المجلد العاشر - ثم دخلت سنة إحدى وسبعين ومائتين

الجزء العاشر

بسم الله الرحمن الرحيم

ثم دخلت سنة إحدى وسبعين ومائتين

وأولها يوم الاثنين للتاسع والعشرين من حزيران، ولخمس وتسعين ومائة وألف من عهد ذي القرنين.

ذكر الخبر عما كان فيه الأحداث الجليلة

فمن ذلك ما كان فيها من ورود الخبر في غرة صفر بدخول محمد وعلي ابني الحسين بن جعفر بن موسى بن محمد بن علي بن حسين المدينة وقتلهما جماعة من أهلها ومطالبتهما أهلها بمال، وأخذهما من قوم منهم مالاً.

وأن أهل المدينة لم يصلوا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع جمع؛ لا جمعة ولا جماعة، فقال أبو العباس بن الفضل العلوي:

أخربت دار هجرة المصطفى الب            ر فأبكى إخرابها المسلـمـينـا
عين أبكى مقام جبريل والـقـب             ر فبكى والمنبر الـمـيمـونـا
وعلى المسجد الذي أسه الـتـق           وى خلاء أضحى من العابـدينـا
وعلى طيبة الـتـي بـارك الـل                ه عليها بخاتم الـمـرسـلـينـا
قبح الله معـشـراً أخـربـوهـا                   وأطاعوا متـبـراً مـلـعـونـا

وفيها أدخل على المعتمد من كان حضر بغداد من حاج خراسان، فأعلمهم أنه قد عزل عمرو بن الليث عما كان قلده، ولعنه بحضرتهم، وأخبرهم أنه قد قلد خراسان محمد بن طاهر؛ وكان ذلك لأربع بقين من شوال.وأمر أيضاً بلعن عمر بن اليث على المنابر ،ولثمان بقين من شعبان من هذه السنة شخص صاعد بن مخلد من معسكر أبي أحمد بواسط إلى فارس لحرب عمرو بن الليث.ولعشر خلون من شهر رمضان منها عقد لأحمد بن محمد الطائي على المدينة وطريق مكة.وفيها كانت بين أبي العباس بن الموفق وبين خمارويه بن أحمد بن طولون وقعة بالطواحين، فهزم أبو العباس خمارويه، فركب خماروية حماراً هارباً منه إلى مصر، ووقع أصحاب أبي العباس في النهب.

ونزل أبو العباس مضرب خمارويه، ولا يرى أنه بقي له طالب، فخرج عليه كمين لخمارويه كان كمنه لهم خمارويه، وفيهم سعد الأعسر وجماعة من قواده وأصحابه، وأصحاب أبي العباس قد وضعوا السلاح ونزلوا.

فشد كمين خمارويه عليهم فانهزموا، وتفرق القوم، ومضى أبو العباس إلى طرسوس في نفر من أصحابه قليل، وذهب كل ما كان في العسكرين؛ عسكر أبي العباس وعسكر خمارويه من السلاح والكراع والأثاث والأموال، وانتهب ذلك كله؛ وكانت هذه الوقعة يوم السادس عشر من شوال من هذه السنة - فيما قيل.

وفيها وثب يوسف بن أبي الساج - وكان والي مكة - على غلام للطائي يقال له بدر، وخرج والياً على الحاج فقيده، فحارب ابن أبي الساج جماعة من الجند، وأغاثهم الحاج، حتى استنقذوا غلام الطائي، وأسروا ابن أبي الساج، فقيد وحمل إلى مدينة السلام، وكانت الحرب بينهم على أبواب المسجد الحرام.

وفيها خربت العامة الدير العتيق الذي وراء نهر عيسى، وانتهبوا كل ما كان فيه من متاع، وقلعوا الأبواب والخشب وغير ذلك، وهدموا بعض حيطانه وسقوفه؛ فصار إليهم الحسين بن إسماعيل صاحب شرطة بغداد من قبل محمد بن طاهر، فمنعهم من هدم ما بقي منه؛ وكان يتردد إليه أياماً هو والعامة؛ حتى يكاد يكون بين أصحاب السلطان وبينهم قتال، ثم بنى ما كانت العامة هدمته بعد أيام، وكانت إعادة بنائه - فيما ذكر - بقوة عبدون بن مخلد، أخي صاعد بن مخلد.

وحج بالناس في هذه السنة هارون بن محمد بن إسحاق بن عيسى بن موسى العباسي.