المجلد الثالث - عمرة رسول الله من الجعرانة

عمرة رسول الله من الجعرانة

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة معتمراً، وأمر ببقايا الفئ، فحبس بمجنة، وهي بناحية مر الظهران، فلما فرغ رسول الله من عمرته وأنصرف راجعاً إلى المدينة؛ أستخلف عتاب بن أسيد على مكة، وخلف معه معاذ بن جبل يفقه الناس في الدين ويعلمهم القرآن، وأتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقايا الفئ.

وكانت عمرة رسول الله في ذي القعدة، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في ذي القعدة أو في ذي الحجة، وحج الناس تلك السنة على ما كانت العرب تحج عليه، وحج تلك السنة بالمسلمين عتاب بن أسيد؛ وهي سنة ثمان؛ وأقام أهل الطائف على شركهم وأمتناعهم في طائفهم ما بين ذي القعدة، إذ أنصرف رسول الله عنهم إلى شهر رمضان من سنة تسع .

قال الواقدي: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم بين المسلمين بالجعرانة، أصاب كل رجل أربع من الإبل وأربعون شاة؛ فمن كان منهم فارساً أخذ سهم فرسه أيضاً. وقال أيضاً: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لليال يقين من ذي الحجة من سفرته هذه.

قال: وفيها بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى جيفر وعمرو أبني الجلندي من الأزد مصدقاً، فخليا بينه وبين الصدقة، فأخذ الصدقة من أغنيائهم وردها على فقرائهم، وأخذ الجزية من المجوس الذين بها، وهم كانوا أهل البلد، والعرب كانوا يكونون حولها.

قال: وفيها تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلابية التي يقال لها فاطمة بنت الضحاك بن سفيان، فأختارت الدنيا حين خيرت. وقيل: إنها أستعاذت من رسول الله، ففارقها. وذكر أن إبراهيم بن وثيمة بن مالك بن أوس بن الحدثان؛ حدثه عن أبي وجزة السعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها في ذي القعدة.

قال: وفيها ولدت مارية إبراهيم في ذي الحجة، فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم بردة بنت المنذر بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر أبن غنم بن عدي بن النجار، وزوجها البراء بن أوس بن خالد بن الجعد أبن عوف بن مبذول بن عمر بن غنم بن عدي بن النجار؛ فكانت ترضعه.

قال: وكانت قابلتها سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فخرجت إلى أبي رافع فأخبرته أنها ولدت غلاماً؛ فبشر به أبو رافع رسول الله، فوهب له مملوكاً.

قال: وغارت نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشتد عليهن حين رزقت منه الولد.