الرعيني

الإمام المحدث المتقن الرحال أبو موسى عيسى بن سليمان الرعيني الأندلسي الرندي.
سمع بمالقة من أبي محمد القرطبي، وأبي العباس بن الجيار، وبأصطبة من إبراهيم بن علي الخولاني. وحج وأكثر بدمشق عن أبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، والطبقة.
ذكره الأبار، فقال: كان ضابطاً متقناً، كتب الكثير، ثم امتحن في صدره بأسر العدو، فذهب أكثر ما جلب، وولي خطابة مالقة، وأجاز لي مروياته. توفي سنة اثنتين وثلاثين وست مئة في ربيع الأول، وله إحدى وخمسون سنة.
وذكره رفيقه عمر بن الحاجب، فقال: كان حافظاً متقناً، أديباً نبيلاً، ساكناً وقوراً، نزهاً. قال لي الحافظ الضياء: ما في الطلبة مثله. وقال لي الزكي البرزالي: ثقة ثبت، حدثنا من حفظه، قال: أخبرنا إبراهيم بن علي، أخبرنا عبد الرحمن بن قزمان، حدثنا محمد بن الفرج الطلاعي بحديث من الموطأ. وذكره ابن مسدي، فقال: أخذ بمكة عن يونس القصار الهاشمي، وأقام بتلك البلاد نيفاً وعشرين سنة، وكان ضابطاً، نقاداً، عارفاً بالرجال، ألف معجمه وكتاباً في الصحابة. أخذ عنه ابن فرتون بسبتة، وأبو عبد الله الطنجالي.

صاحب الروم

السلطان علاء الدين كيقباذ ابن السلطان كيخسرو ابن السلطان قلج أرسلان بن السلطان مسعود ابن السلطان قلج أرسلان ابن السلطان سليمان بن قتلمش السلجوقي، أصحاب مملكة الروم.
كان شجاعاً مهيباً، وقوراً، سعيداً، هزم خوارزم شاه، واستولى على عدة مدائن، وتزوج بابنة العادل فولد له منها. وكان قبله قد تملك أخوه كيكاوس، فاعتقل أخاه هذا مدة، فلما نزل به الموت أحضر كيقباذ وفك قيده وعهد إليه بالسلطنة، ووصاه بأطفاله، فطالت أيامه، وكان فيه عدل وإنصاف في الجملة.
مات في شوال سنة أربع وثلاثين وست مئة. وتملك بعده ولده غياث الدين كيخسرو، وكانت دولة كيقباذ تسع عشرة سنة.

الدولعي

خطيب دمشق المفتي جمال الدين محمد بن أبي الفضل بن زيد بن ياسين التغلبي الأرقمي الدولعي.
ولد بالدولعية من قرى الموصل، وقدم دمشق، فتفقه بعمه خطيب دمشق ضياء الدين. وروى عن ابن صدقة الحراني وجماعة، وولي بعد عمه مدة.
روى عنه ابن الحلوانية، والجمال ابن الصابوني وخادمه سليمان بن أبي الحسن. ودرس مدة بالغزالية. وكان فصيحاً. مهيباً، شديداً على الرافضة.
قال أبو شامة: منعه المعظم من الفتوى مدة، ولم يحج لحرصه على المنصب، مات في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وست مئة عن تسع وسبعين سنة، وولي الخطابة أخ له جاهل.
قتل: لم يطول أخوه، ودفن الدولعي بجيرون بمدرسته، وكان من أعيان الشافعية.

ابن البغدادي

الإمام المفتي شرف الدين عبد القادر بن محمد بن الحسن ابن البغدادي المصري الشافعي.
ولد سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة. وتفقه بدمشق على القطب النيسابوري، وبمصر على الشهاب الطوسي. ودرس بجامع السراجين وبالقطبية، وكان يشار إليه بالتقوى وبالفتوى.
روى عنه أحمد ابن الأغلاقي، وابن مسدي.
وروى عنه بالإجازة القاضي شهاب الدين ابن الخوبي، وأحمد بن المسلم بن علان، حدث عن أبي القاسم بن عساكر.
وقال المنذري في معجمه: كان فقيهاً حسناً من أهل الدين والعفاف طارحاً للتكلف مقبلاً على ما يعنيه.
توفي في شعبان سنة أربع وثلاثين وست مئة.

أخو ابن دحية

اللغوي العلامة المحدث أبو عمرو عثمان بن حسن بن علي بن محمد ابن فرح الجميل السبتي.
سمع مع أخيه أبي الخطاب المذكور، ومنفرداً الكثير من ابن بشكوال، وأبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وأبي بكر بن خير، وأبي القاسم السهيلي، لكنه أبى أن يروي عنه، وذمه، وأبي محمد بن بونه، وعبد المنعم بن الخلوف. وحج، ونزل على أخيه بمصر، ثم ولي مشيخة الكاملية، وكان يتقعر في رسائله، ويلهج بوحشي اللغة كأخيه.
سمع منه الجمال أبو محمد الجزائري كتاب الملخص للقابسي. قال ابن نقطة: رأيته بالإسكندرية لما قدم وهم يسمعون منه الترمذي فقلت لرجل: أمن أصل؟ فقال: قد قال الشيخ: لا أحتاج إلى أصل، اقرأوا فإني أحفظه. ثم ظهر منه كلام قبيح في ذم مالك والشافعي وغيرهما، فتركت الاجتماع به.
وقال ابن مسدي: أربى على أخيه بكثرة السماع، كما أربى أخوه عليه بالفطنة وكرم الطباع، وكان متزهداً، لم يكن له أصول، وكان شيخه ابن الجد يصله ويعطيه، ثم نهد إلى أخيه فنزل عليه إلى أن خرف أخوه فيما أنهي إلى الكامل فجعله عوضه. ألف منتخباً في الأحكام.
ومات في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وست مئة عن ثمان وثمانين سنة.

ابن سني الدولة

قاضي القضاة شمس الدين أبو البركات يحيى ابن سني الدولة هبة الله ابن يحيى الدمشقي الشافعي، من أولاد الخياط الشاعر صاحب الديوان.
ولد سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة.
وتفقه بالقاضي شرف الدين بن أبي عصرون، وأخذ الخلاف عن القطب النيسابوري. وسمع من أحمد بن حمزة بن الموازيني، ويحيى الثقفي، وجماعة. واسمع ولده قاضي القضاة صدر الدين أحمد من الخشوعي. وكان وقوراً، مهيباً، إماماً، حميد الأحكام.
حدث بالشام وبمكة، روى عنه أبو الفضل ابن عساكر وابن عمه الفخر إسماعيل والبهاء الطبيب.
مات في ذي القعدة سنة خمس وثلاثين وست مئة.

ابن الشواء

 الأديب الشهير شاعر وقته شهاب الدين أبو المحاسن يوسف بن إسماعيل الكوفي ثم الحلبي الشيعي.
له ديوان كبير في أربع مجلدات.
توفي في المحرم سنة خمس وثلاثين وست مئة، وله ثلاث وسبعون سنة.

ابن الباجي

العلامة القدوة قاضي الجماعة أبو مروان محمد بن أحمد بن عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أحمد ابن محدث الأندلس أبي محمد عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة اللخمي الباجي ثم الإشبيلي المالكي.
من بيت كبير شهير، ولي خطابة إشبيلية زماناً، ثم استقضاه العادل عليها، ثم أضيف إليه قضاء الجماعة في أول مدة المأمون، فلم يطول. وكان عدلاً في الأحكام، حسن التلاوة، سريع السرد للحديث، له معرفة بالرجال.
روى عن أبيه عن جده، وتلا بالسبع ويعقوب على أبي عمرو بن عظيمة، وسمع صحيح البخاري من أبي بكر بن الجد، وقرأ عليه عدة كتب، وسمع من أبي عبد الله بن المجاهد. وقدم دمشق من ميناء عكا، وحدث بها بالموطأ، ثم حج ومات عقيب حجه بمصر سنة خمس وثلاثين وست مئة، وشيعه أمم، وتبركوا به، وبنوا عليه قبة في يوم واحد.

ابن بهروز

الشيخ الفاضل المسند المعمر الطبيب أبو بكر محمد بن مسعود بن بهروز البغدادي.
سمع بإفادة خاله يحيى ابن الصدر من أبي الوقت السجزي ثلاثة كتب: مسند عبد وكتاب الدارمي، وذم الكلام. وسمع من أبي الفتح ابن البطي وأبي زرعة بن طاهر، وأحمد بن علي بن المعمر العلوي، وتفرد ببغداد بالسماع من أبي الوقت وقتاً.
حدث عنه أبو المظفر ابن النابلسي، وابن بلبان، و الشريشي، والفاروثي، والغرافي، وأخوه محمد، وأحمد بن عبد الرحمن ابن الأشقر الخطيب بالحريم، ومحمد بن علي بن علي بن أبي البدر، وأخته ست الملوك، وعبد الله بن أبي السعادات، ويوسف بن صعنين وآخرون.
وبالإجازة القاضي الحنبلي، وابن سعد، والمطعم، وأبو بكر بن عبد الدائم، وابن الشحنة وعدة.
وكان جده بهروز من أهل العجم. قدم بغداد للاشتغال في علم الطب.
مات أبو بكر في مستهل رمضان سنة خمس وثلاثين وست مئة، وقد نيف على التسعين.
وفيها مات قاضي القضاة شمس الدين يحيى بن هبة الله بن سني الدولة الشافعي بدمشق، والشاعر المجيد صاحب الديوان شهاب الدين يوسف بن إسماعيل ابن الشواء الحلبي، وخطيب دمشق جمال الدين محمد بن أبي الفضل التغلبي الدولعي واقف الدولعية، والمبارك ابن علي المطرز، والشرف محمد بن نصر القرشي ابن أخي أبي البيان، وعبد الرزاق بن عبد الوهاب ابن سكينة الصوفي، والرضي عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الجبار المقرئ، وعبد الله بن المظفر بن الوزير علي ابن طراد، وقاضي حلب زين الدين عبد الله ابن الأستاذ، وأبو محمد الحسين بن علي ابن رئيس الرؤساء، وأحمد بن إبراهيم ابن الزبال الواعظ ببغداد.

ابن الشيرازي

الشيخ الإمام العالم المفتي المسند الكبير جمال الإسلام القاضي شمس الدين أبو نصر محمد ابن العدل الإمام هبة الله بن محمد بن هبة الله بن يحيى بن بندار بن مميل الشيرازي ثم الدمشقي الشافعي.
ولد في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
وأجاز له أبو الوقت السجزي، ونصر بن سيار الهروي، وجماعة.
وسمع من أبي يعلى حمزة ابن الحبوبي، والخطيب أبي البركات الخضر بن عبد الحارثي، وأبي طاهر بن الحصني، والصائن ابن عساكر وأخيه الحافظ، وعلي بن مهدي الهلالي، وأبي المكارم بن هلال، ومحمد بن حمزة ابن الموازيني، ومحمد بن بركة الصلحي، والحسن ابن البطليوسي، وعدة. وله مشيخة بانتقاء النجيب الصفار سمعناها.
حدث عنه البرزالي، وابن خليل، والمنذري، وابن النابلسي، وابن الصابوني، وشيوخنا: أبو الحسين اليونيني، ومحمد بن أبي الذكر، وخديجة بنت غنمة، وعبد المنعم بن عساكر، ومحمد بن يوسف الإربلي، وأبو محمد ظافر النابلسي، والشهاب ابن مشرف، والعز ابن العماد، وأبو حفص ابن القواس، وبهاء الدين ابن عساكر، وحفيده أبو نصر محمد بن محمد، وآخرون.
قال المنذري: ولي القضاء ببيت المقدس وغيره، ودرس وأفتى، وهو آخر من حدث عن أبي البركات والصائن والحصني، وانفرد برواية أكثر من مئتي جزء من تاريخ دمشق. ومميل: بالفارسية هو محمد.
وقال ابن الحاجب: هو أحد قضاة الشام استقلالاً بعد نيابة. قلت: استقل بالقضاء مع مشاركة غيره له مديدة، ثم لما استقل بالقضاء الشمسان ابن سني الدولة والخوبي عرضت عليه النيابة فامتنع، ثم عزلا في سنة تسع وعشرين بالعماد ابن الحرستاني، ثم عزل العماد وأعيد ابن سني الدولة.
درس أبو نصر بمدرسة العماد الكاتب ثم تركها، ثم درس بالشامية الكبرى. وكان رحمه الله رئيساً جليلاً، ماضي الأحكام، عديم المحاباة، ساكناً وقوراً، مليح الشكل، منور الوجه، أكثر وقته في نشر العلم والرواية والتدريس. تفقه بالقطب النيسابوري، وأبي سعد بن أبي عصرون وغيرهما، وفي ذريته كبراء وعدول.
توفي في ثاني جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وست مئة.
ومات ولده تاج الدين أبو المعالي أحمد سنة اثنتين وأربعين وست مئة. وسمع من الفضل ابن البانياسي وعبد الرزاق.
أخبرنا الحافظ أبو الحسين علي بن محمد، وأحمد بن عبد الرحمن بن مؤمن، وعمر بن عبد المنعم، وعبد المنعم ابن زين الأمناء، وأبو نصر محمد بن محمد بن محمد المزي، قالوا: أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله الفقيه ح. وأخبرنا إبراهيم بن أحمد المعدل، ومحمد بن الحسين الشافعي، والحسن بن علي، وإسماعيل بن عبد الرحمن، وأحمد بن مؤمن، وست الفخر بنت الشيرازي، قالوا: أخبرتنا كريمة بنت عبد الوهاب، ح، وأخبرنا أبو علي ابن الحلال، وخديجة بنت يوسف، قالا: أخبرنا مكرم بن أبي الصقر، وأخبرنا محمد بن علي السلمي، أخبرنا أبو القاسم بن صصرى، قالوا: أخبرنا حمزة بن علي الثعلبي، وأبو المعالي الأبرقوهي، أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد، أخبرنا محمد بن الخليل ح. وأخبرنا السلمي، أخبرنا ابن صصرى، أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن الأسدي، قالوا جميعاً: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد الفقيه، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي نصر، أخبرنا إبراهيم بن أبي ثابت، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا علي بن عاصم، حدثنا إسحاق بن سويد عن معاذة، عن عائشة، قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر.
أخرجه مسلم من طريق إسحاق بن سويد هذا.

مكرم بن محمد

ابن حمزة بن محمد بن أحمد بن سلامة بن أبي جميل بن أبي الصقر، الشيخ الأمين المسند المعمر أبو المفضل نجم الدين ولد الإمام المحدث العدل أبي عبد الله ابن الشيخ أبي يعلى القرشي الدمشقي التاجر السفار.
ولد في رجب سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
وسمع من حسان بن تميم الزيات، وحمزة ابن الحبوبي، وحمزة ابن كروس، وأبي المظفر الفلكي، وعلي بن أحمد بن مقاتل، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، والصائن ابن عساكر، وعلي بن أحمد الحرستاني، وأبي المعالي بن صابر، وغيرهم.
حدث عنه البرزالي، وابن خليل، والضياء، والمنذري، والجمال ابن الصابوني، والشرف ابن النابلسي، وابن هامل، ومجد الدين ابن العديم، وأبو علي بن الحلال، والفخر بن عساكر وابن عمه الشرف، وابن عمه عبد المنعم، والمؤيد علي بن خطيب عقربا، وعلي ابن عثمان اللمتوني، ومحمد بن أبي الذكر، وأبو الحسين اليونيني، ومحمد بن يوسف الإربلي، والشهاب بن مشرف، وسنقر الحلبي، والبهاء أيوب ابن النحاس، والصدر بن مكتوم، وموسى بن علي الحسيني، وآخرون. وحدث بمصر، وحلب وبغداد ودمشق.
قال المنذري: كان يقدم مصر كثيراً المتجارة.
وقال ابن الحاحب: كان يواظب على الخمس في جماعة، وكان كثير المجون مع أصحابه، ولم يكن مكرماً لأصحاب الحديث بل يتعاسر عليهم.
قلت: توفي في ثاني رجب سنة خمس وثلاثين وست مئة، ودفن على والده بمقبرة باب الصغير.

الطبقة الرابعة والثلاثون

الهمداني

الشيخ الإمام المقرئ المجود المحدث المسند الفقيه بقية السلف أبو الفضل جعفر بن علي بن هبة الله أبي البركات بن جعفر بن يحيى بن أبي الحسن بن منير بن أبي الفتح الهمذاني الإسكندراني المالكي.
مولده في عاشر صفر سنة ست وأربعين وخمس مئة.
تلا بالسبع ويعقوب على أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف الله بن عطية صاحب ابن الفحام، وابن بليمة. وسمع الحديث وهو رجل من أبي طاهر السلفي فأكثر، وكتب بخطه كثيراً، ومن أبي محمد العثماني، وعبد الواحد بن عسكر، وأبي الطاهر بن عوف، والقاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي وأحمد بن جعفر الغافقي، وأبي يحيى اليسع بن حزم، وطائفة. وأجاز له طوائف من الأندلس وأصبهان وهمذان، وأم بمسجد النخلة، وأقرأ به مدة، وحدث بالثغر ومصر والساحل ودمشق، وكان له أصول بكثير من رواياته يرجع إليها.
حدث عنه ابن النجار وابن نقطة، وابن المجد، والكمال ابن الدخميسي، وابن الحلوانية، وأبو الحسين اليونيني، وإبراهيم بن عبد الرحمن المنبجي، والعز ابن العماد، وأبو علي ابن الخلال، وأبو المحاسن ابن الخرقي، ونصر الله بن عياش، وأحمد بن مؤمن، ومحمد بن يوسف الذهبي، والقاضي الحنبلي، وهدية بنت عسكر، وزينب بنت شكر، وعبد الرحمن بن جماعة الربعين وسعد الدين ابن سعد، وأبو بكر بن عبد الدائم. وأخذ عنه القراءات الشيخ علي الدهان، وعبد النصير المريوطي وطائفة.
قال المنذري: اقرأ وانتفع به جماعة، وكان بعث إليه ليحضر فقدمها ومعه جملة من مسموعاته، وأقام بالقاهرة مدة، ثم توجه إلى دمشق، وروى الكثير.
قلت: أقام بدمشق تسعة أشهر أقدمه ابن الجوهري المحدث، وقام بواجب حقه.
وقال ابن نقطة: سمعت منه، وكان ثقة صالحاً من أهل القرآن.
وقال المنذري: توفي ليلة السادس والعشرين من صفر سنة ست وثلاثين وست مئة بدمشق.
وللبرزالي فيه:

استفدنا من جعفر الهمذانـي

 

ما حرمنا في سائر الأزمان

من أسانيد عاليات صحـاح

 

وحكاياتٍ مطرباتٍ حسـان

وتواريخ محكماتٍ صحـاحٍ

 

عن شيوخ أجـلة أعـيان

كأبي طاهر هو السلفي ال

 

أصبهاني الحبر والعثمانـي

ولكم عـنـده مـن الأدبـيا

 

ت قراها ومن علوم القرآن

أخبرنا أبو المعالي محمد بن عثمان التنوخي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا عبد الرحمن بن حمد بالدون وبدر بن دلف بالفرك، قالا: أخبرنا القاضي أحمد بن الحسين الدينوري، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق الحافظ، حدثنا أحمد بن شعيب الحافظ، حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم، حدثنا أبي، حدثنا الحسن هو ابن صالح، عن أبي إسحاق، عن الأسود عن عائشة، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل".
وفي سنة ستٍ مات صاحب ماردين الملك المنصور أرتق بن أرسلان الأرتقي التركماني، وكان لا بأس به، امتدت أيامه، والفقيه القدوة أبو العباس أحمد بن علي القسطلاني المالكي، صاحب الشيخ أبي عبد الله القرشي، وأسعد بن المسلم بن علان، والمحدث بدل بن أبي المعمر التبريزي، وحسان بن أبي القاسم المهدوي، وشيخ نصيبين عسكر بن عبد الرحيم بن عسكر، والوزير جمال الدين علي بن جرير الرقي وزير الأشرف، والصاحب عماد الدين عمر ابن شيخ الشيوخ الجويني، والحافظ زكي الدين محمد بن يوسف البرزالي، وأبو الفضل محمد بن محمد ابن السباك، وشيخ الحنفية جمال الدين محمود بن أحمد الحصيري.

صاحب حمص

الملك المجاهد أسد الدين أبو الحارث شيركوه ابن صاحب حمص ناصر الدين محمد ابن الملك أسد الدين شيركوه بن شاذي.
ولد سنة تسع وستين بمصر.
وملكه السلطان صلاح الدين حمص بعد أبيه، فتملكها ستاً وخمسين سنة. سمع بدمشق من الفضل ابن البانياسي، وأجاز له ابن بري، وحدث.
وكان بطلاً شجاعاً مهيباً، وكانت بلاده نظيفة من الخمور، ومنع النساء من الخروج من أبواب حمص جملة، ودام ذلك خوفاً من أن ينزح بهن رجالهن لعسفه، وكان يديم الصلوات، ولا يحب لهواً، وكان ذا رأي ودهاء وشكل مليح وجلالة، كانت الملوك تداريه ويخافونه، استوحش منه الكامل، وظن أنه أوقع بين الأشرف وبينه، فصادره وطلب منه أموالاً، فنفذ نساءه ويشفعن فيه، فما أفاد، فهيأ الأموال فبغته موت الكامل. فجاء وجلس عند قبر الكامل وتصرف. وهو الذي جاء مع الصالح إسماعيل وأعانه على أخذ دمشق، وكان المظفر صاحب حماة قد شعر بسعيهما، فجهز عسكره نجدة لحماية دمشق مع نائبه سيف الدين بن أبي علي في أهبة وسلاح مظهرين أن ابن أبي علي قد غضب من المظفر، وفارق حماة لكون صاحبها يريد أن يسلمها إلى الفرنج، فما نفق هذا على شيركوه، فنزلوا بظاهر حمص، فخرج إليه شيركوه وشكره على منابذة المظفر، وقال: باسم الله يا خوند علمنا ماكولا فركب معه، ثم استدعى بقية الكبار من جنده فدخلوا البلد فقبض على الجماعة وعذبهم، وخذ أموالهم، وهرب باقي العسكر إلى حماة، وتضعضع لذلك المظفر، ومات نائبه ابن أبي علي في الحبس. توفي بحمص في رجب سنة سبع وثلاثين وست مئة.
وشيركوه، بالعربي: أسد الجبل.
وتملك حمص بعده المنصور إبراهيم ولده سبع سنين.

الصفراوي

الشيخ الإمام العالم المفتي المقرئ المجود عالم الإسكندرية جمال الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد المجيد بن إسماعيل بن عثمان بن يوسف بن الحسين بن حفص ابن الصفراوي _ نسبة إلى الصفراء التي عند بدر _ الإسكندري الفقيه المالكي شيخ المقرئين.
ولد بالإسكندرية في أول عام أربعة وأربعين وخمس مئة، وتلا بالروايات على أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف الله بن محمد بن عطية القرشي، وعلي بن أحمد بن جعفر الغافقي، وأبي يحيى اليسع بن حزم، وأبي الطيب عبد المنعم بن الخلوف، وبرع في القراءات، وألف فيها كتاب الإعلان. وتفقه على العلامة أبي طالب صالح بن إسماعيل ابن بنت معافي. وسمع كثيراً من أبي طاهر السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، وأبي محمد العثماني وجماعة.
وتفقه به أهل الثغر.
حدث بالثغر، وبالمنصورة، وبمصر. تلا عله بالروايات الرشيد ابن أبي الدرن والمكين عبد الله الأسمر، والشرف يحيى بن أحمد ابن الصواف، وعبد النصير المريوطي، وأبو القاسم الدكالي سحنون.
وتلا عليه ببعض الروايات النظام محمد بن عبد الكريم التبريزي، ويوسف بن حسن القابسي، وأبو العباس أحمد بن هبة الله بن عطية.
وممن روى عنه أبو الهدى عيسى بن يحيى السبتي، والقاضي عبد القادر بن عبد العزيز الحجري، وعبد المعطي بن عبد النصير الأنصاري، وعمر بن علي بن الكدوف، وعدة.
وبالإجازة علي بن سيما، ومحمد بن مشرق وعدة.
وكان من جلة العلماء، خرج لنفسه مشيخة.
توفي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وست مئة.

ابن السباك

الشيخ الفقيه المسند وكيل القضاة أبو الفضل محمد بن محمد بن الحسن، ابن السباك البغدادي ربيب أزهر ابن السباك، وهو الذي سمعه.
سمع من أبي الفتح ابن البطي، وأبي المعالي ابن اللحاس، سمع منه المنتقي من سبعة أجزاء المخلص، وسمع من عمر بن بنيمان.
حدث عنه عز الدين الفاروثي، وجمال الدين الشريشي، وعلاء الدين ابن بلبن، وأبو سعيد القضائي، وآخرون.
وبالإجازة القاضي الحنبلي، والمطعم، وابن سعد، وأبو نصر ابن الشيرازي، وأبو العباس ابن الشحنة وجماعة.
قال ابن النجار: لا بأس به.
وقال ابن الحاجب: كان منسوباً إلى الدهاء وكثرة الشر في الحكومات.
قلت: مات في سابع عشر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وست مئة.

ابن الطفيل

الشيخ المسند الثقة أبو القاسم عبد الرحيم ابن المحدث يوسف ابن هبة الله بن محمد بن الطفيل الدمشقي ثم المصري، عرف بابن المكبس الصوفي.
سمع بدمشق في شهر ربيع الآخر سنة ستين وخمس مئة من الوزير أبي المظفر الفلكي، وسمع من أبي المكارم بن هلال، وأبي البركات الخضر بن شبل الخطيب، وأبي المعالي محمد بن حمزة بن الموازيني، وأبي بكر بن بركة الصلحي، وبالإسكندرية من أبي طاهر السلفي، وابن عوف، وجماعة. وبمصر من علي بن هبة الله الكاملي، ومحمد بن علي الرحبي، وعثمان بن فرج، وعبد الله بن بري، وجماعة.
حدث عنه المنذري، وابن الحلوانية وأبو القاسم بن بلبان، وأبو حامد ابن الصابوني، وأبو الحسن الغرافي، وأبو المعالي الأبرقوهي، وأبو الهدى عيسى السبتي، ويوسف بن كوركيك.
وأجاز لابن سعد، وابن الشيرازي، وعيسى المطعم.
وقال ابن مسدي في معجمه: لم تكن حاله مرضية، لكن سماعه صحيح، وهو آخر من سمع من الفلكي. طلق زوجته ولزم بيته فأكثرت عنه لابني.
توفي في رابع ذي الحجة سنة سبع وثلاثين وست مئة.
قتل: ولد في عاشر صفر سنة خمس وخمسين وخمس مئة.

ابن دلف

الشيخ الإمام المقرئ المجود أبو محمد عبد العزيز بن دلف بن أبي طالب البغدادي المقرئ الناسخ الخازن.
مولده بعد الخمسين وخمس مئة.
وقرأ بالروايات على ابن عساكر البطائحي، وأبي الحارث أحمد بن سعيد العسكري، ويعقوب الحربي، وأحمد بن محمد بن القاضي وغيرهم.
تلا عليه بالروايات الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش وقد سمع من أبي علي أحمد بن محمد الرحبي، وخديجة النهروانية، وشهدة الإبرية، وعدة.
حدث عنه الرشيد محمد ابن أبي القاسم وغيره.
وبالإجازة فاطمة بنت سليمان، والقاضي، وابن سعد وطائفة. وسمع موطأ مالك من رواية القعنبي على شهدة، ومحاسبة النفس، والغرباء للآجري، وستة مجالس ابن البختري.
وولاه المستنصر خزانة كتبه، وكان عدلاً ثقةً إماماً صالحاً خيراً متعبداً، له صورة كبيرة، وجلالة عجيبة، وفيه نفع للناس.
روى عنه ابن النجار، وقال: كان دائم الصلاة والصيام، كثير العبادة سعاء في مصالح الناس، لم تر العيون مثله.
توفي في صفر سنة سبع وثلاثين وست مئة رحمه الله.

صاحب ماردين

الملك المنصور ناصر الدين أرتق ابن الملك أرسلان بن ألبي بن تمرتاش التركماني الأرتقي.
تملك بعد أخيه حسام الدين إيلغازي، وهو حدث، فعمل نيابة مملوكهم زوج والدته مدة، فلما تمكن أرتق قتله في سنة ست مئةٍ، وامتدت أيامه، وكان فيه عدل وحسن سيرة، ويصوم كثيرا، ويدع الخمر في الثلاثة أشهر، قتله غلمانه بمواطأة ابن ابنه ألبي بن غازي بن أرتق، وكان شديد المحبة له، ثم خاف، وأبعد أباه غازياً فحلق رأسه وتمفقر فحبسه والده أرتق، فلما قتلوه أخرجوا غازياً وملكوه، ولقب بالملك السعيد، ثم خاف من ولده ألبي فسجنه.
قتل أرتق في ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وكانت دولته ستاً وخمسين سنة، وكذلك طول ولده.

الحرالي

هو العلامة المتفنن أبو الحسن علي بن أحمد بن حسن التجيبي الأندلسي. وحرالة: قرية من عمل مرسية.
ولد بمراكش، وأخذ النحو عن ابن خروف، ولقي العلماء، وجال في البلاد، ولهج بالعقليات، وسكن حماة، وعمل تفسيراً عجيباً ملأه باحتمالات لا يحتمله الخطاب العربي أصلاً، وتكلم في علم الحروف والأعداد، وزعم أنه استخرج منه وقت خروج الدجال ووقت طلوع الشمس من مغربها، ووعظ بحماة، وأقبلوا عليه، وصنف في المنطق، وفي شرح الأسماء الحسنى، وكان شيخنا مجد الدين التونسي يتغالى في تعظيم تفسيره، ورأيت علماء يحطون عليه والله أعلم بسره، وكان يضرب بحلمه المثل.
مات سنة سبع وثلاثين وست مئة.
وممن يعظمه شيخنا شرف الدين ابن البارزي قاضي حماة، فمن شاء فلينظر في تواليفه فإن فيها العظائم.

ابن العربي

العلامة صاحب التواليف الكثيرة، محيي الدين أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن أحمد الطائي الحاتمي المرسي ابن العربي، نزيل دمشق.
ذكر أنه سمع من ابن بشكوال وابن صاف، وسمع بمكة من زاهر ابن رستم، وبدمشق من ابن الحرستاني، وببغداد. وسكن الروم مدة، وكن ذكياً كثير العلم، كتب الإنشاء لبعض الأمراء بالمغرب، ثم تزهد وتفرد، وتعبد وتوحد، وسافر وتجرد، وأتهم وأنجد، وعمل الخلوات وعلق شيئاً كثيراً في تصوف أهل الوحدة. ومن أردإ تواليفه كتاب الفصوص، فإن كان لا كفر فيه، فما في الدنيا كفر، نسأل الله العفو والنجاة فوا غوثاه بالله!.
وقد عظمه جماعة وتكلفوا لما صدر منه ببعيد الاحتمالات، وقد حكى العلامة ابن دقيق العيد شيخنا أنه سمع الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يقول عن ابن العربي: شيخ سوء كذاب، يقول يقدم العالم ولا يحرم فرجاً.
قلت: إن كان محيي الدين رجع عن مقالاته تلك قبل الموت، فقد فاز، وما ذلك على الله بعزيز.
توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وست مئة.
وقد أوردت عنه في التاريخ الكبير. وله شعر رائق، وعلم وساع، وذهن وقاد، ولا ريب أن كثيراً من عباراته له تأويل إلا كتاب الفصوص.
وقرأت بخط ابن رافع أنه رأى بخط فتح الدين اليعمري أنه سمع ابن دقيق العيد يقول: سمعت الشيخ عز الدين، وجرى ذكر ابن العربي الطائي فقال: هو شيخ سوء مقبوح كذاب.

ابن المستوفي

المولى الصاحب العلامة المحدث شرف الدين أبو البركات المبارك ابن أحمد بن المبارك بن موهوب بن غنيمة بن غالب اللخمي الإربلي الكاتب، عرف بابن المستوفي.
ولد بإربل في سنة أرع وستين وخمس مئة.
وقرأ القرآن والأدب على أبي عبد الله البحراني، ومكي بن زيان الماكسيني، وسمع من عبد الوهاب بن أبي حبة، ومبارك بن طاهر، وحنبل، وابن طبرزذ، ونصر الله بن سلامة الهيتي، وخلق من الوافدين إلى إربل.
وكتب الكثير وجمع فأوعى، وعمل لبلده تاريخاً في خمسة أسفار، وكانت داره مجمعاً للفضلاء، وكان كثير المحفوظ، قوي الخط، حلو الإيراد، له النظم والنثر، والتفنن في الفضائل، وله إجازة من أبي جعفر الصيدلاني وغيره.
أجاز لشيخنا شمس الدين ابن الشيرازي. ولي نظر إربل مدة، ونزح منها وقت استلاء التتار عليها، فأقام بالموصل، وكان والده وجده من قبله على الاستيفاء بإربل.
قلت: فمن شعره مما أورد له ابن الفوطي:

وفى لي دمعي يوم بـانـوا بـوعـده

 

فأجرتيه حتـى غـرقـت بـمـده

ولو لم يخالـطـه دم غـال لـونـه

 

لما مال حادي الركب عن قصد ورده

أأحبابنا هل ذلـك الـعـيش راجـع

 

بمقتبل غض الصبي مـسـتـجـده

زماناً قضيناه انتـهـابـاً وكـلـنـا

 

يجر إلى اللـذات فـاضـل بـرده

وإن علـى الـمـاء الـذي يردونـه

 

غزال كجلـد الـمـاء رقة جـلـده

يغار ضياء البدر من نـور وجـهـه

 

ويخجل غصن البان مـن لـين قـده

وله:

حيا الحيا وطناً بإربـل دارسـاً

 

أخنت علـيه حـوادث الأيام

أقوت مرابعه وأوحش أنسـه

 

وخلت مراتعـه مـن الآرام

عني الشتات بأهله فتفـرقـوا

 

أيدي سبا في غير دار مقـام

إن يمس قد لعبت به أيدي البلى

 

عافي المعاهد دارس الأعلام

فلكم قضيت به لبانات الصبـى

 

مع فتية شم الأنـوف كـرام

قال ابن خلكان: كان شرف الدين جليل القدر، واسع الكرم، مبادراً إلى زيارة من يقدم، متقرباً إلى قلبه، وكان جم الفضائل، عارفاً بعدة فنون، منها الحديث وفنونه وأسماؤه، وكان ماهراً في الآداب والنحو واللغة والشعر وأيام العرب، بارعاً في حساب الديوان. صنف شرحاً لديوان المتنبي وأبي تمام في عشر مجلدات، وله في أبيات المفصل مجلدان. سمعت منه كثيراً، وبقراءته، وله ديوان شعر أجاد فيه.
قال ابن الشعار في قلائد الجمان: كان الصاحب مع فضائله محافظاً على عمل الخير والصلاح، مواظباً على العبادة، كثير الصوم، دائم الذكر متتابع الصدقات.
قال ابن خلكان: ولي الوزارة في أول سنة تسع وعشرين، فلما صارت إربل للمستنصر بالله لزم بيته واقتنى من نفيس الكتب شيئاً كثيراً، خرج من داره مرة ليلاً فضربه رجل بسكين في عضده فقمطها الجرائحي بلفائف وسلم، فكتب إلى الملك مظفر الدين:

يا أيها الملك الذي سطواتـه

 

من فعلها يتعجب المـريخ

آيات جودك محكم تنزيلهـا

 

لا ناسخ فيها ولا منسـوخ

أشكو إليك وما بليت بمثلهـا

 

شنعاء ذكر حديثها تـاريخ

هي ليلة فيها ولدت وشاهدي

 

فيما ادعيت القمط والمريخ

توفي الصاحب في خامس المحرم سنة سبع وثلاثين وست مئة.
وفيها توفي قاضي دمشق شمس الدين أبو العباس أحمد بن الخليل الخوبي الشافعي، والصفي أحمد بن أبي اليسر شاكر التنوخي، وأبو العباس أحمد ابن الرومية الإشبيلي النباتي، وإسماعيل بن محمد بن يحيى البغدادي المؤدب، وعلاء الدين أبو سعد ثابت بن محمد بن أحمد بن الخجندي الأصبهاني الذي حضر البخاري على أبي الوقت، وحسين بن يوسف الصنهاجي الشاطبي نظام الدين الناسخ، وأمين الدين سالم بن الحسن بن صصرى، وصاحب حمص شيركوه، والقاضي عبد الحميد بن عبد الرشيد الهمذاني، وعبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل، وأبو محمد عبد العزيز بن دلف المقرئ الناسخ، وأبو الحسن علي بن أحمد الحراني بحماة، وشمس الدين محمد بن الحسن ابن الكريم الكاتب، والحافظ ابن الذبيثي، ومحمد بن طرخان السلمي، ومحمد بن أبي المعالي بن صابر، والرشيد محمد بن عبد الكريم ابن الهادي، محتسب دمشق، والصاحب ضياء الدين نصر الله ابن الأثير.

الحصيري

الشيخ الإمام العلامة شيخ الحنفية جمال الدين أبو المحامد محمود بن أحمد بن عبد السيد البخاري الحصيري التاجري الحنفي.
ولد سنة ست وأربعين وخمس مئة.
وتفقه ببخارى وبرع، ولو أنه سمع في صباه لصار مسند زمانه، ولكنه سمع في الكهولة من أبي سعد عبد الله بن عمر ابن الصفار، ومنصور ابن الفراوي، والقاضي إبراهيم بن علي بن حمك المغيثي، والمؤيد الطوسي.
وحدث بصحيح مسلم.
روى عنه زكي الدين البرزالي، ومجد الدين ابن العديم، وابن الحلوانية، وابن الصابوني، وفاطمة بنت جوهر البطائحية.
وبالإجازة القاضيان: الخوبي والحنبلي. درس وناظر وأفتى وتخرج به الأصحاب وسكن دمشق، وولي تدريس النورية في سنة إحدى عشرة وست مئة، وكان ينطوي على دين وعبادة وتقوى، وله جلالة عجيبة، ومنزلة مكينة، وحرمة وافرة.
وهو منسوب إلى محلة ببخارى ينسجون الحصر فيها.
توفي في ثامن صفر سنة ست وثلاثين وست مئة، وله تسعون سنة، وازدحم الخلق على نعشه، وحمله الفقهاء على الرؤوس، وكان يوماً مشهوداً، ودفن بمقابر الصوفية.
رأيت سماعه لجميع سنن الدراقطني من الصفار في سنة ثمان وتسعين. وفيها سمع من قاضي القضاة المغيثي موطأ أبي مصعب ورأيت خط منصور الفراوي وخط المؤيد الطوسي له بسماعه منهما لصحيح مسلم سنة 603 ، وعظماه وفخماه.

البرزالي

الشيخ الإمام المحدث الحافظ الرحال مفيد الجماعة زكي الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يداس البرزالي الإشبيلي.
ولد _ تقريباً _ سنة سبع وسبعين وخمس مئة.
وقدم الإسكندرية في سنة اثنتين وست مئة، فحبب إليه طلب الحديث، وكتابة الآثار، فسمع من الحافظ علي بن المفضل، وعبد الله العثماني، وبمصر من القاضي عبد الله بن مجلي، وبمكة من زاهر بن رستم، ويونس بن يحيى الهاشمي، وجاور سنة أربع، وقدم دمشق فسمع من الكندي، والخضر بن كامل وطائفة، ورد إلى مصر، ثم سار إلى خراسان وغيرها، فسمع بأصبهان من عين الشمس الثقفية، ومحمد بن محمد بن محمد بن الجنيد، ومحمد بن أبي طاهر بن غانم، وبيسابور من منصور بن عبد الله الفراوي والمؤيد بن محمد الطوسي، وزينب الشعرية، وبمرو من أبي المظفر ابن السمعاني، وبهراة من أبي روحٍ، وبهمذان من عبد البر بن أبي العلاء، وببغداد من أبي محمد بن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي، وبالموصل، وإربل، وتكريت، وحران، ثم إنه استوطن دمشق، وأكثر، وكتب عمن دب ودرج، ونسخ الكثير لنفسه وللناس، بخط حلو مغربي، وخرج لعدة من الشيوخ، وأم بمسجد فلوس، وسكن هناك، وكان مطبوعاً، ريض الأخلاق بشوشاً، سهل الإعارة كثير الاحتمال. ولي مشيخة مشهد عروة، واتفق موته بحماة في رمضان سنة ست وثلاثين وست مئة في رابع عشرة.
قال المنذري: كان يحفظ ويذاكر مذاكرة حسنة، صحبنا مدة عند شيخنا ابن المفضل، وسمعت منه، وسمع مني.
قلت: حدث عنه الجمال ابن الصابوني، وعمر بن يعقوب الإربلي، ومجد الدين ابن العديم، وجمال الدين ابن واصل، وأبو الفضل بن عساكر، ومحمد بن يوسف الذهبي، وأبو علي بن الخلال وآخرون.
وبرزالة: قبيلة بالأندلس.
عمل الحافظ علم الدين له ترجمة طويلة، فيها: أن ابن الأنماطي استعار ثبت رحلته وادعى أنه ضاع، فبكى الزكي وتحسر عليه.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا محمد بن يوسف الحافظ، أخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن، وأخبرنا أحمد عن زينب، أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم، أخبرنا عمر بن أحمد الزاهد، أخبرنا محمد بن سليمان الصعلوكي الفقيه، حدثنا أبو العباس السراج، حدثنا أبو كريب، حدثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي قيس الأودي، عن سويد بن غفلة، عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "يخرج في آخر الزمان قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية قتالهم حق على كل مسلم".

وتوفي ولده

المحدث يوسف إمام مسجد فلوس في سنة ثلاث وأربعين شاباً، له ثلاث وعشرون سنة، ولم يحدث، وخلف ولده الشيخ.

بهاء الدين

محمد كاتب الحكم صغيراً فرباه جده لأمه الشيخ علم الدين الأندلسي المقرئ، وأقرأه بالسبع، وكتب الخط المنسوب. سمعت منه، ومات سنة تسع وتسعين وست مئة. وقرأ عليه كثيراً من الحديث ولده الحافظ الأوحد علم الدين القاسم. رحم الله الجميع.

ابن الرومية

الشيخ الإمام الفقيه الحافظ الناقد الطبيب أبو العباس أحمد بن محمد ابن مفرج الإشبيلي الأموي، مولاهم، الحزمي الظاهري النباتي الزهري العشاب.
ولد سنة إحدى وستين وخمس مئة.
وسمع من أبي عبد الله بن زرقون، وأبي بكر بن الجد، وأبي محمد أحمد بن جمهور، ومحمد بن علي التجيبي، وأبي ذر الخشني، وعدة، وفي الرحلة من أصحاب الفراوي، وأبي الوقت السجزي. قال أبو عبد الله الأبار: كان ظاهرياً متعصباً لابن حزم، بعد ن كان مالكياً. قال: وكان بصيراً بالحديث ورجاله، وله مجلد مفيد في استلحاق على الكامل لابن عدي، وكانت له بالنبات والحشائش معرفة فاق فيها أهل العصر، وجلس في دكان لبيعها. سمع منه جل أصحابنا.
وقال ابن نقطة: كتبت عنه، وكان ثقة، حافظاً، صالحاً.
والزهري: بفتح أوله.
وقال المنذري: سمع ابن الرومية ببغداد، ولقيته بمصر بعد عوده، وحدث بأحاديث من حفظه بمصر، ولم يتفق لي السماع منه، وجمع مجاميع.
قلت: له كتاب التذكرة في معرفة شيوخه، وله كتاب المعلم بما زاد البخاري على مسلم.
مات فجاءة في سلخ ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وست مئة، ورثي بقصائد.

الخجندي

الشيخ الجليل الصدر الإمام الفقيه علاء الدين أبو سعد ثابت بن محمد ابن أبي بكر أحمد بن محمد ابن الخجندي الأصبهاني، نزيل شيراز.
ولد سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
وسمع من أبي الوقت السحزي صحيح البخاري حضوراً في الرابعة في سنة إحدى وخمسين، وسمع من أبي الفضل محمود بن محمد الشحام، وكان في أصبهان إذ استباحتها كفرة المغول في سنة اثنتي وثلاثين وست مئة، فنجا، ولم يكد. وذهب إلى شيراز، فعاش إلى سنة سبع وثلاثين وست مئة، كذا ذكره الحافظ المنذري.
روى عنه بالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وجماعة، وهذا آخر من روى عن أبي الوقت حضوراً، ومع هذا فلا أستحضر أحداً سمع منه. ولعل أهل شيراز إن كانوا اعتنوا برواياته تأخر بعضهم، فن شيراز أم ذلك الإقليم، وهي عامرة لم يصل إليها كفرة المغول وأمنت إلى اليوم، وهي مدينة محدثة أنشأها الأمير محمد بن أبي القاسم الثقفي ابن عم الحجاج، وسميت بشيراز تشبيهاً بجوف الأسد، وذلك لأن التجار تجلب وتحمل إليها ولا عوض بها، وفي البلد عيون في دورهم، ومنها إلى أصبهان سبعة أيام، وبها خلق لا يحصون، وملكها من تحت يد صاحب العراق أبي سعيد، عرضها تسع وعشرون درجة، وطولها تسع وسبعون درجة، هي شرقي مصر ووادي موسى وتبوك فهن على خط واحد.

سالم

ابن الحافظ أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى، الشيخ العدل، الرئيس، أمين الدين، أبو الغنائم، التغلبي، الدمشقي، الشافعي.
رحل به أبوه وله خمس سنين فسمعه من أبي الفتح بن شاتيل، وأبي السعادات القزاز، وأبي العلاء بن عقيل، وأبي الفرج محمد بن أحمد بن محمد بن نبهان، وأحمد بن درك، وشيخ الشيوخ عبد الرحيم بن إسماعيل وعدة. وسمع بدمشق من الفضل ابن البانياسي، والأمير أسامة ابن منقذ، وعبد الرزاق النجار، والخضر بن طاووس، وطائفة. وحفظ القرآن وتفقه، وتأدب قللاً، وتفرد بجملة من مروياته، مع عدم تعميره.
حدث عنه البرزالي، والقوصي، والمجد ابن الحلوانية، وسعد الخير، وأبو الفضل بن عساكر وابن عمه الفخر، ومحمد بن يوسف الإربلي، وأبو علي بن الخلال، وأبو بكر بن عبد الدائم، وآخرون.
قال القوصي في معجمه: أخبرنا القاضي الرئيس العدل أبو الغنائم بمنزله، وكان جميل الصحبة والمعاشرة، فكه المحاضرة، حسن المحاورة، حمدت سيرته فيما تولاه من المارستانات والمواريث.
قلت: عاش ستين سنة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وست مئة، ودفن بتربته بسفح جبل قاسيون، وخلف أولاداً نبلاء، وهو جد قاضي دمشق نجم الدين أحمد بن محمد.

?ابن علان

الشيخ الأمين تاج الدين أبو المعالي أسعد بن المسلم بن مكي بن علان القيسي الدمشقي.
سمع أباه أبا الغنائم، وعلي بن خلدون، وأبا القاسم بن عساكر، وأبا الفهم ابن أبي العجائز، وجماعة.
روى عنه الحافظ عبد العظيم والقوصي، وابن الحلوانية، وأبو علي ابن الخلال، وتاج العرب بنت علان.
وبالإجازة محمد بن مشرق.
حدث بدمشق وبمصر، وعاش ستاً وسبعين سنة، وكان من كبار الشهود.
توفي في رجب، سنة ست وثلاثين وست مئة، وهو أخو المعمر مكي.

التبريزي

الإمام المحدث الرحال أبو الخير بدل بن أبي المعمر بن إسماعيل التبريزي.
ولد بعد الخمسين وخمس مئة. وقدم فسمع من أبي سعد بن أبي عصرون، وأحمد ابن الموازين، ويحيى الثقفي، ولازم بهاء الدين ابن عساكر، وسمع بأصبهان من أبي المكارم اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وبنيسابور من أبي سعد الصفار، وبمصر من البوصيري، وكتب وتعب وخرج، وخطه رديء. وكان ديناً فاضلاً له فهم. ولي مشيخة دار الحديث بإربل فلما استباحتها التتار نزح إلى حلب.
روى عنه القوصي، ومحيي الدين ابن سراقة، ومجد الدين ابن العديم، وجمال الدين الشريشي.

حامد

ابن أبي العميد بن أميري بن ورشي بن عمر، شيخ الشافعية، شمس الدين أبو الرضا القزويني.
ولد سنة ثمان وأربعين وخمس مئة بقزوين.
وصحب القطب النيسابوري، ولازمه، وقدم معه دمشق، وسمع من شهدة الكاتبة، وخطيب الموصل، ويحيى الثقفي.
وعنه شهاب الدين ابن تيمية، ومجد الدين ابن العديم.
وبالإجازة القاضي، وأبو نصر ابن الشيرازي، وولي قضاء حمص، ثم درس بحلب، وأفتى.
مات سنة ست وثلاثين وست مئة.
وكان ابنه:

عماد الدين

من المدرسين أيضاً.

الخوبي

قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر الخوبي الشافعي.
ولد سنة ثلاث وثمانين.
وقرأ العقليات على فخر الدين الرازي، والجدل على الطاووسي. وسمع من المؤيد الطوسي.
وكان من أذكياء المتكلمين، وأعيان الحكماء والأطباء، ذا دين وتعبد، وله مصنف في النحو، وآخر في الأصول، وآخر فيه رموز فلسفية.
قال ابن أبي أصيبعة: قرأت عله التبصرة لابن سهلان.
وسمع منه المعين القرشي، والجمال ابن الصابوني، وابنه قاضي القضاة شهاب الدين محمد.
وخوي: من إقليم أذربيجان.
مات في شعبان سنة سبع وثلاثين وست مئة، كهلاً بحمى دقيقة، وولي قضاء دمشق فحمد.

ابن عسكر

القاضي العلامة ذو الفنون أبو عبد الله محمد بن علي بن خضر الغساني، المالقي، المالكي، ابن عسكر.
وذكره ابن الزبير، فقال: روى عن أبي الحجاج ابن الشيخ، وأبي زكريا الأصبهاني، وأبي الخطاب بن واجب، وأبي سليمان بن حوط الله، وعدة. واعتني بالرواية على كبر، وكان جليل القدر، ديناً، صاحب فنون: فقه ونحو وأدب وكتابة، وكان شاعراً، متقدماً في الشروط، حسن العشرة، سمحاً، جواداً. ولي قضاء بلده بعد أن حكم نيابة، وصنف ومال إلى الاجتهاد، تأسف على تفريطه في ترك الأخذ عن الكبار.
وله كتاب المشرع الروي في الزيادة على غريبي الهروي وكتاب الإتمام على كتاب التعريف والإعلام للسهيلي.
توفي سنة ست وثلاثين وست مئة.

عبد الحميد

ابن عبد الرشيد بن علي بن بنيمان، قاضي الجانب الشرقي ببغداد، أبو بكر الهمذاني الشافعي.
حضر وهو ابن أربع سنين على جده الحافظ أبي العلاء العطار، جامع معمر. وسمع ببغداد من شهدة وابن شاتيل. وأمه هي عاتكة بنت الحافظ.
أعاد بالنظامية، وناب بالجانب الغربي عن أخيه القاضي علي، وكان صالحاً، قانتاً. حدث بدمشق بعد العشرين، ونزل في الغزالية ثم رجع فولي القضاء وحمد فيه.
روى عنه الشريشي، وابن بلبان، والخطيب عبد الحق بن شمائل، والشيخ عز الدين الفاروثي. وأجاز لفاطمة بنت سليمان، ولأبي نصر ابن الشيرازي وجماعة، ولابن سعد، ومحمد البجدي، وست الفقهاء الواسطية، وآخر من روى عنه بالسماع العماد إسماعيل ابن الطبال.
مات في سابع شوال سنة سبع وثلاثين وست مئة عن أربع وسبعين سنة.

الدبيثي

الإمام العالم الثقة الحافظ شيخ القراء حجة المحدثين أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي سعيد بن يحيى بن علي بن حجاج الدبيثي ثم الواسطي الشافعي المعدل صاحب التصانيف. ولد سنة ثمان وخمسين وخمس مئة، وسمع من أبي طالب الكناني، وهبة الله بن قسام، وعدة بواسط بعد سنة سبعين، وتلا بالعشر على خطيب شافيا، وابن الباقلاني صاحبي أبي العز القلانسي. وسمع ببغداد من أبي الفتح بن شاتيل، وعبد المنعم ابن الفراوي، إذا حج، ونصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وأبي العلاء بن عقيل وطبقتهم، وينزل إلى أن يروي عن أصحاب أبي الوقت وأبي الفتح ابن البطي. وتلا بالروايات على جماعة، وتفقه على أبي الحسن البوقي. وقرأ العربية والأصول والخلاف وعني بالحديث وبالغ، وكتب العالي والنازل، وصنف تاريخاً كبيراً لواسط، وذيل على تاريخ بغداد المذيل لابن السمعاني على تاريخ الخطيب، وعمل المعجم لنفسه، وخرج لغير واحد، وكان مشرف الأوقاف، ومن كبراء العدول، ثم استعفى من العدالة ضجراً من كلفتها، فإن العدالة ببغداد كنت منصباً ورتبة كبيرة وإذا عزل الرجل منها لا يفسق، ثم لازم العلم والإقراء والتسميع.
قال الحافظ محب الدين ابن النجار: سكن أبو عبد الله بغداد، وحدث بتصانيفه، وقل أن جمع شيئاً إلا وأكثره على ذهنه، وله معرفة بالحديث والأدب والشعر، وهو سخي بكتبه وأصوله، صحبته عدة سنين فما رأيت منه إلا الجميل والديانة وحسن الطريقة، وما رأت عيناي مثله في حفظ السير والتواريخ وأيام الناس رحمه الله.
قلت: حدث عنه بن النجار، وأبو بكر بن نقطة، وأبو عبد الله البرزالي، والمؤرخ علي بن محمد الكازروني، وعز الدين أحمد الفاروثي الواعظ، وجمال الدين الشريشي المفسر، وتاج الدين علي بن أحمد الغرافي وآخرون.
وقد سمع منه من شيوخه المحدث أحمد بن طارق، وأبو طالب بن عبد السميع.
وروى عنه بالإجازة القاضي تقي الدين سليمان بن أبي عمر الحنبلي.
قال ابن النجار: لقد مات عديم النظير في فنه وأضر بأخرة، توفي في ثامن ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وست مئة.
قلت: وفيها مات قاضي دمشق شمس الدين أبو العباس أحمد بن الخليل بن سعادة الخوبي الأصولي، ومسند الوقت بشيراز الإمام علاء الدين أبو سعد ثابت بن أحمد ابن الخجندي الأصبهاني، وهو آخر من حدث بالصحيح عن أبي الوقت حضوراً، ومقرئ بغداد عبد العزيز ابن دلف الناسخ الخازن، والعدل الأمين أبو الغنائم سالم ابن الحافظ أبي المواهب بن صصرى، والرئيس صفي الدين أبو العلاء أحمد بن أبي اليسر شاكر التنوخي الدمشقي، وراوي مسند ابن راهويه أبو البقاء إسماعيل بن محمد بن يحيى المؤدب ببغداد، وأبو علي حسين بن يوسف الشاطبي ثم الإسكندراني. والقاضي عبد الحميد بن عبد الرشيد سبط أبي العلاء الهمذاني، وأبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف ابن الطفيل بمصر، وإمام الربوة أبو محمد عبد العزيز بن بركات ابن الخشوعي، والمحتسب رشيد الدين محمد بن عبد الكريم ابن الهادي القيسي، والزاهد أبو طالب محمد بن أبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر السلمي، وفخر الدين محمد بن محمد بن علي بن أبي نصر النوقاني الفقيه، وتقي الدين محمد بن طرخات بن أبي الحسن السلمي، والمحدث الأديب شمس الدين محمد بن الحسن بن محمد ابن الكريم الكاتب البغدادي، ستتهم بدمشق، ومحدث إربل وعالمها الإمام شرف الدين أبو البركات المبارك بن أحمد ابن المستوفي، والصاحب الأوحد ضياء الدين نصر الله بن محمد بن محمد بن الأثير الجزري صاحب المثل السائر وآخرون.
قرأت على علي بن أحمد العلوي، أخبرنا محمد بن سعيد الحافظ سنة ثلاث وثلاثين وست مئة، فذكر جزءاً فيه نوادر وحكايات.

ابن خلفون

الحافظ المتقن العلامة أبو بكر محمد بن إسماعيل بن محمد بن خلفون الأزدي الأندلسي الأونبي، نزيل إشبيلية.
قال أبو عبد الله الأبار: ولد سنة خمس وخمسين وخمس مئة. وسمع من أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وأبي بكر النيار وعدة.
قتل: ما علمت أحداً روى عنه والشقة بعيدة؛ بلى روى عنه أبو جعفر ابن الطباع وابن مسدي وأكثر عنه أبو بكر بن ست الناس.
قال: وكان بصيراً بصناعة الحديث، حافظاً للرجال، متقناً، ألف كتاب المنتقى في الرجال، خمسة أسفار، وكتاب المفهم في شيوخ البخاري ومسلم وكتاب علوم الحديث. وولي القضاء ببعض النواحي، فشكر في قضائه. أخذ عنه جماعة، وكان أهلاً لذلك. توفي في ذي القعدة سنة ست وثلاثين وست مئة وقال ابن الزبير: اعتنى بالرواية والنقل اعتناء تاماً، وعكف على ذلك عمره، وكان حافظاً للأسانيد عارفاً بالرجال.
قلت: لا أعلم أنني وقع لي شيء من رواية هذا الحافظ، حدث أثير الدين عن رجل عنه.

?ابن الأثير

الصاحب العلامة الوزير ضياء الدين أبو الفتح نصر الله بن محمد ابن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري المنشئ صاحب كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر.
مولده بجزيرة ابن عمر في سنة ثمان وخمسين وخمس مئة، وتخول منها مع أبيه وإخوته، فنشأ بالموصل، وحفظ القرآن، وأقبل على النحو واللغة والشعر والأخبار.
وقال في أول كتاب الوشي له: حفظت من الأشعار ما لا أحصيه، ثم اقتصرت على الدواوين لأبي تمام والبحتري والمتنبي فحفظتها.
قال ابن خلكان: قصد السلطان صلاح الدين فقدمه ووصله القاضي الفاضل، فأقام عنده أشهراً، ثم بعث به إلى ولده الملك الأفضل فاستوزره، فلما توفي صلاح الدين تملك الأفضل دمشق وفوض الأمور إلى الضياء، فأساءَ العشرة، وهموا بقتله، فأخرج في صندوق، وسار مع الأفضل إلى مصر، فراح الملك من الأفضل، واختفى الضياء، ولما استقر الأفضل بسميساط ذهب إليه الضياء، ثم فارقه في سنة سبع وست مئة، فاتصل بصاحب حلب، فلم ينفق، فتألم، وذهب إلى الموصل فكتب لصاحبها. وله يد طولى في الترسل، كان يجاري القاضي الفاضل ويعارضه، وبينهما مكاتبات ومحاربات.
وقال ابن النجار: قدم بغداد رسولاً غير مرة، وحدث بها بكتابه ومرض فتوفي في ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وست مئة، وقيل: كان بينه وبين أخيه عز الدين مقاطعة ومجانبة شديدة.

ابن المعز

الشيخ المسند المعمر الصالح أبو علي أحمد ابن القاضي أبي الفتح محمد بن محمد بن المعز بن إسحاق الحراني ثم البغدادي الصوفي، من أهل رباط شهدة.
سمعه أبوه من أبي الفتح ابن البطي، وأحمد ابن المقرب، ومحمد بن محمد بن السكن، ويحيى بن ثابت، وأبي المكارم الباذرائي.
حدث عنه ابن النجار، وقال: شيخ حسن الهيئة متودد لطيف الأخلاق، وجمال الدين الشريشي، ومجد الدين ابن الحلوانية، وأبو القاسم بن بلبان، وعز الدين الفاروثي، وعدة.
وبالإجازة القاضي الحنبلي والفخر بن عساكر، وآخرون.
مات في سلخ المحرم سنة ثمان وثلاثين وست مئة.
وفيها مات الصاحب نجيب الدين أحمد بن إسماعيل بن فارس التميمي الإسكندراني والد الكمال شيخ القراء، والقاضي نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن خلف بن راجح المقدسي الحنبلي ثم الشافعي، وجمال الملك علي بن مختار ابن الجمل العامري، ومحيي الدين محمد بن علي الحاتمي الطائي ابن العربي، وقاضي حلب جمال الدين محمد بن عبد الرحمن ابن الأستاذ الأسدي الشافعي، ومحمد بن علي بن خليف الجذامي الإسكندراني، وأبو البركات محمد ابن علي بن محفوظ ابن تاجر عينة، والشيخ محمد بن عمر بن أبي العجائز الدمشقي، والتقي يوسف بن عبد المنعم بن نعمة بن سلطان النابلسي الحنبلي.

ابن راجح

الشيخ الإمام العلامة البارع الحافظ نجم الدين أقضى القضاة أبو العباس أحمد بن الإمام شهاب الدين محمد بن خلف بن راجح بن بلال المقدسي ثم الصالح الحنبلي ثم الشافعي.
ولد سنة ثمان وسبعين.
وسمع من يحيى الثقفي، وابن صدقة الجنزوي، وعبد الرحمن ابن الخرقي، وببغداد من ابن الجوزي، ولازم بهمذان الركن الطاووسي، حتى صار معيده، ثم سار إلى بخارى، واشتغل وبرع وبعد صيته وأحكم مذهب الشافعي، ومن محفوظاته كتاب الجمع بين الصحيحين.
اشتغل وتخرج به العلماء، وكان ذا تهجد وتأله وتعبد وذكاء مفرط.
قال الشيخ الضياء: سمعت عمر بن صومع يذكر أنه رأى الحق تعالى في النوم فسأله عن النجم بن خلف فقال: هو من المقربين.
قلت: وذكر النجم أنه رأى البارئ عز وجل في النوم إحدى عشرة مرة، قال له في بعضها: أنا عنك راضٍ.
وقد ولي تدريس العذراوية، وقد كان أولاً قرأ المقنع، على المؤلف، ودرس أيضاً بالصارمية بحارة الغرباء، وبمدرسة أم الصالح، وبالشامية البرانية، وناب في القضاء عن جماعة منهم الرفيع الجيلي، وصنف طريقة في الخلاف في مجلدين وأشياء.
حدث عنه أبو الفضل بن عساكر، وابن عمه الفخر والعماد بن بدران، ومحمد بن يوسف الإربلي.
توفي في شوال سنة ثمان وثلاثين وست مئة.

صلاح الدين موسى

وكان أخوه الشيخ.
من العلماء الصلحاء، له شعر رائق.

ابن مختار

الشيخ الأمير المعمر جمال الملك أبو الحسن علي بن مختار بن نصر بن طغان العامري المحلي ثم الإسكندراني، ويعرف بابن الجمل.
مولده في أول سنة ثمان وأربعين بالمحلة.
وسمع من أبي طاهر السلفي وأبي محمد العثماني، وتفرد بأجزاء. وكان من أولاد الأمراء المصريين.
حدث عنه لمنذري، وابن النجار، وابن الحلوانية، وأبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد ابن الجباب، وأبو صادق محمد ابن الرشيد العطار، وأبو القاسم عبد الرحمن الدكالي سحنون، وعبد المؤمن بن خلف الحافظ، والزين محمد بن عبد الوهاب ابن الجباب، وخديجة بنت غنيمة، وجماعة، وبالإجازة شمس الدين ابن الحظيري، والقاضي الحنبلي، وابن سعد.
مات في ثامن عشر شعبان سنة ثمان وثلاثين وست مئة، وقد نيف على التسعين. لم يسمع على مقدارِ سنه.

المارستاني

الشيخ المسند أبو العباس أحمد بن يعقوب بن عبد الله بن عبد الواحد البغدادي، المارستاني، الصوفي، قيم جامع المنصور.
ولد سنة خمس وأربعين وخمس مئة.
وكان يمكنه السماع من أبي بكر ابن الزاغوني، وأبي الوقت السجزي، ولكن السماع رزق! سمع من أبي المعالي بن اللحاس، وأبي علي الرحبي، ومحمد ابن أسعد حفدة العطار العطاري، وعمر بن بنيمان البقال، وخديجة بنت النهرواني، وجماعة، وكان صالحاً خيراً معمراً.
حدث عنه ابن الحلوانية، وعز الدين الفاروثي، وابن بلبان، ومحمد ابن الدباب، وأبو بكر محمد بن أحمد الشريشي، وعبد الله بن أبي السعادات، وأبو الحسن الغرافي، وطائفة، والقاضي الحنبلي بالإجازة، وابن سعد، وعيسى المطعم، وأبو العباس ابن الشحنة، وجماعة وسماعه صحيح، وكان رجلاً صالحاً.
مات في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وست مئة.
أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا علي بن أحمد البندار، أخبرنا عبيد الله بن أبي مسلم، حدثنا أبو بكر الصولي، حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو البزار، حدثنا عباد ابن يعقوب، حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن أبي ذر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: "أنت أول من آمن بي، وأنت أول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق يفرق بين الحق والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكافرين"... إسناده واهٍ.
وفيها _ أعني سنة تسع _ مات الفقيه إسحاق بن طرخان بن ماضي الشاغوري الراوي عن حمزة بن كروس في كتاب البسملة والقاضي النفيس أبو الكرم أسعد بن عبد الغني بن قادوس، عن ست وتسعين سنة، وهو آخر أصحاب ابن الحطيئة، والشريف الخطيب، وأبو علي الحسن بن إبراهيم بن دينار المصري الصائغ، والمحدث سليمان ابن إبراهيم بن هبة الله الإسعردي خطيب بيت لهيا، والفقيه عبد الحميد بن محمد بن ماضي الحنبلي، وقاضي بغداد عماد الدين عبد لرحم بن مقبل الواسطي الشافعي الزاهد شيخ زياد المرزباني، وعبد السيد بن أحمد خطيب بعقوبا، وسيف الدين عبد الغني ابن الشيخ الفخر ابن تيمية خطيب حران، والفقيه علي بن عبد الصمد بن عبد الجليل الرازي ثم الدمشقي، وأبو فصيد قيماز المعظمي، وقاضي القضاة شرف الدين أبو المكارم محمد بن عبد الله ابن ابن عين الدولة الإسكندراني ثم المصري عن ثمان وثمانين سنة، والقاضي أبو بكر محمد بن يحيى بن مظفر بن نعيم البغدادي الشافعي ابن الحبير، من كبار الأئمة، وأبو القاسم نصر بن علي بن نغوبا الواسطي له إجازة ابن البطي، والأصولي المتكلم الإمام أبو عامر يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري القرطبي صاحب التصانيف الكلامية ووالد المتكلم أبي الحسين محمد توفي بمالقة.

عمر بن أسعد

ابن المنجي بن أبي البركات، القاضي الإمام شمس الدين أبو الفتح ابن القاضي الكبير وجيه الدين التنوخي ثم المعري، الدمشقي، الحنبلي، مدرس المسمارية، وقاضي حران مدة، وبها ولد حال ولاية أبيه قضاءها.
سمع أبا المعالي بن صابر، وكمال الدين ابن الشهرزوري، وابن عصرون، ويحيى بن بوش وعدة.
وحدث عنه: بنته ست الوزراء، والحافظ الزكي البرزالي، ومجد الدين ابن العديم، والبدر ابن الخلال، وبالحضور العماد ابن البالسي.
 توفي في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وست مئة، وله أربع وثمانون سنة.
وابنه:

العماد الزاهد

هو واقف حلقة العماد التي للحنابلة.
وكان القاضي شمس الدين وافر الجلالة بصيراً بالأحكام رحمه الله.

ابن ظفر

الشيخ الإمام المحدث الجوال الصالح العابد أبو الطاهر إسماعيل ابن ظفر بن أحمد بن إبراهيم بن مفرج بن منصور بن ثعلب بن عنيبة _ من العنب _ المنذري، المقدسي، النابلسي، ثم الدمشقي، الحنبلي.
ولد بدمشق في سنة أربع وسبعين وخمس مئة.
سمع أبا المكارم اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وأبا جعفر الصيدلاني بأصبهان، وأبا القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين بمصر، والمبارك ابن المعطوش، وأبا الفرج ابن الجوزي، وابن أبي المجد الحربي ببغداد، وأبا سعد الصفار، ومنصوراً الفراوي وعدة بنيسابور، والحافظ عبد القادر بحران، ولزمه مدة، وابن الحصري بمكة، وجاور لأجله سنة، وكان عالماً عاملاً فقيراً متعففاً كثير السفر.
حدث عنه البرزالي، والمنذري، وابن الحلوانية، والعماد إبراهيم الماسح، والعماد إسماعيل ابن الطبال، والحسام عبد الحميد اليونيني، والبدر حسن ابن الخلال، والشمس محمد ابن الواسطي، والنجم موسى الشقراوي، والفخر إسماعيل ابن عساكر، والقاضي الحنبلي وعدة.
توفي بقاسيون في شوال سنة تسع وثلاثين وست مئة.
قال ابن الحاجب: كان عبداً صالحاً ذا مروءة، مع فقر مدقع، صاحب كرامات.
قلت: نسخ الكثير، وخطه معروف رديء.

ابن الصابوني

الشيخ العالم الزاهد المسند علم الدين أبو الحسن علي ابن الشيخ العارف أبي الفتح محمود بن أحمد بن علي بن أحمد بن عثمان المحمودي، الجويثي، العراقي، الصوفي، عرف بابن الصابوني.
ولد سنة ست وخمسين وخمس مئة بالجويث، وهي حاضر كبير بظاهر البصرة وتفصل بينهما دجلة.
له إجازة في صباه من أبي المطهر القاسم بن الفضل الصيدلاني، وأبي جعفر محمد بن حسن الصيدلاني، والخضر بن الفضل عرف برجل، وأبي مسعود عبد الرحيم الحاجي، وأبي الفتح بن البطي، وارتحل به أبوه فسمع من أبي طاهر السلفي، ومن والده.
وروى الكثير، حدث عنه ابنه المحدث أبو حامد، وحفيده أحمد بن محمد، والضياء، والمنذري، والدمياطي، وعيسى بن يحيى السبتي، والتاج بن أبي عصرون، وعلي بن بقاء، ومحمد بن سليمان المشهدي ، وأخوه عبد الرحمن، وجمال الدين محمد ابن السقطي، وأبو نصر ابن الشيرازي، وأبو سعيد سنقر القضائي، وآخرون، وصار شيخاً للصوفية برباط الخاتوني، وبجامع الفيلة، وأم بالسلطان الملك الأفضل علي بدمشق مدة، وكان كيساً، متواضعاً ثقة، لديه فضيلة.
توفي بالرباط المجاور للسيدة نفيسة في ثالث عشرة شوال سنة أربعين وست مئة.

ابن شفنين

الشريف الأجل المسند أبو الكرم محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن محمد بن أبي عيسى ابن المتوكل على الله جعفر ابن المعتصم، القرشي العباسي، المتوكلي، البغدادي، عرف بابن شفنين، وهو لقب لعبيد الله.
مولده سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
أجاز له أبو بكر ابن الزاغوني، ونصر بن نصر الواعظ، وأبو الوقت السجزي، ومحمد بن عبيد الله الرطبي، وأبو جعفر العباسي، ومحمد بن أحمد ابن التريكي.
وسمع من عمه أبي تمام عبد الكريم بن أحمد ويحيى بن السدنك، وكان صدراً، معظماً، فاضلاً، حسن الطريقة. أثنى عليه ابن النجار وغيره.
روى عنه مجد الدين ابن العديم، وجمال الدين الشريشي، وجماعة.
وروى عنه بالإجازة العماد ابن البالسي، والمطعم، وابن سعد، ومحمد بن أحمد النجدي، وزينب بنت عبد الله ابن الرضي، وابن الشحنة، وجماعة.
توفي في رابع رجب سنة أربعين وست مئة. وفيها مات الزين أحمد بن عبد الملك المقدسي الناسخ، والصاحب مقدم الجيوش كمال الدين أحمد بن محمد بن عمر بن حمويه الجويني ابن الشيخ بغزة، وأبو إسحاق إبراهيم بن بكرات الخشوعي، والمحدث إبراهيم ابن عمر ابن الدردانة الحربي، والملك الحافظ صاحب جعبر، وعبد العزيز ابن مكي بن كرسا البغدادي، وعبد العزيز بن عبد المنعم ابن النقار العمادي الكاتب، وعبد العزيز بن محمد بن الحسن بن أبيه الصالحي، ومعالي بن سلامة الحراني العطار، وصاحب الغرب الرشيد المؤمني، والمستنصر بالله العباس، وشيخ القراء أبو علي منصور بن عبد الله بن جامع الضرير، والزين يحيى بن علي الحضرمي المالقي النحوي بدمشق.

ابن يونس

الشيخ العلامة ذو الفنون كمال الدين أبو الفتح موسى بن يونس بن محمد بن منعة بن مالك، الموصلي، الشافعي.
ولد في سنة 551، وتفقه على أبيه وأخذ العربية عن يحيى بن سعدون القرطبي، وببغداد عن الكمال الأنباري، وتفقه بالنظامية على السديد السلماسي في الخلاف. وكان يضرب المثل بذكائه وسعة علومه.
اشتهر اسمه، وصنف، ودرس، وتكاثر عليه الطلبة، وبرع في الرياضي، وقيل: كان يشغل في أربعة عشر فناً بحيث أنه يحل مسائل الجامع الكبير للحنفية، ويقرأ عليه أهل الذمة في التوراة والإنجيل، حتى إن العلامة الأثير الأبهري كان يجلس بين يديه وحتى أنه فضله على الغزالي.
قال ابن خلكان، وهو من تلامذته.
كان شيخنا يعرف الفقه والأصلين، والخلاف والمنطق، والطبيعي، والإلهي، والمجسطي، وأقليدس، والهيئة، والحساب، والجبر، والمساحة، والموسيقى، معرفة لا يشاركه فيها غيره، وكان يقرئ كتاب سيبويه، ومفصل الزمخشري، وكان له في التفسير والحديث وأسماء الرجال يد جيدة، وكان شيخنا ابن الصلاح يبالغ في الثناء عليه، ويعظمه. وبلغ ابن خلكان، إلى أن قال: إلا أنه كان _ سامحه الله _ يتهم في دينه، لكون العلوم العقلية غالبة عليه.
وقال ابن أبي أصيبعة: له مصنفات في غاية الجودة، وقيل: كان يعرف السيمياء، وله تفسير للقرآن، وكتاب في النجوم.
مات في شعبان سنة تسع وثلاثين وست مئة.

القبيطي

الشيخ الجليل الثقة مسند العراق أبو طالب عبد اللطيف بن أبي الفرج محمد بن علي بن حمزة بن فارس، ابن القبيطي، الحراني، ثم البغدادي، التاجر الجوهري.
ولد سنة أربع وخمسين وخمس مئة في شعبان.
وسمع من جده علي بن حمزة، والشيخ عبد القادر الجيلي، وهبة الله ابن هلال الدقاق، وأبي الفتح ابن البطي، وأحمد بن المقرب، ويحيى ابن ثابت، وأبي بكر بن النقور، وعدة.
حدث عنه جمال الدين الشريشي، وتقي الدين ابن الواسطي، وشمس الدين ابن الزين، وعز الدين الفاروثي، وعلاء الدين ابن بلبان، ورشيد الدين ابن أبي القاسم، وعماد الدين ابن الطبال، وعز الدين ابن البزوري، وعلي بن حصين، وسنقر القضائي، وتاج الدين الغرافي، وعدة.
وبالإجازة أبو العباس ابن الشحنة، ومحمد بن أحمد البخاري، وابن العماد الكاتب، وست الفقهاء بنت الواسطي.
وقد سافر في التجارة مدة، وكان ديناً خيراً، حافظاً لكتاب الله، صادقاً، مأموناً، لا يحدث إلا من أصله، وكان يتجر. تكاثر عليه الطلبة. وروى الكثير، وسمع سنن ابن ماجة بفوت، فاته النصف الأول من الجزء الثاني عشر: نصف جزء من أبي زرعة المقدسي.
وحدث بالمقامات عن ابن النقور، وحدث بكتاب المستنير في القراءات عن ابن المقرب، وروى ديوان المتنبي، عن شيخ له: أبي البركات الوكيل، وغريب أبي عبيد عن عبد الحق اليوسفي، والمصافحة للبرقاني عن شهدة، ومغازي الأموي عن عبد الله بن منصور الموصلي، وسنن الدارقطني عن عبد الحق، وفضائل القرآن لأبي عبيد عن أبي زرعة، وأشياء.
وولي مشيخة المستنصرية بعد أبي الحسن ابن القطيعي، ثم كبر فأعفي من الحضور، فكان يحدث بمنزله، وقد بعث ابن زوجته بماله إلى المغرب فذهب المال، وبقيت له دويرات.
توفي سنة إحدى وأربعين وست مئة في شهر جمادى الأولى.
وقبيط: حلاوة عسلية. وفيها مات أحمد بن سعيد الأزجي ابن البناء، وأبو العباس أحمد بن محمد بن محمد ابن المندائي، وأعز بن كرم الحربي الإسكاف، وحمزة بن عمر بن عتيق بن أوس الغزال، وعبد الحق بن خلف الضياء الصالحي الحنبلي، والمخلص عبد الواحد بن عبد الرحمن بن أبي المكارم بن هلال، وأبو الوفاء عبد الملك بن عبد الحق ابن الحنبلي، وعز الدين عثمان ابن أسعد بن المنجي، وعمه القاضي شمس الدين عمر بن أسعد وكريمة بنت عبد الحق بمصر، وقيصر بن فيروز البواب، والمحدث محمد بن محمد ابن محارب القيسي بالإسكندرية.

الصريفيني

الشيخ الإمام المحدث الحافظ الرحال تقي الدين أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد بن الأزهر بن أحمد بن محمد العراقي، الصريفيني، الحنبلي.
مولده بصريفين سنة إحدى وثمانين وخمس مئة.
وسمع من حنبل، وابن طبرزذ بإربل، ومن أبي محمد بن الأخضر وطبقته ببغداد، ومن أبي اليمن الكندي وطبقته بدمشق، ومن المؤيد الطوسي وزينب الشعرية بنيسابور، ومن أبي روح الهروي بهراة، ومن علي ابن منصور الثقفي بأصبهان، ومن عبد القادر الرهاوي بحران، وكتب الكثير، وجمع وأفاد، وكان من علماء الحديث.
حدث عنه الضياء، وابن الحلوانية، ومجد الدين ابن العديم، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، والشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي ابن الخلال، والفخر بن عساكر، وعدة.
قال المنذري: كان ثقة، حافظاً، صالحاً، له جموع حسنة لم يتمها.
وقال ابن الحاجب: إمام ثبت واسع الرواية سخي النفس مع القلة، سافر الكثير، وكتب وأفاد، وكان يرجع إلى ثقة وورعٍ، ولي مشيخة دار الحديث بمنبج، ثم سكن حلب فولي مشيخة الحديث التي لابن شداد. سألت الضياء عنه فقال: إمام حافظ ثقة فقيه حسن الصحبة.
قلت: ثم تحول إلى دمشق وروى بها.
مات في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وست مئة ودفن بسفح قاسيون.

ابن أبي الفخار

الشريف المعمر أبو التمام علي بن أبي الفخار هبة الله بن محمد بن هبة الله بن محمد الهاشمي، العباسي، البغدادي، خطيب جامع فخر الدين ابن المطلب.
ولد في أول سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
وسمع من أبي الفتح بن البطي، وأحمد بن المقرب، وأبي زرعة المقدسي، وسعد الله ابن الدجاجي وطائفة.
حدث عنه ابن الحلوانية، وابن بلبان، وابن الواسطي، وأبو سعيد سنقر القضائي وجماعة.
وبالإجازة أبو المعالي ابن البالسي، وفاطمة بنت الناصح بن عياش، وهدبة بنت مؤمن، وجماعة.
وقد حدث بجزءين عن أبي محمد ابن المادح أحمد نسخة محمد ابن السري فيما بلغني، وبه ختم السماع من ابن المادح.
قال ابن نقطة: كان الثناء عليه غير طيب.
قلت: عاش بعد هذا القول مدة، ولعله صلح حاله.
مات في ثاني جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وست مئة.

التسارسي

الشيخ أبو الرضا علي بن زيد بن علي بن مفرج الجذامي التسارسي البرقي، ثم الإسكندراني، المالكي، الخياط، من أصحاب السلفي.
روى عنه الدمياطي، وعيسى السبتي، ونصر الله بن عياش، والغرافي، وعبد الرحمن بن جماعة.
توفي في رمضان سنة إحدى وأربعين وست مئة.

كريمة

بنت المحدث العدل أبي محمد عبد الوهاب بن علي بن الخضر بن عبد الله بن علي، الشيخة الصالحة المعمرة، مسند الشام، أم الفضل القرشية، الأسدية، الزبيرية، الدمشقية، وتعرف ببنت الحبقبق.
ولدت سنة ست وأربعين وخمس مئة.
وسمعت أجزاء قليلة من أبي على ابن الحبوبي، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وحسان بن تميم الزيات، وعلي بن مهدي الهلالي، وعلي بن أحمد الحرستاني، وتفردت في الدنيا عنهم، وتفردت بإجازة أبي الوقت السجزي، فروت الصحيح غير مرة، وروت بالإجازة عن مسعود الثقفي، وأبي عبد الله الرستمي، وأبي الخير الباغبان، ورجاء بن حامد، وخلق.
خرج لها زكي الدين البرزالي مشيخة في ثمانية أجزاء سمعناها.
حدث عنها خلق كثير، منهم: الضياء، وابن خليل، وابن هامل، وأبو العباس ابن الظاهري، وخديجة بنت غنيمة، وخطيب كفر بطنا جمال الدين الدينوري، والشرف الناسخ، والصدر الأرموي، والقاضي الحنبلي، وفاطمة بنت سليمان، ومحمد بن يوسف الإربلي، وعيسى المطعم، وست القضاة بنت الشيرازي، وبنت عمها ست الفخر، وأخوها زين الدين عبد الرحمن، وكانت امرأة صالحة جليلة، طويلة الروح على الطلبة، لا تمل من الرواية. ماتت ببستانها بالميطور في رابع عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وست مئة.

علي بن محمد

ابن علي بن مهران المفتي الكبير محيي الدين القرميسيني، ثم الإسكندراني، الشافعي، من كبار الأئمة.
روى عن إسماعيل بن عوف، وجماعة.
وتفقه به جماعة.
وحدث عنه الدمياطي، والمنذري.
مات في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وست مئة.

عبد الملك

ابن عبد الحق ابن شرف الإسلام عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج ابن الحنبلي، الفقيه أبو الوفاء.
حدث عن السلفي بالأربعين، وعن أحمد ابن الموازيني، وأم زماناً بمسجد الرماحين.
حدثنا عنه ابن الخلال، وابن مشرف، وعبد الرحمن بن الإسفراييني.
مات في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وست مئة.

ابن محارب

الشيخ الإمام المحدث الرحال أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن محارب، القيسي الغرناطي الأصل الإسكندراني المولد.
ولد سنة أربع وخمسين وخمس مئة، قيده الآبار.
وسمع من أبي طاهر السلفي، وأبي الطاهر بن عوف ومحمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وعدة، وبمصر من هبة الله البوصيري، وبمرسية من أبي بكر بن أبي حمزة، وبغرناطة من القاضي عبد المنعم ابن الفرس، وأبي جعفر أحمد بن حكم، وأجاز له أبو محمد التادلي ما رواه عن أبي محمد بن عتاب. وكان يذكر أنه سمع من السلفي الأربعين له ولم يظهر ذلك إلا بعد موته، فحدثني ابن رافع أن عبد الكريم الحافظ أراه أصل سماع ابن محارب بالأربعين من السلفي، وقد كان ابن محارب له عناية قوية بالحديث وإتقان، كتب وحصل الأصول وطال عمره.
حدث عنه أبو القاسم بن بلبان، وعبد المؤمن الحافظ، ونصر الله ابن عياش، والضياء عيسى السبتي، وجماعة.
اتفق موته وموت كريمة الزبيرية في ليلة واحدة من جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وست مئة.
ومن سماعه كتاب الشفاء للقاضي عياض، سمعه على ابن بلبان ورواه.

ابن حمويه

الإمام الفاضل الكبير شيخ الشيوخ تاج الدين أبو محمد عبد الله _ ويدعى عبد السلام _ ابن الشيخ القدوة أبي الفتح عمر بن علي ابن القدوة العارف محمد بن حمويه الجويني، الخراساني، ثم الدمشقي الصوفي، الشافعي.
ولد بدمشق سنة ست وستين وخمس مئة.
وسمع من الحافظ أبي القاسم ابن عساكر وجماعة، وببغداد من فخر النساء شهدة، ودخل إلى المغرب في سنة ثلاث وتسعين، فأقام هناك سبعة أعوام، وأخذ عن أبي محمد بن حوط الله، وطائفة، وسكن مراكش.
وكان فاضلاً مؤرخاً أديباً، له مجاميع، وكان ذا تواضع وعفة، لا يلتفت إلى أولاد أخيه الأمراء.
حدث عنه المنذري، والشيخ زين الدين الفارقي، وأبو عبد الله ابن غانم، وأبو علي ابن الخلال، والركن الطاووسي والفخر ابن عساكر، وبالحضور أبو المعالي ابن البالسي. وكان قد تقدم عند الملك يوسف بن يعقوب بن عبد المؤمن.
مات في خامس صفر سنة اثنين وأربعين وست مئة.
وفيا توفي ظافر ابن شحم المطرز، والقاضي الرفيع، وقمر بن بطاح البقال، والنفيس محمد بن رواحة، وخاطب المزي، والنجم حسن بن سلام الكاتب.
أولاد أخيه:

العماد

المولى الصاحب شيخ الشيوخ أبو الفتح عمر ابن شيخ الشيوخ صدر الدين محمد ابن عماد الدين عمر بن حمويه.
ولد بدمشق سنة 581.
ونشا بمصر، وسمع من الأثير ابن بنان، والشهاب الغزنوي، وولي بعد أبيه تدريس قبة الشافعي، ومشهد الحسين، ومشيخة السعيدية، وكان ذا وقار وجلالة وفضل وحشمة، حضر موت الكامل، ونهض بتمليك دمشق للجواد، فأعطاه جوهراً كثيراً وذهباً، وسار إلى مصر، فلامه العادل أبو بكر، فقال: أنا أرجع إلى دمشق وأبعث بالجواد إليك، وإن امتنع أقمت نائباً لك بدمشق، فقدم فتلقاه الجواد وخضع، فنزل بالقلعة وحكم، وقال: أنا نائب صاحب مصر، وقال للجواد: سر إلى مصر، فتألم، وأضمر له الشر، وكان العماد قدم مريضاً في محفة، فقال الجواد: اجعلوني نائباً لكم، وإلا سلمت دمشق إلى نجم الدين أيوب وآخذ منه سنجار، قال: فعلتها تصلح بين الأخوين وتبقى أنت بلا شيء. قال سعد الدين ابن حمويه: خرجنا من مصر فودع العماد إخوته، فقال له فخر الدين: ما رواحك جيداً ربما آذاك الجواد، قال: أنا ملكته، قال: فارقته أميراً وتعود إليه ملكاً، فكيف يسمح لك؟ فأنزل على طبرية وكاتبه، فلم يقبل، قال: ثم إن الجواد جاءه صاحب حمص أسد الدين وقال له: إن اتفق العادل وأخوه شحذنا في المخالي، ثم جاء أسد الدين إلى العماد وقال: المصلحة أن تثني عزم العادل عن هذا، قال: حتى أمضي إلى برزة وأصلي للاستخارة، قال: بل تهرب منها إلى بعلبك، فغضب، فرد أسد الدين إلى بلده، فبعث الجواد يقول: إن شئت فاركب وتنزه، فظن أن هذا عن رضى، فلبس الخلعة، وبعث إليه بحصان، فلما خرج إذا شخص بيده قصة فاستغاث، فأراد حاجبه أن يأخذها، فقال: لي مع الصاحب شغل، فقال العماد: دعوه، فتقدم فناوله القصة، ويضربه بسكين بدد أمعاءه، وشد آخر فضربه بسكين في ظهره فحمل إلى الدار ميتاً، وعمل الجواد محضراً أنه ما مالى على ذلك فجهزناه وخيطنا جراحه، وكانت له جنازة عظيمة فدفناه في زاوية سعد الدين بقاسيون.
قال أبو شامة: قفز عليه ثلاثة داخل القلعة، وكان من بيت التصوف والإمرة، من أعيان المتعصبين للأشعري، قتل سنة ست وثلاثين.

الكمال

هو الصاحب الجليل مقدم جيوش مصر أبو العباس أحمد ابن صدر الدين أبي الحسن الشافعي الصوفي.
ولد بدمشق سنة أربع وثمانين.
وسمع من طائفة، ودرس بقبة الشافعي، وبالناصرية، ومشيخة الشيوخ، ودخل في المملكة، وكان صدراً مطاعاً كإخوته، برز بالجيوش لمضايقة الصالح أبي الخيش فأدركه الموت بغزة، فدفن بها في صفر سنة أربعين وست مئة.

المعين

المولى الصالح مقدم الجيوش الأمير أبو علي الحسن ابن شيخ الشيوخ صدر الدين.
مولده بدمشق سنة بضع وثمانين.
وتقدم في دولة الكامل، ثم عظم جداً في أيام الصالح، ووزر له، ثم تقدم على جيش مصر، وعلى الخوارزمية، ونازل دمشق إلى أن أخذها من الصالح إسماعيل، ودخل إلى القلعة، وأمر ونهى، ثم لم يمنع ومرض بالإسهال والدم، ومات في الثاني والعشرين من رمضان سنة ثلاث وأربعين وست مئة كهلاً، ودفن بجنب أخيه العماد، فكان بين حصول الأمنية وحضور المنية أربعة أشهر ونصف، وكان ذا كرم وجود، وكان أخوه فخر الدين مسجوناً.

الفخر

الصاحب الكبير ملك الأمراء فخر الدين يوسف ابن شيخ الشيوخ.
مولده بدمشق بعد الثمانين وخمس مئة.
وسمع من منصور الطبري، والشهاب الغزنوي.
وحدث، وكان صدراً معظماً عاقلاً شجاعاً مهيباً جواداً خليقاً للإمارة، غضب عليه السلطان نجم الدين سنة أربعين وسجنه ثلاث سنين، وقاس شدائد، ثم أنعم عليه، وولاه نيابة المملكة، وكان يتناول المسكر، ولما توفي السلطان ندبوا فخر الدين إلى السلطنة، فامتنع، ولو أجاب لتم له.
قيل: إنه لما قدم مع السلطان دمشق نزل في دار سامة، فدخل عليه الشيخ العمادي ابن النحاس، فقال: يا عماد الدين والله لأسبقنك إلى الجنة، فصدق الله قوله إن شاء الله، واستشهد يوم وقعة المنصورة.
ولما مات الصالح نهض بأعباء الأمر، وأحسن وأنفق في الجند مئتي ألف دينار، وبطل بعض المكوس، وركب بالشاويشية، وبعث الفارس أقطايا إلى حصن كيفا لإحضار ولد الصالح المعظم تورانشاه، فأقدمه، ولقد هم تورانشاه بإمساكه لما رأى من تمكنه فاتفق قصد الفرنج وزحفهم على الجيش فتقهقر الجيش وانهزموا، فركب فخر الدين وقت السحر وبعث النقباء وراء المقدمين، وساق في طلبه، فحمل عله طلب الديوية، فتفلل عنه أصحابه، وجاءته طعنة، فسقط وقتل، ونهبت مماليكه أمواله، وقتل معه جمداره، وقتل عدة. ثم تناخى المسلمون، وحيل فدفن بالقاهرة. قتل في ذي القعدة سنة سبع وأربعين وست مئة.

ابن الخشوعي

الشيخ زكي الدين أبو إسحاق إبراهيم بن أبي طاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر الخشوعي الدمشقي.
ولد سنة ثمان وخمسين، وكان خاتمة من بقي من أصحاب أبي المكارم بن هلال، وسمع من ابن عساكر، وأبي الفهم بن أبي العجائز، وأبي المعالي بن صابر، وعدة، فأكثر. وله مشيخة انتقاها زكي الدين البرزالي. روى عنه الحافظ الضياء وقال: ما علمت فيه إلا الخير، وابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو علي ابن الخلال، وأبو الفضل الذهبي والفخر ابن عساكر، ويوسف بن عبادة البقلي، وعلي بن أحمد ابن البقال، وآخرون، وله عدة إخوة.
مات في رجب سنة أربعين وست مئة.

ابن سهل

العلامة أبو الحسن سهل بن محمد بن سهل بن محمد بن مالك الأزدي الغرناطي.
سمع من خاله أبي عبد الله بن عروس، وخال أمه يحيى بن عروس، وابن كوثر، وأبي القاسم بن حبيش، وابن الجد، وعدة.
قال الأبار: كان من جلة العلماء والأئمة البلغاء الخطباء، مع التفنن في العلوم، وكان رئيساً معظماً جواداً، امتحن وغرب إلى مرسية فسكنها مدة إلى أن هلك الملك ابن هود فسرح إلى بلده.
مات سنة أربعين وست مئة عن إحدى وثمانين سنة.
ومما قيل فيه:

عجباً للنـاس تـاهـوا

 

في بنيات المسـالـك

وضفوا بالفضل قومـاً

 

وهم ليسوا هـنـالـك

كثر الوصف ولـكـن

 

صح عن سهل بن مالك

وهو القائل:

منغص العيش لا يأوي إلـى دعةٍ

 

من كان في بلد أو كـان ذا ولـد

والساكن النفس من لم ترض همته

 

سكنى مكان ولم يسكن إلى أحـد

ابن مقبل

العلامة قاضي القضاة عماد الدين أبو المعالي عبد الرحمن بن مقبل بن حسين الواسطي الشافعي.
ولد سنة سبعين.
وتفقه بابن البوقي، وعلى المجير البغدادي، وابن فضلان، وابن الربيع، وبرع ودرس وأفتى، وولي القضاء في سنة أربع وعشرين، وولي تدريس المستنصرية سنة إحدى وثلاثين، ثم عزل من الكل سنة ثلاث وثلاثين وست مئة، ولزم بيته وتعبد، وتنسك، ثم ولي مشيخة رباط المرزبانية، إلى أن مات.
حدث عن ابن كليب. وكان من عقلاء الأئمة.
مات في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وست مئة.

ابن عين الدولة

قاضي القضاة شرف الدين أبو المكارم محمد ابن القاضي الرشيد عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي القاسم بن صدقة الصفراوي الإسكندراني ثم المصري الشافعي، عرف بابن عين الدولة.
مولده بالثغر سنة إحدى وخمسي.
وقدم القاهرة سنة ثلاث وسبعين فناب عن ابن درباس، وقد ولي قضاء الثغر من أقاربه ثمانية، ثم استقل بقضاء القاهرة سنة ثلاث عشرة، ثم ولي قضاء الإقليم سنة سبع عشرة، وله فقه وفضائل ونظم ونثر مع العفة والنزاهة.
مات في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وست مئة.