ابن الفرضي

ابن الفرضي

الإمام الحافظ، البارع الثقة، أبو الوليد، عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر، القرطبي، ابن الفرضي، مصنف تاريخ الأندلسيين.
أخذ عن: أبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وعبد الله بن قاسم، وعباس بن أصبغ، وخلف بن القاسم، وخلق، وحج، فحمل عن: أبي بكر أحمد بن محمد بن المهندس، ويوسف ابن الدخيل، والحسن بن إسماعيل الضراب، وأبي محمد بن أبي زيد، وأحمد بن رحمون، وأحمد بن نصر الداوودي.
وله تأليف في أخبار شعراء الأندلس، ومصنف في المؤتلف والمختلف، وفي مشتبه النسبة.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وقال: كان فقيهاً حافظاً، عالماً في جميع فنون العلم في الحديث والرجال، أخذت معه عن أكثر شيوخي، وكان حسن الصحبة والمعاشرة، قتلته البربر، وبقي ملقىً في داره ثلاثة أيام.
وقال أبو مروان بن حيان: وممن قتل يوم أخذ قرطبة الفقيه الأديب الفصيح ابن الفرضي، وووري متغيراً من غير غسل، ولا كفن ولا صلاة، ولم ير مثله بقرطبة في سعة الرواية، وحفظ الحديث، ومعرفة الرجال، والافتنان في العلوم والأدب البارع، ولد سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة، وحج سنة اثنتين وثمانين، وجمع من الكتب أكثر ما يجمعه أحد في علماء البلد، وتقلد قراءة الكتب بعهد العامرية، واستقضاه محمد المهدي ببلنسية، وكان حسن البلاغة والخط.
قال الحميدي: حدثنا علي بن أحمد الحافظ، أخبرني أبو الوليد بن الفرضي قال: تعلقت بأستار الكعبة، وسألت الله تعالى الشهادة، ثم فكرت في هول القتل، فندمت، وهممت أن أرجع، فأستقيل الله ذلك، فاستحييت. قال الحافظ علي: فأخبرني من رآه بين القتلى، ودنا منه، فسمعه يقول بصوت ضعيف: لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً، اللون لون الدم، والريح ريح المسك. كأنه يعيد على نفسه الحديث، ثم قضى على إثر ذلك رحمه الله.
وله شعر رائق فمنه:

إنّ الذي أصبحت طوع يمينـه

 

إن لم يكن قمراً فليس بدونـه

ذلّي له في الحبّ من سلطانه

 

وسقام جسمي من سقام جفونه

وقال ابن عبد البر: أنشدنا ابن الفرضي لنفسه:

أسير الخطايا عند بـابـك واقـفٌ

 

على وجلٍ ممّا به أنـت عـارف

يخاف ذنوباً لم يغب عنك غيبـهـا

 

ويرجوك فيها فهو راجٍ وخـائف

ومن ذا الذي يرجو سواك ويتّقـي

 

ومالك في فصل القضاء مخالف

فيا سيّدي ! لا تخزني في صحيفتي

 

إذا نشرت يوم الحساب الصّحائف

قتل رحمه الله سنة ثلاث وأربع مئة كهلاً.

صاحب اليمن

كان ابن زياد وآله ملك اليمن من أكثر من مئتي عام، وبدأت دولتهم تولي، وملكوا صغيراً قام بتدبيره مولاه حسين ابن سلامة النوبي، وكان خيراً صالحاً، أنشأ مدينة الكدراء، ومدينة المعقر، وأنشأ الجوامع، وعدل وتصدق، توفي سنة اثنتين وأربع مئة أعني حسيناً وكان في المئة الرابعة باليمن دعاة للقرامطة.

العبقسي

القاضي العدل، أبو الحسن، أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن علي بن فراس وقيل: بين علي وفراس أحمد العبقسي المكي العطار، مسند الحجاز.
ولد سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة. وسمع في صباه وهو ابن عشر سنين من أبي جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي، وأبي التريك محمد بن الحسين بن موسى السعدي الحمصي، ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي، وأبي سعيد بن الأعرابي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن المقرىء، وبكير بن محمد الحداد، وأبي اليسع إسماعيل بن محمد المصيصي، وأبي علي الحسين بن الفتح النيسابوري الفقيه كمام، والعباس بن محمد بن الحسن بن قتيبة، وغيرهم.
روى عنه: أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي، وأبو سعد إسماعيل ابن علي السمان، وحاتم بن محمد الأطرابلسي ثم الأندلسي، وأبو علي الأهوازي، وأبو نصر السجزي، وأبو عمرو الداني، والحسن بن النعمان الصيمري، وأبو ذر الهروي، وعلي بن عبد الملك بن شبانة الدينوري، وأبو محمد الحسن بن الحسين التجيبي الفرشي، وسليم الرازي، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن بندار الرازي، وأبو طالب العشاري، وأبو عمران الفارسي، ومكي بن أبي طالب، وعلي بن محمد بن شجاع الربعي، ومظفر ابن الحسن سبط ابن لال، وعلي بن عبيد الله الهمذاني الكسائي، وآخرون.
قال أبو ذر في معجمه: ثقة ثبت.
وذكره أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي في ترجمة أبيه إبراهيم، وقال: وولده اليوم هو شيخ مكة، ومحدثها في وقته، سمع مع أبيه وعني به، وكتبه صحاح.
وكذا وثقه السجزي، ويقول: حدثنا أحمد بن أبي إسحاق قاضي جدة.
وقال العتيقي: كان قد انفرد في وقته بجماعة شيوخ، ثقة صدوق.
وقال أبو نصر هبة الله بن معاذ السجزي في كتاب السبعيات من جمعه: كان من كبار أهل زمانه، وإليه الرحلة في أوانه، وهو ثقة.
قلت: وروى عنه أبو عمر بن عبد البر بالإجازة، وآخر من بقي من أصحابه راوي نسخة إسماعيل بن جعفر أبو علي الحسن بن عبد الرحمن ابن الحسن المكي الشافعي الحناط.
وقال ابن بشكوال في ترجمة حام الأطرابلسي: كان أحمد من المسندين الثقات.
وقال ابن بشكوال في جمعه لشيوخ ابن عبد البر: مات سنة أربع وأربع مئة بمكة، وقد نيف على المئة. ثم قال: ذكر ذلك حاتم بن محمد.
وقال الحبال: ولد سنة اثنتي عشرة، ومات سنة خمس وأربع مئة.
وقال العتيقي: مات سنة خمس في جمادى الأولى. وقال الكتاني: مات سنة ثلاث. فوهم.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن الأرتاحي، عن الفراء قال: أخبرنا الحبال، حدثنا الحسن بن أحمد بمكة بوفاة أبيه ومولده، فذكرهما كما مضى.

ابن كج

القاضي العلامة، شيخ الشافعية، أبو القاسم، يوسف بن أحمد بن كج، الدينوري، تلميذ أبي الحسين بن القطان. وحضر مجلس الداركي.
وكان يضرب به المثل في حفظ المذهب، وله وجه، وتصانيف كثيرة، وأموال وحشمة، ارتحل إليه الناس من الآفاق.
وكان بعضهم يقدمه على الشيخ أبي حامد، وقال: هو ذاك رفعته بغداد، وحطت مني الدينور. قال ذلك عندما قال له تلميذ: يا أستاذ ! الاسم لأبي حامد، والعلم لك.
قتلته الحرامية بالدينور ليلة سبع وعشرين من رمضان، سنة خمس وأربع مئة، ولم يبلغني مقدار ما عاش.

ابن أبي حديد

العدل الأمين العالم، مسند دمشق، أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن الوليد بن الحكم بن أبي الحديد السلمي الدمشقي.
ولد سنة تسع وثلاث مئة.
وسمع أبا الدحداح أحمد بن محمد، وأبا بكر محمد بن جعفر الخرائطي، ومحمد بن يوسف الهروي، وعبد الغافر بن سلامة، وبمصر من محمد بن بشر الزبيري، وعبد العزيز بن أحمد الآجري، وعبد العزيز بن قيس، وطائفة.
حدث عنه: حفيداه: أحمد وعبيد الله ابنا عبد الواحد، وعلي بن الحسين الشرابي، وأبو الحسن بن السمسار، وأبو علي الأهوازي، وأبو القاسم الحنائي، وآخرون. وتفرد بعلو الرواية.
قال أبو نصر بن ماكولا: حدثنا عنه جماعة، وكان من الأعيان.
وقال عبد العزيز الكتاني: كان ثقةً مأموناً أعرفه، وتوفي في شوال سنة خمس وأربع مئة.
قال أبو الفرج بن عمرو: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي: أبو بكر ابن أبي الحديد قوال بالحق.

بهاء الدولة

أبو نصر، أحمد بن عضد الدولة ابن بويه، ملك العراق.
مات في جمادى الآخرة، سنة ثلاث وأربع مئة بعلة الصرع المتتابع كأبيه، توفي بأرجان في سن اثنتين وأربعين سنة وتسعة أشهر.
وكانت أيامه أربعاً وعشرين سنة، وتملك ابنه سلطان الدولة أبو شجاع.
وكان بهاء الدولة خاضعاً للسلطان محمود بن سبكتكين، مدارياً له. وقام ابنه بعده اثنتي عشرة سنة، وأخذت الدولة البويهية تتناقص.
وقيل: بل كان ملك بهاء الدولة اثنتين وعشرين سنة ويومين.

المجبر

مسند بغداد أبو الحسن، أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت بن الحارث بن مالك بن سعد بن قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب، القرشي العبدري البغدادي الجرائحي المجبر.
ولد سنة أربع عشرة وثلاث مئة.
وسمع من: أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وأحمد بن عبد الله وكيل أبي صخرة، وأبي بكر بن الأنباري، والقاضي المحاملي، وجماعة.
حدث عنه: عبيد الله بن أحمد الأزهري، وعبد الباقي الأنصاري، وعلي بن أحمد بن البسري، ومالك بن أحمد البانياسي، وعدة.
قال الخطيب: سئل أبو بكر البرقاني وأنا أسمع عن ابن الصلت المجبر، فقال: ابنا الصلت ضعيفان.
قال: وسألت حمزة بن محمد بن طاهر عن المجبر، فقال: كان صالحاً ديناً. وسمعت عبد العزيز الأزجي يقول: عمد ابن الصلت إلى كتب لابن أبي الدنيا، فحدث بها عن البرذعي. يشير الأزجي إلى أن تلك الكتب لم تكن عند البرذعي.
مات المجبر وله إحدى وتسعون سنة، في شهر رجب سنة خمس وأربع مئة.
وهو صاحب جزء البانياسي.
فأما سميه: المسند الكبير:

أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد

ابن موسى بن هارون بن الصلت، الأهوازي، ثم البغدادي، فمولده في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
سمع القاضي أبا عبد الله المحاملي، وأبا العباس بن عقدة، ومحمد ابن مخلد العطار، وعبد الغافر بن سلامة الحمصي.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم بن مندة، وجماعة.
قال الخطيب: كان صدوقاً صالحاً، توفي في جمادى الآخرة سنة تسع وأربع مئة.
وآخر من مات من أصحابه علي بن الحسين بن قريش البناء.
وقيل: إن يحيى بن أحمد السيبي روى عنه. وبقي إلى سنة تسعين وأربع مئة.

ابن أبي زمنين

الإمام القدوة الزاهد، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد، المري الأندلسي الإلبيري، شيخ قرطبة.
قرأ ببجانة على سعيد بن فحلون مختصر ابن عبد الحكم.
وسمع من: محمد بن معاوية الأموي، وأحمد بن المطرف، وأحمد ابن الشامة، ووهب بن مسرة.
وتفقه بإسحاق الطليطلي.
وتفنن، واستبحر من العلم، وصنف في الزهد والرقائق، وقال الشعر الرائق.
وكان صاحب جد وإخلاص، ومجانبة للأمراء.
روى عنه: أبو عمرو الداني، وأبو عمر بن الحذاء، وجماعة.
ولد في أول سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
وتوفي في ربيع الآخر، سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
واختصر المدونة، وله منتخب الأحكام مشهور، وكتاب الوثائق، ومختصر تفسير ابن سلام، وكتاب حياة القلوب في الزهد، وكتاب أدب الإسلام، وكتاب أصول السنة، وأشياء كثيرة.
وكان من حملة الحجة. وزمنين بفتح الميم، ثم كسر النون.

ابن الباقلاني

الإمام العلامة، أوحد المتكلمين، مقدم الأصوليين، القاضي أبو بكر، محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم، البصري، ثم البغدادي، ابن الباقلاني، صاحب التصانيف، وكان يضرب المثل بفهمه وذكائه.
سمع أبا بكر أحمد بن جعفر القطيعي، وأبا محمد بن ماسي، وطائفة.
وخرج له أبو الفتح بن أبي الفوارس.
وكان ثقةً إماماً بارعاً، صنف في الرد على الرافضة والمعتزلة، والخوارج والجهمية والكرامية، وانتصر لطريقة أبي الحسن الأشعري، وقد يخالفه في مضائق، فإنه من نظرائه، وقد أخذ علم النظر عن أصحابه.
وقد ذكره القاضي عياض في طبقات المالكية، فقال: هو الملقب بسيف السنة، ولسان الأمة، المتكلم على لسان أهل الحديث، وطريق أبي الحسن، وإليه انتهت رئاسة المالكية في وقته، وكان له بجامع البصرة حلقة عظيمة.
حدث عنه: الحافظ أبو ذر الهروي، وأبو جعفر محمد بن أحمد السمناني، وقاضي الموصل، والحسين بن حاتم الأصولي.
قال أبو بكر الخطيب: كان ورده في كل ليلة عشرين ترويحةً في الحضر والسفر، فإذا فرغ منها، كتب خمساً وثلاثين ورقةً من تصنيفه. سمعت أبا الفرج محمد بن عمران يقول ذلك. وسمعت علي بن محمد الحربي يقول: جميع ما كان يذكر أبو بكر بن الباقلاني من الخلاف بين الناس صنفه من حفظه، وما صنف أحد خلافاً إلا احتاج أن يطالع كتب المخالفين، سوى ابن الباقلاني. قلت: أخذ القاضي أبو بكر المعقول عن أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن مجاهد الطائي صاحب أبي الحسن الأشعري.
وقد سار القاضي رسولاً عن أمير المؤمنين إلى طاغية الروم، وجرت له أمور، منها أن الملك أدخله عليه من باب خوخة ليدخل راكعاً للملك، ففطن لها القاضي، ودخل بظهره.
ومنها أنه قال لراهبهم، كيف الأهل والأولاد ؟ فقال الملك: مه ! أما علمت أن الراهب يتنزه عن هذا ؟ فقال: تنزهونه عن هذا، ولا تنزهون رب العالمين عن الصاحبة والولد ! وقيل: إن الطاغية سأله: كيف جرى لزوجة نبيكم ؟ يقصد توبيخاً قال: كما جرى لمريم بنت عمران، وبرأهما الله، لكن عائشة لم تأت بولد. فأفحمه.
قال الخطيب: سمعت أبا بكر الخوارزمي يقول: كل مصنف ببغداد إنما ينقل من كتب الناس سوى القاضي أبي بكر، فإنما صدره يحوي علمه وعلم الناس.
وقال أبو محمد البافي: لو أوصى رجل بثلث ماله لأفصح الناس، لوجب أن يدفع إلى أبي بكر الأشعري.
قال أبو حاتم محمود بن الحسين القزويني: كان ما يضمره القاضي أبو بكر الأشعري من الورع والدين أضعاف ما كان يظهره، فقيل له في ذلك، فقال: إنما أظهر ما أظهره غيظاً لليهود والنصارى، والمعتزلة والرافضة، لئلا يستحقروا علماء الحق.
وعمل بعضهم في موت القاضي:

انظر إلى جبلٍ تمشي الـرّجـال بـه

 

وانظر إلى القبر ما يحوي من الصّلف

وانظر إلى صارم الإسلام منـغـمـداً

 

وانظر إلى درّة الإسلام في الصّـدف

مات في ذي القعدة، سنة ثلاث وأربع مئة، وصلى عليه ابنه حسن، وكانت جنازته مشهودةً، وكان سيفاً على المعتزلة والرافضة والمشبهة، وغالب قواعده على السنة، وقد أمر شيخ الحنابلة أبو الفضل التميمي منادياً يقول بين يدي جنازته: هذا ناصر السنة والدين، والذاب عن الشريعة، هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة. ثم كان يزور قبره كل جمعة.
قيل: ناظر أبو بكر أبا سعيد الهاروني، فأسهب، ووسع العبارة، ثم قال للجماعة: إن أعاد ما قلت، قنعت به عن الجواب. فقال الهاروني: بل إن أعاد ما قاله، سلمت له.

أبو حامد الإسفراييني

الأستاذ العلامة، شيخ الإسلام، أبو حامد، أحمد ابن أبي طاهر محمد بن أحمد الإسفراييني، شيخ الشافعية ببغداد.
ولد سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
وقدم بغداد وله عشرون سنةً، فتفقه على أبي الحسن بن المرزبان، وأبي القاسم الداركي، وبرع في المذهب، وأربى على المتقدمين، وعظم جاهه عند الملوك.
حدث عن: عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، وسمع السنن من الدارقطني.
حدث عنه تلامذته أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي، والفقيه سليم الرازي، وأبو علي السنجي، وأبو الحسن المحاملي، وآخرون.
قال الشيخ أبو إسحاق في الطبقات: انتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد، وعلق عنه تعاليق في شرح المزني، وطبق الأرض بالأصحاب، وجمع مجلسه ثلاث مئة متفقه.
وقال الشيخ محيي الدين النواوي: تعليقه الشيخ أبي حامد في نحو من خمسين مجلداً، ذكر فيها مذاهب العلماء، وبسط أدلتها والجواب عنها، تفقه عليه جماعة منهم: أبو علي السنجي، وقد تفقه السنجي على القفال أيضاً، وهما شيخا طريقتي العراق وخراسان، وعنهما انتشر المذهب.
قال الخطيب: حدثونا عن أبي حامد، وكان ثقةً، حضرت تدريسه في مسجد ابن المبارك، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبع مئة فقيه، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعي، لفرح به.
قال الخطيب: وحدثني أبو إسحاق الشيرازي قال: سألت القاضي أبا عبد الله الصيمري: من أنظر من رأيت من الفقهاء ؟ فقال: أبو حامد الإسفراييني.
قال أبو حيان التوحيدي في رسالة له: سمعت الشيخ أبا حامد يقول لطاهر العباداني: لا تعلق كثيراً مما تسمع منا في مجالس الجدل، فإن الكلام يجري فيها على ختل الخصم ومغالطته ودفعه ومغالبته، فلسنا نتكلم لوجه الله خالصاً، ولو أردنا، لكان خطونا إلى الصمت أسرع من تطاولنا في الكلام، وإن كنا في كثير من هذا نبوء بغضب الله، فإنا نطمع في سعة رحمة الله.
قلت: أبو حيان غير معتمد.
قال ابن الصلاح: وعلى الشيخ أبي حامد تأول بعض العلماء حديث: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها، فكان الشافعي على رأس المئتين، وابن سريج على رأس الثلاث مئة، وأبو حامد على رأس الأربع مئة. وروي عن سليم الرازي قال: كان أبو حامد في أول أمره يحرس في درب، وكان يطالع على زيت الحرس، وإنه أفتى وهو ابن سبع عشرة سنة.
قال الخطيب: مات أبو حامد في شوال، سنة ست وأربع مئة، وكان يوماً مشهوداً، ودفن في داره، ثم نقل بعد أربع سنين، ودفن بباب حرب، رحمه الله.
ومات معه باديس بن منصور الحميري، صاحب المغرب، وشيخ الصوفية أبو علي الدقاق، وأبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي، وشيخ مكة عبيد الله بن محمد السقطي، وشيخ بغداد أبو أحمد بن أبي مسلم الفرضي، وأبو الفرج عثمان بن أحمد البرجي بأصبهان، وشيخ المتكلمين أبو بكر بن فورك.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا إلياس بن أحمد، أخبرنا حمزة بن كروس، أخبرنا الفقيه نصر بن إبراهيم، حدثنا سليم بن أيوب، حدثنا أبو حامد أحمد بن أبي طاهر، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الشعراني، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان ابن موسى، حدثنا ابن المبارك، عن كهمس، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر قال: ظهر ها هنا معبد الجهني، وهو أول من قال في القدر ها هنا. وذكر الحديث.

ابن بيري

المحدث المعمر الصدوق، شيخ واسط، أبو بكر بن عبيد بن الفضل بن سهل بن بيري الواسطي.
آخر أصحاب علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، حدث عنه، وعن محمد بن عثمان بن سمعان، وعبد الله بن عمر بن شوذب، ومحمد ابن الحسين الزعفراني، ومحمد بن يحيى الصولي، وأبي جعفر بن البختري، وأبي علي الحسن بن منصور، وعبد الباقي بن قانع، وعدة، حتى إن خميس بن علي الحوزي زعم أنه سمع من أبي القاسم البغوي، وابن أبي داود، وهذا غلط، قال: وكان ثقةً صدوقاً، كف بصره بأخرة.
حدث عنه: عبد الكريم بن محمد الشروطي، وأبو يعلى حمزة بن الحسن، ومحمد بن علي بن عيسى القارىء، وعلي بن الحسين بن الطيب الصوفي، وأبو غالب بن بشران النحوي، والقاضي أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن الطيب بن كماري، والفقيه أبو الحسين محمد بن علي الشافعي، وأبو الحسين محمد بن محمد بن مخلد البزاز: الواسطيون وسماع ابن مخلد منه في سنة نيف وأربع مئة، رحمه الله.

ابن خزفة

الشيخ أبو الحسن، علي بن محمد بن علي بن خزفة، الواسطي، الصيدلاني الأديب، راوي التاريخ الكبير لأحمد بن أبي خيثمة، عن محمد بن الحسين الزعفراني، عنه، وروى عن محمد بن أحمد بن أبي وطن، وأبي العلاء محمد بن يونس.
وعنه: اللالكائي، ومحمد بن الحسين بن البيطار، وأبو علي غلام الهراس، وأبو يعلى محمد بن سفيان، وعلي بن عبيد الله العلاف، وإبراهيم بن محمد الجماري، وعدة.
وكان خصيصاً بالوزير فخر الملك ونديماً له.
توفي في سنة تسع وأربع مئة.

الخزاعي

الشيخ الصدوق، العالم المحدث، أبو القاسم، علي بن أحمد بن محمد بن الحسن، الخزاعي البلخي، من ولد مكلم الذئب أهبان بن عياذ الخزاعي، رضي الله عنه.
سمع من: الهيثم بن كليب الشاشي مسنده، وكتاب الشمائل، وكتاب غريب الحديث لابن قتيبة، وغير ذلك، وطال عمره، وتفرد.
وحدث أيضاً عن أبيه، والأستاذ عبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري، وعبد الله بن محمد بن طرخان البلخي، ومحمد بن أحمد بن خنب، وأبي عمرو محمد بن إسحاق العصفري، وأبي جعفر محمد بن محمد بن عبد الله الجمال، ومحمد بن أحمد السلمي، وطائفة.
وارتحل في كبره، فحدث ببخارى، وبلخ وسمرقند ونسف.
وكان مولده في رجب سنة ست وعشرين وثلاث مئة.
حدث عنه جماعة من أهل تلك الديار، وآخر أصحابه موتاً أحمد بن محمد الخليلي الدهقان.
مات ببخارى في صفر سنة إحدى عشرة وأربع مئة.

السليماني

الإمام الحافظ المعمر، محدث ما وراء النهر، أبو الفضل، أحمد بن علي بن عمرو بن حمد بن إبراهيم بن يوسف بن عنبر، سبط أحمد بن سليمان، السليماني البيكندي البخاري.
ولد سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.
وسمع محمد بن حمدويه بن سهل المروزي، وعلي بن سختويه، وعلي بن إبراهيم بن معاوية، ومحمد بن إسحاق الخزاعي، ومحمد بن صابر بن كاتب، وصالح بن زهير البخاريين، وعلي بن إسحاق المادرائي، وأبا العباس الأصم، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وطبقتهم، وتفرد بالرواية عن ابن حمدويه وغيره. قال أبو سعد السمعاني في الأنساب: السليماني منسوب إلى جده لأمه: أحمد بن سليمان البيكندي، له التصانيف الكبار، رحل إلى الآفاق، ولم يكن له نظير في زمانه إسناداً وحفظاً ودرايةً وإتقاناً، وكان يصنف في كل جمعة شيئاً، ويدخل من بيكند إلى بخارى، ويحدث بما صنف.
حدث عنه: جعفر بن محمد المستغفري، وولده أبو ذر محمد بن جعفر، وجماعة لا نعرفهم بتلك الديار.
قال أبو سعد: توفي في ذي القعدة، سنة أربع وأربع مئة وله ثلاث وتسعون سنة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد، أخبرنا عثمان بن علي البيكندي، أخبرنا أبو الخطاب محمد بن إبراهيم بن علي الكعبي إملاءً، حدثنا أبو سهل أحمد بن علي الأبيوردي، أخبرنا أحمد بن عمرو السليماني، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد السمرقندي، حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم السمرقندي، حدثنا عيسى بن مينا، حدثنا محمد ابن جعفر بن أبي كثير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يفتح أحد على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر.
أخبرنا الحسن بن علي بن يونس، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت عبد الأول، أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن إسماعيل، حدثنا أحمد بن علي الحافظ بيكند، حدثنا محمد بن إبراهيم بن عيسى الخوارزمي الشافعي، حدثنا محمد بن إسحاق الدمشقي، حدثني محمد بن حمدان البلخي، حدثنا محمد بن نهشل المروزي، حدثنا موسى بن مسعود، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير قال: ولد الزنى لا يكتب الحديث.
رأيت للسليماني كتاباً فيه حط على كبار، فلا يسمع منه ما شذ فيه.

ابن حامد

شيخ الحنابلة، ومفتيهم، أبو عبد الله، الحسن بن حامد بن علي بن مروان، البغدادي الوراق، مصنف كتاب الجامع في عشرين مجلداً في الاختلاف.
روى عن: أبي بكر النجاد، وأبي بكر الشافعي، وابن سلم الختلي.
روى عنه: أبو علي الأهوازي، وأبو طالب العشاري، والقاضي أبو يعلى، وتفقه عليه، والمقرىء أبو بكر الخياط.
وكان يتقوت من النسخ، ويكثر الحج.
وهو أكبر تلامذة أبي بكر غلام الخلال.
هلك شهيداً في أخذ الوفد سنة ثلاث وأربع مئة.

ابن وجه الجنة

الشيخ الثقة المعمر، أبو بكر، يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود بن موسى، القرطبي، عرف بابن وجه الجنة.
سمع من: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن أبي دليم، ومحمد بن معاوية، وابن حزم الصدفي، وأحمد بن مطرف.
وكان خيراً ديناً، من عدول القاضي أبي بكر بن السليم، وكان يلتزم صنعة الخز.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم، وطائفة.
مولده في سنة أربع وثلاث مئة.
ومات في ذي الحجة سنة اثنتين وأربع مئة.
وهو أكبر شيخ لقيه ابن حزم.

ابن الرسان

الشيخ الجليل الثقة المحدث، أبو القاسم، أحمد بن فتح بن عبد الله ابن علي القرطبي، التاجر السفار، المعروف بابن الرسان.
حج، وأخذ عن أبي الحسن عتبة الرازي، وحمزة الكناني، والحسن ابن رشيق، وإسحاق بن إبراهيم فقيه قرطبة، وحمل صحيح مسلم عن أبي العلاء بن ماهان.
روى عنه: الصاحبان: ابن ميمون وابن شنظير، ويونس بن عبد الله، ومحمد بن عتاب، وأبو عمر بن عبد البر، والخولاني، وقال: هو رجل صالح على هدى وسنة، صنف في الفرائض، وكان عنده فوائد جمة عوال.
وقال غيره: مات عن أربع وثمانين سنة في شهر ربيع الأول، مختفياً بعد طلب شديد بسبب مصادرة وعسف.
وقد روى ابن حزم في تواليفه عن رجل عنه.
مات سنة ثلاث وأربع مئة.

لحية الزبل

الإمام المحدث الثقة، شيخ اللغة، أبو عثمان، سعيد بن عثمان بن سعيد، البربري الأندلسي، ابن القزاز، اللغوي القرطبي، تلميذ أبي علي القالي.
مولده في سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
حدث عن: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله ابن أبي دليم، ومحمد بن عيسى بن رفاعة، وسعيد بن جابر، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وجماعة وكان أحد الثقات.
عدم في وقعة الأندلس، في ربيع الأول سنة أربع مئة.

ابن المكوي

عالم الأندلس، وشيخ المالكية، أبو عمر، أحمد بن عبد الملك بن هاشم، الإشبيلي، ابن المكوي.
تفقه على إسحاق بن إبراهيم الفقيه. وبرع، وفاق الأقران، وانتهت إليه معرفة المذهب وغوامضه مع الصلابة في الدين، والبعد عن الهوى، والإنصاف في النظر.
صنف هو والعلامة أبو بكر المعيطي معاً كتاب الاستيعاب في المذهب، في مئة جزء، لصاحب الأندلس المستنصر، فسر بذلك، ووصلهما بمبلغ، وقدمهما للشورى.
تفقه على ابن المكوي أبو عمر بن عبد البر، وأخذ عنه المدونة.
مات فجأةً في جمادى الأولى، سنة إحدى وأربع مئة عن سبع وسبعين سنة، وكانت جنازته مشهودةً، رحمه الله.

الصعلوكي

العلامة، شيخ الشافعية بخراسان، الإمام أبو الطيب، سهل بن الإمام أبي سهل محمد بن سليمان بن محمد، العجلي الحنفي، ثم الصعلوكي النيسابوري، الفقيه الشافعي.
تفقه على والده.
وسمع من: أبي العباس الأصم، وأبي علي الرفاء، وطائفة.
ودرس وتخرج به أئمة.
قال الحاكم: هو من أنظر من رأينا، تخرج به جمعة، وحدث وأملى.
قال: وبلغني أنه كان في مجلسه أكثر من خمس مئة محبرة.
وقال أبو إسحاق الشيرازي: كان أبو الطيب فقيهاً أديباً، جمع رئاسة الدنيا والدين، وأخذ عنه فقهاء نيسابور. وقال الحاكم: كان أبو يجله، ويقول: سهل والد.
قلت: حدث عنه الحاكم وهو أكبر منه، وأبو بكر البيهقي، وأبو نصر محمد بن سهل الشاذياخي، وآخرون.
وله ألفاظ بديعة، منها: من تصدر قبل أوانه، فقد تصدى لهوانه.
وقال: إذا كان رضى الخلق معسوراً لا يدرك، كان رضى الله ميسوراً لا يترك، إنا نحتاج إلى إخوان العشرة لوقت العسرة.
وكان بعض العلماء يعد أبا الطيب المجدد للأمة دينها على رأس الأربع مئة، وبعضهم عد ابن الباقلاني، وبعضهم عد الشيخ أبا حامد الإسفراييني، وهو أرجح الثلاثة.
توفي الإمام أبو الطيب في رجب، سنة أربع وأربع مئة في عشر الثمانين، رحمه الله تعالى.
وفيها توفي السليماني، وشيخ القراء أبو الفرج عبد الملك بن بكران النهرواني، وقاضي قرطبة أبو بكر يحيى بن عبد الرحمن بن واقد المالكي، والحافظ أبو محمد حاتم بن أبي حاتم محمد بن يعقوب الهروي مؤلف السنن الكبير.

ابن الليث

الإمام الحافظ الفقيه، العلامة أبو علي، الحسن بن أحمد بن محمد ابن الليث الكشي، ثم الشيرازي الشافعي، من أعيان القراء والحفاظ والفقهاء.
ولد في حدود العشرين وثلاث مئة.
وسمع من: إسماعيل الصفار، وأبي العباس الأصم، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم، وعبد الله بن درستويه النحوي، والحافظ الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي.
وارتحل وجمع، وشارك في الفضائل، وروى الكثير ببلاد فارس.
سمع منه: أبو عبد الله الحاكم، وقال: هو متقدم في معرفة القراءات، حافظ للحديث، رحال، قدم علينا أيام الأصم، ثم قدم علينا في سنة ثلاث وخمسين.
وذكر أبو عمرو بن الصلاح أبا علي بن الليث في طبقات الشافعية مختصراً، وقال: هو والد الليث وأبي بكر.
ذكره أيضاً أبو عبد الله القصار في طبقات أهل شيراز، وأثنى عليه كثيراً، ثم قال: ومن أصحابه زيد بن عمر الحافظ، ومحمد بن موسى الحافظ، وأحمد بن عبد الرحمن الحافظ.
قال: وتوفي لثمان عشرة مضت من شعبان سنة خمس وأربع مئة.
قلت: ومات ابنه محمد في سنة ثمان وعشرين وأربع مئة، ويكنى أبا بكر. حدث عن: أبي بكر بن المقرىء. وقيل: بل توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة، فيحرر هذا.
وقد ذكر الحافظ يحيى بن مندة: أن الحافظ أبا الشيخ مع تقدمه روى عن أبي علي بن الليث حديثاً. فهذا من رواية الشيوخ عن التلامذة.

ابن فطيس

الإمام العلامة الحافظ، ذو الفنون، قاضي الجماعة، أبو المطرف، عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس بن أصبغ بن فطيس، القرطبي المالكي.
حديث عن: أبي عيسى الليثي، وأبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي الحسن الأنطاكي، وأبي محمد الأصيلي، وأبي محمد ابن عبد المؤمن، وعدة.
وأجاز له الحسن بن رشيق، والقاضي أبو بكر الأبهري، وطائفة.
وكان حافظاً ناقداً جهبذاً، مجوداً محققاً، بصيراً بالعلل والرجال، مع قوته في الفقه والفضائل، وكان يملي من حفظه.
حدث عنه: الصاحبان، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو عمر بن سميق، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر بن الحذاء، وحاتم بن محمد، وآخرون. صنف كتاب القصص وهو ثلاث مجلدات، وكتاب أسباب النزول في مئة جزء، وكتاب فضائل الصحابة في مئة جزء، وكتاب فضائل التابعين في سبع مجلدات، وكتاب الناسخ والمنسوخ ثلاثون جزءاً، وكتاب الإخوة من أهل العلم مجلدان، وكتاب أعلام النبوة في عشر أسفار، وكتاب الكرامات في مجلدين، ومسند محمد بن فطيس، خمسون جزءاً، ومسند قاسم بن أصبغ العوالي، ثلاث مجلدات، وكتاب المناولة والإجازة مجلد.
وكان قد ولي الوزارة للمظفر بن أبي عامر، فلما أن ولي القضاء، ترك زي الوزراء، وكان عادلاً، شديداً في أحكامه، بحراً من بحور العلم، عظيم الخطر.
عاش خمساً وخمسين سنة، وتوفي في نصف ذي القعدة، سنة اثنتين وأربع مئة، وصلى عليه ولده محمد، رحمه الله.

أبو أحمد الفرضي

الإمام القدوة، شيخ العراق، أبو أحمد، عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن أ[ي مسلم، البغدادي الفرضي المقرىء.
تلا على ابن بويان.
وسمع من القاضي المحاملي، ويوسف بن البهلول الأزرق، وحضر مجلس أبي بكر بن الأنباري.
تلا عليه: أبو بكر بن موسى الخياط، وأبو علي غلام الهراس، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وجماعة.
وروى عنه: أبو محمد الخلال، وأحمد بن علي بن أبي عثمان، وعلي بن البسري، وعلي بن محمد بن محمد الأنباري الخطيب، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقةً ورعاً ديناً.
وقال العتيقي: ما رأيت في معناه مثله.
وقال الأزهري: عبيد الله كان إماماً من الأئمة.
قال عيسى بن أحمد الهمذاني: كان أبو أحمد إذا جاء إلى أبي حامد الإسفراييني، قام ومشى حافياً إلى باب مسجده مستقبلاً له.
وقال منصور الفقيه: لم أر في الشيوخ من يعلم لله غير أبي أحمد الفرضي، اجتمعت فيه أدوات من علم وقرآن وإسناد، وحالة من الدنيا متسعة، وكان مع ذلك أورع الخلق، لم أر مثله.
قلت: توفي في شوال سنة ست وأربع مئة وله اثنتان وثمانون سنة.
وقد استوفيت أمره في طبقات المقرئين.
سمعت قراءة قالون على عمر بن عبد المنعم، قال: أنبأني أبو اليمن الكندي قال: تلوت بها على هبة الله بن الطبر قال: قرأت بها على أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخياط سنة إحدى وستين وأربع مئة، قال: قرأت بها على أبي أحمد الفرضي، عن ابن بويان، عن أبي حسان، عن أبي نشيط، عن قالون صاحب نافع.

ابن فورك

الإمام العلامة الصالح، شيخ المتكلمين، أبو بكرن محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني.
سمع مسند أبي داود الطيالسي من عبد الله بن جعفر بن فارس، وسمع من ابن خرزاذ الأهوازي.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر بن خلف، وآخرون.
وصنف التصانيف الكثيرة.
قال عبد الغافر في سياق التاريخ: الأستاذ أبو بكر قبره بالحيرة يستسقى به.
وقال القاضي ابن خلكان فيه: أبو بكر الأصولي، الأديب النحوي الواعظ، درس بالعراق مدةً، ثم توجه إلى الري، فسعت به المبتدعة يعني الكرامية فراسله أهل نيسابور، فورد عليهم، وبنوا له مدرسةً وداراً، وظهرت بركته على المتفقهة، وبلغت مصنفاته قريباً مئة مصنف، ودعي إلى مدينة غزنة، وجرت له بها مناظرات، وكان شديد الرد على ابن كرام، ثم عاد إلى نيسابور، فسم في الطريق، فمات بقرب بست، ونقل إلى نيسابور، ومشهده بالحيرة يزار، ويستجاب الدعاء عنده.
قلت: كان أشعرياً، رأساً في فن الكلام، أخذ عن أبي الحسن الباهلي صاحب الأشعري.
وقال عبد الغافر: دعا أبو علي الدقاق في مجلسه لطائفة، فقيل: ألا دعوت لابن فورك ؟ قال: كيف أدعو له، وكنت البارحة أقسم على الله بإيمانه أن يشفيني ؟.
قلت: حمل مقيداً إلى شيراز للعقائد.
ونقل أبو الوليد الباجي أن السلطان محموداً سأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كان رسول الله، وأما اليوم فلا. فأمر بقتله بالسم.
وقال ابن حزم: كان يقول: إن روح رسول الله قد بطلت، وتلاشت، وما هي في الجنة.
قلت: وقد روى عنه الحاكم حديثاً، وتوفي قبله بسنة واحدة.

باديس

ابن منصور بن يوسف بن بلكين بن زيري، صاحب المغرب، وابن ملوكها من جهة العبيدية، أبو مناد الصنهاجي.
ولي ممالك إفريقية للحاكم، فلقبه: نصير الدولة.
وكان سائساً حازماً، شديد البأس، إذا هز رمحاً، كسره.
مولده سنة أربع وسبعين وثلاث مئة. وفي سنة ست وأربع مئة أمر جيشه بالعرض، فسره حسن شارتهم وهيئتهم، ثم مد السماط وأكل، فمات فجأةً لليلته، فأخفوا موته، ورتبوا في الملك أخاه كرامت، ثم عطفوا، فبايعوا ابنه المعز بن باديس.
ويقال: مات بالخوانيق، دعا عليه الصالح محرز الطرابلسي المؤدب، لكونه هم بخراب طرابلس المغرب.
وصنهاجة من حمير بالكسر. وقال ابن دريد: لا يجوز إلا ضم الصاد.

ابن اللبان

الإمام العلامة الكبير، إمام الفرضيين في الآفاق، أبو الحسين، محمد بن عبد الله بن الحسن، البصري، ابن اللبان، الفرضي الشافعي.
سمع أبا العباس محمد بن أحمد الأثرم، وابن داسه، وحدث عنه ببغداد بسنن أبي داود، فسمعها منه القاضي أبو الطيب الطبري.
وثقه أبو بكر الخطيب، وقال: انتهى إليه علم الفرائض، صنف فيها كتباً، وتوفي في ربيع الأول، سنة اثنتين وأربع مئة.
قلت: أظنه من أبناء الثمانين.
قيل: إنه كان يقول: ليس في الدنيا فرضي إلا من أصحابي، أو أصحاب أصحابي، أو لا يحسن شيئاً.
قال أبو إسحاق الشيرازي: كان ابن اللبان إماماً في الفقه والفرائض، صنف فيها كتباً ليس لأحد مثلها، أخذ عنه أئمة وعلماء.
وقال ابن أرسلان في تاريخه: دخل ابن اللبان خوارزم في دولة مأمون بن محمد بن علي بن مأمون خوارزم شاه، فأكرمه، وبره، وبالغ، وبنى له مدرسةً ببغداد ينزل فيها فقهاء خوارزم، فكان أبو الحسين يدرس بها، وكان خوارزم شاه يبعث إليه كل سنة بمال.
قال ابن أرسلان: وأنا رأيت هذه المدرسة وقد خربت بقرب قطيعة الربيع.

أبو علي الروذباري

الإمام المسند، أبو علي، الحسين بن محمد بن محمد بن علي بن حاتم، الروذباري الطوسي.
سمع إسماعيل الصفار، وعبد الله بن عمر بن شوذب، وابن داسة، والحسين بن الحسن الطوسي، وطائفة.
وحدث بسنن أبي داود بنيسابور، وعقد له مجلس في الجامع، ثم مرض، ورد إلى وطنه بالطابران، فتوفي في ربيع الأول سنة ثلاث وأربع مئة.
قلت: حدث عنه الحاكم وهو من أقرانه، وأبو بكر البيهقي، وأبو الفتح نصر بن علي الطوسي، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، وعدد كثير نيف على الثمانين.

ابن ثرثال

الشيخ المعمر المسند، أبو الحسن، أحمد بن عبد العزيز بن أحمد ابن حامد بن محمود بن ثرثال، التيمي البغدادي، نزيل مصر.
حدث بجزء واحد وما كان معه سواه عن القاضي أبي عبد الله المحاملي، ومحمد بن مخلد، وإبراهيم بن محمد بن بطحاء.
وكان مولده في سنة سبع عشرة وثلاث مئة، وسماعه في سنة ست وعشرين.
حدث عنه: محمد بن علي الصوري، والقاضي أبو عبد الله القضاعي، وخلف بن أحمد الحوفي، وأبو إسحاق إبراهيم الحبال، وآخرون.
وثقه الخطيب.
مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربع مئة.
وفيها توفي المقرىء أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الفحام السامري، وأبو محمد بن البيع، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وأبو الفضل بن بديل الخزاعي المقرىء، وأبو عمر محمد بن الحسين البسطامي.

ابن البيع

الشيخ المعمر، مسند بغداد، أبو محمد، عبد الله بن عبيد الله بن يحيى، البغدادي المؤدب، عرف بابن البيع.
حدث عن القاضي أبي عبد الله المحاملي بالدعاء له، وبعدة أجزاء تفرد بها.
حدث عنه: أبو الغنائم محمد بن أبي عثمان، وأخوه أبو محمد أحمد، وأبو الفضل بن البقال عمر بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن أحمد الدجاجي، ومحمد بن محمد العكبري، وأبو الخطاب نصر بن البطر.
قال الخطيب: كان يسكن بدرب اليهود، وكان ثقةً، لم أرزق السماع منه، وأعرف لما ذهبوا إليه، فلم أذهب لأجل الحر، مات في رجب سنة ثمان وأربع مئة، وله سبع وثمانون سنة.

ابن مهدي

الشيخ الصدوق المعمر، مسند الوقت، أبو عمر، عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، الفارسي الكازروني، ثم البغدادي البزاز.
سمع كثيراً من القاضي المحاملي، وسمع من أبي العباس بن عقدة، ومحمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، ومحمد بن مخلد العطار، والحسين ابن يحيى بن عياش، وتفرد وبعد صيته. حدث عنه: أبو بكر الخطيب، ووثقه، وهبة الله بن الحسين البزاز، ويوسف بن محمد المهرواني، وأحمد بن علي بن أبي عثمان، وأبو القاسم ابن البسري، وأبو الحسن الداوودي، وعبد الرحمن بن أبي بكر الطبري، وأبو الغنائم محمد بن أبي عثمان، وعاصم بن الحسن العاصمي، وكبير المعتزلة أبو يوسف عبد السلام بن محمد القزويني المفسر، ورزق الله بن عبد الوهاب التميمي، والخطيب علي بن محمد بن محمد الأنباري، وأبو عبد الله بن طلحة النعالي، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقةً أميناً، مات في رجب سنة عشر وأربع مئة.
قال: ومولده في سنة ثماني عشرة وثلاث مئة.
قلت: وقع لنا من طريقه أجزاء عالية من المحامليات وغيرها، وحدث في أسفاره.

أبو علي الفارسي

أخوه: الشيخ أبو علي عبد الملك بن محمد الفارسي.
قال ابن النجار: عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي بن خشنام بن النعمان بن مخلد، سمع إسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، وجماعة.
وحدث ببغداد والري وقزوين وهمذان في التجارة.
وعنه: علي بن بشرى الليثي، وأبو يعلى الخليلي، وأبو سعد السمان.
وسكن قزوين، وكان صدوقاً.
مات في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، رحمه الله.

ابن أبي الفوارس

الإمام الحافظ المحقق الرحال، أبو الفتح، محمد بن أحمد بن محمد بن فارس ابن أبي الفوارس سهل، البغدادي.
ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
وأول سماعه في سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
سمع من أحمد بن الفضل بن خزيمة، وجعفر بن محمد الخلدي، ودعلج بن أحمد، وأبي عيسى بكار بن أحمد، وأبي بكر الشافعي، وأبي بكر النقاش المفسر، وأبي علي بن الصواف، ومحمد بن الحسن بن مقسم، وأبي بكر بن الهيثم الأنباري، وخلق كثير.
وارتحل إلى البصرة وبلاد فارس وخراسان، وجمع وصنف، وانتخب عليه المشايخ، وكان مشهوراً بالحفظ والصلاح والمعرفة.
حدث عنه: أبو سعد الماليني، وأبو بكر البرقاني، وأبو بكر الخطيب، وأبو علي بن البناء، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، ومحمد بن علي بن سكينة، ومالك بن أحمد البانياسي، وعدة.
وقال الحاكم: أول سماع ابن أبي الفوارس من أبي بكر النجاد.
قال الخطيب: قرأت عليه قطعةً من حديثه، وكان يملي في جامع الرصافة.
قال: وتوفي في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة الفقيه، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا ملك بن أحمد، حدثنا أبو الفتح بن أبي الفوارس الحافظ، حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، حدثنا الأبار، حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سمعت عبدان يقول: قال عبد الله بن المبارك: الإسناد عندي من الدين، لولا الإسناد، لقال من شاء ما شاء، فإذا قيل له: من حدثك ؟ بقي.

أبو عمر الهاشمي

الإمام الفقيه المعمر، مسند العراق، القاضي أبو عمر، القاسم بن جعفر بن عبد الواحد بن العباس بن عبد الواحد بن الأمير جعفر بن سليمان ابن علي بن الحبر البحر عبد الله بن عباس، الهاشمي العباسي البصري.
ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وسمع أبا روق أحمد بن محمد الهزاني، وأبا العباس محمد بن أحمد الأثرم، وعبد الغافر بن سلامة، وعلي بن إسحاق المادرائي، ومحمد بن الحسين الزعفراني الواسطي، وأبا علي اللؤلؤي، والحسين بن يحيى بن عياش القطان، ويزيد بن إسماعيل الخلال صاحب الرمادي، والحسن بن محمد بن عثمان الفسوي، وعدة.
وانتهى إليه علو الإسناد بالبصرة.
حدث عنه من الرحالة وغيرهم: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي الأصبهاني، والمحدث أبو علي الوخشي، وهناد بن إبراهيم النسفي، وسليم بن أيوب الرازي، والمسيب بن محمد الأرغياني، وعلي بن أحمد التستري وأبو القاسم عبد الملك بن شغبة، وجمع آخرهم موتاً جعفر بن محمد العباداني.
قال الخطيب: كان ثقة أميناً، ولي القضاء بالبصرة، وسمعت منه سنن أبي داود وغيرها.
وقال أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الدينوري: سمعت عليه السنن بقراءتي ست مرات، فسمعته يقول: أحضرني أبي سماع هذا الكتاب وأنا ابن ثمان سنين، فأثبت حضوري ولم يثبته سماعاً، ثم سمعته وأنا ابن عشر.
قال الخطيب: مات في ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربع مئة.

الإدريسي

الحافظ الإمام المصنف، أبو سعد، عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس، الإدريسي الإستراباذي، محدث سمرقند، ألف تاريخها، وتاريخ إستراباذ وغير ذلك.
سمع أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم وهو أكبر شيخ له ، وأبا نعيم محمد بن حمويه الإستراباذي، وأبا سهل هارون بن أحمد بن هارون، وأبا أحمد بن عدي، وخلقاً كثيراً، وصنف الأبواب والشيوخ.
حدث عنه: أبو علي الشاشي، وأبو عبد الله الخبازي، وأبو مسعود أحمد بن محمد البجلي، والقاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، وخلق سواهم.
وثقة الخطيب، وقد حدث ببغداد.
مات بسمرقند في سنة خمس وأربع مئة، من أبناء الثمانين.
وكان حافظ وقته بسمرقند.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أبو سعد الطبيب، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ابن محمد قدم حاجاً، حدثنا يوسف بن محمد بسمرقند، حدثنا القاسم بن حنبل السرخسي، حدثنا إسحاق بن إسماعيل السمرقندي، حدثنا معروف بن حسان السمرقندي، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ربى شجرةً حتى نبتت كان له كأجر قائم الليل، صائم النهار، وكأجر غاز في سبيل الله دهره.
هذا إسناد مظلم، ومتن لا يصح، ألصق بابن أبي ذئب.

أبو مسعود

الحافظ المجود البارع، أبو مسعود، إبراهيم بن محمد بن عبيد، الدمشقي، مصنف كتاب أطراف الصحيحين، وأحد من برز في هذا الشأن.
سمع أبا الحسن بن لؤلؤ الوراق، وعبد الله بن محمد بن السقا الواسطي، وأبا بكر عبد الله بن فورك القباب الأصبهاني، وعلي بن عبد الرحمن البكائي، وأبا بكر أحمد بن عبدان الشيرازي، وأصحاب مطين، وأصحاب أبي خليفة الجمحي، والفريابي.
وجمع فأوعى، ولكنه مات في الكهولة قبل أن ينفق ما عنده.
حدث عنه: أبو ذر الهروي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأحمد بن محمد العتيقي، وهبة الله بن الحسن اللالكائي، وآخرون.
قال أبو بكر الخطيب: سافر الكثير، وكتب ببغداد والبصرة والأهواز وواسط وخراسان وأصبهان، وكان له عناية بالصحيحين، روى القليل على سبيل المذاكرة.
قال: وكان صدوقاً ديناً، ورعاً فهماً، صلى عليه الإمام أبو حامد الإسفراييني ببغداد وكان وصيه، حدثني العتيقي أنه مات سنة إحدى وأربع مئة.
قلت: ذكر غيره أنه مات في شهر رجب سنة أربع مئة.
وقفت على جزء فيه أحاديث معللة لأبي مسعود يقضي بإمامته.
كتب إلي المسلم بن محمد القيسي، ومؤمل بن محمد، ويوسف بن يعقوب قالوا: أخبرنا الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا هبة الله بن الحسن الطبري، أخبرنا إبراهيم بن محمد الحافظ، أخبرنا عبد الله بن محمد المزني، حدثنا الوليد بن أبان الواسطي، حدثنا النضر بن سلمة، أخبرنا عبد الله بن عمر الفهري، عن عبد الله بن عمر، عن أخيه يحيى قال: حدثني أخي عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى وادي محسر، حرك راحلته، وقال: عليكم بحصى الخذف.
وبه: قال الخطيب: وحدثنا أبو العلاء الواسطي قال: حدثنا به المزني، وقال فيه: عبد الله بن عمرو الفهري.
أنبأني أحمد بن سلامة: عن يحيى بن أسعد، عن أحمد بن عبد الجبار الصيرفي قال: كتب إلي أحمد بن محمد العتيقي: حدثنا أبو مسعود الحافظ، حدثني أبو بكر أحمد بن عبد الله بن القاسم بنهر الدير، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن حمويه بالبصرة، حدثنا أبو الوليد، حدثنا يعلى بن الحارث المحاربي، حدثنا إياس بن سلمة قال: قال أبي: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة، وليس للحيطان فيء نستظل به.
رواه مسلم، عن إسحاق بن راهويه، عن أبي الوليد، وتابعه وكيع ابن الجراح.

عميد الجيوش

الأمير الوزير، أبو علي، الحسين بن أبي جعفر. كان أبوه الأمير أبو جعفر حاجباً لعضد الدولة. وخدم أبو علي بهاء الدولة، فاستنابه على العراق، فقدمها في سنة 396 والفتن ثائرة بها، فضبط العراق بأتم سياسة، وأباد الحرامية، وقتل عدة، وأبطل مآتم عاشوراء، وأمر مملوكاً له بالمسير في محال بغداد، وعلى يده صينية مملوءة دنانير، ففعل، فما تعرض له أحد لا في الليل ولا في النهار. ومات نصراني تاجر من مصر، وخلف أموالاً، فأمر بحفظها حتى جاء الورثة من مصر، فتسلموها.
وكان مع فرط هيبته ذا عدل وإنصاف، ولي العراق تسع سنين سوى أشهر.
وفيه يقول الببغا:

سألت زماني: بمن أستغيث:

 

فقال: استغث بعميد الجيوش

... القصيدة.
توفي سنة إحدى وأربع مئة، وولي بعده فخر الملك.

الحليمي

القاضي العلامة، رئيس المحدثين والمتكلمين بما وراء النهر، أبو عبد الله، الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الشافعي.
أحد الأذكياء الموصوفين، ومن أصحاب الوجوه في المذهب.
وكان متفنناً، سيال الذهن، مناظراً، طويل الباع في الأدب والبيان.
أخذ عن: الأستاذ أبي بكر القفال، والإمام أبي بكر الأودني، وحدث عن: خلف بن محمد الخيام، وأبي بكر محمد بن أحمد بن خنب، وبكر بن محمد المروزي الدخمسيني، وجماعة.
ولد في سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة فقيل: إنه ولد بجرجان، وحمل، فنشأ ببخارى، وقيل: بل ولد ببخارى.
وله مصنفات نفيسة.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم وهو أكبر منه، والحافظ أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.
ولم أقع له بترجمة تامة، وله عمل جيد في الحديث، لكنه ليس كالحاكم ولا عبد الغني، وإنما خصصته بالذكر لشهرته.
توفي في شهر ربيع الأول، سنة ثلاث وأربع مئة.
وللحافظ أبي بكر البيهقي اعتناء بكلام الحليمي ولا سيما في كتاب: شعب الإيمان.
أخبرنا الشيخ أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء بقراءة أبي الحجاج الحافظ في سنة 695 أنبأنا عبد المعز بن محمد البزاز، أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر في سنة سبع وعشرين وخمس مئة، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الطبيب، أخبرنا الإمام أبو عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي، أخبرنا بكر بن محمد بن حمدان، حدثنا أحيد بن الحسن، حدثنا مقاتل بن إبراهيم، حدثنا نوح بن أبي مريم، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لصاحب القرآن دعوة مستجابة عند ختمته.
هذا حديث غريب لا يثبت مثله لوهن الرقاشي ونوح في ضبط الحديث.
ومات في سنة الحليمي سنة ثلاث القاضي أبو بكر محمد بن الطيب ابن الباقلاني الأصولي صاحب التصانيف، وعالم المغرب أبو الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي المالكي صاحب كتاب الملخص، وشيخ البيهقي أبو علي الحسين بن محمد الروذباري راوي سنن أبي داود، وشيخ الحنابلة أبو عبد الله الحسن بن حامد البغدادي الوراق، وحافظ الأندلس أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن الفرضي، ومسند بغداد أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن هشام الصرصري، رحمهم الله.

ابن نباتة

شاعر العراق، أبو نصر، عبد العزيز بن عمر بن محمد بن أحمد ابن نباتة بن حميد، التميمي السعدي.
له نظم عذب، مدح الملوك والكبراء، سيف الدولة فمن بعده، وله بيت سائر:

ومن لم يمت بالسّيف مات بغيره

 

تنوّعت الأسباب والدّاء واحـد

وله ديوان كبير.
مات في شوال سنة خمس وأربع مئة وهو في عشر الثمانين، عفا الله عنه.

الخوارزمي

المفتي العلامة، شيخ الحنفية، أبو بكر، محمد بن موسى، الخوارزمي، ثم البغدادي، تلميذ أبي بكر أحمد بن علي الرازي.
سمع من أبي بكر الشافعي وغيره، وهو قليل الرواية.
حدث عنه البرقاني، وقال: سمعته يقول: ديننا دين العجائز، لسنا من الكلام في شيء. وكان له إمام حنبلي يصلي به.
قال القاضي أبو عبد الله الصيمري: ثم صار إمام أصحاب أبي حنيفة ومفتيهم شيخنا أبو بكر الخوارزمي، وما شاهد الناس مثله في حسن الفتوى وحسن التدريس، وقد دعي إلى القضاء مراراً، فامتنع، رحمه الله.
قلت: توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وأربع مئة، تخرج به فقهاء بغداد.

ابن جوله

الإمام الثقة الأديب، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن جوله ابن جهور الأبهري الأصبهاني. وأبهر هذه غير أبهر زنجان المشهورة، هذه قرية من عمل أصبهان.
حدث عن: أبي عمرو بن حكيم، ومحمد بن محمد بن يونس الغزال، وأبي علي أحمد بن علي الأبهري، وعبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب.
وعنه: عبد الرحمن بن مندة، ومحمود بن جعفر الكوسج، والقاسم ابن الفضل الثقفي، وجماعة.
توفي في ربيع الآخر سنة خمس وأربع مئة عن سن عالية.

السقطي

الإمام المحدث الثقة، أبو القاسم، عبيد الله بن محمد بن أحمد بن جعفر، البغدادي السقطي المجاور.
سمع إسماعيل الصفار، وأبا جعفر بن البختري، ومحمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب، وعثمان بن السماك، وأبا بكر النجاد، وخلقاً ببغداد، ولحق بمكة أبا سعيد بن الأعرابي.
روى الكثير، وانتخب عليه ابن أبي الفوارس.
وحدث عنه: حمزة السهمي، ومظفر سبط ابن لال، وأبو ذر الهروي، وعبد العزيز الأزجي، وأبو علي الحسن بن عبد الرحمن المكي، وخلق من الوافدين.
قال سعد الزنجاني: كان السقطي يدعو الله أن يرزقه المجاورة أربع سنين، فجاور أربعين سنة، فرأى كأن من يقول له: يا أبا القاسم ! طلبت أربع سنين وقد أعطيناك أربعين، إن الحسنة بعشر أمثالها. قال: ومات لسنته.
قال الحافظ ابن النجار: مات سنة ست وأربع مئة.
قال ابن النجار: انتقى له ابن أبي الفوارس فوائد في مئة جزء، وكان من الصالحين، رحمه الله تعالى.

ابن حبيب

العلامة أبو القاسم، الحسن بن محمد بن حبيب بن أيوب، النيسابوري، المفسر الواعظ، صاحب كتاب: عقلاء المجانين، الذي سمعناه.
سمع أبا العباس الأصم، ومحمد بن صالح بن هانىء، وأبا الحسن الكارزي، وأبا حاتم بن حبان، وعدة.
وعنه: أبو بكر محمد بن عبد الواحد الحيري الواعظ، ومحمد بن إسماعيل الفرغاني، والحسين بن محمد السكاكي، وجماعة.
وصنف في التفسير والآداب.
توفي في ذي الحجة سنة ست وأربع مئة.
وقد تكلم فيه الحاكم في رقعة نقلها عنه مسعود بن علي السجزي، فالله أعلم.

ابن حبيب

القاضي أبو زيد، عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن حبيب، النيسابوري، الفقيه.
سمع الأصم، وأحمد بن محمد بن بالويه القشيري، والبيهقي، وابن خلف الشيرازي، والرئيس الثقفي، وعدة.
مات سنة ثلاث عشرة وأربع مئة، في جمادى الآخرة، وكان مدرساً.

عبد الله بن يوسف

ابن أحمد بن بامويه، الإمام المحدث الصالح. شيخ الصوفية، أبو محمد الأردستاني، المشهور بالأصبهاني، نزيل نيسابور.
ولد سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
وحج وصحب شيخ الحرم أبا سعيد بن الأعرابي، وأكثر عنه، وسمع بنيسابور من أبي بكر محمد بن الحسين القطان، وأبي الحسن البوشنجي، وأبي العباس الأصم، وأبي رجاء محمد بن حامد التميمي، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر بن خلف الشيرازي، ومحمد بن أحمد بن مهدي العلوي، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وأبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني، وخلق سواهم.
وأضر بأخرة.
توفي في رمضان سنة تسع وأربع مئة، عن أربع وتسعين سنة، رحمه الله.
أكثر عنه البيهقي.

النجاد

الشيخ الثقة العالم، أبو الحسن، علي بن القاسم بن الحسن، البصري النجاد، مسند البصريين مع أبي عمر الهاشمي.
كان من كبار العدول، ومن آخر من روى عن أبي روق الهزاني.
وروى عن أحمد بن عبيد الصفار سننه.
لم أظفر بأخباره.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي العطار، والحسن بن عمر بن يونس الأصبهاني، وآخرون.
وكان في سنة ثلاث عشرة وأربع مئة حياً، وقد عمر وتفرد.

ابن بالويه

الرئيس الأوحد، الثقة المسند، أبو محمد، عبد الرحمن بن محمد ابن أحمد بن بالويه، النيسابوري المزكي.
حدث عن: أبي بكر محمد بن الحسين القطان، وأبي العباس الأصم، وأبي بكر بن المؤمل، وأبي الحسن الطرائفي، وأبي محمد الكعبي، وأبي علي بن الصواف البغدادي.
وهو آخر أصحاب القطان موتاً.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، وآخرون.
وقع لنا مجلس من أماليه، وكان من وجوه البلد، عقد مجلس الإملاء في داره، وكان صادقاً أميناً. مات فجأةً في شعبان سنة عشر وأربع مئة.

ابن الدباغ

الإمام الحافظ المجود، أبو القاسم، خلف بن القاسم بن سهل، الأندلسي ابن الدباغ.
ولد سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
سمع: محمد بن معاوية ابن الأحمر، وبمصر أبا محمد بن الورد، وسلم بن الفضل، وبمكة بكيراً الحداد، والآجري، وبدمشق علي بن أبي العقب، وأبا الميمون بن راشد.
صنف حديث مالك، وحديث شعبة، وكتاباً في الزهد.
وتلا بالسبع على جماعة.
روى عنه: أبو عمرو الداني، وأبو عمر بن عبد البر.
وكان ابن عبد البر يعظمه ولا يقدم عليه أحداً من شيوخه.
توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.

الشيرازي

الإمام الحافظ المجود، أبو بكر، أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن موسى، الشيرازي، مصنف كتاب الألقاب سماعنا.
سمع: أبا بحر محمد بن الحسن البربهاري، وأبا بكر القطيعي، وعلي بن أحمد المصيصي، وأبا القاسم الطبراني، وعبد الله بن عدي، وأبا بكر الإسماعيلي، وأبا الشيخ، ومحمد بن الحسن السراج النيسابوري، وعبد الواحد بن الحسن الجنديسابوري، وسعيد بن القاسم بن العلاء المطوعي، لقيه بطراز من بلاد الترك، ومحمد بن محمد بن صابر، لقيه ببخارى، وأسامة بن زيد القاضي بشيراز، وأحمد بن عبد الرحمن الخاركي بالبصرة.
وأقام مدة بهمذان، فحدث عنه: محمد بن عيسى، وأبو مسلم بن غزو، وحميد بن المأمون، وأبو الفرج البجلي، وآخرون.
وروى عنه كثيراً أبو يعلى الخليلي، فيقول: حدثنا أحمد بن أبي مسلم الفارسي الحافظ.
قال جعفر المستغفري: كان يفهم ويحفظ.
وقال الحافظ شيرويه الديلمي: كان ثقةً صادقاً حافظاً، يحسن هذا الشأن جيداً جيداً، فخرج من عندنا يعني من همذان سنة أربع وأربع مئة إلى شيراز، وأخبرت أنه مات بها سنة إحدى عشرة وأربع مئة. كذا قال. وأما أبو القاسم بن مندة، فقال: توفي في شوال سنة سبع وأربع مئة، فهذا أشبه.
قلت: كان من فرسان الحديث، واسع الرحلة، لقي بمرو عبد الله بن عمر بن علك.
قال المستغفري: سمعته يقول: وقع بيني وبين الحافظ ابن البيع منازعة في عمرو بن زرارة، وعمر بن زرارة، فقال: هما واحد. فحاكمته إلى أبي أحمد الحاكم، فقلنا: ما يقول الشيخ فيمن قال: عمرو بن زرارة وعمر بن زرارة واحد ؟ فقال: من هذا الطبل الذي لا يفصل بينهما ؟.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد القرافي، أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن فتحة سنة ثمان عشرة وست مئة حضوراً، أخبرنا شهردار ابن شيرويه الديلمي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع، أخبرنا أبو غانم حميد ابن مأمون سنة 444، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، أخبرنا أبو أحمد بن عدي، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي سويد، حدثنا شاذ ابن فياض، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخف الناس صلاةً في تمام.
قال ابن عدي: لم يرو شاذ عن شعبة غير هذا الحديث.

القاضي عبد الجبار

ابن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن خليل، العلامة المتكلم، شيخ المعتزلة، أبو الحسن الهمذاني، صاحب التصانيف، من كبار فقهاء الشافعية.
سمع من: علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، ولعله خاتمة أصحابه، ومن عبد الله بن جعفر بن فارس بأصبهان، ومن الزبير بن عبد الواحد الحافظ، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب.
حدث عنه: أبو القاسم التنوخي، والحسن بن علي الصيمري الفقيه، وأبو يوسف عبد السلام القزويني المفسر، وجماعة.
ولي قضاء القضاة بالري، وتصانيفه كثيرة، تخرج به خلق في الرأي الممقوت.
مات في ذي القعدة سنة خمس عشرة وأربع مئة. من أبناء التسعين.

الإسفراييني

الإمام الحافظ المجود، أبو بكر، محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الإسفراييني الحديثي الرحال.
ارتحل في سنة أربع وخمسين وثلاث مئة، ولقي الكبار كأبي أحمد بن عدي وأقرانه.
قال أبو مسعود البجلي: سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول: أشهد على أبي بكر الإسفراييني أنه يحفظ من حديث مالك وشعبة ومسعر والثوري أكثر من عشرين ألف حديث.
قلت: لم تبلغنا أخبار هذا الحافظ مفصلة.
وتوفي سنة ست وأربع مئة. ومعه توفي مفتي العراق أبو حامد الإسفراييني، وشيخ الصوفية الأستاذ أبو علي الدقاق، وشيخ الأطباء أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي بنيسابور، ومسند الحرم عبيد الله بن محمد السقطي، والإمام أبو أحمد الفرضي، والأستاذ أبو بكر بن فورك، ونقيب العلويين العلامة الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي الشاعر.
وقد سقت حديثين في ترجمة هذا الحافظ في تذكرة الحفاظ.

السلمي

محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن خالد بن سالم بن زاوية بن سعيد بن قبيصة بن سراق، الأزدي، السلمي الأم، الإمام الحافظ المحدث، شيخ خراسان وكبير الصوفية، أبو عبد الرحمن النيسابوري الصوفي، صاحب التصانيف.
أفرد له المحدث أبو سعيد محمد بن علي الخشاب ترجمةً في جزء، فقال: ولد في عاشر جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاث مئة، وذلك بعد موت مكي بن عبدان بستة أيام، وكتب بخطه في سنة ثلاث وثلاثين عن أبي بكر الصبغي، ومن الأصم، وأبي عبد الله بن الأخرم، وسمع كثيراً من جده لأمه إسماعيل بن نجيد، ومن خلق كثير. وله رحلة يعني إلى العراق ابتدأ بالتصنيف سنة نيف وخمسين وثلاث مئة، وصنف في علوم القوم سبع مئة جزء، وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من جمع الأبواب والمشايخ وغير ذلك ثلاث مئة جزء، وكانت تصانيفه مقبولةً.
قال الخشاب: كان مرضياً عند الخاص والعام، والموافق والمخالف، والسلطان والرعية، في بلده وفي سائر بلاد المسلمين، ومضى إلى الله كذلك، وحبب تصانيفه إلى الناس، وبيعت بأغلى الأثمان، وقد بعت يوماً من ذلك على رداءة خطي بعشرين ديناراً، وكان في الأحياء، وقد سمع منه كتاب حقائق التفسير أبو العباس النسوي، فوقع إلى مصر، فقرىء عليه، وزعوا له ألف دينار، وكان الشيخ ببغداد حياً. وسمعت أبا مسلم غالب بن علي الرازي يقول: لما قرأنا كتاب تاريخ الصوفية في شهور سنة أربع وثمانين وثلاث مئة بالري، قتل صبي في الزحام، وزعق رجل في المجلس زعقةً، ومات، ولما خرجنا من همذان، تبعنا الناس لطلب الإجازة مرحلةً.
قال السلمي: ولما دخلنا بغداد، قال لي الشيخ أبو حامد الإسفراييني: أريد أن أنظر في حقائق التفسير، فبعثت به إليه، فنظر فيه، وقال: أريد أن أسمعه، ووضعوا لي منبراً.
قال: ورأينا في طريق همذان أميراً، فاجتمعت به، فقال: لا بد من كتابة حقائق التفسير. فنسخ له في يوم، فرق على خمسة وثمانين ناسخاً، ففرغوه إلى العصر، وأمر لي بفرس جواد ومئة دينار وثياب كثيرة، فقلت: قد نغصت علي، وأفزعتني، وأفزعت الحاج، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم، فإن أردت أن يبارك لك في الكتاب، فاقض لي حاجتي. قال: وما هي ؟ قلت: أن تعفيني من هذه الصلة. فإني لا أقبل ذلك. ففرقها في نقباء الرفقة، وبعث من خفرنا، وكان الأمير نصر بن سبكتكين صاحب الجيش عالماً، فلما رأى ذلك التفسير، أعجبه، وأمر بنسخه في عشر مجلدات، وكتبة الآيات بماء الذهب، ثم قالوا: تأتي حتى يسمع الأمير الكتاب. فقلت: لا آتيه البتة. ثم جاؤوا خلفي إلى الخانقاه، فاختفيت، ثم بعث بالمجلد الأول، وكتبت له بالإجازة.
قال: ولما توفي جدي أبو عمرو، خلف ثلاثة أسهم في قرية، قيمتها ثلاثة آلاف دينار، وكانوا يتوارثون ذلك عن جده أحمد بن يوسف السلمي، وكذلك خلف أيضاً ضياعاً ومتاعاً، ولم يكن له وارث غير والدتي، وكان على التركات رجل متسلط، فكان من صنع الله أنه لم يأخذ من ذلك شيئاً، وسلم إلي الكل، فلما تهيأ أبو القاسم النصراباذي للحج، استأذنت أمي في الحج، فبعت سهماً بألف دينار، وخرجت سنة 366، فقالت أمي: توجهت إلى بيت الله، فلا يكتبن عليك حافظاك شيئاً تستحي منه غداً. وكنت مع النصراباذي أي بلد أتيناه يقول: قم بنا نسمع الحديث. وسمعته يقول: إذا بدا لك شيء من بوادي الحق، فلا تلتفت معها إلى جنة ولا نار، وإذا رجعت عن تلك الحال، فعظم ما عظمه الله.
وقال: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، والدوام على الأوراد. قال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في سياق التاريخ: أبو عبد الرحمن شيخ الطريقة في وقته، الموفق في جميع علوم الحقائق، ومعرفة طريق التصوف، وصاحب التصانيف المشهورة العجيبة، ورث التصوف من أبيه وجده، وجمع من الكتب ما لم يسبق إلى ترتيبه حتى بلغ فهرس كتبه المئة أو أكثر، حدث أكثر من أربعين سنة قراءةً وإملاءً، وكتب الحديث بنيسابور ومرو والعراق والحجاز، وانتخب عليه الحفاظ. سمع من أبيه وجده ابن نجيد، وأبي عبد الله الصفار، وأبي العباس الأصم، ومحمد بن يعقوب الحافظ، وأبي إسحاق الحيري، وأبي جعفر الرازي، وأبي الحسن الكارزي، وأبي الحسن الطرائفي، والإمام أبي بكر الصبغي، والأستاذ أبي الوليد حسان، وابني المؤمل، ويحيى بن منصور القاضي، وأبي سعيد بن رميح، وأبي بكر القطيعي، وطبقتهم.
وولد في سنة ثلاثين وثلاث مئة، كذا ورخه عبد الغافر، فالله أعلم.
وقال: حدثنا عنه جدي زين الإسلام القشيري، وأبو سعيد بن رامش، وأبو بكر بن زكريا، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبو نصر الجوري، وعلي بن أحمد المديني.
قلت: ومحمد بن يحيى المزكي، وأبو بكر البيهقي، والقاسم بن الفضل الثقفي، وخلق كثير، وما هو بالقوي في الحديث.
ذكره الخطيب، فقال: محله كبير، وكان مع ذلك صاحب حديث، مجوداً، جمع شيوخاً وتراجم وأبواباً، وعمل دويرةً للصوفية، وصنف سنناً وتفسيراً.
قال أبو الوليد القشيري: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يسأل أبا علي الدقاق، فقال: الذكر أتم أم الفكر ؟ فقال: ما الذي يفتح للشيخ فيه ؟ قال أبو عبد الرحمن: عندي الذكر أتم، لأن الحق يوصف بالذكر، ولا يوصف بالفكر. فاستحسنه أبو علي.
السلمي: حدثنا محمد بن العباس الضبي، حدثنا محمد بن أبي علي، حدثنا الفضل بن محمد بن نعيم، سمعت علي بن حجر، سمعت أبا حاتم الفراهيجي، سمعت فضالة النسوي، سمعت ابن المبارك يقول: حق على العاقل أن لا يستخف بثلاثة: العلماء والسلاطين والإخوان، فإنه من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالسلطان ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته.
القشيري: سمعت السلمي يقول: خرجت إلى مرو في حياة الأستاذ أبي سهل الصعلوكي، وكان له قبل خروجي أيام الجمع بالغدوات مجلس دور القرآن بختم، فوجدته عند رجوعي قد رفع ذلك المجلس، وعقد لابن العقابي في ذلك الوقت مجلس القول فداخلني من ذلك شيء، وكنت أقول في نفسي: استبدل مجلس الختم بمجلس القول يعني الغناء فقال لي يوماً: يا أبا عبد الرحمن: أيش يقول الناس لي ؟ قلت: يقولون: رفع مجلس القرآن، ووضع مجلس القول. فقال: من قال لأستاذه: لم ؟ لا يفلح أبداً.
قلت: ينبغي للمريد أن لا يقول لأستاذه: لم، إذا علمه معصوماً لا يجوز عليه الخطأ، أما إذا كان الشيخ غير معصوم وكره قول: لم ؟ فإنه لا يفلح أبداً، قال الله تعالى: "وتَعَاوَنُوا عَلى البِرِّ والتَّقْوى" المائدة وقال: "وتَوَاصَوْا بالحقِّ" العصر "وتَوَاصَوْا بالمَرْحَمَةَ" البلد بلى هنا مريدون أثقال أنكاد، يعترضون ولا يقتدون، ويقولون ولا يعملون، فهؤلاء لا يفلحون.
قال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري: كان أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة، وكان يضع للصوفية الأحاديث.
قلت: وللسلمي سؤالات للدارقطني عن أحوال المشايخ الرواة سؤال عارف، وفي الجملة ففي تصانيفه أحاديث وحكايات موضوعة، وفي حقائق تفسيره أشياء لا تسوغ أصلاً، عدها بعض الأئمة من زندقة الباطنية، وعدها بعضهم عرفاناً وحقيقةً، نعوذ بالله من الضلال ومن الكلام بهوى، فإن الخير كل الخير في متابعة السنة والتمسك بهدي الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
مات السلمي في شهر شعبان سنة اثنتي عشرة وأربع مئة، وقيل: في رجب بينسابور، وكانت جنازته مشهودة.
وفيها مات عبد الجبار الجراحي، والحسين بن عمر بن برهان الغزال، وأبو الحسن بن رزقويه، ومنير أحمد الخشاب، والمحدث أبو سعد الماليني، وأبو أحمد عبد الله بن عمر الكرجي السكري، ومحمد بن أحمد غنجار. أخبرنا أبو نصر الفارسي وأبو سعيد الحلبي قالا: أخبرنا علي بن محمود، وأخبرنا بلال الحبشي، أخبرنا عبد الوهاب بن ظافر قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا محمد بن الحسين، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن حسين الشيباني، حدثنا أحمد بن زغبة، حدثنا حامد بن يحيى، حدثنا سفيان، حدثني عمرو بن دينار، عن أبي سلمة، عن أم سلمة: أن الزبير خاصم رجلاً، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير، فقال الرجل: إنما قضى له أنه ابن عمته. فأنزل الله هذه الآية: "فَلاَ وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حتّى يُحَكِّمُوكَ فيما شَجَرَ بَيْنَهُم".. الآية النساء.
تفرد به حامد البلخي، وهو صدوق مكثر.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا الحسن بن محمد بن عساكر وأخبرنا محمد بن حازم، أخبرنا ابن غسان وأخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا مكرم بن أبي الصقر قالوا: أخبرنا أبو المظفر سعيد بن سهل الفلكي، أخبرنا علي بن أحمد المديني، أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، حدثنا أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد، أخبرنا القعنبي، حدثنا الدراوردي، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا أحدكم، فلا يقل: اللهم إن شئت. ولكن ليعزم، وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظم عليه شيء أعطاه رواه مسلم.
ومن كبار شيوخه أحمد بن علي بن حسنويه المقرىء وأبو ظهير عبد الله ابن فارس العمري البلخي، وسعيد بن القاسم البردعي.
قال الخطيب: وأخبرنا أبو القاسم القشيري قال: جرى ذكر السلمي، وأنه يقوم في السماع موافقةً للفقراء، فقال أبو علي الدقاق: مثله في حاله لعل السكون أولى به، امض إليه، فستجده قاعداً في بيت كتبه، على وجه الكتب مجلدة مربعة فيها أشعار الحلاج، فهاتها، ولا تقل له شيئاً. قال: فدخلت عليه وإذا هو في بيت كتبه، والمجلدة بحيث ذكر، فلما قعدت، أخذ في الحديث، وقال: كان بعض الناس ينكر على عالم حركته في السماع، فرئي ذلك الإنسان يوماً خالياً في بيت وهو يدور كالمتواجد، فسئل عن حاله، فقال: كانت مسألة مشكلة علي، تبين لي معناها، فلم أتمالك من السرور، حتى قمت أدور فقل له: مثل هذا يكون حالهم. قال: فلما رأيت ذلك منهما، تحيرت كيف أفعل بينهما، فقلت: لا وجه إلا الصدق، فقلت: إن أبا علي وصف هذه المجلدة، وقال: احملها إلي من غير أن تعلم الشيخ، وأنا أخافك، وليس يمكنني مخالفته، فأيش تأمر ؟ فأخرج أجزاء من كلام الحسين الحلاج، وفيها تصنيف له سماه الصيهور في نقض الدهور، وقال: احمل هذه إليه.
وقيل: بلغت تآليف السلمي ألف جزء، وحقائقه قرمطة، وما أظنه يتعمد الكذب، بلى يروي عن محمد بن عبد الله الرازي الصوفي أباطيل وعن غيره.
قال الإمام تقي الدين ابن الصلاح في فتاويه: وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر رحمه الله أنه قال: صنف أبو عبد الرحمن السلمي حقائق التفسير، فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.
قلت: واغوثاه ! واغربتاه !.

الخركوشي

الإمام القدوة، شيخ الإسلام، أبو سعد، عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم، النيسابوري الواعظ. وخركوش: سكة بنيسابور.
حدث عن: حامد الرفاء، ويحيى بن منصور، وأبي عمرو بن مطر، وإسماعيل بن نجيد، وطبقتهم.
وتفقه بأبي الحسن الماسرجسي.
وسمع بدمشق وببغداد ومكة، وجاور، وصحب الكبار، ووعظ وصنف، ورزق القبول الزائد، وبعد صيته.
له تفسير كبير، وكتاب دلائل النبوة، وكتاب الزهد.
حدث عنه: الحاكم وهو أكبر منه، والحسن بن محمد الخلال، وعبد العزيز الأزجي، وأبو القاسم التنوخي، وأبو القاسم القشيري، وأبو علي الأهوازي، وأبو بكر البيهقي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف، وخلق.
قال الحاكم: أقول إني لم أر أجمع منه علماً وزهداً، وتواضعاً وإرشاداً إلى الله وإلى الزهد، زاده الله توفيقاً، وأسعدنا بأيامه، وقد سارت مصنفاته.
وقال الخطيب: كان ثقةً ورعاً صالحاً.
قلت: توفي في جمادى الأولى سنة سبع وأربع مئة.
وكان ممن وضع له القبول في الأرض، وكان الفقراء في مجلسه كالأمراء، وكان يعمل القلانس، ويأكل من كسبه، بنى مدرسةً وداراً للمرضى، ووقف الأوقاف، وله خزانة كتب موقوفة.

الجراحي

الشيخ الصالح الثقة، أبو محمد، عبد الجبار بن محمد بن عبد الله ابن محمد بن أبي الجراح بن الجنيد بن هشام بن المرزبان، المرزباني الجراحي المروزي.
ولد في سنة إحدى وثلاثيني وثلاث مئة بمرو.
وسكن هراة، فحدث بها بجامع الترمذي عن أبي العباس محمد ابن أحمد بن محبوب التاجر، فحمل الكتاب عنه خلق، منهم: أبو عامر محمود بن القاسم الأزدي، وأحمد بن عبد الصمد الغورجي، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد شيخ الإسلام، وعبد العزيز بن محمد الترياقي، ومحمد بن محمد العلائي، وآخرون.
قدم هراة في سنة تسع وأربع مئة.
قال المؤتمن بن أحمد الساجي: روى الحسين بن أحمد الصفار هذا الجامع، عن أبي علي محمد بن محمد بن يحيى القراب، عن أبي عيسى الترمذي، فسمعه منه القاضي أبو منصور محمد بن محمد الأزدي ونظراؤه، فسمعت أبا عامر الأزدي يقول: سمعت جدي أبا منصور القاضي يقول: اسمعوا فقد سمعنا هذا الكتاب منذ سنين، وأنتم تساوونا فيه الآن.
قال أبو سعد السمعاني: توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مئة إن شاء الله. قال: وهو صالح ثقة.

ابن رزقويه

الإمام المحدث، المتقن، المعمر، شيخ بغداد، أبو الحسن محمد ابن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزق بن عبد الله بن يزيد، البغدادي البزاز.
ولد سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
وذكر أن أول سماعه سنة سبع وثلاثين.
سمع: محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب الطائي، وإسماعيل ابن محمد الصفار، وأبا جعفر بن البختري، وعلي بن محمد المصري الواعظ، وعبد الله بن عبد الرحمن السكري، وعثمان بن السماك، وطبقتهم ومن بعدهم.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الحسين بن الغريق، ومحمد بن علي ابن الحندقوقي، وعبد العزيز بن طاهر الزاهد، ومحمد بن إسحاق الباقرحي، وعبد الله بن عبد الصمد بن المأمون، وأبو الغنائم محمد ابن أبي عثمان، وأحمد بن الحسين بن سلمان العطار، ونصر بن البطر، وأخوه علي بن البطر، وآخرون، وأملى مدةً.
قال الخطيب: كان ثقةً صدوقاً كثير السماع والكتابة، حسن الاعتقاد، مديماً للتلاوة، بقي يملي في جامع المدينة من بعد ثمانين وثلاث مئة إلى قرب موته، وهو أول شيخ كتبت عنه، وذلك في سنة ثلاث وأربع مئة بعدما كف بصره.
قال أبو القاسم الأزهري: أرسل بعض الوزراء إلى أبي الحسن بن رزقويه بمال، فرده تورعاً.
وكان ابن رزقويه يذكر أنه درس الفقه للشافعي.
قال الخطيب: سمعته يقول: والله ما أحب الحياة إلا للذكر وللتحديث. وسمعت البرقاني يوثق ابن رزقويه. مات سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.

خلف

الإمام الحافظ الناقد، أبو علي، خلف بن محمد بن علي بن حمدون، الواسطي.
سمع: أبا بكر القطيعي وطبقته ببغداد، وعبد الله بن محمد بن السقا بواسط، وأبا بكر الإسماعيلي بجرجان، ومحمد بن عبد الله بن خميرويه بهراة، وأمثالهم بالشام ومصر وخراسان والعجم والعراق، وكان رفيق أبي الفتح بن أبي الفوارس في الرحلة إلى أكثر النواحي.
صنف كتاب: أطراف الصحيحين، وسافر الكثير في التجارة، وكتابه قالوا: أقل أوهاماً من أطراف أبي مسعود.
وقال أبو نعيم الحافظ: صحبناه بنيسابور وأصبهان.
وذكره الحاكم، فقال: حدثنا خلف بن محمد وكان حافظاً لحديث شعبة وغيره.
قلت: روى عنه الحاكم وهو من شيوخه، وأبو علي الأهوازي، وأبو القاسم عبيد الله الأزهري، وطائفة. وأقام بالرملة يتجر.
قال الخطيب: سمعت الأزهري يقول: كان خلف حافظاً، وكان أبو الفتح بن أبي الفوارس أستاذه.
أنبأنا المسلم بن محمد الكاتب، أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح، أخبرنا خلف بن محمد، أخبرنا الحسن بن أحمد بن محمد بن عيسى بنيسابور، أخبرنا أبو سعيد الحسن بن أحمد الطوسي، حدثنا أحمد ابن صالح بن رسلان الفيومي بمكة، حدثنا ذو النون المصري، حدثنا فضيل ابن عياض، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تجافوا عن ذنب السخي، فإن الله آخذ بيده كلما عثر عثرةً.
هذا حديث منكر.
لم أظفر لخلف بتاريخ وفاة، وقد بقي إلى بعيد الأربع مئة بيسير. وقد مات في سنة أربع مئة مسند خراسان أبو نعيم عبد الملك بن الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفراييني، وهو راوي مسند أبي عوانة الحافظ عنه، وأبو بكر عبد الواحد بن علي بن غياث الرزاز البغدادي، وكان يذكر أنه سمع من البغوي، وزاهد الأندلس الشيخ سليمان بن بنج مال عن تسع وتسعين سنة، ومسند أصبهان أبو إسحاق بن عبد الله بن خرشيذ قوله.