المجلد الخامس - ثم دخلت سنة ست وأربعين (ذكر ما كان فيها من الأحداث)

ثم دخلت سنة ست وأربعين

ذكر ما كان فيها من الأحداث

فمما كان فيها من ذلك مشتى مالك بن عبد الله بأرض الروم، وقيل: بل كان ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وقيل بل كان مالك بن هبيرة السكوني.

خبر انصراف عبد الرحمن بن خالد إلى حمص وهلاكه وفيها انصرف عبد الرحمن بن خالد بن الوليد من بلاد الروم إلى حمص، فدس ابن أثال النصراني إليه شربةً مسمومةً - فيما قيل - فشربها فقتلته.

ذكر الخبر عن سبب هلاكه

وكان السبب في ذلك ما حدثني عمر، قال: حدثني علي، عن مسلمة ابن محارب؛ أن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد كان قد عظم شأنه بالشأم، ومال إليه أهلها، لما كان عندهم من آثار أبيه خالد بن الوليد، ولغنائه عن المسلمين في أرض الروم وبأسه، حتى خافه معاوية، وخشي على نفسه منه، لميل الناس إليه، فأمر ابن أثال أن يحتال في قتله، وضمن له إن هو فعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش، وأن يوليه جباية خراج حمص، فلما قدم عبد الرحمن بن خالد حمص منصرفاً من بلاد الروم دس إليه ابن أثال شربةً مسمومةً مع بعض مماليكه، فشربها فمات بحمص، فوفى له معاوية بما ضمن له، وولاه خراج حمص، ووضع عنه خراجه.

قال: وقدم خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المدينة، فجلس يوماً إلى عروة بن الزبير، فسلم عليه، فقال له عروة: من أنت؟ قال: أنا خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد؛ فقال له عروة: ما فعل ابن أثال؟ فقام خالد من عنده، وشخص متوجهاً إلى حمص، ثم رصد بها ابن أثال، فرآه يوماً راكباً، فاعترض له خالد بن عبد الرحمن، فضربه بالسيف، فقتله، فرفع إلى معاوية، فحبسه أياماً، وأغرمه ديته، ولم يقده منه. ورجع خالدٌ إلى المدينة، فلما رجع إليها أتى عروة فسلم عليه، فقال له عروة: ما فعل ابن أثال؟ فقال: قد كفيتك ابن أثال، ولكن ما فعل ابن جرموز؟ فسكت عروة. وقال خالد بن عبد الرحمن حين ضرب ابن أثال:

 أنا ابن سيف الله فاعرفوني        لم يبق إلا حسبي ودينـي

وصارمٌ صل به يمينـي

ذكر خروج سهم والخطيم وفيها خرج الخطيم وسهم بن غالب الهجيمي، فحكما، وكان من أمرهما ما حدثني به عمر، قال: حدثنا علي، قال: لما ولي زياد خافه سهم ابن غالب الهجيمي والخطيم - وهو يزيد بن مالك الباهلي - فأما سهم فخرج إلى الأهواز فأحدث وحكم، ثم رجع فاختفى وطلب الأمان، فلم يؤمنه زياد، وطلبه حتى أخذه وقتله وصلبه على بابه. وأما الخطيم فإن زياداً سيره إلى البحرين، ثم أذن له فقدم، فقال له: الزم مصرك؛ وقال لمسلم ابن عمرو: اضمنه؛ فأبى وقال: إن بات عن بيته أعلمتك. ثم أتاه مسلم فقال: لم يبت الخطيم الليلة في بيته، فأمر به فقتل، وألقي في باهلة.

وحج بالناس في هذه السنة عتبة بن أبي سفيان. وكان العمال والولاة فيها العمال والولاة في السنة التي قبلها.