الحرضي

الحرضي

المعمر الصالح، أبو نصر، محمد بن منصور بن عبد الرحيم، الحرضي النيسابوري، من بيت حشمة نزل به الزمان.
سمع القشيري، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، والفضل بن المحب، وعثمان المحمي.
وعنه: عبد الرحيم بن السمعاني وأبوه.
توفي في شعبان سنة سبع وأربعين وخمس مئة وله تسعون سنة.

الرشاطي

الشيخ الإمام الحافظ المتقن النسابة، أبو محمد عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن أحمد اللخمي الأندلسي المريي الرشاطي.
يروي عن: أبي علي الغساني، وأبي الحسن بن الدش، وأبي علي ابن سكرة، وابن فتحون، وجماعة.
وصنف فيما ذكر أبو جعفر بن الزبير كتابه الحافل المسمى باقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب رواة الآثار، وكتاب الإعلام بما في كتاب المختلف والمؤتلف للدارقطني من الأوهام، وكتاب انتصاره من القاضي أبي محمد بن عطية، وغير ذلك.
وكان ضابطاً محدثاً متقناً إماماً، ذاكراً للرجال، حافظاً للتاريخ والأنساب، فقيهاً بارعاً، أحد الجلة المشار إليهم.
روى عنه: أبو محمد بن عبيد الله، وأبو بكر بن خير، وابن مضاء، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو محمد بن عبد الرحيم، وأبو بكر بن أبي جمرة..
إلى أن قال: استشهد عند دخول العدو المرية في جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة وقد قارب التسعين رحمه الله.
وقيل: إنه ولد في جمادى الآخرة سنة ست وستين وأربع مئة.

الأزجي

الإمام الحافظ المفيد، أبو المعمر، المبارك بن أحمد بن عبد العزيز، الأنصاري الأزجي.
سمع النعالي، وابن البطر، فمن بعدها.
وعمل المعجم في مجلد.
وعنه: السمعاني، وابن عساكر، وابن الجوزي، والكندي.
وثقه ابن نقطة.
مات سنة تسع وأربعين وخمس مئة عن أربع وسبعين سنة.

ابن الطلاية

الشيخ الصادق الزاهد القدوة، بركة المسلمين، أبو العباس أحمد بن أبي غالب بن أحمد بن عبد الله بن محمد، عرف بابن الطلاية، الكاغدي البغدادي.
ولد سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
روى جزءاً عن عبد العزيز بن علي الأنماطي، وتفرد به، وهو التاسع من المخلصيات انتقاء ابن البقال، وحفظ القرآن.
قال السمعاني: شيخ كبير، أفنى عمره في العبادة والقيام والصيام، لعله ما صرف ساعةً من عمره إلا في عبادة، وانحنى حتى لا يتبين قيامه من ركوعه إلا بيسير، وكان حافظاً للقرآن، لا يقبل من أحد شيئاً، وله كفاية يتقنع بها، دخلت عليه في مسجده مرات، بالعتابيين، وسألته: هل سمعت شيئاً ؟ فقال: سمعت من أبي القاسم عبد العزيز الأنماطي.
قال السمعاني: ما ظفرنا بذلك، لكن قرأت عليه الرد على الجهمية لنفطويه، سمعه من أبي العباس بن قريش، وحضر سماعه معنا شيخنا أبو القاسم بن السمرقندي.
قلت: ظهر سماعه من الأنماطي بعد فراق الحافظ أبي سعد بغداد، فروى عنه الجزء يونس بن يحيى الهاشمي، وأحمد بن الحسن العاقولي، ومحمد بن محمد بن علي السمذي، وعلي بن أحمد بن العريبي، وشجاع البيطار، ومحمد بن علي بن البل، وسعيد بن المبارك بن كمونة، وعبيد الله ابن أحمد المنصوري، وعمر بن طبرزد، وأحمد بن الأصفر، وريحان بن تيكان الضرير، ومظفر بن أبي يعلى بن جحشويه، وعبد الرحمن بن تميرة، وعبد الله بن محاسن بن أبي شريك، وعبد الخالق بن عبد الرحمن الصياد، وعبد السلام بن المبارك البردغولي، وأحمد بن يوسف بن صرما، والمبارك بن علي بن أبي الجود شيخ الأبرقوهي، وآخرون. قال أبو المظفر بن الجوزي: سمعت مشايخ الحربية يحكون عن آبائهم وأجدادهم أن السلطان مسعوداً لما أتى بغداد، كان يحب زيارة العلماء والصالحين، فالتمس حضور ابن الطلاية، فقال للرسول: أنا في هذا المسجد أنتظر داعي الله في النهار خمس مرات. فذهب الرسول. فقال السلطان: أنا أولى بالمشي إليه. فزاره، فرآه يصلي الضحى، وكان يطولها يصليها بثمانية أجزاء، فصلى معه بعضها، فقال له الخادم: السلطان قائم على رأسك. فقال: أين مسعود ؟ قال: ها أنا. قال: يا مسعود، اعدل، وادع لي، الله أكبر. ثم دخل في الصلاة، فبكى السلطان، وكتب ورقةً بخطه بإزالة المكوس والضرائب، وتاب توبةً صادقةً.
مات ابن الطلاية في حادي عشر رمضان سنة ثمان وأربعين وخمس مئة، وحمل على الرؤوس، وكانت جنازته كجنازة أبي الحسن بن القزويني، وما خلف بعده مثله، دفن إلى جانب أبي الحسين بن سمعون، رحمهما الله تعالى.

نصر بن المظفر

ابن الحسين بن أحمد بن محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن يحيى بن خالد بن برمك بن آذروندار، المولى الرئيس، أبو المحاسن البرمكي الجرجاني ثم الهمذاني، الملقب بالشخص العزيز، أخو أبي الفتوح الفتح.
مولده ببغداد بعد الخمسين وأربع مئة، فإنه قال للسمعاني: بلغت في سنة الغرق سنة 466. ثم استوطن همذان.
سمع أبا الحسين بن النقور، وإسماعيل بن مسعدة ببغداد، وأبا عمرو عبد الوهاب بن مندة، وأبا عيسى عبد الرحمن بن زياد، وسليمان بن إبراهيم الحافظ بأصبهان.
وانفرد بأكثر مسموعاته، وعمر دهراً، وقصده الطلبة.
قال السمعاني: هو شيخ مسن، كان يصلي ببعض الأتراك، وكان يلقب بشخص، قرأت عليه كتاب الاستئذان لابن المبارك.
وقال ابن النجار: أكثر الأسفار، ودخل خراسان وبخارى وسمرقند وكاشغر والسند ودمشق.
قلت: حدث عنه: السمعاني، وأبو العلاء العطار وابنه عبد البر، وداود بن معمر، ومحمد بن أحمد الروذراوري، وأحمد بن شهريار، وعبد الهادي بن علي الواعظ، ووكيع بن مانكديم، وعبد الجليل بن مندوية، وعدة.
قال ابن النجار: توفي ليلة القدر سنة تسع وأربعين وخمس مئة، وقيل: مات سنة خمسين في ربيع الآخر.

ابن البنا

الشيخ الصالح الخير الصدوق، مسند بغداد، أبو القاسم سعيد بن الشيخ أبي غالب أحمد بن الحسن بن أحمد بن البنا، البغدادي الحنبلي.
ولد سنة سبع وستين وأربع مئة.
سمع أبا القاسم بن البسري، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وجماعة.
حدث عنه: ابن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وابن الجوزي، وعبد الرحمن بن عمر بن الغزال، وعبد الله بن محاسن، وعلي بن مبارك الصائغ، وريحان بن تيكان الضرير، وموسى بن الشيخ عبد القادر، وأبو العباس محمد بن عبد الله الرشيدي، وعلي بن محمد السقاء، وعبد الرحمن بن المبارك المشتري، وثابت بن مشرف، وصالح بن القاسم بن كور، وظفر بن سالم البيطار، ومسمار بن العويس، والفتح بن عبد السلام، وأبو المنجى عبد الله بن اللتي خاتمة من سمع منه، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسين بن المقير.
توفي في رابع عشر ذي الحجة سنة خمسين وخمس مئة.
ومات أبوه سنة بضع وعشرين.
ومات جده سنة سبعين وأربع مئة.
ومات ولده أبو محمد الحسن بن أبي القاسم سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة وله نحو من ثمانين سنة، يروي عن جعفر السراج، وأبي غالب بن الباقلاني.

ابن ناصر

الإمام المحدث الحافظ، مفيد العراق، أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر السلامي البغدادي.
مولده في سنة سبع وستين وأربع مئة.
وربي يتيماً في كفالة جده لأمه الفقيه أبي حكيم الخبري.
توفي أبوه المحدث ناصر شاباً، فلقنه جده أبو حكيم القرآن، وسمعه من أبي القاسم علي بن أحمد بن البسري، وأبي طاهر بن أبي الصقر الأنباري.
ثم طلب، وسمع من: عاصم بن الحسن، ومالك بن أحمد البانياسي، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، ورزق الله التميمي، وطراد الزينبي، وابن طلحة النعالي، ونصر بن البطر، وأبي بكر الطريثيثي، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي، والحسين بن علي بن البسري، وأبي منصور الخياط، ومحمد بن عبد السلام الأنصاري، وأبي الفضل بن خيرون، وجعفر السراج، والمبارك ابن عبد الجبار، وخلق كثير، إلى أن ينزل إلى أبي طالب بن يوسف، وأبي القاسم بن الحصين، والقاضي أبي بكر، وإسماعيل ابن السمرقندي. وقرأ ما لا يوصف كثرةً، وحصل الأصول، وجمع وألف، وبعد صيته، ولم يبرع في الرجال والعلل.
وكان فصيحاً، مليح القراءة، قوي العربية، بارعاً في اللغة، جم الفضائل.
تفرد بإجازات عالية، فأجاز له في سنة بضع وستين في قرب ولادته الحافظ أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، وأبو القاسم الفضل بن عبد الله بن المحب، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، والحافظ أبو إسحاق المصري الحبال، والحافظ أبو نصر بن ماكولا، وأبو الحسين بن النقور، والخطيب أبو محمد بن هزارمرد الصريفيني، وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك النيسابوري، وعدد سواهم، بادر له أبوه رحمه الله بالاستجازة، وأخذها له من البلاد ابن ماكولا.
روى عنه: ابن طاهر، وأبو عامر العبدري، وأبو طاهر السلفي، وأبو موسى المديني، وأبو سعد السمعاني، وأبو العلاء العطار، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو الفرج بن الجوزي، وأبو أحمد بن سكينة، وعبد العزيز بن الأخضر، وعبد الرزاق بن الجيلي، ويحيى بن الربيع الفقيه، والتاج الكندي، وأبو عبد الله بن البناء الصوفي، والفقيه محمد بن غنية، وداود بن ملاعب، وعبد العزيز بن الناقد، وأحمد بن ظفر بن هبيرة، وموسى بن عبد القادر، وأحمد بن صرما، وأبو منصور محمد بن عفيجة، والحسن بن السيد، وآخرون، خاتمتهم بالإجازة أبو الحسن علي بن المقير.
ومما أخطأ فيه الحافظ ابن مسدي المجاور أنه قرأ في الجعديات أو كلها على ابن المقير، أنبأنا ابن ناصر، أنبأنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا ابن أبي شريح، أخبرنا البغوي. ولا ريب أن المليحي سمع الكتاب، والنسخة عندي مكتوبة عن المليحي، لكنه مات قبل أن يولد ابن ناصر بأربع سنين.
قال الشيخ جمال الدين ابن الجوزي: كان شيخنا ثقةً حافظاً ضابطاً من أهل السنة، لا مغمز فيه، تولى تسميعي، سمعت بقراءته مسند أحمد والكتب الكبار، وعنه أخذت علم الحديث، وكان كثير الذكر، سريع الدمعة.
قال السمعاني: كان يحب أن يقع في الناس. فرد ابن الجوزي هذا، وقبحه، وقال: صاحب الحديث يجرح ويعدل، أفلا تفرق يا هذا بين الجرح والغيبة ؟! ثم قال: وهو قد احتج بكلام ابن ناصر في كثير من التراجم في الذيل له. ثم بالغ ابن الجوزي في الحط على أبي سعد، ونسبه إلى التعصب البارد على الحنابلة، وأنا فما رأيت أبا سعد كذلك، ولا ريب أن ابن ناصر يتعسف في الحط على جماعة من الشيوخ، وأبو سعد أعلم بالتاريخ، وأحفظ من ابن الجوزي ومن ابن ناصر، وهذا قوله في ابن ناصر في الذيل، قال: هو ثقة حافظ دين متقن ثبت لغوي، عارف بالمتون والأسانيد، كثير الصلاة والتلاوة، غير أنه يحب أن يقع في الناس، وهو صحيح القراءة والنقل، وأول سماعه في سنة ثلاث وسبعين من أبي طاهر الأنباري.
وقال ابن النجار في تاريخه: كان ثقةً ثبتاً، حسن الطريقة، متديناً، فقيراً متعففاً، نظيفاً نزهاً، وقف كتبه، وخلف ثياباً خليعاً وثلاثة دنانير، ولم يعقب، سمعت ابن سكينة وابن الأخضر وغيرهما يكثرون الثناء عليه، ويصفونه بالحفظ والإتقان والديانة والمحافظة على السنن والنوافل، وسمعت جماعةً من شيوخي يذكرون أنه وابن الجواليقي كانا يقرآن الأدب على أبي زكريا التبريزي، ويطلبان الحديث، فكان الناس يقولون: يخرج ابن ناصر لغوي بغداد، ويخرج أبو منصور بن الجواليقي محدثها، فانعكس الأمر، وانقلب..
قلت: قد كان ابن ناصر من أئمة اللغة أيضاً.
قال ابن النجار: سمعت ابن سكينة يقول: قلت لابن ناصر: أريد أن أقرأ عليك ديوان المتنبي، وشرحه لأبي زكريا التبريزي. فقال: إنك دائماً تقرأ علي الحديث مجاناً، وهذا شعر، ونحن نحتاج إلى نفقة. قال: فأعطاني أبي خمسة دنانير، فدفعتها إليهن وقرأت الكتاب.
وقال أبو طاهر السلفي: سمع ابن ناصر معنا كثيراً، وهو شافعي أشعري، ثم انتقل إلى مذهب أحمد في الأصول والفروع، ومات عليه، وله جودة حفظ وإتقان، وحسن معرفة، وهو ثبت إمام.
وقال أبو موسى المديني: هو مقدم أصحاب الحديث في وقته ببغداد. أنبؤونا عن ابن النجار قال: قرأت بخط ابن ناصر وأخبرنيه عنه سماعاً يحيى بن الحسين قال: بقيت سنين لا أدخل مسجد أبي منصور الخياط، واشتغلت بالأدب على التبريزي، فجئت يوماً لأقرأ الحديث على الخياط، فقال: يا بني، تركت قراءة القرآن، واشتغلت بغيره ؟! عد، واقرأ علي ليكون لك إسناد، فعدت إليه في سنة اثنتين وتسعين، وكنت أقول كثيراً: اللهم بين لي أي المذاهب خير. وكنت مراراً قد مضيت إلى القيرواني المتكلم في كتاب التمهيد للباقلاني، وكأن من يردني عن ذلك. قال: فرأيت في المنام كأني قد دخلت المسجد إلى الشيخ أبي منصور، وبجنبه رجل عليه ثياب بيض ورداء على عمامته يشبه الثياب الريفية، دري اللون، عليه نور وبهاء، فسلمت، وجلست بين أيديهما، ووقع في نفسي للرجل هيبة وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جلست التفت إلي، فقال لي: عليك بمذهب هذا الشيخ، عليك بمذهب هذا الشيخ. ثلاث مرات، فانتبهت مرعوباً، وجسمي يرجف، فقصصت ذلك على والدتي، وبكرت إلى الشيخ لأقرأ عليه، فقصصت عليه الرؤيا، فقال: يا ولدي، ما مذهب الشافعي إلا حسن، ولا أقول لك: اتركه، ولكن لا تعتقد اعتقاد الأشعري. فقلت: ما أريد أن أكون نصفين، وأنا أشهدك، وأشهد الجماعة أنني منذ اليوم على مذهب أحمد بن حنبل في الأصول والفروع. فقال لي: وفقك الله. ثم أخذت في سماع كتب أحمد ومسائله والتفقه على مذهبه، وذلك في رمضان سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة.
قال ابن الجوزي وغيره: توفي ابن ناصر في ثامن عشر شعبان سنة خمسين وخمس مئة.
ثم قال ابن الجوزي: حدثني الفقيه أبو بكر بن الحصري، قال: رأيت ابن ناصر في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي، وقال لي: قد غفرت لعشرة من أصحاب الحديث في زمانك لأنك رئيسهم وسيدهم.
قلت: ومات معه في السنة الخطيب المعمر أبو الحسن علي بن محمد المشكاني راوي تاريخ البخاري الصغير، ومقرىء العراق أبو الكرم المبارك بن الحسن الشهروزوري، ومفتي خراسان الفقيه محمد بن يحيى صاحب الغزالي، وقاضي مصر وعالمها أبو المعالي مجلي بن جميع القرشي صاحب كتاب الذخائر في المذهب، والواعظ الكبير أبو زكريا يحيى بن إبراهيم السلماسي، ومسند نيسابور أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن العصائدي عن بضع وثمانين سنة، والشيخ أبو الفتح محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب جد الفتح بن عبد الله ببغداد.
أخبرتنا أم محمد زينب بنت عمر بن كندي ببعلبك سنة ثلاث وتسعين عن أبي الفتح أحمد بن ظفر بن يحيى ابن الوزير، أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ، أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي الصقر الخطيب في سنة 473، أخبرنا محمد بن الفضل الفراء بمصر بقراءتي، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد ابن خروف إملاءً، حدثنا طاهر بن عيسى، حدثنا أصبغ بن الفرج، حدثنا ابن وهب، حدثنا معاوية بن صالح، عن خالد بن كريب، عن مالك بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، ويضرب على رؤوسهم بالمعازف، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم قردةً وخنازير.

الجنيد بن محمد

الإمام القدوة المحدث، أبو القاسم القايني، نزيل هراة، وشيخ الصوفية.
سمع أبا بكر بن ماجة، وسليمان الحافظ بأصبهان، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف وغيره بطبس، وسمع بهراة محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون، وبمرو من أبي المظفر السمعاني.
قال أبو سعد السمعاني: سمعت جماعة كتب منه، مولده سنة ست وستين وأربع مئة، ومات في رابع عشر شوال سنة سبع وأربعين وخمس مئة.
وقال ابن النجار: كان فقيهاً فاضلاً، محدثاً صدوقاً، موصوفاً بالعبادة، تفقه على أبي المظفر، وحصل الأصول، وسمع بقاين من الحسن ابن إسحاق التوني. روى عنه ابن ناصر، وابن عساكر.
قلت: وزنكي بن أبي الوفاء المروزي، وأبو روح الهروي، وعبد الرحيم بن السمعاني، وطائفة.

حنبل بن علي

أبو جعفر البخاري، ثم السجستاني الصوفي، نزيل هراة.
روى عن: شيخ الإسلام، وأبي عامر الأزدي، ونجيب الواسطي، وأبي نصر الترياقي، وابن طلحة النعالي، وأبي الخطاب بن البطر، وعدة.
وعنه: السمعاني، وابن عساكر، وأبو روح عبد المعز، وجماعة.
وكان كيساً ظريفاً. توفي بهراة في شوال سنة إحدى وأربعين وخمس مئة وله سبع وسبعون سنة، رحل وهو أمرد.

الكروخي

الشيخ الإمام الثقة، أبو الفتح، عبد الملك بن أبي القاسم عبد الله بن أبي سهل بن القاسم بن أبي منصور بن ماح الكروخي الهروي.
قال: ولدت بهراة في ربيع الأول سنة اثنتي وستين وأربع مئة.
وكروخ: على يوم من هراة.
حدث بجامع أبي عيسى عن القاضي أبي عامر الأزدي، وأحمد ابن عبد الصمد الغورجي، وعبد العزيز بن محمد أبي نصر الترياقي سوى الجزء الآخر فليس عند الترياق، فسمعه من أبي المظفر عبيد الله بن علي الدهان بسماعهم من الجراحي، وأول الجزء المذكور مناقب ابن عباس، وسمع من أبي إسماعيل الأنصاري، ومحمد بن علي العميري، وحكيم ابن أحمد الإسفراييني، وأبي عطاء المليحي وعدة.
حدث عنه خلق كثير، منهم: السمعاني، وابن عساكر، وابن الجوزي، وخطيب دمشق عبد الملك بن ياسين الدولعي، وزاهر بن رستم، وأبو أحمد بن سكينة، وابن الأخضر، وابن طبرزد، وأحمد بن علي الغزنوي، وعلي بن أبي الكرم المكي البناء، وأبو اليمن الكندي، وعبد السلام بن أبي مكي القياري، وأحمد بن يحيى بن الدبيقي، ومبارك بن صدقة الباخرزي، والفقيه محمد بن معالي الحلاوي، وثابت بن مشرف البناء.
قال السمعاني: هو شيخ صالح دين خير، حسن السيرة، صدوق ثقة، قرأت عليه جامع الترمذي، وقرىء عليه عدة نوب ببغداد، وكتب به نسخة بخطه، ووقفها، ووجدوا سماعه في أصول المؤتمن الساجي، وأبي محمد بن السمرقندي، وكنت أقرأ عليه، فمرض، فنفذ له بعض السامعين شيئاً من الذهب، فما قبله، وقال: بعد السبعين واقتراب الأجل آخذ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ! ورده مع الاحتياج إليه، ثم جاور بمكة حتى توفي، وكان ينسخ كتاب أبي عيسى بالأجرة، ويتقوت.
قال ابن نقطة: كان صوفياً من جملة من لحقته بركة شيخ الإسلام، لازم الفقر والورع إلى أن توفي بمكة في الخامس والعشرين من ذي الحجة بعد رحيل الحاج بثلاثة أيام رحمه الله.
قلت: وهو ممن أجاز في إجازة النشتبري.
مات سنة ثمان وأربعين وخمس مئة، فقرأ شيخنا ابن الظاهري على النشتبري جامع أبي عيسى كله عليه عن الكروخي، وحدث أيضاً بالجامع عمر بن كرم بإجازته من الكروخي، فالكروخي في طبقة شيخ الحافظ أبي علي بن سكرة الصدفي في رواية الكتاب. والله أعلم.

البلخي

الذي تنسب إليه المدرسة البلخية بباب البريد، هو الإمام أبو الحسن علي بن الحسن بن محمد البلخي الحنفي، نزيل دمشق، ومدرس الصادرية.
وعظ، وأقرأ، وجعلت له دار الأمير طرخان مدرسةً، وثارت عليه الحنابلة لأنه نال منهم، وكان ذا جلالة ووجاهة، ويلقب بالبرهان البلخي.
درس أيضاً بمسجد خاتون، وأبطل من حلب الأذان بحي على خير العمل.
اشتغل ببخارى على البرهان بن مازه، وناظر في الخلاف، ثم حج وجاور، وكثر أصحابه.
وحدث عن أبي المعين المكحولي وغيره.
وعلق عنه أبو سعد السمعاني.
توفي بدمشق سنة ثمان وأربعين وخمس مئة في شعبان.
وكان كريماً لا يدخر شيئاً.

الرطبي

الشيخ الجليل العدل المسند، أبو عبد الله، محمد بن عبيد الله بن سلامة بن عبيد الله بن مخلد الكرخي، من كرخ جدان، لا كرخ بغداد، ثم البغدادي ابن الرطبي، وهو ابن أخي القاضي أحمد بن سلامة ابن الرطبي.
ولد سنة ثمان وستين.
وسمع أبا القاسم بن البسري، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وجماعة.
وكان جميل الأمر، لازماً لبيته.
حدث عنه: السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعبد العزيز بن الأخضر، وعمر بن أحمد بن بكرون، ومحمد بن علي بن الطراح، وداود بن ملاعب، وآخرون.
مات في شوال سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
قال ابن النجار: ناب في الحسبة عن عمه أحمد، وكان عفيفاً متديناً، حسن الطريقة، شهد عند قاضي القضاة علي بن الحسين الزينبي.

ابن الزاغوني

الشيخ المسند الكبير الصدوق، أبو بكر، محمد بن عبيد الله بن نصر ابن السري البغدادي، ابن الزاغوني المجلد.
سمعه أخوه الإمام أبو الحسن من أبي القاسم علي بن البسري، وأبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله، ومالك البانياسي، وطراد النقيب، وأبي الفضل بن خيرون، وعدة.
وطال عمره، وعلا إسناده، وتفرد. حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، وابن الجوزي، وابن طبرزد، والكندي، وابن ملاعب، ومحمد بن أبي المعالي بن البناء، وعبد السلام بن يوسف العبرتي، ومحاسن الخزائني، وأبو علي بن الجواليقي، وعبد السلام بن عبد الله الداهري، وأبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي، وآخرون، وآخر أصحابه بالإجازة أبو الحسن بن المقير.
قال السمعاني: شيخ صالح متدين، مرضي الطريقة، قرأت عليه أجزاء، وكان له دكان يجلد فيها.
قلت: كان غايةً في حسن التجليد، قرره المقتفي لأمر الله لتجليد خزانة كتبه.
مات في الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، وله أربع وثمانون سنة.

عبد الخالق بن أحمد

ابن عبد القادر بن محمد بن يوسف، الشيخ الإمام الحافظ المفيد، أبو الفرج محدث بغداد مع ابن ناصر.
مولده في سنة أربع وستين وأربع مئة.
سمع أباه، وأبا نصر محمد بن محمد الزينبي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، ونصر بن البطر، وأبا عبد الله النعالي، وطراداً الزينبي، وخلقاً كثيراً، وارتحل، وسمع بأصبهان والأهواز، وألف وجمع.
حدث عنه: السلفي، وابن عساكر، والسمعاني، وابن الجوزي، والتاج الكندي، وأبو بكر عبد الله بن مبادر، وعبد الوهاب بن علي بن الإخوة، وعبد السلام البردغولي، وعبد العزيز بن الأخضر، وخلق سواهم.
قال السلفي: كان من أعيان المسلمين فضلاً وديناً وثبتاً ومروءةً، سمع معي كثيراً، وبه كان أنسي ببغداد، ولما حججت أودعت كتبي عنده.
وقال غيره: هو محدث حسن الخط، كثير الضبط، خير متواضع متودد، محتاط في قراءة الحديث، كتب وحصل، وخرج لنفسه.
وصفه بهذا وبأكثر منه أبو سعد السمعاني.
وتوفي في الرابع والعشرين من المحرم سنة ثمان وأربعين وخمس مئة وله أربع وثمانون سنة.
وقال ابن النجار: روى الكثير، وجمع لنفسه مشيخةً في أربعة عشر جزءاً، وكان صدوقاً فاضلاً متديناً، كتب بخطه كثيراً، ولم يزل يطلب ويفيد إلى حين وفاته. روى عنه الحفاظ. أحسن ابن ناصر الثناء عليه وعلى بيته.

ابن الإخوة

الشيخ الإمام المحدث الأديب، أبو الفضل، عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن الإخوة البغدادي اللؤلؤي، أخو عبد الرحمن، وقد مر والدهما من أعوام.
سمع بإفادة خاله الإمام أبي الحسن بن الزاغوني من أبي عبد الله بن طلحة النعالي، وأبي الخطاب بن البطر، وعدة، وارتحل، فسمع من عبد الغفار الشيروي، وأبي علي الحداد، وخلق، واستوطن أصبهان، وسمع أولاده.
ولد في سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة.
قال السمعاني: شيخ فاضل يعرف الأدب، له شعر رقيق، صحيح القراءة والنقل، قرأ الكثير بنفسه، ونسخ بخطه ما لا يدخل تحت الحد، مليح الخط سريعه، سافر إلى خراسان، وسمع بها، كتب لي بخطه جزءاً بأصبهان، وسمعت منه. سمعت يحيى بن عبد الملك المكي وكان شاباً صالحاً يقول: أفسد علي عبد الرحيم بن الإخوة سماع معجم الطبراني، كان يقرؤه على فاطمة، فكان يقرأ في سماعة جزءاً، أو جزأين، فقلت: لعله يقلب ورقتين، فقعدت قريباً منه، وكنت أسارقه النظر، فعمل كما وقع لي من ترك حديث وحديثين، وتصفح ورقتين، فأحضرت نسخةً، وعارضت، فما قرأ يومئذ إلا يسيراً، وظهر ذلك للحاضرين، فانقطعت.
قال السمعاني: أنا ما رأيت منه إلا الخير.
وقال ابن النجار: كتب ما لا يحد، وكان مليح الخط، سريع القراءة، رأيت بخطه التنبيه لأبي إسحاق، فذكر في آخره أنه كتبه في يوم واحد، وكانت له معرفة، مات بشيراز في شعبان سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.

ابن السلار

الوزير الملك العادل، سيف الدين، أبو الحسن، علي بن السلار الكردي، وزير الظافر بالله العبيدي بمصر.
نشأ في القصر بالقاهرة، وتنقلت به الأحوال، وولي الصعيد وغيره، وكان الظافر قد استوزر نجم الدين سليم بن مصال أحد رؤوس الأمراء، فعظم متولي الإسكندرية ابن السلار هذا، وأقبل يطلب الوزارة، فعدى ابن مصال إلى نحو الجيزة في سنة أربع وأربعين وخمس مئة لما سمع بمجيء ابن السلار، ودخل ابن السلار، وعلا شأنه، واستولى على الممالك بلا ضربة ولا طعنة، ولقب بالملك العادل أمير الجيوش، فحشد ابن مصال، وجمع، وأقبل، فأبرز ابن السلار لمحاربته أمراء، فالتقوا، فكسر ابن مصال بدلاص، وقتل، ودخل برأسه على رمح في ذي القعدة من السنة، واستوسق الدست للعادل. وكان بطلاً شجاعاً، مقداماً مهيباً شافعياً سنياً، ليس على دين العبيدية، احتفل بالسلفي، وبنى له المدرسة، لكنه فيه ظلم وعسف وجبروت.
قال ابن خلكان: كان جندياً فدخل على الموفق التنيسي، فشكا إليه غرامةً، فقال: إن كلامك ما يدخل في أذني، فلما وزر اختفى الموفق، فنودي في البلد: من أخفاه فدمه هدر. فخرج في زي امرأة، فأخذ، فأمر العادل بلوح ومسمار، وسمر في أذنه إلى اللوح، ولما صرخ، قال: دخل كلامي في أذنك أم لا ؟ وجاء من إفريقية عباس بن أبي الفتوح بن الأمير يحيى بن باديس صبياً مع أمه، فتزوجها العادل قبل الوزارة، ثم تزوج عباس، وجاءه ابن سماه نصراً، فأحبه العادل، ثم جهز عباساً إلى الشام للجهاد، فكره السفر، فأشار عليه أسامة بن منقذ فيما قيل بقتل العادل، وأخذ منصبه، فقتل نصر العادل على فراشه غيلةً في المحرم سنة ثمان وأربعين وخمس مئة بالقاهرة. ونصر هذا هو الذي قتل الظافر.

ابن جهير

الوزير الأكمل، أبو نصر، مظفر بن الوزير علي بن الوزير محمد بن محمد بن جهير.
كان معرفاً في الوزارة، ولي أستاذ دارية الخليفة المسترشد، ثم وزر للمقتفي سبعة أعوام، وعزل سنة ثنتين وأربعين.
وحدث عن الحسين بن البسري، وجماعة.
روى عنه: ابن السمعاني، ومحمد بن علي الدوري.
مات في ذي الحجة سنة تسع وأربعين وخمس مئة عن بضع وستين سنة.

البستي

الإمام الزاهد، أبو العز، محمد بن علي بن محمد البستي الصوفي الجوال.
سمع موسى بن عمران الأنصاري، وأبا المظفر السمعاني، والمبارك ابن الطيوري، وسمع من السلفي بميافارقين.
وأخذ عنه: السلفي، وأبو سعد السمعاني.
وكان فقيراً مجرداً يسأل، ومن أعطاه أكثر من نصف درهم رده.
ويقال: ساءت سيرته بأخرة، سامحه الله.
مات في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة بمروالروذ وله اثنتان وسبعون سنة.
وكان شيخ فقراء.

السنجي

الشيخ الإمام الحافظ الخطيب، محدث مرو وخطيبها وعالمها، أبو طاهر محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الله بن أبي سهل بن أبي طلحة، المروزي السنجي الشافعي المؤذن الخطيب.
ولد بقرية سنج العظمى في سنة ثلاث وستين وأربع مئة أو قبلها.
وسمع إسماعيل بن محمد الزاهري، وأبا بكر محمد بن علي الشاشي الشافعي، وعلي بن أحمد بن الأخرم، ونصر الله بن أحمد الخشنامي، وفيد بن عبد الرحمن الشعراني، والشريف محمد بن عبد السلام، وثابت بن بندار، وأبا البقال الحبال، وجعفر بن أحمد السراج، وأبا الحسين بن الطيوري، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، وخلقاً كثيراً بخراسان والعراق وأصبهان والحجاز، وقد سمع بأصبهان من أبي بكر أحمد بن محمد بن أحمد ابن مردويه، وطبقته.
حدث عنه: السمعاني، وابن عساكر، وعبد الرحيم بن السمعاني، وجماعة.
قال أبو سعد: تفقه أولاً على جدي أبي المظفر، وعلى عبد الرحمن الرزاز، وكتب الكثير، وحصل وألف، وكان إماماً ورعاً متهجداً متواضعاً، سريع الدمعة، وكان من أخص أصحاب والدي حضراً وسفراً، سمع الكثير معه، ونسخ لنفسه ولغيره، وله معرفة بالحديث، وهو ثقة دين قانع، كثير التلاوة، كان يتولى أموري بعد والدي، وسمعت من لفظه الكثير، وكان يلي الخطابة بمرو في الجامع الأقدم، توفي في التاسع والعشرين من شوال سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
وقد سمع منه عبد الرحيم بن السمعاني سنن النسائي عن الدوني، وصحيح مسلم بروايته عن عبد الله بن أحمد صاحب عبد الغافر الفارسي، وكتاب الحلية لأبي نعيم، وكتاب الرقاق لابن المبارك. قال: أخبرنا الزاهري، أخبرنا إسماعيل بن ينال المحبوبي.
أما:

السبخي

فالشيخ الإمام الفقيه الزاهد المسند، أبو طاهر، محمد بن أبي بكر ابن عثمان بن محمد السبخي البزدوي البخاري الصابوني الحنفي.
سمع في صباه من المعمر عبد الواحد بن عبد الرحمن الزبيري الوركي وجماعة، وصحب الزاهد يوسف بن أيوب.
حدث عنه السمعاني وابنه أبو المظفر.
مات ببخارى في جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وخمس مئة.
كتبته للتمييز، فكل من السنجي والسبخي من مشايخ أبي المظفر السمعاني ووالده.

الشهرستاني

الأفضل محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني، أبو الفتح، شيخ أهل الكلام والحكمة، وصاحب التصانيف. برع في الفقه على الإمام أحمد الخوافي الشافعي، وقرأ الأصول على أبي نصر بن القشيري، وعلى أبي القاسم الأنصاري.
وصنف كتاب نهاية الإقدام، وكتاب الملل والنحل.
وكان كثير المحفوظ، قوي الفهم، مليح الوعظ.
سمع بنيسابور من أبي الحسن بن الأخرم.
قال السمعاني: كتبت عنه بمرو، وحدثني أنه ولد سنة سبع وستين وأربع مئة. ومات في شعبان سنة ثمان وأربعين وخمس مئة. ثم قال: غير أنه كان متهماً بالميل إلى أهل القلاع والدعوة إليهم، والنصرة لطاماتهم.
وقال في التحبير: هو من أهل شهرستانه، كان إماماً أصولياً، عارفاً بالأدب وبالعلوم المهجورة. قال: وهو متهم بالإلحاد، غال في التشيع.
وقال ابن أرسلان في تاريخ خوارزم: عالم كيس متفنن، ولولا ميله إلى أهل الإلحاد وتخبطه في الاعتقاد، لكان هو الإمام، وكثيراً ما كنا نتعجب من وفور فضله كيف مال إلى شيء لا أصل له ؟! نعوذ بالله من الخذلان، وليس ذلك إلا لإعراضه عن علم الشرع، واشتغاله بظلمات الفلسفة، وقد كانت بيننا محاورات، فكيف يبالغ في نصرة مذاهب الفلاسفة والذب عنهم، حضرت وعظه مرات، فلم يكن في ذلك قال الله ولا قال رسوله، سأله يوماً سائل، فقال: سائر العلماء يذكرون في مجالسهم المسائل الشرعية، ويجيبون عنها بقول أبي حنيفة والشافعي، وأنت لا تفعل ذلك ؟! فقال: مثلي ومثلكم كمثل بني إسرائيل يأتيهم المن والسلوى، فسألوا الثوم والبصل...
إلى أن قال ابن أرسلان: مات بشهرستانة سنة تسع وأربعين وخمس مئة. قال: وقد حج سنة عشر وخمس مئة، ووعظ ببغداد.

عباسة

الواعظ العالم، أبو محمد، العباس بن محمد بن أبي منصور الطابراني الطوسي العصاري، راوي الكشف والبيان في التفسير للثعلبي عن محمد بن سعيد الفرخرادي، عن مؤلفه.
وسمع أبا الحسن بن الأخرم.
وعنه: المؤيد الطوسي، وعبد الرحيم السمعاني، وأبو سعد الصفار.
هلك في دخول الغز نيسابور سنة تسع وأربعين وخمس مئة.

الشهرزوري

الإمام المقرىء المجود الأوحد، شيخ القراء، أبو الكرم، المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان الشهرزوري البغدادي، مصنف كتاب المصباح الزاهر في العشرة البواهر.
ولد في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
وسمع من إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، ورزق الله التميمي، وأبي الفضل بن خيرون، وطراد الزينبي، وأجاز له أبو الحسين بن المهتدي بالله، وعبد الصمد بن المأمون، وأبو محمد بن هزارمرد، وأبو الحسين بن النقور، قاله السمعاني.
وقال: شيخ صالح دين خير، قيم بكتاب الله، عارف باختلاف الروايات والقراءات، حسن السيرة، جيد الأخذ على الطلاب، عالي الروايات.
قلت: تلا على رزق الله، وعبد السيد بن عتاب، ويحيى بن أحمد السيبي، والشريف عبد القاهر المكي، ومحمد بن أبي بكر القيرواني، وأبي البركات الوكيل، وأحمد بن مبارك الأكفاني، وأبي علي الحسن بن محمد الكرماني الزاهد صاحب الحسين بن علي بن عبيد الله الرهاوي، والحسن الشهرزوري والده.
قرأ عليه خلق، منهم: عمر بن بكرون النهرواني، ومحمد بن محمد بن الكال الحلي، وصالح بن علي الصرصري، وأبو يعلى حمزة بن القبيطي، وعبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الحسين الأواني، وأحمد ابن الحسن العاقولي، وزاهر بن رستم إمام المقام، وعبد العزيز بن أحمد ابن الناقد، ومشرف بن علي الخالصي الضرير، وعلي بن أحمد الواسطي الدباس، وأبو العباس محمد بن عبد الله الراشيدي الضرير، وعدة.
وحدث عنه كثير من هؤلاء، ومحمد بن أبي المعالي بن البناء، وأسعد بن علي بن علي بن صعلوك، والفتح بن عبد السلام، وآخرون، وأجاز لأبي الحسن ابن المقير.
انتهى إليه علو الإسناد في القراءات، فإنه قرأ ختمةً لقالون على رزق الله، عن قراءته على الحمامي، وتلا لورش على أحمد بن مبارك قال: قرأت بها إلى سبأ على الحمامي، وتلا للدوري على يحيى السيبي، ورزق الله، وأبي نصر أحمد بن علي الهاشمي، عن تلاوتهم على الحمامي.
مات في الثاني والعشرين من ذي الحجة سنة خمسين وخمس مئة، ودفن إلى جانب الحافظ أبي بكر الخطيب. وفيها مات ابن ناصر، وإسماعيل بن عبد الرحمن العصائدي، وسعيد بن البناء، وسعيد بن الحسين الجوهري، وعبيد الله بن حمزة العلوي الهروي، والخطيب علي بن محمد بن أحمد المشكاني، وأبو الفتح محمد بن علي بن عبد السلام الكاتب، والقاضي مجلي بن جميع المخزومي المصري مصنف كتاب الذخائر، ويحيى بن إبراهيم السلماسي الواعظ.

ابن خميس

الفقيه الإمام، أبو عبد الله، الحسين بن نصر بن محمد بن حسين بن محمد بن خميس الجهني الكعبي الموصلي الشافعي.
ولد سنة ست وستين وأربع مئة، ضبطه عنه السمعاني.
قدم بغداد وهو حدث، فتفقه على الغزالي، وسمع من طراد الزينبي، وابن طلحة النعالي، والقاضي محمد بن المظفر الشامي، وأبي عبد الله الحميدي، وعدة.
وسمع بالموصل من أبي نصر بن ودعان.
وولي قضاء الرحبة مدة، ثم رجع إلى بلده.
وقد قدم بغداد بعد الأربعين وخمس مئة، فحدث بها، فروى عنه: سليمان وعلي ابنا محمد الموصلي، وجماعة، وما وقع لنا حديثه بالعلو.
قال أبو سعد السمعاني: قرأت عليه أحاديث، وهو إمام فاضل، بهي المنظر، حسن الأخلاق، مليح الشيبة، كثير المحفوظ.
وقال ابن النجار: أنبأني الحسن بن علي بن عمار الواعظ قال: توفي ابن خميس في تاسع ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة.
قال: وله مصنفات: منهج التوحيد، تحريم الغيبة، أخبار المنامات، لؤلؤة المناسك، مناقب الأبرار، فرح الموضح على مذهب زيد بن ثابت، منهج المريد.
وفيها توفي أبو علي أحمد بن أحمد بن علي بن الخراز الحريمي، وقاضي واسط أبو العباس أحمد بن بختيار بن علي المندائي، وصاحب نصيبين شمس الملوك إبراهيم بن الملك رضوان بن السلطان تتش السلجوقي، وشيخ ما وراء النهر أبو علي الحسن بن الحسين الأندقي الزاهد، والسلطان الكبير سنجر بن ملكشاه بمرو، وأبو منصور عبد الباقي ابن محمد التميمي بدمشق، وعبد الصبور بن عبد السلام الهروي، وأبو مروان عبد الملك بن مسرة اليحصبي القرطبي، وأبو عمرو عثمان بن علي البيكندي ببخارى، وأبو حفص عمر بن عبد الله الحربي المقرىء، والإمام صدر الدين محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن ثابت الخجندي، والمسند أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني، والفقيه أبو الحسن محمد بن المبارك بن محمد بن الخل الشافعي، ومحمد بن مسعود بن الشدنك أبو الغنائم يروي عن عاصم بن الحسن، وقاضي نيسابور برهان الدين منصور بن محمد بن أحمد الصاعدي، وأبو القاسم نصر بن نصر العكبري الواعظ.

القيسي

الشيخ أبو العشائر محمد بن الخليل بن فارس القيسي الدمشقي، المعروف بالكردي.
سمع من الفقيه نصر وصحبه، ومن أبي القاسم بن أبي العلاء، والحسن بن أبي الحديد.
وسكن بعلبك، وخدم متوليها، ثم قدم.
روى عنه: ابن عساكر وابنه القاسم، وابن أخيه زين الأمناء، وآخرون.
مات ببعلبك في ذي الحجة سنة تسع وأربعين وخمس مئة.

حامد بن أبي الفتح

الحافظ الزاهد الورع الإمام أبو عبد الله المديني.
سمع أبا علي الحداد، ويحيى بن مندة، وارتحل، فسمع بشيراز من عبد الرحيم بن محمد، وببغداد من هبة الله بن الحصين، وأبي العز بن كادش.
روى عنه: أبو سعد السمعاني وابنه عبد الرحيم بن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد في معجمه.
وكان من علماء الحديث.
مولده في سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة.
قال أبو موسى المديني: توفي الشيخ الزاهد الحافظ حامد المديني بيزدشير كرمان في شعبان سنة تسع وأربعين وخمس مئة.

الخطير

الكاتب الصدر المنشىء الباهر، خطير الدولة أبو عبد الله، صاحب الخبر بديوان الزمام، وله باع مديد في النثر والنظم.
وصنف خمسين مقامة.
وروى عن أحمد بن عبد القادر اليوسفي، وأخذ عن أبي زكريا التبريزي.
سمع منه ابن الخشاب، وأحمد بن طارق.
وكان غالياً في الرفض، متهماً في الرواية.
مات سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، ذكره ابن النجار وغيره.
واسمه الحسين بن إبراهيم بن خطاب.

العكبري

الشيخ الإمام الواعظ، أبو القاسم، نصر بن نصر بن علي بن يونس، العكبري الشافعي.
ولد سنة ست وستين وأربع مئة.
وسمع أبا القاسم بن البسري، وعاصم بن الحسن، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، ونظام الملك، وأبا الليث التنكتي. حدث عنه: السمعاني، وابن سكينة، وابن الأخضر، وحفيده محمد ابن علي بن نصر، وعبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وداود بن ملاعب، وأبو علي بن الجواليقي، وأبو الحسن بن القطيعي، وسعيد بن محمد الرزاز، وآخرون، وأجاز لأبي الحسن ابن المقير.
قال السمعاني: شيخ واعظ متودد متواضع.
وقال ابن النجار: كان يتكلم في الأعزية.
وقال ابن الجوزي: كان ظاهر الكياسة، يعظ وعظ المشايخ، ويتخيره الناس لعمل الأعزية، ونشا ولده أبو محمد على طريقته.
مات أبو القاسم في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة.

الشلبي

العلامة ذو الفنون، أبو محمد، عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن أحمد بن سعيد الأندلسي، من بيت علم ووزارة وقضاء.
حج وجاور، ثم قدم بغداد وخراسان.
قال السمعاني: اجتمعت به بهراة، فوجدته بحراً لا ينزف من الحديث والفقه والنحو وغير ذلك. سمع أبا بحر بن العاص، والحسن بن عمر الهوزني، وأبا غالب بن البناء، وزاهراً الشحامي، وكان ذا زهد، وتعبد وجلالة، توفي بهراة سنة ثمان وأربعين وخمس مئة وله أربع وستون سنة.
قلت: روى عنه أبو المظفر بن السمعاني.

الفامي

الشيخ الإمام المحدث الحافظ، أبو النضر، عبد الرحمن بن عبد الجبار بن عثمان بن منصور الهروي الفامي الشروطي العدل.
مولده في سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.
سمع أبا إسماعيل الأنصاري، ومحمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي، والقاضي أبا عامر الأزدي وطبقتهم، وارتحل في كهولته للحج فيما أرى، فسمع من هبة الله بن علي البخاري، وأبي القاسم بن الحصين.
حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، وأبو روح عبد المعز البزاز، وجماعة.
قال السمعاني: كان حسن السيرة، جميل الطريقة، دمث الأخلاق، كثير الصدقة والصيام، دائم الذكر، متودداً متواضعاً، له معرفة بالحديث والأدب، يكرم الغرباء، ويفيدهم عن الشيوخ، وكان ثقةً مأموناً، كتبت عنه بهراة ونواحيها، مات في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة ست وأربعين وخمس مئة.
قلت: ولقبه ثقة الدين، وله تاريخ صغير.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا أبو روح، أخبرنا أبو النضر الحافظ، أخبرنا زيد بن الفضل، أخبرنا علي بن أبي طالب، أخبرنا أبو علي الرفاء، حدثنا معاذ بن المثنى، حدثنا مسدد، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت أن ينتبذ فيه.

المبارك بن كامل

ابن أبي غالب الخفاف، الشيخ العالم المحدث، مفيد العراق، أبو بكر البغدادي الظفري.
مولده في سنة تسعين وأربع مئة.
سمع أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان، وابن فتحان الشهرزوري، وأبا طالب بن يوسف، وابن الحصين، وأمماً لا يحصون.
أفنى عمره في الطلب، وكتب عمن دب ودرج، وسمع العالي والنازل، لا يسمع بمن يقدم إلا ويبادر إلى السماع منه.
قال ابن الجوزي: أبو بكر المفيد يعرف أبوه بالخفاف، سمع خلقاً كثيراً، وما زال يسمع ويتبع الأشياخ في الزوايا، وينقل السماعات، فلو قيل: إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ، لما رد قول القائل، وانتهت إليه معرفة المشايخ ومقدار ما سمعوا، وعلم الإجازات لكثرة دربته، صحب هزارسب بن عوض، ومحموداً الأصبهاني، إلا أنه كان قليل التحقيق فيما ينقل لكونه كان يأخذ عن ذلك ثمناً، كان فقيراً، كثير الأولاد والتزوج.
قال السمعاني: سريع القراءة والخط، يشبه بعضه بعضاً في الرداءة، سمع مني، وسمعت منه، توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
قال ابن النجار: جمع كتاب سلوة الأحزان نحو ثلاث مئة جزء أو أكثر، روى لنا عنه ولداه يوسف ولامعة، وأبو محمد الغراد، وكان صدوقاً مع قلة فهمه ومعرفته.

ابن الخل

الشيخ الإمام المفتي، شيخ الشافعية، أبو الحسن، محمد بن أبي البقاء المبارك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن الخل البغدادي.
تفقه على أبي بكر الشاشي المستظهري، ودرس وأفتى، وصنف وأفاد وتفرد ببغداد بالفتوى في مسألة الدور لابن سريج.
وهو أول من علق على كتاب التنبيه شرحاً، وله كتاب في أصول الفقه.
وقد سمع من ابن طلحة النعالي، ونصر بن البطر، وثابت بن بندار، والحسين بن علي بن البسري، وجعفر السراج، وأبي بكر الطريثيثي، ومحمد بن عبد السلام الأنصاري، وعدة. حدث عنه: السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وأحمد بن طارق الكركي، والفتح بن عبد السلام، وأبو الحسن القطيعي، وآخرون.
وكان مقدماً في كتاب المنسوب، فقيل: كانوا يأخذون خطه في الفتاوى لمجرد خطه البديع في بعض الوقت.
قال السمعاني: هو أحد الأئمة الشافعية ببغداد، مصيب في فتاويه، وله السيرة الحسنة، والطريقة الحميدة، خشن العيش، تارك للتكلف، على طريقة السلف، حلس مسجده الذي بالرحبة. ولد سنة خمس وسبعين وأربع مئة، ومات في المحرم سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، وقع لي الجزء الأول من مشيخته.
ومات معه في العام أخوه أبو الحسين أحمد الشاعر المشهور عن سبعين سنة، وقيل: اسم أبي الحسين: الحسن، كذا سماه ابن النجار.
أخبرنا علي بن أحمد الهاشمي، أخبرنا محمد بن أحمد المؤرخ، أخبرنا محمد بن المبارك الفقيه سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، أخبرنا الحسين بن علي، أخبرنا عبد الله بن يحيى السكري، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا عباس بن عبد الله الترقفي، حدثنا محمد بن يوسف، عن سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وستون، أو بضع وسبعون باباً، أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان.
هذا حديث صحيح عال.

بكبرة

الشيخ الفاضل العابد الخير، أبو الفتح، عبد السلام بن أحمد بن إسماعيل الهروي الإسكاف المقرىء.
سمع أبا عاصم الفضيل بن يحيى، ومحمد بن عبد العزيز الفارسي، وشيخ الإسلام، وروى جامع أبي عيسى عن أبي الظفر عبد الله بن عطاء.
وعنه: السمعاني وابنه عبد الرحيم، وأبو الضوء الشهاب الشذباني، وعبد المعز الصوفي، وحماد الحراني، ونصر بن عبد الجامع الفامي.
وطال عمره، وتفرد، وبقي إلى قريب سنة خمسين وخمس مئة.
وكان مولده في سنة إحدى وستين وأربع مئة.

أبو الوقت

الشيخ الإمام الزاهد الخير الصوفي، شيخ الإسلام، مسند الآفاق، أبو الوقت، عبد الأول بن الشيخ المحدث المعمر أبي عبد الله عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق، السجزي، ثم الهروي الماليني.
مولده في سنة ثمان وخمسين وأربع مئة.
وسمع في سنة خمس وستين وأربع مئة من جمال الإسلام أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي الصحيح وكتاب الدارمي، ومنتخب مسند عبد بن حميد ببوشنج، وسمع من أبي عاصم الفضيل بن يحيى، ومحمد بن أبي مسعود الفارسي، وأبي يعلى صاعد بن هبة الله، وبيبى بنت عبد الصمد، وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف حدثوه عن عبد الرحمن بن أبي شريح، وسمع من أحمد بن أبي نصر كاكو، وعبد الوهاب بن أحمد الثقفي، وأحمد بن محمد العاصمي، ومحمد بن الحسين الفضلويي، وعبد الرحمن بن أبي عاصم الجوهري، وشيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري وكان من مريديه، وأبي عامر محمود بن القاسم الأزدي، وعبد الله ابن عطاء البغاورداني، وحكيم بن أحمد الإسفراييني، وأبي عدنان القاسم ابن علي القرشي، وأبي القاسم عبد الله بن عمر الكلوذاني، ونصر بن أحمد الحنفي، وطائفة.
وحدث بخراسان وأصبهان وكرمان وهمذان وبغداد، وتكاثر عليه الطلبة، واشتهر حديثه، وبعد صيته، وانتهى إليه علو الإسناد. حدث عنه: ابن عساكر، والسمعاني، وابن الجوزي، ويوسف ابن أحمد الشيرازي، وارتحل إليه إلى كرمان، وسفيان بن إبراهيم بن مندة، وأبو ذر سهيل بن محمد البوشنجي، وأبو الضوء شهاب الشذباني، وعبد المعز بن محمد الهروي، والقاضي عبد الجبار بن بندار الهمذاني، وعبد الجليل بن مندويه، وأحمد بن عبد الله السلمي العطار، وعثمان بن علي الوركاني، وعثمان بن محمود الأصبهاني، ومحمد بن عبد الله الفتاح البوشنجي، ومحمد بن عطية الله الهمذاني، ومحمد بن محمد بن سرايا الموصلي، ومحمود بن واثق البيهقي، ومقرب بن علي الهمذاني، والفقيه يحيى بن سعد الرازي، ويوسف بن عمر بن محمد بن عبيد الله بن نظام الملك، وحماد بن هبة الله الحراني، وعمر بن طبرزد، وسعيد بن محمد الرزاز، وعمر بن محمد الدينوري الصوفي، ويحيى بن عبد الله بن السهروردي، ومحمد بن أحمد بن هبة الله الروذراوري، وأحمد بن ظفر بن هبيرة، ومحمد بن هبة الله بن مكرم، ومظفر بن حركها، وعلي بن يوسف ابن صبوخا، وأحمد بن يوسف بن صرما، ومحمد بن أبي القاسم الميندي، وزيد بن يحيى البيع، وعبد اللطيف بن عسكر، وعمر بن محمد بن أبي الريان، وأسعد بن صعلوك، والنفيس بن كرم، وأبو جعفر عبد الله بن شريف الرحبة، ومحمد بن عمر بن خليفة الروباني بموحدة ، ومحمد بن هبة الله البيع، وعبد الله بن إبراهيم الهمذاني الخطيب، وأبو الحسن علي ابن بورنداز، وعمر بن أعز السهروردي، وأبو هريرة محمد بن ليث الوسطاني، وصاعد بن علي الواعظ، ومحمد بن المبارك المستعمل، وأبو علي بن الجواليقي، ومحمد بن النفيس بن عطاء، والمهذب بن قنيدة، وعبد السلام بن سكينة، وعبد الرحمن بن عتيق بن صيلا، وأبو الرضى محمد بن عصية، وعبد السلام الداهري، وأبو نصر أحمد بن الحسين النرسي، وعمر بن كرم، والحسين بن الزبيدي، وأخوه الحسن، وظفر بن سالم البيطار، وعبد البر بن أبي العلاء العطار، وإبراهيم بن عبد الرحمن القطيعي، وعبد الرحمن مولى ابن باقا، وزكريا العلبي، وعلي بن روزبه، ومحمد بن عبد الواحد المديني، وأبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي، وأبو المنجى عبد الله بن اللتي، وأبو بكر محمد بن مسعود بن بهروز، وأبو سعد ثابت بن أحمد الخجندي نزيل شيراز وهو آخر من سمع منه موتاً بقي إلى سنة 637 وسماعه في الخامسة، وروى عنه بالإجازة أبو الكرم محمد بن عبد الواحد المتوكلي، وكريمة بنت عبد الوهاب القرشية.
قال السمعاني: شيخ صالح، حسن السمت والأخلاق، متودد متواضع، سليم الجانب، استسعد بصحبة الإمام عبد الله الأنصاري، وخدمه مدة، وسافر إلى العراق وخوزستان والبصرة، نزل بغداد برباط البسطامي فيما حكاه لي، وسمعت منه بهراة ومالين، وكان صبوراً على القراءة، محباً للرواية، حدث بالصحيح، ومسند عبد، والدارمي عدة نوب، وسمعت أن أباه سماه محمداً، فسماه عبد الله الأنصاري عبد الأول، وكناه بأبي الوقت، ثم قال: الصوفي ابن وقته.
وقال السمعاني في التحبير: إن والد أبي الوقت أجاز له، وإن مولده بسجستان سنة عشر وأربع مئة، وإنه سمع من علي بن بشرى الليثي مناقب الشافعي للآبري بفوت، ثم سكن هراة، وإنه شيخ صالح معمر، حرص على سماع الحديث، وحمل ولده أبا الوقت على عاتقه إلى بوشنج، وكان عبد الله الأنصاري يكرمه ويراعيه، مات بمالين في شوال سنة اثنتي عشرة وخمس مئة، عاش مئة وثلاث سنين.
وقال زكي الدين البرزالي: طاف أبو الوقت العراق وخوزستان، وحدث بهراة ومالين وبوشنج وكرمان ويزد وأصبهان والكرج وفارس وهمذان، وقعد بين يديه الحفاظ والوزراء، وكان عنده كتب وأجزاء، سمع عليه من لا يحصى ولا يحصر.
وقال ابن الجوزي: كان صبوراً على القراءة، وكان صالحاً، كثير الذكر والتهجد والبكاء، على سمت السلف، وعزم عام موته على الحج، وهيأ ما يحتاج إليه، فمات. وقال يوسف بن أحمد الشيرازي في أربعين البلدان له: لما رحلت إلى شيخنا رحلة الدنيا ومسند العصر أبي الوقت، قدر الله لي الوصولي إليه في آخر بلاد كرمان، فسلمت عليه، وقبلته، وجلست بين يديه، فقال لي: ما أقدمك هذه البلاد ؟ قلت: كان قصدي إليك، ومعولي بعد الله عليك، وقد كتبت ما وقع إلي من حديثك بقلمي، وسعيت إليك بقدمي، لأدرك بركة أنفاسك، وأحظى بعلو إسنادك. فقال: وفقك الله وإيانا لمرضاته، وجعل سعينا له، وقصدنا إليه، لو كنت عرفتني حق معرفتي، لما سلمت علي، ولا جلست بين يدي، ثم بكى بكاءً طويلاً، وأبكى من حضره، ثم قال: اللهم استرنا بسترك الجميل، واجعل تحت الستر ما ترضى به عنا، يا ولدي، تعلم أني رحلت أيضاً لسماع الصحيح ماشياً مع والدي من هراة إلى الداوودي ببوشنج ولي دون عشر سنين، فكان والدي يضع على يدي حجرين، ويقول: احملهما. فكنت من خوفه أحفظهما بيدي، وأمشي وهو يتأملني، فإذا رآني قد عييت أمرني أن ألقي حجراً واحداً، فألقي، ويخف عني، فأمشي إلى أن يتبين له تعبي، فيقول لي: هل عييت ؟ فأخافه، وأقول: لا. فيقول: لم تقصر في المشي ؟ فأسرع بين يديه ساعةً، ثم أعجز، فيأخذ الآخر، فيلقيه، فأمشي حتى أعطب، فحينئذ كان يأخذني ويحملني، وكنا نلتقي جماعة الفلاحين وغيرهم، فيقولون: يا شيخ عيسى، ادفع إلينا هذا الطفل نركبه وإياك إلى بوشنج، فيقول: معاذ الله أن نركب في طلب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل نمشي، وإذا عجز أركبته على رأسي إجلالاً لحديث رسول الله ورجاء ثوابه. فكان ثمرة ذلك من حسن نيته أني انتفعت بسماع هذا الكتاب وغيره، ولم يبق من أقراني أحد سواي، حتى صارت الوفود ترحل إلي من الأمصار. ثم أشار إلى صاحبنا عبد الباقي بن عبد الجبار الهروي أن يقدم لي حلواء، فقلت: يا سيدي، قراءتي لجزء أبي الجهم أحب إلي من أكل الحلواء. فتبسم، وقال: إذا دخل الطعام خرج الكلام. وقدم لنا صحناً فيه حلواء الفانيذ، فأكلنا، وأخرجت الجزء، وسألته إحضار الأصل، فأحضره، وقال: لا تخف ولا تحرص، فإني قد قبرت ممن سمع علي خلقاً كثيراً، فسل الله السلامة. فقرأت الجزء، وسررت به، ويسر الله سماع الصحيح وغيره مراراً، ولم أزل في صحبته وخدمته إلى أن توفي ببغداد في ليلة الثلاثاء من ذي الحجة قلت: وبيض لليوم وهو سادس الشهر قال: ودفناه بالشونيزية. قال لي: تدفنني تحت أقدام مشايخنا بالشونيزية. ولما احتضر سندته إلى صدري، وكان مستهتراً بالذكر، فدخل عليه محمد بن القاسم الصوفي، وأكب عليه، وقال: يا سيدي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة فرفع طرفه إليه، وتلا: "يا لَيْتَ قَوْمي يَعْلَمونَ بما غَفَرَ لي رَبِّي وَجَعَلني من المُكْرَمِين" يس فدهش إليه هو ومن حضر من الأصحاب، ولم يزل يقرأ حتى ختم السورة، وقال: الله الله الله، وتوفي وهو جالس على السجادة.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: حدثني محمد بن الحسين التكريتي الصوفي قال: أسندته إلي، وكان آخر كلمة قالها: "يا لَيْتَ قومي يعلمونَ بما غَفَرَ لي ربّي وَجَعَلني من المُكْرَمين"، ومات.
قلت: قدم بغداد في شوال، فأقام بها سنةً وشهراً، وكان معه أصوله، فحدث منها.
قال ابن النجار: كان الوزير أبو المظفر بن هبيرة قد استدعاه، ونفذ إليه نفقةً، ثم أنزله عنده، وأكرمه، وأحضره في مجلسه، وسمع عليه الصحيح في مجلس عام أذن فيه للناس، فكان الجمع يفوت الإحصاء، ثم قرأه عليه أبو محمد بن الخشاب بالنظامية، وحضر خلق كثير دون هؤلاء، وقرىء عليه بجامع المنصور، وسمعه جمع جم، وآخر من قرآه عليه شيخنا ابن الأخضر، وكان شيخاً صدوقاً أميناً، من مشايخ الصوفية ومحاسنهم، ذا ورع وعبادة مع علو سنه، وله أصول حسنة، وسماعات صحيحة. ثم قال: قرأت في كتاب أحمد بن صالح الجيلي: توفي شيخنا أبو الوقت ليلة الأحد سادس ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة نصف الليل، وصلي عليه ضاحي نهار اليوم برباط فيروز الذي كان نازلاً فيه، ثم صلي عليه بالجامع، وأمنا الشيخ عبد القادر الجيلي، وكان الجمع متوفراً، وكنت يوم خامس الشهر عنده، وقرأت عليه الحديث إلى وقت الظهر، وكان مستقيم الرأي، حاضر الذهن، ولم نر في سنه مثل سنده، وكان شيخاً صالحاً سنياً، قارئاً للقرآن، قد صحب الأشياخ، وعاش حتى ألحق الصغار بالكبار، ورأى من رئاسة التحديث ما لم يره أحد من أبناء جنسه، وسمع منه من لم يرغب في الرواية قبله، وكان آخر من روى في الدنيا عن الداوودي وبقية أشياخه، وقرئت الكتب التي معه كلها عليه والأجزاء مرات في عدة مواضع، وسمعها منه ألوف من الناس، وصل بغداد في حادي عشر شوال سنة اثنتين وخمسين، صحب شيخ الإسلام نيفاً وعشرين سنة.
أنبأنا طائفة عن ابن النجار قال: أنشدنا داود بن معمر بأصبهان، أنشدنا محمد بن الفضل العقيلي لنفسه في سنة إحدى وخمسين:

أتاكم الشيخ أبـو الـوقـت

 

بأحسن الأحبار عن ثبـت

طوى إليكم ناشراً علـمـه

 

مراحل الأبرق والخبـت

ألحق بالأشياخ أطفالـكـم

 

وقد رمى الحاسد بالكبـت

فمنّة الشّيخ بمـا قـد روى

 

كمنّة الغيث على النّـبـت

بارك فيه اللّه من حـامـلٍ

 

خلاصة الفقه إلى المفتي

انتهزوا الفرصة يا سادتـي

 

وحصّلوا الإسناد في الوقت

فإنّ من فوّت مـا عـنـده

 

يصير ذا الحسرة والمقت

وفيها مات الحافظ عبد الجليل بن محمد كوتاه الأصبهاني، وعلي ابن عساكر بن سرور الخشاب بدمشق، والإمام أبو حفص عمر بن أحمد بن الصفار النيسابوري، وأبو الفتح المبارك بن أحمد بن رزيق الواسطي الحداد المقرىء، وأبو المحاسن مسعود بن محمد الغانمي الهروي.

المشكاني

الشيخ الإمام الخطيب، أبو الحسن، علي بن محمد بن أحمد الروذراوري المشكاني الشافعي، خطيب مشكان، وهي قرية من عمر روذراور على ست فراسخ من همذان.
ولد سنة ست وستين وأربع مئة بمشكان.
فقدم عليهم الشيخ المعمر أبو منصور محمد بن الحسن بن محمد بن يونس النهاوندي سنة نيف وسبعين، فسمع هذا منه التاريخ الصغير للبخاري بسماعه من القاضي أبي العباس بن زنبيل النهاوندي، عن القاضي عبد الله بن محمد بن الأشقر، عن البخاري، فتفرد الخطيب بعلو هذا الكتاب مدةً، ولكن قل من سمعه منه لبعد الديار.
قال أبو سعد السمعاني: قدم هذا بغداد سنة اثنتين وثلاثين، فقصدته وهو مريض، فأخرج إليه التاريخ وقد سمعه بقراءة الحافظ حمزة الروذراوري، وقد قرأه عليه أبو العلاء العطار المقرىء، ففرحت به لعلو السند وعزة الكتاب، فأعلمت جماعةً، وقرأته عليه، ورد إلى بلده، ورحل الحافظ أبو القاسم بن عساكر إلى مشكان، فسمعه منه، وكان شيخاً بهياً، حسن المنظر، مطبوعاً، متودداً، صدوقاً.
قلت: وروى عنه هذا الكتاب بالإجازة قاضي دمشق أبو القاسم بن الحرستاني، وطال عمر أبي الحسن هذا إلى أن أدركه الحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي، فارتحل إلى مشكان، وسمع منه في سنة خمسين وخمس مئة، قال: وفي هذه السنة توفي، وتاريخ سماعه للتاريخ كان في سنة ست وسبعين وأربع مئة.
قلت: آخر من روى عنه بالسماع عبد البر بن أبي العلاء، وعاش أربعاً وثمانين سنةً.

محمد بن يحيى

ابن منصور، الإمام العلامة، شيخ الشافعية، أبو سعد النيسابوري، صاحب الغزالي وأبي المظفر أحمد بن محمد الخوافي، تفقه بهما، وبرع في المذهب، وصنف التصانيف في الفقه والخلاف، وتخرج به الأصحاب، وانتهت إليه رئاسة المذهب بنيسابور، وقصده الفقهاء من النواحي، وبعد صيته.
ألف كتاب المحيط في شرح الوسيط، وله كتاب الانتصاف في مسائل الخلاف.
ودرس بنظامية بلده، وهو أستاذ الفقهاء المتأخرين مع الزهد والديانة وسعة العلم.
مولده بطريثيث من خراسان في سنة ست وسبعين وأربع مئة.
وسمع من نصر الله بن أحمد الخشنامي، وعبد الغفار بن محمد الشيروي، وأبي حامد أحمد بن علي بن عبدوس الحذاء، والحافظ أبي الفتيان عمر بن أبي الحسن الرواسي، وإسماعيل بن أبي عبد الرحمن البحيري، وجماعة. حدث عنه: السمعاني وولده، ومنصور بن أبي الحسن الطبري، والفقيه يحيى بن الربيع بن سليمان الواسطي، وغيرهم.
أخبرنا يوسف بن عبد الرحمن الحافظ، أخبرنا عبد العزيز بن الصيقل، أخبرنا يحيى بن الربيع سنة ست مئة ببغداد، أخبرنا أبو سعد محمد ابن يحيى الشافعي، أخبرنا أبو سعيد بن أبي عبد الرحمن الملقاباذي إملاءً، حدثنا أبو حسان محمد بن أحمد بن جعفر، أخبرنا أبو عمرو بن مطر، أخبرنا حامد بن شعيب، حدثنا سريج، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى، أن رجلين اختصما في بعير ليس لواحد منهما بينة، فجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين.
قتلته الغز لا بورك فيهم حين فتكوا بنيسابور في شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وخمس مئة، فرثاه علي بن أبي القاسم البيهقي، فقال:

يا سافكاً دم عالـمٍ مـتـبـحّـرٍ

 

قد طار في أقصى الممالك صيته

باللّه قل لي يا ظلوم ولا تـخـف

 

من كان محيي الدّين كيف تميتـه

وقال آخر في محيي الدين ابن يحيى رحمه الله:

رفات الدّين والإسلام تحـيى

 

بمحيي الدين مولانا ابن يحيى

كأنّ اللّه ربّ العرش يلقـي

 

عليه حين يلقي الدّرس وحيا

ومما قيل إنه لابن يحيى:

وقالوا يصير الشّعر في الماء حيّةً

 

إذا الشّمس لاقته فما خلته حقّـا

فلمّا التوى صدغاه في ماء وجهه

 

وقد لسعا قلبي تيقّنتـه صـدقـا

ابن ناجية

العلامة أبو القاسم، أحمد بن أبي المعالي عبد الله بن بركة، الحربي الفقيه الواعظ، عرف بابن ناجية، وهي أمه.
سمع أبا عبد الله بن البسري، وأبا الحسين بن الطيوري.
روى عنه: ابن سكينة، وابن الأخضر، وأحمد بن يحيى بن هبة الله.
قال السمعاني: فقيه دين، حلو الوعظ، تفقه على أبي الخطاب، ثم تحول حنفياً، ثم شافعياً، وقال لي: أنا اليوم متبع للدليل، ما أقلد أحداً، كتبت عنه، مات في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وخمس مئة وله تسع وسبعون سنة.

أحمد بن وقشي

مؤلف كتاب خلع النعلين فيه مصائب وبدع.
وكان أولاً يدعي الولاية، وكان ذا مكر وفصاحة وبلاغة وحيل وشعبذة، فالتف عليه خلق، ثم خرج بحصن مارتلة، ودعا إلى نفسه، وبايعوه، ثم اختلف عليه أصحابه، ودس عليه الدولة من أخرجه من الحصن بحيلة، فقبض عليه أعوان عبد المؤمن، وأتوه به، فقال له: بلغني أنه دعوت إلى الهداية ؟! فكان من جوابه أن قال: أليس الفجر فجرين كاذب وصادق ؟ قال: بلى. قال: فأنا كنت الفجر الكاذب. فضحك، وعفا عنه، وبقي في حضرة السلطان عبد المؤمن، ثم لم ينشب أن قتله صاحب له على شيء رآه منه.