الشيخ
العالم، الأديب، الرئيس، مسند العصر، أبو بكر، محمد ابن عبد الله بن
أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن زياد، الأصبهاني، التاني التاجر، المشهور
بابن ريذة.
سمع معجمي الطبراني: الأكبر والأصغر. والفتن لنعيم بن حماد، من أبي
القاسم الطبراني، وما أظنه سمع من غيره. وعمر دهراً، وتفرد في الدنيا.
مولده في سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
حدث عنه خلق لا يحصون، منهم: أبو العلاء محمد بن الفضل الكاغدي، وأخوه
أبو بكر، ومحمد بن عمر بن عزيزة، والصدر محمد بن جهاربختان، ومحمد بن
أبي الفرج الملحمي، ومحمد بن مردويه الصباغ، وأبو الفتح محمد بن عبد
الله الخرقي وأبو طاهر محمد بن الفضل الشرابي، وأحمد بن محمد النجار
الأصم، وأبو غالب أحمد بن العباس الكوشيذي، ومحمد بن إبراهيم بن شذوة،
والحافظ يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، ومعمر بن أحمد اللنباني، وهادي بن
الحسن العلوي، والمقرىء أبو علي الحداد، وأبو عدنان محمد بن إبراهيم
العبدي، وأبو عدنان محمد بن أحمد بن أبي نزار، ومحمد بن الفضل القصار
الزاهد، وأبو الرجاء أحمد بن عبد الله بن ماجه، ونوشروان بن شيرزاذ
الديلمي، وطلحة ابن حسين بن أبي ذر الصالحاني، وحمد بن علي المعلم،
والهيثم بن محمد المعداني، وفاطمة بنت عبد الله الجوزدانية.
قال يحيى بن مندة: كان أحد الوجوه، ثقةً أميناً، وافر العقل، كامل
الفضل، مكرماً لأهل العلم، حسن الخط، يعرف طرفاً من النحو واللغة، قرىء
عليه الحديث مرات لا أحصيها بالبلد والرساتيق، ثم أرخ مولده، وقال:
توفي في شهر رمضان سنة أربعين وأربع مئة وله أربع وتسعون سنة.
قلت: عاشت فاطمة بعده إلى سنة أربع وعشرين وخمس مئة، وعاش صاحبها أبو
الفخر أسعد بن روح إلى سنة ست وست مئة.
الإمام الفقيه، مسند نيسابور، أبو حسان، محمد بن أحمد بن جعفر،
المولقاباذي المزكي، أحد الثقات الصلحاء، وكان إليه التزكية بنيسابور،
وله الحشمة الوافرة والجلالة.
حدث عن: والده أبي الحسن، وأبي العباس محمد بن إسحاق الصبغي، ومحمد بن
الحسن السراج، وأبي عمرو بن مطر، وأبي عمرو بن نجيد، وجعفر المراغي،
وطائفة. وسمع ببغداد من أبي الفضل عبيد الله ابن عبد الرحمن الزهري،
وغيره. وخرجوا له الفوائد، وروى الكثير.
حدث عنه: إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وعبد الغفار بن محمد
الشيرويي، وإسماعيل بن عمرو البحيري، وآخرون.
توفي سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة وهو في عشر التسعين.
أبو
عبد الله؛ الحسين بن محمد بن الحسن، البغدادي، الخلال، المؤدب، أخو
الحافظ الحسن.
سمع أبا حفص الزيات، وسمع بما وراء النهر الصحيح، ورواه عن الحاجبي.
روى عنه: أبو الفضل بن خيرون، وطائفة، والخطيب وقال: لا بأس به، مات
سنة ثلاثين وأربع مئة.
الشيخ
الأمين المعمر، مسند الوقت، أبو طالب؛ محمد بن محمد بن إبراهيم بن
غيلان بن عبد الله بن غيلان بن حكيم، الهمداني البغدادي البزاز، أخو
غيلان بن محمد المكني بأبي القاسم.
سمع غيلان من: النجاد، ودعلج وجماعة، حدث عنه: الخطيب ووثقه. ومات في
سنة ست عشرة وأربع مئة.
مولد أبي طالب في أول سنة ثمان وأربعين فيما سمعه الخطيب منه، ثم سمعه
الخطيب يقول: كنت أغلط في مولدي حتى رأيته بخط جدي: في المحرم سنة سبع
وأربعين.
قلت: وسمع من أبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي في سنة اثنتين وخمسين،
وسنة ثلاث وأربع، فعنده عنه أحد عشر جزءاً لقبت بالغيلانيات. تفرد في
الدنيا بعلوها. وسمع من أبي إسحاق المزكي جزئين، وسمع من الشافعي جزئين
من تفسير سفيان الثوري.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقاً ديناً صالحاً. قلت: حدث عنه:
الخطيب، وابن خيرون، وأبو علي البرداني، وأبو طاهر بن سوار، وأحمد بن
قريش البناء، وأبو البركات أحمد بن طاووس المقرىء، وجعفر بن أحمد
السراج، وجعفر بن المحسن السلماسي، وعبيد الله بن عمر البقال، والمعمر
بن أبي عمامة، وأبو منصور محمد بن علي الفراء، وأبو المعالي أحمد بن
محمد البخاري، وأبو علي محمد بن محمد بن المهدي، وأبو سعد أحمد بن عبد
الجبار الصيرفي، وأبو الفتح أحمد بن عبيد الله المعير، وأبو غالب أحمد
بن عبد الباقي العطار، وأبو غالب الحسن بن علي البزاز، والحسن بن عبد
الملك اليوسفي، وأبو نصر عبد الله بن عمر الدباس، وعبد الباقي بن محمد
الوراق، وعلي بن محمد ابن علي الأنباري الواعظ، وعلي بن عبد الواحد
الدينوري، ومحمد بن عبد الواحد بن الأزرق، ومحمد بن عبد القادر بن
السماك، وأبو نصر هبة الله بن محمد بن الصباغ، وهبة الله بن مبارك
الوقاياتي، وأبو البركات هبة الله ابن محمد بن البخاري، وهبة الله بن
محمد بن النرسي، وهبة الله بن محمد ابن الحصين الشيباني.
قال أبو سعد السمعاني: قرأت بخط أبي: سمعت محمد بن محمود الرشيدي يقول:
لما أردت الحج، أوصاني أبو عثمان الصابوني وغيره بسماع مسند أحمد بن
حنبل، وفوائد أبي بكر الشافعي، فدخلت بغداد، واجتمعت بابن المذهب،
فقال: أريد مئتي دينار. فقلت: كل نفقتي سبعون ديناراً، فإن كان ولا بد،
فأجز لي. قال: أريد عشرين ديناراً على الإجازة. فتركته، وقلت لابن
حيدر: أريد السماع من ابن غيلان. قال: إنه مبطون وهو ابن مئة سنة. قلت:
فأعجل فأسمع منه. قال: لا حتى تحج. فقلت: كيف يسمح قلبي بذا ؟ قال: إن
له ألف دينار يجاء بها، فتفرغ في حجره، فيقبلها، ويتقوى بذلك. فاستخرت
الله، وحججت، ولحقته، قرأ لي عليه أبو بكر الخطيب.
قال الخطيب: مات ابن غيلان في سادس شوال سنة أربعين وأربع مئة.
قلت: عاش أربعاً وتسعين سنة.
والرشيدي المذكور صدوق مات سنة 498 عن نيف وثمانين سنة.
ومات في سنة أربعين أبو بكر بن ريذة صاحب الطبراني، وأبو ذر محمد بن
إبراهيم الصالحاني، والحسن بن عيسى بن المقتدر، وعبيد الله ابن عمر بن
شاهين، وأحمد بن محمد بن أحمد الحكيمي، وعلي بن ربيعة الربعي، وشيخ
خراسان أبو سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني، والحافظ الصوري، وشيخ
القراء الكارزيني، وأبو منصور محمد بن محمد بن السواق ببغداد، وشيخ
الشافعية أبو حاتم محمود بن الحسن القزويني بآمد.
الشيخ
الصادق المعمر، أبو الفتح، عبيد الله بن أبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان
بن شاهين، البغدادي الواعظ.
سمع من: أبيه الحافظ حفص، وأبي بحر البربهاري، وأبي بكر القطيعي، وأبي
محمد بن ماسي، وحسينك التميمي، وعدة.
حدث عنه: الخطيب، وجعفر بن أحمد السراج، وأبو علي محمد ابن محمد بن
المهدي، وآخرون.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقاً. مات في ربيع الأول، سنة أربعين
وأربع مئة.
قلت: سمعنا من طريقه كتاب سجود القرآن للحربي، بسماعه من أبي بحر، عنه.
المعمر الأمين، أبو الحسن، علي بن عمر الحراني ثم المصري، عرف بابن
حمصة الصواف.
ما سمع شيئاً سوى مجلس البطاقة، وتفرد في الدنيا عن حمزة الكناني.
ولد في رمضان سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة.
حدث عنه: هبة الله بن محمد الشيرازي، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي،
ومرشد أبو صادق المديني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وعدة.
مات في ثالث رجب سنة إحدى وأربعين وأرع مئة عن ثمان وتسعين سنة.
الإمام المحدث الثقة، أبو الحسن؛ أحمد بن محمد بن أحمد بن منصور،
البغدادي العتيقي المجهز السفار.
سمع علي بن محمد بن سعيد الرزاز، وأبا الحسن بن لؤلؤ الوراق، وإسحاق بن
سعد النسوي، والقاضي أبا بكر الأبهري، وعبيد الله بن عبد الرحمن
الزهري، والحسين بن أحمد بن فهد الموصلي، ومحمد بن المظفر، وعدة. وسمع
بدمشق من تمام الرازي، وبمصر من عبد الغني، وجمع وخرج، وكتب الكثير.
حدث عنه: ولده أبو غالب محمد بن أحمد، وأبو عبد الله بن أبي الحديد،
وعبد المحسن بن محمد الشيحي، وعلي بن أبي العلاء المصيصي، والمبارك بن
الطيوري، وأبو علي محمد بن محمد بن المهدي، وآخرون.
وهو الذي يقول فيه الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي وقال: كان
صدوقاً، ولد في أول سنة سبع وستين وثلاث مئة، وذكر لي أن بعض أجداده
كان يسمى عتيقاً، وإليه ينسب.
وقال ابن ماكولا: قال لي شيخنا العتيقي: إنه روياني الأصل، خرج على
الصحيحين، وكان ثقةً متقناً، يفهم ما عنده.
وقال الخطيب: مات في صفر سنة إحدى وأربعين وأربع مئة.
قلت: وقع لي أجزاء من حديثه، وله وفيات في جزء كبير.
الفقيه العلامة المفتي، أبو الحسن؛ علي بن إبراهيم بن نصرويه بن سختام
بن هرثمة، الغزي السمرقندي الحنفي حج في آخر أيامه.
وحدث ببغداد ودمشق عن: أبيه، ومحمد بن مت الإشتيخني، وإبراهيم بن عبد
الله الرازي ثم البخاري، وأبي سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي، ومنصور
بن نصر الكاغدي، ومحمد بن يحيى الغياثي، وطائفة.
وله ثلاثة أجزاء سمعناها.
حدث عنه: أبو علي الأهوازي مع تقدمه، وأبو بكر الخطيب، ومنصور بن عبد
الجبار السمعاني، والفقيه نصر المقدسي، وفيد بن عبد الرحمن الهمذاني،
وأبو طاهر الحنائي وآخرون.
قال الخطيب: كان من أهل العلم والتقدم في مذهب أبي حنيفة، قال لي: ولدت
في شعبان سنة خمس وستين وثلاث مئة، قال: وكان أبي يذكر أنه من العرب.
قال: وأدركه أجله في الطريق يعني في سنة إحدى وأربعين وأربع مئة .
وفيها مات المحدث أبو الحسين العتيقي، وشيخ اللغة أبو القاسم إبراهيم
بن محمد بن زكريا الإفليلي الزهري بقرطبة، وأبو الحسن علي بن عمر بن
حمصة الحراني، وصاحب الموصل معتمد الدولة قرواش بن مقلد بن المسيب
العقيلي، والقاضي محمد بن أحمد بن عيسى السعدي بمصر، وأبو الحسن محمد
بن إسحاق القهستاني، وأحمد بن المظفر بن أحمد بن يزداد الواسطي العطار،
والفضل بن أحمد الثقفي والد الرئيس أبي عبد الله.
الشيخ
الإمام المفتي، بقية المسندين، أبو إسحاق؛ إبراهيم بن عمر ابن أحمد بن
إبراهيم، البرمكي، ثم البغدادي الحنبلي. قيل: أصله من قرية البرمكية،
وقيل: سكن آباؤه محلةً تعرف بالبرمكية.
مولده في سنة إحدى وستين وثلاث مئة.
وسمع أبا بكر القطيعي، وأبا محمد بن ماسي، وعبد الله بن إبراهيم
الزبيبي، والحافظ أبا التح الأزدي الموصلي، وابن بخيت الدقاق، وإسحاق
بن سعد النسوي. وعدة.
وبرع في المذهب، وكان له حلقة للفتوى.
حدث عنه: أبو غالب محمد بن عبد الواحد الشيباني، وأبو طالب اليوسفي،
وابن عمه عبد الرحمن بن أحمد، وأبو العز محمد بن المختار، وأبو منصور
محمد بن أحمد بن النقور، وأبو البركات محمد بن محمد الخرزي، ومبارك بن
محمد بن السدنك، وهبة الله بن المبارك الوقاياتي، وهبة الله بن المبارك
الدواتي، وأبو منصور محمد بن علي الفراء، وهبة الله ابن أحمد بن الطبر،
وأبو علي بن المهدي، والقاضي أبو بكر الأنصاري، وآخرون.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقاً ديناً، فقيهاً على مذهب أحمد، وله
حلقة للفتوى، مات يوم التروية، من ذي الحجة سنة خمس وأربعين وأربع مئة.
قلت: كان ذا زهد وصلاح، ومعرفة تامة بالفرائض.
تفقه على ابن بطة، وابن حامد، وله إجازة من أبي بكر عبد العزيز غلام
الخلال.
وتوفي ابنه أحمد بعده بثلاث وعشرين سنة. روى عن ابن أبي الفوارس.
ومات فيها أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الكاتب، وأبو
الحسين أحمد بن عمر بن روح النهرواني، وأبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان
بن السوادي، ومقرىء مصر أبو العباس بن هاشم، ومحمد بن إسحاق بن فدويه
الكوفي، وأبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي.
الشيخ
الجليل، مسند مرو، أبو غانم؛ أحمد بن علي بن حسين، المروزي الكراعي
نسبةً إلى بيع الأكارع .
كان خاتمة من حدث عن أبي العباس عبد الله بن الحسين النضري؛ صاحب
الحارث بن أبي أسامة، وحدث أيضاً عن أبي الفضل محمد بن الحسين الحدادي،
وغيرهما.
حدث عنه: محمد بن أحمد الطبسي، والإمام أبو المظفر منصور بن السمعاني،
والقاضي أبو المحاسن الروياني، وأبو منصور محمد بن علي الكراعي حفيده.
مات في سنة أربع وأربعين وأربع مئة وهو في عشر المئة.
وعاش حفيده بعده ثمانين سنة.
الإمام العالم الواعظ، أبو طاهر، محمد بن علي بن محمد بن يوسف،
البغدادي، ابن العلاف.
سمع أبا بكر القطيعي، وأحمد بن جعفر بن سلم الختلي، ومخلد بن جعفر
الباقرحي، وطائفة. وعنه: ابنه أبو الحسن الحاجب، وأبو بكر الخطيب، وأبو
الحسين ابن الطيوري، والحسن بن محمد الباقرحي، وآخرون.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقاً، ظاهر الوقار، له حلقة بجامع
المنصور ومجلس وعظ. مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة.
قلت: كان من أبناء التسعين.
الشيخ
الإمام المعمر، بقية المسندين، أبو القاسم؛ عبد الرحمن بن أبي بكر محمد
بن أبي علي أحمد بن عبد الرحمن، الهمداني الذكواني الأصبهاني المعدل،
من كبراء أهل بلده، ومن بيت الحشمة والرواية.
حدث عن: أبي الشيخ الحافظ، وأبي بكر عبد الله بن محمد القباب، وإسحاق
بن علي بن أحمد، وعبد الله بن محمد الصائغ، وعبد العزيز بن محمد بن
يوسف، وأبي بكر بن المقرىء، وجماعة، وهو آخر من روى في الدنيا بالإجازة
عن أبي القاسم الطبراني. أملى عدة مجالس.
حدث عنه: هادي بن إسماعيل العلوي، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وأبو
علي الحداد، وأبو سعد المطرز، وبندار بن محمد الخلقاني، وإسماعيل بن
الفضل السراج، وآخرون.
قال يحيى بن مندة: تكلموا فيه، ألحق في بعض سماعه، وسماعه كثير بخط
أبيه، ومات في سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة في ربيع الأول.
الإمام القدوة، العارف، شيخ العراق، أبو الحسن، علي بن عمر بن محمد،
ابن القزويني البغدادي الحربي الزاهد.
سمع أبا عمر بن حيويه، وأبا حفص بن الزيات، وأبا بكر بن شاذان، والقاضي
أبا الحسن الجراحي، وأبا الفتح القواس وطبقتهم، وأملى عدة مجالس.
حدث عنه: الخطيب، وابن خيرون، وأبو الوليد الباجي، وأبو علي أحمد بن
محمد البرداني، وأبو سعد أحمد بن محمد بن شاكر الطرسوسي، وجعفر بن أحمد
السراج، والحسن بن محمد الباقرحي، وأبو العز محمد بن المختار، وأحمد بن
محمد بن بغراج، وهبة الله بن أحمد الرحبي، وأبو منصور أحمد بن محمد
الصيرفي، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وخلق سواهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان أحد الزهاد، ومن عباد الله الصالحين،
يقرىء القرآن، ويروي الحديث، ولا يخرج من بيته إلا للصلاة، رحمة الله
عليه، قال لي: ولدت سنة ستين وثلاث مئة، ومات في شعبان سنة اثنتين
وأربعين وأربع مئة، وغلقت جميع بغداد يوم دفنه، لم أر جمعاً على جنازة
أعظم منه.
قال أبو نصر هبة الله بن المجلي: حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن طلحة
بن المنقي قال: حضرت والدي الوفاة، فأوصى إلي بما أفعله، وقال: تمضي
إلى القزويني، وتقول له: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام،
وقال لي: اقرأ على القزويني مني السلام، وقل له: بالعلامة أنك كنت
بالموقف في هذه السنة، فلما مات، جئت إليه، فقال لي ابتداءً: مات أبوك
؟ قلت: نعم. قال: رحمه الله، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدق
أبوك. وأقسم علي أن لا أحدث به في حياته.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرن جعفر بن علي، أخبرنا السلفي قال: سألت
شجاعاً الذهلي عن أبي الحسن القزويني، فقال: كان علم الزهاد والصالحين،
وإمام الأتقياء الورعين، له كرامات ظاهرة معروفة يتداولها الناس، لم
يزل يقرىء ويحدث إلى أن مات.
وقال أبو صالح المؤذن في معجمه: أبو الحسن القزويني الشافعي المشار
إليه في زمانه ببغداد في الزهد والورع وكثر القراءة، ومعرفة الفقه
والحديث، تلا على أبي حفص الكتاني، وقرأ القراءات، ولم يكن يعطي من
يقرأ عليه إسناداً بها.
وقال هبة الله بن المجلي في كتاب مناقب القزويني: كان يعني كلمة إجماع
في الخير، وممن جمعت له القلوب، فحدثني أحمد بن محمد الأمين قال: كتبت
عنه مجالس أملاها في مسجده، وكان أي جزء وقع بيده، خرج منه عن شيخ واحد
جميع المجلس، ويقول: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفى. وكان
أكثر أصوله بخطه. وسمعت عبد الله بن سبعون القيرواني يقول: القزويني
ثقة ثبت، ما رأيت أعقل منه. وقيل: إن أبا الحسن علق تعليقة عن أبي
القاسم الداركي، وله تعليق في النحو عن ابن جني، سمعت أبا العباس
المؤدب وغيره يقولان: إن القزويني سمع الشاة تذكر الله تعالى. وحدثني
هبة الله بن أحمد الكاتب أنه زار قبر ابن القزويني، ففتح ختمةً هناك،
وتفاءل للشيخ، فطلع أول ذلك، "وَجِيْهاً في الدُّنْيا والآخِرَةِ ومِنَ
المُقرَّبِيْن" آل عمران. وروي عن أقضى القضاة الماوردي قال: صليت خلف
أبي الحسن القزويني، فرأيت عليه قميصاً نقياً مطرزاً، فقلت في نفسي:
أين الطرز من الزهد ؟ فلما سلم، قال: سبحان الله ! الطرز لا ينقض حكم
الزهد.
وذكر محمد بن حسين القزاز قال: كان ببغداد زاهد خشن العيش، وكان يبلغه
أن ابن القزويني يأكل الطيب، ويلبس الرقيق، فقال: سبحان الله ! رجل
مجمع على زهده وهذا حاله ! أشتهي أن أراه. فجاء إلى الحربية، فرآه،
فقال الشيخ: سبحان الله ! رجل يومأ إليه بالزهد، يعارض الله في أفعاله،
وما هنا محرم ولا منكر. فشهق ذلك الرجل، وبكى.
وقال أبو نصر بن الصباغ الفقيه: حضرت عند ابن القزويني، فدخل عليه أبو
بكر بن الرحبي، فقال: أيها الشيخ ! أي شيء أمرتني نفسي أخالفها ؟ قال:
إن كنت مريداً، فنعم، وإن كنت عارفاً، فلا. فانصرفت، وأنا مفكر، وكأنني
لم أصوبه، فرأيت ليلتي كأن من يقول لي وقد هالني أمر: هذا بسبب ابن
القزويني. وحدثني أبو القاسم عبد السميع الهاشمي، عن عبد العزيز
الصحراوي الزاهد قال: كنت أقرأ على القزويني، فجاء رجل مغطى الوجه،
فوثب الشيخ إليه، وصافحه، وجلس بين يديه ساعةً، فسألت صاحبي: من هذا ؟
قال: تعرفه ؟ هذا أمير المؤمنين القادر بالله.
وحدثنا أحمد بن محمد الأمين قال: رأيت الملك أبا كاليجار قائماً يشير
إليه أبو الحسن بالجلوس، فلا يفعل.
وحدثني علي بن محمد الطراح الوكيل قال: رأيت الملك أبا طاهر بن بويه
قائماً بين يدي الشيخ أبي الحسن يومىء بالجلوس، فيأبى.
ثم سرد له ابن المجلي كرامات منها شهوده عرفة وهو ببغداد، ومنها ذهابه
إلى مكة، فطاف، ورجع من ليلته.
أخبرنا أبو علي بن الخلال، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا السلفي: سمعت
جعفراً السراج يقول: رأيت على أبي الحسن القزويني ثوباً رقيقاً، فخطر
لي: كيف مثله في زهده يلبس هذا ؟ فنظر في الحال إلي، وقال: "قُلْ مَنْ
حَرَّمَ زِيْنَةَ اللّهِ أخْرَجَ لِعِبَادِهِ" الأعراف وحضرت عنده
يوماً للسماع إلى أن وصلت الشمس إلينا، وتأذينا بحرها، فقلت في نفسي:
لو تحول الشيخ إلى الظل. فقال في الحال: "قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ
حَرَّاً" التوبة.
ومات مع القزويني في سنة 442 أبو الحسين أحمد بن علي التوزي، وشيخ
العربية أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني؛ صاحب ابن جني، والواعظ أبو
طاهر محمد بن علي بن محمد العلاف، وأبو القاسم عبد العزيز بن أحمد بن
فاذويه.
الشيخ
الأمين الجليل، مسند الديار المصرية، أبو القاسم، علي بن محمد بن علي
بن أحمد بن عيسى، الفارسي، ثم المصري.
شيخ معمر عالي الرواية، مكثر عن أبي أحمد بن الناصح المفسر، والقاضي
أبي الطاهر الذهلي، وأبي الحسن محمد بن عبد الله بن حيويه، والحسن بن
رشيق، وعلي بن عبد الله بن العباس البغدادي، وطائفة.
حدث عنه: سهل بن بشر الإسفراييني ثم الدمشقي، وأبو صادق مرشد ابن يحيى
المديني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وآخرون.
قال الرازي في مشيخته: سمعت عليه ستين جزءاً أو أزيد. توفي في شوال سنة
ثلاث وأربعين وأربع مئة.
قلت: كان من أبناء التسعين.
أخبرنا أحمد بن نصير المفيد، أخبرنا رواج، أخبرنا عبد الواحد بن عسكر
المخزومي، أخبرنا مرشد بن يحيى المديني في ربيع الآخر سنة خمس عشرة
وخمس مئة، أخبرنا علي بن محمد بن علي الفسوي سنة 441 أخبرنا الحسن بن
رشيق، حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد الوكيعي، حدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة، حدثنا شريك، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: من لم يصل فلا دين
له.
ومات فيها أبو علي الحسن بن علي بن محمد الشاموخي بالبصرة، ومسند
أصبهان أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي الذكواني، والمسند
محمد بن عبد السلام بن سعدان بدمشق، والمحدث أبو الحسن محمد بن علي بن
محمد بن صخر الأزدي.
المحدث المسند، أبو عبد الله؛ محمد بن عبد الله بن سعيد بن عابد،
المعافري القرطبي.
حج، وسمع وحدث عن: أبي بكر المهندس، وأبي محمد بن أبي زيد، وأبي عبد
الله بن مفرج، وعباس بن أصبغ، وخلف بن القاسم، وعدة.
قالوا: وكان ثقةً معنياً بالآثار، خيراً صالحاً، متواضعاً، دعي إلى
الشورى، فأبى. روى عنه: أبو مروان الطبني: وأبو محمد عبد الرحمن بن
محمد بن عتاب، وأبوه محمد، ومحمد بن الفرج الطلاعي، وآخرون. وقيل: بل
رواية أبي محمد عنه إجازة، والمغاربة يتسمحون في إطلاق ذلك.
توفي في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وأربع مئة وله بضع وثمانون سنة.
ومات معه فيها المحدث علي بن منير بن أحمد الخلال الشاهد بمصر، والمحدث
العالم أبو الفرج الحسين بن علي الطناجيري ببغداد، ومشرف الجامع أبو
علي الحسن بن علي بن شواش الكناني بدمشق.
القاضي العلامة، أبو عبد الله؛ الحسين بن علي بن محمد، الصيمري الحنفي.
روى عن: هلال بن محمد، والمفيد، وابن شاهين والحربي، وطبقتهم.
وعنه: الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، والقاضي أبو عبد الله الدامغاني،
وآخرون.
وكان من كبار الفقهاء المناظرين، صدوقاً، وافر العقل.
قال الخطيب: قال لي: سمعت من الدارقطني أجزاء من سننه، وانقطعت لكونه
لين أبا يوسف، وليتني لم أفعل، أيش ضر أبا الحسن انصرافي ؟.
قال الخطيب: مات في شوال سنة ست وثلاثين وأربع مئة عن إحدى وثمانين
سنة.
شيخ
الشافعية، أبو محمد؛ عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف ابن محمد بن
حيويه، الطائي السنبسي كذا نسبه الملك المؤيد الجويني والد إمام
الحرمين.
كان فقيهاً مدققاً محققاً، نحوياً مفسراً.
تفقه بنيسابور على أبي الطيب الصعلوكي، وبمرو على أبي بكر القفال، وسمع
من أبي نعيم الإسفراييني، وابن محمش، وببغداد من أبي الحسين بن بشران،
وطائفة.
روى عنه: ابنه أبو المعالي، وعلي بن أحمد بن الأخرم، وسهل بن إبراهيم
المسجدي.
قال أبو عثمان الصابوني: لو كان الشيخ أبو محمد في بني إسرائيل، لنقلت
إلينا شمائله، وافتخروا به.
قال ابن الأخرم: سمعت أبا محمد يقول: أنا من سنبس؛ قبيلة من العرب.
وقال أبو صالح المؤذن: غسلت أبا محمد، فلما لففته في الكفن، رأيت يده
اليمنى إلى الإبط منيرة كلون القمر، فتحيرت، وقلت: هذه بركات فتاويه.
قلت: رجع من عند القفال، وتصدر للإفادة والفتوى سنة سبع وأربع مئة،
وكان مجتهداً في العبادة، مهيباً بين التلامذة، صاحب جد ووقار وسكينة،
تخرج به ابنه.
وله من التواليف كتاب التبصرة في الفقه، وكتاب التذكرة، وكتاب التفسير
الكبير، وكتاب التعليقة.
توفي في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وأربع مئة، وهو صاحب وجه في
المذهب، وكان يرى تكفير من تعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيها توفي شيخ القراء أبو علي الحسن بن محمد البغدادي بمصر، وأبو أحمد
محمد بن علي بن سيويه المؤدب، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد
التبان، وآخرون.
المحدث الحجة، أبو الفرج، الحسين بن علي بن عبيد الله، البغدادي،
الطناجيري.
ولد سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
وكتب عن القطيعي مجالس، وضاعت منه.
وسمع من علي بن عبد الرحمن البكائي، ومحمد بن المظفر، ومحمد بن مروان،
وأبي بكر بن شاذان، وخلق كثير.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقةً ديناً، توفي في سلخ ذي القعدة سنة
تسع وثلاثين وأربع مئة.
الشيخ
الصدوق، أبو الحسن؛ علي بن منير بن أحمد، الخلال المصري الشاهد.
حدث عن: أبي أحمد بن الناصح، والقاضي أبي الطاهر الذهلي، وجماعة.
روى عنه: القاضي الخلعي، وسهل بن بشر الإسفراييني، وسعد بن علي
الزنجاني، وآخرون.
قال السلفي: سمعت عبد الرحمن بن صابر، سمعت سهل بن بشر يقول: اجتمعنا
بمصر، فلم يأذن لنا علي بن منير، وصاح عبد العزيز في كوة: من سئل عن
علم فكتمه، ألجم بلجام من نار. ففتح لنا، وقال: لا أحدث إلا بذهب. ولم
يأخذ من الغرباء. وكان ثقةً فقيراً.
قلت: توفي في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربع مئة.
أبو
الفرج؛ محمد بن جعفر بن محمد بن العباس بن فسانجس الملقب بذي السعادات.
وزر ببغداد للسلطان أبي كاليجار ثلاث سنين، وكان ذا أدب غزير وباع في
اللغة، وترسل باهر، وخط فائق.
وكان جده من الوزراء، ولهم نسب إلى بهرام جور، وكان يرجع إلى دين
ومروءة.
توفي معتقلاً في رمضان سنة أربعين وأربع مئة عن نيف وخمسين سنة.
الأمير الأوحد، نائب دمشق للمصريين، ناصر الدولة وسيفها، أبو محمد؛
الحسن بن الحسين بن الحسن بن عبد الله بن حمدان، التغلبي.
ولي دمشق بعد أمير الجيوش الدزبري، سنة ثلاث وثلاثين، فبقي إلى أن قبض
عليه في سنة أربعين وأربع مئة. ثم ولي بعده طارق الصقلبي.
وهو والد الأمير ناصر الدولة حسين؛ الذي أذل المستنصر بمصر، وقهره،
وجرت له سيرة إلى أن قتل بعد الستين وأربع مئة.
الأمير أبو محمد؛ الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد،
الهاشمي العباسي.
سمع من مؤدبه أحمد بن منصور اليشكري، ومن أبي الأزهر عبد الوهاب
الكاتب.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ديناً، حافظاً لأخبار الخلفاء، عارفاً
بأيام الناس، فاضلاً.
توفي في شعبان سنة أربعين وأربع مئة وله سبع وتسعون سنة.
قلت: غسله أبو الحسين ابن المهتدي بالله، وآخر من حدث عنه أبو القاسم
بن الحصين.
القدوة الزاهد، شيخ خراسان، أبو سعيد؛ فضل بن أبي الخير محمد ابن أحمد،
الميهني الصوفي.
حدث عن: زاهر بن أحمد السرخسي.
روى عنه: الحسن بن أبي طاهر الختلي، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي،
وآخرون.
توفي بقريته ميهنه سنة أربعين وأربع مئة، وله تسع وسبعون سنة، وله
أحوال ومناقب، ووقع في النفوس وتأله وجلالة.
الشيخ
الصدوق، أبو منصور؛ محمد بن محمد بن عثمان، البغدادي، ابن السواق.
سمع القطيعي، وابن ماسي، ومخلد الباقرحي، وعلي بن لؤلؤ.
وثقه الخطيب، وروى عنه هو، وثابت بن بندار، وأخوه أبو ياسر، وابن
الطيوري، وآخرون.
توفي في آخر يوم من سنة أربعين وأربع مئة عن ثمانين سنة.
مفتي
المغرب، أبو القاسم بن محمد، الحضرمي المالكي اللبيدي ولبيدة من قرى
إفريقية .
صحب القدوة أبا إسحاق الجبنياني ولازمه.
روى عنه: ابن سعدون، وغيره.
وكان من العلماء الأبرار، كبير الشأن، رفيع الذكر، عابداً مخلصاً
متفنناً، شاعراً مفلقاً.
له كتاب كبير في المذهب في بضعة عشر مجلداً، وكتاب في بسط مسائل
المدونة، وكتاب زيادات الأمهات ونادر الروايات ومؤلف في سيرة شيخه
الجبنياني.
توفي سنة أربعين وأربع مئة. ذكره القاضي عياض.
الإمام المحدث الحافظ الواعظ، أبو حاتم؛ أحمد بن الحسن بن محمد، الرازي
البزاز أبوهن الملقب بخاموش. له رحلة ومعرفة وشهرة.
سمع من: أبي عبد الله بن مندة، ومن فاتك بن عبد الله، وطائفة بأصبهان،
ومن أبي أحمد الفرضي، وطبقته ببغداد، ومن إسماعيل بن الحسن بصرصر، ومن
علي بن محمد بن يعقوب الرازي بالري، ومن أحمد بن محمد بن سليمان، وغيره
بنيسابور. وكان شيخ أهل الري في زمانه.
روى عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل، وجماعة.
وله ترجمة في تاريخ يحيى بن مندة مختصرة، وقال: سمع منه جماعة من بلدان
شتى.
أنبؤونا عن محمد بن إسماعيل، عن يحيى بن أبي عمرو، أخبرنا أبو بكر بن
الحسين بن أحمد بن جعفر التويي بهمذان، أخبرنا أبو حاتم بالري، في ذي
الحجة، سنة تسع وثلاثين وأربع مئة، حدثنا فاتك مولى ابن هارون، حدثنا
عبد بن جعفر بن أحمد بن فارس، حدثنا يونس بن حبيب. فذكر حديثاً.
وبه إلى أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمران القطيعي ببغداد، حدثنا محمد بن
مخلد العطار. فذكر حديثاً.
قال أبو حاتم خاموش في عقب حديث: كتب عني هذا الحديث أبو نعيم بأصبهان.
ويروي أيضاً عن أبي محمد المخلدي، وعبد الله بن الحسين القطان، والفقيه
أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي، والحسين بن محمد المهلبي.
روى عنه: أبو منصور حجر بن مظفر، والشريف يحيى بن حسين.
وحكاية شيخ الإسلام معه مشهورة لما قبض عليه بعض الجفاة، وحمله إلى أبي
حاتم، وقال: إن هذا ذكر له مذهباً ما سمعت به، قال: هو حنبلي. فقال:
دعه ويلك ! من لم يكن حنبلياً، فليس بمسلم. أخبرنا محمد بن قايماز،
وفاطمة بنت جوهر، قالا: أخبرنا الحسين ابن المبارك، أخبرنا أبو الفتوح
الطائي، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن الحسين التويي الفقيه، أخبرنا أبو
حاتم أحمد بن الحسن الرازي، حدثنا ابن مندة، حدثنا أبو حامد أحمد بن
محمد بن يحيى النيسابوري، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، حدثنا يزيد بن
هارون، عن داود بن أبي هند، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله فرض فرائض، فلا تضيعوها، وحد
حدوداً، فلا تعتدوها، وحرم أشياء، فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمةً
لكم من غير نسيان، فلا تبحثوا عنها.
ابن
علي، الشيخ المعمر، أبو الحسن، التميمي المصري البزاز.
كان من الرواة المكثرين عن الحسن بن رشيق.
أجاز لأبي عبد الله بن الحطاب الرازي مروياته في سنة تسع وثلاثين وأربع
مئة، وقال: هذا ثبت ما عندي عنه بالسماع: نسخة سعيد بن أبي مريم، عن
يحيى بن أيوب جزء كبير رواه ابن رشيق، عن أحمد بن حماد التجيبي ابن
زغبة عنه. نسخة إبراهيم بن سعد رواية ابن رشيق، عن ابن أبي السوار، عن
أبي صالح، عنه. الجزء الثاني من مسند مالك للنسائي رواية ابن رشيق عنه.
والثالث منه، والجزء الرابع انتخاب الدارقطني على ابن رشيق. كتاب
الطلاق من السنن للنسائي. الفرائض من الموطأ رواية يحيى بن بكير، عن
مالك.
توفي ابن ربيعة في صفر سنة أربعين وأربع مئة. وصلى عليه أبو العباس بن
هاشم المقرىء.
الإمام الحافظ البارع الأوحد الحجة، أبو عبد الله؛ محمد بن علي ابن عبد
الله بن محمد بن رحيم، الشامي الساحلي الصوري، أحد الأعلام.
ولد فيما ذكره سنة ست أو سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
وسمع محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، ومحمد بن عبد الصمد الزرافي، وأبا
عبد الله بن أبي كامل الأطرابلسي، وعبد الغني بن سعيد المصري، ومحمد بن
جعفر الكلاعي، وأبا نصر عبد الله بن محمد بن بندار، وعبد الرحمن بن عمر
بن النحاس. وصحب الحافظ عبد الغني، وتخرج به، ثم قدم بغداد، ولحق بها
البقايا، فسمع من أبي الحسن بن مخلد جزء ابن عرفة، ومن أحمد بن طلحة
المنقي، وأبي علي بن شاذان، وأبي بكر البرقاني، وعثمان بن دوست، وخلق،
فأكثر.
حدث عنه: شيخه الحافظ عبد الغني، وأبو بكر الخطيب، والقاضي أبو عبد
الله الدامغاني، وجعفر بن أحمد السراج، وأبو القاسم بن بيان الرزاز،
وسعد الله بن صاعد الرحبي، والمبارك بن عبد الجبار الصيرفين وآخرون.
وآخر من روى عنه بالإجازة أبو سعد بن الطيوري.
قال الخطيب: كان الصوري من أحرص الناس على الحديث، وأكثرهم كتباً له،
وأحسنهم معرفةً به، لم يقدم علينا أحد أفهم منه لعلم الحديث، وكان دقيق
الخط، صحيح النقل. حدثني أنه كان يكتب في الوجهة من ثمن الكاغد
الخراساني ثمانين سطراً، وكان مع كثرة طلبه صعب المذهب في الأخذ؛ ربما
كرر قراءة الحديث الواحد على شيخه مرات. وكان رحمه الله يسرد الصوم إلا
الأعياد، ولم يزل ببغداد حتى توفي بها. وذكر لي أن شيخه الحافظ عبد
الغني كتب عنه أشياء في تصانيفه، وصرح باسمه في بعضها؛ ومرةً يقول:
حدثني الورد بن علي.
قال الخطيب: كان الصوري صدوقاً، كتب عني، وكتبت عنه.
وقال القاضي أبو الوليد الباجي: الصوري أحفظ من رأيناه.
وقال غيث بن علي الأرمنازي: رأيت جماعةً من أهل العلم يقولون: ما رأينا
أحفظ من الصوري.
وقال عبد المحسن الشيحي التاجر: ما رأيت مثل الصوري ! كان كأنه شعلة
نار، بلسان كالحسام القاطع.
قال أبو طاهر السلفي: كتب الصوري صحيح البخاري في سبعة أطباق من الورق
البغدادي، ولم يكن له سوى عين واحدة. قال: وذكر أبو الوليد الباجي في
كتاب فرق الفقهاء له: حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الوراق وكان ثقةً
متقناً أنه شاهد أبا عبد الله الصوري، وكان فيه حسن خلق ومزاح وضحك، لم
يكن وراء ذلك إلا الخير والدين، ولكنه كان شيئاً جبل عليه، ولم يكن في
ذلك بالخارق للعادة، فقرأ يوماً جزءاً على أبي العباس الرازي، وعن له
أمر ضحكه، وكان بالحضرة جماعة من أهل بلده، فأنكروا عليه، وقالوا: هذا
لا يصلح، ولا يليق بعلمك وتقدمك أن تقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم
وأنت تضحك. وكثروا عليه، وقالوا: شيوخ بلدنا لا يرضون بهذا. فقال: ما
في بلدكم شيخ إلا يجب أن يقعد بين يدي، ويقتدي بي، ودليل ذلك أني قد
صرت معكم على غير موعد، فانظروا إلى أي حديث شئتم من حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم، اقرؤوا إسناده لأقرأ متنه، أو اقرؤوا متنه حتى
أخبركم بإسناده. ثم قال الباجي: لزمت الصوري ثلاثة أعوام، فما رأيته
تعرض لفتوى.
قال أبو الحسين بن الطيوري: كتبت عن عدة، فما رأيت فيهم أحفظ من الصوري
!؛ كان يكتب بفرد عين، وكان متفنناً يعرف من كل علم، وقوله حجة، وعنه
أخذ الخطيب علم الحديث.
قلت: كان من أئمة السنة، وله شعر رائق.
أخبرنا علي بن أحمد العلوي: أخبرنا علي بن جبارة، أخبرنا أبو طاهر
السلفي، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، أخبرنا محمد بن علي الصوري
الحافظ، أخبرنا أبو محمد بن النحاس، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد
الحراني، حدثنا هاشم بن مرثد، حدثنا المعافى؛ هو ابن سليمان، حدثنا
موسى بن أعين، عن عبد الله، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: تجوزوا في الصلاة، فإن خلفكم الضعيف
والكبير وذا الحاجة.
هذا حديث صحيح، وعبد الله هو بشر الرقي.
أخبرنا محمد بن علي السلمي، ومحمد بن علي ابن الواسطي قالا: أخبرنا عبد
الرحمن بن إبراهيم، أخبرنا أحمد بن الحسن بن سلامة المنبجي، أخبرنا علي
بن بيان، أخبرنا محمد بن علي، أخبرنا عبد الرحمن ابن عمر، أخبرنا أحمد
بن سلمة الهلالي، حدثنا المقدام بن داود، حدثنا أبو زرعة؛ عبد الأحد بن
الليث، عن عثمان بن الحكم الجذامي، حدثنا يونس، عن ابن شهاب، حدثني
عروة، عن عائشة قالت: أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من
الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق
الصبح.
أنشدنا أبو الحسن الحافظ: أخبرنا جعفر السلفي، أخبرنا ابن الطيوري،
أنشدنا الصوري لنفسه:
قل لمن عاند الحديث وأضحى |
|
عاثباً أهلـه ومـن يدّعـيه |
أبعلمٍ تقول هـذا أبـن لـي |
|
أم بجهلٍ فالجهل خلق السّفيه |
أيعاب الذين هم حفظوا الدّي |
|
ن من التّرّهات والتّـمـويه |
وإلى قولهم ومـا قـد رووه |
|
راجعٌ كلّ عالـمٍ وفـقـيه |
قال الخطيب: مات الصوري في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وأربع مئة.
السلطان صاحب العراق، أبو كاليجار؛ مرزبان بن سلطان الدولة بن بهاء
الدولة بن عضد الدولة ابن بويه.
تملك بعد ابن عمه جلال الدولة، فكانت أيامه خمس سنين، وجرت له خطوب
وحروب، وعاش نيفاً وأربعين سنة، وقهر ابن عمه الملك العزيز، ومات سنة
أربعين وأربع مئة بكرمان، وملكوا بعده ابنه الملك الرحيم أبا نصر، وولت
دولة بني بويه، وقامت دولة بني سلجوق.
الملك
العزيز، أبو منصور بن الملك جلال الدولة أبي طاهر بن بهاء الدولة بن
عضد الدولة؛ من بقايا ملوك بني بويه.
كان بارع الأدب، مليح النظم، وهو أول من لقب بألقاب ملوك زماننا، وكانت
دولته محلولةً، قهره أبو كاليجار كما ذكرنا، وبقي في ملك مزلزل سبعة
أعوام، واتفق موته بظاهر ميافارقين سنة إحدى وأربعين وأربع مئة، واسمه
خسرو فيروز بن فيروز بن خره فيروز بن فناخسرو بن حسن بن بويه.
وكان مولده بالبصرة سنة سبع وأربع مئة.
عمل إمرة واسط لأبيه، وبرع في الأدب والأخبار، وأكب على اللهو والخلاعة
نسأل الله العافية .
وهو القائل:
من ملّني فلينأ عـنّـي راشـداً |
|
فمتى عرضت له فلست براشد |
ما ضاقت الدّنيا عليّ بأسرهـا |
|
حتّى تراني راغباً في زاهـد |
ولما مات أبوه الجلال، فارق العزيز واسطاً، وأقام عند أمير العرب دبيس بن مزيد الأسدي، ثم توجه إلى ديار بكر منتجعاً للملوك، وقد تلاشى حاله، فمات في ربيع الأول بميافارقين من سنة إحدى وأربعين وأربع مئة.
ابن
مقلد بن المسيب بن رافع، الأمير؛ صاحب الموصل، أبو المنيع، معتمد
الدولة ابن صاحب الموصل حسام الدولة أبي حسان العقيلي.
تملك بعد موت أبيه في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، فطالت أيامه، واتسع
ملكه؛ فكان له الموصل والكوفة والمدائن وسقي الفرات.
وقد خطب في بلاده للحاكم العبيدي، ثم ترك، وأعاد الخطبة العباسية، فغضب
الحاكم، وجهز جيشاً لحربه، وأتوا، ونهبوا داره بالموصل، وأخذوا له مئتي
ألف دينار، فاستنجد بدبيس الأسدي، فانتصر.
وكان أديباً شاعراً، جواداً ممدحاً، نهاباً وهاباً، فيه جاهلية وطبع
الأعراب، يقال: إنه جمع بين أختين، فلاموه، فقال: حدثوني ما الذي نعمل
بالشرع حتى تذكروا هذا ؟ وقال مرةً: ما في عنقي غير دم خمسة ستة من
العرب، فأما الحاضرة، فما يعبأ الله بهم.
ثم إنه وقع بينه وبين ابن أخيه بركة، فظفر به بركة، وحبسه، وتملك،
وتلقب زعيم الدولة، في سنة إحدى وأربعين وأربع مئة، فلم تطل دولة بركة،
ومات في آخر سنة ثلاث، فقام بعده الملك أبو المعالي قريش بن بدران بن
مقلد، فأخرج عمه، وذبحه صبراً في رجب سنة أربع وأربعين. وقيل: بل مات
موتاً.
وتمكن قريش، ونهض مع البساسيري، ونهب دار الخلافة، وكان هلاكه بالطاعون
في سنة ثلاث وخمسين كهلاً، فتملك بعده ابنه شرف الدولة مسلم بن قريش،
فعظم سلطانه، واستولى على الجزيرة وحلب، وحاصر دمشق، وكاد أن يأخذها،
وأخذ الإتاوة من بلاد الروم، وخرج عليه أهل حران سنة ست وسبعين، فظفر
بهم، وقتل قاضيها، وكان محبباً إلى الرعية مهيباً، وكان يصرف جميع
الجزية إلى الطالبين، وأنشأ سور الموصل.
السلطان مودود بن السلطان بن محمود بن سبكتكين.
كان بطلاً شجاعاً. كانت دولته ثمانية أعوام.
ومات في رجب سنة إحدى وأربعين وأربع مئة وله تسع وعشرون سنة.
مات بغرنة، فأخرجوا عمه عبد الرشيد من السجن، وسلطنوه، ولقب سيف
الدولة.
الشيخ
الجليل الصدوق، مسند دمشق، أبو عبد الله؛ محمد بن عبد السلام بن عبد
الرحمن بن عبيد بن سعدان، الجذامي الزنباعي مولاهم، الدمشقي.
سمع جمح بن القاسم، وأبا علي الحسن بن منير، وأبا عمر بن فضالة، ومحمد
بن سليمان الربعي، وأبا سليمان بن زبر، والقاضي يوسف ابن القاسم
الميانجي، وطائفة.
حدث عنه: عبد العزيز الكتاني، وابن أبي العلاء الفقيه، وأبو الفتح نصر
بن إبراهيم المقدسي، وسهل بن بشر، ونجا العطار، وأبو طاهر محمد ابن
الحسين الحنائي، وأبو الحسن بن الموازيني، وآخرون.
وروى عنه: عبد الكريم بن حمزة السلمي، وذلك وهم، ولعله له منه إجازة.
قال الكتاني: عنده ستة أجزاء أو نحوها. توفي يوم عرفة سنة ثلاث وأربعين
وأربع مئة، رحمه الله.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمذاني، أخبرنا أبو طاهر السلفي،
وأخبرنا محمد بن أبي العز، أخبرنا محمد بن هبة الله الفارسي، أخبرنا
أبو البركات الخضر بن شبل، وإبراهيم بن الحسن الحصني قالوا: أخبرنا أبو
طاهر محمد بن الحسين، وعلي بن الحسن ابن الموازيني قالا: أخبرنا محمد
بن عبد السلام بن سعدان، أخبرنا أبو عمر بن فضالة، حدثنا الحسن بن
الفرج الغزي، حدثنا يوسف بن عدي، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن سعيد
بن جبير، عن ابن عمر قال: كنت أبيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب، فأتيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته فقال: إذا بايعت صاحبك، فلا
تفارقه وبينك وبينه شيء.
هذا حديث حسن غريب، خرجوا نحواً منه في السنن من طريق سماك.
الإمام المحدث الثقة العالم الفقيه، مسند الكوفة أبو عبد الله؛ محمد
ابن علي بن الحسن بن عبد الرحمن، العلوي الكوفي.
انتقى عليه الحافظ أبو عبد الله الصوري، وغيره.
حدث عن: علي بن عبد الرحمن البكائي، وأبي الفضل محمد بن الحسن بن حطيط،
ومحمد بن زيد بن مروان، وأبي الطيب محمد بن الحسين التيملي، وأبي
المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، ومحمد بن علي بن أبي الجراح، وعدة.
وببغداد من: أبي حفص الكتاني، وأبي طاهر المخلص. حدث عنه: أبو منصور
أحمد بن عبد الله العلوي، ومحمد بن عبد الوهاب الشعيري، وأبو الحارث
علي بن محمد الجابري، وعلي بن قطر الهمداني، وعلي بن علي بن الرطاب،
وعبد المنعم بن يحيى بن هقل، وأبو الغنائم محمد بن علي النرسي؛
الكوفيون شيوخ السلفي، وآخر من روى عنه بالإجازة عمر بن إبراهيم الزيدي
النحوي.
قال ابن النرسي: مات بالكوفة في ربيع الأول، سنة خمس وأربعين وأربع
مئة.
قال: ومولده في رجب سنة سبع وستين وثلاث مئة، ما رأيت من كان يفهم فقه
الحديث مثله.
قال: وكان حافظاً، خرج عنه الحافظ الصوري وأفاد عنه، وكان يفتخر به.
العدل
الأمين، أبو الحسن؛ محمد بن إسحاق بن فدويه، الكوفي، صاحب البكائي.
أثنى عليه الصوري.
وقال الخطيب: كان ثقةً، ذا وقار.
قلت: روى عنه: أبو الغنائم النرسي.
توفي سنة خمس مع العلوي.
القاضي الإمام المحدث الثقة، أبو الحسن؛ محمد بن علي بن محمد بن صخر،
الأزدي البصري، صاحب المجالس المعروفة، وغير ذلك.
حدث بمصر والحجاز واليمن وانتقى عليه الحافظ أبو نصر السجزي.
حدث عن: أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان السقطي؛ صاحب عبد الله بن أحمد
بن الدورقي، وفهد بن إبراهيم بن فهد الساجي، ويوسف ابن يعقوب النجيرمي،
وأبي العباس أحمد بن عبد الرحمن الخاركي، والحافظ أبي محمد الحسن بن
علي ابن غلام الزهري، وأبي أحمد محمد ابن محمد بن مكي الجرجاني، وأبي
الحسن علي بن أحمد بن عبد الرحمن الأصبهاني الغزال، وأبي الطيب عبد
الرحمن بن محمد المقرىء؛ صاحب أبي خليفة، وأحمد بن علي بن موسى
الكرابيسي، وعمر بن محمد ابن سيف، وأحمد بن محمد بن أبي غسان، وعدة.
وتفرد في وقته.
حدث عنه: جعفر بن يحيى الحكاك، وعبد العزيز بن عبد الوهاب القروي، وأبو
خلف عبد الرحيم بن محمد الآملي، ومطهر بن علي الميبذي، والقاضي أبو زيد
عبد الرحمن بن عيسى القرطبي؛ جد أبي بكر الطرطوشي للأم، وأبو الوليد
الباجي، وإسماعيل بن الحسن العلوي، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وخلق.
وآخر من روى عنه بالإجازة مرشد بن يحيى المديني.
وقد روى أبو بكر البيهقي في الطلاق من سننة، فقال: أخبرنا الحسن بن
أحمد السمرقندي، أخبرنا ابن صخر في كتابه من مكة. فذكر حديثاً.
قال أبو إسحاق الحبال: توفي ابن صخر بزبيد في جمادى الآخرة، سنة ثلاث
وأربعين وأربع مئة.
الإمام المحدث الثقة، بقية المسندين، أبو طاهر؛ محمد بن أحمد ابن محمد
بن عبد الرحيم، الأصبهاني الكاتب.
حدث عن: أبي الشيخ بشيء كثير، وعن أبي بكر القباب، وأبي بكر ابن
المقرىء، وارتحل إلى الدارقطني، فأخذ عنه سننه، وأتقن نسخته، وأخذ عن
عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، وعمر بن شاهين، وهذه الطبقة.
حدث عنه: أبو نصر أحمد بن الحسين الشيرازي، وعبد الغفار بن نصرويه،
وأبو زكريا بن مندة، وأبو الرجاء محمد بن أبي زيد أحمد الجركاني، وأبو
منصور أحمد بن محمد بن إدريس الكرماني، وأبو الطيب حبيب بن أبي مسلم
الطهراني، وأبو الفتح رجاء بن إبراهيم الخباز، وأبو الفتح سعيد بن
إبراهيم الصفار، وهبة الله بن الحسن الأبرقوهي، وعبد الغفار بن محمد
الشيرويي، وإسماعيل بن الفضل الإخشيذ، ومحمد بن عبد الله الساجي، وأبو
الوفاء محمد بن محمد المديني، وأحمد بن محمد ابن براذجة، والقاضي
إبراهيم بن الحسن الديلمي، وجوامرد الأرمني، وحمزة بن العباس العلوي،
وسين بن حمد التاني، وخلق كثير من مشيخة السلفي، وأبي موسى المديني،
خاتمتهم أبو بكر محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني.
مولده في أول سنة ثلاث وستين، وسماعه في صفر سنة ثمان وستين.
قال يحيى بن مندة: ثقة.
وقال عبد الغافر النخشبي: لم يحدث في وقته أوثق منه، وأكثر حديثاً،
صاحب الأصول الصحاح، مات في حادي عشر ربيع الآخر، سنة خمس وأربعين
وأربع مئة.
الإمام العالم، مسند العراق، أبو علي؛ الحسن بن علي بن محمد ابن علي بن
أحمد بن وهب، التميمي البغدادي الواعظ، ابن المذهب.
مولده في سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
سمع من: أبي بكر القطيعي المسند، والزهد، وفضائل الصحابة، وغير ذلك.
وسمع من: أبي محمد بن ماسي، وأبي سعيد الحرفي، وأبي الحسن بن لؤلؤ
الوراق، وأبي بكر بن شاذان، وطائفة كثيرة. وكان صاحب حديث وطلب، وغيره
أقوى منه، وأمثل منه.
حدث عنه: الخطيب، وابن خيرون، وابن ماكولا، والحسين ابن الطيوري، وعلي
بن بكر بن حيد، وعلي بن عبد الوهاب الهاشمي الخطيب، ومحمد بن مكي بن
دوست، وأبو طالب عبد القادر بن محمد، وابن عمه أبو طاهر عبد الرحمن بن
أحمد اليوسفي، وأبو غالب عبيد الله بن عبد الملك الشهرزوري، وأبو
المعالي أحمد بن محمد بن البخاري، وأبو القاسم هبة الله بن محمد بن
الحصين، وآخرون.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان يروي عن القطيعي مسند أحمد بأسره، وكان
سماعه صحيحاً إلا في أجزاء منه، فإنه ألحق اسمه، وكان يروي الزهد
لأحمد، ولم يكن له به أصل، إنما كانت النسخة بخطه، وليس هو محل الحجة.
حدث عن أبي سعيد الحرفي، وابن مالك، عن أبي شعيب الحراني، حدثنا يحيى
البابلتي، حدثنا الأوزاعي، حدثنا هارون بن رياب قال: من تبرأ من نسب
لدقته أو ادعاه، فهو كفر.
قال الخطيب: وجميع ما عنده عن ابن مالك للبابلتي جزء ليس هذا فيه، وكان
كثيراً يعرض علي أحاديث، في أسانيدها أسماء قوم غير منسوبين، ويسألني
عنهم، فأنسبهم له، فيلحق ذلك في تلك الأحاديث موصولةً بالأسماء،
فأنهاه، فلا ينتهي.
قال أبو بكر بن نقطة: ليت الخطيب نبه في أي مسند تلك الأجزاء التي
استثنى، ولو فعل، لأتى بالفائدة، وقد ذكرنا أن مسندي فضالة بن عبيد،
وعوف بن مالك، لم يكونا في نسخة ابن المذهب، وكذلك أحاديث من مسند جابر
لم توجد في نسخته، رواها الحراني عن القطيعي، ولو كان ممن يلحق اسمه
كما قيل، لألحق ما ذكرناه أيضاً، والعجب من الخطيب يرد قوله بفعله، فقد
روى عنه من الزهد لأحمد في مصنفاته.
أخبرنا الحسن بن علي: أخبرنا الهمداني، أخبرنا السلفي: سألت شجاعاً
الذهلي عن ابن المذهب، فقال: كان شيخاً عسراً في الرواية، سمع حديثاً
كثيراً، ولم يكن ممن يعتمد عليه في الرواية، فإنه خلط في شيء من سماعه.
ثم قال السلفي: كان متكلماً فيه.
قال أبو الفضل بن خيرون: مات ليلة الجمعة، تاسع عشرة ربيع الآخر، سنة
أربع وأربعين وأربع مئة، سمعت منه جميع ما عنده، وسمع ابن أخي منه
الزهد لأحمد.
وقد مر في ترجمة ابن غيلان أن الرشيدي استجاز أبا علي مسند الإمام
أحمد، فأبى أن يكتب له الإجازة إلا بعشرين ديناراً سامحه الله وأما قول
ابن نقطة: ولو كان ممن يلحق اسمه: لا شيء، فإن إلحاق اسمه من باب نقل
ما في بيته إلى النسخة، لا من قبيل الكذب في ادعاء السماع، وفي ذلك
نزاع، وما الرجل بمتهم.
الإمام الفقيه، شيخ الشافعية، أبو الفتح؛ ناصر بن الحسين بن محمد بن
علي، القرشي العمري المروزي الشافعي.
سمع أبا العباس السرخسي، وغيره بمرو، وأبا محمد المخلدي، وعبد الله بن
محمد بن عبد الوهاب الرازي، وجماعةً بنيسابور، وعبد الرحمن بن أبي شريح
الزاهد بهراة.
وتفقه على أبي بكر القفال، وعلى أبي الطيب الصعلوكي، وابن محمش
الزيادي.
وبرع في المذهب، ودرس في أيام مشايخه، وتفقه به أهل نيسابور، وكان مدار
الفتوى والمناظرة عليه.
أخذ عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو إسحاق الجيلي، ومسعود بن ناصر السجزي،
وأبو صالح المؤذن، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وآخرون. وأملى
مدةً. وصنف.
وكان خيراً متواضعاً فقيراً. متعففاً قانعاً باليسير، كبير القدر، رحمه
الله.
مات بنيسابور في ذي القعدة، سنة أربع وأربعين وأربع مئة.
ومات معه راوي المسند أبو علي، الحسن بن علي ابن المذهب، وأبو غانم
أحمد بن علي الكراعي المروزي، والحافظ أبو نصر عبيد الله ابن سعيد
السجزي، والحافظ عبد العزيز بن علي الأزجي، وقاضي الموصل أبو جعفر محمد
بن أحمد السمناني المتكلم، وعبد الله بن محمد بن مكي السواق المقرىء،
وشيخ القراء أبو عمرو الداني.
ابن
سليم، الإمام شيخ الإسلام، أبو الفتح، الرازي الشافعي.
ولد سنة نيف وستين وثلاث مئة.
وحدث عن: محمد بن عبد الملك الجعفي، ومحمد بن جعفر التميمي، والحافظ
أحمد بن محمد بن البصير الرازي، وحمد بن عبد الله، صاحبي ابن أبي حاتم،
وأحمد بن محمد بن الصلت المجبر، وأبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي، وأبي
أحمد الفرضي، والأستاذ أبي حامد الإسفراييني وتفقه به، وطائفة سواهم.
وسكن الشام مرابطاً، ناشراً للعلم احتساباً. حدث عنه: أبو بكر الخطيب،
وأبو محمد الكتاني، والفقيه نصر المقدسي، وأبو نصر الطريثيثي، وسهل بن
بشر الإسفراييني، وأبو القاسم النسيب، وآخرون.
قال النسيب: هو ثقة، فقيه، مقرىء محدث.
وقال سهل بن بشر: حدثنا سليم أنه كان في صغره بالري، وله نحو من عشر
سنين، فحضر بعض الشيوخ وهو يلقن قال: فقال لي: تقدم فاقرأ. فجهدت أن
أقرأ الفاتحة، فلم أقدر على ذلك لانغلاق لساني، فقال: لك والدة ؟ قلت:
نعم: قال: قل لها تدعو لك أن يرزقك الله قراءة القرآن والعلم. قلت:
نعم. فرجعت، فسألتها الدعاء، فدعت لي، ثم إني كبرت، ودخلت بغداد، قرأت
بها العربية والفقه، ثم عدت إلى الري، فبينا أنا في الجامع أقابل مختصر
المزني، وإذا الشيخ قد حضر وسلم علينا وهو لا يعرفني، فسمع مقابلتنا،
وهو لا يعلم ماذا نقول، ثم قال: متى يتعلم مثل هذا ؟. فأردت أن أقول:
إن كانت لك والدة، فقل لها تدعو لك. فاستحييت.
وقال أبو نصر الطريثيثي: سمعت سليماً يقول: علقت عن شيخنا أبي حامد
جميع التعليقة، وسمعت يقول: وضعت مني صور، ورفعت بغداد من أبي الحسن
ابن المحاملي. قال أبو القاسم ابن عساكر: بلغني أن سليماً تفقه بعد أن
جاز الأربعين. قال: وقرأت بخط غيث الأرمنازي: غرق سليم الفقيه في بحر
القلزم، عند ساحل جدة، بعد أن حج في صفر سنة سبع وأربعين وأربع مئة،
وقد نيف على الثمانين. قال: وكان فقيهاً مشاراً إليه، صنف الكثير في
الفقه وغيره، ودرس، وهو أول من نشر هذا العلم بصور، وانتفع به جماعة،
منهم الفقيه نصر، وحدثت عنه أنه كان يحاسب نفسه في الأنفاس، لا يدع
وقتاً يمضي بغير فائدة، إما ينسخ، أو يدرس، أو يقرأ. وحدثت عنه أنه كان
يحرك شفتيه إلى أن يقط القلم.
قلت: وله كتاب البسملة سمعناه، وكتاب غسل الرجلين، وله تفسير كبير
شهير، وغير ذلك، رحمه الله تعالى.
الشيخ
المسند، أبو عبد الله؛ محمد بن علي بن يحيى بن سلوان، المازني الدمشقي،
ابن القماح.
ليس عنده شيء سوى نسخة أبي مسهر وما معها. سمع ذلك من الفضل بن جعفر
التميمي.
حدث عنه: الخطيب، والكتاني، والفقيه نصر المقدسي، والحسن ابن أحمد بن
أبي الحديد، وسهل بن بشر الإسفراييني، ونجا بن أحمد، وأبو طاهر
الحنائي، وأبو القاسم النسيب، وأبو الحسن علي، وأبو الفضل محمد؛ ابنا
الموازيني، وعبد المنعم بن الغمر، وآخرون.
ولد في سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
ومات في ذي الحجة سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
ومثله في زمنه أبو الحسن بن حمصة الحراني؛ راوي مجلس البطاقة، ما عنده
سواه. وهكذا جماعة اشتهروا، وسماعهم قليل، وما ذاك ألا لتعميرهم
وعلوهم، كما أن جماعةً من كبار العلماء لا يكادون يعرفون لموتهم في
الكهولة قبل أوان الرواية.
وفيها مات أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب القادسي
البزاز؛ صاحب القطيعي، وشيخ الشافعية أبو القاسم منصور بن عمر الكرخي،
وقاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا العجلي، ومسند
قرطبة أبو العاص حكم بن محمد بن حكم الجذامي، والمفتي رافع بن نصر
الحمال، وسليم بن أيوب أبو الفتح الرازي غريقاً، وعبد الوهاب بن الحسين
بن عمر بن برهان الغزال، وأبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني،
وعبيد الله بن المعتز النيسابوري، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي.
العدل
الكبير المأمون المحدث، أبو الحسين؛ محمد بن الشيخ العفيف أبي محمد عبد
الرحمن بن أبي نصر عثمان بن القاسم بن معروف، التميمي الدمشقي.
سمع أباه، والقاضي يوسف بن القاضي الميانجي، وأبا سليمان بن زبر، وتفرد
بالرواية عنهما.
حدث عنه: الخطيب، والكتاني، وسهل بن بشر، وموسى الصقلي، وأبو القاسم
النسيب، وأبو طاهر الحنائي، وأبو الحسن بن الموازيني، وعدة.
توفي في رجب سنة ست وأربعين وأربع مئة، وشيعه نائب دمشق، وكانت جنازته
مشهودةً، أغلق له البلد، وكان محتشم وقته.
ومات معه أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي الفراتي، وعلي بن الفضل ابن
الفرات إمام جامع دمشق، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن اللبان المتكلم.
العدل
الأمين الأنبل، أبو علي، أحمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر، التميمي.
حدث أيضاً عن: يوسف الميانجي، وابن زبر. وسمع هو وأخوه معاً. حدث عنه:
الكتاني، ونجا العطار، وسهل بن بشر، وأبو طاهر الحنائي، والحسن بن سعيد
العطار.
قال الكتاني: كان ثقةً مأموناً، صاحب أصول، لم أر أحسن منه، وكان سماعه
وسماع أخيه بخط أبيهما، وكانت له جنازة عظيمة.
مات في شعبان سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة، رحمه الله.
القاضي العالم المعمر، أبو القاسم؛ علي بن القاضي أبي علي المحسن بن
علي التنوخي البصري ثم البغدادي، صاحب كتاب الطوالات، وولد صاحب كتاب
الفرج بعد الشدة، وكتاب النشوار، وغير ذلك.
ولد في شعبان سنة خمس وستين وثلاث مئة بالبصرة.
وسمع لما كمل خمسة أعوام من: علي بن محمد بن سعيد الرزاز، وعلي بن محمد
بن كيسان، وأبي سعيد الحرفي، وأبي عبد الله الحسين بن محمد العسكري،
وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي، وإبراهيم بن أحمد الخرقي، وخلق كثير.
قال الخطيب: كان متحفظاً في الشهادة، عند الحكام، صدوقاً في الحديث،
تقلد قضاء المدائن، وقرميسين، والبردان.
وقال أبو الفضل بن خيرون: قيل: كان رأيه الرفض والاعتزال.
وقال شجاع الذهلي: كان يتشيع، ويذهب إلى الاعتزال.
قلت: نشأ في الدولة البويهية، وأرجاؤها طافحة بهاتين البدعتين. وقيل:
إنه صحب أبا العلاء المعري، وصادقه، واسمعه صحيحه.
مات في ثاني المحرم، سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
حدث عنه: أبي النرسي، والحسن بن محمد الباقرحي، ونور الهدى حسين بن
محمد الزينبي، وأبو علي بن المهدي، وأبو شجاع بهرام بن بهرام، وأبو
منصور بن النقور، وأبو القاسم بن الحصين، وخلق سواهم. وروى شيئاً
كثيراً.
يقع لنا حديثه عالياً، وهو راوي كتاب الأشربة لأحمد بن حنبل.
العلامة، قاضي الموصل؛ أبو جعفر، محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد،
السمناني الحنفي.
حدث عن: نصر المرجي، وعلي بن عمر الحربي، وأبي الحسن الدارقطني،
وجماعة.
ولازم ابن الباقلاني حتى برع في علم الكلام.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقاً، فاضلاً حنفياً، يعتقد مذهب
الأشعري، وله تصانيف.
قلت: كان من أذكياء العلم.
وقد ذكره ابن حزم، فقال: هو أبو جعفر السمناني المكفوف، هو أكبر أصحاب
أبي بكر الباقلاني، ومقدم الأشعرية في وقتنا، ومن مقالته قال: من سمى
الله جسماً من أجل أنه حامل لصفاته في ذاته، فقد أصاب المعنى، وأخطأ في
التسمية فقط. ثم أخذ ابن حزم يشنع على السمناني، وذكر عنه تجويز الردة
على الرسول بعد أداء الرسالة. نعوذ بالله من الضلال.
توفي أبو جعفر بالموصل سنة أربع وأربعين وأربع مئة وله ثلاث وثمانون
سنة. تخرج به في العقليات القاضي أبو الوليد الباجي، وغيره.
وهو
الإمام القاضي، أبو الحسين؛ أحمد بن أبي جعفر.
ولد بسمنان في شعبان، سنة أربع وثمانين.
وقدم، وسمع ببغداد من الحسن بن الحسين النوبختي، ومن إسماعيل بن هشام
الصرصري، وجماعة.
وولي قضاء باب الطاق، وطال عمره.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقاً.
قلت: يأتي في الطبقة الأخرى.
المحدث الإمام الرحال، أبو الحسن؛ علي بن عبيد الله بن محمد، الهمذاني
الكسائي الصوفي، نزيل مصر.
سمع أحمد بن عبدان الشيرازي بالأهواز، ونصر بن أحمد المرجي بالموصل،
وعبد الوهاب الكلابي بدمشق، وأبا الفتح محمد بن أحمد النحوي بالرملة،
ومنير بن عطية بقيساريه، والضراب بمصر.
حدث عنه: عبد المحسن الشيحي، وسهل بن بشر الإسفراييني، وانتقى عليه
الحافظان أبو نصر السجزي، وعبد العزيز النخشبي، وآخر من حدث عنه أبو
عبد الله الرازي صاحب السداسيات.
توفي في جمادى الأولى سنة خمس وأربعين وأربع مئة.
العلامة، أبو محمد؛ عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن المحدث
عبد الله بن محمد بن عالم أصبهان النعمان بن عبد السلام، التيمي.
روى عن: ابن المقرىء، والمخلص، وأحمد بن فراس، وطائفة.
ولزم أبا بكر الباقلاني، وأبا حامد الإسفراييني، وبرع في الأصول
والفروع، وتلا بالروايات، وصنف التصانيف، وولي قضاء إيذج.
عظمه الخطيب، وقال: كتبنا عنه، وكان أحد أوعية العلم، ثقةً، وجيز
بالعبارة مع تدين وعبادة وورع بين، سمعته يقول: حفظت القرآن ولي خمس
سنين، وأحضرت مجلس ابن المقرىء ولي أربع سنين. قال الخطيب: لم أر أحسن
قراءةً منه، أدرك رمضان ببغداد، فصلى التراويح بالناس، ثم يحيي بقية
الليل صلاةً، فسمعته يقول: لم أضع جنبي للنوم في هذا الشهر ليلاً ولا
نهاراً.
وقيل: إن القاضي أبا يعلى الحنبلي قرأ عليه في الأصول سراً، وحدث عنه
أبو علي الحداد في معجمه، وتلا عليه بالروايات غير واحد.
ومات بأصبهان في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وأربع مئة.
الإمام العالم الحافظ المجود شيخ السنة، أبو نصر؛ عبيد الله بن سعيد بن
حاتم بن أحمد، الوائلي البكري السجستاني، شيخ الحرم، ومصنف الإبانة
الكبرى في أن القرآن غير مخلوق، وهو مجلد كبير دال على سعة علم الرجل
بفن الأثر.
طلب الحديث في حدود الأربع مئة، وسمع بالحجاز والشام والعراق وخراسان
من: أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي، وأبي أحمد الفرضي، والحافظ أبي
عبد الله الحاكم، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الصلت المجبر، وأبي عمر
بن مهدي الفارسي، وعلي بن عبد الرحيم السوسي، وأبي عبد الرحمن السلمي،
وعبد الصمد بن أبي جرادة الحلبي؛ حدثه عن أبي سعيد بن الأعرابي، وحمزة
بن عبد العزيز المهلبي، ومحمد بن محمد ابن محمد بن بكر الهزاني، وعبد
الرحمن بن عمر بن النحاس المصري، وأمم سواهم.
حدث عنه: الحافظ أبو إسحاق الحبال، وسهل بن بشر الإسفراييني، وأبو معشر
الطبري المقرىء، وإسماعيل بن الحسن العلوي، وأحمد بن عبد القادر بن
يوسف، وجعفر بن يحيى الحكاك، وجعفر بن أحمد السراج، وخلق.
وهو راوي الحديث المسلسل بالأولية.
قال محمد بن طاهر: سألت الحافظ أبا إسحاق الحبال عن أبي نصر السجزي،
وأبي عبد الله الصوري، أيهما أحفظ ؟ فقال: كان السجزي أحفظ من خمسين
مثل الصوري. ثم قال إسحاق: كنت يوماً عند أبي نصر السجزي، فدق الباب،
فقمت ففتحت، فدخلت امرأة، وأخرجت كيساً فيه ألف دينار، فوضعته بين يدي
الشيخ، وقالت: أنفقها كما ترى ! قال: ما المقصود ؟ قالت: تتزوجني ولا
حاجة لي في الزوج، لكن لأخدمك. فأمرها بأخذ الكيس، وأن تنصرف، فلما
انصرفت، قال: خرجت من سجستان بنية طلب العلم، ومتى تزوجت، سقط عني هذا
الاسم، وما أوثر على ثواب طلب العلم شيئاً.
قلت: كأنه يريد متى تزوج للذهب، نقص أجره، وإلا فلو تزوج في الجملة،
لكان أفضل، ولما قدح ذلك في طلبه العلم، بل يكون قد عمل بمقتضى العلم،
لكنه كان غريباً، فخاف العيلة، وأن يتفرق عليه حاله عن الطلب.
قال أبو نصر السجزي في كتاب الإبانة: وأئمتنا كسفيان، ومالك،
والحمادين، وابن عيينة، والفضيل، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق،
متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش، وعلمه بكل مكان، وأنه ينزل إلى
السماء الدنيا، وأنه يغضب ويرضى، ويتكلم بما شاء.
توفي أبو نصر بمكة، في المحرم سنة أربع وأربعين وأربع مئة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، الحسيني بقراءتي عليه بالثغر، وهو أول
حديث سمعته منه، أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي ببغداد وهو أول حديث
سمعته منه، أخبرنا عبد الحق اليوسفي وهو أول حديث سمعته وأخبرنا عبد
الخالق بن علوان ببعلبك، وعبد الحافظ بن بدران بنابلس قالا: أخبرنا أبو
محمد بن قدامة، أخبرنا أحمد بن المقرب قالا: أخبرنا جعفر بن أحمد
السراج وهو أول حديث سمعناه منه، أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد وهو
أول حديث سمعته منه، أخبرنا أبو يعلى المهلبي وهو أول حديث سمعته منه،
أخبرنا أبو حامد بن بلال وهو أول حديث سمعته منه، حدثنا عبد الرحمن بن
بشر وهو أول حديث سمعته منه، حدثنا سفيان بن عيينة وهو أول حديث سمعته
من سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس؛ مولى لعبد الله بن عمرو بن
العاص، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض، يرحمكم من في السماء.
إدريس
بن يحيى بن علي بن حمود، العلوي الإدريسي.
أخرجته البربر من السجن، وملكوه بعد مصرع نجا الخادم، وبعد موت أخيه
الحسن بن يحيى. وكان العالي فيه رقة ورحمة، لكنه قليل العقل، يقرب
السفهاء، ولا يحجب عنهم خطاياه، وكان سيىء التدبير، فمالت البربر إلى
محمد بن القاسم الإدريسي، فملكوه بالجزيرة الخضراء، ولقبوه بالمهدي،
وصارت الأندلس ضحكةً، بها أربعة كل واحد يدعى أمير المؤمنين في مسيرة
أربع ليال، ثم لم يتم أمر المهدي، وفجأه الموت عن ثمان بنين. وقام
بالجزيرة ابنه القاسم بن محمد، ولم يتلقب بالخلافة. وقام بعد العالي
ولده محمد، ثم مات بمالقة سنة خمس وأربعين وأربع مئة في حياة أبيه، ثم
ردوا أباه إلى مالقة وغرناطة، ثم قهرهم ملك إشبيلية المعتضد بن عباد،
وزالت دولة الإدريسية.
ابن
سعد بن بكر، الإمام المفتي، أبو محمد، الأنصاري الأندلسي المالكي، نزيل
مصر.
سمع بقرطبة من إسماعيل بن إسحاق القطان، وارتحل في سنة أربع وثمانين،
فأخذ السيرة عن أبي محمد بن أبي زيد وكتاب الرسالة، وأخذ عن أبي الحسن
القابسي، وأبي جعفر أحمد بن دحمون وأخذ بمكة عن أبي العباس بن بندار
الرازي، وطائفة.
وكان من كبار العلماء.
حدث عنه: أبو الفضل جعفر بن إسماعيل بن خلف، وأبو عبد الله محمد بن
أحمد الرازي، وجماعة لقيهم السلفي، وسمع السيرة من رجل عنه.
اتفق أنه خرج في آخر أيامه إلى الشام، فتوفي به بعد أشهر، في شهر
رمضان، سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
وكان مولده في سنة ستين وثلاث مئة.
وما رأيته روى بالشام شيئاً.
الشيخ
المسند الصدوق، أبو القاسم، عمر بن الحسين بن إبراهيم، البغدادي
الخفاف.
سمع أبا حفص بن الزيات، ومحمد بن المظفر، وأبا الفضل الزهري، وجماعة.
حدث عنه: الخطيب، وقاضي المرستان أبو بكر، وجماعة.
توفي سنة خمسين وأربع مئة، ولا بأس به.
ابن
حكم بن إفرانك، الشيخ المعمر، مسند الأندلس، أبو العاص، الجذامي
القرطبي.
حدث عن: أبي بكر بن المهندس، وإبراهيم بن علي التمار، وعبد المنعم بن
غلبون؛ وتلا عليه، ويوسف بن أحمد بن الدخيل، وأبي محمد ابن أبي زيد،
وعباس بن أصبغ، وخلف بن القاسم، وهاشم بن يحيى، وعدة، ولقي بطليطلة
عبدوس بن محمد.
وكانت رحلته وحجه في سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
روى عنه: أبو مروان الطبني، والحافظ أبو علي الغساني، وجماعة.
قال الغساني: كان رجلاً صالحاً، ثقةً مسنداً، صلباً في السنة، مشدداً
على أهل البدع، عفيفاً ورعاً، صبوراً على القل، رافضاً للدنيا، مهيناً
لأهلها، يتمعش من بضيعة حل مضاربة مع سفار، عاش بضعاً وتسعين سنة، توفي
في صدر ربيع الآخر، سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
وقال عبد الرحمن بن خلف: رأيت على نعش حكم يوم دفنه طيوراً ترفرف لم
تعهد بعد؛ كالذي رئي على نعش أبي عبد الله بن الفخار.
قاضي
القضاة، أبو محمد، عبد الله بن الحسين، الناصحي الحنفي، الخراساني.
روى عن: بشر بن أحمد الإسفراييني.
وطال عمره، وعظم قدره، وكان قاضي السلطان محمود بن سبكتكين.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
حدث عنه طائفة.
الإمام الفقيه، أبو الحسن؛ عبد الملك بن عبد الله بن محمود بن صهيب بن
مسكين، المصري الشافعي.
حدث عن: أبيض بن محمد الفهري صاحب النسائي، وعبيد الله بن محمد بن أبي
غالب البزاز، ومحمد بن القاسم بن أبي هريرة، وقاضي أذنه أبي الحسن
الأنطاكي، وابن المهندس.
وكان يعرف أيضاً بالزجاج.
روى عنه طائفة، آخرهم أبو عبد الله الرازي.
الشيخ
أبو أحمد؛ عبد الوهاب بن محمد بن موسى، الغندجاني.
راوي تاريخ البخاري عن الحافظ أحمد بن عبدان، ويروي أيضاً عن المخلص،
وغيره.
روى عنه: أبو الفضل بن خيرون، والمبارك بن الطيوري، وأبو الغنائم
النرسي، وآخرون.
قال الخطيب: حدث بالتاريخ بعضه بقوله، وأرجو أن يكون صدوقاً.
توفي في جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
الشيخ
أبو الحسن؛ عبيد الله بن المعتز بن منصور بن عبد الله بن حمزة،
النيسابوري، راوي الأجزاء الأربعة من حديث علي بن حجر.
سمع من: أبي الفضل بن خزيمة، وأبي الفضل الفامي، وأبي بكر الجوزقي،
وحدث بأصبهان وبالري.
روى عنه: أبو علي الحداد، وإسحاق الراشتيناني، ومحمد بن عبد الله بن
خوروست. توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة؛ وهو أخو منصور شيخ إسماعيل بن
المؤذن.
الشيخ
الإمام الصادق، أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن عيسى، البغدادي الباقلاني
المقرىء.
سمع أبا بكر بن مالك القطيعي، وحسينك بن علي التميمي، ومحمد ابن
إسماعيل الوراق.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان لا بأس به، مات في سنة ثمان وأربعين وأربع
مئة.
قلت: حدث عنه: الخطيب، وابن ماكولا، وابن خيرون، وأبو الغنائم النرسي،
وقاضي المرستان أبو بكر الأنصاري، ومسدد بن محمد بن علكان الجيزي،
وطائفة سواهم.
وهو راوي أمالي القطيعي والوراق.
الإمام الحافظ الثبت، أبو طاهر؛ محمد بن أحمد بن علي بن حمدان، خراساني
رحال.
صحب الحاكم ابن البيع، وتخرج به، وسمع من الحافظ أبي بكر الجوزقي، وأبي
بكر محمد بن محمد الطرازي، وأبي الحسين الخفاف، وجعفر بن فناكي بالري،
وأحمد بن علي السليماني الحافظ ببيكند، ومحمد ابن أحمد الغنجار، وأبا
سعد الإدريسي بسمرقند، وعلي بن محمد بن عمر المالكي بالري، وأبا الفضل
محمد بن الحسين الحدادي بمرو.
وله تواليف منها: طرق حديث الطير.
سمع منه: أبو سعيد محمد بن أحمد بن الحسين النيسابوري، في سنة إحدى
وأربعين وأربع مئة.
لم أقع بوفاته، وقد سقت له في تذكرة الحفاظ حديثاً من المجالس
السلماسية.
وأخبرنا سليمان ومحمد، ابنا حمزة سماعاً من الأول، قالا: أخبرنا محمد
بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا محمد بن أبي بكر الحافظ،
أخبرنا محمد بن طاهر، أخبرنا محمد بن عبد الواحد بالري، أخبرنا محمد بن
أحمد بن علي بن حمدان، أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا
محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد، حدثنا محمد ابن وهب، حدثنا محمد بن حرب،
حدثنا محمد بن الوليد الزبيري، أخبرنا الزهري، عن عروة، عن زينب بنت
أبي سلمة، عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها
جاريةً في وجهها سفعة، فقال: استرقوا لها فإن بها النظرة.
غريب فرد، مسلسل بالمحمدين، وهم خمسة عشرة نفساً.
الشيخ
الإمام الثقة المقرىء، مسند مصر، أبو الحسن؛ محمد بن الحسين بن محمد بن
الحسين بن أحمد بن السري، النيسابوري، ثم المصري البزاز التاجر،
المعروف بابن الطفال.
ولد سنة تسع وخمسين وثلاث مئة.
حدث عن: القاضي أبي الطاهر الذهلي، وأبي الحسن بن حيويه النيسابوري،
والحسن بن رشيق، وأحمد بن محمد بن سلمة الخياش، وعبد الواحد بن أحمد بن
أبي محمد بن قتيبة، وأحمد بن محمد بن هارون الأسواني، وأبي الطيب
العباس بن أحمد الهاشمي، وجماعة.
حدث عنه: سهل بن بشر الإسفراييني، وأبو صادق مرشد بن يحيى المديني،
وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، والخفرة بنت مبشر بن فاتك، وآخرون.
قال السلفي: كان بمصر من مشاهير الرواة، ومن الثقات الأثبات. مات في
صفر سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
وماتت الخفرة في سنة ثمان وعشرين وخمس مئة. سمع الرازي منه جملةً
وافرة.
الوزير الكبير، الملقب بالعادل، أبو عبد الله؛ عبد الرحيم بن حسين.
وزر للملك الرحيم أبي نصر بن أبي كاليجار، وكان سمحاً جواداً، مهيباً،
عسوفاً، سفاكاً للدماء.
تنمر له أبو نصر، فأهلكه؛ طلبه إلى داره وقد حفر له جباً، وبسط عليه
حصيرةً، فتردى فيه، وطم عليه، وذلك في رمضان سنة سبع وأربعين وأربع
مئة.
القاضي العلامة الحافظ، أبو يعلى، الخليل بن عبد الله بن أحمد بن
الخليل، الخليلي القزويني، مصنف كتاب الإرشاد في معرفة المحدثين، وهو
كتاب كبير انتخبه الحافظ السلفي. سمعنا المنتخب.
سمع من: علي بن أحمد بن صالح القزويني، ومحمد بن إسحاق الكيساني،
والقاسم بن علقمة، وأبي حفص عمر بن إبراهيم الكتاني، وأبي طاهر المخلص،
وأبي الحسين الخفاف القنطري، ومحمد بن سليمان ابن يزيد الفامي، وأبي
عبد الله الحاكم، وعدد كثير.
وروى بالإجازة عن: أبي بكر بن المقرىء، وأبي حفص بن شاهين، ومسند
الكوفة علي بن عبد الرحمن البكائي كتب إليه من الكوفة، والحافظ أبي
أحمد الغطريفي؛ أجاز له من جرجان.
وطال عمره، وعلا إسناده.
حدث عنه: شيخه أبو بكر بن لال، وولده أبو زيد واقد بن الخليل، وإسماعيل
بن ماكي، وآخرون. وكان ثقةً حافظاً، عارفاً بالرجال والعلل، كبير
الشأن، وله غلطات في إرشاده، قرأناه على أبي علي بن الخلال، عن
الهمداني، عن السلفي، عن ابن ماك، عنه.
وحكى أنه حضر عند الحاكم، فسأله عن أبي سلمة، عن الزهري، ما اسمه ؟
فتفكر، وقال: محمد بن أبي حفصة. فعرف له ذلك.
توفي أبو يعلى بقزوين في آخر سنة ست وأربعين وأربع مئة. وكان من أبناء
الثمانين.
وفيها مات شيخ القراء أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي بدمشق،
والرئيس المحدث أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي عمرو بن أبي الفراتي
بنيسابور، والعلامة أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن التيمي
الأصبهاني؛ ابن اللبان، ومسند دمشق الصدر أبو الحسين محمد ابن العفيف
عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، ومقرىء الأندلس أبو القاسم عبد الرحمن
بن الحسن بن سعيد القرطبي.
أخبرنا الحسن بن علي اليونسي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أحمد ابن
محمد الحافظ، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار بقزوين، أخبرنا أبو يعلى
الخليل بن عبد الله، أخبرنا أحمد بن محمد الزاهد، أخبرنا عبد الملك بن
عدي، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، أخبرنا الشافعي، حدثنا يحيى ابن
سليم، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله
عليه وسلم، صلى بهم صلاة الكسوف ركعتين، كل ركعة بركوعين وسجدتين.
وبه: إلى أبي يعلى قال: أخبرنا الحسن بن عبد الرزاق، حدثن علي ابن
إبراهيم بن سلمة القزويني، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي،
حدثني سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا الشافعي مثله، تفرد به الإمام
الشافعي، والإمام أحمد قد أخذ عن يحيى بن سليم الطائفي، وروى عن رجل،
عن آخر، عنه.
الإمام العلامة، شيخ الإسلام، القاضي أبو الطيب؛ طاهر بن عبد الله بن
طاهر بن عمر، الطبري الشافعي، فقيه بغداد.
ولد سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة بآمل.
وسمع بجرجان من: أبي أحمد بن الغطريف جزءاً تفرد في الدنيا بعلوه،
وبنيسابور من مفقهه أبي الحسن الماسرجسي، وببغداد من الدارقطني، وموسى
بن عرفة، وعلي بن عمر السكري، والمعافى الجريري.
واستوطن بغداد، ودرس وأفتى وأفاد، وولي قضاء ربع الكرخ بعد القاضي
الصيمري.
وقال: سرت إلى جرجان للقاء أبي بكر الإسماعيلي، فقدمتها يوم الخميس،
فدخلت الحمام، ومن الغد لقيت ولده أبا سعد، فقال لي: الشيخ قد شرب
دواءً لمرض، وقال لي: تجيء غداً لتسمع منه. فلما كان بكرة السبت، غدوت،
فإذا الناس يقولون: مات الإسماعيلي.
قال الخطيب: كان شيخنا أبو الطيب ورعاً، عاقلاً، عارفاً بالأصول
والفروع، محققاً، حسن الخلق، صحيح المذهب، اختلفت إليه، وعلقت عنه
الفقه سنين.
قيل: إن أبا الطيب دفع خفاً له إلى من يصلحه، فمطله، وبقي كلما جاء،
نقعه في الماء، وقال: الآن أصلحه. فلما طال ذلك عليه، قال: إنما دفعته
إليك لتصلحه لا لتعلمه السباحة.
قال الخطيب: سمعت محمد بن أحمد المؤدب، سمعت أبا محمد البافي يقول: أبو
الطيب الطبري أفقه من أبي حامد الإسفراييني. وسمعت أبا حامد يقول: أبو
الطيب أفقه من أبي محمد البافي.
قال القاضي ابن بكران الشامي: قلت للقاضي أبي الطيب شيخنا وقد عمر: لقد
متعت بجوارحك أيها الشيخ ! قال: ولم ؟ وما عصيت الله بواحدة منها قط.
أو كما قال.
قال غير واحد: سمعنا أبا الطيب يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في
النوم، فقلت: يا رسول الله: أرأيت من روى أنك قلت: نضر الله امرءاً سمع
مقالتي، فوعاها، أحق هو ؟ قال: نعم. قال أبو إسحاق في الطبقات: ومنهم
شيخنا وأستاذنا القاضي أبو الطيب، توفي عن مئة وسنتين، لم يختل عقله،
ولا تغير فهمه، يفتي مع الفقهاء، ويستدرك عليهم الخطأ، ويقضي، ويشهد
ويحضر المواكب إلى أن مات. تفقه بآمل على أبي علي الزجاجي صاحب أبي
العباس بن القاص. وقرأ على أبي سعد بن الإسماعيلي، وأبي القاسم بن كج
بجرجان، ثم ارتحل إلى أبي الحسن الماسرجسي، وصحبه أربع سنين، وحضر مجلس
أبي حامد، ولم أر فيمن رأيت أكمل اجتهاداً، وأشد تحقيقاً، وأجود نظراً
منه. شرح مختصر المزني، وصنف في الخلاف والمذهب والأصول والجدل كتباً
كثيرة، ليس لأحد مثلها، لازمت مجلسه بضع عشرة سنةً، ودرست أصحابه في
مسجده سنين بإذنه، ورتبني في حلقته، وسألني أن أجلس للتدريس في سنة
ثلاثين وأربع مئة، ففعلت.
قلت: من وجوه أبي الطيب في المذهب أن خروج المني ينقض الوضوء. ومنها أن
الكافر إذا صلى في دار الحرب، فصلاته إسلام.
قلت: حدث عنه: الخطيب، وأبو إسحاق، وابن بكران، وأبو محمد بن الآبنوسي،
وأحمد بن الحسن الشيرازي، وأبو سعد بن الطيوري، وأبو علي بن المهدي،
وأبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن أحمد العكبري، وأبو العز بن كادش،
وأبو المواهب أحمد بن محمد بن ملوك، وهبة الله بن الحصين، وأبو بكر
محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وخلق كثير.
قال الخطيب: مات صحيح العقل، ثابت الفهم، في ربيع الأول، سنة خمسين
وأربعمئة، وله مئة وسنتان رحمه الله.
بعونه تعالى وتوفيقه تم الجزء السابع عشر من سير أعلام النبلاء ويليه
الجزء الثامن عشر وأوله ترجمة السعدي من الطبقة الرابعة والعشرين
تصنيف الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن
عثمان الذهبي المتوفي 748 ه 1374م