ابن الجواليقي

ابن الجواليقي

العلامة الإمام اللغوي النحوي، أبو منصور، موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الحسن بن الجواليقي، إمام الخليفة المقتفي.
مولده سنة 466.
سمع أبا القاسم بن البسري، وأبا طاهر بن أبي الصقر، والنقيب طراد ابن محمد الزينبي، وعدة.
وطلب بنفسه مدةً، ونسخ الكثير.
حدث عنه: بنته خديجة، والسمعاني، وابن الجوزي، والتاج الكندي، ويوسف بن كامل، وآخرون.
قال السمعاني: إمام في النحو واللغة، من مفاخر بغداد، قرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي، ولازمه، وبرع، وهو ثقة ورع، غزير الفضل، وافر العقل، مليح الخط، كثير الضبط، صنف التصانيف، وشاع ذكره.
وقال ابن الجوزي: قرأ الأدب سبع عشرة سنةً على التبريزي، وانتهى إليه علم اللغة، ودرس العربية بالنظامية، وكان المقتفي يقرأ عليه شيئاً من الكتب، وكان متواضعاً، طويل الصمت، متثبتاً، يقول كثيراً: لا أدري.
مات في المحرم سنة أربعين وخمس مئة، وغلط من قال: سنة تسع وثلاثين.
وقال ابن النجار: هو إمام أهل عصره في اللغة، كتب الكثير بخطه المليح المتقن، مع متانة الدين، وصلاح الطريقة، وكان ثقةً حجةً نبيلاً. وقال الكمال الأنباري: ألف في العروض، وشرح أدب الكاتب، وعمل كتاب المعرب، والتكملة في لحن العامة، قرأت عليه، وكان منتفعاً به لديانته وحسن سيرته، وكان يختار في النحو مسائل غريبةً، وكان في اللغة أمثل منه في النحو.
قال ابن شافع: كان من المحامين عن السنة.
قلت: خلف ولدين: إسماعيل وإسحاق، ماتا في عام سنة خمس وسبعين.
فأما أبو محمد إسماعيل، فكان من أئمة العربية، كتب أيضاً أولاد الخلفاء مع دين ونزاهة وسعة علم.
قال ابن الجوزي: ما رأينا ولداً أشبه أباه مثل إسماعيل بن الجواليقي.
قلت: روى عن ابن كادش، وابن الحصين.

ابن أبي جمرة

الإمام المعمر المسند، أبو العباس، أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة الأموي مولاهم المرسي المالكي.
سمع أباه، وأبا بكر بن أبي جعفر، وهشام بن أحمد.
وانفرد في زمانه بإجازة الإمام أبي عمرو الداني، وأجاز له أيضاً أبو عمر ابن عبد البر.
ذكره الأبار، وقال: حدث عنه ولده أبو بكر محمد شيخنا.
قلت: سمع منه ولده أبو بكر كتاب التيسير في السبع، وعاش إلى قرب سنة ست ومئة.
وتوفي أبو العباس في سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.

الشاطبي

الإمام المسند، أبو محمد، عبد الله بن علي بن أحمد بن علي، اللخمي الأندلسي، الشاطبي، سبط الحافظ ابن عبد البر.
أجاز له جده تصانيفه في سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
وكان مولده في سنة 443.
وقد سمع الصحيحين من أبي العباس بن دلهاث العذري، وصحيح البخاري من القاضي أبي الوليد الباجي.
وولي قضاء مدينة أغمات.
روى عنه: حفيده لبنته عمر بن عبد الله الأغماتي، وعيسى بن الملجوم، وأجاز لابن بشكوال.
مات في صفر سنة ثلاث أو اثنتين وثلاثين وخمس مئة، وعاش تسعين عاماً.

أبو المعالي الفارسي

الشيخ الثقة الجليل المسند، أبو المعالي، محمد بن إسماعيل بن محمد بن حسين بن القاسم، الفارسي، ثم النيسابوري.
قال السمعاني: ثقة مكثر، سمع السنن الكبير من أبي بكر البيهقي، وصحيح البخاري من سعيد العيار، وسمع من أبي حامد الأزهري، وسمع أيضاً كتاب المدخل إلى السنن من البيهقي. مولده سنة ثمان وأربعين في شعبانها، وتوفي في ثالث جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وخمس مئة.
قلت: روى عنه ابن عساكر، والسمعاني، ومنصور بن الفراوي، وإسماعيل بن علي بن حمك المغيثي، والمؤيد الطوسي، وزينب بنت أبي القاسم الشعرية، وطائفة، وأجاز لعبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني.

ابن باجة

فيلسوف الأندلس، أبو بكر، محمد بن يحيى بن الصائغ السرقسطي الشاعر.
كان يضرب به المثل في الذكاء، وآراء الأوائل، والطب، والموسيقا، ودقائق الفلسفة.
ينظر بالفارابي، وقد سعوا في قتله.
وعنه أخذ ابن رشد الحفيد، وابن الإمام الكاتب.
مات بفاس سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة ولم يتكهل.

ابن خيرون

الشيخ الإمام المعمر، شيخ القراء، أبو منصور، محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون، البغدادي المقرىء الدباس، مصنف كتاب المفتاح في القراءات العشر، وكتاب الموضح في القراءات.
مولده في رجب سنة أربع وخمسين وأربع مئة.
فبادر عمه الحافظ أبو الفضل، وأخذ له الإجازة من أبي محمد الجوهري، وأبي الحسين بن النرسي، وسمع من أبي جعفر بن المسلمة كتاب النسب للزبير، وسمع من أبي بكر الخطيب أكثر تاريخه ومن أبي محمد بن هزارمرد، وعبد الصمد بن المأمون، وعدة.
وتلا بالروايات على عبد السيد بن عتاب، وجده لأمه أبي البركات عبد الملك بن أحمد، وأبي الفضل بن خيرون.
وكان ينسخ تاريخ الخطيب ويبيعه.
قال السمعاني: ثقة صالح، ما له شغل سوى التلاوة والإقراء.
وقال ابن الخشاب: كان شافعياً من أهل السنة.
قلت: روى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى، وابن الجوزي، والكندي، وأحمد بن محمد بن سعد الفقيه، وعلي بن محمد الموصلي، وعدة.
وآخر من روى عنه بالإجازة أبو منصور بن عفيجة.
وتلا عليه بالروايات أبو اليمن الكندي، ويحيى الأواني، وإبراهيم ابن بقاء اللبان.
مات في رجب سنة تسع وثلاثين وخمس مئة ببغداد.

العجلي

المحدث الإمام، أبو علي، أحمد بن سعد بن علي بن الحسن بن القاسم بن عنان، العجل البديع الهمذاني، ابن أبي منصور، أحد الأعيان.
رحل، وكتب، وجمع، وأملى. سمع أبا الفرج علي بن محمد بن عبد الحميد البجلي، وبكر بن حيد، ويوسف بن محمد الخطيب، وعبد الرحمن بن محمد بن شاذي، وأحمد بن عيسى بن عباد الدينوري، وأبا إسحاق الشيرازي، وعدة بهمذان، وسليمان الحافظ، والثقفي الرئيس، وطائفةً بأصبهان، وعبد الكريم بن أحمد الوزان، وجماعة بالري، والشافعي بن داود التميمي بقزوين، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وعدة ببغداد، والحسين بن محمد الدهقان بالكوفة.
روى عنه: ابن ناصر، والسمعاني، وابن عساكر، والمبارك بن كامل، وابن الجوزي، وآخرون.
وهو سبط محمد بن عثمان القومساني.
قال السمعاني: شيخ فاضل ثقة، جليل القدر، واسع الرواية، سمعه أبوه، وسمعت منه، ولد سنة ثمان وخمسين وأربع مئة، وأول سماعه في سنة ثلاث وستين، وتوفي في رجب سنة خمس وثلاثين وخمس مئة.
وذكر ابن النجار أن قبره يقصد بالزيارة.
وقال شيرويه: يرجع إلى نصيب من كل العلوم، وكان يداري، ويقوم بحقوق الناس، مقبولاً بين الخاص والعام.

ابن مازة

شيخ الحنفية، عالم المشرق، أبو حفص، عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مازة البخاري.
تفقه بأبيه العلامة أبي المفاخر حتى برع، وصار يضرب به المثل، وعظم شأنه عند السلطان، وبقي يصدر عن رأيه، إلى أن رزقه الله تعالى الشهادة على يد الكفرة بعد وقعة قطوان وانهزام المسلمين.
قال السمعاني: فسمعت أنه لما خرج، كان يودع أصحابه وأولاده وداع من لا يرجع، رحمه الله تعالى، سمع أباه، وعلي بن محمد بن خدام، لقيته بمرو، وحضرت مناظرته، وقد حدث عن أبي سعد بن الطيوري، وأبي طالب بن يوسف، وكان يعرف بالحسام، تفقه عليه خلق، وسمع منه أبو علي بن الوزير الدمشقي، قتل صبراً بسمرقند في صفر سنة ست وثلاثين وخمس مئة وله ثلاث وخمسون سنة.

ابن طاووس

إمام جامع دمشق ومقرئه، أبو محمد، هبة الله بن أحمد بن عبد الله ابن علي بن طاووس البغدادي، ثم الدمشقي.
أتقن السبع على أبيه أبي البركات.
وسمع الكثير، ونسخ، وأدب بسوق الأحد، ثم ولي إمامة الجامع.
سمع أبا العباس بن قبيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء، ومالكاً البانياسي، وابن الأخضر، وأبا منصور بن شكرويه، وسليمان الحافظ.
وكان ثقةً متصوناً.
مات في المحرم سنة ست وثلاثين وخمس مئة عن خمس وسبعين سنة.
وكان ذهب مع الرسول إلى أصبهان من تتش.
روى عنه السمعاني، ومدحه، والسلفي ووثقه، وابن عساكر، وابنه القاسم، والقاضي ابن الحرستاني، وأبو المحاسن بن أبي لقمة.
وعندي من عواليه.

غانم بن أحمد

ابن الحسن بن محمد بن علي، الشيخ المعمر الثقة، أبو الوفاء، الأصبهاني الجلودي.
مولده في رجب سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
سمع صحيح البخاري من سعيد بن أبي سعيد العيار، وسمع أيضاً من أبي صنر محمد بن علي الكاغدي.
حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، وداود بن معمر، وآخرون.
وقرأت صحيح البخاري على أبي العباس الحجار لأولادي بإجازته من ابن معمر.
وممن روى عنه أو موسى المديني.
توفي في ثالث ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة.
حط عليه محمد بن أبي نصر اللفتواني، قال: لأنه كان يميل إلى الأشعرية، فانظر، تر.

غانم بن خالد

ابن عبد الواحد بن أحمد، الشيخ أبو القاسم بن الشيخ أبي طاهر الأصبهاني التاجر.
سمع من عبد الرزاق بن شمه سنن موسى بن طارق سوى الجزء الرابع، وتفرد بعلوه، وسمع أيضاً من الباطرقاني، وأبي مسلم بن مهربزد، وعبد الله بن محمد الكروي، وطائفة.
وكان مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة بأصبهان.
حدث عنه: السمعاني، وابن عساكر، وأحمد بن الحافظ أبي العلاء، ومحمد بن عبد الله الرويدشتي، ومحمد بن أبي طاهر بن غانم حفيده، وحفيده الآخر محمد بن أبي نصر.
قال السمعاني: كان سديداً ثقةً مكثراً. توفي في رجب سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة.
قلت: وأبوه من مشايخ السلفي.

أبو جعفر الهمذاني

الشيخ الإمام الحافظ الرحال الزاهد، بقية السلف والأثبات، أبو جعفر محمد بن أبي علي الحسن بن محمد بن عبد الله، الهمذاني.
ولد بعد الأربعين وأربع مئة. وقدم بغداد، سنة ستين، فسمع بها قليلاً، ثم ارتحل، فسمع من أبي الحسين بن النقور، وأبي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزينبي، وخلق، وبنيسابور من الفضل بن المحب، وأبي صالح المؤذن، وخلق، وبمكة من أبي علي الشافعي، وسعد الزنجاني، وبجرجان من إسماعيل بن مسعدة، وطائفة، وبمرو من أبي الخير محمد بن أبي عمران، وبهراة من أبي إسماعيل الأنصاري، وعدة، وبهمذان.
وحدث بالجامع لأبي عيسى عن أبي عامر الأزدي، ومحمد بن محمد بن العلاء، وثابت بن سهلك القاضي عن الجراحي.
وكان من أئمة أهل الأثر، ومن كبراء الصوفية.
قال السمعاني: سافر الكثير إلى البلدان الشاسعة، ونسخ بخطه، وما أعرف أحداً في عصره سمع أكثر منه.
وعنه قال: دخلت بغداد سنة ستين، وكنت أسمع ولا أدعهم يكتبون اسمي، لأني كنت لا أعرف العربية، حتى دخلت البادية، وكنت أدور مع الظاعنين من العرب حتى رجعت إلى بغداد، فقال لي الشيخ أبو إسحاق: رجعت إلينا عربياً. فكان يسميني الخثعمي لإقامتي فيهم.
قال السمعاني: كان خطه رديئاً، وما كان له كبير معرفة بالحديث على ما سمعت، وسمعت محمد بن أبي طاهر بأصبهان، سمعت أبا جعفر بن أبي علي يقول: تعسر علي شيخ بجرجان، فحلفت أن لا أخرج منها حتى أكتب جميع ما عنده، فأقمت مدةً، وكان يخرج إلى الأجزاء، والرقاع، حتى كتبت جميع ما وجدت.
قلت: حدث عنه: ابن طاهر المقدسي، وأبو العلاء العطار، وعبد الرحمن بن عبد الوهاب بن المعزم، وآخرون.
وهو الذي قام في مجلس وعظ إمام الحرمين، وأورد عليه في مسألة العلو، فقال: ما قال عارف قط: يا ألله، إلا وقام من باطنه قصد تطلب العلو، لا يلتفت يمنةً ولا يسرةً، فهل لدفع هذه الضرورة من حيلة ؟! فقال: يا حبيبي ما ثم إلا الحيرة.. وذلك في ترجمة أبي المعالي.
توفي أبو جعفر في نصف ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة.

الجوهري

الإمام الحافظ، الرئيس المحتشم، أبو بكر، محمد بن أحمد بن حسن بن أسد، البروجردي. وبروجرد عند همذان.
كتب الكثير، واستنسخ، وعمل معجماً لنفسه في مجلد.
سمع السلار مكي بن علان، وأبا مطيع الصحاف، وأبا الفتح أحمد ابن السوذرجاني، وعلي بن الأخرم المديني، ونصر الله الخشنامي، وأحمد ابن محمد الخليلي ببلخ، وأبا الحسن بن العلاف، ونحوهم.
وكان واسع الرحلة، كثير المال.
روى عنه: يحيى بن بوش.
قال ابن ناصر: ما كان يعرف الحديث، كان تاجراً.
قلت: توفي سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة، وولد سنة ستين وأربع مئة.

شرف الإسلام

الشيخ الإمام، العلامة الواعظ، شيخ الحنابلة بدمشق، شرف الإسلام، أبو القاسم، عبد الوهاب بن أجل الحنابلة الشيخ أبي الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي، الأنصاري الشيرازي الأصل، الدمشقي.
تفقه على أبيه.
وحدث بالإجازة عن أبي طالب بن يوسف.
وصار له القبول الزائد في الوعظ، وزادت حشمته ورئاسته، وبعثه الملك بوري رسولاً إلى المسترشد بالله يستصرخ به على غزو الفرنج، وأنهم أخذوا كثيراً من الشام.
وقف المدرسة الكبرى شمالي جامع دمشق، وكان ذا لسن وفصاحة وصورة كبيرة.
أثنى عليه السلفي، ووثقه، سمع من أبيه.
وقال أبو يعلى حمزة بن القلانسي: توفي بمرض حاد، وكان على الطريقة المرضية، والخلال الرضية، ووفور العلم، وحسن الوعظ، وقوة الدين، وكان يوم دفنه يوماً مشهوداً من كثرة المشيعين له والباكين عليه، مات في صفر سنة ست وثلاثين وخمس مئة.
قلت: كان يناظر على قواعد عقائد الحنابلة، جرى بينه وبين الفقيه الفندلاوي بحوث وسب، وكان الفندلاوي أشعرياً، رحم الله الجميع.

المازري

الشيخ الإمام العلامة البحر المتفنن، أبو عبد الله، محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري المالكي.
مصنف كتاب المعلم بفوائد شرح مسلم ومصنف كتاب إيضاح المحصول في الأصول، وله تواليف في الأدب، وكان أحد الأذكياء، الموصوفين والأئمة المتبحرين، وله شرح كتاب التلقين لعبد الوهاب المالكي في عشرة أسفار، هو من أنفس الكتب.
وكان بصيراً بعلم الحديث.
حدث عنه: القاضي عياض، وأبو جعفر بن يحيى القرطبي الوزغي.
مولده بمدينة المهدية من إفريقية، وبها مات في ربيع الأول سنة ست وثلاثين وخمس مئة، وله ثلاث وثمانون سنة.
ومازر: بليدة من جزيرة صقلية بفتح الزاي وقد تكسر. قيده ابن خلكان. قيل: إنه مرض مرضةً، فلم يجد من يعالجه إلا يهودي، فلما عوفي على يده، قال: لولا التزامي بحفظ صناعتي لأعدمتك المسلمين. فأثر هذا عند المازري، فأقبل على تعلم الطب حتى فاق فيه، وكان ممن يفتي فيه كما يفتي في الفقه.
وقال القاضي عياض في المدارك: المازري يعرف بالإمام، نزيل المهدية قيل: إنه رأى رؤيا، فقال: يا رسول الله، أحق ما يدعونني به ؟ إنهم يدعونني بالإمام. فقال: وسع صدرك للفتيا.
ثم قال: هو آخر المتكلمين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه، ورتبة الاجتهاد، ودقة النظر، أخذ عن اللخمي، وأبي محمد عبد الحميد السوسي وغيرهما بإفريقية، ودرس أصول الفقه والدين، وتقدم في ذلك، فجاء سابقاً، لم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض أفقه منه ولا أقوم بمذهبهم، سمع الحديث، وطالع معانيه، واطلع على علوم كثيرة من الطب والحساب والآداب وغير ذلك، فكان أحد رجال الكمال، وإليه كان يفزع في الفتيا في الفقه، وكان حسن الخلق، مليح المجالسة، كثير الحكاية والإنشاد، وكان قلمه أبلغ من لسانه، ألف في الفقه والأصول، وشرح كتاب مسلم، وكتاب التلقين، وشرح البرهان لأبي المعالي الجويني.
وثم مازري آخر متأخر، سكن الإسكندرية، وشرح الإرشاد المسمى بالمهاد.
ولصاحب الترجمة تأليف في الرد على الإحياء وتبيين ما فيه من الواهي والتفلسف، أنصف فيه، رحمه الله.

الفتح

الأديب الكبير، مصنف كتاب قلائد العقيان، أبو نصر، الفتح بن محمد بن عبد الله بن خاقان، القيسي الإشبيلي، جمع في كتابه عدةً من شعراء المغرب، وترجمهم.
وله كتاب ملح أهل الأندلس.
وكان كثير الترحال، من أذكياء الرجال، وكان لعاباً، خليع العذار.
أمر بقتله الملك علي بن يوسف بن تاشفين، فذبح بالخان بمراكش سنة خمس وثلاثين وخمس مئة. وقيل: بل في سنة تسع وعشرين. فالله أعلم.

بهجة الملك

الرئيس الكبير، أبو طالب، علي بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن علي بن عياض بن أبي عقيل، الصوري، ثم الدمشقي.
أجداده من قضاة صور.
وكان شيخاً مهيباً ديناً.
سمع بمصر من القاضي الخلعي، وسمع ببغداد من أبي القاسم بن بيان.
روى عنه ابن عساكر، وابنه القاسم، وطائفة.
قال أبو سعد السمعاني: قرأت عليه معجم ابن الأعرابي، مولده بصور سنة نيف وستين وأربع مئة.
وقال ابن عساكر: أصله من حران، وله سماع من الفقيه نصر، وكان من أعيان البلد، ذا حظ من صلاة وصيام ووقار، حكى لي عتيقه نوشتكين أنه سمعه في مرضه يقول: تلوت أربعة آلاف ختمة.
توفي في ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.

وجيه بن طاهر

ابن محمد بن محمد بن أحمد، الشيخ العالم العدل، مسند خراسان، أبو بكر، أخو زاهر، الشحامي النيسابوري، من بيت العدالة والرواية.
ولد سنة خمس وخمسين وأربع مئة.
ورحل في الحديث.
سمع أبا القاسم القشيري، وأبا حامد الأزهري، وأبا المظفر محمد بن إسماعيل الشجاعي، وأبا نصر عبد الرحمن بن محمد التاجر، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأبا صالح المؤذن، وعلي بن يوسف الجويني، وشبيب ابن أحمد البستيغي، وأبا سهل الحفصي، وعمر وعائشة ولدي أبي عمر البسطامي، ومحمد بن يحيى المزكي، وأبا الحسن الواحدي، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وعدةً بنيسابور، وبيبى الهرثمية، وأبا عطاء عبد الرحمن ابن محمد الجوهري، ونجيب بن ميمون، وأبا إسماعيل الأنصاري، وطائفةً بهراة، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي بجرجان، وأبا نصر محمد بن محمد الزينبي، وعاصم بن الحسن ببغداد، وأبا نصر محمد بن ودعان بالمدينة.
حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، ومحمد بن أحمد الطبسي، ومحمد بن فضل الله السالاري، ومنصور الفراوي، وعبد الواحد بن علي بن حمويه، ومجد الدين سعيد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري، والمؤيد ابن محمد الطوسي، وزينب الشعرية، والقاسم بن عبد الله الصفار، وإسماعيل بن عثمان القارىء، وخلق. قال السمعاني: كتبت عنه الكثير، وكان يملي في الجامع الجديد بنيسابور كل جمعة مكان أخيه، وكان كخير الرجال، متواضعاً، متودداً، ألوفاً، دائم الذكر، كثير التلاوة، وصولاً للرحم، تفرد في عصره بأشياء، ومن مسموعه كتاب الزهريات من ابن أبي حامد الأزهري، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الله بن حمدون، أخبرنا أبو حامد ابن الشرقي، حدثنا الذهلي المصنف، ورسالة القشيري سمعها من المؤلف.
مرضى أسبوعاً، وتوفي في ثمان عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا أبو القاسم بن عبد الله، أخبرنا وجيه ابن طاهر، أخبرنا أبو القاسم القشيري، أخبرنا أبو الحسين الخفاف، حدثنا أبو العباس السراج، حدثنا قتيبة، حدثنا بكر، عن جعفر، عن ربيعة، عن الأعرج، عن عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يرى بياض إبطيه.
أخرجه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن قتيبة.
وبه: حدثنا قتيبة، حدثنا بكر بن مضر، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سجد العبد، سجد معه سبعة آراب: وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه.
أخرجه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن قتيبة، فوافقناهم بعلو.

ابن العريف

أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله، الإمام الزاهد العارف، أبو العباس ابن العريف الصنهاجي الأندلسي المريي المقرىء، صاحب المقامات والإشارات.
صحب أبا علي بن سكرة الصدفي، وأبا الحسن البرجي، ومحمد بن الحسن اللمغاني، وأبا الحسن بن شفيع المقرىء، وخلف بن محمد العريبي، وعبد القادر بن محمد الصدفي، وأبا خالد المعتصم، وأبا بكر بن الفصيح.
واختص بصحبة أبي بكر عبد الباقي بن محمد بن بريال، ومحمد ابن يحيى بن الفراء، وبأبي عمر أحمد بن مروان بن اليمنالش الزاهد. قاله ابن مسدي.
وقال ابن بشكوال: روى عن أبي خالد يزيد مولى المعتصم، وأبي بكر عمر بن رزق، وعبد القادر بن محمد القروي، وخلف بن محمد بن العربي، وسمع من جماعة من شيوخنا، وكانت عنده مشاركة في أشياء من العلم، وعناية بالقراءات وجمع الروايات، واهتمام بطرقها وحملتها، وقد استجاز مني تأليفي هذا، وكتبه عني، واستجزته أنا أيضاً فيما عنده، ولم ألقه، وكاتبني مرات، وكان متناهياً في الفضل والدين، منقطعاً إلى الخير، وكان العباد والزهاد يقصدونه، ويألفونه، ويحمدون صحبته، وسعي به إلى السلطان، فأمر بإشخاصه إلى حضرته بمراكش، فوصلها، وتوفي بها.
قلت في تاريخ: إن مولد ابن العريف في سنة ثمان وخمسين وأربع مئة، ولا يصح.
وكان الناس قد ازدحموا عليه يسمعون كلامه ومواعظه، فخاف ابن تاشفين سلطان الوقت من ظهوره، وظن أنه من أنموذج ابن تومرت، فيقال: إنه قتله سراً، فسقاه، والله أعلم.
وقد قرأ بالروايات على اثنين من بقايا أصحاب أبي عمرو الداني، ولبس الخرقة من أبي بكر عبد الباقي المذكور آخر أصحاب أبي عمر الطلمنكي وفاةً.
قال ابن مسدي: ابن العريف ممن ضرب عليه الكمال رواق التعريف، فأشرقت بأضرابه البلاد، وشرقت به جماعة الحساد، حتى لسعوا به إلى سلطان عصره، وخوفوه من عاقبة أمره، لاشتمال القلوب عليه، وانضواء الغرباء إليه، فغرب إلى مراكش، فيقال: إنه سم: وتوفي شهيداً، وكان لما احتمل إلى مراكش، استوحش، فغرق في البحر جميع مؤلفاته، فلم يبق منه إلا ما كتب منها عنه. روى عنه أبو بكر بن الرزق الحافظ، وأبو محمد بن ذي النون، وأبو العباس الأندرشي، ولبس منه الخرقة، وصحب جدي الزاهد موسى بن مسدي، ولعله آخر من بقي من أصحابه.
ثم قال: مولد ابن العريف في جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وأربع مئة.
قلت: هذا القول أشبه بالصحة مما تقدم، فإن شيوخه عامتهم كانوا بعد الخمس مئة، فلقيهم وعمره عشرون سنةً.
ثم قال: وأقدم شيوخه سناً وإسناداً عبد الباقي بن محمد الحجاري الزاهد، وكان عبد الباقي قد حمله أبوه وهو ابن عشر سنين إلى أبي عمر الطلمنكي، فقرأ عليه القرآن، وقد ذكرناه في سنة اثنتين وخمس مئة، وأنه عاش ثمانياً وثمانين سنة.
قال: وتوفي أبو العباس بن العريف بمراكش ليلة الجمعة الثالث والعشرين من رمضان سنة ست وثلاثين وخمس مئة. وأما ابن بشكوال، فقال: في صفر، بدل رمضان، فالله أعلم.
ثم قال ابن بشكوال: واحتفل الناس بجنازته، وندم السلطان على ما كان منه في جانبه، فظهرت له كرامات، رحمه الله.

الحلواني

الإمام المحدث، أبو المعالي، عبد الله بن أحمد بن محمد بن حمدويه الحلواني المروزي البزاز.
فقيه عالم عامل مؤثر، كبير القدر، كثير المال.
ولد سنة إحدى وستين وأربع مئة.
وارتحل، وسمع من أبي بكر بن خلف الشيرازي ونحوه بنيسابور، ومن ثابت بن بندار وطبقته ببغداد، ومن أصحاب أبي نعيم بأصبهان.
وسكن غزنة مدةً، واشترى كتباً كثيرةً وقفها، وأنشأ رباطاً للمحدثين بمرو.
أخذ عنه: السمعاني، وابن عساكر، وطائفة.
توفي في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمس مئة.

ابن المهتدي بالله

الخطيب، شيخ القراء، أبو الفضل، محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن الخليفة المهتدي بالله محمد بن الواثق هارون، الهاشمي العباسي الرشيدي البغدادي.
مولده سنة تسع وأربعين وأربع مئة.
وسمع من عبد الصمد بن المأمون، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، لكن احترق سماعه منهما، ويجتمع هو وأبو الحسين جدهما في عبد الصمد.
وأما عم صاحب الترجمة، فهو القاضي أبو الحسن محمد بن أحمد ابن محمد، شيخ جليل، يروي عن أبي الحسن بن رزقويه.
نعم، وروى صاحب الترجمة عن أبي الحسين بن النقور، وأبي القاسم بن البسري، وجماعة.
وتلا بروايات على تلميذ الحمامي أبي الخطاب أحمد بن علي الصوفي.
روى عنه: أبو اليمن الكندي، وتلا عليه بخمس روايات، وروى عنه أيضاً عمر بن طبرزد.
وكان خطيباً بجامع القصر، ثقةً صالحاً، سرد الصوم أزيد من خمسين سنة.
توفي في جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.

البطروجي

الشيخ الإمام العالم، الفقيه، الحافظ الكبير، أبو جعفر، أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الباري، الأندلسي البطروجي ويقال: البطروشي القرطبي.
روى عن: محمد بن الفرج الطلاعي فأكثر، وأبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي، وخازم بن محمد، وخلف بن مدير، وخلف بن النخاس الخطيب.
وتلا على عيسى بن خيرة.
وتفقه على عبد الصمد بن أبي الفتح، وأبي الوليد بن رشد، وعرض المستخرجة على أصبغ بن محمد.
وأجاز له أبو المطرف الشعبي، وأبو داود بن نجاح، وطائفة.
وكان علامةً في مذهب مالك، محدثاً حافظاً، ناقداً مجوداً، مستحضراً كثير التصانيف، متبحراً في العلم، لكنه قليل العربية، رث الهيئة، فيه خفة، رحمه الله.
حدث عنه: أبو القاسم بن بشكوال وقال: كان من أهل الحفظ للفقه والحديث والرجال والتواريخ، مقدماً في ذلك على أهل عصره ومحمد بن إبراهيم بن الفخار، ويحيى بن محمد الفهري، ومحمد بن عبد العزيز الشقوري، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، وخلق كثير.
مات لثلاث بقين من المحرم سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.

المصيصي

الشيخ الإمام المفتي الأصولي، شيخ دمشق، أبو الفتح، نصر الله ابن محمد بن عبد القوي، المصيصي، ثم اللاذقي، ثم الدمشقي، الشافعي، الأشعري نسباً ومذهباً، كذا قال الحافظ أبو القاسم.
وقال: نشأ بصور، وسمع بها من الحافظ أبي بكر الخطيب، وعمر بن أحمد الآمدي، وعبد الرحمن بن محمد الأبهري، والفقيه نصر، وتفقه عليه، وسمع ببغداد من عاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، وبأصبهان من أبي منصور محمد بن علي بن شكرويه، والوزير نظام الملك، وبالأنبار من خطيبها أبي الحسن بن الأخضر، وبدمشق من أبي القاسم بن أبي العلاء، وأخذ علم الكلام عن أبي بكر محمد بن عتيق القيرواني...
إلى أن قال: وكان متصلباً في السنة، حسن الصلاة، متجنباً أبواب السلاطين، وكان مدرس الزاوية الغربية يعني الغزالية بعد شيخه الفقيه نصر، وقد وقف وقوفاً في البر. ولد باللاذقية سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
وقال السمعاني: إمام مفت، فقيه أصولي، متكلم، دين خير، كتبت عنه.
قلت: حدث عنه أيضاً القاسم بن عساكر، ومكي بن علي، وجابر بن محمد بن اللحية، وعسكر بن خليفة الحمويان، ويوسف بن مكي، والخضر بن كامل، وأحمد بن محمد بن سيدهم، وزينب بنت إبراهيم القيسي، وابن الحرستاني، وهبة الله بن طاووس، وأبو المحاسن بن أبي لقمة.
مات في ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة. وسماعه من الخطيب في سنة ست وخمسين. انتهى إليه علو الإسناد بدمشق.

أبو سعد

الشيخ الإمام، الحافظ الثقة، المسند، محدث أصبهان، أبو سعد، أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن علي بن أحمد بن سليمان، البغدادي الأصل، الأصبهاني.
ولد بأصبهان في صفر سنة ثلاث وستين وأربع مئة.
وكان أصغر من أخته فاطمة بنت البغدادي ببضع عشرة سنةً.
سمع أباه أبا الفضل، وأبا القاسم بن مندة، وأخاه عبد الوهاب، وعبد الجبار بن برزة الواعظ، وحمد بن ولكيز، وأبا إسحاق الطيان، وابن ماجة الأبهري، ومحمد بن عمر بن سسويه، ومحمد بن بديع الحاجب، وأبا منصور بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم، وعدة.
وارتحل إلى بغداد، وله ست عشرة سنةً وقد تنبه، فصادف أبا نصر الزينبي قد مات، فصاح، وتلهف، وسمع من عاصم بن الحسن، ومالك البانياسي، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، ورزق الله، وعدة.
وقد حدثه محمود بن جعفر الكوسج، عن جد أبيه الحسن بن علي البغدادي وهم بيت رواية وحديث .
روى عنه: ابن ناصر، وابن عساكر، والسمعاني، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي، وابن طبرزد، ومحمد بن علي القبيطي، وخلق من البغاددة والأصبهانيين، خاتمتهم محمد بن محمد بن بدر الراراني.
قال السمعاني: ثقة حافط، دين خير، حسن السيرة، صحيح العقيدة، على طريقة السلف الصالح، تارك للتكلف، كان يخرج إلى السوقة وعلى رأسه طاقية، وكان يصوم في طريق الحجاز.
وقال في التحبير: كان حافظاً كبيراً، تام المعرفة، يحفظ جميع صحيح مسلم، وكان يملي من حفظه، قدم مرةً من حجه، فاستقبله الخلق وهو على فرس يسير بسيرهم، فلما قرب من أصبهان، ركض فرسه، وترك الناس، وقال: أردت السنة: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوضع راحلته إذا رأى جدر المدينة. وكان حلو الشمائل، استمليت عليه بمكة والمدينة، وكتب عني، قال لي مرةً: أوقفتك. واعتذر، فقلت: يا سيدي، الوقوف على باب المحدث عز. فقال: لك بهذه الكلمة إسناد ؟ قلت: لا. قال: أنت إسنادها. وسمعت إسماعيل بن محمد الحافظ يقول: رحل أبو سعد إلى أبي نصر الزينبي، فدخل بغداد وقد مات، فجعل أبو سعد يلطم على رأسه، ويبكي، ويقول: من أين أجد علي بن الجعد، عن شعبة ؟! وقال عبد الله بن مرزوق الحافظ: أبو سعد بن البغدادي شعلة نار.
قال السمعاني: وسمعت معمر بن الفاخر يقول: أبو سعد يحفظ صحيح مسلم، وكان يتكلم على الأحاديث بكلام مليح.
وقال ابن النجار: هو إمام في الزهد والحديث، واعظ، كتب عنه شجاع الذهلي، وابن ناصر، كان إذا أكل اغرورقت عيناه، ويقول: كان داود عليه السلام إذا أراد أن يأكل بكى.
قال أبو الفتح محمد بن علي النطنزي، كنت ببغداد، فاقترض مني أبو سعد بن البغدادي عشرة دنانير، فاتفق أني دخلت على السلطان مسعود ابن محمد، فذكرت له ذلك، فبعث معي إليه خمس مئة دينار، فأبى أن يأخذها.
قال ابن الجوزي: حج أبو سعد إحدى عشرة حجةً، وتردد مراراً، وسمعت منه الكثير، ورأيت أخلاقه اللطيفة، ومحاسنه الجميلة، مات بنهاوند راجعاً من الحج في ربيع الأول سنة أربعين وخمس مئة، وحمل إلى أصبهان، فدفن بها.
وقال عبد الرحيم الحاجي: مات في ربيع الآخر منها.
ومات ابنه أبو سعيد عبد اللطيف بن البغدادي بأصبهان سنة ثمان وخمسين وخمس مئة. يروي عن أبي مطيع، وأبي الفتح الحداد، وطائفة.
أنبأنا بكتاب معرفة الصحابة لأبي عبد الله بن مندة جمال الدين يحيى ين الصيرفي قال: أخبرنا به محمد بن علي القبيطي قراءةً عليه، أخبرنا أبو سعد الحافظ، أخبرنا به غير واحد ملفقاً، قالوا: أخبرنا المؤلف رحمه الله.

ابن مغيث

الإمام العلامة الحافظ، المفتي الكبير، أبو الحسن، يونس بن محمد ابن مغيث بن محمد بن الإمام المحدث يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث، القرطبي المالكي.
مولده في رجب سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
وسمع بعد الستين من حاتم بن محمد، وأبي عمر بن الحذاء، ومحمد بن محمد بن بشير، وأبي مروان بن سراج، وأبي عبد الله بن منظور، ومحمد بن سعدون القروي، وأبي جعفر بن رزق، ومحمد بن الفرج، وأبي علي الغساني الحافظ. قال ابن بشكوال: كان عارفاً باللغة والإعراب، ذاكراً للغريب والأنساب، وافر الأدب، قديم الطلب، نبيه البيت والحسب، جامعاً للكتب، راويةً للأخبار، أنيس المجالسة، فصيحاً، مشاوراً، بصيراً بالرجال وأزمانهم وثقاتهم، عارفاً بعلماء الأندلس وملوكها، أخذ الناس عنه كثيراً، قرأت عليه، وأجاز لي، توفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة، وصلى عليه ولده أبو الوليد.
قلت: وحدث عنه أيضاً: محمد بن عبد الله بن مفرج القنوطي الحافظ، ومحمد بن عبد الرحمن بن عبادة الجياني، ومحمد بن عبد الرحيم ابن الفرس، وأبو محمد عبيد الله، وعبد الله بن طلحة المحاربي، وأبو القاسم بن حبيش، وعبد الرحمن بن محمد بن الشراط، وآخرون.
وكان من جلة العلماء في عصره، رحمه الله.

ابن تاشفين

السلطان، صاحب المغرب، أمير المسلمين، أبو الحسن، علي بن صاحب الغرب يوسف بن تاشفين، البربري، ملك المرابطين.
تولى بعد أبيه سنة خمس مئة.
وكان شجاعاً مجاهداً، عادلاً ديناً، ورعاً صالحاً، معظماً للعلماء، مشاوراً لهم، نفق في زمانه الفقه والكتب والفروع، حتى تكاسلوا عن الحديث والآثار، وأهينت الفلسفة، ومج الكلام، ومقت، واستحكم في ذهن علي أن الكلام بدعة ما عرفه السلف، فأسرف في ذلك، وكتب يتهدد، ويأمر بإحراق الكتب، وكتب يأمر بإحراق تواليف الشيخ أبي حامد، وتوعد بالقتل من كتمها، واعتنى بعلم الرسائل والإنشاء، وعمر.
ولما التقى عسكره العدو، انهزموا، واختلت الأندلس، وظهر بها المنكر، وقتل خلق من المرابطين، وأخذ يتهاون، ويقنع بالاسم، وأقبل على العبادة وأهمل الرعايا، وعجز، حتى قيل: إنه رفع يديه، ودعا، فقال: اللهم قيض لهذا الأمر من يقوى عليه.
وابتلي بنواب ظلمة، ثم خرج عليه ابن تومرت، وحاربه عبد المؤمن، وقوي عليه، وأخذ البلاد، وولت أيام الملثمة، فمات إلى رحمة الله في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
وعهد بالأمر إلى ابنه يوسف، فقاوم عبد المؤمن مديدةً، ثم انزوى إلى وهران، وتفرقت جموعه، فظفر به الموحدون، وهلك في سنة أربعين وخمس مئة.
وعندي في موضع آخر أن الذي ولي بعد علي ولده تاشفين، فحارب الموحدين مديدةً، ثم تحصن بوهران، وأنه هلك في رمضان سنة تسع، وصلبوه.

النسفي

العلامة المحدث، أبو حفص، عمر بن محمد بن أحمد بن لقمان، النسفي الحنفي، من أهل سمرقند.
وهو مصنف تاريخها الملقب بالقند.
ونظم الجامع الصغير.
وكان صاحب فنون، ألف في الحديث، والتفسير، والشروط، وله نحو من مئة مصنف.
حج، وسمع ببغداد من أبي القاسم بن بيان في الكهولة، فإنه ولد نحو سنة إحدى وستين وأربع مئة.
وحدث عن: إسماعيل بن محمد النوحي، والحسن بن عبد الملك القاضي، ومهدي بن محمد العلوي، وعبد الله بن علي بن عيسى النسفي، وأبي اليسر محمد بن محمد النسفي، وحسين الكاشغري، وأبي محمد الحسن بن أحمد السمرقندي، وعلي بن الحسن الماتريدي.
روى عنه: محمد بن إبراهيم التوربشتي، وولده أبو الليث أحمد بن عمر، وغير واحد.
قال أبو سعد السمعاني: مات بسمرقند في ثاني عشر جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.

ملك الخطا

كوخان، طاغية الترك والخطا، من أبطال الملوك.
أقبل في ثلاث مئة ألف فارس فيما قيل، وكسر السلطان سنجر السلجوقي، واستولى على بخارى وسمرقند في سنة ست، فما أمهله الله، وهلك في رجب سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
وكان سائساً، محباً للعدل، داهية.
وحكمت الخطا على بلاد ما وراء النهر إلى أن تملك علاء الدين خوارزمشاه، فاسترد ذلك.

ابن ماشاذه

العلامة الكبير، المفتي، أبو منصور، محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن ماشاذه، الأصبهاني الشافعي.
تفقه على أبي بكر محمد بن ثابت الخجندي، وعبد الوهاب بن محمد الفامي.
وسمع من شجاع بن علي المصقلي، وأخيه أحمد، وأبي طاهر أحمد بن محمد بن عمر النقاش، وأبي سهل حمد بن ولكيز، ومحمد بن بديع الحاجب، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة الجوهري، وعائشة الوركانية.
وأملى عدة مجالس، وكان إماماً في التفسير والمذهب والخلاف والوعظ.
عظمه ابن النجار.
وروى عنه: السمعاني، وابن عساكر.
وصنف كتاباً في آداب الدين، ومناقب الدولة العباسية، ثم عرضه على المسترشد بالله، فقبله، وشرفه.
 قال ابن عساكر: شيخنا أبو منصور من أعيان العلماء، ومشاهير الفضلاء الفهماء، قدم بغداد حاجاً سنة أربع وعشرين، فلم يبق بها من المذكورين أحد إلا تلقاه، وسروا بقدومه، وعقد المجلس في جامع القصر... إلى أن قال: وعانيت مرتبته في بلده، وحشمته في نفسه وولده.
وقال السمعاني: ارتفع أمره حتى صار أوحد وقته، والمرجوع إليه، وجىء بالسكين نوباً عدةً، وحماه الله، وكان كثير الصلاة والذكر بالليل، ولد سنة ثمان وخمسين وأربع مئة.
قلت: توفي فجأةً ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وخمس مئة.

سبطا الخياط

الشيخ الإمام المسند المقرىء الصالح، بقية السلف، أبو عبد الله، الحسين بن علي بن أحمد بن عبد الله البغدادي.
كان أسن من أخيه.
ولد سنة ثمان وخمسين وأربع مئة.
سمع الكثير بإفادة ابن الخاضبة.
سمع أبا محمد الصريفيني، وعبد الصمد بن المأمون، وأبا الحسين ابن النقور، وأبا منصور العكبري النديم، ومن بعدهم.
حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، وابن الجوزي، وأبو اليمن الكندي، وجماعة.
قال السمعاني: صالح، حسن الإقراء، دين، يأكل من كد يده، سمع الكثير بإفادة ابن الخاضبة في مجلس عفيف القائمي.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: قرأت عليه القرآن، مات في ذي الحجة سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.

أخوه

الشيخ الإمام العلامة، مقرىء العراق، شيخ النحاة، أبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد، سبط الإمام الزاهد العابد أبي منصور الخياط، وإمام مسجد ابن جردة.
ولد سنة أربع وستين في شعبان.
وتلقن القرآن من أبي الحسن بن الفاعوس.
وسمع من أبي الحسين بن النقور، وأبي منصور محمد بن محمد العكبري، ورزق الله التميمي، وطراد الزينبي، ونصر بن البطر، وعدة.
وتلا بالروايات على جده أبي منصور الخياط، وأبي الخطاب بن الجراح، وثابت بن بندار، والشريف عبد القاهر بن عبد السلام، وأبي طاهر ابن سوار، ومحمد بن عبد الله الوكيل، والمعمر يحيى بن أحمد السيبي صاحب الحمامي، وأبي النرسي، وأبي العز القلانسي.
وتصدر للإقراء، وصنف الكتب الشهيرة كالمبهج والإيجاز والكفاية، وأم بمسجد ابن جردة بضعاً وخمسين سنة، وكان من أطيب الناس صوتاً بالقرآن، وختم عليه خلق كثير.
حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، وابن الجوزي، ويحيى بن طاهر، ومحمود بن الداريج، وإسماعيل بن إبراهيم السيبي، وعبد الله ابن المبارك بن سكينة، وعبد العزيز بن منينا، وأبو اليمن الكندي، وخلق.
وتلا عليه الشهاب محمد بن يوسف الغزنوي، وأبو الفتح نصر الله بن الكيال، وصالح بن علي الصرصري، والتاج الكندي، وعبد الواحد بن سلطان، والمبارك بن المبارك بن زريق الحداد، ومحمد بن محمد بن هارون الحلي ابن الكال، وحمزة بن القبيطي، وابن سكينة، وزاهر بن رستم.
وقرأ عليه النحو جماعة.
قال ابن الجوزي: لم أسمع قارئاً قط أطيب صوتاً منه، ولا أحسن أداءً على كبر سنه، وكان لطيف الأخلاق، ظاهر الكياسة والظرافة، حسن المعاشرة للعوام والخواص.
وقال السمعاني: كان متواضعاً متودداً، حسن القراءة، في المحراب، خصوصاً ليالي رمضان، وقد تخرج عليه خلق، وختموا عليه، وله تصانيف القراءات، وخولف في بعضها، وشنعوا عليه، ثم سمعت أنه رجع عن ذلك، كتبت عنه، وعلقت عنه من شعره.
وقد ذكره أحمد بن صالح، وبالغ في تعظيمه، وقال: لم يخلف في فنون مثله.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: ما رأيت أكثر جمعاً من جمع جنازته.
وقال عبد الله بن جرير القرشي: دفن بباب حرب عند جده أبي منصور على دكة الإمام أحمد، وكان الجمع يفوت الإحصاء، غلق أكثر البلد.
توفي في الثاني والعشرين من ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.
قلت: ومات في العام معه العلامة الكبير، البحر الأوحد، المفسر، أبو محمد، عبد الحق بن غالب بن عبد الملك بن غالب بن تمام بن عطية المحاربي الأندلسي الغرناطي، صاحب التفسير، عن إحدى وستين سنة.
قال ابن النجار: قرأ الأدب على أبي الكرم بن فاخر، ولازمه نحواً من عشرين سنة، قرأ عليه فيها كتاب سيبويه وشرحه للسيرافي، والمحتسب لابن جني، والمقتضب للمبرد، والأصول لابن السراج، وأشياء. قرأت بالمبهج له على أبي أحمد بن سكينة.

الأنماطي

الشيخ الإمام، الحافظ المفيد، الثقة المسند، بقية السلف، أبو البركات، عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن بن بندار، البغدادي الأنماطي.
ولد سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
وسمع الجعديات: من أبي محمد الصريفيني، وسمع من ابن النقور، وابن البسري، وعبد العزيز الأنماطي، وأبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، فمن بعدهم.
وجمع فأوعى، وقد قرأ على أبي الحسين بن الطيوري جميع ما عنده.
حدث عنه: ابن ناصر، وابن عساكر، والسمعاني، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي، وأبو أحمد بن سكينة، وعمر بن طبرزد، ويوسف ابن كامل، وعبد العزيز بن الأخضر، وعبد العزيز بن منينا، وأحمد بن أزهر، وأحمد بن يحيى الدبيقي، وعبد الرحمن بن أحمد بن هدية، وخلق، ومن القدماء الحافظ محمد بن طاهر وهو أكبر منه.
قال السمعاني: هو حافظ ثقة متقن، واسع الرواية، دائم البشر، سريع الدمعة، حسن المعاشرة، خرج التخاريج، وجمع من المرويات ما لا يوصف، وكان متصدياً لنشر الحديث، قرأت عليه شيئاً كثيراً.
قلت: مات في المحرم سنة ثمان وثلاثين، وكان على طريقة السلف، وما تزوج قط.
وقال السلفي: كان رفيقنا عبد الوهاب حافظاً ثقةً، لديه معرفة جيدة.
وقال ابن ناصر: كان بقية الشيوخ، سمع الكثير، وكان يفهم، مضى مستوراً، وكان ثقةً، لم يتزوج قط.
وقال السمعاني أيضاً: لعله ما بقي جزء إلا قرأه وحصل نسخته، ونسخ الكتب الكبار مثل الطبقات لابن سعد، وتاريخ الخطيب، وكان متفرغاً للرواية، وكان لا يجوز الإجازة على الإجازة، وصنف في ذلك شيئاً، قرأت عليه الجعديات وتاريخ الفسوي وانتقاء البقال على المخلص.
وقال ابن الجوزي: كنت أقرأ عليه وهو يبكي، فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته، وانتفعت به ما لم أنتفع بغيره.
وقال أبو موسى المديني في معجمه: هو حافظ عصره ببغداد.
قلت: ومات معه في عام ثمانية: الشيخ المسند أبو المعالي عبد الخالق بن البدن الصفار، ومسند أصبهان غانم بن خالد بن عبد الواحد التاجر، والمسند أبو الحسن محمد بن أحمد بن صرما وهو ابن عمة ابن ناصر، والخطيب أبو بكر محمد بن الخضر المحولي المقرىء، والقاضي أبو بكر محمد بن القاسم بن المظفر بن الشهرزوري الموصلي، والشيخ أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي النحوي المعتزلي، والوزير علي بن طراد الزينبي، وأبو الوفاء غانم بن أحمد بن حسن الجلودي الأصبهاني، وشيخ الوعظ أبو الفتوح محمد بن الفضل الإسفراييني ابن المعتمد المتكلم.
أخبرنا علي بن أحمد وغيره إجازةً قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك، أخبرنا عبد الله بن محمد الخطيب، أخبرنا عبيد الله بن حبابة، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري، حدثنا محمد بن سيرين، أن أم عطية قالت: توفيت إحدى بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرنا أن نغسلها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك، إن رأيتن، وأن تجعلن في الآخرة شيئاً من سدر وكافور.
متفق على صحته، وقد رواه النسائي نازلاً، عن عبد الملك بن شعيب ابن الليث، عن أبيه، عن جده، عن يحيى بن أيوب، عن مالك بن أنس، عن أيوب، عن ابن سيرين، فوقع مصافحةً لشيوخنا.

ابن الزكي

قاضي دمشق، القاضي المنتجب، أبو المعالي، محمد بن القاضي أبي الفضل يحيى بن علي بن عبد العزيز، القرشي الدمشقي الشافعي، ويعرف أيضاً بابن الصائغ.
سمع أبا القاسم بن أبي العلاء، والحسن بن أبي الحديد، والفقيه نصراً المقدسي، وأبا محمد بن البري، وعدة، والقاضي الخلعي بمصر، وغيره، وعلي بن عبد الملك الدبيقي بعكا، وحضر درس الفقيه نصر، وتفقه به.
وناب عن أبيه في القضاء سنة عشر لما حج أبوه، ثم استقل بالقضاء.
روى عنه: ابن أخته الحافظ أبو القاسم، وقال: كان نزهاً عفيفاً صليباً في الحكم، ولد سنة سبع وستين وأربع مئة.
وقال السمعاني: كان محموداً، حسن السيرة، شفوقاً وقوراً، حسن المنظر، متودداً.
روى عنه: السمعاني، وابن عساكر، وابنهن وطرخان الشاغوري، وأبو المحاسن بن أبي لقيمة، وآخرون.
وهو والد القضاة بني الزكي.
مات في ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وخمس مئة، ودفن عند أبيه بمسجد القدم.

ابن الشهرزوري

القاضي الكبير، أبو بكر محمد بن القاسم بن مظفر ابن الشهرزوري الموصلي الشافعي.
شيخ عالم وقور، وافر الجلالة، ولي القضاء بأماكن، ويلقب بقاضي الخافقين.
تفقه على الشيخ أبي إسحاق، وسمع منه، ومن أبي القاسم عبد العزيز الأنماطي، وأبي نصر الزينبي، وسمع بنيسابور من أبي بكر بن خلف، وعثمان بن محمد المحمي.
روى عنه: السمعاني، وابن عساكر، وابن طبرزد، وطائفة.
وقدم دمشق غير مرة رسولاً.
مات في ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة وله خمس وثمانون سنة.

ابن المعتمد

الواعظ الكبير المتكلم، أبو الفتوح، محمد بن الفضل الإسفراييني، المعروف بابن المعتمد.
كان رأساً في الوعظ، فصيحاً، عذب العبارة، حلو الإيراد، ظريفاً، عالماً، كثير المحفوظ، صوفي الشارة، جيد التصنيف.
ولد سنة أربع وسبعين وأربع مئة.
وسمع من أبي الحسن بن الأخرم، وشيرويه الديلمي.
روى عنه: السمعاني، وابن عساكر.
قال ابن النجار: كان من أفراد الدهر في الوعظ، دقيق الإشارة، وكان أوحد وقته في مذهب الأشعري، وله في التصوف قدم راسخ، صنف في الحقيقة كتباً منها كتاب كشف الأسرار، وكتاب بيان القلب، وكتاب بث السر، وكل كتبه نكت وإشارات، ظهر له القبول التام ببغداد، وكان يتكلم بمذهب الأشعري، فثارت الحنابلة، فأمر المسترشد بإخراجه، فلما ولي المقتفي رجع إلى بغداد، وعاد فعادت الفتن، فأخرجوه إلى بلده.
قال ابن عساكر: هو أجرأ من رأيته لساناً وجناناً، وأكثرهم فيما يورد إعراباً وإحساناً، وأسرعهم جواباً، وأسلسهم خطاباً، مع ما رزق بعد صحة العقيدة من الخصال الحميدة، وإرشاد الخلق، وبذل النفس في نصرة الحق... إلى أن قال: فمات مبطوناً شهيداً غريباً، لازمت مجلسه، فما رأيت مثله واعظاً.
قال ابن النجار: قرأت في كتاب أبي بكر المارستاني قال: حدثني قاضي القضاة أبو طالب بن الحديثي قال: مر بنا أبو الفتوح وحوله خلق، منهم من يصيح: لا نحرف ولا نصوب بل عبادة، فرجمه العوام حتى تراجموا بكلب ميت، وعظمت الفتنة، لولا قربها من باب النوبي، لهلك جماعة، فاتفق جواز عميد بغداد موفق الملك، فهرب من معه، فنزل، ودخل إلى بعض الدكاكين، وأغلقها، ثم اجتمع بالسلطان، فحكى له، فأمر بالقبض على أبي الفتوح وتسفيره إلى همذان، ثم إلى إسفرايين، وأشهد عليه أنه متى خرج منها، فدمه هدر.
قال السمعاني: أزعج عن بغداد، فأدركه الموت ببسطام في ثاني ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة، فدفن بجنب الشيخ أبي يزيد البسطامي.
قال ابن الجوزي في المنتظم: قدم السلطان مسعود بغداد ومعه الحسن بن أبي بكر النيسابوري الحنفي، أحد المناظرين، فجالسته، فجلس بجامع القصر، وكان يلعن الأشعري جهراً، ويقول: كن شافعياً ولا تكن أشعرياً، وكن حنفياً ولا تكن معتزلياً، وكن حنبلياً، ولا تكن مشبهاً، وكان على باب النظامية اسم الأشعري، فأمر السلطان بمحوه، وكتب مكانه: الشافعي، وكان الإسفراييني يعظ في رباطه، ويذكر محاسن مذهب الأشعري، فتقع الخصومات، فذهب الغزنوي، فأخبر السلطان بالفتن، وقال: إن أبا الفتوح صاحب فتنة، وقد رجم غير مرة، والصواب إخراجه، فأخرج، وعاد الحسن النيسابوري إلى وطنه، وقد كانت اللعنة قائمةً في الأسواق، وكان بين الإسفراييني وبين الواعظ أبي الحسن الغزنوي شنآن، فنودي في بغداد أن لا يذكر أحد مذهباً.
قلت: لما سمع ابن عساكر بوفاة الإسفراييني أملى مجلساً في المعنى، سمعناه بالاتصال، فينبغي للمسلم أن يستعيذ من الفتن، ولا يشغب بذكر غريب المذاهب لا في الأصول ولا في الفروع، فما رأيت الحركة في ذلك تحصل خيراً، بل تثير شراً وعداوةً ومقتاً للصلحاء والعباد من الفريقين، فتمسك بالسنة، والزم الصمت، ولا تخض فيما لا يعنيك، وما أشكل عليك فرده إلى الله ورسوله، وقف، وقل: الله ورسوله أعلم.

شريح بن محمد

ابن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف بن شريح، الشيخ الإمام الأوحد المعمر الخطيب، شيخ المقرئين والمحدثين، أبو الحسن الرعيني الإشبيلي المالكي، خطيب إشبيلية.
ولد في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وأربع مئة.
تلا على والده العلامة أبي عبد الله بكتابه الكافي في السبع، وحمل عنه علماً كثيراً، وأجاز له مروياته أبو محمد بن حزم الظاهري. وسمع صحيح البخاري من أبي عبد الله بن منظور صاحب أبي ذر الهروي، وسمع من علي بن محمد الباجي، وأبي محمد بن خزرج، وطائفة.
قال أبو الوليد بن الدباغ: له إجازة من ابن حزم، أخبرني بذلك ثقة نبيل من أصحابنا أنه أخبره بذلك، ولا أعلم في شيوخنا أحداً عنده عن ابن حزم غيره، وقد سألته: هل أجاز له ابن حزم ؟ فسكت، وأحسبه سكت عن ابن حزم لمذهبه.
قلت: وعاينت في سفينة تواليف لابن حزم بخط السلفي وقد كتب: كتب إلي أبو الحسن شريح بن محمد قال: كتب إلينا أبو محمد بن حزم.
قال الحافظ خلف بن بشكوال: كان أبو الحسن من جلة المقرئين، معدوداً في الأدباء والمحدثين، خطيباً بليغاً، حافظاً محسناً فاضلاً، مليح الخط، واسع الخلق، سمع منه الناس كثيراً، ورحلوا إليه، واستقضي ببلده، ثم صرف عن القضاء، لقيته في سنة ست عشرة، فأخذت عنه.
وقال اليسع بن حزم: هو إمام في التجويد والإتقان، علم من أعلام البيان، بذ في صناعة الإقراء، وبرز في العربية مع علم الحديث وفقه الشريعة، كان إذا صعد المنبر حن إليه جذع الخطابة، وسمع له أنين الاستطابة، مع خشوع ودموع، رحلت إليه عام أربعة وعشرين، فحملت عنه.
قلت: وحدث عنه: أبو بكر محمد بن خير اللمتوني، ومحمد بن خلف بن صاف، ومحمد بن جعفر بن حميد البلنسي، وأبو بكر بن الجد الفهري، ومحمد بن إبراهيم بن الفخار، ومحمد بن يوسف بن مفرج الباقي بتلمسان إلى سنة ست مئة، وأحمد بن علي الحصار، وإبراهيم بن محمد بن ملكون النحوي، ونجبة بن يحيى، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، وخلق آخرهم عبد الرحمن بن علي الزهري الذي حدث عنه بصحيح البخاري في سنة 613.
وتلا عليه بالسبع عدد كثير، منهم أبو العباس أحمد بن محمد بن مقدام الرعيني، ومحمد بن علي بن حسنون الكتامي، وماتا في سنة أربع وست مئة، ومحمد بن عبد الله بن الغاسل، وآخر من روى عنه في الدنيا بالإجازة أبو القاسم أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن بقي البقوي الباقي إلى سنة خمس وعشرين وست مئة.
مات شريح في الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، وكانت جنازته مشهودةً.
وفيها مات رئيس الشافعية أبو منصور سعيد بن محمد بن الرزاز البغدادي مدرس النظامية.

البديع

الإمام المحدث المتقن الفقيه، مفيد همذان، أبو علي، أحمد بن سعد بن علي بن الحسن بن القاسم بن عنان، العجلي الهمذاني، المعروف بالبديع.
ولد سنة ثمان وخمسين.
وسمعه أبوه، ثم طلب بنفسه، ورحل وجمع.
سمع من أبي الفرج علي بن محمد بن عبد الحميد كتاب المتحابين لابن لال، وسمع من بكر بن حيد، ويوسف بن محمد الهمذاني، والشيخ أبي إسحاق لما مر بهم، وسمع بأصبهان من سليمان الحافظ، والرئيس الثقفي، وببغداد من أبي الغنائم بن أبي عثمان.
حدث عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وابن الجوزي.
قال أبو سعد: إمام ثقة، جليل القدر، واسع الرواية، له نظم.
وقال شيرويه: فاضل، يرجع إلى علوم فقه وأدب، وحدث ووعظ.
توفي في رجب سنة خمس وثلاثين وخمس مئة، وقبره يزار.

الزيدي

الشيخ العلامة المقرىء النحوي، عالم الكوفة، وشيخ الزيدية، أبو البركات، عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين ابن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن الشهيد زيد بن علي، العلوي الزيدي الكوفي الحنفي، إمام مسجد أبي إسحاق السبيعي.
ولد سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة.
وله إجازة من محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، تفرد بها.
وسمع أبا بكر الخطيب، وأبا الحسين بن النقور، وابن البسري، وأبا الفرج بن علان، وأبا القاسم بن المنثور الجهني، ومن محمد بن الحسن الأنماطي.
وسكن الشام مدة.
وأخذ العربية عن أبي القاسم زيد بن علي الفارسي.
حدث عنه: السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى، وعدة.
وتلا عليه بالقراءات يعيش بن صدقة.
قال السمعاني: شيخ كبير، له معرفة بالفقه والحديث واللغة والتفسير والنحو، وله التصانيف في النحو، وهو فقير قانع باليسير، سمعته يقول: أنا زيدي المذهب، لكني أفتي على مذهب السلطان.
وحكى الحافظ ابن عساكر عن شيخ حدثه عن أبي البركات أنه يقول بالقدر وبخلق القرآن.
توفي في شعبان سنة 539.

ابن عبد السلام

الشيخ العالم، المحدث المسند، أبو الحسن، علي بن هبة الله بن عبد السلام بن عبد الله بن يحيى، البغدادي الكاتب.
ولد سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة.
وسمع أبا محمد الصريفيني، وأبا الحسين بن النقور، وأبا القاسم بن البسري، وأبا منصور العكبري، والحافظ الأمير أبا نصر بن ماكولا، وعدة.
وعنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وبزغش مولى ابن حمدي، وإسحاق بن علي البقال، وأبو شجاع محمد بن المقرون، والمبارك بن المبارك الحداد، والوزير يحيى بن زبادة، ويحيى بن ياقوت، وعمر بن طبرزد، وزيد بن الحسن الكندي، وسليمان بن الموصلي، ويوسف بن أبي حامد الأرموي، وخلق.
قال السمعاني: شيخ كبير، من بيت الرئاسة والتقدم، واسع الرواية، صاحب أصول حسنة مليحة، سمع بنفسه، وأكثر، ونقل وجمع، أكثر سماعه بقراءة ابن الخاضبة، قرأت عليه الكثير، وكان ينحدر إلى واسط من جهة الخليفة على الأعمال التي بها، مات في سابع رجب سنة تسع وثلاثين وخمس مئة.

فاطمة بنت البغدادي

الشيخة العالمة الواعظة الصالحة المعمرة، مسندة أصبهان، أم البهاء، فاطمة بنت محمد بن أبي سعد أحمد بن الحسن بن علي بن البغدادي الأصبهاني.
مولدها بعد الأربعين وأربع مئة.
وسمعت من: أحمد بن محمود الثقفي، وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه، وأبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي المقرىء، وسعيد بن أبي سعيد العيار.
وعمرت، وتفردت بأشياء.
حدث عنها: السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى المديني، ومحمد ابن أبي طالب بن شهريار، وعبد اللطيف بن محمد الخوارزمي، ومحمد بن محمد بن محمد الراراني، وجعفر بن محمد آيوسان، وابن بنتها داود بن معمر.
قال السمعاني: شيخة معمرة مسندة، وأرخ مولدها.
وقال أبو موسى: توفيت في الخامس والعشرين من رمضان سنة تسع وثلاثين وخمس مئة. قال: ولها قريب من أربع وتسعين سنة.

أكز

واقف المدرسة الأكزية بدمشق، حسام الدين الحاجب.
من كبراء أمراء دمشق.
أمسك في سنة ثمان وثلاثين، وسملت عيناه، وسجن، وأخذت أمواله.

ابن طراد

الوزير الكبير، أبو القاسم، علي بن النقيب الكامل أبي الفوارس طراد بن محمد بن علي، الهاشمي العباسي الزينبي البغدادي. مر أبوه وأعمامه.
ولد سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
سمع من أبيه، وعميه أبي نصر وأبي طالب، وأبي القاسم بن البسري، ورزق الله التميمي، وابن طلحة النعالي، ونظام الملك، وعدة.
وأجاز له أبو جعفر بن المسلمة.
روى الكثير.
وحدث عنه: أبو أحمد بن سكينة، وأبو سعد السمعاني، وأبو القاسم ابن عساكر، وعبد الرحمن بن أحمد بن عصية، وطائفة سواهم.
وكان يصلح لإمرة المؤمنين، ولي أولاً نقابة العباسيين بعد والده، وعظم شأنه إلى أن وزر للمسترشد سنة 523، فقلد أخاه أبا الحسن محمد بن طراد النقابة، ثم في شعبان سنة ست وعشرين قبض على الوزير علي، وحبس، واحتيط على أمواله ونائبه، وأقاموا في نيابة الوزارة محمد بن الأنباري، ثم أطلق بعد أربعة أشهر، وقرر عليه مال يزنه، ووزر أنوشروان قليلاً، ثم أعيد ابن طراد إلى الوزارة سنة ثمان وعشرين، وزيد في تفخيمه.
ثم سار في خدمة المسترشد لحرب مسعود بن محمد بن ملكشاه، فلما قتل المسترشد قبضوا على الوزير، ثم توجه مسعود بجيشه إلى بغداد ومعه الوزير أبو القاسم، فوصل الوزير سالماً، وقد هرب الراشد بالله ولد المسترشد إلى الموصل، فدبر الوزير في خلعه، وبايع المقتفي، فاستوزره، وعظم ملكه، فلم يزل على الوزارة إلى أن هرب إلى دار السلطان مستجيراً بها لأمر خافه، وناب في الوزارة قاضي القضاة الزينبي، وذلك في سنة أربع وثلاثين، ثم استوزر المقتفي ابن جهير، ثم قدم السلطان مسعود بغداد سنة ست وثلاثين، ولزم ابن طراد بيته إلى أن توفي. قال السمعاني: كان علي بن طراد صدراً مهيباً وقوراً، دقيق النظر، حاد الفراسة، عارفاً بالأمور السنية العظام، شجاعاً جريئاً، خلع الراشد، وجمع الناس على خلعه ومبايعة المقتفي في يوم، ثم إن المقتفي تغير رأيه فيه، وهم بالقبض عليه، فالتجأ إلى دار السطان، فلما قدم السلطان أمر بحمله إلى داره مكرماً، فاشتغل بالعبادة، وكان كثير التلاوة والصلاة، دائم البشر، له إدرار على القراء والزهاد، قرأت عليه الكثير، وكان يكرمني غاية الإكرام، وأول ما دخلت عليه في وزارته قال: مرحباً بصنعة لا تنفق إلا عند الموت.
قال أحمد بن صالح الجيلي: مات الوزير شرف الدين علي بن طراد في مستهل رمضان سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة، وشيعه وزير الوقت أبو نصر ابن جهير وخلائق، رحمه الله.

الزمخشري

العلامة، كبير المعتزلة، أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد، الزمخشري الخوارزمي النحوي، صاحب الكشاف والمفصل.
رحل، وسمع ببغداد من نصر بن البطر وغيره.
وحج، وجاور، وتخرج به أئمة.
ذكر التاج الكندي أنه رآه على باب الإمام أبي منصور بن الجواليقي.
وقال الكمال الأنباري: لما قدم الزمخشري للحج، أتاه شيخنا أبو السعادات بن الشجري مهنئاً بقدومه، وقال:

كانت مساءلة الرّكبان تخبرنـي

 

عن أحمد بن عليّ أطيب الخبر

حتّى التقينا فلا واللّه ما سمعـت

 

أُذني بأحسن ممّا قد رأى بصري

وأثنى عليه، ولم ينطق الزمخشري حتى فرغ أبو السعادات، فتصاغر له، وعظمه، وقال: إن زيد الخيل دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع صوته بالشهادتين، فقال له: يا زيد، كل رجل وصف لي وجدته دون الصفة إلا أنت، فإنك فوق ما وصفت وكذلك الشريف ودعا له، وأثنى عليه.
قلت: روى عنه بالإجازة أبو طاهر السلفي، وزينب بنت الشعري.
وروى عنه أناشيد إسماعيل بن عبد الله الخوارزمي، وأبو سعد أحمد ابن محمود الشاشي، وغيرهما.
وكان مولده بزمخشر قرية من عمل خوارزم في رجب سنة سبع وستين وأربع مئة.
وكان رأساً في البلاغة والعربية والمعاني والبيان، وله نظم جيد.
قال السمعاني: أنشدنا إسماعيل بن عبد الله، أنشدني الزمخشري لنفسه يرثي أستاذه أبا مضر النحوي:

وقائلةٍ ما هذه الـدّرر الـتـي

 

تساقطها عيناك سمطين سمطين

فقلت هو الدرّ الذي قد حشا بـه

 

أبو مضرٍ أُذني تساقط من عيني

أنبأني عدة عن أبي المظفر بن السمعاني، أنشدنا أحمد بن محمود القاضي بسمرقند، أنشدنا أستاذي محمود بن عمر:

ألا قل لسعدى ما لنا فيك من وطـر

 

وما تطّيبنا النّجل من أعين البـقـر

فإنّا اقتصرنا بالـذين تـضـايقـت

 

عيونهم والله يجزي من اقتـصـر

مليحٌ ولكن عـنـده كـلّ جـفـوةٍ

 

ولم أر في الدّنيا صفاءً بـلا كـدر

ولم أنس إذ غازلتـه قـرب روضةٍ

 

إلى جنب حوض فيه للماء منحـدر

فقلت له جـئنـي بـوردٍ وإنّـمـا

 

أردت به ورد الخدود وما شـعـر

فقال انتظرني رجع طرفٍ أجىء به

 

فقلت له هيهات ما فيّ منتـظـر

فقال ولا وردٌ سوى الخدّ حـاضـرٌ

 

فقلت له إنّي قنعت بمـا حـضـر

قلت: هذا شعر ركيك لا رقيق.
قال ابن النجار: قرأت على زينب بنت عبد الرحمن بنيسابور، عن الزمخشري، أخبرنا ابن البطرة، فذكر حديثاً من المحامليات.
قال السمعاني: برع في الآداب، وصنف التصانيف، ورد العراق وخراسان، ما دخل بلداً إلا واجتمعوا عليه، وتلمذوا له، وكان علامةً نسابةً، جاور مدةً حتى هبت على كلامه رياح البادية. مات ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة.
وقال ابن خلكان: له الفائق في غريب الحديث، وربيع الأبرار، وأساس البلاغة، ومشتبه أسامي الرواة، وكتاب النصائح، والمنهاج في الأصول، وضالة الناشد.
قيل: سقطت رجله، فكان يمشي على جاون خشب، سقطت من الثلج.
وكان داعيةً إلى الاعتزال، الله يسامحه.

البحيري

الشيخ الثقة الصالح، مسند نيسابور، أبو بكر، عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد، البحيري النيسابوري.
ولد سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة. سمع أبا بكر البيهقي، وأحمد بن منصور المغربي، والإمام أبا القاسم القشيري، ووالده، وعمه عبد الحميد، وإسماعيل بن عبد الرحمن الميكالي، وأبا سهل الحفصي، وعدة.
وتفرد بسماع المتفق والمفترق للجوزقي عن المغربي.
حدث عنه: السمعاني، ومحمد بن فضل الله السالاري، والمؤيد ابن محمد الطوسي، وآخرون.
وأجاز لعبد الرحيم بن السمعاني.
وهو من بيت رواية ودين.
مات في جمادى الأولى سنة أربعين وخمس مئة.
ومات أبوه العدل الجليل أبو الحسن عبد الله بعد الستين وأربع مئة.
يروي عن أبي نعيم عبد الملك الإسفراييني وجماعة.
يروي عنه: زاهر الشحامي في مشيخته.

الطبقة التاسعة والعشرون

سعد الخير

الشيخ الإمام، المحدث المتقن، الجوال الرحال، أبو الحسن، سعد الخير بن محمد بن سهل بن سعد الأنصاري الأندلسي البلنسي التاجر.
سار من الأندلس إلى إقليم الصين، فتراه يكتب: سعد الخير الأندلسي الصيني.
وكان من الفقهاء العلماء.
سمع ببغداد من طراد الزينبي، وابن طلحة النعالي، وابن البطر، وطبقتهم، وبأصبهان أبا سعد المطرز وطائفة، وبالدون من عبد الرحمن ابن حمد.
ثم سمع بنته فاطمة من فاطمة الجوزدانية كثيراً وهي حاضرة، وسمعها ببغداد من أصحاب الجوهري، وحصل الكتب الجيدة، ثم استقر ببغداد.
حدث عنه: ابن عساكر، والسلفي، والسمعاني، والمديني، وعبد الخالق بن أسد، وابن الجوزي، والكندي، وابنته فاطمة، وزوجها علي بن نجا الواعظ.
وتفقه على الغزالي.
وقرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي.
مات يوم عاشوراء سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.
وثقه ابن الجوزي وغيره.
ذكر السمعاني أنه حمل إلى قاضي المرستان يسير عود، فدفعه إلى جارية القاضي، فلم تعرفه به لقلته. قال: فجاء، وقال: يا سيدنا، وصل العود ؟ قال: لا. قال: دفعته إلى الجارية، فسألها عنه، فاعتلت بقلته، وأحضرته، فرماه القاضي، وقال: لا حاجة لنا فيه. ثم إن سعد الخير طلب منه أن يسمع ولده جابراً جزء الأنصاري، فحلف أن لا يحدثه به إلا بخمسة أمناء عوداً، فبقي يلح على القاضي أن يكفر يمينه، فما فعل، ولا هو حمل شيئاً.

ابن الإخوة

الشيخ الجليل، أبو العباس، أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الإخوة، البغدادي العطار الوكيل، جد المؤيد بن الإخوة.
سمع أبا القاسم بن البسري، وغيره، وتفرد بالمجتنى لابن دريد عن أبي منصور العكبري.
روى عنه: السمعاني، وطائفة خاتمتهم الفتح بن عبد السلام.
وعاش ستاً وثمانين سنة.
قال أبو سعد السمعاني: شيخ بهي، حسن المنظر، خير، متقرب إلى أهل الخير، وهو أبو شيخينا عبد الرحيم وعبد الرحمن، توفي في خامس رمضان سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.

شيخ الشيوخ

الشيخ الصالح، أبو البركات، إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن محمد بن دوست، النيسابوري.
ولد سنة 465 ببغداد.
فسمع من أبي القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي، وعلي بن البسري، وأبي نصر الزينبي، ورزق الله، وجماعة.
وعنه: ابناه عبد الرحيم وعبد اللطيف، وأبو القاسم بن عساكر، والسمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وأبو أحمد بن سكينة وهو سبطه، وسليمان الموصلي، وأحمد بن الحسن العاقولي.
قال السمعاني: وقور مهيب، على شاكلة حميدة، ما عرفت له هفوةً، قرأت عليه الكثير، وكنت نازلاً برباطه.
قال ابن النجار: سمعت ابن سكينة يقول: كنت حاضراً لما احتضر، فقالت له أمي: يا سيدي، ما تجد ؟ فما قدر على النطق، فكتب على يدها: رَوْحٌ ورَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيم" الواقعة ثم مات.
قلت: مات في عاشر جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وخمس مئة، وعملوا لموته وليمةً بنحو ثلاث مئة دينار.

شافع

ابن عبد الرشيد، العلامة أبو عبد الله الجيلي، ثم الكرخي، من كبار أئمة الشافعية.
رحل، وتفقه على الغزالي، وإلكيا.
وسمع بالبصرة من القاضي أبي عمر النهاوندي.
وتصدر للعلم ببغداد.
روى عنه السمعاني.
مات في المحرم سنة إحدى وأربعين وخمس مئة وهو في عشر الثمانين.

ابن الآبنوسي

الفقيه المفتي العابد، أبو الحسن، أحمد بن الإمام المحدث أبي محمد عبد الله بن علي بن الآبنوسي، البغدادي الشافعي الوكيل.
ولد سنة ست وستين وأربع مئة. سمع أبا القاسم بن البسري، وإسماعيل بن مسعدة، وأبا نصر الزينبي، وعدة، وتفق على قاضي القضاة الحموي.
ونظر في الكلام والاعتزال، ثم لطف الله به، وصار من أهل السنة والمتابعة، وكان يدري المذهب والفرائض والخلاف والشروط، ثقةً زاهداً مصنفاً ذكاراً، متألهاً، مؤثراً للانقطاع.
روى عنه: السمعاني، وابن عساكر، والكندي، وسليمان الموصلي، وآخر من روى عنه بنته شرف النساء.
مات في ثامن ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.
ومات أبوه بعد الخمس مئة.

ابن الأشقر

أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الواحد، الدلال البغدادي ابن الأشقر.
سمع أبا الحسين بن المهتدي بالله، وابن هزارمرد الصريفيني.
وعنه: السمعاني، وأبو اليمن الكندي، وترك بن محمد العطار، وأحمد بن الأصفر، وعبد الملك بن أبي الفتح، وعدة.
صالح خير، صحيح السماع.
مات في صفر سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.

ابن أخت الطويل

الشيخ الصالح المعمر، مسند همذان، أبو بكر، هبة الله بن الفرج، الهمذاني ابن أخت الطويل.
ولد سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة.
وسمع من: أبي القاسم يوسف بن محمد الخطيب، وأبي الفضل القومساني الإمام، وأبي الحسن علي بن محمد البجلي الجريري، وبكر ابن حيد، وسفيان بن الحسين بن فنجويه، وعبدوس بن عبد الله، وطائفة.
روى عنه: الحافظ أبو العلاء العطار، وأولاده أحمد، وعبد الغني وواثلة، والمؤيد بن الإخوة، والسمعاني، وابن عساكر، وعدة.
وأجاز فيما قيل لعبد الخالق النشتبري.
وكان من خيار الشيوخ.
كان الحافظ أبو العلاء يقول: هو أحب إلي من كل شيخ بهمذان.
وأثنى عليه السمعاني في تحبيره، وذكر مولده سنة اثنتين، وقال لأبي العلاء: إنه ولد سنة ثلاث وخمسين. فمن مسموعاته السنن من البجلي، أخبرنا أبو بكر بن لال، عن ابن داسة، عن أبي داود. وحدث به، فسمعه منه أحمد وعاتكة ولدا الحافظ أبي العلاء. ومن سماعاته مكارم الأخلاق لابن لال، سمعه من البجلي عنه.
توفي في شعبان سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة عن تسعين سنة.

الدومي

الشيخ الجليل، أبو الفتح، مفلح بن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن علي، الدومي، ثم البغدادي، الوراق.
مولده سنة سبع وخمسين وأربع مئة.
سمع أبا بكر الخطيب، وابن هزارمرد الصريفيني، وأبا الحسين بن النقور، وعلي بن البسري.
وعنه: ابن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وعمر بن طبرزد، ويوسف بن المبارك، وأبو محمد بن الساوي، وترك بن محمد العطار.
قال السمعاني: كتبت عنه الكثير، وكان شيخاً لا بأس به، كان يعقد في قطيعة الفقهاء بالكرخ، ويكتب الرقاع بالأجرة، وسمعت أنه جمع مالاً كثيراً، ودفنه، فورثه ولده منجح، كان حريصاً، توفي في ثاني عشر المحرم سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
قلت: وولده منجح بن مفلح، يروي عن ابن البطر ونحوه. توفي بعد سنة خمسين وخمس مئة.
وحفيده مصلح بن منجح بن مفلح، سمع هبة الله بن الطبر وغيره. روى عنه إلياس بن جامع.
ومات مع مفلح أبو عبد الله الحسين بن علي سبط الخياط، وأبو الفتح عبد الله بن محمد بن البيضاوي، وأبو طالب علي بن عبد الرحمن الصوري، وأمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين، والعلامة عمر ابن محمد بن أحمد بن لقمان النسفي، وكوخان طاغية الترك والخطا، والخطيب أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المهتدي بالله، والقاضي المنتجب أبو المعالي محمد بن الزكي يحيى القرشي بدمشق.

الشريك

الإمام المسند، أبو عمرو، عثمان بن محمد بن أحمد، البلخي.
سمع أباه، وإبراهيم بن محمد بن سليمان الوراق، والحافظ أبا علي الوخشي، ومحمد بن عبد الملك الماسكاني، وأبا سعيد الخليل بن أحمد السجزي، وطائفةً.
قال السمعاني: كان فاضلاً، حسن السيرة من أهل العلم، مكثراً من الحديث، معمراً، كتب إلي بمروياته، يروي الموطأ عن عبد الوهاب بن أحمد الحديثي، عن زاهر بن أحمد السرخسي، ويروي تفسير أبي الليث السمرقندي، عن الوخشي، عن تميم بن زرعة، عنه، وروى عن الوخشي سنن أبي داود، وعدة تفاسير...
إلى أن قال: توفي ببلخ في جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.

ابن الصباغ

العدل الصدوق العالم، أبو القاسم، علي بن العلامة شيخ الشافعية أبي نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن الصباغ البغدادي. سمع أباه، وأبا محمد الصريفيني، وطراداً الزينبي.
حدث عنه: السلفي، وابن عساكر، والسمعاني، وحمزة بن القبيطي، وعبد اللطيف بن أبي النجيب، وزاهر بن رستم، ويوسف بن الخفاف، وأحمد بن الحسن العاقولي، وسليمان الموصلي، وأخوه محمد ابن علي، وعبد المجيد بن العلاء.
قال ابن النجار: كان من المعدلين ببغداد.
قال السمعاني: شيخ ثقة صالح صدوق، حسن السيرة، قال لي: ولدت في آخر سنة إحدى وستين.
وقال أحمد بن صالح الجيلي: توفي في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة، وتبعه خلق عظيم، وكان شيخ الوقت، بقي نيفاً وخمسي سنة شاهداً، وهو آخر من روى ببغداد كتاب ابن مجاهد في القراءات.
قال: وكان شيخاً حسناً فاضلاً محترماً، مقدماً لدينه وعلمه وبيته.
وفيها مات أحمد بن عبد الله بن علي بن الآبنوسي، وأبو جعفر البطروجي، وأبو جعفر بن الباذش المقرىء، وأبو بكر أحمد بن علي ابن الأشقر، ودعوان بن علي المقرىء، وعمر بن ظفر المغازلي، ومحمد بن أحمد بن أبي الفتح الطرائفي، والقاضي أبو عبد الله الجلابي، والفقيه نصر الله بن محمد المصيصي، وهبة الله بن الفرج ابن أخت الطويل، وأبو السعادات هبة الله بن علي بن الشجري النحوي.

ابن الرزاز

شيخ الشافعية، أبو منصور، سعيد بن محمد بن عمر بن الرزاز، الشافعي البغدادي، مدرس النظامية.
تفقه بالغزالي، وأبي سعد المتولي، وإلكيا الهراسي، وأبي بكر الشاشي، وأسعد الميهني.
وسمع من رزق الله التميمي، وجماعة.
وتصدر، وأفاد، وكان ذا وقار وسمت وحرمة تامة، ولي تدريس النظامية مدة، ثم عزل. وتخرج به الأصحاب.
روى عنه: السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وطائفة.
مات في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، وصلى عليه ولده أبو سعد، وعاش سبعاً وسبعين سنة.

الدهان

المحدث الصالح، أبو نصر، عبيد الله بن أبي عاصم عبد الله بن أبي الفضل، الهروي الصوفي الدهان، صاحب شيخ الإسلام.
سمع أبا عاصم الفضيل بن يحيى، ومحمد بن أبي مسعود الفارسي، ولازم شيخ الإسلام مدةً.
روى عنه سبطه أبو روح الهروي، وهو الذي حرص عليه، وسمعه الكثير.
وروى عنه ابن السمعاني، وبالإجازة ابنه عبد الرحيم، وابن الجوزي، وابن بوش.
توفي سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، وقد قارب الثمانين.

عمر بن ظفر

ابن أحمد، الإمام، مفيد بغداد، أبو حفص الشيباني المغازلي المقرىء.
تلا بالروايات الكثيرة على أحمد بن أبي الأشعث السمرقندي، وغيره.
تلا عليه يحيى بن أحمد الأواني بالسبع.
وكان مولده في سنة إحدى وستين وأربع مئة.
وسمع من: أبي القاسم علي بن البسري، ومالك البانياسي، وطراد الزينبي، والنعالي، وخلق، حتى كتب عن ابن الحصين وذويه.
وروى عنه: ابن السمعاني، وابن عساكر، وابن الجوزي، وأبو اليمن الكندي، وابن سكينة، ويوسف بن كامل، وعلي بن محمود القطان، وآخرون.
ونسخ شيئاً كثيراً، وعني بالرواية، مع الخير والصلاح والعلم، وقد ختم عليه بمسجده خلق كثير.
قال السمعاني: هو شيخ صالح، حسن السيرة، صحب الأكابر، وخدمهم، قيم بكتاب الله، ختم عليه خلق، كتبت عنه الكثير، وأظهر المبارك بن كامل سماعه في السادس من انتقاء ابن أبي الفوارس على المخلص على ورقة عتيقة من علي بن البسري، فشنع أبو القاسم بن السمرقندي عليه، وقال: ما سمع من البسري شيئاً، وسن عمر محتمل.
توفي في حادي عشر شعبان سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.

ظاهر بن أحمد

أبو القاسم البغدادي المساميري البزاز، الرجل الصالح.
سمع رزق الله التميمي، وطراداً الزينبي، وابن البطر.
وعنه: السمعاني، ويوسف بن المبارك، ومحمد بن علي القبيطي.
توفي في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.