الفائز بالله

الفائز بالله

صاحب مصر أبو القاسم عيسى بن الظافر إسماعيل بن الحافظ عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بالله العبيدي المصري.
لما اغتال عباس الوزير الظافر أظهر القلق ولم يكن علم أهل القصر بمقتله فطلبوه في دور الحرم فما وجدوه وفتشوا عليه وأيسوا منه وقال عباس لأخويه أنتما الذين قتلتما خليفتنا فأصرا على الإنكار فقتلهما نفياً للتهمة عنه واستدعى في الحال عيسى هذا وهو طفل له خمس سنين وقيل بل سنتان فحمله على كتفه ووقف باكياً كئيباً وأمر بأن تدخل الأمراء فدخلوا فقال هذا ولد مولاكم وقد قتل عماه مولاكم فقتلتهما به كما ترون والواجب إخلاص النية والطاعة لهذا الولد فقالوا كلهم سمعا وطاعة وضجوا ضجة قوية بذلك ففزع الطفل وبال على كتف الملك عباس ولقبوه الفائز وبعثوه إلى أمه واختل عقله من حينئذ وصار يتحرك ويصرع ودانت الممالك لعباس. وأما أهل القصر فاطلعوا على باطن القضية وأقاموا المآتم على الثلاثة وتحيلوا وكاتبوا طلائع بن رزيك الأرمني الرافضي والي المنية وكان ذا شهامة وإقدام فسألوه الغوث وقطعوا شعور النساء والأولاد وسيروها في طي الكتاب وسخموه فلما تأمله اطلع من حوله من الجند عليه وبكوا ولبس الحداد واستمال عرب الصعيد وجمع وحشد وكاتب أمراء القاهرة وهيجهم على طلب الثأر فأجابوه فسار إلى القاهرة فبادر إلى ركابه جمهور الجيش وبقي عباس في عسكر قليل فخارت قواه وهرب هو وابنه نصر ومماليكه والأمير ابن منقذ.
ونقل ابن الأثير أن أسامة هو الذي حسن لعباس وابنه اغتيال الظافر وقتل العادل وقيل إن الظافر أقطع نصر بن عباس قليوب فقال أسامة ما هي في مهرك بكثير.
ثم قصد عباس الشام على ناحية أيله في ربيع الأول فما كانت أيامه بعد قتل الظافر إلا يسيرة واستولى الصالح طلائع بن رزيك على ديار مصر بلا ضربة ولا طعنة فنزل إلى دار عباس وطلب الخادم الصغير الذي كان مع الظافر وسأله عن المكان الذي دفن فيه أستاذه فأعلمه فقلع بلاطه وأخرج الظافر ومن معه من القتلى وحملوا وناحوا عليهم وتكفل طلائع بالفائز ودبر الدولة.
وجهزت أخت الظافر رسولاً إلى الفرنج بعسقلان وبذلت لهم مالاً عظيماً إن أسروا لها عباسا وابنه فخرجوا عليه فالتقاهم فقتل في الوقعة وأخذت خزائنه وأسروا ابنه نصرا وبعثوه إليها في قفص حديد فلما وصل قبض رسولهم المال وذلك في ربيع الأول سنة خمسين فقطعت يد نصر وضرب بالمقارع كثيراً وقص لحمه ثم صلب فمات فبقي معلقا شهورا ثم أحرق.
وقيل تسلمه نساء الظافر فضربنه بالقباقيب وأطعمنه لحمه.

مات الفائز في رجب سنة خمس وخمسين وخمس مئة وله نحو من عشر سنين وبايعوا العاضد. العاضد

صاحب مصر العاضد لدين الله خاتم الدولة العبيدية أبو محمد عبد الله ابن الأمير يوسف بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي الحاكمي المصري الإسماعيلي المدعي هو وأجداده أنهم فاطميون.
مولده سنة ست وأربعين وخمس مئة.
أقامه طلائع بن رزيك بعد الفائز فكان من تحت حجره لا حل لديه ولا ربط وكان العاضد سباباً خبيثاً متخلفاً.
قال القاضي شمس الدين بن خلكان كان إذا رأى سنيا استحل دمه وسار وزيره الملك الصالح طلائع سيرة مذمومة واحتكر الغلات وقتل عدة أمراء وأضعف أحوال الدولة بقتل ذوي الرأي والبأس وصادر وعسف.
وفي أيام العاضد أقبل حسين بن نزار بن المستنصر بن الظاهر العبيدي من الغرب في جمع كثير فلما قارب مصر غدر به خواصه وقبضوا عليه وأتوا به العاضد فذبحه في سنة سبع وخمسين وتزوج العاضد ببنت طلائع وأخذ طلائع في قطع أخبار العسكر والأمراء فتعاقدوا بموافقة العاضد لهم على قتله فكمن له عدة في القصر فجرحوه فدخل مماليكه فقتلوا أولئك وحملوه فما أمسى و ذلك في رمضان سنة ست وخمسين.
وولي مكانه ولده الملك العادل رزيك وكان مليح النظم قوي الرفض جواداً شجاعاً يناظر على الإمامة والقدر وعمل قبل موته بثلاث ليال:

نحن في غفلة ونوم وللـمـو

 

ت عيون يقظـانة لا تـنـام

قد رحلنا إلى الحمام سنـينـا

 

ليت شعري متى يكون الحمام

ولعمارة اليمني فيه قصائد ورثاء منها في جنازته:

وكأنها تابوت موسى أودعـت

 

في جانبيه سكـينة ووقـار

وتغاير الحرمان والهرمان في

 

تابوته وعلى الكـريم يغـار

نعم ووزر للعاضد الملك أبو شجاع شاور السعدي وكان على نيابة الصعيد من جهة طلائع فقوي وندم طلائع على توليته لفروسيته وشهامته فأوصى طلائع وهو يموت إلى ابنه أن لا يهيج شاور.
ثم إن شاور حشد وجمع واخترق البرية إلى أن خرج من عند تروجة وقصد القاهرة فدخلها من غير ممانعة ثم فتك برزيك وتمكن.
ثم قدم دمشق جريدة إلى نور الدين مستنجداً به فجهز معه شيركوه بل بعده بسنة فاسترد له الوزارة وتمكن ولم يجاز شيركوه بما يليق به فأضمر له الشر واستعان شاور بالفرنج وتحصن منهم شيركوه ببلبيس فحصروه مدة حتى ملوا.
واغتنم نور الدين خلو الساحل منهم فعمل المصاف على حارم.
وأسر ملوكا في سنة تسع وخمسين.
ورجع شيركوه بعد أمور طويلة الشرح. ثم سير العاضد يستنجد بشيركوه على الفرنج فسار وهزم الفرنج بعد أن كادوا يأخذون البلاد وهم شاور باغتيال شيركوه وكبار عسكره فناجزوه وقتلوه في ربيع الآخر سنة أربع وستين قتله جرديك النوري وصلاح الدين فتمارض شيركوه فعاد شاور فشد عليه صلاح الدين.
ولعمارة فيه:

ضجر الحديد من الحديد وشاور

 

في نصر دين محمد لم يضجر

حلف الزمان ليأتين بمـثـلـه

 

حنثت يمينك يا زمان فكفـر

فاستوزر العاضد شيركوه فلم يطول ومات بالخانوق بعد شهرين وأيام وقام بعده ابن أخيه صلاح الدين وكان يضرب بشجاعة أسد الدين شيركوه المثل ويخافه الفرنج.
قال ابن واصل حدثنا الأمير حسام الدين بن أبي علي قال كان جدي في خدمة صلاح الدين فحكى وقعة السودان بمصر التي زالت دولتهم بها ودولة العبيدية قال شرع صلاح الدين يطلب من العاضد أشياء من الخيل والرقيق والمال ليقوي بذلك ضعفه فسيرني إلى العاضد أطلب منه فرسا فأتيته وهو راكب في بستانه الكافوري فقلت له فقال مالي إلا هذا الفرس ونزل عنه وشق خفيه ورمى بهما فأتيت صلاح الدين بالفرس.
قلت: تلاشى أمر العاضد مع صلاح الدين إلى أن خلعه وخطب لبني العباس واستأصل شأفة بني عبيد ومحق دولة الرفض وكانوا أربعة عشر متخلفاً لا خليفة والعاضد في اللغة أيضاً القاطع فكان هذا عاضدا لدولة أهل بيته.
قال ابن خلكان: أخبرني عالم أن العاضد رأى في نومه كأن عقرباً خرجت إليه من مسجد عرف بها فلدغته فلما استيقظ طلب معبرا فقال ينالك مكروه من رجل مقيم بالمسجد فسأل عن المسجد وقال للوالي عنه فأتي بفقير فسأله من أين هو وفيما قدم فرأى منه صدقاً وديناً فقال ادع لنا يا شيخ وخلى سبيله ورجع إلى المسجد فلما غلب صلاح الدين على مصر عزم على خلع العاضد فقال ابن خلكان استفتى الفقهاء فأفتوا بجواز خلعه لما هو من انحلال العقيدة والاستهتار فكان أكثرهم مبالغة في الفتيا ذاك وهو الشيخ نجم الدين الخبوشاني فإنه عدد مساوئ هؤلاء وسلب عنهم الإيمان.
قال أبو شامة اجتمعت بأبي الفتوح بن العاضد وهو مسجون مقيد فحكى لي أن أباه في مرضه طلب صلاح الدين فجاء وأحضرنا ونحن صغار فأوصاه بنا فالتزم إكرامنا واحترامنا.
قال أبو شامة: كان منهم ثلاثة بإفريقية المهدي والقائم والمنصور وأحد عشر بمصر آخرهم العاضد ثم قال يدعون الشرف ونسبتهم إلى مجوسي أو يهودي حتى اشتهر لهم ذلك وقيل الدولة العلوية والدولة الفاطمية وإنما هي الدولة اليهودية أو المجوسية الملحدة الباطنية.
ثم قال ذكر ذلك جماعة من العلماء الأكابر وأن نسبهم غير صحيح بل المعروف أنهم بنو عبيد وكان والد عبيد من نسل القداح المجوسي الملحد قال وقيل والده يهودي من أهل سلمية وعبيد كان اسمه سعيداً فغيره بعبيد الله لما دخل إلى المغرب وادعى نسباً ذكر بطلانه جماعة من علماء الأنساب ثم ترقي وتملك وبنى المهدية قال وكان زنديقاً خبيثاً ونشأت ذريته على ذلك وبقي هذا البلاء على الإسلام من أول دولتهم إلى آخرها.
قلت وكانت دولتهم مئتي سنة وثمانياً وستين سنة وقد صنف القاضي أبو بكر بن الباقلاني كتاب كشف أسرار الباطنية فافتتحه ببطلان انتسابهم إلى الإمام علي وكذلك القاضي عبد الجبار المعتزلي.
هلك العاضد يوم عاشوراء سنة سبع وستين وخمس مئة بذرب مفرط وقيل مات غما لما سمع بقطع خطبته وإقامة الدعوة للمستضيء وقيل سقي وقيل مص خاتماً له مسموماً وكانت الدعوة المذكورة أقيمت في أول جمعة من المحرم وتسلم صلاح الدين القصر بما حوى من النفائس والأموال وقبض أيضاً على أولاد العاضد وآله فسجنهم في بيت من القصر وقمع غلمانهم وأنصارهم وعفى آثارهم.
قال العماد الكاتب وهم الآن محصورون محسورون لم يظهروا.
وقد نقضوا وتقلصوا وانتقى صلاح الدين ما أحب من الذخائر وأطلق البيع بعد في ما بقي فاستمر البيع فيها مدة عشر سنين. ومن كتاب من إنشاء القاضي الفاضل إلى بغداد وقد توالت الفتوح غرباً ويمناً وشاماً وصارت البلاد بل الدنيا والشهر بل والدهر حرماً حراماً وأضحى الدين واحداً بعد أن كان أدياناً والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها صماً وعمياناً والبدعة خاشعة والجمعة جامعة والمذلة في شيع الضلال شائعة ذلك بأنهم اتخذوا عباد الله من دونه أولياء وسموا أعداء الله أصفياء وتقطعوا أمرهم بينهم شيعاً وفرقوا أمر الأمة وكان مجتمعاً وقطع دابرهم ورغمت أنوفهم ومنابرهم وحقت عليهم الكلمة تشريداً وقتلاً وتمت كلمات ربك صدقاً وعدلاً وليس السيف عمن سواهم من كفار الفرنج بصائم ولا الليل عن السير إليهم بنائم.
قلت أعجبني سرد هؤلاء الملوك العبيدية على التوالي ليتأمله الناظر مجتمعاً فلنرجع الآن إلى ترتيب الطباق في حدود العشرين وثلاث مئة وما بعدها.

مرداويج بن زيار

الديلمي ملك الديلم عتا وتمرد وسفك الدماء وحكم على مدائن الجبل وغيرها وخافته الملوك وكان بنو بويه من أمرائه.
ولما كانت ليلة الميلاد من سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة أمر بجمع أحطاب عظيمة وخرج إلى ظاهر أصبهان وجمع ألفي غراب وعمل في آذانها النفط ومد سماطا ما سمع بمثله أصلا كان فيه ألف فرس قشلميش وألفا بقرة ومن الغنم والحلواء أشياء فلما شاهد ذلك استقله وتنمر على القواد وكان مسيئا إلى الأتراك الذين معه فلما أصبح اجتمعوا للموكب وصهلت الخيل فغضب وأمر بشد سروجها على ظهور أربابها فكان منظراً فظيعاً فحنقوا عليه ودخل البلد فأمر صاحب حرسه أن لا يتبعه ودخل الحمام فهجمت الترك عليه وقتلوه وكان قد اتخذ لنفسه تاجاً مرصعاً بالجواهر كتاج كسرى.
وتملك بعده أخوه وشمكير وتملك أيضاً بنو بويه من تاريخ المؤيد.

العزيري

الإمام أبو بكر محمد بن عزير السجستاني المفسر مصنف غريب القرآن.
كان رجلاً فاضلاً خيراً ألف الغريب في عدة سنين وحرره وراجع فيه أبا بكر بن الأنباري وغيره.
رواه عنه أبو عبد الله بن بطة وعثمان بن أحمد بن سمعان وعبد الله بن الحسين السامري المقرئ وكان مقيما ببغداد لم يذكر له ابن النجار وفاة.
قال: والصحيح عزير براء رأيته بخط ابن ناصر الحافظ وذكر أنه شاهده بخط يده وبخط غير واحد من الذين كتبوا كتابه عنه وكانوا متثبتين.
قال وذكر لي ابن الأخضر شيخنا أنه رأى نسخة بالغريب بخط مؤلفه وفي آخره وكتب محمد بن عزير بالراء المهملة.
وقال أبو زكريا التبريزي رأيت بخط ابن عزير وعليه علامة الراء غير المعجمة.
وأما الدارقطني والحافظ عبد الغني والخطيب وابن ماكولا فقالوا عزيز بمعجمتين محمد بن عزير صاحب الغريب فبعد هؤلاء الأعلام من يسلم من الوهم؟.
بقي ابن عزير إلى حدود الثلاثين وثلاث مئة.

ابن الإخشيد

العلامة الأستاذ شيخ المعتزلة أبو بكر أحمد بن علي بن بيغجور الإخشيد صاحب التصانيف.
كان يدري الحديث ويرويه عن أبي مسلم الكجي وطبقته ويحتج به في تواليفه وكان ذا تعبد وزهادة له قرية تقوم بأمره وكان يؤثر الطلبة.
وله محاسن على بدعته وله تواليف في الفقه وفي النحو والكلام وداره ببغداد في سوق العطش وكان لا يفتر من العلم والعبادة.
له كتاب نقل القرآن و كتاب الإجماع و كتاب اختصار تفسير محمد بن جرير و كتاب المعونة في الأصول وأشياء مفيدة.
توفي في شعبان سنة ست وعشرين وثلاث مئة.

يوسف بن يعقوب

ابن الحسين الإمام المجود مقرئ واسط أبو بكر الواسطي الأصم إمام الجامع.
قرأ القرآن على يحيى العليمي عن حماد بن شعيب وأبي بكر بن عياش وعلي بن شعيب بن أيوب الصريفيني وتصدر دهراً ورحلوا إليه.
وسمع من محمد بن خالد الطحان.
حدث عنه أبو أحمد الحاكم وأبو بكر بن المقرئ.
وتلا عليه: علي بن محمد بن خليع القلانسي والحسن بن سعيد المطوعي وعثمان بن أحمد المجاشي وإبراهيم بن عبد الرحمن البغدادي وأبو بكر النقاش وعبد العزيز بن عصام وعلي بن منصور الشعيري وأبو أحمد السامري فيما زعم.
قال ابن خليع كان شيخنا حسن الأخذ قرأت عليه وله نيف وتسعون سنة.
وقال أبو عبد الله القصاع: ولد في شعبان سنة ثمان عشرة ومئتين. وكان يقول قرأت على يحيى بن محمد العليمي في سنة أربعين ومئتين والتي تليها ومات في سنة ثلاث وأربعين ومئتين عن ثلاث وتسعين سنة وكان قد ضعف.
قال لي قرأت على حماد بن أبي زياد شعيب سنة سبعين ومئة وكان فاضلاً جليلاً.
تلا على عاصم وقرأت بعده على أبي بكر بن عياش.
قال القضاعي توفي يوسف الواسطي في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
سميه هو المحدث أبو عمرو:

يوسف بن يعقوب

النيسابوري نزيل بغداد.
يروي عن: محمد بن بكار بن الريان وأبي بكر بن أبي شيبة وأحمد بن عبدة وأبي حفص الفلاس.
روى عنه الدارقطني وابن شاهين والمعافى النهرواني وأبو بكر بن شاذان وعلي بن لؤلؤ الوراق.
قال عبد الغني بن سعيد وثب إلى الرواية عن ابن أبي شيبة.
وقال البرقاني لا يساوي شيئاً.
وقال الحاكم حدث عن كل من شاء فسمعت أبا علي الحافظ يقول ما رأيت في رحلتي في أقطار الأرض نيسابوريا يكذب غير أبي عمرو هذا.
قلت توفي بعيد سنة عشرين وثلاث مئة بيسير.
وقع لي من طريقه تاريخ أبي بكر بن أبي شيبة.

جحظة

الأخباري النديم البارع أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن الوزير يحيى بن خالد بن برمك البرمكي البغدادي الشاعر.
كان ذا فنون ونوادر وآداب وهو القائل:

أنا ابن أناس مول الناس جودهـم

 

فأضحوا حديثاً للنوال المشهـر

فلم يخل من إحسانهم لفظ مخبر

 

ولم يخل من تقريظهم بطن دفتر

ومن شعره:

ورق الجو حتى قيل هـذا

 

عتاب بين جحظة والزمان

وقيل كان مشوهاً فقال ابن الرومي:

وارحمتا لمنادميه تحملوا

 

ألم العيون للـذة الآذان

قال ابن خلكان جحظة بسكون الحاء مات سنة ست وعشرين وثلاث مئة وقيل سنة أربع وعشرين.
وقد بلغ الثمانين ولم يدخل في رواية الحديث وكان رأساً في التنجيم مقدما في لعب النرد وله مؤلف في الطبائخي ولم يكن أحد يتقدمه في صناعة الغناء غنى المعتمد فأعطاه خمس مئة دينار.
أكثر عنه صاحب الأغاني والمعافى النهرواني وأبو عمر بن حيويه.

الباب

كبير الإمامية ومن كان أحد الأبواب إلى صاحب الزمان المنتظر الشيخ الصالح أبو القاسم حسين بن روح بن بحر القيني.
قال ابن أبي طي في تاريخه نص عليه بالنيابة أبو جعفر محمد ابن عثمان العمري وجعله من أول من يدخل حين جعل الشيعة طبقات.
قال وقد خرج على يديه تواقيع كثيرة فلما مات أبو جعفر صارت النيابة إلى حسين هذا فجلس في الدار وحف به الشيعة فخرج ذكاء الخادم ومعه عكازة ومدرج وحقه وقال له إن مولانا قال إذا دفنني أبو القاسم حسين وجلس فسلم إليه هذا وإذا في الحق خواتيم الأئمة ثم قام ومعه طائفة فدخل دار أبي جعفر محمد بن علي الشلمغاني وكثرت غاشيته حتى كان الأمراء والوزراء يركبون إليه والأعيان وتواصف الناس عقله وفهمه.
فروى علي بن محمد الإيادي عن أبيه قال شاهدته يوماً وقد دخل عليه أبو عمر القاضي فقال له أبو القاسم صواب الرأي عند المشفق عبرة عند المتورط فلا يفعل القاضي ما عزم عليه فرأيت أبا عمر قد نظر إليه ثم قال من أين لك هذا فقال إن كنت قلت: لك ما عرفته فمسألتي من أين لك؟ فضول وإن كنت لم تعرفه فقد ظفرت بي قال فقبض أبو عمر على يديه وقال لا بل والله أؤخرك ليومي أو لغدي فلما خرج قال أبو القاسم ما رأيت محجوجا قط يلقى البرهان بنفاق مثل هذا كاشفته بما لك أكاشف به غيره.
ولم يزل أبو القاسم وافر الحرمة إلى أن وزر حامد بن العباس فجرت له معه خطوب يطول شرحها.
ثم سرد ابن أبي طي ترجمته في أوراق وكيف أخذ وسجن خمسة أعوام وكيف أطلق وقت خلع المقتدر فلما أعادوه إلى الخلافة شاوروه فيه فقال دعوه فبخطيته أوذينا.
وبقيت حرمته على ما كانت إلى أن مات في سنة ست وعشرين وثلاث مئة وقد كاد أمره أن يظهر.
قلت ولكن كفى الله شره فقد كان مضمرا لشق العصا.
وقيل: كان يكاتب القرامطة ليقدموا بغداد ويحاصروها.

وكانت الإمامية تبذل له الأموال وله تلطف في الذب عنه وعبارات بليغة تدل على فصاحته وكمال عقله وكان مفتي الرافضة وقدوتهم وله جلالة عجيبة وهو الذي رد على الشلمغاني لما علم انحلاله. ابن مقلة

الوزير الكبير أبو علي محمد بن علي بن حسن بن مقلة.
ولد بعد سنة سبعين ومئتين. وروى عن أبي العباس ثعلب وأبي بكر بن دريد.
روى عنه عمر بن محمد بن سيف وأبو الفضل محمد بن الحسن ابن المأمون وعبد الله بن علي بن عيسى بن الجراح ومحمد بن أحمد بن ثابت.
قال الصولي ما رأيت وزيرا منذ توفي القاسم بن عبيد الله أحسن حركة ولا أظرف إشارة ولا أملح خطا ولا أكثر حفظا ولا أسلط قلما ولا أقصد بلاغة ولا آخذ بقلوب الخلفاء من ابن مقلة وله علم بالإعراب وحفظ للغة وتوقيعات حسان.
قال ابن النجار أول تصرفه كان مع محمد بن داود بن الجراح وعمره ست عشرة سنة وأجري له في كل شهر ستة دنانير ثم انتقل إلى ابن الفرات فلما وزر ابن الفرات أحسن إليه وجعله يقدم القصص فكثر ماله إلى أن قال فلما استعفى ابن عيسى من الوزارة أشير على المقتدر بالله بابن مقلة فولاه في ربيع الأول سنة 316 ثم عزل سنة 318 بعد سنتين وأربعة أشهر ثم لما قتل المقتدر وبويع القاهر كان ابن مقلة بشيراز منفياً فأحضر القاهر وزير المقتدر أبا القاسم عبيد الله بن محمد وعرفه أنه قد استوزر أبا علي فاستخلفه له إلى أن يقدم فقدم أبو علي يوم النحر سنة عشرين فدام إلى أن استوحش من القاهر فاستتر بعد تسعة أشهر ثم إنه أفسد الجند على القاهر وجمع كلمتهم على خلعه وقتله فتم ذلك لهم.
وبويع الراضي فآمن أبا علي فظهر ووزر ثم عزل بعد عامين واستتر ثم كتب إلى الراضي بالله أن يستحجب بجكم عوض ابن رائق وأن يعيده إلى الوزارة وضمن له مالاً وكتب إلى بجكم فأطمعه الراضي حتى حصل عنده واستفتى الفقهاء فأفتوا بقطع يده فقطع في شوال سنة ست وعشرين وثلاث مئة ثم كان يشد القلم على ساعده ويكتب خطاً جيداً وكتب أيضاً باليسرى.
وقيل إنه كاتب يطلب الوزارة فلما قرب بجكم من بغداد طلب أبا علي فقطع لسانه وسجن مدة ولحقه ذرب وكان يستقي بيساره ويمسك الحبل بفمه وقاسى بلاء إلى أن مات ودفن في دار السلطنة ثم سأل أهله فنبش وسلم إليهم فدفنه ابنه أبو الحسين في داره.
قال الحسن بن علي بن مقلة كان أبو علي الوزير يأكل يوماً فلما غسل يده وجد نقطة صفراء من حلو على ثوبه ففتح الدواة فاستمد منها وطمسها بالقلم وقال ذاك عيب وهذا أثر صناعة.

إنما الزعفران عطر العذارى

 

ومداد الدواة عطر الرجـال

قال أبو الفضل بن المأمون أنشدنا أبو علي بن مقلة لنفسه:

إذا أتى الموت لمـيقـاتـه

 

فخل عن قول الأطـبـاء

وإن مضى من أنت صب به

 

فالصبر من فعل الألـبـاء

ما مر شيء بـبـنـي آدم

 

أمر من فـقـد الأحـبـاء

أبو عمر بن حيويه حدثنا أبو عبد الله النوبختي قال قيل: إن أبا علي قال:

ما مللت الحياة لكـن تـوثـق

 

ت بأيمانهم فبانـت يمـينـي

لقد أحسنت ما استطعت بجهدي

 

حفظ أيمانهم فبانت يمـينـي

بعت ديني لهم بدنياي حـتـى

 

حرموني دنياهم بعـد دينـي

ليس بعد اليمـين لـذة عـيش

 

يا حياتي بانت يميني فبـينـي

قال أبو علي التنوخي حدثنا الحسين بن الحسن الواثقي قال كنت أرى دائماً جعفر بن ورقاء يعرض على ابن مقلة في وزارته الرقاع الكثيرة في حوائج الناس في مجالس حفله وفى خلوته فربما عرض في اليوم أزيد من مئة رقعة فعرض عليه في مجلس خال شيئاً كثيراً فضجر وقال إلى كم يا أبا محمد؟ فقال على بابك الأرملة والضعيف وابن السبيل والفقير ومن لا يصل إليك وقال أيد الله الوزير إن كان فيها شيء لي فخرقه إنما أنت الدنيا ونحن طرق إليك فإذا سألونا سألناك فإن صعب هذا أمرتنا أن لا نعرض شيئاً ونعرف الناس بضعف جاهنا عندك ليعذرونا فقال أبو علي لم أذهب حيث ذهبت وإنما أومأت إلى أن تكون هذه الرقاع الكثيرة في مجلسين ولو كانت كلها تخصك لقضيتها فقبل جعفر يده.
قال الواثفي الحاجب كانت فاكهة ابن مقلة لما ولي الوزارة الأولة بخمس مئة دينار في كل يوم جمعة وكان لا بد له أن يشرب غبوقاً بعد الجمعة ويصطبح يوم السبت وذكر أنه رأى الشبكة على البستان من الإبريسم وتحتها صنوف الطيور مما يتجاوز الوصف: وقيل أنشأ دارا عظيمة فقيل:

قل لابن مقلة مهلاً لا تكن عجلاً

 

واصبر فإنك في أضغاث أحلام

تبني بأنقاض دور الناس مجتهداً

 

داراً ستهدم أيضـاً بـعـد أيام

ما زلت تختار سعد المشتري لها

 

فلم توق به من نحـس بـهـرام

إن القران وبطليموس ما اجتمعـا

 

في حال نقض ولا في حال إبرام

أحرقت بعد ستة أشهر وبقيت عبرة.
قال إسحاق بن إبراهيم الحارثي حدثنا الحسن بن علي بن مقلة قال كان سبب قطع يد أخي كلمة كان قد استقام أمره مع الراضي وابن رائق وأمرا برد ضياعه فدافع ناس فكتب أخي يعتب عليهم بكلام غليظ وكنا نشير عليه أن يستعمل ضد ذلك فيقول والله لا ذللت لهذا الوضيع وزاره صديق ابن رائق ومدبر دولته فما قام له وتكلم بفصل طويل ساقه ابن النجار يدل على تيهه وطيشه فقبض عليه بعد أيام وقطعت يده وكان إذا ركب يأخذ له الطالع جماعة من المنجمين.
قال التنوجي أخبرنا إبراهيم بن الحسن الديناري سمعت الحسين بن أبي علي بن مقلة يحدث أن الراضي بالله قطع لسان أبيه قبل موته بمدة وقتله بالجوع وكان سبب ذلك أن الراضي تندم على قطع يده واستدعاه من حبسه واعتذر إليه وكان يشاوره ويستدعيه في خلوته وقت الشرب وأنس به فقامت قيامة ابن رائق وخاف ودس من أشار على الخليفة بأن لا يدنيه إلى أن قال وكان أبي يكتب باليسرى خطاً لا يكاد أن يفرق من خطه باليمنى قال وما زالوا بالراضي حتى تخيل منه وأهلكه.
وللصولي فيه:

لئن قطعوا يمنى يديه لخوفـهـم

 

لأقلامه لا للسيوف الـصـوارم

فما قطعوا رأياً إذا مـا أجـالـه

 

رأيت المنايا في اللحى والغلاصم

مولده في شوال سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
ومات في حادي عشر شوال سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
اختلف فيه هل هو صاحب الخط المنسوب أو أخوه الحسن وكانا بديعي الكتابة والظاهر أن الحسن هو صاحب الخط وكان أول من نقل هذه الطريقة المولدة من القلم الكوفي.
ذكره ابن النجار وكان أديباً شاعراً وفد على ملك الشام سيف الدولة ونسخ له عدة مجلدات.
روى عنه أبو الفضل بن المأمون وأبو عبد الله الحسين النمري.
توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة وله سبعون سنة ثم نقل تابوته إلى بغداد.

المرتعش

الزاهد الولي أبو محمد عبد الله بن محمد النيسابوري الحيري تلميذ أبي حفص النيسابوري وصحب أبا عثمان الحيري والجنيد وسكن بغداد.
وكان يقال عجائب بغداد في التصوف ثلاث نكت أبي محمد المرتعش وحكايات الخلدي وإشارات الشبلي.
وكان المرتعش منقطعاً بمسجد الشونيزية.
حكى عنه محمد بن عبد الله الرازي وأحمد بن عطاء الروذباري وأحمد بن علي بن جعفر.
وسئل بماذا ينال العبد المحبة؟ قال بموالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله.
وقيل له فلان يمشي على الماء قال عندي أن من مكنه الله من مخالفة هواه فهو أعظم من المشي على الماء.
وسئل أي العمل أفضل؟ قال رؤية فضل الله.
وقد ذكره الخطيب فسماه جعفراً وقال كان من ذوي الأموال فتخلى عنها وسافر الكثير.
ويروى عنه قال جعلت سياحتي أن أمشي كل سنة ألف فرسخ حافياً حاسراً.
توفي رحمه الله سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.

المزين

الأستاذ العارف أبو الحسن البغدادي علي بن محمد المزين صحب سهل بن عبد الله التستري والجنيد وجاور بمكة.
وكان من أورع القوم وأكملهم حالاً.
حكى عنه أبو بكر الرازي وغيره ومحمد بن أحمد النجار وهو أبو الحسن المزين الصغير.
فأما أبو الحسن المزين الكبير البغدادي فآخر جاور فرقهما أبو عبد الرحمن السلمي وما يظهر لي إلا أنهما واحد.
توفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.

النهرجوري

الأستاذ العارف أبو يعقوب إسحاق بن محمد الصوفي النهرجوري صحب الجنيد وعمرو بن عثمان المكي وجاور مدة ومات بمكة.
قال أبو عثمان المغربي ما رأيت في مشايخنا أنور منه.
السلمي سمعت محمد بن عبد الله الرازي سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول في الفناء والبقاء هو فناء رؤية قيام العبد لله وبقاء رؤية قيام الله في الأحكام.
وعنه قال الصدق موافقة الحق في السر والعلانية وحقيقة الصدق القول بالحق في مواطن الهلكة.
قال إبراهيم بن فاتك سمعت أبا يعقوب يقول الدنيا بحر والآخرة ساحل والمركب التقوى والناس سفر.
وعنه قال اليقين مشاهدة الإيمان بالغيب.
وعنه أفضل الأحوال ما قارن العلم، توفي النهرجوري سنة ثلاثين وثلاث مئة.

ابن أخي أبي زرعة

الإمام المحدث الثقة أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ابن يزيد بن فروخ الرازي المخزومي مولاهم.
حدث عن عمه أبي زرعة الحافظ وارتحل فأخذ عن يونس بن عبد الأعلى وجماعة بمصر وعن أحمد بن منصور الرمادي ومحمد بن عيسى بن حيان المدائني ببغداد وعن يوسف بن سعيد بن مسلم وغيره بالجزيرة.
حدث عنه عبد الله بن أحمد الأصبهاني والد الحافظ أبي نعيم والحسن بن إسحاق بن راهويه وأبو بكر محمد بن عبيد الله الذكواني وأحمد بن القاضي أبي أحمد العسال وأبو بكر بن المقرئ وخلق سواهم.
قال أبو نعيم كان ثقة صاحب أصول وتوفي عندنا بأصبهان سنة عشرين وثلاث مئة رحمه الله.

ابن بلبل

الإمام القدوة الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن زياد بن إمام واسط يزيد بن هارون الزعفراني الواسطي ثم الهمذاني يعرف أبوه ببلبل.
روى عن الحسن بن محمد بن الصباح وسعدان بن نصر وأحمد بن بديل والحسن بن أبي الربيع وطبقتهم.
قال صالح بن أحمد كتبنا عنه وهو ثقة ورع صدوق سمعته يقول عندي عن أبي زرعة نحو خمسين ألف حديث.
توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة، قلت روى عنه أهل همذان.

الجويني

الإمام الكبير شيخ الإسلام أبو عمران موسى بن العباس الخراساني الجويني الحافظ مؤلف المسند الصحيح الذي خرجه كهيئة صحيح مسلم.
سمع عبد الله بن هاشم وأحمد بن أبي الأزهر ومحمد بن يحيى الذهلي وأحمد بن يوسف السلمي ويونس بن عبد الأعلى وبحر بن نصر وأحمد بن منصور الرمادي وطبقتهم.
حدث عنه الحسن بن سفيان وهو أحد شيوخه وأبو علي الحافظ وأبو سهل الصعلوكي وأبو أحمد الحاكم وأبو محمد المخلدي وآخرون.
قال الحاكم أبو عبد الله: هو حسن الحديث بمرة خرج على كتاب مسلم وصحب أبا زكريا الأعرج بمصر والشام.
وسمعت الحسن بن أحمد يقول: كان أبو عمران الجويني في دارنا وكان يقوم الليل ويصلي ويبكي طويلاً.
توفي أبو عمران بجوين سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أحمد بن منصور أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن يعني الإسفراييني أخبرنا موسى بن العباس حدثنا عبد الله بن هاشم حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض موته قال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس".
ومات مع الجويني إسماعيل بن العباس الوراق وأبو عبيد القاسم بن إسماعيل المحاملي وأبو نعيم بن عدي الجرجاني وعبيد الله بن عبد الرحمن السكري وإبراهيم نفطويه وأسامة بن علي بن سعيد الرازي.

العقيلي

الإمام الحافظ الناقد أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي الحجازي مصنف كتاب الضعفاء.
سمع من جده لأمه يزيد بن محمد العقيلي ومحمد بن إسماعيل الصائغ وإسحاق بن إبراهيم الدبري ومحمد بن إسماعيل الترمذي وعلي بن عبد العزيز ومحمد بن موسى البلخي صاحب عبيد الله بن موسى وأبي يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة وبشر بن موسى الأسدي ومحمد بن الفضل القسطاني لقيه بالري وعبد الله بن أحمد بن حنبل ويحيى بن عثمان بن صالح وأحمد بن علي الأبار وأبي جعفر مطين وعبيد بن غنام وآدم بن موسى صاحب البخاري وحاتم بن منصور الشاشي وأحمد بن داود المكي حدثه بمصر ومحمد بن أيوب بن الضريس وخلق كثير.
حدث عنه أبو الحسن بن نافع الخزاعي وأبو بكر محمد بن إبراهيم ابن المقرئ ويوسف بن أحمد بن الدخيل وطائفة.
قال مسلمة بن القاسم كان العقيلي جليل القدر عظيم الخطر ما رأيت مثله وكان كثير التصانيف فكان من أتاه من المحدثين قال اقرأ من كتابك ولا يخرج أصله قال فتكلمنا في ذلك وقلنا إما أن يكون من أحفظ الناس وإما أن يكون من أكذب الناس فاجتمعنا فاتفقنا على أن نكتب له أحاديث من روايته ونزيد فيها وننقص فأتيناه لنمتحنه فقال لي اقرأ فقرأتها عليه فلما أتيت بالزيادة والنقص فطن لذلك فأخذ مني الكتاب وأخذ القلم فأصلحها من حفظه فانصرفنا من عنده وقد طابت نفوسنا وعلمنا أنه من أحفظ الناس.
وقال القاضي أبو الحسن بن القطان الفاسي أبو جعفر العقيلي ثقة جليل القدر عالم بالحديث مقدم في الحفظ.
قال: وتوفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة. أنبأنا أحمد بن سلامة عن يحيى بن بوش عن أحمد بن عبد الجبار عن أحمد بن محمد العتيقي وسمعه قاضي القضاة محمد بن المظفر الشامي الحموي من العتيقي حدثنا يوسف بن الدخيل حدثنا محمد بن عمرو العقيلي الحافظ حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة حدثني سعيد بن منصور حدثنا ابن السماك قال خرجت إلى مكة فلقيني زرارة بن أعين بالقادسية فقال لي إن لي إليك حاجة وأرجو أن أبلغها بك وعظمها فقلت ما هي؟ فقال إذا لقيت جعفر بن محمد فأقرئه مني السلام وسله أن يخبرني من أهل الجنة أنا أم من أهل النار؟ فأنكرت عليه فقال لي إنه يعلم ذلك فلم يزل بي حتى أجبته فلما لقيت جعفر بن محمد أخبرته بالذي كان منه فقال هو من أهل النار فوقع في نفسي شيء مما قال فقلت ومن أين علمت ذلك فقال من ادعى علي أني أعلم هذا فهو من أهل النار فلما رجعت لقيني زرارة فأعلمته بقوله فقال كال لك يا أبا عبد الله من جراب النورة قلت: وما جراب النورة قال عمل معك بالتقية.
توفي مع العقيلي الحافظ أبو عمر أحمد بن خالد بن الجباب القرطبي والعارف خير النساج وأبو محمد عبيد الله المهدي صاحب المغرب والمسند أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي والحافظ أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن الأرزناني وشيخ الصوفية أبو بكر محمد بن علي الكتاني وشيخ الصوفية بمصر أبو علي الروذباري أحمد بن محمد وأبو نعيم بن عدي الحافظ في قول وقيل بعدها بعام.

ابن رشدين

الشيخ الإمام المحدث الثقة الصادق أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد المهدي المصري الوراق.
حدث عن الحارث بن مسكين وأبي الطاهر بن السرح وسلمة بن شبيب ويونس الصدفي وعدة.
روى عنه أبو سعيد بن يونس والطبراني وأبو بكر بن المقرئ ومحمد بن أحمد الإخميمي وجماعة.
وكان أسند من بقي.
توفي في المحرم سنة ست وعشرين وثلاث مئة وقد قارب التسعين.
وكان أبوه وجده ضعفاء علماء وما عملت في عبد الرحمن جرحاً.
ولله الحمد.

ابن الجباب

الإمام الحافظ الناقد محدث الأندلس أبو عمر أحمد بن خالد بن يزيد القرطبي ويعرف بابن الجباب وهي نسبة إلى بيع الجباب.
مولده في سنة ست وأربعين ومئتين.
سمع بقي بن مخلد ومحمد بن وضاح وقاسم بن محمد وإسحاق بن إبراهيم الدبري وعلي بن عبد العزيز البغوي وطبقتهم.
حدث عنه: ولده محمد ومحمد بن محمد بن أبي دليم والحافظ عبد الله بن محمد الباجي وأهل قرطبة.
وكان من أفراد الأئمة عديم النظير.
قال القاضي عياض: كان إماماً في الفقه لمالك وكان في الحديث لا ينازع سمع منه خلق كثير.
قال وصنف مسند مالك بن أنس و كتاب الصلاة و كتاب الإيمان و كتاب قصص الأنبياء.
وتوفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وقال بعضهم ما أخرجت الأندلس حافظاً مثل ابن الجباب وابن عبد البر.

أحمد بن بقي

ابن مخلد قاضي الجماعة العلامة أبو عمر القرطبي من كبار الأئمة علماً وعقلاً وجلالة.
حمل عن والده شيئاً كثيراً وولي القضاء عشر سنين وحمدت سيرته.
توفي في أثناء سنة وأربع وعشرين وثلاث مئة بقرطبة وله سبعون سنة أو أكثر منها رحمه الله تعالى.

ابن أيمن

الإمام الحافظ العلامة شيخ الأندلس ومسندها في زمانه أبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج القرطبي رفيق قاسم بن أصبغ الحافظ في الرحلة.
ولد سنة اثنتين وخمسين ومئتين.
سمع محمد بن وضاح ومحمد بن الجهم السمري ومحمد بن إسماعيل الصايغ وأحمد بن أبي خيثمة وإسماعيل بن إسحاق القاضي وجعفر بن محمد بن شاكر وعلي بن عبد العزيز البغوي ويحيى بن هلال وأمما سواهم.
روى عنه: عباس بن أصبغ الحجاري وولده أحمد بن محمد وطلبة الأندلس.
اشتهر اسمه وولي الصلاة بجامع قرطبة وكان بصيراً بالفقه مفتيا بارعا عارفا بالحديث وطرقه عالماً به صنف كتاباً في السنن خرجه على سنن أبي داود.
توفي في منتصف شوال سنة ثلاثين وثلاث مئة.
أخبرنا أبو محمد هارون من تونس عن أبي القاسم بن بقي عن شريح بن محمد عن علي بن أحمد الحافظ حدثنا حمام بن أحمد حدثنا عباس بن أصبغ حدثنا ابن أيمن حدثنا أحمد بن زهير حدثنا يحيى  ابن معين حدثنا حجاج بن محمد حدثنا شريك عن الأعمش عن فضيل ابن عمرو أراه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عروة: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال ابن عباس فما يقول عرية قال نهى أبو بكر وعمر عن المتعة قال أراهم سيهلكون أقول قال رسول الله ويقولون قال أبو بكر وعمر.
قلت ما قصد عروة معارضة النبي صلى الله عليه وسلم بهما بل رأى أنهما ما نهيا عن المتعة إلا وقد اطلعا على ناسخ.

ابن علك

الشيخ الإمام الحافظ الثقة أبو حفص عمر بن أحمد بن علي بن علك المروزي الجوهري.
سمع سعيد بن مسعود وأحمد بن سيار والعباس بن محمد الدوري وأبا قلابة ومحمد بن الليث وطبقتهم وقد قدم وحدث ببغداد.
روى عنه ابن المظفر وابن شاهين والدارقطني وعلي بن عمر الرازي الفقيه ومحمد بن إسحاق الكيساني وولده الحافظ عبد الله بن عمر بن علك.
توفي سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا إبراهيم بن علي في كتابه أخبرنا داود بن أحمد أخبرنا محمد ابن عمر القاضي أخبرنا عبد الصمد بن علي أخبرنا أبو الحسن الدارقطني حدثنا عمر بن أحمد الجوهري حدثنا يحيى بن إسحاق الكاجغوني حدثنا عبد الكبير بن دينار الصائغ عن أبي إسحاق الهمداني عن الأعمش عن إبراهيم بن علقمة عن عبد الله قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرجا فلم نصب ماء نتوضأ منه ولا نشربه ومع رسول الله إداوة فيها شيء من ماء فصبه في إناء ووضع كفه عليه ثم قال "هلم" قال فلقد رأيت ما بين أصابعه تفجر عيوناً.
الحديث تفرد به عبد الكبير وعند الكاجغوني.

ابن أخي رفيع

الحافظ الحجة الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن حسن الكلاعي مولاهم القرطبي الصائغ ابن أخي رفيع.
لم يسمع محمد بن وضاح والخشني وقد أدركهما.
وسمع من عبيد الله بن يحيى بن يحيى وطبقته.
وكان عارفاً بالرجال والعلل وقد اختصر مسند بقي وتفسيره.
مات في آخر سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.

الرازي

الإمام الحافظ العلامة الناقد أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن شهريار الرازي ثم النيسابوري صاحب التصانيف.
سكن والده نيسابور فولد أبو بكر بها.
سمع أبا حاتم الرازي والسري بن خزيمة وأبا قلابة الرقاشي وإبراهيم بن عبد الله العبسي صاحب وكيع وأبا يحيى بن أبي مسرة والحسن بن سلام السواق وعثمان بن سعيد الدارمي وطبقتهم وله رحلة طويلة ومعرفة جليلة.
حدث عنه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني رفيقه وأبو علي النيسابوري وأبو أحمد الحاكم وآخرون.
وقال أبو العباس بن عقدة سمعت منه وكان من الحفاظ.
قلت: مات كهلا عاش بضعا وخمسين سنة ومات بالطابران سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
أثنى عليه الحاكم وبالغ في تعظيمه.
وكان أبوه علي بن الحسين صاحب حديث أهل الري فتحول إلى نيسابور.
وروى عن سهل بن عثمان وعبد العزيز بن يحيى المدني وأحمد بن منيع وخلق.
ومات في سنة ثلاث وتسعين ومئتين ورخه حفيده أبو الحسن.
وحدث عن أبيه ومحمد بن داود بن سليمان ومحمد بن يعقوب بن الأخرم.

النهاوندي

الحافظ الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن إسحاق بن سيامرد النهاوندي.
عن: يونس بن عبد الأعلى ومحمد بن عزيز الأيلي وأبي عتبة الحمصي وعلي بن حرب وأبي زرعة وأحمد بن شيبان وعصام بن رواد وخلق.
حدث بهمذان في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
قال صالح بن أحمد: سمعت منه مع أبي وكان ثقة هيوبا ذا سنة يحفظ ويذاكر قدم علينا في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
وممن روى عنه عبد الرحمن بن الأنماطي.

الملحمي

المحدث العالم أبو بكر أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن سلم الخزاعي الملحمي القاضي من مشيحة بغداد.
سمع في رحلته من: محمد بن إبراهيم الصوري والكديمي وأحمد ابن محمد بن يحيى بن حمزة وبكر بن سهل وخلق.
وعنه الدارقطني وابن الشخير وعمر الكتاني وعبيد الله بن البواب وأحمد بن عبد الله بن أحمد بن جلين وآخرون.
ما علمت به بأساً.
توفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.

الجوزجاني

الشيخ المحدث الثقة القدوة أبو عبد الله أحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني ثم البغدادي.
ولد سنة خمس وثلاثين ومئتين.
وسمع أحمد بن المقدام العجلي وزياد بن أيوب وأبا عبيدن بن أبي السفر وطبقتهم. حدث عنه الدارقطني وعمر بن شاهين وعمر بن إبراهيم الكتاني وأبو الحسين بن جميع وآخرون.
وكان شيخاً صالحاً بكاءً خاشعاً ثقة.
مات في ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا أبو حفص بن القواس أخبرنا أبو القاسم ابن الحرستاني حضوراً أخبرنا ابن المسلم أخبرنا الحسين بن طلاب أخبرنا محمد بن أحمد أخبرنا أحمد بن علي حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر حدثنا زيد بن الحباب حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج.

الشهرزوري

الإمام الحافظ الثبت أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبيد بن جهينة الشهرزوري.
سمع الزعفراني وعمرو بن عبد الله الأودي وطبقتهما بالعراق ومحمد بن المقرئ بمكة وأبا زرعة بالري والعباس بن الوليد ببيروت والربيع بن سليمان بمصر ومحمد بن عوف بحمص.
وجمع وصنف.
حدث عنه: أهل الري وقزوين علي بن أحمد القزويني وعمر بن أحمد بن شجاع وأحمد بن علي بن الحسن الرازي وأبو بكر بن يحيى وعدة.
ولا أعرف وفاته ولا كثيراً من سيرته.

الإصطخري

الإمام القدوة العلامة شيخ الإسلام أبو سعيد الحسن بن أحمد ابن يزيد الإصطخري الشافعي فقيه العراق ورفيق ابن سريج.
سمع سعدان بن نصر وحفص بن عمرو الربالي وأحمد بن منصور الرمادي وعباساً الدوري وحنبل بن إسحاق وعدة.
وعنه: محمد بن المظفر والدارقطني وابن شاهين وأبو الحسن ابن الجندي وآخرون.
وتفقه به أئمة.
قال أبو إسحاق المروزي: لما دخلت بغداد لم يكن بها من يستحق أن يدرس عليه إلا ابن سريج وأبو سعيد الإصطخري.
وقال الخطيب: ولي قضاء قمر وولي حسبة بغداد فأحرق مكان الملاهي.
قال وكان ورعاً زاهداً متقللاً من الدنيا له تصانيف مفيدة منها كتاب أدب القضاء ليس لأحد مثله.
قلت: وهو صاحب وجه وقيل إن ثوبه وعمامته وطيلسانه وسراويل كان من شقة واحدة.
وقد استقضاه المقتدر على سجستان.
واستفتاه القاهر في الصابئين فأفتاه بقتلهم لأنهم يعبدون الكواكب فعزم الخليفة على ذلك فجمعوا مالاً جزيلاً وقدموه ففتر عنهم.
مات الإصطخري في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وثلاث ومئة وله نيف وثمانون سنة.
تفقه بأصحاب المزني والربيع.

محمد بن يوسف

ابن بشر الهروي الحافظ الصادق الرحال أبو عبد الله الشافعي الفقيه.
سمع الربيع بن سليمان المرادي والعباس بن الوليد البيروتي والحسن بن مكرم ومحمد بن عوف الطائي ومحمد بن حماد الطهراني وطبقتهم بمصر والشام والعراق.
حدث عنه: الطبراني والزبير بن عبد الواحد الأسداباذي والقاضي أبو بكر الابهري وعبد الواحد بن أبي هاشم المقرئ وطائفة آخرهم موتا أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد الدمشقي.
وثقه أبو بكر الخطيب وغيره.
وإنما طلب هذا الشأن في الكهولة ولو أنه سمع في حداثته لصار أسند أهل زمانه.
ولد سنة ثلاثين ومئتين.
وتوفي في شهر رمضان سنة ثلاثين وثلاث مئة.
أخبرنا أبو الفضل بن تاج الأمناء أنبأنا عبد المعز بن محمد وزينب بنت أبي القاسم قالا أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أبو سعيد الكنجروذي حدثنا محمد بن أحمد الحافظ حدثنا محمد بن يوسف الهروي بدمشق أخبرنا محمد بن حماد أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أبي هارون العبدي وعن معاوية بن قرة عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلاء يصيب هذه الأمة حتى لا يجد أحد ملجأ فيبعث الله من عترتي رجلاً يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لا تدع السماء من قطرها شيئاً إلا صبته مدرارا ولا تدع الأرض من نباتها شيئاً إلا أخرجته حتى يتمنى الأحياء الأموات يعيش في ذلك سبع سنين أو ثمان أو تسع سنين.
غريب فرد والواو التي مع عن معاوية ملحقة في نسختي فيحرر ذلك وأبو هارون واه.

محمد بن قاسم

ابن محمد بن قاسم بن محمد بن سيار الإمام الحافظ الكبير أبو عبد الله البياني بتشديد وسط الكلمة الأموي مولاهم الأندلسي القرطبي.
سمع أباه وبقي بن مخلد ومحمد بن وضاح.
وفي رحلته من أبي عبد الرحمن النسائي وأبي خليفة الجمحي ومطين ويوسف بن يعقوب القاضي ومحمد بن عثمان العبسي وطبقتهم.
قال أبو محمد الباجي لم أدرك بقرطبة من الشيوخ أكثر حديثاً منه. قلت كان عالماً ثقة رأساً في الشروط وعقد الوثائق.
حدث عنه ولده أحمد بن محمد وخالد بن سعد وسليمان بن أيوب وجماعة.
توفي في آخر سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.
وقيل في سنة ثمان وقد شاخ.

الكعبي

شيخ المعتزلة الأستاذ أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي الكعبي الخراساني صاحب التصانيف.
توفي سنة سبع وعشرين وثلاث مئة أرخه المؤيد وغيره.
وأما محمد بن إسحاق النديم فأرخه كما قدمنا سنة تسع وثلاث مئة وهذا خطأ.
فقد ذكره جعفر المستغفري في تاريخ نسف وأنه دخلها.
لا أستجيز أن أروي عنه لأنه كان داعية يعني إلى الاعتزال.
مات في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.

محمد بن مخلد

ابن حفص الإمام الحافظ الثقة القدوة أبو عبد الله الدوري ثم البغدادي العطار الخضيب.
ولد سنة ثلاث وثلاثين ومئتين.
وسمع يعقوب بن إبراهيم الدورقي وأبا حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي صاحب مالك ومحمد بن الوليد البسري والحسن بن عرفة ومحمد بن عثمان بن كرامة وأحمد بن عثمان الأودي والحسن بن محمد الزعفراني وأحمد بن محمد بن يحيى القطان ومسلم بن الحجاج القشيري وعبدوس بن بشر وأبا السائب سلم بن جنادة والحسن بن أبي الربيع ومحمد بن عمر بن أبي مذعور والزبير بن بكار وعيسى بن أبي حرب وخلائق.
وكتب مالا يوصف كثرة مع الفهم والمعرفة وحسن التصانيف.
حدث عنه ابن الجعابي والدارقطني وابن شاهين وابن الجندي وأحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي وأبو زرعة أحمد بن الحسين الرازي والمعافى الجريري وأبو الحسن محمد بن الفرات وأبو الفضل نصر بن أبي نصر الطوسي العطار وأبو عمر عبد الواحد بن محمد ابن عبد الله بن المهدي الفارسي وآخرون.
وكان موصوفاً بالعلم والصلاح والصدق والاجتهاد في الطلب طال عمره واشتهر اسمه وانتهى إليه العلو مع القاضي المحاملي ببغداد.
سئل الدارقطني عنه فقال ثقة مأمون.
قلت: توفي في شهر جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثية وثلاث مئة وله ثمان وتسعون سنة.
ومات فيها الواعظ المحدث يعقوب بن عبد الرحمن الجصاص الدعاء والمسند أبو بكر محمد بن أحمد بن الحافظ يعقوب بن شيبة السدوسي البغدادي ومسند الكوفة هناد بن السري الصغير يروي عن أبي سعيد الأشج ومسند البصرة المعمر أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني.
أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا الفتح بن عبد السلام أخبرنا هبة الله بن الحسين أخبرنا أحمد بن محمد البزاز حدثنا عيسى بن عيسى إملاء قال قرئ على محمد بن مخلد وأنا أسمع قيل: له حدثكم محمد بن سنان القزاز حدثنا أبو عمر الضرير حدثنا حماد بن سلمة أن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة يعني حدثهم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من غيب ماله عن الصدقة فإنا آخذوها وشطر ماله".

ابن أبي عثمان

الإمام الحافظ المجود القدوة الزاهد الأديب أبو بكر محمد بن الإمام الزاهد أبي عثمان سعيد بن إسماعيل النيسابوري الحيري.
سمع علي بن الحسن الهلالي ومحمد بن عبد الوهاب الفراء وتمتاما وإسماعيل القاضي وبكر بن سهل وكان واسع الرحلة عالماً.
روى عنه أبو علي الحافظ وولده أبو سعيد وأبو أحمد الحاكم.
وكان من كبار الغزاة في سبيل الله ويرابط بطرسوس.
توفي في المحرم سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.

المحاملي

القاضي الإمام العلامة المحدث الثقة مسند الوقت أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن سعيد بن أبان الضبي البغدادي المحاملي مصنف السنن مولده في أول سنة خمس وثلاثين ومئتين.
وأول سماعه في سنة أربع وأربعين ومئتين. فسمع من أبي حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي صاحب مالك ومن أبي الاشعث أحمد بن المقدام العجلي صاحب حماد بن زيد ومن عمرو بن علي الفلاس وزياد بن أيوب وأبي هشام الرفاعي ويعقوب بن الدورقي ومحمد بن المثنى العنزي وعبد الأعلى بن واصل وعبد الرحمن بن يونس الرقي السراج والحسن بن الصباح البزار ورجاء بن مرجى الحافظ وسعيد بن يحيى الأموي ومحمد بن إسماعيل البخاري والحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني وعمر بن محمد التل ومحمود ابن خداش وإسحاق بن بهلول وأبي جعفر محمد بن عبد الله المخرمي وأبي السائب سلم بن جنادة ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة والزبير بن بكار ومحمد بن عثمان بن كرامة وأحمد بن منصور زاج والحسن بن عرفة وإسماعيل بن أبي الحارث وحميد بن الربيع والعباس بن يزيد البحراني ومحمد بن جوان بن شعبة ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه والحسن بن محمد الزعفراني وإبراهيم بن هانئ النيسابوري وعباس الترفقي وخلق كثير.
وصار أسند أهل العراق مع التصدر للإفادة والفتيا ستين سنة.
حدث عنه: دعلج بن أحمد والطبراني والدارقطني وأبو عبد الله بن جميع وابن شاهين وإبراهيم بن عبد الله بن خرشيذ قوله وابن الصلت الأهوازي وأبو محمد بن البيع وأبو عمر بن مهدي وخلق قال أبو بكر الخطيب كان فاضلاً ديناً شهد عند القضاة وله عشرون سنة وولي قضاء الكوفة ستين سنة.
قال ابن جميع الصيداوي كان عند القاضي المحاملي سبعون نفسا من أصحاب سفيان بن عيينة.
وقال أبو بكر الداوودي كان يحضر مجلس المحاملي عشرة آلاف رجل.
واستعفى من القضاء قبل سنة عشرين وثلاث مئة وكان محمودا في ولايته.
عقد سنة سبعين ومئتين بالكوفة في داره مجلساً للفقه فلم يزل أهل العلم والنظر يختلفون إليه قال محمد بن الإسكاف رأيت في النوم كأن قائلاً يقول إن الله ليدفع عن أهل بغداد البلاء بالمحاملي.
قال حمزة بن محمد سمعت ابن شاهين يقول حضر معنا ابن المظفر مجلس القاضي المحاملي فقال لي يا أبا حفص ما عدمنا من ابن صاعد إلا عيينه.
يريد أن المحاملي نظير ابن صاعد في الثقة والعلو.
الصوري حدثنا ابن جميع قال يروي المحاملي عن محمد ابن عمرو بن أبي مذعور ويروي محمد بن مخلد العطار عن محمد بن عمرو بن أبي مذعور وهما أبناء عم لم يرو المحاملي عن شيخ ابن مخلد ولا روى ابن مخلد عن شيخ المحاملي.
أملى المحاملي مجالس عدة وأملى مجلساً في ثاني عشر ربيع الآخر سنة ثلاثين وثلاث مئة ثم مرض فمات بعد أحد عشر يوماً.
وفيها مات محدث أصبهان أبو جعفر محمد بن عمر بن حفص الجورجيري ومسند نيسابور أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال الخشاب وقاضي دمشق المحدث زكريا بن أحمد بن الحافظ يحيى بن موسى خت البلخي ومحدث حمص أبو هاشم عبد الغافر بن سلامة الحمصي في عشر المئة وشيخ الصوفية أبو يعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري وشيخ الشافعية أبو بكر محمد بن عبد الله الصيرفي البغدادي.
وصاحب بقي بن مخلد المحدث عبد الله بن يونس القبري والقدوة أبو صالح الدمشقي صاحب المسجد الذي بظاهر باب شرقي.
وقد وقع لنا سبعة أجزاء من عالي حديث المحاملي.
وكان آخر من روى حديثه عالياً السلفي وشهدة وخطيب الموصل.
أخبرنا أحمد بن إسحاق المقرئ أخبرنا أبو هريرة محمد بن الليث وزيد بن هبة الله قالا أخبرنا أحمد بن المبارك بن قفرجل أخبرنا عاصم ابن الحسن أخبرنا عبد الواحد بن محمد الفارسي أخبرنا الحسين بن إسماعيل حدثنا أحمد بن إسماعيل حدثنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس الزرقي أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض فقلت: أبالذهب والورق قال أما الذهب والورق فلا بأس به.
وبه قال المحاملي حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم عن خالد عن أبي قلابة عن كعب بن عجرة قال قملت حتى ظننت أن كل شعرة من رأسي فيها القمل من أصلها إلى فرعها فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم حيث رأى ذلك فقال احلق ونزلت هذه الآية.
وبه حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا عمر بن شبيب حدثنا عبد الملك بن عمير عن قزعة عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام وإلى مسجدي وإلى مسجد بيت المقدس".
رواه مسلم من طريق شعبة عن عبد الملك. أخو المحاملي

المحدث الثقة أبو عبيد القاسم بن إسماعيل الضبي، سمع أبا حفص الفلاس ومحمد بن المثنى العنزي ويعقوب بن إبراهيم الدورقي وعدة.
حدث عنه محمد بن المظفر والدارقطني وعيسى بن الوزير وآخرون.
مات في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة وكان من أبناء التسعين.

بنت المحاملي

العالمة الفقيهة المفتية أمة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل.
تفقهت بأبيها وروت عنه وعن إسماعيل الوراق وعبد الغافر الحمصي وحفظت القرآن والفقه للشافعي وأتقنت الفرائض ومسائل الدور والعربية وغير ذلك واسمها ستيتة.
قال البرقاني كانت تفتي مع أبي علي بن أبي هريرة.
وقال غيره كانت من أحفظ الناس للفقه.
وروى عنها الحسن بن محمد الخلال.
ماتت سنة سبع وسبعين وثلاث مئة، وهي والدة القاضي محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي.

ابن شنبوذ

شيخ المقرئين أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ المقرئ أكثر الترحال في الطلب.
وتلا على هارون بن موسى الأخفش وقنبل المكي وإسحاق الخزاعي وإدريس الحداد والحسن بن العباس الرازي وإسماعيل النحاس ومحمد بن شاذان الجوهري وعدد كثير قد ذكرتهم في طبقات القراء.
وسمع الحديث من عبد الرحمن كربزان ومحمد بن الحسين الحنيني وإسحاق بن إبراهم الدبري وطائفة.
وكان إماماً صدوقاً أميناً متصوناً كبير القدر.
تلا عليه أحمد بن نصر الشذائي وأبو الفرج الشنبوذي تلميذه وأبو أحمد السامري والمعافى الجريري وابن فورك القباب وإدريس بن علي المؤدب وأبو العباس وأبو العباس المطوعي وغزوان بن القاسم وخلق.
وحدث عنه أبو طاهر بن أبي هاشم وأبو الشيخ وأبو بكر بن شاذان واعتمده أبو عمرو الداني والكبار وثوقاً بنقله وإتقانه لكنه كان له رأي في القراءة بالشواذ التي تخالف رسم الإمام فنقموا عليه لذلك وبالغوا وعزروه والمسألة مختلف فيها في الجملة وما عارضوه أصلاً فيما أقرأ به ليعقوب ولا لأبي جعفر بل فيما خرج عن المصحف العثماني وقد ذكرت ذلك مطولاً في طبقات القراء.
قال أبو شامة كان الرفق بابن شنبوذ أولى وكان اعتقاله وإغلاظ القول له كافياً وليس كان بمصيب فيما ذهب إليه لكن أخطاؤه في واقعة لا تسقط حقه من حرمة أهل القرآن والعلم.
قلت مات في صفر سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة وهو في عشر الثمانين أو جاوزه.

عبد الصمد بن سعيد

ابن عبد الله بن سعيد بن يعقوب المحدث الحافظ أبو القاسم الكندي الحمصي قاضي حمص.
سمع يزيد بن عبد الصمد ومحمد بن عوف وسليمان بن عبد الحميد البهراني وعمران بن بكار وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر الطرابلسي وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي وينزل إلى أن يروي عن ابن جوصا ونحوه.
حدث عنه جمح بن القاسم وأبو سليمان بن زبر ومحمد بن موسى السمسار والقاضي أبو بكر الأبهري وأبو بكر بن المقرئ والحسن ابن عبد الله بن سعيد الكندي والقاضي علي بن محمد الحلبي وآخرون.
وجمع تاريخاً لطيفاً فيمن نزل حمص من الصحابة سمعناه وقد سمع منه شيخاه أنس بن السلم وابن جوصا.
قال ابن زبر توفي في سنة أربع وعشرين وثلاث ومئة.

الخرائطي

الإمام الحافظ الصدوق المصنف أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن سهل بن شاكر السامري الخرائطي.
صاحب كتاب مكارم الأخلاق وكتاب مساوئ الأخلاق وكتاب اعتلال القلوب وغير ذلك.
سمع الحسن بن عرفة وعلي بن حرب وعمر بن شبة وسعدان بن نصر وسعدان بن يزيد وحميد بن الربيع وأحمد بن منصور الرمادي وأحمد بن بديل وشعيب بن أيوب وعدة.
حدث عنه أبو سليمان بن زبر وأبو علي بن مهنا الدراني ومحمد وأحمد ابنا موسى السمسار والقاضي يوسف الميانجي وعبد الوهاب الكلابي ومحمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد وآخرون.
وحدث بدمشق وبعسقلان.
قال ابن ماكولا صنف الكثير وكان من الأعيان الثقات.
وقال الخطيب كان حسن الأخبار مليح التصانيف.
قيل مات بيافا في ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.

ابن الباغندي

الحافظ بن الحافظ بن الحافظ هو المتقن الإمام أبو ذر أحمد بن أبي بكر محمد بن محمد بن سليمان بن الباغندي.
سمع عمر بن شبة وسعدان بن نصر وعلي بن الحسين بن إشكاب وطبقتهم.
وعنه الدارقطني والمعافى النهرواني وعمر بن شاهين ويفضلونه على أبيه، توفي سنة ست وعشرين وثلاث مئة.