المجلد التاسع - ثم دخلت سنة ثلاث وستين ومائتين: ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

ثم دخلت سنة ثلاث وستين ومائتين

ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

فمن ذلك ما كان من ظفر عزيز بن السري صاحب يعقوب بن الليث بمحمد بن واصل وأخذه أسيراً.

وفيها كانت بين موسى دالجويه والأعراب بناحية الأنبار وقعة، فهزموه وفلوه، فوجه أبو أحمد ابنه أحمد في جماعة من قواده في طلب الأعراب الذين فلوا موسى دالجويه.

وفيها وثب الديراني بابن أوس فبيته ليلاٍ، وفرق جمعه، ونهب عسكره، وأفلت ابن أوس، ومضى نحو واسط.

وفيها خرج في طريق الموصل رجلٌ من الفراغنة، فقطع الطريق، فظفر به فقتل.

ذكر الوقعة بين ابن ليثويه مع أخي علي بن أبان

وفيها أقبل يعقوب بن الليث من فارس، فلما صار إلى النوبندجان انصرف أحمد بن ليثويه عن تستر، وصار فيها يعقوب إلى الأهواز، وقد كان لابن ليثويه قبل ارتحاله عن تستر وقعة مع أخي علي بن أبان، وظفر فيها بجماعة كثيرة من زنوجه.

ذكر الخبر عن هذه الوقعة ذكر عن علي بن أبان، أن ابن ليثويه لما هزمه في الوقعة التي كانت بينها في الباهليين، فأصابه ما أصابه فيها، ووافى الأهواز، لم يقم بها، ومضى إلى عسكر صاحبه قائد الزنج، فعالج ما قد أصابه من الجراح حتى برأ، ثم كر راجعاً إلى الأهواز، ووجه أخاه الخليل بن أبان وابن أخيه محمد بن صالح المعروف بأبي سهل، في جيش كثيف إلى ابن ليثويه؛ وهو يومئذ مقيم بعسكر مكرم، فسارا فيمن معهما، فلقيهما ابن ايثويه على فرسخ من عسكر مكرم، قاصداً إليهما، فالتقى الجمعان، وقد كمن ابن ليثويه كميناً. فلما استحر القتال تطارد ابن ايثويه، فطمع الزنج فيه، فتبعوه حتى جاوزا الكمين، فخرج من ورائهم؛ فانهزموا وتفرقوا، وكر عليهم ابن ليثويه، فنال حاجته منهم، ورجعوا مفلولين. فانصرف ابن ليثويه بما أصاب من الرءوس إلى تستر، ووجه علي بن أبان انكلويه مسلحةً إلى المسرقان إلى أحمد بن ليثويه، فوجه إليه ثلاثاً فارساً من جلد أصحابه، وانتهى إلى الخليل بن أبان مسير أصحاب ابن ليثويه إلى المسلحة، فكم لهم فيمن معه، فلما وافوه خرج إليهم، فلم يفلت منهم أحد، وقتلوا عن آخرهم، وحملت رءوسهم إلى علي بن أبان، وهو بالأهواز، فوجهها إلى الخبيث، وحينئذ أتي الصفار الأهواز، وهرب عنها ابن ليثويه.

ذكر الخبر عما كان من أمر الصفار هنالك في هذه السنة: ذكر أن يعقوب بن الليث لما صار إلى جندي سابور، نزلها وارتحل عن تلك الناحية كل من كان بها من قبل السلطان، ووجه إلى الأهواز رجلاً من قبله يقال له الحصن بن العنبر، فلما قاربها خرج عنها علي أبان صاحب قائد الزنج، فنزل نهر السدرة، ودخل حصن الأهواز، فأقام بها، وجعل أصحابه علي بن أبان يغير بعضهم على بعض، فيصيب كل فريق منهم من صاحبه، إلى أن استعد علي بن أبان، وسار إلى الأهواز، فأوقع بالحصن ومن معه غليظة، قتل فيها من أصحاب يعقوب خلقاً كثيراً، وأصاب خيلاً، وغنم غنائم كثيرة، وهرب الحصن ومن معه إلى عسكر مكرم، وأقام علي بالأهواز حتى استباح ما كان فيها، ثم رجع عنها إلى نهر السدرة، وكتب إلى بهبوذ يأمره بالإيقاع برجل من الأكراد من أصحاب الصفار كان مقيماً بدورق، فأوقع به بهبوذ، فقتل رجاله وأسره، فمن عليه؛ فكان علي بعد ذلك يتوقعمسير يعقوب إليه فلم يسير، وأمد الحصن ابن العنبر بأخيه الفضل بن العنبر، وأمرهما بالكف عن قتال أصحاب الخبيث، والاقتصار على المقام بالأهواز. وكتب إلى علي بن أبان يسأله المهادنة وأن يقر أصحابه بالأهواز، فأبى ذلك علي دون نقل طعام كان هناك، فتجافى له الصفار عن نقل الطعام ، وتجافى علي للصفار عن علف كان بالأهواز، فنقل علي الطعام، وترك العلف، وتكاف الفريقان، أصحاب علي وأصحاب الصفار.

وفيها توفي مساور بن عبد الحميد الشاري.

وفيها مات عبيد الله بن يحيى بن خاقان، سقط عن دابته في الميدان من صدمه خادم له، يقال له رشيق، يوم الجمعة لعشر خلون من ذي القعدة، فسال من منخره وأذنه دم، فمات بعد أن سقط بثلاث ساعات، وصلى عليه أبو أحمد بن المتوكل، ومشى في جنازته، واستوزر من الغد الحسن بن مخلد. ثم قدم موسى بن بغا سامرا لثلاث بقين من ذي العقدة، فهرب الحسن بن مخلد إلى بغداد، واستوزر مكانه سليمان بن وهب، لست ليال خلون من ذي الحجة، ثم ولى عبيد بن سليمان كتبه المفوض والموفق إلى ما كان يلي من كتبه موسى بن بغا، ودفعت دار عبيد الله بن يحيى إلى كيغلغ.

وفيها خرج أخو شركب الحسين بن طاهر عن نيسابور، وغلب عليها، وأخذ أهلها بإعطائه ثلث أموالهم، وصار الحسين إلى مرو، وبها أخو خوارزم شاه يدعو لمحمد بن طاهر.

وفي هذه السنة سلمت الصقالبة لؤلؤة إلى الطاغية.

وحج بالناس فيها الفضل بن إسحاق بن الحسن بن إسماعيل.