المجلد الثالث - ذكر خبر طاهر حين شخص مددا لفيروز

ذكر خبر طاهر حين شخص مدداً لفيروز

قال أبو جعفر الطبري رحمة الله : قد كان أبو بكر رحمة الله كتب إلى طاهر بن أبي هالة بالنزول إلى صنعاء وإعانة الأبناء ؛ مإلى مسروق، فخرجا حتى أتيا صنعاء، وكتب إلى عبد الله بن ثور بن أصغر، بأن يجمع إليه العرب ومن استجاب له من أهل تهامة، ثم يقيم بمكانه حتى يأتيه أمره.

وكان أول ردة عمرو بن معد يكرب أنه كان مع هخالد بن سعيد فخالفه، واستجاب لأسود، فسار إليه خالد بن سعيد حتى لقيه ؛ لافاختلفا ضربتين، فضربه خالد على عاتقه فقطع حمالة سيفه فوقع، ووصلت الضربة إلى عاتقه، وضربه عمرو فلم يصنع شيئاً، فلما أراد خالد أن يثنى عليه نزل فتوقل في الجبل، وسلبه فرسه وسيفه الصمصمامة، والحج عمرو فيمن لحج . وصارت إلى سعيد بن العاص الأصغر مواريث آل سعيد بن العاص الأكبر. فلما ولى الكوفة عرض عليه عمرو ابنته، فلم يقبلها، وأتاه في داره بعده سيوف كان خالداً أصابها باليمن فقال: أيها فضرب الإكاف فقطعه والبرذعة ؛ وأسرع في البغل، ثم رده على سعيد، وقال : لو زرتني في بيتي وهو لي لوهبته لك، فما كنت لأقبله إذ وقع.

كتب إلى السرى، عن شعيب، عنسيف، عن المستنير بن يزيد عن عروة بن غزية وموسى، من عند أبي بكر - وكان في آخر من فصل - اتخذ مكة طريقاً، فمر بها فاتبعه خالد بن أسيد، ومر بالطائف فاتبعه عبد الرحمن بن أبي العاص، ثم مضى حتى إذا حاذى جرير بن عبد الله ضمه إليه، وانضم إليه عبد الله بن ثور حين حازاه، ثم قدم على أهل نجران ؛ فانضم إليه فروة بم مسيك وفارق عمرو بن معد يكرب قيساً، وأقبل مستحيباً ؛ حتى دخل على المهاجر على غير أمان ؛ فأوثقه المهاجر ؛ وأوثق قيساً، وكتب بحالهما إلى أبي بكر رحمه الله، وبعث بهما إليه. فلما سار المهاجر من نجران إلى اللحجية، والتقت الخيول على تلك الفالة استأمنوا، فأبى أن يؤمنهم، فافترقوا فرقتين ؛ فلقى المهاجر إحداهمابعجيب، فأتى عليهم، ولقيت خيوله الأخرى بطريق الأخابث، فأتوا عليهم - وعلى الخيول عبد الله - وقتل الشرداء بكل سبيل، فقدم بقيس وعمرو على أبي بكر، فقال: يا قيس، أعدوت على عباد الله تقتلهم وتتخذ المرتدين والمشركين وليجة من دون المؤمنين! وهم بقتلة لووجد أمراً جلياً. وانتفى قيس من أن يكون قارف من أمر داذويه شيئاً، وكان ذلك عملاً عمل في سر لم يكن به بينه، فتجافى له عن دمه، وقال لعمرو ابن معد يكرب: أما تخزى أنك كل يوم مهزوم أو مأسور! لو نصرت هذا الدين لرفعك الله . ثم خلى سبيله، ورد هما إلى عشائرهما، وقال عمرو: لا جرم!لأقبلن ولا أعود.

كتب إلى السرى، عن شعيب، عن سيف، عن المستنير وموسى قالا: سار المهاجر من عجيب، حتى ينزل صنعاء، وأمر أن يتبعوا شذاذ القبائل الذين هربوا ؛ فقتلوا من قدروا عليه منهم كل قتلة، ولم يعف متمرداً، وقبل توبة من أناب من غير المتمرد ؛ وعملوا في ذلك على قدر ما رأوا من آثارهم، ورجوا عندهم. وكتب إلى بكر بدخوله صنعاء وبالذي يتبع من ذلك.