ابن الجندي

ابن الجندي

الشيخ أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمران بن الجندي النهشلي البغدادي.
ولد سنة ست وثلاث مئة.
وسمع من: أبي القاسم البغوي ويحيى بن صاعد وأبي سعيد العدوي.
حدث عنه: أبو الحسن العتيقي وأبو القاسم الأزهري وأبو محمد الخلال وأحمد بن محمد بن النقور وآخرون وعمر دهراً.
قال الأزهري: ليس بشيء حضرته وهو يقرأ عليه كتاب ديوان الأنواع الذي جمعه فقال لي ابن الآبنوسي: ليس هذا سماعه وإنما رأى على نسخة على ترجمتها اسم وافق اسمه فادعى ذلك.
وقال العتيقي: كان يرمى بالتشيع وكانت له أصول حسان.
مات في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وثلاث مئة.

المؤمل بن أحمد

ابن محمد الشيخ الصدوق أبو القاسم الشيباني البغدادي البزاز.
سكن مصر وحدث عن: أبي القاسم البغوي وأبي بكر بن أبي داود ويحيى بن صاعد وأبي حامد الحضرمي وطائفة.
روى عنه: يوسف بن رباح وأبو الحسين محمد بن مكي وجماعة.
وثقه الخطيب.
وعاش أربعاً وتسعين سنة توفي سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.

الكلابي

المحدث الصادق المعمر أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد بن موسى الكلابي الدمشقي أخو تبوك.
حدث عن: محمد بن خريم وطاهر بن محمد وسعيد بن عبد العزيز الحلبي وأبي الجهم بن طلاب وأبي الحسن بن جوصا وإبراهيم بن عبد الرحمن بن مروان وأبي عبيده بن ذكوان ومحمد بن بكار السكسكي وخلق سواهم.
حدث عنه: تمام الرازي وعبد الوهاب الميداني ورشأ بن نظيف وأبو علي الأهوازي وأبو القاسم الحنائي وأبو القاسم بن الفرات وأبو القاسم السميساطي وأبو الحسين محمد بن أحمد بن حسنون النرسي وخلق سواهم.
مولده كان في ذي القعدة سنة ست وثلاث مئة.
ومات في ربيع الأول سنة ست وتسعين وثلاث مئة وله تسعون سنة قاله عبد العزيز الكتاني وقال: كان ثقة نبيلاً مأموناً.
وفيها مات: أبو عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن الباجي الحافظ وأبو الحسين أحمد بن محمد بن عمران بن الجندي والإمام أبو سعد بن الإمام أبي بكر الإسماعيلي إسماعيل وعلي بن جعفر السيروان المعمر بمكة والقاضي علي بن محمد الحلبي والمحدث أبو عمرو محمد بن محمد البحيري وعلي بن محمد بن العلاف المقرئ وأبو بكر محمد بن علي الديباجي وأبو بكر بن زنبور الوراق.

ابن درستويه

الشيخ الإمام العدل أبو علي الحسن بن محمد بن درستويه الدمشقي.
روى عن: محمد بن خريم وأبي الحسن بن جوصا ومكحول البيروتي وجماعة.
وعنه: ولده محمد وعلي بن محمد الحنائي وأبو علي الأهوازي وأبو القاسم الحنائي وإبراهيم بن الخضر الصائغ.
أرخ الكتاني موته في ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وثلاث مئة وقال: كان ثقة ثبتاً رحمه الله.

أبو مسلم الكاتب

الشيخ العالم المقرئ: المسند الرحلة أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي بن الحسين البغدادي الكاتب نزيل مصر. حدث عن: أبي القاسم البغوي وأبي بكر بن أبي داود وابن صاعد ويزيد بن الهيثم وأبي بكر بن مجاهد وأبي بكر بن دريد وأبي عيسى بن قطن وأبي بكر بن الأنباري وسعيد بن محمد أخي زبير الحافظ وأبي علي محمد بن سعيد الحراني وأبي علي الحضائري وإبراهيم بن محمد ابن أحمد بن أبي ثابت وأبي القاسم زياد بن يونس لقيه بالقيروان في حدود الأربعين وثلاث مئة. وتفرد في الدنيا وكان خاتمه من حدث عن البغوي وابن أبي داود على لين فيه.
حدث عنه: الحافظ عبد الغني الأزدي وأبو عمرو الداني ورشأ بن نظيف وأبو علي الأهوازي وأحمد بن بابشاذ الجوهري وأبو الفضل بن بندار وأبو الحسين محمد بن مكي الأزدي ومحمد بن أبي عدي السمرقندي وأبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون الحسيني وعلي بن بقاء الوراق والقاضي محمد بن سلامة القضاعي وعدد كثير.
قال الخطيب: قال لي الصوري بعض أصول أبي مسلم عن البغوي وغيره جياد قلت: فكيف حاله من حال ابن الجندي فقال: قد اطلع منه على تخليط وهو أمثل من ابن الجندي حدثني وكيل أبي مسلم وكان محدثاً حافظاً يقال له أبو الحسين العطار قال: ما رأيت في أصول أبي مسلم عن البغوي شيئاً صحيحاً غير جزء واحد كان سماعه فيه صحيحاً وما عداه كان مفسوداً.
قال أبو بكر الخطيب: كان كاتب الوزير أبي الفضل بن خزابة.
وقال أبو إسحاق الحبال: مات أبو مسلم في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.

الأصيلي

الإمام شيخ المالكية عالم الأندلس أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي.
نشأ بأصيلا من بلاد العدوة وتفقه بقرطبة.
سمع ابن المشاط وابن السليم القاضي ووهب بن مسرة لقيه بوادي الحجارة وأبا الطاهر الذهلي وابن حيويه وأبا إسحاق بن شعبان وعدة بمصر وكتب بمكة عن أبي زيد الفقيه صحيح البخاري ولحق أبا بكر الآجري وأخذ ببغداد عن أبي بكر الشافعي وابن الصواف والقاضي الأبهري.
وله كتاب الدلائل في اختلاف مالك وأبي حنيفة والشافعي.
قال القاضي عياض: قال الدارقطني: حدثني أبو محمد الأصيلي ولم أر مثله.
قال عياض: كان من حفاظ مذهب مالك ومن العالمين بالحديث وعلله ورجاله يرى أن النهي عن إتيان أدبار النساء على الكراهة وينكر الغلو في الكرامات ويثبت منها ما صح. ولي قضاء سرقسطة. قال: وكان نظير ابن أبي زيد بالقيروان وعلى طريقته وهدية وفيه زعارة. حمل الناس عنه. توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة وشيعه أمم.

النصيبي

الإمام الحافظ البارع الناقد أبو العباس أحمد بن أبي الليث نصر ابن محمد النصيبي المصري نزيل نيسابور وصاحب التصانيف.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو باقعة في الحفظ شبهت مذاكرته بالسحر وكان يتقشف ويجالس الصالحين ثم ذهب إلى ما وراء النهر وأقبل على الأدب والشعر ودخل في الأعمال السلطانية ثم اجتمعت به هناك وحفظه كما كان فكنت أتعجب منه.
سمع بمصر أصحاب يونس بن عبد الأعلى وأحمد ابن أخي ابن وهب وبالشام أبا هاشم الكناني وأحمد بن عبد الرحيم القيسراني وبالعراق أبا عبد الله الحكيمي وإسماعيل الصفار وبنيسابور أبا العباس الأصم.
مات في سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
قلت: روى عنه الحاكم والقدماء ورأيت تصنيفاً في السنن مخروماً أظنه له وما أحسب أنه وقع لي شيء من حديثه إلا أن يكون بإجازة.
وفيها مات معه أبو حامد أحمد بن المزكي أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري والمسند أبو حامد أحمد بن عبد الله بن نعيم النعيمي السرخسي ومؤرخ مصر العلامة أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق المصري عن ثمانين سنة لقي الطحاوي ونحوه وشيخ القراء بمصر أبو أحمد عبد الله بن الحسين بن حسنون السامري في المحرم والشيخ أبو أحمد عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق بن جميل الأصبهاني راوي مسند أحمد ابن منيع سمعه من جده عنه ومسند العراق أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي السكري الصيرفي في شوال وشيخ الشافعية أبو عبد الله محمد ابن الحسن بن إبراهيم الجرجاني المعروف بالختن يعني ختن الإسماعيلي والقدوة الواعظ أبو طالب محمد بن علي بن عطية المكي صاحب القوت وصاحب مصر العزيز بالله نزار بن المعز معد العبيدي الرافضي وعالم المغرب أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي.

ابن خرشيذ قوله

الشيخ المسند أبو علي أحمد بن عمر بن خرشيذ قوله الأصبهاني التاجر أحد الأثبات.
كان كثير الترحال.
حدث بمصر ومكة وببغداد واستوطن مصر.
سمع أبا حامد الحضرمي وأبا بكر بن زياد النيسابوري.
وعنه: العتيقي وإسماعيل بن رجاء العسقلاني ورشأ بن نظيف وخلق.
وثقه الخطيب.
وقال الخطيب: مات في جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وثلاث مئة.
قلت: لعله نسيب أبي إسحاق بن خرشيذ قوله.
وفيها توفي أبو معاذ شاه بن عبد الرحمن الهروي وأبو عمر بن عبد الوهاب السلمي وأبو جعفر محمد بن محمد بن جعفر الماليني ومحمد ابن عبد الملك بن ضيفون القرطبي لقي ابن الأعرابي ويحيى بن إسماعيل الحربي المزكي.

الختن

الإمام العلامة شيخ الشافعية أبو عبد الله محمد بن الحسن بن إبراهيم الإستراباذي ثم الجرجاني الشافعي المعروف بالختن كان ختن الإمام أبي بكر الإسماعيلي.
مولده في سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.
كان رأساً في المذهب صاحب وجه مقدماً في علم الأدب وفي القراءات ومعاني القرآن ذكياً مناظراً كبير الشأن.
سمع من: أبي نعيم عبد الملك بن عدي وطبقته بجرجان ومن عبد الله بن جعفر بن فارس ونحوه بأصبهان ومن أبي العباس الأصم بنيسابور وأكثر عن الأصم.
وكان معنياً بالحديث عارفاً به شرح التلخيص لأبي العباس بن القاص.
خلف من الأولاد أبا بشر الفضل وأبا النضر عبد الله وأبا الحسن عبد الواسع.
تفقه به جماعة.
ومات بجرجان في يوم عرفة ودفن يوم النحر سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
حدث عنه طائفة منهم الحافظ حمزة بن يوسف السهمي.

ابن أخي ميمي

الشيخ الصدوق المسند أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين ابن عبد الله بن هارون البغدادي الدقاق أحد الثقات ويعرف بابن أخي ميمي.
سمع أبا القاسم البغوي وأبا جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول وأبا حامد الحضرمي وابن صاعد وإسماعيل الوراق وعدة.
حدث عنه: أبو طالب العشاري وأبو محمد بن هزارمرد وأبو الحسين بن النقور وجماعة كثيرة.
وانتشر حديثه.
مات في سلخ رجب سنة تسعين وثلاث مئة وكان من أبناء التسعين.
وقع لنا بالإجازة أربعة أجزاء من حديثه.
أنبأنا المؤمل بن محمد وغيره: أن الخضر بن كامل السروجي أخبرهم أخبرنا الحسين بن علي السبط أخبرنا أبو الحسن بن النقور أخبرنا محمد بن عبد الله الدقاق حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا أبو نصر التمار حدثتنا أم نهار عن عمتها أمينة أنها لقيت عائشة رضي الله عنها فسألتها عن الحناء فقالت: لا بأس به بقلة رطبة ولا تقربنه وأنتن حيض وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة والمقشورة والواصلة والموصولة.
هذا حديث غريب فرد. والمقشورة: التي تقشر وجهها بالغمرة.
@سير أعلام النبلاء

تصنيف الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى 748 ه 1374 ه

الجزء السابع عشر

صاحب الموصل

حسام الدولة، مقلد بن المسيب بن رافع بن المقلد العقيلي.
تغلب أخوه أبو الزواد محمد بن المسيب على الموصل سنة ثمانين وثلاث مئة، وزوج بنته بولد عضد الدولة، ومات سنة سبع وثمانين، فتملك مقلد.
وكان عاقلاً سائساً خبيراً، اتسعت ممالكه، وأتته خلع القادر بالله، واستخدم ألوفاً.
وله شعر وأدب، وفيه رفض.
وثب عليه مملوك في مجلس أنسه، فقتله في صفر سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، لكونه سمعه يقول: لولا ضجيعاك لزرتك.
رثاه الشريف الرضي. وجماعة.
وله أخبار في تاريخ ابن خلكان.
وتملك بعده ابنه معتمد الدولة قرواش، فدامت دولته نحواً من خمسين سنة.

الطوسي

الإمام الحافظ، أبو الفضل، نصر بن أبي نصر محمد بن أحمد بن يعقوب، الطوسي العطار.
ولد في حدود سنة عشر وثلاث مئة.
وسمع أبا محمد بن الشرقي، وأبا حامد بن بلال، وأبا عبد الله المحاملي، وابن مخلد العطار، وابن عقدة، ومحمد بن الحسين القطان، وابن الأعرابي، ومحمد بن وردان العامري، وأحمد بن زبان الكندي، وابن حبيب الأنصاري، وخيثمة، والربيع بن سلامة الرملي، وطبقتهم.
وكان واسع الرحلة، حسن التصانيف.
حدث عنه: الحاكم، والسلمي، وأبو نعيم، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون. قال الحاكم: هو أحد أركان الحديث بخراسان مع ما يرجع إليه من الدين والزهد والسخاء والتعصب لأهل السنة، أول رحلته كانت إلى مرو، إلى الليث بن محمد المروزي. قال: وما خلف يوم مات بالطابران مثله، وأما علوم الصوفية وأخبارهم ولقي مشايخهم، فإنه ما خلف في ذلك بخراسان مثله.
قلت: وقد صحب أبا بكر الشبلي ببغداد.
توفي في المحرم سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة.
أخبرنا ابن عساكر، عن عبد المعز، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد الطبيب، أخبرنا نصر بن محمد العطار، أخبرنا أحمد بن الحسين بمصر، حدثنا يوسف بن يزيد القراطيسي، حدثنا الوليد بن موسى، حدثنا منبه بن عثمان، عن عروة بن رويم، عن الحسن، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن مؤمني الجن لهم ثواب، وعليهم عقاب. فسألناه عن ثوابهم وعن مؤمنيهم، قال: على الأعراف وليسوا في الجنة قلنا: وما الأعراف ؟ قال: حائط الجنة تجري فيه الأنهار، وتنبت فيه الأشجار والثمار.
هذا حديث منكر جداً.

ابن بكير

الإمام المحدث الحافظ، مفيد بغداد، أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير، البغدادي الصيرفي.
سمع أبا جعفر ابن البختري، وإسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، والنجاد، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن شاهين وهو من شيوخه، وأبو العلاء الواسطي، وعبيد الله الأزهري، وأبو القاسم التنوخي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وجماعة.
قال الأزهري: سمعته يقول: هذا الحديث كتبه عني محمد بن إسماعيل الوراق، والدارقطني.
قال الأزهري: كنت أحضر عنده وبين يديه أجزاء، فأنظر فيها، فيقول: أيما أحب إليك: تذكر لي متناً حتى أخبرك بإسناده، أو تذكر إسناداً حتى أخبرك بمتنه ؟ فكنت أذكر له المتون، فيحدثني بأسانيدها كما هي حفظاً، فعلت هذا معه مراراً كثيرةً، وكان ثقةً، لكنهم حسدوه، وتكلموا فيه.
قال ابن أبي الفوارس: كان يتساهل في الحديث، ويلحق في بعض أصول الشيوخ ما ليس منها، ويصل المقاطيع.
توفي ابن بكير في ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة، وعاش إحدى وستين سنةً، رحمه الله.

ابن أبي زيد

الإمام العلامة القدوة الفقيه، عالم أهل المغرب، أبو محمد، عبد الله بن أبي زيد، القيرواني المالكي، ويقال له: مالك الصغير.
وكان أحد من برز في العلم والعمل.
قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأقطار ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخص المذهب، وملأ البلاد من تواليفه، تفقه بفقهاء القيروان، وعول على أبي بكر بن اللباد. وأخذ عن: محمد بن مسرور الحجام، والعسال، وحج، فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي، ومحمد بن الفتح، والحسن بن نصر السوسي، ودراس بن إسماعيل، وغيرهم.
سمع منه خلق كثير منهم: الفقيه عبد الرحيم بن العجوز السبتي، والفقيه عبد الله بن غالب السبتي، وعبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني.
صنف كتاب: النوادر والزيادات في نحو المئة جزء، واختصر المدونة، وعلى هذين الكتابين المعول في الفتيا بالمغرب، وصنف كتاب العتبية على الأبواب، وكتاب الاقتداء بمذهب مالك، وكتاب الرسالة، وكتاب الثقة بالله والتوكل على الله، وكتاب المعرفة والتفسير، وكتاب إعجاز القرآن، وكتاب النهي عن الجدال، ورسالته في الرد على القدرية، ورسالته في التوحيد، وكتاب من تحرك عند القراءة.
وقيل: إنه صنع رسالته المشهورة وله سبع عشرة سنة.
وكان مع عظمته في العلم والعمل ذا بر وإيثار وإنفاق على الطلبة وإحسان.
وقيل: إنه نفذ إلى القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي ألف دينار، وهذا فيه بعد فإن عبد الوهاب لم يشتهر إلا بعد زمان أبي محمد.
نعم قد وصل الفقيه يحيى بن عبد العزيز العمري حين قدم القيروان. بمئة وخمسين ديناراً، وجهزت بنت الشيخ أبي الحسن القابسي بأربع مئة دينار من مال ابن أبي زيد.
وقيل: إن محرزاً التونسي أتي بابنة ابن أبي زيد وهي زمنة، فدعا لها، فقامت، فعجبوا، وسبحوا الله، فقال: والله، ما قلت إلا: بحرمة والدها عندك اكشف ما بها. فشفاها الله.
قلت: وكان رحمه الله على طريقة السلف في الأصول، لا يدري الكلام، ولا يتأول، فنسأل الله التوفيق. وقد حدث عنه بالسيرة النبوية تهذيب ابن هشام عبد الله بن الوليد بسماعه من عبد الله بن جعفر بن الورد، لقيه بمصر.
ولما توف رثاه عدة من الشعراء.

أبو الهيثم

قل أبو إسحاق الحبال: مات ابن أبي زيد لنصف شعبان سنة تسع وثمانين وثلاث مئة، وكذا أرخه أبو القاسم بن مندة، وأرخ موته القاضي عياض وغيره في سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
شيخ الحنفية، نعمان زمانه، القاضي أبو الهيثم، عتبة بن خيثمة، ابن محمد بن حاتم، النيسابوري الحنفي.
سمع من: أبي العباس الأصم وجماعة.
وتفقه على أبي الحسن النيسابوري قاضي الحرمين.
وصار أوحد عصره في المذهب حتى قيل: لم يبق بخراسان قاض حنفي إلا وهو ينتمي إليه.
قال الإمام أبو عبد الله الحليمي: لقد بارك الله في علم الفقيه أبي الهيثم، فليس بما وراء النهر أحد يرجع إلى النظر والجدل إلا من أصحابه.
قلت: روى عنه الحاكم في تاريخه حديثاً، وعظمه، وأثنى عليه.
بقي إلى حدود نيف وثمانين وثلاث مئة.

الصيمري

شيخ الشافعية وعالمهم، القاضي أبو القاسم، عبد الواحد بن الحسين الصيمري، من أصحاب الوجوه.
تفقه بأبي حامد المروروذي، وبأبي الفياض.
وارتحل الفقهاء إليه إلى البصرة، وعليه تفقه أقضى القضاة الماوردي.
وصنف كتاب: الإيضاح في المذهب سبع مجلدات، وكتاب القياس والعلل، وغير ذلك.
وقد حدث ببعض كتبه في سنة سبع وثمانين وثلاث مئة رحمه الله.

ابن أبي عامر

الملك المنصور، حاجب الممالك الأندلسية، أبو عامر، محمد بن عبد الله بن أبي عامر محمد بن وليد القحطاني المعافري القرطبي، القائم بأعباء دولة الخليفة المرواني المؤيد بالله هشام بن الحكم أمير الأندلس، فإن هذا المؤيد استخلف ابن تسع سنين، وردت مقاليد الأمور إلى الحاجب هذا، فيعمد إلى خزائن كتب الحكم، فأبرز ما فيها، ثم أفرد ما فيها من كتب الفلسفة، فأحرقها بمشهد من العلماء، وطمر كثيراً منها، وكانت كثيرةً إلى الغاية، فعله تقبيحاً لرأي المستنصر الحكم.
وكان بطلاً شجاعاً، حازماً سائساً، غزاءً عالماً، جم المحاسن، كثير الفتوحات، عالي الهمة، عديم النظر، وسيأتي من أخباره في ترجمة المؤيد.
دام في المملكة نيفاً وعشرين سنة، ودانت له الجزيرة. وأمنت به، وقد وزر له جماعة.
وكان المؤيد معه صورةً بلا معنى، بل كان محجوباً لا يجتمع به أمير ولا كبير، بل كان أبو عامر يدخل عليه قصره، ثم يخرج فيقول: رسم أمير المؤمنين بكذا وكذا، فلا يخالفه أحد، وإذا كان بعد سنة أو أكثر، أركبه فرساً، وجعل عليه برنساً، وحوله جواريه راكبات، فلا يعرفه أحد.
وقد غزا أبو عامر في مدته نيفاً وخمسين غزوة، وكثر السبي حتى لأبيعت بنت عظيم ذات حسن بعشرين ديناراً، ولقد جمع من غبار غزواته ما عملت منه لبنة، وألحدت على خده، أو ذر ذلك على كفنه.
توفي بأقصى الثغور بالبطن سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
وكان جواداً ممدحاً معطاءً.
وتملك بعده ابنه أبو مروان عبد الملك.

المرجي

الشيخ المعمر، أبو القاسم، نصر بن أحمد بن محمد بن الخليل الموصلي المرجي، الراوي عن أبي يعلى الموصلي، بل هو خاتمة من روى عنه.
روى عنه خلق كثير، منهم: أبو الحسن علي بن عبيد الله الهمذاني الكسائي، وعبد الله بن جعفر الخبازي الحافظ، وعبيد الله بن أحمد بن عبد الأعلى الرقي، وقاضي الموصل أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني، والمقرىء أبو علي الحسن بن علي الأهوازي، وأحمد بن عبد الباقي بن طوق.
وما علمت فيه جرحاً.
وبقي إلى سنة تسعين وثلاث مئة.
وقد أجاز لجماعة آخرهم القاسم بن البسري.
توفي في عشر المئة رحمه الله.

ابن جني

إمام العربية، أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، صاحب التصانيف.
كان أبوه مملوكاً رومياً لسليمان بن فهد الموصلي.
وله ترجمة طويلة في تاريخ الأدباء لياقوت.
لزم أبا علي الفارسي دهراً، وسافر معه حتى برع وصنف، وسكن بغداد، وتخرج به الكبار.
وله سر الصناعة واللمع، والتصريف، والتلقين في النحو، والتعاقب، والخصائص، والمقصور والممدود، وما يذكر ويؤنث، وإعراب الحماسة، والمحتسب في الشواذ.
وله نظم جيد.
خدم عضد الدولة وابنه، وقرأ على المتنبي ديوانه، وشرحه، وله مجلد في شرح بيت لعضد الدولة.
أخذ عنه: الثمانيني، وعبد السلام البصري. توفي في صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة.
ولد قبل الثلاثين وثلاث مئة، وكان أعور.

الجرجاني

القاضي العلامة، أبو الحسن، علي بن عبد العزيز الجرجاني، الفقيه الشافعي الشاعر، صاحب الديوان المشهور.
ولي القضاء فحمد فيه، وكان صاحب فنون ويد طولى في براعة الخط.
ورد نيسابور في صباه في سنة سبع وثلاثين وسمع الحديث.
وقد أبان عن علم غزير في كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه، ولي قضاء الري مدة.
قال الثعالبي: هو فرد الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقة العلم، وقبة تاج الأدب، وفارس عسكر الشعر، يجمع خط ابن مقلة إلى نثر الجاحظ إلى نظم البحتري.
قلت: هو صاحب تيك الأبيات الفائقة:

يقولون لي فيك انقبـاضٌ وإنـمـا

 

رأوا رجلاً عن موقف الذّلّ أحجما

مات بالري في سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة، ونقل تابوته إلى جرجان.
وله تفسير كبير، وكتاب تهذيب التاريخ.
قال الثعالبي: ترقى محل أبي الحسن إلى قضاء القضاة، فلم يعزله إلا موته.
وقال أبو سعد الآبي في تاريخه: كان هذا القاضي لم ير لنفسه مثلاً ولا مقارباً، مع العفة والنزاهة والعدل والصرامة.
توفي في الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة 396، ووهم ابن خلكان، وصحح أنه توفي سنة 366. وإنما ذاك آخر وهو: المحدث أبو الحسن:

علي بن أحمد بن عبد العزيز الجرجاني

نزيل نيسابور.
حدث عن الفربري بالصحيح، وعن أبي بشر المصعبي.
وهاه الحاكم، وقال: ظهرت منه المجازفة، فترك، وحدثنا بالعجائب عن المصعبي.

الطبقة الثانية والعشرون

الخطابي

الإمام العلامة، الحافظ اللغوي، أبو سليمان، حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، صاحب التصانيف.
ولد سنة بضع عشرة وثلاث مئة.
وسمع من: أبي سعيد بن الأعرابي بمكة، ومن إسماعيل بن محمد الصفار وطبقته ببغداد، ومن أبي بكر بن داسة وغيره بالبصرة، ومن أبي العباس الأصم، وعدة بنيسابور. وعني بهذا الشأن متناً وإسناداً.
وروى أيضاً عن أبي عمرو بن السماك، ومكرم القاضي، وأبي عمر غلام ثعلب، وحمزة بن محمد العقبي، وأبي بكر النجاد، وجعفر بن محمد الخلدي.
وأخذ الفقه على مذهب الشافعي عن أبي بكر القفال الشاشي، وأبي علي بن أبي هريرة، ونظرائهما.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم وهو من أقرانه في السن والسند، والإمام أبو حامد الإسفراييني، وأبو عمرو محمد بن عبد الله الرزجاهي، والعلامة أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي، وأبو مسعود الحسين بن محمد الكرابيسي، وأبو ذر عبد بن أحمد، وأبو نصر محمد بن أحمد البلخي الغزنوي، وجعفر بن محمد بن علي المروذي المجاور، وأبو بكر محمد بن الحسين الغزنوي المقرىء، وعلي بن الحسن السجزي الفقيه، ومحمد بن علي بن عبد الملك الفارسي الفسوي، وأبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، وطائفة سواهم.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الفقيه، وشهدة بنت حسان قالا: أخبرنا جعفر بن علي المالكي، أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: وأما أبو سليمان الشارح لكتاب أبي داود، فإذا وقف منصف على مصنفاته، واطلع على بديع تصرفاته في مؤلفاته، تحقق إمامته وديانته فيما يورده وأمانته، وكان قد رحل في الحديث وقراءة العلوم، وطوف، ثم ألف في فنون من العلم، وصنف، وفي شيوخه كثرة، وكذلك في تصانيفه، منها شرح السنن، الذي عولنا على الشروع في إملائه وإلقائه، وكتابه في غريب الحديث، ذكر فيه ما لم يذكره أبو عبيد، ولا ابن قتيبة في كتابيهما، وهو كتاب ممتع مفيد، ومحصله بنية موفق سعيد، ناولنيه القاضي أبو المحاسن بالري، وشيخه فيه عبد الغافر الفارسي يرويه عن أبي سليمان، ولم يقع لي من تواليفه سوى هذين الكتابين مناولةً لا سماعاً عند اجتماعي بأبي المحاسن، لعارضة قد برحت بي، وبلغت مني، لولاها لما توانيت في سماعهما، وقد روى لنا الرئيس أبو عبد الله الثقفي كتاب العزلة. عن أبي عمرو الرزجاهي، عنه، وأنا أشك هل سمعته كاملاً أو بعضه... إلى أن قال السلفي: وحدث عنه أبو عبيد الهروي في كتاب: الغريبين، فقال: أحمد بن محمد الخطابي، ولم يكنه. ووافقه على ذلك أبو منصور الثعالبي في كتاب اليتيمة، لكنه كناه، وقال: أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم البستي صاحب غريب الحديث، والصواب في اسمه: حمد، كما قال الجم الغفير، لا كما قالاه، وقال أحد الأدباء ممن أخذ عن ابن خرزاذ النجيرمي: وهو أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي من ولد زيد بن الخطاب، وله رحمه الله شعر هو سحر.
قلت: وله شرح الأسماء الحسنى، وكتاب: الغنية عن الكلام وأهله، وغير ذلك.
أخبرنا أبو الحسن وشهدة قالا: أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو المحاسن الروياني، سمعت أبا نصر البلخي، سمعت أبا سليمان الخطابي، سمعت أبا سعيد بن الأعرابي ونحن نسمع عليه هذا الكتاب يعني سنن أبي داود يقول: لو أن رجلاً لم يكن عنده من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب الله، ثم هذا الكتاب، لم يحتج معهما إلى شيء من العلم بتة.
قال أبو يعقوب القراب: توفي الخطابي ببست في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
قلت: وفيها مات محدث إسفرايين، أبو النضر شافع بن محمد بن أبي عوانة الإسفراييني في عشر التسعين، ومحدث بروجرد القاضي أبو الحسين عبيد الله بن سعيد البروجردي في عشر المئة، يروي عن ابن جرير، والباغندي. ومسند نيسابور أبو الفضل عبيد الله بن محمد الفامي، ومقرىء مصر أبو حفص عمر بن عراك الحضرمي، ومقرىء العراق أبو الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، وشيخ الأدب أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي ببغداد، ومسند مرو أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي الفقيه عن مئة عام، وعالم مصر أبو بكر محمد ب علي الأدفوي المقرىء المفسر، ومحدث مكة أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن الدخيل.
أخبرنا أحمد بن سلامة كتابةً، عن عبد الغني بن سرور الحافظ، أخبرنا إسماعيل بن غانم، أخبرنا عبد الواحد بن إسماعيل، أخبرنا محمد بن أحمد البلخي، حدثنا حمد بن محمد، حدثنا محمد بن زكريا، حدثنا أبو داود، حدثنا بن حزابة، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا أسباط، عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن.
وهو القائل:

وما غربة الإنسان في شقّة النّوى

 

ولكنّها والله في عدم الشّـكـل

وإنّي غريبٌ بين بستٍ وأهلـهـا

 

وإن كان فيها أُسرتي وبها أهلي

ابن مندة

الإمام الحافظ الجوال، محدث الإسلام، أبو عبد الله، محمد بن المحدث أي يعقوب إسحاق بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن يحيى بن مندة، واسم مندة إبراهيم بن الوليد بن سندة بن بطة بن أستندار بن جهار بخت، وقيل: إن اسم استندار هذا فيرزان، وهو الذي أسلم حين افتتح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبهان، وولاؤه لعبد القيس، وكان مجوسياً، فأسلم، وناب عن بعض أعمال أصبهان، العبدي الأصبهاني الحافظ، صاحب التصانيف.
مولده في سنة عشر وثلاث مئة، أو إحدى عشرة.
وأول سماعه في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة. سمع من: أبيه، وعم أبيه عبد الرحمن بن يحيى بن مندة، ومحمد ابن القاسم بن كوفي الكراني، ومحمد بن عمر بن حفص، وعبد الله بن يعقوب بن إسحاق الكرماني، وأبي علي الحسن بن محمد بن النضر، وهو ابن أبي هريرة، وعبد الله بن إبراهيم المقرىء، ومحمد بن حمزة بن عمارة، وأبي عمرو بن حكيم، وأحمد بن محمد اللنباني، وخلق بأصبهان، وأبي سعيد بن الأعرابي وطبقته بمكة، وجعفر بن محمد بن موسى العلوي بالمدينة، وأحمد بن زكريا المقدسي، وعدة ببيت المقدس، وأبي حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وأبي علي محمد بن أحمد الميداني، وحاجب بن أحمد، وأبي العباس الأصم، وأبي عبد الله ابن الأخرم، وأبي بكر محمد بن علي بن محمد، ومحمد بن علي بن عمر، والحسين بن محمد بن معاذ قوهيار، وأبي عثمان عمرو بن عبد الله البصري، وطبقتهم بنيسابور، ارتحل إليها أولاً وعمره تسع عشرة سنة، وسمع بها نحواً من خمس مئة ألف حديث، وسمع ببخارى من الهيثم بن كليب الشاشي، وطائفة، وسمع ببغداد من إسماعيل الصفار، وأبي جعفر ابن البختري الرزاز وطبقتهما، وسمع بمصر من أبي الطاهر أحمد بن عمرو المديني، والحسن بن يوسف الطرائفي، وأحمد بن بهزاد الفارسي وأقرانهم، وبسرخس من عبد الله بن محمد بن حنبل، وبمرو محمد بن أحمد بن محبوب ونظرائه، وبدمشق من إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان القنطري، وجعفر بن محمد بن هشام، وابن أبي العقب، وخلق، وبطرابلس خيثمة بن سليمان القرشي، وبحمص الحسن بن منصور الإمام، وبتنيس عثمان بن محمد السمرقندي، وبغز علي بن العباس الغزي، وسمع من خلق سواهم بمدائن كثيرة.
ولم أعلم أحداً كان أوسع رحلةً منه، ولا أكثر حديثاً منه مع الحفظ والثقة، فبلغنا أن عدة شيوخه ألف وسبع مئة شيخ.
ويروي بالإجازة عن: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبي العباس بن عقدة، والفضل بن الحصيب، وطائفة أجازوا له باعتناء أبيه وأهل بيته.
ولم يعمر كثيراً، بل عاش أربعاً وثمانين سنة.
وأخذ عن أئمة الحفاظ كأبي أحمد العسال، وأبي حاتم بن حبان، وأبي علي النيسابوري، وأبي إسحاق بن حمزة، والطبراني، وأمثالهم.
حدث عنه: الحافظ أبو الشيخ أحد شيوخه، وأبو بكر بن المقرىء، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الله غنجار، وأبو سعد الإدريسي، وتمام بن محمد الرازي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأحمد ابن الفضل الباطرقاني، وأحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفضل عبد الرحمن ابن أحمد بن بندار الرازي، وأبو المظفر عبد الله بن شبيب، وأبو أحمد عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يحيى بن مندة البقال، وأبو طاهر عمر بن محمد المؤدب، ومحمد بن أحمد بن الحسين المقرىء، ومحمد بن عبد الملك بن محمد البزار الزاهد، وأبو الفتح طاهر بن مموين، وأبو الحسن عدنان بن عبد الله المؤذن، وأبو مسلم محمد بن علي بن محمد الوراق، وحمد بن أحمد بن عمر بن ولكيز، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن المرزبان المقرىء الصيدلاني، وأبو الطيب أحمد بن محمد بن عمر التاجر، وأحمد بن علي بن عقبة، وأحمد ابن محمد بن مسلم الصباغ الأعرج، وأحمد بن عبد العزيز بن ما شاذه الثقفي الواعظ، وأحمد بن علي بن شجاع المصقلي، وأحمد بن محمد بن إبراهيم سبط الصالحاني، وأبو طاهر أحمد بن محمد بن عمر النقاش، وحمد بن محمد العسال، وزياد بن محمد بن زياد البقال، وسليمان بن عبد الرحيم الحسناباذي، وشيبان بن عبد الله البرجي الواعظ، وطلحة بن أحمد ابن بهرام القصار، وعبد الرحمن بن زفر الدلال، وعبد الواحد بن أحمد بن صالح المعلم، وعبد الرزاق بن سلهب، وأخوه عمر، وعلي بن محمد بن إبراهيم القطان، والفضل بن أحمد الأعمى، والفضل بن عبد الواحد النجاد، ومحمد بن عمر البقال، وأبو بكر محمد بن أحمد بن أسيد الواعظ، ومحمد بن عمر بن إبراهيم الطهراني، ومنصور بن ينال الشاعر، وأبو طاهر منتجع بن أحمد الأنصاري، والمطهر بن عبد الواحد البزاني، وكريمة بنت أبي سعد التميمي، وعائشة بنت الحسن الوركانية من شيوخ الخلال، وعلي بن القاسم بن إبراهيم بن شبويه الخياط، وعبد الواحد بن أحمد المعداني، وأبو عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء، وشجاع المصقلي، وخلق، وأولاده أبو القاسم عبد الرحمن، وأبو عمرو عبد الوهاب، وعبيد الله، وإسحاق. قال الباطرقاني: حدثنا أبو عبد الله بن مندة إمام الأئمة في الحديث لقاه الله رضوانه.
وقال الحاكم: التقينا ببخارى في سنة إحدى وستين وثلاث مئة، وقد زاد زيادةً ظاهرةً، ثم جاءنا إلى نيسابور سنة خمس وسبعين ذاهباً إلى وطنه، فقال شيخنا أبو علي الحافظ: بنو مندة أعلام الحفاظ في الدنيا قديماً وحديثاً، ألا ترون إلى قريحة أبي عبد الله.
وقيل: إن أبا نعيم الحافظ ذكر له ابن مندة، فقال: كان جبلاً من الجبال. فهذا يقوله أبو نعيم مع الوحشة الشديدة التي بينه وبينه.
قال أبو عبد الله بن أبي ذهل: سمعت أبا عبد الله بن مندة يقول: لا يخرج الصحيح إلا من ينزل في الإسناد أو يكذب. يعني أن المشايخ المتأخرين لا يبلغون في الإتقان رتبة الصحة، فيقع في الكذب الحافظ إن خرج عنهم وسماه صحيحاً، أو يروي الحديث بنزول درجة ودرجتين.
وقيل: كان ابن مندة إذا قيل له: فاتك سماع كذا وكذا يقول: ما فاتنا من البصرة أكثر.
قلت: ما دخل البصرة، فإنه ارتحل إليها إلى مسندها علي بن إسحاق المادرائي، فبلغ موته قبل وصوله إليها، فحزن ورجع.
ومن تصانيفه: كتاب الإيمان، كتاب التوحيد، كتاب الصفات، كتاب التاريخ كبير جداً، كتاب معرفة الصحابة، كتاب الكنى، وأشياء كثيرة.
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: لابن مندة في كتاب معرفة الصحابة أوهام كثيرة.
وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: ابن مندة حافظ من أولاد المحدثين، اختلط في آخر عمره، فحدث عن ابن أسيد، وابن أخي أبي زرعة الرازي، وابن الجارود بعد أن سمع منه أن له عنهم إجازةً، وتخبط في أماليه، ونسب إلى جماعة أقوالاً في المعتقدات لم يعرفوا بها، نسأل الله الستر والصيانة.
قلت: لا نعبأ بقولك في خصمك للعداوة السائرة، كما لا نسمع أيضاً قوله فيك، فلقد رأيت لابن مندة حطاً مقذعاً على أبي نعيم وتبديعاً، وما لا أحب ذكره، وكل منهما فصدوق في نفسه، غير متهم في نقله بحمد الله.
قال أحمد الباطرقاني: كتب إمام دهره أبو أحمد العسال إلى ابن مندة وهو بنيسابور في حديث أشكل عليه، فأجابه بإيضاحه، وبيان علته.
ونقل غير واحد عن أبي إسحاق بن حمزة أنه قال: ما رأيت مثل أبي عبد الله بن مندة.
أنبأني علي بن أحمد وطائفة، عن زاهر بن أحمد: أخبرنا الحسين بن عبد الملك قال: كتب إلي عبد الرحمن بن أبي عبد الله: أن والده كتب عن أربعة مشايخ أربعة آلاف جزء، وهم: أبو سعيد بن الأعرابي، وأبو العباس الأصم، وخيثمة الأطرابلسي، والهيثم الشاشي، قال: وسمعت أبي يقول: كتبت عن ألف وسبع مئة نفس.
قال جعفر بن محمد المستغفري: ما رأيت أحداً أحفظ من أبي عبد الله بن مندة، سألته يوماً: كم تكون سماعات الشيخ ؟ فقال: تكون خمسة آلاف من.
قلت: يكون المن نحواً من مجلدين أو مجلداً كبيراً.
وقال أحمد بن جعفر الحافظ: كتبت عن أزيد من ألف شيخ، ما فيهم أحفظ من ابن مندة.
وقال شيخ هراة أبو إسماعيل الأنصاري: أبو عبد الله بن مندة سيد أهل زمانه.
وأنبؤونا عن زاهر الثقفي: أخبرنا الحسين الخلال، أنبأنا أبو الفوارس العنبري، سمع أبا الحسن علي بن الحسن الإسكاف، سمعت أبا عبد الله بن مندة يقول: رأيت ثلاثين ألف شيخ، فعشرة آلاف ممن أروي عنهم، وأقتدي بهم، وعشرة آلاف أروي عنهم، ولا أقتدي بهم، وعشرة آلاف من نظرائي، وليس من الكل واحد إلا وأحفظ عنه عشرة أحاديث أقلها.
قلت: قوله: إنه كتب عن ألف وسبع مئة شيخ أصح، وهو شيء يقبله العقل، وناهيك به كثرةً، وقل من يبلغ ما بلغه الطبراني، وشيوخه نحو من ألف، وكذا الحاكم، وابن مردويه، فالله أعلم.
قال الحاكم: أول خروج ابن مندة إلى العراق من عندنا سنة تسع وثلاثين، فسمع بها وبالشام، وأقام بمصر سنين، وصنف التاريخ والشيوخ.
وقال عبد الله بن أحمد السوذرجاني: سمعت ابن مندة يقول: كتبت عن ألف شيخ، لم أر فيهم أتقن من القاضي أبي أحمد العسال.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا عبد العظيم الحافظ، أخبرنا علي بن المفضل، أخبرنا السلفي، أخبرنا طاهر المقدسي، سمعت سعد بن علي الحافظ بمكة وسئل عن الدارقطني، وابن مندة، والحاكم، وعبد الغني، فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل، وأما ابن مندة فأكثرهم حديثاً مع المعرفة التامة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفاً، وأما عبد الغني فأعرفهم بالأنساب. قلت: بقي أبو عبد الله في الرحلة بضعاً وثلاثين سنةً، وأقام زماناً بما وراء النهر، وكان ربما عمل التجارة، ثم رجع إلى بلده وقد صار في عشر السبعين، فولد له أربعة بنين: عبد الرحمن، وعبيد الله، وعبد الرحيم، وعبد الوهاب.
قال الحافظ يحيى بن عبد الوهاب: كنت مع عمي عبيد الله في طريق نيسابور، فلما بلغنا بئر مجنة، قال عمي: كنت ها هنا مرةً، فعرض لي شيخ جمال، فقال: كنت قافلاً من خراسان مع أبي، فلما وصلنا إلى ها هنا إذا نحن بأربعين وقراً من الأحمال، فظننا أنها منسوج الثياب، وإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، فإذا هو والدك، فسأله بعضنا عن تلك الأحمال، فقال: هذا متاع قل من يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الباطرقاني: سمعت أبا عبد الله يقول: طفت الشرق والغرب مرتين.
وهذه حكاية نكتبها للتعجب: قال الحسين بن عبد الملك: حكي لي عن أبي جعفر الهمذاني رئيس حجاج خراسان قال: سألت بعض خدم تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أبناء مئة وعشرين سنةً، قال: رأيت يوماً رجلاً عليه ثياب بيض دخل الحرم وقت الظهر، فانشق حائط التربة، فدخل فيها وبيده محبرة وكاغد وقلم، فمكث ما شاء الله، ثم انشق، فخرج، فأخذت بذيله، فقلت: بحق معبودك من أنت ؟ قال: أنا عبد الله بن مندة، أشكل علي حديث، فجئت، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابني. وأرجع.
إسنادها منقطع.
وقد روى أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي في تاريخ الصوفية، عن رجل، عن ابن مندة وهو بعد حي.
قال الباطرقاني: وكنت مع أبي عبد الله في الليلة التي توفي فيها، ففي آخر نفسه قال واحد منا: لا إله إلا الله يريد تلقينه فأشار بيده إليه دفعتين ثلاثة. أي: اسكت يقال لي مثل هذا ؟!.
روى يحيى بن مندة في تاريخه، عن أبيه وعمه: أن أبا عبد الله قال: ما افتصدت قط، ولا شربت دواء قط، وما قبلت من أحد شيئاً قط.
قال يحيى: وذكر لي عمي عبيد الله قال: قفلت من خراسان ومعي عشرون وقراً من الكتب، فنزلت عند هذا البئر يعني بئر مجنة فنزلت عنده اقتداءً بالوالد.
قال أبو نعيم وغيره: مات ابن مندة في سلخ ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثلاث مئة.
وقد أفردت تأليفاً بابن مندة وأقاربه.
وما علمت بيتاً في الرواة مثل بيت بني مندة؛ بقيت الرواية فيهم من خلافة المعتصم وإلى بعد الثلاثين وست مئة، وقد ذكرنا أن والد أبي عبد الله الشيخ أبا يعقوب مات في سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، يروي عن أبي بكر بن أبي عاصم، وجماعة.
وآخر من روى عن أبي عبد الله ولده عبد الوهاب، عمر زماناً، ومات سنة خمس وسبعين وأربع مئة.
قال أبو بكر الخطيب في كتاب السابق: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان الأصبهاني إجازةً، حدثني محمد بن إسحاق الجوال، حدثنا أحمد بن إسحاق الصبغي، حدثنا يعقوب القزويني، حدثنا سعيد بن يحيى الأصبهاني، حدثنا سعير بن الخمس، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: من أحب أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن.
قال يحيى بن مندة: وأم أولاد أبي عبد الله هي أسماء بنت أبي سعد محمد بن عبد الله الشيباني، ولها بنتان من أبي منصور الأصبهاني.
قلت: النواحي التي لم يرحل إليها أبو عبد الله: هراة وسجستان وكرمان وجرجان والري وقزوين واليمن وغير ذلك والبصرة، ورحل إلى خراسان وما وراء النهر والعراق والحجاز ومصر والشام.
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن مندة: سمعت أحمد بن الجهم المستملي يقول لجليس له بحضرتي: سألت أباه حين ولد له عبد الرحمن: أهذا الحديث في العقيقة صحيح ؟ فكأنه فهم المعنى، فقال: حتى يولد الآخر، فإني رأيت جدي في المنام، وأشار إلي بأربع.
أنبأنا الثقة عن مثله، عن يحيى بن مندة قال: سمعت عمي عبد الرحمن، سمعت محمد بن عبيد الله الطبراني يقول: قمت يوماً في مجلس والدك رحمه الله، فقلت: أيها الشيخ، فينا جماعة ممن يدخل على هذا المشؤوم أعني أبا نعيم الأشعري فقال: أخرجوهم. فأخرجنا من المجلس فلاناً وفلاناً، ثم قال: على الداخل عليهم حرج أن يدخل مجلسنا، أو يسمع منا، أو يروي عنا، فإن فعل فليس هو منا في حل. قلت: ربما آل الأمر بالمعروف بصاحبه إلى الغضب والحدة، فيقع في الهجران المحرم، وربما أفضى إلى التفكير والسعي في الدم، وقد كان أبو عبد الله وافر الجاه والحرمة إلى الغاية ببلده، وشغب على أحمد بن عبد الله الحافظ، بحيث إن أحمد اختفى.
ولأبي عبد الله كتاب كبير في الإيمان في مجلد، وكتاب في النفس والروح، وكتاب في الرد على اللفظية.
وإذا روى الحديث وسكت، أجاد، وإذا بوب أو تكلم من عنده، انحرف، وحرفش، بلى ذنبه وذنب أبي نعيم أنهما يرويان الأحاديث الساقطة والموضوعة، ولا يهتكانها، فنسأل الله العفو.
وقد سمعت جملةً من حديث أبي عبد الله بإجازة، ولم يقع لي شيء متصلاً، وكان القاضي نجم الدين بن حمدان آخر من روى حديثاً عالياً.
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن أبي منصور الفقيه في كتابه سنة أربع وسبعين وست مئة، أخبرنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ بحران سنة خمس وست مئة، أخبرنا مسعود بن الحسن، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة، أخبرنا والدي، أخبرنا الهيثم بن كليب، حدثنا عيسى بن أحمد، حدثنا ابن وهب، أخبرني ابن جريج، عن أيوب بن هانىء، عن مسروق، عن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً وخرجت معه حتى انتهينا إلى المقابر، فأمرنا، فجلسنا، ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها، فجلس إليه، فناجاه طويلاً، ثم ارتفع نحيب رسول الله صلى الله عليه وسلم باكياً، فبكينا لبكائه ؟ ثم أقبل إلينا، فتلقاه عمر، فقال، يا نبي الله ! ما الذي أبكاك ؟ فقد أبكانا وأفزعنا. فأخذ بيد عمر، ثم أومأ إلينا، فأتيناه، فقال: أفزعكم بكائي ؟. قلنا: نعم. قال: إن القبر الذي رأيتموني عنده إنما هو قبر آمنة بنت وهب، وإني استأذنت ربي في الاستغفار لها، فلم يأذن لي، ونزل علي: "ما كانَ للنَّبِيِّ والذينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِروا للمُشْركين..." الآيتين التوبة: فأخذني ما يأخذ الولد لوالده من الرقة، فذاك الذي أبكاني، إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنه يزهد في الدنيا ويذكر الآخرة.
ها من غرائب الحديث، أخرجه ابن ماجة عن الثقة، عن ابن وهب مختصراً، وأيوب هذا كوفي ضعفه يحيى بن معين.

عبد الله بن أبي زرعة

محمد بن أحمد بن محمد بن الفرج بن متويه القزويني الحافظ.
ذكره الخليلي في إرشاده فقال: حافظ فقيه عارف بالأنساب والتواريخ، جامع في العلوم.
سمع علي بن مهرويه، وعلي بن إبراهيم القطان، وأبا علي الصفار، وبواسط عبد الله بن شوذب، وبالبصرة محمد بن جعفر الزئبقي، وابن داسة، ورجع إلى قزوين، وارتحل ثانياً إلى العراق، وسمع بمكة الفاكهي، وولي القضاء بخراسان، وأقام بها ست سنين، وكتب وناظر واشتهر فضله ثم.
وكان عارفاً بمخارج الأحاديث، لم ير أجمع منه.
مات سنة سبع وتسعين وثلاث مئة وهو ابن أربع وسبعين سنة.
وابنه: أبو زرعة محمد بن عبد الله، سمع بالعراق الدارقطني، وابن شاهين، وبالأهواز ابن عبدان، قتل سنة ثمان وأربع مئة.
وأبوه أبو زرعة ذكر سنة 330.

أبو زرعة الكشي

الإمام الحافظ الثقة، أبو زرعة، محمد بن يوسف بن محمد بن الجنيد الجرجاني الكشي، وكش من قرى جرجان على ثلاثة فراسخ منها، بشين معجمة، فأما كس التي بما وراء النهر، فمدينة صغيرة منها عبد بن حميد، بكسر الكاف وبمهملة.
سمع أبا نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني، وأبا العباس الدغولي، وابن أبي حاتم، ومكي بن عبدان، وطبقتهم بخراسان والعراق والحجاز.
حدث عنه: عبد الغني الحافظ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو القاسم الأزهري، وعبد العزيز الأزجي، وحمزة بن يوسف السهمي، وطائفة.
قال حمزة السهمي: جمع أبو زرعة الكشي الأبواب والمشايخ، وكان يفهم، أملى علينا بالبصرة، ثم إنه جاور بمكة إلى أن توفي بها في سنة تسعين وثلاث مئة. أخبرنا عيسى بن أبي محمد الصالحي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو طاهر الحنائي، عن أبي الفضل محمد بن أحمد السعدي، حدثنا عبد الغني بن سعيد الحافظ، حدثني أبو زرعة محمد بن يوسف بمكة بعد جهد وعناء، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي، حدثنا محمد بن مشكان، حدثنا يزيد بن أبي حكيم، حدثنا سفيان، حدثنا زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد.
هذا غريب، وإنما المحفوظ حديث سفيان عن أبي يعفور، عن ابن أبي أوفى.

أبو زرعة الرازي

الإمام الحافظ، الرحال الصدوق، أبو زرعة، أحمد بن الحسين ابن علي بن إبراهيم بن الحكم، الرازي الصغير.
سمع عبد الرحمن بن أبي حاتم، والقاضي أبا عبد الله المحاملي، وابن مخلد العطار، وعلي بن أحمد الفارسي نزيل بلخ، وأبا حامد بن بلال، وعبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري الأستاذ، وأبا العباس الأصم، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني المصري، وأبا الحسين الرازي والد تمام، وطبقتهم.
وكان واسع الرحلة، جيد المعرفة.
حدث عنه: تمام الرازي، والحسين بن محمد الفلاكي، وعبد الغني الأزدي، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وأبو زرعة روح بن محمد، وأبو العلاء الواسطي، وعلي بن المحسن التنوخي، وخلق.
وصنف التصانيف.
وكانت رحلته إلى بغداد فيما نقله التنوخي في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة وهو حدث له أربع عشرة سنة.
قلت: قد سأله حمزة السهمي عن الجرح والتعديل.
مات بطريق مكة قديماً في سنة خمس وسبعين وثلاث مئة.
وكنت قد وقفت على تأليف كبير في السنن، وهو ناقص، فيه أحاديث غريبة، فقيل: إنه تصنيفه.
أخبرنا أبو الحسين اليونيني: أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا السلفي، أخبرنا المعمر بن محمد الحبال بالكوفة، حدثنا أحمد بن علي الجعفري، حدثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين، حدثنا حماد بن حماد بنصيبين، حدثنا إسحاق بن سيار، حدثنا محمد بن عبد الملك بن جابر، حدثنا أبو الفضل قال: قال لي هشام بن عروة: تشرب النبيذ ؟ قلت: نعم، قال: فلا تشربه، فإن أبي حدثني عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل مسكر حرام أوله وآخره.
أبو الفضل لا أعرفه، والخبر منكر.

أبو زرعة الأستراباذي

هو الإمام الحافظ، المجود، الجوال، أبو زرعة، محمد بن إبراهيم ابن عبد الله بن بندار، الأستراباذي، الملقب باليمني لسكناه مدةً باليمن.
سمع أبا العباس السراج، وعلي بن الحسين بن معدان الفارسي، وأبا عروبة الحراني، وأبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، وطبقتهم.
وله رحلة طويلة، ومعرفة جليلة، وجمع وتأليف.
حدث عنه: أبو سعد الإدريسي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأحمد ابن عبد الرحمن اليزدي، وآخرون.
بقي إلى حدود نيف وسبعين وثلاث مئة، وإنما أخرته عن طبقته قليلاً لأجمع بين آباء زرعة رحمهم الله جملةً.
أخبرنا محمد بن محمد بن السلم، أخبرنا الحسن بن أحمد الأوقي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا محمد بن محمد المديني، حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو زرعة محمد بن إبراهيم بإستراباذ، أخبرنا أبو العباس السراج قال: قلت لقتيبة: أخبركم مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ؟ فأقر به، وقال: نعم.

أبو زرعة الأستراباذي

آخر، هو قاضي إستراباذ، أبو زرعة، أحمد بن بندار بن محمد بن مهران، العيشي الفقيه الشافعي، من كبار تلامذة أبي علي بن أبي هريرة.
يروي عن الحافظ حفص بن عمر الأردبيلي ونحوه.
قال أبو سعد الإدريسي: مات في سنة اثنتين وثمانين وثلاث مئة.
فهذا أبو زرعة الأستراباذي الصغير.

أبو زرعة الدمشقي الصغير

هو الإمام المحدث، محمد بن عبد الله بن أبي دجانة عمرو بن عبد الله بن صفوان، النصري الدمشقي ابن ابن أخي الحافظ أبي زرعة الدمشقي الكبير.
حدث عن: الحسين بن محمد بن جمعة، وإبراهيم بن دحيم، وجماعة.
روى عنه: تمام الرازي، وأبو علي بن مهنا، وغيرهما.
مات قبل الستين وثلاث مئة.
أما أبو زرعة النصري الدمشقي فمشهور، مات بعد الثمانين ومئتين.

أبو زرعة الرازي

ثلاثة: فالكبير من أقران البخاري مر، والأوسط ذكرته الآن، والأصغر هو العلامة قاضي أصبهان، أبو زرعة روح بن محمد سبط الحافظ أبي بكر بن السني.
سمع من: إسحاق بن سعد النسوي، وجعفر بن فناكي، وأبي زرعة أحمد بن الحسين الرازي، وأبي الحسين بن فارس اللغوي، وعدة.
قال الخطيب: قدم علينا، فحدث ببغداد وبالكرج أيضاً، وكان صدوقاً فهماً، أديباً شاعراً، ولي قضاء أصبهان. ثم قال: وبلغني موته في سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة بالكرج.
قلت: سمع أبو طاهر السلفي من أصحاب هذا، وهو متأخر عن هذه الطبقة، كتبناه للتمييز.
قرأت على سليمان بن قدامة الفقيه: أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا السلفي، حدثنا محمد بن عبد الواحد المصري، أخبرنا القاضي أبو زرعة روح بن محمد السني، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد الجواليقي، حدثنا أبو بكر أحمد بن مدرك بن زنجلة إملاءً، حدثنا عبد الأعلى بن حماد، أخبرنا عبد الجبار بن الورد، سمعت ابن أبي مليكة، سمعت عبيد الله بن أبي يزيد قال: قال لي ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان، ويوم عاشوراء.
هذا حديث غريب فيه نكارة، وابن الورد صدوق، وهو أخو وهيب الزاهد.

الزكي

أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب النيسابوري، الأديب.
سمع: ابن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وابن قوهيار، وعمرو بن عبد الله البصري، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، وأبا طاهر المحمداباذي، وعدة.
روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي.
توفي سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة رحمه الله.

جيش بن محمد

ابن صمصامة، الأمير الكبير، نائب دمشق، أبو الفتح المغربي.
ولي البلد من قبل خاله الأمير أبي محمود الكتامي في سنة ثلاث وستين وثلاث مئة، ثم وليها مستقلاً بعد موت خاله سنة سبعين، ثم صرف بعد عامين، ثم وليها سنة تسع وثمانين.
وكان ظلوماً متجبراً سفاكاً للدماء، مصادراً، خبيث العقيدة، عج الخلق فيه إلى الله حتى هلك بالجذام.
وكان قدم الشام في جيش، فنزل الرملة، وبادر إلى خدمته نواب الشام، فقبض على سليمان بن فلاح الأمير، وجهز طائفةً لمنازلة صور لأنهم عصوا، وأمروا عليهم علاقة الملاح، فاستنجد بالروم، فأمده بسيل الملك بعدة مراكب، فالتقوا هم وأسطول جيش، فأخذت مراكب الروم، وهرب من نجا، ثم أخذت صور، وأسر علاقة، وسلخ بمصر حياً، وولي على صور حسين بن صاحب الموصل ناصر الدولة. وهرب مفرج أمير العرب من جيش إلى جبال طيء.
وأقبل جيش طالباً لجموع الروم النازلين على فامية، وأقبل على أحداث دمشق واحترمهم، وخلع على أعيانهم، وسار إلى حمص، وأتته الأمداد والمطوعة، فالتقاه الذوفس لعنه الله، وحملت الروم، فطحنت القلب، ثم انهزمت ميسرة جيش وعليها ميسور نائب طرابلس، وهرب جيش في الميمنة، فركبت الروم أقفيتهم، وقتلوا نحو الألفين، وأخذوا الخيام، فثبت بشارة الإخشيدي في خمس مئة فارس، فضج الخلق من داخل فامية إلى الله بالدعاء، وكان طاغية الروم الذوفس على رابية بين يديه ابناه وعشرة فوارس، فقصده أحمد بن ضحاك الكردي على جواده، فظنه مستأمناً، فلما قرب طعنه أحمد، قتله، فصاح أهل فامية: ألا إن عدو الله قتل، فانهزمت الملاعين ثم تراجعت المصريون وركبوا أقفية العدو وألجؤوهم إلى مضيق الجبل، إلى جانب بحيرة فامية، وأسر ولد الطاغية، وحمل إلى مصر من رؤوسهم نحو عشرين ألف رأس، وألفا أسير، وسار جيش إلى أنطاكية فسبى وغنم. وقدم دمشق وقد عظمت سطوته، ونزل بظاهرها، وزينت دمشق، فأظهر العدل، وشرع يلاطف الأحداث حتى طمنهم، وأمر قواده بالأهبة، وهيأ رقاعاً مختومةً، وقسم البلد، وعين كل درب لقائد، وأن يبذلوا السيف، وهيأ في حمام داره التي ببيت لهيا مئتين بالسيوف، ومد السماط للأحداث، فلما قاموا لغسل الأيدي أغلق عليهم، وكان كل مقدم من الأحداث يركب في جمعه بالسلاح، وكان الذين أغلق عليهم اثني عشر مقدماً، فقتلوا، ومالت أعوانه على أصحابهم قتلاً، ودخلت المصريون دمشق بالسيف، فكان يوماً عصيباً، نسأل الله العافية، ثم جهز إلى قرى الغوطة والمرج نصرون القائد، فقتل نحو الألف، واستغاث أهل البلد إلى جيش: العفو العفو. فكف، وطلب الأكابر، فلما اجتمعوا، أخرج رؤوس الأحداث قد ضرب أعناقهم، ثم شرع في المصادرة والعذاب، ووضع عليهم خمس مئة ألف دينار، فقيل: عدة من قتل من الأحداث والشطار ثلاثة آلاف نفس، فاستأصله الله بعد أشهر، في ربيع الآخر سنة تسعين وثلاث مئة.
ولقد لقي المسلمون من العبيدية والمغاربة أعظم البلاء في النفس والمال والدين، فالأمر لله، وابتلي جيش بما لا مزيد عليه، حتى ألقى ما في بطنه، وكان يقول لأصحابه، اقتلوني، ويلكم ! أريحوني من الحياة.
ويقال: نفذت فيه دعوة أبي بكر بن الحرمي الزاهد، وأراق له خموراً فما سلطه الله عليه.

ابن ضيفون

الشيخ المحدث المعمر، أبو عبد الله، محمد بن عبد الملك بن ضيفون اللخمي القرطبي الحداد.
سمع عبد الله بن يونس القبري، وأحمد بن زياد، وقاسم بن أصبغ، ثم حج في سنة تسع وثلاثين، فشهد رد الحجر الأسود إلى مكانه، وسمع من أبي سعيد بن الأعرابي، وعبد الكريم بن النسائي، وأبي جعفر محمد بن يحيى بن دحمان المصيصي، لقيه بطرابلس، وعبد الله بن محمد بن مسرور القيرواني.
وكان صالحاً معدلاً، آخر أصحابه موتاً أبو عمر بن عبد البر.
قال أبو الوليد بن الفرضي: علت سنه، واضطرب في أشياء قرئت عليه لم يسمعها، ولم يكن ضابطاً، قال لي: إنه ولد سنة ثلاث وثلاث مئة. وتوفي في شوال سنة أربع وتسعين وثلاث مئة.
قلت: هو آخر من حدث عن القبري، وابن الأعرابي بالأندلس.

ابن برطال

القاضي أبو عبد الله، محمد بن يحيى بن زكريا بن يحيى، التميمي القرطبي المالكي، ابن برطال.
ولد سنة تسع وتسعين ومئتين.
وسمع من: أحمد بن خالد الجباب الحافظ، ومحمد بن عيسى، وقاسم بن أصبغ، وإبراهيم بن فراس المكي، وإسماعيل بن الجراب، وعثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي، ومحمد بن محمد بن الخياش، وعدة.
وولي الخطابة وقضاء الجماعة إلى أن علت سنه، وتفلت ذهنه، فصرفه أبو عامر الحاجب عن القضاء إلى الوزارة.
روى عنه: الفرضي، وسراج بن عبد الله، وعمر دهراً.
وكان حجه في سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، وتفرد بأشياء عالية.
توفي سنة أربع وتسعين وثلاث مئة، عن خمس وتسعين سنة.

ابن عبدوس

الإمام أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس بن أحمد، النيسابوري النحوي الفقيه.
سمع مكي بن عبدان، وأبا عمرو الحيري، وأبا حامد بن الشرقي، وعمه إبراهيم بن عبدوس.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وقال: عقدت له مجلس الإملاء سنة ثمان وثمانين، وروى عنه أبو القاسم القشيري، وأبو يعلى بن الصابوني، وآخرون.
توفي في شعبان سنة ست وتسعين وثلاث مئة.
ومن طبقته: الحافظ الرحال:

أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس

النسوي، محدث مرو.
حدث عن: علي بن أبي العقب، وبكير بن الحسن الحداد، وطائفة.
حدث عنه: الفقيه أبو محمد بن عبد الله بن يوسف الجويني، والحسن ابن القاسم المروزي، ومحمد بن الحسن الفقيه المروزي.
كان بعد الأربع مئة.
ومن طبقته:

أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس

الحاتمي النيسابوري، الفقيه الشافعي.
سمع أبا العباس الأصم، وجماعة.
ومات في حياة والده سنة خمس وثمانين وثلاث مئة.
ومن طبقته شيوخه:

أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس

العنزي الطرائفي، صاحب عثمان بن سعيد الدارمي، المتوفى سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

ابن الحجاج

شاعر العصر، وسفيه الأدباء، وأمير الفحش، وديوانه مشهور في خمس مجلدات، وهو أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن الحجاج البغدادي، المحتسب، الكاتب. وقد هجا المتنبي، ومدح الملوك، مثل عضد الدولة وبنيه والوزراء. وله باع أطول في الغزل. وأما الزطاطة والتفحش، فهو حامل لوائها، والقائم بأعبائها.
وخدم بالكتابة في جهات، وأخذ الجوائز، وولي حسبة بغداد مدة وعزل، وله معان مبتكرة ما سبق إليها.
وكان شيعياً رقيعاً، ماجناً، مزاحاً، هجاءً، أمةً وحده في نظم القبائح، وخفة الروح، وله معرفة بفنون من التاريخ والأخبار واللغات.
ورأيت له أنه قال: كل ما قلته من المجون فالله يشهد أنني ما قصدت به إلا بسط النفس، وأنا أستغفر الله من هذه العثرة.
وقيل: إنه بعث ديوانه بخط منسوب إلى صاحب مصر، فأجازه بألف دينار.
مات ببلد النيل في جمادى الآخرة، سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة وقد شاخ.

الرازي

الإمام العلامة، شيخ الشافعية، أبو الحسن، علي بن عمر بن العباس، الرازي الفقيه.
روى عن ابن أبي حاتم فأكثر، وعن أبي بكر محمد بن قارن بن العباس، وأحمد بن محمد بن معاوية الكاغدي، وأحمد بن خالد بن مصعب الحزوري، وارتحل بأخرة، فحمل عن النجاد، وابن السماك.
أكثر عنه الخليلي، وقال: كان عالماً، له في كل علم حظ، وكان في الفقه إماماً بلغ قريباً من مئة سنة. وسمعت عبد الله بن محمد الحافظ يقول: لم يعش من أصحاب الشافعي أحد أكثر مما عاش هذا، وكان عالماً بالفتاوى والنظر.
قلت: تفرد بالرواية عن ابن مصعب وغيره، وبقي إلى حدود سنة أربع مئة.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا ابن ماك، أخبرنا أبو يعلى الخليلي، أخبرنا علي بن عمر الفقيه، حدثنا ابن أبي حاتم، سمعت أبي يقول: دخلت قزوين سنة ثلاث وعشرين وداود العقيلي يعني ابن إبراهيم قاضيها، فدخلنا عليه، فدفع إلينا مشرساً فيه مسند أبي بكر رضي الله عنه، فأول حديث فيه: حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن المغيرة بن سبيع، في خروج الدجال من خراسان. فقلت: ليس ذا من حديث شعبة، إنما هو سعيد بن أبي عروبة، وقلت لخالي: لا أكتب عنه إلا أن يرجع عن هذا، فقال خالي: أستحيي أن أقول له. قال: فخرجت، ولم أسمع منه شيئاً.

العنزي

الإمام الفقيه، أبو عبد الله، الحسين بن جعفر بن حمدان بن محمد بن المهلب، العنزي، الجرجاني، الوراق، نزيل بغداد.
سمع أبا سعيد بن الأعرابي، وإسماعيل الصفار، وخيثمة بن سليمان، وأبا العباس الأصم، وأحمد بن أبي طلحة الفارسي، وطبقتهم.
وله رحلة واسعة، ومعرفة وفهم.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وحمزة السهمي، وسليم الرازي، وعلي بن المحسن التنوخي، وأبو مسعود، وأحمد بن محمد البجلي، وعدة.
قال السهمي: كان سكن بغداد سنين كثيرة يورق، توفي في رمضان، سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة.

ابن الوزير

الإمام الحافظ، أبو أحمد، حسين بن محمد بن الوزير، الدمشقي الشاهد، راوي كتاب الأم للشافعي عن أبي علي الحضائري، وحدث أيضاً عن: أبيه، وابن ملاس، وهو كاتب القاضي الميانجي.
روى عنه: علي الحنائي، وأبو علي الأهوازي، وعبد الوهاب الميداني.
يوصف بالحفظ.
قال الأهوازي: مات سنة أربع مئة وله مئة سنة وسنة.

ابن وكيع

العلامة البليغ الشاعر، أبو محمد، الحسن بن علي بن أحمد بن القاضي محمد بن خلف، ابن وكيع الضبي البغدادي، ثم التنيسي، من فحول الشعراء.
وله ديوان، وكان يلقب بالعاطس، وهو القائل:

لقد شمتّ بقلبـي

 

لا خفّف اللّه عنه

كم لمته في هواه

 

فقال: لا بدّ منـه

توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة بتنيس، وبنوا على قبره قبة.

الوليد بن بكر

ابن مخلد بن أبي دبار، الحافظ اللغوي، الإمام أبو العباس، الغمري الأندلسي السرقسطي، أحد الرحالة في الحديث.
حدث عن علي بن أحمد بن الخصيب بكتاب العجلي في معرفة الرجال، وعن الحسن بن رشيق، ويوسف الميانجي، وأبي بكر الربعي، وأحمد بن جعفر الرملي.
حدث عنه: أبو الطيب أحمد بن علي الكوفي ابن عمشليق، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو ذر الهروي، وأبو الحسن العتيقي، وأبو طالب العشاري، وأبو سعد السمان، وأحمد بن منصور بن خلف المغربي، والحسين بن جعفر السلماسي. قال ابن الفرضي: كان إماماً في الحديث والفقه، عالماً باللغة والعربية، كان أبو علي الفارسي النحوي يرفعه ويثني عليه، ذكر أنه لقي في الرحلة أزيد من ألف شيخ، كتب عنهم.
وقال الحاكم: سكن نيسابور، ثم انصرف إلى العراق، وعاد إلى نيسابور، وسماعاته في أقطار الأرض كثيرة، وهو مقدم في الأدب، وشعره فائق.
وقال عبد الغني في نسبه: الغمري: بغين معجمة، حدثنا بالتاريخ للعجلي.
وقال الحسن بن شريح: هو عمري، ولكن قدم إفريقية، فنقط العين حتى يسلم، وكان مؤدبي، وقال لي: إذا رجعت إلى الأندلس جعلت النقطة ضمةً.
قلت: فعله خوفاً من الدولة العبيدية.
قال الخطيب: كان ثقةً أميناً، كثير السماع، سافر الكثير.
قال ابن عساكر: أخبرنا زاهر، أخبرنا أحمد بن منصور، أخبرنا الوليد ابن بكر، حدثنا علي بن أحمد بن الخصيب بالمغرب، حدثنا عبد الرحمن ابن أحمد الرشديني بمصر، حدثنا خشيش بن أصرم.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن أبي المكارم اللبان، أنبأنا عبد الغفار بن شيرويه، حدثنا محمد بن إبراهيم الكرماني، أنشدني الوليد بن بكر النحوي لنفسه:

لأيّ بـلائك لا تـدّكـر

 

وماذا يضرّك لو تعتبـر

بكاءٌ هنا وبراحٌ هـنـاك

 

وميتٌ يساق وقبرٌ حفـر

وبان الشّباب وحلّ المشيب

 

وحان الرّحيل فما تنتظر

كأنّك أعمى عدمت البصر

 

كأنّ جنابك جلدٌ حـجـر

وماذا تـعـاين مـن آيةٍ

 

لو أنّ بقلبك صحّ النّظر

وقد ذكره ابن الدباغ في طبقات الحفاظ.
أخبرنا عيسى بن العطار، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا ثابت ابن بندار، أخبرنا الحسين بن جعفر، أخبرنا الوليد بن بكر، أخبرنا علي بن أحمد الهاشمي، حدثنا صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، حدثني أبي، حدثني داود بن يحيى بن يمان، عن أبيه، عن سفيان قال: ما بالكوفة شاب أعقل من أبي أسامة.
توفي أبو الوليد بالدينور في رجب سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة.

البديع

العلامة البليغ، أبو الفضل، أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذاني، بديع الزمان.
صاحب كتاب: المقامات، التي على منوالها نسج الحريري.
وله ترسل فائق، ونظم رائق، وهو القائل:

وكاد يحكيك صوت الغيث منسكـبـاً

 

لو كان طلق المحيّا يمطر الذّهـبـا

والدّهر لو لم يخن والشّمس لو نطقت

 

واللّيث لو لم يصل والبحر لو عذبـا

ما اللّيث مختطماً ما السّيل مرتطمـاً

 

ما البحر ملتطماً والليل مقـتـربـا

أمضى شباً منك أدهى منك صاعقةً

 

أجدى يميناً وأدنى منك مطّـلـبـا

مات بهراة في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة مسموماً أو مسبوتاً.

البافي

شيخ الشافعية، أبو محمد، عبد الله بن محمد البخاري، المعروف بالبافي، نزيل بغداد، وتلميذ أبي علي بن أبي هريرة، وأبي إسحاق المروزي، قد عمر دهراً.
وكان من بحور العلم، ماهراً بالعربية، حاضر البديهة، بديع النظم.
وكان من أصحاب الوجوه، تفقه بن جماعة.
روى عنه أبو القاسم التنوخي.
وكان أحد الفصحاء، وله:

قد حضرنا وليس يقضى تلاقي

 

نسأل الله خير هذا الـفـراق

إن تغب لم أغب وإن لم تغـب

 

غبت كأنّ افتراقنا باتّـفـاق

مات البافي في المحرم سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة، رحمه الله.

ابن خرشيذ قوله

الشيخ الصدوق المسند، أبو إسحاق، إبراهيم بن عبد الله بن محمد ابن خرشيذ قوله، الكرماني الأصبهاني، التاجر.
سمع أبا بكر بن زياد النيسابوري، والقاضي المحاملي، وأبا العباس بن عقدة، ومحمد بن مخلد، والحسن بن أبي الربيع الأنماطي، وجماعة، وتفرد في وقته.
حدث عنه: أبو الوفاء محمد بن بديع، وظفر بن عبد الرحيم، وأبو القاسم بن مندة، وأخوه عبد الوهاب، وسليمان بن عبد الرحيم الحسناباذي، ومحمد بن أحمد بن علي السمسار، وإبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطيان، وأبو منصور محمد بن أحمد بن شكرويه الأصفهانيون.
قال المصقلي: سمعت ابن خرشيذ قوله يقول: ولدت في سنة سبع وثلاث مئة، ودخلت بغداد سنة إحدى وعشرين.
قلت: ما علمت فيه بأساً، وسمعنا من طريقه عدة أجزاء.
توفي في شهر المحرم سنة أربع مئة. وخرشيذ: بفتح أوله وثانيه، هكذا وجدته مضبوطاً، وإنما على أفواه الطلبة بالضم والتثقيل.
وفيها مات الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمد بن عبيدة الأموي الطليطلي، صاحب أبي إسحاق بن شنظير الحافظ، اللذين يقال لهما: الصاحبان، والحافظ أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي، والشريف الطاهر أبو أحمد حسين بن موسى العلوي الموسوي والد الرضي والمرتضى، وسليمان بن هشام المقرىء ابن الغماز، وأبو نعيم الإسفراييني، وأبو بكر عبد الواحد بن علي بن غياث: بغدادي، ومحمد بن إبراهيم الخشني الطليطلي، ومحمد بن هشام بن عبد الجبار المهدي المرواني.

أبو نعيم الإسفرايني

الشيخ العالم، مسند خراسان، أبو نعيم، عبد الملك بن الحسن بن محمد بن إسحاق بن الأزهر الأزهري الإسفرايني.
حدث عن خال أبيه الحافظ أبي عوانة بكتابه الصحيح، سمعه بقراءة والده الحافظ، وطال عمره، وتكاثر عليه المحدثون.
قال الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل: كان أبو نعيم هذا رجلاً صالحاً ثقةً، حضر إلى نيسابور في آخر عمره، ولم يعهد بعد ذلك المجلس مثله لقراءة الحديث كما حدثنا الثقات، وعاد إلى إسفراين وذلك في سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
قلت: روى عنه الكتاب أبو القاسم القشيري، وزوجته فاطمة بنت أبي علي الدقاق، ولها فوت، وعبد الحميد وعبد الله ابنا عبد الرحمن بن محمد البحيري، وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك، وروى عنه أكثر الكتاب أوكله عثمان بن محمد المحمي، وشبيب بن أحمد البستيغي، وأبو الحسن علي بن عبد الله الجويني، وعلي بن ماسرجس الخازن، وعلي بن عبد العزيز الخشاب، وعمر بن محمد بن البسطامي، وأبو بكر محمد بن حسان بن محمد، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وخلق آخرهم موتاً أبو نصر محمد بن سهل السراج، المتوفى في سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة.
وقد أجاز أبو عوانة أبا نعيم جميع كتبه في كتاب كتبه في وصيته له ولجماعة، فقال: قد أجزت لهم جميع كتب التي سمعتها من جميع المشايخ، منها كتب عبد الرزاق، وكتب ابن أبي الدنيا، وأحاديث سفيان، وشعبة، ومالك، والأوزاعي، والتفاسير والقراءات، ليرووها عني على سبيل الإجازة في رمضان سنة خمس عشرة وثلاث مئة. ولما مات أبو عوانة كان لأبي نعيم ست سنين وعشرة أشهر، وكان يسمع من أبي عوانة مع القوم ووحده ليلاً ونهاراً، ويلاعبه أبو عوانة، ويطعمه الفانيذ.
قال الحاكم: توفي أبو نعيم في ربيع الأول سنة أربع مئة.
قلت: وقد مات أبو عوانة سنة ست عشرة وثلاث مئة.
وكان مولد أبي نعيم في ربيع الأول سنة عشر وثلاث مئة.
وكان والده قد ارتحل، وحمل السنن عن يوسف القاضي، وحمل عن أبي خلفة الجمحي والكبار، وحدث، توفي الحسن سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

السلامي

العلامة الأديب، أبو الحسن، محمد بن عبيد الله بن محمد بن محمد، القرشي المخزومي البغدادي، من فحول الشعراء.
سار إلى الموصل، وصاحب الخالديين والببغا، وسار إلى ابن عباد، وامتدحه، وامتدح عضد الدولة بقصيدة منها:

إليك طوى عرض البسيطة جاعلٌ

 

قصارى المنايا أن يلوح له القصر

وكان عضد الدولة يقول: إذا رأيت السلامي في مجلسي، خلت أن عطارد نزل من الفلك إلي. وله فيه:

يشبّهه المدّاح في البأس والنّدى

 

بمن لو رآه كان أصغر خـادم

ففي جيشه خمسون ألفاً كعنترٍ

 

وأمضى وفي خزّانه ألف حاتم

وهو القائل:

لما أُصيب الخدّ منك بعارضٍ

 

أضحى بسلسلة العذار مقيّدا

توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة عن بضع وخمسين سنة.
ونسبته إلى مدينة السلام.

ابن الباجي

الإمام الحافظ المحقق، أبو عمر، أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة اللخمي الإشبيلي، عرف بابن الباجي.
سمع من والده جميع ما عنده، من ذلك مصنف ابن أبي شيبة بروايته عن القبري، عن بقي بن مخلد، عنه.
قال الخولاني: كان أبو عمر عارفاً بالحديث ووجوهه، إماماً مشهوراً، لم تر عيني مثله في المحدثين وقاراً وسمتاً، رحل بابنه محمد، ولقيا شيوخاً جلة، وولي أبو عمر قضاء إشبيلية مدةً يسيرة، وأخذنا عنه كثيراً، توفي، فشهدت جنازته في محفل عظيم في المحرم سنة ست وتسعين وثلاث مئة، وله أربع وستون سنة. وقال ابن عبد البر: كان يحفظ غريبي الحديث لأبي عبيد، وابن قتيبة، وشوور في الأحكام وله ثمان عشرة سنة، وجمع له أبوه علوم الأرض، ولم يحتج إلى أحد، رحل بأخرة، ولقي أبا بكر المهندس وطائفة، وكان فقيه عصره، وإمام زمانه، لم أر بالأندلس مثله، كملت عليه مصنف ابن أبي شيبة، وكان إماماً في الأصول والفروع.

ابن لال

الشيخ الإمام الفقيه، المحدث، أبو بكر، أحمد بن علي بن أحمد ابن محمد بن الفرج، بن لال، الهمذاني الشافعي.
حدث عن: أبيه، والقاسم بن أبي صالح، وعبد الرحمن الجلاب، وعبد الله بن أحمد الزعفراني، وإسماعيل الصفار، وعلي بن الفضل الستوري، وأبي سعيد بن الأعرابي، وأبي نصر محمد بن حمدويه المروزي، وحفص بن عمر الأردبيلي، وعبد الله بن عمر بن شوذب، وخلق كثير.
وله رحلة وحفظ ومعرفة.
حدث عنه: جعفر بن محمد الأبهري، ومحمد بن عيسى الصوفي، وحميد بن المأمون، وأبو مسعود أحمد بن محمد البجلي، وأحمد بن عيسى بن عباد، وأبو الفرج عبد الحميد بن الحسن، وآخرون.
وكان إماماً مفنناً.
قال شيرويه: كان ثقةً، أوحد زمانه، مفتي البلد، وله مصنفات في علوم الحديث، غير أنه كان مشهوراً بالفقه. قال: ورأيت له كتاب السنن، ومعجم الصحابة، ما رأيت أحسن منه، والدعاء عند قبره مستجاب، ولد سنة ثمان وثلاث مئة، ومات في ربيع الآخر، سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة.
وقال الحسن بن علي بن بندار الرنجاني الفرضي: ما رأيت قط مثل ابن لال رحمه الله.
قلت: والدعاء مستجاب عند قبور الأنبياء والأولياء، وفي سائر البقاع، لكن سبب الإجابة حضور الداعي، وخشوعه وابتهاله، وبلا ريب في البقعة المباركة، وفي المسجد، وفي السحر، ونحو ذلك، يتحصل ذلك للداعي كثيراً، وكل مضطر فدعاؤه مجاب.

أبو الرقعمق

أبو حامد أحمد بن محمد الأنطاكي، الشاعر المشهور بمصر.
له شعر كثير، وهو في الشاميين كابن الحجاج للعراقيين.
مدح الوزير ابن كلس والكبراء، ومدح المعز أيضاً والعزيز.
مات سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.

الوصي

الشريف السيد، أبو الحسن، محمد بن أبي إسماعيل علي بن الحسين بن الحسن بن القاسم، العلوي الحسني الزيدي، الهمذاني الملقب بالوصي.
ولد سنة عشر وثلاث مئة.
وسمع من: إسماعيل الصفار، وخيثمة الاطرابلسي، والأصم، وابن الأعرابي، وأبي الميمون بن راشد، وعبدان بن يزيد الدقاق، وعبد الرحمن الجلاب، وأحمد بن عبيد، وجعفر الخلدي، وأبي القاسم الطبراني.
وعنه: محمد بن عيسى، وعبد الرحمن بن أبي الليث الصفار، ومحمد بن عمر بن عزيز، وجعفر بن محمد الأبهري، وأبو سعد الكنجروذي، وعدة.
قال شيرويه: ثقة صدوق، صوفي واعظ، تفقه ببغداد على أبي علي ابن أبي هريرة، وتزهد وجاور، ثم رجع، فأقام ببخارى مدة، وبها مات في المحرم سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
وقيل: مات ببلخ.
وقال السلمي: كان أحد الأشراف علماً ونسباً، ومحبةً للفقراء وصحبةً لهم مع ما يرجع إليه من العلوم، صحب الخلدي، ودخل دويرة الصوفية بالرملة، فكان يخدمهم أياماً، حتى قدم فقير، فقبل رأسه، وقال: هذا شريف الجبل. فقام عباس، فقبل رجله، فأخذ الشريف ركوته، وسافر.
قال الإدريسي: يحكى عنه أنه جازف في آخر عمره في الرواية.

التاهرتي

الشيخ المحدث، مسند الأندلس، أحمد بن القاسم بن عبد الرحمن، أبو الفضل، التميمي التاهرتي، المغربي البزاز.
مولده بتاهرت سنة تسع وثلاث مئة.
وقدم به والده قرطبة، فتديرها، وطلب الحديث في سنة أربع وثلاثين، فسمع من: قاسم بن أصبغ، وأبي عبد الملك بن أبي دليم، ومحمد بن عيسى بن رفاعة، ووهب بن مسرة، ومحمد بن معاوية الأموي، وأحمد بن الفضل الدينوري.
حدث عنه: ابن الفرضي، وأبو عمر بن عبد البر، وطائفة.
وكان ذا زهد وتعبد وانقباض مع الثقة والعلم.
توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وثلاث مئة، وله ست وثمانون سنة.

سعيد بن نصر

الإمام المحدث، المتقن الورع، أبو عثمان، مولى الناصر لدين الله الأموي صاحب الأندلس.
حدث عن: قاسم بن أصبغ، وأحمد بن مطرف، ومحمد بن معاوية ابن الأحمر، وعدة.
وعني بالرواية والضبط، وروى الكثير.
روى عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر بن الحذاء، وجماعة.
وكان موصوفاً بالعلم والعمل. مات في ذي الحجة سنة خمس وتسعين أيضاً عن نيف وثمانين سنة.

الجوهري

إمام اللغة، أبو نصر إسماعيل بن حماد التركي الأتراري، وأترار: هي مدينة فاراب، مصنف كتاب الصحاح، وأحد من يضرب به المثل في ضبط اللغة، وفي الخط المنسوب، يعد مع ابن مقلة وابن البواب ومهلهل والبريدي.
وكان يحب الأسفار والتغرب، دخل بلاد ربيعة ومضر في تطلب لسان العرب، ودار الشام والعراق، ثم عاد إلى خراسان، فأقام بنيسابور يدرس ويصنف، ويعلم الكتابة، وينسخ المصاحف.
وانفرد أهل مصر برواية الصحاح عن ابن القطاع، فيقال: ركب له إسناداً.
وفي الصحاح أوهام قد عمل عليها حواش.
استولت السوداء على أبي نصر حتى شد له دفين كجناحين، وقال: أريد أن أطير. فضحكوا، ثم طفر وطار. فتطحن.
وقد أخذ العربية عن: أبي سعيد السيرافي، وأبي علي الفارسي، وخاله صاحب ديوان الأدب أبي إبراهيم الفارابي.
ويقال: إنه بقي عليه قطعة من الصحاح مسودة بيضها بعده تلميذه إبراهيم بن صالح الوراق، فغلط في مواضع حتى قال في سقر: هو بالألف واللام. ولهذا يدل على جهله بسورة المدثر. وقال: الحرأضل الجبل. فصحف، وعمل الكلمتين كلمةً، وإنما هي: الجر أصل الجبل.
وللجوهري نظم حسن، ومقدمة في النحو.
قال جمال الدين علي بن يوسف القفطي: مات الجوهري متردياً من سطح داره بنيسابور، في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة. ثم قال: وقيل: مات في حدود سنة أربع مئة رحمه الله.