أبو صخرة

أبو صخرة

المحدث الصدوق أبو صخرة عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن هلال أبو محمد السامي القرشي ولقبه: أبو صخرة الكاتب من المعمرين ببغداد.

سمع من علي بن المديني وإبراهيم بن عبد الله الهروي ومحمد بن سليمان لوين ويحيى بن أكثم.

روى عنه: ابن المظفر وأبو بكر الوراق وعلي بن عمر الحربي وقد كتب عنه من القدماء يحيى بن صاعد.

وثقه الخطيب.

توفي في شوال سنة عشر وثلاث مئة.

عيسى

المحدث عيسى بن سليمان بن عبد الملك القرشي وراق داود بن رشيد.
يروي عنه وعن أحمد بن إبراهيم الموصلي وأحمد بن منيع.
وعنه: أبو القاسم بن النخاس ومحمد بن المظفر وعلي بن عمر الحربي ومحمد بن الشخير.
وكان ثقة.
مات في شعبان سنة عشر وثلاث مئة.

الطيالسي

المحدث المعمر أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي الطيالسي نزيل قرميسين.
حدث عن: يحيى بن معين وإبراهيم بن موسى الفراء وأبي مصعب والقواريري وعلي بن حكيم الأودي ومحمد بن حميد وأحمد بن حنبل وهارون الحمال وعدة.
وعنه: أبو بكر الجعابي وأحمد بن محمد الهمذاني المقرئ وجعفر الخلدي وأحمد بن إسحاق الحلبي والد علي وأبو أحمد الحاكم وقال هو ضعيف لو اقتصر على سماعه.
وقال الدارقطني: متروك الحديث.
وقال صالح بن أحمد: سمعت أحمد بن عبيد يقول: تكلموا فيه وكان فهماً مسناً.
قلت: عاش إلى سنة ثلاث عشرة.
أنبأنا ابن البخاري: أخبرنا ابن الحرستاني أخبرنا عبد الكريم بن حمزة أخبرنا الكتاني حدثنا تمام حدثنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق أخبرنا محمد بن إبراهيم بن زياد بحلب حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن بن غزوان حدثنا الليث حدثنا مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة: "أن رجلا قال: يا رسول الله: إن لي مملوكين يخونوني ويضربونني ويكذبونني فأسبهم وأضربهم فأين أنا منهم؟ قال: ينظر في عقابك وذنوبهم فإن كان عقابك دون ذنوبهم كان لك الفضل عليهم وإلا اقتص منك فبكى فقال: أما تقرأ "ونضع الموازين القسط" "الأنبياء: 47".
هذا منكر جداً.
أخبرنا محمد بن عبد السلام أنبأتنا زينب الشعرية أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أبو سعد أخبرنا أبو أحمد الحافظ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن زياد حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى وهو بالعقيق فقيل: إنك بواد مبارك.

الطبقة الثامنة عشر

الذهبي

الحافظ العالم الجوال أبو بكر أحمد بن محمد بن حسن بن أبي حمزة البلخي ثم النيسابوري.
حدث عن: أبي حفص الفلاس ومحمد بن بشار وحجاج بن الشاعر وسلم بن جنادة ومحمد بن يحيى الذهلي وأحمد بن سعيد الدارمي وطبقتهم.
حدث عنه: أبو علي الحافظ ومحمد بن جعفر البستي وأبو بكر الإسماعيلي ومحمد بن عبد الله القزاز وأبو أحمد بن الغطريف وأبو محمد المخلدي وآخرون.
لكنه مطعون فيه قال الإسماعيلي: كان مستهتراً بالشرب.
وقال الحاكم: وقع إلي من كتبه وفيها عجائب.
وكان أبو علي سيء الرأي فيه.
قال الحاكم: توفي سنة أربع عشرة وثلاث مئة.
 أخبرنا أحمد بن هبة الله عن المؤيد بن محمد الطوسي أخبرنا أحمد بن سهل المساجدي ح وأخبرنا أحمد عن القاسم بن عبد الله أخبرنا وجيه بن طاهر وأخبرنا عن زينب الشعرية: أن محمد بن منصور الحرضي أخبرها ووجيهاً أيضاً قالوا: أخبرنا يعقوب بن أحمد أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي حمزة البلخي حدثنا موسى بن الحكم الشطوي حدثنا حفص بن غياث عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي الله عنها قالت: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة صبي من الأنصار فقالت عائشة: طوبى له عصفور من عصافير الجنة قال: "وما يدريك يا عائشة! إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلاً وهم في أصلاب آبائهم وخلق النار وخلق لها أهلاً وهم في أصلاب آبائهم". رواه جماعة عن طلحة وهو مما ينكر من حديثه لكن أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.

ابن سابور

الشيخ الإمام الثقة المحدث أبو العباس أحمد بن عبد الله بن سابور البغدادي الدقاق.
سمع أبا بكر بن أبي شيبة وأبا نعيم عبيد الله بن هشام الحلبي ونصر بن علي الجهضمي وعدة.
حدث عنه: أبو عمر بن حيوية والقاضي أبو بكر الأبهري وأبو بكر بن المقرئ وآخرون.
نقل الخطيب توثيقه وأنه توفي في سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
قلت: عاش نيفاً وتسعين سنة.

العسكري

الإمام المحدث الرحال أبو الحسن علي بن سعيد بن عبد الله العسكري نزيل الري.
حدث عن: عمرو بن علي الصيرفي ومحمد بن المثنى ويعقوب الدورقي والزبير بن بكار وطبقتهم.
روى عنه: أبو الشيخ وأبو بكر القباب وأبو عمرو بن حمدان وأبو عمرو بن مطر وآخرون.
ومن تآليفه: كتاب "السرائر" وغير ذلك.
توفي سنة خمس وثلاث مئة وقيل: توفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة بالري.
وآخر من حدث عنه وفاةً مأمون الرازي.
قال ابن مردويه في "تاريخه": كان العسكري من الثقات يحفظ ويصنف.
وقال الشيرازي في "الألقاب": كان العسكري يقال له: شقير الحافظ.
وقال الحاكم أبو عبد الله: كان أحد الجوالين كثير التصنيف أقام بنيسابور على تجارة له مدة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر ابن طاهر أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا محمد بن أحمد الزاهد أخبرنا علي بن سعيد العسكري حدثنا الحسين بن الحسن بن حماد حدثتني جدتي بانة بنت بهز بن حكيم عن أبيها عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سبح عند غروب الشمس سبعين تسبيحة غفر الله له سائر عمله" حديث منكر وبانة مجهولة.

أبو لبيد

الإمام المحدث الرحال الصادق أبو لبيد محمد بن إدريس بن إياس السامي السرخسي.
سمع سويد بن سعيد وأبا مصعب الزهري وإسحاق بن أبي إسرائيل وهناد بن السري ومحمود بن غيلان وأبا كريب وطبقتهم وعمر دهراُ ورحل الناس إليه.
حدث عنه: إمام الأئمة ابن خزيمة وأحمد بن سلمة الحافظ وإبراهيم بن محمد الهروي الوراق وزاهر بن أحمد السرخسي وأبو سعيد محمد بن بشر الكرابيسي البصري وآخرون.
مات سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة وله نيف وتسعون سنة رحمه الله.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا أبو روح أخبرنا زاهر أخبرنا أبو سعد الكنجروذي أخبرنا محمد بن بشر التميمي أخبرنا أبو لبيد السامي حدثنا سويد بن سعيد أخبرنا علي بن مسهر عن داود بن أبي هند عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس الثقفي قال: دخلت على عنبسة بن أبي سفيان وهو في الموت فحدثني قال: حدثتني أم حبيبة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة تطوعاً بني له بهن بيت في الجنة". قالت: فوالله ما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عنبسة: وأنا والله ما تركتهن وقال عمرو مثل ذلك وقال النعمان مثل ذلك أخرجه مسلم عن ابن نمير عن أبي خالد الأحمر عن داود بن أبي هند.

الفرائضي

الإمام العلامة المحدث المقرئ أبو الليث نصر بن القاسم بن نصر البغدادي الفقيه الفرائضي سمع عبد الأعلى بن حماد النرسي وسريج بن يونس و عبيد الله القواريري وأبا بكر بن أبي شيبة وعدة.
وكان بصيراً بحرف أبي عمرو بن العلاء إماماً في الفقه كبير الشأن.
حدث عنه: أبو الحسين بن البواب وأبو الفضل عبيد الله الزهري وأبو حفص بن شاهين وجماعة.
وقد وثق. مات سنة أربع عشرة وثلاث مئة.
أخوه المحدث الثقة أبو بكر.

أحمد بن القاسم

أخو أبي الليث.
سمع محمد بن سليمان لوينا وإسحاق بن أبي إسرائيل وأبا همام والحسن بن حماد سجادة حدث عنه: أبو حفص بن شاهين وأبو حفص الكتاني.
وثقه الخطيب.
وعاش ثمانياً وتسعين سنة مات سنة عشرين وثلاث مئة في ذي الحجة.

ومات مع أبي الليث الحسن بن دكة الأصبهاني والقاضي أبو ذر محمد بن محمد بن يوسف البخاري وإسحاق بن إبراهيم بن الخليل الجلاب ومحمود بن عنبر النسفي ومحمد بن محمد بن الأشعث الكوفي بمصر ومحمد بن عمر بن لبابة الأندلسي وأحمد بن محمد البلخي الذهبي. الجريري

شيخ الصوفية أبو محمد الجريري الزاهد قيل: اسمه أحمد بن محمد بن حسين وقيل: عبد الله بن يحيى وقيل: حسن بن محمد.
لقي السري السقطي والكبار ورافق الجنيد وكان الجنيد يتأدب معه وإذا تكلم في شيء من الحقائق قال هذا من بابة أبي محمد فلما توفي الجنيد أجلسوه مكانه وأخذوا عنه آداب القوم.
حج في سنة إحدى عشرة فقتل في رجوعه يوم وقعة الهبير وطئته الجمال النافرة فمات شهيداً وذلك في أوائل المحرم سنة اثنتي عشرة وهو في عشر التسعين.

البهراني

محمد بن تمام بن صالح المحدث العالم أبو بكر البهراني الحمصي.
سمع من محمد بن مصفى والمسيب بن واضح ومحمد بن قدامة المصيصي وعبد الله بن خبيق الأنطاكي وطبقتهم ومحمد بن آدم.
روى عنه: أبو أحمد بن عدي والحسن بن منير والفضل بن جعفر التميمي وأبو بكر الربعي وأبو بكر بن المقرئ وآخرون.
قال أبو عبد الله بن مندة: حدث عن محمد بن آدم المصيصي بمناكير.
قلت: لا أظن به بأساً.
مات سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
ويكشف هل خرج له ابن حبان في صحيحه الشعراني.
الإمام أبو عبد الله محمد بن حفص بن محمد بن يزيد النيسابوري الشعراني الجويني الأصل أحد الأثبات.
سمع إسحاق بن راهويه وأبا كريب وعبد الجبار بن العلاء.
ومحمد بن رافع وأمثالهم.
روى عنه: أبو علي الحافظ وعبد الله بن أبي عثمان الزاهد وزاهر السرخسي وعدة.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو شيخ ثقة توفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
قال أبو سعد في "الأنساب": هو محمد بن حفص الآزاذواري وآزاذوار قرية من قرى جوين.
قلت: هو مشهور بالشعراني.

ابن الجصاص

الصدر الرئيس ذو الأموال أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن الجصاص البغدادي الجوهري التاجر الصفار.
قال ابن طولون: لا يباع لنا شيء إلا على يد ابن الجصاص.
وعنه قال: كنت يوماً في الدهليز فخرجت قهرمانة معها مئة حبة جوهر تساوي الحبة ألف دينار فقالت: نريد أن نخرط هذا الحب حتى يصغر فأخذته منها مسرعاً وجمعت سائر نهاري من الحب بمئة ألف درهم الواحدة بألف وأتيت به القهرمانة وقلت: قد خرطنا هذا.
يعني: فربح فيه في يوم بضعة وتسعين ألف دينار ولما تزوج المعتضد بالله بقطر الندى بنت خمارويه صاحب مصر نفذها أبوها مع ابن الجصاص في جهاز عظيم وتحف وجواهر تتجاوز الوصف فنصحها ابن الجصاص وقال: هذا شيء كثير والأوقات تتغير فلو أودعت من هذا؟ فقالت: نعم يا عم وأودعته نفائس ثمينة فاتفق أنها أدخلت على المعتضد وكرمت عليه وحملت منه ثم ماتت في النفاس بغتة وزادت أموال ابن الجصاص إلى الغاية ونظرت إليه الأعين فلما كان في سنة اثنتين وثلاث مئة قبض عليه المقتدر وكبست داره وأخذوا له من الذهب والجوهر ما قوم بأربعة آلاف ألف دينار.
وقال أبو الفرج في "المنتظم": أخذوا منه ما مقداره ستة عشر ألف ألف دينار عيناً وورقاً وخيلاً وقماشاً فقيل: كان جل ماله من بنت خمارويه.
وحكى بعضهم قال: دخلت دار ابن الجصاص والقباني بين يديه يقبن سبائك الذهب.
قال التنوخي: حدثني أبو الحسين بن عياش أنه سمع جماعة من ثقات الكتاب يقولون: إنهم حضروا مصادرة ابن الجصاص فكانت ستة آلاف ألف دينار هذا سوى ما أخذ من داره وبعدما بقي له.
قال التنوخي: لما صودر كان في داره سبع مئة مزملة خيزران.
ويحكى عنه بله وتغفيل مر به صديق فقال له: كيف أنت؟ فقال ابن الجصاص: الدنيا كلها محمومة وكان قد حم.
ونظر مرة في المرآة فقال لصاحبه: ترى لحيتي طالت؟ فقال: المرآة في يدك قال الشاهد: يرى ما لا يرى الغائب.
 ودخل يوماً على الوزير ابن الفرات فقال: عندنا كلاب يحرموننا ننام فقال الوزير: لعلهم جراء قال: بل كل واحد في قدي وقدك.
ودعا فقال: حسبي الله وأنبياؤه وملائكته اللهم أعد من بركة دعائنا على أهل القصور في قصورهم وعلى أهل الكنائس في كنائسهم.
وفرغ من الأكل فقال: الحمد لله الذي لا يحلف بأعظم منه.
وكان مع الخاقاني في مركب وبيده كرة كافور فبصق في وجه الوزير وألقى الكافورة في دجلة ثم أفاق واعتذر وقال: إنما أردت أن أبصق في وجهك وألقيها في الماء فغلطت فقال: كان كذلك يا جاهل.
قال التنوخي: حدثنا جعفر بن ورقاء الأمير قال: اجتزت بابن الجصاص وكان مصاهري فرأيته على حوش داره حافياً حاسراً يعدو كالمجنون فلما رآني استحيى فقلت: مالك؟ قال: يحق لي أخذوا مني أمراً عظيماً فسلمته وقلت: ما بقي يكفي وإنما يقلق هذا القلق من يخاف الحاجة فاصبر حتى أبين لك غناك قال: هات قلت: أليس دارك هذه بآلتها وفرشها لك؟ وعقارك بالكرخ وضياعك؟ قال: بلى فما زلت أحاسبه حتى بلغ قيمة سبع مئة ألف دينار ثم قلت: واصدقني عما سلم لك فحسبناها فإذا هو بثلاث مئة ألف دينار قلت: فمن له ألف ألف دينار ببغداد هذا وجاهك قائم فلم تغتم فسجد لله وحمده وبكى وقال: أنقذني الله بك ما عزاني أحد بأنفع من تعزيتك ما أكلت شيئاً منذ ثلاث فأقم عندي لنأكل ونتحدث فأقمت عنده يومين.
قال التنوخي: اجتمعت بأبي علي ولد ابن الجصاص فسألته عما يحكى عن أبيه من أن الإمام قرأ: "ولا الضالين" فقال: إي لعمري بدلاً من آمين.
وأنه أراد أن يقبل رأس الوزير فقال: إن فيه دهناً فقال: أقبله ولو كان فيه خرا.
وأنه وصف مصحفاً عتيقاً فقال: كسروي؟ فقال: غالبه كذب وما كانت فيه سلامة تخرجه إلى هذا كان من أدهى الناس ولكن كان يفعل بحضرة الوزير وكان يحب أن يصور نفسه ببله ليأمنه الوزراء لكثرة خلوته بالخلفاء فأنا أحدثك بحديث: حدثني أبي أن ابن الفرات لما وزر قصدني قصداً قبيحاً كان في نفسه علي وبالغ وكان عندي ذلك الوقت سبعة آلاف ألف دينار عينا وجوهرا ففكرت فوقع لي الرأي في السحر فمضيت إلى داره فدققت فقال البوابون: ما ذا وقت وصول إليه فقلت: عرفوا الحجاب أني جئت لمهم فعرفوهم فخرج إلي حاجب فقال: إلى ساعة فقلت: الأمر أهم من ذلك فنبه الوزير ودخلت وحول سريره خمسون نفساً حفظة وهو مرتاع فرفعني وقال: ما الأمر؟ قلت: خير هو أمر يخصني فسكن وصرف من حوله فقلت: إنك قصدتني وشرعت يا هذا تؤذيني وتتفرغ لي وتعمل في هلاكي ولعمري لقد أسأت في خدمتك ولقد جهدت في استصلاحك فلم يغن وليس شيء أضعف من الهر وإذا عاث في دكان الفامي فظفر به ولزه وثب وخمش فإن صلحت لي وإلا والله لأقصدن الخليفة وأحمل إليه ألفي ألف دينار وأقول: سلم ابن الفرات إلى فلان وأعطه الوزارة فيفعل ويعذبك ويأخذ منك في قدرها ويعظم قدري بعزلي وزيراً وإقامتي وزيراً فقال: يا عدو الله وتستحل هذا؟ قلت: أنت أحوجتني وإلا فاحلف لي الساعة على إنصافي فقال: وتحلف أنت كذلك وعلي حسن الطاعة والمؤازرة قلت: نعم فقال: لعنك الله يا إبليس لقد سحرتني وأخذ دواة وعملنا نسخة اليمين وحلفته أولاً ثم قال: يا أبا عبد الله لقد عظمت في نفسي ما كان المقتدر عنده فرق بين كفاءتي وبين أصغر كتابي مع الذهب فاكتم ما جرى فقلت: سبحان الله ثم قال تعال غدا فسترى ما أعاملك به فعدت إلى داري وما طلع الفجر فقال: ابنه أفهذا فعل من يحكى عنه تلك الحكايات قلت: لا.
قلت: لعل بهذه الحركة أضمر له الوزير الشر فنسأل الله السلامة.
توفي ابن الجصاص في شوال سنة خمس عشرة وثلاث مئة وقد أسن.

ابن خاقان

الوزير الكبير أبو القاسم عبد الله ابن الوزير أبي علي محمد ابن الوزير أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان الخاقاني من بيت وزارة.
وكان ذا لسن وبلاغة وآداب وحسن كتابة وجود وإفضال وثروة وأموال.
ولي الوزارة للمقتدر في ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة بإشارة مؤنس الخادم وكان سائساً ممارساً خبيراً بالأمور ثم قبض عليه بعد ثمانية عشر شهراً ورسم عليه ثم تعلل ومات في شهر رجب سنة أربع عشرة وثلاث مئة.

ابن الفرات

الوزير الكبير أبو الحسن علي بن أبي جعفر محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات العاقولي الكاتب. قال الصولي: ابتاع جدهم ضياعاً بالعاقول وانتقل إليها فنسبوا إلى العاقول.
كان ابن الفرات يتولى أمر الدواوين زمن المكتفي فلما ولي المقتدر ووزر له العباس بن الحسن بقي ابن الفرات على ولايته فجرت.
فتنة ابن المعتز وقتل العباس الوزير فوزر ابن الفرات سنة ست وتسعين وتمكن فأحسن وعدل وكان سمحاً مفضالاً محتشماً رأساً في حساب الديوان له ثلاثة بنين المحسن والفضل والحسين ثم عزل في ذي الحجة سنة تسع وتسعين ثم وزر في سنة أربع وثلاث مئة إثر عزل علي بن عيسى ثم عزل بعد سبعة عشر شهراً بحامد بن العباس ثم وليها سنة 311 وولى ولده المحسن الدواوين فعسف وصادر وعذب وظلم أبوه أيضاً واستأصل جماعة فعزل بعد سنة إلا أياماً وقيل: إنه وصل المحدثين بعشرين ألف درهم.
وذكر جماعة أن صاحب خبر ابن الفرات رفع إليه أن رجلاً من أرباب الحوائج اشترى خبزاً وجبناً فأكله في الدهليز فأقلقه هذا وأمر بنصب مطبخ لمن يحضر من أرباب الحوائج فلم يزل ذلك طول أيامه.
قال ابن فارس اللغوي: حدثنا أبو الحسن البصري: قال لي رجل: كنت أخدم الوزير ابن الفرات فحبس وله عندي خمس مئة دينار فتلطفت بالسجان حتى أدخلت فلما رآني تعجب وقال ألك حاجة؟ فأخرجت الذهب وقلت: تنتفع بهذا فأخذه مني ثم رده وقال: يكون عندك وديعة فرجعت ثم أفرج عنه بعد مدة وعاد إلى دسته فأتيته فطأطأ رأسه ولم يملأ عينيه مني وطال إعراضه حتى أنفقت الذهب وساءت حالي إلى يوم فقال لي: وردت سفن من الهند ففسرها واقبض حق بيت المال وخذ رسمنا فعدت إلى بيتي فأعطتني المرأة خماراً وقرطتين فبعت ذلك وتجهزت به وانحدرت وفسرت السفن وقبضت الحق ورسم الوزير وأتيت بغداد فقال الوزير: سلم حق بيت المال واقبض الرسم إلى بيتك قلت: هو خمسة وعشرون ألف دينار قال: فحفظتها وطالت المدة ورأى في وجهي ضراً فقال: ادن مني ما لي أراك متغير اللون سيء الحال فحدثته بقصتي قال: ويحك وأنت ممن ينفق في مدة يسيرة خمسة وعشرين ألفاً؟! قلت: ومن أين لي ذلك؟ قال: يا جاهل ما قلت: لك احملها إلى منزلك أتراني لم أجد من أودعه غيرك؟ ويحك أما رأيت إعراضي عنك؟ إنما كان حياء منك وتذكرت جميل صنعك وأنا محبوس فصر إلى منزلك واتسع في النفقة وأنا أفكر لك في غير ذلك.
ذكر ابن مقلة أنه حضر مجلس ابن الفرات في أول وزارته فأدخل إليه عبيد الله بن عبد الله بن طاهر في محفة فدفع الوزير إليه عشرة آلاف درهم سراً فأنشد:

أياديك عندي معظمات جـلائل

 

طوال المدى شكري لهن قصير

فإن كنت عن شكري غنياً فإنني

 

إلى شكر ما أوليتني لـفـقـير

قيل: كان ابن الفرات يلتذ بقضاء حوائج الرعية وما رد أحدا قط عن حاجة رد آيس بل يقول: تعاودني أو يقول: أعوضك من هذا.
سمع الصولي عبيد الله بن عبد الله بن طاهر يقول: حين وزر ابن الفرات ما افتقرت الوزارة إلى أحد قط افتقارها إليه.
قال الصولي: لما قبض على ابن الفرات نظرنا فإذا هو يجري على خمسة آلاف نفس أقل جاري أحدهم في الشهر خمسة دراهم ونصف قفيز دقيق وأعلاهم مئة دينار وعشرة أقفزة.
الصولي: حدثني أحمد بن العباس النوفلي أنهم كانوا يجالسون ابن الفرات قبل الوزارة وجلس معهم ليلة لما وزر فلم يجئ الفراشون بالتكأ فغضب عليهم وقال: إنما رفعني الله لأضع من جلسائي؟! والله لا جالسوني إلا بتكاءين فكنا كذلك ليالي حتى استعفينا فقال: والله ما أريد الدنيا إلا لخير أقدمه أو صديق أنفعه ولولا أن النزول عن الصدر سخف لا يصلح لمثل حالي لساويتكم في المجلس.
قال الصولي: لم أسمعه قط دعا أحداً من كتابه بغير كنيته ومرض مرة فقال: ما غمي بعلتي بأشد من غمي بتأخر حوائج الناس وفيهم المضطر.
وكان يمنع الناس من المشي بين يديه.
ومن شعره ويقال ما عمل غيرهما:

معذبتي هل لي إلى الوصـل حـيلة

 

وهل إلى استعطاف قلبك من وجه

فلا خير في الدنيا وأنـت بـخـيلة

 

ولا خير في وصل يجيء على كره

وبلغنا أن ابن الفرات كان يستغل من أملاكه إلى أن أعيد إلى الوزراة سبعة آلاف ألف دينار لأنه فيما قيل: كان يحصل من ضياعه في العام ألفي ألف دينار.
وقيل: عنه إنه كاتب العرب أن يكبسوا بغداد فالله أعلم.
ولما وزر في سنة أربع خلع عليه سبع خلع وسقي يومئذ في داره أربعون ألف رطل ثلج. قال الصولي: مدحته فوصلني بست مئة دينار.
قال علي بن هشام الكاتب: دخلت على ابن الفرات في وزارته الثالثة وقد غلب ابنه المحسن عليه في أكثر أموره فقيل له: هو ذا يسرف أبو أحمد المحسن في مكاره الناس بلا فائدة ويضرب من يؤذي بغير ضرب فقال: لو لم يفعل هذا بأعدائه ومن أساء إليه لما كان من أولاد الأحرار ولكان ميتا وقد أحسنت إلى الناس دفعتين فما شكروني والله لأسيئن فما مضت إلا أيام يسيرة حتى قبض عليه.
قال الصولي: لما وزر ابن الفرات ثالثا خرج متغيظا على الناس لما كان فعله حامد الوزير بابنه المحسن فأطلق يد ابنه على الناس فقتل حامداً بالعذاب وأبار العالم وكان مشؤوماً على أهله ماحياً لمناقبهم.
قال المعتضد لعبد الله وزيره: أريد أعرف ارتفاع الدنيا فطلب الوزير ذلك من جماعة فاستمهلوه شهراً وكان ابن الفرات وأخوه أبو العباس محبوسين فأعلما بذلك فعملاه في يومين وأنفذاه فأخرجا وعفي عنهما.
وكان أخوه أبو العباس أحمد أكتب أهل زمانه وأوفرهم أدبا امتدحه البحتري ومات سنة إحدى وتسعين ومئتين.
وأخوهما جعفر عرضت عليه الوزارة فأباها.
قال الصولي: قبض المقتدر على ابن الفرات وهرب ابنه فاشتد السلطان وجميع الأولياء في طلبه إلى أن وجد وقد حلق لحيته وتشبه بامرأة في خف وإزار ثم طولب هو وأبوه بالأموال وسلما إلى الوزير عبيد الله بن محمد فعلما أنهما لا يفلتان فما أذعنا بشيء ثم قتلهما نازوك وبعث برأسيهما إلى المقتدر في سفط وغرق جسديهما.
وقال القاضي أحمد بن إسحاق بن البهلول بعد أن عزل ابن الفرات من وزارته الثالثة:

قل لهذا الوزير قول محق

 

بثه النصح أيما إبـثـاث

قد تقلدتها ثلاثـاً ثـلاثـاً

 

وطلاق البتات عند الثلاث

ضربت عنق المحسن بعد أنواع العذاب في ثالث عشر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة وألقي رأسه بين يدي أبيه فارتاع ثم قتل ثم ألقي الرأسان في الفرات وكان للوزير إحدى وسبعون سنة وشهور وللمحسن ثلاث وثلاثون سنة.
ابن أخيه: الوزير الأكمل:

أبو الفتح الفضل بن جعفر

ابن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات ويعرف بابن حنزابة وهي أمه أم ولد رومية كان كاتباً بارعاً ديناً خيراً استوزره المقتدر في ربيع الأول سنة عشرين إلى أن قتل المقتدر واستخلف القاهر فولاه الدواوين فلما ولي الراضي ولاه الشام ثم إن الراضي قلده الوزارة سنة 325، وهو مقيم بحلب فوصل إلى بغداد ووزر مديدة ثم رأى اضطراب الأمور واستيلاء ابن رائق فأطمع ابن رائق في أن يحمل إليه الأموال من مصر والشام واستخلف بالحضرة أبا بكر النفري وسار فأدركه أجله بالرملة في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثلاث مئة وله سبع وأربعون سنة وهو والد المحدث وزير مصر أبي الفضل جعفر بن حنزابة.

الصيمري

شيخ المعتزلة العلامة صاحب المصنفات أبو عبد الله محمد بن عمر الصيمري عداده في معتزلة البصريين.
أخذ عن: أبي علي الجبائي وانتهت إليه رئاسة الكلام بعد الجبائي وكان شيخاً مسناً ذكياً له كتاب كبير في الرد على ابن الريوندي وكتاب المسائل وغير ذلك.
قال محمد بن إسحاق النديم: توفي سنة خمس عشرة وثلاث مئة.

الأخفش

العلامة النحوي أبو الحسن علي بن سليمان بن الفضل البغدادي والأخفش هو الضعيف البصر مع صغر العين.
لازم ثعلباً والمبرد وبرع في العربية وما أظنه صنف شيئاً وهذا هو الأخفش الصغير.
روى عنه: المعافى الجريري والمرزباني وغيرهما.
وكان موثقاً.
وكان بينه وبين ابن الرومي وحشة فلابن الرومي فيه هجو في مواضع من ديوانه وكان هو يعبث بابن الرومي ويمر ببابه فيقول كلاماً يتطير منه ابن الرومي ولا يخرج يومئذ.
وقد سار الأخفش إلى مصر سنة سبع وثمانين ومئتين فأقام إلى سنة ست وثلاث مئة وقدم إلى حلب وغيره أوسع في الآداب منه.
قال ثابت بن سنان: كان يواصل المقام عند ابن مقلة قبل الوزارة فشفع له عند ابن عيسى الوزير في تقرير رزق فانتهره الوزير انتهاراً شديداً فتألم ابن مقلة ثم آل الحال بالأخفش إلى أن أكل السلجم نيئا مات فجأة في شعبان سنة خمس عشرة وثلاث مئة وقيل: سنة ست عشرة وكان بدمشق قبل الثلاث مئة الأخفش المقرئ صاحب ابن ذكوان وكان في أيام المأمون الأخفش الأوسط شيخ العربية وهو أبو الحسن سعيد بن مسعدة صاحب سيبويه.
وكان الأخفش الكبير في دولة الرشيد أخذ عنه سيبويه وأبو عبيدة وهو أبو الخطاب عبدالحميد بن عبد المجيد الهجري اللغوي.

ابن وقدان

المحدث الصدوق المعمر أبو محمد سليمان بن داود بن كثير ابن وقدان الطوسي نزيل بغداد.
روى عن إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة والوليد بن شجاع ولوين وسوار بن عبد الله وطبقتهم.
وعنه: أبو الفضل الزهري ومحمد بن إسماعيل الوراق وأبو حفص بن شاهين وآخرون.
توفي سنة أربع عشرة وثلاث مئة.

ابن بهلول

العلامة البارع أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن بهلول بن حسان التنوخي الأنباري.
ولد سنة تسع وعشرين ومئتين.
وسمع من: جده إسحاق بن بهلول وعمر بن شبة وزياد بن يحيى الحساني وطائفة.
روى عنه: طلحة بن محمد وابن المظفر وأحمد بن إسحاق الأزرق.
وأخذ الأدب عن ثعلب وسمع المتوكل بقراءته من جده كتاب فضائل العباس وكان نحوياً لغوياً مفوهاً.
له تصانيف وبلاغة وبصر باستخراج المعمى.
توفي سنة ست عشرة وثلاث مئة.

ابن السراج

إمام النحو أبو بكر محمد بن السري البغدادي النحوي ابن السراج صاحب المبرد انتهى إليه علم اللسان.
أخذ عنه أبو القاسم الزجاجي وأبو سعيد السيرافي وعلي بن عيسى الرماني وطائفة.
وثقه الخطيب.
وله كتاب "أصول العربية" وما أحسنه وكتاب "شرح سيبويه" وكتاب "احتجاج القراء" وكتاب "الهواء والنار" وكتاب "الجمل" وكتاب "الموجز" وكتاب "الاشتقاق" وكتاب "الشعر والشعراء" وكان يقول الراء غيناً.
وكان له شعر رائق وكان مكباً على الغناء واللذة هوي ابن يانس المطرب وله أخبار سامحه الله.
مات في الكهولة في شهر ذي الحجة سنة ست عشرة وثلاث مئة.

الماليني

الشيخ المعمر أبو جعفر محمد بن معاذ بن فره وقيل: فرح الهروي الماليني.
حدث عن: الحسين بن الحسن المروزي والفقيه محمد بن مقاتل وأحمد بن حكيم ومحمد بن حفص بن ميسرة وأبي داود السنجي.
وعنه: أحمد بن بشر المزني وعبد الله بن يحيى الطلحي وأبو بكر المفيد وزاهر السرخسي والخليل بن أحمد القاضي ومحمد بن محمد بن داود التاجر.
مات في رجب سنة ست عشرة وثلاث مئة وله نيف وتسعون سنة.

حرمي بن أبي العلاء

المكي هو المحدث أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق ابن أبي خميصة نزيل بغداد.
حدث عن: سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ومحمد بن منصور الجواز ويحيى بن الربيع والزبير بن بكار وطائفة ومحمد بن عزيز الأيلي وحدث بكتاب النسب عن الزبير.
حدث عنه: أبو عمر بن حيوية وأبو حفص بن شاهين و عبيد الله ابن حبابة وجماعة.
وكان كاتب الحكم للقاضي أبي عمر محمد بن يوسف.
وثقه أبو بكر الخطيب وغيره.
مات في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وثلاث مئة.
وقع لنا بالإجازة جزء له وجده أبو خميصة من الكنى المفردة يتصحف بخميضة وحرمي: لقب له.

الداركي

الشيخ المسند الثقة المتقن أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن زياد الأصبهاني الداركي.
سمع محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ومحمد بن حميد الرازي وأبا عمار الحسين بن حريث وصالح بن مسمار ومحمد بن إسماعيل البخاري.
حدث عنه: القاضي أبو أحمد العسال وأبو الشيخ وأبو بكر محمد بن جشنس وآخرون.
مات في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وثلاث مئة وهو جد الداركي شيخ الشافعية لعله عاش نيفاً وتسعين سنة.

إبراهيم بن خزيم

ابن قمير بن خاقان المحدث الصدوق أبو إسحاق الشاشي المروزي الأصل.
سمع من عبد بن حميد تفسيره ومسنده في سنة تسع وأربعين ومئتين وحدث بهما وطال عمره.
حدث عنه: أبو حاتم بن حبان وعبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي وغيرهما وسماع ابن حمويه منه بالشاش مدينة من مدائن الترك وكان ذلك في سنة ثماني عشرة وثلاث مئة في شعبان ولم تبلغنا وفاة ابن خزيم ولا شيء من سيرته وهو في عداد الثقات ومن أبناء التسعين رحمه الله.

عيسى بن عمر

ابن العباس بن حمزة بن عمرو بن أعين المحدث الصدوق أبو عمران السمرقندي صاحب أبي محمد الدارمي وراوي مسنده عنه شيخ مقبول لا نعلم شيئاً من أمره. حدث عنه: أبو الحسن محمد بن عبد الله الكاغدي وعبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي ولا أعلم متى توفي إلا أنه كان حياً في قرب سنة عشرين وثلاث مئة بسمرقند فهو والشاشي إنما عرفا وشهرا بالكتابين اللذين سمعناهما وكانا متعاصرين بما وراء النهر فهما من طبقة الفربري ووفياتهم متقاربة والله أعلم.

بنان الحمال

الإمام المحدث الزاهد شيخ الإسلام أبو الحسن بنان بن محمد بن حمدان بن سعيد الواسطي نزيل مصر ومن يضرب بعبادته المثل.
حدث عن: الحسن بن محمد الزعفراني والحسن بن عرفة وحميد بن الربيع وطائفة.
حدث عنه: ابن يونس والحسن بن رشيق والزبير بن عبد الواحد الأسداباذي وأبو بكر المقرئ وجماعة.
وثقه أبو سعيد بن يونس.
صحب الجنيد وغيره وقيل: إنه هو أستاذ الحسين أبي النوري وهو رفيقه ومن أقرانه.
وكان كبير القدر لا يقبل من الدولة شيئاً وله جلالة عجيبة عند الخاص والعام.
وقد امتحن في ذات الله فصبر وارتفع شأنه فنقل أبو عبد الرحمن السلمي في "محن الصوفية" أن بناناً الحمال قام إلى وزير خمارويه صاحب مصر وكان نصرانياً فأنزله عن مركوبه وقال: تركب الخيل وعير كما هو مأخوذ عليكم في الذمة فأمر خمارويه بأن يؤخذ ويوضع بين يدي سبع فطرح فبقي ليلة ثم جاؤوا والسبع يلحسه وهو مستقبل القبلة فأطلقه خمارويه واعتذر إليه.
قال الحسين بن أحمد الرازي: سمعت أبا علي الروذباري يقول: كان سبب دخولي مصر حكاية بنان الحمال وذلك أنه أمر ابن طولون بالمعروف فأمر به أن يلقى بين يدي سبع فجعل السبع يشمه ولا يضره فلما أخرج من بين يدي السبع قيل: له ما الذي كان في قلبك حيث شمك قال: كنت أتفكر في سؤر السباع ولعابها قال: ثم ضرب سبع درر فقال له: - يعني للملك - حبسك الله بكل درة سنة فحبس ابن طولون سبع سنين كذا قال: وما علمت خمارويه ولا أباه حبساً وذكر إبراهيم بن عبد الرحمن أن القاضي أبا عبيد الله احتال على بنان حتى ضربه سبع درر فقال: حبسك الله بكل درة سنة فحبسه ابن طولون سبع سنين.
قال الزبير بن عبد الواحد: سمعت بناناً يقول: الحر عبد ما طمع والعبد حر ما قنع.
ومن كلام بنان: متى يفلح من يسره ما يضره؟.
وقال: رؤية الأسباب على الدوام قاطعة عن مشاهدة المسبب والإعراض عن الأسباب جملة يؤدي بصاحبه إلى ركوب الباطل.
يروى أنه كان لرجل على آخر دين مئة دينار فطلب الرجل الوثيقة فلم يجدها فجاء إلى بنان ليدعو له فقال: أنا رجل قد كبرت وأحب الحلواء اذهب اشتر لي من عند دار فرج رطل حلواء حتى أدعو لك ففعل الرجل وجاء فقال بنان: افتح ورقة الحلواء ففتح فإذا هي الوثيقة فقال: هي وثيقتي قال: خذها وأطعم الحلواء صبيانك.
قال ابن يونس: توفي بنان في رمضان سنة ست عشرة وثلاث مئة وخرج في جنازته أكثر أهل مصر وكان شيئاً عجباً من ازدحام الخلائق.

ابن المنذر

الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام أبو بكر محمد بن إبراهيم ابن المنذر النيسابوري الفقيه نزيل مكة وصاحب التصانيف ك "الإشراف في اختلاف العلماء" وكتاب "الإجماع" وكتاب "المبسوط" وغير ذلك.
ولد في حدود موت أحمد بن حنبل.
وروى عن: الربيع بن سليمان ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ومحمد بن إسماعيل الصائغ ومحمد بن ميمون وعلي بن عبد العزيز وخلق كثير مذكورين في كتبه.
حدث عنه: أبو بكر بن المقرئ ومحمد بن يحيى بن عمار الدمياطي والحسين والحسن ابنا علي بن شعبان.
ولم يذكره الحاكم في تاريخه نسيه ولا هو في تاريخ بغداد ولا تاريخ دمشق فإنه ما دخلها وعداده في الفقهاء الشافعية.
قال الشيخ محيي الدين النواوي: له من التحقيق في كتبه مالا يقاربه فيه أحد وهو في نهاية من التمكن من معرفة الحديث وله اختيار فلا يتقيد في الاختيار بمذهب بعينه بل يدور مع ظهور الدليل.
قلت: ما يتقيد بمذهب واحد إلا من هو قاصر في التمكن من العلم كأكثر علماء زماننا أو من هو متعصب وهذا الإمام فهو من حملة الحجة جار في مضمار ابن جرير وابن سريج وتلك الحلبة رحمهم الله. أخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا أبو اليمن الكندي سنة ثمان وست مئة كتابة أخبرنا علي بن هبة الله بن عبد السلام حدثنا الإمام أبو إسحاق في كتاب "الطبقات" قال: ومنهم أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري مات بمكة سنة تسع أو عشر وثلاث مئة وصنف في اختلاف العلماء كتباً لم يصنف أحد مثلها واحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف ولا أعلم عمن أخذ الفقه.
قلت: قد أخذ عن أصحاب الإمام الشافعي وما ذكره الشيخ أبو إسحاق من وفاته فهو على التوهم وإلا فقد سمع منه ابن عمار في سنة ست عشرة وثلاث مئة وأرخ الإمام أبو الحسن بن قطان الفاسي وفاته في سنة ثماني عشرة.
أخبرنا جماعة إذناً عن عائشة بنت معمر ح وقال أحمد بن محمد العلاني: أخبرنا إسحاق بن أبي بكر أخبرنا يوسف بن خليل أخبرنا المؤيد بن الأخوة قالا: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود ومنصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم أخبرنا محمد بن إبراهيم بن المنذر فقيه مكة حدثنا محمد بن ميمون حدثنا عبد الله بن يحيى البرلسي عن حيوة بن شريح عن ابن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من جر لنفسه شيئاً ليقتلها فإنما يجعلها في النار ومن طعن نفسه بشيء فإنما يطعنها في النار ومن اقتحم فإنما يقتحم في النار". غريب.
ولابن المنذر "تفسير" كبير في بضعة عشر مجلدا يقضي له بالإمامة في علم التأويل أيضاً.

أبو عمرو الحيري

الإمام المحدث العدل الرئيس أبو عمرو أحمد بن محمد بن أحمد بن منصور بن مسلم بن يزيد النيسابوري الحيري سبط الإمام أحمد ابن عمرو الحرشي.
سمع محمد بن رافع وإسحاق بن منصور وعبد الله بن هاشم وعيسى بن أحمد العسقلاني وبحر بن نصر الخولاني لقيه بمكة وأحمد بن منصور الرمادي وأبا زرعة الرازي وابن وارة وخلقاً سواهم.
سمع منه: شيخه أحمد بن المبارك المستملي ودعلج السجزي وأبو علي النيسابوري وأبو بكر الإسماعيلي وأبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف ومحمد بن أحمد بن عبدوس وآخرون.
وكان صدراً معظماً وعالماً محتشماً.
توفي في ذي القعدة سنة سبع عشرة وثلاث مئة وهو في عشر التسعين فالقاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري شيخ البيهقي هو حفيده.

الطوسي

الإمام الحافظ المحدث المصنف أبو الحسن محمد بن أحمد ابن زهير بن طهمان القيسي الطوسي.
سمع عبد الله بن هاشم الطوسي وإسحاق بن منصور الكوسج وعبد الرحمن بن بشر ومحمد بن يحيى الذهلي وطبقتهم.
حدث عنه: أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه والحافظ أبو علي النيسابوري وأحمد بن منصور الحافظ وأبو إسحاق المزكي وزاهر بن أحمد السرخسي وآخرون.
مات بنوقان في سنة سبع عشرة وثلاث مئة وقد نيف على الثمانين.
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنبأنا عبدالمعز بن محمد أخبرنا زاهر ابن طاهر أخبرنا سعيد بن محمد البحيري أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا محمد بن أحمد بن زهير بطوس حدثنا عبد الرحمن بن بشر حدثنا بهز بن أسد حدثنا شعبة فذكر حديث: أرب ما له؟.

ابن لبابة

شيخ المالكية أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عمر بن لبابة القرطبي مولى آل عبيد الله بن عثمان.
روى عن عبد الأعلى بن وهب وأبان بن عيسى وأصبغ بن خليل والعتبي وابن صباح وسمع الموطأ من يحيى بن مزين صاحب مطرف بن عبد الله.
انتهت إليه الإمامة في المذهب.
قال ابن الفرضي: وكان حافظاً لأخبار الأندلس له حظ من النحو والشعر ولي الصلاة بقرطبة وروى عنه خلق كثير ولم يكن له علم بالحديث بل ينقل بالمعنى.
مات في شعبان سنة أربع عشرة وثلاث مئة وله تسعون سنة.
روى عنه: عبد الله بن محمد الباجي.

علان

الإمام المحدث العدل أبو الحسن علي بن أحمد بن سليمان بن ربيعة بن الصيقل علان المصري.
ولد سنة سبع وعشرين ومئتين وكتب وهو مراهق في سنة أربعين ومئتين.
حدث عن: محمد بن رمح وعمرو بن سواد وسلمة بن شبيب ومحمد بن هشام بن أبي خيرة وخلق من أقرانهم.
وكان ثقة كثير الحديث قاله ابن يونس وكان أحد كبراء العدول وفي خلقه زعارة.
مات في شوال سنة سبع عشرة وثلاث مئة.
قلت: حدث عنه: ابن يونس وأبو بكر بن المقرئ و عبيد الله ابن محمد بن أبي غالب البزار ومحمد بن أحمد الإخميمي وآخرون. عاش تسعين سنة وصيف بن عبد الله.
الحافظ الإمام الثقة أبو علي الرومي الأنطاكي الأشروسني رحال جوال.
حدث عن: أحمد بن حرب الطائي وحاجب بن سليمان المنبجي وعلي بن سراج وسليمان بن سيف الحراني وطبقتهم.
روى عنه: أبو زرعة وأبو بكر ابنا أبي دجانة وأبو أحمد بن عدي وحمزة الكناني وأبو القاسم الطبراني وأبو جعفر محمد بن الحسن اليقطيني.
حدث في سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.

ابن البهلول

الإمام العلامة المتفنن القاضي الكبير أبو جعفر أحمد بن إسحاق ابن بهلول بن حسان التنوخي الأنباري الفقيه الحنفي.
ولد سنة إحدى وثلاثين ومئتين.
وسمع أبا كريب ومحمد بن زنبور المكي ويعقوب الدورقي وإبراهيم بن سعيد الجوهري ومحمد بن المثنى وأبا سعيد الأشج وأباه إسحاق بن بهلول الحافظ وعدة.
حدث عنه: محمد بن إسماعيل الوراق وأبو حفص بن شاهين وأبو الحسن الدارقطني وأبو طاهر المخلص وآخرون.
وكان من رجال الكمال إماماً ثقة عظيم الخطر واسع الأدب تام المروءة بارعاً في العربية ولي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة.
وعزل قبل موته بعام وكان له مصنف في نحو الكوفيين وكان أديباً بليغاً مفوهاً شاعراً.
قال ابن الأنباري: ما رأيت صاحب طيلسان أنحى منه.
مات في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
وكان أبوه من كبار الحفاظ لقي ابن عيينة وطبقته وهم من بيت العلم والجلالة.
وكان أخوه بهلول بن إسحاق ثقة مسندا يروي عن سعيد بن منصور وطبقته.
قال أبو بكر الخطيب: كان عند أبي جعفر حديث واحد عن أبي كريب وكان ثقة.
وقال طلحة بن محمد: كان عظيم القدر واسع الأدب تام المروءة حسن الفصاحة والمعرفة بمذهب أهل العراق ولكنه غلب عليه الأدب وكان لأبيه مسند كبير إلى أن قال: وكان داود بن الهيثم بن إسحاق أسن من عمه أحمد دام أحمد على قضاء المدينة من سنة ست وتسعين ومئتين وكان ثقة ثبتاً جيد الضبط متفنناً في علوم شتى منها الفقه لأبي حنيفة وربما خالفه وكان تام اللغة حسن القيام بنحو الكوفيين صنف فيه وكان واسع الحفظ للأخبار والسير والتفسير والشعر وكان خطيبا مفوها شاعراً لسناً ذا حظ من الترسل والبلاغة ورعاً متخشناً في الحكم وقد ولي قضاء هيت والأنبار في سنة ست وسبعين ثم قضاء بعض الجبل.
قال القاضي أبو نصر يوسف بن عمر: كنت أحضر دار المقتدر مع أبي وهو ينوب عن والده أبي عمر القاضي فكنت أرى أبا جعفر القاضي يأتيه أبي فيجلس عنده فيتذاكران حتى يجتمع عليهما عدد من الخدم فسمعت أبا جعفر يقول: أحفظ لنفسي من شعري خمسة عشر ألف بيت وأحفظ للناس أضعاف ذلك.
وقال القاضي أبو طالب محمد بن القاضي أبي جعفر: كنت مع أبي في جنازة وإلى جانبه أبو جعفر الطبري فأخذ أبي يعظ صاحب المصيبة ويسليه فداخله الطبري في ذلك وذنب معه ثم اتسع الأمر بينهما وخرجا إلى فنون أعجبت من حضر وتعالى النهار فلما قمنا قال لي: يا بني من هذا الشيخ؟ قلت: هذا محمد بن جرير الطبري فقال: إنا لله ما أحسنت عشرتي ألا قلت: لي فكنت أذاكره غير تلك المذاكرة؟ هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع فمضت مدة ثم حضرنا في حق رجل آخر وجلسنا وجاء الطبري فجلس إلى جانب أبي وتجاريا فكلما جاء إلى قصيدة ذكر الطبري بعضها وينشدها أبي وكلما ذكر شيئاً من السير فكذلك فربما تلعثم وأبي يمر في جميعه فما سكت إلى الظهر.
أرخ موته ابن قانع ويوسف القواس كما مر.
وقيل: مات سنة سبع عشرة وهو وهم.

الطرميسي

المحدث المعمر أبو سعيد الحسن بن يوسف بن يعقوب الهاشمي مولاهم الطرميسي ولاؤه للحسين بن علي.
حدث عن: هشام بن عمار وغيره.
وعنه: عبد الله بن محمد بن عبد الغفار بن ذكوان ومحمد بن مسلم بن السمط وعبد الوهاب الكلابي.
قال أبو الحسين الرازي: مات في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
قلت: له خبر منكر رواه ابن ذكوان المذكور عنه حدثنا هشام حدثنا بقية حدثنا بحير عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "من بات كالاً من عمله بات مغفوراً له".

ابن صاعد

يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب الإمام الحافظ المجود محدث العراق أبو محمد الهاشمي البغدادي مولى الخليفة أبي جعفر المنصور رحال جوال عالم بالعلل والرجال. قال: ولدت في سنة ثمان وعشرين ومئتين وكتبت الحديث عن ابن ماسرجس سنة تسع وثلاثين.
قلت: سمع يحيى بن سليمان بن نضلة وعبد الله بن عمران العابدي ومحمد بن سليمان لوينا وأحمد بن منيع وسوار بن عبد الله القاضي والحسن بن عيسى بن ماسرجس ويعقوب الدورقي ومحمد ابن بشار وعبد الجبار بن العلاء العطار وعمرو بن علي الصيرفي وجميل بن الحسن الجهضمي والحسن بن عرفة ومؤمل بن هشام اليشكري ومحمد بن عبد الله بن حفص الأنصاري وأبا هشام الرفاعي وإبراهيم بن سعيد الجوهري ومحمد بن هشام المروزي وسفيان بن وكيع والقاسم بن محمد المروزي وعمر بن شبة ومحمد بن يحيى ابن أبي حزم القطعي وأزهر بن جميل وأبا عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي المكي وعلي بن الحسين الدرهمي ومحمد بن عمرو بن سليمان وأبا همام الوليد بن شجاع وسعيد بن يحيى الأموي وإسحاق بن شاهين و عبيد الله بن يوسف الجبيري والربيع بن سليمان المرادي وبحر بن نصر الجولاني وبكار بن قتيبة وأبا مسلم الحسن ابن أحمد بن أبي شعيب الحراني وعبد الله بن شبيب الربعي ويحيى ابن المغيرة المخزومي ومحمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ وأبا سعيد الأشج وأحمد بن المقدام العجلي وحميد بن الربيع وزيد بن أخزم وعباد بن الوليد الغبري وعبد الوهاب بن فليح المقرئ ومحمد بن ميمون الخياط المكي ومحمد بن عبد الله المخرمي ومحمد بن منصور الجواز والحسين بن الحسن المروزي والزبير بن بكار وسلمة بن شبيب ومحمد بن زنبور المكي ومحمد بن إسماعيل البخاري ومحمد بن هشام بن ملاس الدمشقي وسعيد بن محمد البيروتي وخلقا كثيراً وجمع وصنف وأملى.
حدث عنه: أبو القاسم البغوي وهو أكبر منه والجعابي والشافعي والطبراني وابن عدي والإسماعيلي وأبو سليمان بن زبر وأبو عمر بن حيوية وأبو طاهر المخلص وعيسى بن الوزير وأبو مسلم الكاتب وخلق كثير وعبد الرحمن بن أبي شريح.
قال أبو يعلى الخليلي: كان يقال: أئمة ثلاثة في زمان واحد: ابن أبي داود وابن خزيمة وعبد الرحمن بن أبي حاتم.
قال الخليلي: ورابعهم أبو محمد بن صاعد ثقة إمام يفوق في الحفظ أهل زمانه ارتحل إلى مصر والشام والحجاز والعراق منهم من يقدمه في الحفظ على أقرانه منهم أبو الحسن الدارقطني مات في سنة ثمان عشرة.
قلت: ويقع لنا - بل لأولادنا ولمن سمع منا - جملة من عوالي حديثه.
كتب إلينا المسلم بن علان عن القاسم بن عساكر أخبرنا أبي أخبرنا علي بن أحمد بن البقشلان أخبرنا أبو الحسن بن الأبنوسي أخبرنا عيسى بن علي أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي حدثنا يحيى ابن محمد بن صاعد ثقة من أصحابنا حدثنا الحسن بن مدرك الطحان حدثنا يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن داود بن عبد الله الأودي عن حميد بن عبد الرحمن قال: دخلنا على أسير رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يأتيك من الحياء إلا خير".
قال الدارقطني: لابن صاعد أخوان يوسف بن محمد يروي عن خلاد بن يحيى وغيره وأحمد الأوسط حدث عن: أبي بكر بن أبي شيبة ولهم عم اسمه عبد الله بن صاعد.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن يحيى بن محمد ابن صاعد فقال: ثقة ثبت حافظ وعمهم يحدث عن: سفيان بن عيينة في التصوف والزهد.
وقال حمزة بن يوسف السهمي: سألت أبا بكر أحمد بن عبدان فقلت: ابن صاعد أكثر حديثاً أو الباغندي فقال: ابن صاعد أكثر حديثاً ولا يتقدمه أحد في الدراية والباغندي أعلى إسناداً منه.
قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: لم يكن بالعراق في أقران أبي محمد بن صاعد أحد في فهمه والفهم عندنا أجل من الحفظ.
قال الحاكم: وسمعت أبا أحمد يقول: كان أبو عروبة لحقه وصدقه فقال لي: بلغني أن أبا محمد بن صاعد حدث عن: محمد بن يحيى القطعي عن عاصم بن هلال عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً: "لا طلاق قبل نكاح" فقلت: حدثنا به من أصله فقال: هذه مسألة مختلف فيها من لدن التابعين لو كان ثم أيوب عن نافع عن ابن عمر لكان علم النظار في الشهرة ولما كانوا يحتجون ضرورة لحسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وقال محمد بن المظفر الحافظ: حدثنا ابن صاعد من أصله بحديث محمد بن يحيى القطعي في لا طلاق قبل نكاح قال: فارتجت بغداد وتكلم الناس بما تكلموا به فبينما نحن ذات يوم عند علي بن الحسين الصفار نكتب من أصوله إذ وقع بيدي جزء من حديث محمد بن يحيى القطعي فنظرت فوجدت الحديث في الجزء فلم أخبر أصحابي وعدوت إلى باب ابن صاعد فسلمت عليه وقلت: البشارة فأخذ الجزء ورمى به ثم أسمعني فقال: يا فاعل حديث أحدث به أنا أحتاج أن يتابعني عليه علي بن الحسين الصفار.
قال البرقاني: قال لي الفقيه أبو بكر الأبهري: كنت عند ابن صاعد فجاءته امرأة فقالت له: أيها الشيخ! ما تقول في بئر سقطت فيه دجاجة فماتت هذا الماء طاهر أو نجس؟ فقال: يحيى ويحك كيف سقطت الدجاجة ألا غطيتيه؟ قال الأبهري: فقلت لها: إن لم يكن الماء تغير فهو طاهر ولم يكن عند يحيى من الفقه ما يجيب المرأة.
قال الخطيب: قد كان ابن صاعد ذا محل من العلم عظيم وله تصانيف في السنن وترتيبها على الأحكام ولعله لم يجب المرأة ورعا فإن المسألة فيها خلاف.
قال ابن شاهين وغيره: توفي ابن صاعد بالكوفة في ذي القعدة سنة ثمان عشرة وثلاث مئة عن تسعين سنة وأشهر.
وقد ذكرنا مخاصمة بينه وبين ابن أبي داود وحط كل واحد منهما على الآخر في ترجمة ابن أبي داود ونحن لا نقبل كلام الأقران بعضهم في بعض وهما بحمد الله ثقتان.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد العلوي بالثغر: أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي أخبرنا محمد بن عبيد الله أخبرنا محمد بن محمد الزينبي أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا يحيى بن محمد حدثنا إسحاق بن شاهين حدثنا خالد بن عبد الله عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس عن أسامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الربا في النساء".
وبه: عن خالد الحذاء عن عكرمة عن أبي هريرة قال: ما احتذى النعال ولا ركب المطايا ولا ركب الكور رجل أفضل من جعفر.
هذا ثابت عن أبي هريرة ولا ينبغي أن يزعم زاعم أن مذهبه أن جعفر أفضل من أبي بكر وعمر فإن هذا الإطلاق ليس هو على عمومه بل يخرج منه الأنبياء والمرسلون فالظاهر أن أبا هريرة لم يقصد أن يدخل أبا بكر ولا عمر رضي الله عنهم.
ومات مع ابن صاعد أبو عروبة الحراني الحافظ والقاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول التنوخي وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن المغلس البغدادي صاحب لوين وإسماعيل بن داود بن وردان المصري صاحب ابن رمح والحسن بن علي بن أحمد بن بشار البغدادي العلاف المقرئ والمسند أبو عثمان سعيد بن عبدالعزيز الحلبي والحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفراييني وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن نيروز الأنماطي وشيخ الفقهاء أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر بمكة.
وأبو بكر محمد بن يوسف بن حماد الأستراباذي روى عن أبي بكر بن أبي شيبة الكتب وزنجويه بن محمد النيسابوري اللباد وأبو يعلى محمد بن زهير الأبلي.

الروياني

الإمام الحافظ الثقة أبو بكر محمد بن هارون الروياني صاحب المسند المشهور.
قرأت على محمد بن يوسف الذهبي أخبرنا إبراهيم بن بركات أخبرنا علي بن الحسن الحافظ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن سعدويه أخبرنا أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد أخبرنا جعفر بن عبد الله أخبرنا محمد بن هارون الروياني حدثنا مبشر بن حسن البصري أخبرنا أبو داود حدثنا حميد بن مهران عن سعد بن أوس عن زياد بن كسيب العدوي قال: خرج عبد الله بن عامر إلى الجمعة وعليه ثياب رقاق وأبو بلال تحت المنبر فقال أبو بلال: انظروا إلى أميركم يلبس لباس الفساق فقال أبو بكرة وهو تحت المنبر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله".
أبو بلال هذا هو مرداس ابن أدية خارجي ومن جهله عد ثياب الرجال الرقاق لباس الفساق أخرجه الروياني في مسنده.
وقد حدث عن: أبي الربيع الزهراني وإسحاق بن شاهين وأبي كريب محمد بن العلاء ومحمد بن حميد الرازي وعمرو بن علي الفلاس ويحيى بن حكيم المقوم وأبي زرعة الرازي وابن وارة وخلق سواهم وله الرحلة الواسعة والمعرفة التامة.
حدث عنه: أبو بكر الإسماعيلي وإبراهيم بن أحمد القرميسيني وجعفر بن عبد الله بن فناكي وآخرون.
وثقه أبو يعلى الخليلي وذكر أن له تصانيف في الفقه وأنه مات سنة سبع وثلاث مئة. وحكى الحافظ أحمد بن منصور الشيرازي أنه سمع محمد بن أحمد الصحاف قال: سمعت أبا العباس البكري يقول: جمعت الرحلة بمصر بين محمد بن جرير وابن خزيمة ومحمد بن نصر ومحمد بن هارون الروياني فأرملوا ولم يبق عندهم قوت وجاعوا فاجتمعوا في بيت واقترعوا على أن من خرجت عليه القرعة يسأل لهم قال: فخرجت على ابن خزيمة فقال: أمهلوني حتى أصلي وقام فإذا هم بشمعة وخصي من قبل أمير مصر ففتحوا له فقال: أيكم محمد بن نصر فقيل: هذا فأخرج صرة فيها خمسون ديناراً فدفعها إليه ثم قال: أيكم محمد بن جرير؟ قالوا: هذا فأعطاه مثلها ثم أعطى كذلك لابن خزيمة والروياني ثم حدثهم أن الأمير كان قائلاً بالأمس فرأى في نومه أن المحامد جياع قد طووا فأنفذ إليكم هذه الصرر وأقسم عليكم إذا نفدت أن تعرفوني.
أخبرنا قاضي القضاة تقي الدين سليمان بن حمزة غير مرة: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ أخبرنا أبو زرعة عبيد الله بن محمد أخبرنا الحسين بن عبد الملك أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الرازي أخبرنا جعفر بن عبد الله حدثنا محمد بن هارون الروياني حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر حدثنا فليح عن أبي حازم عن سهل بن سعد: أن وليدة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حملت من الزنى فسئلت: من أحبلك؟ قالت: أحبلني المقعد فسئل فاعترف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لضعيف عن الجلد فأمر بمئة عثكول فضرب بها ضربة واحدة".
هذا حديث غريب صالح الإسناد أخرجه النسائي من طريق أبي حازم ويحتج به من يسوغ الحيل.

أبو عروبة

الإمام الحافظ المعمر الصادق أبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر مودود السلمي الجزري الحراني صاحب التصانيف.
ولد بعد العشرين ومئتين وأول سماعه في سنة ست وثلاثين ومئتين.
سمع مخلد بن مالك السلمسيني ومحمد بن الحارث الرافقي ومحمد بن وهب بن أبي كريمة وإسماعيل بن موسى الفزاري وعبد الجبار بن العلاء والمسيب بن واضح وأحمد بن بكار بن أبي ميمونة ومحمد بن سعيد بن حماد الأنصاري وأبا يوسف محمد بن أحمد الصيدلاني ومحمد بن زنبور المكي وأيوب بن محمد الوزان وعمرو ابن عثمان الحمصي وكثير بن عبيد وأبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي ومعلل بن نفيل النهدي صاحب زهير بن معاوية ومحمد بن بشار وعبد الوهاب بن الضحاك ومحمد بن مصفى الحمصي وخلقاً سواهم بالجزيرة والشام والحجاز والعراق.
حدث عنه: أبو حاتم بن حبان وأبو أحمد بن عدي وأبو الحسين محمد بن المظفر والقاضي أبو بكر الأبهري وعمر بن علي القطان وأبو أحمد الحاكم وأبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن مهران وأحمد ابن محمد بن الجراح المصري ابن النحاس وأبو بكر بن المقرئ وأبو الحسن علي بن الحسن بن علان الحراني وأبو علي سعيد بن عثمان بن السكن وأبو بكر أحمد بن محمد بن السني وأبو الشيخ بن حيان وأبو الحسن محمد بن الحسين الآبري ومحمد بن جعفر البغدادي غندر الوراق وأبو الفتح محمد بن الحسين بن بريدة الأزدي وخلق سواهم.
وله كتاب "الطبقات" وكتاب "تاريخ الجزيرة" سمعناه.
قال ابن عدي: كان عارفاً بالرجال وبالحديث وكان مع ذلك مفتي أهل حران شفاني حين سألته عن قوم من المحدثين.
وقال أبو أحمد الحاكم في "الكنى": أبو عروبة الحسين بن محمد ابن مودود بن حماد السلمي سمع عبد الرحمن بن عمرو البجلي وأبا وهب بن مسرح وكان من أثبت من أدركناه وأحسنهم حفظا يرجع إلى حسن المعرفة بالحديث والفقه والكلام.
وقد ذكره أبو القاسم بن عساكر في ترجمة معاوية فقال كان أبو عروبة غاليا في التشيع شديد الميل على بني أمية.
قلت: كل من أحب الشيخين فليس بغال بل من تعرض لهما بشيء من تنقص فإنه رافضي غال فإن سب فهو من شرار الرافضة فإن كفر فقد باء بالكفر واستحق الخزي وأبو عروبة فمن أين يجيئه الغلو وهو صاحب حديث وحراني بلى لعله ينال من المروانية فيعذر.
قال القراب: مات سنة ثماني عشرة وثلاث مئة.
قرأت على أحمد بن هبة الله عن أبي روح الهروي: أخبرنا زاهر أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو أحمد الحافظ حدثنا أبو عروبة حدثنا محمد بن العلاء حدثنا خالد بن حيان حدثنا سالم أبو المهاجر عن ميمون بن مهران عن أبي هريرة وعائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً ثلاثاً".

ابن طلاب

الشيخ العالم الخطيب الصدوق أبو الجهم أحمد بن الحسين بن أحمد بن طلاب الدمشقي ثم المشغراني خطيب مشغرا أصله من قرية بيت لهيا وكان يؤدب بها ثم تحول إلى مشغرا.
وكان يقدم دمشق ويحدث عن: هشام بن عمار وأحمد بن أبي الحواري وهشام بن خالد الأزرق وعلي بن سهل الرملي وعدة.
حدث عنه: أبو الحسين الرازي والد تمام وأبو بكر بن المقرئ وأبو أحمد الحاكم وأبو سليمان بن زبر وعبد الوهاب الكلابي وآخرون.
قال أبو الحسين الرازي: أصله من بيت لهيا كان يعلم بها ثم انتقل إلى مشغرا قرية على سفح جبل لبنان فصار خطيبها وكان كثيراً ما يأتي إلى دمشق فمات بها في سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
وذكر ابن زبر أن ابن طلاب سقط من دابته فمات لوقته.
قلت: وجدهم هو طلاب بن كثير.
وفيها توفي سفيان بن محمد بن يحيى بن مندة والفضل بن الخصيب بن نصر ووالد أبي الشيخ والمؤمل بن الحسن الماسرجسي وأحمد بن محمد بن إسحاق العنزي صاحب علي بن حجر وعلي بن الحسين بن معدان الفسوي وأبو بكر أحمد بن محمد ابن عمرو المنكدري وأبو عبيد بن حربويه القاضي وأسلم بن عبد العزيز الأندلسي.

سعيد بن عبد العزيز

ابن مروان المحدث الصادق الزاهد القدوة أبو عثمان الحلبي نزيل دمشق.
سمع أحمد بن أبي الحواري وأبا نعيم عبيد الله بن هشام وعبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي والقاسم بن عثمان الجوعي ومحمد بن مصفى والسري السقطي وبركة بن محمد الحلبي وعدة وصحب سرياً السقطي وهو من جلة مشايخ الشام وعلمائهم قاله السلمي.
حدث عنه: أبو الحسين محمد بن عبد الله الرازي وأبو بكر الربعي وأبو سليمان بن زبر والقاضي علي بن الحسين الأذني والحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي وأبو أحمد الحاكم وأبو بكر بن المقرئ والقاضي أبو بكر الأبهري وأبو بكر بن السني وخلق خاتمتهم عبد الوهاب الكلابي أخو تبوك.
قال الحاكم في "الكنى": كان من عباد الله الصالحين.
وقال أبو نعيم الحافظ: تخرج به جماعة من الأعلام كإبراهيم بن المولد وكان ملازماً للشرع متبعاً له.
قلت: يعني أنه كان سليماً من تخبيطات الصوفية وبدعهم.
قال ابن زبر: مات سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
وقال أبو الحسين الرازي: مات سنة سبع عشرة.
قلت: عاش نيفا وتسعين سنة.

العلاف

الإمام المقرئ الأديب أبو بكر الحسن بن علي بن أحمد بن بشار النهرواني ثم البغدادي الضرير نديم المعتضد.
تلا على أبي عمر الدوري وأقرأ فتلا عليه أبو بكر الشذائي وأبو الفرج الشنبوذي وطائفة.
وحدث عن: الدوري ونصر بن علي وحميد بن مسعدة ومحمد بن إسماعيل الحساني.
فروى عنه: ابن حيوية وعمر بن شاهين وعبد الله بن النخاس وأبو الحسن الجراحي وآخرون.
وعمر دهراً وأضر.
وكان له قط يحبه ويأنس به فدخل برج حمام غير مرة وأكل الفراخ فاصطادوه وذبحوه فرثاه بقصيدة طنانة ويقال: بل رثى بها ابن المعتز وورى بالهر وكان ودوداً له.
وعن ابنه أبي الحسن بن العلاف قال: إنما كنى أبي بالهر عن ابن الفرات المحسن ولد الوزير.
وعن آخر قال: هويت جارية للوزير علي بن عيسى غلاماً لابن العلاف الضرير فعلم بهما الوزير فقتلهما وسلخهما وحشاهما تبنا فرثاه أستاذه ابن العلاف وكنى عنه بالهر - فالله أعلم - فقال:

يا هر فارقتـنـا ولـم تـعـد

 

وكنت عندي بمنـزل الـولـد

وكيف ننفك عن هـواك وقـد

 

كنت لنا عـدة مـن الـعـدد

وتخرج الفأر من مكامـنـهـا

 

ما بين مفتوحها إلى الـسـدد

يلقاك في البيت منـهـم مـدد

 

وأنت تلـقـاهـم بـلا مـدد

حتى اعتقدت الأذى لجيرتـنـا

 

ولم تكن للأذى بمـعـتـقـد

وحمت حول الردى بظلمـهـم

 

ومن يحم حول حـوضـه يرد

وكان قلبي عليك مـرتـعـداً

 

وأنت تنساب غير مـرتـعـد

تدخل برج الحـمـام مـتـئداً

 

وتبلع الفـرخ غـير مـتـئد

وتطرح الريش في الطريق لهم

 

وتبلع اللحـم بـلـع مـزدرد

أطعمك الغي لحمهـا فـرأى

 

فتلك أصحابها مـن الـرشـد

كادوك دهراً فما وقعت وكـم

 

أفلت من كيدهم ولـم تـكـد

فحين أخفرت وانهمكـت وكـا

 

شفت وأشرفت غير مقتصـد

صادوك غيظاً عليك وانتقمـوا

 

منك وزادوا ومن يصد يصـد

ثم شفوا بالحديد أنفسهم مـنـك

 

ولم يرعـووا عـلـى أحـد

ولم تزل للحمام مـرتـصـداً

 

حتى سقيت الحمام بالـرصـد

لم يرحموا صوتك الضعيف كما

 

لم ترث يوماً لصوتها الغـرد

أذاقك الموت ربـهـن كـمـا

 

أذقـت أفـراخـه يداً بــيد

كأن حبلاً حـوى بـجـودتـه

 

جيدك للخنق كان من مـسـد

كأن عيني تراك مضـطـربـاً

 

فيه وفي فيك رغوة الـزبـد

وقد طلبت الخلاص منه فـلـم

 

تقدر على حيلة ولـم تـجـد

فجدت بالنفس والبخـيل بـهـا

 

كنت ومن لم يجد بـهـا يجـد

فما سمعنا بمثـل مـوتـك إذ

 

مت ولا مثل حالك الـنـكـد

عشت حريصاً يقوده طـمـع

 

ومـت ذا قـاتـل بـلا قـود

يا من لذيذ الفـراخ أوقـعـه

 

ويحك هلا قنعت بـالـغـدد

ألم تخف وثبة الـزمـان وقـد

 

وثبت في البرج وثـبة الأسـد

عاقبة البـغـي لا تـنـام وإن

 

تأخرت مـدة مـن الـمـدد

أردت أن تأكل الـفـراخ ولا

 

يأكلك الدهر أكل مضطـهـد

هذا بعيد مـن الـقـياس ومـا

 

أعزه في الدنـو والـبـعـد

لا بارك الله في الطـعـام إذا

 

كان هلاك النفوس في المعـد

كم دخلت لقمة حـشـا شـره

 

فأخرجت روحه من الجـسـد

ما كان أغناك عن تسلقـك ال

 

برج ولو كان جنة الـخـلـد

قد كنت في نعـمة وفـي دعةٍ

 

من العزيز المهيمن الصـمـد

تأكل من فـأر دارنـا رغـداً

 

أكل جزاف نـام بـلا عـدد

وكنت بددت شملهـم زمـنـاً

 

فاجتمعوا بعـد ذلـك الـبـدد

ولم يبقوا لنـا عـلـى سـبـدٍ

 

في جوف أبياتـنـا ولا لـبـد

وفرغوا قعرها وما تـركـوا

 

ما علقـتـه يد عـلـى وتـد

وفتتوا الخبز في السلال فكـم

 

تفتت للـعـيال مـن كـبـد

ومزقوا مـن ثـيابـنـا جـدداً

 

فكلنا فـي مـصـائب جـدد

وهي خمسة وستون بيتاً.
توفي سنة ثمان عشرة وثلاث مئة وله مئة عام.
والنهروان بالفتح ووهم السمعاني فضم راءه.