الجلابي

الجلابي

القاضي أبو عبد الله، محمد بن علي بن محمد بن محمد بن الطيب ابن الجلابي بالضم ، الواسطي المالكي المغازلي المعدل الشروطي.
ولد سنة سبع وخمسين وأربع مئة. وسمعه أبوه من أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي، والحسن بن أحمد الغندجاني، وأبي علي إسماعيل بن محمد بن كماري، وأبي يعلى علي بن عبيد الله بن العلاف، وأبي منصور محمد بن محمد العكبري لما قدم واسطاً، وسمع ببغداد من الحميدي، وله إجازة من أبي غالب بن الخالة اللغوي، وأبي بكر الخطيب، وأبي تمام علي بن محمد صاحب ابن المظفر، وتفرد بأشياء.
قال السمعاني: شيخ متودد، حسن المجالسة، ينوب عن قاضي واسط، انحدرت إليه، وسمعت منه الكثير، من ذلك مسند الخلفاء الراشدين لأحمد بن سنان، والبر والصلة لابن المبارك، وحدث ببغداد بعد سنة عشرين وخمس مئة، وكان شيخنا أحمد بن الأغلاقي يرميه بأنه ادعى سماع شيء لم يسمعه، وأما ظاهره، فالصدق والأمانة، وهو صحيح السماع والأصول.
قلت: حدث عنه: الحسن بن مكي المرندي، وأبو المظفر علي ابن نغوبا ويحيى بن الربيع الفقيه، ويحيى بن الحسين الأواني، وأبو المكارم علي بن عبد الله بن الجلخت، وأبو بكر أحمد بن صدقة الغرافي، وأبو الفتح محمد بن أحمد المندائي.
وكان أبو الفتح يغلط، ويقول: الجلابي بالفتح، فأنا رأيته بالضم بخط والده في تاريخ واسط وكذا قيده ابن نقطة وغيره.
مات في رمضان سنة 542.

ابن المختار

الشيخ الجليل، مسند وقته، أبو تمام، أحمد بن الشيخ أبي العز محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد بن المؤيد بالله، العباسي البغدادي التاجر الجوال، ويعرف بابن الخص.
ولد في حدود سنة خمسين وأربع مئة.
وسمع أبا جعفر بن المسلمة، فكان آخر من روى بخراسان صفة المنافق للفريابي عنه، وسمع أيضاً أبا نصر الزينبي.
روى عنه: السمعاني، وابنه عبد الرحيم، والقاسم بن عبد الله الصفار، وإسماعيل القاري، وآخرون.
توفي بنيسابور بعد أن أكثر من التجارة بالبحار والهند والترك في خامس ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.

الطرائفي

المعمر، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن أبي الفتح الحسن، البغدادي الطرائفي.
سمع صفة المنافق من ابن المسلمة، وأجاز له هو والخطيب، وعبد الصمد بن المأمون. آخر من روى عنه الفتح بن عبد السلام.
مات في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة عن إحدى وتسعين سنة.
روى عنه: حمزة بن القبيطي، وأخوه، وزاهر بن رستم، وأحمد بن الحسن العاقولي.

ابن الداية

محمد بن علي، ابن الداية البغدادي.
سمع منه الفتح صفة المنافق بعد الأربعين وخمس مئة بسماعه من أبي جعفر بن المسلمة.
يكنى أبا غالب، عاش سبعاً وثمانين سنة.
روى عنه: السمعاني، وحمزة محمد ابنا علي بن القبيطي، وسليمان الموصلي.
توفي في محرم سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
قال ابن النجار: هو أبو غالب، لا يعرف اسم جده، كان أبوه فراشاً في بيت رئيس الرؤساء، وأمه داية لهم، فربي معهم، وسمع مع الأولاد على أبي جعفر بن المسلمة، وعمر، وسمع منه الحفاظ والكبار، وكان يكبر في الجامع خلف الخطيب، وكان سماعه صحيحاً.

ابن الرماك

إمام النحو، أبو القاسم، عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عيسى، الأموي الإشبيلي، قل أن ترى العيون مثله.
أقرأ كتاب سيبويه، وتخرج به أئمة.
أخذ عن أبي عبد الله بن أبي العافية، وأبي الحسن بن الأخضر.
حمل عنه: أبو بكر بن خير، وأبو إسحاق بن ملكون، وأبو بكر بن طاهر الخدب.
توفي كهلاً سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.

الغنوي

الإمام، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن محرز، الغنوي الرقي، الفقيه الشافعي الصوفي.
مولده سنة تسع وخمسين وأربع مئة.
سمع رزق الله التميمي، وعبد المحسن الشيحي، ومحمد بن بكران الشامي، والحميدي، وعدةً.
وقدم الخطيب أبو القاسم يحيى بن طاهر بن محمد بن سيد الخطباء عبد الرحيم بن نباتة في سنة أربع وثمانين وافداً على النظام الوزير، فقال: إن ديوان الخطب سماعي من أبي عن جدي، ولم يكن معه نسخة، فقرأ عليه الغنوي من نسخة جديدة لا سماع عليها.
وقد تفقه على الغزالي، وأبي بكر الشاشي.
وكتب كثيراً.
قال ابن الجوزي: رأيته وله سمت وصمت، وعليه وقار وخشوع.
قلت: روى عنه: السمعاني، وأبو اليمن الكندي، وأبو حفص بن طبرزد، وآخرون.
مات ببغداد في ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
وكان صدوقاً.

ابن الوزير

الحافظ المفيد، أبو علي، الحسن بن مسعود، ابن الوزير الدمشقي.
وزر جده حسن الخوارزمي لتتش صاحب دمشق.
وهذا طلب العلم، ورحل في الحديث.
وتفقه لأبي حنيفة. وسكن مرو، وسمع الكثير، وأكثر عن فاطمة الجوزدانية.
قال السمعاني: حافظ فطن، له معرفة بالحديث والأنساب، قال لي: إنه ولد في صفر سنة ثمان وتسعين وأربع مئة، ومات بمرو في المحرم سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
قلت: وله نظم جيد وفضائل.

الجورقاني

الإمام الحافظ الناقد، أبو عبد الله، الحسين بن إبراهيم بن الحسين ابن جعفر، الهمذاني الجورقاني. وجورقان: من قرى همذان.
له مصنف في الموضوعات يسوقها بأسانيده.
يروي عن أبي محمد الدوني فمن بعده.
وعلى كتابه بنى أبو الفرج بن الجوزي كتاب الموضوعات له.
قال ابن شافع: أدركه أجله في السفر، فبلغنا في رجب خبره من سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
قال ابن النجار: كتب وحصل، وصنف، وأجاد تصنيف كتاب الموضوعات حدثنا عنه عبد الرزاق الجيلي.
قلت: وروى عن ابن طاهر المقدسي، ويحيى بن أحمد الغضائري، وشيرويه الديلمي، وحمد بن نصر، وعبد الملك بن بنجير، ويحيى بن مندة، وأحمد بن عباد البروجردي، وينزل إلى عبد الخالق اليوسفي.
حدث عنه بالكتاب ابن أخته نجيب بن غانم الطيان في سنة 582.
قال ابن مشق: توفي في سادس عشر رجب سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.

أبو الدر ياقوت

الرومي التاجر السفار، مولى عبيد الله بن البخاري.
سمعه مولاه من أبي محمد الصريفيني سبعة مجالس المخلص، وكتاب المزاح للزبير بن بكار.
قال السمعاني: كان شيخاً ظاهره الصلاح والسداد، لا بأس به، حدث بمصر ودمشق وبغداد.
وقال ابن عساكر: قدم مصر ودمشق مرات للتجارة، ولم يكن يفهم شيئاً، ومات بدمشق في شعبان سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
قلت: حدث عنه ابن عساكر، وابنه بهاء الدين القاسم، وأبو المواهب بن صصرى، ومحمد بن الزنف، والخضر بن كامل العابر، وعقيل بن أبي الجن، وعبد الرحمن بن سلطان القرشي، وعبد الرحمن بن إسماعيل الجنزوي، وعبد الرحمن بن عبد الواحد بن هلال، وعبد الصمد ابن جوشن التنوخي، وآخرون.
وفيها مات أبو تمام أحمد بن محمد بن المختار بن المؤيد بالله التاجر بنيسابور، والفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الرقي، وأبو علي الحسن بن مسعود ابن الوزير الدمشقي بمرو، وأبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان الأزدي، وأبو علي سهل بن محمد ابن أحمد الحاجي بأصبهان، وعباد بن سرحان الشاطبي بالعدوة: لقي رزق الله، وقاضي القضاة أبو القاسم علي بن نور الهدى أبي طالب الزينبي، والقاضي أبو بكر بن العربي، وأبو غالب محمد بن علي ابن الداية، والمبارك بن كامل الخفاف، والفقيه أبو الحجاج يوسف بن دوناس الفندلاوي المالكي، والقدوة عبد الرحمن الحلحولي.

هبة الرحمن

ابن عبد الواحد بن شيخ الإسلام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن، الشيخ الإمام، العالم الخطيب، مسند خراسان، أبو الأسعد القشيري النيسابوري، خطيب نيسابور، وكبير أهل بيته في عصره.
مولده في جمادى الأولى سنة ستين وأربع مئة.
وسمع من جده أبي القاسم في الخامسة، ومن جدته فاطمة بنت الدقاق، ومن أبيه، وعميه أبي سعد وأبي منصور، ومن أبي سهل الحفصي صاحب الكشميهني، سمع منه في سنة 465 صحيح البخاري، وسمع من أبي صالح المؤذن، وأبي نصر عبد الرحمن بن علي التاجر، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وإسماعيل بن مسعدة، ونصر بن علي الحاكمي، ومحمد ابن عبد العزيز الصفار، وأبي بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي، وعدة. وسمع من الحاكمي سنن أبي داود، ومن عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري مسند أبي عوانة.
وروى الكثير، وبعد صيته، وارتحلوا إليه.
حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، والمؤيد بن محمد الطوسي، والقاسم بن عبد الله الصفار، والمؤيد بن عبد الله القشيري، والمطهر بن أبي بكر البيهقي، وأبو الفتوح محمد بن محمد البكري، وأبو المظفر عبد الرحيم بن السمعاني، وخلق كثير.
أملى مجالس كثيرةً، وله أربعون حديثاً، وأخرى حياته ظهر به صمم يسمع معه إذا رفع القارىء صوته. قال السمعاني: سمعت أصحابنا يقولون: إنه ادعى سماع الرسالة من جده، وما ظهر له عن جده إلا أجزاء أبي العباس السراج، ومجالس أملاها أبو القاسم، وكتاب عيون الأجوبة في فنون الأسولة، وقد روى بالإجازة عن أبي نصر الزينبي وغيره.
توفي في ثالث عشر سوال سنة ست وأربعين وخمس مئة.

البيضاوي

الإمام القاضي، أبو الفتح، عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن البيضاوي الفارسي، ثم البغدادي، الحنفي، أخو قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي لأمه.
سمع أبا جعفر بن المسلمة، وأبا الغنائم بن المأمون، وأبا محمد الصريفيني، وطائفةً.
وعنه: السمعاني، وابن عساكر، وابن الجوزي، والكندي، وآخرون.
قال السمعاني: شيخ صالح متواضع، متحر في قضائه الخير، متثبت، توفي في نصف جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.

السمذي

أبو المكارم، المبارك بن علي بن عبد العزيز، البغدادي الهماني السمذي.
سمع أحمد بن محمد بن حمدوه، وأبا محمد بن هزارمرد، وأبا القاسم بن البسري.
وعنه: السمعاني، وابن طبرزد، وعبد الوهاب بن جماز القلعي، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو منصور محمد بن عفيجة.
توفي يوم عاشوراء سنة تسع وثلاثين وخمس مئة في عشر التسعين.

الأرموي

الشيخ الفقيه الإمام المعمر القاضي، مسند العراق، أبو الفضل محمد ابن عمر بن يوسف بن محمد، الأرموي، ثم البغدادي الشافعي.
ولد ببغداد في سنة تسع وخمسين وأربع مئة.
وسمع باعتناء أبيه من أبي جعفر بن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، وأبي الحسين بن النقور، وأبي بكر الخطيب، وجابر بن ياسين، وأبي بكر محمد بن علي الخياط المقرىء، وأبي نصر الزينبي، وطائفة.
وعنه: ابن عساكر، والسلفي، والسمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعمر بن طبرزد، وإبراهيم بن البتيت، والقاضي أسعد بن المنجى، ومحمد بن علي بن الطراح، ومبارك بن صدقة الحاسب، ويونس بن يحيى الهاشمي، وعمر بن مسعود البزاز الزاهد، وزاهر بن رستم، وعثمان بن إبراهيم بن فارس السيبي، وأخوه إسماعيل الخباز، وشجاع بن سالم البيطار، والتاج الكندي، وداود بن ملاعب، وأخته حفصة بنت ملاعب، وسبطه يوسف بن محمد الأرموي، وموسى بن الصيقل الهاشمي، وإسماعيل بن سعد الله بن حمدي، ومظفر بن غيلان الدقاق، وسعيد بن محمد الرزاز، ومسمار بن عويس النيار، وعبد الرحمن بن المبارك بن المشتري، وأحمد بن يوسف بن صرما، والفتح بن عبد السلام، وآخرون.
وكان فقيهاً مناظراً متكلماً صالحاً كبير القدر.
قال السمعاني: فقيه إمام متدين، ثقة صالح، حسن الكلام، كثير التلاوة، تفقه على الشيخ أبي إسحاق.
وقال ابن الجوزي: سمعت منه بقراءة الحافظ ابن ناصر، وقرأت عليه كثيراً، وكان ثقةً ديناً تالياً، وكان شاهداً، فعزل، توفي في رجب سنة سبع وأربعين وخمس مئة.
قلت: وقد ولي قضاء دير العاقول.
مات في رابع رجب وله ثمان وثمانون سنة.
وفيها مات أبو الخير جامع بن عبد الملك النيسابوري، وأبو القاسم الجنيد بن محمد القايني بهراة، والمحدث عبد الرحمن بن الحسن الشعري الصوفي والد زينب، والفقيه محمد بن إسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وشيخ القراء أبو عبد الله محمد بن الحسن ابن غلام الفرس الداني، وأبو نصر محمد بن منصور بن عبد الرحيم الحرضي النيسابوري، وأبو عامر محمد بن يحيى بن ينق الشاطبي الأديب الطبيب، والسلطان مسعود بن محمد السلجوقي، والواعظ الشهير أبو منصور مظفر بن أردشير العبادي.

الأموي

العلامة، أبو علي، الحسن بن سعيد بن أحمد القرشي الأموي الجزري الشافعي.
قدم، فتفقه ببغداد، وبرع.
وسمع من عبد العزيز بن علي الأنماطي، وأبي القاسم بن البسري.
وولي قضاء جزيرة ابن عمر مدة، ثم عزل، فتحول إلى آمد.
قال ابن عساكر: سألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وخمسين وأربع مئة.
وقال يوسف بن مقلد: سمعت منه، ومات بفنك في رمضان سنة 544.

الأندي

المحدث الجوال، أبو الحجاج، يوسف بن علي، القضاعي الأندي الحداد القفال.
ارتحل، وحج.
وسمع ببغداد من أبي القاسم بن بيان، وأبي طالب الحسين بن محمد الزينبي، وأبي الغنائم النرسي، وسمع صحيح مسلم من إسماعيل ولد عبد الغافر الفارسي، وسمع المقامات من الحريري. ورجع، ثم ارتحل مرةً ثانية، وسكن المرية، وروى الكثير.
حدث عنه: المحدث رزين العبدري ومات قبله، وأبو محمد العثماني، وأبو الوليد بن الدباغ، وخطيب الموصل أبو الفضل، وابن بشكوال، وأبو القاسم بن حبيش، وأبو محمد بن عبيد الله، وعدة.
واشتهر اسمه.
قال أبو عبد الله الأبار: كان صدوقاً، صحيح السماع، ليس عنده كبير علم، استشهد يوم غلبة العدو على المرية في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة، وقتل يومئذ خلق كثير، ويقال: عاش خمساً وثمانين سنة، رحمه الله.

المرادي

العلامة الفقيه المحدث، أبو الحسن، علي بن سليمان بن أحمد، المرادي القرطبي الشقوري الشافعي.
مولده قبل الخمس مئة.
وارتحل إلى خراسان، فتفقه بمحمد بن يحيى، وسمع صحيح مسلم، وتواليف البيهقي من أبي عبد الله الفراوي، وعبد المنعم بن القشيري، وهبة الله السيدي، وأقام هناك مدة، ثم قدم بغداد، وكتب الكثير، ثم قدم دمشق في حدود سنة أربعين وخمس مئة بكتبه، فنزل على الحافظ ابن عساكر، فسر بقدومه، لأنه كان اتكل عليه في كثير مما سمعا، فحدث في دمشق بالصحيحين.
قال السمعاني: كنت آنس به كثيراً، وكان أحد العباد، خرجنا معاً إلى نوقان لسماع تفسير الثعلبي، فلمحت منه أخلاقاً وأحوالاً قلما تجتمع في ورع، وعلقت عنه.
وقال ابن عساكر: ندب للتدريس بحماة، فمضى إليها، ثم ندب إلى التدريس بحلب، فدرس بمدرسة ابن العجمي، وكان ثبتاً صلباً في السنة.
قلت: روى عنه القاسم بن عساكر، وأبو القاسم بن الحرستاني، ويحيى بن منصور اليخلفي، وآخرون.
مات بحلب في ذي الحجة سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
أخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا أبو يعلى عبد الكريم بن عبد الصمد العقيلي، وابن عمه يحيى بن محمد، قالا: أخبرنا يحيى بن منصور، أخبرنا علي بن سليمان، أخبرنا زاهر، أخبرنا البيهقي، حدثنا أبو الحسن العلوي، حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن بالويه، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني.

الأتابك

الملك عماد الدين الأتابك زنكي بن الحاجب قسيم الدولة آقسنقر ابن عبد الله التركي، صاحب حلب.
فوض إليه السلطان محمود بن ملكشاه شحنكية بغداد في سنة إحدى عشرة وخمس مئة في العام الذي ولد له فيه ابنه الملك العادل نور الدين الشهيد، ثم إنه حوله إلى مدينة الموصل، فجعله أتابكاً لولده الملقب بالخفاجي في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة.
ثم استولى على البلاد، وعظم أمره، وافتتح الرها، وتملك حلب والموصل وحماة وحمص وبعلبك وبانياس، وحاصر دمشق، وصالحهم على أن خطبوا له بها بعد حروب يطول شرحها. واستنقذ من الفرنج كفرطاب والمعرة، ودوخهم، وشغلهم بأنفسهم، ودانت له البلاد.
وكان بطلاً شجاعاً مقداماً كأبيه، عظيم الهيبة، مليح الصورة، أسمر جميلاً، قد وخطه الشيب، وكان يضرب بشجاعته المثل، لا يقر ولا ينام، فيه غيرة حتى على نساء جنده، عمر البلاد.
قصد حلب في سنة اثنتين وعشرين، وكانت للبرسقي قد انتزعها من بني أرتق، ثم وليها ابنه مسعود، والنائب بها قيماز، ثم بعد قتلغ، فنازلها جوسلين ملك الفرنج، فبذلوا له مالاً، فترحل، وجاء التقليد من السلطان محمود بحلب لزنكي، فدخلها، ورتب أمورها، وافتتح مدائن عدة، ودوخ الفرنج، وكان أعداؤه محيطين به من الجهات، وهو ينتصف منهم، ويستولي على بلادهم.
قال ابن واصل: لم يخلف قسيم الدولة مملوك السلطان ألب آرسلان ولداً غير زنكي، وله يومئذ عشر سنين، فالتف عليه غلمان أبيه ورباه كربوقا، وأحسن إليه.
قلت: نازل زنكي قلعة جعبر، وحاصر ملكها علي بن مالك، وأشرف على أخذها، فأصبح مقتولاً، وفر قاتله خادمه إلى جعبر، وذلك في خامس ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمس مئة، فتملك ابنه نور الدين بالشام، وابنه غازي بالموصل.
وقال ابن الأثير: وثب عليه جماعة من مماليكه في الليل، وهربوا إلى جعبر، فصاحب أهلها، وفرحوا.
زاد عمر زنكي رحمه الله على الستين.

غازي

الملك سيف الدين غازي بن زنكي.
تملك الموصل بعد أبيه، واعتقل ألب آرسلان السلجوقي.
وكان عاقلاً حازماً، شجاعاً جواداً، محباً في أهل الخير.
لم تطل مدته، وعاش أربعين سنة. وكان أحسن الملوك شكلاً، وكان له مئة رأس كل يوم لسماطه.
وهو أول من ركب بالسناجق في الإقامة، وألزم الأمراء أن يركبوا بالسيف والدبوس.
وله مدرسة كبيرة بالموصل.
وقد مدحه الحيص بيص، فأجازه بألف دينار.
توفي ولم يترك سوى ولد مات شاباً ولم يعقب.
توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
وتملك بعد الموصل أخوه الملك قطب الدين مودود والد ملوك الموصل.
ودفن بمدرسته. وكان سماطه في العيد ألف رأس غنم سوى الخيل والبقر، ولما حاصرت الفرنج دمشق، بادر غازي، وكشف عنها، وخلف ولداً شاباً، فمات بعده بقليل، وانقطع عقبه.

أبو بكر

يحيى بن محمد بن عبد الرحمن البقوي القرطبي، الشاعر المفلق، من ذرية بقي بن مخلد الحافظ.
له موشحات بديعة.
وكان رفيع راية القريض، وصاحب آية التصريح فيه والتعريض.
وهو القائل:

يا أقتل النّاس ألحاظـاً وأطـيبـهـم

 

ريقاً متى كان فيك الصّاب والعسـل

في صحن خدّك وهو الشّمس طالـعة

 

وردٌ يزيدك فيه الرّاح والـخـجـل

إيمان حبّـك فـي قـلـبـي يجـدّده

 

من خدّك الكتب أو من لحظك الرّسل

لو اطّلعت على قلبـي وجـدت بـه

 

من فعل عينيك جرحاً ليس ينـدمـل

توفي سنة أربعين وخمس مئة.

ابن الشجري

العلامة، شيخ النحاة، أبو السعادات، هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة بن علي، الهاشمي العلوي الحسني البغدادي، من ذرية جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
قال ابن النجار: ابن الشجري شيخ وقته في معرفة النحو، درس الأدب طول عمره، وكثر تلامذته، وطال عمره، وكان حسن الخلق، رفيقاً.
روى عن: أبي الحسين المبارك بن الطيوري كتاب المغازي لسعيد ابن يحيى الأموي.
قرأ عليه: ابن الخشاب، وابن عبدة، والتاج الكندي، وأبو الحسن ابن الزاهدة.
وروى عنه أيضاً: عبد الملك بن المبارك القاضي، وأحمد بن يحيى ابن الدبيقي، وسليمان بن محمد الموصلي، وعبد الله بن عثمان البيع، وآخرون.
قال السمعاني: كان نقيب الطالبيين بالكرخ نيابةً عن ولد الطاهر، وكان أحد أئمة النحاة، له معرفة تامة باللغة والنحو، وله تصانيف، وكان فصيحاً، حلو الكلام، حسن البيان والإفهام، قرأ الحديث على جماعة من المتأخرين مثل أبي الحسين بن الطيوري، وأبي علي بن نبهان. كتبت عنه.
وقال الكمال عبد الرحمن بن محمد الأنباري: شيخنا أبو السعادات، كان فريد عصره، ووحيد دهره في علم النحو، أنحى من رأينا، وآخر من شاهدنا من حذاقهم وأكابرهم، وعنه أخذت النحو، وكان تام المعرفة باللغة، أخذ عن أبي المعمر بن طباطبا، وصنف، وأملى كتاب الأمالي، وهو كتاب نفيس يشتمل على فنون، وكان فصيحاً، حلو الكلام، وقوراً ذا سمت، لا يكاد يتكلم في مجلسه بكلمة إلا وتتضمن أدب نفس أو أدب درس، ولقد اختصم إليه علويان، فقال أحدهما: قال لي كذا وكذا. قال: يا بني احتمل، فإن الاحتمال قبر المعايب.
قال ابن خلكان: لما فرغ ابن الشجري من كتاب الأمالي أتاه ابن الخشاب ليسمعه، فامتنع، فعاداه، ورد عليه في أماكن من الكتاب، وخطأه، فوقف ابن الشجري على رده، فألف كتاب الانتصار في ذلك. قال: ولدت في رمضان سنة خمسين وأربع مئة.
توفي في السادس والعشرين من رمضان سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة، ودفن بداره، وإنما سمع الحديث في كهولته.

الميهني

الشيخ الصالح، أبو الفضل، أحمد بن طاهر بن سعيد بن القدوة أبي سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني الخراساني الصوفي. وميهنة: قرية معروفة.
ولد سنة أربع وستين وأربع مئة.
وسمع بقريته من أبي الفضل محمد بن أحمد العارف، وبنيسابور موسى بن عمران، وأبا بكر بن خلف، والحافظ الحسن بن أحمد السمرقندي، وجماعة.
وله إجازة من المفسر أبي الحسن الواحدي روى بها تفاسيره.
استوطن بغداد، وروى الكثير.
روى عنه: السمعاني، وغيره، وأبو أحمد بن سكينة، وأبو اليمن الكندي، والفتح بن عبد السلام، وطائفة، وتفرد أبو الحسن ابن المقير بإجازته.
قال السمعاني: سافر الكثير، ورأى المشايخ، وخدم الصوفية والأكابر، وهو ظريف الجملة مطبوع، حسن الشمائل، متواضع، مات في ثامن رمضان سنة تسع وأربعين وخمس مئة، ودفن على دكة الجنيد رحمه الله سمع منه الفتح الأربعين للحاكم.

ابن العربي

الإمام العلامة الحافظ القاضي، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله، ابن العربي الأندلسي الإشبيلي المالكي، صاحب التصانيف.
سأله ابن بشكوال عن مولده، فقال: في سنة ثمان وستين وأربع مئة.
سمع من خاله الحسن بن عمر الهزني وطائفة بالأندلس.
وكان أبوه أبو محمد من كبار أصحاب أبي محمد بن حزم الظاهري بخلاف ابنه القاضي أبي بكر، فإنه منافر لابن حزم، محط عليه بنفس ثائرة.
ارتحل مع أبيه، وسمعا ببغداد من طراد بن محمد الزينبي، وأبي عبد الله النعالي، وأبي الخطاب ابن البطر، وجعفر السراج، وابن الطيوري، وخلق، وبدمشق من الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبي الفضل بن الفرات، وطائفة، وببيت المقدس من مكي بن عبد السلام الرميلي، وبالحرم الشريف من الحسين بن علي الفقيه الطبري، وبمصر من القاضي أبي الحسن الخلعي، ومحمد بن عبد الله بن داود الفارسي وغيرهما.
وتفقه بالإمام أبي حامد الغزالي، والفقيه أبي بكر الشاشي، والعلامة الأديب أبي زكريا التبريزي، وجماعة.
وذكر أبو القاسم بن عساكر أنه سمع بدمشق أيضاً من أبي البركات ابن طاووس، والشريف النسيب، وأنه سمع منه عبد الرحمن بن صابر، وأخوه، وأحمد بن سلامة الأبار، ورجع إلى الأندلس في سنة إحدى وتسعين وأربع مئة.
قلت: رجع إلى الأندلس بعد أن دفن أباه في رحلته أظن ببيت المقدس وصنف، وجمع، وفي فنون العلم برع، وكان فصيحاً بليغاً خطيباً.
صنف كتاب عارضة الأحوذي في شرح جامع أبي عيسى الترمذي، وفسر القرآن المجيد، فأتى بكل بديع، وله كتاب كوكب الحديث والمسلسلات، وكتاب الأصناف في الفقه، وكتاب أمهات المسائل، وكتاب نزهة الناظر، وكتاب ستر العورة، والمحصول في الأصول، وحسم الداء في الكلام على حديث السوداء، كتاب في الرسائل وغوامض النحويين، وكتاب ترتيب الرحلة للترغيب في الملة والفقه الأصغر المعلب الأصغر وأشياء سوى ذلك لم نشاهدها.
واشتهر اسمه، وكان رئيساً محتشماً، وافر الأموال بحيث أنشأ على إشبيلية سوراً من ماله.
حدث عنه: عبد الخالق بن أحمد اليوسفي الحافظ، وأحمد بن خلف الإشبيلي القاضي، والحسن بن علي القرطبي، وأبو بكر محمد بن عبد الله الفهري، والحافظ أبو القاسم عبد الرحمن الخثعمي السهيلي، ومحمد بن إبراهيم بن الفخار، ومحمد بن يوسف بن سعادة، وأبو عبد الله محمد بن علي الكتامي، ومحمد بن جابر الثعلبي، ونجبة بن يحيى الرعيني، وعبد المنعم بن يحيى الخلوف الغرناطي، وعلي بن أحمد بن لبال الشريشي، وعدد كثير، وتخرج به أئمة، وآخر من حدث في الأندلس عنه بالإجازة في سنة ست عشرة وست مئة أبو الحسن علي بن أحمد الشقوري، وأحمد بن عمر الخزرجي التاجر، أدخل الأندلس إسناداً عالياً، وعلماً جماً.
وكان ثاقب الذهن، عذب المنطق، كريم الشمائل، كامل السؤدد، ولي قضاء إشبيلية، فحمدت سياسته، وكان ذا شدة وسطوة، فعزل، وأقبل على نشر العلم وتدوينه.
وصفه ابن بشكوال بأكثر من هذا، وقال: أخبرني أنه ارتحل إلى المشرق في سنة خمس وثمانين وأربع مئة، وسمعت منه بقرطبة وبإشبيلية كثيراً.
وقال غيره: كان أبوه رئيساً وزيراً عالماً أديباً شاعراً ماهراً، اتفق موته بمصر في أول سنة ثلاث وتسعين، فرجع ابنه إلى الأندلس.
قال أبو بكر محمد بن طرخان: قال لي أبو محمد بن العربي: صحبت ابن حزم سبعة أعوام، وسمعت منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب الفصل وقرأنا من كتاب الإيصال له أربع مجلدات، ولم يفتني شيء من تواليفه سوى هذا.
كان القاضي أبو بكر ممن يقال: إنه بلغ رتبة الاجتهاد.
قال ابن النجار: حدث ببغداد بيسير، وصنف في الحديث والفقه والأصول وعلوم القرآن والأدب والنحو والتواريخ، واتسع حاله، وكثر إفضاله، ومدحته الشعراء، وعلى بلده سور أنشأه من ماله.
وقد ذكره الأديب أبو يحيى اليسع بن حزم، فبالغ في تقريظه، وقال: ولي القضاء فمحن، وجرى في أعراض الإمارة فلحن، وأصبح تتحرك بآثاره الألسنة، ويأتي بما أجراه عليه القدر النوم والسنة، وما أراد إلا خيراً، نصب السلطان عليه شباكه، وسكن الإدبار حراكه، فأبداه للناس صورةً تذم، وسورة تتلى، لكونه تعلق بأذيال الملك، ولم يجر مجرى العلماء في مجاهرة السلاطين وحزبهم، بل داهن، ثم انتقل إلى قرطبة معظماً مكرماً حتى حول إلى العدوة، فقضى نحبه.
 قرأت بخط ابن مسدي في معجمه، أخبرنا أحمد بن محمد بن مفرج النباتي، سمعت ابن الجد الحافظ وغيره يقولون: حضر فقهاء إشبيلية: أبو بكر بن المرجى وفلان وفلان، وحضر معهم ابن العربي، فتذاكروا حديث المغفر، فقال ابن المرجى: لا يعرف إلا من حديث مالك عن الزهري. فقال ابن العربي: قد رويته من ثلاثة عشر طريقاً غير طريق مالك. فقالوا: أفدنا هذا. فوعدهم، ولم يخرج لهم شيئاً، وفي ذلك يقول خلف بن خير الأديب:

يا أهل حمص ومن بها أُوصيكم

 

بالبرّ والتقوى وصيّة مشـفـق

فخذوا عن العربيّ أسمار الدّجى

 

وخذوا الرّواية عن إمامٍ متّـق

إنّ الفتى حلو الكلام مـهـذّبٌ

 

إن لم يجد خبراً صحيحاً يخلق

قلت: هذه حكاية ساذجة لا تدل على تعمد، ولعل القاضي رحمه الله وهم، وسرى ذهنه إلى حديث آخر، والشاعر يخلق الإفك، ولم أنقم على القاضي رحمه الله إلا إقذاعه في ذم ابن حزم واستجهاله له، وابن حزم أوسع دائرةً من أبي بكر في العلوم، وأحفظ بكثير، وقد أصاب في أشياء وأجاد، وزلق في مضايق كغيره من الأئمة، والإنصاف عزيز.
قال أبو القاسم بن بشكوال: توفي ابن العربي بفاس في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة. وفيها ورخه الحافظ أبو الحسن بن المفضل وابن خلكان.
وفيها توفي المسند الكبير أبو الدر ياقوت الرومي السفار صاحب ابن هزارمرد، والمعمر أبو تمام أحمد بن محمد بن المختار بن المؤيد بالله الهاشمي السفار صاحب ابن المسلمة بنيسابور، والفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الغنوي الرقي الذي يروي الخطب، والحافظ أبو علي الحسن بن مسعود ابن الوزير الدمشقي كهلاً بمرو، وقاضي القضاة أبو القاسم علي بن نور الهدى الحسين بن محمد الزينبي، والمعمر أبو غالب محمد بن علي ابن الداية، ومسند دمشق أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، ومفيد بغداد أبو بكر المبارك بن كامل الظفري الخفاف، والشهيد شيخ المالكية أبو الحجاج يوسف بن دوناس الفندلاوي بدمشق.
قتل بأيدي الفرنج رحمه الله.
أخبرنا محمد بن جابر القيسي المقرىء، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد القاضي بتونس، أخبرنا أبو الربيع بن سالم الحافظ، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حبيش الحافظ، حدثنا القاضي أبو بكر بن العربي، حدثنا طراد الزينبي، حدثنا هلال بن محمد، حدثنا الحسين بن عياش، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا شعبة، حدثنا جبلة بن سحيم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من جر ثوباً من ثيابه من مخيلة، فإن الله لا ينظر إليه.
وأخبرناه عالياً بدرجتين إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرتنا شهدة وطائفة قالوا: أخبرنا طراد النقيب.. فذكره.

رزين بن معاوية

ابن عمار، الإمام المحدث الشهير، أبو الحسن العبدري الأندلسي السرقسطي، صاحب كتاب تجريد الصحاح.
جاور بمكة دهراً، وسمع بها صحيح البخاري من عيسى بن أبي ذر، وصحيح مسلم من أبي عبد الله الطبري.
حدث عنه: قاضي الحرم أبو المظفر محمد بن علي الطبري، والزاهد أحمد بن محمد بن قدامة والد الشيخ أبي عمر، والحافظ أبو موسى المديني، والحافظ ابن عساكر، وقال: كان إمام المالكيين بالحرم.
قلت: أدخل كتابه زيادات واهيةً لو تنزه عنها لأجاد.
توفي بمكة في المحرم سنة خمس وثلاثين وخمس مئة وقد شاخ.
أخبرنا عبد الحافظ، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا أبي أحمد بن محمد، أخبرنا رزين بن معاوية، أخبرنا الحسين بن علي، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا ابن سفيان، حدثنا مسلم، حدثنا ابن قعنب، حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص، عن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لامرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.

الكرماني

شيخ الحنفية، مفتي خراسان، أبو الفضل، عبد الرحمن بن محمد ابن أميرويه بن محمد الكرماني.
تفقه بمرو على محمد بن الحسين القاضي، وبرع، وأخذ عنه الأصحاب، وانتشرت تلامذته، وبعد صيته.
وروى عن أبيه، وأبي الفتح عبد الله بن أردشير الهشامي. سمع منه السمعاني، وبالغ في وصفه، وقال: ولد سنة سبع وخمسين وأربع مئة، ومات في ذي القعدة سنة 543.

الزينبي

الصدر الأكمل، قاضي القضاة، أبو القاسم، علي بن نور الهدى أبي طالب الحسين ابن محمد بن علي، الهاشمي العباسي الزينبي البغدادي الحنفي.
ولد سنة سبع وسبعين وأربع مئة.
سمع من أبيه، وعمه النقيب طراد، وابن البطر، وجماعة.
روى عنه جماعة آخرهم الفتح بن عبد السلام.
قال السمعاني: كان غزير الفضل، وافر العقل، له وقار وسكون ورزانة وثبات، ولي قضاء العراق سنة ثلاث عشرة، قرأت عليه جزأين.
قال أحمد بن شافع: كان يستدعي الشيوخ كابن الحصين وابن كادش، فيقرأ له عليهم، وقد سار إلى الموصل، ولم خلعوا الراشد وكان أيضاً بالموصل فطلب من الزينبي إبطال عزله وصحة إمامته، فامتنع، فناله زنكي بن آقسنقر بشيء من العذاب، وأراد قتله، فدفع الله، وسجن مديدةً، ثم عاد إلى بغداد، وتمكن.
قال أبو شجاع محمد بن الدهان: قيل: إن الزينبي منذ ولي القضاء ما رآه أحد إلا بطراحة وخف حتى زوجته، ولقد دخلت عليه في مرض موته وهو نائم بالطرحة.
قال ابن الجوزي: كان رأساً ما رأينا وزيراً ولا صاحب منصب أوقر منه ولا أحسن هيئةً وسمتاً، قل أن يسمع منه كلمة ناقصة، طالت ولايته، فأحكمه الزمان، وخدم الراشد، وناب في الوزارة للمقتفي، ثم إن المقتفي أعرض عنه..
ثم ذكر أشياء تدل على أنه لم يبق له في القضاء إلا الاسم، فمرض.
توفي يوم الأضحى سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.

أبو جعفرك

العلامة المفسر، ذو الفنون، أبو جعفر، أحمد بن علي بن أبي جعفر البيهقي، عالم نيسابور، وصاحب التصانيف، منها تاج المصادر.
وخرج له تلامذة نجباء.
وكان ذا تأله وعبادة، يزار ويتبرك به.
مات فجأةً في آخر رمضان سنة أربع وأربعين وخمس مئة.

الفندلاوي

الإمام أبو الحجاج، يوسف بن دوناس المغربي الفندلاوي المالكي، خطيب بانياس، ثم مدرس المالكية بدمشق.
روى الموطأ بنزول.
روى عنه ابن عساكر، وقال: كان حسن المفاكهة، حلو المحاضرة، شديد التعصب لمذهب أهل السنة، كريماً، مطرحاً للتكلف، قوي القلب، سمعت أبا تراب بن قيس يذكر أنه كان يعتقد اعتقاد الحشوية، ويبغض الفندلاوي لرده عليهم، وأنه خرج إلى الحج، وأسر، وألقي في جب، وغطي بصخرة، وبقي كذلك مدةً يلقي إليه ما يأكل، وأنه أحس ليلةً بحس يقول: ناولني يدك. فناوله، فأخرجه. قال: فإذا هو الفندلاوي، فقال: تب مما كنت عليه. فتاب، وكان يخطب ليلة الختم في رمضان رجل في حلقة الفندلاوي وعنده أبو الحسن بن المسلم الفقيه، فرماهم واحد بحجر، فلم يعرف، فقال الفندلاوي: اللهم اقطع يده. فما مضى إلا يسير حتى أخذ خضير من حلقة الحنابلة، ووجد في صندوقه مفاتيح كثيرة للسرقة، فأمر شمس الملوك بقطع يديه، فمات من قطعهما.
قتل الفندلاوي وزاهد دمشق عبد الرحمن الحلحولي يوم السبت في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة بالنيرب في حرب الفرنج ومنازلتهم دمشق، فقبر الفندلاوي بظاهر باب الصغير، وقبر الحلحولي بالجبل، رحمهما الله.

الأرجاني

الإمام الأوحد، شاعر زمانه، قاضي تستر، أبو بكر، أحمد بن محمد بن الحسين، ناصح الدين الأرجاني الشافعي.
روى جزء لوين عن أبي بكر بن ماجة.
حدث عنه: أبو محمد بن الخشاب، ومنوجهر بن تركانشاه، والمنشىء يحيى بن زيادة، وآخرون.
وناب في القضاء بعسكر مكرم.
والذي دون من شعره لا يكون العشر، وقد بلغ في النظم الغاية، سقت منه جملةً في تاريخ الإسلام.
مات بتستر في ربيع الأول سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
وأرجان: مثقلة الراء، قيده صاحب الصحاح، واستعملها المتنبي مخففةً محركةً في شعره، وهي بليدة من كور الأهواز.
عاش أربعاً وثمانين سنة.

الزيادي

الرئيس المسند، أبو المحاسن، أسعد بن علي بن الموفق، الزيادي الهروي الحنفي العابد، نزيل قرية مالين.
سمع من الداوودي صحيح البخاري، والدارمي، وعبد بن حميد.
روى عنه: السمعاني، وابن عساكر، ومحمد بن عبد الرحمن الفامي، وعبد الجامع بن علي خخة، وأبو روح، وآخرون.
ذكر السمعاني أنه ثقة صالح عابد، دائم الأوراد، مستغرق الأوقات، يسرد الصوم.
توفي سنة أربع وأربعين وخمس مئة وله خمس وثمانون سنة.

القاضي عياض

الإمام العلامة الحافظ الأوحد، شيخ الإسلام، القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي، ثم السبتي المالكي.
ولد في سنة ست وسبعين وأربع مئة.
تحول جدهم من الأندلس إلى فاس، ثم سكن سبتة.
لم يحمل القاضي العلم في الحداثة،، وأول شيء أخذ عن الحافظ أبي علي الغساني إجازة مجردة، وكان يمكنه السماع منه، فإنه لحق من حياته اثنين وعشرين عاماً.
رحل إلى الأندلس سنة بضع وخمس مئة، وروى عن القاضي أبي علي بن سكرة الصدفي، ولازمه، وعن أبي بحر بن العاص، ومحمد بن حمدين، وأبي الحسين سراج الصغير، وأبي محمد بن عتاب، وهشام بن أحمد، وعدة.
وتفقه بأبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي، والقاضي محمد بن عبد الله المسيلي.
واستبحر من العلوم، وجمع وألف، وسارت بتصانيفه الركبان، واشتهر اسمه في الآفاق.
قال خلف بن بشكوال: هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم، استقضي بسبتة مدةً طويلة حمدت سيرته فيها، ثم نقل عنها إلى قضاء غرناطة، فلم يطول بها، وقدم علينا قرطبة، فأخذنا عنه.
وقال الفقيه محمد بن حماده السبتي: جلس القاضي للمناظرة وله نحو من ثمان وعشرين سنة، وولي القضاء وله خمس وثلاثون سنة، كان هيناً من غير ضعف، صليباً في الحق، تفقه على أبي عبد الله التميمي، وصحب أبا إسحاق بن جعفر الفقيه، ولم يكن أحد بسبتة في عصر أكثر توالف من تواليفه، له كتاب الشفا في شرف المصطفى مجلد، وكتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك في مجلدات، وكتاب العقيدة، وكتاب شرح حديث أم زرع، وكتاب جامع التاريخ الذي أربى على جميع المؤلفات، جمع فيه أخبار ملوك الأندلس والمغرب، واستوعب فيه أخبار سبتة وعلماءها، وله كتاب مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار: الموطأ والصحيحين...
إلى أن قال: وحاز من الرئاسة في بلده والرفعة ما لم يصل إليه أحد قط من أهل بلده، وما زاده ذلك إلا تواضعاً وخشيةً لله تعالى، وله من المؤلفات الصغار أشياء لم نذكرها.
قال القاضي شمس الدين في وفيات الأعيان: هو إمام الحديث في وقته، وأعرف الناس بعلومه، وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم.
قال: ومن تصانيفه كتاب الإكمال في شرح صحيح مسلم كمل به كتاب المعلم للمازري، وكتاب مشارق الأنوار في تفسير غريب الحديث، وكتاب التنبيهات فيه فوائد وغرائب، وكل تواليفه بديعة، وله شعر حسن.
قلت: تواليفه نفيسة، وأجلها وأشرفها كتاب الشفا لولا ما قد حشاه بالأحاديث المفتعلة، عمل إمام لا نقد له في فن الحديث ولا ذوق، والله يثيبه على حسن قصده، وينفع بشفائه، وقد فعل، وكذا فيه من التأويلات البعيدة ألوان، ونبينا صلوات الله عليه وسلامه غني بمدحة التنزيل عن الأحاديث، وبما تواتر من الأخبار عن الآحاد، وبالآحاد النظيفة الأسانيد عن الواهيات، فلماذا يا قوم نتشبع بالموضوعات، فيتطرق إلينا مقال ذوي الغل والحسد، ولكن من لا يعلم معذور، فعليك يا أخي بكتاب دلائل النبوة للبيهقي، فإنه شفاء لما في الصدور وهدىً ونور.
وقد حدث عن القاضي خلق من العلماء، منهم الإمام عبد الله بن محمد الأشيري، وأبو جعفر بن القصير الغرناطي، والحافظ خلف بن بشكوال، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، ومحمد بن الحسن الجابري، وولده القاضي محمد بن عياض قاضي دانية.
ومن شعره:

انظر إلى الزّرع وخامـاتـه

 

تحكي وقد ماست أمام الرّياح

كتيبةً خضـراء مـهـزومةً

 

شقائق النّعمان فيها جـراح

قال القاضي ابن خلكان: شيوخ القاضي يقاربون المئة، توفي في سنة أربع وأربعين وخمس مئة في رمضانها، وقيل: في جمادى الآخرة منها بمراكش، ومات ابنه في سنة خمس وسبعين وخمس مئة.
قال ابن بشكوال: توفي القاضي مغرباً عن وطنه في وسط سنة أربع.
وقال ولده القاضي محمد: توفي في ليلة الجمعة نصف الليلة التاسعة من جمادى الآخرة، ودفن بمراكش سنة أربع.
قلت: بلغني أنه قتل بالرماح لكونه أنكر عصمة ابن تومرت.
وفيها مات شاعر زمانه القاضي أبو بكر أحمد بن محمد بن حسين الأرجاني قاضي تستر، والعلامة المصنف أبو جعفرك أحمد بن علي بن أبي جعفر البيهقي، والمسند بهراة أبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق، ومحدث حلب أبو الحسن علي بن سليمان المرادي القرطبي. أخبرنا القاضي معين الدين علي بن أبي العباس المالكي بالإسكندرية قال: قرأت على محمد بن إبراهيم بن الجرج، عن عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحافظ، وأخبرني أبو القاسم محمد بن عمران الحضرمي، أخبرنا أبو إسحاق الغافقي غير مرة، أخبرنا محمد بن عبد الله الأزدي، أخبرنا محمد بن الحسن بن عطية الجابري، قالا: أخبرنا عياض بن موسى القاضي، أخبرنا محمد بن عيسى التميمي، وهشام بن أحمد، قالا: حدثنا أبو علي الغساني، حدثنا أبو عمر النمري، حدثنا ابن عبد المؤمن، حدثنا أبو بكر التمار، حدثنا أبو داود، حدثنا محمد بن سلمة، حدثنا ابن وهب، عن حيوة وابن لهيعة وسعيد بن أبي أيوب، عن كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلى الله عليه عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة.
رواه مسلم.
ومن سلالته العلامة:

أبو عبد الله محمد بن عياض

ابن محمد بن القاضي عياض بن موسى، اليحصبي السبتي النحوي.
قال ابن الزبير: ولد سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وأخذ عن: أيوب بن عبد الله الفهري، وأخذ بالجزيرة الخضراء كتاب سيبويه تفقهاً عن أبي القاسم عبد الرحمن بن علي النحوي، وأخذ بها الإيضاح لأبي علي الفارسي عن أبي الحجاج بن معزوز، وأجاز له من أصبهان أبو جعفر الصيدلاني في سنة ثمان وتسعين، وولي قضاء الجماعة بغرناطة إلى أن مات. وكان من سراة القضاة وأهل النزاهة، شديد التحري، صابراً على الضعيف، شديداً على أهل الجاه، فاضلاً وقوراً، يعرب كلامه دائماً، وكان يكرم الطلبة، وأجاز له أيضاً من دمشق الخشوعي. أجاز لي، ومات في جمادى الأخرى سنة خمس وخمسين وست مئة رحمه الله، وتوفي أبوه عايض الفقيه في سنة ثلاثين وست مئة بمالقة.

ابن الدباغ

الإمام الحافظ المتقن الأوحد، أبو الوليد، يوسف بن عبد العزيز بن يوسف بن عمر بن فيره اللخمي الأندي المالكي، نزيل مرسية.
أكثر عن أبي علي الصدفي ولازمه، وسمع الموطأ من أحمد بن محمد الخولاني، وأخذ أيضاً عن أبي محمد بن عتاب، وطائفة.
وجمع، وصنف.
روى عنه: ابن بشكوال، وأبو عبد الملك مروان بن عبد العزيز الوزير، وأحمد بن أبي المطرف البلنسي، وأحمد بن سلمة اللورقي، ومحمد بن علي بن هذيل، وآخرون.
رأيت برنامجه، وقد سمع كتباً كباراً، وله تأليف صغير في تسمية الحفاظ.
قال ابن بشكوال: كان من أنبل أصحابنا، وأعرفهم بطريقة الحديث وأسماء الرجال وأزمانهم وثقاتهم وضعفائهم وأعمارهم وآثارهم، ومن أهل العناية الكاملة بتقييد العلم، وشوور في الأحكام ببلده، ثم خطب به وقتاً، قال لي: مولده في سنة إحدى وثمانين وأربع مئة.
توفي سنة ست وأربعين وخمس مئة.
ومن مشايخه خلف بن إبراهيم بن النخاس، وعبد القادر الصدفي.
قال ابن الزبير: هو أحد الأئمة المهرة المتقنين، ومن جهابذة النقاد، اعتمده الناس فيما قيده، وكان سمحاً مؤثراً على قلة ذات يده، نزه النفس، ولي خطابة مرسية، ثم قضاء دانية.
قلت: أنبأن بالموطأ أحمد بن سلامة، عن أبي جعفر القرطبي بسماعه منه.

البيع

الشيخ أبو بكر، محمد بن عبد العزيز بن علي بن محمد بن عمر الزهري الوقاصي الدينوري، ثم البغدادي المراتبي البيع.
سمع أباه، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي.
وعنه: ابن أخيه محمد بن هبة الله من مشيخة الأبرقوهي شيخنا.
قال أبو سعد السمعاني: كان من أولاد المياسير، وكان شيخاً متودداً كيساً مطبوعاً، غير أنه يلعب الحمام، قال لي: إنه ولد في أول سنة خمس وسبعين وأربع مئة.
مات في الثالث والعشرين من المحرم سنة خمس وأربعين وخمس مئة.
وفيها توفي أبو علي الحسين بن علي بن الحسين النيسابوري الشحامي، مكثر سمع من ابن المحب، وأبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن رضى خطيب قرطبة، وأبو محمد المبارك بن أحمد بن بركة الكندي الخباز، وأبو البركات محفوظ بن الحسن بن صصرى التغلبي عن ثمانين سنة.

ابن عبدان

الشيخ أبو القاسم، الخضر بن حسين بن عبد الله بن الحسين بن عبيد الله بن أحمد بن عبدان، الأزدي الدمشقي الصفار.
سمع أباه، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وسهل بن بشر، والفقيه نصر ابن إبراهيم، والحسن بن أبي الحديد، وله إجازة من عبد العزيز الكتاني.
روى عنه: ابن عساكر وابنه القاسم، وأبو المحاسن بن أبي لقمة وغيرهم.
مات في شعبان سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.

موفق

الخادم الأستاذ، أبو السداد الحبشي، مولى الوزير نظام الملك.
سمع أبا نصر الزينبي، والقاضي الخلعي بمصر، وقرر برباط الزوزني.
روى عنه: السلفي وأثنى عليه، وأبو محمد بن الخشاب.
بقي إلى سنة أربع وأربعين وخمس مئة.

الشحامي

الرئيس الأوحد، أبو علي، الحسين بن علي بن الحسين بن محمد ابن محمد الشحامي النيسابوري.
كان يخدم الخاتون.
وكان سمع الكثير من الفضل بن المحب، وأبي بكر بن خلف، والصرام، ومحمد بن إسماعيل التفليسي.
روى عنه: السمعاني وابنه عبد الرحيم.
توفي ليلة نصف شعبان سنة خمس وأربعين وخمس مئة.

الرفاء

شاعر الشام، أبو الحسين، أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح، الأطرابلسي الرفاء، صاحب الديوان المشهور.
له نظم بديع.
وكان يلقب بمهذب الدين، ويقال له: عين الزمان.
قال ابن عساكر: رأيته مرات، وكان رافضياً، خبيث الهجو والفحش، سجنه بوري مدة، وهم بقطع لسانه، ثم تسحب، فلما ولي شمس الملوك عاد إلى دمشق، فبلغ شمس الملوك عنه أمر، وأراد صلبه، فاختفى، وهرب، ثم قدم في صحبة الملك نور الدين، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمس مئة بحلب.
وكان هو والقيسراني كفرسي رهان، لكن القيسراني سني دين.

القيسراني

سيد الشعراء، أبو عبد الله، محمد بن نصر بن صغير بن خالد، القيسراني.
وله بعكا، ونشأ بقيسارية، وسكن دمشق، وامتدح الملوك، وولي إدارة الساعات على باب الجامع في أيام تاج الملوك، ثم سكن حلب، وولي بها خزانة الكتب.
قرأ الأدب، وأتقن علم الهيئة والهندسة، وصحب الشاعر أبا عبد الله ابن الخياط. ومن نظمه:

يا هلالاً لاح في شـفـق

 

أعف أجفاني مـن الأرق

فكّ قلبـي يا مـعـذّبـه

 

فهو من صدغيك في حنق

قال السمعاني: هو أشعر من رأيته بالشام، ولد سنة ثمان وسبعين وأربع مئة، وتوفي سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.

الإسفراييني

الشيخ أبو المعالي، الفضل بن سله بن بشر الإسفراييني الدمشقي، ويلقب بالأثير، الحلبي.
ولد بمصر، ونشأ ببيت المقدس، وسافر في التجارة إلى خراسان وغيرها، ووعظ مدةً بحلب.
سمع أباه، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وله إجازة من أبي بكر الخطيب، وعنده عن أبيه السنن الكبير للنسائي.
قال السمعاني: يتهم بالكذب في لهجته، وسماعه صحيح.
قلت: روى عنه السمعاني، وابن عساكر، وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير.
مات ببغداد في رجب سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.

ابن الفراوي

الشيخ الفقيه العالم، المسند الثقة، أبو البركات، عبد الله بن محمد ابن الفضل بن أحمد بن الفراوي الصاعدي النيسابوري، صفي الدين المعدل.
سمع من: جده لأمه طاهر الشحامي، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وعثمان بن محمد المحمي، وأبي نصر محمد بن سهل السراج، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وعبد الرحمن بن أحمد الواحدي، وأبي بكر بن خلف الشيرازي، وفاطمة بنت الدقاق، وعدة.
حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني وولده عبد الرحيم، والمؤيد الطوسي، ومنصور بن عبد المنعم بن الفراوي حفيده، والصفار قاسم بن عبد الله، وزينب بنت عبد الرحمن الشعرية، وجماعة.
قال السمعاني: هو إمام فاضل ثقة صدوق دين، حسن الأخلاق، له باع طويل في الشروط وكتب السجلات، لا يجري أحد مجراه في هذا الفن، وهو إمام مسجد المطرز.
وقد سمع أبو المظفر عبد الرحيم بن السمعاني من لفظه معرفة علوم الحديث للحاكم بسماعه من أبي بكر بن خلف عنه، وسمع أبو المظفر منه جميع مسند أبي عوانة الإسفراييني بسماعه من أوله إلى فضائل المدينة من عثمان المحمي، ومن ثم إلى كتاب فضائل القرآن من الصرام، ومن ثم إلى آخر الكتاب من فاطمة بنت أبي علي الدقاق بسماعهم من أبي نعيم الإسفراييني عنه. مات في جائحة الغز جوعاً وبرداً بنيسابور في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وخمس مئة، وهلك خلق من الجوع والعذاب والنهب، فالأمر لله.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله سنة ست وتسعين، عن أبي المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد، أخبرنا عبد الله بن محمد الفراوي، أخبرنا عثمان ابن محمد المحمي وأخبرنا أبو الفضل، عن القاسم بن عبد الله، أخبرنا أبو الأسعد بن القشيري، أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، قالا: أخبرنا عبد الملك بن الحسن سنة تسع وتسعين وثلاث مئة، أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحافظ سنة ست عشرة وثلاث مئة، حدثنا موسى بن إسحاق القواس، حدثنا حفص بن غياث، حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، وعن أبي صالح، عن أبي هريرة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله.

السلطان

شيخ الشافعية، أبو سعد، عمر بن علي بن سهل الدامغاني، ويلقب بالسلطان.
ذكره أبو سعد السمعاني في شيوخه، فقال: كان إماماً، حسن الكلام، رقيق القلب، سريع الدمعة، سمع من أبي بكر بن خلف الشيرازي، وأحمد بن إسماعيل الشجاعي، والحسن بن أحمد السمرقندي.
وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
وقال تاج الدين علي بن أنجب في كتاب الاقتفاء في طبقات الفقهاء: كان إماماً فاضلاً مناظراً، وكان يعرف بالسلطان، تفقه على أبي حامد الغزالي.
قلت: ذكر القطب النيسابوري أنه تفقه بعمر السلطان، وبمحمد ابن يحيى، وتفقها بالغزالي.

أنر

ملك الأمراء بدمشق، معين الدين الطغتكيني.
أمير سائس، رئيس شجاع، مهيب، فحل الرأي، دبر دولة أولاد أستاذه.
وكان يحب العلماء والصلحاء، ويبذل المال، وله مواقف مشهودة، وغزو كثير، وكان حسن الديانة، له المدرسة المعينية، وقبة على قبره وراء دار بطيخ، وكانت الفرنج تخافه.
توفي سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
وبنته: هي عصمة الدين الخاتون، واقفة المدرسة الخاتونية، تزوج بها الملك نور الدين محمود بن زنكي.
توفي أنر في شهر ربيع الآخر، رحمه الله، وإليه ينسب قصير معين الدين بالغور، وكان مملوكاً للملك طغتكين. وطغتكين من غلمان السلطان تتش السلجوقي، وتتش هو أخو السلطان ملكشاه.

السنجبستي

الشيخ المسند، أبو علي، الحسن بن محمد بن أحمد السنجبستي، شيخ عالم صالح.
سمع من: عبد الرحمن بن محمد كلار، وأبي بكر بن خلف، وقارب التسعين.
روى عنه: أبو سعد السمعاني وابنه عبد الرحيم.
مات بنيسابور سنة نيف وأربعين وخمس مئة.
وسنجبست: منزلة معروفة بين نيسابور وسرخس، مثل قرية.

العبادي

الواعظ المشهور المطرب، أبو منصور، المظفر بن أردشير المروزي العبادي ويلقب بالأمير.
واعظ باهر، حلو الإشارة، رشيق العبارة، إلا أنه قليل الدين.
سمع من نصر الله الخشنامي، وعبد الغفار الشيروي، وجماعة.
قدم رسولاً إلى بغداد من السلطان سنجر سنة إحدى وأربعين، فأقام ثلاثة أعوام يعظ بجامع القصر وبدار السلطنة، وازدحموا عليه، وأقبل عليه المقتفي والكبراء، وأملى بجامع القصر.
روى عنه: ابن الأخضر، وحمزة بن القبيطي، ومحمد بن المكرم.
وكان يضرب حسن وعظه المثل.
قال أبو سعد السمعاني: لم يكن بثقة، رأيت رسالةً بخطه جمعها في إباحة شرب الخمر.
قال ابن الجوزي: له كلمات جيدة، وكتبوا عنه من وعظه مجلدات، ذهب ليصلح بين ملك وكبير، فحصل له منهما مال كثير، ومات بعسكر مكرم سنة سبع وأربعين وخمس مئة.
وقيل: كان يخل بالصلاة ليلة حضوره السماع، وذكر ليلةً مناقب علي رضي الله عنه، وأن الشمس ردت له، فاتفق أن الشمس غابت بالغيم، فعمل أبياتاً وهي:

لا تغربي يا شمس حتّى ينتهي

 

مدحي لآل المصطفى ولنجله

واثني عنانك إن أردت ثناءهم

 

أنسيت إذ كان الوقوف لأجله

إن كان للمولى وقوفك فليكن

 

هذا الوقوف لخيله ولرجلـه

قال: فطلعت الشمس من تحت الغيم، فلا يدرى ما رمي عليه من الثياب والأموال.
عاش ستاً وخمسين سنة، الله يسامحه.

أبو عبد الله مردنيش

الزاهد المجاهد، أبو عبد الله، محمد الجذامي المغربي. كان معه عدة رجال أبطال يغير بهم يمنةً ويسرةً، وكانوا يحرثون على خيلهم كما يحرث أهل الثغر، وكان أمير المسلمين ابن تاشفين يمدهم بالمال والآلات، ويبرهم.
ولمردنيش مغازي ومواقف مشهودة وفضائل، وهو جد الملك محمد ابن سعد بن محمد صاحب شرق الأندلس.
فمن عجيب ما صح عندي من مغازيه يقول ذلك اليسع بن حزم أنه أغار يوماً، فغنم غنيمةً كثيرة، واجتمع عليه من الروم أكثر من ألف فارس، فقال لأصحابه وكانوا ثلاث مئة فارس: ما ترون ؟ فقالوا: نشغلهم بترك الغنيمة. فقال: ألم يقل القائل: إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ" الأنفال فقال له ابن مورين: يا رئيس، الله قال هذا. فقال: الله يقول هذا وتقعدون عن لقائهم ؟! قال: فثبتوا، فهزموا الروم.
ومن غريب أمره أنه نزل ملك الروم ابن رذمير، فأفسدوا الزروع، فبعث يقول له: مثلك لا يرضى بالفساد، ولا بد لك من الانصراف، فأفسد في بلدك في يوم واحد ما لا تفسده في جمعة. فأمر اللعين أصحابه بالكف، وبعث إليه يرغب في رؤيته لسمعته عندهم. قال ابن مورين: فجئنا مع الرئيس، فقدمناه، فأكرمه، وأجلسه إلى جنبه، وجعل يطلع إليه ويقول بلسانه: اسمك عظيم، وطلعتك دون اسمك، وما شخصك بشخص فارس. وكان قصيراً، وأراد ممازحته، وكذا وجه إليه أمير المسلمين علي بن يوسف، فمضى واجتمع به، واستناب موضعه ولده سعداً إلى أن رجع.
وفي سنة سبع عشرين وخمس مئة سار ابن رذمير، فنازل مدينة إفراغة وبها ابن مردنيش، وطال الحصار، فكتبوا إلى أمير المسلمين ابن تاشفين ليغيثهم، فكتب إلى ابنه تاشفين بن علي، وإلى الأمير يحيى بن غانية بإغاثتهم، وإدخال الميرة إليهم، فتهيأ لنجدتهم أربعة آلاف، فما وصلوا إلى إفراغة إلا وقد فني ما بها، ولم يبق لابن مردنيش سوى حصان، فذبحه لهم، فحصل لكل واحد أوقية أوقية.
قال اليسع: فحدثني الملك المجاهد ابن عياض حديث هذه الغزاة، قال: لما وصل أبو زكريا يحيى بن غانية مدينة زيتونة، خرجت إليه من لاردة مع فرساني، فقال: أشيروا علي. فقلت: الصواب جمع جند الأندلس تحت راية واحدة، وهلال سليم تحت راية أخرى، ويتقدم الزبير ابن عمر بأهل المغرب وبالدواب التي تحمل الأقوات، معهم الطبول والرايات، ونبقى نحن والعرب كميناً عن يمين الجيش ويساره، فإذا أبصر اللعين الرايات والطبول والزمر حمل عليه، فنكر عليه من الجهتين. قال: فصلينا الصبح في ليلة سبع وعشرين من رمضان سنة سبع وعشرين وخمس مئة، وأبصر اللعين الجيش وقد استراح من جراحاته، وكان عسكره إذ ذاك أربعةً وعشرين ألف فارس سوى أتباعهم، فقصدوا الطبول، فانكسروا وتفرقوا يعني المسلمين فأتينا الروم عن أيمانهم، ونزل النصر وعمل السيف في الروم حتى بقي ابن رذمير في نحو أربع مئة فارس، فلجؤوا إلى حصن لهم، وبات المسلمون عليه، ثم هلك غماً، وأصابه مرض مات بعد خمسة عشر يوماً من هزيمته، فلا رحمه الله.

ابن مسهر

الأديب البارع، مهذب الدين علي بن أبي الوفاء سعد بن علي بن عبد الواحد الموصلي الشاعر، وديوانه في مجلدين.
مدح الخلفاء والملوك، وتنقل في الولايات ببلده.
ولد بآمد، ومات في صفر سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة. وقال العماد: سنة ست وأربعين.
وله من أبيات يصف الفهد:

من كلّ أهرت بادي السّخط مطّرح ال

 

حياء جهم المحيّا سـيّىء الـخـلـق

والشمس مذ لقّبوهـا بـالـغـزالة أع

 

طته الرّشا جسداً من لونها الـيقـق

ونقّطته حبـاءً مـن تـسـالـمـهـا

 

على المنايا نعاج الرّمل بـالـحـدق

هذا ولم تبرزا مع سـلـم جـانـبـه

 

يوماً لنـاظـره إلا عـلـى فـرق

وعمل في عصره الصوري السراج محمد بن أحمد:

شئن البراثن في فيه وفي يده

 

فتك الصوارم والعسّالة الذّبل

تنافس الليل فيه والنهار معـاً

 

فقمّصاه بجلبابٍ من المقـل

والشمس مذ لقّبوها بالغزالة لم

 

تبرز لناظره إلا على وجـل

ابن نظام الملك

الوزير الكامل، أبو نصر، أحمد بن رأس الوزراء نظام الملك الحسن بن علي الطوسي، نزيل بغداد.
وزر للخليفة وللسلطان، وآخر ما وزر للمسترشد بالله، ثم عزل بعد سنة وشهر، ولزم داره.
وكان صدراً محتشماً، يملأ العين. روى عن: عبد الرزاق الحسناباذي وابنه.
وعنه: السمعاني، وحفيده داود بن سليمان.
مات في ذي الحجة سنة أربع وأربعين وخمس مئة، ودفن بداره.
ومات قبله في رمضان ابن أخت الإمام أبو الفضل نصر بن أحمد بن نظام الملك، وكان من أقرانه، قارب الثمانين.
وروى عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.
وعنه: عبد الرحيم بن السمعاني.
مات هذا بطوس.

أبو محمد ابن عياض المجاهد

عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، المجاهد في سبيل الله، فارس الأندلس، وبطلها المشهور، اتفق عليه أهل شرق الأندلس.
قال عبد الواحد بن علي المراكشي: كان من الصالحين الكبار، بلغني عن غير واحد أنه كان مجاب الدعوة، سريع الدمعة، رقيقاً، فإذا ركب الخيل لا يقوم له أحد، كان النصارى يعدونه بمئة فارس، فحمى الله به الناحية مدةً إلى أن توفي رحمة الله عليه، ولا أتحقق تاريخ موته.
وقال اليسع بن حزم في أخبار المغرب: حدثني الأمير الملك المجاهد في سبيل الله أبو محمد عبد الله بن عياض أشجع من ركب الخيل، وأفرس من سام الروم الويل، قال: نزلت محلة الفرنج علينا، فكانوا إذا رمونا بالنبل صار حائلاً بيننا وبين الشمس كالجراد، والذي صح عندنا أن عدد خيلهم مئة ألف فارس، ومن الرجل مئتا ألف أو أزيد، وكنا نعد على مقربة من سورنا أربع مئة خيمة ديباج أو نحوها نحقق هذا، فاشتد علينا الحصار، فخرجنا في مئتي فارس، فشققنا الروم نقتل فيهم، ولجأنا إلى حصن الزيتونة قاصدين بلنسية.
قال اليسع: قال لي مسعود بن عز الناس: أبصرت ابن عياض وهو شاب حدث، وقد صارع رومياً غلب جميع من في بلاد الأندلس، فجاءه الرومي، فدفعه ابن عياض عن نفسه دفعةً حسبت أن الرومي انتفضت أوصاله، ثم أمسك بخاصرة الرومي حتى رأيت الدم تحت أصابع ابن عياض، ثم رفعه، وألقى به الأرض، فطار دماغه.
وله قصة أخرى: وذلك أنه وقف فارس من جملة خيالة الروم على لاردة، وطلب المبارزة، فخرج ابن عياض عليه قميص طويل الكم قد أدخل فيه حجراً مدحرجاً، وربط رأس الكم، وتقلد سيفه، والرومي شاك في سلاحه، فحمل عليه ابن عياض، فطعنه الرومي في الطارقة، فنشب الرمح، فأطلقها ابن عياض من يده، وبادر فضرب الرومي بكمه، فنثر دماغه، فعجبنا، وكبرنا، فاشتهر ذكره على صغر سنه، وأما أنا فحضرت معه أيام مملكته حروباً، كان حجر لا يؤثر فيه، وكان في هيئته كأنه برج غريب الخلقة.
قال مسعود: ولما وصلنا الزيتونة بعد قضاء حوائجنا، جئنا لاردة في السحر، فوقعنا في خيام العدو المحيط بالبلد، فجعلنا نضرب على الطوارق، ونصيح، فنفرت الخيل، ونحن نقتل من لقيناه، فدخلنا البلد سالمين.
قلت: ولابن عياض مواقف مشهودة، وكان فارس الإسلام في زمانه، لعله بقي إلى بعد الأربعين وخمس مئة، وقام بعده خادمه محمد بن سعد بن مردنيش، استخلفه عند موته على الناس، فدامت أيامه إلى سنة ثمان وستين وخمس مئة.
قال اليسع في تاريخ المغرب وقد خدم ابن عياض، وصار كاتباً له فذكر أن ابن عياض التقى البرشلوني، وانتصر المسلمون، فلما انفصل المصاف، قصد المسلمون الماء ليشربوا، وتجرد ابن عياض من درعه، ونحو الخمس مئة من الروم في غابة عند الماء، فالتفت ابن عياض إلى أصحابه أن ارموا الروم بالنبل، فجاءه سهم في فقار ظهره، فأخرج منه بعد قتل أولئك الخمس مئة، وإذا بالسهم قد أصاب النخاع، فوصل مرسية، وتوفي بعد ولايته إياها أربع سنين، ووجد المسلمون لفقده.

ابن أبي ركب

نحوي الأندلس، الأستاذ أبو بكر، محمد بن مسعود بن عبد الله الخشني الجياني.
أخذ القراءات عن ابن شفيع وجماعة، والعربية عن ابن أبي العافية، وابن الأخضر.
وروى عن أبي الحسن بن سراج وعدة.
شرح كتاب سيبويه، ولم يتمه.
وكان رأساً في الآداب مع الدين والصلاح.
أخذ عنه ابنه أبو ذر، وأبو عبد الله بن حميد.
وعاش ثلاثاً وستين سنة، مات في ربيع الأول سنة أربع وأربعين وخمس مئة.

محمد بن سعد

ابن محمد بن مردنيش الجذامي الأندلسي، الملك أبو عبد الله، صاحب مرسية وبلنسية. كان صهراً للملك المجاهد الورع أبي محمد عبد الله بن عياض، فلما توفي ابن عياض، اتفق رأي أجناده على تقديم ابن مردنيش هذا عليهم، وكان صغير السن شاباً، لكنه كان ممن يضرب بشجاعته المثل، وابتلي بجيش عبد المؤمن يحاربونه، فاضطر إلى الاستعانة بالفرنج، فلما توفي الخليفة عبد المؤمن تمكن ابن مردنيش، وقوي سلطانه، وجرت له حروب وخطوب.
ذكره اليسع في تاريخه، وقال: نازلت الروم المرية عند علمهم بموت ابن عياض، ولكون ابن مردنيش شاباً، ولكن عنده من الإقدام ما لا يوجد في أحد حتى أضر به في مواضع شاهدناها معه، والرأي قبل الشجاعة، وإلا فهو في القوة والشجاعة في محل لا يتمكن منه أحد في عصره، ما استتم خمسة عشر عاماً حتى ظهرت شجاعته، فإن العدو نازل إفراغة، فقرب فارس منهم إلى السور، فخرج محمد، وأبوه سعد لا يعرف، فالتقيا على حافة النهر، فضربه محمد ألقاه مع حصانه في الماء، فلما كان الغد طلب فارس من الروم مبارزته، وقال: أين قاتل فارسنا بالأمس ؟ فامتنع والده من إخراجه له، فلما كان وقت القائلة وقد نام أبوه، ركب حصانه، وخرج حتى وصل إلى خيام العدو، فقيل للملك: هذا ابن سعد. فأحضره مجلسه، وأكرمه، وقال: ما تريد ؟ قال: منعني أبي من المبارزة، فأين الذي يبارز ؟ فقال: لا تعص أباك. فقال له: لا بد. فحضر المبارز، فالتقيا، فضر العلج محمداً في طارقته، وضرب هو العلج ألقاه، ثم أومأ إليه بالرمح ليقتله، فحالت الروم بينهما، وأعطاه الملك جائزة.
ومن شجاعته يوم نوله: كان في مئة فارس، والروم في ألف، فحمل بنفسه، فاجتمعت فيه أكثر من عشرين رمحاً، فما قلبوه، ولولا حصانة عدته لهلك، فكشف عنه أصحابه، وانهزم الروم، فاتبعهم من الظهر إلى الليل، ثم هادن الروم عشر سنين.
قلت: ولليسع بن حزم في ابن مردنيش عدة تواريخ، وقال: له في المملكة خمسة وعشرون عاماً إلى تاريخنا هذا.
قلت: أحسبه تملك بعيد الأربعين وخمس مئة.
قال: ولم تزل الأيام تخدمه، وقد اهتم بجمع الصناع لآلات الحروب وللبناء والترخيم، واشتغل ببناء القصور العجيبة والنزه والبساتين العظيمة، وصاهر الرئيس القائد أبا إسحاق بن همشك.
قلت: هذا كان في أيام الملك نور الدين، ولا أذكر متى توفي، فلعله بعد الستين وخمس مئة.
نعم قد مر في ترجمة ابن عياض أنه ابن مردنيش بقي إلى سنة ثمان وستين.

حيدرة بن مفرج

ابن حسن، الوزير ابن الصوفي الدمشقي، زين الدولة، وزير صاحب دمشق مجبر الدين أبق، وأخو الوزير المسيب بن الصوفي.
عمل على أخيه المسيب حتى خلعه من الوزارة، وولي مكانه، فظلم وتمرد، وعسف وارتشى، فعلم بذلك مخدومه مجير الدين، فانزعج، وطلبه إلى القلعة، فعدل به الجندارية إلى حمام القلعة، فذبحوه صبراً، ونصب رأسه على خندقها في سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.

أخوه

الوزير العميد أبو الذواد المسيب، كان قد امتنع بدمشق، وحشد وجيش، واستخدم الأحداث، فلاطفه ملك دمشق، ثم عزله، ونفاه إلى صرخد، فلما تملك نور الدين، رجع إلى دمشق متمرضاً، ثم مات سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
وكان جباراً عسوفاً، لقبه مؤيد الدولة ، ودفن بداره بدمشق.

ابن حمدين

من أكابر أهل قرطبة، تسمى بأمير المسلمين بعد هلاك ابن تاشفين، وشن الغارت على بلاد عبد الله بن عياض، وترك الجهاد لسوء رأي وزرائه، فاشتعلت الفتنة، والمرابطون بغرناطة في ألفي فارس، ثم إن ابن حمدين التقى هو ويحيى بن غانية، فانتصر ابن غانية، وانهزم ابن حمدين إلى قرطبة، وخذله أصحابه، فاتبعه ابن غانية، وأحس ابن حمدين بالعجز، ففر إلى فرنجواش، واستنجد بالسليطين طاغية الروم، واشترط له أموالاً، وابن غانية مضايق لابن حمدين، فجاء الطاغية في مئة ألف، ففر ابن غانية، ودخل قرطبة، فنازل اللعين وابن حمدين قرطبة، فتقدم ابن حمدين إلى أهلها، فمال إليه خلق، ودخلتها الروم لعظم شوارعها، فقتلوا من وجدوه، وتفرقت الكلمة مع أن أهلها ينيفون على أربع مئة ألف مقاتل. قال ابن اليسع الغافي: سمعت أبا مروان بن مسرة وقد سأله عبد المؤمن عن عدة مقاتلة أهل قرطبة، فقال: أحصينا فيها ممن يحضر المساجد أربع مئة ألف مقاتل، ولما تمكن العدو منها زحف إلى القصر، فقاتل ابن غانية بقية يومه، وكان عنده نمط من الروم، فأخرجه إلى ملك الروم طالباً عهده على مال جعله له، فحل عن قتاله، وخرج إليه بماله، وذكر الملك بأحوال المصامدة، وخوفه من عبد المؤمن بن علي، وقال له: إني خادمك في هذا البلد، وحائل بينك وبين عبد المؤمن، وكان للمصامدة إذ ذاك وقع في النفوس، فاستنابه عليها، وخرج السليطين بجملته عنها، وخرج عنها أيضاً ابن غانية يريد إشبيلية، فدخل قرطبة أبو الغمر نائباً عن عبد المؤمن، وهو أبو الغمر بن غلبون أحد الأبطال وصاحب رندة، وثار بإشبيلية وبلادها أبو الحسن علي بن ميمون، وثار بكل ناحية رئيس، ثم اتفق رأي الجميع على تجويز المصامدة الذين تلقبوا بالموحدين من سبتة إلى الجزيرة الخضراء، وجرت فتن كبار، وزالت دولة المرابطين، وأقبلت دولة الموحدين.
ولد ابن حمدين قبل الخمس مئة بقرطبة.
وهو القاضي أبو جعفر حمدين بن محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين الثعلبي، قاضي الجماعة بقرطبة.
ولي القضاء سنة تسع وعشرين وخمس مئة بعد مقتل الشهيد القاضي أبي عبد الله بن الحاج.
وكان من بيت حشمة وجلالة، صارت إليه رئاسة قرطبة عند اختلال أمر الملثمين وقيام ابن قسي عليهم بقرب الأندلس، فلقب ابن حمدين بأمير المسلمين المنصور بالله في رمضان سنة تسع وثلاثي وخمس مئة، ودعي له في الخطبة على أكثر منابر الأندلس، ولكن لم يطل ذلك، ثم تعاورته المحن في قصص يطول شرحها، ثم تحول إلى مالقة، وأقام بها خاملاً إلى أن توفي سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.

خياط الصوف

الصالح المكثر، أبو سعد، محمد بن جامع بن أبي نصر النيسابوري الصيرفي.
سمع أبا بكر بن خلف، وموسى بن عمران، وفاطمة بنت الدقاق، ومحمد بن سهل السراج، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وطبقتهم.
روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم.
وقد حج، وحدث ببغداد.
مات في ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
وكان مولده في سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة.

الحمامي

الشيخ الصالح المعمر، مسند الوقت، أبو القاسم، إسماعيل بن علي بن الحسين بن أبي نصر، النيسابوري، ثم الأصبهاني الصوفي، المشهور بالحمامي.
ولد في حدود الخمسين وأربع مئة.
وبكر به أبوه بالسماع، فسمع من أبي مسلم محمد بن علي بن مهربزد صاحب أبي بكر بن المقرىء، وأبي منصور بكر بن محمد بن حيد، والحافظ مسعود بن ناصر السجزي، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة الواعظ، وأبي سهل حمد بن ولكيز، وأبي بكر محمد بن إبراهيم العطار المستملي، وعبد الله بن محمد الكروني، وأبي طاهر أحمد بن محمد بن عمر النقاش، والحسن بن عمر بن يونس، وعائشة بنت الحسن الوركانية، وانفرد في الدنيا عنهم.
وأول سماعه في سنة تسع وخمسين وأربع مئة.
حدث عنه: السلفي، وابن عساكر، والسمعاني، وأبو موسى المديني، ويوسف بن أحمد الشيرازي، وزاهر بن أحمد الثقفي، وإسماعيل بن ماشاذه، ويوسف وخضر ابنا معمر بن الفاخر، ومحمد بن محمود بن خمارتاش الواعظ، ومحمد بن محمود الصباغ، وأحمد بن محمد الفارقاني، وخلق كثير آخرهم محمد بن عبد الواحد المديني.
وهو رواي نسخة مأمون.
عمر دهراً ممتعاً بحواسه.
مات في سابع صفر سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.

ابن البن

الشيخ الفقيه العالم، المسند الصدوق، أبو القاسم، الحسين بن الحسن بن محمد، الأسدي الدمشقي الشافعي ابن البن.
مولده في رمضان سنة 466.
سمع أبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله الحسن بن أبي الحديد، والفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي وبه تفقه، وأبا البركات ابن طاووس.
حدث عنه: ابن عساكر وابنه، والسمعاني، وأبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم بن صصرى، والقاضي أبو القاسم بن الحرستاني، وحفيده أبو محمد الحسن بن علي بن البن، وآخرون.
وكان كثير الرواية.
ذكره ابن عساكر، فقال: خلط على نفسه، لكنه تاب توبةً نصوحاً، وكان حسن الظن بالله.
مات في نصف ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، ودفن بمقبرة باب الفراديس. وفيها مات إسماعيل الحمامي المعمر، وأتسز بن محمد صاحب خوارزم، وسلمان بن مسعود الشحام، وعتيق بن أحمد الأزدي الأندلسي، وأبو الحسن علي بن أحمد بن محموية الأزدي الفقيه، والواعظ علي بن الحسين الغزنوي، ومحمد بن عبيد الله بن سلامة. الرطبي، والقدوة أبو البيان نبأ بن محمد بن محفوظ بدمشق، والمعين يحيى بن سلامة الحصكفي، ويحيى بن عبد الباقي الغزال.

ابن مطكود

الشيخ أبو القاسم، نصر بن أحمد بن مقاتل بن مطكود السوسي، ثم الدمشقي.
سمع من جده، وأبي القاسم بن أبي العلاء، وأبي عبد الله بن أبي الحديد، وسهل بن بشر.
وعنه: ابن عساكر وابنه، وأبو المواهب، وأخوه أبو القاسم، وطرخان الشاغوري، وآخرون.
قال ابن عساكر: شيخ مستور، لم يكن الحديث من شأنه، مات في تاسع عشر ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.

أخوه علي بن أحمد

ابن مقاتل.
يروي عن: أبي القاسم بن أبي العلاء، فكان آخر من حدث عنه بجزء الصفة لابن هارون.
روى عنه: ابن عساكر وابنه، والحسين بن صصرى، وزين الأمناء، ومكرم بن أبي الصقر، وآخرون.
مات سنة ستين وخمس مئة.

ابن أبي مروان

الإمام الحافظ، أبو عمر، وأبو جعفر أحمد بن أبي مروان عبد الملك ابن محمد، الأنصاري الإشبيلي.
قال الأبار: سمع من شريح بن محمد، وأبي الحكم بن حجاج، ومفرج بن سعادة، وكان حافظاً محدثاً، فقيهاً ظاهرياً، له كتاب المنتخب المنتقى في الحديث، وعليه بنى عبد الحق أحكامه، تلمذ له عبد الحق، استشهد في كائنة لبلة في سنة تسع وأربعين وخمس مئة.

حامد بن أبي الفتح

أحمد بن محمد، أبو عبد الله المديني الحافظ، من أعيان الطلبة.
سمع أبا علي الحداد، ويحيى بن مندة، وهبة الله بن الحصين، وطبقتهم.
وعنه: السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعبد الرحيم ولد السمعاني.
وكان من العلماء العباد الزهاد.
قال أبو موسى المديني: مات بيزد في شعبان سنة تسع وأربعين وخمس مئة.

حمزة بن محمد

ابن بحسول، الإمام المفيد، أبو الفتح الهمذاني، نزيل هراة، ثم بلخ.
ذكره السمعاني، فقال: عارف بطرق الحديث، سافر الكثير، ودخل بغداد، وسمع أبا القاسم بن بيان، وابن نبهان، وغانماً البرجي، والحداد، وخلقاً، وعقد مجلس الإملاء ببلخ، سمعوا بهراة الكثير بقراءاته، توفي ببلخ في ربيع الأول سنة تسع وأربعين وخمس مئة.

علي بن حيدرة

ابن جعفر، نقيب الأشراف، أبو طالب الحسيني الدمشقي.
سمع أبا القاسم بن أبي العلاء، والفقيه نصر بن إبراهيم.
وعنه: ابن عساكر وابنه، وأبو المواهب بن صصرى، وأخوه الحسين.
مات في جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
سمعنا من طريقه السابع من فضائل الصحابة لخيثمة.

ابن دادا

العلامة القدوة، أبو جعفر، محمد بن إبراهيم بن حسين الجرباذقاني.
سمع غانماً الجلودي، وإسماعيل بن محمد الحافظ، وفاطمة بنت البغدادي، وببغداد الأرموي، وابن ناصر ولازمه.
وكتب الكثير، وكان ثقةً متقناً متثبتاً، صاحب فقه وفنون، مع الزهد والقناعة.
عظم قدره ابن الأخضر، وأطنب في وصفه.
وقال المحدث أبو الفضل بن شافع: هذا الشخص لم أر مثله زهداً وعلماً، وتفنناً في العلوم، تحقق بعلوم، وصار فيها منتهياً يشار إليه في جل غوامضها، وكان شافعياً، لو عاش لكانت الرحلة إليه من الآفاق، توفي في ذي الحجة سنة تسع وأربعين وخمس مئة عن اثنتين وأربعين سنة وأيام، رحمه الله تعالى.

الكشميهني

الشيخ الإمام الخطيب الزاهد، شيخ الصوفية، أبو الفتح، محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي توبة الكشميهني المروزي.
سمع صحيح البخاري بقراءة أبي جعفر الهمذاني على المعمر أبي الخير محمد بن أبي عمران الصفار في سنة إحدى وسبعين وأربع مئة، وسمع من الإمام أبي المظفر بن السمعاني، ومن أبي الفضل محمد بن أحمد الميهني العارف، وهبة الله بن عبد الوارث.
وكان مولده في ذي القعدة سنة إحدى وستين وأربع مئة.
روى عنه: ابنه أبو عبد الرحمن محمد بن محمد، وشريفة بنت أحمد الغازي، ومسعود بن محمود المنيعي، وعبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني، وآخرون.
قال عبد الرحيم: سمعت منه الصحيح مرتين. وقال أبو سعد: كان شيخ مرو في عصره، تفقه على جدي، وصاهره، وكان لي مثل الوالد، وكان حسن السيرة، عالماً سخياً، مكرماً للغرباء.
مات في الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
ومات فيها ابن الطلاية، وأبو الحسين أحمد بن منير الرفاء شاعر الوقت، وقاضي الجماعة أبو جعفر حمدين بن محمد بن حمدين القرطبي، وطاغية الروم رجار المتغلب على صقلية، ومحدث بغداد أبو الفرج عبد الخالق بن أحمد بن يوسف، وأبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن الإخوة، وأبو الفتح الكروخي المجاور، وأبو الحسن علي بن الحسن البلخي مدرس الصادرية، والعادل علي بن السلار صاحب مصر، قيل: والفضل بن سهل بن بشر الإسفراييني، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، والأفضل محمد بن الكريم بن أحمد الشهرستاني صاحب الملل والنحل، والحافظ محمد بن محمد السنجي، خطيب مرو، وشاعر زمانه أبو عبد الله محمد بن نصر القيسراني، وشيخ الشافعية محمد بن يحيى النيسابوري، ونصر بن أحمد بن مقاتل السوسي، وهبة الله الحاسب، والقدوة أبو الحسين المقدسي الزاهد.

عبد الخالق

ابن زاهر بن طاهر بن محمد، الشيخ العالم الثقة المحدث، أبو منصور النيسابوري الشحامي.
ولد سنة خمس وسبعين وأربع مئة.
وسمع من جده، وعثمان بن محمد المحمي، وأبي بكر بن خلف، وأبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، والفضل بن أبي حرب، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، ومحمد بن سهل السراج، وعبد الملك بن عبد الله الدشتي، وأبي المظفر موسى بن عمران، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وهبة الله بن أبي الصهباء، ومحمد بن علي بن حسان البستي، وخلق سواهم.
حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، وابنه عبد الرحيم بن أبي سعد، والمؤيد الطوسي، والصفار قاسم بن عبد الله، وعدة.
قال السمعاني: كان ثقةً صدوقاً، حسن السيرة والمعاشرة، لطيف الطبع، مكثراً من الحديث، ولما كبر كان يستملي للشيوخ والأئمة كأبيه وجده، ولما شاخ أملى بموضع أبيه وجده بالجامع المنيعي، وفقد في كائنة الغز، فلا يدرى قتل أو هلك من البرد، ثم سمعت بعد أنه أحرق.
كتب إلينا أبو العلاء الفرضي أن عبد الخالق مات في العقوبة والمطالبة في شوال سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
قلت: وكان متميزاً في الشروط.
ومات معه في سنة تسع: أبو الفضل أحمد بن طاهر بن سعيد بن الإمام القدوة فضل الله الميهني عن خمس وثمانين سنة، والحافظ أبو عمر أحمد بن أبي مروان عبد الملك بن محمد الإشبيلي، والظافر إسماعيل ابن الحافظ من خلفاء مصر، والمحدث حمزة بن محمد بن بحسول الهمذاني، وأبو الفتح سالم بن عبد الله بن عمر العمري الهروي، وعائشة بنت أحمد بن منصور الصفار، والعباس بن محمد بن أبي منصور العصاري عباسة الواعظ، وأبو البركات بن الفراوي، وأبو سعد محمد بن جامع الصيرفي خياط الصوف، وأبو العشائر محمد بن خليل القيسي، والقاضي فخر الدين محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي الحلبي ناظر الوقوف، وأبو المعمر المبارك بن أحمد الأزجي المحدث، ووزير دمشق المسيب بن الصوفي، وناصر بن محمود الصائغ بدمشق، والفقيه وهب بن سلمان بن الزنف، وأبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي.

عبدان

المقرىء أبو محمد عبدان بن زرين بن محمد الدويني الضرير، نزل دمشق.
وروى عن الفقيه نصر، وأبي البركات بن طاووس.
وعنه: الحافظ وابنه القاسم، وأبو المحاسن بن أبي لقمة.
مات سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
وفيها مات أبو جعفرك أحمد بن علي البيهقي المفسر صاحب التصانيف، والقاضي أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين الأرجاني قاضي تستر وكان شاعر العصر، وأسعد بن علي بن الموفق بهراة، ونائب دمشق معين الدين أنر الطغتكيني، وأبو الفتوح عبد الله بن علي الخركوشي، والحافظ لدين الله العبيدي، وأبو الحسن المرادي بحلب، والقاضي عياض بسبتة، والنحوي أبو بكر محمد بن مسعود ابن أبي ركب الخشني

هبة الله بن الحسين

ابن علي بن محمد بن عبد الله، الشيخ المعمر المسند، أبو القاسم ابن أبي عبد الله بن أبي شريك البغدادي الحاسب.
قال: ولدت في صفر سنة إحدى وستين وأربع مئة.
سمع أباه، وأبا الحسين بن النقور. قال السمعاني: كتبت عنه، وكان على التركات، وكانت الألسنة مجمعةً على الثناء السيىء عليه، وكانوا يقولون: إنه ليست له طريقة محمودة، مات في صفر أو أوائل ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
قلت: وروى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وأبو الفتوح محمد بن علي الجلاجلي، والفتح بن عبد السلام، وآخرون، وأجاز لمحمد بن عماد الحراني.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد الله الكاتب، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، حدثنا عيسى بن علي، أخبرنا يحيى بن محمد، حدثنا عبد الجبار بن العلاء، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن زيد بن خالد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جهر غازياً أو حاجاً أو معتمراً أو خلفه في أهله، فله مثل أجره.