المجلد الثالث - ثم دخلت سنة خمس عشرة

ثم دخلت سنة خمس عشرة

قال ابن جرير: قال بعضهم: فيها مصر سعد بن أبي وقاص الكوفة ؛ دلهم عليها ابن بقيلة ؛ قال لسعد: أدلك على أرض ارتفعت عن البق، وانحدرت عن الفلاة ! فدلتهم على موضع الكوفة اليوم.

ذكر الوقعة بمرج الروم

وفي هذه السنة كانت الوقعة بمرج الروم، وكان من ذلك أن أبا عبيدة خرج بخالد بن الوليد من فحل إلى حمص، وانصرف إليهم من اليرموك ؛ فنزلوا جميعاً على ذي الكلاع، وقد بلغ الخبر هرقل، فبعث توذارا البطريق حتى نزل بمرج دمشق وغربها، فبدأ أبو عبيدة بمرج الروم وجمعهم هذا، وقد هجم الشتاء عليهم والجراح فيهم فاشية، فلما نزل على القوم بمرج الروم نازله يوم نزل عليه شنس الرومي، في مثل خيل توذرا ؛ إمداداً لتوذرا وردءاً لأهل حمص ؛ فنزل في عسكر على حدة، فلما كان من الليل أصبحت الأرض من توذارا بلاقع، وكان خالد بإزائه وأبو عبيدة بإزاء شنس، وأتى خالداً الخبر أن توذرا قد رحل إلى دمشق، فأجمع رأيه ورأى أبي عبيدة أن يتبعه خالد، فأتبعه خالد من ليلته في جريدة ؛ وقد بلغ يزيد بن أبي سفيان الذي فعل ، فاستقبله فاقتتلوا، ولحق بهم خالد وهم يقتتلون ؛ فأخذهم من خلفهم ، فقتلوا من بين أيديهم ومن خلفهم؛ فأناموهم ولم يفلت منهم إلا الشريد ؛ فأصاب المسلمون ما شاءوا من ظهر وأداة وثياب، وقسم ذلك يزيد بن أبي سفيان على أصحابه وأصحاب خالد، ثم انصرف يزيد إلى دمشق، وانصرف خالد إلى أبي عبيدة، وقد قتل خالد توذرا، وقال خالد: نحن قتلـنـا شـوذرا وقبله ما قد قتلنا حيدراً

نحن أزرنا الغيضة الأكيدرا وقد ناهد أبو عبيدة بعد خروج خالد في أثر توذرا شنس، فاقتتلوا بمرج الروم، فقتلهم مقتلة عظيمة، وقتل أبو عبيدة شنس، وامتلأ المرج من قتلاهم، فأنتنت منهم الأرض، وهرب من هرب منهم، فلم يفلتهم، وركبوا أكساءهم إلى حمص .