المجلد العاشر - ثم دخلت سنة إحدى وثلثمائة: ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

ثم دخلت سنة إحدى وثلثمائة

ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

فمن ذلك عزل المقتدر محمد بن عبيد الله عن الوزارة وحبسه إياه مع ابنيه عبد الله وعبد الواحد وتصييره علي بن عيسى بن داود بن الجراح له وزيراً.

وفيها كثر أيضاً الوباء ببغداد، فكان بها منه نوع سموه حنيناً، ومنه نوع سموه الماسرا؛ فأما الحنين فكانت سليمة، وأما الماسرا فكانت طاعوناً قتالة.

وفيها أحضر دار الوزير علي بن عيسى رجل - ذكر انه يعرف بالحلاج ويكنى أبا محمد - مشعوذ، ومعه صاحب له، سمعت جماعة من الناس يزعمون أنه يدعى الربوبية فصلب هو وصاحبة ثلاثة أيام، كل يوم من ذلك من أوله إلى انتصافه، ثم ينزل بهما، فيؤمر بهما إلى الحبس، فحبس مدة طويلة، فافتتن به جماعة منهم نصر القشوري وغيره، إلى أن ضج الناس، ودعوا على من يعيبه، وفحش أمره، وأخرج من الحبس، فقطعت يداه ورجلاه، ثم ضربت عنقه، ثم أحرق بالنار.

وفيها غزا الصائفة الحسين بن حمدان بن حمدون، فورد كتاب من طرسوس يذكر فيه أنه فتح حصوناً كثيرة، وقتل من الروم خلقاً كثيراً.

وفيها قتل أحمد بن إسماعيل بن أحمد صاحب خراسان وما وراء النهر؛ قتله غلام له تركي - أخص غلمانه به - ذبحاً، وهو غلامان معه، ودخلوا عليه في قبته، ثم هربوا فلم يدركوا.

وفيها وقع الإختلاف بين نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد وعم أبيه إسحاق بن أحمد، فكان مع نصر بن أحمد غلمان أبيه وكتابه وجماعة من قواده والأموال والكراع السلاح، وانحاز بعد قتل أبيه إلى بخارى وإسحاق بن أحمد بسمرقند وهو عليل من نقرس به، فدعا الناس بسمرقند إلى مبايعته على الرئاسة عليهم، وبعث كل واحد منهما إلى السلطان كتبه خاطباً على نفسه، عمل إسماعيل بن أحمد، وأنفذ إسحاق كتبه - فيما ذكر - إلى عمران المرزباني لإيصالها إلى السلطان، ففعل ذلك، وأنفذ نصر بن أحمد ابن إسماعيل كتبه إلى حماد ابن أحمد؛ ليتولى إيصالها إلى السلطان، ففعل.

وفيها كانت وقعة بين نصر بن إسماعيل وأصحابه من أهل بخارى وإسحاق بن أحمد عم أبيه وأصحابه من أهل سمرقند، لأربع عشرة بقيت من شعبان منها، هزم فيها نصر وأصحابه إسحاق وأهل سمرقند ومن كان قد انضم إليه من أهل النواحي، وتفرقوا عنه هاربين، وكانت هذه الوقعة بينهم على باب بخارى.

وفيها زحف أهل بخارى إلى أهل سمرقند بعدما هزموا إسحاق بن أحمد ومن معه، فكانت بينهم وقعة أخرى ظفر فيها أيضاً أهل بخارى بأهل سمرقند، فهزموهم، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، ودخلوا سمرقند قسراً، وأخذوا إسحاق بن أحمد أسيراً، وولوا ما كان إليه من عمل ابناً لعمرو بن نصر بن أحمد.

وفيها أصحاب ابن البصرى من أهل المغرب بالرقة، وطرد عنها عامل السلطان.وولى أبو بكر محمد بن علي بن أحمد بن أبي زنبور الماذرائي أعمال مصر وخراجها.

وفيها قتل أبو سعيد الجنابي كان بناحية البحرين وهجر، قتله - فيما قيل - خادم له.

وفيها كثرت الأمراض والعلل ببغداد، وفشا الموت في أهلها، وكان أكثر ذلك - فيما قيل - في الحربية وأهل الأرباض.

وفيها وافى قائد من قواد ابن البصرى في البرابرة والمغاربة الإسكندرية.

وفيها ورد كتاب تكين عامل السلطان من مصر يسأله المدد.

وحج بالناس فيها الفضل بن عبد الملك.