ابن الماسح

ابن الماسح

العلامة، جمال الأئمة، أبو القاسم، علي بن أبي الفضائل الحسن ابن الحسن بن أحمد، الكلابي الدمشقي الشافعي الفرضي النحوي، ويعرف بابن الماسح، أحد أئمة المذهب.
ولد سنة ثمان وثمانين وأربع مئة.
وتلا لابن عامر على أبي الوحش سبيع، وسمع منه، ومن أبي تراب حيدرة، وعبد المنعم بن الغمر.
وتفقه بجمال الإسلام، ونصر الله المصيصي.
وكانت له حلقة كبيرة بالجامع للإقراء والفقه والنحو، وأعاد بالأمينية، ودرس بالمجاهدية، وعليه العمدة في الفتوى وفي القسمة.
روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، وجماعة.
مات في ذي الحجة سنة اثنتين وستين وخمس مئة.

البارزي

الشيخ أبو محمد، عبد الواحد بن الحسين بن عبد الواحد بن البارزي البغدادي، البزاز بخان الصفة.
سمع: ابن طلحة، وابن البطر، وثابت بن بندار، وجماعة.
روى عنه: ابن الأخضر، والحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، وعلي بن رشيد، وجماعة، وآخر من روى عنه بالإجازة الرشيد بن مسلمة.
قال ابن النجار: كان صالحاً متديناً، على طريقة السلف، توفي في شوال سنة اثنتين وستين وخمس مئة وله اثنتان وثمانون سنة.
قلت: يقع لي من عواليه.

مسعود بن الحسن

ابن الرئيس أبي عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن أحمد بن محمود بن عبد الله، الشيخ المعمر الفاضل، مسند العصر، أبو الفرج الثقفي الأصبهاني.
مولده في سنة اثنتين وستين وأربع مئة. سمع من: جده، ومن أبي عمرو عبد الوهاب بن مندة، وأبي عيسى عبد الرحمن بن زياد، والمطهر بن عبد الواحد البزاني، ومحمد بن أحمد السمسار، وإبراهيم بن محمد الطيان، وسهل بن عبد الله الغازي، وأبي نصر محمد بن عمر تانة، وأبي الخير محمد بن أحمد بن ررا، وسليمان ابن إبراهيم، وغانم بن عبد الواحد، وأحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الواحد، وعدة.
وخرجت له فوائد في تسعة أجزاء وعوالي.
وعمر وتفرد، وألحق الأبناء بالآباء.
وقد كان روى الكثير بإجازة أبي الغنائم بن المأمون، وأبي بكر الخطيب، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، وجماعة من البغاددة اعتماداً منه على ما نقل المحدث أبو الخير عبد الرحيم بن موسى، فقاموا على أبي الخير، وكذبه الحافظ أبو موسى المديني، فطالبوه بالأصل، فغالطهم.
وله إجازة من أبي القاسم بن مندة، وغيره.
حدث عنه: محمد بن يوسف الآملي، وعبد الله بن أبي الفرج الجبائي، والحسين بن محمد الجرباذقاني، وعبد الأول بن ثابت المديني، والحافظ عبد القادر الرهاوي، ومحمد بن مكي الحنبلي، ومحمود بن محمد الحداد، وأبو الوفاء محمود بن مندة، وآخرون، وبالإجازة: أبو المنجا عبد الله بن اللتي، وكريمة القرشية، وأختها صفية، وعجيبة الباقدارية.
قال السمعاني: لم يتفق أن أسمع منه لاشتغالي بغيره، وما كانوا يحسنون الثناء عليه، والله يرحمه، وكتب إلي بالإجازة، وقد حدثني محمد ابن عبد الرحمن الفيج أنه قرأ على الرئيس أبي الفرج جميع تاريخ الخطيب في سنة ستين وخمس مئة.
قلت: ثم تبين وهن إجازة الخطيب له، وامتنع الرجل من الرواية بالإجازة عن البغداديين بعد ذلك، وكان في كثرة سماعاته العالية شغل شاغل، وكان ذا حشمة وأموال، عاش مئة عام.
توفي يوم الاثنين غرة رجب سنة اثنتين وستين وخمس مئة.

الدقاق

الشيخ الجليل، مسند بغداد، أبو القاسم، هبة الله بن الحسن بن هلال بن علي بن حمصاء العجلي السامري الكاتب، ثم البغدادي ابن الدقاق، شيخ معمر، صحيح الرواية، من أهل الظفرية.
ولد سنة إحدى وسبعين وأربع مئة.
وسمع أبا الحسن علي بن محمد الأنباري، وعاصم بن الحسن، وعبد الله بن علي بن زكري، وأبا الغنائم محمد بن أبي عثمان، وعبد الواحد بن فهد العلاف، وعبد الملك بن أحمد السيوري، وتفرد بأجزاء.
حدث عنه: السمعاني، وعبد الغني بن عبد الواحد، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، ومحمد بن عمر بن الذهبي، وإسماعيل بن باتكين الجوهري، وعبد اللطيف بن محمد القبيطي، وعدة، وآخر من روى عنه إجازةً الرشيد أحمد بن مسلمة.
قال السمعاني: كان شيخاً لا بأس به، ظاهره الخير والصلاح.
وقال ابن قدامة: هو فيما أظن أقدم مشايخنا سماعاً.
وقال ابن مشق: توفي في تاسع عشر المحرم سنة اثنتين وستين وخمس مئة.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا هبة الله بن الحسن، أخبرنا عبد الله بن علي الدقاق، أخبرنا علي بن محمد، أخبرنا محمد بن عمرو، حدثنا أحمد بن الفرج الجشمي، حدثنا عون بن عمارة، حدثنا حميد، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لبيك بحجة وعمرة.
متفق عليه من حديث حميد الطويل وغيره، عن أنس بن مالك.
قال ابن النجار: كان صدوقاً صحيح السماع، هو آخر من حدث عن عاصم وابن أبي عثمان.

الباجسرائي

الشيخ المسند، أبو المعالي، أحمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة الباجسرائي التانىء، نزيل بغداد.
سمع من: نصر بن البطر، والنعالي، وثابت بن بندار، والحسين بن علي بن البسري، وعدة. وروى الكثير.
وقد ركبه دين، ونزح إلى همذان، فمات هناك.
حدث عنه: الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، ومحمد بن عماد، وعبد اللطيف بن القبيطي، وأبو إسحاق الكاشغري، وآخرون. وبالإجازة: الرشيد بن مسلمة.
قال ابن الجوزي: كان ثقةً.
وقال الدبيثي: مات في رمضان سنة ثلاث وستين وخمس مئة بهمذان، ولم يحدث بها، وعاش أربعاً وسبعين سنة وشهراً.

ابن المقرب

الشيخ الجليل الثقة المسند، أبو بكر، أحمد بن المقرب بن الحسين ابن الحسن البغدادي الكرخي.
شيخ دين كيس متودد، صحيح السماع.
سمع طراداً الزينبي، وابن طلحة النعالي، وابن سوار. وعنه: السمعاني، وابن الجوزي، وعبد الغني، والموفق، وعبد اللطيف القبيطي، وابن الخازن، والحسين بن رئيس الرؤساء، وخلق.
وتلا بالسبع، وتفقه، ونسخ الأجزاء، وله أصول حسنة.
مات في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وخمس مئة.

الطامذي

الشيخ الإمام المقرىء الزاهد المعمر، بقية السلف، أبو محمد، عبد الله بن علي بن عبد الله بن عبد الرحمن الأصبهاني الطامذي. وطامذ: مكان بأصبهان.
سمع أبا نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، وعدة.
وارتحل فسمع بالبصرة من جعفر بن محمد بن الفضل العباداني، وببغداد من طراد بن محمد الزينبي، وابن طلحة النعالي، وجماعة.
وقرأ الحديث على المشايخ، وعمر دهراً، خرجوا له ثلاثة أجزاء.
حدث عنه: محمد بن مكي الحنبلي، وعبد القادر بن عبد الله الرهاوي، ومحمد بن أبي غالب شعرانة، ومحمد بن محمود الرويدشتي، وجماعة، وبالإجازة: كريمة الزبيرية.
وقد غلط أبو الفتح الأبيوردي، فقرأ على الرشيد إسماعيل العراقي بإجازته من الطامذي، ولا يمكن ذلك، فإن الطامذي مات في العشرين من شعبان سنة ثلاث وستين وخمس مئة عن سن عالية ولم يكن الرشيد ولد بعد.
وفيها مات أبو المعالي الباجسرائي، وأبو المظفر أحمد بن محمد ابن علي الكاغدي، وأبو بكر أحمد بن المقرب، وقاضي القضاة جعفر ابن عبد الواحد الثقفي، وأبو المناقب حيدرة بن عمر الزيدي، والخضر ابن الفضل الصفار الأصبهاني رجل، وشاكر بن علي الأسواري، والشيخ أبو النجيب السهروردي، وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن ابن تاج القراء، وأبو المعالي عمر بن بنيمان البغدادي، وأبو بكر محمد ابن أحمد بن نمارة البلنسي، والشريف ناصر بن الحسن الزيدي الخطيب، وأبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني، ونفيسة بنت محمد البزاز، والصائن هبة الله بن عساكر.

أبو النجيب

الشيخ الإمام العالم المفتي المتفنن الزاهد العابد القدوة شيخ المشايخ، أبو النجيب، عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه بن سعد بن الحسن بن القاسم بن علقمة بن النضر بن معاذ بن الفقيه عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، القرشي التيمي البكري السهروردي الشافعي الصوفي الواعظ، شيخ بغداد.
ولد تقريباً بسهرورد في سنة تسعين وأربع مئة.
وقدم بغداد نحو سنة عشر، فسمع من أبي علي بن نبهان كتاب غريب الحديث، وسمع من زاهر الشحامي، وأبي بكر الأنصاري وجماعة، فأكثر، وحصل الأصول، وكان يعظ الناس في مدرسته.
أثنى عليه السمعاني كثيراً، وقال: تفقه في النظامية، ثم هب له نسيم الإقبال والتوفيق، فدله على الطريق، وانقطع مدةً، ثم رجع، ودعا إلى الله، وتزهد به خلق، وبنى له رباطاً على الشط، حضرت عنده مرات، وانتفعت بكلامه، وكتبت عنه.
وقال عمر بن علي القرشي: هو من أئمة الشافعية، وعلم من أعلام الصوفية، ذكر لي أنه دخل بغداد سنة سبع، وسمع غريب الحديث، وتفقه على أسعد الميهني، وتأدب على الفصيحي، ثم آثر الانقطاع، فتجرد، ودخل البرية حافياً، وحج، وجرت له قصص، وسلك طريقاً وعراً في المجاهدة، ودخل أصبهان، وجال في الجبال، ثم صحب الشيخ حماداً الدباس، ثم شرع في دعاء الخلق إلى الله، فأقبل الناس عليه، وصار له قبول عظيم، وأفلح بسببه أمةً صاروا سرجاً، وبنى مدرسةً ورباطين، ودرس وأفتى، وولي تدريس النظامية، ولم أر له أصلاً يعتمد عليه بالغريب.
وقال ابن النجار: كان مطرحاً للتكلف في وعظه بلا سجع، وبقي سنين يستقي بالقربة بالأجرة، ويتقوت، ويؤثر من عنده، وكانت له خربةً يأوي إليها هو وأصحابه، ثم اشتهر، وصار له القبول عند الملوك، وزاره السلطان، فبنى الخربة رباطاً، وبنى إلى جانبه مدرسةً، فصار حمىً لمن لجأ إليه من الخائفين يجير من الخليفة والسلطان، ودرس بالنظامية سنة 45، ثم عزل بعد سنتين، أملى مجالس، وصنف مصنفات... إلى أن قال: وصحب الشيخ أحمد الغزالي الواعظ، وسلكه.
قلت: قد أوذي عند موت السلطان مسعود، وأحضر إلى باب النوبي، فأهين، وكشف رأسه، وضرب خمس درر، وحبس مدةً لأنه درس بجاه مسعود. قال ابن النجار: وأنبأنا يحيى بن القاسم، حدثنا أبو النجيب قال: كنت أدخل على الشيخ حماد وفي فتور، فيقول: دخلت علي وعليك ظلمة، وكنت أبقى اليومين والثلاثة لا أستطعم بزاد، فأنزل في دجلة أتقلب ليسكن جوعي، ثم اتخذت قربةً أستقي بها، فمن أعطاني شيئاً أخذته، ومن لم يعطني لم أطالبه، ولما تعذر ذلك في الشتاء علي، خرجت إلى سوق، فوجدت رجلاً بين يديه طبرزد، وعنده جماعة يدقون الأرز، فقلت: استعملني. قال: أرني يدك. فأريته، قال: هذه يد لا تصلح إلا للقلم، وأعطاني ورقةً فيها ذهب، فقلت: لا آخذ إلا أجرة عملي، فإن شئت نسخت لك بالأجرة. قال: اصعد، وقال لغلامه: ناوله المدقة، فدققت معهم وهو يلحظني، فلما عملت ساعةً، قال: تعال، فناولني الذهب، وقال: هذه أجرتك، فأخذته، ثم أوقع الله في قلبي الاشتغال بالعلم، فاشتغلت حتى أتقنت المذهب، وقرأت الأصلين، وحفظت الوسيط للواحدي في التفسير، وسمعت كتب الحديث المشهورة.
قال أبو القاسم بن عساكر: ذكر لي أبو النجيب أنه سمع من أبي علي الحداد، واشتغل بالمجاهدة، ثم استقى بالأجرة، ثم وعظ ودرس بالنظامية، قدم دمشق سنة ثمان وخمسين لزيارة بيت المقدس، فلم يتفق له لانفساخ الهدنة.
قلت: حدث عنه هو والقاسم ابنه، والسمعاني، وابن سكينة، وزين الأمناء، وأبو نصر بن الشيرازي، وابن أخيه الشيخ شهاب الدين عمر، وخلق.
مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وخمس مئة، ودفن بمدرسته.

ابن تاج القراء

الشيخ الزاهد المعمر، أبو الحسن، علي بن عبد الرحمن بن محمد ابن رافع الطوسي، ثم البغدادي، ويعرف بابن تاج القراء.
بكر به والده، فسمع من: مالك بن أحمد البانياسي، ويحيى بن أحمد السيبي، وأبي بكر الطريثيثي.
حدث عنه: عبد الغني الحافظ، والشيخ موفق الدين، وإبراهيم بن عثمان الكاشغري، وآخرون، وبالإجازة: الرشيد بن مسلمة.
قال الشيخ الموفق: سمعنا منه جزأين يرويهما عن البانياسي.
وقال السمعاني: كان صوفياً خدم المشايخ، وتخلق بأخلاقهم، طلبته عدة نوب، فما صدفته.
قال: وهو أخو شيخنا يحيى.
وقال ابن مشق: توفي رحمه الله في صفر سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
قلت: هو راوي جزء البانياسي.
ومات معه في العام خلق، منهم أبو المعالي عمر بن بنيمان، بغدادي ثقة سمع ثابت بن بندار وطبقته، وأبو المظفر أحمد بن محمد بن علي الكاغدي البغدادي راوي مشيخة الفسوي، وأبو المناقب حيدرة بن أبي البركات عمر بن إبراهيم الحسيني الزيدي عنده مجلسان لطراد، وأبو طاهر الخضر بن الفضل الصفار الأصبهاني عرف برجل، تفرد بإجازة عبد الوهاب بن مندة، وأبو الفضل شاكر بن علي الأسواري، وأبو الحسن محمد بن إسحاق بن محمد بن هلال بن المحسن بن الصابىء الكاتب، سمع النعالي، ومقرىء مصر الشريف ناصر بن الحسن الحسيني الخطيب، والإمام المحدث أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني، ونفيسة بنت محمد بن علي البزازة، سمعت من طراد، فأكثرت، وهبة الله بن الحافظ عبد الله بن السمرقندي البغدادي، سمع من النعالي، والعلامة مدرس النظامية يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقي الشافعي صاحب أسعد الميهني.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن رافع الطوسي ببغداد، أخبرنا مالك بن أحمد الفراء، أخبرنا أحمد بن محمد ابن موسى بن القاسم، حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، حدثنا أبو مصعب، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: كنا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بايعناه على السمع والطاعة، يقول لنا: فيما استطعت.
أخرجه البخاري عن ابن يوسف التنيسي، عن مالك.

ابن البطي

الشيخ الجليل العالم الصدوق، مسند العراق، أبو الفتح، محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، البغدادي الحاجب ابن البطي.
ولد سنة سبع وسبعين وأربع مئة.
اعتنى به والده من الصغر، أجاز له أبو نصر محمد بن محمد الزينبي. وسمع من: عاصم بن الحسن العاصمي، ومالك بن أحمد البانياسي، وعلي بن محمد بن محمد الأنباري الخطيب، ورزق الله التميمي، وعبد الله بن علي بن زكري الدقاق، وطراد الزينبي، والحسين بن طلحة النعالي، وأبي الفضل بن خيرون، وعبد الواحد بن علي ابن فهد، وثابت بن بدار، ونصر بن البطر، وأبي عبد الله الحميدي، وحمد بن أحمد الحداد سمع منه كتاب الحلية كله، وأحمد بن عمر السمرقندي المقرىء، وأبي بكر بن الخاضبة، وهو الذي حرص عليه وأسمه، وحمزة بن محمد الزبيري صاحب الحرفي، وأحمد بن عبد القادر ابن يوسف، وأبي الحسن علي بن الحسين بن أيوب، وأبي بكر الطريثيثي، والحسين بن علي بن البسري، وعلي بن الحسين الربعي، وأبي طاهر أحمد ابن الحسن الكرخي، وعبد الجليل بن محمد الساوي، وأبي سعد محمد بن علي بن السرفرتج الأصبهاني، وجعفر السراج، والحسن بن عبد الملك اليوسفي، وجماعة سواهم.
وعمر، وتفرد، ورحل إليه، وروى شيئاً كثيراً.
حدث عنه: ابن عساكر، وابن الجوزي، وابن الأخضر، والحافظ عبد الغني، وأبو الفتوح بن الحصري، والشيخ الموفق، وإبراهيم ابن البرني، والشيخ الفخر ابن تيمية، والشهاب أبو حفص السهروردي، ومحمد بن إبراهيم المغازلي، وعمر بن محمد بن أبي الريان، وعلي بن كبة، وتامر بن مطلق، وزهرة بنت حاضر، وإسماعيل بن باتكين، وعلي بن الجوزي، وسعيد بن محمد بن ياسين، ومحمد بن محمد بن السباك، والأنجب بن أبي السعدات، ومحمد بن عماد، والحسين بن علي بن رئيس الرؤساء، وخليل الجوسقي، وأحمد بن يحيى بن البراج، والموفق عبد اللطيف بن يوسف، وداود بن الفاخر، وأبو علي بن الجواليقي، وعلي بن أبي الفخار الهاشمي، وعبد الله بن عمر بن اللتي، وعبد اللطيف بن محمد القبيطي، ومحمد بن بهروز الطبيب، وأحمد بن المعز الحراني، وجمال النساء بنت أبي بكر الغراف، وإبراهيم بن عثمان الكاشغري، وآخر من روى عنه بالإجازة الرشيد بن مسلمة، وعيسى بن سلامة الحراني.
قال ابن نقطة: حدث ابن البطي بحلية الأولياء عن حمد الحداد، وهو ثقة، صحيح السماع، سمع منه الأئمة والحفاظ.
وقال الشيخ موفق الدين: هو شيخنا وشيخ أهل بغداد في وقته، وأكثر سماعاته على أبي الفضل بن خيرون، وما روى لنا عن رزق الله والحميدي وحمد غيره، وكان ثقةً سهلاً في السماع.
وقال ابن النجار: كان حريصاً على نشر العلم، صدوقاً، حصل أكثر مسموعاته شراءً ونسخاً، ووقفها، سمع منه الحافظ ابن ناصر، وسعد الخير، والكبار.
قال ابن مشق: توفي يوم الخميس سابع وعشرين جمادى الأولى سنة أربع وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة باب أبرز.
ومات أبو بكر أحمد بن عبد الباقي أخو ابن البطي بعده بسنة وقد شاخ، روى عن ابن طلحة النعالي، وأبي القاسم الربعي.
ومات مع ابن البطي سعد الله بن نصر الدجاجي، والمظفر مجير الدين أبق بن محمد بن تاج الملوك الذي كان صاحب دمشق، فأخذها منه نور الدين، ووزير مصر شاور بن مجير السعدي، ووزير مصر أسد الدين شيركوه بن شاذي، والمحدث عبد الخالق بن أسد الحنفي، وأبو مروان بن قزمان عبد الرحمن القرطبي الفقيه، وشيخ القراء ابن هذيل، وقاضي دمشق الزكي علي بن محمد بن يحيى القرشي، ومعمر بن الفاخر، والشيخ علي الهيتي.

الطبقة الثلاثون

ابن الفاخر

الشيخ الإمام الواعظ العالم المحدث المفيد الرحال الثقة، أبو أحمد، معمر بن عبد الواحد بن رجاء بن عبد الواحد بن محمد بن الفاخر ابن أحمد القرشي العبشمي السمري الأصبهاني المعدل.
مولده سنة أربع وتسعين وأربع مئة.
سمع أبا الفتح أحمد بن محمد الحداد، وأبا المحاسن الروياني شيخ الشافعية، وأبا علي أحمد بن محمد بن الفضل بن شهريار، وأبا طاهر المحسد بن أبي الحسين، وغانم بن محمد البرجي، وأبا علي الحداد، والحافظ أبا زكريا بن مندة، وعبد الصمد بن أحمد العنبري، وعبد الواحد بن محمد الدشتج، ومحمد بن أبي عدنان، وعدةً بأصبهان، وهبة الله بن الحصين، وأبا غالب بن البناء، وأحمد بن رضوان، وأبا العز بن كادش، وقاضي المرستان، وعدةً ببغداد، وارتحل إليها غير مرة، وأجاز له أبو الحسين بن العلاف، وإسماعيل بن الحسن السنجبستي صاحب أبي بكر الحيري، ولم يزل يكتب حتى أخذ عن الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وسمع أولاده، وأفاد الغرباء.
له سبع رحلات إلى بغداد، وسمع بالحرمين. حدث عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وابن الجوزي، وعبد الغني، وابن قدامة، وابن الأخضر، وعمر بن جابر، وأبو حفص السهروردي، وأبو الحسن بن المقير، وآخرون.
ذكره السمعاني، فقال: شاب كيس، حسن العشرة والصحبة، سخي متودد، يراعي حقوق الأصدقاء، ويقضي حوائجهم، أكثر ما سمعت بأصبهان كان بإفادته، كان يدور معي من الصباح إلى الليل على الشيوخ شكر الله سعيه، ثم كان ينفذ إلي الأجزاء لأنسخها، ويكتب إلي بوفاة الشيوخ، كتب لي جزءاً عن شيوخه، وحدثني به.
وقال ابن الجوزي: كان من الحفاظ الوعاظ، وله معرفة حسنة بالحديث، كان يخرج ويملي، سمعت منه بالمدينة، مات بالبادية ذاهباً إلى الحج في ذي القعدة في سنة أربع وستين وخمس مئة.
وقال ابن النجار: كان سريع الكتابة، موصوفاً بالحفظ والمعرفة والثقة والصلاح والمروءة والورع، صنف كثيراً في الحديث والتواريخ والمعاجم، وكان معظماً ببلده، ذا قبول ووجاهة.
قلت: آخر من روى عنه بالإجازة عيسى بن سلامة الخياط، فسمع منه عفيف الدين الآمدي تسعة مجالس لمعمر.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا معمر بن الفاخر، أخبرنا أبو الفتح الحداد، أخبرنا ابن عبدكويه، أخبرنا الطبراني، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا القعنبي، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أشد فرحاً بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها.
قال ابن مشق: مات معمر في ثالث عشر ذي القعدة سنة أربع وستين وخمس مئة، عاش سبعين سنة.

ابن خضير

الإمام المحدث الصادق المفيد، أبو طالب، المبارك بن علي بن محمد بن علي ابن خضير، البغدادي الصيرفي البزاز.
ولد سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة.
وسمع بنفسه ما لا يوصف كثرةً من: جعفر السراج، والحاجب أبي الحسن بن العلاف، وأبي سعد بن خشيش، وأبي الغنائم النرسي، وأبي القاسم بن بيان، وأبي علي بن نبهان، وأبي سعد بن الطيوري، وأبي العز محمد بن المختار، وينزل إلى قاضي المرستان، وإسماعيل بن السمرقندي، بل وإلى ابن ناصر، وابن البطي، وارتحل فسمع بدمشق من هبة الله بن الأكفاني، وعبد الكريم بن حمزة.
وبورك له في حديثه، وحدث بأكثر مسموعاته مراراً.
روى عنه: ابن السمعاني، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو الفضل بن شافع، وأبو الفرج بن الجوزي فأكثر، وأحمد بن البندنيجي، وابن الأخضر، وأبو طالب بن عبد السميع، والحافظ عبد الغني، والشيخ موفق الدين، ومنصور بن المعوج، وأحمد بن المعز الحراني، وخلق، وبالإجازة: الرشيد بن مسلمة.
قال أبو سعد السمعاني: سمع الكثير، ونسخ، وله جد في الطلب على كبر السن، وهو جميل الأمر، سديد السيرة، خرج له أبو القاسم الدمشقي جزءاً، سمعت منه، وسمع مني.
وقال ابن النجار: كان من المكثرين سماعاً وكتابةً وتحصيلاً إلى آخر عمره، وله في ذلك جد واجتهاد، وكانت له حال واسعة من الدنيا، فأنفقها في طلب الحديث وعلى أهله إلى أن افتقر، كتب الكثير، وحصل الأصول الحسان، وكان عفيفاً نزهاً صالحاً متديناً، يسرد الصوم، وكان يمشي كثيراً في الطلب، ويحدث من لفظه، ويدور على المكاتب، ويحدث الصبيان، وكان صدوقاً مع قلة معرفته بالعلم وسوء فهمه، وكان خطه رديئاً كثير السقم.
قال إبراهيم بن الشعار: مات شيخنا ابن خضير ليلة الجمعة ثالث عشر ذي الحجة من سنة اثنتين وستين وخمس مئة فجأةً رحمه الله.

نفيسة

وتسمى فاطمة بنت محمد بن علي البزازة البغدادية أخت أبي الفرج بن البزازة.
سمعت من: طراد الزينبي، وابن طلحة النعالي.
وعنها: الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، وأبو إسحاق الكاشغري، وعدة، ومن القدماء أبو سعد السمعاني. وأجازت لابن مسلمة.
توفيت في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وخمس مئة.

ابن الزبير

القاضي الرشيد، أبو الحسين، أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد ابن الزبير الغساني الأسواني، الكاتب البليغ.
له ديوان، وله كتاب الجنان.
ولأخيه المهذب الحسن ديوان أيضاً.
ولهما يد في النظم والنثر ورئاسة وحشمة، فالمهذب أشعرهما، والرشيد أعلمهما.
ولي الرشيد نظر الإسكندرية مكرهاً، ثم قتل ظلماً في المحرم سنة ثلاث وستين لميله إلى أسد الدين شيركوه.
وكان أسود، صاحب فنون. ومات أخوه قبله بعامين.

ابن الكريدي

الشيخ العالم، أبو الحسن، علي بن مهدي بن مفرج الهلالي الدمشقي، طبيب المرستان.
سمع أبا الفضل بن الكريدي، وأبا القاسم النسيب، وأبا طاهر الحنائي، وببغداد أبا بكر الأنصاري، وغيره.
نسخ بخطه الكثير.
حدث عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو نصر بن الشيرازي، ومكرم القرشي، وكريمة الزبيرية، وآخرون.
مات في ذي الحجة سنة اثنتين وستين وخمس مئة وقد قارب الثمانين.

السويقي

الشيخ الصالح، أبو عاصم، قيس بن محمد بن إسماعيل، الأصبهاني السويقي الصوفي، المؤذن بجامع أصبهان، رفيق أبي نصر اليونارتي إلى بغداد.
سمع من: أبي الحسن بن العلاف، والحسن بن محمد التككي، وأبي غالب الباقلاني، وعدة.
وانتقى له اليونارتي جزءاً رواه غير مرة.
قال السمعاني: ما اتفق لي السماع منه، وحدثني عنه جماعة منهم محمد بن أبي نصر الخونجاني.
قلت: وروى عنه بالإجازة ابن اللتي، وكريمة القرشية.
توفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين وخمس مئة.

الزاغولي

الشيخ الإمام الحافظ الزاهد القدوة، أبو عبد الله، محمد بن الحسين ابن محمد بن الحسين بن علي بن يعقوب المروزي الزاغولي الأرزي.
وزاغول: قرية من ناحية بنجديه.
ذكره الحافظ السمعاني، وحدث عنه هو وولده أبو المظفر عبد الرحيم، فقال: تفقه على والدي أبي بكر محمد، والموفق بن عبد الكريم الهروي، وسمع من أبي الفتح نصر بن إبراهيم الحنفي، ومحيي السنة أبي محمد البغوي، وعيسى بن شعيب السجزي، وغيرهم، وكان صالحاً، خشن العيش، قانعاً باليسير، عارفاً بالحديث وطرقه، اشتغل بطلبه وجمعه طول عمره، وجمع وصنف، وكان عارفاً باللغة، كتب الكثير، ورحل إلى هراة، سمعت منه وبقراءته، جمع كتاباً كبيراً أكثر من أربع مئة مجلدة يشتمل على التفسير والحديث والفقه واللغة، سماه قيد الأوابد، ولد سنة بضع وسبعين وأربع مئة.
وقال أبو سعد في معجم ولده عبد الرحيم: ولد سنة اثنتين وسبعين، وتوفي في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وخمس مئة.
قرىء على أبي الفضل بن عساكر، وأجازه لنا عن عبد الرحيم بن أبي سعد قال: حدثنا عبد أبو عبد الله محمد بن الحسين الأرزي، أخبرنا أبو الفتح الحنفي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الدباس، حدثنا أبو علي الرفاء، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا داود بن عمر، حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن أبي الأعمش، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجنب ثم ينام ولا يمس ماءً.

الباذرائي

الشيخ الصالح الصدوق، أبو المكارم، المبارك بن محمد بن المعمر الباذرائي البغدادي.
سمع من: أبي الخطاب بن البطر، وأبي بكر الطريثيثي، وعلي بن عبد الرحمن أبي الخطاب الجراح، وجماعة.
وعنه: تميم البندنيجي، والحافظ عبد الغني، والحافظ عبد القادر الرهاوي، والشيخ الموفق، وعلي بن ثابت الطالباني، وعلي بن الحسين ابن يوحن الباوري، وجماعة.
قال الشيخ الموفق: هو شيخ صالح ضعيف، أكثر أوقاته مستلق على قفاه، وكان يسألنا عن الصلاة قاعداً لعجزه.
قلت: توفي في العشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وستين وخمس مئة، وكان زاهداً مقصوداً بالزيارة معمراً.

ابن الدامغاني

الشيخ أبو منصور، جعفر بن عبد الله بن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الدامغاني البغدادي.
شيخ رئيس، كاتب محمود الطريقة.
سمع من: أبي مسلم السمناني، وثابت بن بندار، وأبي طاهر بن سوار، وابن العلاف، وعدة.
وكان صدوقاً مكثراً.
حدث عنه: ابن الأخضر، وأحمد بن أحمد البندنيجي، وابنه يحيى ابن جعفر، وآخرون.
مولده في سنة تسعين وأربع مئة.
ومات في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وخمس مئة.
يلقب مهذب الدولة، تولى الإشراف على ديوان العمائر.

الصائن

الشيخ الإمام العالم الفقيه المفتي المحدث، صائن الدين، أبو الحسين، هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله، الدمشقي الشافعي ابن عساكر، أخو الحافظ.
ولد سنة ثمان وثمانين وأربع مئة.
وتلا بالروايات على أبي الوحش سبيع صاحب الأهوازي، وعلى مصنف المقنع في القراءات أحمد بن خلف الأندلسي. وسمع من النسيب وطبقته، ووجد له سماع من أبي الحسن بن أبي الجرو صاحب ابن السمسار، فلم يروه، وقال: لا أحقه.
وتفقه وبرع، ورحل فسمع من: أبي علي بن نبهان، وأبي علي ابن المهدي، وعدة. وسمع سنن الدارقطني وكتبه.
وقرأ الأصول والنحو، وتقدم، وسمع الكثير، ودرس بالغزالية.
وحدث أيضاً بالطبقات لابن سعد.
وعرضت عليه خطابة دمشق، فامتنع، واجتهد به خاله القاضي أبو المعالي محمد بن يحيى القرشي أن ينوب عنه في الحكم، فأبى.
حدث عنه: أخوه، وابن أخيه القاسم، وابن أخيه زين الأمناء، وأبو القاسم بن صصرى، وسيف الدولة محمد بن غسان، ومكرم بن أبي الصقر، والمفتي فخر الدين ابن عساكر، وجماعة.
مات في شعبان سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
ولقد كتب بخطه من العلم شيئاً كثيراً.

عبد الخالق بن أسد

ابن ثابت، الفقيه الإمام المحدث المفتي، أبو محمد الدمشقي الحنفي الطرابلسي الأصل.
كان فقيهاً شافعياً، ثم تحول حنفياً، وتفقه على البلخي.
ورحل في الحديث، وصنف، وخرج، ودرس بالمعينية وبالصادرية، ووعظ الناس، وكان يلقب تاج الدين.
سمع جمال الإسلام علي بن المسلم، وعبد الكريم بن حمزة، وطاهر ابن سهل الإسفراييني، وعلي بن قبيس المالكي، ويحيى بن بطريق، ونصر الله المصيصي، وببغداد من قاضي المرستان، وأبي القاسم بن السمرقندي، وأحمد بن محمد الزوزني، وعبد الوهاب الأنماطي، وطبقهم، وبالكوفة أبا البركات عمر بن إبراهيم العلوي، وبهمذان هبة الله ابن أخت الطويل، وبأصبهان فاطمة بنت البغدادي، وعتيق بن أحمد الرويدشتي.
وصنف معجماً لشيوخه.
حدث عنه: ابنه غالب، وسيف الدولة محمد بن غسان، وإسماعيل ابن يداش السلار، وآخرون.
وعفرة أمهر في الحديث منه.
مات في المحرم سنة أربع وستين وخمس مئة.
وله شعر حسن، فمنه:

قلّ الحفاظ فذو العاهات محـتـرم

 

والشّهم ذو الفضل يؤذى مع سلامته

كالقوس يحفظ عمداً وهو ذو عـوجٍ

 

وينبذ السّهم قصداً لاستـقـامـتـه

عاش نيفاً وستين سنة.

ابن النقور

الشيخ المحدث الثقة الخير، أبو بكر، عبد الله بن الشيخ أبي منصور محمد بن الشيخ الكبير أبي الحسين أحمد بن محمد بن عبد الله بن النقور البغدادي البزاز.
ولد سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة.
سمع: المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، وأبا الحسن علي بن محمد العلاف، وأحمد بن المظفر بن سوسن، والحسن بن محمد التككي، ووالده أبا منصور، وأبا القاسم بن بيان، وأبا البركات محمد بن عبد الله الوكيل، وأبا سعد الأسدي، وأبا القاسم علي بن الحسين الربعي، وهبة الله بن أحمد ابن النرسي، وأبا محمد القاسم بن علي الحريري الأديب، وهبة الله بن أحمد الموصلي، وعدة.
حدث عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن علي القرشي، وعمر العليمي، والحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، ومحمد بن عماد، وعبد العزيز بن باقا، والفخر محمد بن إبراهيم الإربلي، وعبد اللطيف بن يوسف، وخلق كثير.
قال عمر بن علي: طلب أبو بكر بنفسه، وقرأ وكتب، وكان من أهل الدين والصلاح، ومن التحري على درجة رفيعة، قل ما رأيت في شيوخنا أكثر تثبتاً منه.
قال ابن مشق: توفي عاشر شعبان سنة خمس وستين وخمس مئة.

ابن هلال

الشيخ الجليل العدل الأمين المسند، أبو المكارم، عبد الواحد بن محمد بن المسلم بن الحسن بن هلال، الأزدي الدمشقي.
سمعه أبوه حضوراً جزءاً من حديث خيثمة على الشيخ عبد الكريم الكفرطابي.
وسمع من الشريف النسيب، وأبي طاهر الحنائي، وأبي الحسن بن الموازيني.
وأجاز له الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، وسهل بن بشر الإسفراييني، وعبد الله بن عبد الرزاق الكلاعي.
وكان مولده في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وأربع مئة.
وتفرد ببعض مروياته وإجازاته عن نصر وغيره.
وكان عدلاً كبيراً، متجملاً، حج غير مرة، ووقف، وتصدق، وكان ذا حظ من صلاة وتلاوة وصيام، وأثني عليه بهذا وبغيره، وحدث عنه: الحافظ أبو القاسم بن عساكر، وابنه، وابن أخيه زين الأمناء، وأبو القاسم ابن صصرى، والحافظ عبد الغني، والشيخ أبو عمر، وموفق الدين أخوه، والشهاب محمد بن خلف بن راجح، ومحمد بن غسان، وآخرون.
مات في عاشر جمادى الآخرة سنة خمس وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة باب الفراديس.
وفي أولاده مشايخ ورواة ونبلاء
.

الفارقي

زاهد العراق، أبو عبد الله، محمد بن عبد الملك بن عبد الحميد، نزيل بغداد.
كان يذكر بعد الصلاة بجامع القصر، يجلس على آجرتين، وكان يحضره العلماء والرؤساء، وله عبارة عذبة على لسان الفقر، وله حال وتأله ومجاهدات، وكان حسن النزه، مليح الوجه، له فصاحة وبيان.
حدث عن: جعفر السراج.
روى عنه: ابن سكينة.
وله كلام في المحبة والذوق، يتغالى فيه الفضلاء، ويكتبونه.
وكان فقيراً متقللاً، لا يدخر شيئاً، لم يجىء بعد الشيخ عبد القادر مثل الفارقي.
وعاش سبعاً وسبعين سنة.
توفي في رجب سنة أربع وستين وخمس مئة.

فورجه

الشيخ الأمين المعمر، أبو القاسم، محمود بن عبد الكريم بن علي بن محمد بن إبراهيم، الأصبهاني التاجر، المعروف بفورجه.
سمع جزء لوين من أبي بكر محمد بن أحمد بن ماجة.
وسمع من: سليمان بن إبراهيم الحافظ، والرئيس أبي عبد الله الثقفي، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، ومن جده علي بن محمد، وخرجوا له فوائد.
حدث عنه: السمعاني، ويوسف بن أحمد الشيرازي، ويوسف العاقولي، وعلي بن نصر، وعبد السلام بن عبد الرحمن بن سكينة، وعبد العزيز بن الأخضر، وثابت بن مشرف، وعلي بن بورنداز، وعبد القادر ابن عبد الله الرهاوي، ومحمد بن محمد بن محمد بن غانم، ومحمد بن محمود الرويدشتي، ومحمود بن محمد اللباد، ومعاوية بن محمود الخباز، وعدة، وبالإجازة: ابن اللتي، وعلم الدين علي بن الصابوني، وكريمة القرشية، وأختها صفية.
مات بأصبهان في صفر سنة خمس وستين وخمس مئة.
وبه ختم حديث لوين عالياً.
وقال ابن غانم المذكور: مات في سابع ربيع الأول.
وفيها توفي المحدث أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي، وأبو بكر أحمد بن عبد الباقي بن البطي أخو أبي الفتح، وأحمد بن المبارك ابن الشدنك الحريمي، وأبو بكر بن النقور، وأبو المكارم بن هلال الدمشقي، ومحمد بن بركة الصلحي الصوفي، وأبو المعالي محمد ابن حمزة بن الموازيني أخو أحمد، ومحمد بن محمد بن السكن، وحجة الدين محمد بن أبي محمد بن ظفر ذو التصانيف بحماه، والمبارك بن علي ابن عبد الباقي الخياط، روى بدمشق، وصاحب الموصل قطب الدين مودود بن زنكي، ويوسف بن مكي الحارثي إمام جامع دمشق.

أبو زرعة المقدسي

الشيخ العالم المسند الصدوق الخير أبو زرعة طاهر بن الحافظ محمد ابن طاهر بن علي، الشيباني المقدسي، ثم الرازي، ثم الهمذاني.
ولد بالري سنة ثمانين وقيل: سنة إحدى وثمانين وأربع مئة.
وسمع من أبي منصور محمد بن الحسين المقومي، ومكي بن منصور الكرجي، ومحمد بن أحمد الكامخي بساوة، وعبدوس بن عبد الله بن عبدوس بهمذان، وأبي القاسم بن بيان ببغداد.
وحج مرات، وكان يقدم بغداد، ويحدث بها، وتفرد بالكتب والأجزاء.
وحدث بسنن النسائي المجتبى عن عبد الرحمن بن حمد الدوني، وسمع ببغداد أيضاً من أبي الحسن بن العلاف.
حدث عنه: السمعاني، وابن الجوزي، وأحمد بن صالح الجيلي، وأحمد بن طارق، والحافظ عبد الغني، وأبو محمد بن قدامة، وعبد العزيز ابن الأخضر، والموفق عبد اللطيف، وأبو عبد الله بن الزبيدي، وأحمد بن البراج، وعبد العزيز بن أحمد بن باقا، والمهذب بن فنيدة، وعلي بن الجوزي، وأبو حفص السهروردي، والأنجب الحمامي، وأبو بكر بن بهروز، وأبو تمام بن أبي الفخار، وعبد اللطيف بن محمد القبيطي، وأبو بكر محمد بن سعيد بن الخازن، وآخرون.
قال عمر بن علي القرشي: بدأت بقراءة سنن ابن ماجة على أبي زرعة، قدم علينا حاجاً، وقال لنا: الكتاب سماعي من أبي منصور المقومي، وكان سماعي في نسخة عندي بخط أبي، وفيها سماع إسماعيل الكرماني، فطلبها مني، فدفعتها إليه من أكثر من ثلاثين سنة.
ثم قال القرشي: وتحققنا أن له إجازة المقومي، فقرىء الكتاب عليه إجازةً إن لم يكن سماعاً.
قلت: قد سمع من المقومي كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد في شعبان سنة أربع وثمانين، فيكون سماعه لذلك حضوراً في الرابعة، وسمعنا من طريقه مسند الشافعي، والمجتبى، وسنن ابن ماجة، وأجزاء.
وقد سماه السمعاني في الذيل داود، فوهم وقيل: اسمه الفضل قال: وولد سنة ثمانين.
وقال ابن النجار: طوف بأبي زرعة طاهر أبوه، وسمعه... إلى أن قال: وكان تاجراً لا يفهم شيئاً من العلم، وكان شيخاً صالحاً، حمل جميع كتب والده وكانت كلها بخطه إلى الحافظ أبي العلاء العطار، ووقفها، وسلمها إليه، فسمعت من يذكر أنها كانت في ثلاثين غرارة رأيت أكثرها في خزانة أبي العلاء، وقيل: إن أبا زرعة حج عشرين مرة.
وقال أبو عبد الله الدبيثي: توفي في ربيع الآخر سنة ست وستين وخمس مئة بهمذان. ثم قال: وما كان يعرف شيئاً.

ابن الخلال

الأديب البليغ، موفق الدين، أبو الحجاج، يوسف بن محمد بن الخلال المصري، كاتب السر للحافظ العبيدي ولمن بعده.
أسن وأضر، ولزم بيته، وله النظم والنثر.
قال القاضي الفاضل: ترددت إليه، ومثلت بين يديه، وتدربت، وكنت قد حفظت كتاب الحماسة فأمرني أن أحل أشعار الكتاب، ففعلت ذلك مرتين.
مات سنة ست وستين وخمس مئة.

يحيى بن ثابت

ابن بندار بن إبراهيم، الشيخ الجليل المسند العالم، أبو القاسم، الدينوري الأصل، البغدادي البقال الوكيل.
سمع أباه المقرىء أبا المعالي، وابن طلحة النعالي، وطراد بن محمد الزينبي، وجماعةً.
وحدث بصحيح الإسماعيلي، وبالموطأ، وأشياء عن أبيه.
حدث عنه: السمعاني، وعمر بن علي القرشي، وابن الجوزي، وابن قدامة، وعبد الغني الحافظ، والموفق عبد اللطيف، والفخر الإربلي، وأبو المنجا بن اللتي، وأبو حفص السهروردي، ومحمد بن عماد، وعبد العزيز بن باقا، وعبد اللطيف بن محمد بن القبيطي، وأبو الكرم محمد بن دلف، وعلي بن فائق، وآخرون.
وسماعه صحيح.
مات في خامس ربيع الأول سنة ست وستين وخمس مئة عن نيف وثمانين سنة.
وقد روى الحافظ أبو القاسم بن عساكر عنه بالإجازة والرشيد بن مسلمة.
وفيها مات الوزير الكبير أبو جعفر أحمد بن محمد بن البلدي قتله رئيس الرؤساء لما وزر، وأبو زرعة المقدسي، وعبد الرحيم بن أبي الوفاء الحاجي، وأبو عبد الله بن سعادة بشاطبة، والمستنجد بالله، والمحدث أبو بكر عبد الرحمن بن أحمد بن أبي ليلى الأنصاري المرسي.

ابن هذيل

الشيخ الإمام المعمر، مقرىء العصر، أبو الحسن، علي بن محمد ابن علي بن هذيل البلنسي.
ولد سنة إحدى وسبعين وأربع مئة.
وأكثر عن زوج أمه أبي داود سليمان بن نجاح وتلا عليه بالسبع، وسمع منه الكتب، وهو أثبت الناس فيه، وصارت إليه أصول أبي داود.
وسمع صحيح البخاري من أبي محمد الركلي، وصحيح مسلم بن طارق بن يعيش، وسنن أبي داود منه، وأجاز له أبو الحسين بن البياز، وخازم بن محمد.
قال الأبار: كان منقطع القرين في الفضل والزهد والورع مع العدالة والتقلل من الدنيا، صواماً قواماً، كثير الصدقة، طويل الاحتمال على ملازمة الطلبة له ليلاً ونهاراً، انتهت إليه رئاسة الإقراء لعلوه وإمامته في التجويد والإتقان، وحدث عن جلة لا يحصون، وكانت له ضيعة.
قلت: تلا عليه ابن فيره الشاطبي، ومحمد بن سعيد المرادي، وأبو جعفر الحصار، وابن نوح الغافقي، والحسين بن رلال، وعدة.
وروى عنه: الحسن بن عبد العزيز التجيبي، وسبطته زينب بنت محمد، وتوفيا سنة خمس وثلاثين.
توفي في رجب سنة أربع وستين وخمس مئة.

ابن سعادة

الإمام العلامة، شيخ الأندلس، أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن سعادة المرسي، مولى سعيد بن نصر، نزيل شاطبة.
لازم أبا علي الصدفي، وصاهره، وصارت إليه أكثر أصوله.
وتفقه على أبي محمد بن جعفر.
وارتحل، فسمع ابن عباسة، وأبا بحر بن العاص، وبالثغر أبا الحجاج الميورقي، وبالمهدية أبا عبد الله المازري، فسمع منه المعلم، وبمكة من رزين العبدري، وابن الغزال صاحب كريمة.
قال الأبار: عارف بالآثار، مشارك في التفسير، حافظ للفروع، بصير باللغة، متصوف، ذو حظ من علم الكلام، فصيح مفوه، مع الوقار والحلم والخشوع والصوم، ولي خطابة مرسية، ثم قضاء شاطبة، وأقرأ، سمع منه أبو الحسن بن هذيل وهو أكبر منه، وصنف كتاب شجرة الوهم المترقية إلى ذروة الفهم لم يسبق إلى مثله، حدثنا عنه أكابر شيوخنا، مات في أول سنة ست وستين وخمس مئة وله سبعون عاماً.

الجياني

العلامة أبو بكر، محمد بن علي بن عبد الله بن ياسر، الأنصاري الجياني.
ولد بالأندلس بجيان في شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة. وأكثر الترحال إلى القيروان ومصر والحجاز والشام والعراق وخراسان وما وراء النهر، وتفقه ببخارى، ومهر في الخلاف والجدل، ثم طلب الحديث، وتقدم فيه، وسكن بلخ، وكتب الكثير، ثم قدم بغداد، وحدث بها، وحج، ثم استوطن حلب، ووقف بجامعها كتبه.
قال ابن النجار: كان صدوقاً متديناً، سمع ابن الحصين، وأبا منصور محمد بن علي المروزي الكراعي، وأبا عمرو عثمان بن محمد بن الشريك البلخي، ومحمد بن الفضل الفراوي، وسهل بن إبراهيم المسجدي النيسابوري، وجمال الإسلام علي بن المسلم.
وعنه: أبو الفتح بن الحصري، وأبو المظفر بن السمعاني، والقاضي أبو المحاسن بن شداد، وأبو محمد بن علوان، وأبو حفص عمر بن قشام، وآخرون.
قال ابن النجار: قرأت بخطه قال: كنت مشتغلاً بالجدل والخلاف مجداً في ذلك، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فوقف على رأسي، وقال لي: قم يا أبا بكر. فلما قمت، تناول يدي، فصافحني، ثم ولى، وقال لي: تعال خلفي، فتبعته نحواً من عشر خطوات، وانتهيت، فأتيت أبا طالب إبراهيم بن هبة الله الدياري الزاهد، وكنت لا أمضي أمراً دونه، فقصصت عليه، فقال لي: يريد منك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تترك الخلاف، وتشتغل بحديثه، إذ قد أمرك باتباعه، فتركت الخلاف، وكان أحب إلي من الحديث، وأقبلت على الحديث.
قال ابن الحصري: أبو بكر الجياني حافظ عالم بالحديث، وفيه فضل، ذكر بعض الحلبيين أن الجياني مات في ليلة السبت سابع ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
وقال أبو المواهب بن صصرى: مات بحلب في جمادى الأولى وقد بلغ السبعين.
قال محمود بن أرسلان في تاريخ خوارزم: حدثني محمد بن ياسر، حدثنا محمد بن معتصم ببلخ، حدثنا محمد بن عبد الواحد الدقاق، أخبرنا محمد بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن علي المقرىء، أخبرنا محمد بن إسحاق بن مندة، أخبرنا محمد بن حمزة ومحمد بن عمرو الرزاز قالا: حدثنا محمد بن عيسى بن حيان، حدثنا محمد بن الفضل، أخبرنا محمد بن واسع، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعاً: تحرم النار على كل هين لين قريب سهل.
هذا مسلسل بالمحمدين.

الرحبي

الشيخ أبو علي، أحمد بن محمد بن أحمد بن هبة الله بن الرحبي، بواب الحريم.
سمع النعالي، وعلي بن أحمد بن الخل، وابن خشيش.
وكان لا بأس به.
وعنه: ابن الأخضر، وعبد الغني، والموفق، وعبد العزيز بن دلف، وواثلة بن بقاء، وعدة.
مات في صفر سنة سبع وستين وخمس مئة وله خمس وثمانون سنة.

البطليوسي

العلامة، أبو علي، الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر، الأنصاري الأندلسي البطليوسي، ويعرف بابن الفراء.
سمع بالثغر من أبي بكر الطرطوشي وغيره، ومدها إلى خراسان، فأخذ عن أبي نصر عبد الرحيم بن القشيري، وسهل بن إبراهيم السبعي، ومحمد بن الفضل الفراوي، وطائفة، والأديب أحمد بن محمد الميداني.
وحدث ببغداد وبالشام، وجمع وصنف، وكان ذا تعبد وخشية وخوف، وحدث بصحيح مسلم ببغداد في سنة 566.
روى عنه: القاضي عمر بن علي القرشي، وابنه عبد الله بن عمر، والموفق عبد اللطيف، ومحمد بن إسماعيل بن أبي الصيف، والفخر الإربلي، والقاضي أبو نصر بن الشيرازي.
وذكره أبو المواهب بن صصرى.
مات بحلب في سنة ثمان وستين وخمس مئة وقد بلغ الثمانين.
وقد وهم السمعاني، وذكر وفاته سنة ثمان أو تسع وأربعين.
ومات معه في سنة ثمان أبو الفضل أحمد بن محمد بن شنيف الدارقزي شيخ القراء وبقية أصحاب ابن سوار، وخوارزم شاه أرسلان ابن أتسز، والأمير نجم الدين أيوب والد السلاطين، وأبو منصور جعفر بن عبد الله بن محمد بن الدامغاني، وملك النحاة أو نزار الحسن بن صافي البغدادي بدمشق، وشيخ المالكية أبو طالب صالح بن إسماعيل بن سند الإسكندراني ابن بنت معافى، والعدل أبو الحسن علي بن المبارك بن نغوبا الواسطي، وأبو جعفر محمد بن الحسن بن حسين الصيدلاني الأصبهاني تفرد بإجازة بيبى، وكلار، وصاحب تاريخ خوارزم أبو محمد محمود بن محمد بن عباس الخوارزمي الشافعي، وأبو الفتح مسعود بن محمد بن سعيد المروزي المسعودي خطيب مرو.

ابن بندار

شيخ الشافعية، أبو المحاسن، يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقي، نزيل بغداد.
روى عنه: هبة الله بن البخاري، وإسماعيل بن المؤذن. وعنه: ابنه قاضي مصر زين الدين علي، وأبو الخير الجيلاني.
برع في الفقه والأصول والخلاف والجدل، ودرس بالنظامية، ونفذ رسولاً عن الخلافة، فمات بخوزستان في شوال سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
قال ابن عساكر: انتهت إليه رئاسة أصحاب الشافعي، وعمل الوعظ، ولم يكن فيه بذاك، واسم أبيه رمضان من أهل مراغة، ولد له يوسف بدمشق. قال: فسافر يوسف، وتفقه بأسعد الميهني، وأعاد له، وكان حسن المناظرة، صلب الاعتقاد.

شاور

وزير الديار المصرية، الملك، أبو شجاع، شاور بن مجير السعدي الهوازني.
كان الصالح بن رزيك قد ولاه الصعيد.
وكان شهماً شجاعاً فارساً سائساً.
ولما قتل الصالح، ثار شاور، وحشد، وجمع، أقبل على واحات يخترق البر حتى خرج عند تروجه، وقصد القاهرة، فدخلها، وقتل العادل رزيك بن الصالح، واستقل بالأمر، ثم تزلزل أمره، فسار إلى نور الدين صاحب الشام، فأمده بأسد الدين بن شيركوه، فثبته في منصبه، فتلاءم على شيركوه ولم يف له، وعمل قبائح، واستنجد بالفرنج، وكادوا أن يملكوا مصر، وجرت أمور عجيبة، ثم استظهر شيركوه، وتمرض، فعاده شاور، فشد عليه جرديك النوري، فقتله في ربيع الآخر سنة أربع وستين، وقيل، بل قتله صلاح الدين لا جرديك.
قال إمام مسجد الزبير إبراهيم بن إسماعيل الهاشمي: تملك شاور البلاد، ولم شعث القصر، وأدر الأرزاق الكثيرة على أهل القصر، وكان قد نقصهم الصالح أشياء كثيرة، وتجبر وظلم أعني شاور فخرج عليه الأمير ضرغام وأمراء، وتهيؤوا لحربه، ففر إلى الشام، وقتل ولده طي في رمضان سنة ثمان وخمسين، واختبط الناس، وأقبلت الروم إلى الحوف، فحاصروا بلبيس، وجرت وقعة كبرى قتل فيها خلق، ورد العدو إلى الشام، فأتى شاور، فاجتمع بنور الدين، فأكرمه، ووعده بالنصرة، وقال شاور له: أنا أملكك مصر، فجهز معه شيركوه بعد عهود وأيمان، فالتقى شيركوه هو وعسكر ضرغام، فانكسر المصريون، وحوصر ضرغام بالقاهرة، وتفلل جمعه، فهرب، فأدرك وقتل عند جامع ابن طولون، وطيف برأسه، ودخل شاور، فعاتبه العاضد على ما فعل من تطريق الترك إلى مصر، فضمن له أن يصرفهم، فخلع عليه، فكتب إلى الروم يستنفرهم ويمنيهم، فأسقط في يد شيركوه، وحاصر القاهرة، فدهمته الروم، فسبق إلى بلبيس، فنزلها، فحاصره العدو بها شهرين، وجرت له معهم وقعات، ثم فتروا، وترحلوا، وبقي خلق من الروم يتقوى بهم شاور، وقرر لهم مالاً، ثم فارقوه.
وبالغ شاور في العسف والمصادرة، وتمنوا أن يلي شيركوه عليهم، فسار إليهم ثانياً من الشام، فاستصرخ شاور لا سلمه الله بملك الفرنج مري، فبادر في جمع عظيم، فعبر شيركوه إلى ناحية الصعيد، ثم نزل بأرض الجيزة، ونزلت الفرنج بإزائه في الفسطاط، وقرر شاور للفرنج أربع مئة ألف دينار وإقامات، ثم ترحل شيركوه إلى نحو الصعيد، فتبعه شاور والفرنج، ونهب للفرنج أشياء كثيرة، ورجعوا مغلولين، فنزلوا بالجيزة، فرد شيركوه، وقدم الإسكندرية، وتبعته الفرنج، ففتح أهل الثغر لشيركوه، وفرحوا به، فاستخلف بها ابن أخيه صلاح الدين، وكر إلى الفيوم، ونهب جنده القرى، وظلموا، وذهب هو فصادر أهل الصعيد، وبالغ، وحاصر شاور والروم الإسكندرية وبها صلاح الدين، واشتد القتال، ثم قدم شيركوه مصر، وترددت الرسل في الصلح، ورجعت الروم إلى بلادهم، ثم أقبل الطاغية مري في جيوشه، وغدر، وخندق شاور على مصر، وعظم الخطب، واستباحت الروم بلبيس قتلاً وسبياً، وهرب المصريون على الصعب والذلول، وأحرقت دور مصر، وتهتكت الأستار، وعم الدمار، ودام البلاء أشهراً يحاصرهم الطاغية، فطلبوا المهادنة، فاشترط الكلب شروطاً لا تطاق، فأجمع رأي العاضد وأهل القصر على الاستصراخ بنور الدين، فكر شيركوه في جيشه، فتقهقر العدو إلى الساحل وفي أيديهم اثنا عشر ألف أسير، وقدم شيركوه، فما وسع شاور إلا الخروج إليه متنصلاً معتذراً، فصفح عنه، وقبل عذره، وبرزت الخلع لشيركوه وشاور وفي النفوس ما فيها، وتحرز هذا من هذا، إلى أن وقع لشاور أن يعمل دعوةً لشيركوه، وركب إليه، فأحس شيركوه بالمكيدة، فعبى جنده، وأخذ شاور أسيراً، وانهزم عسكره، ثم قتل، وأسر أولاده وأعوانه، وعذبوا، ثم ضربت أعناقهم، وتمكن شيركوه ثمانيةً وخمسين يوماً، ثم مات بالخوانيق، وقيل: بل سمه العاضد في منديل الحنك الذي للخلعة.

محمد بن عبد الله

ابن محمد بن خليل، الفقيه المعمر، أبو عبد الله القيسي اللبلي المالكي، صاحب مالك بن وهيب.
يروي عن: محمد بن فرج الطلاعي، وأبي علي الغساني الحافظ، وخازم بن محمد، وأبي الحسين بن سراج، وأبي علي بن سكرة، وطائفة.
قال الأبار: كان من أهل الدراية والرواية، نزل فاس، ثم مراكش، أخذ عنه شيخنا أبو عبد الله الأندرشي، وأبو عبد الله بن عبد الحق قاضي تلمسان، وسمع من الغساني صحيح مسلم، وتوفي سنة سبعين وخمس مئة.
وقال ابن الزبير: سمع منه يعيش بن القديم، وآخر من حمل عنه شيخنا إسحاق بن عامر الطوسي بفتح الطاء الكاتب.
وقال ابن الزبير في مكان آخر: أخبرنا بالموطأ إسحاق الطوسي، أنبأنا ابن خليل، أخبرنا ابن الطلاع.
قلت: صرح ابن الزبير أن روايته للموطأ عن الطوسي مناولة، وأن رواية القيسي عن الطلاعي إجازة إن لم يكن سماعاً.

ابن قزمان

الإمام الفقيه، أبو مروان، عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن قزمان القرطبي.
ولد سنة تسع وسبعين وأربع مئة.
وسمع من: محمد بن فرج الطلاعي، والحافظ أبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي.
وتفقه بأبي الوليد بن رشد.
روى عنه: أبو الخطاب أحمد بن محمد بن واجب البلنسي، وإبراهيم ابن علي الخولاني، ومحمد بن أحمد بن اليتيم.
قال ابن بشكوال: كان من كبار العلماء، وجلة الفقهاء، مقدماً في الأدباء، توفي في مستهل ذي القعدة سنة أربع وستين وخمس مئة.

عليم

ابن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبيد الله، الإمام الحافظ، أبو محمد القرشي العدوي العمري الأندلسي، ويكنى أيضاً بأبي الحسن.
مولده بشاطبة في سنة تسع وخمس مئة.
وسمع أبا عبد الله بن مغاور، وأبا جعفر بن جحدر، وأبا عبد الله بن غلام الفرس الداني، وأبا إسحاق بن جماعة، وأبا القاسم بن ورد، وعدة.
قال الأبار: كان أحد العلماء الزهاد، أقرأ القرآن والفقه، وكان صاحب فنون، كثير المحفوظ جداً لا سيما الموطأ والصحيحين، وكان يقول: ما حفظت شيئاً فنسيته، وكان ميالاً إلى السنن والآثار وعلوم القرآن، مع حظ من علم النحو والشعر والميل إلى الزهد، مع الورع والتواضع، وكان معظماً في النفوس، كثير التواضع والمحاسن.
توفي ببلنسية في ذي القعدة سنة أربع وستين وخمس مئة رحمه الله.

الزكي

قاضي دمشق، الإمام زكي الدين، أبو الحسن، علي بن القاضي المنتجب أبي المعالي محمد بن القاضي الزكي يحيى بن علي، القرشي الشافعي.
فقيه دين خير، عالم، محمود الأحكام، استعفى من الحكم، فأعفي، وحج من طريق العراق، ورجع فأقام ببغداد سنةً، وتوفي.
سمع من عبد الكريم بن حمزة وجماعة.
سمع منه أبو محمد بن الخشاب، وأبو طالب بن عبد السميع، وابن الأخضر.
مولده سنة سبع وخمس مئة.
ومات في شوال سنة أربع وستين وخمس مئة، رحمه الله.

ابن قرقول

الإمام العلامة، أبو إسحاق، إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن باديس بن القائد، الحمزي الوهراني، المعروف بابن قرقول، من قرية حمزة من عمل بجاية.
مولده بالمرية إحدى مدائن الأندلس.
سمع من جده لأمه أبي القاسم بن ورد، ومن أبي الحسن بن نافع، وروى عنهما، وعن أبي الحسن بن اللواز، وأبي العباس بن العريف الزاهد، وأبي عبد الله بن الحاج الشهيد.
وحمل عن أبي إسحاق الخفاجي ديوانه.
وكان رحالاً في العلم نقالاً فقيهاً، نظاراً أديباً نحوياً، عارفاً بالحديث ورجاله، بديع الكتابة.
روى عنه عدة، منهم يوسف بن محمد بن الشيخ، وعبد العزيز بن علي السماتي.
وكان من أوعية العلم، له كتاب المطالع على الصحيح غزير الفوائد.
انتقل من مالقة إلى سبتة، ثم إلى سلا، ثم إلى فاس، وتصدر للإفادة.
وكان رفيقاً لأبي زيد السهيلي وصديقاً له، فلما فارقه وتحول إلى مدينة سلا، نظم فيه أبو زيد أبياتاً، وبعث بها إليه، وهي:

سلا عن سلا إنّ المعارف والنّهى

 

بها ودّعا أمّ الرّبـاب ومـأسـلا

بكيت أسىً أيام كـان بـسـبـتةٍ

 

فكيف التأسّي حين منزلـه سـلا

وقال أناسٌ إنّ في البعـد سـلـوةً

 

وقد طال هذا البعد والقلب ما سلا

فليت أبا إسحاق إذ شطّت النّـوى

 

تحيّته الحسنى مع الريح أرسـلا

فعادت دبور الرّيح عندي كالصّبـا

 

بذي غمرٍ إذ أمر زيدٍ تـبـسّـلا

فقد كان يهديني الحديث موصّـلاً

 

فأصبح موصول الأحاديث مرسلا

وقد كان يحيي العلم والذّكر عندنا

 

أوان دنا فالآن بالنـأي كـسّـلا

فللّه أُمٌّ بـالـمـريّة أنـجـبـت

 

به وأبٌ ماذا من الخير أنـسـلا

توفي ابن قرقول في شعبان سنة تسع وستين وخمس مئة وله أربع وستون سنة.

مودود

السلطان صاحب الموصل، قطب الدين، مودود بن الأتابك زنكي بن آقسنقر، التركي الأعرج.
تملك بعد أخيه غازي، وكان لا بأس بسيرته، وهو الذي نكب وزيرهم الجواد، وكان ينوب في مملكته زين الدين علي صاحب إربل.
وكانت أيامه اثنتين وعشرين سنة.
توفي في شوال سنة خمس وستين وخمس مئة.
وخلف أولاداً منهم السلطان عز الدين مسعود، والسلطان سيف الدين غازي الذي تملك بعد أبيه، وهو أخو صاحب الشام نور الدين.

ابن ظفر

العلامة البارع، حجة الدين، أبو عبد الله، محمد بن أبي محمد بن محمد بن ظفر الصقلي، صاحب كتاب خير البشر، وكتاب سلوان المطاع في عدوان الأتباع، وكتاب شرح المقامات.
وكان قصيراً لطيف الشكل، وله نظم وفضائل.
سكن حماة، ونشأ بمكة، وأكثر الأسفار.
وكان فقيراً أخذ بنته زوجها، فباعها في بعض البلاد.
مات سنة خمس وستين وخمس مئة بحماة.

ابن الخشاب

الشيخ الإمام العلامة المحدث، إمام النحو، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر، البغدادي ابن الخشاب، من يضرب به المثل في العربية، حتى قيل: إنه بلغ رتبة أبي علي الفارسي.
ولد سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة.
وسمع من: أبي القاسم علي بن الحسين الربعي، وأبي النرسي، ويحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وأبي عبد الله البارع، وأبي غالب البناء، وهبة الله بن الحصين، وعدة.
وقرأ كثيراً، وحصل الأصول.
وأخذ الأدب عن أبي علي بن المحول شيخ اللغة، وأبي السعادات بن الشجري، وعلي بن أبي زيد الفصيحي، وأبي منصور موهوب بن الجواليقي، وأبي بكر بن جوامرد النحوي.
وفاق أهل زمانه في علم اللسان، وكتب بخطه المليح المضبوط شيئاً كثيراً، وبالغ في السماع حتى قرأ على أقرانه، وحصل من الكتب شيئاً لا يوصف، وتخرج به في النحو خلق.
حدث عنه: السمعاني، وأبو اليمن الكندي، والحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، وأبو البقاء العكبري، ومحمد بن عماد، وفخر الدين بن تيمية، ومنصور بن أحمد بن المعوج.
قال السمعاني: هو شاب كامل فاضل، له معرفة تامة بالأدب واللغة والنحو والحديث، يقرأ الحديث قراءةً حسنةً صحيحةً سريعةً مفهومةً، سمع الكثير، وحصل الأصول من أي وجه، كان يضن بها، سمعت بقراءته كثيراً، وكان يديم القراءة طول النهار من غير فتور، سمعت أبا شجاع البسطامي يقول: قرأ علي ابن الخشاب غريب الحديث لأبي محمد القتبي قراءةً ما سمعت قبلها مثلها في الصحة والسرعة، وحضر جماعة من الفضلاء، فكانوا يريدون أن يأخذوا عليه فلتة لسان، فما قدروا.
وقال ابن النجار: أخذ ابن الخشاب الحساب والهندسة عن أبي بكر قاضي المرستان، وأخذ الفرائض عن أبي بكر المزرفي، وكان ثقةً، ولم يكن في دينه بذاك، وقرأت بخط الشيخ الموفق: كان ابن الخشاب إمام أهل عصره في علم العربية، حضرت كثيراً من مجالسه، ولم أتمكن من الإكثار عنه لكثرة الزحام عليه، وكان حسن الكلام في السنة وشرحها.
قال ابن الأخضر: كنت عنده وعنده جماعة من الحنابلة، فسأله مكي الغراد: هل عندك كتاب الجبال ؟ فقال: يا أبله ما تراهم حولي ؟ وقيل: إنه سئل: أيمد القفا أو يقصر ؟ فقال: يمد، ثم يقصر. وكان مزاحاً.
وقيل: عرض اثنان عليه شعراً لهما، فسمع للأول، ثم قال: أنت أردأ شعراً منه. قال: كيف تقول هذا ولم تسمع قول الآخر ؟ قال: لأن هذا لا يكون أردأ منه.
وقال لرجل: ما بك ؟ قال: فؤادي. قال: لو لم تهمزه لم يوجعك.
قال حمزة بن القبيطي: كان ابن الخشاب يتعمم بالعمامة، وتبقى مدةً حتى تسود وتتقطع من الوسخ وعليها ذرق العصافير. وقال ابن الأخضر: ما تزوج ابن الخشاب ولا تسرى، وكان قذراً يستقي بجرة مكسورة، عدناه في مرضه، فوجدناه بأسوء حال، فنقله القاضي أبو القاسم بن الفراء إلى داره، وألبسه ثوباً نظيفاً، وأحضر الأشربة والماورد، فأشهدنا بوقف كتبه، فتفرقت، وباع أكثرها أولاد العطار حتى بقي عشرها، فترك برباط المأمونية.
قال ابن النجار: كان بخيلاً متبذلاً، يلعب بالشطرنج على الطريق، ويقف على المشعوذ، ويمزح، ألف في الرد على الحريري في مقاماته، وشرح اللمع، وصنف في الرد على أبي زكريا التبريزي.
وقال القفطي: عبارته أجود من قلمه، وكان ضيق العطن، ما كمل تصنيفاً.
قال ابن النجار: سمعت المبارك بن المبارك النحوي يقول: كان ابن الخشاب إذا نودي على كتاب، أخذه وطالعه، وغل ورقه، ثم يقول: هو مقطوع، فيشتريه برخص.
قلت: لعله تاب، فقد قال عبد الله بن أبي الفرج الجبائي، رأيت ابن الخشاب وعليه ثياب بيض، وعلى وجهه نور، فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي، ودخلت الجنة، إلا أن الله أعرض عني وعن كثير من العلماء ممن لا يعمل.
مات في ثالث رمضان سنة سبع وستين وخمس مئة.
أخبرنا ابن الفراء، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا أبو محمد بن الخشاب... فذكر حديثاً.

الصيدلاني

الشيخ الجليل العالم المحدث، مسند أصبهان، أبو المطهر، القاسم ابن الفضل بن عبد الواحد بن الفضل، الأصبهاني الصيدلاني.
ولد سنة نيف وسبعين وأربع مئة.
وسمع من: رزق الله التميمي، والرئيس أبي عبد الله الثقفي، ومكي بن منصور الكرجي، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وجده لأمه أبي منصور محمد بن علي بن عبد الرزاق، وجماعة كثيرة.
حدث عنه: أحمد بن محمد الجنزي ثم الأصبهاني بمسند الشافعي، والحافظ عبد القادر الرهاوي، وأبو نزار ربيعة بن الحسن اليمني، ومحمد بن مسعود بن أبي الفتح المديني، ومحمد بن أبي سعيد بن طاهر، ومعاوية بن محمد بن الفضل، وآخرون، ومن القدماء: أبو سعد السمعاني، وروى عنه بالإجازة: الشيخ موفق الدين المقدسي وكريمة بنت الحبقبق، وعجيبة.
قال السمعاني: كان متميزاً، حريصاً على طلب الحديث، مليح الخط، سمع وبالغ.
قلت: وسمع ولده المعمر عبد الواحد بن أبي المطهر الكثير.
توفي في نصف جمادى الأولى سنة سبع وستين وخمس مئة وله نيف وتسعون سنة.
وفيها توفي أبو علي أحمد بن محمد بن الرحبي، وابن الخشاب، وعبد الله بن منصور بن الموصلي، والعاضد بمصر، وأبو الحسن بن النعمة المربي ببلنسية، وأبو المظفر محمد بن أسعد بن الحليم العراقي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن الفرس الغرناطي، وأبو عبد الله محمد بن علي بن الرمامة قاضي فاس، وأبو المكارم المبارك بن محمد الباذرائي، والشاعر المجيد أبو الفتوح نصر الله ابن قلاقس الإسكندراني، ووجيه بن هبة الله السقطي، وأبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام القرطبي المقرىء.

الصيدلاني

الشيخ الجليل المعمر، مسند وقته، أبو جعفر، محمد بن الحسن بن الحسين الأصبهاني الصيدلاني.
أجاز له في سنة أربع وسبعين وأربع مئة عبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي كلار، وبيبى بنت عبد الصمد الهرثمية، وشيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري، والزاهد محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي.
وسمع في سنة أربع وثمانين من سليمان بن إبراهيم الحافظ، ورزق الله التميمي، والرئيس الثقفي، وأبي نصر أحمد بن سمير، ومحمد بن علي بن محمد بن فضلويه، ومحمد بن علي السكري، وثلاثتهم سمعوا من أبي عبد الله الجرجاني، وسمع من عمر بن أحمد السمسار، ومكي الكرجي، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني.
خرج له أحمد بن عمر النايني جزءاً سماه لآلي القلائد.
حدث عنه: عبد العظيم بن عبد اللطيف الشرابي، والحافظ عبد القادر الرهاوي، وعبد الكريم بن محمد المؤدب، والعماد أحمد بن أحمد ابن أميركا الباقي إلى بعد سنة ثلاثين وست مئة.
وأجاز أبو جعفر للعلم ابن الصابوني، وكريمة الميطورية، وعجيبة الباقدارية.
مات في السادس والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وستين وخمس مئة.
وانتهى إليه علو الإسناد.

نور الدين

صاحب الشام، الملك العادل، نور الدين، ناصر أمير المؤمنين، تقي الملوك، ليث الإسلام، أبو القاسم، محمود بن الأتابك قسيم الدولة أبي سعيد زنكي بن الأمير الكبير آقسنقر، التركي السلطاني الملكشاهي.
مولده في شوال سنة إحدى عشرة وخمس مئة.
ولي جده نيابة حلب للسلطان ملكشاه بن ألب آرسلان السلجوقي.
ونشأ قسيم الدولة بالعراق، وندبه السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه بإشارة المسترشد لإمرة الموصل وديار بكر والبلاد الشامية، وظهرت شهامته وهيبته وشجاعته، ونازل دمشق، واتسعت ممالكه، فقتل على حصار جعبر سنة إحدى وأربعين، فتملك ابنه نور الدين هذا حلب، وابنه الآخر الموصل.
وكان نور الدين حامل رايتي العدل والجهاد، قل أن ترى العيون مثله، حاصر دمشق، ثم تملكها، وبقي بها عشرين سنة.
افتتح أولاً حصوناً كثيرة، وفامية، والراوندان، وقلعة إلبيرة، وعزاز، وتل باشر، ومرعش، وعين تاب، وهزم البرنس صاحب أنطاكية، وقتله في ثلاثة آلاف من الفرنج، وأظهر السنة بحلب وقمع الرافضة.
وبنى المدارس بحلب وحمص ودمشق وبعلبك والجوامع والمساجد، وسلمت إليه دمشق للغلاء والخوف، فحصنها، ووسع أسواقها، وأنشأ المارستان ودار الحديث والمدارس ومساجد عدة، وأبطل المكوس من دار بطيخ وسوق الغنم والكيالة وضمان النهر والخمر، ثم أخذ من العدو بانياس والمنيطرة، وكسر الفرنج مرات، ودوخهم، وأذلهم.
وكان بطلاً شجاعاً، وافر الهيبة، حسن الرمي، مليح الشكل، ذا تعبد وخوف وورع، وكان يتعرض للشهادة، سمع كاتبه أبو اليسر يسأل الله أن يحشره من بطون السباع وحواصل الطير.
وبنى دار العدل، وأنصف الرعية، ووقف على الضعفاء والأيتام والمجاورين، وأمر بتكميل سور المدينة النبوية، واستخراج العين بأحد دفنها السيل، وفتح درب الحجاز، وعمر الخوانق والربط والجسور والخانات بدمشق وغيرها. وكذا فعل إذ ملك حران وسنجار والرها والرقة ومنبج وشيزر وحمص وحماة وصرخد وبعلبك وتدمر. ووقف كتباً كثيرة مثمنة، وكسر الفرنج والأرمن على حارم وكانوا ثلاثين ألفاً، فقل من نجا، وعلى بانياس.
وكانت الفرنج قد استضرت على دمشق، وجعلوا عليها قطيعةً، وأتاه أمير الجيوش شاور مستجيراً به، فأكرمه، وبعث معه جيشاً ليرد إلى منصبه، فانتصر، لكنه تخابث وتلاءم، ثم استنجد بالفرنج، ثم جهز نور الدين رحمه الله جيشاً لجباً مع نائبه أسد الدين شيركوه، فافتتح مصر، وقهر دولتها الرافضية، وهربت منه الفرنج، وقتل شاور، وصفت الديار المصرية لشيركوه نائب نور الدين، ثم لصلاح الدين، فأباد العبيديين، واستأصلهم، وأقام الدعوة العباسية.
وكان نور الدين مليح الخط، كثير المطالعة، يصلي في جماعة، ويصوم، ويتلو ويسبح، ويتحرى في القوت، ويتجنب الكبر، ويتشبه بالعلماء والأخيار، ذكر هاذ ونحوه الحافظ ابن عساكر، ثم قال: روى الحديث، وأسمعه بالإجازة، وكان من رآه شاهد من جلال السلطنة وهبة الملك ما يبهره، فإذا فاوضه، رأى من لطافته وتواضعه ما يحيره. حكى من صحبه حضراً وسفراً أنه ما سمع منه كلمة فحش في رضاه ولا في ضجره، وكان يواخي الصالحين، ويزورهم، وإذا احتلم مماليكه أعتقهم، وزوجهم بجواريه، ومتى تشكوا من ولاته عزلهم، وغالب ما تملكه من البلدان تسلمه بالأمان، وكان كلما أخذ مدينةً، أسقط عن رعيته قسطاً.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: جاهد، وانتزع من الكفار نيفاً وخمسين مدينةً وحصناً، وبنى بالموصل جامعاً غرم عليه سبعين ألف دينار، وترك المكوس قبل موته، وبعث جنوداً فتحوا مصر، وكان يميل إلى التواضع وحب العلماء والصلحاء، وكاتبني مراراً، وعزم على فتح بيت المقدس، فتوفي في شوال سنة تسع وستين وخمس مئة.
وقال الموفق عبد اللطيف: كان نور الدين لم ينشف له لبد من الجهاد، وكان يأكل من عمل يده، ينسخ تارةً، ويعمل أغلافاً تارة، ويلبس الصوف، ويلازم السجادة والمصحف، وكان حنفياً يراعي مذهب الشافعي ومالك، وكان ابنه الصالح إسماعيل أحسن أهل زمانه. وقال ابن خلكان: ضربت السكة والخطبة لنور الدين بمصر، وكان زاهداً عابداً، متمسكاً بالشرع، مجاهداً، كثير البر والأوقاف، له من المناقب ما يستغرق الوصف، توفي في حادي عشر شوال بقلعة دمشق بالخوانيق، وأشاروا عليه بالفصد، فامتنع، وكان مهيباً فما روجع، وكان أسمر طويلاً، حسن الصورة، ليس بوجهه شعر سوى حنكه، وعهد بالملك إلى ابنه وهو ابن إحدى عشرة سنة.
وقال ابن الأثير: كان أسمر، له لحية في حنكه، وكان واسع الجبهة، حسن الصورة، حلو العينين، طالعت السير، فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته، ولا أكثر تحرياً منه للعدل، وكان لا يأكل ولا يلبس ولا يتصرف إلا من ملك له قد اشتراه من سهمه من الغنيمة، لقد طلبت زوجته منه، فأعطاها ثلاثة دكاكين، فاستقلتها، فقال: ليس لي إلا هذا، وجميع ما بيدي أنا فيه خازن للمسلمين، وكان يتهجد كثيراً، وكان عارفاً بمذهب أبي حنيفة، لم يترك في بلاده على سعتها مكساً، وسمعت أن حاصل أوقافه في البر في كل شهر تسعة آلاف دينار صورية.
قال له القطب النيسابوري: بالله لا تخاطر بنفسك، فإن أصبت في معركة لا يبقى للمسلمين أحد إلا أخذه السيف، فقال: ومن محمود حتى يقال هذا ؟! حفظ الله البلاد قبلي لا إله إلا هو.
قلت: كان ديناً تقياً، لا يرى بذل الأموال إلا في نفع، وما للشعراء عنده نفاق، وفيه يقول أسامة:

سلطاننا زاهدٌ والنـاس قـد زهـدوا

 

له فكلٌّ على الخيرات منـكـمـش

أيامه مثل شهر الصّـوم طـاهـرةٌ

 

من المعاصي وفيها الجوع والعطش

قال مجد الدين ابن الأثير في نقل سبط الجوزي عنه: لم يلبس نور الدين حريراً ولا ذهباً، ومنع من بيع الخمر في بلاده قلت: قد لبس خلعة الخليفة والطوق الذهب قال: وكان كثير الصوم، وله أوراد في الليل والنهار، ويكثر اللعب بالكرة، فأنكر عليه فقير، فكتب إليه: والله ما أقصد اللعب، وإنما نحن في ثغر، فربما وقع الصوت، فتكون الخيل قد أدمنت على الانعطاف والكر والفر. وأهديت له عمامة من مصر مذهبة، فأعطاها لابن حمويه شيخ الصوفية، فبيعت بألف دينار.
قال: وجاءه رجل طلبه إلى الشرع، فجاء معه إلى مجلس كمال الدين الشهرزوري، وتقدمه الحاجب يقول للقاضي: قد قال لك: اسلك معه ما تسلك مع آحاد الناس. فلما حضر سوى بينه وبين خصمه، وتحاكما، فلم يثبت للرجل عليه حق، وكان ملكاً، ثم قال السلطان: فاشهدوا أني قد وهبته له.
وكان يقعد في دار العدل في الجمعة أربعة أيام، ويأمر بإزالة الحاجب والبوابين، وإذا حضرت الحرب، شد قوسين وتركاشين، وكان لا يكل الجند إلى الأمراء، بل يباشر عددهم وخيولهم، وأسر إفرنجياً، فافتك نفسه منه بثلاث مئة ألف دينار، فعند وصوله إلى مأمنه مات، فبنى بالمال المارستان والمدرسة.
قال العماد في البرق الشامي: أكثر نور الدين عام موته من البر والأوقاف وعمارة المساجد، وأسقط ما فيه حرام، فما أبقى سوى الجزية والخراج والعشر، وكتب بذلك إلى جميع البلاد، فكتبت له أكثر من ألف منشور.
قال: وكان له برسم نفقة خاصة في الشهر من الجزية ما يبلغ ألفي قرطاس يصرفها في كسوته ومأكوله وأجرة طباخه وخياطه كل ستين قرطاساً بدينار.
قال سبط الجوزي: كان له عجائز، فكان يخيط الكوافي، ويعمل السكاكر، فيبعنها له سراً، ويفطر على ثمنها.
قال ابن واصل: كان من أقوى الناس قلباً وبدناً، لم ير على ظهر فرس أحد أشد منه، كأنما خلق عليه لا يتحرك، وكان من أحسن الناس لعباً بالكرة، يجري الفرس ويخطفها من الهواء، ويرميها بيده إلى آخر الميدان، ويمسك الجوكسان بكمه تهاوناً بأمره، وكان يقول: طالما تعرضت للشهادة، فلم أدركها. قلت: قد أدركها على فراشه، وعلى ألسنة الناس: نور الدين الشهيد، والذي أسقط من المكوس في بلاده ذكرته في تاريخنا الكبير مفصلاً، ومبلغه في العام خمس مئة ألف دينار، وستة وثمانون ألف دينار، وأربعة وسبعون ديناراً من نقد الشام، منها على الرحبة ستة عشر ألف دينار، وعلى دمشق خمسون ألف وسبع مئة ونيف، وعلى الموصل ثمانية وثلاثون ألف دينار، وعلى جعبر سبعة آلاف دينار ونيف، وفي الكتاب: فأيقنوا أن ذلك إنعام مستمر على الدهور، باق إلى يوم النشور، ف "كُلُوا من رِزْقِ ربِّكُم واشكُروا له بَلْدَةٌ ورَبٌّ غَفُور" سبأ. "فمَنْ بدَّلَهُ بعد ما سَمِعَهُ فإنَّما إثْمُهُ على الذين يُبَدِّلُونَه" البقرة. وكتب في رجب سنة سبع وستين وخمس مئة.
قال سبط الجوزي: حكى لي نجم الدين بن سلام عن والده أن الفرنج لما نزلت على دمياط، ما زال نور الدين عشرين يوماً يصوم ولا يفطر إلا على الماء، فضعف وكاد يتلف، وكان مهيباً، ما يجسر أحد يخاطبه في ذلك، فقال إمامه يحيى: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم يقول: يا يحيى، بشر نور الدين برحيل الفرنج عن دمياط. فقلت: يا رسول الله، ربما لا يصدقني. فقال: قل له: بعلامة يوم حارم. وانتبه يحيى، فلما صلى نور الدين الصبح، وشرع يدعو، هابه يحيى، فقال له: يا يحيى، تحدثني أو أحدثك ؟! فارتعد يحيى، وخرس، فقال: أنا أحدثك، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم هذه الليلة، وقال لك كذا وكذا. قال: نعم، فبالله يا مولانا، ما معنى قوله: بعلامة يوم حارم ؟ فقال: لما التقينا العدو، خفت على الإسلام، فانفردت، ونزلت، ومرغت وجهي على التراب، وقلت: يا سيدي من محمود في البين، الدين دينك، والجند جندك، وهذا اليوم افعل ما يليق بكرمك. قال: فنصرنا الله عليهم.
وحكى لي تاج الدين قال: ما تبسم نور الدين إلا نادراً، حكى لي جماعة من المحدثين أنهم قرؤوا عليه حديث التبسم، فقالوا له: تبسم، قال: لا أتبسم من غير عجب.
قلت: الخبر ليس بصحيح، ولكن التبسم مستحب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: تبسمك في وجه أخيك صدقة، وقال جرير بن عبد الله: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم.
وقبر نور الدين بتربته عند باب الخواصين يزار.
وتملك بعده ابنه الملك الصالح أشهراً، وسلم دمشق إلى السلطان صلاح الدين، وتحول إلى حلب، فدام صاحبها تسع سنين، ومات بالقولنج وله عشرون سنة، وكان شاباً ديناً رحمه الله.

حفده

الشيخ الفقيه العلامة الواعظ الإمام، مجد الدين، أبو منصور، محمد ابن أسعد بن محمد بن الحسين الطوسي العطاري الشافعي حفده.
تفقه بمرو على الإمام أبي بكر محمد بن منصور السمعاني، وبطوس على أبي حامد الغزالي، وبمرو الروذ على محيي السنة أبي محمد الحسين ابن مسعود البغوي وسمع منه كتابيه معالم التنزيل وشرح السنة وكتبهما، واشتغل ببخارى على العلامة برهان الدين عبد العزيز بن مازة الحنفي.
وقدم أذربيجان والجزيرة، ووعظ، ونفق سوقه، وازدحموا عليه لحسن تذكيره، ولا أعلم لم لقب بحفده.
قال أبو سعد السمعاني: كتبت عنه بمرو ونيسابور، وكان فقيهاً واعظاً شاطراً جلداً فصيحاً، سمع من عبد الغفار الشيروي، والحافظ أبي الفتيان الرواسي، وناصر بن أحمد العياضي.
قلت: وحدث عنه: أبو أحمد بن سكينة، وابن الأخضر، وشمس الدين عبد الغفور بن بدل التبريزي البزوري، وأبو المواهب بن صصرى، والقاضي بهاء الدين يوسف بن شداد، وأبو المجد محمد بن الحسين القزويني.
مولده سنة ست وثمانين وأربع مئة.
وتوفي بتبريز في ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وخمس مئة.

ابن الرخلة

الشيخ العالم المقرىء المعمر، أبو محمد، صالح بن المبارك بن محمد بن عبد الواحد، البغدادي الكرخي القزاز، عرف بابن الرخلة.
سمع من: أبي عبد الله بن طلحة النعالي، ومن أبي الحسين بن الطيوري.
حدث عنه: تميم بن أحمد البندنيجي، ومحمد بن مشق، والشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي، وأبو الحسن محمد بن محمد النرسي، وأبو المعالي محمد بن أحمد بن صالح الجيلي، وجماعة، وإن كان الحافظ عبد القادر الرهاوي قد حمل عنه، فذلك الذي يغلب على ظني.
وقد توفي في صفر سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة، رحمه الله.

علي بن حميد بن عمار

الشيخ الصدوق الجليل، أبو الحسن، الطرابلسي، ثم المكي النحوي المقرىء، راوي صحيح البخاري عن عيسى بن أبي ذر الهروي، والمنفرد بذلك، بقي إلى سنة إحدى وسبعين وخمس مئة.
روى عنه: المحدث محمد بن عبد الرحمن التجيبي الأندلسي، وناصر بن عبد الله المصري العطار، وعبد الرحمن بن أبي حرمي بن بنين المكي، وسليمان بن أحمد السعدي المغربل.
وقيل: إنه عاش إلى سنة خمس وسبعين، وحدث فيها.

شهدة

بنت المحدث أبي نصر أحمد ابن الفرج الدينوري، ثم البغدادي الإبري الجهة، المعمرة، الكاتبة، مسندة العراق، فخر النساء.
ولدت بعد الثمانين وأربع مئة.
وسمع من: أبي الفوارس طراد الزينبي، وابن طلحة النعالي، وأبي الحسن بن أيوب، وأبي الخطاب بن البطر، وعبد الواحد بن علوان، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي، وثابت بن بندار، ومنصور بن حيد، وجعفر بن السراج، وعدة.
ولها مشيخة سمعناها.
حدث عنها: ابن عساكر، والسمعاني، وابن الجوزي، وعبد الغني، وعبد القادر الرهاوي، وابن الأخضر، والشيخ الموفق، والشيخ العماد، والشهاب بن راجح، والبهاء عبد الرحمن، والناصح، والفخر الإربلي، وتاج الدين عبد الله بن حمويه، وأعز بن العليق، وإبراهيم بن الخير، وبهاء الدين بن الجميزي، ومحمد بن المني، وأبو القاسم بن قميرة، وخلق كثير.
قال ابن الجوزي: قرأت عليها، وكان لها خط حسن، وتزوجت ببعض وكلاء الخليفة، وخالطت الدور والعلماء، ولها بر وخير، وعمرت حتى قاربت المئة، توفيت في رابع عشر المحرم سنة أربع وسبعين وخمس مئة، وحضرها خلق كثير وعامة العلماء.
وقال الشيخ الموفق: انتهى إليها إسناد بغداد، وعمرت حتى ألحقت الصغار بالكبار، وكانت تكتب خطاً جيداً، لكنه تغير لكبرها.
ومات معها أحمد بن علي بن الناعم الوكيل، وأسعد بن بلدرك بن أبي اللقاء البواب، والأمير شهاب الدين سعد بن محمد بن سعد بن صيفي الشاعر الحيص بيص، وأبو صالح سعد الله بن نجا بن الوادي الدلال، وأبو رشيد عبد الله بن عمر الأصبهاني، وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف، وعمر بن محمد العليمي، وأبو عبد الله بن المجاهد الإشبيلي الزاهد، ومحمد بن نسيم العيشوني.