيعي إلى القيروان وكانت الشيعة تميل إلى العراقيين لموافقتهم لهم في مسألة التفضيل ورخصة مذهبهم فرفعوا إلى أبي عبد الله الشيعي: أن ابن البردون وأبا بكر بن هذيل يطعنان في دولتهم ولا يفضلان علياً فحبسهما ثم أمر متولي القيروان أن يضرب ابن هذيل خمس مئة سوط ويضرب عنق ابن البردون فغلظ المتولي فقتل ابن هذيل وضرب ابن البردون ثم قتله من الغد. وقيل: لابن البردون لما جرد للقتل: أترجع عن مذهبك؟ قال: أعن الإسلام أرجع؟ ثم صلبا في سنة تسع وتسعين ومئتين وأمر الشيعي الخبيث أن لا يفتى بمذهب مالك ولا يفتى إلا بمذهب أهل البيت ويرون إسقاط طلاق البتة فبقي من يتفقه لمالك إنما يتفقه خفية.


قال الحسين بن سعيد الخراط: كان ابن البردون بارعاً في العلم يذهب مذهب النظر لم يكن في شباب عصره أقوى على الجدل وإقامة الحجة منه سمع من عيسى بن مسكين ويحيى بن عمر وجماعة ولما أتي به إلى ابن أبي خنزير وقف فقال له: يا خنزير فقال ابن البردون: الخنازير معروفة بأنيابها فغضب وضرب عنقه.


وقال محمد بن خراسان: لما وصل عبيد الله إلى رقادة طلب من القيروان ابن البردون وابن هذيل فأتياه وهو على السرير وعن يمينه أبو عبد الله الشيعي وأخوه أبو العباس عن يساره فقال: أتشهدان أن هذا رسول الله؟ فقالا بلفظ واحد: والله لو جاءنا هذا والشمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان: إنه رسول الله ما قلنا ذلك فأمر بذبحهما.

 

ابن خيرون

 

الإمام أبو جعفر محمد بن خيرون المعافري مولاهم القرطبي.
قال بعضهم: كنت جالساً عند ابن أبي خنزير فدخل شيخ ذو هيئة وخشوع فبكى ابن أبي خنزير وقال: السلطان - يعني عبيد الله - وجه إلي يأمرني بدوس هذا حتى يموت ثم بطحه وقفز عليه السودان حتى مات لجهاده وبغضه لعبيد الله وجنده.

وكان سعى به المروذي اللعين ولما رأى ابن أبي خنزير كثرة أذاه للعلماء تحيل وسعى به حتى قتله عبيد الله سنة ثلاث مئة أو بعدها فيا ما لقي الإسلام وأهله من عبيد الله المهدي الزنديق! الحصيري.

الحافظ الحجة القدوة أبو محمد جعفر بن أحمد بن نصر النيسابوري المعروف بالحصيري أحد الأعلام. سمع من: إسحاق بن راهويه وأبي مصعب الزهري وإسماعيل بن موسى السدي وأبي مروان العثماني وأبي كريب وابن أبي عمر العدني ومحمد بن رافع والذهلي وخلائق.
 روى عنه الحفاظ: أبو علي وعبد الله بن سعد ومحمد بن إبراهيم وأبو حامد ابن الشرقي وأحمد بن الخضر وإسماعيل بن نجيد وآخرون خاتمتهم أبو عمرو بن حمدان.
قرأت على محمد بن عبد السلام التميمي عن عبد المعز بن محمد: أخبرنا أبو القاسم المستملي وتميم بن أبي سعيد قالا: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأديب أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان أخبرنا جعفر بن أحمد الحافظ حدثنا محمد بن رافع حدثنا شبابة حدثني ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله".
قال الحاكم في تاريخه: الحصيري ركن من أركان الحديث في الحفظ والإتقان والورع سمع منه أخي محمد الكثير وهو جده.
وسمعت أحمد بن الخضر الشافعي يقول: لما ورد أبو علي عبد الله بن محمد البلخي عجز الناس عن مذاكرته لحفظه فذاكر جعفر بن أحمد بأحاديث التمتع والحج والإفراد والقران فكان يسرد فقال له جعفر: تحفظ عن سليمان التيمي عن أنس:" أن النبي صلى الله عليه وسلم لبى بحجة وعمرة معاً"؟ قال: فبقي واقفاً وجعل يقول: التيمي عن أنس... فقال جعفر: حدثناه يحيى بن حبيب بن عربي: حدثنا معتمر عن أبيه.
قال الحاكم: قال لي محمد بن أحمد السكري - سبط جعفر: كان جدي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء ثلثاً يصلي وثلثاً يصنف وثلثاً ينام وكان مرضه ثلاثة أيام لا يفتر عن قراءة القرآن.
وسمعت أبا الحسن الشافعي يقول: كان أبو عمرو الخفاف حفظه أكثر من فهمه وكان لا يقبل ممن يرد عليه غير جعفر الحافظ فإنه كان يرجع إلى قوله.
وسمعت أحمد بن الخضر: سمعت جعفر بن أحمد يقول: كنا في مجلس محمد بن رافع تحت شجرة يقرأ علينا وكان إذا رفع أحد صوته أو تبسم قام ولا يراجع فوقع ذرق طير على يدي وكتابي فضحك خادم لأولاد طاهر بن عبد الله الأمير فنظر إليه ابن رافع فوضع الكتاب فانتهى الخبر إلى السلطان فجاءني الخادم ومعه حمال على ظهره نبت سامان فقال: والله ما أملك إلا هذا وهو هدية لك فإن سئلت عني فقل: لا أدري من تبسم فقلت أفعل فلما كان الغد حملت إلى باب السلطان فبرأت الخادم ثم بعت السامان بثلاثين ديناراً واستعنت بذلك على الخروج إلى العراق فلقبت بالحصري وما بعت حصراً ولا آبائي.
قال الحاكم: توفي الحصيري سنة ثلاث وثلاث مئة.

الخياط

شيخ المعتزلة البغداديين له الذكاء المفرط والتصانيف المهذبة وكان قد طلب الحديث وكتب عن يوسف بن موسى القطان وطبقته.
وهو أبو الحسين عبد الرحيم بن محمد بن عثمان.
وكان من بحور العلم له جلالة عجيبة عند المعتزلة وهو من نظراء الجبائي.
صنف كتاب الاستدلال ونقض كتاب ابن الراوندي في فضائح المعتزلة وكتاب نقض نعت الحكمة وكتاب: الرد على من قال بالأسباب وغير ذلك. لا أعرف وفاته.

محمد بن محمد بن عقبة

ابن الوليد الإمام الأوحد أبو جعفر الشيباني الكوفي.
سمع أبا كريب والحسن بن علي الحلواني وطبقتهما.
وعنه: الطبراني وأبو عمرو بن حمدان وابن المقرئ والميانجي وآخرون.
وكان كبير الشأن ثقة نافذ الكلمة كثير النفع انتاب الناس قبره نحو السنة وعاش تسعاً وثمانين سنة. توفي سنة تسع وثلاث مئة.

شكر

الإمام العالم الحافظ المتقن أبو عبد الرحمن وأبو جعفر محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان بن رجاء بن عبد الله بن الصحابي العباس بن مرداس السلمي الهروي شكر الحافظ.
سمع محمد بن رافع القشيري وعلي بن خشرم وعمر بن شبة وعلي بن حرب وأحمد بن منصور الرمادي وأحمد بن عيسى المصري وخلقاً كثيراً.
وكان واسع الرواية جيد التصنيف.
حدث عنه: أبو الوليد حسان بن محمد وأبو حامد بن الشرقي وأبو بكر أحمد بن علي وأبو عمر محمد بن جعفر بن مطر ويحيى بن منصور وآخرون.
قال الحاكم: حدث شكر بمرو وطوس وسرخس ومرو الروذ وبخارى ونيسابور حدث بها في سنة سبع وتسعين ومئتين.
ومات شكر في أحد الربيعين سنة ثلاث وثلاث مئة وقيل: بل مات في سنة اثنتين وثلاث مئة.
وأظنه يسافر في التجارة أيضاً.

السراج

الإمام الثقة المسند أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبان بن ميمون البغدادي السراج.
سمع يحيى الحماني والحكم بن موسى وعبيد الله القواريري وعدة.
 وعنه: علي بن لؤلؤ وأبو حفص الزيات ومحمد بن زيد الأنصاري وآخرون.
توفي سنة ست وثلاث مئة وقيل: سنة خمس.

المهلبي

الإمام الحافظ المفيد الثبت أبو محمد عبد الرحمن بن عبد المؤمن بن خالد المهلبي الأزدي الجرجاني عالم جرجان.
سمع محمد بن زنبور المكي ومحمد بن حميد الرازي وإبراهيم بن موسى الوزدولي وإسماعيل بن إبراهيم الجرزي وخلقاً كثيراً في الرحلة.
حدث عنه: أحمد بن أبي عمران وأبو الحسن القصري وعبد الله ابن عدي وأبو أحمد الغطريفي وأبو بكر الإسماعيلي والجرجانيون.
وكان خالد - جده من كبار الأمراء والأعيان وهو خالد بن يزيد بن عبد الله بن المهلب بن عيينة بن الأمير المهلب بن أبي صفرة.
أثنى على أبي محمد أبو بكر الإسماعيلي وغيره وكان مقدماً في العلم والعمل.
وقال ابن ماكولا: كان ثقة يعرف الحديث ثم قال: توفي في سلخ المحرم سنة تسع وثلاث مئة. قلت لعله توفي في عشر التسعين.

تكين

الأمير أبو منصور التركي الخزري - بخاء ثم زاي معجمتين.
ولي إمرة ديار مصر للمقتدر بعد عيسى النوشري وكان ملكاً سائساً مهيباً كبير الشأن قدم على مصر في شوال سنة سبع وتسعين ومئتين وتهيأ لأمر المغرب وظهور دعاة الشيعة هناك واهتم لذلك وعقد لأبي النمر على برقة في جيش كثيف ثم عزله بالأمير خير فالتقوا فانهزم المصريون ثم كتب تكين إلى عامل إفريقية يدعوه إلى الطاعة سنة ثلاث مئة.
ثم أقبل حباسة في مئة ألف فأخذ الإسكندرية سنة اثنتين وثلاث مئة وأقبل من العراق القاسم بن سيماء مددا لتكين وقدم أحمد بن كيغلغ وأمراء ثم التقى الجمعان واستحر القتل بالمغاربة وانهزم حباسة وكان المصاف بالجيزة ثم خرج كمين لحباسة ومالوا على المصريين فقتل نحو عشرة آلاف ثم أصبحوا على المصاف والسيف يعمل وقاتلت العوام قتال الحريم وكانت وقعة مشهودة.
ثم أقبل مؤنس الخادم في جيوشه من بغداد إلى مصر فعزل تكين في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاث مئة.
ثم في صفر سنة ثلاث ولي إمرة مصر ذه الرومي الأعور ورجعت المغاربة إلى إفريقية.
ثم عاد تكين إلى ولاية مصر سنة سبع ثم عزل سنة تسع ثم أعيد مرات وقل أن سمع بمثل هذا.
ثم بقي تكين على إمرة مصر أعواماً إلى أن مات في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.

القزويني

الإمام المحدث المتقن عالم قزوين أبو عبد الله محمد بن مسعود ابن الحارث الأسدي القزويني.
سمع عمرو بن رافع ويوسف بن حمدان وإسماعيل بن توبة وسهل ابن زنجلة وابن حميد والحسن بن علي الحلواني وعبد الله بن عمران العابدي وهارون بن هزاري وعبد السلام بن عاصم وعدة.
وله رحلة ومعرفة لقي بالكوفة إسماعيل سبط السدي وبالمدينة أبا مصعب الزهري وجمع فأوعى.
كتب عنه علي بن مهرويه وابن سلمة القطان وعلي بن عمر الصيدناني وعبد العزيز بن ماك وعلي بن أحمد بن صالح وكان عند أبي عبد الله بن إسحاق عنه ستة أحاديث.
وثقه الخليلي وأثنى عليه ثم قال: توفي سنة ست وثلاث مئة.
قلت لعلة من أبناء التسعين.

ابن حبيب

شيخ المالكية بإفريقية العلامة قاضي أطرابلس الغرب أبو الأسود موسى بن عبد الرحمن بن حبيب الإفريقي القطان المالكي.
أخذ عن محمد بن سحنون وشجرة بن عيسى وغيرهما.
روى عنه: تميم بن أبي العرب وأبو محمد بن مسرور وجماعة.
توفي في ذي القعدة سنة ست وثلاث مئة وكان من أوعية العلم والفقه.

الأشناني

الإمام شيخ القراء ببغداد أبو العباس أحمد بن سهل بن الفيزران الأشناني صاحب عبيد بن الصباح.
تلا على عبيد ثم من بعده على جماعة من تلامذة عمرو بن الصباح وبرع في علم الأداء وعمر دهراً وحدث عن بشر بن الوليد الكندي وعبد الأعلى بن حماد النرسي وطائفة.
تلا عليه خلق منهم: أبو بكر بن مقسم وعبد الواحد بن أبي هاشم وعلي بن محمد بن صالح الهاشمي وابن زياد النقاش والحسن بن سعيد المطوعي وإبراهيم بن أحمد الخرقي.
وممن زعم أنه تلا على الأشناني: أبو أحمد السامري وعلي بن الحسين الغضائري وعبد القدوس بن محمد وأحمد بن محمد بن سويد المعلم وثلاثتهم انفرد بذكرهم أبو علي الأهوازي فالله أعلم.
وقد حدث عنه عبد العزيز الخرقي ومحمد بن علي بن سويد. وثقه الدارقطني. قال ابن أبي هاشم: قرأت القرآن كله على الأشناني وكان خيراً فاضلاً ضابطاً وقال لي: قرأت على عبيد بن الصباح.
قال أبو علي الاهوازي: قطع الأشناني الإقراء قبل موته بعشر سنين هكذا قال الأهوازي فإن صح ذلك فأين قول أبي أحمد والغضائري: إنهم قرأوا عليه؟! فقبح الله الكذب وذويه.
مات الأشناني في المحرم سنة سبع وثلاث مئة.

ابن أبي الدميك

الشيخ العالم الصادق أبو العباس محمد بن طاهر بن خالد بن أبي الدميك البغدادي.
سمع علي بن المديني وعبيد الله العيشي وإبراهيم بن زياد سبلان.
حدث عنه: جعفر الخلدي ومخلد بن جعفر الباقرحي ومحمد بن المظفر.
وثقه الخطيب وقال: مات في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاث مئة.
فيها مات أبو محمد أحمد بن إبراهيم بن عبد الله النيسابوري سبط القاضي نصر بن زياد قرأ المسند على ابن راهويه.
وشيخ النحو أبو موسى سليمان بن محمد الحامض.
والمحدث عبد الله بن صالح البخاري البغدادي.
والحافظ علي بن سعيد العسكري.
ومقرئ بغداد عمر بن محمد بن نصر الكاغدي.
ومحدث جرجان أبو إسحاق عمران بن موسى بن مجاشع السختياني.
ومسند العصر أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي.
والمقرئ الحافظ أبو بكر القاسم بن زكريا المطرز.
والعلامة أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار والد أبي بكر بن الأنباري.
والمحدث أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبان البغدادي بن السراج.
والمحدث محمد بن إبراهيم بن شبيب الأصبهاني.
ومسند أصبهان محمد بن نصير بن أبان المديني.
وعالم الحنفية أبو الحسن علي بن موسى القمي لحق محمد بن حميد الرازي.

العمري

المحدث الحجة أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن إبراهيم العمري الموصلي.
سمع معلى بن مهدي ومحمد بن عبد الله بن عمار وهذه الطبقة وأكثر عن أصحاب ابن عيينة.
حدث عنه: أبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ وأبو بكر الإسماعيلي وأبو بكر النجاد وأبو بكر بن المقرئ وآخرون. وثقه الدارقطني والخطيب.
قدم بغداد وحدث بها. توفي سنة ست وثلاث مئة.

الفزاري

الحافظ المجود الناقد أبو الفضل العباس بن محمد الفزاري مولاهم المصري.
حدث عن: محمد بن رمح وزكريا كاتب العمري وأحمد بن صالح وطبقتهم.
روى عنه: أبو سعيد بن يونس الطبراني ولحقه الحافظ أبو علي النيسابوري وابن عدي.
قال ابن يونس: أكثرت عنه وكان يعرف بالبصري ما رأيت أحداً قط أثبت منه توفي في شعبان سنة ست وثلاث مئة.

ابن عبد الصمد

القاضي الإمام أبو محمد عبد الصمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الصمد القرشي الدمشقي ابن أخي المحدث يزيد بن محمد.
سمع هشام بن عمار وإسحاق بن موسى الخطمي ونوح بن حبيب وعبد الرحمن دحيماً وطبقتهم.
روى عنه: ابن عدي وأبو عمر بن فضالة وجمح بن القاسم ومحمد ابن سليمان الربعي والفضل بن جعفر.
توفي سنة ست وثلاث مئة.

ابن فياض

المحدث الزاهد العابد أبو سعيد محمد بن أحمد بن عبيد بن فياض العثماني الدمشقي.
عن صفوان بن صالح وعيسى بن حماد وهشام بن عمار وخلق.
وعنه: ابن عدي وابن السني وحمزة الكناني وابن المقرئ.
قال الدارقطني: ليس به بأس.
قلت مات في ربيع الآخر سنة عشر وثلاث مئة.

أبو زرعة القاضي

الإمام الكبير القاضي أبو زرعة محمد بن عثمان بن إبراهيم بن زرعة الثقفي مولاهم الدمشقي وكانت داره بناحية باب البريد وكان جده يهودياً فأسلم.
قل ما روى أخذ عنه أبو علي الحصائري وغيره.
ذكره ابن عساكر. وكان حسن المذهب عفيفاً متثبتاً.
ولي قضاء الديار المصرية سنة أربع وثمانين ومئتين وكان شافعياً وولي قضاء دمشق وقد كان قام مع الملك أحمد بن طولون وخلع من العهد أبا أحمد الموفق لكونه نافس المعتمد أخاه فقام أبو زرعة عند المنبر بدمشق قبل الجمعة وقال: أيها الناس! أشهدكم أني قد خلعت أبا أحمق كما يخلع الخاتم من الأصبع فالعنوه. ثم تمت ملحمة بالرملة بين الملك خمارويه بن أحمد بن طولون وبين ابن الموفق فانتصر فيها أحمد بن الموفق الذي ولي الخلافة ولقب بالمعتضد فلما انتصر دخل دمشق وأخذ هذا ويزيد بن عبد الصمد وأبا زرعة النصري الحافظ في القيود ثم استحضرهم في الطريق وقال: أيكم القائل: قد نزعت أبا أحمق؟ قال فربت ألسنتنا وأيسنا من الحياة قال الحافظ: فأبلست وأما يزيد فخرس وكان تمتاماً وكان ابن عثمان أصغرنا فقال: أصلح الله الأمير فقال كاتبه: قف حتى يتكلم أكبر منك فقلت أصلحك الله وهو يتكلم عنا قال: قل فقال: والله ما فينا هاشمي صريح ولا قرشي صحيح ولا عربي فصيح ولكنا قوم ملكنا - أي قهرنا وروى أحاديث في السمع والطاعة وأحاديث في العفو والإحسان وهو كان المتكلم بتيك اللفظة وقال: وإني أشهد الأمير أن نسائي طوالق وعبيدي أحرار ومالي حرام إن كان في هؤلاء القوم أحد قال هذه الكلمة فوراءنا حرم وعيال وقد تسامع الخلق بهلاكنا وقد قدرت وإنما العفو بعد المقدرة فقال لكاتبه: أطلقهم لا كثر الله منهم قال فاشتغلت أنا ويزيد في نزه أنطاكية عند عثمان بن خرزاذ وسبق هو إلى حمص.
قال ابن زولاق في تاريخ قضاة مصر: ولي أبو زرعة وكان يوالي على مذهب الشافعي ويصانع عليه وكان عفيفاً شديد التوقف في إنفاذ الأحكام وله مال كثير وضياع كبار بالشام واختلف في أمره فقيل: إنه كان في عهد الملك هارون بن خمارويه - متولي مصر - إن القضاء إلى أبي زرعة فولاه القضاء وقيل: إن المعتضد نفذ له عهداً.
قال: وكان أبو زرعة يرقي من وجع الضرس ويعطي الموجوع حشيشة توضع عليه فيسكن.
وكان يوفي عن الغرماء الضعفى.
وسمعت الفقيه محمد بن أحمد بن الحداد يقول سمعت منصوراً الفقيه يقول: كنت عند القاضي أبي زرعة فذكر الخلفاء فقلت أيجوز أن يكون السفيه وكيلاً؟ قال لا قلت فولياً لامرأة قال: لا قلت فخليفة؟ قال يا أبا الحسن! هذه من مسائل الخوارج.
وكان أبو زرعة شرط بمن حفظ مختصر المزني مئة دينار وهو الذي أدخل مذهب الشافعي دمشق وكان الغالب عليه قول الأوزاعي.

وكان من الأكلة: يأكل سل مشمش وسل تين.
بقي على قضاء مصر ثمان سنين فصرف ورد إلى القضاء محمد بن عبدة.
قلت مات بدمشق سنة اثنتين وثلاث مئة.

أبو الخيار

ومات بالأندلس العلامة أبو الخيار هارون بن نصر الأندلسي الفقيه الشافعي تلميذ الإمام بقي بن مخلد صحبه زماناً وأكثر عنه ثم مال إلى تصانيف الشافعي فحفظها وكان إماماً مناظراً.
توفي أبو الخيار الشافعي في عام اثنتين وثلاث مئة رحمه الله.

الجوزي

الإمام الحجة المحدث أبو إسحاق إبراهيم بن موسى التوزي الجوزي نزيل بغداد.
سمع بشر بن الوليد وعبد الأعلى بن حماد ومحمد بن عبد الله بن عمار وعبد الرحيم الديبلي وطائفة.
روى عنه أبو علي بن الصواف وأبو حفص بن الزيات وعلي بن لؤلؤ الوراق وآخرون.
وانتخب عليه أبو بكر الباغندي.
توفي سنة ثلاث وثلاث مئة. وهو من الثقات.

رويم

الإمام الفقيه المقرئ الزاهد العابد أبو الحسن رويم بن أحمد وقيل: رويم بن محمد بن يزيد بن رويم بن يزيد البغدادي شيخ الصوفية ومن الفقهاء الظاهرية تفقه بداود وهو رويم الصغير وجده هو رويم الكبير كان في أيام المأمون.
وقد امتحن صاحب الترجمة في نوبة غلام خليل وقال عنه: أنا سمعته يقول: ليس بيني وبين الله حجاب ففر إلى الشام واختفى زماناً.
وأما الحجاب: فقول يسوغ باعتبار أن الله لا يحجبه شيء قط عن رؤية خلقه وأما نحن فمحجوبون عنه في الدنيا وأما الكفار فمحجوبون عنه في الدارين.
أما إطلاق الحجب فقد صح أن حجابه النور فنؤمن بذلك ولا نجادل بل نقف.
ومن جيد قوله: السكون إلى الأحوال اغترار.
وقال: الصبر ترك الشكوى والرضى استلذاذ البلوى.
مات رويم ببغداد سنة ثلاث وثلاث مئة.
قال ابن خفيف: ما رأيت في المعارف كرويم.

القمي

الإمام العلامة شيخ الحنفية بخراسان أبو الحسن علي بن موسى ابن يزيد القمي النيسابوري كان عالم أهل الرأي في عصره بلا مدافعة وصاحب التصانيف منها: كتاب أحكام القرآن كتاب نفيس.
تصدر بنيسابور للإفادة وتخرج به الكبار وبعد صيته وطال عمره وأملى الحديث وكان صاحب رحلة ومعرفة. سمع من محمد بن حميد الرازي ومحمد بن معاوية بن مالج وتفقه بمحمد بن شجاع الثلجي.
حدث عنه: أبو بكر أحمد بن سعد بن نصر وأحمد بن أحيد الكاغدي وآخرون.
ذكره الحاكم فعظمه وفخمه وقال: توفي سنة خمس وثلاث مئة.
فهذا وأبو سعيد المذكور كانا عالمي خراسان في مذهب أبي حنيفة تخرج بهما جماعة من الكبار وكان معهما في البلد من أئمة الأثر مثل ابن خزيمة وأبي العباس السراج وعدة فكان المحدثون إذ ذاك أئمة عالمين بالفقه أيضاً وكان أهل الرأي بصراء بالحديث قد رحلوا في طلبه وتقدموا في معرفته وأما اليوم فالمحدث قد قنع بالسكة والخطبة فلا يفقه ولا يحفظ كما أن الفقيه قد تشبث بفقه لا يجيد معرفته ولا يدري ما هو الحديث بل الموضوع والثابت عنده سواء بل قد يعارض ما في الصحيح بأحاديث ساقطة ويكابر بأنها أصح وأقوى نسأل الله العافية.

وكيع

الإمام المحدث الأخباري القاضي أبو بكر محمد بن خلف بن حيان بن صدقة الضبي البغدادي الملقب بوكيع صاحب التآليف المفيدة.
حدث عن: أبي حذافة السهمي والزبير بن بكار والحسن بن عرفة وطبقتهم فأكثر.
حدث عنه: أبو علي بن الصواب ومحمد بن عمر الجعابي ومحمد بن المظفر وأبو الفرج صاحب الأغاني وأبو جعفر بن المتيم وآخرون.
قال أبو الحسين بن المنادي: أقلوا عنه للين شهر به.
وقال الدراقطني: كان نبيلاً فصيحاً فاضلاً من أهل القرآن والفقه والنحو له تصانيف كثيرة.
قلت ولي قضاء كور الأهواز كلها وتوفي في ربيع الأول سنة ست وثلاث مئة.

منصور بن إسماعيل

العلامة فقيه مصر أبو الحسن التميمي الشافعي الضرير الشاعر.
قال ابن خلكان: له مصنفات في المذهب وشعر سائر وهذا له:

لي حيلة فـيمـن ينـم

 

وليس في الكذاب حيلة

من كان يخلق ما يقـو

 

ل فحيلتي فيه طـويلة

قال القضاعي: أصله من رأس عين وكان متصرفاً في كل علم شاعراً مجوداً لم يكن في زمانه مثله توفي سنة ست وثلاث مئة.
وقال ابن يونس: كان فهماً حاذقاً صنف مختصرات في الفقه وكان شاعراً خبيث الهجو وكان جندياً ثم عمي.
وقال أبو إسحاق: له مصنفات في المذهب أخذ عن أصحاب الشافعي وأصحاب أصحابه ثم قال: مات قبل العشرين وثلاث مئة.
قلت بل سنة ست وثلاث مئة كما قدمنا.

الجارودي

الحافظ المتقن صاحب التصانيف أبو جعفر أحمد بن علي بن محمد بن الجارود الأصبهاني له رحلة وهمة ومعرفة تامة حدث عن أبي سعيد الأشج وعمر بن شبة وهارون بن إسحاق وأحمد بن الفرات وطبقتهم.
وعنه: أبو إسحاق حمزة والطبراني: وأبو الشيخ وعبد الرحمن ابن محمد بن سياه وأهل أصبهان.
توفي سنة تسع وتسعين ومئتين وقيل: قبلها بعام.

ابن الجارود

صاحب كتاب المنتقى في السنن مجلد واحد في الأحكام لا ينزل فيه عن رتبة الحسن أبداً إلا في النادر في أحاديث يختلف فيها اجتهاد النقاد.
ولد في حدود الثلاثين ومئتين.
واسمه: الإمام أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري الحافظ المجاور بمكة.
كان من أئمة الأثر.
سمع من: أبي سعيد الأشج والحسن بن محمد الزعفراني وعلي بن خشرم ومحمود بن آدم وإسحاق الكوسج وزياد بن أيوب ويعقوب الدورقي وعبد الله بن هاشم الطوسي وأحمد بن الأزهر وأحمد بن يوسف ومحمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ ومحمد بن يحيى الذهلي وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وبحر ابن نصر الخولاني ومحمد بن عثمان بن كرامة وخلق كثير إلى أن ينزل إلى إمام الأئمة ابن خزيمة.
فأما قول أبي عبد الله الحاكم فيه. سمع من إسحاق بن راهويه وعلي بن حجر وأحمد بن منيع: فلم أجد له شيئاً عنهم ولا أراه لحقهم.
حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي ومحمد بن نافع الخزاعي المكي ودعلج بن أحمد السجزي وأبو القاسم الطبراني ومحمد بن جبريل العجيفي وآخرون ويحيى بن منصور القاضي.
أثنى عليه الحاكم والناس. مات سنة سبع وثلاث مئة.
وقع لي من حديثه: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الدائم أخبرنا علي ابن هبة الله الخطيب أخبرتنا شهدة الكاتبة أخبرنا الحسن بن أحمد الدقاق أخبرنا أبو علي بن شاذان أخبرنا دعلج بن أحمد أخبرنا عبد الله ابن علي بن الجارود حدثنا الربيع حدثنا الشافعي حدثنا مالك عن  نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يبيع حاضر لباد" متفق عليه فوقع لنا عالياً.
أنبأنا إبراهيم بن إسماعيل وأحمد بن سلامة عن محمد بن أحمد الصيدلاني: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية أخبرنا محمد بن عبد الله أخبرنا أبو القاسم الطبراني حدثنا عبد الله بن علي الجارودي حدثنا أحمد بن حفص: حدثني أبي حدثنا إبراهيم بن طهمان عن سماك عن عبد الله ابن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس قال: مرت سحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" هل تدرون ما هذا؟" قلنا: السحاب قال: والمزن قالوا: والمزن قال: أو العنان قلنا: أو العنان فقال:" هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض؟" قلنا: لا قال:" إحدى وسبعين أو ثنتين أو ثلاث وسبعين سنة..." الحديث.

محمود بن محمد بن منويه

الحافظ المفيد العالم أبو عبد الله الواسطي.
سمع محمد بن أبان الواسطي ووهب بن بقية والعباس بن عبد العظيم وعدة.
حدث عنه: الطبراني ومحمد بن زنجويه القزويني وابن عدي وأبو الشيخ وآخرون.
وقد أسكت قبل موته بعامين.
وروى أيضاً عنه: أبو بكر الإسماعيلي ومحمد بن عمر بن الجعابي. وحدث ببغداد.
وقد انقلب اسمه على عبد الغني بن سعيد الحافظ فقال: محمد بن محمود بن منويه نسبه لنا أبو الطاهر الذهلي.
وقال ابن ماكولا: هو محمد بن محمد بن منويه أبو عبد الله يروي عن محمد بن أبان الواسطي ومحمد بن الصباح الجرجرائي وقد نبه ابن نقطة على وهمهما في اسمه لكن اعتذر عن عبد الغني وقال: كان لمحمود ابنان: أحمد ومحمد كلاهما قد حدث.
قال: الدارقطني: كتبت عن أبي الحسين محمد بن محمود الواسطي.
قلت توفي الحافظ محمود بن محمد في شهر رمضان سنة سبع وثلاث مئة وكان من بقايا الحفاظ ببلده من أبناء الثمانين بل أزيد ومنويه: بنون.

عبد الله بن صالح

ابن عبد الله بن الضحاك الإمام الصدوق أبو محمد البغدادي ويلقب بالبخاري.
سمع لويناً وعثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن أبي إسرائيل وطبقتهم.
وعنه: عبد الله الزبيبي ومحمد بن المظفر وابن الزيات وأبو علي النيسابوري وقال: هو ثقة.
قلت توفي في رجب سنة خمس وثلاث مئة.
الأعرج
يحيى بن زكريا بن يحيى الإمام الكبير الحافظ الثقة أبو زكريا النيسابوري الأعرج.
سمع قتيبة بن سعيد وإسحاق بن راهويه وعلي بن حجر وأقرانهم وسمع من يحيى بن موسى خت وارتحل في الشيخوخة ناشراً لعلمه.
حدث عنه: ابن أخيه أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيوية النيسابوري نزيل مصر ومكي بن عبدان وأبو العباس بن عقدة وأبو حامد ابن الشرقي وآخرون.
وكان يطلب الحديث بمصر على كبر السن.
مات سنة سبع وثلاث مئة ويشبهه من وجه نزيل حلب جعفرك النيسابوري الأعرج الذي عاش إلى بعد سنة عشر وثلاث مئة وسوف يأتي.

أبو شيبة

الشيخ المحدث العالم الصدوق أبو شيبة داود بن إبراهيم بن داود ابن يزيد بن روزبة البغدادي نزيل مصر.
سمع محمد بن بكار بن الريان وعبد الأعلى بن حماد وعثمان بن أبي شيبة ومحمد بن حميد الرازي.
حدث عنه: ابن عدي وأبو بكر بن المقرئ وجعفر بن الفضل المؤذن وأحمد بن محمد بن المهندس وآخرون.
قال الدراقطني: صالح.
قلت مات بمصر سنة عشر وثلاث مئة يقع حديثه مع نسخة أبي مسهر وغير ذلك.

السقطي

الإمام المتقن أبو حفص عمر بن أيوب بن إسماعيل البغدادي السقطي الرجل الصالح.
سمع بشر بن الوليد ومحمد بن بكار بن الريان وسريج بن يونس وعدة.
روى عنه: أبو علي بن الصواف وعبد العزيز بن الخرقي وعلي بن لؤلؤ ومحمد بن خلف بن جيان - بجيم - وآخرون.
وثقه الدارقطني. مات سنة ثلاث وثلاث مئة.