المجلد العاشر - ثم دخلت سنة خمس وتسعين ومائتين: ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

ثم دخلت سنة خمس وتسعين ومائتين

ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

فمن ذلك ما كان من خروج عبد الله بن إبراهيم المسمعي عن مدينة أصبهان إلى قرية من قراها على فراسخ منها وانضمام نحو من عشرة آلاف من الأكراد وغيرهم - فيما ذكر - إليه مظهراً الخلاف على السلطان.

فأمر بدر الحمامي بالشخوص إليه، وضم إليه جماعة من القواد ونحو من خمسة آلاف من الجند.

وفيها كانت وقعة للحسين بن موسى على أعراب طيىء الذين كانوا حاربوا وصيف بن صوارتكين على غرة منهم، فقتل من رجالهم - فيما قيل - سبعين، وأسر من فرسانهم جماعة.

وفيها توفي أبو إبراهيم إسماعيل بن احمد عامل خراسان وما وراء النهر في صفر منها، لأربع عشرة خلت منه، وقام ابنه أحمد بن إسماعيل بن أحمد في عمل أبيه مقامه، وولى أعمال أبيه.

وذكر أن المكتفى لأربع ليال خلون من شهر ربيع الآخر قعد، فقعد بيده لواء ودفعه إلى طاهرين علي بن وزير، وخلع عليه وأمره بالخروج باللواء إلى أحمد بن إسماعيل.

وفيها وجه منصور بن عبد الله بن منصور الكاتب إلى عبد الله بن إبراهيم المسمعي، وكتب إليه يخوفه عاقبة الخلاف إليه، فتوجه إليه، فلما صار إليه ناظره، فرجع إلى طاعة السلطان، وشخص في نفر من غلمانه، واستخلف على عمله بأصبهان خليفة، وعه منصور بن عبد الله، حتى صار إلى باب السلطان، فرضى عنه المكتفى ووصله وخلع عليه وعلى ابنه.

وفيها أوقع الحسين بن موسى بالكردي المتغلب كان على نواحي الموصل، فظفر بأصحابه، واستباح عسكره وأمواله، وأفلت الكردي فتعلق بالجبال فلم يدرك.

وفيها فتح المظفر بن حاج بعض ما كان غلب عليه بعض الخوارج باليمن، وأخذ رئيساً من رؤسائهم يعرف بالحكيمي.

وفيها لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة أمر خاقان المفلحي بالشخوص إلى أذربيجان لحرب يوسف بن أبي الساج، وضم إليه نحو أربعة آلاف رجل من الجند.

ولثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان دخل بغداد رسول أبي مضر زيادة الله بن الأعلف، ومعه فتح الأعجمي، ومعه هدايا وجه بها إلى المكتفى.

وفيها تم الفداء بين المسلمين والروم في ذي القعدة؛ وكانت عدة من فودى به من الرجال والنساء ثلاثمائة آلاف نفس.

وفي ذي القعدة لاثنتي ليلة خلت منها توفى المكتفى بالله، وكانت خلافته ست سنين وستة أشهر وتسعة عشر يوماً، وكان يوم توفى ابن اثنتين وثلاثين سنة يومئذ، وكان ولد سنة أربع وستين ومائتين، ويكنى أبا محمد، وأمه أم ولد تركية تسمى جيجك.
وكان ربعة جميلاً، رقيق اللون، حسن الشعر، وافر الحمة، وافر اللحية.

خلافة المقتدر بالله: ثم بويع جعفر عبد المعتضد بالله؛ ولما بويع جعفر بن المعتضد لقب المقتدر بالله وهو يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة وشهر واحد وأحد عشرين يوماً.

وكان مولده ليلة الجمعة لثمان بقين من شهر رمضان من سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وكنيته أبو الفضل، وأمه أم ولد يقال لها شغب، فذكر كان في بيت المال يوم بويع خمسة عشر ألف ألف دينار.

ولما بويع المقتدر غسل المكتفى وصلي عليه، ودفن في موضع من دار محمد بن عبد الله بن طاهر.

وفيها كانت بين عج بن حاج والجند وقعة في اليوم الثاني من أيام منى، قتل فيها جماعة، وجرح منهم، بسبب طلبهم جائزة بيعة المقتدر، وهرب الناس الذين كانوا بمنى بستان ابن عامر، وانتهب الجند مضرب أبي عدنان ربيعة بن محمد بمنى.

وكان أحد أمراء القوافل، وأصاب المنصرفين من مكة في منصرفهم في الطريق من القطع والعطش أمر غليظ، مات من العطش - فيما قيل - منهم جماعة.

وسمعت بعض من يحكي أن الرجل كان يبول في كفه، ثم يشربه.

وحج بالناس فيها الفضل بن عبد الملك الهاشمي.