المجلد الثامن - دخلت سنة خمس وسبعين ومائة: ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

 دخلت سنة خمس وسبعين ومائة

ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

ذكر الخبر عن البيعة للأمين فمن ذلك عقد الرشيد لابنه محمد بمدينة السلام من بعده ولاية عهد المسلمين وأخذه بيعة القواد والجند، وتسميته إياه الأمين، وله يومئذ خمس سنين، فقال سلم الخاسر:

 قد وفق الله الخليفة إذ بـنـى           بيت الخليفة للهجان الأزهر
فهو الخليفة عن أبيه وجـده             شهداً عليه بمنظر وبمخبـر
قد بايع الثقلان في مهد الهدى         لمحمد بن زبيدة ابنة جعفـر

ذكر الخبر عن سبب بيعة الرشيد له: وكان السبب في ذلك - فيما ذكر روح مولى الفضل بن يحيى، فقال له: أنشدك الله لما عملت في البيعة لابن أختي - يعني محمد بن زبيدة بنت جعفر بن المنصور - فإنه ولد لك وخلافته لك، فوعده أن يفعل، وتوجه الفضل على ذلك؛ وكانت جماعة من بني العباس قد مدوا أعناقهم إلى الخلافة بعد الرشيد؛ لأنه لم يكن له ولي عهد؛ فلما بايع له، أنكروا بيعته لصغر سنه.

قال: وقد كان الفضل لما تولى خراسان أجمع على البيعة لمحمد؛ فذكر محمد بن الحسين بن مصعب أن الفضل بن يحيى لما صار إلى خراسان، فرق فيهم أموالاً، وأعطى الجند أعطيات متتابعات، ثم أظهر البيعة لمحمد بن الرشيد؛ فبايع الناس له وسماه الأمين، فقال في ذلك النمري:

أمست بمرو على التوفيق قد صفقت      على يد الفضل أيدي العجم والعرب
ببيعة لولي العـهـد أحـكـمـهـا                بالنصح منه وبالاٍشفاق والـحـدب
قد وكد الفضل عقداً لا انتقاض لـه           لمصطفى من بني العباس منتخـب

قال: فلما تناهى الخبر إلى الرشيد بذلك، وبايع له أهل المشرق، بايع لمحمد، وكتب إلى الآفاق، فبويع له في جميع الأمصار، فقال أبان اللاحقي في ذلك:

عزمت أمير المؤمنين على الرشد        برأي هدى، فالحمد لله ذي الحمد

وعزل فيها الرشيد عن خراسان العباس بن جعفر، وولاها خاله الغطريف ابن عطاء.

وفيها صار يحي بن عبد الله بن حسن إلى الديلم، فتحرك هناك.

وغزا الصائفة في هذه السنة عبد الملك بن صالح فبلغ إقريطية.وقال الوافدي: الذي غزا الصائفة في هذه السنة عبد الملك بن صالح، قال: وأصابهم في هذه الغزاة برد قطع أيديهم وأرجلهم.

وحج بالناس فيها هارون الرشيد.