المجلد السادس - ثم دخلت سنة خمس وتسعين: ذكر الأحداث التي كانت فيها

ثم دخلت سنة خمس وتسعين

ذكر الأحداث التي كانت فيها

ففيها كانت غزوة العباس بن الوليد بن عبد الملك أرض الروم، ففتح الله على يديه ثلاثة حصون فيما قبل، وهي: طولس، والمرزبانين، وهرقلة. وفيها فتح آخر الهند إلا الكيرج والمندل. وفيها بنيت واسط القصب في شهر رمضان وفيها انصرف موسى بن نصير إلى إفريقية من الأندلس، وضحى بقصر الماء -فيما قيل- على ميل من القيروان. بقية الخبر عن غزو الشاش وفيها غزا قتيبة بن مسلم الشاش ذكر الخبر عن غزوته هذه: رجع الحديث إلى حديث علي بن محمد، قال: وبعث الحجاج جيشاً من العراق فقدموا على قتيبة سنة خمس وتسعين، فغزا فلما كان بالشاش -أو بكشماهن- أتاه موت الحجاج في شوال، فغمه ذلك، وقفل راجعاً إلى مرو، وتمثل:

لعمري لنعم المرء من آل جعفر           بحوران أمسى أعلقته الحبـائل
فإن تحي لا أملل حياتي وإن تمت       فما في حياة بعد موتـك طـائل

قال: فرجع بالناس ففرقهم، فخلف في بخارى قوماً، ووجه قوماً إلى كس ونسف، ثم أتى مرو فأقام بها، وأتاه كتاب الوليد: قد عرف أمير المؤمنين بلاءك وجدك في جهاد أعداء المسلمين، وأمير المؤمنين رافعك وصانع بك كالذي يجب لك، فالمم مغازيك، وانتظر ثواب ربك، ولا تغب عن أمير المؤمنين كتبك؛ حتى كأني أنظر إلى بلادك والثغر الذي أنت به وفيها مات الحجاج بن يوسف في شوال -وهو يومئذ ابن أربع وخمسين سنة وقيل: ابن ثلاث وخمسين سنة- وقيل: كانت وفاته في هذه السنة لخمس ليال بقين من شهر رمضان وفيها استخلف الحجاج لما حضرته الوفاة على الصلاة ابنه عبد الله بن الحجاج وكانت إمرة الحجاج على العراق فيما قال الواقدي عشرين سنة وفي هذه السنة افتتح العباس بن الوليد قنسرين. وفيها قتل الوضاحي بأرض الروم ونحو من ألف رجل معه. وفيها -فيما ذكر- ولد المنصور عبد الله بن محمد بن علي. وفيها ولي الوليد بن عبد الملك يزيد بن أبي كبشة على الحرب والصلاة بالمصرين: الكوفة والبصرة، وولى خراجهما يزيد بن أبي مسلم. وقيل: إن الحجاج كان استخلف حين حضرته الوفاة على حرب البلدين والصلاة بأهلهما يزيد بن أبي كبشة، وعلى خراجهما يزيد بن أبي مسلم، فأقرهما الوليد بعد موت الحجاج على ما كان الحجاج استخلفهما عليه، وكذلك فعل بعمال الحجاج كلهم، أقرهم بعده على أعمالهم التي كانوا عليها في حياته. وحج بالناس في هذه السنة بثر بن الوليد بن عبد الملك، حدثني بذلك أحمد بن ثابت عمن ذكره، عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر، وكذلك قال الواقدي وكان عمال الأمصار في هذه السنة هم العمال الذين كانوا في السنة التي قبلها، إلا ما كان من الكوفة والبصرة، فإنهما ضمتا إلى من ذكرت بعد موت الحجاج.