أهل الفروع المختلفون في الأحكام الشرعية والإجتهادية
اعلم أن أصول الإجتهاد وأركانه أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس.
وربما تعود إلى إثنين
وإنما تلقوا صحة هذه الأركان وانحصارها: من إجماع الصحابة رضي الله عنهم وتلقوا أصلالإجتهاد والقياس وجوزوا منهم أيضاً فإن العلم قد حصل بالتواتر أنهم إذا وقعت حادثة شرعية من حلال أو حرام: فزعوا إلى الإجتهاد واتدؤا بكتاب الله تعالى فإن وجدوا فيه بصاً أو ظاهراً تمسكوا به وأجروا حكمك الحادثة على مقتضاه وإن لم يجدوا فيه نصاً أو ظاهراً: فزعوا إلى السنة فإن روى لهم في ذلك خبر أخذوا به ونزلوا على حكمه وإن لم يجدوا الخبر: فزعوا إلى الإجتهاد.
فكانت أركان الإجتهاد عندهم: اثنين أو ثلاثة ولنا بعدهم: أربعة إذ وجب علينا: الأخذ بمقتضى إجماعهم واتفاقهم والجرى على مناهج اجتهادهم.
وربما كان إجماعهم على حادثة غجماعاً اجتهادياً وربما كان إجماعاً مطلقاً لم يصرح فيه الإجتهاد وعل الوجهين جميعاً: فالإجماع حجة شرعية لإجماعهم على التمسك ل بالإجماع على التمسك بالإجماع.
ونحن نعلم: أن الصحابة رضي الله عتهم الذين هم الأئمة الراشدون: لا يجتمعون على ضلال وقد قال النبي صلى الله عليع وسلم: لا تجتمع أمتي على ضلالة.
ولكن الإجماع لا يخلو عن نص خفي أو جلى: قد اختصه لأنا على القطع نعلم أن الصدر الأول لا يجمعون على أمر إلا عن تثبت وتوقيف فإما أن يكون ذلك النص فسي نس الحادثة التي اتفقوا على حكمها من غير بيان ما يستند إليه حكمها وإما أن يكون النص في أن الإجماع حجة ومخالفة الإجماع بدعة.
وبالجملة: مستند الإجماع نص: خفي أو جلي: لا محالة وإلا فيؤدي إلى إثبات الأحكام المرسلة ومستند الإجتهاد والقياس هو: الإجماع وهو أيضاً مستند إلى نص مخصوص في جواز الإجتهاد.
فرجعت الأصول الأربعة في الحقيقة إلى إثنتين وربما ترجع إلى واحد وهو قول الله تعالىز وبالجملة: نعلم قطعاً ويقيناً أن الحوادث والوقائع في العبادات والتصرفات: مما لايقبل الحصر والعد ونعلم قطعاً أيضاً أنه لم يرد في كل حادثة نص ولا يتصور ذلك أيضاً والنصوص إذا كانت متناهية والوقائع غير متناهية ولا يتناهى لا يضبطه ما يتناهى.
علم قطعاً: أن الإجتهاد والقياس واجب الإعتبار حتى يكون بصدد كل حادثة إجتهاد.
ثم لا يجوز أن يكون الإجتهاد مرسلاً: خارجاً عن ضبط الشرع فإن القياس المرسل شرع آخر وإثبات حكم من غير مستند وضع آخر والشارع هو الواضع للأحكام فيجب على المجتهد أن لا يعدل في اجتهاده عن هذه الأركان.
وشرائط الإجتهاد خمسة
معرفة قدر صالح من اللغة بحيث يمكنه فهم لغات العرب والتمييز بين الألفاظ الوضعية والإستعارية والنص والظاهر والعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمفصل وفحوى الخطاب ومفهوم الكلام ومايدل على مفهومه بالمطابقة وما يدل بالتضمن وما يدل بالإستتباع فإن هذه المعرفة كالآلة التي بها يحصل الشيء ومن لم يحكم الآلة والأداة لم يصل إلى تمام الصنعة.
ثم: معرفة تفسير القرآن خصوصاً مايتعلق بالإحكام وما ورد من الأخبار في معاني الآيات ومارئي من الصحابة المعتبرين: كيف سلكوا مناهجها وأي معنى فهموا من مدارجها ولو جهل تفسير سائر الآيات التي تتعلق بالمواعظ والقصص قيل: لم يضره ذلك في الإجتهاد فإن من الصحابة من كان لا يدري تلك المواعظ ولم يتعلم بعد جميع القرآن وكان من أهل الإجتهاد.
ثم : معرفة الأخبار: بمتونها وأسانيدها والإحاطة بأحوال النقلة والواة: عدولها وثقاتها ومطعونها ومردودها والإحاطة بالوقائع الخاصة فيها وما هو عام ورد في حادثة خاصة وما هو خاص عمم في الكل حكمه.
ثم الفرق بين: الواجب والندب والإباحة الخطر والكراهة حتى لا يشذ عنه وجه من هذه الوجوه ولا يختلط عليه باب بباب.
ثم: معرفة مواقع إجماع الصحابة والتابعين وتابع التابعين من السلف الصالحين حتى لا يقع اجتهاده في مخالفة الإجماع.
ثم: التهدي إلى مواضع الأقيسة وكيفية النظر والتردد فيها: من طلب أصل أولاً ثم طلب معنى مخيل يستنبط منه فيعلق الحكم عليه أو شبه يغلب على الظن فيلحق الحكم به.
فهذه: خمس شرائط لابد من مراعاتها حتى يكون المجتهد مجتهداً واجب الغتباع والتقليد في حق العامي وإلا فكل حكم لم يستند إلى قياس واجتهاد مثل ما ذكرنا فهو مرسل مهمل.
قالوا: فإذا حصل المجتهد هذه المعارف: ساغ له الإجتهاد ويكون الحكم الذي أدى إليه اجتهاده سائغاً في الشرع ووجب على العامي تقليده والأخذ بفتواه.
وقد استفاض الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: يا معاذ! بم تحكم قال: بكتاب الله قال: فإن لم تجد قال: فبسنة رسول الله قال فإن لم تجد قال: أجتهد برأيي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضاه.
وقد روى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضياً إلى اليمن قلت: يا رسول الله! كيف أقضي بين الناس وأنا حدث السن فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على صدري وقال: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه فما شككت بعد ذلك في قضاء بين اثنين.
أحكام المجتهدين: في الأصول والفروع ثم اختلف أهل الأصول في تصويب المجتهدين في الأصول والفروع.
فعامة أهل الأصول على أن الناظر في المسائل الأصولية والأحكام العقلية اليقينية القطعية: يجب أن يكون متعين الغصابة فالمصيب فيها واحد بعينه.
ولا يجوز أن يختلف المختلفان في حكم عقلي حقيقة الإختلاف: بالنفي والإثبات على شرط التقابل المذكور بحيث ينفي أحدهما ما يثبته الآخر بعينه من الوجه الذي يثبته في الوقت الذي يثبته إلا وأن يقتسما: الصدق والكذب والحق والباطل سواء كان الإختلاف: بين أهل الأصول في الإسلام أو بين أهل الإسلام وبين أهل الملل والنحل الخارجة عن الإسلام فإن المختلف فيه: لا يحتمل توارد الصدق والكذب والصواب والخطإ عليه في حالة واحدة.
وهو مثل قول أحد المخبرين: زيد في هذه الدار في هذه الساعة فإنا نعلم قطعاً: أن أحد المخبرين صادق و الآخر كاذب لأن المخبر عنه لا يحتمل اجتماع الحالتين فيه معاً فيكون زيد في الدار ولا يكون في الدارز لعمري! قد يختلف المختلفان في حكم عقلي في مسألة ويكون محل الإختلاف مشتركاً وشرط القضيتين نافذاً فحينئذ يمكن أن يصوب المتنازعتان ويرتفع النزاع بينهما برفع الإشتراك أو يعود النزاع إلى أحد الطرفين: مثال ذلك: المختلفان في مسالة الكلام ليسا يتواردان على معنى واحد بالنفي والإثبات فغن الذي قال: هو مخلوق أراد به: أن الكلام هو الحروف والأصوات في اللسان والرقوم والكلمات في الكتابة قال: وهذا مخلوق.
والذي قال: ليس بمخلوق لم يرد به الحروف والرقوم وإنما أراد به معنى آخر فلم يتواردا بالتنازع في الخلق على معنى واحد.
وكذلك في مسألة الرؤية فإن النافي قال: الرؤية غنما هي: اتصال شعاع بالمرئي وهو لا يجوز في حق الباري تعالى.
فلم يتوارد النفي والغثبات على معنى واحد ألا إذا رجع الكلام إلى إثبات حقيقة الرؤية فيتفقان أولاً على أنها ما هي ثم يتكلمان: نفياًن وإثباتاً.
وكذلك في مسألة الكلام يرجعان إلى إثبات ماهية الكلام ثم يتكلمان: نفياً وغثباتاً وإلا فيمكن أن تصدق القضيتان.
وقد صار أبو الحسن العنبري إلى أن كل مجتهد ناظر في الأصول مصيب لأنه أدى ما كلف به من المبالغة في تسديد النظر في المنظور فيه وإن كان متعيناً: نفياً وإثباتاً إلا انه أصاب من وجه.
وإنما ذكر هذا في الإسلاميين من الفرقن وأما الخارجون عن الملة فقد تقررت النصوص والغجماع على كفرهم وخطئه.
وكان سياق مذهبه يقتضي تصويب كل مجتهد على الإطلاق إلا أن النصوص والإجماع صدته عن تصويب كل ناظر وتصديق كل قائل.
وللاصوليينك خلاف في تكفير أهل الأهواء مع قطعهم بأن المصيب واحد بعينه لأن التكفير: حكم شرعي والتصويب: حكم عقلي فمن مبالغ متعصب لمذهبه: كفر وضلل مخالفه ومن متسائل متألف: لم يكفر.
ومن كفر: قرن كل مذهب ومقالة واحد من أهل الأهواء والملل كتقرين القدرية بالمجوس وتقرين المشبهة باليهود وتقرين الرافضة بالنصارى وأجرى حكم هؤلاء فيهم من المناكحةو أكل الذبيحة.
ومن تساهل ولم يكفر: قضى بالتضليل وحكم بأنهم هلكى في الآخرة.
واختلفوا في اللعن على حسب اختلافهم في التكفير والتضليل.
وكذلك من خرج على الإمام الحق بغياً وعدواناً فغن كان صدر خروجه: عن تأول وإجتهاد سمي: باغياً: مخطئاً.
ثم البغي: هل يوجب اللعن فعند أهل السنة: إذا لم يخرج بالبغي عن الإيمان لم يستوجب اللعن.
وعند المعتزلة: يستحق اللعن بحكم فسقه والفاسق خارج عن الإيمان.
وإن كان صدر خروجه عن: البغي والحسد والمروق عن الدين فإجماع المسلمين استحق: اللعن باللسان والقتل بالسيف والسنان.
وأما المجتهدون في الفروع فاختلفوا في الأحكام الشرعية: من الحلال والحرام ومواقع الإختلاف مظان غلبات الظنون بحيث يمكن تصويب كل مجتهد فيها.
وإنما يبتني ذلك على أصل وهو أنا نبحث هل لله تعالى حكم في كل حادثة أم لا.
فمن الأصوليين من صار إلى أن لا حكم لله تعالى في الوقائع المجتهد فيها حكماً بعينه قبل الإجتهاد: من جواز وحظر وحلال وحرام وإنما حكمه تعالى: ما أدى إليه اجتهاد المجتهد وأن هذا الحكم منوط بهذا السبب فما لم يوجد السبب لم يثبت الحكم خصوصاً على مذهب من قال: إن الجواز والحظر لا يرجعان إلى صفات في الذات وإنما هي راجعة إلى أقوال الشارع: افعل لا تفعل.
على هذا المذهب: كل مجتهد مصيب في الحكم.
ومن الأصوليين من صار إلى أن لله تعالى في كل حادثة حكماً بعينه قبل الإجتهاد: من جواز وحظر بل وفي كل حركة يتحرك بها الإنسان حكم تكليف من: تحليل وتحريم وإنما يرتاده المجتهد بالطلب والإجتهاد إذ الطلب لا بد له من مطلوب والإجتهاد يجب أن يكون من شيء إلى شيء إذ الطلب لا بد له من مطلوب والإجتهاد يجب بين النصوص والظاوهر والعمومات وبين المسائل المجمع عليها فيطلب الرابطة المعنوية أو التقريب من حيث الأحكام والصور حتى يثبت في المجتهد فيه مثل ما يلفيه في المتفق عليه.
ولو لم يكن له مطلوب معين: كيف يصح منه الطلب على هذا الوجه.
فعلى هذا المذهب: المصيب واحد من المجتهدين في الحكم المطلوب وإن كان الثاني معذوراً نوع عذر إذ لم يقصر في الإجتهادز ثم: هل يتعين المصيب أم لا فأكثرهم على أنه لا يتعين فالمصيب واحد لا بعينه.
ومن الأصوليين من فصل الأمر فيه فقال: ينظر في المجتهد بعينه خطأ لا يبلغ تضليلً والمتمسك بالخبر الصحيح والنص الظاهر مصيب بعينه.
وإن لم تكن مخالفة النص ظاهرة: فلم يكن مخطئا بعينه بل كل واحد منهما مصي في إجتهاده وأحدهما مصيب في الحكم لا بعينه.
والمسالة مشكلة والقضية معضلة.
حكم الإجتهاد والتقليد والمجتهد والمقلد ثم الإجتهاد من فروض الكفايات لا من فروض الأعيان: إذا اشتغل بتتحصيله واحد سقط الفرض عن الجميع وإن قصر فيه أهل عصر: عصوا بتركه وأشرفوا على خطر عظيم فإن الأحكام الشرعية الإجتهادية إذاكانت مترتبة على الإجتهاد ترتب المسبب على السبب: كانت الأحكام عاطلة والآراء كلها فائلة.
فلا بد إذاً من مجتهد.
وإذا اجتهد المجتهدان وأدى اجتهاد كل واحد منهما إلى خلاف ما أدى إليه اجتهاد الآخر فلا يجوز لأحدهما تقليد الآخر.
وكذلك إذا اجتهد مجتهد واحد في حادثة وأدى اجتهاده إلى جواز أو خطر ثم حدثت تلك الحادثة بعينها في وقت آخر فلا يجوز له أن يأخذ باجتهاده الأول إذ يجوز أن يبدو له في الإجتهاد الثاني ما أغفله في الإجتهاد الأول.
وأما العامي فيجب عليه تقليد المجتهد وإنما مذهبه فيما يسأله: مذهب من يسأله عنه.
هذا هو الأصل إلا أن علماء الفريقين: لم يجوزوا أن يأخذ العامي الحنفي إلا بمذهب أبي حنيفة والعامي الشافعي إلا بمذهب الشافعي لأن الحكم بأن لا مذهب للعامي وأن مذهبه مذهب المفتي: يؤدي إلى خلط وخبط فلهذا لم يجوزوا ذلك.
وإذا كان مجتهدان في بلد: اجتهد العامي فيهما حتى يختار الأفضل والأروع ويأخذ بفتواه.
وإذا أفتى المفتي على مذهبه وحكم به قاض من القضاة على مقتضى فتواه ثبت الحكم على المذاهب كلها وكان القضاء إذا اتصل بالفتوى ألزم الحكم كالقبض مثلاً إذا اتصل بالعقد.
ثم العامي بأي شيء يعرف أن المجتهد قد وصل إلى حد الإجتهاد وكذلك المجتهد نفسه متى يعرف أنه استكمل شرائط الإجتهاد.
ففيه نظر.
ومن اصحاب الظاهر مثل: داود الأصفهاني وغيره: من لم يجوز القياس والإجتهاد في الأحكام وقال: الأصول هي الكتاب والسنة والإجماع فقط ومنع أن يكون القياس أصلاًمن الأصول وقال: إن أول من قاس إبليس وظن أن القياس أمر خارج عن مضمون الكتاب والسنتة.
ولم يدر أنه: طلب حكم الشرع من مناهج الشرع ولم تنضبط قط شريعة من الشرائع إلا باقتران الإجتهاد بها لأن من ضرورة الإنتشار في العالم: الحكم بأن الإجتهاد معتبر.
وقد رأينا الصحابة رضي الله عنهم: كيف اجتهدوا وكم قاسوا خصوصاً في مسائل المواريث: من توريث الإخوة مع الجد وكيفية توريث الكلالة وذلك مما لايخفى على المتدبر لأحوالهم.
أصناف المجتهدين ثم المجتهدون من أئمة الأمة: محصورون في صنفين لا يعدوان إلى ثالث: أصحاب الحديث وهم: أهل الحجاز هم: أصحاب مالك بن أنس وأصحاب محمد بن إدريس الشافعي وأصحاب سفيان الثوري وأصحاب أحمد بن حنبل وأصحاب داود بن علي بن محمد الأصفهاني.
وإنما سموا: أصحاب الحديث لأن عنايتهم: بتحصيل الأحاديث ونقل الأخبار وبناء الأحكام على النصوص ولا يرجعون إلى القياس الجلي والخفي ما وجدود: خبراً أو أثراً وقد قال الشافعي: إذا وجدتم لي مذهباً ووجدتم خبراًعلى خلاف مذهبي فاعلموا أن مذهبي: ذلك الخبر.
ومن أصحابه: أبو إبراهيم إسماعيل ابن يحيى المزني والربيع بن سليمان الجيزي وحرملة بن يحيى التجيبي والربيع ابن سليمان المرادي وأبو يعقوب البويطي والحسن بن محمد بن الصباح الزعفرانين ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي.
وهم لا يزيدون على اجتهاده اجتهاداً بل يتصرفون فيما نقل عنه: توجيهاً واستنباطاً ويصدرون عن رأيه جملة فلا يخالفونه البتة.
أصحاب الرأي: وهم: أهل العراق هم: أصحاب ابي حنيفة النعمان بن ثابت.
ومن أصحابه: محمد بن الحسن وأبو يوسف يعقوب ابن إبراهيم بن محمد القاضي وأبو مطيع البلخي وبشر المريسي.
وإنما سموا: أصحاب الرأي لأن أكثر عنايتهم: بتحصيل وجه القياس والمعنى المستنبط من الأحكام وبناء الحوادث عليها وربما يقدمون القياس الجلي على آحاد الأخبار.
وقد قال أبو حنيفة: علمنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه فمن قدر على غير ذلك فله ما رأى ولنا ما رأينا.
وهؤلاء ربما يزيدون على إجتهاده غجتهاداً ويخالفونه في الحكم الغجتهادي.
والمسائل التي خالفوه فيها: معروفة.
تفرقة وتذكرة: إعلم أن بين الفريقين اختلافات كثيرة في الفروع ولهم فيها تصانيف وعليها مناظرات.
وقد بلغت النهاية في مناهج الظنون حتى كأنهم قد أشرفوا على القطع واليقين.
وليس يلزم من ذلك: تكفير ولا تضليل بل كل مجتهد مصيب كما ذكرنا قبل هذا.