المجلد السابع - ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائة: ذكر ما كان فيها من الأحداث

ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائة

ذكر ما كان فيها من الأحداث

ذكر خبر موت نصر بن سيار

فممّا كان فيها من ذلك توجيه قحطبة ابنه اعلحسن إلى نصر وهو بقومس. فذكر عليّ بن محمد؛ أن زهير بن هنيد والحسن بن رشيد وجبلة بن فرّوخ التاجيّ، قالوا: لما قتل نباتة ارتحل نصر بن سيّار من بذش، ودخل خوار وأميرها أبو بكر العقيليّ، ووجّه قحطبة ابنه الحسن إلى قومس قال: يالمحرّم سنة إحدى وثلاثيين ومائة، ثم وجّه قحطبة أبا كامل وأبا القاسم محرز بن إبراهيم وأبا العباس المروزيّ إلى الحسن في سبعمائة، فلما كانوا قريباً منه، انحاز أبو كامل وترك عسكره، وأتى نصراً فصار معه، وأعلمه مكان القائد الذي خلّف، فوجّه إليهم نصر جنداً فأتوهم وهم في حائط فحصروهم، فنقب جميل بن مهران الحائط، وهرب هو وأصحابه، وخلّفوا شيئاً من متاعهم فأخذه أصحاب نصر، فبعث به نصر إلى ابن هبيرة، فعرض له عطيف بالريّ، فأخذ الكتاب من رسول نصر والمتاع، وبعث به إلى ابن هبيرة، فغضب نصر، وقال: أبي يتلعّب ابن هبيرة! أيشغب عليّ بضغابس قيس! أما والله لأدعنّه فليعرفنّ أنه ليس بشيء ولا ابنه الذي تربّص له الأشياء. وسار حتى نزل الريّ - وعلى الريّ حبيب بن بديل النهشليّ - فخرج عطيف من الرّيّ حين قدمها نصر إلى همذان، وفيها مالك بن أدهم بن محرز الباهليّ على الصحصحية، فلما رأى مالكاً في همذان عدل منها إلى أصبهان إلى عامر بن ضبارة - وكان عطيف في ثلاثة آلاف - وجّهه ابن هبيرة إلى نصر، فنزل الريّ، ولم يأت نصراً. وأقام نصر بالريّ يومين ثم مرض، فكان يحمل حملاً؛ حتى إذا كان بساوة قريباً من همذان مات بها؛ فلما مات دخل أصحابه همذان وكانت وفاة نصر - فيما قيل - لمضيّ اثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الأول، وهو ابن خمس وثمانين سنة.

وقيل إن نصراً لما شخص من خوار متوجّهاً نحو الريّ لم يدخل الريّ ولكنه أخذ المفازة التي بين الريّ وهمذان فمات بها.

رجع الحديث إلى حديث عليّ عن شيوخه. قالوا: ولما مات نصر بن سيّار بعث الحسن خازم بن خزيمة إلى قرية ييقال لها سمنان، وأقبل قحطبة من جرجان، وقدّم أمامه زياد بن زرارة القشيريّ؛ وكان زياد قد ندم على اتباع أبي مسلم، فانخزل عن قحطبة، وأخذ طريق أصبهان يريد أن يأتي عامر بن ضبارة، فوجّه قحطبة المسيّب بن زهير الضبيّ، فلحقه من غد بعد العصر فقاتله، فانهزم زياد، وقتل عامة من معه، ورجع المسيّب بن زهير إلى قحطبة، ثم سار قحطبة إلى قومس وبها ابنه الحسن، فقدم خازم من الوجه الذي كان وجّهه فيهي الحسن، فقدّم قحطبة ابنه الحسن إلى الريّ. وبلغ حبيب ابن بديل النهشليّ ومن معه من أهل الشأم مسير الحسن، فخرجوا من الريّ ودخلها الحسن، فأقام حتى قدم أبوه.

وكتب قحطبة حين قدم الريّ إلى أبي مسلم يعلمه بنزوله الرّيّ.

أمر أبي مسلم مع قحطبة عند نزوله الريّ قال أبو جعفر: وفي هذه السنة تحوّل أبو مسلم من مرو إلى نييسابور فنزلها.


ذكر الخبر عما كان من أمر أبي مسلم هنالك

ومن قحطبة بعد نزوله الريّ: ولما كتب قحطبة إلى أبي مسلم بنزوله الرّيّ ارتحل أبو مسلم - فيما ذكر - من مرو، فنزل نيسابور وخندق بها، ووجّه قحطبة ابنه الحسن بعد نزوله الرّيّ بثلاث إلى همذان؛ فذكر عليّ عن شيوخه وغيرهم أنّ الحسن بن قحطبة لما توجّه إلى همذان؛ خرج منها مالك بن أدهم ومن كان بها من أهل الشأم وأهل خراسان إلى نهاوند، فدعاهم مالك إلى أرزاقهم، وقال: من كان له ديوان فليأخذ رزقه، فترك قوم كثير دواوينهم ومضوا، فأقام مالك ومن بقي معه من أهل الشأم وأهل خراسان ممّن كان مع نصر، فسار الحسن من همذان إلى نهاوند، فنزل على أربعة فراسخ من المدينة، وأمدّه قحطبة بأبي الجهم بن عطية مولى باهلة في سبعمائة، حتى أطاف بالمدينة وحصرها.

ذكر خبر قتل عامر بن ضبارة ودخول قحطبة أصبهان

قال أبو جعفر: وفي هذه السنة قتل عامر بن ضبارة.

ذكر الخبر عن مقتله وعن سبب ذلك:

وكان سبب مقتله أنّ عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر لما هزمه ابن ضبارة مضى هارباً نحو خراسان، وسلك إليها طريق كرمان، ومضى عامر بن ضبارة فيي أثره لطلبه، وورد على يزيد بن عمر مقتل نباتة بن حنظلة بجرجان؛ فذكر عليّ بن محمد أن أبا السريّ وأبا الحسن الجشمّ والحسن ابن رشيد وجبلة بن فرّوج وحفص بن شبيب أخبروه، قالوا: لما قتل نباتة كتب ابن هبيرة إلى عامر بن ضبارة وإلى ابنه داود بن يزيد بن عمر أن يسيرا إلى قحطبة - وكانا بكرمان - فسارا في خمسين ألفاً حتى نزلوا أصبهان بمدينة جيّ - وكان يقال لعسكر ابن ضبارة عسكر العساكر - فبعث قحطبة إليهم مقاتلاً وأبا حفص المهلبيّ وأبا حماد المروزيّ مولى بني سليم وموسى بن عقيل وأسلم بن حسان وذؤيب بن الأشعث وكلثوم بن شبيب ومالك بن طريف والمخارق بن غفار والهيثم بن زياد؛ وعليهم جميعاً العكيّ، فسار حتى نزل قمّ. وبلغ ابن ضبارة نزول الحسن بأهل نهاوند، فأراد أن يأتيهم معيناً لهم، وبلغ الخبر العَكيّ من قمّ وخلف بها طريف بن غيلان، فكتب إليه قحطبة يأمره أن يقيم حتى يقدم عليه، وأن يرجع إلى قمّ، وأقبل قحطبة من الرّيّ، وبلغه طلائع العسكرين؛ فلما لحق قحطبة بمقاتل بن حكيم العكيّ ضمّ عسكر العكيّ إلى عسكره، وسار عامر بن ضبارة إليهم وبينه وبين عسكر قحطبة فرسخ، فأقام أياماً، ثم سار قحطبة إليهم، فالتقوا وعلى ميمنة قحطبة العكيّ ومعه خالد بن برمك، وعلى ميسرته عبد الحميد بن ربعيّ ومعه مالك بن طريف - وقحطبة في عشرين ألفاً وابن ضبارة في مائة ألف، وقيل في خمسين ومائة ألف - فأمر قحطبة بمصحف فنصب على رمح ثم نادى: يا أهل الشأم، إنا ندعوكم إلى ما في هذا المصحف، فشتموه وأفحشوا في القول، فأرسل إليهم قحطبة: احملوا عليهم، فحمل عليهم العكيّ، وتهايج الناس، فلم يكن بينهم كثير قتال حتى انهزم أهل الشأم، وقتلوا قتلاً ذريعاً، وحووا عسكرهم، فأصابوا شيئاً لا يدرى عدده من السلاح والمتاع والرقيق، وبعث بالفتح إلى ابنه الحسن مع شريح بن عبد الله.

قال عليّ: وأخبرنا أبو الذّيال، قال: لقي قحطبة عامر بن ضبارة؛ ومع ابن ضبارة ناس من أهل خراسان؛ منهم صالح بن الحجاج النميريّ وبشر ابن بسطام بن عمران بن الفضل البرجميّ وعبد العزيز بن شماس المازنيّ وابن ضبارة في خيل ليست معه رجّالة، وحقحطبة معه خيل ورجّالة. فرموا الخيل بالنّشاب، فانهزم ابن ضبارة حتى دخل عسكره، واتّبعه قحطبة، فترك ابن ضبارة العسكر، ونادى: إليّ، فانهزم الناس وقتل.

قال عليّ: وأخبرنا المفضّل بن محمد الضبيّ، قال: لما لقي قحطبة ابن ضبارة انهزم داود بن يزيد بن عمر، فسأل عنه عامر، فقيل: انهزم، فقال: لعن الله شرّنا منقلباً! وقاتل حتى قتل.

قال عليّ: وأخبرنا حفص بن شبيب، قال: حدّثني من شهد قحطبة وكان معه، قال: ما رأيت عسكراً قطّ جمع ما جمع أهل الشأم بإصبهان من الخيل والسلاك والرقيق، كأنا افتتحنا مدينة؛ وأصبنا معهم ما لا يحصى من البرابط والطنابير والمزامير؛ ولقلّ بيت أو خباء ندخله إلا أصبنا فيه زكرة أو زقاً من الخمر، فقال بعض الشعراء:

لما رمينا مضراً بالـقـبّ          قرضبهم قحطبة القرضب

يدعون مروان كدعوى الربِّ ذكر خبر محاربة قحطبة أهل نهاوند ونهاوند وفي هذه السنة كانت وقعة قحطبة بنهاوند بمن كان لجأ إليها من جنود مروان بن محمد. وقيل: كانت الوقعة بجايلق من أرض أصبهان يوم السبت لسبع بقين من رجب.

ذكر الخبر عن هذه الوقعة

ذكر عليّ بن محمد أن الحسن بن رشيد وزهير بن الهنيد أخبراه أن ابن ضبارة لما قتل كتب بذلك قحطبة إلى ابنه الحسن، فلما أتاه الكتاب كبّر وكبّر جنده، ونادوا بقتله، فقال عاصم بن عمير السغديّ: ما صاح هؤلاء بقتل ابن ضبارة إلا وهو حقّ، فاخرجوا إلى الحسن بن قحطبة وأصحابه؛ فإنكم لا تقومون لهم، فتذهبون حيث شئتم قبل أن يأتيه أبوه أو مدده. فقالت الرّجالة: تخرجون وأنتم فرسان على خيول فتذهبون وتتركوننا! فقال لهم مالك ابن أدهم الباهليّ: كتب إليّ ابن هبيرة ولا أبرح حتى يقدم عليّ. فأقاموا وأقام قحطبة بأصبهان عشرين يوماً، ثم سار حتى قدم على الحسن نهاوند فحصرهم أشهراً، ثم دعاهم إلى الأمان فأبوا، فوضع عليهم المجانيق، فلما رأى ذلك مالك طلب الأمان لنفسه ولأهل الشأم - وأهل خراسان لا يعلمون - فأعطاه الأمان فوفى له قحطبة، ولم يقتل منهم أحداً، وقتل من كان بنهاوند من أهل خراسان، إلا الحكم بن ثابت بن أبي مسعر الحنفيّ، وقتل من أهل خراسان أبا كامل وحاتم بن الحارث بن شريح وابن نصر بن سيّار وعاصم بن عمير وعليّ بن عقيل وبيهس بن بديل من بني سليم؛ من أهل الجزيرة، ورجلاً من قريش يقال له البختريّ، من أولاد عمر بن الخطاب - وزعموا أن آل الخطاب لا يعرفونه - وقطن بن حرب الهلاليّ.
قال عليّ: وحدّثنا يحيى بن اعلحكم الهمدانيّ، قال: حدّثني مولى لنا قال: لمّا صالح مالك بن أدهم قحطبة قال بيهس بن بديل: إنّ ابن أدهم لمصالح علينا؛ والله لأفتكنّ به؛ فوجد أهل خراسان أن قد فتح لهم الأبواب، ودخلوا وأدخل قحطبة من كان معه من أهل خراسان حائطاً.

وقال غير عليّ: أرسل قحطبة إلى أهل خراسان الذين في مدينة نهاوند يدعوهم إلى الخروج إليه، وأعطاهم الأمان، فأبوا ذلك. ثم أرسل إلى أهل الشأم بمثل ذلك فقبلوا، ودخلوا في الأمان بعد أن حوصروا ثلاثة أشهر: شعبان ورمضان وشوّال، وبعث أهل الشأم إلى قحطبة يسألونه أن يشغل أهل المدينية حتى يفتحوا الباب وهم لا يشعرون، ففعل ذلك قحطبة، وشغل أهل المدينة بالقتال، ففتح أهل الشأم الباب الذي كانوا عليه؛ فلما رأى أهل خراسان الذين في المدينة خروج أهل الشأم، سألوهم عن خروجهم، فقالوا: أخذنا الأمان لنا ولكم، فخرج رؤساء أهل خراسان، فدفع قحطبة كلّ رجل منهم إلى رجل من قوّاد أهل خراسان، ثم أمر مناديه فنادى: من كان فيي يده أسير ممّن خرج إلينا من أهل المدينية فلييضرب عنقه، وليأتنا برأسه. ففعلوا ذلك، فلم يبق أحد ممن كان قد هرب من أبي مسلم وصاروا إلى الحصن إلاّ قتل، ما خلا أهل الشأم فإنه خلّى سبيلهم، وأخذ عليهم ألا يمالئوا عليه عدواً.

رجع الحديث إلى حديث عليّ عن شيوخه الذين ذكرت: ولما أدخل قحطبة الذين كانوا بنهاوند من أهل خراسان ومن أهل الشأم الحائط، قال لهم عاصم بن عمير: ويلكمّ ألا تدخلون الحائط! وخرج عاصم فلبس درعه، ولبس سواداً كان معه، فلقيه شاكريّ كان له بخراسان فعرفه، فقال: أبو الأسود؟ قال: نعم، فأدخله في سرب، وقال لغلام له: احتفظ به ولا تطلعنّ على مكانه أحداً، وأمر قحطبة: من كان عنده أسيراً فليأتنا به. فقال الغلام الذي كان وكل بعاصم: إن عندي أسيراً أخاف أن أغلب عليه، فسمعه رجل من أهل اليمن، فقال: أرنيه، فأراه إياه فعرفه، فأتى قحطبة فأخبره، وقال: رأس من رءوس الجبابرة، فأرسل إليه فقتله، ووفّى لأهل الشأم فلم يقتل منهم أحداً.

قال عليّ: وأخبرنا أبو الحسن الخراساني وجبلة بن فروخ؛ قالا: لما قدم قحطبة نهاوند والحسن محاصرهم، أقام قحطبة عليهم، ووجّه الحسن إلى مرج القلعة، فقدّم الحسن خازم بن خزيمة إلى حلوان، وعليها عبد الله ابن العلاء الكنديّ، فهرب من حلوان وخلاّها.

قال عليّ: وأخبرنا محرز بن إبراهيم، قال: لما فتح قحطبة نهاوند، أرادوا أن يكتبوا إلى مروان باسم قحطبة، فقالوا: هذا اسم شنيع، اقلبوه فجاء "هبط حقّ"، فقالوا: الأول مع شنعته أيسر من هذا. فردّوه.

ذكر وقعة شهر زور وفتحها

وفي هذه السنة كانت وقعة أبي عون بشهرزور.

ذكر الخبر عنها وعمّا كان فيها

ذكر عليّ أن أبا الحسن وجبلة بن فروخ، حدّثاه قالا: وجّه قحطبة أبا عون عبد الملك بن يزيد الخراسانيّ ومالك بن طريف الخراساني في أربعة آلاف إلى شهرزور، وبها عثمان بن سفياين على مقدّمة عبد الله بن مروان، فقدم أبو عون ومالك، فنزلا على فرسخين من شهرزور، فأقاما به يوماً وليلة، ثم ناهضا عثمان بن سفيان في العشرين من ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين ومائة فقتل عثمان بن سفيان، وبعث أبو عون بالبشارة مع إسماعيل بن المتوكّل، وأقام أبو عون في بلاد الموصل.

وقال بعضهم: لم يقتل عثمان بن سفيان، ولكنّه هرب إلى عبد الله بن مروان، واستباح أبو عون عسكره، وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة بعد قتال شديد. وقال: كان قحطبة وجه أبا عون إلى شهرزور في ثلاثين ألفاً بأمر أبي مسلم إياه بذلك. قال: ولما بلغ خبر أبي عون مروان وهو بحرّان، ارتحل منها ومعه جنود الشأم والجزيرة والموصل، وحشرت بنو أمية معه أبناءهم مقبلاً إلى أبي عون؛ حتى انتهى إلى الموصل، ثم أخذ في حفر الخنادق من خندق إلى خندق؛ حتى نزل الزّاب الأكبر، وأقام أبو عون بشهرزور بقيّة ذي الحجة والمحرّم من سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وفرض فيها لخمسة آلاف رجل.

ذكر خبر مسير قحطبة إلى ابن هبيرة بالعراق

وفي هذه السنة سار قحطبة نحو ابن هبيرة؛ ذكر عليّ بن محمد أن أبا الحسن أخبره وزهير بن هنيد وإسماعيل بن أبي إسماعيل وجبلة بن فرّوخ، قالوا: لما قدم على ابن هبيرة ابنه منهزماً من حلوان، خرج يزيد بن عمر بن هبيرة، فقاتل قحطبة في عدد كثير لا يحصى مع حوثرة بن سهيل الباهليّ، وكان مروان أمدّ ابن هبيرة به، وجعل على الساقة زياد بن سهل الغطفانيّ، فسار يزيد بن عمر بن هبيرة، حتى نزل جلولاء الوقيعة وخندق، فاحتفر الخندق الذي كانت العجم احتفرته أيام وقعة جلولاء؛ وأقيل قحطبة حتى نزل قرماسين، ثم سار إلى حلوان، فنزل خانقين، فارتحل قحطبة من خانقين، وارتحل ابن هبيرة راجعاً إلى الدّسكرة.

وقال هشام عن أبي مخنف، قال: أقبل قحطبة، وابن هبيرة مخندق بجلولاء، فارتفع إلى عكبراء، وجاز قحطبة دجلة، ومضى حتى نزل دمماً دون الأنبار، وارتحل ابن هبيرة بمن معه منصرفاً مبادراً إلى الكوفة لقحطبة، حتى نزل في الفرات في شرقيّه، وقدم حوثرة في خمسة عشر ألفاً إلى الكوفة، وقطع قحطبة الفرات من دمماً، حتى صار من غربيّه، ثم سار يريد الكوفة حتى انتهى إلى الموضع الذيي فيه ابن هبيرة.

وفي هذه السنة حجّ بالناس الوليد بن عروة بن محمد بن عطية السعديّ؛ سعد هوازن، وهو ابن أخي عبد الملك بن محمد بن عطية الذي قتل أبا حمزة الخارجيّز وكان والي المدينة من قبل عمه، حدّثني بذلك أحمد بن ثابت، عمن ذكره، عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر. وكذلك قال الواقديّ وغيره.

وقد ذكر أن الوليد بن عروة إنما كان خرج خارجاً من المدينة، وكان مروان قد كتب إلى عمه عبد الملك بن محمد بن عطية يأمره أن يحجّ بالناس وهو باليمين؛ فكان من أمره ما قد ذكرت قبل، فلمّا أبطأ عليه عمه عبد الملك افتعل كتاباً من عمه يأمره بالحجّ بالناس، فحجّ بهم.

وذكر أن الوليد بن عروة بلغه قتل عمه عبد الملك فمضى إلى الذين قتلوه، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وبقر بطون نسائهم، وقتل الصبيان، وحرّق بالنيران من قدر عليه منهم.

وكان عامل مكة والمدينة والطائف في يهذه السنة الوليد بن عروة السعديّ من قبل عمه عبد الملك بن محمد، وعامل العراق يزيد بن عمر بن هبيرة.

وعلى قضاء الكوفة الحجاج بن عاصم المحاربيّ، وعلى قضاء البصرة عبّاد ابن منصور الناجيّ.