المجلد الرابع - ذكر وقعة قرقيسياء

ذكر وقعة قرقيسياء

وفيها كانت وقعة قرقيسياء في رجب.

ذكر الخبر عن الوقعة بها كتب إلىّ السرىّ، عن شعيب، عن سيف، عن طلحة ومحمد والمهلب وعمرو وسعيد، قالوا: ولما رجع هاشم بن عتبة عن جلولاء إلى المدائن وقد اجتمعت جموع أهل الجزيرة، فأمدّوا هرقل على أهل حمص، وبعثوا جندا إلى أهل هيت، وكتب بذلك سعد إلى عمر، فكتب إليه عمر أن ابعث إليهم عمر بن مالك بن عتبة بن نوفل بن عبد مناف في جند، وابعث على مقدّمته الحارث بن يزيد العامريّ، وعلى مجنّبتيه ربعىّ بن عامر ومالك ابن حبيب، فخرج عمر بن مالك في جنده سائرا نحو هيت، وقدّم الحارث ابن يزيد حتى نزل على من بهيت، وقد خندقوا عليهم. فلما رأى عمر ابن مالك امتناع القوم بخندقهم واعتصامهم به، استطال ذلك، فترك الأخبية على حالها وخلّف عليهم الحارث بن يزيد محاصرهم، وخرج في نصف الناس يعارض الطريق حتى يجئ قرقيسياء في عرّة، فأخذها عنوة، فأجابوا إلى الجزاء، وكتب إلى الحارث بن يزيد إن هم استجابوا فخلّ عنهم فليخرجوا، وإلاّ فخندق على خندقهم خندقا أبوابه ممّا يليك حتى أرى من رأي. فسمحوا بالاستجابة، وانضمّ الجند إلى عمر والأعاجم إلى أهل بلادهم.
وقال الواقدىّ: وفي هذه السنة غرّب عمر أبا محجن الثقفيّ إلى باضع.

قال: وفيها تزوّج ابن عمر صفيّة بنت أبي عبيدة.

قال: وفيها ماتت مارية أمّ ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمّ إبراهيم، وصلّى عليها عمر، وقبرها بالبقيع، في المحرّم.
قال: وفيها كتب التأريخ في شهر ربيع الأول.

قال: وحدّثني ابن أبي سبرة، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع، عن ابن المسيّب، قال: أوّل من كتب التأريخ عمر، لسنتين ونصف من خلافته، فكتب لستّ عشرة من الهجرة بمشورة علىّ بن أبي طالب.

حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: حدثنا نعيم ابن حمّاد، قال: حدّثنا الدراورديّ، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع، قال: سمعت سعيد بن المسيّب يقول: جمع عمر بن الخطاب الناس، فسألهم من أيّ يوم نكتب؟ فقال علىّ: من يوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك أرض الشرك. ففعله عمر.

وحدّثني عبد الرحمن، قال: حدّثني يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد، قال: حدّثنا محمد بن مسلم الطائفيّ، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: كان التأريخ في السنة التي قدم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة. وفيها ولد عبد الله بن الزبير.

وحجّ بالناس في هذه السنة عمر بن الخطّاب، واستخلف على المدينة فيما زعم الواقديّ - زيد بن ثابت. وكان عامل عمر في هذه السنة على مكة عتّاب بن أسيد، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص، وعلى اليمن يعلى ابن أميّة، وعلى اليمامة والبحرين العلاء بن الحضرميّ، وعلى عمان حذيفة بن محصن، وعلى الشأم كلها أبو عبيدة بن الجرّاح، وعلى الكوفة سعد بن أبي وقاص، وعلى قضائها أبو قرّة، وعلى البصرة وأرضها المغيرة بن شعبة، وعلى حرب الموصل ربعىّ بن الأفكل، وعلى الخراج بها عرفجة بن هرثمة في قول بعضهم، وفي قول آخرين عتبة بن فرقد على الحرب والخراج - وقبل ذلك كلّه كان إلى عبد الله بن المعتمّ - وعلى الجزيرة عياض بن عمرو الأشعريّ.