المجلد السابع - ثم دخلت سنة إحدى عشرة ومائة: ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

ثم دخلت سنة إحدى عشرة ومائة

ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

فممّا كان فيها من ذلك غزوة معاوية بن هشام الصائفة اليسرى وغزوة سعيد بن هشام الصائفة اليمنى حتى أتى قيساريّة.

قال الواقديّ: غزا سنة إحدى عشرة ومائة على جيش البحر عبد الله بن أبي مريم، وأمّر هشام على عامّة الناس من أهل الشام ومصر الحكم بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف.

وفيها سارت الترك إلى أذربيجان، فلقيهم الحارث بن عمرو فهزمهم.

وفيها ولّى هشام الجرّاح بن عبد الله الحكميّ على أرمينية.

وفيها عزل هشام أشرس بن عبد الله السلمي عن خراسان، وولاها الجنيد بن عبد الرحمن المرّيّ.

ذكر السبب الذي من أجله

عزل هشام أشرس عن خراسان واستعماله الجنيد

ذكر عليّ بن محمد، عن أبي الذّيال، قال: كان سبب عزل أشرس أنّ شدّاد بن خالد الباهليّ شخص إلى هشام فشكاه، فعزله واستعمل الجنيد بن عبد الرحمن على خراسان سنة إحدى عشرة ومائة.

قال: وكان سبب استعماله إيّاه أنه أهدى لأمّ حكيم بنت يحيى بن الحكم امرأة هشام قلادة فيها جوهر، فأعجبت هشاماً، فأهدى لهشام قلادة أخرى، فاستعمله على خراسان، وحمله على ثمانية من البريد؛ فسأله أكثر من تلك الدوابّ فلم يفعل؛ فقدم خراسان في خمسمائة - وأشرس بن عبد الله يقاتل أهل بخارى والسغد - فسأل عن رجل يسير معه إلى ما وراء النهر، فدل على الخطاب بن محرز السلميّ خليفة أشرس، فلما قدم آمل أشار عليه الخطاب أن يقيم ويكتب إلى من يزم ومن حوله؛ فيقدموا عليه، فأبى وقطع النهر، وأرسل إلى أشرس أن أمدني بخيل، وخاف أن يقتطع قبل أن يصل إليه، فوجّه إليه أشرس عامر بن مالك الحمّانيّ، فلما كان في بعض الطريق عرض له الترك والسغد ليقطعوه قبل أن يصل إلى الجنيد، فدخل عامر حائطاً حصيناً، فقاتلهم على ثلمة الحائط، ومعه ورد بن زياد بن أدهم بن كلثوم؛ ابن أخي الأسود بن كلثوم؛ فرماه رجل من العدوّ بنشابة، فأصاب عرض منخره، فأنفذ المنخرين، فقال له عامر بن مالك: يا أبا الزاهرية؛ كأنك دجاجة مقرّق. وقتل عظيم من عظماء الترك عند الثلمة، وخاقان على تلّ خلفه أجمةٌ، فخرج عاصم بن عمير السمرقندي وواصل بن عمرو القيسيّ في شاكريّة، فاستدارا حتى صارا من وراء ذلك الماء، فضمّوا خشباً وقصباً وما قدروا عليه، حتى اتخذوا رصفاً، فعبروا عليه فلم يشعر خاقان إلا بالتكبير، وحمل واصل والشاكرية على العدو فقاتلوهم؛ فقتل تحت واصل برذون، وهزم خاقان وأصحابه.

وخرج عامر بن مالك من الحائط، ومضى إلى الجنيد وهو في سبعة آلاف؛ فتلقى الجنيد وأقبل معه، وعليّ مقدّمة الجنيد عمارة بن حريم. فلما انتهى إلى فرسخين من بيكند، تلقته خيل الترك فقاتلهم؛ فكاد الجنيد أن يهلك ومن معه، ثم أظهره الله؛ فسار حتى قدم العسكر. وظفر الجنيد، وقتل الترك، وزحف إليه خاقان فالتقوا دون زرمان من بلاد سمرقند؛ وقطن ابن قتيبة على ساقة الجنيد، وواصل في أهل بخارى - وكان ينزلها - فأسر ملك الشاش، وأسر الجنيد من الترك ابن أخي خاقان في هذه الغزاة؛ فبعث به إلى الخليفة، وكان الجنيد استخلف في غزاته هذه مجشّر بن مزاحم على مرو، وولّى سورة بن الحر من بني أبان بن دارم بلخ، وأوفد لما أصاب في وجهه ذلك عمارة بن معاوية العدويّ ومحمد بن الجرّاح العبديّ وعبد ربه بن أبي صالح السلميّ إلى هشام بن عبد الملك ثم انصرفوا؛ فتواقفوا بالترمذ، فأقاموا بها شهرين.

ثم أتى الجنيد مرو وقد ظفر، فقال خاقان: هذا غلام مترف، هزمني العام وأنا مهلكه في قابل؛ فاستعمل الجنيد عمّاله، ولم يستعمل إلا مضرياً؛ استعمل قطن بن قتيبة على بُخارى، والوليد بن القعقاع العبسيّ على هراة، وحبيب بن مرّة العبسيّ على شرطه، وعلى بلخ مسلم بن عبد الرحمن الباهليّ. وكان نصر بن سيار على بلخ؛ والذي بينه وبين الباهليين متباعد لما كان بينهم بالبروقان، فأرسل مسلم إلى نصر فصادفوه نائماً، فجاءوا به في قميص ليس عليه سراويل، ملبياً، فجعل يضمّ عليه قميصيه، فاستحيا مسلم، وقال: شيخ من مضر جئتم به على هذه الحال! ثم عزل الجنيد مسلماً عن بلخ، وولاها يحيى بن ضبيعة، واستعمل على خراج سمرقند شداد بن خالد الباهليّ، وكان مع الجنيد السمهريّ بن قعنب.

وحجّ بالناس في هذه السنة إبراهيم بن هشام المخزوميّ؛ وكان إليه من العمل في هذه السنة التي قبلها؛ وقد ذكرت ذلك قبل.

وكان العامل على العراق خالد بن عبد الله، وعلى خراسان الجنيد بن عبد الرحمن.