المجلد العاشر - ثم دخلت سنة ثمان وثمانين ومائتين: ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

ثم دخلت سنة ثمان وثمانين ومائتين

ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

فمن ذلك ما كان من ورد الخبر على السلطان - فيما ذكر - بوقوع الوباء بأذربيجان، فمات منه خلق كثير إلى أن فقد الناس ما يكفنون به الموتى، فكفنوا في الأكسية واللبود، ثم صاروا إلى أن لم يجدوا من يدفن الموتى، فكانوا يتركونهم مطروحين في الطرق.

وفيها دخل أصحاب طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث فارس، وأخرجوا منها عمال السلطان، وذلك لاثنتي عشرة بقيت من صفر منها.

وفيها توفي محمد بن أبي الساج الملقب بأذربيجان، فاجتمع غلمانه وجماعة من أصحابه، فأمروا عليهم ديوداد بن محمد، واعتزلهم يوسف بن أبي الساج لهم.

ولليلتين بقيتا من شهر ربيع الآخر ورد كتاب صاحب البريد بالأهواز، يذكر فيه أن أصحاب طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث صاروا إلى سنبيل يريدون الأهواز.

وفي أول جمادى الأولى أدخل عمرو بن الليث عبد الله بن الفتح - الموجه كان إلى إسماعيل بن أحمد - بغداد وأشناس غلام إسماعيل بن أحمد.

وذكر لي أن إسماعيل بن أحمد خيره بين المقام عنده أسيراً وبين توجيهه إلى باب أمير المؤمنين، فاختار توجيهه فوجهه.

ولليلتين خلتا من جمادى الآخرى، ورد - فيما ذكر - كتاب صاحب البريد الأهواز منها، يذكر أن كتاب إسماعيل بن أحمد ورد على طاهر بن محمد بن عمرو يعلمه أن السلطان ولاه سجستان، وأمره بالخروج إليها، وأنه خارج إليه إلى فارس ليوقع به، ثم ينصرف إلى سجستان، وأن طاهراً خرج لذلك، وكتب إلى ابن عمه وكان مقيماً بأرجان في عسكره يأمره بالإنصراف إليه إلى فارس بمن معه.

وفيها ولى المعتضد مولاه بدراً فارس، وأمره بالشخوص إليها لما بلغه من تغلب طاهر بن محمد عليها، وخلع عليه لتسع خلون من جمادى الآخرة، وضم إليه جماعة من القواد، فشخص في جيش عظيم من الجند والغلمان.

ولعشر خلون من جمادى الآخرة منها خرج عبد الله بن الفتح وأشناس غلام إسماعيل إلى إسماعيل بن أحمد بن سامان بخلع من المعتضد حملها إليه وببدنه وتاج وسيف من ذهب، مركب على جميع ذلك جوهر وبهدايا وثلاثة آلاف ألف درهم، يفرقها في جيش من جيوش خراسان، يوجه إلى سجستان لحرب من بها من أصحاب طاهر بن محمد بن عمرو.

وقد قيل: إن المال الذي وجهه إليه المعتضد كان عشرة آلاف ألف درهم، وجه ببعض ذلك من بغداد، وكتب بباقيه إلى عمال الجبل، وأمروا أن يدفعوه إلى الرسل.

وفي رجب منها وصل بدر مولى المعتضد إلى ما قرب من أرض فارس، فتنحى عنها من كان بها من أسباب طاهر بن محمد بن عمرو، فدخلها أصحاب بدر، وجي عماله الخراج به.

ولليلتين خلتا من شهر رمضان منها، ذكر أن كتاب بن حاج عامل مكة ورد يذكر فيه أن بني يعفر أوقعوا برجل كان تغلب على صنعاء، وذكر أنه علوي وأنهم هزموه، فلجأ إلى مدينة تحصن بها، فصاروا إليه فأوقعوا به، فهزموه أيضاً، وأسروا ابناً له، وأفلت هو في نحو من خمسين نفساً، ودخل بنو يعفر صنعاء وخطبوا بها للمعتضد.

وفيها أوقع يوسف بن أبي الساج وهو في نفر يسير بابن أخيه ديوداد بن محمد، ومعه جيش أبيه محمد بن أبي الساج، فهرب عسكره، فبقي ديوداد في جماعة قليلة، فعرض عليه يوسف المقام معه، فأبى وأخذ طريق الموصل فوافى بغداد يوم الخميس لسبع بقين من شهر رمضان من هذه السنة، فكانت الوقعة بينهما بناحية أذربيجان.

وفيها غزا نزار بن محمد عامل الحسن بن علي كوره الصائفة، ففتح حصوناً كثيرة للروم، وأدخل طرسوس مائة علج ونيفاً وستين علجاً من القوامسة والشمامسة وصلباناً كثيراً وأعلاماً لهم، فوجهها كروه إلى بغداد.

ولاثنتي عشرة خلت من ذي الحجة وردت كتب التجار من الرقة أن الروم وافت في مراكب كثيرة، وجاء قوم منهم على الظهر إلى ناحية كيسون، فاستاقوا من المسلمين أكثر من خمسة عشر ألف نفس إنسان؛ ما بين رجل وامرأة وصبي، فمضوا بهم، وأخذوا فيهم قوماً من أهل الذمة.

وفيها قرب أصحاب أبي سعيد الجنابي من البصرة، واشتد جزع أهل البصرة منهم حتى هموا بالهرب منها والنقلة عنها، فمنعهم من ذلك واليهم.

وفي آخر ذي الحجة منها قتل وصيف خادم ابن أبي الساج، فحملت جثته فصلبت في الجانب الشرقي.

وقيل إنه مات ولم يقتل، فلما مات احتز رأسه.

وحج بالناس فيها هارون بن محمد المكنى أبا بكر.