المجلد العاشر - ثم دخلت سنة خمس وثمانين ومائتين: ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

ثم دخلت سنة خمس وثمانين ومائتين

ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

فمن ذلك ما كان من قطع صالح بن مدرك الطائي في جماعة من طيىء على الحاج بالأجفر الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من المحرم، فحاربه الجني الكبير، وهو أمير القافلة، فظفر الأعراب بالقافلة؛ فأخذوا ما كان فيها من الأموال والتجارات، وأخذوا جماعة من النساء الحرائر والممالك.

وقيل إن الذي أخذوا من الناس بقيمة ألفي ألف دينار.

ولسبع بقين من المحرم منها قرىء على جماعة من حاج خراسان في دار المعتضد بتوليه عمرو بن الليث الصفار ما وراء نهر بلخ، وعزل إسماعيل بن أحمد عنه.

ولخمس خلون من صفر منها ورد مدينة السلام وصيف كامه مع جماعة من القواد من قبل بدر مولى المعتضد وعبيد الله بن سليمان من الجبل، معهم رأس الحارث بن عبد العزيز بن أبي دلف المعروف بأبي ليلى، فمضوا به إلى دار المعتضد بالثريا، فاستوهبه أخوه فوهبه، واستأذنه في دفنه فأذن له، وخلع على عمر بن عبد العزيز في هذا اليوم وعلى جماعة من القواد القادمين.

وفيها - فيما ذكر - كتب صاحب البريد من الكوفة، يذكر أن ريحاً صفراء ارتفعت بنواحي الكوفة في ليلة الأحد لعشر بقين من شهر ربيع الأول، فلم تزل إلى وقت صلاة المغرب، ثم استحالت سوداء، فلم يزل الناس في تضرع إلى الله.

وإن السماء مطرت بعقب ذلك مطراً شديداً برعود هائلة وبروق متصلة، ثم سقط بعد ساعة بقرية تعرف بأحمد أباذ ونواحيها حجارة بيض وسود مختلفة الألوان، في أوساطها ضغطة شبه أفهار العطارين، فأنفذ منها حجراً، فأخرج إلى الدواوين والناس حتى رأوه.

ولتسع بقين منه شخص ابن الإخشاد أميراً على طرسوس من بغداد مع النفر الذين كانوا قدموا منها يسألون أن يولى عليهم وال.

وخرج أيضاً في هذا اليوم من بغداد فاتك مولى المعتضد للنظر في أمور العمال بالموصل وديار ربيعة وديار مضر والثغور والشأمية والجزرية وإصلاح الأمور بها إلى ما كان يتقلده من أعمال البريد بهذه النواحي.

وفي هذه السنة ورد الخبر - فيما ذكر - من البصرة أن ريحاً ارتفعت بها بعد صلاة الجمعة لخمس بقين من شهر ربيع الأول صفراء، ثم استحالت خضراء ثم سواد، ثم تتابعت الأمطار بما لم يروا مثلها، ثم وقع برد كبار كان وزن البردة الواحدة مائة وخمسين درهماً - فيما قيل - وأن الريح أقلعت من نهر الحسين خمسمائة نخلة أو أكثر، ومن نهر معقل مائة نخلة عدداً.

وفيها كانت وفاة الخليل بن ريمال بحلوان.

ولخمس خلون من جمادى الآخرة ورد الخبر على السلطان أن بكر بن عبد العزيز بن أبي دلف توفي بطبرستان من علة أصابته، ودفن هنالك.

فأعطى بالذي جاء بالخبر - فيما ذكر - ألف دينار.

وفيها ولى المعتضد محمد بن أبي الساج أعمال أذربيجان وأرمينية، وكان قد تغلب عليها وخالف، وبعث إليه بخلع وحملان.

وفيها ورد الخبر لثلاث خلون من شعبان أن راغباً الخادم مولى الموفق غزا في البحر، فأظفره الله بمراكب كثيرة، وبجميع من فيها من الروم، فضرب أعناق ثلاثة آلاف من الروم الذين كانوا في المراكب، وأحرق المراكب، وفتح حصوناً كثيرة من حصون الروم، وانصرفوا سالمين.

وفي ذي الحجة منها ورد الخبر بوفاة أحمد بن عيسى بن شيخ وقيام ابنه محمد بن أحمد بن عيسى بما كان في يد أبيه بآمد، وما يليها على سبيل التغلب.

ولإحدى عشرة بقيت من ذي الحجة منها خرج المعتضد من بغداد قاصداً إلى آمد، وخرج معه ابنه أبو محمد والقواد والغلمان، واستخلف ببغداد صالحاً الامين الحاجب، وقلده النظر في المظالم وأمر الجسرين وغير ذلك.

وفيها وجه هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون ومن معه من قواد المصريين إلى المعتضد وضيف قاطرميز، يسألونه مقاطعتهم عما في أيديهم من مصر والشأم، وأجرى هارون على ما كان يجري عليه أبوه، فقدم وصيف بغداد، فرده المعتضد، ووجه معه عبد الله بن الفتح ليشافههم برسائل، ويشترط عليهم شروطاً، فخرجا لذلك في آخر هذه السنة.

وفيها غزا ابن الإخشاد بأهل طرسوس وغيرهم في ذي الحجة، وبلغ سلندو.

وفتح عليه، وكان انصرافه إلى طرسوس في سنة ست وثمانين ومائتين.

وحج بالناس في هذه السنة محمد بن عبد الله بن داود الهاشمي.