المجلد الأول - القول في الإبانة عن فناء الزمان والليل والنهار القول في الإبانة عن فناء الزمان والليل والنهار

وأن لا شيء يبقى غير الله تعالى ذكره

والدلالة على صحة ذلك قول الله تعالى ذكره: "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" وقوله تعالى: "لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجه" فإن كان كل شيء هالك غير وجهه -كما قال جل وعز- وكان الليل والنهار ظلمة أو نوراً خلقهما لمصالح خلقه، فلا شك أنهما فانيان هالكان، كما أخبر، وكما قال: "إذا الشمس كورت" يعني بذلك أنها عميت فذهب ضوءها، وذلك عند قيام الساعة، وهذا ما لا يحتاج إلى الإكثار فيه، إذ كان مما يدين بالإقرار به جميع أهل التوحيد من أهل الإسلام وأهل التوراة والإنجيل والمجوس، وإنما ينكره قومً من غير أهل التوحيد، لم نقصد بهذا الكتاب قصد الإبانة عن خطأ قولهم. فكل الذين ذكرنا عنهم أنهم مقرون بفناء جميع العالم حتى لا يبقى غير القديم الواحد، مقرون بأن الله عز وجل محييهم بعد فنائهم، وباعثهم بعد هلاكهم، خلا قوم من عبدة الأوثان، فإنهم يقرون بالفناء، وينكرون البعث.