ابن الدرفس

ابن الدرفس

الإمام الصالح الصادق أبو عبد الرحمن محمد بن العباس بن الوليد بن محمد بن عمر بن الدرفس الغساني الدمشقي.

حدث عن: هشام بن عمار ودحيم وهشام بن خالد الأزرق ويونس بن عبد الأعلى وخلق.
وعنه: أبو زرعة بن أبي دجانة وأخوه أبو بكر وجمح بن القاسم والفضل بن جعفر وأبو عمر بن فضالة وأبو القاسم الطبراني وأبو أحمد بن عدي وآخرون.
والدرفس - بمهملة - من أسماء الأسد.

ابن زنجويه

المحدث المتقن أبو العباس أحمد بن زنجويه بن موسى وقيل: أحمد بن عمر بن زنجويه بن موسى المخرمي القطان وفرق الخطيب بينهما وهما واحد.
سمع محمد بن بكار وبشر بن الوليد ولويناً وداود بن رشيد وهشام ابن عمار وإبراهيم بن المنذر الحزامي وطبقتهم.
وعنه: علي بن لؤلؤ وابن المظفر وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي والطبراني والآجري وأبو أحمد بن عدي وعدة.
وكان موثقاً معروفاً. توفي سنة أربع وثلاث مئة.

العامري

المحدث الرحال أبو الحسن أحمد بن محمد بن حسن بن السكن القرشي العامري أحد الحفاظ على لين فيه.
يروي عن: إبراهيم بن عبد الله الهروي وإسحاق بن موسى الخطمي ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم وطبقتهم.
وعنه: أبو بكر بن أبي دجانة وعلي بن أبي العقب وأبو أحمد العسال وأبو الشيخ وأحمد بن عبدان الشيرازي وقال: قدم علينا في سنة أربع وثلاث مئة ولا أحدث عنه كان ليناً.

يموت بن المزرع

ابن يموت بن عيسى العلامة الأخباري أبو بكر العبدي البصري الأديب واسمه: محمد.
سكن طبرية مدة. وحدث عن: خاله الجاحظ وأبي حفص الفلاس ومحمد بن حميد اليشكري وأبي حاتم السجستاني ونصر بن علي الجهضمي والعباس الرياشي وعدة.
وعنه: أبو بكر الخرائطي وسهل بن أحمد الديباجي والحسن بن رشيق وأبو بكر بن مجاهد وآخرون.
وكان يروي القراءة عن محمد بن عمر القصبي - صاحب عبد الوارث - وعن السجستاني.
وكان لا يعود مريضاً كيلا يقع في التطير باسمه.
وله تآليف وما أعلم به بأساً. مات سنة أربع وثلاث مئة.

يوسف بن الحسين

الرازي الإمام العارف شيخ الصوفية أبو يعقوب.
أكثر الترحال وأخذ عن ذي النون المصري وقاسم الجوعي وأحمد ابن حنبل وأحمد بن أبي الحواري ودحيم وأبي تراب عسكر النخشبي.
وعنه: أبو أحمد العسال وأبو بكر النقاش ومحمد بن أحمد بن شاذان وآخرون.
قال السلمي: كان إمام وقته لم يكن في المشايخ أحد على طريقته في تذليل النفس وإسقاط الجاه.
قال أبو القاسم القشيري: كان نسيج وحده في إسقاط التصنع يقال: كتب إلى الجنيد: لا أذاقك الله طعم نفسك فإن ذقتها لا تفلح.
وقال: إذا رأيت المريد يشتغل بالرخص فاعلم أنه لا يجيء منه شيء.
وقيل: كان يسمع الأبيات ويبكي.
مات سنة أربع وثلاث مئة وقد سمع قوالاً ينشد:

 

رأيتك تبني دائماً في قطيعـتـي

 

ولو كنت ذا حزم لهدمت ما تبني

كأني بكم والليت أفضل قولـكـم

 

ألا ليتنا كنا إذا الليت لا تغـنـي

 

فبكى كثيراً وقال للمنشد: يا أخي! لا تلم أهل الري أن يسموني زنديقاً أنا من بكرة أقرأ في المصحف ما خرجت من عيني دمعة ووقع مني إذ غنيت ما رأيت.
قال السلمي: كان - مع علمه وتمام حاله - هجره أهل الري وتكلموا فيه بالقبائح خصوصاً الزهاد وأفشوا أموراً حتى بلغني أن شيخاً رأى في النوم كأن براءة نزلت من السماء فيها مكتوب: هذه براءة ليوسف بن الحسين مما قيل فيه فسكتوا.
قال الخطيب: سمع منه أبو بكر النجاد.
قلت هو صاحب حكاية الفأرة مع ذي النون لما سأله الاسم الأعظم. وقد عمر دهراً.
وعنه قال: بالأدب تتفهم العلم وبالعلم يصح لك العمل وبالعمل تنال الحكمة وبالحكمة تفهم الزهد وبالزهد تترك الدنيا وترغب في الآخرة وبذلك تنال رضى الله تعالى.
قال السلمي: مات سنة أربع وثلاث مئة رحمه الله.
طول ابن عساكر ترجمته.
قال الخلدي: كتب الجنيد إلى يوسف بن الحسين: أوصيك بترك الالتفات إلى كل حال مضت فإن الالتفات إلى ما مضى شغل عن الأولى وأوصيك بترك ملاحظة الحال الكائنة اعمل على تخليص همك من همك لهمك واعمل على محق شاهدك من شاهدك حتى يكون الشاهد عليك شاهداً لك وبك ومنك... في كلام طويل.
وليوسف رسالة إلى الجنيد منها:

كيف السبيل إلى مرضاة من غضبا

 

من غير جرم ولم أعرف له سببا

قال والد تمام: سمعت يوسف بن الحسين يقول: قيل لي: ذو النون يعرف الاسم الأعظم فسرت إليه فبصر بي وأنا طويل اللحية ومعي ركوة طويلة فاستشنع منظري.
قال والد تمام: يقال كان يوسف أعلم أهل زمانه بالكلام وبعلم الصوفية قال: فجاء متكلم فناظر ذا النون فلم يقم له بحجة قال: فاجتذبته إلي وناظرته فقطعته فعرف ذو النون مكاني وعانقني وجلس بين يدي وقال: اعذرني قال: فخدمته سنة. ابن الجلاء.

القدوة العارف شيخ الشام أبو عبد الله بن الجلاء أحمد بن يحيى وقيل: محمد بن يحيى.
يقال: أصله بغدادي صحب والده وأبا تراب النخشبي وذا النون المصري وحكى عنه.
أخذ عنه: أبو بكر الدقي ومحمد بن سليمان اللباد ومحمد بن الحسن اليقطيني.
أقام بالرملة وبدمشق وكان يقال: الجنيد ببغداد وابن الجلاء بالشام وأبو عثمان الحيري بنيسابور - يعني لا نظير لهم.
قال الدقي: ما رأيت شيخاً أهيب من ابن الجلاء مع أني لقيت ثلاث مئة شيخ فسمعته يقول: ما جلا أبي شيئاً قط ولكنه كان يعظ فيقع كلامه في القلوب فسمي جلاء القلوب.
قال محمد بن علي بن الجلندي: سئل ابن الجلاء عن المحبة فسمعته يقول: ما لي وللمحبة؟ أنا أريد أن أتعلم التوبة.
قال أبو عمر الدمشقي: سمعت ابن الجلاء يقول: قلت لأبوي: أحب أن تهباني لله قالا: قد فعلنا فغبت عنهم مدة ثم جئت فدققت الباب فقال أبي: من ذا؟ قلت ولدك قال قد كان لي ولد وهبناه لله وما فتح لي.
وعن ابن الجلاء قال: آلة الفقير صيانة فقره وحفظ سره وأداء فرضه.
توفي في سنة ست وثلاث مئة.

ابن مطر

الإمام أبو الحسن علي بن إبراهيم بن مطر البغدادي السكري.
سمع داود بن رشيد وهشام بن عمار وعبد الله بن معاوية وطبقتهم.
حدث عنه: عبد الله بن إبراهيم الزبيبي وعبد العزيز بن جعفر الخرقي ويوسف الميانجي وأبو بكر بن المقرئ وآخرون.
وثقه الدارقطني. توفي في المحرم سنة ست وثلاث مئة.

ابن زاطيا

المحدث أبو الحسن علي بن إسحاق بن عيسى بن زاطيا المخرمي البغدادي.
سمع محمد بن بكار بن الريان وداود بن رشيد وعثمان بن أبي شيبة وجماعة.
وعنه: أبو بكر الشافعي وأبو حفص بن الزيات وابن بخيت الدقاق وعلي بن عمر الحربي وأبو بكر بن السني وقال: لا بأس به.
قلت كف بصره بأخرة. توفي في جمادى الأولى سنة ست وثلاث مئة.

ابن حمدويه

الإمام المحدث أبو رجاء محمد بن حمدويه بن موسى بن طريف السنجي المروزي الهورقاني سمع سويد بن نصر وعتبة بن عبد الله ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة وعلي بن حجر ومحمد بن حميد.
روى عنه: عبد الله بن أحمد الصديق وأبو عصمة محمد بن أحمد بن عباد وأهل مرو.
توفي سنة ست وثلاث مئة ذكره ابن ماكولا.

أبو حفص

القاضي المحدث أبو حفص عمر بن الحسن بن نصر بن طرخان الحلبي قاضي دمشق.
حدث عن: محمد بن أبي سمينة وزهير بن حرب ولوين وعقبة ابن مكرم ومحمد بن قدامة المصيصي وعدة.
وعنه: أبو علي بن هارون وأبو علي بن آدم وأبو عبد الله بن مروان وأبو بكر الآجري وأبو أحمد بن عدي والإسماعيلي ومحمد ابن إسماعيل الوراق وأبو حفص بن الزيات وعلي بن عمر الحربي.
قال الدراقطني: ثقة صدوق. قلت سماع الوراق منه في سنة سبع.

الدويري

المحدث أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن يوسف بن خرشيد النيسابوري الدويري ودوير: على فرسخ من نيسابور. سمع قتيبة وإسحاق ويحيى خت.
وعنه: ابن الشرقي وأبو الوليد حسان بن محمد ويحيى بن زكريا الدويري وأبو عمرو بن حمدان وآخرون. توفي سنة سبع وثلاث مئة.

ابن عطاء

الزاهد العابد المتأله أبو العباس أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء الأدمي البغدادي.
حدث عن: يوسف بن موسى القطان.
وعنه: محمد بن علي بن حبيش وقال: كان له في كل يوم ختمة وفي رمضان تسعون ختمة وبقي في ختمة مفردة بضع عشرة سنة يتفهم ويتدبر.
وقال حسين بن خاقان: كان ينام في اليوم واللية ساعتين مات في سنة تسع وثلاث مئة في ذي القعدة.
قلت لكنه راج عليه حال الحلاج وصححه فقال السلمي: امتحن بسبب الحلاج وطلبه حامد الوزير وقال: ما الذي تقول في الحلاج؟ فقال مالك ولذاك؟ عليك بما ندبت له من أخذ الأموال وسفك الدماء فأمر به ففكت أسنانه فصاح: قطع الله يديك ورجليك ومات بعد أربعة عشر يوماً ولكن أجيب دعاؤه فقطعت أربعة حامد قال السلمي: سمعت أبا عمرو بن حمدان يذكر هذا.
قال: وكان ابن عطاء ينتمي إلى المارستاني إبراهيم.
وقيل: إن ابن عطاء فقد عقله ثمانية عشر عاماً ثم ثاب إليه عقله. ثبت الله علينا عقولنا وإيماننا فمن تسبب في زوال عقله بجوع ورياضة صعبة وخلوة فقد عصى وأثم وضاهى من أزال عقله بعض يوم بسكر فما أحسن التقيد بمتابعة السنن والعلم. الوشاء.

الشيخ الراوي أبو علي الحسن بن محمد بن عنبر بن شاكر البغدادي الوشاء.
سمع علي بن الجعد ومنصور بن أبي مزاحم وعلي بن المديني وعبد الله بن عون الخراز وعدة.
حدث عنه: أبو القاسم بن النخاس وابن الشخير وعلي بن عمر السكري وآخرون.
ضعفه عبدالباقي بن قانع. وقال الدارقطني: تكلموا فيه من جهة سماعه.
وأما أبو بكر البرقاني فوثقه. مات في سنة ثمان وثلاث مئة ببغداد.
وفيها توفي: أبو خبيب بن البرتي وإبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه والمفضل بن محمد الجندي وشعيب بن محمد الذارع ومحمد ابن الحسن بن بدينا وعبد الكريم بن إبراهيم بن حبان المصري.

ابن البرتي

الإمام المحدث أبو خبيب العباس بن القاضي العلامة أحمد بن محمد بن عيسى البرتي.
سمع عبد الأعلى بن حماد النرسي وأبا بكر بن أبي شيبة وسوار بن عبد الله العنبري وطائفة.
حدث عنه: أبو بكر الشافعي وعبد العزيز بن أبي صابر وأبو حفص ابن شاهين وأبو بكر بن المقرئ.

أثنى عليه بعض الحفاظ ومات في شوال سنة ثمان وثلاث مئة عن بضع وثمانين سنة أو أكثر. الجندي.

المقرئ المحدث الإمام أبو سعيد المفضل بن محمد بن إبراهيم ابن مفضل بن سعيد بن الإمام عامر بن شراحيل الشعبي الكوفي ثم الجندي.
حدث عن: الصامت بن معاذ الجندي ومحمد بن أبي عمر العدني وإبراهيم بن محمد الشافعي وأبي حمة محمد بن يوسف وسلمة بن شبيب وقد روى القراءات عن طائفة كالبزي وغيره.
أخذ عنه: أبو بكر بن مجاهد وعبد الواحد بن أبي هاشم وحدث عنه أيضاً أبو القاسم الطبراني وأبو حاتم البستي وأبو بكر بن المقرئ وأبو جعفر العقيلي وآخرون.
قال العقيلي: قدمت مكة ولأبي سعيد الجندي حلقة بالمسجد الحرام.
وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: هو ثقة.
قال أبو القاسم بن مندة: توفي سنة ثمان وثلاث مئة.

الفرغاني

المحدث الثقة أبو العباس حاجب بن مالك بن أركين الضرير الفرغاني التركي نزيل دمشق.
حدث عن الفلاس ومحمد بن المثنى وأبي سعيد الأشج وأبي عمر الدوري وعلي بن حرب وابن عبد الحكم وطبقتهم.
وعنه: أبو علي بن هارون وأبو عمر بن فضالة ومحمد بن سليمان الربعي والميانجي والطبراني وأبو الشيخ وخلق ومحمد بن المظفر.
وثقه الخطيب. وقال الدراقطني: ليس به بأس.
مات سنة ست وثلاث مئة.

ابن ذريح

الإمام المتقن الثقة أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح البغدادي العكبري.
سمع جبارة بن المغلس وعثمان بن أبي شيبة وأبا مصعب الزهري وأبا ثور الكلبي وطبقتهم وكان صاحب حديث ورحلة.
حدث عنه: إسحاق النعالي وأبو بكر الإسماعيلي ومحمد بن المظفر وأبو حفص بن الزيات وابن بخيت الدقاق وأبو بكر بن المقرئ وآخرون.
مات سنة سبع وثلاث مئة وقيل: توفي سنة ثمان وقيل: سنة ست فالله أعلم.
وثقوه واحتجوا به.

الحسن بن الطيب

ابن حمزة المحدث الرحال أبو علي الشجاعي البلخي نزيل بغداد ابن أخي الحافظ الحسن بن شجاع.
حدث ببغداد عن قتيبة بن سعيد وهدبة بن خالد ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبي كامل الجحدري وخلق كثير.
حدث عنه: إسماعيل الخطبي وأبو بكر القطيعي ومحمد بن المظفر ومحمد بن إسماعيل الوراق وطائفة. قال الدارقطني: لا يساوي شيئاً لأنه حدث بما لم يسمع.
وكذا تكلم فيه ابن عقدة.
وقال البرقاني: ذاهب الحديث.
وأما الإسماعيلي فكان حسن الرأي فيه.
وقال مطين: كذاب مات في سنة سبع وثلاث مئة.
قلت كان من أبناء التسعين.

الجوني

الإمام المحدث الثقة الرحال أبو عمران موسى بن سهل بن عبد الحميد الجوني البصري نزيل بغداد.
سمع طالوت بن عباد وعبد الواحد بن غياث وهشام بن عمار وعيسى بن حماد زغبة ومحمد بن رمح وأبا همام السكوني ومحمد بن مصفى وطبقتهم بالشام ومصر والعراق.
وعمر دهراً وكان من الحفاظ.
حدث عنه: دعلج السجزي وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي ومحمد ابن المظفر وأبو بكر بن المقرئ وعلي بن عمر السكري وآخرون. وثقه الدارقطني.
مات في رجب سنة سبع وثلاث مئة. وبقي إلى هذا العام بمصر من يروي عن يحيى بن بكير وهو الحسين بن سعيد بن كامل كتب عنه ابن يونس.

الهيثم بن خلف

ابن محمد بن عبد الرحمن بن مجاهد المتقن الثقة أبو محمد الدوري البغدادي.
سمع عبد الأعلى بن حماد النرسي و عبيد الله القواريري وعثمان ابن أبي شيبة وإسحاق بن موسى الخطمي وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر الشافعي وعبد العزيز بن جعفر الخرقي وأبو بكر الإسماعيلي وأبو بكر بن المقرئ وابن لؤلؤ الوراق وآخرون.
وكان من أوعية العلم ومن أهل التحري والضبط.
مات في أوائل سنة سبع وثلاث مئة.
وفيها مات أبو يعلى الموصلي ومحمود بن محمد الواسطي وجعفر ابن أحمد بن سنان ومحمد بن صالح بن ذريح وأبو عمران الجوني والحسن بن الطيب الشجاعي ومحمد بن علي الفرقدي وعبد الله بن علي بن الجارود وأسامة بن أحمد التجيبي.

الشطوي

الإمام الفاضل أبو أحمد هارون بن يوسف الشطوي ويعرف قديماً بابن مقراض سمع ابن أبي عمر العدني وأبا مروان محمد بن عثمان العثماني والحسن بن عيسى بن ماسرجس وطائفة.
وعنه: أبو بكر الجعابي: وأبو عبد الله بن العسكري وعلي بن لؤلؤ وعمر بن الزيات والإسماعيلي ووثقه.
توفي في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاث مئة.

محمد بن شادل

ابن علي الإمام المحدث المقرئ المعمر أبو العباس الهاشمي مولاهم النيسابوري.
سمع أبا مصعب الزهري وإسحاق بن راهويه ومحمد بن سليمان لويناً وعمرو بن زرارة وهناد بن السري والحسين بن الضحاك وأحمد ابن حرب وأبا مروان العثماني وحرملة بن يحيى - لعله لقيه بمكة فإنه لم يرحل إلى مصر.
قال الحاكم: أخبرنا أبو محمد بن زياد: سألنا ابن شادل عن نسبه فقال: محمد بن شادل بن علي بن برد بن سوار بن جعفر بن يزيد بن عبد الله الهاشمي.
حدث عنه: علي بن عيسى وأحمد بن الخضر الشافعي وعبد الله ابن سعد الحافظ وأحمد بن سهل الأنصاري والقاضي يوسف الميانجي وأبو أحمد الحاكم وآخرون.
قال الحاكم: سمعت طاهر بن أحمد الوراق يقول: توفي أبو العباس ابن شادل وكان يختم القرآن كل يوم وذهب بصره قبل موته بعشرين سنة توفي في يوم الأحد الثاني عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.
قال الحاكم: وسمعت أبا سعيد المؤذن يقول: توفي في صفر سنة تسع.
وقال أبو أحمد الحاكم: كان صحيح الأصول سمع ابن راهويه ومحمد بن عثمان العثماني سألنا أبا العباس الماسرجسي عنه فثبت سماعه من إسحاق.

ابن المرزبان

الإمام العلامة الأخباري أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام المحولي البغدادي الآجري صاحب التصانيف.
حدث عن: الزبير بن بكار وأحمد بن منصور الرمادي ومحمد بن أبي السري الأزدي لا العسقلاني وأبي بكر بن أبي الدنيا وعدة.
حدث عنه: أبو بكر بن الأنباري وأبو الفضل بن المتوكل وأبو عمر ابن حيوية وآخرون.
وقع لي قطعة من تآليفه وله كتاب: الحاوي في علوم القرآن، وكتاب في: الحماسة، وكتاب: المتيمين، وكتاب أخبار الشعراء، وغير ذلك وكان صدوقاً.
مات في سنة تسع وثلاث مئة في عشر الثمانين أو جاوزها.
وفيها توفي حامد بن محمد بن شعيب ومحمد بن الحسين بن مكرم وإسماعيل بن موسى الحاسب والحلاج قتل وعمر بن إسماعيل ابن أبي غيلان ومحمد بن أحمد بن راشد بن معدان وأبو العباس بن عطاء الصوفي وجعفر بن أحمد بن محمد بن الصباح الجرجرائي وعباد بن علي ثقاب اللؤلؤ وعبد الرحمن بن عبد المؤمن المهلبي - محدث جرجان ومحمد بن محمد بن عقبة أبو جعفر الشبلي.

جعفرك

الإمام الحافظ الرحال أبو محمد جعفر بن محمد بن موسى النيسابوري الأعرج نزيل حلب ويقال له: جعفرك.
حدث عن الحسن بن عرفة وعبد الله بن هاشم ومحمد بن يحيى الذهلي وعلي بن حرب الطائي وإسحاق بن عبد الله الخشك وعدة.
وعنه: أبو إسحاق بن حمزة وأبو علي النيسابوري الحافظان وأبو بكر الإسماعيلي وأبو بكر بن المقرئ وآخرون.
وثقه غير واحد ونعتوه بالحفظ والمعرفة ولقيه ابن المقرئ بالموصل.
توفي سنة نيف عشرة وثلاث مئة.

ابن جميل

الشيخ الثقة المعمر أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن جميل الأصبهاني.
روى عن: أحمد بن منيع مسنده.
حدث عنه أبو القاسم الطبراني وأبو بكر بن المقرئ وحفيده عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق. قال ابن مردويه: سمعت عبيد الله يقول: عاش جدي مئة وسبع عشرة سنة ومات سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
قلت إن صح هذا في مولده فما سمع الحديث إلا في الكهولة.
وقال أبو نعيم الحافظ: مات سنة عشر وثلاث مئة.

العثماني

المحدث الصدوق المعمر أبو عمر عبيد الله بن عثمان الأموي العثماني البغدادي منعوت بالصدق. سمع علي بن المديني وعبد الأعلى بن حماد.
وعنه: محمد بن المظفر وأبو عمر بن حيوية وأبو حفص بن شاهين وجماعة.
وكان من بقايا المسندين ببغداد بقي إلى سنة عشر وثلاث مئة ولا أعلم فيه جرحاً.
وفيها مات محمد بن جرير وأبو شيبة داود بن إبراهيم وأبو بشر الدولابي وأحمد بن يحيى بن زهير التستري والوليد بن أبان وعلي بن العباس المقانعي وفقيه بغداد أبو إسحاق إبراهيم بن جابر وإسحاق بن إبراهيم بن جميل وخالد بن محمد بن كولخش الصفار ومحمد بن خلف ابن المرزبان والحسن بن الحسين الصواف والعباس بن الفضل الرازي.

محمد بن جرير

ابن يزيد بن كثير الإمام العلم المجتهد عالم العصر أبو جعفر الطبري صاحب التصانيف البديعة من أهل آمل طبرستان.
مولده سنة أربع وعشرين ومئتين وطلب العلم بعد الأربعين ومئتين وأكثر الترحال ولقي نبلاء الرجال وكان من أفراد الدهر علماً وذكاء وكثرة تصانيف قل أن ترى العيون مثله.
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن أبي روح الهروي: أخبرنا زاهر المستملي أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا محمد بن جرير الفقيه ومحمد بن إسحاق الثقفي قالا: حدثنا أحمد ابن منيع حدثنا الحسين بن محمد حدثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس: أن النبي قال لضباعة:" حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني" حديث حسن غريب من أعلى ما عندي عن ابن جرير.
سمع محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب وإسماعيل بن موسى السدي وإسحاق بن أبي إسرائيل ومحمد بن أبي معشر حدثه بالمغازي عن أبيه ومحمد بن حميد الرازي وأحمد بن منيع وأبا كريب محمد بن العلاء وهناد بن السري وأبا همام السكوني ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني وبنداراً ومحمد بن المثنى وسفيان بن وكيع والفضل بن الصباح وعبدة بن عبد الله الصفار وسلم بن جنادة ويونس ابن عبد الأعلى ويعقوب الدورقي وأحمد بن المقدام العجلي وبشر بن معاذ العقدي وسوار بن عبد الله العنبري وعمرو بن علي الفلاس ومجاهد بن موسى وتميم بن المنتصر والحسن بن عرفة ومهنا بن يحيى وعلي بن سهل الرملي وهارون بن إسحاق الهمداني والعباس بن الوليد العذري وسعيد بن عمرو السكوني وأحمد بن أخي ابن وهب ومحمد بن معمر القيسي وإبراهيم بن سعيد الجوهري ونصر بن علي الجهضمي ومحمد بن عبد الله بن بزيع وصالح بن مسمار المروزي وسعيد بن يحيى الأموي ونصر بن عبد الرحمن الأودي وعبد الحميد بن بيان السكري وأحمد بن أبي سريج الرازي والحسن بن الصباح البزار وأبا عمار الحسين بن حريث وأمما سواهم.
واستقر في أواخر أمره ببغداد وكان من كبار أئمة الاجتهاد.
حدث عنه: أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني - وهو أكبر منه - وأبو القاسم الطبراني وأحمد بن كامل القاضي وأبو بكر الشافعي وأبو أحمد بن عدي ومخلد بن جعفر الباقرحي والقاضي أبو محمد بن زبر وأحمد بن القاسم الخشاب وأبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان وأبو جعفر أحمد بن علي الكاتب وعبد الغفار بن عبيد الله الحضيني وأبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني والمعلى بن سعيد وخلق كثير.
قال أبو أبو سعيد بن يونس: محمد بن جرير من أهل آمل كتب بمصر ورجع إلى بغداد وصنف تصانيف حسنة تدل على سعة علمه.
وقال الخطيب: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب: كان أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره فكان حافظاً لكتاب الله عارفاً بالقراءات بصيراً بالمعاني فقيهاً في أحكام القرآن عالماً بالسنن وطرقها صحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها عارفاً بأقوال الصحابة والتابعين عارفاً بأيام الناس وأخبارهم وله الكتاب المشهور في أخبار الأمم وتاريخهم وله كتاب: التفسير لم يصنف مثله وكتاب سماه تهذيب الآثار لم أر سواه في معناه، لكن لم يتمه، وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة من أقاويل الفقهاء وتفرد بمسائل حفظت عنه. قلت كان ثقة صادقاً حافظاً رأساً في التفسير إماماً في الفقه والإجماع والاختلاف علامة في التاريخ وأيام الناس عارفاً بالقراءات وباللغة وغير ذلك.
قرأ القرآن ببيروت على العباس بن الوليد.
ذكر أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني: أن مولده بآمل.
وقيل: إن المكتفي أراد أن يحبس وقفاً تجتمع عليه أقاويل العلماء فأحضر له ابن جرير فأملى عليهم كتاباً لذلك فأخرجت له جائزة فامتنع من قبولها فقيل له: لا بد من قضاء حاجة قال: أسأل أمير المؤمنين أن يمنع السؤال يوم الجمعة ففعل ذلك.
وكذا التمس منه الوزير أن يعمل له كتاباً في الفقه فألف له كتاب: الخفيف فوجه إليه بألف دينار فردها.
الخطيب: حدثني أبو الفرج محمد بن عبيد الله الشيرازي الخرجوشي: سمعت أحمد بن منصور الشيرازي سمعت محمد بن أحمد الصحاف السجستاني سمعت أبا العباس البكري يقول: جمعت الرحلة بين ابن جرير وابن خزيمة ومحمد بن نصر المروزي ومحمد بن هارون الروياني بمصر فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم وأضر بهم الجوع فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه فاتفق رأيهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام فخرجت القرعة على ابن خزيمة فقال لأصحابه أمهلوني حتى أصلي صلاة الخيرة قال: فاندفع في الصلاة فإذا هم بالشموع وخصي من قبل والي مصر يدق الباب ففتحوا فقال: أيكم محمد بن نصر؟ فقيل: هو ذا فأخرج صرة فيها خمسون ديناراً فدفعها إليه ثم قال: وأيكم محمد ابن جرير؟ فأعطاه خمسين ديناراً وكذلك للروياني وابن خزيمة ثم قال: إن الأمير كان قائلاً بالأمس فرأى في المنام أن المحامد جياع قد طووا كشحهم فأنفذ إليكم هذه الصرر وأقسم عليكم: إذا نفذت فابعثوا إلي أحدكم.
وقال أبو محمد الفرغاني في ذيل تاريخه على تاريخ الطبري قال: حدثني أبو علي هارون بن عبد العزيز أن أبا جعفر لما دخل بغداد وكانت معه بضاعة يتقوت منها فسرقت فأفضى به الحال إلى بيع ثيابه وكمي قميصه فقال له بعض أصدقائه: تنشط لتأديب بعض ولد الوزير أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان؟ قال نعم فمضى الرجل فأحكم له أمره وعاد فأوصله إلى الوزير بعد أن أعاره ما يلبسه فقربه الوزير ورفع مجلسه وأجرى عليه عشرة دنانير في الشهر فاشترط عليه أوقات طلبه للعلم والصلوات والراحة وسأل إسلافه رزق شهر ففعل وأدخل في حجرة التأديب وخرج إليه الصبي - وهو أبو يحيى فلما كتبه أخذ الخادم اللوح ودخلوا مستبشرين فلم تبق جارية إلا أهدت إليه صينية فيها دراهم ودنانير فرد الجميع وقال: قد شورطت على شيء فلا آخذ سواه فدرى الوزير ذلك فأدخلته إليه وسأله فقال: هؤلاء عبيد وهم لا يملكون فعظم ذلك في نفسه.
وكان ربما أهدى إليه بعض أصدقائه الشيء فيقبله ويكافئه أضعافاً لعظم مروءته.
قال الفرغاني: وكتب إلي المراغي يذكر أن المكتفي قال للوزير: أريد أن أقف وقفاً فذكر القصة وزاد: فرد الألف على الوزير ولم يقبلها فقيل له: تصدق بها فلم يفعل وقال: أنتم أولى بأموالكم وأعرف بمن تصدقون عليه.
قال الخطيب: سمعت علي بن عبيد الله اللغوي يحكي: أن محمد ابن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.
قال الخطيب: وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفراييني الفقيه أنه قال: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيراً.
قال الحاكم: سمعت حسينك بن علي يقول: أول ما سألني ابن خزيمة فقال لي: كتبت عن محمد بن جرير الطبري؟ قلت لا قال: ولم قلت لأنه كان لا يظهر وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه قال: بئس ما فعلت ليتك لم تكتب عن كل من كتبت عنهم وسمعت من أبي جعفر.
قال الحاكم: وسمعت أبا بكر بن بالويه يقول: قال لي أبو بكر بن خزيمة: بلغني أنك كتبت التفسير عن محمد بن جرير؟ قلت بلى كتبته عنه إملاء قال: كله قلت نعم قال: في أي سنة؟ قلت من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين ومئتين قال: فاستعاره مني أبو بكر ثم رده بعد سنين ثم قال: لقد نظرت فيه من أوله إلى آخره وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير ولقد ظلمته الحنابلة. قال أبو محمد الفرغاني: تم من كتب محمد بن جرير كتاب: التفسير الذي لو ادعى عالم أن يصنف منه عشرة كتب كل كتاب يحتوي على علم مفرد مستقصى لفعل وتم من كتبه كتاب التاريخ إلى عصره وتم أيضاً كتاب: تاريخ الرجال من الصحابة والتابعين، وإلى شيوخه الذين لقيهم، وتم له كتاب: لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام، وهو مذهبه الذي اختاره وجوده واحتج له وهو ثلاثة وثمانون كتاباً وتم له كتاب: القراءات والتنزيل والعدد وتم له كتاب: اختلاف علماء الأمصار، وتم له كتاب: الخفيف في أحكام شرائع الإسلام، وهو مختصر لطيف وتم له كتاب: التبصير، وهو رسالة إلى أهل طبرستان يشرح فيها ما تقلده من أصول الدين وابتدأ بتصنيف كتاب: تهذيب الآثار وهو من عجائب كتبه ابتداء بما أسنده الصديق مما صح عنده سنده وتكلم على كل حديث منه بعلله وطرقه ثم فقهه واختلاف العلماء وحججهم وما فيه من المعاني والغريب والرد على الملحدين فتم منه مسند العشرة وأهل البيت والموالي وبعض مسند ابن عباس فمات قبل تمامه.
قلت هذا لو تم لكان يجيء في مئة مجلد.
قال وابتدأ بكتابه البسيط فخرج منه كتاب الطهارة فجاء في نحو من ألف وخمس مئة ورقة لأنه ذكر في كل باب منه اختلاف الصحابة والتابعين وحجة كل قول وخرج منه أيضاً أكثر كتاب الصلاة وخرج منه آداب الحكام وكتاب: المحاضر والسجلات وكتاب: ترتيب العلماء وهو من كتبه النفيسة ابتدأه بآداب النفوس وأقوال الصوفية ولم يتمه وكتاب المناسك وكتاب شرح السنة وهو لطيف بين فيه مذهبه واعتقاده وكتابه: المسند المخرج يأتي فيه على جميع ما رواه الصحابي من صحيح وسقيم ولم يتمه ولما بلغه أن أبا بكر بن أبي داود تكلم في حديث غدير خم عمل كتاب: الفضائل فبدأ بفضل أبي بكر ثم عمر وتكلم على تصحيح حديث غديرخم واحتج لتصحيحه ولم يتم الكتاب.
وكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد، وملحد، فأما أهل الدين والعلم، فغير منكرين علمه، وزهده في الدنيا، ورفضه لها وقناعته - رحمه الله - بما كان يرد عليه من حصة من ضيعة خلفها له أبوه بطبرستان يسيرة.
وحدثني هارون بن عبد العزيز قال: قال أبو جعفر: استخرت الله وسألته العون على ما نويته من تصنيف التفسير قبل أن أعمله ثلاث سنين فأعانني.
القاضي أبو عبد الله القضاعي: حدثنا علي بن نصر بن الصباح حدثنا أبو عمر عبيد الله بن أحمد السمسار وأبو القاسم بن عقيل الوراق: أن أبا جعفر الطبري قال الأصحابه: هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحو ثلاثين ألف ورقة فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه! فقال: إنا لله! ماتت الهمم فاختصر ذلك في نحو ثلاثة آلاف ورقة ولما أن أراد أن يملي التفسير قال لهم نحواً من ذلك ثم أملاه على نحو من قدر التاريخ.
قال أحمد بن كامل القاضي: أربعة كنت أحب بقاءهم: أبو جعفر بن جرير والبربري وأبو عبد الله بن أبي خيثمة والمعمري فما رأيت أفهم منهم ولا أحفظ.
قال الفرغاني: وحدثني هارون بن عبد العزيز قال لي أبو جعفر الطبري: أظهرت مذهب الشافعي واقتديت به ببغداد عشر سنين وتلقاه مني ابن بشار الأحول أستاذ ابن سريج قال هارون: فلما اتسع علمه أداه اجتهاده وبحثه إلى ما اختاره في كتبه.
قال الفرغاني: وكتب إلي المراغي قال لما تقلد الخاقاني الوزارة وجه إلى أبي جعفر الطبري بمال كثير فامتنع من قبوله فعرض عليه القضاء فامتنع فعرض عليه المظالم فأبى فعاتبه أصحابه وقالوا: لك في هذا ثواب وتحيي سنة قد درست وطمعوا في قبوله المظالم فباكروه ليركب معهم لقبول ذلك فانتهرهم وقال: قد كنت أظن أني لو رغبت في ذلك لنهيتموني عنه قال: فانصرفنا خجلين.
أبو الفتح بن أبي الفوارس: أخبرنا محمد بن علي بن سهل بن الإمام - صاحب محمد بن جرير: سمعت محمد بن جرير وهو يكلم ابن صالح الأعلم وجرى ذكر علي رضي الله عنه ثم قال محمد بن جرير: من قال: إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامي هدى أيش هو؟ قال: مبتدع فقال ابن جرير إنكاراً عليه: مبتدع مبتدع! هذا يقتل.
وقال مخلد الباقرحي: أنشدنا محمد بن جرير لنفسه:

إذا أعسرت لم يعلم رفيقـي

 

وأستغني فيستغني صديقي

حيائي حافظ لي ماء وجهي

 

ورفقي في مطالبتي رفيقي

ولو أني سمحت بماء وجهـي

 

لكنت إلى العلى سهل الطريق

وله:

خلقان لا أرضى فعالهـمـا

 

بطر الغنى ومذلة الفـقـر

فإذا غنيت فلا تكن بـطـراً

 

وإذا افتقرت فته على الدهر

قال أبو محمد الفرغاني: حدثني أبو بكر الدينوري قال: لما كان وقت صلاة الظهر من يوم الاثنين الذي توفي فيه - في آخره - ابن جرير طلب ماء ليجدد وضوءه فقيل له: تؤخر الظهر تجمع بينها وبين العصر فأبى وصلى الظهر مفردة والعصر في وقتها أتم صلاة وأحسنها.
وحضر وقت موته جماعة منهم: أبو بكر بن كامل فقيل له قبل خروج روحه: يا أبا جعفر! أنت الحجة فيما بيننا وبين الله فيما ندين به فهل من شيء توصينا به من أمر ديننا وبينة لنا نرجو بها السلامة في معادنا؟ فقال: الذي أدين الله به وأوصيكم هو ما ثبت في كتبي فاعملوا به وعليه وكلاماً هذا معناه وأكثر من التشهد وذكر الله عز وجل ومسح يده على وجهه وغمض بصره بيده وبسطها وقد فارقت روحه الدنيا.
وكان مولده سنة أربع وعشرين ومئتين ورحل من آمل لما ترعرع وحفظ القرآن وسمح له أبوه في أسفاره وكان طول حياته يمده بالشيء بعد الشيء إلى البلدان فيقتات به ويقول فيما سمعته: أبطأت عني نفقة والدي واضطررت إلى أن فتقت كمي قميصي فبعتهما.
قلت: جمع طرق حديث: غدير خم في أربعة أجزاء رأيت شطره فبهرني سعة رواياته وجزمت بوقوع ذلك.
قيل لابن جرير: إن أبا بكر بن أبي داود يملي في مناقب علي فقال: تكبيرة من حارس وقد وقع بين ابن جرير وبين ابن أبي داود وكان كل منهما لا ينصف الآخر وكانت الحنابلة حزب أبي بكر بن أبي داود فكثروا وشغبوا على ابن جرير وناله أذى ولزم بيته نعوذ بالله من الهوى.
وكان ابن جرير من رجال الكمال وشنع عليه بيسير تشيع وما رأينا إلا الخير وبعضهم ينقل عنه أنه كان يجيز مسح الرجلين في الوضوء ولم نر ذلك في كتبه.
ولأبي جعفر في تآليفه عبارة وبلاغة فمما قاله في كتاب: الآداب النفيسة والأخلاق الحميدة: القول في البيان عن الحال الذي يجب على العبد مراعاة حاله فيما يصدر من عمله لله عن نفسه قال: إنه لا حالة من أحوال المؤمن يغفل عدوه الموكل به عن دعائه إلى سبيله والقعود له رصداً بطرق ربه المستقيمة صاداً له عنها كما قال لربه - عز ذكره - إذ جعله من المنظرين "لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم" الأعراف:16- 17 طمعاً منه في تصديق ظنه عليه إذ قال لربه:" لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلاً " الإسراء:62 "فحق على كل ذي حجى أن يجهد نفسه في تكذيب ظنه وتخييبه منه أمله وسعيه فيما أرغمه ولا شيء من فعل العبد أبلغ في مكروهه من طاعته ربه وعصيانه أمره ولا شيء أسر إليه من عصيانه ربه واتباعه أمره.
فكلام أبي جعفر من هذا النمط وهو كثير مفيد.
وقد حكى أبو علي التنوخي في النشوار له عن عثمان بن محمد السلمي قال: حدثني ابن منجو القائد قال: حدثني غلام لابن المزوق قال: اشترى مولاي جارية فزوجنيها فأحببتها وأبغضتني حتى ضجرت فقلت لها: أنت طالق ثلاثاً لا تخاطبيني بشيء إلا قلت لك مثله فكم أحتملك؟ فقالت في الحال: أنت طالق ثلاثاً فأبلست فدللت على محمد بن جرير فقال لي: أقم معها بعد أن تقول لها: أنت طالق ثلاثاً إن طلقتك فاستحسن هذا الجواب وذكر شيخ الحنابلة ابن عقيل وقال: وله جواب آخر: أن يقولها كقولها سواء: أنت طالق ثلاثاً - بفتح التاء - فلا يحنث وقال أبو الفرج بن الجوزي: وما كان يلزمه أن يقول لها ذاك على الفور فله التمادي إلى قبل الموت.
قلت: ولو قال: أنت طالق ثلاثاً وقصد الاستفهام أو عنى أنها طالق من وثاق أو عنى الطلق لم يقع طلاق في باطن الأمر. وله جواب آخر على قاعدة مراعاة سبب اليمين ونية الحالف فما كان عليه أن يقول لها ما قالته إذ من المعلوم بقرينة الحال استثناء ذلك قطعاً لأنه ما قصد إلا أنها إذا قالت له ما يؤذيه أن يؤذيها بمثله ولو جاوبها بالطلاق لسرت هي ولتأذى هو كما استثني من عموم قوله تعالى: "وأوتيت من كل شيء" النمل:23 بقرينة الحال أنها لم تؤت لحية ولا إحليلاً ومن المعلوم استثناؤه بالضرورة التي لم يقصدها الحالف قط لو حلف: لا تقولي لي شيئاً إلا قلت لك مثله أنها لو كفرت وسبت الأنبياء فلم يجاوبها بمثل ذلك لأحسن.
ثم يقول طائفة من الفقهاء: إنه لم يحنث إلا أن يكون - والعياذ بالله - قصد دخول ذلك في يمينه.
وأما على مذهب داود بن علي وابن حزم والشيعة وغيرهم فلا شيء عليه ورأوا الحلف والأيمان بالطلاق من أيمان اللغو وأن اليمين لا تنعقد إلا بالله.
وذهب إمام في زماننا إلى أن من حلف على حض أو منع بالطلاق أو العتاق أو الحج ونحو ذلك فكفارته كفارة يمين ولا طلاق عليه.
قال ابن جرير في كتاب التبصير في معالم الدين: القول فيما أدرك علمه من الصفات خبراً وذلك نحو إخباره تعالى أنه سميع بصير وأن له يدين بقوله:" بل يداه مبسوطتان" المائدة:64 وأن له وجهاً بقوله: "ويبقى وجه ربك" الرحمن:27 وأنه يضحك بقوله في الحديث:" لقي الله وهو يضحك إليه" "وأنه ينزل إلى سماء الدنيا "لخبر رسوله بذلك وقال عليه السلام: "ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن".
إلى أن قال: فإن هذه المعاني التي وصفت ونظائرها مما وصف الله نفسه ورسوله ما لا يثبت حقيقة علمه بالفكر والروية لا نكفر بالجهل بها أحداً إلا بعد انتهائها إليه.
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أخبرنا زين الأمناء الحسن بن محمد أخبرنا أبو القاسم الأسدي أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء أخبرنا عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي أخبرنا أبو سعيد الدينوري مستملي ابن جرير أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بعقيدته فمن ذلك وحسب امرئ أن يعلم أن ربه هو الذي على العرش استوى فمن تجاوز ذلك فقد خاب وخسر وهذا تفسير هذا الإمام مشحون في آيات الصفات بأقوال السلف على الإثبات لها لا على النفي والتأويل وأنها لا تشبه صفات المخلوقين أبداً.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله أخبرنا المسلم بن أحمد المازني أخبرنا علي بن الحسن الحافظ ببعلبك سنة إحدى وخمسين وخمس مئة أخبرنا علي بن إبراهيم الحسيني أخبرنا أبو بكر الحافظ قال: قرأت على أبي الحسن هبة الله بن الحسن الأديب لابن دريد قلت: يرثي ابن جرير:

لن تستطيع لأمر الـلـه تـعـقـيبـا

 

فاستنجد الصبر أو فاستشعر الحوبـا

 

وافزع إلى كنف التسليم وارض بمـا

 

قضى المهيمن مكروها ومحبـوبـا

 

إن الـرزية لاوفـر تـزعـزعـه

 

أيدي الحوادث تشتيتـاً وتـشـذيبـا

 

ولا تـفـرق ألاف يفـوت بـهــم

 

بين يغادر حبل الوصل مقـضـوبـا

 

لكن فقدان من أضحى بمصـرعـه

 

نور الهدى وبهاء العلم مسـلـوبـاً

 

إن المنية لم تـتـلـف بـه رجـلاً

 

بل أتلفت علماً للدين مـنـصـوبـا

 

أهدى الردى للثرى إذ نال مهجـتـه

 

نجماً على من يعادي الحق مصبوبـا

 

كان الزمان به تصفـو مـشـاربـه

 

فالآن أصبح بالتكدير مـقـطـوبـا

 

كلا وأيامه الغر الـتـي جـعـلـت

 

للعلم نوراً وللتـقـوى مـحـاريبـا

 

لا ينسري الدهر عن شبـه لـه أبـداً

 

ما استوقف الحج بالأنصاب أركوبـا

 

إذا انتضى الرأي في إيضاح مشكـلة

 

أعاد منهجها المطموس ملـحـوبـا

 

لا يولج اللغو والعوراء مسـمـعـه

 

ولا يقارف ما يغـشـيه تـأنـيبـا

 

تجلو مواعظه رين القلـوب كـمـا

 

يجلو ضياء سنا الصبح الغـياهـيبـا

 

لا يأمن العجز والتقصـير مـادحـه

 

ولا يخاف على الإطناب تـكـذيبـا

 

ودت بقاع بلاد اللـه لـو جـعـلـت

 

قبراً له لحباها جـسـمـه طـيبـا

 

كانت حياتك للـدنـيا وسـاكـنـهـا

 

نوراً فأصبح عنها النور محجـوبـا

 

لو تعلم الأرض من وارت لقد خشعت

 

أقطارها لك إجـلالاً وتـرحـيبـا

 

إن يندبوك فقـد ثـلـت عـروشـهـم

 

وأصبح العلـم مـرثـياً ومـنـدوبـا

ومن أعاجيب ما جـاء الـزمـان بـه

 

وقد يبين لنـا الـدهـر الأعـاجـيبـا

أن قد طوتك غموض الأرض في لحف

 

وكنت تملأ منها السهـل والـلـوبـا

           

قال أحمد بن كامل: توفي ابن جرير عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاث مئة ودفن في داره برحبة يعقوب يعني ببغداد قال: ولم يغير شيبة وكان السواد فيه كثيراً وكان أسمر إلى الأدمة أعين نحيف الجسم طويلاً فصيحاً وشيعه من لا يحصيهم إلا الله تعالى وصلي على قبره عدة شهور ليلاً ونهاراً إلى أن قال: ورثاه خلق من الأدباء وأهل الدين ومن ذلك قول أبي سعيد بن الأعرابي:

حدث مفظع وخطب جـلـيل

 

دق عن مثله اصطبار الصبور

قام ناعي العلوم أجمـع لـمـا

 

قام ناعي محمد بـن جـرير