الشيباني

الشيباني

الشيخ العالم المؤدب، أبو القاسم، عبد الرحمن بن عمر بن نصر بن محمد، الشيباني السامري، ثم الدمشقي البزاز.
سمع ابن حبيب الحصائري، وخيثمة بن سليمان، وعثمان بن محمد الذهبي، وأبا يعقوب الأذرعي، وخلقاً سواهم.
حدث عنه: العتيقي، وعلي بن صصرى، وأبو علي الأهوازي، ومحمد بن علي الحداد، والشيخ عبد العزيز الكتاني، وغيرهم.
قال الكتاني: كتب الكثير، واتهم في لقاء أبي إسحاق بن أبي ثابت، وكان يتهم بالاعتزال، توفي في رجب سنة عشر وأربع مئة.
قلت: له جماعة أجزاء مروية، ولم يقع لي حديثه إلا بنزول.
وفيها مات عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه، وأبو عمر بن مهدي الفارسي، وأبو الفضل التميمي، وابن محمش الزيادي، والقاضي أبو منصور الأزدي، وابن بابك شاعر وقته، وهبة الله بن سلامة الضرير المفسر، وأبو بكر بن مردويه الحافظ، وظفر بن محمد العلوي.

ظفر بن محمد

ابن أحمد بن محمد بن زبارة بن عبد الله بن حسن بن علي بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب، السيد المسند، الرئيس المجاهد، أبو منصور، العلوي الحسيني النيسابوري، البيهقي الغازي.
سمع عمه أبا علي بن زبارة، وأبا العباس الأصم، ومحمد بن علي بن دحيم الشيباني، وأبا بكر النجاد، وعلي بن عيسى بن ماتي، وخلف بن محمد البخاري الخيام، وأبا زكريا العنبري، وعدة، وانتقى عليه الحاكم.
وحدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف الأديب، وعمر بن الإمام أبي عمر البسطامي، وآخرون.
قال عبد الغافر في السياق: كانت أصوله صحيحةً، ثم احترق قصره بما فيه، وراحت أصوله، فصار يروي من فروعها، توفي بقريته، وبها دفن سنة عشر وأربع مئة.
قلت: نيف على الثمانين فيما أرى.

المهلبي

الشيخ الثقة العالم، شيخ الأطباء، أبو يعلى، حمزة بن عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن حمزة، المهلبي النيسابوري، بقية المشايخ.
سمع محمد بن أحمد بن دلويه، صاحب البخاري، ومحمد بن الحسين، القطان، وأبا حامد بن بلال، وأبا جعفر محمد بن الحسن الأصبهاني، وجماعةً.
وتفرد في وقته. وهو راوي المسلسل بالأولية.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو نصر عبيد الله بن سعيد السجزي، وأبو القاسم عبد الله بن علي الطوسي، وأبو بكر البيهقي، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبو بكر بن خلف، وآخرون.
قال الحاكم: صحب أبو يعلى الصيدلاني المشايخ، وطلب الحديث، ثم تقدم في معرفة الطب.
قلت: توفي في يوم عيد النحر سنة ست وأربع مئة، وقد قارب التسعين.
وهو من ذرية أمير خراسان المهلب بن أبي صفرة الأزدي.

المحاملي

الفقيه الإمام، أبو الحسين، محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل، الضبي المحاملي البغدادي من كبار الشافعية.
ولد سنة اثتين وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع إسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، والنجاد، وأبا عمر الزاهد، وجماعة.
روى عنه: سليم الرازي، وأبو الغنائم بن أبي عثمان، وأخوه أحمد وآخرون.
قال الدارقطني: حفظ القرآن والفرائض ودرس المذهب، وكتب الحديث، وهو ممن يزداد كل يوم خيراً.
وقال الخطيب: حضرت مجلسه غير مرة، وتوفي في رجب سنة سبع وأربع مئة، وكان ثقةً صادقاً خيراً فاضلاً، لم يحصل عندي شيء مما سمعت منه.

ابن برهان

الشيخ الثقة الصالح، أبو عبد الله، الحسين بن عمر بن برهان، البغدادي الغزال البزاز، والد عبد الوهاب ومحمد.
سمع إسماعيل الصفار، وعلي بن إدريس الستوري، وأبا جعفر بن البختري، وابن السماك.
روى عنه: أبوا بكر: البيهقي والخطيب، وأبو الفوارس طراد النقيب، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقةً صالحاً، مات في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.
قلت: وقع لنا حديثه من عوالي طراد.

ابن الدلم

المحدث الثقة المأمون، أبو القاسم، بقية المسندين، صدقة بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك القرشي الدمشقي، ابن الدلم. سمع من: أبي سعيد بن الأعرابي بمكة، وعثمان بن محمد الذهبي، وأبي علي الحصائري، وأبي الطيب بن عبادل، وخيثمة الأطرابلسي.
حدث عنه: عبد الرحيم البخاري، وأبو علي الأهوازي، وعلي بن الخضر السلمي، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وعلي بن صدقة الشرابي.
قال الكتاني: ثقة مأمون، مضى على سداد، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وأربع مئة.
قلت: هذا أكبر شيخ عند الكتاني.

منير بن أحمد

ابن الحسن بن علي بن منير، أبو العباس المصري الخشاب المعدل.
حدث عن: علي بن عبد الله بن أبي مطر، ومحمد بن أيوب بن الصموت، ومحمد بن أحمد بن أبي الأصبغ، وأحمد بن الضحاك، وطبقتهم.
وعنه: الصوري، وخلف الحوفي، وأبو الحسن الخلعي، وآخرون.
قال الحبال: ثقة لا يجوز عليه تدليس، مات في حادي عشر ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.

عبد الغني بن سعيد

ابن علي بن سعيد بن بشر بن مروان، الإمام الحافظ الحجة النسابة، محدث الديار المصرية، أبو محمد الأزدي المصري، صاحب كتاب المؤتلف والمختلف.
مولده في سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.
وكان أبوه سعيد فرضي مصر في زمانه.
سمع أبو محمد من: عثمان بن محمد السمرقندي، وهو أكبر شيخ له، ومن أحمد بن إبراهيم بن عطية، وأحمد بن بهزاد السيرافي، وسماعه منه في عام اثنين وأربعين، وسمع من إسماعيل بن يعقوب بن الجراب، وعبد الله بن جعفر بن الورد، وأحمد بن إبراهيم بن جامع، وأبي الطيب القاسم بن عبد الله الروذباري، وعلي بن أحمد بن إسحاق المزكي، والحسن بن يحيى القلزمي، وأبي أحمد بن الناصح المفسر، والحسن بن الخضر الأسيوطي، ومحمد بن علي النقاش التنيسي، وعلي بن جعفر الفريابي، وأبي قتيبة سلم بن الفضل، وإبراهيم بن علي الحنائي، صاحب الكجي، وأبي نجيد محمد بن القاسم الحذاء، والخضر بن محمد المراغي، وأبي الحسن الدارقطني، ويعقوب بن مبارك، وحمزة بن محمد الكناني الحافظ، والقاضي أبو طاهر السدوسي، وأبي الحسن بن حيويه، وطبقتهم بمصر، والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي، وأبي سليمان بن زبر، والفضل بن جعفر المؤذن، وطبقتهم بدمشق.
حدث عنه: الحافظ محمد بن علي الصوري، ورشأ بن نظيف المقرىء، وعبد الرحيم بن أحمد البخاري، وابن بقاء الوراق، وأبو علي الأهوازي، والقاضي أبو عبد الله القضاعي، وأبو إسحاق الحبال، وخلق سواهم، وبالإجازة أبو عمر بن عبد البر، وغيره.
وكان من كبار الحفاظ.
قال البرقاني: سألت الدارقطني لما قدم من مصر: هل رأيت في طريقك من يفهم شيئاً من العلم؟ قال: ما رأيت في طول طريقي إلا شاباً بمصر يقال له: عبد الغني، كأنه شعلة نار. وجعل يفخم أمره، ويرفع ذكره.
وقال أبو الفتح منصور بن علي الطرسوسي: أراد أبو الحسن الدارقطني الخروج من عندنا من مصر، فخرجنا معه نودعه، فلما ودعناه بكينا، فقال لنا: تبكون وعندكم عبد الغني بن سعيد، وفيه الخلف.
ولعبد الغني جزء بين فيه أوهام كتاب المدخل إلى الصحيح للحاكم، يدل علي إمامته وسعة حفظه.
قال عبد الغني: لما رددت على أبي عبد الله الحاكم الأوهام التي في المدخل بعث إلي يشكرني، ويدعو لي، فعلمت أنه رجل عاقل.
قال أبو بكر البرقاني: ما رأيت بعد الدارقطني أحفظ من عبد الغني.
وقال محمد بن علي الصوري: قال لي الحافظ عبد الغني: ابتدأت بعمل كتاب المؤتلف والمختلف فقدم علينا الدارقطني، فأخذت عنه أشياء كثيرةً منه، فلما فرغت من تصنيفه، سألني أن أقرأه عليه ليسمعه مني، فقلت: عنك أخذت أكثره. قال: لا تقل هكذا، فإنك أخذته عني مفرقاً، وقد أوردته فيه مجموعاً، وفيه أشياء كثيرة أخذتها عن شيوخك. قال: فقرأته عليه.
قال أبو الوليد الباجي: عبد الغني بن سعيد حافظ متقن، قلت لأبي ذر الهروي: أخذت عن عبد الغني ؟ فقال: لا إن شاء الله. على معنى التأكيد، وذلك أنه كان لعبد الغني اتصال ببني عبيد، بعني أصحاب مصر.
قال أحمد بن محمد العتيقي: كان عبد الغني إمام زمانه في علم الحديث وحفظه، ثقةً مأموناً، ما رأيت بعد الدارقطني مثله. قلت: اتصاله بالدولة العبيدية كان مداراةً لهم، وإلا فلو جمح عليهم، لاستأصله الحاكم خليفةً مصر، الذي قيل: إنه ادعى الإلهية. وأظنه ولي وظيفةً لهم، وقد كان من أئمة الأثر، نشأ في سنة واتباع قبل وجود دولة الرفض، واستمر هو على التمسك بالحديث، ولكنه دارى القوم، وداهنهم، فلذلك لم يحب الحافظ أبو ذر الأخذ عنه.
وقد كان لعبد الغني جنازة عظيمة تحدث بها الناس، ونودي أمامها: هذا نافي الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو إسحاق الحبال: توفي في سابع صفر سنة تسع وأربع مئة.
قلت: ومات معه في هذا العام المحدثون المسنون: أبو الحسين أحمد بن محمد بن المتيم البغدادي الواعظ، وأبو الحسن أحمد بن محمد ابن احمد بن الصلت الأهوازي، شيخا أبي بكر الخطيب، وأبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني الصوفي شيخ البيهقي، والمعمر أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خزفة، الصيدلاني الواسطي، وأبو طلحة القاسم بن أبي المنذر القزويني الخطيب، راوي سنن ابن ماجه.
أخبرنا عيسى بن عبد الرزاق، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، سمعت جعفر بن أحمد اللغوي، سمعت محمد بن علي الصوري الحافظ، سمعت عبد الغني بن سعيد، سمعت أبا القاسم الحسين ابن عبد الله القرشي، سمعت بناناً الزاهد يقول: من كان يسره ما يضره متى يفلح ؟.
أخبرنا أحمد بن سلامة المقرىء إجازةً عن هبة الله بن علي، أخبرنا علي بن الحسين، أخبرنا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ، أخبرنا عبد الغني ابن سعيد، أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد العطار، حدثنا إبراهيم بن دنوقا، حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا بشر بن المفضل، عن غالب القطان، عن بكر، عن أنس قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا أراد أحدنا أن يسجد على الأرض بسط ثوبه، فسجد عليه.
غالب هو ابن خطاف، قيده الدارقطني بفتح الخاء، اتفق الشيخان عليه من طريق بشر.
قال عبد الغني بن سعيد في كتاب العلم، وهو جزآن: أخبرنا محمد بن عبد الله بن البياع في كتابه من نيسابور، حدثنا الأصم. فذكر حديثاً.

أبو الفضل التميمي

الإمام الفقيه، رئيس الحنابلة، أبو الفضل، عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث، التميمي البغدادي الحنبلي.
حدث عن: أبيه، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وأبي بكر النجاد، وأحمد بن كامل، وعدة.
وعنه: الخطيب، ورزق الله التميمي ابن أخيه، وعمر بن عبيد الله ابن عمر المقرىء، وجماعة.
قال الخطيب: كان صدوقاً، دفن إلى جنب قبر الإمام أحمد، وحدثني أبي وكان ممن شيعه أنه صلى عليه نحو من خمسين ألفاً، رحمه الله.
قلت: كان صديقاً للقاضي أبي بكر بن الباقلاني، ومواداً له.
توفي سنة عشر وأربع مئة.

أبو منصور الأزدي

العلامة المحدث، القاضي أبو منصور، محمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين، الأزدي الهروي الشافعي.
روى عن: الحسن بن عمران الحنظلي الهروي، وسمع لما حج بالكوفة من محمد بن علي بن دحيم، وببغداد من أبي محمد دعلج السجزي، وأحمد بن عثمان الأدمي، وعدة.
وأملى مدةً، وكان رأس الشافعية في عصره بهراة مع الدين والخير وعلو الإسناد.
حدث عنه: أحمد بن أحمد بن حمدين، وأبو سعد يحيى بن أبي نصر العدل، وأبو عدنان القاسم بن علي، ومحمد بن علي العميري، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري، وآخرون.
وكان السلطان محمود بن سبكتكين يجله، ويحترمه لخيره واتباعه ومحاسنه.
قارب التسعين، ومات بهراة فجأةً في المحرم سنة عشر وأربع مئة.
وهو من ذرية الأمير المهلب بن أبي صفرة.
وابنه: هو الإمام:

أبو أحمد منصور بن محمد

المهلبي الأديب.
علق المذهب ببغداد عن الشيخ أبي حامد.
وروى عن: محمد بن عبد الله بن خميرويه، والخليل بن أحمد السجزي، والعباس بن الفضل النضروي.
وأملى مجالس، وكان يختم كل يوم.
وأما نظمه الفائق ونثره البديع، فإليه المنتهى.
قال الرهاوي: توفي سنة أربعين وأربع مئة.

ابن جهضم

الشيخ الإمام الكبير، شيخ الصوفية بالحرم، أبو الحسن، علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمذاني المجاور، مصنف بهجة الأسرار. يروي فيه عن أبي الحسن بن سلمة القطان، وأحمد بن عثمان الأدمي، وعلي بن أبي العقب، وخلق.
ليس بثقة بل متهم يأتي بمصائب.
قال ابن خيرون: قيل: إنه يكذب. قلت: سقت أخباره في التاريخ والميزان.
مات سنة أربع عشرة وأربع مئة.

ابن محمش

الفقيه العلامة القدوة، شيخ خراسان، أبو طاهر، محمد بن محمد ابن محمش بن علي بن داود، الزيادي الشافعي النيسابوري الأديب.
كان يسكن بمحلة ميدان زياد بن عبد الرحمن، فنسب إليها، وكان والده من العابدين.
ولد أبو طاهر سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.
وأسمعه أبوه سنة خمس وعشرين وبعدها من أبي حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، والعباس بن محمد بن قوهيار، وأبي عثمان عمرو بن عبد الله النصري، ومحمد بن الحسن المحمداباذي، ومحمد بن عمر بن حفص الجورجيري، وعبدوس بن الحسين، وأبي العباس الأصم، وأبي علي الميداني، وحاجب بن أحمد الطوسي، وعلي بن حمشاذ، ومحمد بن عبد الله الصفار، وعدة. وكاد أن يسمع من ابن الشرقي.
وكان إماماً في المذهب، متبحراً في علم الشروط، له فيه مصنف، بصيراً بالعربية، كبير الشأن، وكان إمام أصحاب الحديث ومسندهم ومفتيهم.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: أملى نحواً من ثلاث سنين، ولولا ما اختص به من الإقتار وحرفة أهل العلم لما تقدم عليه أحد، أخبرنا عنه الإمام حدي، وأبو سعد بن رامش، وعثمان بن محمد المحمي، ومحمد ابن يحيى المزكي، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف، وعلي بن أحمد الواحدي المفسر.
قلت: وأبو بكر البيهقي، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة، ومحمد بن محمد الشاماتي، والقاسم بن الفضل الثقفي، وخلق. وقد روى عنه من أقرانه الحاكم ابن البيع.
مات في شعبان سنة عشر وأربع مئة، رحمه الله.

طغان خان

التركي، صاحب تركستان، وبلاساغون وكاشغر وختن وفاراب.
قصدته جيوش الصين والخطا في جمع ما سمع بمثله حتى قيل: كانوا ثلاث مئة ألف. وكان مريضاً فقال: اللهم عافني لأغزوهم، ثم توفني إن شئت. فعوفي، وجمع عساكره، وساق، فبيتهم، وقتل منهم نحو مئتي ألف، وأسر مئة ألف، وكانت ملحمةً مشهودةً في سنة ثمان وأربع مئة، ورجع بغنائم لا تحصى إلى بلاساغون، فتوفاه الله عقيب وصوله.
وكان ديناً عادلاً، بطلاً شجاعاً.
وتملك بعده أخوه أرسلان خان، أرخ ذلك صاحب حماة المؤيد.

الناصر

تقدم، وهو صاحب الأندلس، الناصر لدين الله، أبو الحسن علي ابن حمود بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن السيد الحسن بن علي، العلوي الحسني، ثم الإدريسي.
كان من قواد المستعين المرواني، فلما طغى المستعين، وعثر الرعية، حاربه علي هذا وقتله وتملك وتمكن، ثم خالف عليه الموالي الذين كانوا قد نصروه، ومالوا إلى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن الناصر الأموي، ولقبوه بالمرتضى، ونازلوا غرناطة، ثم ندموا على بيعته لما رأوا من صولته، فتنقلوا عنه، ودسوا من قتله غيلةً.
وكانت دولة الإدريسي اثنين وعشرين شهراً، ثم قتله غلمان له صقالبة في حمام في أواخر سنة ثمان وأربع مئة، فقام بعده أخوه القاسم.
وترك علي من الولد إدريس، ويحيى المعتلي، فشيخنا جعفر ابن محمد الإدريسي من نسل المعتلي.

ابن بابك

شاعر وقته، أبو القاسم، عبد الصمد بن منصور بن بابك، البغدادي.
وديوانه كبير في مجلدين.
طوف النواحي، ومدح الكبار، ولما سأله الصاحب إسماعيل بن عباد وقد وفد عليه: أأنت ابن بابك ؟ قال: بل أنا ابن بابك. فأعجبه ذلك.
توفي سنة عشر وأربع مئة.

ابن سراقة

الحافظ العلامة، أبو الحسن، محمد بن يحيى بن سراقة، العامري البصري.
حدث عن: ابن داسة، وأبي إسحاق الهجيمي، وابن عباد، وطائفة.
وأخذ عن أبي الفتح الأزدي مصنفه في الضعفاء، ثم هذبه، وراجع فيه أبا الحسن الدارقطني.
وارتحل في الحديث إلى فارس وأصبهان والدينور، وسكن آمد مدة.
وكان من أئمة الشافعية.
له تآليف في الفرائض والسجلات.
كان حياً في سنة أربع مئة.

فخر الملك

الوزير الكبير، أبو غالب، محمد بن علي بن خلف بن الصيرفي. وباسمه صنف كتاب الفخري في الجبر والمقابلة. كان صدراً معظماً، جواداً ممدحاً من رجال الدهر، كان أبوه صيرفياً بديوان واسط، وكان أبو غالب من صباه يتعانى المكارم والأفضال، ويلقبونه بالوزير الصغير، ثم ولي بعض الأعمال، وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي ديوان واسط، ثم وزر، وناب للسلطان بهاء الدولة بفارس، وافتتح قلاعاً، ثم الولي العراق بعد عميد الجيوش، فعدل قليلاً، وأعاد اللطم يوم عاشوراء، وثارت الفتن لذلك، ومدحته الشعراء، ودام ست سنين، ثم أمسك بالأهواز، وقتل في ربيع الأول سنة سبع وأربع مئة، وأخذوا له جوهراً ونفائس، وألف ألف دينار وغير ذلك، وطمر في ثيابه.
وكان شهماً كافياً، خبيراً بالتصرف، سديد التوقيع، طلق المحيا، يكاتب ملوك النواحي، ويهاديهم، وفيه عدل في الجملة، عمرت العراق في أيامه، وكان من محاسن الدهر، أنشأ بيمارستاناً عظيماً ببغداد، وكانت جوائزه متواترةً على العلماء والصلحاء، وعاش ثلاثاً وخمسين سنة.
رفعت إليه سعاية برجل، فوقع فيها: السعاية قبيحة، ولو كانت صحيحة، ومعاذ الله أن نقبل من مهتوك في مستور، ولولا أنك في خفارة شيبك، لعاملناك بما يشبه مقالك، ويردع أمثالك، فاكتم هذا العيب، واتق من يعلم الغيب. فأخذها فقهاء المكاتب، وعلموها الصغار.
وقد أنشأ ببغداد داراً عظيمة، وكان يضرب المثل بكثرة جوائزه وعطاياه.

المستعين

صاحب الأندلس، الملقب بالمستعين، أبو الربيع، سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر لدين الله عبد الرحمن، الأموي المرواني الأندلسي.
خرج على ابن عمه المؤيد بالله هشام على رأس عام أربع مئة، والتف عليه البربر بالأندلس، وغلبوا على قلعة رباح، وملكوه، وجمعوا له أموالاً نحو المئة ألف دينار، فسار بهم إلى طليطلة، فحاربهم، واستولى عليها، وذبح واليها، ثم هزم عسكراً واقعوه، ثم قصد قرطبة، فبرز لقتاله جيش محمد بن عبد الجبار المهدي، فحطمهم سليمان، وغرق خلق منهم في النهر، وقتل خلق، وكانت ملحمةً كبرى، ذهب فيها عدة من العلماء والصلحاء، فعمد المهدي، فأخرج المؤيد بالله، بعد أن زعم أنه مات، فأجلسه للناس، وجعل القاضي ابن ذكوان يقول: هذا أمير المؤمنين، وإنما ابن عبد الجبار نائبه. فقالت البربر: يا ابن ذكوان ! بالأمس تصلي عليه، واليوم تحييه ! وأما الرعية فخرجوا يطلبون أماناً من سليمان، فأكرمهم، واختفى ابن عبد الجبار، واستوسق لسليمان الأمر، ودخل القصر، ووارى الناس قتلاهم، فكانوا اثني عشر ألفاً، وهرب ابن عبد الجبار إلى طليطلة، فقاموا معه، واستنجد بالفرنجية، وبعث إليهم من بيت المال بذهب عظيم، فلله الأمر، ثم أقبل في عسكر عظيم، فكان المصاف على عقبة البقر بقرب قرطبة، فينهزم ابن عبد الجبار، وقتل من الفرنج ثلاثة آلاف، وغرق خلائق، ثم ظفروا بابن عبد الجبار، فذبح صبراً، وقطعت أربعته في يوم التروية سنة أربع مئة، وله أربع وثلاثون سنةً، ثم استمر في الملك المؤيد بالله، وعاث المستعين بالبربر، وجرت أمور طويلة، وحاصر قرطبة مدةً طويلة إلى شوال سنة ثلاث، فشدوا، وزحفوا على البلد، فأخذوه، وبذلوا السيف والنهب وبعض السبي، وقتلوا المؤيد، فيقال: قتل بقرطبة نيف وعشرون ألفاً، وفعلت عساكر المستعين ما لا تفعله النصارى، واستوسق الأمر للمستعين، فعسف وجار، وأخرب البلاد، وكان من قواده القاسم وعلي ابنا حمود بن ميمون العلوي الإدريسي، فقدمهما على جيشه، ثم استناب أحدهما على الجزيرة الخضراء، والآخر على سبتة، فراسل علي متولي سبتة جماعةً، وحدث نفسه بالخلافة، فبادر إليه خلق، وبايعوه، فعدى إلى الأندلس، فانضم إليه أمير مالقة، واستفحل أمره، ثم نازل قرطبة، فبرز لحربه محمد ولد المستعين، فالتقوا، فانهزم محمد، وهجم الإدريسي قرطبة، وتملك، وذبح المستعين ولله الحمد بيده صبراً، وذبح أباه الحكم أيضاً. وكان شيخاً من أبناء الثمانين، وذلك في المحرم سنة سبع وأربع مئة، وزالت الدولة المروانية، وعاش المستعين نيفاً وخمسين سنة، وله شعر جيد قد تقدم منه.

الرضي

الشريف أبو الحسن، محمد بن الطاهر أبي أحمد الحسين بن موسى، الحسيني الموسوي البغدادي الشاعر، صاحب الديوان.
له نظم في الذروة حتى قيل: هو أشعر الطالبيين.
ولي النقابة بعد أبيه، وديوانه يكون أربع مجلدات.
وله كتاب معاني القرآن ممتع يدل على سعة علمه. مات في المحرم وقيل: صفر سنة ست وأربع مئة، وله سبع وأربعون سنة، وكان شيعياً.

الجرجاني

الشيخ الثقة العالم، مسند أصبهان، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم ابن جعفر اليزدي الجرجاني، صاحب تلك الأمالي الأربعين.
ولد بجرجان سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
ونشأ بنيسابور، فسمع محمد بن الحسين القطان، والعباس بن محمد ابن قوهيار، وحاجب بن أحمد الطوسي، ومحمد بن الحسن المحمداباذي، وأبا العباس الأصم، ومحمد بن عبد الله الصفار، والحسن بن يعقوب البخاري، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن الحسن بن سليم القاضي، وعبد الرزاق بن عبد الكريم الحسناباذي، وأبو مسعود سليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبو عمرو عبد الوهاب بن مندة، وسهل بن عبد الله الغازي، ومحمد بن أحمد بن ررا، ومحمود بن جعفر الكوسج، والرئيس القاسم ابن الفضل، وأبو نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، ورجاء بن عبد الواحد بن قولويه، وآخرون. وهذا السمسار خاتمتهم، حديثه من أعلى شيء في الثقفيات.
وقع لي من أماليه أربعة مجالس.
مات بأصبهان في رجب سنة ثمان وأربع مئة عن تسع وثمانين سنة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق الهمذاني: أخبرنا محمد بن محمد المأموني، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، أخبرنا محمد بن إبراهيم الجرجاني، أخبرنا محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد بن الأزهر، حدثنا زمعة بن صالح، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا اشتد الحر، فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم.

ابن المتيم

الإمام الواعظ المعمر، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد، البغدادي، ابن المتيم.
شيخ صدوق، لكنه كثير المزاح.
حدث عن: القاضي المحاملي، ويوسف بن يعقوب الأزرق، والحافظ أبي العباس بن عقدة، وعلي بن محمد بن عبيد، وإسماعيل الصفار، وحمزة بن القاسم.
قيل: جميع ما كان عنده عن كل واحد مجلس إلا الأزرق، فسمع منه ستة مجالس.
وتفرد، واشتهر، وكان يعظ في جامع المنصور.
حدث عنه: الخطيب، وقال: لم أكتب عن أقدم سماعاً منه، ومحمد بن إسحاق الباقرحي، وعاصم بن الحسن العاصمي، ورزق الله التميمي، وآخرون.
وقع لي من عواليه في مجلس رزق الله.
مات في جمادى الآخرة سنة تسع وأربع مئة.
ومات فيها ابن الصلت الأهوازي الذي ذكر مع سميه المجبر، وإبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي، الفقيه الجريري المذهب سمع من ابن عياش القطان، والفقيه رجاء بن عيسى الأنصناني المالكي، وعبد الله ابن يوسف بن بامويه الأصبهاني، والحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، وأبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خزفة الواسطي الصيدلاني، راوي تاريخ أحمد بن أبي خيثمة، عن الزعفراني، عنه، وأبو طلحة القاسم بن أبي المنذر القزويني الخطيب، راوي سنن ابن ماجة، عاش إلى هذه السنة.

تمام بن محمد

ابن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد، الإمام الحافظ، المفيد الصادق، محدث الشام، أبو القاسم بن الحافظ الثقة أبي الحسين، البجلي، الرازي، ثم الدمشقي.
كان أبوه من أعيان الرحالين الذين سكنوا دمشق، وكتبوا الكثير، فحدث عن: محمد بن أيوب بن الضريس البجلي، ومحمد بن جعفر القتات، وهذه الطبقة، وأسمع ولده تماماً بدمشق واعتنى به.
مولده بدمشق في سنة ثلاثين وثلاث مئة.
سمع أباه، وخيثمة بن سليمان، والحسن بن حبيب الحصائري، ومحمد بن حميد الحوراني، وأبا الحسن بن حذلم، وأبا علي أحمد بن محمد بن فضالة، وأبا الميمون بن راشد، وأبا يعقوب الأذرعي، وعلي بن أبي العقب، وأبا علي بن هارون، وأحمد بن محمد بن فضالة الحمصي، صاحب بحر بن نصر، وعلي بن أحمد بن الوليد المري حدثه عن أخطل بن الحكم، وعلي بن الحسين بن السفر الجرشي عن بكار بن قتيبة، ومحمد بن هميان القيسي حدثه عن ابن عرفة، وهشام بن محمد بن عدبس، وإبراهيم بن محمد بن محمد بن سنان، عن ابن بنت مطر، وخلقاً سواهم.
وتلا لأبي عمرو على أحمد بن عثمان غلام السباك صاحب الحسن بن الحباب، والحسن بن الحسين الصواف، عن قراءتهما على أبي عمر الدوري.
خرج الفوائد في مجلدة انتقاء من يدري الحديث. حدث عنه: عبد الوهاب الكلابي أحد شيوخه، وأبو الحسين الميداني، وأبو علي الأهوازي، والحسن بن علي اللباد، وأحمد بن محمد العتيقي، وعبد العزيز الكتاني، وأحمد بن عبد الرحمن الطرائفي، وخلق سواهم.
قال عبد العزيز الكتاني: توفي أستاذنا أبو القاسم تمام الحافظ لثلاث خلون من المحرم سنة أربع عشرة وأربع مئة.
قال: وكان ثقةً حافظاً، لم أر أحفظ منه في حديث الشاميين، ذكر أن مولده، سنة ثلاثين وثلاث مئة.
وقال أبو علي الأهوازي: ما رأيت مثل تمام في معناه، كان عالماً بالحديث ومعرفة الرجال.
وقال أبو بكر: ما لقينا مثله في الحفظ والخير.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي إجازةً أخبرنا عبد الكريم بن حمزة في سنة خمس وعشرين وخمس مئة، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد، حدثنا تمام بن محمد الحافظ، أخبرنا الحسن ابن حبيب، أخبرنا العباس بن الوليد البيروتي، أخبرنا محمد بن شعيب، حدثنا معان بن رفاعة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ أن يكتوي في أكحله، حين رمته بنو النضير، فاكتوى.
هذا حديث غريب، ومعان ليس بذاك القوي.
ومات مع تمام في العام الحافظ أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو الأصبهاني النقاش الحنبلي، صاحب التواليف، وشيخ الحرم أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم الهمذاني الزاهد صاحب بهجة الأسرار وكان ضعيفاً، ومحدث بغداد أبو الفتح هلال بن محمد الحفار، ومسند نيسابور أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي، ومسند البصرة القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، وشيخ أصبهان القدوة أبو الحسن علي بن محمد بن ميلة الفرضي، ومحدث طرابلس أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن أبي كامل.

الحفار

الشيخ الصدوق، مسند بغداد، أبو الفتح، هلال بن محمد بن جعفر ابن سعدان بن عبد الرحمن بن ماهويه بن مهيار بن المرزبان، الكسكري، ثم البغدادي.
ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من: الحسين بن يحيى بن عباس القطان صاحب أحمد بن المقدام العجلي، فكان آخر أصحابه، ومن إسماعيل الصفار، وأبي جعفر ابن البختري، وعلي بن محمد الواعظ، وعثمان بن أحمد الدقاق، وإسماعيل بن علي الخزاعي، وجماعة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر البيهقي، وأبو نصر عبيد الله ابن سعيد السجزي، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، وعلي بن أحمد بن البسري، وأبو الفضل عمر بن عبيد الله البقال، وعاصم بن الحسن، وطاهر ابن الحسين القواس، ومحمد بن محمد بن المسلمة، والحسن بن محمد بن زينه، وأبو الفوارس طراد الزينبي، وهبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري، وخلق سواهم.
وقد روى جزء الحفار عالياً إبراهيم بن الخير، ثم بالإجازة زين الدين ابن عبد الدايم.
قال الخطيب: كان صدوقاً، مات في صفر سنة أربع عشرة وأربع مئة، كتبنا عنه.
أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن أحمد السعدي، أخبرنا علي بن مختار، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا هلال بن محمد، أخبرنا الحسين بن يحيى القطان، حدثنا أبو الأشعث العجلي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، عن أيوب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: إن شر الطعام طعام العرس، يطعمه الأغنياء، ويمنعه المساكين.
وبه: حدثنا أبو الأشعث، حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن مجاهد: "يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُون" الذاريات قال: يحرقون عليها، ويعذبون.

المزكي

الشيخ الإمام الصدوق، القدوة الصالح، أبو زكريا، يحيى بن المحدث المزكي أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، النيسابوري، شيخ التزكية ببلده.
أملى مدةً على ورع وإتقان.
ولد سنة نيف وثلاثين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبي العباس الأصم، وأبي عبد الله بن الأخرم، والحسن بن يعقوب البخاري، وأبي بكر بن إسحاق الصبغي، وأحمد بن محمد بن عبدوس، وعدة من النيسابوريين، وأبي سهل بن زياد، وأبي بكر النجاد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، والقاضي أحمد بن كامل، وأحمد بن عثمان الأدمي من البغداديين، ومحمد بن علي بن دحيم، وغيره من الكوفيين، انتقى عليه الحافظ أحمد بن علي الأصبهاني، وقع لنا جماعة أجزاء من حديثه. حدث عنه: أبو بكر البيهقي كثيراً، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر محمد بن يحيى ولده، وعثمان بن محمد المحمي، وهبة الله بن أبي الصهباء، والقاسم بن الفضل الثقفي، وعلي بن أحمد بن الأخرم، وآخرون.
وكان شيخاً ثقةً، نبيلاً خيراً، زاهداً ورعاً متقناً، ما كان يحدث إلا وأصله بيده يعارض، حدث بالكثير.
وكان بصيراً بمذهب الشافعي، تفقه على الأستاذ أبي الوليد حسان بن محمد.
توفي في ذي الحجة سنة أربع عشرة وأربع مئة.
قرأت على يحيى بن محمد المكي بها، أخبرنا علي بن هبة الله، وقرأت على سنقر الزينبي بحلب، أخبرنا علي بن محمود قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا يحيى بن إبراهيم، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الصغاني، حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن يحيى بن عمارة: أنه سمع القراظ يزعم أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد بها سوءاً أذابه الله كما يذوب الملح في الماء.
أخرجه مسلم عن محمد بن حاتم، عن حجاج.

ابن ميلة

الإمام القدوة، شيخ الإسلام، أبو الحسن، علي بن ماشاذه محمد ابن أحمد بن ميله بن خرة، الأصبهاني الزاهد الفرضي، شيخ الصوفية.
ولد سنة نيف وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من: أبي عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم، ومحمد ابن محمد بن يونس الأبهري، وأبي علي أحمد بن محمد بن إبراهيم الصحاف، ومحمد بن أحمد بن علي الأسواري، وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، ومحمد بن عبد الله بن أسيد، وأبي علي أحمد بن محمد ابن عاصم، وعبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب، والقاضي أبي أحمد العسال، وغياث بن محمد، وعدة.
وأملى عدة مجالس وقع لنا منها.
حدث عنه: رجاء بن قولويه، وأبو عبد الله الثقفي الرئيس، وأبو الحسين سعيد بن محمد الجوهري، وأحمد بن عبد الله السوذرجاني، وأخوه محمد بن عبد الله، وأبو نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، وآخرون.
وحديثه من أعلى مرويات السلفي.
قال أبو نعيم الحافظ: صحب أبا بكر عبد الله بن إبراهيم بن واضح، وأبا جعفر محمد بن الحسن، وزاد عليهما في طريقهما خلقاً وفتوةً، جمع بين علم الظاهر وعلم الباطن، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان ينكر على المتشبهة بالصوفية وغيرهم من الجهال فساد مقالاتهم في الحلول والإباحة والتشبيه، وغير ذلك من ذميم أخلاقهم، فعدلوا عنه لما دعاهم إلى الحق جهلاً وعناداً، وانفرد في وقته بالرواية ثم سمى جماعة.
قال: وتوفي يوم عيد الفطر سنة أربع عشرة وأربع مئة.
وقال أبو بكر أحمد بن جعفر اليزدي: سمعت الإمام أبا عبد الله بن مندة وقت قدومه من خراسان، سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة يقول وعنده أبو جعفر ولد القاضي أبي أحمد العسال وعدة مشايخ فسأله ابن العسال عن أخبار مشايخ البلاد التي شاهدها فقال: طفت الشرق والغرب لم أر في الدنيا مثل رجلين: أحدهما ولدك، والثاني أبو الحسن بن ماشاذه الفقيه، ومن عزمي أن أجعله وصيي، وأسلم كتبي إليه، فإنه أهل له. أو كما قال.
قرأت على إسحاق الأسدي، أخبركم يوسف بن خليل، أخبرنا أبو المكارم التيمي، أخبرنا أبو علي المقرىء، أخبرنا أبو نعيم في الحلية له قال: ختم التحقيق بطريقة المتصوفة بأبي الحسن علي بن ماشاذه، لما أولاه الله تعالى من فنون العلم والسخاء والفتوة، كان عارفاً بالله، فقيهاً عاملاً، له من الأدب الحظ الجزيل.
أخبرنا الأستاذ بلال المغيثي، أخبرنا ابن روج، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا محمد وأحمد ابنا عبد الله قالا: أخبرنا علي بن محمد إملاءً، حدثنا أبو علي الصحاف، حدثنا أحمد بن مهدي، حدثنا ثابت بن محمد، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال النبي محمد، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقطع الصلاة الكشر، ولكن تقطعها القرقرة.
هذا حديث منكر مع قوة إسناده، والعجب من البخاري حدث عن ثابت بن محمد الزاهد في صحيحه ! وذكره في كتاب الضعفاء. وقال فيه أبو حاتم: صدوق.

الرازي

شيخ الحرم، أبو العباس، أحمد بن الحسن بن بندار، الرازي المحدث. حدث بأماكن عن: محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي، وأبي بكر الشافعي، وأبي بكر بن خلاد، وأبي القاسم الطبراني، وابن الريان، اللكي، وابن عدي، وعدة.
روى عنه ولده الإمام عبد الرحمن، وأبو العباس بن الخطاب الرازي، وأبو مسعود البجلي، وطاهر بن أحمد الميداني.
وكان من علماء الحديث.
عاش إلى سنة تسع وأربع مئة.

عبد الرحيم بن إلياس

العبيدي ابن عم الحاكم، وولي عهده، فاسق ظالم.
ولي الشام سنة عشر وأربع مئة، ورخص في الخمر والغناء مما كان الحاكم شدد فيه، وكان بخيلاً، فأبغضه الأمراء، وكاتبوا الحاكم بأنه مضمر للشر، فطلبه بعد سنة، فراح، وتغلب على دمشق محمد بن أبي طالب الخزاز مع الأحداث، وقهر الجند، وعرف الحاكم أن ولي العهد على الطاعة، فرده، فتمكن، والتف عليه الأحداث، وطغى ابن أبي طالب، وتمرد، فأخذته الجند، وصلب، ثم صادر ولي العهد العامة وعسف، فلما هلك الحاكم، قبضوا على ولي العهد، وقيد وسجن بمصر مدة، وقتل جماعة في أخذه ولم يصل صلاة العيد، ثم إنه قتل نفسه في الحبس، لا رحمه الله.

الماليني

الإمام المحدث الصادق، الزاهد الجوال، أبو سعد، أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حفص بن الخليل، الأنصاري الهروي، الماليني الصوفي، الملقب بطاووس الفقراء.
جال في طلب العلم ولقاء المشايخ إلى نيسابور وأصبهان، وبغداد والشام ومصر والحرمين، وحصل، وله معرفة وفهم جمع وصنف.
وحدث عن: أبي أحمد بن عدي، وإسماعيل بن نجيد، وأبي الشيخ بن حيان، ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم السليطي، ويوسف ابن القاسم الميانجي، والحسن بن رشيق المصري، ومحمد بن أحمد بن علي بن النعمان الرملي، وأبي بكر القطيعي، والفضل بن جعفر التميمي، ومحمد بن سليمان الربعي، وأبي أحمد العسكري، وعبد العزيز بن هارون البصري، وطبقتهم.
حدث عنه: الحافظان تمام الرازي، وعبد الغني المصري، وهما من شيوخه، وأبو بكر البيهقي، وأبو بكر الباطرقاني، وأبو بكر الخطيب، وأبو نصر بن الحبان، وأبو نصر السجزي، والقاضي أبو عبد الله القضاعي، ومحمد بن أحمد بن شبيب الكاغدي، وأبو عبد الله بن طلحة النعالي، والقاضي أبو الحسن الخلعي، وخلق سواهم.
وكان ذا صدق وورع وإتقان، حصل المسانيد الكبار.
قال حمزة السهمي: دخل الماليني جرجان في سنة أربع وستين وثلاث مئة، ورحل رحلات كثيرةً إلى أصبهان وما وراء النهر ومصر والحجاز.
قال: وتوفي سنة تسع وأربع مئة. كذا قال، وهذا وهم. وقد قال أبو إسحاق الحبال: توفي في يوم الثلاثاء السابع عشر من شوال سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.
قلت: أراه مات بمصر، وقد ذكره الإمام ابن الصلاح في طبقات الشافعية.
وأخبرنا علي بن محمد الحافظ: أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، سمعت عبد العزيز بن علي الأزجي يقول: أخذت من أبي سعد الماليني أجرة النسخ والمقابلة خمسين ديناراً في دفعة واحدة.
قلت: وقد ألف أربعين حديثاً، كل حديث من طريق صوفاي معتبر، وجاء في ذلك مناكير لا تنكر للقوم، فإن غالبهم لا اعتناء لهم بالرواية.
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي بمصر، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا أبو سعد أحمد ابن محمد الماليني، حدثنا أبو بكر محمد بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن أبي خالد بنيسابور، حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الوهاب عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواه، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن توقد له نار، فيقذف فيها.

غنجار

الإمام المفيد الحافظ، محدث بخارى، وصاحب تاريخها، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل، البخاري. ولقبه غنجار بلقب غنجار الكبير عيسى بن موسى البخاري.
حدث أبو عبد الله عن: خلف بن محمد الخيام، وسهل بن عثمان السلمي، وأبي عبيد أحمد بن عروة الكرميني، ومحمد بن حفص بن أسلم، وإبراهيم بن هارون الملاحمي، والحسن بن يوسف بن يعقوب، وعدد كثير من أهل تلك الديار، ولم يرحل.
حدث عنه: هناد بن إبراهيم النسفي، وجماعة. وما بلغتني أخباره كما ينبغي، وما هو ببارح المعرفة.
توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مئة وقد شاخ.
أخبرنا الحسن بن علي الأمين، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو علي البرداني وأبو الحسين الصيرفي قالا: أخبرنا هناد القاضي، أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ، أخبرنا أبو يحيى أحمد بن محمد ابن إبراهيم السمرقندي، حدثنا محمد بن نصر المروزي، حدثنا عبد الله بن محمد أبو جعفر المسندي، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثنا شعبة، عن واقد ابن محمد، سمعت أبي يحدث عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله.

ابن السقا

الإمام الحافظ الناقد، القاضي أبو الحسن، علي بن محمد بن علي ابن حسين بن شاذان بن السقا، الإسفراييني، من أولاد أئمة الحديث.
سمع الكتب الكبار، وأملى، وصنف.
حدث عن: أبي العباس الأصم، وأبي عبد الله محمد بن يعقوب ابن الأخزم، وعلي بن حمشاذ، ومحمد بن عبد الله الصفار، وأبي الطيب محمد بن عبد الله الشعيري، وأبي الحسن الطرائفي، وأبي منصور محمد ابن القاسم العتكي، وأبي سهل بن زياد القطان، وأبي بكر النجاد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وجعفر الخلدي، وعبد الرحمن بن الحسن الهمذاني، وطبقتهم بنيسابور وهمذان وبغداد، وغير ذلك.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وسبطه حكيم بن أحمد الإسفراييني، وجماعة.
توفي سنة أربع عشرة وأربع مئة.

اليزدي

الإمام القاضي، أبو بكر، أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر ابن المرزبان، اليزدي، نزيل أصبهان.
روى عن: أبيه، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وعلي بن الفضل بن شهريار، ومحمد بن إسحاق بن أيوب، وأبي أحمد العسال، وأبي بكر الجعابي، والطبراني، وإسماعيل بن نجيد، وفاروق الخطابي.
روى عنه: عبد الرحمن بن مندة، وعلي بن شجاع، والخصيب بن قتادة، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، وجماعة سماهم يحيى ابن مندة في ترجمته، وقال: هو ثقة مقبول القول، صاحب أصول، على غاية من العقل والديانة والرزانة، توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وأربع مئة.

النقاش

الإمام الحافظ، البارع الثبت، أبو سعيد، محمد بن علي بن عمرو ابن مهدي، الأصبهاني، الحنبلي النقاش.
ولد بعد الثلاثين وثلاث مئة.
وسمع من: جده لأمه أحمد بن الحسن بن أيوب التميمي، وعبد الله ابن جعفر بن فارس، وأحمد بن معبد السمسار، وعبد الله بن عيسى الخشاب، وأبي أحمد العسال، والطبراني، وخلق. وببغداد من أبي بكر الشافعي، وابن مقسم، وأبي علي بن الصواف، وابن محرم. وبالبصرة من أبي إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي، وفاروق الخطابي، وحبيب القزاز وبالكوفة من القاضي نذير بن جناح المحاربي، وصباح بن محمد النهدي، وعدة. وبمرو من حاضر بن محمد الفقيه. وبجرجان من أبي بكر الإسماعيلي. وبهراة من أحمد بن محمد بن حسنويه، وأبي منصور الأزهري. وبالدينور من ابن السني. وبالحرمين ونيسابور ونهاوند وإسفرايين وعسكر مكرم. وصنف وأملى.
حدث عنه: الفضل بن علي الحنفي، وأبو العباس ابن أشته، وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد، وسليمان الحافظ، وأبو الفتح أحمد بن عبد الله السوذرجاني.
وقع لنا جزآن من أماليه، وكتاب القضاة، وكتاب طبقات الصوفية، وغير ذلك.
مات في رمضان سنة أربع عشرة وأربع مئة.
كان من أئمة الأثر، رحمه الله ورضي عنه. مات في عشر التسعين.

ابن مردويه

الحافظ المجود العلامة، محدث أصبهان، أبو بكر، أحمد بن موسى ابن مردويه بن فورك بن موسى بن جعفر، الأصبهاني، صاحب التفسير الكبير، والتاريخ، والأمالي الثلاث مئة مجلس، وغير ذلك.
مولده في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبيه أبي عمران بحديث سمعه من إبراهيم بن متويه، ومات أبوه سنة 356.
قال أبو بكر بن أبي علي وذكر أبا بكر بن مردويه : هو أكبر من أن ندل عليه وعلى فضله، وعلمه وسيره، وأشهر بالكثرة والثقة من أن يوصف حديثه، أبقاه الله، ومتعه بمحاسنه. قال أبو موسى في ترجمة ابن مردويه: سمعت أبي يحكي عمن سمع أبا بكر بن مردويه يقول: ما كتبت بعد العصر شيئاً قط، وعميت قبل كل أحد يعني من أقرانه ، وسمعت أنه كان يملي حفظاً بعدما عمي.
ثم قال: وسمعت الإمام إسماعيل يقول: لو كان ابن مردويه خراسانياً، كان صيته أكثر من صيت الحاكم.
وأجاز لي أبو نعيم الحداد: سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه يقول: رأيت من أحوال جدي من الديانة في الرواية ما قضيت منه العجب من تثبته وإتقانه، وأهدى له كبير حلاوةً، فقال: إن قبلتها، فلا آذن لك بعد في دخول داري وإن ترجع به، تزد علي كرامةً.
قلت: وروى عن أبي سهل بن زياد القطان، وميمون بن إسحاق، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، ومحمد بن عبد الله بن علم الصفار، وإسماعيل بن علي الخطبي، ومحمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي، وإسحاق بن محمد بن علي الكوفي، وأبي بكر محمد بن عبيد الله الشافعي، وأحمد بن عبد الله بن دليل، ومحمد بن أحمد بن علي الأسواري، وأحمد بن عيسى الخفاف، وأحمد بندار الشعار، وأحمد بن محمد بن عاصم الكراني، وأبي أحمد العسال، وأبي إسحاق بن حمزة، وسليمان الطبراني، وخلق كثير.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي العطار، وأبو عمرو عبد الوهاب، وأبو القاسم عبد الرحمن: ابنا الحافظ ابن مندة، وأبو الخير محمد بن أحمد بن ررا، والقاضي أبو منصور بن شكرويه، وأبو بكر محمد ابن الحسن بن محمد بن سليم، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني، وأبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي، وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف، وخلق كثير.
ومن تصانيفه كتاب المستخرج على صحيح البخاري، بعلو في كثير من أحاديث الكتاب حتى كأنه لقي البخاري.
وكان من فرسان الحديث، فهماً يقظاً متقناً، كثير الحديث جداً، ومن نظر في تواليفه، عرف محله من الحفظ.
وله كتاب التشهد وطرقه وألفاظه، في مجلد صغير، وتفسيره للقرآن في سبع مجلدات.
يقع لنا حديثه في الثقفيات وغيرها.
مات لست بقين من رمضان سنة عشر وأربع مئة عن سبع وثمانين سنة.
ومات معه في العام مسند نيسابور ومفتيها أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، ومسند العراق أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله ابن مهدي الفارسي، ومسند هراة القاضي أبو منصور محمد بن محمد بن عبد الله الأزدي، ومؤلف الناسخ والمنسوخ أبو القاسم هبة الله بن سلامة البغدادي، ومحدث دمشق أبو القاسم عبد الله بن عمر بن نصر الشيباني، ومسند بغداد إبراهيم بن مخلد الباقرحي، والمعمر أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه المزكي، صاحب ذاك المجلس العالي.
أخبرنا أبو الحسن اليونيني، أخبرنا جعفر بن علي وغيره قالوا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، حدثنا أحمد بن موسى الحافظ إملاءً، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، ومحمد بن أحمد الأسواري، قالا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما، لأتوهما ولو حبواً. متفق عليه.

ابن بشران

الشيخ العالم المعدل، المسند، أبو الحسين، علي بن محمد بن عبد الله بن بشران بن محمد بن بشر، الأموي البغدادي.
ولد سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من أبي جعفر بن البختري، وعلي بن محمد المصري، وإسماعيل الصفار، والحسين بن صفوان، وأحمد بن محمد بن جعفر الجوزي، وإسحاق بن أحمد الكاذي، وعثمان بن السماك، وأبي بكر النجاد، وعدة.
روى شيئاً كثيراً على سداد وصدق وصحة رواية، كان عدلاً وقوراً.
قال الخطيب: كان تام المروءة، ظاهر الديانة، صدوقاً ثبتاً.
قلت: حدث عنه: البيهقي، والخطيب، والحسن بن البناء، وأبو الفضل عبد الله بن زكري الدقاق، وعلي بن عبد الواحد المنصوري، ونصر بن البطر، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، والحسين بن أحمد بن عبد الرحمن العكبري، وأبو الفوارس طراد، وعاصم بن الحسن، وأحمد بن عبد العزيز ابن شيبان، وآخرون.
توفي في شعبان سنة خمس عشرة.
وقع لنا عدة أجزاء من حديثه ومن طريقه. أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا هبة الله بن هلال الدقاق، أخبرنا عبد الله بن علي، أخبرنا علي بن محمد بن بشران، أخبرنا محمد بن عمرو، أخبرنا سعدان بن نصر، أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن ابن عون قال: أنبأنا القاسم بن محمد، عن عائشة أنها قالت: من زعم أن محمداً رأى ربه، فقد أعظم الفرية على الله، ولكنه رأى جبريل مرتين في صورته وخلقه ساداً ما بين الأفق.
أخرجه البخاري عن محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن أبي الثلج، عن الأنصاري.

ابن النحاس

الشيخ الإمام الفقيه، المحدث الصدوق، مسند الديار المصرية، أبو محمد، عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد، التجيبي المصري المالكي البزاز، المعروف بابن النحاس.
ولد ليلة الأضحى سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
وأول سماعه وهو ابن ثمان سنين، في سنة إحدى وثلاثين، وحج سنة تسع وثلاثين، وجاور، فأكثر عن أبي سعيد بن الأعرابي، وسمع بمصر أبا الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني، وعلي بن عبد الله بن أبي مطر الإسكندراني، وأحمد بن بهزاذ السيرافي، وأحمد بن محمد بن فضالة الدمشقي قدم عليهم، ومحمد بن إبراهيم بن حفص البصري ابن الوصي، وعثمان بن محمد السمرقندي، والحسن بن مليح الطرائفي، ومحمد بن بشر العكري، ومحمد بن أيوب بن الصموت، وعبد الله بن محمد بن الخصيب، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني، وعبد الله بن جعفر بن ورد، وسمع منه السيرة، والحسن بن مروان القيسراني، ومحمد بن محمد بن عيسى الخياش، والحافظ أبا سعيد بن يونس الصدفي، والفضل ابن وهب، ومحمد بن وردان العامري، وفاطمة بنت الريان، وعدة.
وله مشيخة في جزئين.
حدث عنه: الصوري، وأبو نصر السجزي، وعبد الرحيم البخاري، وأبو عمرو الداني، وأحمد بن أبي نصر الكوفاني كاكو، وخلف بن أحمد الحوفي، والقاضي محمد بن سلامة القضاعي، والحسين بن أحمد العداس، وأبو إسحاق الحبال، والقاضي أبو الحسن الخلعي، وخلق.
وكان الخطيب قد عزم على الرحلة إليه، فلم يقض.
قال الحبال: مات في عاشر صفر سنة ست عشرة وأربع مئة.
وفيها مات الخصيب بن عبد الله بن الخصيب بمصر، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن جانجان بهمذان، وشاعر الوقت أبو الحسن علي بن محمد التهامي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الداراني القطان، ومحمد بن أبي نصر المعداني أبو بكر، والفضل بن عبيد الله بن شهريار.

محمد بن أسد

ابن علي، الإمام المقرىء، شيخ الكتابة، وكبير المجودين بالعراق، أبو الحسين، البغدادي البزاز الكاتب، شيخ ابن البواب.
سمع من: جعفر الخلدي، وأبي بكر النجاد.
روى عنه الخطيب، وقال: كان صدوقاً، توفي سنة عشر وأربع مئة في أول السنة.
قلت: انتهى إليه حسن الخط، ولكن أربى عليه تلميذه أبو الحسن.

علي بن هلال ابن البواب

البغدادي، مولى معاوية بن أبي سفيان الأموي.
وكان ابن البواب دهاناً يجيد التزويق.
وصحب أبا الحسين بن سمعون الواعظ، وسمع من أبي عبيد الله المرزباني، وقرأ النحو على أبي الفتح بن جني.
وبرع في تعبير الرؤيا، وقص على الناس بجامع المنصور، وله نظم ونثر وإنشاء.
قال ابن خلكان: هذب ابن البواب طريقة ابن مقلة، ونقحها، وكساها طلاوةً وبهجة.
وكان يذهب إذهاباً فائقاً، وكان في أول أمره مزوقاً يصور الدور فيما قيل، ثم أذهب الكتب، ثم تعانى الكتابة، ففاق الأولين والآخرين فيها، ونادم الوزير فخر الملك أبا غالب، وقيل: وعظ بجامع المنصور، ولم يكن له في عصره ذاك النفاق الذي تهيأ له بعد موته، لأنه وجد بخطه ورقة قد كتبها إلى كبير يسأله فيها مساعدة صديق له بشيء لا يساوي دينارين، وقد بسط القول فيها نحو السبعين سطراً، وقد بيعت بعد ذلك بسبعة عشر ديناراً إمامية. قال أبو علي بن البناء: حكى لي أبو طاهر بن الغباري أن الحسن بن البواب أخبره أن ابن سهلان استدعاه، فأبى، وتكرر ذلك. قال: فمضيت إلى أبي الحسن بن القزويني، وقلت: ما ينطقه الله به أفعله، فلما دخلت، قال: يا أبا الحسن: اصدق والق من شئت. فعدت، فإذا على بابي رسل الوزير، فمضيت معهم، فلما دخلت، قال: ما أخرك عنا ؟ فاعتذرت، ثم قال: رأيت مناماً. فقلت: مذهبي تعبير المنام من القرآن. فقال: رضيت. قال: رأيت كأن الشمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حجري. قال وعند فرح بذلك: كيف يجتمع له الملك والوزارة ؟ قلت: قال الله تعالى: "وَجُمعَ الشَّمْسُ والقَمَرُ، يَقُولُ الإِنسانُ يَوْمَئِذٍ أيْنَ المَفَرُّ. كَلاّ لاَ وَزَرَ" القيامة وكررت عليه هذا ثلاثاً. قال: فدخل إلى حجرة النساء، وذهبت، فلما كان بعد ثلاث، انحدر إلى واسط على أقبح حال، وكان قتله هناك.
قال الخطيب: ابن البواب صاحب الخط لا أعلمه روى شيئاً.
أبو غالب بن الخالة: أخبرنا محمد بن علي بن نصر الكاتب، حدثني أبو الحسن علي بن هلال ابن البواب... فذكر حكايةً مضمونها: أنه ظفر بربعة ثلاثين جزءاً في خزانة بهاء الدولة بخط أبي علي بن مقلة، تنقص جزءا، وأنه كتبه وعتقه، وقلع جلداً من الأجزاء، فجلده به. واستجد جلداً للجزء الذي قلع عنه، فاختفى الجزء الذي كتبه على حذاق الكتاب.
قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: توفي ابن البواب صاحب الخط الحسن في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وأربع مئة.
وقال أبو الفضل بن خيرون في وفاته كذلك وقال: كان من أهل السنة.
قلت: عبث به شاعر، فقال:

هذا وأنت ابن بـوابٍ وذو عـدمٍ

 

فكيف لو كنت ربّ الدّار والمال

ولأبي العلاء المعري:

ولاح هلالٌ مثل نونٍ أجادهـا

 

بماء النّضار الكاتب ابن هلال

وقد رثاه الشريف المرتضى بقوله:

ردّيت يا ابن هلالٍ والرّدى عرضٌ

 

لم يحم منه على سخطٍ له البشـر

ما ضرّ فقـدك والأيّام شـاهـدةٌ

 

بأنّ فضلك فيها الأنجم الـزّهـر

أغنيت في الأرض والأقوام كلّهـم

 

من المحاسن ما لم يغنه المطـر

فللقلوب التي أبهجـتـهـا حـزنٌ

 

وللعيون التي أقررتهـا سـهـر

وما لعـيشٍ وقـد ودّعـتـه أرجٌ

 

ولا لليلٍ وقد فارقـتـه سـحـر

وما لنا بعد أن أضحت مطالعـنـا

 

مسلوبةً منك أوضاعٌ ولا غـرر

قال ابن خلكان: روى الكلبي والهيثم بن عدي أن الناقل للكتابة العربية من الحيرة إلى الحجاز هو حرب بن أمية. فقيل لأبي سفيان: ممن أخذ أبوك الكتابة ؟ قال: من ابن سدرة، وأخبره أنه أخذها من واضعها مرامر بن مرة، قال: وكانت لحمير كتابة تسمى المسند، حروفها منفصلة، غير متصلة، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها، فلما جاء الإسلام، لم يكن بجميع اليمن من يقرأ ويكتب.
قلت: هذا فيه نظر، فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون بالعبراني.
إلى أن قال: فجميع كتابات الأمم اثنتا عشرة كتابةً، وهي: العربية، والحميرية، واليونانية، والفارسية، والرومية، والسريانية، والقبطية، والبربرية، والأندلسية، والهندية، والصينية، والعبرانية، فخمس منها ذهبت: الحميرية، واليونانية، والقبطية، والبربرية، والأندلسية، وثلاث لا تعرف ببلاد الإسلام: الرومية، والصينية، والهندية.
قلت: الكتابة مسلمة لابن البواب، كما أن أقرأ الأمة أبي بن كعب، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالتأويل ابن عباس، وأمينهم أبو عبيدة، وعابرهم محمد بن سيرين، وأصدقهم لهجة أبو ذر، وفقيه الأمة مالك، ومحدثهم أحمد بن حنبل، ولغويهم أبو عبيد، وشاعرهم أبو تمام، وعابدهم الفضيل، وحافظهم سفيان الثوري، وأخباريهم الواقدي، وزاهدهم معروف الكرخي، ونحويهم سيبويه، وعروضيهم الخليل، وخطيبهم ابن نباتة، ومنشئهم القاضي الفاضل، وفارسهم خالد بن الوليد. رحمهم الله.

البسطامي

شيخ الشافعية، قاضي نيسابور، الإمام أبو عمر، محمد بن الحسين بن محمد بن الهيثم، البسطامي الشافعي الواعظ.
له رحلة واسعة، وفضائل.
سمع الطبراني، وأحمد بن الجارود الرقي، والقطيعي، وعلي ابن حماد الأهوازي، وأحمد بن محمود بن خرزاذ. ووعظ مدةً، ثم تصدر للإفادة والفتيا، وولي القضاء، فأظهر المحدثون من الفرح ألواناً.
روى عنه: الحاكم، والبيهقي، وأبو صالح المؤذن، ومحمد ابن يحيى المزكي، ومحمد بن عبيد الله الصرام، ويوسف بن محمد الهمذاني، وخلق.
وكان وافر الحشمة، كبير الشأن، تزوج بابنة الأستاذ أبي الطيب الصعلوكي، فولدت له المؤيد والموفق.
مات سنة ثمان وأربع مئة.

العيسوي

الإمام العلامة، القاضي الصدوق، أبو الحسن، علي بن عبد الله بن إبراهيم بن أحمد، الهاشمي العباسي العيسوي، من أولاد ولي العهد عيسى بن موسى ابن عم المنصور.
سمع أبا جعفر محمد بن عمرو بن البختري، وأبا عمرو بن السماك، وعبد العزيز بن الواثق، وموسى بن القاضي إسماعيل، وكان موسى هذا يروي عن والده إسماعيل بن إسحاق.
حدث عنه: الخطيب، وأبو بكر البيهقي، وطراد الزينبي، وآخرون.
وقع لي جزآن من حديثه.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقةً، ولي قضاء مدينة المنصور، ومات في رجب سنة خمس عشرة وأربع مئة.
أخبرنا أيوب بن طارق، وسنقر بن عبد الله الحلبيان قالا: أخبرنا محمد بن سعيد الخازن، أخبرنا أحمد بن المقرب، أخبرنا طراد بن محمد، أخبرنا علي بن عبد الله الهاشمي، أخبرنا محمد بن عمرو، أخبرنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عفان، حماد بن سلمة، أخبرنا يونس، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل: أن رجلاً لقي امرأةً كانت بغياً في الجاهلية، فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها، فقالت: مه ? إن الله قد ذهب بالشرك، وجاء بالإسلام، فولى، فأصاب وجهه الحائط، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: أنت عبد أراد الله بك خيراً، وإن الله إذا أراد بعبد خيراً، عجل له عقوبة ذنبه، وإذا أراد الله بعبد شراً، أمسك عليه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة كأنه عير.

ابن دوست

الإمام الحافظ الأوحد، المسند، أبو عبد الله، أحمد بن المحدث محمد بن يوسف بن دوست، البغدادي البزاز، أخو عثمان ابن دوست العلاف.
حدث عن: الحسين بن يحيى بن عياش القطان، ومحمد بن جعفر المطيري، وإسماعيل الصفار، وطبقتهم.
حدث عنه: هبة الله اللالكائي، وأبو محمد الخلال، وأبو القاسم الأزهري، وأبو بكر الخطيب، ورزق الله التميمي، وآخرون.
أثنوا على حفظه وفهمه، واختلفوا في عدالته، ضعفه الأزهري، وطعن ابن أبي الفوارس في روايته عن المطيري.
وقال الخطيب: كان محدثاً مكثراً، حافظاً عارفاً، مكث مدةً يملي من حفظه بجامع المنصور بعد أبي طاهر المخلص.
وكان عارفاً بمذهب مالك.
وقال البرقاني: كان يسرد الحديث من حفظه، وتكلموا فيه، فقيل: إنه كان يكتب الأجزاء، ويتربها، ليظن أنها عتق.
وقال الأزهري: غرقت كتبه، فكان يجددها.
وأثنى عليه بعض الأئمة، وكان يذاكر الدارقطني، ويسرد من حفظه كتبه.
قال الخطيب: توفي في رمضان سنة سبع وأربع مئة وله أربع وثمانون سنة.
وفيها مات الحافظ أبو بكر الشيرازي مصنف الألقاب، والإمام أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان النيسابوري الواعظ المفسر، وأبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان العكبري آخر من روى عن أبي ذر بن الباغندي؛ ومقرىء الشام أبو بكر محمد بن أحمد الجبني.

صريع الدلاء

الأديب الخليع، أبو الحسن، محمد بن عبد الواحد، البصري، نزيل بغداد.
له ديوان مشهور.
وقد تحول إلى مصر، فمات بها في سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.
وكان صاحب مزاح ولعب، وله تيك القصيدة السائرة.
وهي:

قلقل أحشائي تبـاريح الـجـوى

 

وبان صبري حين حالفت الأسى

وطار عقلي حين أبصـرتـهـم

 

تحت ظلام اللّيل يطوون السّرى

لم أزل أسعى عـلـى آثـارهـم

 

والبين في إتلاف روحي قد سعى

فلو درت مطيّهم مـا حـلّ بـي

 

بكت عليّ في الصّباح والمـسـا

فسوف أسلي عنهم خـواطـري

 

بحمقٍ يعجب منـه مـن وعـا

وطرفٍ أنظمهـا مـقـصـورةً

 

إذ كنت قصّاراً صريعاً لـلـدّلا

من صفع النّـاس ولـم يدعـهـم

 

أن يصفعوه مثله قـد اعـتـدى

من صعد السّطح وألقى نفـسـه

 

إلى قرار الأرض يوماً ارتـدى

وليس للبغـل إذا لـم ينـبـعـث

 

من الطّريق باعثٌ مثل العصـا

والذّقن شعرٌ في الوجوه نابـتٌ

 

وإنما الدّبر الذي تحت الخصى

والجوز لا يؤكل مع قـشـوره

 

ويؤكل التّمر الجديد بالّـلـبـا

من طبـخ الـدّيك ولا يذبـحـه

 

طار من القدر إلى حيث اشتهى

من دخلت في عينـه مـسـلّةٌ

 

فسله من ساعته كيف العمـى

من فاته العلم وأخطاه الغـنـى

 

فذاك والكل علـى حـدٍّ سـوا

القزاز

العلامة، إمام الأدب، أبو عبد الله، محمد بن جعفر، التميمي القيرواني النحوي.
مؤلف كتاب الجامع في اللغة، وهو من نفائس الكتب.
وكان يعرف بالقزاز، صنف كتباً للعزيز العبيدي صاحب مصر.
وكان مهيباً، عالي المكانة، محبباً إلى العامة، لا يخوض إلا في علم دين أو دنيا.
وله نظم جيد، وشهرة بمصر، وعمر تسعين عاماً.
قيل: مات بالقيروان سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.

الراشد بالله

الشريف، صاحب مكة، الحسن بن جعفر، العلوي.
كان الوزير أبو القاسم بن المغربي قد هرب من الحاكم، وصار إلباً عليه؛ فحسن لحسان بن مفرج الخروج على الحاكم لجوره وكفر نفسه، وأمره بنصب صاحب مكة إماماً لصحة نسبه، فبادر حسان إلى مكة، وبايع صاحبها، وأخذ مال الكعبة، ومال التجار، ولقبوه بالراشد، وأقبل إلى الشام، فتلقاه والد حسان ووجوه العرب، وتمكن، وخطب له على المنابر، وكان متقلداً سيفاً زعم أنه ذو الفقار، وفي يده قضيب النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه عدد من أقاربه، وفي ركابه ألف عبد، فنزل الرملة، فراسل الحاكم مفرج بن جراح المذكور، واستماله بالرغبة والرهبة، وأحس الراشد بالأمر، فذل، وتذمم بمفرج، وقال: أنا راض من الغنيمة بالإياب، أنتم غريتموني. فجهزه مفرج إلى الحجاز، وتسحب ابن المغربي إلى العراق، وجرى ذلك سنة بضع وأربع مئة.

الغضائري

الإمام الصالح الثقة، أبو عبد الله، الحسين بن الحسن بن محمد بن حلبس، المخزومي الغضائري البغدادي.
سمع: محمد بن يحيى الصولي، وإسماعيل بن محمد الصفار، وأبا جعفر البختري، وأبا عمرو بن السماك، وأبا بكر النجاد.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو بكر الخطيب، وأبو الحسين ابن المهتدي بالله، وعباس بن بكران الهاشمي، وأبو عبد الله القاسم ابن الفضل الثقفي، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقةً فاضلاًن مات في المحرم سنة أربع عشرة وأربع مئة.
قلت: لعله جاوز التسعين، وله جزء مشهور سمعناه.

الغضائري

شيخ الشيعة وعالمهم، أبو عبد الله، الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم، البغدادي الغضائري.
يوصف بزهد وورع وسعة علم.
يقال: كان أحفظ الشيعة لحديث أهل البيت غثه وسمينه.
روى عنه: أبو جعفر الطوسي، وابن النجاشي الرافضيان.
وهو فيروي عن: أبي بكر الجعابي، وسهل بن أحمد الديباجي، وأبي المفضل الشيباني.
قال الطوسي تلميذه: خدم العلم، وطلبه لله، وكان حكمه أنفذ من حكم الملوك.
وقال ابن النجاشي: صنف كتباً منها: كتاب يوم الغدير، وكتاب مواطىء أمير المؤمنين، وكتاب الرد على الغلاة، وغير ذلك. مات في صفر سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
قلت: هو من طبقة الشيخ المفيد في الجلالة عند الإمامية، يفتخرون بهما، ويخضعون لعلمهما حقه وباطله.

ابن الحاج

الإمام المحدث الثقة، أبو العباس، أحمد بن محمد بن الحاج ابن يحيى، الإشبيلي الشاهد، نزيل مصر.
سمع عثمان بن محمد السمرقندي، والحسن بن مروان القيسراني، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني، وعلي بن أبي العقب الدمشقي، وأحمد بن محمد بن عمارة، والعباس بن محمد الرافقي، وأحمد بن أبي الموت، وطبقتهم بمصر ودمشق.
حدث عنه: الحافظ أبو نصر السجزي، والحافظ عبد الرحيم بن أحمد البخاري، والقاضي محمد بن سلامة القضاعي، وأبو إسحاق الحبال، وأبو الحسن الخلعي، وآخرون.
وانتقى عليه السجزي أجزاءً عديدةً، وأثنى عليه الحبال.
وكان صاحب معرفة وفهم، وقع لي من عواليه.
قال الحبال: مات في صفر سنة خمس عشرة وأربع مئة. أخبرنا محمد بن الحسين القرشي، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن القاضي، أخبرنا أبو العباس بن الحاج، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر السقطي بالبصرة، حدثنا الحسن بن المثنى، حدثنا عفان، حدثنا شعبة، أخبرنا محمد ابن زياد، سمع أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو صورته صورة حمار.
وفيها مات أبو الفرج أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة، وشيخ الشافعية أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن المحاملي، والقاضي عبد الجبار شيخ المعتزلة، وأبو الحسن علي بن عبد الله العيسوي، وأبو الحسين بن بشران، وأبو صادق محمد بن أحمد بن محمد بن شاذان، وأبو الحسين بن الفضل القطان، وأبو بكر محمد بن إدريس الجرجرائي، وأبو بكر محمد بن الحسين بن جرير الدشتي، وابن عقيل الباوردي، وعلي بن أحمد بن عبدان الأهوازي.

القطان

الشيخ العالم الثقة، المسند، أبو الحسين، محمد بن الحسين ابن محمد بن الفضل، البغدادي القطان الأزرق.
ذكر لأبي بكر الخطيب: أنه ولد في شوال سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع وهو ابن خمس سنين من إسماعيل الصفار وهو أكبر شيخ له ومن أبي جعفر محمد بن علي بن عمر بن علي بن حرب، وعبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي، وعنده عنه تاريخ الفسوي، وأبي بكر النجاد، وأبي عمرو بن السماك، وعدة.
وانتقى عليه ابن أبي الفوارس، وهبة الله اللالكائي.
وحدث عنه: البيهقي، والخطيب، ومحمد بن هبة الله اللالكائي، وأبو عبد الله الثقفي، وجماعة سواهم.
وهو مجمع على ثقته.
توفي في شهر رمضان سنة خمس عشرة وأربع مئة عن ثمانين سنة.

الوهراني

الشيخ الثقة الجليل، أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن مسافر، الهمداني المغربي الوهراني ثم البجاني. وبجانة من مدن الأندلس، وبجاية الناصرية أحدثت في المئة الخامسة بالمغرب، وهي أشهر وأكبر، ولكن خرج من الأولى جلةً وعلماء.
مولده في سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
وسافر في التجارة إلى أقصى خراسان، وعني بالرواية.
وأخذ عن: الحسن بن رشيق ونحوه بمصر، وعن القاضي أبي بكر الأبهري، وطائفة ببغداد، وعن تميم بن محمد بالقيروان، وعن محمد بن عمر الشبويي بمرو، وعن إبراهيم بن أحمد المستملي ببلخ.
وقدم إلى بلاده بإسناد عال، فحمل عنه ابن عبد البر، وأبو عمر ابن سميق، وأبو حفص الزهراوي، وحاتم بن محمد، وأبو عمر أحمد ابن الحذاء، وأبو محمد بن حزم، وآخرون.
وكان خيراً صالحاً متقبضاً، يتكسب بالتجارة.
سمع من تميم الموطأ: أخبرنا عيسى بن مسكين عن سحنون، عن ابن القاسم.
مات في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
حدث بصحيح البخاري.

العبدويي

الإمام الحافظ، شرف المحدثين، أبو حازم، عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه بن سدوس بن علي بن عبد الله بن الفقيه عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، الهذلي المسعودي العبدويي النيسابوري الأعرج، ابن المحدث أبي الحسن.
مات أبوه أبو الحسن في رمضان سنة خمس وثمانين وثلاث مئة وهو في عشر التسعين، وقد روى عنه: ابن خزيمة، والسراج، روى عنه: ابنه، والحاكم، وأبو سعيد الكنجروذي، وعدة.
وابنه أبو حازم ولد بعد الأربعين وثلاث مئة.
سمع إسماعيل بن نجيد، وأبا بكر الإسماعيلي، ومحمد بن عبد الله بن عبدة السليطي، وأبا عمرو بن مطر، وأبا الفضل بن خميرويه الهروي، وأبا أحمد الغطريفي، وأبا عمرو بن حمدان، وأبا سعيد بن عبد الوهاب، وأبا أحمد الحاكم، وطبقتهم. وتأخر عن الرحلة إلى بغداد، ولحق بها عيسى بن الوزير، وأبا طاهر المخلص.
وكتب العالي والنازل، وجمع وخرج، وتميز في علم الحديث.
حدث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو القاسم علي بن المحسن، وأحمد بن عبد الواحد الوكيل، وأبو بكر الخطيب، وأبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، وأبو عبد الله الثقفي الرئيس، وآخرون.
قال أبو محمد بن السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم أر أحداً أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين: أبو نعيم، وأبو حازم العبدويي.
قلت: وقد سمعه والده من أبي بكر الصبغي، وحامد الرفاء. قال الحافظ أبو صالح المؤذن: سمعت أبا حازم الحافظ يقول: كتبت بخطي عن عشرة من شيوخي عشرة آلاف جزء، عن كل واحد ألف جزء.
وقال أبو بكر الخطيب: كان أبو حازم ثقةً صادقاً، حافظاً عارفاً.
قلت: من ورعه أنه ما حدث عن الصبغي، ولا عن حامد الرفاء لصغره، وقد كانا أكبر مشايخه.
قال أبو بكر محمد بن علي الطوسي: رأيت بخط زاهر بن طاهر قال: كتب مسعود بن ناصر ورقةً قال: وجدت عند مسعود بن علي بن معاذ السجزي بخط الحاكم أبي عبد الله قال: اجتمعنا سنة 381، فذكرنا الكذابين بنيسابور، والذين ظهر لنا من جرحهم، فأثبتناه للاعتبار، فذكر جماعةً منهم أبو بكر الكسائي، وأبو بكر الطرازي، وأبو حازم العبدويي، وأبو القاسم بن حبيب المفسر، وقال: هم كذبة في الرواية. قال مسعود بن علي: واستشهد جماعةً أثبتوا خطوطهم عقيب خطه فيمن كتب أبو جعفر العزائمي.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا جعفر بن علي المقرىء، وأخبرنا علي بن عثمان البربري، أخبرنا أحمد بن محمد المحمودي قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم ابن الفضل، حدثنا أبو حازم الحافظ إملاءً، حدثنا أبو عمرو بن مطر، أخبرنا إبراهيم بن علي، حدثنا يحيى بن يحيى: قلت لمالك: حدثك عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي العاص بن الربيع، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها ؟ قال: نعم. متفق عليه.
قال الحافظ أبو علي الوخشي: مات أبو حازم العبدويي يوم عيد الفطر سنة سبع عشرة وأربع مئة.
قلت: وفيها توفي مسند بغداد أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري، ومقرىء الوقت أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن الحمامي، ومحدث دمشق أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون ابن الجندي الغساني إمام جامع دمشق لقي خيثمة، والمسند البقية أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان العكبري البزاز وقاضي بغداد أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي الشوارب عن ثمان وثمانين سنة، وشيخ الشافعية أبو بكر عبد الله بن أحمد المروزي القفال، والمسند أبو الحسين أحمد بن محمد سلامة الطحان الستيتي صاحب خيثمة.

ابن حسنون

الشيخ العالم الصادق الصالح الخير، أبو نصر، أحمد بن محمد ابن أحمد بن حسنون، النرسي البغدادي، والد صاحب المشيخة أبي الحسين ابن النرسي. وفي ذريته جماعة من المشايخ.
سمع أبا جعفر بن البختري، وعلي بن إدريس الستوري، وعثمان بن أحمد ابن السماك.
روى عنه: الخطيب أبو بكر الحافظ، وقال: كان صدوقاً صالحاًن وأبو الفوارس طراد الزينبي، وعبد الواحد بن علوان، وأبو الحسين محمد بن أحمد ولده، وآخرون.
توفي سنة إحدى عشرة وأربع مئة في شهر ذي القعدة.
وفيها مات الحسن بن الحسن بن المنذر، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن اليزدي القاضي، وأبو القاسم علي بن أحمد بن محمد الخزاعي ببلخ، والحاكم صاحب مصر، وآخرون.

ابن المنذر

الشيخ الإمام القاضي العلامة، أبو القاسم، الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر، البغدادي.
سمع إسماعيل بن محمد الصفار، وأبا جعفر بن البختري، وأبا عمرو بن السماك، وطبقتهم.
وكان مكثراً من السماع.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقاً ضابطاً، كثير الكتاب، حسن الفهم، حسن العلم بالفرائض. استنابه القاضي أبو عبد الله الحسين الضبي على القضاء، ثم ولي قضاء ميافارقين عدة سنين، ثم رد إلى بغداد، فأقام يحدث إلى أن مات في شعبان وله ثمانون سنة.
قلت: آخر من تبقى من أصحابه أبو عبد الله بن طلحة النعالي.
توفي سنة إحدى عشرة وأربع مئة.

ابن أبي كامل

العدل المسند، أبو عبد الله، الحسين بن عبد الله بن محمد بن إسحاق بن أبي كامل، العبسي البصري الأصل، الطرابلسي.
حدث عن: خال أبيه خيثمة بن سليمان، وأبي الحسن بن حذلم، وأبي الميمون بن راشد، وأبي يعقوب الأذرعي بدمشق، ومحمد بن إبراهيم السراج لقيه ببيت المقدس، وأبي محمد بن الورد، وطائفة بمصر.
انتقى عليه خلف الواسطي، ووثقه أبو بكر الحداد.
وحدث عنه: الصوري، وعبد الرحيم البخاري، وعبد العزيز الكتاني، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وأبو الحسن بن صصرى، وآخرون.
يقع حديثه في فوائد النسيب. توفي بأطرابلس سنة أربع عشرة وأربع مئة.

الباشاني

الثقة المعمر، أبو عبد الله، محمد بن علي بن الحسين، الباشاني الهروي.
حدث عن: أبي إسحاق أحمد بن محمد بن ياسين، فكان آخر أصحابه، وعن محمد بن إبراهيم بن نافع.
حدث عنه: شيخ الإسلام الأنصاري، وطائفة.
وثق.
وقيل: إنه عاش مئة وست سنين. مات سنة أربع عشرة وأربع مئة.

النعيمي

الحافظ الإمام، أبو منصور، أحمد بن الفضل، النعيمي الجرجاني.
حدث عن: أبي أحمد بن عدي، والإسماعيلي، وأبي أحمد بن الغطريف، وأبي عمرو بن حمدان، والحاكم أبي أحمد، ونصر بن عبد الملك.
وله مصنف في أخبار الجبل، وآخر سماه المجتبى.
ذكره أبو نصر الأمير، وقال: توفي في سنة خمس عشرة وأربع مئة.

ابن المسلمة

الإمام القدوة، أبو الفرج، أحمد بن محمد بن عمر بن حسن ابن المسلمة، البغدادي المعدل.
سمع أحمد بن كامل، وأبا بكر النجاد، وابن علم، ودعلج بن أحمد، وطائفة.
روى عنه: الخطيب، وطراد الزينبي، وجماعة.
قال الخطيب: كان ثقةً يملي في العام مجلساً واحداً، وكان موصوفاً بالعقل والفضل والبر، وداره مألف لأهل العلم، وكان صواماً، كثيرة التلاوة.
وقال غيره: تفقه على أبي بكر الرازي شيخ الحنفية، وكان يسرد الصوم، ويتهجد بسبع رحمه الله، ورئي له أنه من أهل السعادة.
توفي في ذي القعدة سنة خمس عشرة وأربع مئة وله ثمان وسبعون سنة.
وهو والد المسند أبي جعفر، وجد الوزير رئيس الرؤساء أبي القاسم علي بن الحسن.

حمد بن عمر

ابن أحمد بن إبراهيم، الزجاج الحافظ، محدث همذان، أبو نصر.
سمع من: أحمد بن محمد بن هارون الكرابيسي صاحب الكجي، ومن أحمد بن محمد بن مهران، وعبد الله بن الحسين القطان، وطاهر بن سهلويه، وأبي زرعة أحمد بن الحسين، وخلق.
حدث عنه: أبو الفضل الفلكي في تواليفه، ومحمد بن الحسين الصوفي، ويوسف الخطيب، وآخرون.
قال شيرويه: كان ثقةً حافظاً، يحسن هذا الشأن، سمعت عبدوس ابن عبد الله يقول: كان حمد الزجاج يقرأ على المشايخ، وينام ويقرأ مستوياً لحفظه ومعرفته بالأسانيد والمتون.
إلى أن قال: توفي في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وأربع مئة.

القنازعي

العلامة القدوة، أبو المطرف، عبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن، الأنصاري القرطبي القنازعي. وقنازع قرية.
سمع الموطأ من أبي عيسى الليثي، وسمع من القاضي محمد بن السليم، وأبي جعفر بن عون الله.
وتلا على أبي الحسن الأنطاكي، وأصبغ بن تمام.
وارتحل سنة 67، فسمع الحسن بن رشيق، ولقي حسينك التميمي في الموسم، وأكثر عن أبي محمد بن أبي زيد، وأقبل على شأنه، وتصدر للإقراء والفقه بقرطبة.
روى عنه: محمد بن عتاب، وابن عبد البر، وطائفة.
وكان إماماً متفنناً حافظاً، متألهاً خاشعاً، متهجداً مفسراً، بصيراً بالفقه واللغة، امتنع من الشورى.
وكان زاهداً ورعاً قانعاً باليسير، مجاب الدعوة، بعيد الصيت، رأساً في القراءات، صاحب تصانيف.
مات في رجب سنة ثلاث عشرة وأربع مئة عن ثنتين وسبعين سنة.

الشيخ المفيد

عالم الرافضة، صاحب التصانيف، الشيخ المفيد، واسمه: محمد ابن محمد بن النعمان، البغدادي الشيعي، ويعرف بابن المعلم.
كان صاحب فنون وبحوث وكلام، واعتزال وأدب.
ذكره ابن أبي طي في تاريخ الإمامية، فأطنب وأسهب، وقال: كان أوحد في جميع فنون العلم: الأصلين، والفقه، والأخبار، ومعرفة الرجال، والتفسير، والنحو، والشعر. وكان يناظر أهل كل عقيدة مع العظمة في الدولة البويهية، والرتبة الجسيمة عند الخلفاء، وكان قوي النفس، كثير البر، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، يلبس الخشن من الثياب، وكان مديماً للمطالعة والتعليم، ومن أحفظ الناس، قيل: إنه ما ترك للمخالفين كتاباً إلا وحفظه، وبهذا قدر على حل شبه القوم، وكان من أحرص الناس على التعليم، يدور على المكاتب وحوانيت الحاكة، فيتلمح الصبي الفطن، فيستأجره من أبويه يعني فيضله قال: وبذلك كثر تلامذته، وقيل: ربما زاره عضد الدولة، ويقول له: اشفع تشفع. وكان ربعةً نحيفاً أسمر، عاش ستاً وسبعين سنة، وله أكثر من مئتي مصنف... إلى أن قال: مات سنة ثلاث عشرة وأربع مئة، وشيعه ثمانون ألفاً. وقيل: بلغت تواليفه مئتين، لم أقف على شيء منها ولله الحمد، يكنى أبا عبد الله.

سلطان الدولة

ملك العراق وفارس، سلطان الدولة، أبو شجاع، فناخسرو بن الملك بهاء الدولة خره فيروز بن الملك عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة حسن بن بويه الديلمي.
تملك بعد أبيه سنة ثلاث وأربع مئة، فكانت أيامه اثنتي عشرة سنة، ووزر له فخر الملك أبو غالب، فقرىء عهد سلطان الدولة من القادر بالله، والألقاب كانت: عماد الدين، مشرف الدولة، مؤيد الملة، مغيث الأمة، صفي أمير المؤمنين. ثم أحضرت الخلع وهي سبع على العادة، وعمامة سوداء، وتاج مرصع، وسيف، وسواران، وطوق، وفرسان، ولواءان عقدهما القادر بيده، وتلفظ بالحلف له بمسمع من الوزير أبي غالب والكبار ونفذ ذلك مع القاضي أبي خازم محمد بن الحسين وخادمين إلى فارس، أول العهد: من عبد الله أحمد الإمام القادر بالله أمير المؤمنين إلى فناخسرو بن بهاء الدولة مولى أمير المؤمنين: سلام عليك... فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله. ومنه: أما بعد... أطال الله بقاءك... إلى أن قال: وكتب في ربيع الأول سنة أربع وأربع مئة.
قال محمد بن عبد الملك في تاريخه: لما صار الأمر إلى سلطان الدولة، استخلف ببغداد أخاه مشرف الدولة أبا علي، وجعل إليه إمارة الأتراك خاصةً، فحسنوا له العصيان، فاستولى على بغداد وواسط، وتردد الأتراك إلى الديوان، فأمر بقطع خطبة سلطان الدولة، وأن يخطب لمشرف الدولة.
وكان دخول سلطان الدولة بغداد سنة تسع، وتلقاه الخليفة، وضربت له النوبة في أوقات الصلوات الخمس، فأوحش القادر، وكانت العادة جاريةً من أيام عضد الدولة بضرب النوبة ثلاث أوقات..
إلى أن قال: ولما تمكن مشرف الدولة، انحاز أخوه إلى أرجان، وتناقضت أموره، وكان يواصل الشرب حتى فسد خلقه، وطلب طبيباً لفصده، ففصده بحضرة الأوحد، ونفذ قضاء الله فيه بشيراز في شوال سنة خمس عشرة وأربع مئة عن اثنتين وثلاثين سنة وخمسة أشهر. ولما مات، نهبت الديلم ما قدروا عليه، وأشار عليهم الأوحد بابنه أبي كاليجار، فخطب له بخوزستان. وظهر الملك أبو جعفر بن كاكويه فتملك همذان، وقهر بني بويه، وافتتح الدينور وشابور خواست، وعظمت هيبته.