القسم الثاني - الجزء الرابع (آراء الهند) - الباب الثاني

أصحاب الروحانيات

ومن أهل الهند جماعة أثبتوا متوسطات روحانية يأتونهم بالرسالة من عند الله في صورة البشر من غير كتاب فيأمرهم بأشياء وينهاهم عن أشياء ويسن لهم الشرائع ويبين لهم وإنما يعرفون صدقه بتنزهه عن حطام الدنيا واستغنائه عن‏:‏ الأكل والشرب والبعال‏.‏
الباسنوية زعموا‏:‏ أن رسولهم ملك روحاني نزل من السماء على صورة بشر فأمرهم بتعظيم النار وأن يتقربوا إليها بالعطر والطيب والأدهان والذبائح ونهاهم عن القتل والذبح إلا ما كان للنار وسن لهم إن يتوشحوا بخيط يعقدونه من مناكبهم الأيامن إلى تحت شمائلهم ونهاهم أيضاً عن الكذب وشرب الخمر وأن لا يأكلوا من أطعمة غير ملتهم ولا من ذبائحهم وأباح لهم الزنا لئلا ينقطع النسل‏.‏

وأمرهم أن يتخذوا بالمعازف والتبخير والغناء والرقص وأمرهم بتعظيم البقرة والسجود لها حيث رأوها وأن يفزعوا في التوبة إلى التمسح بها وأمرهم أن لا يجوزوا نهر كنك‏.‏

الباهودية زعموا‏:‏ أن رسولهم ملك روحاني على صورة بشر واسمه باهود أتاهم وهو راكب على ثور على رأسه إكليل مكلل بعظام الموتى من عظام الرؤوس‏.‏

ومتقلد من ذلك بقلادة وبإحدى يديه قحف إنسان وبالأخرى مزراق ذو ثلاث شعب‏.‏

يأمرهم بعبادة الخالق عز وجل وبعبادته معه وأن يتخذوا على مثاله صنماً يعبدونه وأن لا يعافوا شيئاً وأن تكون الأشياء كلها في طريقة واحدة لأنها جميعاً صنع الخالق عز وجل وأن يتخذوا من عظام الناس قلائد يتقلدونها وأكاليل يضعونها على رؤوسهم وأن يمسحوا أجسادهم ورؤوسهم بالرماد‏.‏

وحرم عليهم الذبائح والنكاح وجمع الأموال وأمرهم برفض الدنيا ولا معاش لهم فيها إلا من الصدقة‏.‏

الكابلية زعموا أن رسولهم ملك روحاني يقال له شب أتاهم في صورة بشر متمسح بالرماد على رأسه قلنسوة من لبود أحمر طولها ثلاثة أشبار مخيط عليها صفائح من قحف الناس متقلد قلادة من أعط ما يكون متمنطق من ذلك بمنطقة متسور منها بسوار متخلخل منها بخلخال‏.‏

وهو عريان‏.‏

فأمرهم أن يتزينوا بزينة ويتزيوا بزيه وسن لهم شرائع وحدوداً‏.‏

البهادونية قالوا‏:‏ إن بهادون كان ملكاً عظيماً أتانا في صورة إنسان عظيم وكان له أخوان قتلاه وعملا من جلدته الأرض ومن عظامه الجبال ومن دمه البحار وقيل‏:‏ هذا رمز وإلا فحال إنسان لا تبلغ إلى هذه الدرجة‏.‏

وصورة بهادون راكب على دابة كثير شعر الرأس قد أسبله على وجهه وقد قسم الشعر على جوانب رأسه قسمة مستوية‏.‏

وأسبله كذلك على نواحي الرأس قفاً ووجهاً‏.‏

وأمرهم أن يفعلوا ذلك‏.‏

وسن لهم أن لا يشربوا الخمر وإذا رأوا امرأة هربوا منها وأن يحجوا إلى جبل يدعى جور عن وعليه بيت عظيم فيه صورة بهادون‏.‏

ولذلك البيت سدنة لا يكون المفتاح إلا بأيديهم فلا يدخلون إلا بإذنهم وإذا فتحوا الباب سدوا أفواههم حتى لا تصل أنفاسهم إلى الصنم من حجهم لم يدخلوا العمران في طريقهم ولم ينظروا إلى محرم‏.‏

ولم يصلوا إلى أحد بسوء وضرر من قول وفعل‏.