المؤمل بن الحسن

المؤمل بن الحسن

ابن عيسى بن ماسرجس المولى الرئيس الإمام المحدث المتقن صدر خراسان أبو الوفاء الماسرجسي النيسابوري.

كان يضرب به المثل في ثروته وسخائه وشجاعته وكان أبوه من أحشم النصارى فأسلم على يد ابن المبارك ولم يلحق المؤمل الأخذ عن والده.

فسمع من إسحاق الكوسج ومحمد بن يحيى والحسن بن محمد الزعفراني وأحمد بن منصور الرمادي وخلق من طبقتهم.

حدث عنه ابناه أبو بكر محمد وأبو القاسم علي وأبو إسحاق المزكي وأبو محمد المخلدي وأبو الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي الفقيه وآخرون.

قال أبو علي الحافظ نظرت للمؤمل في ألف جزء من أصوله وخرجت له أجزاء فما رأيت أحسن أصولاً منه فبعث إلي بأثواب ومئة دينار.

قال الحاكم سمعت محمد بن المؤمل يقول حج جدي وقد شاخ فدعا الله أن يرزقه ولداً فلما رجع رزق أبي فسماه المؤمل لتحقيق ما أمله وكناه أبا الوفا ليفي لله بالنذور فوفى بها.

قيل إن أمير خراسان ابن طاهر اقترض من ابن ماسرجس ألف ألف درهم.

مات المؤمل رحمه الله في ربيع الآخر سنة تسع عشرة وثلاث مئة.

وكان من أبناء الثمانين يقع لي من عواليه في مجالس المخلدي.

أخو زبير الحافظ

الشيخ المحدث أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد البغدادي البيع يعرف بأخي زبير الحافظ شيخ صدوق.
يروي عن إسحاق بن أبي إسرائيل وعبد الرحمن بن يونس السراج وعقبة بن مكرم وعدة.
حدث عنه أبو حفص بن شاهين والدارقطني ويوسف القواس وأبو الفضل بن المأمون وعبد الرحمن بن أبي شريح.
وثقه القواس.
توفي بعد العشرين وثلاث مئة سنة إحدى.
أخبرنا محمد بن إبراهيم النحوي وطائفة قالوا أخبرنا ابن اللتي أخبرنا أبو الوقت أخبرتنا بيبى أنبأنا ابن أبي شريح حدثنا سعيد بن محمد حدثنا محمد بن يزيد الأدمي أخبرنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية وعبيد الله بن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "التسبيح للرجال ورخص في التصفيق للنساء".

العسال

الإمام الثقة المحدث أبو بكر أحمد بن عبد الوارث بن جرير الأسواني المصري العسال.
سمع محمد بن رمح وعيسى بن حماد زغبة وجماعة وهو خاتمة من روى عن ابن رمح.
حدث عنه أبو سعيد بن يونس وأبو القاسم الطبراني وأبو بكر بن المقرئ وعلي بن محمد الحضرمي والد يحيى الطحان وعبد الكريم بن أبي جدار وميمون بن حمزة العلوي وآخرون.
وهو من موالي عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وثقة ابن يونس وقال جاوز التسعين.
توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.

أبو حامد الحضرمي

المحدث الثقة المعمر الإمام أبو حامد محمد بن هارون بن عبد الله ابن حميد الحضرمي البغدادي من بقايا المسندين.
سمع إسحاق بن أبي إسرائيل وأبا همام السكوني ونصر ين علي الجهضمي وطبقتهم.
حدث عنه محمد بن إسماعيل الوراق والدارقطني ووثقه ويوسف القواس وعمر بن شاهين وعيسى بن الوزير والمخلص وخلق كثير.
مات في المحرم سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة وله نيف وتسعون سنة.
وقع لي من عواليه في جزء ابن الطلايه.

ابن مبشر

الإمام الثقة المحدث أبو الحسن علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي.
سمع عبد الحميد بن بيان وأحمد بن سنان القطان ومحمد بن المثني العنزي وعمار بن خالد التمار ومحمد بن حرب النشائي وطبقتهم.
حدث عنه أبو بكر بن المقرئ وأبو أحمد الحاكم والدارقطني وزاهر بن أحمد وآخرون كثيرون. أخبرنا أبو الفضل بن تاج الأمناء أنبأنا عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر المستملي أخبرنا سعيد بن محمد العدل أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا علي بن عبد الله بن مبشر حدثنا عبد الحميد بن بيان حدثنا خالد بن عبد الله عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان له حصاص".
أخرجه مسلم عن عبد الحميد فوافقناه بعلو.
مات ابن مبشر في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.

الزبير بن محمد

ابن أحمد الحافظ البارع أبو عبد الله البغدادي.
سمع عباساً الدوري وأبا ميسرة النهاوندي وطبقتهما وعنه عبد الصمد الطستي والطبراني وابن شاهين وعلي بن الحسن الجراحي، توفي سنة ست عشرة وثلاث مئة في الكهولة.
وكان ثقة.

الطحاوي

الإمام العلامة الحافظ الكبير محدث الديار المصرية وفقيههاً أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي صاحب التصانيف من أهل قرية طحا من أعمال مصر مولده في سنة تسع وثلاثين ومئتين.


وسمع من عبد الغني بن رفاعة وهارون بن سعيد الأيلي ويونس ابن عبد الأعلى وبحر بن نصر الخولاني ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وعيسى بن مثرود وإبراهيم بن منقذ والربيع بن سليمان المرادي وخاله أبي إبراهيم المزني وبكار بن قتيبة ومقدام بن داود الرعيني وأحمد بن عبد الله بن البرقي ومحمد بن عقيل الفريابي ويزيد ابن سنان البصري وطبقتهم.


وبرز في علم الحديث وفي الفقه وتفقه بالقاضي أحمد بن أبي عمران الحنفي وجمع وصنف.


حدث عنه يوسف بن القاسم الميانجي وأبو القاسم الطبراني ومحمد بن بكر بن مطروح وأحمد بن القاسم الخشاب وأبو بكر بن المقرئ وأحمد بن عبد الوارث الزجاج وعبد العزيز بن محمد الجوهري قاضي الصعيد وأبو الحسن محمد بن أحمد الإخميمي ومحمد بن الحسن بن عمر التنوخي ومحمد بن المظفر الحافظ وخلق سواهم من الدماشقة والمصريين والرحالين في الحديث.
وارتحل إلى الشام في سنة ثمان وستين ومئتين فلقي القاضي أبا خازم وتفقه أيضاً عليه.


ذكره أبو سعيد بن يونس فقال عداده في حجر الأزد وكان ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلاً لم يخلف مثله ثم ذكر مولده وموته.


أخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا أبو اليمن الكندي إجازة أخبرنا علي بن عبد السلام أخبرنا الشيخ أبو إسحاق في طبقات الفقهاء قال وأبو جعفر الطحاوي انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة بمصر أخذ العلم عن أبي جعفر بن أبي عمران وأبي خازم وغيرهما وكان شافعياً يقرأ على أبي إبراهيم المزني فقال له يوماً والله لا جاء منك شيء فغضب أبو جعفر من ذلك وانتقل إلى ابن أبي عمران فلما صنف مختصره قال رحم الله أبا إبراهيم لو كان حياً لكفر عن يمينه صنف اختلاف العلماء و الشروط وأحكام القرآن ومعاني الآثار ثم قال ولد سنة ثمان وثلاثين ومئتين قال ومات سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.


قال أبو سليمان بن زبر قال لي الطحاوي أول من كتبت عنه الحديث المزني وأخذت بقول الشافعي فلما كان بعد سنين قدم أحمد بن أبي عمران قاضياً على مصر فصحبته وأخذت بقوله.


قلت من نظر في تواليف هذا الإمام علم محله من العلم وسعة معارفه وقد كان ناب في القضاء عن أبي عبيد الله محمد بن عبدة قاضي مصر سنة بضع وسبعين ومئتين وترقى حاله فحكى أنه حضر رجل معتبر عند القاضي ابن عبدة فقال أيش روى أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أمه عن أبيه فقلت أنا حدثنا بكار بن قتيبة حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن عبد الأعلى الثعلبي عن أبي عبيدة عن أمه عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله ليغار للمؤمن فليغر" وحدثنا به إبراهيم بن أبي داود حدثنا سفيان بن وكيع عن أبيه عن سفيان موقوفاً فقال لي الرجل تدري ما تقول وما تتكلم به قلت ما الخبر قال رأيتك العشية مع الفقهاء في ميدانهم ورأيتك الآن في ميدان أهل الحديث وقل من يجمع ذلك فقلت هذا من فضل الله وإنعامه.


قال ابن يونس توفي في مستهل ذي القعدة سنة إحدى وعشرين. كتب إلينا عبد الرحمن بن محمد الفقيه أخبرنا عمر بن طبرزد أخبرنا محمد بن عبد الباقي حدثا أبو محمد الجوهري إملاء حدثنا محمد بن المظفر حدثنا أبو جعفر الطحاوي حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لايصوم وما رأيته استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان".


أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا جعفر بن منير أخبرنا أبو محمد العثماني أخبرنا علي بن المؤمل أخبرنا محمد بن سلامة القضاعي حدثنا محمد بن الحسن بن عمر التنوخي سنة 398 سمعت أبا جعفر الطحاوي حدثنا يزيد بن سنان حدثنا يزيد بن بيان عن أبي الرحال عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما أكرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له عند سنه من يكرمه" إسناده واه.


أخبرنا أحمد بن المؤيد وأحمد بن مؤمن قالا أخبرنا أبو المحاسن محمد بن السيد الأنصاري أخبرنا نصر بن أحمد السوسي أخبرنا سهل بن بشر الإسفراييني أخبرنا أبو القاسم سعيد بن محمد الإدريسي حدثنا محمد بن الحسن بن عمر الناقد أخبرنا أبو الطيب أحمد بن سليمان الحريري قال قال أبو جعفر الطحاوي حدثنا أبو أمية حدثنا عبد الله بن بكر وعبيد الله بن موسى قالا حدثنا مهدي بن ميمون عن واصل الأحدب عن المعرور بن سويد عن أبي ذر قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له فلما كان في بعض الليل تنحى فلبث طويلاً ثم أتانا فقال "أتاني آت من ربي فأخبرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله دخل الجنة" قال قلت وإن زنى وإن سرق قال: وإن زنى وإن سرق".


متفق عليه من حديث شعبة عن واصل.

 

مات سنة إحدى وعشرين الطحاوي ومكحول البيروتي وأبو حامد الأعمشي وأحمد بن مقرئ دمشق ابن ذكوان وأحمد بن عبد الوارث العسال وأبو علي بن رزين الباشاني الهروي وحاتم بن محبوب الهروي وأبو علي الحسن بن محمد بن أبي هريرة الأصبهاني وسعيد بن محمد أخو زبير الحافظ وشيخ المعتزلة أبو هاشم الجبائي عبد السلام بن أبي علي وإمام اللغة أبو بكر بن دريد ومحمد بن نوح الجند يسابوري وأبو حامد الحضرمي ويوسف بن يعقوب النيسابوري الواهي روى عن أبي بكر بن أبي شيبة.

مكحول بن الفضل

الحافظ الرحال الفقيه أبو مطيع النسفي صاحب كتاب اللؤلئيات في الزهد والآداب.
روى عن داود الظاهري وأبي عيسى الترمذي وعبد الله بن أحمد ابن حنبل ومحمد بن أيوب بن الضريس ومطين وخلق كثير.
روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل شيخ لجعفر المستغفري.
ذكره المستغفري في تاريخ نسف وذكر أن اسمه محمد بن الفضل ومكحول لقبه وأنه توفي في صفر سنة ثمان وثلاث مئة.
قلت رأيت له مؤلفاً مخروماً عند الشيخ عبد الله الضرير وله نظم حسن.

مكحول

الحافظ الإمام المحدث الرحال أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله ابن عبد السلام بن أبي أيوب البيروتي ولقبه مكحول.
سمع أبا عمير عيسى بن محمد النحاس وأحمد بن سليمان الرهاوي وأحمد بن حرب الطائي ومحمد بن إسماعيل بن علية ومحمد ابن عبد الله بن عبد الحكم وسليمان بن سيف الحراني ومحمد بن هاشم البعلبكي وحاجب بن سليمان المنبجي وعلي بن محمد بن أبي المضاء وطبقتهم.
وعنه أبو سليمان بن زبر وأبو بكر الربعي وأبو محمد بن ذكوان وعبد الوهاب الكلابي وعلي بن الحسين الأذني وأبو بكر بن المقرئ وأبو أحمد الحاكم وآخرون.
وكان ثقة من أئمة الحديث.
مات في أول جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.

محمد بن نوح

الإمام الحافظ الثبت أبو الحسن الجنديسابوري الفارسي نزيل بغداد.
سمع الحسن بن عرفة وشعيب بن أيوب الصريفيني وهارون بن إسحاق الهمداني وطبقتهم.
حدث عنه الدارقطني وأبو بكر بن شاذان وأبو حفص بن شاهين وعيسى ابن الوزير وآخرون.
قال أبو سعيد بن يونس ثقة حافظ.
وقال الدارقطني ثقة مأمون ما رأيت كتباً أصح من كتبه ولا أحسن.
قلت حدث بدمشق ومصر وبغداد.
ومات في ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.
وقع لي أحاديث من عواليه.

إبراهيم بن حماد

ابن إسحاق بن إسماعيل الإمام حافظ وقته حماد بن زيد الأزدي مولاهم البصري الإمام الثبت شيخ الإسلام أبو إسحاق العابد. سمع الحسن بن عرفة وعلي بن مسلم الطوسي وعلي بن حرب والزعفراني وعدة.
حدث عنه الدراقطني وابن شاهين وأبو طاهر المخلص وآخرون.
قال الدارقطني ثقة جبل.
وقال أبو الحسن الجراحي ما جئته إلا وجدته يقرأ أو يصلي.
وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري ما رأيت رجلاً أعبد منه.
قلت مات في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة وله نيف وثمانون سنة.
وقد ولي ولده هارون قضاء الديار المصرية في حياة الوالد بعد أبي عبيد بن حربويه واستناب على إقليم مصر أخاه أبا عثمان أحمد بن إبراهيم ثم عزل هارون سنة ست عشرة.

الإمام أبو الحسن

علي بن الحسن بن سعد الهمذاني.
روى عن هارون بن إسحاق ومحمد بن وزير ورستة ومحمد بن عبيد الهمذاني وأحمد بن بديل وحميد بن زنجويه وعدة.
وعنه الحسن بن يزيد الدقاق.
وسمع منه صالح بن أحمد الحافظ وقال وثقه أبي.
ومات في رمضان سنة سبع عشرة وثلاث مئة.
وروى عنه أيضاً أحمد بن محمد روزبة وجبريل العدل وآخرون.

ابن الشرقي

الإمام العلامة الثقة حافظ خراسان أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن النيسابوري ابن الشرقي صاحب الصحيح وتلميذ مسلم.
ذكره أبو عبد الله الحاكم فقال هو واحد عصره حفظاً وإتقاناً ومعرفةً.
سمع محمد بن يحيى الذهلي وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم وأحمد بن الأزهر وأحمد بن يوسف السلمي وأحمد بن حفص بن عبد الله وطبقتهم ببلده قلت ثم ارتحل فأخذ بالري عن أبي حاتم الرازي وطائفة وبمكة أبا يحيى بن أبي مسرة وببغداد محمد بن إسحاق الصغاني وعبد الله بن محمد بن شاكر وأحمد بن أبي خيثمة وطبقتهم وبالكوفة أبا حازم بن أبي غرزة الغفاري وعدة.
وحج غير مرة.
حدث عنه الحفاظ أبو العباس بن عقدة والقاضي أبو أحمد العسال وأبو علي النيسابوري وأبو أحمد بن عدي وأبو بكر بن إسحاق الصبغي وزاهر بن أحمد السرخسي والحسن بن أحمد المخلدي وأبو بكر محمد بن عبد الله الجوزقي والسيد أبو الحسن العلوي ومحمد بن عبد الله بن حمدون الزاهد والرئيس أبو عبد الله بن أبي ذهل الهروي وأبو الحسن محمد بن محمد العدل وأبو أحمد الحاكم وأبو الوفا محمد بن عبد الواحد البزاز وأبو العباس محمد بن أحمد السليطي وعدد كثير.
قال الحاكم سمعت الحسين التميمي سمعت ابن خزيمة يقول ونظر إلى أبي حامد ابن الشرقي فقال حياة أبي حامد تحجز بين الناس وبين الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت يعني أنه يعرف الصحيح وغيره من الموضوع.
الحاكم سمعت أبا زكريا العنبري سمعت أبا عبد الله البوشنجي يسأل أبا حامد بن الشرقي عن شىء من الحديث.
الحاكم حدثنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد حدثني أحمد بن محمد بن الشرقي حدثنا محمد بن زكريا الأعرج الحافظ حدثنا محمد بن مشكان السرخسي فذكر حديثاً.
أبو يعلى الخليلي سمعت أحمد بن أبي مسلم الفارسي الحافظ سمعت أبا أحمد بن عدي يقول لم أرَ أحفظ ولا أحسن سرداً من أبي حامد بن الشرقي كتب جمعه لحديث أيوب السختياني فكنت أقرأ عليه من كتابه ويقرأ معي حفظا من أوله إلى آخره.
السلمي سألت الدارقطني عن أبي حامد بن الشرقي فقال ثقة مأمون إمام قلت لم تكلم فيه ابن عقدة فقال سبحان الله ترى يؤثر فيه مثل كلامه ولو كان بدل ابن عقدة يحيى بن معين فقلت وأبو علي قال ومن أبو علي حتى يسمع كلامه فيه.
وقال الخطيب أبو حامد ثبت حافظ متقن.
وقال الخليلي هو إمام وقته بلا مدافعة.
قال حمزة السهمي سألت أبا بكر بن عبدان عن ابن عقدة إذا نقل شيئاً في الجرح والتعديل هل يقبل قوله قال: لا يقبل.
قد كان للحافظ ابن حامد أخ أسن منه وهو المحدث المعمر.

أبو محمد عبد الله بن محمد بن الشرقي

سمع الذهلي وعبد الله بن هاشم وعبد الرحمن بن بشر وأحمد بن الأزهر وأحمد بن منصور زاج المروزي وعدة.
روى عنه أبو بكر بن إسحاق الصبغي وأبو علي الحافظ ويحيى بن إسماعيل الحربي ومحمد بن أحمد بن عبدوس ومحمد بن الحسين العلوي وآخرون.
ذكر الحاكم أنه رآه وهو شيخ طوال أسمر وأصحاب المحابر بين يديه قال وكان أوحد وقته في علم الطب قال ولم يدع الشرب إلى أن مات فنقموا عليه ذلك وكان أخوه لا يرى لهم السماع منه لذلك.
قال وتوفي في سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
ومات أبو حامد في شهر رمضان سنة خمس وعشرين وثلاث مئة. وأمهم في الصلاة عليه أخوه المذكور.
ومات معه في العام مسند بغداد الشريف أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي صاحب أبي مصعب الزهري والثقة محدث نيسابور مكي بن عبدان التميمي ومقرئ بغداد أبو مزاحم الخاقاني والمعمر أبو بكر أحمد بن عبد الله وكيل أبي صخرة وعدة.
أخبرتنا زينب بنت كندي ببعلبك عن زينب بنت عبد الرحمن الشعري أخبرنا عبد المنعم بن أبي القاسم القشيري أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الخشاب أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن زكريا الحافظ أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ حدثنا عبد الرحمن بن بشر عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الحنة".
أخرجه مسلم من طريق عبيد الله بن عمر.

ابن أبي الأزهر

المحدث أبو بكر محمد بن مزيد بن محمود بن منصور الخزاعي البغدادي عرف بابن أبي الأزهر شيخ معمر تالف.
حدث عن لوين وإسحاق بن أبي إسرائيل والحسين الاحتياطي وأبي كريب.
وعنه الدارقطني وأبو بكر بن شاذان والمعافي الجريري.
قال الدارقطني ضعيف كتبنا عنه مناكير وله شعر كثير.
وقال أبو الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي كذبوه في السماع من أبي كريب وغيره.
وقال الخطيب يضع الحديث على الثقات.
قلت وضع في حديث "لا نبي بعدي" ولو كان لكنته يا علي.
توفي سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
وله جزء عن الزبير بن بكار.

المقتدر

الخليفة المقتدر بالله أبو الفضل جعفر بن المعتضد بالله أحمد بن أبي أحمد طلحة بن المتوكل على الله الهاشمي العباسي البغدادي.

 

بويع بعد أخيه المكتفي في سنة خمس وتسعين ومئتين وهو ابن ثلاث عشرة سنة وما ولي أحد قبله أصغر منه وانخرم نظام الإمامة في أيامه وصغر منصب الخلافة وقد خلع في أوائل دولته وبايعوا ابن المعتر ثم لم يتم ذلك وقتل ابن المعتز وجماعة ثم إنه خلع ثانياً في سنة سبع عشرة وبذل خطه بعزل نفسه وبايعوا أخاه القاهر ثم بعد ثلاث أعيد المقتدر ثم في المرة الثالثة قتل.


وكان ربعة مليح الوجه أبيض بحمرة نزل الشيب بعارضية وعاش ثمانياً وثلاثين سنة.


قال أبو علي التنوخي كان جيد العقل صحيح الرأي ولكنه كان مؤثراً للشهوات لقد سمعت علي بن عيسى الوزير يقول ما هو إلا أن يترك هذا الرجل يعني المقتدر النبيذ خمسة أيام فكان ربما يكون في أصالة الرأي كالمأمون والمعتضد.


قلت كان منهوماً باللعب والجواري لا يلتفت إلى أعباء الأمور فدخل عليه الداخل ووهن دسته وفارقه مؤنس الخادم مغاضباً إلى الموصل وتملكها وهزم عسكرها في صفر سنة عشرين ووصلت القرامطة إلى الكوفة فهرب أهلها ودخلت الديلم فاستباحوا الدينور ووصل أهلها فرفعوا المصاحف على القصب وضجوا يوم الأضحي من سنة تسع عشرة وأقبلت جيوش الروم وبدعوا وأسروا ثم تجهز نسيم الخادم في عشرة آلاف فارس وعشرة آلاف راجل حتى بلغوا عمورية فقتلوا وسبوا وتم ببغداد الوباء الكبير والقحط حتى سود الشرفاء وجوههم وصاحوا الجوع الجوع وقطع الجلب عنهم مؤنس والقرامطة ولم يحج أحد وتسلل الجيش إلى مؤنس فتهيأ لقصد المقتدر فبرز المقتدر وتخاذل جنده فركب وبيده القضيب وعليه البرد النبوي والمصاحف حوله والقراء وخلفه الوزير الفضل بن الفرات فالتحم القتال وصار المقتدر في الوسط فانكشف جمعه فيرميه بربري بحربة من خلفه فسقط وحز رأسه ورفع على قناة ثم سلب ثم طمر في موضعه وعفي أثره كأن لم يكن لثلاث بقين من شوال سنة عشرين وثلاث مئة.


وكان سمحاً متلافاً للأموال محق ما لا يعد ولا يحصى ومات صافي وتفرد مؤنس بأعباء الأمور  قال محمد بن يوسف القاضي لما تم أمر المقتدر استصباه الوزير العباس وخاض الناس في صغره فعمل الوزير على خلعه وإقامة أخيه محمد ثم إن محمداً وصاحب الشرطة تنازعا في مجلس الوزير فاشتط صاحب الشرطة فاغتاظ محمد كثيراً ففلج لوقته ومات بعد أيام ثم اتفق جماعة على تولية ابن المعتز فأجابهم بشرط أن لا يسفك دم وكان رأسهم محمد بن داود بن الجراح وأبو المثنى أحمد بن يعقوب القاضي والحسين بن حمدان واتفقوا على الفتك بالمقتدر ووزيره وفاتك ففي العشرين من ربيع الأول سنة ست ركب الملأ فشد الحسين على الوزير فقتله فأنكر فاتك فعطف عليه الحسين فقتله وساق إلى المقتدر وهو يلعب بالصوالجة فسمع الضجة فدخل الدار فرد ابن حمدان إلى المخرم فنزل بدار سليمان بن وهب وأتى ابن المعتز وحضر الأمراء والقضاة سوى حاشية المقتدر وابن الفرات وبايعوا عبد الله بن المعتز ولقبوه الغالب بالله فوزر ابن الجراح ونفذت الكتب وبعثوا إلى المقتدر ليتحول من دار الخلافة فأجاب ولم يبق معه سوى غريب خاله ومؤنس الخازن وباكر بن حمدان وطائفة وأحاطوا بالدار ثم اقتتلوا فذهب ابن حمدان إلى الموصل واستظهر خواص المقتدر وخارت قوى ابن المعتز وأصحابه وانهزموا نحو سامرا ثم نزل ابن المعتز عن فرسه وأغمد سيفه واختفى وزيره وقاضيه ونهبت دورهما وقتل المقتدر جماعة من الأعيان ووزر له أبو الحسن علي بن الفرات وأخذ ابن المعتز فقتل سراً وصودر ابن الجصاص فقيل أخذ منه أزيد من ستة آلاف ألف دينار وتضعضع حاله وساس ابن الفرات الأمور وتمكن وانصلح أمر الرعية والتقى الحسين بن حمدان وأخوه أبو الهيجاء عبد الله فانكسر أبو الهيجاء وقدم أخوهما إبراهيم فأصلح حال الحسين وكتب له المقتدر أماناً وقدم فقلد قم وقاشان وقدم صاحب أفريقية زيادة الله الأغلبي وأخذها منه الشيعي وبويع المهدي بالمغرب وظهر أمره وعدل وتحبب إلى الرعية أولاً ووقع بينه وبين داعييه الأخوين فوقع بينهما القتال وعظم الخطب وقتل خلق حتى ظفر بهما وقتلهما وتمكن وبنى المهدية.


وقدم الحسين بن حمدان من قم فولي ديار بكر.


وفي سنة 299 أمسك الوزير بن الفرات وادعى عليه أنه كاتب الأعراب أن يكبسوا بغداد ووزر أبو علي الخاقاني ووردت هدايا من مصر منها خمس مئة ألف دينار وضلع آدمي عرضه شبر وطوله أربعة عشر شبراً وتيس له بز يدر اللبن وقدمت هدايا صاحب ما وراء النهر وهدايا ابن أبي الساج منها بساط رومي طوله سبعون ذراعاً في ستين نسجه الصناع في عشر سنين.


وفي سنة ثلاث مئة عظم الوباء بالعراق ووزر علي بن عيسى بن الجراح وولي القضاء أبو عمر القاضي وفيها ضرب الحلاج ونودي عليه هذا أحد دعاة القرامطة ثم سجن مدة وظهر عنه أنه حلولي وقلد جميع المغرب ولد المقتدر صغير له أربع سنين فاستناب مؤنساً الخادم.


وفي سنة إحدى وثلاث مئة أقبل ابن المهدي صاحب المغرب في أربعين ألفاً براً وبحراً ليملك مصر ووقع القتال غير مرة واستولى العبيدي على الإسكندرية ثم رجع إلى برقة ومات الراسبي أمير فارس فخلف ألف فرس وألف جمل وألف ألف دينار.


وفي سنة اثنتين وثلاث مئة أقبل العبيدي فالتقاه جيش الخليفة فانكسر العبيدي وقتل مقدم جيشه حباسة وغرم الخليفة على ختان أولاده الخمسة ست مئة ألف دينار وقلد المقتدر الجزيرة أبا الهيجاء بن حمدان وأخذت طيئ ركب العراق وهلك الخلق جوعاً وعطشاً.


وفي سنة 303 راسل الوزير ابن الجراح القرامطة وأطلق لهم وتألفهم وكان الجيش مشغولين مع مؤنس بحرب البربر فنزع الطاعة الحسين بن حمدان فسار لحربه رائق فكسره ابن حمدان ثم أقبل مؤنس فالتقى الحسين فأسره وأدخل بغداد على جمل ثم غزا مؤنس بلاد الروم وافتتح حصوناً وعظم شأنه.


وفي سنة أربع عزل ابن الجراح من الوزارة وخرج بأذربيجان يوسف بن أبي الساج فأسره مؤنس بعد حروب.


وفي سنة خمس قدمت رسل طاغية الروم يطلب الهدنة فزينت دور الخلافة وعرض المقتدر جيوشه ملبسين فكانوا مئة وستين ألفاً وكان الخدام سبعة آلاف والحجاب سبع مئة والستور ثمانية وثلاثين ألف ستر ومئة أسد مسلسلة وفي الدهاليز عشرة آلاف جوشن مذهبة.


وفي سنة ست فتح مارستان أم المقتدر أنفق عليه سبع مئة ألف دينار وذبح الحسين بن حمدان في الحبس وأطلق أخوه أبو الهيجاء. وكان قد أعيد إلى الوزارة ابن الفرات فقبض عليه ووزر حامد بن العباس فقدم من واسط وخلفه أربع مئة مملوك في السلاح وولي نظر مصر والشام المادرائي وقرر عليه خراجهما في السنة سوى رزق الجند ثلاثة آلاف ألف دينار واستقل بالأمر والنهي السيدة أم المقتدر وأمرت القهرمانة ثمل أن تجلس بدار العدل وتنظر في القصص فكانت تجلس ويحضر القضاة والأعيان وتوقع ثمل على المراسم.


وفي سنة سبع ولى المقتدر نازوك إمرة دمشق ودخلت القرامطة البصرة فقتلوا وسبوا وأخذ القائم العبيدي الإسكندرية ثانياً ومرض ووقع الوباء في جنده.


وتجمع في سنة ثمان من الغوغاء ببغداد عشرة آلاف وفتحوا السجون وقاتلوا الوزير وولاة الأمور ودام القتال أياماً وقتل عدة ونهبت أموال الناس واختلت أحوال الخلافة جداً ومحقت بيوت الأموال واشتد البلاء بالبربر وكادوا أن يملكوا إقليم مصر وضج الخلق بالبكاء ثم هزمهم المسلمون وسار ثمل الخادم من طرسوس في البحر فأخذ الإسكندرية من البربر.


وفي سنة تسع قتل الحلاج على الزندقة.


وفي سنة 311 عزل حامد و أهلك ووزر ابن الفرات الوزارة الثالثة.


وأخذت في سنة 312 القرامطة ركب العراق وكان فيمن أسروا أبو الهيجاء بن حمدان وعم السيدة والدة الخليفة ثم إن المقتدر سلم ابن الفرات إلى مؤنس فصادره وأهلكه وكان جباراً ظالماً وافتتح عسكر خراسان فرغانة.


وفي سنة 313 نهب القرمطي الكوفة وعزل الخاقاني من الوزارة بأحمد بن الخصيب.


وفي سنة 314 استباحت الروم ملطية بالسيف وقبض على أحمد بن الخصيب ووزر علي بن عيسى وأخذت الروم سميساط وجرت وقعة كبيرة بين القرامطة والعسكر وأسرت القرامطة قائد العسكر يوسف بن أبي الساج ثم أقبل أبو طاهر القرمطي في ألف فارس وسبع مئة راجل وقارب بغداد وكاد أن يملك وضج الخلق بالدعاء وقطعت الجسور مع أن عسكر بغداد كانوا أربعين ألفاً وفيهم مؤنس وأبو الهيجاء بن حمدان وإخوته وقرب القرمطي حتى بقي بينه و بين البلد فرسخان ثم أقبل وحاذى العسكر ونزل عبد يجس المخائض فبقي كالقنفد من النشاب وأقامت القرامطة يومين وترحلوا نحو الأنبار فما جسر العسكر أن يتبعوهم فانظر إلى هذا الخذلان.


قال ثابت بن سنان انهزم معظم عسكر المقتدر إلى بغداد قبل المعاينة لشدة رعبهم ونازل القرمطي هيت مدة فرد إلى البرية.
وفي سنة 316 دخل أبو طاهر القرمطي الرحبة بالسيف ثم قصد الرقة وبدع عمل العظائم واستعفي علي بن عيسى من الوزارة فوزر أبو علي بن مقلة وبنى القرمطي داراً سماها دار الهجرة وكثر أتباعه وكاتبه المهدي من المغرب فدعا إليه وتفاقم البلاء وأقبل الدمستق في ثلاث مئة ألف من الروم فقصد أرمينيه فقتل وسبى واستولى على خلاط. وفى سنة 317 جرت خبطة ببغداد واقتتل الجيش وتم ما لا يوصف وهموا بعزل المقتدر واتفق على ذلك مؤنس وأبو الهيجاء ونازوك وأتوا دار الخلافة فهرب الحاجب والوزير ابن مقلة فأخرج المقتدر وأمه وخالته وحرمه إلى دار مؤنس فأحضروا محمد بن المعتضد من الحريم وكان محبوساً وبايعوه ولقبوه بالقاهر وأشهد المقتدر على نفسه بالخلع وجلس القاهر في دست الخلافة وكتب إلى الأمصار ثم طلب الجيش رسم البيعة ورزق سنة وارتفعت الضجة وهجموا فقتلوا نازوك والخادم عجيباً وصاحوا المقتدر يا منصور فهرب الوزير والحجاب وصار الجند إلى دار مؤنس وطلبوا المقتدر ليعيدوه وأراد أبو الهيجاء الخروج فتعلق به القاهر وقال تسلمني فأخذته الحمية وقال لا والله ودخلا الفردوس وخرجا إلى الرحبة وذهب أبو الهيجاء على فرسه فوجد نازوك قتيلاً وسدت المسالك عليه وعلى القاهر وأقبلت خواص المقتدر في السلاح فدخل أبو الهيجاء كالجمل ثم صاح يال يخلت أأقتل بين الحيطان؟ أين الكميت أين الدهماء؟ فرموه بسهم في ثديه وبآخر في ترقوته فنزع منه الأسهم وقتل واحداً منهم ثم قتلوه وجيء برأسه إلى المقتدر فتأسف عليه وجيء إليه بالقاهر فقبله وقال يا أخي أنت والله لا ذنب لك وهو يبكي ويقول الله في دمي يا أمير المؤمنين وطيف برأس نازوك وأبي الهيجاء ثم أتى مؤنس والقواد والقضاة وبايعوا المقتدر وأنفق في الجند مالاً عظيماً وحج الناس فأقبل أبو طاهر القرمطي ووضع السيف بالحرم في الوفد واقتلع الحجر الأسود وكان في سبع مئة راكب فقتلوا في المسجد أزيد من ألف ولم يقف أحد بعرفة وصاح قرمطي يا حمير أنتم قلتم "ومن دخله كان آمناً" فأين الأمن؟.


وأما الروم فعاثوا في الثغور وفعلوا العظائم وبذل لهم المسلمون الإتاوة.


ووزر في سنة ثمان عشرة للمقتدر سليمان بن الحسن ثم قبض عليه في سنة تسع عشرة واستوزر عبيد الله بن محمد الكلوذاني وظهر مرداويج في الديلم وملكوا الجبل بأسره إلى حلوان وهزموا العساكر ثم عزل الكلوداني بالحسين بن القاسم بن عبيد الله وقلت الأموال على المقتدر وفسد ما بينه وبين مؤنس فذهب مغاضباً إلى الموصل وقبض الوزير على أمواله وهزم مؤنس بني حمدان وتملك الموصل في سنة عشرين وثلاث مئة والتقى والي طرسوس الروم فهزمهم أولاً ثم هزموه.


وفي سنة عشرين وثلاث مئة عزل الوزير الحسين بأبي الفتح بن الفرات ولاطف المقتدر الديلم وبعث بولاية أذربيجان وأرمينية والعجم إلى مرداويج وتسحب أمراء إلى مؤنس وخاف المقتدر وتهيأ للحرب فأقبل مؤنس في جمع كبير وقيل للمقتدر إن جندك لا يقاتلون إلا بالمال وطلب منه مئتا ألف دينار فتهيأ للمضي إلى واسط فقيل له اتق الله ولا تسلم بغداد بلا حرب فتجلد وركب في الأمراء والخاصة والقراء والمصاحف منشورة فشق بغداد وخرج إلى الشماسية والخلق يدعون له وأقبل مؤنس والتحم الحرب ووقف المقتدر على تل فألحوا عليه بالتقدم لينصح جمعه في القتال فاستدرجوه حتى توسط وهو في طائفة قليلة فانكشف جمعه فيرميه بربري فسقط فذبح ورفع رأسه على رمح وسلبوه فسترت عورته بحشيش ثم طم وعفي أثره.


ونقل الصولي أن قاتله غلام لبليق كان من الأبطال تعجب الناس منه مما عمل يومئذ من فنون الفروسية ثم شد على المقتدر بحربته أنفذها فيه فصاح الناس عليه فساق نحو دار الخلافة ليخرج القاهر فصادفه حمل شوك فزحمته إلى قنار لحام فعلقه كلاب وخرج من تحته فرسه في مشواره فحطه الناس وأحرقوه بحمل الشوك.


وقيل كان في دار المقتدر أحد عشر ألف غلام خصيان غير الصقالبة والروم وكان مبذراً للخزائن حتى احتاج وأعطى ذلك لحظاياه وأعطى واحدة الدرة اليتيمة التي كان زنتها ثلاثة مثاقيل وأخذت قهرمانة سبحة جوهر ما سمع بمثلها وفرق ستين حباً من الصيني مملوءة غالية.


قال الصولي كان المقتدر يفرق يوم عرفة من الضحايا تسعين ألف رأس ويقال إنه أتلف من المال ثمانين ألف دينار عثر نفسه بيده.
وأولاده محمد الراضي وإبراهيم المتقي وإسحاق والمطيع فضل وإسماعيل وعيسى وعباس وطلحة.


وقال ثابت بن سنان طبيبه أتلف المقتدر نيفاً وسبعين ألف ألف دينار ولما قتل قدم رأسه إلى مؤنس فندم وبكى وقال والله لنقتلن كلنا وهم بإقامة ولده ثم اتفقوا على أخيه القاهر.

مؤنس

الخادم الأكبر الملقب بالمظفر المعتضدي أحد الخدام الذين بلغوا رتبة الملوك وكان خادماً أبيض فارساً شجاعاً سائساً داهيةً.
ندب لحرب المغاربة العبيدية وولي دمشق للمقتدر ثم جرت له أمور وحارب المقتدر فقتل يومئذ المقتدر فسقط في يد مؤنس وقال كلنا نقتل وكان معظم جند مؤنس يومئذ البربر فرمى واحد منهم بحربته الخليفة فما أخطأه ثم نصب مؤنس في الخلافة القاهر بالله فلما تمكن القاهر قتل مؤنساً وغيره في سنة إحدى وعشرين وبقي مؤنس ستين سنة أميراً وعاش تسعين سنة وخلف أموالاً لا تحصى.

الزبير بن أحمد

ابن سليمان بن عبد الله بن عاصم بن المنذر بن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام العلامة شيخ الشافعية أبو عبد الله القرشي الأسدي الزبيري البصري الشافعي الضرير.
حدث عن محمد بن سنان القزاز وأبي داود وطائفة.
روى عنه أبو بكر النقاش وعمر بن بشران وعلي بن لؤلؤ الوراق وابن بخيت الدقاق وكان من الثقات الأعلام.
وقد تلا على روح بن قرة ورويس ومحمد بن يحيى القطعي ولم يختم على القطعي.
قرأ عليه أبو بكر النقاش وغيره.
وتفقه به طائفة وهو صاحب وجه في المذهب.
قال الشيخ أبو إسحاق كان أعمى وله مصنفات كثيرة مليحة منها الكافي و كتاب النية و كتاب ستر العورة و كتاب الهدية و كتاب الاستشارة والاستخارة و كتاب رياضة المتعلم و كتاب الإمارة.
قلت مات سنة سبع عشر وثلاث مئة وذكرته في موضع آخر أنه مات بالبصرة في صفر سنة عشرين وثلاث مئة وصلى عليه ولده أبو عاصم.

ابن خيران

الإمام شيخ الشافعية أبو علي الحسين بن صالح بن خيران البغدادي الشافعي.
قال القاضي أبو الطيب كان أبو علي بن خيران يعاتب ابن سريج على القضاء ويقول هذا الأمر لم يكن في أصحابنا إنما كان في أصحاب أبي حنيفة.
قال الشيخ أبو إسحاق عرض على ابن خيران القضاء فلم يتقلده وكان بعض وزراء المقتدر وأظن أنه أبو الحسن علي بن عيسى وكل بداره ليلي القضاء فلم يتقلد وخوطب الوزير في ذلك فقال إنما قصدنا التوكيل بداره ليقال كان في زماننا من وكل بداره ليتقلد القضاء فلم يفعل.
وقال ابن زولاق شاهد أبو بكر بن الحداد الشافعي ببغداد سنة عشر وثلاث مئة باب أبي علي بن خيران مسموراً لامتناعه من القضاء وقد استتر قال فكان الناس يأتون بأولادهم الصغار فيقولون لهم انظروا حتى تحدثوا بهذا.
قلت كان ابن الحداد قد سار إلى بغداد يسعى لأبي عبيد بن حربويه في أن يعفى من قضاء مصر.
ولم يبلغني على من اشتغل ولا من روى عنه.
توفي لثلاث عشرة بقيت من ذي الحجة سنة عشرين وثلاث مئة.
وقيل ختم بابه بضعة عشر يوماً ثم أعفي رحمه الله.

تبوك

ابن أحمد بن تبوك بن خالد المعمر أبو محمد السلمي الدمشقي سمع هشام بن عمار ووالده.
وعنه أبو الحسين الرازي والحسن بن محمد بن درستويه.
قال الرازي مات سنة ثلاثين وثلاث مئة.
محمد بن حمدون ابن خالد الحافظ الثبت المجود أبو بكر النيسابوري.
سمع محمد بن يحيى الذهلي وعيسى بن أحمد العسقلاني والربيع بن سليمان ومحمد بن مسلم بن وارة وأبا حاتم وأبا زرعة وسليمان بن سيف الحراني وعباساً الدوري وطبقتهم فأكثر وأتقن وجمع فأوعى.
حدث عنه محمد بن صالح بن هانئ وأبو علي الحافظ وأبو محمد المخلدي وأبو بكر بن مهران المقرئ ومحمد بن الفضل بن خزيمة وعدد كثير.
قال الحاكم كان من الثقات الأثبات الجوالين في الاقطار عاش سبعاً وثمانين سنة.
وقال أبو يعلى الخليلي حافظ كبير سمع أحمد بن حفص وقطن ابن عبد الله وعدة.
وقال الحاكم توفي في ربيع الآخر سنة عشرين وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا أبو روح البزار أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أبو سعيد الطبيب أخبرنا شافع بن محمد الإسفراييني حدثنا محمد بن حمدون الحافظ حدثنا أبو حذافة المدني حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "العلم ثلاثة آية محكمة وسنة قائمة ولا أدري".
فهذا مما نقم على أبي حذافة أحمد بن إسماعيل وصوابه موقوف من قول ابن عمر.

ابن مروان

الإمام الحافظ الثقة الرحال أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك القرشي الأموي الدمشقي. سمع موسى بن عامر المري وشعيب بن شعيب بن إسحاق ويونس بن عبد الأعلى والعباس بن الوليد البيروتي والربيع بن سليمان المرادي ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ومحمد بن سعيد بن أبي قفيز وأحمد بن إبراهيم بن ملاس وعدة فأكثر وجمع وألف.
حدث عنه ولده المحدث أبو عبد الله وأبو الحسين والد تمام وأبو سليمان بن زبر وأبو هاشم المؤدب وحميد بن الحسن الوراق وأبو بكر بن المقرئ وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي وآخرون.
مات في رجب سنة تسع عشرة وثلاث مائة وقد قارب التسعين.

محمد بن إبراهيم

ابنه العدل الرئيس الأمين أبو عبد الله القرشي الدمشقي الذي انتقى عليه الحافظ ابن مندة تلك الأجزاء.
سمع أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة وزكريا السجزي خياط السنة وإسماعيل بن قيراط وأبا علاثة المصري وأنس بن السلم وأحمد بن إبراهيم البسري وطبقتهم.
حدث عنه ابن مندة وتمام الرازي وعبد الوهاب الميداني وعبد الرحمن بن أبي نصر والخصيب بن عبد الله القاضي وأبو الحسن بن السمسار وآخرون وأملى بجامع دمشق.
قال الكتاني كان ثقة مأموناً جواداً انتقى عليه ابن مندة ثلاثين جزءاً.
مات في شوال سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة وكان من المعمرين.

أبو هاشم

عبد السلام بن الأستاذ أبي علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي المعتزلي من كبار الأذكياء.
أخذ عن والده.
وله كتاب الجامع الكبير و كتاب العرض و كتاب المسائل العسكرية وأشياء.
توفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة وله عدة تلامذة.

ابن عتاب

المحدث المتقن الثقة أبو العباس عبد الله بن عتاب بن أحمد بن كثير البصري الأصل الدمشقي ابن الزفتي.
سمع هشام بن عمار وعيسى بن حماد زغبة وهارون بن سعيد الأيلي ودحيماً وأحمد بن أبي الحواري وطائفة.
حدث عنه علي بن عمرو الحريري وأبو سليمان بن زبر وشافع بن محمد الإسفراييني وأبو أحمد الحاكم وعبد الوهاب الكلابي وآخرون وكان أسند من بقي بدمشق.
ولد سنة أربع وعشرين ومئتين.
قال أبو أحمد الحافظ رأيناه ثبتاً.
قلت له مزرعة قبلي المصلى.
ومات في رجب سنة عشرين وثلاث مئة.

ابن زياد النيسابوري

الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون النيسابوري مولى أمير المؤمنين عثمان بن عفان الأموي الحافظ الشافعي صاحب التصانيف.
تفقه بالمزني والربيع وابن عبد الحكم وسمع منهم ومن محمد بن يحيى الذهلي وأحمد بن يوسف السلمي ويونس بن عبد الأعلى وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب وأبي زرعة الرازي والعباس بن الوليد العذري ومحمد بن عزيز الأيلي وابن وارة وابن حاتم وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر وبكار بن قتيبة وأبي بكر الصاغاني وخلق كثير من طبقتهم وبرع في العلمين الحديث والفقه وفاق الأقران.
أخذ عنه موسى بن هارون الحافظ وهو أكبر منه بل من شيوخه وروى عنه ابن عقدة وأبو إسحاق بن حمزة وحمزة بن محمد الكناني وابن المظفر والدارقطني وابن شاهين وأبو حفص الكتاني وعبيد الله بن أحمد الصيدلاني وإبراهيم بن عبد الله بن خرشيذ قوله وخلق سواهم.
قال أبو عبد الله الحاكم كان إمام الشافعيين في عصره بالعراق ومن أحفظ الناس للفقهيات واختلاف الصحابة سمع بنيسابور والعراق ومصر والشام والحجاز.
قال البرقاني سمعت الدارقطني يقول ما رأيت أحداً أحفظ من أبي بكر النيسابوري.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي سألت الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري فقال لم نر مثله في مشايخنا لم نر أحفظ منه للأسانيد والمتون وكان أفقه المشايخ وجالس المزني والربيع وكان يعرف زيادات الألفاظ في المتون ولما قعد للتحديث قالوا حدث قال بل سلوا فسئل عن أحاديث فأجاب فيها وأملاها ثم بعد ذلك ابتدأ فحدث.
قال أبو الفتح يوسف القواس سمعت أبا بكر النيسابوري يقول تعرف من أقام أربعين سنة لم ينم الليل ويتقوت كل يوم بخمس حبات ويصلي صلاة الغداة على طهارة عشاء الآخرة ثم قال أنا هو وهذا كله قبل أن أعرف أم عبد الرحمن أيش أقول لمن زوجني ثم قال ما أراد إلا الخير.
قلت قد كان أبو بكر من الحفاظ المجودين.
مات في شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثلاث مئة عن بضع وثمانين سنة. قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق المؤيد بمصر أخبركم الفتح بن عبد السلام ببغداد أخبرنا هبة الله بن الحسين الحاسب وأجاز لنا ابن أبي عمر وأبو زكريا بن الصيرفي قالا أخبرنا أبو الفتوح محمد بن علي التاجر سنة ثمان وست مئة أخبرنا هبة الله الحاسب أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور حدثنا عيسى بن علي إملاء حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد حدثنا محمد بن يحيى ومحمد بن إشكاب قالا حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن حبيب بن الشهيد عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال قال عمر "علي أقضانا وأبي أقرؤنا".
قال أبو إسحاق ولابن زياد كتاب زيادات كتاب المزني.
قال الدارقطني كنا نتذاكر فسألهم فقيه من روى "وجعلت تربتها لنا طهوراً" فقام الجماعة إلى أبي بكر بن زياد فسألوه فساق الحديث في الحال من حفظه.

أبو طالب

الحافظ المتقن الإمام محدث بغداد أبو طالب أحمد بن نصر بن طالب البغدادي.
سمع عباس بن محمد بن الدوري وإسحاق الدبري وإبراهيم بن برة الصنعاني ويحيى بن عثمان بن صالح وأحمد بن ملاعب وطبقتهم.
حدث عنه أبو عمر بن حيويه ومحمد بن المظفر وأبو الحسن الدارقطني وآخرون.
وكان الدارقطني يقول أبو طالب الحافظ أستاذي.
حدث عنه أبو طاهر المخلص.
مات في رمضان سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة من أبناء السبعين.
قال الخطيب كان ثقة ثبتاً.
روى عنه من الكبار عبد الله بن زيدان البجلي.
وله تاريخ مفيد.

علي بن الفضل

البلخي أحد الحفاظ الكبار الأثبات.
حدث عن أبي حاتم الرازي وأحمد بن سيار ومحمد بن الفضل وأبي قلابة الرقاشي وطبقتهم.
روى عنه ابن المظفر والدارقطني وعمر بن شاهين وغيرهم.
توفي ببغداد في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمئة.
وهو علي بن الفضل بن نصر يكنى أبا الحسن وممن حدث عنه أبو الفتح القواس وعبد الله بن عثمان الصفار.
قال الخطيب كان ثقة حافظاً جوالاً في طلب الحديث صاحب غرائب.
قلت حديثه في أفراد الدارقطني.
قال الدارقطني هو ثقة حافظ.
وقال أبو بكر بن شاذان توفي سنة ثلاث وعشرين.

وكيل أبي صخرة

المحدث الصدوق أبو بكر أحمد بن عبد الله البغدادي النحاس وكيل أبي صخرة.
ولد سنة سبع وثلاثين ومئتين.
وسمع أبا حفص الفلاس وزيد بن أخزم وأحمد بن بديل وجماعة.
حدث عنه الدارقطني وابن شاهين وعمر بن إبراهيم الكتاني وآخرون.
وثق ومات في سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.

مكي بن عبدان

ابن محمد بن بكر بن مسلم المحدث الثقة المتقن أبو حاتم التميمي النيسابوري.
سمع عبد الله بن هاشم ومحمد بن يحيى الذهلي وأحمد بن حفص وأحمد بن يوسف السلمي وعمار بن رجاء ومسلم صاحب الصحيح وجماعة.
حدث عنه أبو علي بن الصواف وعلي بن عمر الحربي وأبو أحمد الحاكم وأبو بكر الجوزقي ويحيى بن إسماعيل الحربي.
قال الحافظ أبو علي النيسابوري ثقة مأمون مقدم على أقرانه من المشايخ.
قلت وقد حدث عنه من القدماء أبو العباس بن عقدة.
مات في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاث مئة وصلى عليه أبو حامد بن الشرقي وعاش بضعا وثمانين سنة رحمه الله.

الهاشمي

الأمير المسند الصدوق أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى ابن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي البغدادي كان أبوه أمير الحاج مدة.
فأسمع هذا من أبي مصعب الزهري كتاب الموطأ ومن أبي سعيد الأشج وعبيد بن أسباط وجماعة بالكوفة ومن الحسين بن الحسن المروزي صاحب ابن المبارك ومن محمد بن الوليد البسري ومحمد بن عبد الله الأزرقي وخلاد بن أسلم وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي.
حدث عنه الدارقطني وأبو حفص بن شاهين وابن المقرئ وزاهر بن أحمد الفقيه وأحمد بن محمد بن الصلت المجبر وآخرون.
قال الدارقطني سمعت القاضي محمد بن أم شيبان يقول رأيت على ظهر الموطأ المسموع من أبي مصعب سماعاً قديماً صحيحاً سمع الأمير عبد الصمد بن موسى الهاشمي وابنه إبراهيم.
وقال حمزة السهمي سمعت أبا الحسن بن لؤلؤ يقول رحلت إلى سامراء إلى إبراهيم بن عبد الصمد لأسمع الموطأ فلم أر له أصلاً صحيحاً فتركت ولم أسمع منه.
توفي بسامراء في أول المحرم سنة خمس وعشرين وثلاث مئة عن بضع وتسعين سنة. وقد أملى عدة مجالس في سنة أربع سمعها ابن الصلت منه.
ومات معه أبو مزاحم الخاقاني المقرئ ومكي بن عبدان وأبو بكر وكيل أبي صخرة وأبو حامد بن الشرقي وأبو الغمر عبيدون بن محمد الجهني الأندلسي يروي عن يونس بن عبد الأعلى وأبو العباس الدغولي وعمر بن علك المروزي.

المحاربي

الشيخ المحدث المعمر أبو عبد الله محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي الكوفي السوداني.
روى عن أبي كريب محمد بن العلاء وهو آخر أصحابه وسفيان بن وكيع وهشام بن يونس وحسين بن نصر بن مزاحم وطائفة.
حدث عنه الدارقطني ومحمد بن عبد الله الجعفي وجماعة.
قال ابن حماد الحافظ توفي في صفر سنة ست وعشرين وثلاث مئة قال ما رؤي له أصل قط وحضرت مجلسه وكان ابن سعيد يقرأ عليه كتاب النهي عن حسين بن نصر بن مزاحم قال وكان يؤمن بالرجعة.
ومات معه عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن حجاج الرشديني وأبو ذر أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي.

الوراق

المحدث الإمام الحجة أبو علي إسماعيل بن العباس بن عمر بن مهران البغدادي الوراق.
سمع الحسن بن عرفة والزبير بن بكار وعلي بن حرب وطبقتهم.
حدث عنه ولده أبو بكر محمد والدارقطني وعيسى بن الوزير وأبو طاهر المخلص وآخرون.
وثقه الدارقطني.
وتوفي راجعاً من الحج في الطريق في المحرم سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة وقد نيف على الثمانين.
أخبرنا الأبرقوهي أخبرنا الفتح أخبرنا هبة الله أخبرنا ابن النقور حدثنا عيسى بن علي أخبرنا إسماعيل الوراق حدثنا الحسن بن عرفة حدثني المحاربي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك" رواه الترمذي عن ابن عرفة.

نفطويه

الإمام الحافظ النحوي العلامة الأخباري أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان العتكي الأزدي الواسطي المشهور بنفطويه صاحب التصانيف.
سكن بغداد وحدث عن إسحاق بن وهب العلاف وشعيب بن أيوب الصريفيني ومحمد بن عبد الملك الدقيقي وأحمد بن عبد الجبار العطاردي وداود بن علي وعدة وأخذ العربية عن محمد بن الجهم وثعلب والمبرد وتفقه على داود.
حدث عنه المعافى بن زكريا وأبو بكر بن شاذان وأبو عمر بن حيويه وأبو بكر بن المقرئ وآخرون.
ولد سنة أربع وأربعين ومئتين.
وكان متضلعاً من العلوم ينكر الاشتقاق ويحيله ومن محفوظه نقائض جرير والفرزدق وشعر ذي الرمة خلط نحو الكوفيين بنحو البصريين وصار رأسا في رأي أهل الظاهر.
وكان ذا سنة ودين وفتوة ومروءة وحسن خلق وكيس وله نظم ونثر.
صنف غريب القرآن و كتاب المقنع في النحو و كتاب البارع و تاريخ الخلفاء في مجلدين وأشياء.
مات في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
وكان محمد بن زيد الواسطي المتكلم يؤذيه وهجاه فقال:

من سره أن لا يرى فاسقـاً

 

فليجتنب من أن يرى نفطويه

أحرقه الله بنصف اسـمـه

 

وصير الباقي صراخاً عليه

وقال أيضاً من أراد أن يتناهى في الجهل فليعرف الكلام على مذهب الناشئ والفقة على مذهب داود والنحو على مذهب سيبويه ثم يقول وقد جمع هذه المذاهب نفطويه فإليه المنتهى.

بن المغلس

الإمام العلامة فقيه العراق أبو الحسن عبد الله بن المحدث أحمد ابن محمد المغلس البغدادي الداودي الظاهري صاحب التصانيف.
حدث عن جده وجعفر بن محمد بن شاكر وأبي قلابة الرقاشي وإسماعيل القاضي وطبقتهم وتفقه على أبي بكر محمد بن داود وبرع وتقدم.
أخذ عنه أبو المفضل الشيباني ونحوه.
وعنه انتشر مذهب الظاهرية في البلاد وكان من بحور العلم حمل عنه تلميذه حيدرة بن عمر والقاضي عبد الله بن محمد بن أخت وليد قاضي مصر والفقيه علي بن خالد البصري وطائفة.
وله من التصانيف كتاب أحكام القرآن و كتاب الموضح في الفقه و كتاب المبهج و كتاب الدامغ في الرد على من خالفه وغير ذلك.
مات في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة عن نيف وستين سنة.

ابن مرداس

المحدث الثقة أبو عبد الله الحسن بن علي بن الحسين بن مرداس التميمي الهمذاني ابن أبي الحتي حدث عن محمد بن عبيد الهمداني والمرار بن حمويه وأحمد بن بديل وأبي عبد الله بن عصام وعدة.
قال صالح سمعت منه مع أبي وهو صدوق. مات في ربيع الأول سنة 322.

القمودي

الإمام زاهد المغرب أبو جعفر القمودي السوسي.
كان سيداً عابداً منقطع القرين عبد ربه حتى صار كالشن البالي.
وكان يضرب به المثل وكان من أحلم الناس يدعو لمن يؤذيه سكن سوسة وعمر وعاش أربعاً وتسعين سنة وخلف ولدين لا بل ماتا قبله.
مات بسوسة في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثلاث مئة رحمه الله.
وله ترجمة في ورقات في أحواله ومناقبه.

ابن فطيس

الإمام العلامة الحافظ الناقد أبو عبد الله محدث الأندلس محمد ابن فطيس بن واصل بن عبد الله الغافقي الأندلسي الإلبيري.
مولده سنة تسع وعشرين ومئتين.
وسمع أبان بن عيسى ومحمد بن أحمد العتبي الفقيه وابن مزين من علماء الأندلس.
قال ابن الفرضي في تاريخه ارتحل سنة سبع وخمسين ومئتين.
فسمع من يونس بن عبد الأعلى وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وأخذ بإفريقية عن أحمد بن عبد الله العجلي الحافظ وشجرة بن عيسى ويحيى بن عون وأكثر عن أهل الحرم ومصر والقيروان وتفقه بالمزني وأدخل الأندلس علماً غزيراً.
وكان بصيراً بفقه مالك وكان يقول لقيت في رحلتي مئتي شيخ ما رأيت فيهم مثل ابن عبد الحكم.
قال ابن الفرضي وغيره صارت إليه الرحلة من البلاد وعمر دهراً وصنف كتاب الروع والأهوال و كتاب الدعاء وكان ضابطاً نبيلاً صدوقاً.
حدثنا عنه غير واحد وتوفي في شوال سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
قلت عمر تسعين عاماً.

محمد بن حمدويه

ابن سهل الإمام الحافظ المتقن أبو نصر المروزي الفازي بالفاء من أهل قرية فاز وبعضهم يقول الغازي.
يروي عن سليمان بن معبد السنجي ومحمود بن آدم وسعيد بن مسعود وأبي الموجه محمد بن عمرو وعبد الله بن عبد الوهاب وطبقتهم.
حدث بمرو وببغداد.
روى عنه أبو عمرو بن حيويه والدارقطني ويوسف القواس وأبو إسحاق المزكي ومحمد بن أحمد السليطي ومحمد بن الحسين العلوي وأبو أحمد بن جامع الدهان وآخرون.
قال البرقاني حدثنا الدارقطني قال حدثنا محمد بن حمدويه المروزي وعلي بن الفضل بن طاهر ثقتان نبيلان حافظان.
قلت يقال مات أبو نصر الفازي الغازي المطوعي سنة سبع وعشرين والأصح وفاته على ما نقله الحافظ غنجار أنه سمع عثمان بن محمد بن حمدويه المروزي يقول توفي أبي بمرو سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا عبد الرحيم بن السمعاني أخبرنا عمر بن أحمد الصفار أخبرنا موسى بن عمران الصوفي أخبرنا محمد بن الحسين العلوي أخبرنا أبو نصر محمد بن حمدويه الغازي حدثنا محمود بن آدم المروزي حدثنا سفيان عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل قال قال حذيفة لعبد الله عكوفاً بين دارك ودار أبي موسى وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة" فقال عبد الله لعلك نسيت وحفظوا وأخطأت وأصابوا صحيح غريب عال.

برداعس

الإمام الحافظ الناقد أبو بكر محمد بن بركة بن الحكم بن إبراهيم اليحصبي القنسريني الحلبي ولقبه برداعس.
حدث عن أحمد بن شيبان صاحب ابن عيينة ومحمد بن عوف.
الحمصي ويوسف بن سعيد بن مسلم وهلال بن العلاء وأمثالهم.
حدث عنه عثمان بن خرزاذ أحد شيوخه وأبو سليمان بن زبر وأبو بكر الربعي وأبو أحمد بن عدي والميانجي وابن المقرئ وعلي بن محمد بن إسحاق الحلبي وأبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد وخلق سواهم.
قال ابن ماكولا كان حافظاً.
وقال أبو أحمد الحاكم رأيته حسن الحفظ.
وروى حمزة السهمي عن الدارقطني قال هو ضعيف.
توفي برداعس سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا جماعة إجازة عن المؤيد بن الأخوة أخبرنا سعد بن أبي الرجاء أخبرنا أبو طاهر الثقفي ومنصور بن الحسين قالا أخبرنا أبو بكر بن المقرئ حدثنا محمد بن بركة أبو بكر الحافظ حدثنا أحمد بن هاشم الأنطاكي حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي".
وفيها مات أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي والوزير أبو الفتح الفضل بن جعفر بن حنزابة والحافظ أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي وأبو محمد بن أبي حاتم الإمام وأبو نصر محمد بن حمدويه المروزي الفازي.

أحمد بن بقي

ابن مخلد أبو عمر القرطبي.
كبير علماء الأندلس وقاضي قرطبة.
قال القاضي عياض سمع أباه خاصة.
وقال ابن عبد البر كان وقوراً حليماً كثير التلاوة ليلاً ونهاراً قوي المعرفة باختلاف العلماء ولي القضاء عشرة أعوام ما ضرب فيها فيما قيل سوى واحد مجمع على فسقه وكان يتوقف ويتثبت ويقول التأني أخلص إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أشكل عليه أمر حديث حويصة ومحيصة ودى القتيل من عنده.
وكان الناصر لدين الله يحترمه ويبجله.
توفي على القضاء سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
قلت وفي ذريته أئمة وفضلاء آخرهم أبو القاسم أحمد بن بقي بقي إلى سنة خمس وعشرين وست مئة.

أبو صالح

هو الزاهد العابد شيخ الفقراء بدمشق أبو صالح مفلح صاحب المسجد الذي بظاهر باب شرقي وبه يعرف وقد صار ديراً للحنابلة.
صحب أبا بكر بن سيد حمدويه.
حكى عنه موحد بن إسحاق وعلي بن القجة ومحمد بن داود الدقي.
وقد ساح بلبنان في طلب العباد وحكى أنه رأى في جبل اللكام فقيراً عليه مرقعة فقال ما تصنع هنا قال أنظر وأرعى قلت ما أرى بين يديك شيئاً قال فتغير وقال أنظر خواطري وأرعى أوامر ربي مات سنة ثلاثين وثلاث مئة قاله ابن زبر في الوفيات.

الأشعري

العلامة إمام المتكلمين أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أمير البصرة بلال بن أبي بردة بن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي موسى عبد الله بن قيس بن حضار الأشعري اليماني البصري.
مولده سنة ستين ومئتين وقيل بل ولد سنة سبعين.
وأخذ عن أبي خليفة الجمحي وأبي علي الجبائي وزكريا الساجي وسهل بن نوح وطبقتهم يروي عنهم بالإسناد في تفسيره كثيراً.
وكان عجباً في الذكاء وقوة الفهم ولما برع في معرفة الاعتزال كرهه وتبرأ منه وصعد للناس فتاب إلى الله تعالى منه ثم أخذ يرد على المعتزلة ويهتك عوارهم.
قال الفقيه أبو بكر الصيرفي كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى نشأ الأشعري فحجرهم في أقماع السمسم.
وعن ابن الباقلاني قال أفضل أحوالي أن أفهم كلام الأشعري.
قلت رأيت لأبي الحسن أربعة تواليف في الأصول يذكر فيها قواعد مذهب السلف في الصفات وقال فيها تمر كما جاءت ثم قال وبذلك أقول وبه أدين ولا تؤول.
قلت مات ببغداد سنة أربع وعشرين وثلاث مئة حط عليه جماعة من الحنابلة والعلماء وكل أحد فيؤخذ من قوله ويترك إلا من عصم الله تعالى اللهم اهدنا وارحمنا.
ولأبي الحسن ذكاء مفرط وتبحر في العلم وله أشياء حسنة وتصانيف جمة تقضي له بسعة العلم أخذ عنه أئمة منهم أبو الحسن الباهلي وأبو الحسن الكرماني وأبو زيد المروزي وأبو عبد الله بن مجاهد البصري وبندار بن الحسين الشيرازي وأبو محمد العراقي وزاهر بن أحمد السرخسي وأبو سهل الصعلوكي وأبو نصر الكواز الشيرازي.
قال أبو الحسن الأشعري في كتاب العمد في الرؤية له صنفت الفصول في الرد على الملحدين وهو اثنا عشر كتابا و كتاب الموجز و كتاب خلق الأعمال و كتاب الصفات وهو كبير تكلمنا فيه على أصناف المعتزلة والجهمية و كتاب الرؤية بالأبصار و كتاب الخاص والعام و كتاب الرد على المجسمة و كتاب إيضاح البرهان و كتاب اللمع في الرد على أهل البدع و كتاب الشرح والتفصيل و كتاب النقض على الجبائي و كتاب النقض على البلخي و كتاب جمل مقالات الملحدين وكتابا في الصفات هو أكبر كتبنا نقضنا فيه ما كنا ألفناه قديماً فيها على تصحيح مذهب المعتزلة.
لم يؤلف لهم كتاب مثله ثم أبان الله لنا الحق فرجعنا وكتابا في الرد على ابن الراوندي و كتاب القامع في الرد على الخالدي و كتاب أدب الجدل و كتاب جواب الخراسانية و كتاب جواب السيرافيين و جواب الجرجانيين و كتاب المسائل المنثورة البغدادية و كتاب الفنون في الرد على الملحدين و كتاب النوادر في دقائق الكلام و كتاب تفسير القرآن وسمى كتباً كثيرة سوى ذلك ثم صنف بعد العمد كتباً عدة سماها ابن فورك هي في تبيين كذب المفتري. رأيت للأشعري كلمة أعجبتني وهي ثابتة رواها البيهقي سمعت أبا حازم العبدوي سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد دعاني فأتيته فقال اشهد علي أني لا أكفر أحداً من أهل القبلة لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد وإنما هذا كله اختلاف العبارات.
قلت وبنحو هذا أدين وكذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول أنا لا أكفر أحداً من الأمة ويقول قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحافظ عى الوضوء إلا مؤمن" فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم.
وقد ألف الاهوازي جزءاً في مثالب ابن أبي بشر فيه أكاذيب وجمع أبو القاسم في مناقبه فوائد بعضها أيضاً غير صحيح وله المناظرة المشهورة مع الجبائي في قولهم يجب على الله أن يفعل الأصلح فقال الأشعري بل يفعل ما يشاء فما تقول في ثلاثة صغار: مات أحدهم وكبر اثنان فآمن أحدهم وكفر الآخر فما العلة في اخترام الطفل؟ قال لأنه تعالى علم أنه لو بلغ لكفر فكان اخترامه أصلح له قال الأشعري فقد أحيا أحدهما فكفر قال إنما أحياه ليعرضه أعلى المراتب قال الأشعري فلم لا أحيا الطفل ليعرضه لأعلى المراتب؟ قال الجبائي وسوست قال لا والله ولكن وقف حمار الشيخ.
وبلغنا أن أبا الحسن تاب وصعد منبر البصرة وقال إني كنت أقول بخلق القرآن وأن الله لا يرى بالأبصار وأن الشر فعلي ليس بقدر وإني تائب معتقد الرد على المعتزلة.
وكان فيه دعابة ومزح كثير قاله ابن خلكان.
وألف كتباً كثيرة وكان يقنع باليسير وله بعض قرية من وقف جدهم الأمير بلال بن أبي بردة.
ويقال: بقي إلى سنة ثلاثين وثلاث مئة.

البربهاري

شيخ الحنابلة القدوة الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري الفقيه.
كان قوالاً بالحق داعية إلى الأثر لا يخاف في الله لومة لائم.
صحب المروذي وصحب سهل بن عبد الله التستري.
فقيل إن الأشعري لما قدم بغداد جاء إلى أبي محمد البربهاري فجعل يقول رددت على الجبائي رددت على المجوس وعلى النصارى فقال أبو محمد لا أدري ما تقول ولا نعرف إلا ما قاله الإمام أحمد فخرج وصنف الإبانة فلم يقبل منه.
ومن عبارة الشيخ البربهاري قال احذر صغار المحدثات من الأمور فإن صغار البدع تعود كباراً فالكلام في الرب عز وجل محدث وبدعة وضلالة فلا نتكلم فيه إلا بما وصف به نفسه ولا نقول في صفاته لم؟ ولا كيف؟ والقرآن كلام الله وتنزيله ونوره ليس مخلوقاً والمراء فيه كفر.
قال ابن بطة سمعت البربهاري يقول المجالسة للمناصحة فتح باب الفائدة والمجالسة للمناظرة غلق باب الفائدة.
وسمعته يقول لما أخذ الحجاج يا قوم إن كان يحتاج إلى معونة مئة ألف دينار ومئة ألف دينار ومئة ألف دينار خمس مرات عاونته ثم قال ابن بطة لو أرادها لحصلها من الناس.
قال أبو الحسين بن الفراء كان للبربهاري مجاهدات ومقامات في الدين وكان المخالفون يغلظون قلب السلطان عليه ففي سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة أرادوا حبسه فاختفى وأخذ كبار أصحابه وحملوا إلى البصرة فعاقب الله الوزير ابن مقلة وأعاد الله البربهاري إلى حشمته وزادت وكثر أصحابه فبلغنا أنه اجتاز بالجانب الغربي فعطس فشمته أصحابه فارتفعت ضجتهم حتى سمعها الخليفة فأخبر بالحال فاستهولها ثم لم تزل المبتدعة توحش قلب الراضي حتى نودي في بغداد لا يجتمع اثنان من أصحاب البربهاري فاختفى وتوفي مستتراً في رجب سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة فدفن بدار أخت توزون فقيل إنه لما كفن وعنده الخادم صلى عليه وحده فنظرت هي من الروشن فرأت البيت ملآن رجالاً في ثياب بيض يصلون عليه فخافت وطلبت الخادم فحلف أن الباب لم يفتح.
وقيل إنه ترك ميراث أبيه تورعاً وكان سبعين ألفاً.
قال ابن النجار روى عنه أبو بكر محمد بن محمد بن عثمان وابن بطة وأبو الحسين بن سمعون فروي عن ابن سمعون أنه سمع البربهاري يقول رأيت بالشام راهباً في صومعة حوله رهبان يتمسحون بالصومعة فقلت لحدث منهم بأي شيء أعطي هذا؟ قال سبحان الله متى رأيت الله يعطي شيئاً على شيء؟ قلت هذا يحتاج إلى إيضاح فقد يعطي الله عبده بلا شيء وقد يعطيه على شيء لكن الشيء الذي يعطيه الله عبده ثم يثيبه عليه هو منه أيضاً قال تعالى "وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله". وفي تاريخ محمد بن مهدي أن في سنة ثلاث وعشرين أوقع بأصحاب البربهاري فاستتر وتتبع أصحابه ونهبت منازلهم وعاش سبعاً وسبعين سنة وكان في آخر عمره قد تزوج بجارية.

عبد الله بن أحمد

ابن يوسف بن محمد بن حيان الإمام الحافظ البارع أبو محمد الهاشمي الجعفري مولاهم الهمذاني أحد الأعلام إمام جامع همذان.
حدث عن محمد بن عمران بن حبيب وإبراهيم بن ديزيل وأحمد بن عبيد الله النرسي وعبيد بن شريك البزار ومحمد بن إدريس بن الجنيد الحافظ وعلي بن عبد العزيز البغوي ويحيى بن عبد الله الكرابيسي والحسين بن الحكم الكوفي وطبقتهم.
روى عنه: القاسم بن أبي صالح وأبو عمران موسى بن سعيد والقدماء.
ذكره صالح بن أحمد فقال روى عنه الكبار وحضرت مجلسه ولم أعتد بذلك وكان ثقة صدوقاً حافظاً فاضلاً ورعاً يحسن هذا الشأن.
سمعت القاسم بن أبي صالح يقول: سمعت زيد بن نشيط يقول ما أشبه حفظ هذا الصبي إلا بحفظ المشايخ القدماء.
وقال أبو قطن: كان عبد الله الذهب المصفى لم يكن ببلدنا في أيامه أحفظ منه.
قال صالح مات سنة خمس عشرة وثلاث مئة وصليت عليه رحمه الله.
قلت: توفي قبل أوان الرواية فلم ينشر له كبير شيء رحمه الله.

الخاقاني

الإمام المقرىء المحدث أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان الخاقاني الحافظ البغدادي ولد الوزير وأخو الوزير.
سمع عباساً الدوري وأبا قلابة الرقاشي وأبا بكر المروذي وطبقتهم.
وكان حاذقاً بحرف الكسائي تلا به على الحسن بن عبد الوهاب تلميذ الدوري.
تلا عليه أحمد بن نصر الشذائي وأبو الفرج الشنبوذي وغيرهما.
وروى عنه أبو بكر الآجري وابن أبي هاشم وأبو عمر بن حيويه وابن شاهين والمعافى الجريري وآخرون.
وجمع وصنف وجمع في التجويد وغير ذلك.
قال الخطيب: كان ثقة من أهل السنة مات في ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
وقد ذكرته في طبقات القراء.

تكين

الملك أبو منصور تكين الخاصة التركي الخزري المعتضدي.
ولي مصر سنة سبع وتسعين ومئتين فأقام بها خمس سنين في رفعة وارتقاء ثم ولي دمشق خمس سنين أيضاً ثم أعيد إلى ولاية ديار مصر ثم عزل ثم أعيد فوليها للقاهر بالله إلى أن مات بمصر في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة وكان ذا هيبة وشجاعة.
روى عن: يوسف بن يعقوب القاضي.
حدث عنه: علي بن أحمد المادرائي الوزير ونقل فدفن ببيت المقدس.

ابن دريد

العلامة شيخ الأدب أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي البصري صاحب التصانيف تنقل في فارس وجزائر البحر يطلب الآداب ولسان العرب ففاق أهل زمانه ثم سكن بغداد وكان أبوه رئيساً متمولاً ولأبي بكر شعر جيد.
حدث عن أبي حاتم السجستاني وأبي الفضل الرياشي وابن أخي الأصمعي وتصدر للإفادة زماناً.
أخذ عنه: أبو سعيد السيرافي وأبو بكر شاذان وأبو الفرج الأصبهاني وأبو عبيد الله المرزباني وإسماعيل بن ميكال وعيسى بن الوزير وطائفة.
قال أحمد بن يوسف الأزرق: ما رأيت أحفظ من ابن دريد ولا رأيته قرئ عليه ديوان قط إلا وهو يسابق إلى روايته يحفظ ذلك.
قلت: كان آية من الآيات في قوة الحفظ.
قال ابن شاهين: كنا ندخل عليه فنستحيي مما نرى من العيدان والشراب وقد شاخ.
وقال أبو منصور الأزهري: دخلت فرأيته سكران فلم أعد إليه.
وقال الدارقطني: تكلموا فيه وقال أبو بكر الأسدي كان يقال ابن دريد أعلم الشعراء وأشعر العلماء.
قلت توفي في شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة وله ثمان وتسعون سنة عفا الله عنه.
ورثاه جحظة فقال:

فقدت بـابـن دريد كـل فـائدة

 

لما غدا ثالث الأحجار والتـرب

وكنت أبكي لفقد الجود منفـرداً

 

فصرت أبكي لفقد الجود والأدب

القاهر بالله

الخليفة أبو منصور محمد بن المعتضد بالله أحمد بن الموفق طلحة بن المتوكل.
استخلف سنة عشرين وثلاث مئة وقت مصرع أخيه المقتدر.
وكان أسمر مربوعاً أصهب الشعر طويل الأنف فيه شر وجبروت وطيش. وقد كان المقتدر خلع في سنة سبع عشرة وثلاث مئة فبايعوا القاهر هذا وحكم ثم تعصب أصحاب المقتدر له وأعيد بعد قتل جماعة منهم أبو الهيجاء بن حمدان وعفا المقتدر عن أخيه وحضر بين يديه باكياً فقال يا أخي أنت لا ذنب لك ثم بايعوه بعد المقتدر فصادر حاشية أخيه وعذبهم وضرب أم المقتدر بيده وهي عليلة ثم ماتت معلقة بحبل وعذب أم موسى القهرمانة وبالغ في الإساءة فنفرت منه القلوب وطلب ابن مقلة من الأهواز واستوزره وكان قد نفي.
ولم يكن القاهر متمكناً من الأمور وحكم عليه علي بن بليق الرافضي الذي عزم على سب معاوية رضي الله عنه على المنابر.
فارتجت العراق وقبض على شيخ الحنابلة البربهاري ثم قوي القاهر ونهب دور مخالفيه وطين على ولد أخيه المكتفي بين حيطين وضرب ابن بليق وسجنه ثم أمر بذبحه وبذبح أبيه وذبح بعدهما مؤنساً الكبير ويمناً وابن زيرك وبذل للجند العطاء وعظم شأنه ونادى بتحريم الغناء والخمر وكسر الملاهي وهو مع ذلك يشرب المطبوخ والسلاف ويسكر ويسمع القينات واستوزر غير واحد وقتل أبا السرايا بن حمدان وإسحاق النوبختي ألقاهما في بئر وطمت لكونهما زايداه في جارية قبل الخلافة وبقي ابن مقلة في اختفائه يراسل الجند ويشغبهم على القاهر ويخرج متنكراً في زي عجمي وفي زي شحاذ وأعطى منجماً ذهباً ليقول للقواد عليكم قطع من القاهر ويعطي دنانير لمعبري الأحلام فإذا قص سيما مناماً خوفوه من القاهر جداً وكان رأس الساجية فأضمر الشر فانتدب طائفة لاغتياله وبكروا وكان نائماً به سكر وهرب وزيره وحاجبه فهجموا عليه بالسيوف فهرب إلى سطح فاستتر ثم ظفروا به وبيده سيف مسلول فقالوا انزل فامتنع فقالوا نحن عبيدك ثم فوق واحد إليه سهماً وقال انزل وإلا قتلتك فنزل فأمسكوه في سادس جمادى الآخرة وبايعوا الراضي بالله محمد بن المقتدر ثم خلع وأكحل بمسمار لسوء سيرته وسفكه الدماء وكانت خلافته سنة ونصفاً وأسبوعاً.
قال الصولي: كان أهوج سفاكاً للدماء كثير التلون قبيح السيرة مدمن الخمر ولولا جودة حاجبه سلامة لأهلك الحرث والنسل. وكان قد صنع حربة يحملها فلا يطرحها حتى يقتل إنساناً.
قال محمد بن علي أحضرني القاهر يوماً وبيده حربة فقلت الأمان قال على الصدق قلت نعم قال أسألك عن خلفاء بني العباس؟ فذكرت له من أحوالهم وهو يسأل عنهم واحداً واحداً فقال قد سمعت قولك وكأني مشاهد القوم وقام وبيده الحربة فاستسلمت للقتل فعطف إلى دور الحرم.
قال المسعودي أخذ من مؤنس وأصحابه أموالاً كثيرة فلما خلع طولب بها فأنكر فعذب بأنواع العذاب فما أقر بشيء فأخذه الراضي بالله فقربه وأدناه وقال ترى مطالبة الجند لنا والذي عندك ليس بنافعك فاعترف به قال أما إذ فعلت هذا فالمال دفنته في البستان وكان قد أنشأ بستاناً فيه أصناف الثمر والقصر الذي زخرفه فقال وفي أي مكان هو؟ قال أنا مكفوف ولا أهتدي إلى البقعة فاحفر البستان تجده فحفروا البستان وأساس القصر وقلعوا الشجر فلم يوجد شيء فقال وأين المال؟ قال وهل عندي مال؟ إنما كان حسرتي في جلوسك في البستان وتنعمك ففجعتك به فأبعده وحبسه فأقام إلى سنة ثلاث وثلاثين ثم أخرج إلى دار ابن طاهر فكان تارة يحبس وتارة يهمل فوقف يوماً بالجامع بين الصفوف وعليه جبة بيضاء وقال تصدقوا علي فأنا من قد عرفتم وأراد أن يشنع على الخليفة المستكفي فقام إليه ابن أبي موسى الهاشمي فأعطاه ألف درهم فمنعوه من الخروج.
ثم مات في سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة وله ثلاث وخمسون سنة وله من الأولاد عبد الصمد وأبو القاسم وأبو الفضل وعبد العزيز.
ووزر له أبو علي بن مقلة ثم محمد بن القاسم ثم الخصيبي.
ونفذ على إمرة مصر أحمد بن كيغلغ إذ توفي أميرها تكين الخاصة.
وماتت سنة إحدى وعشرين شغب أم المقتدر.
وقتل الخادم مؤنس الملقب بالمظفر وكان شهماً مهيباً شجاعاً داهية عمر تسعين سنة وقاد الجيوش ستين سنة.
وفي سنة 322 دخلت الديلم أصبهان وكان من قوادهم علي بن بويه فانفرد عن مرداويج ثم حارب محمد بن ياقوت فهزم محمداً واستولى على فارس وكان أبوه فقيراً صياداً.
قال محمود الأصبهاني كان سبب خلعهم للقاهر سوء سيرته وسفكه الدماء فامتنع عليهم من الخلع فسملوه حتى سالت عيناه. وفي أيامه ظهر محمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني وادعى الإلهية ببغداد وأنه يحيي الموتى وتعصب له ابن مقلة وأنكر ما قيل عنه ثم قتل وقتل بسببه الحسين بن القاسم وأبو إسحاق إبراهيم بن أبي عون الأنباري مصنف الأجوبة المسكتة كانا يعتقدان في الشلمغاني.
وللقاهر من الأولاد أبو القاسم وعبد الصمد وأبو الفضل محمد وفاطمة وعاتكة وأمامة.

فصل ولنذكر هنا جماعة من خلفاء الإسلام على التوالي إن شاء الله ليتأمل تراجمهم الفاضل متصلة مجموعة.

الراضي بالله

الخليفة أبو إسحاق محمد وقيل أحمد بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد بالله أحمد بن الموفق بن المتوكل الهاشمي العباسي.
ولد سنة سبع وتسعين ومئتين وأمه رومية.
كان أسمر قصيرا نحيفا في وجهه طول استخلف بعد عمه القاهر عندما سملوا القاهر سنة اثنين وعشرين وثلاث مئة.
قال أبو بكر الخطيب له فضائل منها أنه آخر خليفة خطب يوم الجمعة وآخر خليفة جالس الندماء وآخر خليفة له شعر مدون وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش وكانت جوائزه وأموره على ترتيب المتقدمين منهم وكان سمحا جوادا أديباً فصيحا محبا للعلماء.
سمع من البغوي.
قال الصولي سئل الراضي أن يخطب يوم جمعة فارتقى منبر سامراء وحضرته فشنف الأسماع وأبلغ ثم صلى بنا.
قيل: إن الراضي سقي بطنه وأصابه ذرب وأتلفه كثرة الجماع.
فتوفي في نصف ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثلاث مئة وله اثنتان وثلاثون سنة سوى أشهر.
وله من الأولاد عبد الله رشح لولاية العهد وأبو جعفر أحمد وبنت وهم أولاد إماء.
وبويع المتقي لله إبراهيم أخوه وكانت الفتن والحروب متواترة بالعراق في هذه السنين وضعف شأن الخلافة فلله الأمر وجرت فتنة ابن رائق وفتنة ابن البريدي ومرج أمر الناس وعم البلاء ومات أمير الأمراء محمد بن ياقوت مسجونا وفي أيام الراضي عظم محمد بن رائق ولم يبق للراضي معه حل ولا ربط وله من الولد أبو الفضل عبد الله وأحمد والست هجعة.

المتقي لله

الخليفة أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر بن المعتضد العباسي.
قال الصولي مات الراضي فبعث بجكم من واسط إلى كاتبه أحمد بن علي الكوفي أن يجمع القضاة والأعيان ووزير الراضي سليمان بن الحسن ويشتوروا في إمام فبعث حسين بن الفضل بن المأمون إلى الكوفي بعشرة آلاف دينار ليشتريه ونفذ إليه أيضاً بأربعين ألف دينار ليفرقها في الأمراء فلم ينفع ذلك وبايعوا إبراهيم وسنه أربع وثلاثون سنة وأمه اسمها خلوب وكان حسن الوجه معتدل الخلق بحمرة أشهل كث اللحية فصلى ركعتين وصعد على السرير ولم يغير شيئاً ولا تسرى على جاريته وكان ذا صوم وتعبد ولم يشرب نبيذا ويقول لا أريد نديما غير المصحف وأقر في الوزارة سليمان بن الحسن فكان مقهوراً مع كاتب بجكم ثم بعد أيام سقطت القبة الخضراء وكانت تاج بغداد ومأثرة بني العباس بناها المنصور علو ثمانين ذراعا تحتها إيوان طوله عشرون ذراعاً في عرضها فسقط رأسها من مطر ورعد شديد وكان القحط ببغداد ثم عزل المتقي وزيره بأحمد بن محمد بن ميمون وأقبل أبو عبد الله البريدي من البصرة يطلب الوزارة فوليها ومشى إليه ابن ميمون.
فكانت وزارة ابن ميمون شهراً لكن هرب البريدي بعد أربعة وعشرين يوماً لما شغب الجند بطلب أرزاقهم فوزر القراريطي ثم عزل بعد شهر وأيام فوليها الكرخي وعزل بعد أيام وولى المتقي إمرة الأمراء كورتكين الديلمي وقتل بجكم وكان قد استوطن واسطاً والتزم بأن يحمل إلى الراضي في السنة ثمان مئة ألف دينار وعدل وكان إلى كثرة أمواله المنتهى فكان يخرجها في الصناديق ويخرج رجالاً في صناديق على جمال إلى البر ثم يفتح عليهم فيحفرون ويدفن المال ويردهم إلى الصناديق فلا يعرفون الكنز ويقول إنما أفعل هذا خوفا أن يحال بيني وبين داري فذهب ذلك بموته ثم حاربه أبو عبد الله البريدي وانتصر أبو عبد الله وخرج بجكم يتصيد وهناك أكراد فطعنه أسود برمح فقتله في رجب سنة 329 وذهب أصحابه كورتكين وتوزون وغيرهما إلى الشام إلى محمد بن رائق.
وطلبه المتقي فسار من دمشق واستناب على الشام وكان قد تغلب عليها فاستناب أحمد بن مقاتل وجاء فقدمه المتقي وطوقه وسوره. وخضع له محمد بن حمدان ونفذ إليه بمئة ألف دينار وخطب له بواسط وبالبصرة البريدي وكتب اسمه على أعلامه ثم اختلف ابن رائق وكورتكتين وتحاربا أياماً وقهره ابن رائق ثم ضعف واختفى وتمكن ابن رائق وأباد جماعة وأسر كورتكين في سنة ثلاثين وأبيع كر القمح بأزيد من مئتي دينار وأكلوا الجيف وخرجت الروم فعاثوا بأعمال حلب وفيها استوزر المتقي أبا عبد الله البريدي برأي ابن رائق ثم عزل بالقراريطي فذهب مغاضبا وجمع العساكر وفي جمادى الأولى ركب المتقي لله وولده أبو منصور وابن رائق والوزير القراريطي وبين أيديهم القراء والمصاحف لحرب البريدي ثم انحدر من الشماسية في دجلة وثقل كرسي الجسر فانخسف بخلق وأمر ابن رائق بلعنة البريدي على المنابر ثم أقبل أبو الحسين علي بن محمد البريدي أخو أبي عبد الله فهزم المتقي وابن رائق وكان معه خلق من الديلم والترك والقرامطة ووقع النهب ببغداد وزحف ابن البريدي على الدار وعظم الخطب وقتل جماعة بدار الخلافة وهرب المتقي وابنه وابن رائق إلى الموصل واختفى القراريطي الوزير وبعث ابن البريدي بكورتكين مقيدا إلى أخيه فأتلفه وحكم أبو الحسين ببغداد وتعثرت الرعية وهجوا وبلغ الكر أزيد من ثلاث مئة دينار وغرقت بغداد ثم فارقه توزون وراح إلى الموصل فقوي قلب ناصر الدولة ابن حمدان وعزم أن ينحدر إلى بغداد بالمتقي فتهيأ أبو الحسين بن البريدي وترددت الرسل بين ابن رائق وبين ابن حمدان فتحالفا فجاء ابن حمدان واجتمع به وحضر ابن المتقي فلما ركب ابن المتقي قدم فرس ابن رائق ليركب فتعلق به ابن حمدان وقال تقيم عندنا اليوم نتحدث فقال كيف أتخلف عن ولد أمير المؤمنين فألح عليه حتى ارتاب وجذب كمه من يده فتخرق هذا ورجله في الركاب فشب به الفرس فوقع فصاح ابن حمدان بغلمانه اقتلوه فاعتورته السيوف فاضطرب أصحابه خارج المخيم ودفن وعفي أثره ونهبت أمواله فذكر رجل أنه وجد كيسا فيه ألف دينار وخاف من الجند قال فرميته في قدر سكباج وحملتها على رأسي فسلمت وجاء ابن حمدان إلى المتقي وقال إن ابن رائق هم بقتلي فقلده مكان ابن رائق ولقبه يومئذ ناصر الدولة ولقب أخاه سيف الدولة وعاد بهم فهرب أبو الحسين بن البريدي من بغداد وسار بدر الخرشني فولي دمشق ثم بعد شهر أرجف بمجيء ابن البريدي فانجفل الناس وخرج المتقي ليكون مع ناصر الدولة وتوجه سيف الدولة لمحاربة ابن البريدي فكانت بينهما ملحمة بقرب المدائن فاقتتلوا يومين فانكسر سيف الدولة أولا فرد ناصر الدولة الفل ثم كانت الهزيمة على ابن البريدي ورد في ويل إلى واسط وتبعه سيف الدولة فانهزم إلى البصرة ومن ثم تزوج أبو منصور إسحاق بن المتقي ببنت ناصر الدولة على مئتي ألف دينار وتمكن ناصر الدولة وأخذ ضياع المتقي وصادر الدواوين وظلم ثم بلغه هروب أخيه سيف الدولة من واسط فخاف ناصر الدولة ورد إلى الموصل ونهبت داره واستوزر علي بن أبي علي بن مقلة وأقبل توزون من واسط فخلع عليه المتقي ولقبه أمير الأمراء ولكن ما تم الود فعاد توزون إلى واسط وصادر المتقي وزيره وبعث بخلع إلى أحمد بن بويه واستوزر غير واحد ويعزلهم وصغر أمر الوزارة ووهنت الخلافة العباسية وبلغ ذلك الناصر لدين الله المرواني صاحب الأندلس فقال أنا أولى بإمرة المؤمنين فتلقب بذلك وكان قبل ذلك يقال له الأمير كآبائه.
وسار المتقي لله إلى تكريت وتفلل أصحابه وقدم توزون فاستولى على بغداد فأقبل ناصر الدولة في جمع كبير من الأعراب والأكراد فالتقى توزون بعكبرا واقتتلوا أياما ثم انهزم بنو حمدان والمتقي إلى الموصل ثم التقوا ثانيا على حربه فانهزم سيف الدوله والخليفة إلى نصيبين وتبعهم توزون وأما أحمد بن بويه فإنه أقبل ونزل بواسط يريد بغداد ورغب توزون في الصلح.
وفي سنة 332 قتل أبو عبد الله بن البريدي أخاه أبا يوسف ومات بعده بيسير وكتب المتقي إلى صاحب مصر الإخشيد ليحضر إليه فأقبل إليه فوجده بالرقة وبان للمتقي من بني حمدان الضجر فراسل توزون واستوثق منه فعلم بذلك الإخشيد فقال للمتقي أنا عبدك وقد عرفت غدر الأتراك فالله الله في نفسك سر معي إلى الشام ومصر لتأمن فلم يطعه فرد إلى بلاده. وقتل ببغداد حمدي اللص الذي ضمن اللصوصية في الشهر بخمسة وعشرين ألف دينار فكان ينزل على الدور والأسواق بالشمع والمشعل جهارا ظفر به شحنة بغداد فوسطه وكان توزون ببغداد وإليه الأمور فاعتراه صرع.
وهلك أبو عبد الله البريدي وخلف ألف ألف دينار وبضعة عشر ألف ألف درهم ومن الآلات والقماش ما قيمته ألف ألف دينار وتوجه المتقي من الرقة إلى بغداد فأقام بهيت وحلف له توزون فلما التقاه ترجل له وقبل الأرض ومشى بين يديه إلى مخيم ضربه للمتقي فلما نزل قبض توزون عليه وسمله وأدخل بغداد أعمى فلله الأمر وأخذ منه البرد والقضيب والخاتم وأحضر عبد الله المستكفي بالله بن المكتفي فبايعه بالخلافة.
خلع المتقي في العشرين من المحرم سنة ثلاث وثلاثين وقيل في صفر ولم يمهل توزون ولا حال عليه الحول.
توفي المتقي في السجن بعد كحله بدهر وذلك في شعبان سنة سبع وخمسين وثلاث مئة وله من الأولاد أبو منصور محمد فقط.

المستكفي

الخليفة المستكفي بالله أبو القاسم عبد الله بن المكتفي علي بن المعتضد العباسي.
كان ربع القامة مليحاً معتدل البدن أبيض بحمرة خفيف العارضين وأمه أم ولد.
بويع وقت خلع المتقي لله وله يومئذ إحدى وأربعون سنة قام ببيعته توزون فأقبل أحمد بن بويه واستولى على الأهواز والبصرة وواسط فبرز لمحاربته جيش بغداد مع توزون فدام الحرب بينهما أشهراً وينهزم فيها توزون ولازمه الصرع وضاق بأحمد الحال والقحط فرد إلى الأهواز وقطع توزون الجسر وراءه وعاد إلى بغداد مشغولا بنفسه ووزر أبو الفرج السامري ثم عزله توزون بعد أربعين يوماً وأغرمه ثلاث مئة ألف دينار ورد إلى الوزارة أبا جعفر بن شيرزاد واشتد بالعراق القحط ومات الناس جوعاً وهلك ملك الأمراء توزون في أول سنة أربع فطمع في منصبه ابن شيرزاد وحلف العساكر ونزل بظاهر بغداد وبعث المستكفي إليه بالخلع والإقامات فصادر التجار والكتاب وسلط جنده على العوام فهرب الناس وانقطع الجلب ووهن أمن بغداد وأما أحمد بن بويه فقصد بغداد ونزل باجسراي وهرب الأتراك إلى الموصل واستتر المستكفي وابن شيرزاد فنزل معز الدولة أحمد بن بويه بالشماسية وبعث إليه الخليفة التحف والخلع ثم حضر وبايع فلقبه الخليفة بمعز الدولة ولقب أخاه عليا عماد الدولة وأخاه الآخر الحسن ركن الدولة وضربت أسماؤهم على السكة ثم ظهر ابن شيرزاد وقرر مع معز الدولة أموراً منها في الشهر للخليفة مئة وخمسون ألف درهم ليس إلا وكانت علم القهرمانة معظمة عند المستكفي تأمر وتنهى فعملت دعوة للأمراء فاتهمها معز الدولة وكان أصفبذ قد شفع إلى الخليفة في شيعي مغبن فرده فحقد وقال لمعز الدولة الخليفة يراسلني فيك فتخيل منه ثم دخل على الخليفة اثنان من الديلم فطلبا منه الرزق فمد يده للتقبيل فجبذاه من سرير الخلافة وجراه بعمامته ونهبت داره وأمسكوا القهرمانة وجماعة وساقوا المستكفي ماشيا إلى منزل معز الدولة فخلع المستكفي وسمله فكانت خلافته ستة عشر شهرا وبايعوا في الحال الفضل بن المقتدر ولقبوه المطيع لله وبقي المستكفي مسجوناً إلى أن مات في سنة ثمان وثلاثين مئة وله ست وأربعون سنة واستقل بملك العراق معز الدولة وضعف دست الخلافة جداً وظهر الرفض والاعتزال ببني بويه نسأل الله العفو وكان إكحال المستكفي بعد أن خلع نفسه ذليلاً مقهوراً في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين فعاش بعد العزل والكحل أربعة أعوام.

المطيع لله

الخليفة أبو القاسم الفضل بن المقتدر جعفر بن المعتضد أحمد بن الموفق العباسي.
ولد سنة إحدى وثلاث مئة.
وبويع بحكم خلع المستكفي نفسه سنة 334 وأمه اسمها مشغلة أم ولد.
حدث عن: أبي القاسم البغوي.
روى عنه أبو الفضل التميمي.
وكان كالمقهور مع نائب العراق ابن بويه قرر له في اليوم مئة دينار فقط واشتد الغلاء المفرط ببغداد فذكر ابن الجوزي أنه اشتري لمعز الدولة كر دقيق بعشرين ألف درهم.
قلت ذلك سبعة عشر قنطاراً بالدمشقي لأن الكر أربعة وثلاثون كارة والكارة خمسون رطلاً. واقتتل صاحب الموصل ناصر الدولة ومعز الدولة فالتقوا بعكبرا فانتصر ناصر الدولة ونزل بالجانب الشرقي ثم تلاشى أمره وفر فوضعت الديلم السيف والنهب في البلد وسبيت النساء ثم تمكن المطيع قليلاً ثم اصطلح ابن بويه وصاحب الموصل فعز ذلك على الأتراك الذين قوي بهم صاحب الموصل وهموا بقتله فحاربهم فمزقهم وهرب إليه أبو جعفر بن شيرزاد فسمله وسجنه.
وفيها أعني سنة 336 خرج معز الدولة والمطيع إلى البصرة لحرب أبي القاسم عبد الله بن أبي عبد الله البريدي فاستأمن إليهم عسكر أبي القاسم وهرب هو إلى القرامطة وعظم معز الدولة ثم جاء أبو القاسم مستأمنا إلى بغداد فأقطع قرى ثم اختلف صاحب الموصل ومعز الدولة وفر عن الموصل صاحبها ثم صالح على أن يحمل في السنة ثمانية آلاف ألف درهم.
وفي سنة أربع وأربعين وثلاث مئة مرض معز الدولة بعلة الإنعاظ وأرجف بموته فعقد إمرة الأمراء لابنه بختيار واستوزر أبا محمد المهلبي وعظم قدره.
وفي سنة سبع وأربعين استولى معز الدولة على الموصل وساق وراء ناصر الدولة إلى نصيبين فهرب إلى حلب فبالغ أخوه في خدمته وتراسلا في أن يكون الموصل بيد سيف الدولة لأن ناصر الدولة غدر ونكث غير مرة بابن بويه ومنع الحمل ثم رد معز الدولة إلى بغداد.
وفي سنة خمسين ضمن معز الدولة الشرطة والحسبة ببغداد وظلم وأنشأ داراً لم يسمع بمثلها خرب لأجلها دور الناس وغرم عليها إلى أن مات ست مئة ألف دينار واستضرت الروم على بلاد الشام وأخذوا حلب بالسيف وغيرها من المدائن كسروج والرها وأول تمكنهم أنهم هزموا سيف الدولة في سنة تسع وثلاثين فنجا بالجهد في نفر يسير وبلغهم وهن الخلافة وعجز سيف الدولة عنهم بعد أن هزمهم غير مرة.
وفي سنة 353 قصد معز الدولة الموصل ففر عنها ناصر الدولة ثم التقوا فانتصر ناصر الدولة وأسر الترك واستأمن إليه الديلم وأخذ ثقل معز الدولة وخزائنه ثم صالحه وكان يقام مأتم عاشوراء ببغداد ويقع فتن كبار لذلك ثم مات الوزير المهلبي سنة 351 ومات معز الدولة فقام ابنه عز الدولة بختيار سنة ست وخمسين فجرت فتنة محمد بن الخليفة المستكفي فإنه لما كحل أبوه فر هو إلى مصر وأقام عند كافور ثم قويت نفسه وقدم بغداد سرا فعرف عز الدولة وبايعه في الباطن كبراء فظفر به عز الدولة فقطع أنفه وأذنيه وسجنه ثم هرب هو وأخوه علي من الدار يوم عيد وصار إلى ما وراء النهر وخمل أمره.
وفي سنة ستين فلج المطيع وبطل نصفه وتملك بنو عبيد مصر والشام وأذنوا بدمشق بحي على خير العمل وغلت البلاد بالرفض شرقاً وغرباً وخفيت السنة قليلاً واستباحت الروم نصيبين وغيرهما فلا قوة إلا بالله وقتل ببغداد راجل من أعوان الشحنة فبعث رئيس بغداد من طرح النار في أسواق فاحترقت بغداد حريقاً مهولاً واحترق النساء والأولاد فعدة ما احترق ثلاث مئة وعشرون دارا وثلاث مئة وسبعة عشر دكانا وثلاثة وثلاثون مسجدا وكثر الدعاء على الرئيس وهو أبو الفضل الشيرازي ثم سقي وهلك وأنشئت مدينة القاهرة للمعز العبيدي ووزر ببغداد أبو طاهر بن بقية فكان راتبه من الثلج في اليوم ألف رطل ومن الشمع في الشهر ألف من فوزر لعز الدولة أربع سنين ثم صلبه عضد الدولة ولما تحكم الفالج في المطيع دعاه سبكتكين الحاجب إلى عزل نفسه وتسليم الخلافة إلى ابنه الطايع ففعل ذلك في ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث وستين وأثبتوا خلعه على أبي الحسن ابن أم شيبان القاضي ثم كان بعد يدعى الشيخ الفاضل.
وفيها أقيمت الدعوة العبيدية بالحرمين للمعز واستفحل البلاء باللصوص ببغداد وركبوا الخيل وأخذوا الخفارة وتلقبوا بالقواد ثم إن المطيع خرج وولده الخليفة الطايع لله إلى واسط فمات هناك في المحرم سنة أربع وستين وثلاث مئة بعد ثلاثة أشهر من عزله وعمره ثلاث وستون سنة رحمه الله فكانت خلافته ثلاثين سنة سوى أشهر وفي أيامه تلقب صاحب الأندلس الناصر المرواني بأمير المؤمنين وقال أنا أحق بهذا اللقب من خليفة من تحت يد بني بويه وصدق الناصر فإنه كان بطلا شجاعاً سائساً مهيبا له غزوات مشهودة وكان خليقا للخلافة ولكن كان أعظم منه بكثير المعز العبيدي الإسماعيلي النحلة وأوسع ممالك حكم على الحرمين ومصر والشام والمغرب.

الطائع لله

الخليفة أبو بكر عبد الكريم بن المطيع لله الفضل بن المقتدر جعفر بن المعتضد العباسي وأمه أم ولد.
نزل له أبوه لما فلج عن الخلافة في ذي القعدة سنة ثلاث وستين وكان الحل والعقد للملك عز الدولة وابن عمه عضد الدولة.
وكان أشقر مربوعاً كبير الأنف.
قال ابن الجوزي: لما استخلف ركب وعليه البردة وبين يديه سبكتكين الحاجب وخلع من الغد على سبكتكين خلع السلطنة وعقد له اللواء ولقبه نصر الدولة ولما كان عيد الأضحى ركب الطائع إلى المصلى وعليه قباء وعمامة فخطب خطبة خفيفة بعد أن صلى بالناس فتعرض عز الدولة لإقطاع سبكتكين فجمع سبكتكين الأتراك فالتقوا فانتصر سبكتكين وقامت معه العامة وكتب عز الدولة يستنجد بعضد الدولة فتوانى وصار الناس حزبين فكانت السنة والديلم ينادون بشعار سبكتكين والشيعة ينادون بشعار عز الدولة ووقع القتال وسفكت الدماء وأحرق الكرخ.
وكان الطائع قوياً في بدنه زعر الأخلاق وقد قطعت خطبته في العام الذي تولى خمسين يوماً من بغداد فكانت الخطباء لا يدعون لإمام حتى أعيدت في رجب وقدم عضد الدولة فأعجبه ملك العراق واستمال الجند فشغبوا على ابن عمه عز الدولة فأغلق عز الدولة بابه وكتب عضد الدولة عن الطائع إلى الآفاق بتوليته ثم اضطرب أمره ولم يبق بيده غير بغداد فنفذ إلى أبيه ركن الدولة يعلمه أنه قد خاطر بنفسه وجنده وقد هذب مملكة العراق ورد الطائع إلى داره وأن عز الدولة عاص فغضب أبوه وقال لرسوله قل له خرجت في نصرة ابن أخي أو في أخذ ملكه؟ فأفرج حينئذ عن عز الدولة وذهب إلى فارس وتزوج الطائع ببنت عز الدولة الست شهناز على مئة ألف دينار وعظم القحط حتى أبيع الكر بمئة وسبعين دينارا وفي هذا الوقت كانت الحرب متصلة بين جوهر المعزي وبين هفتكين بالشام حتى جرت بينهما اثنتا عشرة وقعة وجرت وقعة بين عز الدولة وعضد الدولة أسر فيها مملوك أمرد لعز الدولة فجن عليه وأخذ في البكاء وترك الأكل وتذلل في طلبه فصار ضحكة وبذل جاريتين عوادتين في فدائه.
وفي سنة خمس وستين حجت جميلة بنت صاحب الموصل فكان معها أربع مئة جمل وعدة محامل لا يدري في أيها هي واعتقت خمس مئة نفس وخلعت خمسين ألف ثوب وقيل كان معها أربع مئة محمل. ثم في الآخر استولى عضد الدولة على أموالها وقلاعها وافتقرت لكونه خطبها فأبت وآل بها الحال إلى أن هتكها وألزمها أن تختلف مع الخواطىء لتحصل ما تؤديه فرمت بنفسها في دجلة.
وفي سنة سبع وستين أقبل عضد الدولة في جيوشه وأخذ بغداد وتلقاه الطائع وعملت قباب الزينة ثم خرج فعمل المصاف مع عز الدولة فأسر عز الدولة ثم قتله ونفذ إلى الطائع ألف ألف درهم وخمسين ألف دينار وخيلاً وبغالاً ومسكاً وعنبراً.
وكان الغرق العظيم ببغداد وبلغ الماء أحداً وعشرين ذراعاً وغرق خلق. وتمكن عضد الدولة ولقب أيضاً تاج الملة وضربت له النوبة في ثلاثة أوقات وعلا سلطانه علواً لا مزيد عليه ومع ذلك الارتقاء فكان يخضع للطائع وجاءه رسول العزيز صاحب مصر فراسله بتودد وطلب من الطائع أن يزيد في ألقابه فجلس له الطائع وحوله مئة بالسيوف والزينة وبين يديه المصحف العثماني وعلى كتفه البردة وبيده القضيب وهو متقلد السيف وأسبلت الستارة ودخل الترك والديلم بلا سلاح ثم أذن لعضد الدولة ورفعت له الستارة فقبل الأرض قال فارتاع زياد القائد وقال بالفارسية أهذا هو الله فقيل له بل خليفة الله في أرضه ومشى عضد الدولة وقبل الأرض مرات سبعا فقال الطائع لخادمه استدنه فصعد وقبل الأرض مرتين فقال ادن إلي فدنا حتى قبل رجله فثنى الطائع يده عليه وأمره فجلس على كرسي بعد الامتناع حتى قال أقسمت لتجلسن ثم قال ما كان أشوقنا إليك وأتوقنا إلى مفاوضتك فقال عذري معلوم قال نيتك موثوق بها فأومأ برأسه فقال قد رأيت أن أفوض إليك ما وكله الله إلي من أمور الرعية في شرق الأرض وغربها سوى خاصتي وأسبابي فتولى ذلك مستجيراً بالله قال يعينني الله على طاعة مولانا أمير المؤمنين وخدمته وأريد كبار القواد أن يسمعوا لفظك قال الطائع هاتوا الحسين بن موسى وابن معروف وابن أم شيبان فقدموا فأعاد الطائع قوله بالتفويض ثم ألبس الخلع والتاج فأومأ ليقبل الأرض فلم يطق فقال الطائع حسبك وعقد له لواءين بيده ثم قال يقرأ كتابه فقرىء فقال الطائع خار الله لنا ولك وللمسلمين آمرك بما أمرك الله به وأنهاك عما نهاك الله عنه وأبرأ إلى الله مما سوى ذلك انهض على اسم الله ثم أعطاه بيده سيفا ثانيا غير سيف الخلعة وخرج من باب الخاصة وشق البلد.
وعمل أبو إسحاق الصابئ قصيدته فمنها:

يا عضد الدولة الذي علقت

 

يداه من فخره بأعرقـه

يفتخر النعل تحت أخمصه

 

فكيف بالتاج فوق مفرقه

وتزوج الطائع ببنت عضد الدولة ورد العضد من همذان إلى بغداد فتلقاه الخليفة ولم تجر بذلك عادة ولكن بعث يطلب ذلك فما وسع الطائع التأخر كان مفرط السطوة.
وبعث إليه العزيز كتاباً أوله من عبد الله أمير المؤمنين إلى عضد الدولة أبي شجاع مولى أمير المؤمنين سلام عليك مضمون الرسالة الاستمالة مع ما يشافهه به الرسول فبعث إليه رسولاً وكتاباً فيه مودة واعتذار مجمل.
وأدير المارستان العضدي في سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة ثم مات هو في شوالها وقام ولده صمصام الدولة وكتم موته أربعة أشهر وجاء الخليفة فعزى ولده ولطم عليه في الأسواق أياماً.
وفي سنة 376 اختلف عسكر العراق ومالوا إلى شرف الدولة شيرويه أخي صمصام الدولة فذل الصمصام وبادر إلى خدمة أخيه فاعتقله ثم أمر بكحله فمات شرف الدولة والمكحول في شهر من سنة 379 وكان شرف الدولة فيه عدل ووزر في أيامه أبو منصور محمد بن الحسن ومما قدم معه عشرون ألف ألف درهم وكان ذا رفق ودين ومن عدل شرف الدولة رده على السيد أبي الحسن محمد بن عمر أملاكه وكان مغلها في السنة أزيد من ألف ألف دينار.
وعظم الغلاء ببغداد حتى بيعت كارة الدقيق الخشكار بمئتين وأربعين درهماً.
وفي هذا الحدود جاء بالبصرة سموم حارة فمات جماعة في الطرق وجاء بفم الصلح ريح خرقت دجلة حتى بانت أرضها فيما قيل وهدت في جامعها واحتملت زورقاً فيه مواشي فطرحته بأرض جوخى فرأوه بعد أيام نسأل الله العافية.
ولما مات شرف الدولة جاء الطائع يعزي أخاه بهاء الدولة أبا نصر فقبل أبو نصر الأرض مرات وسلطنه الطائع بالطوق والسوارين والخلع السبع فأقر في وزارته أبا منصور المذكور ويعرف بابن  صالحان وكان بهاء الدولة ذا هيبة ووقار وحزم وحاربه ابن صمصام الدولة الذي كحل وخربت البصرة والأهواز وعظمت الفتن وتواتر أخذ العملات ببغداد وتحاربت الشيعة والسنة مدة ثم وثبوا على الطائع لله في داره في تاسع عشر شعبان سنة 381 وسببه أن شيخ الشيعة ابن المعلم كان من خواص بهاء الدولة فحبس فجاء بهاء الدولة وقد جلس الطائع في الرواق متقلد السيف فقبل الأرض وجلس على كرسي فتقدم جماعة من أعوانه فجذبوا الطائع بحمائل سيفه ولفوه في كساء وأصعد في سفينته إلى دار المملكة وماج الناس وظن الجند أن القبض على بهاء الدولة فوقع النهب وقبض على الرئيس علي بن حاجب النعمي وجماعة وصودروا واحتيط على الخزائن والخدم أيضاً.
فكان الطائع هم بالقبض على ابن عمه القادر بالله وهو أمير فهرب إلى البطائح وانضم إلى مهذب الدولة وبقي معه عامين فأظهر بهاء الدولة أمر القادر وأنه أمير المؤمنين ونودي بذلك وأشهد على الطائع بخلع نفسه وأنه سلم الخلافة إلى القادر بالله وشهد الكبراء بذلك ثم طلب القادر واستحثوه على القدوم واستبيحت دار الخلافة حتى نقض خشبها.
وكتب القادر من عبد الله أمير المؤمنين القادر بالله إلى بهاء الدولة وضياء الملة أبي نصر بن عضد الدولة سلام عليك أما بعد أطال الله بقاءك وأدام عزك ورد كتابك بخلع العاصي المتلقب بالطائع لبوائقه وسوء نيته فقد أصبحت سيف أمير المؤمنين المبير.
ثم في السنة الآتية سلم الطائع المخلوع إلى القادر فأنزله في حجرة موكلا به وأحسن صيانته وكان المخلوع يطلب منه أموراً ضخمة وقدمت بين يديه شمعة قد استعملت فأنكر ذلك فأتوه بجديدة وبقي مكرماً إلى أن توفي وما اتفق هذا الإكرام لخليفة مخلوع مثله.
وكانت دولته ثماني عشرة سنة وبقي بعد عزله أعواما إلى أن مات ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة فصلى عليه القادر وكبر خمساً.
ورثاه الشريف الرضي بقصيدة وعاش ثلاثا وسبعين سنة رحمه الله.