القيرواني

القيرواني

العلامة البليغ، أبو علي الحسن بن رشيق الشاعر.
كان أبوه من موالي الأزد. ولأبي علي تصانيف منها: العمدة في صناعة الشعر، وكتاب الأنموذج. والرسائل الفائقة.
ولد بالمسيلة، وتأدب، وعلمه أبوه الصياغة، فلما قال الشعر رحل إلى القيروان، ومدح ملكها، فلما أخذتها العرب، واستباحوها، دخل إلى صقلية، وسكن مازر، إلى أن مات سنة ثلاث وستين وأربع مئة، ويقال: مات في ذي القعدة سنة ست وخمسين.
وله كتاب قراضة الذهب. وكتاب الشذوذ في اللغة، ذكره ابن خلكان.

الإيلاقي

شيخ الشافعية، أبو الربيع طاهر بن عبد الله التركي.
وإيلاق: هي قصبة الشاش.
كان من كبراء الشافعية بتلك الديار.
تفقه بمرو على الشيخ أبي بكر القفال، وببخارى على الأستاذ أبي عبد الله الحليمي. وحدث عن أبي نعيم الإسفراييني، وجماعة.
وله وجه في المذهب. عاش ستاً وتسعين سنة.
توفي سنة خمس وستين وأربع مئة.
لم يقع لي حديثه عالياً.

غالب بن عبد الله

ابن أبي اليمن، العلامة، شيخ القراء والنحاة، أبو تمام القيسي، القرطبي، القطيني الأصل، نزيل دانية.
وقطينة: ضيعة بجزيرة ميورقة.
قرأ على أبي الحسن محمد بن قتيبة، وأبي عمرو الداني.
وسمع من ابن عبد البر، وجماعة.
وكان قائماً على كتاب سيبويه، رأساً في معرفته.
تخرج به أئمة مع الزهد والتعفف.
أراده الملك إقبال الدولة العامري على القضاء، فامتنع.
تلا عليه: عبد العزيز بن شفيع وغيره.
وله شعر جيد وفضائل.
وقد أخذ اللغة عن صاعد.
وكان مولده في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة. وسمع في سنة سبع وأربع مئة من حبيب بن أحمد الراوي عن قاسم بن أصبغ.
توفي سنة خمس وستين وأربع مئة: وقيل: سنة ست.

زعيم الملك

الوزير الكبير، أبو الحسن، علي بن الحسين بن علي بن عبد الرحيم العراقي. وزر بعد هلاك أخيه كمال الملك هبة الله للسلطان أبي نصر خسرو ابن الملك أبي كاليجار البويهي، في سنة ثلاث وأربعين، فلما أن تغلب البساسيري على العراق، سنة خمسين دخل يومئذ وزعيم الملك هذا عن يمينه، وكان يحترمه ويخاطبه بمولانا. ثم إنه هرب إلى البطائح، وفتر سوقه، وعاش إلى سنة ست وستين، وكان عمره سبعين سنة.

محمد بن عتاب

ابن محسن، الإمام العلامة، المحدث، مفتي قرطبة، أبو عبد الله مولى ابن أبي عتاب الأندلسي.
ولد سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة.
وحدث عن: عبد الرحمن بن أحمد التجيبي، وأبي القاسم خلف بن يحيى، وأبي المطرف القنازعي، وسعيد بن سلمة، وأبي عبد الله محمد بن نبات، وعبد الرحمن بن أحمد بن بشر القاضي، ويونس بن مغيث، وأبي أيوب بن عمرون، والقاضي أبي بكر بن واقد، وعدة.
حدث عنه: ابنه أبو محمد عبد الرحمن بن محمد، وغيره.
قال خلف بن بشكوال: كان فقيهاً ورعاً عاملاً، بصيراً بالحديث وطرقه، لا يجارى في الوثائق، كتبها عمره، وما أخذ عليها من أحد أجراً، يقال: قرأ فيها أزيد من أربعين مؤلفاً. وكان متفنناً في العلم، حافظاً للأخبار والأشعار والأمثال، صليباً في الحق، منقبضاً عن السلطان وأسبابه، متواضعاً، مقتصداً في ملبسه، يتولى حوائجه بنفسه. وكان شيخ أهل الشورى في زمانه، وعليه كان مدار الفتوى، دعي إلى قضاء قرطبة مراراً، فأبى، وكان يهاب الفتوى، ويقول: وددت أني أنجو منها كفافاً. وله اختيارات من أقاويل العلماء، يأخذ بها في خاصة نفسه.
قال أبو علي الغساني: كان من جلة العلماء الأثبات، وممن عني بالفقه وسماع الحديث دهره، وقيده، فأتقنه.
مات في صفر سنة اثنتين وستين وأربع مئة، وشيعه المعتمد بن عباد.

الصريفيني

الإمام الثقة الخطيب، خطيب صرفين، أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن أحمد بن مجيب بن المجمع بن بحر بن معبد، بن هزارمرد الصريفيني، راوي كتاب الجعديات، عن أبي القاسم بن حبابة.
سمع ابن حبابة، وابن أخي ميمي الدقاق، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وأبا طاهر المخلص، وأمة السلام بنت أحمد بن كامل، والحافظ أحمد بن محمد بن دوست العلاف، وغيرهم.
واختلف في نسبه في تقديم مجيب على مجمع.
حدث عنه: الخطيب، والحميدي، وأبو المظفر السمعاني، وهبة الله الشيرازي، ومحمد بن طاهر، وأبو بكر الأنصاري، وإسماعيل بن السمرقندي، وعلي بن سكينة، وعبد الوهاب الأنماطي، والحسين بن علي سبط الخياط، ويحيى بن علي بن الطراح، وآخرون.
وسمع من المخلص النسب للزبير، وكتاب الفتوح، وكتاب المزني، وأخبار الأصمعي، وكتاب البر، وكتاب الزهد لابن المبارك، وكتاب المزاح للزبير، وأشياء.
ذكره الخطيب، فقال: عرف والده بهزارمرد. قدم أبو محمد بغداد دفعات، وحدث بها، وكان صدوقاً.
وقال أبو سعد السمعاني: شيخ صالح خير، صارت إليه الرحلة، ولد ببغداد، وكان أحمد الناس طريقةً، وأجملهم خليقة، وأخلصهم نيةً، وأصفاهم طويةً، سمع منه الكبار. حكى ابن طاهر أن هبة الله بن عبد الوارث كان مصعداً إلى الشام، فدخل صريفين، فرأى شيخاً ذا هيئة، قاعداً على باب داره، فسأله: هل سمعت شيئاً ؟ فقال: سمعت من ابن حبابة، والكتاني، وأبي طاهر المخلص، وطبقتهم. فتعجب من ذلك، وطالبه بالأصول، فخرج له أصولاً عتيقة بخط ابن البقال، وغيره، فقرأ هبة الله ما عنده، ونسخ. ونم الخبر إلى عكبرا وبغداد، فرحل الناس إليه.
قال أبو الفضل بن خيرون: هو ثقة، له أصول جياد، قرأت بخط والده: ولد ابني عبد الله ليلة الجمعة، لخمس خلون من صفر، سنة أربع وثمانين.
توفي ابن هزارمرد في ثالث جمادى الآخرة، سنة تسع وستين وأربع مئة.
كتب إلينا أبو الحسن بن البخاري، وغيره بكتاب الجعديات، أن عمر بن محمد أخبرهم قال: أخبرنا عبد الوهاب الحافظ، أخبرنا عبد الله بن محمد الخطيب، أخبرنا أبو القاسم بن حبابة، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أخبرني أبو الأشهب، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال أنا في الجنة، فهو في النار. هذا مرسل غريب. وبه: حدثنا علي، أخبرني مبارك بن فضالة، عن الحسن قال: أخبرني عمران بن حصين، أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأقرع بينهم، وأعتق اثنين، وأرق أربعةً.
إسناده صالح، وهو نص في شرعية القرعة في مثل هذا. والله أعلم.

الشيخ الأجل

هو الصدر الأنبل، الرئيس القدوة، أبو منصور عبد الملك بن محمد ابن يوسف البغدادي، سبط الإمام أبي الحسين أحمد بن عبد الله السوسنجردي. وكان يلقب بالشيخ الأجل.
سمع جده، وأبا محمد بن البيع، وأحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي، وأبا عمر بن مهدي.
حدث عنه: ابناه، وأقاربه، وغير واحد.
قال الخطيب: كان أوحد وقته في فعل الخير، ودوام الصدقة والإفضال على العلماء، والنصر لأهل السنة، والقمع لأهل البدع، توفي وهو في عشر السبعين.
قلت: مات في المحرم، سنة ستين وأربع مئة. أرخه ابن خيرون، وقال: دفن عند جده لأمه، وحضره جميع الأعيان، وكان صالحاً، عظيم الصدقة، متعصباً للسنة، قد كفى عامة العلماء والصلحاء.
قلت: كان ذا جاه عريض واتصال بالخليفة.
وقال أبي النرسي: لم أر خلقاً قط مثل من حضر جنازته. رحمه الله.
وفيها توفي أحمد بن الفضل الباطرقاني شيخ أصبهان، ومفتي قرطبة أبو عمر أحمد بن محمد بن عيسى بن القطان القرطبي، والمعمر العلامة أبو علي الحسن بن علي بن مكي النسفي الحنفي ثم الشافعي، والواعظة خديجة بنت محمد بن علي الشاهجانية، التي تروي عن ابن سمعون، والمعمر عبد الدائم بن الحسن الهلالي الحوراني ثم الدمشقي، صاحب عبد الوهاب الكلابي، وشيخ الرافضة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المفسر، ومسند هراة أبو مضمر محلم بن إسماعيل الضبي.

أبو جعفر الطوسي

شيخ الشيعة، وصاحب التصانيف، أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي.
قدم بغداد، وتفقه أولاً للشافعي. ثم أخذ الكلام وأصول القوم عن الشيخ المفيد رأس الإمامية، ولزمه وبرع، وعمل التفسير، وأملى أحاديث ونوادر في مجلدين، عامتها عن شيخه المفيد.
وروى عن: هلال الحفار، والحسين بن عبيد الله الفحام، والشريف المرتضى، وأحمد بن عبدون، وطائفة.
روى عنه: ابنه أبو علي.
وأعرض عنه الحفاظ لبدعته، وقد أحرقت كتبه عدة نوب في رحبة جامع القصر، واستتر لما ظهر عنه من التنقص بالسلف، وكان يسكن بالكرخ، محلة الرافضة، ثم تحول إلى الكوفة، وأقام بالمشهد يفقههم.
ومات في المحرم سنة ستين وأربع مئة.
وكان يعد من الأذكياء لا الأزكياء. ذكره ابن النجار في تاريخه.
وله تصانيف كثيرة منها: كتاب تهذيب الأحكام كبير جداً، وكتاب مختلف الأخبار، وكتاب المفصح في الإمامة، وأشياء. ورأيت له مؤلفاً في فهرسة كتبهم وأسماء مؤلفيها.

ابن حمدان

الأمير الكبير، ناصر الدولة، حسين بن الأمير ناصر الدولة وسيفها حسن بن الحسين بن صاحب الموصل ناصر الدولة، أبي محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان، التغلبي.
كان أبوه قد عمل نيابة دمشق لصاحب مصر المستنصر، ونشأ ناصر الدولة، فكان شهماً شجاعاً، مقداماً مهيباً، وافر الحشمة، تمكن بمصر، وتقدم على أمرائها، وجرت له حروب وخطوب. وكان عازماً على إقامة الدعوة لبني العباس، فإنه تهيأت له الأسباب، وقهر المستنصر، وتركه على برد الديار، وأخذ منه أموالاً لا تحصى، ثم في الآخر انتدب لاغتياله وللفتك به إلدكز التركي في جماعة، فقتلوه في سنة خمس وستين وأربع مئة، وكان قد ولي إمرة دمشق أيضاً، وقتل معه أخوه فخر العرب، وطائفة من الحمدانية بمصر، واضطرب الجيش وماجوا. وكان قد راسل السلطان ألب آرسلان لينجده بعسكر، فأجابه.

حاتم بن محمد

ابن عبد الرحمن بن حاتم، المحدث المتقن، الإمام الفقيه، أبو القاسم التميمي، الطرابلسي، ثم الأندلسي القرطبي. أصله من طرابلس الشام.
مولده في نصف شعبان، سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة. وسمع من: عمر بن حسين بن نابل صاحب قاسم بن أصبغ، ومن أبي المطرف بن فطيس القاضي، ومحمد بن عمر بن الفخار، وحماد الزاهد، والفقيه أبي محمد بن الشقاق، وارتحل في سنة اثنتين وأربع مئة، فلقي الإمام أبا الحسن القابسي، ولازمه، وأكثر عنه، ثم حج في سنة ثلاث، وسمع من أحمد بن فراس العبقسي، وسمع صحيح مسلم من أبي سعيد السجزي، وسمع من محمد بن سفيان كتاب الهادي في السبع، ثم رجع بعلم جم، وأخذ بطليطلة عن الخطيب أبي محمد بن عباس، وخلف بن أحمد.
قال أبو علي الغساني: كان شيخنا حاتم ممن عني بتقييد العلم وضبطه، ثقةً، كتب الكثير بخطه المليح.
وقال أبو الحسن بن مغيث: كانت كتابته في نهاية الإتقان، ولم يزل مثابراً على حمل العلم وبثه والصبر على ذلك، مع كبر السن. أخذوا عنه لطول عمره. قال: وقد دعي إلى القضاء بقرطبة، فأبى.
قلت: حدث عنه: أبو علي، وأبو محمد بن عتاب، وطائفة.
مات في ذي القعدة، سنة تسع وستين وأربع مئة، عن نيف وتسعين سنة.

ابن يونس

الشيخ العالم، الحافظ، المحدث، الثقة، أبو علي، الحسن بن عمر بن حسن بن يونس الأصبهاني.
رحال صدوق، صاحب معرفة.
سمع أبا الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، وأبا عمر بن مهدي، وهلالاً الحفار، وطائفةً ببغداد، وأبا عمر الهاشمي بالبصرة، وعثمان بن أحمد البرجي، وأبا بكر بن مردويه، وجماعةً بأصبهان، وكتب الكثير.
حدث عنه: محمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمود بن أحمد بن ماشاذه وأبو سعد، أحمد بن محمد بن ثابت الخجندي، والمعمر إسماعيل ابن علي الحمامي، وآخرون.
توفي في ذي القعدة، سنة ست وستين وأربع مئة، وهو في عشر التسعين، رحمه الله.

العطار

الإمام الحافظ، الثقة، أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني، العطار، مستملي أبي نعيم الحافظ.
ارتحل وسمع أبا عمر الهاشمي، وعلي بن القاسم النجاد بالبصرة، وأبا القاسم الحرفي، وأبا علي بن شاذان ببغداد، وأبا بكر بن مردويه، وأبا سعيد محمد بن علي بن عمرو النقاش، وطبقتهما بأصبهان.
قال أبو سعد السمعاني: هو حافظ، عظيم الشأن عند أهل بلده، أملى عدة مجالس.
وقال الدقاق في رسالته: كان من الحفاظ، يملي من حفظه.
قلت: روى عنه: سعيد بن أبي الرجاء، والحسين الخلال، وفاطمة بنت محمد بن البغدادي، وإسماعيل بن علي الحمامي، وعدة.
توفي في صفر، سنة ست وستين وأربع مئة.

الواحدي

الإمام العلامة، الأستاذ، أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي، صاحب التفسير، وإمام علماء التأويل، من أولاد التجار. وأصله من ساوه.
لزم الأستاذ أبا إسحاق الثعلبي، وأكثر عنه، وأخذ علم العربية عن أبي الحسن القهندزي الضرير.
وسمع من: أبي طاهر بن محمش، والقاضي أبي بكر الحيري، وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، ومحمد بن إبراهيم المزكي، وعبد الرحمن بن حمدان النصروي، وأحمد بن إبراهيم النجار، وخلق.
حدث عنه: أحمد بن عمر الأرغياني، وعبد الجبار بن محمد الخواري، وطائفة أكبرهم الخواري.
صنف التفاسير الثلاثة: البسيط والوسيط، والوجيز. وبتلك الأسماء سمى الغزالي تواليفه الثلاثة في الفقه. ولأبي الحسن كتاب أسباب النزول، مروي، وكتاب التحبير في الأسماء الحسنى، وشرح ديوان المتنبي. وكان طويل الباع في العربية واللغات. وله أيضاً: كتاب الدعوات، وكتاب المغازي، وكتاب الإغراب في الإعراب، وكتاب تفسير النبي صلى الله عليه وسلم، وكتاب نفي التحريف عن القرآن الشريف.
تصدر للتدريس مدة، وعظم شأنه.
وقيل: كان منطلق اللسان في جماعة من العلماء ما لا ينبغي، وقد كفر من ألف كتاب حقائق التفسير، فهو معذور.
وله شعر رائق.
قال عن نفسه: درست اللغة على أبي الفضل أحمد بن محمد بن يوسف العروضي وكان من أبناء التسعين. روى عن الأزهري تهذيبه في اللغة، ولحق السماع من الأصم، وله تصانيف وأخذت التفسير عن الثعلبي، والنحو عن أبي الحسن علي بن محمد الضرير وكان من أبرع أهل زمانه في لطائف النحو وغوامضه، علقت عنه قريباً من مئة جزء في المشكلات وقرأت القراءات على جماعة. قال أبو سعد السمعاني: كان الواحدي حقيقاً بكل احترام وإعظام، لكن كان فيه بسط لسان في الأئمة، وقد سمعت أحمد بن محمد بن بشار يقول: كان الواحدي يقول: صنف السلمي كتاب حقائق التفسير، ولو قال: إن ذلك تفسير القرآن لكفرته.
قلت: الواحدي معذور مأجور.
مات بنيسابور في جمادى الآخرة، سنة ثمان وستين وأربع مئة، وقد شاخ.
أخوه:

الواحدي

الشيخ أبو القاسم، عبد الرحمن بن أحمد الواحدي.
سمع أبا طاهر بن محمش، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبا بكر الحيري.
حدث عنه: إسماعيل بن محمد التيمي الحافظ، وعبد الله بن الفراوي، وعبد الخالق بن زاهر الشحامي، وآخرون.
وأملى مجالس، وكان ثقةً صادقاً معمراً.
مات سنة سبع وثمانين وأربع مئة، وهو من أبناء التسعين. يقع لي من حديثه في مشيخة زاهر.
وأما أخوه المفسر، فما وقع لي حديثه بعلو.

البحيري

الإمام الفقيه، الصالح، أبو محمد، عبد الحميد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد البحيري، النيسابوري، راوي مسند أبي عوانة، عن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن، قرأه عليه الإمام أبو المظفر منصور السمعاني.
وحدث عنه: وجيه الشحامي، وأبو الأسعد هبة الرحمن بن القشيري، وجماعة.
مات في سنة تسع وستين وأربع مئة بنيسابور.
أخبرنا أحمد بن هبة الله الدمشقي، أنبأنا القاسم بن عبد الله بن الصفار، أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الواحد، أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، أخبرنا عبد الملك بن الحسن، أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحافظ سنة ست عشرة وثلاث مئة، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: بلغنا عن رجال من أهل العلم أنهم كانوا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة، والعلم يقبض قبضاً سريعاً، فنعش العلم ثبات الدين والدنيا، وذهاب ذلك في ذهاب العلم.
أخوه:

البحيري

هو الشيخ أبو الحسن، عبد الله بن عبد الرحمن البحيري، المزكي، شيخ زاهر الشحامي، ووالد عبد الرحمن بن عبد الله البحيري، المتوفى في سنة أربعين وخمس مئة.
يروي عن: محمد بن أحمد بن عبدوس، والسيد العلوي، وأبي نعيم الأزهري، وأبي عبد الله الحاكم، وعبد الرحمن بن المزكي، وعدة.
وأملى مجالس.
لا أعلم متى توفي، وكان موجوداً في حدود سنة ستين وأربع مئة.

ابن الحذاء

الإمام المحدث الصدوق، المتقن، أبو عمر، أحمد بن محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن يعقوب بن داود القرطبي، ابن الحذاء، مولى بني أمية.
مكثر عن والده الحافظ أبي عبد الله ابن الحذاء.
ندبه أبوه إلى الطلب في حداثته، فسمع من: عبد الله بن محمد بن راشد، وسعيد بن نصر، وعبد الوارث بن سفيان، وأبي القاسم عبد الرحمن الوهراني، وأدرك بهم درجة أبيه، وأول سماعه في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
نزح عن قرطبة في الفتنة الكبرى، وسكن سرقسطة والمرية، ثم ولي القضاء بطليطلة وبدانية، ثم تحول إلى إشبيلية وقرطبة.
حدث عنه: الحافظ أبو علي الغساني، وجماعة ممن أعرفهم أو لا أعرفهم، وكذا غالب مشايخ الأندلس، لا اعتناء لنا بمعرفتهم، لأن روايتهم لا تقع لنا.
وكان حسن الأخلاق، موطأ الأكناف، عالماً، سريع الكتابة، انتهى إليه علو الإسناد، مع ابن عبد البر.
مات في ربيع الآخر سنة سبع وستين وأربع مئة، وله سبع وثمانون سنة، ومشى المعتمد على الله في جنازته.
وفيها مات أبو منصور شجاع بن علي المصقلي، والقائم بأمر الله، وجمال الإسلام الداوودي، وأبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي، مصنف دمية القصر، وعلي بن الحسين بن صصرى بدمشق، وأبو بكر محمد بن علي بن محمد بن موسى الخياط المقرئ.

ابن سكينة

الشيخ الثقة، أبو عبد الله، محمد بن علي بن حسين بن سكينة، الأنماطي، البغدادي.
سمع عبيد الله بن أحمد الصيدلاني، ومحمد بن فارس الغوري، وعدة.
وعنه: قاضي المارستان، وأحمد بن البناء، وإسماعيل بن السمرقندي، وعبد الله اليوسفي.
توفي في ذي القعدة، سنة تسع وستين وأربع مئة، وله ثمانون سنة.

المهرواني

الشيخ الإمام، الزاهد، العابد، الصادق، بقية المشايخ، أبو القاسم، يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد المهرواني، الهمذاني، نزيل بغداد، من صوفية رباط الزوزني. سمع أبا أحمد الفرضي، وأبا الحسن بن الصلت، وأبا عمر بن مهدي، وأبا محمد بن البيع، وعلي بن محمد بن بشران، وطبقتهم. وانتقى عليه أبو بكر الخطيب خمسة أجزاء مشهورة، وابن خيرون ثلاثة أجزاء؛ لم تقع لي، وكان من ثقات النقلة.
حدث عنه: أبو بكر قاضي المارستان، ويوسف بن أيوب الهمذاني، وأبو القاسم إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الرحمن بن محمد القزاز، ويحيى بن الطراح، وأبو الفضل الأموي، وآخرون.
مات في رابع عشر ذي الحجة، سنة ثمان وستين وأربع مئة، في عشر التسعين، ودفن على باب رباط الزوزني، رحمه الله.
وفيها توفي الإمام أبو العباس أحمد بن منصور بن قبيس الغساني. الداراني الدمشقي المالكي، وأول سماعه بداريا في سنة اثنتين وأربع مئة. وأبو محمد الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني، ومقرئ واسط أبو علي الحسن بن القاسم غلام الهراس عن نيف وتسعين سنة، وأبو الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الجوهري الواعظ، وأبو نصر عبد الرحمن بن علي التاجر النيسابوري، وشيخ التفسير أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي، والإمام أبو الحسن علي بن الحسين بن جدا العكبري الحنبلي، وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك النيسابوري، وأبو الفرج علي بن محمد البجلي الجريري بهمذان، والحافظ أبو الحسن علي بن محمد الزبحي الجرجاني، والعلامة أبو الحسن محمد بن محمد بن عبد الله البيضاوي ببغداد، وأبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي الواسطي البزاز، والحافظ أبو بكر مكي بن جابار الدينوري، وخطيب همذان أبو القاسم يوسف بن محمد بن يوسف المحدث، وصاحب ابن أبي شريح أبو صاعد يعلى بن هبة الله الفضيلي الهروي، والمحدث اللغوي ناصر بن محمد بن علي البغدادي، التركي الأصل، والد الحافظ ابن ناصر، وله إحدى وثلاثون سنة، ومحدث غزنة أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الدينوري، ابن اللبان.

الهمذاني

الإمام المحدث الأوحد، الخطيب، أبو القاسم، يوسف بن محمد ابن يوسف بن حسن الهمذاني، خطيب همذان ومفيدها.
سمع أبا سهل عبيد الله بن زيرك، وأبا بكر بن لال، وأحمد بن إبراهيم التميمي، وأبا طاهر بن سلمة، وببغداد أبا أحمد الفرضي، وأبا الحسن بن الصلت، وأبا عمر بن مهدي، وأبا الفتح بن أبي الفوارس، وعدة.
حدث عنه: حفيده أبو منصور سعد بن سعيد الخطيب، وأبو علي أحمد بن سعد العجلي، وهبة الله بن الفرج الطويل، وأبو تمام إبراهيم بن أحمد البروجردي، وآخرون.
قال السمعاني: سمعت هبة الله بن الفرج يقول: كان يوسف بن محمد الخطيب شيخاً كبيراً، صاحب كرامات.
وأثنى عليه إلكياشيرويه الديلمي، ووصفه بالصدق والدين، وقال: ولد سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
مات في خامس ذي القعدة، سنة ثمان وستين وأربع مئة.
وفيها يوم عيد الفطر سكر ملك حلب نصر بن محمود بن صالح بن مرداس، وركب العصر، وأمر بنهب التركمان النازلين بالحاضر، فرماه واحد بسهم في حلقه، فقتله، وتملك أخوه سابق، فالبغي مصرعه.

ابن منده

الشيخ الإمام، المحدث، المفيد، الكبير، المصنف، أبو القاسم، عبد الرحمن ابن الحافظ الكبير أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الأصبهاني.
ولد سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة. وهو أكبر إخوته.
له إجازة زاهر السرخسي، وتفرد بها.
وحدث عن أبيه، فأكثر، وعن أبي جعفر بن المرزبان، وإبراهيم بن خرشيذ قوله، وإبراهيم بن محمد الجلاب، وأبي بكر بن مردويه، وأبي ذر ابن الطبراني، وأبي عمر الطلحي، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وخلق.
وارتحل إلى بغداد في سنة ست وأربع مئة، فسمع أبا عمر بن مهدي، وأبا محمد بن البيع، وابن الصلت الأهوازي، والموجودين، وسمع بواسط من ابن خزفة، وبمكة من أبي الحسن بن جهضم، وابن نظيف الفراء، وبنيسابور من أبي بكر الحيري، ولكن ما روى عنه لا هو ولا أبو إسماعيل الأنصاري لأشعريته.
قال أبو عبد الله الدقاق: ولد عبد الرحمن في السنة التي مات فيها أبو بكر ابن المقرئ، ومناقبه أكثر من أن تعد. كان صاحب خلق وفتوة وسخاء وبهاء، وكانت الإجازة عنده قويةً، وكان يقول: ما حدثت بحديث إلا على سبيل الإجازة كيلا أوبق. وله تصانيف كثيرة وردود على المبتدعة. وقال أبو سعد السمعاني: له إجازة زاهر بن أحمد، وعبد الرحمن بن أبي شريح، والجوزقي، والحاكم، وحمد بن عبد الله الأصبهاني. روى لنا عنه أبو نصر الغازي، وأبو سعد بن البغدادي، والحسين بن عبد الملك الخلال، وأبو بكر الباغبان، وأبو عبد الله الدقاق.
قال ابن طاهر: حدثنا أبو علي الدقاق بأصبهان: سمعت أبا القاسم بن مندة يقول: قرأت على أبي أحمد الفرضي ببغداد جزءاً، فأردت خطه بذلك، فقال: يا بني ! لو قيل لك بأصبهان: ليس ذا خط فلان. بم كنت تجيبه ؟ ومن كان يشهد لك ؟ فبعدها لم أطلب من شيخ خطاً.
السمعاني: سمعت الحسين بن عبد الملك الخلال، سمعت عبد الرحمن ابن منده يقول: قد عجبت من حالي، فإني وجدت أكثر من لقيته إن صدقته فيما يقوله مداراةً له؛ سماني موافقاً، وإن وقفت في حرف من قوله أو في شيء من فعله؛ سماني مخالفاً، وإن ذكرت في واحد منهما أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك؛ سماني خارجياً، وإن قرئ علي حديث في التوحيد؛ سماني مشبهاً، وإن كان في الرؤية؛ سماني سالمياً ... إلى أن قال: وأنا متمسك بالكتاب والسنة، متبرئ إلى الله من الشبه والمثل والند والضد والأعضاء والجسم والآلات، ومن كل ما ينسبه الناسبون إلي، ويدعيه المدعون علي من أن أقول في الله تعالى شيئاً من ذلك، أو قلته، أو أراه، أو أتوهمه، أو أصفه به.
وقال يحيى بن منده: كان عمي سيفاً على أهل البدع، وهو أكبر من أن يثني عليه مثلي، كان والله آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، كثير الذكر، قاهراً لنفسه، عظيم الحلم، كثير العلم، قرأت عليه قول شعبة: من كتبت عنه حديثاً فأنا له عبد. فقال عمي: من كتب عني حديثاً فأنا له عبد.
وسمعت أبي يقول: أفطرنا في رمضان ليلةً شديدة الحر، فكنا نأكل ونشرب، وكان أخي عبد الرحمن يأكل ولا يشرب، فخرجت وقلت: إن من عادة أخي أنه يأكل ليلةً ولا يشرب، ويشرب ليلة أخرى ولا يأكل. قال: فما شرب تلك الليلة، وفي الليلة الآتية كان يشرب ولا يأكل ألبتة، فلما كان في الليلة الثالثة قال: يا أخي: لا تلعب بعد هذا، فإني ما اشتهيت أن أكذبك.
قال الدقاق في رسالته: أول من سمعت منه الشيخ الإمام السيد السديد الأوحد أبو القاسم عبد الرحمن، فرزقني الله ببركته وحسن نيته، وجميل سيرته فهم الحديث. وكان جذعاً في أعين المخالفين، لا تأخذه في الله لومة لائم، ووصفه أكثر من أن يحصى.
وذكر أبو بكر أحمد بن هبة الله بن أحمد، أنه سمع من سعد الزنجاني بمكة يقول: حفظ الله الإسلام برجلين: أبي إسماعيل الأنصاري، وعبد الرحمن بن منده.
وقال السمعاني: سمعت الحسن بن محمد بن الرضا العلوي يقول: سمعت خالي أبا طالب بن طباطبا يقول: كنت أشتم أبداً عبد الرحمن بن منده، فسافرت إلى جرباذقان، فرأيت أمير المؤمنين عمر في النوم، ويده في يد رجل عليه جبة زرقاء، وفي عينه نكتة، فسلمت عليه فلم يرد علي، وقال: تشتم هذا: فقيل لي في المنام: هذا عمر، وهذا عبد الرحمن بن منده. فانتبهت، ثم رجعت إلى أصبهان، وقصدت عبد الرحمن، فلما دخلت عليه، صادفته كما رأيته في النوم، فلما سلمت عليه، قال: وعليك السلام يا أبا طالب. وقبلها ما رآني، ولا رأيته، فقال لي قبل أن أكلمه: شيء حرمه الله ورسوله يجوز لنا أن نحله ؟ فقلت: اجعلني في حل. وناشدته الله، وقبلت عينيه، فقال: جعلتك في حل فيما يرجع إلي.
قال السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، فسكت، وتوقف، فراجعته، فقال: سمع الكثير، وخالف أباه في مسائل، وأعرض عنه مشايخ الوقت، ما تركني أبي أن أسمع منه. كان أخوه خيراً منه.
قال المؤيد ابن الإخوة: سمعت عبد اللطيف بن أبي سعد البغدادي، سمعت أبي، سمعت صاعد بن سيار، سمعت الإمام أبا إسماعيل الأنصاري يقول في عبد الرحمن بن مندة: كانت مضرته أكثر من منفعته في الإسلام.
قلت: أطلق عبارات بدعه بعضهم بها، الله يسامحه. وكان زعراً على من خالفه، فيه خارجية، وله محاسن، وهو في تواليفه حاطب ليل؛ يروي الغث والسمين، وينظم رديء الخرز مع الدر الثمين.
قال يحيى: مات عمي في سادس عشر شوال، سنة سبعين وأربع مئة، وصلى عليه أخوه عبد الوهاب، وشيعه عالم لا يحصون. وممن روى عنه أبو سعد بن البغدادي الحافظ، وأبو بكر الباغبان، وبالإجازة مسعود الثقفي، وأول ما حدث في سنة سبع وأربع مئة في حياة كبار مشايخه.
أخبرنا قاسم بن مظفر، عن محمود بن إبراهيم، أخبرنا مسعود بن الحسن، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد إذناً، أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى الأهوازي، أخبرنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا سلم بن جنادة، حدثنا أبو معاوية وابن نمير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما مؤمن سببته أو لعنته أو جلدته، فاجعلها له زكاةً ورحمةً.
أخرجه مسلم، عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه.
أخوه عبد الوهاب سيأتي.
وأخوه:

ابن منده

الثقة الأمين، أبو الحسن، عبيد الله بن محمد التاجر.
سمع أباه، وابن خرشيذ قوله، وأبا جعفر بن المرزبان، والحسن بن يوه.
روى عنه الحسين بن عبد الملك الخلال، وجماعة.
وعاش ثمانين سنة.
مات بجيرفت، سنة اثنتين وستين وأربع مئة، وقيل: مات سنة أربع وستين، فالله أعلم.

أبو نصر التاجر

الشيخ العالم، الصالح، العدل، المسند، أبو نصر، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن أحمد بن حسين بن موسى النيسابوري المزكي التاجر.
سمع أبا الحسين الخفاف، ويحيى بن إسماعيل الحربي، وأبا أحمد بن أبي مسلم الفرضي، وأبا عمر بن مهدي، وأبا القاسم علي بن أحمد الخزاعي، وطائفةً بخراسان والعراق.
قال عبد الغافر الفارسي: ارتحل في صباه، وسمع من أصحاب ابن صاعد، والمحاملي. وروى الكثير.
وقال أبو سعد السمعاني: حدثنا عنه زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وهبة الرحمن بن عبد الواحد بن القشيري، وآخرون. وكان ثقةً صالحاً مكثراً.
مات سنة ثمان وستين وأربع مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين إملاءً، أخبرنا عبد الله بن محمد بن الشرقي، حدثنا عبد الرحمن بن بشر، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، حدثني سهيل بن أبي صالح، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من غسله الغسل، ومن حمله الوضوء.
إسناده صالح، وهو ظاهر في أن ذلك سنة، ولا بد للحديث من تقدير شيء محذوف مع الغسل، ومع الوضوء، فالمقدر: المشروع أو المسنون أو المستحب أو الواجب. والله أعلم.

الجوري

العالم الحافظ المفيد، الثقة، أبو منصور، عمر بن أحمد بن محمد بن موسى الجوري، الحنفي، الصوفي، العابد، تلميذ الشيخ أبي عبد الرحمن السلمي.
سمع من أبي الحسين الخفاف، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن، ومحمد ابن الحسن العلوي.
وكان من خواص أصحاب السلمي، كتب عنه تصانيفه.
حدث عنه: زاهر بن طاهر، وأخوه وجيه، وعبد الغافر بن إسماعيل، وإسماعيل بن أحمد المؤذن، ومحمد بن الفضل الفراوي، وآخرون.
وهو من جور، أحد أعمال نيسابور.
مات في جمادى الآخرة، سنة تسع وستين وأربع مئة، عن سن عالية.

صاحب حلب

الملك عز الدولة محمود بن الملك صالح بن مرداس الكلابي.
تسلم حلب من عمه عطية، فوليها عشر سنين، وكان شجاعاً مهيباً جواداً، يداري الدولتين، المصرية والبغدادية.
ولابن حيوس فيه مدائح.
توفي سنة سبع وستين وأربع مئة. وتملك ابنه الأمير نصر، وأم نصر هي بنت الملك العزيز بن جلال الدولة بن بويه. فقتل نصر بعد سنة بظاهر حلب.

الصليحي

صاحب اليمن، كان أبوه من قضاة اليمن، وهو الملك أبو الحسن، علي بن القاضي محمد بن علي.
دار به داعي الباطنية عامر الزواخي حتى أجابه وهو حدث، فتفرس به عامر النجابة، وقيل: ظفر بحليته في كتاب الصور، فأطلعه على ذلك، وشوقه، واسر إليه أموراً، ثم لم ينشب عامر أن هلك، فأوصى بكتبه لعلي، فعكف على الدرس والمطالعة، وفقه وتميز في رأي العبيدية، ومهر في تأويلاتهم، وقلبهم للحقائق. وهو القائل:

أنكحت بيض الهند سمر رماحهم

 

فرؤوسهم عوض النّثار نثـار

وكذا العلى لا يستباح نكاحـهـا

 

إلاّ بحيث تطلّـق الأعـمـار

ثم صار يحج بالناس على طريق السراة خمس عشرة سنة، وكان الناس يقولون له: ستملك اليمن بأسره. فينكر على القائل، فلما كان في سنة تسع وعشرين وأربع مئة، ثار بجبل مشار في ستين رجلاً، فأووا إلى ذروة شاهق، فما أمسوا حتى أحاط بهم عشرون ألفاً، وقالوا: انزل وإلا قتلناكم جوعاً وعطشاً. قال: ما فعلت هذا إلا خوفاً أن يملكه غيرنا، وإن تركتمونا نحرسة، وإلا نزلنا إليكم. وخدعهم، فانصرفوا، فلم يمض عليه أشهر حتى بناه وحصنه، ولحق به كل طماع وذي جلادة، وكثروا، فاستفحل أمره، وأظهر الدعوة لصاحب مصر المستنصر، وكان يخاف من نجاح صاحب تهامة، ويلاطفه، ويتحيل عليه، حتى سقاه مع جارية مليحة أهداها له، واستولى على الممالك اليمنية في سنة خمس وخمسين وأربع مئة، وخطب على منبر الجند، فقال: وفي مثل هذا اليوم نخطب على منبر عدن. فقال رجل: سبوج قدوس. يستهزئ بقوله، فأمر بأخذه، فاتفق أنه أخذ عدن، وخطب، وصيرها دار ملكه، وأنشأ عدة قصور أنيقة، وأسر ملوكاً، وامتدت أيامه، ثم حج، وأحسن إلى أهل مكة.
وكان أشقر أزرق، يسلم على من مر عليهم، وكان ذا ذكاء ودهاء، كسا الكعبة البياض، وخطب لزوجته أيضاً معه على المنابر، وكان فرسه بألف دينار، ويركب بالعصائب، وتركب الحرة في مئتي جارية في الحلي والحلل ومعها الجنائب بسروج الذهب، ثم إنه حج في سنة ثلاث وسبعين، واستخلف على اليمن ابنه أحمد الملك المكرم، فلما نزل بالمهجم، وثب عليه جياش بن نجاح وأخوه سعيد الأحول، فقتلاه بأبيهما، وكانا قد خرجا في سبعين نفساً بلا سلاح، بل مع كل واحد جريدة في رأسها زج، وساروا نحو الساحل، فجهز لحربهم خمسة آلاف، فاختلفوا في الطريق، ووصل السبعون إلى منزلة الصليحي، وقد أخذ منهم التعب والحفاء، فظنهم الناس من عبيد العسكر، فشعر بهم أخو الصليحي، فدخل مخيمه وقال: اركب فهذا الأحول سعيد. فقال الصليحي: لا أموت إلا بالدهيم. فقال رجل: قاتل عن نفسك، فهذا والله الدهيم. فلحقه زمع الموت، وبال، وما برح حتى قطع رأسه بسيفه، وقتل أخوه عبد الله وأقاربه، وذلك في ذي القعدة من سنة ثلاث، والتف أكثر العسكر على ابن نجاح، وتملك، ورفع رأس الصليحي على قناة، وتملك ابن نجاح مدائن، وجرت أمور إلى أن دبرت الحرة على قتله بعد ثمانية أعوام، فقتل.
وحدثني تاج الدين عبد الباقي النحوي في تاريخه قال: احتضر رأس الدعاة، فأعطى الصليحي ما جمع من الأموال، فأقام يعمل الحيل، ثم صعد جبلاً في جمع، وبناه حصناً، وحارب، وأمره يستفحل، ثم اقتفاه ابن أبي حاشد متولي صنعاء، فقتل وقتل معه ألف، وتملك الصليحي صنعاء، وطوى اليمن سهلاً وجبلاً، واستقر ملكه لجميع اليمن من مكة إلى حضرموت إلى أن قتله سعيد، وأخذ بثأر أبيه نجاح، ودام ملك ولده المكرم على شطر اليمن مدةً، وحارب ابن نجاح غير مرة إلى أن مات سنة أربع وثمانين، فتملك بعده ابن عمه سبأ بن أحمد إلى سنة خمس وتسعين، وصار الملك إلى آل نجاح مدة.

الباخرزي

العلامة الأديب، صاحب دمية القصر، أبو الحسن، علي بن الحسن بن علي بن أبي الطيب الباخرزي، الشاعر، الفقيه الشافعي.
تفقه بأبي محمد الجويني، ثم برع في الإنشاء والآداب، وسافر الكثير، وسمع الحديث، وكتابه هو ذيل ليتيمة الدهر للثعالبي. وقيل: ذيل علي بن زيد البيهقي الأديب عليه بكتاب وشاح الدمية.
وللباخرزي ديوان كبير، ونظمه رائق.
قتل بباخرز من أعمال نيسابور، وطل دمه في ذي القعدة سنة سبع وستين وأربع مئة، وكان من كبار كتاب الإنشاء. ذكره ابن خلكان.

الزبحي

الحافظ العالم، أبو الحسن، علي بن أبي محمد بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زكريا، الجرجاني، الزبحي. والزبح: بزاي مفتوحة وبموحدة ثم حاء مهملة: من أعمال جرجان.
ولد بعد التسعين وثلاث مئة.
سمع علي بن محمد المؤدب، وعبد الواحد بن محمد المنيري، والقاضي أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي، وعبد الله بن عبد الرحمن البناني الحرضي، والحافظ حمزة السهمي، وطبقتهم.
روى عنه: إسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وصاعد بن سيار، وطائفة.
وألف تاريخ جرجان، وسكن هراة، وهو خال الحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني، وعاش ستاً وسبعين سنة.
مات في صفر سنة ثمان وستين وأربع مئة. وزبح كما قلنا قيده أبو نعيم بن الحداد.

الوخشي

الشيخ الإمام الحافظ، المحدث الزاهد، أبو علي، الحسن بن علي بن محمد بن أحمد بن جعفر البلخي، الوخشي.
ولد سنة خمس وثمانين وثلاث مئة، قاله السمعاني.
سمع أبا عمر بن مهدي، والقاضي أبا عمر الهاشمي، وأبا محمد بن النحاس المصري، وتمام بن محمد الرازي، وعقيل بن عبدان، والقاضي أبا بكر الحيري، وخلقاً كثيراً. وكان جوالاً في الآفاق.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وعمر بن محمد السرخسي، وعمر بن علي، وآخرون.
قال الخطيب: علقت عنه ببغداد وأصبهان.
وقال أبو سعد السمعاني: كان حافظاً فاضلاً ثقة، حسن القراءة، رحل إلى العراق والجبال والشام، والثغور ومصر، وذاكر الحفاظ، وسمع ببلخ من أبي القاسم علي بن أحمد الخزاعي، وبنيسابور من أبي زكريا المزكي، وببغداد من ابن مهدي، وبأصبهان من أبي نعيم.
وقال عبد العزيز النخشبي: كان يتهم بالقدر.
قلت: انتقى على أبي نعيم خمسة أجزاء تعرف بالوخشيات، وكان ربما حدث من حفظه، سئل عنه إسماعيل بن محمد التيمي، فقال: حافظ كبير.
قلت: قد روى عن الوخشي كتاب السنن لأبي داود أبو علي الحسن ابن علي الحسيني البلخي.
قال عمر المحمودي: لما مات الوخشي كنت قد راهقت، فلما وضعوه في القبر، سمعنا صيحةً، فقيل: إنه لما وضع في القبر، خرجت الحشرات من المقبرة. وكان في طرفها واد، فأخذت إليه الحشرات، فذهبت والناس لا يعرضون لها.
قال ابن النجار: سمع أيضاً بحلب وبهمذان من محمد بن أحمد بن مزدين، سمع منه نظام الملك ببلخ، وصدره بمدرسته ببلخ.
وعن الوخشي قال: جعت بعسقلان أياماً، وعجزت عن الكتابة، ثم فتح الله.
مات الوخشي في خامس ربيع الآخر، سنة إحدى وسبعين وأربع مئة ببلخ وله ست وثمانون سنة. قاله السمعاني.
وقال: سمعت عمر السرخسي يقول: ورد نظام الملك علينا، فقيل له: إن بقرية وخش شيخاً ذا رحلة ومعرفة، فاستدعاه، وقرؤوا عليه سنن أبي داود.
فقال الوخشي يوماً: رحلت، وقاسيت الذل والمشاق، ورجعت إلى وخش، وما عرف أحد قدري، فقلت: أموت ولا ينتشر ذكري، ولا يترحم أحد علي، فسهل الله، ووفق نظام الملك حتى بنى هذه المدرسة، وأجلسني فيها أحدث، لقد كنت بعسقلان أسمع من ابن مصحح، وبقيت أياماً بلا أكل، فقعدت بقرب خباز؛ لأشم رائحة الخبز، وأتقوى بها.
أخبرتنا زينب بنت عمر بن كندي، أنبأنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل، أخبرنا عمر بن علي المحمودي القاضي ببلخ، حدثنا الحسن بن علي الحافظ، حدثنا تمام بن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن أيوب بن حذلم، حدثنا أبو زرعة، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثني إبراهيم قال: قال الأسود: كنا جلوساً عند عائشة، فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها، فقالت عائشة: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة، فأوذن بها، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس .. وذكر الحديث.

ابن الخلال

الشيخ الصالح الصدوق، أبو القاسم، عبد الله بن الحافظ، أبي محمد الحسن بن محمد بن الحسن، البغدادي، الخلال.
ولد سنة خمس وثمانين وثلاث مئة.
وسمعه أبوه من أبي حفص الكتاني، وأبي طاهر المخلص، وعبيد الله بن أحمد الصيدلاني، وجماعة.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان صدوقاً.
وقال أبو سعد السمعاني: كان صالحاً صدوقاً، صحيح السماع، بكر به أبوه، وسمعه، وعمر حتى نقل عنه الكثير، حدثنا عنه إسماعيل بن السمرقندي، وأبو الفضل بن المهتدي بالله، وأبو الحسن بن صرما، وجماعة.
وقال ابن خيرون: ثقة.
قال شجاع الذهلي: توفي في ثامن عشر صفر سنة سبعين وأربع مئة.
قلت: سماعه من الكتاني في الخامسة، ومن هذا الحين أخذ الطلبة في تسميع أولادهم في سن الحضور، ففسد النظام، بل الإجازة أجود من الحضور في القوة، إذ من سمع حضوراً بلا فهم لم يتحمل شيئاً، والمجاز له قد يحمل، أما إذا كان مع الحضور إذن من الشيخ في الرواية، فهو أجود.

الدينوري اللبان

الإمام المحدث الجوال، المسند الصدوق، أبو الحسن، علي بن محمد بن نصر الدينوري اللبان، نزيل غزنة ومحدثها.
سمع أبا عمر بن مهدي، وطبقته ببغداد، والقاضي أبا عمر الهاشمي، وطائفةً بالبصرة، وأبا عبد الرحمن السلمي، وأبا بكر الحيري، وعدةً بنيسابور، وأبا سعيد النقاش، وعلي بن ميلة الفرضي، وجماعةً بأصبهان. حدث عنه: مسافر وأحمد ابنا محمد بن علي البسطامي، وجماعة لا نعرفهم من أهل تلك الناحية، وأجاز لحنبل بن علي.
قال السمعاني: سمعت شيخنا الموفق بن عبد الكريم يقول: كان شيخنا أبو الحسن بن اللبان الدينوري بغزنة وعندة الحلية عن أبي نعيم، فأتاه صوفي ليسمعها، فقال: إن هذا كتاب فيه ذكر الممتحنين، فإن أردت أن تقرأه، فوطن نفسك على المحنة. قال: نعم. وقرأ أياماً إلى أن انتهى إلى ذكر فلان، وكان في المجلس حنفي، فسعى بالشيخ إلى القاضي، ورفع الأمر إلى السلطان، فأمر الشيخ بلزوم بيته، وأغلق مسجده، ومنع من التحديث، وكان ذلك في أواخر عمره، وضرب الصوفي ونفي، وصحت فراسة الشيخ.
قلت: قد شان أبو نعيم كتابه بذلك.
توفي الدينوري هذا في سنة ثمان وستين وأربع مئة.
قال ابن النجار: كان من الجوالين في طلب الحديث، سمع بالدينور أبا منصور محمد بن أحمد بن علي بن ميمونة ... إلى أن قال: وببغداد أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن الصلت، وابن رزقويه.
روى عنه: أبو بكر الخطيب.
وقال يحيى بن مندة: كان مذكوراً في الحفاظ، موصوفاً بالفهم.
وقال أبو الفضل بن خيرون: سمع في كل بلد، وجمع الكثير، وحدث، وهو ثقة.

ابن حيان

الإمام المحدث، المؤرخ، النحوي، صاحب التصانيف أبو مروان، حيان بن خلف بن حسين بن حيان الأموي مولاهم، القرطبي، الأخباري، الأديب.
ولد سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
ومات في عشر المئة إلا قليلاً.
وسمع من: أبي حفص عمر بن حسين بن نابل وغيره، ولزم أبا عمر بن الحباب النحوي، تلميذ القالي، وصاعد بن الحسن.
حدث عنه: أبو علي الغساني، ووصفه بالصدق، وقال: ولد ... فذكره.
وقال أبو عبد الله بن عون: كان أبو مروان فصيحاً بليغاً، كان لا يتعمد كذباً فيما يحكيه من القصص والأخبار.
قلت: من تصانيفه كتاب المقتبس في تاريخ الأندلس عشرة أسفار، وكتاب المبين في تاريخ الأندلس مبسوطاً في ستين مجلداً، نقله ابن خلكان.
قيل: رآه بعضهم في النوم، فسأله عن التاريخ، فقال: لقد ندمت عليه، إلا أن الله أقالني، وغفر لي بلطفه.
توفي أبو مروان بن حيان في أواخر شهر ربيع الأول، سنة تسع وستين وأربع مئة.
قال الغساني: كان بارعاً في الآداب، صاحب لواء التاريخ بالأندلس، أفصح الناس فيه.

ابن النقول

الشيخ الجليل، الصدوق، مسند العراق، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن النقور، البغدادي، البزاز.
مولده في جمادى الأولى، سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
وسمع علي بن عمر الحربي، وعبيد الله بن حبابة، وأبا حفص الكتاني، ومحمد بن عبد الله الدقاق، ابن أخي ميمي، وأبا طاهر المخلص، وعيسى بن الوزير، وعلي بن عبد العزيز بن مردك، وطائفة.
وتفرد بأجزاء عالية كنسخة هدبة بن خالد، ونسخة كامل بن طلحة، ونسخة طالوت، ونسخة مصعب الزبيري، ونسخة عمر بن زرارة، وأشياء.
وكان صحيح السماع، متحرياً في الرواية.
حدث عنه: الخطيب، والحميدي، وابن الخاضبة، ومحمد بن طاهر، ومؤتمن الساجي، والحسين سبط الخياط، وإسماعيل بن السمرقندي، وعمر بن إبراهيم الزيدي، ومحمد بن أحمد بن صرما، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو نصر إبراهيم بن الفضل البار، وأبو البدر إبراهيم بن محمد الكرخي، وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبو الفتح عبد الله بن محمد البيضاوي.
قال الخطيب: كان صدوقاً.
وقال ابن خيرون: ثقة.
قال الحسين سبط الخياط: كان إذا تكلم أحد في مجلس ابن النقور قال لكاتب الأسماء: لا تكتبه.
وقال أبو الحسن بن عبد السلام: كان أبو محمد التميمي يحضر مجلس ابن النقور، ويسمع منه، ويقول: حديث ابن النقور سبيكة الذهب.
وكان يأخذ على نسخة طالوت بن عباد ديناراً.
قال الحافظ ابن ناصر: إنما أخذ ذلك، لأن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أفتاه بذلك، لأن أصحاب الحديث كانوا يمنعونه من الكسب لعياله، وكان أيضاً يمنع من ينسخ حالة السماع.
قال أبو علي الحسن بن مسعود الدمشقي: كان ابن النقور يأخذ على جزء طالوت ديناراً، فجاء غريب، فأراد أن يسمعه، فقرأه عليه، وما صرح، بل قال: حدثنا أبو عثمان الصيرفي. فما تفطن لها ابن النقور، وحصل للغريب الجزء كذلك.
مات ابن النقور في سادس عشر رجب، سنة سبعين وأربع مئة، عن تسعين سنة.
ابنه:

ابن النقور

الشيخ أبو منصور محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن النقور البزاز.
سمع أبا إسحاق البرمكي، وأبا القاسم التنوخي، وجماعة.
حدث عنه: ولده أبو بكر عبد الله بن محمد، وأبو طاهر السلفي، وغيرهما.
قال السلفي: لم يكن بذاك، لكنه سمع الحديث الكثير، وكان ابنه أبو بكر يسمع معنا.
قلت: مات محمد سنة سبع وتسعين وأربع مئة، من أبناء الستين.

ابن طلاب

الشيخ، الإمام، الثقة، المقرئ، خطيب دمشق، أبو نصر، الحسين بن محمد بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن طلاب القرشي الدمشقي، مولى عيسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي.
حدث عن: أبي الحسين بن جميع بمعجمه، وعن أبي بكر بن أبي الحديد، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وعطية الله الصيداوي، وعدة.
روى عنه: أبو عبد الله بن أبي الحديد، وأبو الفتيان الرؤاسي، وأبو القاسم النسيب، وعلي بن أحمد بن قبيس، وجمال الإسلام علي بن المسلم، وإسماعيل بن السمرقندي، وآخرون.
قال النسيب: هو ثقة أمين.
وقال ابن قبيس: كان ابن طلاب قد كسب في الوكالة كسباً عظيماً، فحدثني قال: لما استوفيت سبعين سنةً، قلت: أكثر ما أعيش عشر سنين أخرى. فجعلت لكل سنة مئة دينار. قال: فعاش أكثر من ذلك، وكان له ملك بالشاغور.
وقال النسيب: سألته عن مولده، فقال: في آخر سنة تسع وسبعين وثلاث مئة بصيدا.
قال هبة الله بن الأكفاني: كان فاضلاً، ثقةً، مأموناً، كثير الدرس للقرآن، كان يخطب للمصريين، ثم تخلى عن ذلك، مات في ثالث صفر، سنة سبعين وأربع مئة. وقيل: مات في المحرم بصيدا.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضوراً، أخبرنا علي بن المسلم، حدثنا الحسين بن محمد، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن الدوري، حدثنا الحسين بن عرفة، حدثنا قدامة بن شهاب المازني، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن وبرة، عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطيب الكسب، فقال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور.

الفارسي

الشيخ، المسند، الصدوق، أبو عبد الله، محمد بن أبي مسعود عبد العزيز الفارسي، ثم الهروي، راوي جزء أبي الجهم، ونسخة مصعب الزبيري، والأجزاء الستة من حديث ابن صاعد، عن عبد الرحمن بن أبي شريح الزاهد.
حدث عنه: محمد بن طاهر المقدسي، وعبد السلام بن أحمد بكبرة، وأبو الفتح محمد بن علي المصري، وأبو الوقت عبد الأول السجزي، وخلق من أهل هراة، أخذ عنهم السمعاني، وابن عساكر. وطال عمره.
قال ابن طاهر: ارتحلت إلى أبي عبد الله محمد بن أبي مسعود، فذكر أنه منع من الدخول إليه، فتنازل معهم، إلى أن يدخل، فيقرأ حديثاً واحداً، ويخرج. فأذن له، فلما دخل، وقرأ الحديث الذي من نسخة مصعب؛ الذي في ذكر خيبر، وقد رواه البخاري نازلاً عن المسندي: حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، حدثنا مالك. وكذلك بين هذا الشيخ وبين مالك فيه ثلاثة أنفس، كالبخاري، فقال لابن طاهر، ولم اخترت قراءة هذا الحديث ؟ فوصف له علوه، فقال: اقرأ باقي الجزء. ثم قال: لازمته، وأكثرت عنه.
توفي في شوال سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.
وفيها توفي أبو علي الحسن بن عبد الرحمن الشافعي بمكة، وأبو بكر محمد بن حسان الملقاباذي، وأبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العكبري النديم، وأبو بكر محمد بن هبة الله ابن اللالكائي، وهياج بن عبيد الحطيني الزاهد، ويحيى بن محمد الأقساسي العلوي الكوفي.
أخبرنا عبد الحافظ بنابلس، أخبرنا موسى بن عبد القادر، وحسين بن المبارك قالا: أخبرنا عبد الأول، أخبرنا محمد بن عبد العزيز، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو الجهم، حدثني سوار بن مصعب، عن مطرف، عن أبي الجهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أكلت لحمه، فلا بأس ببوله.

ابن المحب

الشيخ، الإمام، الواعظ، المسند، أبو القاسم، الفضل بن عبد الله ابن المحب النيسابوري.
سمع من: أبي الحسين الخفاف، وبه ختم حديثه، وأبي الحسين العلوي، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وابن محمش، وطائفة. ارتحل إليه ابن طاهر، وحدث عنه هو وزاهر الشحامي، ومحمد بن إسماعيل الشاماتي، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، وسعيد ابن الحسين الجوهري، والحسين بن علي الشحامي، ومحمد بن إسماعيل ابن أحمد المقرئ، وأبو الأسعد بن القشيري، ومليكة بنت أبي الحسن الفندورجي، وخلق كثير، وأجاز للحافظ ابن ناصر.
قال ابن طاهر: رحلت من مصر لأجل الفضل بن المحب صاحب الخفاف، فلما دخلت، قرأت عليه في أول مجلس جزئين من حديث السراج، فلم أجد لذلك حلاوةً، واعتقدت أنني نلته بلا تعب، لأنه لم يمتنع علي، ولا طالبني بشيء، وكل حديث من الجزء يساوي رحلة.
قلت: قد صنف في الوعظ، وكان خيراً ديناً، عالماً، أثنى عليه السمعاني.
توفي سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة. وكان من أبناء التسعين، رحمه الله.
وفيها مات أبو عبد الله الحسين بن علي الأنطاكي، وصاحب اليمن علي بن محمد الصليحي، وأبو الفتيان محمد بن سلطان بن حيوس شاعر الشام، وأبو القاسم يوسف بن الحسن التفكري، ومحمود بن جعفر الأصبهاني الكوسج.

ابن البناء

الإمام، العالم، المفتي، المحدث، أبو علي، الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء البغدادي، الحنبلي، صاحب التواليف.
سمع من: هلال الحفار، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، وأبي الحسن ابن رزقويه، وأبي الحسين بن بشران، وعبد الله بن يحيى السكري، وطبقتهم، فأكثر وأحسن.
حدث عنه: أحمد بن ظفر المغازلي، وأبو منصور عبد الرحمن القزاز، وإسماعيل بن السمرقندي، وابنا أبي غالب، أحمد ويحيى، وأبو الحسين بن الفراء، وأبو بكر قاضي المارستان.
وقد تلا بالروايات على أبي الحسن الحمامي.
وعلق الفقه والخلاف عن القاضي أبي يعلى قديماً، واشتغل في حياته، وصنفت في الفقه والأصول والحديث، وكان له حلقة للفتوى، وحلقة للوعظ، وكان شديداً على المخالفين.
وقد روى عنه بالإجازة، محمد بن ناصر الحافظ.
وقد ذكره القفطي، فقال: كان من كبار الحنابلة، قيل: إنه قال: هل ذكرني الخطيب في تاريخ بغداد في الثقات أو مع الكذابين ؟ قيل: ما ذكر أصلاً. فقال: ليته ذكرني ولو مع الكذابين.
قال القفطي: كان مشاراً إليه في القراءات واللغة والحديث، فقيل: عمل خمس مئة مصنف، إلا أنه حنبلي المعتقد، توفي في رجب سنة إحدى وسبعين وأربع مئة.
قال ابن النجار: كان ابن البناء يؤدب بني جردة. تلا على الحمامي بالروايات، وكتب الكثير، وتصانيفه تدل على قلة فهمه، كان يصحف، وكان قليل التحصيل، أقرأ، وحدث، ودرس وأفتى، وشرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، وإذا نظرت في كلامه، بان لك سوء تصرفه، ورأيت له ترتيباً في الغريب لأبي عبيد، قد خبط وصحف.
وقال شجاع الذهلي: كان أحد القراء المجودين، سمعنا منه قطعة من تصانيفه.
وقال المؤتمن الساجي: كان له رواء ومنظر، ما طاوعتني نفسي للسماع منه.
وقال إسماعيل بن السمرقندي: كان رجل من المحدثين اسمه الحسن ابن أحمد بن عبد الله النيسابوري، فكان ابن البناء يكشط بوري ويمد السين، فتصير البناء. كذا قيل: إنه يفعل ذلك.
قلت: هذا جرح بالظن، والرجل في نفسه صدوق، وكان من أبناء الثمانين رحمه الله وما التحنبل بعار والله ولكن آل منده وغيرهم يقولون في الشيخ: إلا أنه فيه تمشعر. نعوذ بالله من الشر.

الأنطاكي

القاضي أبو عبد الله، الحسن بن علي بن عمر الأنطاكي، ثم الشاغوري، نائب الحكم بدمشق.
سمع من تمام الحافظ، وابن أبي نصر.
روى عنه: عمر الدهستاني، والخطيب مع تقدمه، وأبو الحسن بن قبيس، وجمال الإسلام علي بن المسلم، وهبة الله بن الأكفاني.
توفي في أول سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة، وله تسع وسبعون سنة، وهو آخر أصحاب تمام.

أبو الخير الصفار

الشيخ المعمر، المؤتمن، المسند، أبو الخير، محمد بن أبي عمران موسى بن عبد الله المروزي، الصفار، آخر من روى صحيح البخاري عالياً في زمانه، حدث به عن أبي الهيثم الكشميهني.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، وأبوه، وأبو بكر محمد بن إسماعيل المروزي، وأبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني الخطيب، وعدة. قال ابن طاهر المقدسي: سمعت عبد الله بن أحمد السمرقندي يقول: لم يصح لهذا الرجل من أبي الهيثم سماع، وإنما وافق الاسم اسم آخر، وقد حمل إلى الوزير نظام الملك ليقرأ عليه عنده، فقرئ عليه بعضه، ورمته البغلة، فمات، ولم يكمل. قال: وقد رأيت أهل مرو يضحكون إذا قيل: إن أبا الخير بن أبي عمران هذا سمع من الكشميهني. ويشيرون إلى أن هذا غير ذاك الذي سمع.
قال أبو سعد السمعاني: كان شيخاً صالحاً، سديد السيرة، حدث بالصحيح، وببعض جامع أبي عيسى، عن أحمد بن محمد بن سراج الطحان، وعمر، وصار شيخ عصره، تكلم بعضهم في سماعه، وليس بشيء، أنا رأيت سماعه في القدر الموجود من أصل أبي الهيثم، وأثنى عليه والدي.
قال الأمير ابن ماكولا: سألت أبا الخير، فقال لي: كان لي وقت ما سمعت الصحيح عشر سنين. قال: وسمع في سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
مات في رمضان سنة إحدى وسبعين وأربع مئة، عن نيف وتسعين سنة.

أبو علي الشافعي

الشيخ، العالم، الثقة، أبو علي، الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن المكي، الشافعي، الحناط، آخر من حدث عن أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي، وعبيد الله بن أحمد السقطي، وغيرهما.
حدث عنه: أبو المظفر منصور السمعاني، ومحمد بن طاهر المقدسي، وعبد المنعم بن أبي القاسم القشيري، وأحمد بن محمد العباسي المكي، وعدة من وفد المغاربة، وغيرهم، آخرهم موتاً العباسي.
وثقه أبو سعد السمعاني في كتاب الأنساب.
وقال محمد بن محمد بن يوسف القاشاني: كنت أقرأ الحديث على هبة الله بن عبد الوارث الحافظ فقال: قرأت على أبي علي الشافعي:

ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلةً

 

بفـخٍّ .....................

فقلتها بالجيم، فقال: بفخ بالخاء، وأخرجني إلى ظاهر مكة، فأتى بي إلى موضع، فقال: يا بني ! هذا فخ.
قال السمعاني: قال إسماعيل بن محمد الحافظ، عن أبي علي الشافعي فقال: عدل ثقة، كثير السماع.
مات أبو علي في ذي القعدة، سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة. سمعنا من طريقه نسخة إسماعيل بن جعفر.

الزنجاني

الإمام، العلامة، الحافظ، القدوة، العابد، شيخ الحرم، أبو القاسم، سعد بن علي بن محمد بن علي بن الحسين، الزنجاني، الصوفي.
ولد سنة ثمانين وثلاث مئة تقريباً.
وسمع أبا عبد الله بن نظيف، والحسين بن ميمون الصدفي، وعدةً بمصر، وعلي بن سلامة بغزة، ومحمد بن أبي عبيد بزنجان، وعبد الرحمن ابن ياسر الجوبري، وعبد الرحمن بن الطبيز الحلبي، وطبقتهما بدمشق.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه وأبو المظفر منصور بن عبد الجبار السمعاني، ومكي الرميلي، وهبة الله بن فاخر، ومحمد بن طاهر الحافظ، وعبد المنعم بن القشيري، ومختار بن علي الأهوازي، وآخرون.
قال أبو سعد السمعاني: قال لي شيخ: كان جدك أبو المظفر عزم على المجاورة في صحبة سعد الإمام، فرأى والدته كأنما كشفت رأسها تقول: يا بني، بحقي عليك إلا ما رجعت إلي، فإني لا أطيق فراقك. قال: فانتبهت مغموماً، وقلت: أشاور الشيخ، فأتيت سعداً، ولم أقدر من الزحام أن أكلمه، فلما قام تبعته، فالتفت إلي، وقال: يا أبا المظفر، العجوز تنتظرك. ودخل بيته، فعلمت أنه كاشفني، فرجعت تلك السنة.
وعن ثابت بن أحمد قال: رأيت أبا القاسم الزنجاني في النوم يقول لي مرةً بعد أخرى: إن الله يبني لأهل الحديث بكل مجلس يجلسونه بيتاً في الجنة.
قال أبو سعد: كان سعد حافظاً متقناً، ثقةً، ورعاً، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات، وإذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف، ويقبلون يده أكثر مما يقبلون الحجر الأسود.
وقال ابن طاهر: ما رأيت مثله، وسمعت أبا إسحاق الحبال يقول: لم يكن في الدنيا مثل سعد بن علي في الفضل، كان يحضر معنا المجالس، ويقرأ بين يديه الخطأ، فلا يرد، إلا أن يسأل فيجيب.
قال ابن طاهر: وسمعت الفقيه هياج بن عبيد إمام الحرم ومفتيه يقول: يوم لا أرى فيه سعداً لا أعتد أني عملت خيراً. وكان هياج يعتمر في اليوم ثلاث عمر.
قال ابن طاهر: لما عزم سعد على المجاورة، عزم على نيف وعشرين عزيمة، أن يلزمها نفسه من المجاهدات والعبادات، فبقي به أربعين سنة لم يخل بعزيمة منها. وكان يملي بمكة في بيته يعني خوفاً من دولة العبيدية . قال ابن طاهر: دخلت عليه وأنا ضيق الصدر من شيرازي، فقال لي من غير أن أعلمه: لا تضيق صدرك، في بلادنا يقال: بخل أهوازي، وحماقة شيرازي، وكثرة كلام رازي. وأتيته وقد عزمت على الخروج إلى العراق، فقال:

أراحلون فنبكي أم مقيمونا ؟

فقلت: ما يأمر الشيخ ؟ فقال: تدخل خراسان، وتفوتك مصر، فيبقى في قلبك منها. اخرج إلى مصر، ثم منها إلى العراق وخراسان، فإنه لا يفوتك شيء. فكان في رأيه البركة. وسمعته وجرى بين يديه صحيح أبي ذر، فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب، وليس من شرط الصحيح.
قلت: لسعد قصيدة في قواعد أهل السنة، وهي:

تدبّر كلام اللّه واعتمـد الـخـبـر

 

ودع عـنـك رأياً لا يلائمـه أثـر

ونهج الهدى فالزمه واقتد بـالأُلـى

 

هم شهدوا التّنزيل علّك تنـجـبـر

وكن موقناً أنّـا وكـلّ مـكـلّـفٍ

 

أُمرنا بقفو الحقّ والأخذ بالـحـذر

وحكّم فيما بـينـنـا قـول مـالـكٍ

 

قديرٍ حليمٍ عالم الغـيب مـقـتـدر

سميعٍ بصـيرٍ واحـدٍ مـتـكـلّـمٍ

 

مريدٍ لما يجري على الخلق من قدر

فمن خالف الوحي المبين بعـقـلـه

 

فذاك امرؤٌ قد خاب حقّاً وقد خسـر

وفي ترك أمر المصطفى فتنةٌ فـذر

 

خلاف الّذي قد قاله واتل واعتبـر

قال أبو الحسن الكرجي الشافعي: سألت ابن طاهر عن أفضل من رأى، فقال: سعد الزنجاني، وعبد الله بن محمد الأنصاري. قلت: فأيهما كان أعرف بالحديث فقال: كان الأنصاري متفنناً، وأما الزنجاني فكان أعرف بالحديث منه، كنت أقرأ على الأنصاري، فأترك شيئاً لأجربه، ففي بعض يرد، وفي بعض يسكت، وكان الزنجاني إذا تركت اسم رجل يقول: أسقطت فلاناً.
قال السمعاني: كان سعد أعرف بحديثه لقلته، وكان عبد الله مكثراً.
سئل إسماعيل بن محمد التيمي الحافظ عن سعد الزنجاني، فقال: إمام كبير، عارف بالسنة.
توفي الزنجاني في أول سنة إحدى وسبعين وأربع مئة وله تسعون عاماً، ولو أنه سمع في حداثته للحق إسناداً عالياً، ولكنه سمع في الكهولة.
أخبرنا أبو بكر بن عمر النحوي، أخبرنا الحسن بن أحمد الزاهد، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا مختار بن علي المقرئ سنة خمس مئة، أخبرنا سعد بن علي الحافظ، أخبرنا عبد الحميد بن عبد القاهر الأرسوفي، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن عبد الرحيم القيسراني، حدثني عمي أحمد بن عبد الرحيم، حدثنا أحمد بن إسماعيل البزاز، حدثنا عبد الله بن هانئ، حدثنا أبي، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أصبح معافىً في بدنه، آمناً في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا.
هذا حديث غريب، ولا أعرف حال هانئ.
ومن قصيدة الزنجاني:

وما أجمعت فيه الصّـحـابة حـجّةٌ

 

وتلك سبيل المؤمنين لمـن سـبـر

ففي الأخذ بالإجماع فاعلم سعـادةٌ

 

كما في شذوذ القول نوعٌ من الخطر

ابن منظور

الإمام، المحدث، المتقن، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن عيسى بن محمد بن منظور بن عبد الله بن منظور، القيسي، الإشبيلي.
حج وجاور، وحمل الصحيح لأبي عبد الله البخاري، عن أبي ذر الحافظ. وكان فاضلاً، قدوةً، ثقةً.
حدث عنه بسننه: أحمد بن منظور، وأبو علي الغساني، ويونس بن محمد بن مغيث، وشريح بن محمد، وعدة.
وقد لقي أيضاً أبا عمرو السفاقسي، وأبا النجيب الأرموي.
وعاش سبعين سنة، وهو من بيت حشمة وجلالة. سمع الصحيح، وحرره في سنة إحدى وثلاثين، واعتمده الأندلسيون، وحج مرتين.
قال الغساني: كان جيد الضبط، من أفاضل الناس، كريم النفس خياراً.
وقال أبو جعفر بن عميرة: فقيه، محدث، عارف.
وقيل: كان مجاب الدعوة، كثير البر.
توفي في شوال، سنة تسع وستين وأربع مئة رحمه الله .

الملقاباذي

الشيخ الإمام، الفقيه، المسند، أبو بكر، محمد بن حسان بن محمد النيسابوري، الشافعي، الملقاباذي.
حدث بمسند أبي عوانة كله، عن أبي نعيم كله، عن أبي نعيم الإسفراييني، وكان من كبار الفقهاء.
حدث عنه: وجيه بن طاهر، وعبيد الله بن جامع الفارسي، وأحمد ابن سهل المطرزي، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحنزباراني. قال السمعاني: هو أبو بكر محمد بن أبي الوليد حسان بن محمد بن القاسم، فقيه، ثقة، عدل، مشتغل بنفسه، غير دخال في الأمور، أدرك الأسانيد العالية، وسمع أبا نعيم، وأبا الحسن العلوي، وعبد الله بن يوسف، وأبا طاهر بن محمش.
روى عنه: جدي أبو المظفر في الأحاديث الألف.
مولده في المحرم، سنة أربع وتسعين وثلاث مئة.
ومات بنيسابور في ذي القعدة، سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.

ابن جدا

شيخ الحنابلة، أبو الحسن، علي بن الحسين بن جدا العكبري، العابد، القانت، كان لسناً مناظراً، مصنفاً.
سمع أبا علي بن شاذان، والبرقاني، وعدة.
وعنه: قاضي المارستان، وأبو منصور القزاز.
قال ابن خيرون: كان صيناً، ثقة، مستوراً، مات في رمضان سنة ثمان وستين وأربع مئة فجأةً وهو يصلي.

العكبري

الشيخ، العالم، الأديب، الأخباري، النديم، أبو منصور، محمد ابن محمد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز، العكبري، الفارسي الأصل.
ولد سنة اثنتين وثمانين وثلاث مئة من أولاد المحدثين.
سمع أباه أبا نصر البقال، ومحمد بن عبد الله القاضي الجعفي بالكوفة، وابن رزقويه، وهلال بن محمد الحفار، وأبا الحسين بن بشران، وأبا الطيب محمد بن أحمد بن خاقان العكبري صاحب ابن دريد، وهو أقدم شيخ له، وطائفة.
حدث عنه: أبو محمد سبط الخياط، وأخوه الحسين بن علي، ويحيى ابن الطراح، وإسماعيل بن السمرقندي.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقاً.
وقال سبط الخياط: كان يتشيع.
وقال أبو الفضل بن خيرون: خلط في غير شيء، وسمع لنفسه، ومات في رمضان سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.
ثم قال أبو سعد السمعاني: قول ابن خيرون لا يقدح فيه، لأن عمدة قدحه فيه كونه استعار من ابن خيرون جزءاً، فنقل فيه سماعه، ورده، وما زال الطلبة يفعلون ذلك.
قلت: وقع لي المجتبى لابن دريد عالياً من طريقه، سمعناه من عمر بن القواس.

هياج بن عبيد

الإمام، الفقيه، الزاهد، شيخ الإسلام، أبو محمد الشامي، الحطيني، الشافعي، شيخ الحرم.
ولد بعد التسعين وثلاث مئة.
وسمع من أبي الحسن علي بن السمسار، وعبد الرحمن بن عبد العزيز ابن الطبيز، ومحمد بن عوف بدمشق، وعبد العزيز بن علي الأزجي، وعدة ببغداد، ومن أبي ذر الحافظ بمكة، ومن السكن بن جميع بصيدا، ومن محمد بن أحمد بن سهل بقيسارية، ومن علي بن حمصة الحراني بمصر.
وكان اعتناؤه جيداً بالحديث، وله بصر بالمذهب، وقدم في التقوى، وجلالة عجيبة.
حدث عنه: هبة الله الشيرازي في معجمه، فقال: حدثنا هياج الزاهد الفقيه، وما رأت عيناي مثله في الزهد والورع.
وحدث عنه: محمد بن طاهر، وإبراهيم بن عثمان الرازقي، والمحدث محمد بن أبي علي الهمذاني، وثابت بن منصور، وأبو نصر هبة الله السجزي، وطائفة.
قال ابن طاهر: كان هياج قد بلغ من زهده أنه يصوم ثلاثة أيام، ويواصل، لكن يفطر على ماء زمزم، فمن أتاه بعد ثلاث بشيء أكله، وكان قد نيف على الثمانين، وكان يعتمر كل يوم ثلاث عمر، ويدرس عدة دروس، ويزور ابن عباس بالطائف كل سنة مرة، لا يأكل في الطريق شيئاً، ويزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم كل سنة مع أهل مكة، فيخرج، فمن أخذ بيده، كان في مؤونته حتى يرجع، وكان يمشي حافياً من مكة إلى المدينة، وسمعت من يشكو إليه أن نعليه سرقتا، فقال: اتخذ نعلين لا يسرقهما أحد يعني الحفاء ورزق الشهادة في كائنة بين السنة والرافضة، وذلك أن بعض الرافضة شكى إلى أمير مكة أن أهل السنة ينالون منا، فأنفذ، وطلب هياجاً وأبا الفضل بن قوام وابن الأنماطي، وضربهم، فمات هذان في الحال، وحمل هياج، فمات بعد أيام رضي الله عنهم.
قال السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عن هياج، فقال: كان فقيهاً زاهداً. وأثنى عليه.
مات هياج سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.
وفيها مات محمد بن أبي مسعود الفارسي، وأبو علي المكي الشافعي، وأبو بكر محمد بن حسان الملقاباذي، وأبو منصور محمد بن محمد العكبري النديم، وأبو بكر محمد بن هبة الله اللالكائي.