ابن غزو

ابن غزو

الشيخ العالم، الثقة، أبو مسلم؛ عبد الرحمن بن غزو بن محمد ابن يحيى النهاوندي، العطار.
له جزء سمعناه من طريق السلفي.
حدث عن: أحمد بن زنبيل النهاوندي، وأحمد بن فراس المكي، وأبي الحسن الرفاء، ومحمد بن بكران الرازي، وأبي أحمد الفرضي، وحمزة بن العباس الطبري، وخلق سواهم.
وعنه: أبو طاهر المطهر ولده، وأبو الفتح المظفر بن شجاع الهمذاني، وأبو بكر الأخباري.
قال شيرويه: كان ثقةً صدوقاً، سمع منه الكبار.
وقال السلفي: سمعت ولده أبا طاهر يقول: توفي أبي في سنة أربع وخمسين وأربع مئة.
قلت: حدث في سنة ثلاث وخمسين. نعم، وفيها مات العلامة أبو الحسن علي بن رضوان المصري الفيلسوف، صاحب التصانيف في الطب والرياضي، سنة ثلاث. وشيخ المقرئين بمصر أبو العباس أحمد بن نفيس، عن نيف وتسعين سنة. وصاحب ماردين وميافارقين وتلك الديار نصر الدولة أحمد بن مروان الكردي، وكانت أيامه إحدى وخمسين سنة، وأبو أحمد عبد الواحد بن أحمد البقال الأصبهاني، وقد ذكر، والفقيه علي بن الحسين بن جابر التنيسي، راوي نسخة فليح، وواقف الخانقاه دار عمر بن عبد العزيز الشيخ أبو القاسم علي بن محمد السلمي السميساطي، وأبو طاهر عمر ابن محمد بن زاده الخرقي الدلال؛ من أصحاب أبي بكر بن المقرئ، والأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن بن علي الطبري، صاحب الخبازي المقرئ، وأبو عد الكنجروذي، وصاحب الموصل أبو المعالي قريش بن بدران ابن مقلد العقيلي.

ابن حمدون

الشيخ أبو بكر؛ محمد بن محمد بن حمدون السلمي، النيسابوري.
حدث عن: أبي عمرو بن حمدان، وأبي القاسم بن ياسين القاضي، وأبي عمرو أحمد بن أبي الفراتي.
روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر، وزاهر بن طاهر، وتميم بن أبي سعيد الجرجاني، وآخرون.
وألحق الصغار بالكبار. وكان مقيماً بقرية بقرب نيسابور.
وثقه عبد الغافر، وقال: توفي في المحرم سنة خمس وخمسين وأربع مئة.
وقع لي من عواليه.

الوني

إمام الفرضيين، العلامة، أبو عبد الله، الحسين بن محمد ابن عبد الواحد، ابن الوني البغدادي، الضرير، الحاسب، صاحب التصانيف.
سمع من: أبي الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، وأبي الحسن ابن رزقويه، وجماعة.
حدث عنه: أبو علي بن البناء، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو زكريا التبريزي اللغوي.
وكان ذا اختصاص بالقائم بأمر الله، يكثر الحضور عنده، فروى ابن النجار قال: أخبرنا الفخر الفارسي، أخبرنا السلفي، أنشدنا عبيد الله بن عبد العزيز الرسولي، سمعت أبا عبد الله الوني الفرضي يقول: سمعت القائم بأمر الله ينشد لنفسه:

القلب من خمر التّصابي منتشـي

 

هل لي غديرٌ من شرابٍ معطش

والنّفس من برح الهوى مقتـولةٌ

 

ولكم قتيلٍ في الهوى لم ينعـش

جمعت عليّ من الغرام عجـائبٌ

 

خلّفن قلبي في إسارٍ مـوحـش

خلٌّ يصدّ وعاذل مـتـنـصّـحٌ

 

ومنازعٌ يغري ونـمّـامٌ يشـي

قال ابن ماكولا: كان الوني متقدماً في الفرائض، له فيه تصانيف جيدة، وكانت له يد في علوم، كان حسن الذكاء، سمعت أبا بكر الخطيب يقول: حضرنا مجلس محدث ومعنا الوني، فأملى أحاديث، وقمنا وقد حفظ الوني منها بضعة عشر حديثاً.
سمع منه أبو حكيم الخبري، وغيره.
وقال ابن خيرون: مات الوني في رابع ذي الحجة سنة خمسين وأربع مئة، وكان عند الخليفة، فاتفق أن كبست دار الخليفة، وخرج الخليفة، وقتل جماعة في الدار، وضرب الوني بدبوس في رأسه، وجرح في وجهه، ومات منها شهيداً، وكان أحد أئمة المسلمين، سمعت منه.
قلت: قتل في كائنة البساسيري.

الذهلي

إمام جامع همذان، وركن السنة، أبو الحسن، علي بن حميد بن علي الذهلي، الهمذاني.
روى عن: أبي بكر بن لال، وابن تركان، وأحمد بن محمد البصير، وأبي عمر بن مهدي، وطبقتهم.
روى عنه: يوسف بن محمد الخطيب، وغيره.
وكان ورعاً، تقياً، محتشماً، يتبرك بقبره.
مات سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة وقد قارب الثمانين.
وفيها مات المقرئ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي القزويني بمصر، وشيخ المالكية أبو الفضل محمد بن عبيد الله بن عمروس ببغداد، لقي ابن شاهين.

الكنجروذي

الشيخ الفقيه، الإمام الأديب، النحوي، الطبيب، مسند خراسان، أبو سعد، محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر النيسابوري، الكنجروذي والجنزروذي. وجنزروذ: محلة.
ولد بعد الستين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبي عمرو بن حمدان، وأبي سعيد عبد الله بن محمد الرازي، وحسينك بن علي التميمي، وأبي الحسين بن دهثم، وأبي الحسين أحمد بن محمد البحيري، ومحمد بن بشر البصري، وشافع ابن محمد الإسفراييني، وأبي بكر بن مهران المقرئ، والحافظ أبي أحمد الحاكم، وأبي بكر محمد بن محمد الطرازي، وأحمد بن محمد البالوي، وأحمد بن الحسين المرواني، وطبقتهم.
وعنه البيهقي، والسكري، وروى الكثير، وانتهى إليه علو الإسناد. حدث عنه: إسماعيل بن عبد الغافر، وأبو عبد الله الفراوي، وهبة الله بن سهل السيدي، وتميم بن أبي سعيد الجرجاني، وزاهر الشحامي، وعبد المنعم بن القشيري، وخلق سواهم.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: له قدم في الطب والفروسية، وأدب السلاح. كان بارع وقته لاستجماعه فنون العلم، أدرك الأسانيد العالية في الحديث والأدب، وأدرك ببغداد أئمة النحو، وسمع منه الخلق ... إلى أن قال: وختم بموته أكثر هذه الروايات، وله شعر حسن، أجاز لي جميع مسموعاته، وخطه عندي.
قلت: توفي في صفر سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة. سمعنا كثيراً من حديثه بالإجازة العالية.

البحيري

الشيخ الجليل الثقة، أبو عثمان، سعيد بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن بحير البحيري، النيسابوري.
سمع من: جده أبي الحسين، وزاهر بن أحمد السرخسي، وأبي عمرو بن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وأبي علي الحسن بن أحمد الحيري؛ والد أبي بكر، وأبي الهيثم الكشميهني، وأبي حفص الكتاني، وابن أخي ميمي، ومحمد بن عمر بن بهتة، والحافظ أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الإسفراييني بها، وأبي سعد بن الإسماعيلي بجرجان، ومحمد بن عبد الله الجوزقي، وأبي القاسم بن حبابة، والحسن ابن أحمد المخلدي، والحسن بن علي بن إبراهيم؛ صاحب ابن خزيمة، وأبي الحسين الخفاف، وأمة السلام بنت أحمد بن كامل، وأبي أحمد بن جامع الدهان، ومن أحمد بن عبد الله بن رزيق البغدادي بمكة، وطائفة.
حدث عنه: هبة الله بن سهل، وزاهر بن طاهر، ومحمد بن الفضل الفراوي، وطائفة. وقع لي من عواليه.
قال علي بن محمد الجرجاني الحافظ: ورد أبو عثمان جرجان مع أبيه، فسمع بها، وحدث زماناً على السداد، وخرج له الفوائد، وحج ثلاث مرات، وغزا الهند والروم، غزا مع السلطان محمود، وعقد مجلس الإملاء بعد موت أخيه عبد الرحمن.
وقال عبد الغافر في سياقه: شيخ كبير، ثقة في الحديث، سمع الكثير بخراسان والعراق، وخرج له. ثم سمى شيوخه.
وقال: توفي في شهر ربيع الآخر، سنة إحدى وخمسين وأربع مئة.
وفيها قتل البساسيري، والمقرئ أبو علي الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والمقرئ أبو المظفر عبد الله بن شبيب، وأبو طالب العشاري، والسلطان جغريبك السلجوقي بسرخس، وأخوه الملك إبراهيم ينال؛ خنقه أخوه طغرلبك، وأبو الحسن علي بن محمود الزوزني، وذو الفنون قاسم بن الفتح الأندلسي.

ابن رضوان

الفيلسوف الباهر، أبو الحسن؛ علي بن رضوان بن علي بن جعفر المصري، صاحب التصانيف، وله دار كبيرة بمصر قد تهدمت.
كان صبياً فقيراً، يتكسب بالتنجيم، واشتغل في الطب، ففاق فيه، وأحكم الفلسفة ومذهب الأوائل وضلالهم، فقال: أجهدت نفسي في التعليم، فلما بلغت، أخذت في الطب والفلسفة، وكنت فقيراً، ثم اشتهرت بالطب، وحصلت منه أملاكاً، وأنا الآن في الستين.
قلت: كان أبوه خبازاً، ولما تميز، خدم الحاكم بالطب، فصيره، رئيس الأطباء، وعاش إلى القحط الكائن في الخمسين وأربع مئة، فسرقت يتيمة رباها عنده نفائس، وهربت، فتعثر، واضطرب، وكان ذا سفه في بحثه، ولم يكن له شيخ، بل اشتغل بالأخذ عن الكتب، وصنف كتاباً في تحصيل الصناعة من الكتب، وأنها أوفق من المعلمين. وهذا غلط، وكان مسلماً موحداً ومن قوله: أفضل الطاعات النظر في الملكوت، وتمجيد المالك لها. وشرح عدة تواليف لجالينوس، وله مقالة في دفع المضار بمصر عن الأبدان، ورسالة في علاج داء الفيل، ورسالة في الفالج، ورسالة في بقاء النفس بعد الموت، مقالة في نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم، مقالة في حدث العالم، مقالة في الرد على محمد بن زكريا الرازي في العلم الإلهي وإثبات الرسل، مقالة في حيل المنجمين، وقد سرد له ابن أبي أصيبعة عدة تصانيف.
ثم قال: مات سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة.

جغريبك

هو السلطان داود بن الأمير ميكائيل بن سلجوق بن دقاق التركماني، السلجوقي، صاحب خراسان؛ ووالد السلطان ألب آرسلان؛ وأخو صاحب العراق والعجم، طغرلبك؛ وهما أول الملوك السلجوقية، استولوا على الممالك، وأبادوا الدولة البويهية.
وكان جغريبك ينكر على أخيه الظلم، وفيه ديانة وعدل.
عاش سبعين سنةً وامتدت أيامه إلى أن توفي بسرخس، في رجب سنة إحدى. وقيل: في صفر سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة. فنقل ودفن بمرو. وأول ظهورهم كان في سنة اثنتين وثلاثين، بل قبلها، وكان جدهم دقاق من الأمراء، وكذا ولده سلجوق، فقدمه الخان بيغو، وكثر جنده، وصار يغزو كفرة الترك، وعمر دهراً، وجاز المئة، وقام ابنه ميكائيل مدة، ثم استشهد في الغزو، وجرى لولديه حروب في حدود الأربع مئة حتى توطد ملكهم.
تملك بعد جغريبك ابنه ألب آرسلان.

طغرلبك

محمد بن ميكائيل، السلطان الكبير، ركن الدين، أبو طالب.
أصل السلجوقية، من بر بخارى؛ لهم عدد وقوة وإقدام، وشجاعة وشهامة وزعارة، فلا يدخلون تحت طاعة، وإذا قصدهم ملك، دخلوا البرية على قاعدة الأعراب، ولما عبر السلطان محمود بن سبكتكين إلى بلاد ما وراء النهر وجد رأس السلجوقية قوي الشوكة، فاستماله، وخدعه، حتى جاء إليه، فقبض عليه، واستشار الأمراء، فأشار بعضهم بتغريق كبارهم، وأشار آخرون بقطع إبهاماتهم ليبطل رميهم، ثم اتفق الراي على تفريقهم في النواحي، ووضع الخراج عليهم، فتهذبوا، وذلوا، فانفصل منهم ألفا خركاه، ومضوا إلى كرمان، وملكها يومئذ ابن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه، فأحسن إليهم، ولم يلبث أن مات بعد الأربع مئة، فقصدوا أصبهان، ونزلوا بظاهرها، وكان صاحبها علاء الدولة بن كاكويه، فرغب في استخدامهم، فكتب إليه السلطان محمود يأمره بحربهم، فوقع بينهم مصاف، ثم ترحلوا إلى أذربيجان، وانحاز إخوانهم الذين بخراسان إلى خوارزم وجبالها، فجهز السلطان جيشاً ضايقوهم نحو سنتين، ثم قصدهم محمود بنفسه، ومزقهم، وشتتهم، فمات وتسلطن ابنه مسعود، فتألف الذين نزلوا بأذربيجان، فأتاه ألف فارس، فاستخدمهم، ثم لاطف الآخرين، فأجابوا إلى طاعته، ثم اشتغل بحرب الهند، فإنهم خرجوا عليه، فخلت البلاد للسلجوقية، فهاجوا وأفسدوا.
هذا كله، والأخوان طغرلبك وجغريبك في أرضهم بأطراف بخارى، ثم جرت ملحمة بين السلجوقية وبين متولي بخارى؛ قتل فيها خلق من الفئتين، ثم نفذوا رسولاً إلى السلطان، فحبسه، وجهز جيشه لحربهم، فاتلقوا، فانكسر آل سلجوق، وذلوا، وبذلوا الطاعة لمسعود، وضمنوا له أخذ خوارزم، فطيب قلوبهم، وانخدع لهم، ثم حشد الأخوان وعبروا إلى خراسان، وانضم الآخرون إليهم وكثروا، وجرت لهم أمور يطول شرحها إلى أن استولوا على الممالك، فأخذوا الري في سنة تسع وعشرين وأربع مئة، وأخذوا نيسابور في سنة ثلاثين، وأخذوا بلخ وغير ذلك، وضعف عنهم مسعود، وتحيز إلى غزنة، وبقوا في أوائل الأمر يخطبون له حتى تمكنوا، فراسلهم القائم بأمر الله بقاضي القضاة أبي الحسن الماوردي، ثم إن طغرلبك المذكور عظم سلطانه، وطوى الممالك، واستولى على العراق في سنة سبع وأربعين، وتحبب إلى الرعية بعدل مشوب بجور، وكان في نفسه ينطوي على حلم وكرم، وقيل: كان يحافظ على الجماعة، ويصوم الخميس والاثنين، ويبني المساجد، ويتصدق، وقد جهز رسوله ناصر بن إسماعيل العلوي إلى ملكة النصارى، فاستأذنها ناصر في الصلاة بجامع قسطنطينية جماعةً يوم جمعة، فأذنت له، فخطب للخليفة القائم، وكان هناك رسول خليفة مصر المستنصر، فأنكر ذلك.
وذكر المؤيد في تاريخه أن في سنة إحدى وأربعين بعث ملك الروم إلى طغرلبك هدايا وتحفاً، والتمس الهدنة، فأجابه، وعمر مسجد القسطنطينية، وأقام فيها الخطبة لطغرلبك، وتمكن ملكه.
وحاصر بأصبهان صاحبها ابن كاكويه أحد عشر شهراً، ثم أخذها بالأمان، وأعجبته، ونقل خزائنه من الري إليها.
ولما تمهدت البلاد لطغرلبك خطب بنت الخليفة القائم، فتألم القائم، واستعفى فلم يعف، فزوجه بها، ثم قدم طغرلبك بغداد للعرس.
وكانت له يد عظيمة على القائم في إعادة الخلافة إليه، وقطع خطبة المصريين التي أقامها البساسيري. ثم نفذ طغرلبك مئة ألف دينار برسم نقل الجهاز، فعمل العرس في صفر سنة خمس وخمسين، وأجلست على سرير مذهب، ودخل السلطان إلى بين يديها، فقبل الأرض، ولم يكشف المنديل عن وجهها، وقدم تحفاً سنية، وخدم وانصرف، ثم بعث إليها عقدين مجوهرين، وقطعة ياقوت عظيمة، ثم دخل من الغد، فقبل الأرض، وجلس على سرير إلى جانبها ساعةً، وخرج، وبعث لها فرجية نسيج مكللةً بالجوهر ومخنقةً أي قلادة مثمنة، وسر بها. هذا والخليفة في ألم وحزن وكظم، فأما غيره من الخلفاء الضعفاء فوده لو زوج بنته بأمير من عتقاء السلطان، ثم إن طغرلبك خلا بها، ولم يمتع بنعيم الدنيا، بل مات في رمضان من السنة بالري سنة خمس وخمسين، وحمل إلى مرو، فدفن عند أخيه، وقيل: بل دفن بالري، وعاشت الزوجة الخليفتية إلى سنة ست وتسعين وأربع مئة، وصار ملكه من بعده إلى ابن أخيه السلطان ألب آرسلان.
ولم يرزق طغرلبك ولداً، وعاش سبعين عاماً، وكان بيده خوارزم ونيسابور وبغداد والري وأصبهان، وكان أخوه إبراهيم ينال قد حاربه، وجرت أمور، وحصل في يده ملك كبير للروم، فبذل في نفسه أموالاً عظيمة، فأبى عليه، فبعث نصر الدولة صاحب الجزيرة وميافارقين يشفع في فكاكه، فبعثه طغرلبك إلى نصر الدولة بلا فداء، فانتخى ملك الروم، وأهدى إلى طغرلبك مئتي ألف دينار، وخمس مئة أسير، وألفاً وخمس مئة ثوب، ومئة لبنة فضة، وألف عنز أبيض، وثلاث مئة شهري، وبعث إلى نصر الدولة تحفاً ومسكاً كثيراً.

ينال

الملك إبراهيم بن ميكائيل السلجوقي، أحد الأبطال المذكورين.
حارب أخاه طغرلبك، وقهره، وجرت له فصول، ثم انفل جيشه، وأخذه أخوه أسيراً، وخنقه بوتر مع إخوته سنة إحدى وخمسين وأربع مئة بنواحي الري.

قتلمش

ابن إسرائيل بن سلجوق بن دقاق، الملك شهاب الدولة التركماني السلجوقي؛ والد صاحب الروم سليمان بن قتلمش، وما زالت مملكة إقليم الروم في يد ذريته إلى أن أخذها منهم هولاكو.
كانت لقتلمش قلاع بعراق العجم، عصى على ابن عمه ألب آرسلان، ثم عملا المصاف بنواحي الري في سنة ست وخمسين، فانحلت المعركة، فوجد قتلمش ميتاً. فيقال: مات خوراً ورعباً فالله أعلم فلما رآه ألب آرسلان حزن، وبكى عليه، وجلس للعزاء، فعزاه وزيره نظام الملك.
وكان قتلمش يتعانى التنجيم والهذيان.

الكندري

الوزير الكبير، عميد الملك، أبو نصر، محمد بن منصور بن محمد الكندري، وزير السلطان طغرلبك.
كان أحد رجال الدهر سؤدداً وجوداً وشهامة وكتابة، وقد سماه محمد بن الصابئ في تاريخه، وعلي بن الحسن الباخرزي في الدمية: منصور بن محمد. وسماه محمد بن عبد الملك الهمذاني: أبا نصر محمد بن محمد بن منصور.
وكندر: من قرى نيسابور. ولد بها سنة خمس عشرة وأربع مئة.
تفقه وتأدب، وكان كاتباً لرئيس، ثم ارتقى وولي خوارزم، وعظم، ثم عصى على السلطان، وتزوج بامرأة ملك خورازم، فتحيل السلطان حتى ظفر به، وخصاه لتزوجه بها، ثم رق له وتداوى وعوفي، ووزر له، وقدم بغداد، ولقبه القائم سيد الوزراء، وكان معتزلياً، له النظم والنثر، فلما مات طغرلبك؛ وزر لألب آرسلان قليلاً ونكب.
يقال: غنته بنت الأعرابي في جوقها، فطرب، وأمر لها بألفي دينار، ووهب أشياء، ثم أصبح، وقال: كفارة المجلس أن أتصدق بمثل ما بذلت البارحة.
وقيل: إنه أنشد عند قتله:

إن كان بالناس ضيقٌ عن منافستي

 

فالموت قد وسّع الدّنيا على النّاس

مضيت والشّامت المغبون يتبعني

 

كلٌّ بكأس المنايا شاربٌ حاسـي

ما أسعدني بدولة بني سلجوق ! أعطاني طغرلبك الدنيا، وأعطاني ألب آرسلان الآخرة.
ووزر تسع سنين، وأخذوا أمواله، منها ثلاث مئة مملوك. وقتل صبراً، وطيف برأسه، وما بلغنا عنه كبير إساءة، كن ما على غضب الملك عيار. قتل بمرو الروذ في ذي الحجة سنة ست وخمسين وأربع مئة، وله اثنتان وأربعون سنة.
قيل: كان يؤذي الشافعية، ويبالغ في الانتصار لمذهب أبي حنيفة.
ووزر بعده نظام الملك.

الريولي

العلامة ذو الفنون، أبو محمد؛ القاسم بن الفتح بن محمد بن يوسف الأندلسي، الفرجي، المالكي. عرف بابن الريولي، من أهالي مدينة الفرج.
روى عن: أبيه، وأبي عمر الطلمنكي، وأبي محمد الشنتجالي، وحج، وأخذ عن أبي عمران الفاسي. وكان من أوعية العلم، عالماً بالحديث، بصيراً بالاختلاف والتفسير والقراءات، لم يكن يرى التقليد، وله تواليف كثيرة ونظم وبلاغة، وكان ينطوي على دين وورع، وعفة وتقلل.
قال أبو محمد بن صاعد القاضي: كان القاسم بن فتح واحد الناس في وقته في العلم والعمل، سالكاً سبيل السلف في الصدق والورع، متقدماً في علم اللسان وفي القرآن، وأصول الفقه وفروعه، ذا حظ من البلاغة، عديم النظير.
وقال الحميدي: هو فقيه مشهور، عالم زاهد، يتفقه بالحديث، وله أشعار في الزهد.
قلت: مولده في سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
ومات في صفر سنة إحدى وخمسين وأربع مئة، وقد أثنى عليه غير واحد.
وله:

أيّام عمرك تذهـب

 

وجميع سعيك يكتب

ثمّ الشّهيد عليك مـن

 

ك فأين أين المهرب

الإسكاف

العلامة الأستاذ، أبو القاسم، عبد الجبار بن علي بن محمد بن حسكان الإسفراييني، الأصم، المتكلم. عرف بالإسكاف.
أخذ عن: الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، وغيره، وسمع من عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وطائفة.
روى عنه: أبو سعيد بن أبي ناصر، وغيره. وقرأ عليه إمام الحرمين فن الأصول.
وكان ورعاً، قانتاً، عابداً، زاهداً، مفتياً متبحراً، مبرزاً في راي أبي الحسن الأشعري.
توفي في الثامن والعشرين من صفر سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة. ذكره ابن عساكر في طبقات العلماء الأشعرية.

نصر الدولة

صاحب ديار بكر وميافارقين، الملك نصر الدولة، أحمد بن مروان ابن دوستك الكردي.
قتل أخاه منصوراً بقلعة الهتاخ، وتمكن، وكانت دولته إحدى وخمسين سنة.
وكان رئيساً حازماً عادلاً، مكباً على اللهو، ومع ذا فلم تفته صلاة الصبح فيما قيل، وكان له ثلاث مئة وستون سرية، يخلو كل ليلة بواحدة، خلف عدة أولاد، مدحته الشعراء، ووزر له الوزير أبو القاسم ابن المغربي صاحب الأدب مرتين، ثم وزر له فخر الدولة بن جهير، وكان محتشماً، كثير الأموال، نفذ إلى السلطان طغرلبك تقدمة سنية، وتحفاً من جملتها الجبل الياقوت، الذي كان لبني بويه، أخذه بالثمن من ابن جلال الدولة، وكان من كرمه يبذر القمح من الأهراء للطيور.
توفي في شوال سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة، وعاش نحو الثمانين وتملك بعده ابنه نظام الدولة نصر.
فمن أخبار نصر الدولة والحديث شجون أن مملكة الموصل ذهبت من أولاد ناصر الدولة ابن حمدان سنوات، وانضم ولداه إبراهيم وحسين إلى شرف الدولة ابن عضد الدولة، فكانا من أمرائه، فلما تملك أخوه بهاء الدولة؛ استأذناه في المسير لأخذ الموصل، فأذن لهما، فقاتلهما عاملها، فمالت المواصلة إلى الأخوين، فهرب العامل وجنده، ودخل الأخوان الموصل، فطمع فيهما الأمير باد؛ صاحب ديار بكر، فالتقاهما، فقيل: فبادر ابن أخته الأمير أبو علي بن مروان الكردي في سنة ثمانين وثلاث مئة إلى حصن كيفا، وهناك زوجة باد، فقال لها: قتل خالي، وأنا أتزوجك، فملكته الحصن وغيره، واستولى على بلاد خاله، وحارب ولدي ناصر الدولة مرات، وسار إلى مصر، وتقلد من العزيز حلب وأماكن، ورجع، فوثب عليه شطار آمد بالسكاكين، فقتلوه، وتملك بآمد ابن دمنة، وقام ممهد الدولة أخو أبي علي، فتملك ميافارقين، فعمل الأمير شروة له دعوةً قتله فيها، واستولى على ممالك بني مروان سنة اثنتين وأربع مئة، وحبس ممهد الدولة أخاه، وهو أحمد بن مروان صاحب الترجمة لأجل رؤيا، فإنه رأى الشمس في حجره، وقد أخذها منه أحمد، فأخرجه شروة من السجن، وأعطاه أرزن. هذا كله وأبوهم مروان باق أعمى، مقيم بأرزن، فتمكن أحمد، وخرجت البلاد عن طاعة شروة، واستولى أحمد على مدائن ديار بكر، وامتدت أيامه، وأما الموصل فقصدها الأمير أبو الذواد محمد بن المسيب العقيلي، وحارب، وظفر بصاحبها أبي الطاهر إبراهيم بن ناصر الدولة، وبأولاده وبجماعة من قواده، فقتلهم، وتملك زماناً.
طالت إمرة ابنه نصر، وتوفي سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة، وتملك بعده ابنه منصور.

الملك الرحيم

الملك أبو نصر؛ خسرو ابن الملك أبي كاليجار ابن الملك سلطان الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة ابن ركن الدولة ابن بويه.
كان خاتمة ملوك بني بويه الديلم. انتزع منه السلطان طغرلبك الملك، وأخذه، وسجنه مدة بقلعة الري بعد أن أتى برجليه إليه مستأمناً، فغدر به في سنة سبع وأربعين.
وتوفي محبوساً في سنة خمسين وأربع مئة، وكان ضعيف الدولة.

الراغب

العلامة الماهر، المحقق الباهر، أبو القاسم؛ الحسين بن محمد ابن المفضل الأصبهاني، الملقب بالراغب، صاحب التصانيف.
كان من أذكياء المتكلمين، لم أظفر له بوفاة ولا بترجمة.
وكان إن شاء الله في هذا الوقت حياً، يسأل عنه، لعله في الألقاب لابن الفوطي.

الكراجكي

شيخ الرافضة وعالمهم، أبو الفتح؛ محمد بن علي، صاحب التصانيف.
مات بمدينة صور سنة تسع وأربعين وأربع مئة.

ابن أبي شمس

الشيخ الإمام، الفقيه، الرئيس، شيخ القراء؛ أبو سعد، أحمد بن إبراهيم بن موسى بن أحمد بن منصور النيسابوري، الشاماتي، المقرئ. عرف بابن أبي شمس، صاحب تيك الأربعين حديثاً.
حدث عن أبي محمد المخلدي، وأبي طاهر بن خزيمة، وأبي بكر الجوزقي، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن، وأبي القاسم بن حبيب المفسر، والقاضي أبي منصور الأزدي؛ لقيه بهراة. وسمع كتاب الغاية في القراءات من أبي بكر بن مهران المؤلف.
حدث عنه: أحمد بن محمد بن صاعد القاضي، وزاهر بن طاهر، وأبو المظفر عبد المنعم بن القشيري، وطائفة.
قال عبد الغافر في السياق: شيخ فاضل ثقة، عالم بالقراءات، متصرف في الأمور، اختاره المشايخ لنيابة الرئاسة بنيسابور مدةً، لحسن كفاءته وفضله بالتوسط بين الخصوم، عقد مجلس الإملاء، وأملى سنين، ومات في شعبان سنة أربع وخمسين وأربع مئة، وله نحو من ثمانين سنةً، رحمه الله.

أبو طاهر الثقفي

الشيخ العالم، الثقة، المحدث، مسند أصبهان، أبو طاهر؛ أحمد ابن محمود بن أحمد بن محمود الثقفي، الأصبهاني، المؤدب، جد ليحيى بن محمود الثقفي المتأخر.
ولد سنة ستين وثلاث مئة.
سمع من أبي الشيخ، وحدث عن أبي بكر بن المقرئ، وأبي أحمد بن جميل، وأبي مسلم عبد الرحمن بن شهدل، وأحمد بن علي الخلقاني، والحافظ أبي عبد الله بن منده، وطائفة كبيرة.
وعني بهذا الشأن، وارتحل إلى الري، وسمع من جعفر بن فناكي مسند ابن هارون الروياني.
قال يحيى بن مندة: سمع كتاب العظمة من أبي الشيخ بن حيان، وكان يقول: سمعت من أبي الشيخ، فلم يظهر سماعه إلا بعد موته. قال: وهو شيخ صالح ثقة، واسع الرواية، صاحب أصول، حسن الخط، مقبول، متعصب لأهل السنة، ظهر سماعه لمسند الروياني بعد موته، وظهر سماعه لكتاب العظمة بعد موته بقليل.
قلت: حدث عنه: يحيى بن منده، وسعيد بن أبي الرجاء، ومحمد ابن محمد القطان، وسهل بن ناصر الكاتب، والحسين بن عبد الملك الخلال، وحمد بن الفضل الخواص الحافظ، وخلق.
مات في ربيع الأول سنة خمس وخمسين وأربع مئة.

ابن برهان

العلامة، شيخ العربية، ذو الفنون، أبو القاسم؛ عبد الواحد بن علي بن برهان العكبري.
سمع الكثير من: أبي عبد الله بن بطة، ولم يرو عنه.
وذكره الخطيب في تاريخه فقال: كان مضطلعاً بعلوم كثيرة منها: النحو، والأنساب، واللغة، وأيام العرب والمتقدمين، وله أنس شديد بعلم الحديث.
وقال ابن ماكولا: هو من أصحاب ابن بطة. وأخبرني أبو محمد بن التميمي أن أصل ابن بطة بمعجم البغوي وقع عنده، وفيه سماع ابن برهان، وأنه قرأ عليه لولديه.
ثم قال ابن ماكولا: ذهب بموته علم العربية من بغداد، وكان أحد من يعرف الأنساب، ولم أر مثله، وكان حنفياً، تفقه، وأخذ الكلام عن أبي الحسين البصري وتقدم فيه، وصار له اختيار في الفقه.
وكان يمشي في الأسواق مكشوف الرأس، ولم يقبل من أحد شيئاً.
مات في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وأربع مئة وقد جاوز الثمانين.
وكان يميل إلى مذهب مرجئة المعتزلة، ويعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار.
وذكره ياقوت في الأدباء، فقال: نقلت من خط عبد الرحيم بن وهبان قال: نقلت من خط أبي بكر بن السمعاني، سمعت المبارك بن الطيوري، سمعت أبا القاسم بن برهان يقول: دخلت على الشريف المرتضى في مرضه وقد حول وجهه إلى الحائط، وهو يقول: أبو بكر وعمر وليا فعدلا، واسترحما فرحما، أفأنا أقول: ارتدا بعد أن أسلما ؟ قال: فقمنا وخرجت، فما بلغت عتبة الباب حتى سمعت الزعقة عليه. قلت: حجته في خروج الكفار هو مفهوم العدد من قوله: "لابِثِيْنَ فِيها أَحْقَاباً" النبأ ولا ينفعه ذلك لعموم قوله: "وَمَا هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ" البقرة ولقوله: "خَالِدِيْنَ فِيها أَبَداً" النساء إلى غير ذلك، وفي المسألة بحث عندي أفردتها في جزء.
ومات معه في سنة ست شمس الأمة الحلوائي، والمحدث أبو الوليد الدربندي، وقاضي الأندلس أبو القاسم سراج بن عبد الله، والحافظ عبد العزيز النخشبي، وأبو شاكر القبري ثم القرطبي، وأبو محمد بن حزم الفقيه، والملك شهاب الدولة قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق صاحب الروم؛ هو جد ملوك الروم، وأبو الحسين بن النرسي، وأبو سعيد محمد بن علي النيسابوري الخشاب، والوزير عميد الملك أبو نصر محمد بن منصور الكندري؛ وزير طغرلبك.

ابن شاهين

الشيخ المسند، الكبير، أبو حفص، عمر بن أحمد بن محمد بن حسن بن شاهين الفارسي، الشاهيني، السمرقندي.
سمع في سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة من: أبي بكر محمد بن جعفر ابن جابر بسماعه من محمد بن الفضل البلخي الواعظ؛ صاحب قتيبة بن سعيد. وسمع من أبي علي إسماعيل بن حاجب، صاحب الفربري، ومن الحافظ أبي سعد الإدريسي، وطائفة.
ذكره أبو سعد السمعاني، فقال: روى عنه أهل سمرقند، وله أوقاف كثيرة، ومعروف. وتوفي في ذي القعدة سنة أربع وخمسين وأربع مئة.
قلت: عاش نيفاً وتسعين سنة.
حدث عنه: علي بن أحمد الصيرفي، وجماعة كانوا أحياء بعد الخمس مئة، لا أكاد أعرفهم.

أبو حاتم القزويني

العلامة الأوحد، أبو حاتم؛ محمود بن حسن الطبري، القزويني، الشافعي، الفقيه، الأصولي، الفرضي، صاحب التصانيف الغزيرة في الخلاف والأصول والمذهب.
أخذ الأصول عن أبي بكر بن الباقلاني، والفرائض عن ابن اللبان، والفقه عن الشيخ أبي حامد وجماعة من مشايخ آمل.
قال الشيخ أبو إسحاق: لم أنتفع بأحد في الرحلة ما انتفعت به وبالقاضي أبي الطيب.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، حدثنا أبو الفرج محمد بن أبي حاتم القزويني إملاء، أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن أحمد الناتلي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، حدثنا يونس بن عبد الأعلى. فذكر حديثاً.

ابن شق الليل

الشيخ الإمام، الحافظ، المجود، الرحال، أبو عبد الله؛ محمد بن إبراهيم بن موسى بن عبد السلام الأنصاري، الأندلسي، الطليطلي، المعروف بابن شق الليل.
حج، ولقي بمكة أحمد بن فراس العبقسي، وعبيد الله السقطي، وأبا الحسن بن جهضم. وبمصر أبا محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ، وأبا محمد بن النحاس، وأحمد بن ثرثال، وابن منير الخشاب، وعدة، وبالأندلس الصاحبين أبا إسحاق بن شنظير، وأبا جعفر بن ميمون، فأكثر عنهما، وهو أعلى إسناداً منهما، وروى أيضاً عن المنذر بن المنذر، وأبي الحسن بن مصلح.
قال ابن بشكوال وغيره: كان ابن شق الليل فقيهاً، إماماً، متكلماً، عارفاً بمذهب مالك، حافظاً متقناً، بصيراً بالرجال والعلل، مليح الخط، جيد المشاركة في الفنون، نحوياً، شاعراً مجيداً، لغوياً، ديناً، فاضلاً، كثير التصانيف، حلو العبارة. ولد في حدود سنة ثمانين وثلاث مئة، وتوفي بمدينة طلبيرة في نصف شعبان سنة خمس وخمسين وأربع مئة، وله بضع وسبعون سنة.

الحنائي

الشيخ العالم، العدل، أبو القاسم، الحسين بن محمد بن إبراهيم بن الحسين الدمشقي، الحنائي؛ صاحب الأجزاء الحنائيات العشرة، التي انتقاها له الحافظ عبد العزيز النخشبي.
حدث عن: عبد الوهاب الكلابي، والحسن بن درستويه، وعبد الله ابن محمد الحنائي، وتمام بن محمد الرازي، وأبي بكر بن أبي الحديد، ومحمد بن عبد الرحمن القطان، وأبي الحسن بن جهضم، وعدة.
حدث عنه: أبو سعد السمان، وأبو بكر الخطيب، ومكي الرملي، وأبو نصر بن ماكولا، وسهل بن بشر، وعبد المنعم بن علي الكلابي، وأبو القاسم النسيب، وأبو طاهر محمد، وأبو الحسين عبد الرحمن؛ ولداه. وأبو الحسن بن الموازيني، وطاهر بن سهل الإسفراييني، وعبد الكريم بن حمزة، وهبة الله بن الأكفاني، وأبو الحسن بن سعيد، وثعلب بن جعفر السراج، وآخرون.
وكان محدث البلد في وقته.
قال النسيب: سألت الشيخ الثقة، الدين الفاضل، أبا القاسم الحنائي المحدث عن مولده، فقال: في سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة. وقال ابن ماكولا: كتبت عنه، وكان ثقةً، وهو منسوب إلى بيع الحناء.
قال الكتاني: توفي في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وأربع مئة. قال: وهو آخر أصحاب ابن درستويه، ودفن على أخيه علي بمقبرة باب كيسان، وكانت له جنازة عظيمة؛ ما رأينا مثلها من مدة.

صاحب اليمن

كان من بقايا ملوك اليمن، طفل من آل ابن زياد، الذي استولى على اليمن بعد المئتين، فدام الأمر بيد أولاده أزيد من مئتين وستين سنة، ودبر الأمور موالي الصبي؛ كالخادم مرجان، ونجاح الحبشي، ونفيس، وثلاثتهم من عبيد الوزير حسين النوبي، الذي مر بعد الأربع مئة، وجرت أمور إلى أن دفن الصبي وعمته السيدة حيين. وكانت هذه الدولة الزيادية في طاعة بني العباس، ويهادونهم، ثم عسكر نجاح، وحارب نفيساً مرات، وتمكن هذا، ودعاة بني عبيد يأتون من مصر، ووراءهم خلائق من أتباعهم، وزاد الهرج إلى أن ظهر الصليحي. وكان الملك نجاح حازماً سائساً، وله عدة أولاد نبلاء. امتدت أيام نجاح الحبشي نحواً من أربعين عاماً فقيل: إن الصليحي أهدى إليه سريةً، فسمته في سنة اثنتين وخمسين، وتملك بعده ابنه سعيد الأحول ثلاث سنين، وغلب الصليحي، فهرب الأحول إلى الحبشة، ثم أقبل بعد زمان، فقتل الصليحي في سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة، وجرت أمور وعجائب.

البساسيري

أبو الحارث الملقب بالمظفر، ملك الأمراء آرسلان التركي، البساسيري، نسبةً إلى تاجر باعه من أهل فسا. والصواب: فسوي، فقيلت على غير قياس كعادة العجم.
ترقت به الأحوال إلى أن نابذ الخليفة، وخرج عليه، وكاتب صاحب مصر المستنصر، فأمده بأموال وسلاح، فأقبل في عسكر قليل، وتوثب على بغداد، ففر منه القائم، وتذمم بأمير العرب مهارش، وعاث جمع البساسيري، وأقام الدعوة بالعراق للمستنصر سنة، وقتل الوزير، وفعل القبائح، حتى أقبل طغرلبك، ونصر الخليفة، ونزح البساسيري، فاتبعه عسكر، فقاتل حتى قتل فلله الحمد قيل: سنة إحدى وخمسين في ذي الحجة.

صاحب غزنة

السلطان فرخزاد بن السلطان مسعود بن السلطان الكبير محمود بن سبكتكين.
كان ملكاً سائساً، مهيباً شجاعاً، متسع الممالك، هجم عليه مماليكه الحمام، فكان عنده سيفه، فشد عليهم، وسلم، وأدركة الحرس، وقتلوا أولئك، ثم صار بعد يكثر من ذكر الموت، ويزهد في الدنيا، فأخذه قولنج في سنة إحدى وخمسين وأربع مئة، فمات. وتملك أخوه إبراهيم، فجاهد، ونشر العدل، وفتح قلاعاً من الهند.

زهير بن حسن

ابن علي، العلامة، شيخ الشافعية، أبو نصر السرخسي.
ولد بعد السبعين وثلاث مئة.
وسمع من: زاهر بن أحمد السرخسي، وببغداد من أبي طاهر المخلص، وبالبصرة السنن من القاضي أبي عمر الهاشمي.
وتفقه بالشيخ أبي حامد الإسفراييني.
قال أبو سعد السمعاني: لقيت من أصحابه أبا نصر محمد بن أبي عبد الله بسرخس.
وقد قال بعض الشافعية: ما رأيت تعليقةً أحسن من تعليقة زهير عن أبي حامد الإسفراييني، لازمه ست سنين، توفي في شوال سنة أربع وخمسين وأربع مئة وهو في عشر التسعين. وقيل: بل توفي سنة خمس وخمسين وأربع مئة.
وكان رئيس المحدثين بسرخس.
وفيها مات أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه، وأبو يعلى الصابوني، ومصنف العنوان أبو الطاهر إسماعيل بن خلف بمصر، والسلطان طغرلبك السلجوقي، ومحمد بن محمد بن حمدون السلمي، وأبو الخطاب العلاء بن عبد الوهاب بن حزم الرحال نسيب أبي محمد الفقيه شاباً.

ابن بندار

الإمام القدوة، شيخ الإسلام، أبو الفضل، عبد الرحمن بن المحدث أحمد بن الحسن بن بندار العجلي، الرازي، المكي المولد، المقرئ.
تلا على أبي عبد الله المجاهدي؛ تلميذ ابن مجاهد، وتلا بحرف ابن عامر على مقرئ دمشق علي بن داود الداراني، وتلا ببغداد على أبي الحسن الحمامي، وجماعة.
وسمع بمكة من أحمد بن فراس، وعلي بن جعفر السيرواني الزاهد، ووالده أبي العباس بن بندار، وبالري من جعفر بن فناكي. وببغداد من أبي الحسن الرفاء، وعدة، وبدمشق من عبد الوهاب الكلابي، وبأصبهان من أبي عبد الله بن مندة، وبالبصرة، والكوفة، وحران، وتستر، والرها، وفسا، وحمص، ومصر، والرملة، ونيسابور، ونسا، وجرجان، وجال في الآفاق عامة عمره، وكان من أفراد الدهر علماً وعملاً. أخذ عنه: المستغفري أحد شيوخه، وأبو بكر الخطيب، وأبو صالح المؤذن، ونصر بن محمد الشيرازي؛ شيخ للسلفي، وأبو علي الحداد، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق، والحسين بن عبد الملك الخلال، وأبو سهل بن سعدويه، وفاطمة بنت البغدادي، وخلق. ولحق بمصر أبا مسلم الكاتب.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: كان ثقةً، جوالاً، إماماً في القراءات، أوحد في طريقه، كان الشيوخ يعظمونه، وكان لا يسكن الخوانق، بل يأوي إلى مسجد خراب، فإذا عرف مكانه نزح، وكان لا يأخذ من أحد شيئاً، فإذا فتح عليه بشيء آثر به.
وقال يحيى بن منده: قرأ عليه القرآن جماعة، وخرج من عندنا إلى كرمان، فحدث بها، وتوفي في بلد أوشير في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربع مئة.
قال: وولد سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة، وهو ثقة، ورع، متدين، عارف بالقراءات، عالم بالأدب والنحو، هو أكبر من أن يدل عليه مثلي، وأشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون من العلم، وكان مهيباً منظوراً، فصيحاً، حسن الطريقة، كبير الوزن.
قال السلفي: سمعت عبد السلام بن سلمة بمرند يقول: اقتدى أبو الفضل الرازي بالسيرواني شيخ الحرم، وصحب السيرواني أبا محمد المرتعش صاحب الجنيد.
وقال الخلال: خرج أبو الفضل الإمام نحو كرمان، فشيعه الناس، فصرفهم، وقصد الطريق وحده، وهو يقول:

إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا

 

كفى لمطايانا بذكراك حاديا

قال الخلال: وأنشدني لنفسه:

يا موت ما أجفاك من زائرٍ

 

تنزل بالمرء على رغمه

وتأخذ العذراء من خدرها

 

وتأخذ الواحد مـن أُمّـه

قال السمعاني في الذيل: كان مقرئاً فاضلاً، كثير التصانيف، حسن السيرة، زاهداً، متعبداً، خشن العيش، منفرداً، قانعاً، يقرئ ويسمع في أكثر أوقاته، وكان يسافر وحده، ويدخل البراري.
قرأت على إسحاق الأسدي: أخبرنا ابن خليل، أخبرنا خليل بن بدر، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الدقاق قال: ورد علينا الإمام الأوحد أبو الفضل الرازي لقاه الله رضوانه، وأسكنه جنانه وكان إماماً من الأئمة الثقات في الحديث والروايات والسنة والآيات، ذكره يملأ الفم، ويذرف العين، قدم أصبهان مراراً، سمعت منه قطعةً صالحة، وكان رجلاً مهيباً، مديد القامة، ولياً من أولياء الله، صاحب كرامات، طوف الدنيا مفيداً ومستفيداً.
وقال الخلال: كان أبو الفضل في طريق، ومعه خبز وفانيذ، فأراد قطاع الطريق أخذه منه، فدفعهم بعصاه، فقيل له في ذلك، فقال: لأنه كان حلالاً، وربما كنت لا أجد مثله. ودخل كرمان في هيئة رثة وعليه أخلاق وأسمال، فحمل إلى الملك، وقالوا: جاسوس. فقال الملك: ما الخبر ؟ قال: تسألني عن خبر الأرض أو خبر السماء ؟ فإن كنت تسألني عن خبر السماء ف "كُلَّ يَوْمٍ هُو في شَأْنٍ" الرحمن، وإن كنت تسألني عن خبر الأرض ف "كُلُّ مَنْ عليها فانٍ" الرحمن، فتعجب الملك من كلامه، وأكرمه، وعرض عليه مالاً، فلم يقبله.

الحصري

الأديب، شاعر المغرب، أبو إسحاق؛ إبراهيم بن علي بن تميم القيرواني.
وشعره سائر مدون. وله كتاب زهر الآداب، وكتاب المصون في الهوى.
مدح الكبراء.
وتوفي سنة ثلاث وخمسين.
وهو ابن خالة الشاعر الشهير أبي الحسن الحصري.

ابن باديس

صاحب إفريقية، المعز بن باديس بن منصور بن بلكين بن زيري ابن مناد الحميري، الصنهاجي، المغربي، شرف الدولة ابن أمير المغرب.
نفذ إليه الحاكم من مصر التقليد والخلع في سنة سبع وأربع مئة، وعلا شأنه.
وكان ملكاً مهيباً، سرياً شجاعاً، عالي الهمة، محباً للعلم، كثير البذل، مدحته الشعراء. وكان مذهب الإمام أبي حنيفة قد كثر بإفريقية، فحمل أهل بلاده على مذهب مالك حسماً لمادة الخلاف، وكان يرجع إلى إسلام، فخلع طاعة العبيدية، وخطب للقائم بأمر الله العباسي، فبعث إليه المستنصر يتهدده، فلم يخفه، فجهز لمحاربته من مصر العرب، فخربوا حصون برقة وإفريقية، وأخذوا أماكن، واستوطنوا تلك الديار من هذا الزمان، ولم يخطب لبني عبيد بعدها بالقيروان.
قيل: كان مولد المعز في سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة.
ومات في شعبان سنة أربع وخمسين وأربع مئة، ومرض بالبرص، ورثاه شاعره الحسن بن رشيق القيرواني، وكان موته بالمهدية.
وقام بعده ولده تميم بن المعز.

الجعفري

عالم الإمامية، الشريف أبو يعلى، حمزة بن محمد الهاشمي، الجعفري. من دعاة الشيعة.
لازم الشيخ المفيد، وبرع في فقههم، وأصولهم، وعلم الكلام، وزوجه المفيد ببنته، وخصة بكتبه. وأخذ أيضاً عن الشريف المرتضى، وصنف التصانيف، وكان يحتج على حدث القرآن بدخول الناسخ فيه والمنسوخ، وكان بصيراً بالقراءات.
قال ابن أبي طي في تاريخ الشيعة: كان من صالحي طائفته وعبادهم وأعيانهم، شيع جنازته خلق عظيم، توفي سنة خمس وستين وأربع مئة ببغداد.
فأما ما زعمه من حدث القرآن، فإن عنى به خلق القرآن، فهو معتزلي جهمي، وإن عنى بحدوثه إنزاله إلى الأمة على لسان نبيها صلى الله عليه وسلم، واعترف بأنه كلام الله ليس بمخلوق، فلا بأس بقوله، ومنه قوله تعالى: "مَا يَأْتيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُوْنَ" الأنبياء. أي محدث الإنزال إليهم.

البسطامي

شيخ الشافعية ومحتشمهم، أبو سهل، محمد بن الإمام جمال الإسلام الموفق هبة الله ابن العلامة المصنف أبي عمر محمد بن الحسين البسطامي، ثم النيسابوري، زين أهل الحديث.
انتهت إليه زعامة الشافعية بعد أبيه، وكان مدرساً رئيساً، ذكياً، وقوراً، قليل الكلام، مات شاباً عن ثلاث وثلاثين سنة.
سمع من النصرويي، وأبي حسان المزكي.
وكانت داره مجمع العلماء، واحتف به الفقهاء رعايةً لأبوته، وظهر له القبول، وشد منه القشيري، وظهر له خصوم وحساد، وحرفوا عنه السلطان، ونيل من الأشعرية، ومنعوا من الوعظ، وعزلوا من خطابة نيسابور، وقويت المعتزلة والشيعة، وآل الأمر إلى توظيف اللعن في الجمع، ثم تعدى اللعن إلى طوائف، وهاجت فتنة بخراسان حتى سجن القشيري، والرئيس الفراتي، وإمام الحرمين، وأبو سهل هذا، وأمر بنفيهم، فاختفى الجويني، وفر إلى الحجاز من طريق كرمان، فتهيأ أبو سهل، وجمع أعواناً ومقاتلة، والتقى في البلد هو وأمير البلد، فانتصر أبو سهل، وجرح الأمير، وعظمت المحنة، وبادر أبو سهل إلى السلطان، فأخذ، وحبس أشهراً، وصودر، وأخذت ضياعه، ثم أطلق، فحج، ثم عظم بعد عند ألب آرسلان، وهم بأن يستوزره، فقصد واغتيل إلى رحمة الله في سنة ست وخمسين، وأظهر عليه أهل نيسابور من الجزع ما لا يعبر عنه، وندبته النوائح مدة، وأنشدت مراثيه في الأسواق.
وقيل: بل بعثه السلطان رسولاً إلى بغداد، فمات في الطريق، وخلف دنيا واسعة.

ابن سيده

إمام اللغة، أبو الحسن؛ علي بن إسماعيل المرسي، الضرير، صاحب كتاب المحكم في لسان العرب، وأحد من يضرب بذكائه المثل.
قال أبو عمر الطلمنكي: دخلت مرسية، فتشبث بي أهلها ليسمعوا علي غريب المصنف، فقلت: انظروا من يقرأ لكم، وأمسك أنا كتابي، فأتوني بإنسان أعمى يعرف بابن سيده، فقرأه علي كله، فعجبت من حفظه. قال: وكان أعمى ابن أعمى.
قلت: وكان أبوه أيضاً لغوياً، فأخذ عن أبيه، وعن صاعد بن الحسن.
قال الحميدي: هو إمام في اللغة والعربية، حافط لهما، على أنه كان ضريراً، وقد جمع في ذلك جموعاً، وله مع ذلك حظ في الشعر وتصرف.
وأرخ صاعد بن أحمد القاضي موته في سنة ثمان وخمسين وأربع مئة، وقال: بلغ الستين أو نحوها.
قال اليسع بن حزم: كان شعوبياً يفضل العجم على العرب.
وحط عليه أبو زيد السهيلي في الروض فقال: تعثر في المحكم وغيره عثرات يدمى منها الأظل، ويدحض دحضات تخرجه إلى سبيل من ضل، حتى إنه قال في الجمار: هي التي ترمى بعرفة.
وقال أبو عمرو بن الصلاح: أضرت به ضرارته.
قلت: هو حجة في نقل اللغة، وله كتاب العالم في اللغة؛ نحو مئة سفر، بدأ بالفلك، وختم بالذرة. وله شواذ اللغة، خمسة أسفار.
وكان منقطعاً إلى الأمير مجاهد العامري.

ابن مهربزد

الشيخ العلامة، النحوي، المفسر، المعتزلي، أبو مسلم؛ محمد ابن علي بن محمد بن الحسين بن مهربزد الأصبهاني، صاحب التفسير الكبير، الذي هو في عشرين سفراً.
كان آخر من حدث بأصبهان عن أبي بكر بن المقرئ.
قال الحافظ يحيى بن مندة: كان عارفاً بالنحو، غالياً في مذهب الاعتزال.
قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: سألته عن مولده، فقال: في سنة ست وستين وثلاث مئة. قلت: آخر من حدث عنه المعمر إسماعيل بن علي الحمامي؛ يروي عنه نسخة مأمون. وروى عنه ناضر بضاد معجمة ابن محمد بن محمد المديني، وعدد من مشيخة السلفي الصغار.
مات في جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وأربع مئة. وتفسيره كان بمصر للإمام الشرف المرسي. عاش ثلاثاً وتسعين سنة.
وممن يروي عنه: سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، والحسين الخلال، ومحمد بن حمد الكبريتي.

السروي

الإمام الكبير، شيخ الشافعية، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن موسى السروي الشافعي، ويقال له: المطهري: نسبة إلى قرية مطهر: بفتح الهاء الثقيلة.
ولد في حدود الستين وثلاث مئة ببلد سارية.
وقدم بغداد وهو من أبناء الثلاثين، فسمع من: أبي حفص الكتاني، وأبي طاهر المخلص.
وتفقه بالشيخ أبي حامد، وأخذ الفرائض عن ابن اللبان.
وروى عنه: مالك بن سنان، وغيره.
وله تصانيف في الأصول والفروع، وولي قضاء سارية، وصار إمام تلك الناحية.
توفي في صفر سنة ثمان وخمسين وأربع مئة عن مئة عام.

عمر بن منصور

ابن أحمد بن محمد بن منصور، الإمام الحافظ، العالم، محدث ما وراء النهر، أبو حفص البخاري، البزاز.
سمع أبا علي إسماعيل بن حاجب الكشاني، وأبا نصر أحمد بن محمد الملاحمي، وأبا الفضل أحمد بن علي السليماني، وأبا نصر أحمد بن محمد بن حسين الكلاباذي، وإبراهيم بن محمد بن يزداد الرازي، وطبقتهم.
حدث عنه: الحافظ عبد العزيز النخشبي، ومحمد بن علي بن سعيد المطهري، ومحمد بن عبد الله السرخكتي، وآخرون.
قال الحافظ النخشبي: هو مكثر صحيح السماع، فيه هزل.
قلت: هذا هو سبط المحدث محمد بن أحمد بن خنب.
ذكر الحافظ أبو سعد السمعاني أنه توفي بعد سنة ستين وأربع مئة.
آخر من حدث عنه ركن الإسلام إبراهيم بن إسماعيل بن أبي نصر الصفاري؛ شيخ قاضي خان.

ابن شمة

الشيخ الجليل، أبو الطيب، عبد الرزاق بن عمر بن موسى بن شمة بالفتح والتخفيف الأصبهاني، التاجر، راوي كتاب السنن لأبي قرة الزبيدي اليماني عن أبي بكر بن المقرئ.
حدث عنه: سعيد بن أبي الرجاء، وغانم بن خالد التاجر، والحسين ابن عبد الملك، وآخرون.
مات في سنة ثمان وخمسين وأربع مئة، وقد قيده بعضهم شمة بالكسر كسمة. وكذا وجد بخط أبي العلاء العطار.

الصفار الخشاب

الإمام المحدث، المفيد، الثقة، أبو سعيد، محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب النيسابوري، الخشاب، الصفار.
ولد سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
وسمع من: أبي محمد المخلدي، وأبي الحسين الخفاف، والحاكم، وأبي عبد الرحمن، وابن محمش، وخلق سواهم. وعني بهذا الشأن.
قال عبد الغافر في سياق تاريخ نيسابور: كان محدثاً مفيداً، من خواص خدم أبي عبد الرحمن السلمي، وكان صاحب كتب، صار بندار كتب الحديث بنيسابور، وأكثر أقرانه سماعاً وأصولاً، رزقه الله الإسناد العالي، وجمع الأبواب، وأسمع الصبيان، وهو من بيت حديث وصلاح. حدثني ثقة أن أبا سعيد أظهر سماعه من أبي طاهر بن خزيمة بعد وفاة أبي عثمان الصابوني، فتكلم أصحاب الحديث فيه، وما رضوا ذلك منه والله أعلم بحاله وأما سماعه من غيره، فصحيح، وقد أجاز لي مروياته، وأخبرنا عنه جماعة منهم الوالد، وأبو صالح المؤذن، وأبو سعد بن رامش.
قلت: آخر من حدث عنه زاهر الشحامي.
توفي في ذي القعدة سنة ست وخمسين وأربع مئة.
وفيها مات قاضي الجماعة سراج بن عبد الله، وأبو الوليد الحسن ابن محمد الدربندي، وعبد العزيز بن محمد النخشبي، والعلامة أبو القاسم عبد الواحد بن برهان، وأبو شاكر عبد الواحد بن محمد القبري، وأبو محمد بن حزم الظاهري، وأبو الحسين محمد بن أحمد ابن النرسي، وعميد الملك الكندري الوزير.
أخبرنا ابن عساكر، عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا محمد بن علي الخشاب، أخبرنا الحسن بن أحمد، حدثنا أبو العباس السراج، حدثنا قتيبة، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا كل ليلة، فيقول: أنا الملك، أنا الملك ... وذكر الحديث.

التاني

الشيخ المحدث المأمون، أبو الفتح؛ منصور بن الحسين بن علي ابن القاسم بن محمد بن رواد الأصبهاني، التاني، صاحب أبي بكر بن المقرئ. قال يحيى بن منده في تاريخه: كان صاحب أصول، كتب الحديث، وكان من أروى الناس عن ابن المقرئ.
وقال ابن نقطة: روى معجم ابن المقرئ، ومسند أبي حنيفة جمع ابن المقرئ، روى عنه هذين الكتابين سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي.
قلت: وروى عنه كتاب تهذيب الآثار لأبي جعفر الطحاوي، إسماعيل بن الإخشيذ السراج، بسماعه من ابن المقرئ، وقد روى السلفي عن جماعة من أصحاب التاني.
مات في ذي الحجة سنة خمسين وأربع مئة.

ابن عبد البر

الإمام العلامة، حافظ المغرب، شيخ الإسلام، أبو عمر، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري، الأندلسي، القرطبي، المالكي، صاحب التصانيف الفائقة.
مولده في سنة ثمان وستين وثلاث مئة في شهر ربيع الآخر. وقيل: في جمادى الأولى. فاختلفت الروايات في الشهر عنه.
وطلب العلم بعد التسعين وثلاث مئة، وأدرك الكبار، وطال عمره، وعلا سنده، وتكاثر عليه الطلبة، وجمع وصنف، ووثق وضعف، وسارت بتصانيفه الركبان، وخضع لعلمه علماء الزمان، وفاته السماع من أبيه الإمام أبي محمد، فإنه مات قديماً في سنة ثمانين وثلاث مئة، فكان فقيهاً عابداً متهجداً، عاش خمسين سنة، وكان قد تفقه على التجيبي، وسمع من أحمد بن مطرف، وأبي عمر بن حزم المؤرخ.
نعم وابنه صاحب الترجمة أبو عمر. سمع من: أبي محمد عبد الله ابن محمد بن عبد المؤمن سنن أبي داود، بروايته عن ابن داسة، وحدثه أيضاً عن إسماعيل بن محمد الصفار، وحدثه بالناسخ والمنسوخ لأبي داود، عن أبي بكر النجاد، وناوله مسند أحمد بن حنبل بروايته عن القطيعي، نعم، وسمع من المعمر محمد بن عبد الملك ابن ضيفون أحاديث الزعفراني بسماعه من ابن الأعرابي عنه، وقرأ عليه تفسير محمد بن سنجر في مجلدات، وقرأ على أبي القاسم عبد الوارث ابن سفيان موطأ ابن وهب بروايته عن قاسم بن أصبغ، عن ابن وضاح، عن سحنون، وغيره، عنه. وسمع من سعيد بن نصر مولى الناصر لدين الله الموطأ وأحاديث وكيع؛ يرويها عن قاسم بن أصبغ، عن القصار، عنه. وسمع منه في سنة تسعين وثلاث مئة كتاب المشكل لابن قتيبة، وقرأ عليه مسند الحميدي وأشياء. وسمع من أبي عمر أحمد بن محمد بن أحمد بن الجسور المدونة. وسمع من خلف بن القاسم بن سهل الحافظ تصنيف عبد الله بن عبد الحكم، وسمع من الحسين بن يعقوب البجاني. وقرأ على عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الوهراني موطأ ابن القاسم، وقرأ على أبي عمر الطلمنكي أشياء، وقرأ على الحافظ أبي الوليد بن الفرضي مسند مالك، وسمع من يحيى بن عبد الرحمن بن وجه الجنة، ومحمد ابن رشيق المكتب، وأبي المطرف عبد الرحمن بن مروان القنازعي، وأحمد بن فتح بن الرسان، وأبي عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن الباجي، وأبي عمر أحمد بن عبد الملك بن المكوي، وأحمد بن القاسم التاهرتي، وعبد الله بن محمد بن أسد الجهني، وأبي حفص عمر بن حسين بن نابل، ومحمد بن خليفة الإمام، وعدة.
حدث عنه: أبو محمد بن حزم، وأبو العباس بن دلهاث الدلائي، وأبو محمد بن أبي قحافة، وأبو الحسن بن مفوز، والحافظ أبو علي الغساني، والحافظ أبو عبد الله الحميدي، وأبو بحر سفيان بن العاص، ومحمد بن فتوح الأنصاري، وأبو داود سليمان بن أبي القاسم نجاح، وأبو عمران موسى بن أبي تليد، وطائفة سواهم. وقد أجاز له من ديار مصر أبو الفتح بن سيبخت، صاحب البغوي، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وأجاز له من الحرم أبو الفتح عبيد الله السقطي، وآخر من روى عنه بالإجازة علي بن عبد الله بن موهب الجذامي.
قال الحميدي: أبو عمر فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي.
وقال أبو علي الغساني: لم يكن أحد ببلدنا في الحديث مثل قاسم بن محمد، وأحمد بن خالد الجباب. ثم قال أبو علي: ولم يكن ابن عبد البر بدونهما، ولا متخلفاً عنهما، وكان من النمر بن قاسط، طلب وتقدم، ولزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك الفقيه، ولزم أبا الوليد بن الفرضي، ودأب في طلب الحديث، وافتن به، وبرع براعة فاق بها من تقدمه من رجال الأندلس، وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه والمعاني له بسطة كبيرة في علم النسب والأخبار، جلا عن وطنه، فكان في الغرب مدةً، ثم تحول إلى شرق الأندلس، فسكن دانية، وبلنسية، وشاطبة، وبها توفي. وذكر غير واحد أن أبا عمر ولي قضاء أشبونة مدة.
قلت: كان إماماً ديناً، ثقة، متقناً، علامة، متبحراً، صاحب سنة واتباع، وكان أولاً أثرياً ظاهرياً فيما قيل، ثم تحول مالكياً مع ميل بين إلى فقه الشافعي في مسائل، ولا ينكر له ذلك، فإنه ممن بلغ رتبة الأئمة المجتهدين، ومن نظر في مصنفاته، بان له منزلته من سعة العلم، وقوة الفهم، وسيلان الذهن، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا أخطأ إمام في اجتهاده، لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنه، ونغطي معارفه، بل نستغفر له، ونعتذر عنه.
قال أبو القاسم بن بشكوال: ابن عبد البر إمام عصره، وواحد دهره، يكنى أبا عمر، روى بقرطبة عن خلف بن القاسم، وعبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، وأبي محمد بن عبد المؤمن، وأبي محمد بن أسد، وجماعة يطول ذكرهم. وكتب إليه من المشرق السقطي، والحافظ عبد الغني، وابن سيبخت، وأحمد بن نصر الداوودي، وأبو ذر الهروي، وأبو محمد بن النحاس.
قال أبو علي بن سكرة: سمعت أبا الوليد الباجي يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البر في الحديث، وهو أحفظ أهل المغرب.
وقال أبو علي الغساني: ألف أبو عمر في الموطأ كتباً مفيدة منها: كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد فرتبه على أسماء شيوخ مالك، على حروف المعجم، وهو كتاب لم يتقدمه أحد إلى مثله، وهو سبعون جزءاً.
قلت: هي أجزاء ضخمة جداً.
قال ابن حزم: لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله فكيف أحسن منه ؟.
ثم صنع كتاب الاستذكار لمذهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار، شرح فيه الموطأ على وجهه، وجمع كتاباً جليلاً مفيداً وهو الاستيعاب في أسماء الصحابة، وله كتاب جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله، وغير ذلك من تواليفه.
وكان موفقاً في التأليف، معاناً عليه، ونفع الله بتواليفه، وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه ومعاني الحديث له بسطة كبيرة في علم النسب والخبر.
وذكر جماعة أن أبا عمر ولي قضاء الأشبونة وشنترين في مدة المظفر ابن الأفطس.
ولأبي عمر كتاب الكافي في مذهب مالك. خمسة عشر مجلداً، وكتاب الاكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو، وكتاب التقصي في اختصار الموطأ، وكتاب الإنباه عن قبائل الرواة، وكتاب الانتقاء لمذاهب الثلاثة العلماء مالك وأبي حنيفة والشافعي، وكتاب البيان في تلاوة القرآن، وكتاب الأجوبة الموعبة، وكتاب الكنى، وكتاب المغازي، وكتاب القصد والأمم في نسب العرب والعجم، وكتاب الشواهد في إثبات خبر الواحد، وكتاب الإنصاف في أسماء الله، وكتاب الفرائض، وكتاب أشعار أبي العتاهية، وعاش خمسةً وتسعين عاماً.
قال أبو داود المقرئ: مات أبو عمر ليلة الجمعة سلخ ربيع الآخر، سنة ثلاث وستين وأربع مئة، واستكمل خمساً وتسعين سنة وخمسة أيام، رحمه الله.
قلت: كان حافظ المغرب في زمانه.
وفيها مات حافظ المشرق أبو بكر الخطيب، ومسند نيسابور أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري الشروطي، عن تسع وثمانين سنة، وشاعر الأندلس الوزير أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي القرطبي، ورئيس خراسان أبو علي حسان بن سعيد المخزومي المنيعي واقف الجامع المنيعي بنيسابور، وشاعر القيروان أبو علي الحسن بن رشيق الأزدي، ومسند هراة أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي، ومسند بغداد أبو الغنائم محمد بن علي بن علي بن الدجاجي المحتسب، ومسند مرو أبو بكر محمد بن أبي الهيثم عبد الصمد الترابي، وله ست وتسعون سنة، والمسند أبو علي محمد بن وشاح الزينبي مولاهم البغدادي.
وقيل: إن أبا عمر كان ينبسط إلى أبي محمد بن حزم، ويؤانسه، وعنه أخذ ابن حزم فن الحديث.
قال شيخنا أبو عبد الله بن أبي الفتح: كان أبو عمر أعلم من بالأندلس في السنن والآثار واختلاف علماء الأمصار.
قال: وكان في أول زمانه ظاهري المذهب مدةً طويلة، ثم رجع إلى القول بالقياس من غير تقليد أحد، إلا أنه كان كثيراً ما يميل إلى مذهب الشافعي. كذا قال. وإنما المعروف أنه مالكي.
وقال الحميدي: أبو عمر فقيه حافظ، مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف وعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، لم يخرج من الأندلس، وكان يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي. قلت: وكان في أصول الديانة على مذهب السلف، لم يدخل في علم الكلام، بل قفا آثار مشايخه رحمهم الله.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الحافظ، أخبرنا علي بن هبة الله الخطيب، أخبرنا أبو القاسم الرعيني، أخبرنا أبو الحسن بن هذيل، أخبرنا أبو داود بن نجاح قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، أخبرنا سعيد بن نصر، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد بن وضاح، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة، عن أبيه، عن جده قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في اليسر والعسر، والمنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم.
وأخبرناه عالياً بدرجات إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا أبو الفضل المبارك بن المبارك السمسار بقراءتي سنة 561، أخبرنا أبو عبد الله بن طلحة، أخبرنا عبد الواحد بن محمد، حدثنا الحسين ابن إسماعيل، حدثنا أحمد بن إسماعيل المدني، حدثنا مالك. فذكره.
أخرجه البخاري، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك.
كتب إلي القاضي أبو المجد عبد الرحمن بن عمر العقيلي، أخبرنا عمر بن علي بن قشام الحنفي بحلب، أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري، أخبرنا أبو الحسن بن موهب، أخبرنا يوسف بن عبد الله الحافظ، أخبرنا خلف بن القاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس، حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا سلمة بن رجاء، عن الوليد بن جميل، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته، وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر، ليصلون على معلم الخير. تفرد به الوليد، وليس بمعتمد.
أنبأنا عدة، عن أمثالهم، عن أبي الفتح بن البطي، عن محمد بن أبي نصر الحافظ، عن ابن عبد البر، حدثنا محمد بن عبد الملك، حدثنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا إبراهيم العبسي، عن وكيع، عن الأعمش قال: حدثنا أبو خالد الوالبي قال: كنا نجالس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فيتناشدون الأشعار، ويتذاكرون أيام الجاهلية.
قال ابن الأبار في الأربعين له: وفي التمهيد يقول مؤلفه:

سمير فؤادي مذ ثـلاثـون حـجّةً

 

وصيقل ذهني والمفرّج عن همّي

بسطت لكم فيه كـلام نـبـيّكـم

 

بما في معانيه من الفقه والعـلـم

وفيه من الآثار مـا يقـتـدى بـه

 

إلى البرّ والتّقوى وينهى عن الظّلم

البيهقي

هو الحافظ العلامة، الثبت، الفقيه، شيخ الإسلام، أبو بكر؛ أحمد ابن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي، الخراساني. وبيهق: عدة قرى من أعمال نيسابور على يومين منها.
ولد في سنة أربع وثمانين وثلاث مئة في شعبان. وسمع وهو ابن خمس عشرة سنة من: أبي الحسن محمد بن الحسين العلوي؛ صاحب أبي حامد بن الشرقي، وهو أقدم شيخ عنده، وفاته السماع من أبي نعيم الإسفراييني؛ صاحب أبي عوانة، وروى عنه بالإجازة في البيوع، وسمع من الحاكم أبي عبد الله الحافظ، فأكثر جداً، وتخرج به، ومن أبي طاهر بن محمش الفقيه، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبي علي الروذباري، وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي بكر بن فورك المتكلم، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي، والقاضي أبي بكر الحيري، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبي سعيد الصيرفي، وعلي بن محمد بن السقا، وظفر بن محمد العلوي، وعلي بن أحمد بن عبدان، وأبي سعد أحمد بن محمد الماليني الصوفي، والحسن بن علي المؤملي، وأبي عمر محمد بن الحسين البسطامي، ومحمد بن يعقوب الفقيه، بالطابران، وخلق سواهم. ومن أبي بكر محمد بن أحمد بن منصور، بنوقان. وأبي نصر محمد بن علي الشيرازي، ومحمد بن محمد بن أحمد ابن رجاء الأديب، وأحمد بن محمد الشاذياخي، وأحمد بن محمد بن مزاحم الصفار، وأبي نصر أحمد بن علي بن أحمد الفامي، وإبراهيم بن محمد الطوسي الفقيه، وإبراهيم بن محمد بن معاوية العطار، وإسحاق بن محمد بن يوسف السوسي، والحسن بن محمد بن حبيب المفسر، وسعيد ابن محمد بن محمد بن عبدان، وأبي الطيب الصعلوكي، وعبد الله بن محمد المهرجاني، وعبد الرحمن بن أبي حامد المقرئ، وعبد الرحمن ابن محمد بن بالويه، وعبيد بن محمد بن مهدي، وعلي بن محمد بن علي الإسفراييني، وعلي بن محمد السبعي، وعلي بن حسن الطهماني، ومنصور بن الحسين المقرئ، ومسعود بن محمد الجرجاني؛ وهؤلاء العشرون من أصحاب الأصم. وسمع ببغداد من هلال بن محمد بن جعفر الحفار، وعلي بن يعقوب الإيادي، وأبي الحسين بن بشران، وطبقتهم. وبمكة من الحسن بن أحمد بن فراس، وغيره. وبالكوفة من جناح بن نذير القاضي، وطائفة.
وبورك له في علمه، وصنف التصانيف النافعة، ولم يكن عنده سنن النسائي، ولا سنن ابن ماجه، ولا جامع أبي عيسى، بلى عنده عن الحاكم وقر بعير أو نحو ذلك، وعنده سنن أبي داود عالياً، وتفقه على ناصر العمري، وغيره.
وانقطع بقريته مقبلاً على الجمع والتأليف، فعمل السنن الكبير في عشر مجلدات، ليس لأحد مثله، وألف كتاب السنن والآثار في أربع مجلدات، وكتاب الأسماء والصفات في مجلدتين، وكتاب المعتقد مجلد، وكتاب البعث مجلد، وكتاب الترغيب والترهيب مجلد، وكتاب الدعوات مجلد، وكتاب الزهد مجلد، وكتاب الخلافيات ثلاث مجلدات، وكتاب نصوص الشافعي مجلدان، وكتاب دلائل النبوة أربع مجلدات، وكتاب السنن الصغير مجلد ضخم، وكتاب شعب الإيمان مجلدان، وكتاب المدخل إلى السنن مجلد، وكتاب الآداب مجلد، وكتاب فضائل الأوقات مجيليد، وكتاب الأربعين الكبرى مجيليد، وكتاب الأربعين الصغرى، وكتاب الرؤية جزء، وكتاب الإسراء وكتاب مناقب الشافعي مجلد، وكتاب مناقب أحمد مجلد، وكتاب فضائل الصحابة مجلد، وأشياء لا يحضرني ذكرها.
قال الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل في تاريخه: كان البيهقي على سيرة العلماء، قانعاً باليسير، متجملاً في زهده وورعه.
وقال أيضاً: هو أبو بكر الفقيه، الحافظ الأصولي، الدين الورع، واحد زمانه في الحفظ، وفرد أقرانه في الإتقان والضبط، من كبار أصحاب الحاكم، ويزيد على الحاكم بأنواع من العلوم، كتب الحديث، وحفظه من صباه، وتفقه وبرع، وأخذ فن الأصول، وارتحل إلى العراق والجبال والحجاز، ثم صنف، وتواليفه تقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد، جمع بين علم الحديث والفقه، وبيان علل الحديث، ووجه الجمع بين الأحاديث، طلب منه الأئمة الانتقال من بيهق إلى نيسابور، لسماع الكتب، فأتى في سنة إحدى وأربعين وأربع مئة، وعقدوا له المجلس لسماع كتاب المعرفة وحضره الأئمة. قال شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن البيهقي: حدثنا أبي قال: حين ابتدأت بتصنيف هذا الكتاب يعني كتاب المعرفة في السنن والآثار وفرغت من تهذيب أجزاء منه، سمعت الفقيه محمد بن أحمد وهو من صالحي أصحابي وأكثرهم تلاوة وأصدقهم لهجة يقول: رأيت الشافعي رحمه الله في النوم، وبيده أجزاء من هذا الكتاب، وهو يقول: قد كتبت اليوم من كتاب الفقيه أحمد سبعة أجزاء أو قال: قرأتها . ورآه يعتد بذلك. قال: وفي صباح ذلك اليوم رأى فقيه آخر من إخواني الشافعي قاعداً في الجامع على سرير وهو يقول: قد استفدت اليوم من كتاب الفقيه حديث كذا وكذا.
وأخبرنا أبي قال: سمعت الفقيه أبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ يقول: سمعت الفقيه محمد بن عبد العزيز المروزي يقول: رأيت في المنام كأن تابوتاً علا في السماء يعلوه نور، فقلت: ما هذا ؟ قال: هذه تصنيفات أحمد البيهقي. ثم قال شيخ القضاة: سمعت الحكايات الثلاثة من الثلاثة المذكورين.
قلت: هذه رؤيا حق، فتصانيف البيهقي عظيمة القدر، غزيرة الفوائد، قل من جود تواليفه مثل الإمام أبي بكر، فينبغي للعالم أن يعتني بهؤلاء سيما سننه الكبير، وقد قدم قبل موته بسنة أو أكثر إلى نيسابور، وتكاثر عليه الطلبة، وسمعوا منه كتبه، وجلبت إلى العراق والشام والنواحي، واعتنى بها الحافظ أبو القاسم الدمشقي، وسمعها من أصحاب البيهقي، ونقلها إلى دمشق هو وأبو الحسن المرادي.
وبلغنا عن إمام الحرمين أبي المعالي الجويني قال: ما من فقيه شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا أبا بكر البيهقي، فإن المنة له على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه.
قلت: أصاب أبو المعالي، هكذا هو، ولو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهباً يجتهد فيه؛ لكان قادراً على ذلك، لسعة علومه، ومعرفته بالاختلاف، ولهذا تراه يلوح بنصر مسائل مما صح فيها الحديث. ولما سمعوا منه ما أحبوا في قدمته الأخيرة، مرض، وحضرت المنية، فتوفي في عاشر شهر جمادى الأولى، سنة ثمان وخمسين وأربع مئة، فغسل وكفن، وعمل له تابوت، فنقل ودفن ببيهق؛ وهي ناحية قصبتها خسروجرد، هي محتده، وهي على يومين من نيسابور، وعاش أربعاً وسبعين سنة.
ومن الرواة عنه شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري، بالإجازة، وولده إسماعيل بن أحمد، وحفيده أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد، وأبو زكريا يحيى بن مندة الحافظ، وأبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، وزاهر بن طاهر الشحامي، وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي، وعبد الجبار بن عبد الوهاب الدهان، وعبد الجبار بن محمد الخواري، وأخوه عبد الحميد بن محمد الخواري، وأبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن البحيري النيسابوري؛ المتوفى سنة أربعين وخمس مئة، وطائفة سواهم.
ومات معه أبو الطيب عبد الرزاق بن عمر بن شمة الأصبهاني، صاحب ابن المقرئ، وإمام اللغة أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيدة، وشيخ الحنابلة القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء البغدادي.
أخبرنا الشيخ أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد سماعاً، عن زينب بنت عبد الرحمن، أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، أخبرنا أبو بكر البيهقي، أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد، أخبرنا أبو بكر بن حجة، حدثنا أبو الوليد، حدثنا عمرو بن العلاء اليشكري، عن صالح بن سرج، عن عمران بن حطان، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة، فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط. غريب جداً.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا زين الأمناء الحسن بن محمد، ومحمد بن عبد الوهاب بن الشيرجي، وابن غسان قالوا: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ، أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا ابن الأعرابي، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني أبو علي المدائني، حدثنا فطر بن حماد بن واقد، حدثنا أبي: سمعت مالك بن دينار يقول: يقولون: مالك زاهد ! أي زهد عند مالك وله جبة وكساء ؟ إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز، أتته الدنيا فاغرةً فاها، فأعرض عنها.

حيدرة

ابن الحسين، الأمير المؤيد، نائب دمشق للمستنصر، من كبار الدولة. ولي سنة إحدى وأربعين وأربع مئة، ودام تسع سنين ثم صرف، ثم ولي سنة ثلاث وخمسين، ثم عزل بعد عامين ببدر الجمالي ذكره ابن عساكر مختصراً ثم فر بدر من البلد بعد سنة، فوليه حيدرة بن منزو الكتامي، عرف بحصن الدولة، فقدم في رمضان سنة ست، ثم عزل بعد شهرين، وولي دري المستنصري.

الكازروني

الإمام الأوحد، شيخ الشافعية، أبو عبد الله؛ محمد بن بيان بن محمد الكازروني، المقرئ، فقيه أهل آمد.
حدث عن: أحمد بن الحسين بن الصياح البلدي، والقاضي أبي عمر الهاشمي، وابن رزقويه، وابن أبي الفوارس. وقرأ القرآن على الحمامي، أو غيره.
ارتحل إليه الفقيه نصر المقدسي، وتفقه عليه. وقرأ عليه القرآن أبو علي الفارقي الفقيه.
وحدث عنه: أبو غانم عبد الرزاق المعري، وعبد الله بن الحسن النحاس، وإبراهيم بن فارس، وآخرون.
وحدث بدمشق، قدمها للحج.
قال ابن عساكر: حدثني ضبة بن أحمد أنه لقيه، وسمع منه.
قال ابن النجار: توفي سنة خمس وخمسين وأربع مئة.

الخضري

الإمام العلامة، أبو عبد الله؛ محمد بن أحمد الخضري منسوب إلى بعض أجداده المروزي، الشافعي؛ صاحب القفال المروزي.
كان من أساطين المذهب، يضرب بذكائه وقوة حفظه المثل، وإذا حفظ شيئاً لا يكاد ينساه، وهو صاحب وجه في المذهب، له وجوه غريبة نقلها الخراسانيون، وقد نقل أن الشافعي صحح دلالة الصبي على القبلة.
وكان موثقاً في نقله، وله خبرة بالحديث.
عاش نيفاً وسبعين سنة، وكان حياً في حدود الخمسين إلى الستين وأربع مئة.

ابن أبي الطيب

الإمام العلامة، المفسر الأوحد، أبو الحسن، علي بن أبي الطيب؛ عبد الله بن أحمد النيسابوري.
له تفسير في ثلاثين مجلداً، وآخر في عشرة، وضعه في ثلاث مجلدات. وكان يملي ذلك من حفظه، وما خلف من الكتب سوى أربع مجلدات، إلا أنه كان آيةً في الحفظ، مع الورع والعبادة والتأله.
قيل: إنه حمل إلى السلطان محمود بن سبكتكين ليسمع وعظه، فلما دخل جلس بلا إذن، وأخذ في رواية حديث بلا أمر، فتنمر له السلطان، وأمر غلاماً، فلكمه لكمةً أطرشته، فعرفه بعض الحاضرين منزلته في الدين والعلم، فاعتذر إليه، وأمر له بمال، فامتنع، فقال: يا شيخ: إن للملك صولةً، وهو محتاج إلى السياسة، ورأيت أنك تعديت الواجب، فاجعلني في حل. قال: الله بيننا بالمرصاد، وإنما أحضرتني للوعظ، وسماع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وللخشوع لا لإقامة قوانين الرئاسة. فخجل الملك، واعتنقه.
ذكره ياقوت في تاريخ الأدباء، وقال: توفي في شوال سنة ثمان وخمسين وأربع مئة بسانزوار.
قلت: رتبة محمود رفيعة في الجهاد وفتح الهند وأشياء مليحة، وله هنات، هذه منها، وقد ندم واعتذر، فنعوذ بالله من كل متكبر جبار. وقد رأينا الجبارين المتمردين الذين أماتوا الجهاد، وطغوا في البلاد، فواحسرةً على العباد.

اللوزنكي

مفتي طليطلة، الإمام أبو جعفر، أحمد بن سعيد الأندلسي، اللوزنكي المالكي.
امتحنه ملك طليطلة المأمون، هو وابن مغيث، وابن أسد، وجماعة، اتهمهم على سلطانه، فأحضرهم مع قاضيهم أبي زيد القرطبي، وقيدهم، فهاجت العامة، ونفروا إلى السلاح، فقتل طائفة، فكفوا، واستبيحت دور المذكورين في سنة ستين وأربع مئة وسجنوا، وسجن الوزير ابن غصن الأديب، فصنف كتاب الممتحنين من لدن آدم عليه السلام إلى زمانه؛ اتهم بالنم على المذكورين ابن الحديدي كبير طليطلة، ثم مات المأمون، وقام بعده حفيده القادر، والعقد والحل بالبلد لابن الحديدي، فخوطب فيه القادر، فأخرج أضداده من السجن، فقتلوا ابن الحديدي، وطيف برأسه، وأضر ابن اللوزنكي في الحبس.

ثابت بن أسلم

العلامة أبو الحسن الحلبي، فقيه الشيعة، ونحوي حلب، ومن كبار تلامذة الشيخ أبي الصلاح.
تصدر للإفادة، وله مصنف في كشف عوار الإسماعيلية وبدء دعوتهم، وأنها على المخاريق، فأخذه داعي القوم، وحمل إلى مصر، فصلبه المستنصر، فلا رضي الله عمن قتله، وأحرقت لذلك خزانة الكتب بحلب، وكان فيها عشرة آلاف مجلدة، فرحم الله هذا المبتدع الذي ذب عن الملة، والأمر لله.

الحمادي

شيخ الحنفية والشافعية، العلامة أبو علي، حسن بن علي بن مكي ابن إسرافيل بن حماد الحمادي النسفي؛ أحد الأعلام.
كان حنفياً، ثم تحول شافعياً. سمع من: أبي نعيم عبد الملك الإسفراييني، وإسماعيل بن حاجب الكشاني. وعمر دهراً.
حدث عنه: حسين بن الخليل، شيخ أبي سعد السمعاني.
توفي سنة ستين وأربع مئة.

الحلوائي

الشيخ العلامة، رئيس الحنفية، شمس الأئمة الأكبر، أبو محمد، عبد العزيز بن أحمد بن نصر بن صالح البخاري، الحلوائي بفتح الحاء وبالمد إمام أهل الرأي بتلك الديار.
تفقه بالقاضي أبي علي الحسين بن الخضر النسفي.
وحدث عن: عبد الرحمن بن حسين الكاتب، وأبي سهل أحمد بن محمد بن مكي الأنماطي، ومحمد بن أحمد غنجار الحافظ، وصالح بن محمد، وجماعة.
وصنف التصانيف، وتخرج به الأعلام.
أخذ عنه: شمس الأئمة محمد بن أبي سهل السرخسي، وفخر الإسلام علي بن محمد بن الحسين البزدوي، وأخوه صدر الإسلام أبو اليسر محمد بن محمد، والقاضي جمال الدين أبو نصر أحمد بن عبد الرحمن، وشمس الأئمة أبو بكر محمد بن علي الزرنجري، وآخرون سماهم أبو العلاء الفرضي، ثم قال: ومات ببخارى في شعبان سنة ست وخمسين وأربع مئة، ودفن بمقبرة الصدور.
وأما السمعاني فقال في الأنساب: توفي بكس، وحمل إلى بخارى سنة ثمان أو تسع وأربعين.
وقال عبد العزيز النخشبي في معجمه: هو شيخ عالم بأنواع العلوم، معظم للحديث، غير أنه متساهل في الرواية، توفي في شعبان سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة.
وفيها مات علي بن حميد الذهلي؛ خطيب همذان وشيخها، وأبو عبد الله محمد بن أحمد القزويني؛ مقرئ مصر، وشيخ المالكية أبو الفضل محمد بن عبيد الله بن عمروس البغدادي.

ابن سراج

الإمام العلامة، قاضي الجماعة، أبو القاسم؛ سراج بن عبد الله بن محمد بن سراج الأموي مولاهم، الأندلسي، القرطبي، المالكي؛ قاضي قرطبة.
سمع صحيح البخاري من أبي محمد الأصيلي، بفوت يسير، وسمع من أبي عبد الله محمد بن برطال، وأبي محمد بن مسلمة، وأبي المطرف عبد الرحمن بن فطيس.
وولي القضاء بضع عشرة سنة، فحمد إلى الغاية، ولا حفظت عليه سقطة.
كان فقيهاً صالحاً، خيراً حليماً، على منهاج السلف، حمل عنه جماعة جلة، وعاش ستاً وثمانين سنة.
مات في شوال سنة ست وخمسين وأربع مئة.
وهو والد عبد الملك بن سراج، إمام اللغة.

القبري

الإمام العلامة، أبو شاكر، عبد الواحد بن محمد بن موهب التجيبي، الأندلسي، القبري نسبة إلى مدينة قبرة المالكي.
ولد سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
وتفرد في وقته بالإجازة من الفقيه أبي محمد بن أبي زيد.
وسمع من: أبي محمد الأصيلي، وأبي حفص بن نابل، وأبي عمر ابن أبي الحباب، وطائفة.
وله أيضاً إجازة من أبي الحسن القابسي. وولي القضاء والخطابة ببلنسية.
ذكره الحميدي، فقال فيه: محدث أديب، خطيب شاعر.
توفي في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وأربع مئة.
قلت: أخذ عنه أبو علي الغساني، وغيره. وهو خال أبي الوليد الباجي، وكان والده قد رحل، وتفقه على ابن أبي زيد، والقابسي، فاستجاز منهما لولده، وسكن أبو شاكر شاطبة مدةً. وله شعر رائق.