مسألة في إبطال إنكارهم لبعث الأجساد ورد الأرواح

إلى الأبدان ووجود النار الجسمانية ووجود الجنة والحور العين وسائر ما وعد به الناس

وقولهم إن كل ذلك أمثلة ضربت لعوام الخلق لتفهيم ثواب وعقاب روحانيين هما أعلى رتبة من الجسمانية وهو مخالف لاعتقاد المسلمين كافة. فلنقدم تفهيم معتقدهم في الأمور الأخروية ثم لنعترض على ما يخالف الإسلام من جملته.

قولهم اللذة السرمدية لا تكون إلا بالعلم والعمل

وقد قالوا إن النفس تبقى بعد الموت بقاء سرمدياً إما في لذة لا يحيط الوصف بها لعظمها وإما في ألم لا يحيط الوصف به لعظمه، ثم قد يكون ذلك الألم مخلداً وقد ينمحى على طول الزمان. ثم تتفاوت طبقات الناس في درجات الألم واللذة تفاوتاً غير محصور كما يتفاوتون في المراتب الدنيوية ولذاتها تفاوتاً غير محصور، واللذة السرمدية للنفوس الكاملة الزكية والألم السرمدي للنفوس الناقصة الملطخة والألم المنقضي للنفوس الكاملة الملطخة، فلا تنال السعادة المطلقة إلا بالكمال والتزكية والطهارة والكمال بالعلم والزكاء بالعمل.

تلتذ بهما القوة العقلية

ووجه الحاجة إلى العلم أن القوة العقلية غذاؤها ولذتها في درك المعقولات كما أن القوة الشهوانية لذتها في نيل المشتهى والقوة البصرية لذتها في النظر إلى الصور الجميلة وكذلك سائر القوى. وإنما يمنعها من الاطلاع على المعقولات البدن وشواغله وحواسه وشهواته. والنفس الجاهلة في الحيوة الدنيا حقها أن تتألم بفوات لذة النفس ولكن الاشتغال بالبدن ينسيه نفسه ويلهيه عن ألمه كالخائف لا يحس بالألم وكالخدر لا يحس بالنار، فإذا بقيت ناقصة حتى انحط عنه شغل البدن كان في صورة الخدر، إذا عرض على النار فلا يحس بالألم فإذا زال الخدر شعر بالبلا العظيم دفعة واحدة هجوماً.

والبدن يشغل عنها

والنفوس المدركة للمعقولات قد تلتذ بها التذاذاً خفياً قاصراً عما يقتضيه طباعه وذلك أيضاً لشواغل البدن وأنس النفس بشهواتها. ومثاله مثال المريض الذي في فيه مرارة يستبشع الشيء الطيب الحلو ويستهجن الغذاء الذي هو أتم أسباب اللذة في حقه فلا يتلذذ به لما عرض من المرض.

فإذا انحط عنها أعباء البدن، أدركت اللذة دفعة

فالنفوس الكاملة بالعلوم إذا انحط عنها أعباء البدن وشواغله بالموت كان مثاله مثال من عرض للطعم الألذ والذوق الأطيب وكان به عارض مرض يمنعه من الإدراك فزال العارض فأدرك اللذة العظيمة دفعة. أو مثال من اشتد عشقه في حق شخص فضاجعه ذلك الشخص وهو نائم أو مغمى عليه أو سكران فلا يحس به فتنبه فجأة فيشعر بلذة الوصال بعد طول الانتظار دفعة واحدة.

اللذات الروحانية تفهم بالجسمانية

وهذه اللذات حقيرة بالإضافة إلى اللذات الروحانية العقلية إلا أنه لا يمكن تفهيمه إلا بأمثلة مما شاهدها الناس في هذه الحيوة، وهذا كما أنا لو أردنا أن نفهم الصبي أو العنين لذة الجماع لم نقدر عليه إلا بأن نمثله في حق الصبي باللعب الذي هو ألذ الأشياء عنده وفي حق العنين بلذة الأكل الطيب مع شدة الجوع ليصدق بأصل وجود اللذة ثم يعلم أن ما فهمه بالمثال ليس يحقق عنده لذة الجماع وأن ذلك لا يدرك إلا بالذوق.

وهذه أحط من الأولى لعدم وجودها في الملائكة

والدليل على أن اللذات العقلية أشرف من اللذات الجسمانية أمران: أحدهما أن حال الملائكة أشرف من حال السباع والخنازير من البهائم وليس لها اللذات الحسية من الجماع والأكل وإنما لها لذة الشعور بكمالها وجمالها الذي خص بها في نفسها في اطلاعها على حقائق الأشياء وقربها من ربي العالمين في الصفات لا في المكان وفي رتبة الوجود، فإن الموجودات حصلت من الله على ترتيب وبوسائط فالذي يقرب من الوسائط رتبته لا محالة أعلى.

ولكن الإنسان يفضلها على غيرها

والثاني أن الإنسان أيضاً قد يؤثر اللذات العقلية على الحسية، فإن من يتمكن من غلبة عدو والشماتة به يهجر في تحصيله ملاذ الأنكحة والأطعمة بل قد يهجر الأكل طول النهار في لذة غلبة الشطرنج والنرد مع خسة الأمر فيه ولا يحس بألم الجوع. وكذلك المتشوف إلى الحشمة والرئاسة يتردد بين انخرام حشمته بقضاء الوطر من عشيقته مثلاً بحيث يعرفه غيره وينتشر عنه فيصون الحشمة ويترك قضاء الوطر ويستحقر ذلك محافظة على ماء الوجه فيكون ذلك لا محالة ألذ عنده، بل ربما يهجم الشجاع على جم غفير من الشجعان مستحقراً خطر الموت شغفاً بما يتوهمه بعد الموت من لذة الثناء والإطراء عليه.

فالأفضلية هي للذات العقلية الأخروية

فإذن اللذات العقلية الأخروية أفضل من اللذات الحسية الدنيوية ولولا ذلك لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وقال تعالى: "لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" فهذا وجه الحاجة إلى العلم.

بعض العلوم نافعة

والنافع من جملته العلوم العقلية المحضة وهي العلم بالله وصفاته وملائكته وكتبه وكيفية وجود الأشياء منه وما وراء ذلك إن كان وسيلة إليه، فهو نافع لأجله وإن لم يكن وسيلة إليه كالنحو واللغة والشعر وأنواع العلوم المفترقة فهي صناعات وحرف كسائر الصناعات.

النفس المواظبة على الشهوات تنال الأذى

وأما الحاجة إلى العمل والعبادة فلزكاء النفس، فإن النفس في هذا البدن مصدود عن درك حقائق الأشياء لا لكونه منطبعاً في البدن بل لاشتغاله ونزوعه إلى شهواته وشوقه إلى مقتضياته، وهذا النزوع والشوق هيئة للنفس تترسخ فيها وتتمكن منها بطول المواظبة على اتباع الشهوات والمثابرة على الأنس بالمحسوسات المستلذة، فإذا تمكنت من النفس فمات البدن كانت هذه الصفات متمكنه من النفس ومؤذية من وجهين.

فتكون عاجزة عن الاتصال بالملائكة

أحدهما أنها تمنعها عن لذتها الخاصة بها وهو الاتصال بالملائكة والإطلاع على الأمور الجميلة الإلهية ولا يكون معه البدن الشاغل فيلهيه عن التألم كما قبل الموت.

وعن اللذة الجسمانية

والثاني أنه يبقى معه الحرص والميل إلى الدنيا وأسبابها ولذاتها وقد استلب منه الآلة فإن البدن هو الآلة للوصول إلى تلك اللذات فيكون حاله حال من عشق امرأة وألف رئاسة واستأنس بأولاد واستروح إلى مال وابتهج بحشمة فقتل معشوقه وعزل عن رئاسته وسبي أولاده ونساؤه وأخذ أمواله أعداؤه وأسقط بالكلية حشمته فيقاسي من الألم ما لا يخفى، وهو في هذه الحيوة غير منقطع الأمل عن عود أمثال هذه الأمور فإن الدنيا غاد ورائح فكيف إذا انقطع الأمل بفقدان البدن بسبب الموت.

فالأولى أن يعرض عن الدنيا

ولا ينجي عن التضمخ بهذه الهيئات إلا كف النفس عن الهوى والإعراض عن الدنيا والإقبال بكنه الجد على العلم والتقوى حتى تنقطع علائقه عن الأمور الدنيوية وهو في الدنيا وتستحكم علاقته مع الأمور الأخروية، فإذا مات كان كالمتخلص عن سجن فالواصل إلى جميع مطالبه فهو جنته. 

لكن الضرورات البدنية جاذبة إليها

ولا يمكن سلب جميع هذه الصفات عن النفس ومحوها بالكلية فإن الضرورات البدنية جاذبة إليها، إلا أنه يمكن تضعيف تلك العلاقة ولذلك قال تعالى: "وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضيا". إلا أنه إذا ضعفت العلاقة لم تشتد نكاية فراقها وعظم الالتذاذ بما اطلع عليه عند الموت من الأمور الإلهية فأماط أثر مفارقة الدنيا والنزوع إليها على قرب، كمن يستنهض من وطنه إلى منصب عظيم وملك مرتفع فقد ترق نفسه حالة الفراق على أهله ووطنه فيتأذى أذى ما ولكن ينمحى بما يستأنفه من لذة الابتهاج بالملك والرئاسة.

ولذلك ورد الشرع بالتوسط في الأخلاق

وإذا لم يكن سلب هذه الصفات ورد الشرع في الأخلاق بالتوسط بين كل طرفين متقابلين لأن الماء الفاتر لا حار ولا بارد فكأنه بعيد عن الصفتين فلا ينبغي أن يبالغ في إمساك المال فيستحكم فيه حرص المال ولا في الإنفاق فيكون مبذراً ولا أن يكون ممتنعاً عن كل الأمور فيكون جباناً ولا منهمكاً في كل أمر فيكون متهوراً، بل يطلب الجود فإنه الوسط بين البخل والتبذير والشجاعة فإنها الوسط بين الجبن والتهور وكذلك في جميع الأخلاق، وعلم الأخلاق طويل والشريعة بالغت في تفصيلها ولا سبيل في تهذيب الأخلاق إلا بمراعاة قانون الشرع في العمل حتى لا يتبع الإنسان هواه فيكون قد اتخذ إلهه هواه بل يقلد الشرع فيقدم ويحجم بإشارته لا باختياره فتتهذب به أخلاقه.

فمنهم من يكونون تعساء ومنهم سعداء

على وجه كامل أو غير كامل

ومن عدم هذه الفضيلة في الخلق والعلم جميعاً فهو الهالك ولذلك قال تعالى: "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها". ومن جمع الفضيلتين العلمية والعملية فهو العارف العابد وهو السعيد المطلق ومن له الفضيلة العلمية دون العملية فهو العالم الفاسق ويتعذب مدة ولكن لا يدوم لأن نفسه قد كمل بالعلم ولكن العوارض البدنية لطخته تلطيخاً عارضاً على خلاف جوهر النفس، وليس تتجدد الأسباب المجددة فينمحى على طول الزمان، ومن له الفضيلة العملية دون العلمية فيسلم وينجو عن الألم ولا يحظى بالسعادة الكاملة. وزعموا أن من مات فقد قامت قيامته.

في الشرع صور

وأما ما ورد في الشرع من الصور فالقصد ضرب الأمثال لقصور الأفهام عن درك هذه اللذات فمثل لهم ما يفهمون ثم ذكر لهم أن تلك اللذات فوق ما وصف لهم. فهذا مذهبهم.

جوابنا أكثر الأمور صحيحة ولكن لا تعرف إلا بالشرع

ونحن نقول: أكثر هذه الأمور ليس على مخالفة الشرع فإنا لا ننكر أن في الآخرة أنواع من اللذات أعظم من المحسوسات ولا ننكر بقاء النفس عند مفارقة البدن ولكنا عرفنا ذلك بالشرع إذ ورد بالمعاد ولا يفهم المعاد إلا ببقاء النفس، وإنما أنكرنا عليهم من قبل دعواهم معرفة ذلك بمجرد العقل.

فالشرع يعلمنا حشر الأجساد

ولكن المخالف للشرع منها إنكار حشر الأجساد وإنكار اللذات الجسمانية في الجنة والآلام الجسمانية في النار وإنكار وجود جنة ونار كما وصف في القرآن. فما المانع من تحقيق الجمع بين السعادتين الروحانية والجسمانية وكذى الشقاوة، وقوله: لا تعلم نفس ما أخفي لهم، أي لا يعلم جميع ذلك. وقوله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت فكذلك وجود تلك الأمور الشريفة لا يدل على نفي غيرها بل الجمع بين الأمرين أكمل والموعود أكمل الأمور وهو ممكن فيجب التصديق به على وفق الشرع.

قد يقال هذه أمثال

فإن قيل: ما ورد فيه أمثال ضربت على حد أفهام الخلق كما أن الوارد من آيات، التشبيه وإخباره أمثال على حد فهم الخلق والصفات الإلهية مقدسة عما يخيله عامة الناس.

قولنا لا محل للتأويل

والجواب أن التسوية بينهما تحكم بل هما يفترقان من وجهين: أحدهما أن الألفاظ الواردة في التشبيه تحتمل التأويل على عادة العرب في الاستعارة وما ورد في وصف الجنة والنار وتفصيل تلك الأحوال بلغ مبلغاً لا يحتمل التأويل فلا يبقى إلا خمل الكلام على التلبيس بتخييل نقيض الحق لمصلحة الخلق وذلك مما يتقدس عنه منصب النبوة.

ولا للاستحالة

والثاني أن أدلة العقول دلت على استحالة المكان والجهة والصورة ويد الجارحة وعين الجارحة وإمكان الانتقال والاستقرار على الله سبحانه فوجب التأويل بأدلة العقول وما وعد من الأمور الآخرة ليس محالاً في قدرة الله تعالى، فيجب الجري على ظاهر الكلام بل على فحواه الذي هو صريح فيه.

قولهم هناك أمور محالة

فإن قيل: وقد دل الدليل العقلي على استحالة بعث الأجساد كما دل على استحالة تلك الصفات على الله تعالى.
فنطالبهم بإظهاره.

ولهم فيه مسالك

مسلكهم الأول إما أن يعاد البدن والحياة

المسلك الأول قولهم: تقدير العود إلى الأبدان لا يعدوا ثلثة أقسام. إما أن يقال: الإنسان عبارة عن البدن والحيوة التي هي عرض قائم به، كما ذهب إليه بعض المتكلمين، وأن النفس التي هي قائم بنفسه ومدبر للجسم فلا وجود له، ومعنى الموت انقطاع الحيوة أي امتناع الخالق عن خلقها فتنعدم والبدن أيضاً ينعدم، ومعنى المعاد إعادة الله للبدن الذي انعدم ورده إلى الوجود وإعادة الحيوة التي انعدمت أو يقال: مادة البدن تبقى تراباً ومعنى المعاد أن يجمع ويركب على شكل آدمي ويخلق فيه الحيوة ابتداء، فهذا قسم.

إما أن ترد النفس إلى البدن

وإما أن يقال: النفس موجود ويبقى بعد الموت ولكن يرد البدن الأول بجمع تلك الأجزاء بعينها، وهذا قسم.

إما أن ترد النفس إلى بدن أياً كان

وإما أن يقال: يرد النفس إلى بدن سواء كان من تلك الأجزاء أو من غيرها ويكون العائد ذلك الإنسان من حيث أن النفس تلك النفس، فأما المادة فلا التفات إليها إذ الإنسان ليس إنساناً بها بل بالنفس.

وهذه الأقسام الثلثة باطلة.

وهذه الثلاثة باطلة

ففي الأول إيجاد لمثل ما كان لا إعادة عين ما كان

أما الأول فظاهر البطلان لأنه مهما انعدمت الحيوة والبدن فاستئناف خلقها إيجاد لمثل ما كان لا لعين ما كان، بل العود المفهوم هو الذي يفرض فيه بقاء شيء وتجد شيء، كما يقال: فلان عاد إلى الإنعام أي أن المنعم باق، وترك الإنعام ثم عاد إليه أي عاد إلى ما هو الأول بالجنس ولكنه غيره بالعدد فيكون عوداً بالحقيقة إلى مثله لا إليه. ويقال: فلان عاد إلى البلد أي بقي موجوداً خارجاً وقد كان له كون في البلد فعاد إلى مثل ذلك فإن لم يكن شيء باق وشيئان متعددان متماثلان يتخللهما زمان لم يتم اسم العود، إلا أن يسلك مذهب المعتزلة فيقال: المعدوم شيء ثابت والوجود حال يعرض له مرة وينقطع تارة ويعود أخرى فيتحقق معنى العود باعتبار بقاء الذات ولكنه رفع للعدم المطلق الذي هو النفي المحض وهو إثبات للذات مستمرة الثبات إلى أن يعود إليه الوجود وهو محال.

فلا يعود الإنسان بعينه

وإن احتال ناصر هذا القسم بأن قال: تراب البدن لا يفنى فيكون باقياً فتعود إليه الحيوة. فنقول عند ذلك يستقيم أن يقال: عاد التراب حياً بعد أن انقطعت الحيوة عنه مرة، ولا يكون ذلك عوداً للإنسان ولا رجوع ذلك الإنسان بعينه لأن الإنسان إنسان لا بمادته والتراب الذي فيه إذ يتبدل عليه سائر الأجزاء أو أكثرها بالغذاء وهو ذاك الأول بعينه، فهو باعتبار روحه أو نفسه فإذا عدمت الحيوة أو الروح فما عدم لا يعقل عوده وإنما يستأنف مثله، ومهما خلق الله حيوة إنسانية في تراب يحصل من بدن شجر أو فرس أو نبات كان ذلك ابتداء خلق الإنسان، فالمعدوم قط لا يعقل عوده والعائد هو الموجود أي عاد إلى حالة كانت له من قبل أي إلى مثل تلك الحالة، فالعائد هو التراب إلى صفة الحيوة.

وليس الإنسان قائماً ببدنه

وليس الإنسان ببدنه إذ قد يصير بدن الفرس غذاء الإنسان فيتخلق منه نطفة يحصل منها إنسان فلا يقال: الفرس انقلب إنساناً بل الفرس فرس بصورته لا بمادته وقد انعدمت الصورة وما بقي إلا المادة.

وأما الثاني فلا يمكن أن يرد البدن الفاسد

وأما القسم الثاني وهو تقدير بقاء النفس ورده إلى ذلك البدن بعينه فهو لو تصور لكان معاداً أي عوداً إلى تدبير البدن بعد مفارقته ولكن محال إذ بدن الميت ينحل تراباً أو تأكله الديدان والطيور ويستحيل دماً وبخاراً وهواء ويمتزج بهواء العالم وبخاره ومائه امتزاجاً يبعد انتزاعه واستخلاصه.

يستقبح جمع أجزاء الميت وحدها

ولكن إن فرض ذلك اتكالاً على قدرة الله فلا يخلوا إما أن يجمع الأجزاء التي مات عليها فقط فينبغي أن يكون معاد الأقطع ومجذوع الأنف والأذن وناقص الأعضاء كما كان، وهذا مستقبح لا سيما في أهل الجنة وهم الذين خلقوا ناقصين في ابتداء الفترة فإعادتهم إلى ما كانوا عليه من الهزال عند الموت في غاية النكال. هذا إن اقتصر على جمع الأجزاء الموجودة عند الموت.

ولا يمكن جمع جميع الأجزاء التي كانت في طول عمره

وإن جمع جميع أجزائه التي كانت موجودة في جميع عمره فيه فهو محال من وجهين: أحدهما أن الإنسان إذا تغذى بلحم إنسان، وقد جرت العادة به في بعض البلاد ويكثر وقوعه في أوقات القحط، فيتعذر حشرهما جميعاً لأن مادة واحدة كانت بدناً للمأكول وصارت بالغذاء بدناً للآكل ولا يمكن رد نفسين إلى بدن واحد. والثاني أنه يجب أن يعاد جزء واحد كبداً وقلباً ويداً ورجلاً فإنه ثبت بالصناعة الطبية أن الأجزاء العضوية يغتذي بعضها بفضلة غذاء البعض فيتغذى الكبد بأجزاء القلب وكذلك سائر الأعضاء. فنفرض أجزاء معينة قد كانت مادة لجملة من الأعضاء فإلى أي عضو تعاد؟ بل لا يحتاج في تقرير الاستحالة الأولى إلى أكل الناس الناس فإنك إذا تأملت ظاهر التربة المعمورة علمت بعد طول الزمان أن ترابها جثث الموتى قد تتربت وزرع فيها وغرس وصار حباً وفاكهة وتناولها الدواب فصارت لحماً وتناولناها فعادت بدناً لنا، فما من مادة يشار إليها إلا وقد كانت بدناً لأناس كثيرة فاستحالت وصارت تراباً ثم نباتاً ثم لحماً ثم حيواناً. بل يلزم منه محال ثالث وهو أن النفوس المفارقة للأبدان غير متناهية والأبدان أجسام متناهية فلا تفي المواد التي كانت مواد الإنسان بأنفس الناس كلهم بل تضيق عنهم.

وأما الثالث فهو محال، فالأنفس هي متناهية

وأما القسم الثالث وهو رد النفس إلى بدن إنساني من أي مادة كانت وأي تراب اتفق فهذا محال من وجهين: أحدهما أن المواد القابلة للكون والفساد محصورة في مقعر فلك القمر لا يمكن عليها مزيد وهي متناهية والأنفس المفارقة للأبدان غير متناهية فلا تفي بها.

فليس هناك طرق مقبولة

والثاني أن التراب لا يقبل تدبير النفس ما بقي تراباً بل لا بد وأن تمتزج العناصر امتزاجاً يضاهي امتزاج النطفة، بل الخشب والحديد لا يقبل هذا التدبير ولا يمكن إعادة الإنسان وبدنه من خشب أو حديد بل لا يكون إنساناً إلا إذا انقسم أعضاء بدنه إلى اللحم والعظم والأخلاط، ومهما استعد البدن والمزاج لقبول نفس استحق من المبادئ الواهبة للنفوس حدوث نفس فيتوارد على البدن الواحد نفسان.

ولا يسلم بالتناسخ

وبهذا بطل مذهب التناسخ وهذا المذهب هو عين التناسخ فإنه رجع إلى اشتغال النفس بعد خلاصها من البدن بتدبير بدن آخر غير البدن الأول. فالمسلك الذي يدل على بطلان التناسخ يدل على بطلان هذا المسلك.

اعتراضنا أن نختار القسم الثالث وهو لا يخالف الشرع

والاعتراض هو أن يقال: بم تنكرون على من يختار القسم الأخير ويرى أن النفس باقية بعد الموت؟ وهو جوهر قائم بنفسه وأن ذلك لا يخالف الشرع بل دل عليه الشرع في قوله: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم" وبقوله عليه السلام: أرواح الصالحين في حواصل طير خضر معلقة تحت العرش، وبما ورد من الأخبار بشعور الأرواح بالصدقات والخيرات وسؤال منكر ونكير وعذاب القبر وغيره وكل ذلك يدل على البقاء.

وفيه عود محقق

نعم قد دل مع ذلك على البعث والنشور بعده هو بعث البدن. وذلك ممكن بردها إلى بدن أي بدن كان سواء كان من مادة البدن الأول أو من غيره أو من مادة استؤنف خلقها، فإنه هو بنفسه لا ببدنه إذ يتبدل عليه أجزاء البدن من الصغر إلى الكبر بالهزال والسمن وتبدل الغذاء ويختلف مزاجه مع ذلك وهو ذلك الإنسان بعينه فهذا مقدور لله ويكون ذلك عوداً لذلك النفس فإنه كان قد تعذر عليه أن يحظى بالآلام واللذات الجسمانية بفقد الآلة وقد أعيدت إليه آلة مثل الأولى فكان ذلك عوداً محققاً.

النفوس ليست غير متناهية

وما ذكرتموه من استحالة هذا بكون النفوس غير متناهية وكون المواد متناهية محال لا أصل له فإنه بناء على قدم العالم وتعاقب الأدوار على الدوام ومن لا يعتقد قدم العالم فالنفوس المفارقة للأبدان عنده متناهية وليست أكثر من المواد الموجودة، وإن سلم أنها أكثر فالله تعالى قادر على الخلق واستئناف الاختراع وإنكاره إنكار لقدرة الله على الأحداث. وقد سبق إبطاله في مسألة حدث العالم.

أما التناسخ فلا مشاحة في الأسماء

وأما إحالتكم الثانية بأن هذا تناسخ فلا مشاحة في الأسماء فما ورد الشرع به يجب تصديقه فليكن تناسخاً وإنما نحن ننكر التناسخ في هذا العالم. فأما البعث فلا ننكره سمي تناسخاً أو لم يسم.

والله قادر على تدبير الأمر

وقولكم إن كل مزاج استعد لقبول نفس استحق حدوث نفس من المبادئ رجوع إلى أن حدوث النفس بالطبع لا بالإرادة وقد أبطل ذلك في مسألة حدث العالم. كيف ولا يبعد على مساق مذهبكم أيضاً أن يقال: إنما يستحق حدوث نفس إذا لم يكن ثم نفس موجودة فتستأنف نفس؟ فيبقى أن يقال: فلم لم تتعلق بالأمزجة المستعدة في الأرحام قبل البعث والنشور بل في عالمنا هذا؟ فيقال: لعل الأنفس المفارقة تستدعي نوعاً آخر من الاستعداد ولا يتم سببها إلا في ذلك الوقت. ولا بعد في أن يفارق الاستعداد المشروط للنفس الكاملة المفارقة الاستعداد المشروط للنفس الحادثة ابتداء التي لم تستفد كمالاً بتدبير البدن مدة، والله تعالى أعرف بتلك الشروط وبأسبابها وأوقات حضورها وقد ورد الشرع به وهو ممكن فيجب التصديق به.

مسلكهم الثاني كما أن قلب الحديد ثوباً

يقتضي تعدد الاستحالات

المسلك الثاني أن قالوا: ليس في المقدور أن يقلب الحديد ثوباً منسوجاً بحيث يتعمم به إلا بأن تحلل أجزاء الحديد إلى العناصر بأسباب تستولي على الحديد فتحلله إلى بسائط العناصر ثم تجمع العناصر وتدار في أطوار في الخلقة إلى أن تكتسب صورة القطن ثم يكتسب القطن صورة الغزل ثم الغزل يكتسب الانتظام المعلوم الذي هو النسج على هيئة معلومة. ولو قيل إن قلب الحديد عمامة قطنية ممكن من غير الاستحالة في هذه الأطوار على سبيل الترتيب كان محالاً. نعم يجوز أن يخطر للإنسان أن هذه الاستحالات يجوز أن تحصل كلها في زمان متقارب لا يحس الإنسان بطولها فيظن أنه وقع فجأة دفعة واحدة.

هذا ما يقتضيه أيضاً تجدد بدن الإنسان لترد النفس إليه

وإذا عقل هذا فالإنسان المبعوث المحشور لو كان بدنه من حجر أو ياقوت أو در أو تراب محض لم يكن إنساناً بل لا يتصور أن يكون إنساناً، إلا أن يكون متشكلاً بالشكل المخصوص مركباً من العظام والعروق واللحوم والغضاريف والأخلاط، والأجزاء المفردة تتقدم على المركبة فلا يكون البدن ما لم تكن الأعضاء ولا تكون الأعضاء المركبة ما لم تكن العظام واللحوم والعروق ولا تكون هذه المفردات ما لم تكن الأخلاط ولا تكون الأربعة ما لم تكن موادها من الغذاء ولا يكون الغذاء ما يكن حيوان أو نبات وهو اللحم والحبوب ولا يكون حيوان ونبات ما لم تكن العناصر الأربعة جميعاً ممتزجة بشرائط مخصوصة طويلة أكثر مما فصلنا جملتها. فإذن لا يمكن أن يتجدد بدن إنسان لترد النفس إليه إلا بهذه الأمور.

وهذا محال من جميع الوجوه

ولها أسباب كثيرة: أفينقلب التراب إنساناً بأن يقال له كن؟ أو بأن تمهد أسباب انقلابه في هذه الأدوار وأسبابه هي إلقاء النطفة المستخرجة من لباب بدن الإنسان في رحم حتى يسمد من دم الطمث ومن الغذاء مدة حتى يتخلق مضغة ثم علقة ثم جنيناً ثم طفلاً ثم شاباً ثم كهلاً. فقول القائل: يقال له كن فيكون، غير معقول إذ التراب لا يخاطب وانقلابه إنساناً دون التردد في هذه الأطوار محال. وتردده في هذه الأطوار دون جريان هذه الأسباب محال فيكون البعث محالاً.

اعتراضنا هذا لا بد منه ولو في زمان طويل

والاعتراض أنا نسلم أن الترقي في هذه الأطوار لا بد منه حتى يصير بدن الإنسان كما لا بد منه حتى يصير الحديد عمامة فإنه لو بقي حديداً لما كان ثوباً بل لا بد وأن يصير قطناً مغزولاً ثم منسوجاً. ولكن ذلك في لحظة أو في مدة ممكن ولم يبن لنا أن البعث يكون في أوحى ما يقدر إذ يكون جمع العظام وإنشاز اللحم وإنباته في زمان طويل وليس المناقشة فيه.

وهذا يحصل بقدرة الله إما من غير واسطة

وإنما النظر في أن الترقي في هذه الأطوار يحصل بمجرد القدرة من غير واسطة أو بسبب من الأسباب، وكلاهما ممكنان عندنا كما ذكرناه في المسألة الأولى من الطبيعيات عند الكلام على إجراء العادات، وإن المقترنات في الوجود اقترانها ليس على طريق التلازم بل العادات يجوز خرقها فيحصل بقدرة الله تعالى هذه الأمور دون وجود أسبابها.

أو بواسطات غريبة

وأما الثاني فهو أن نقول: ذلك يكون بأسباب ولكن ليس من شرط أن يكون السبب هو المعهود بل في خزانة المقدورات عجائب وغرائب لم يطلع عليها ينكرها من يظن أن لا وجود إلا لما شاهده، كما ينكر طائفة السحر والنارنجات والطلسمات والمعجزات والكرامات وهي ثابتة بالاتفاق بأسباب غريبة لا يطلع عليها.

من استنكر قوة المغناطيس ثم شاهدها

تعجب منها فهكذا يتعجبون

بل لو لم ير إنسان المغناطيس وجذبه للحديد وحكي له ذلك لاستنكره وقال: لا يتصور جذب للحديد إلا بخيط يشد عليه ويجذب فإنه المشاهد في الجذب، حتى إذا شاهده تعجب منه وعلم أن علمه قاصر عن الإحاطة بعجائب القدرة. وكذلك الملحدة المنكرة للبعث والنشور إذا بعثوا ورأوا عجائب صنع الله فيه ندموا ندامة لا تنفعهم ويتحسرون على جحودهم تحسراً لا يغنيهم ويقال لهم: "هذا الذي كنتم به تكذبون" كالذي يكذب بالخواص والأشياء الغريبة.

إن الإنسان لو خلق عاقلاً لأنكر خلق الإنسان من النطفة

بل لو خلق إنسان عاقلاً ابتداء وقيل له إن هذه النطفة القذرة المتشابهة الأجزاء تنقسم أجزاؤها المتشابهة في رحم آدمية إلى أعضاء مختلفة لحمية وعصبية وعظمية وعرقية وغضروفية وشحمية فيكون منه العين على سبع طبقات مختلفة في المزاج واللسان والأسنان على تفاوتهما في الرخاوة والصلابة مع تجاورهما وهلم جرا إلى البدائع التي في الفطرة لكان إنكاره أشد من إنكار الملحدة حيث قالوا: أئذا كنا عظاماً نخرة الآية.

فيجب عدم إنكار ما لم يشاهد

فليس يتفكر المنكر للبعث أنه من أين عرف انحصار أسباب الوجود فيما شاهد ولم يبعد أن يكون في إحياء الأبدان منهاج غير ما شاهده. وقد ورد في بعض الأخبار أنه يعم الأرض في وقت البعث مطر قطراتها تشبه النطف وتختلط بالتراب فأي بعد في أن يكون في الأسباب الإلهية أمر يشبه ذلك ونحن لا نطلع عليه ويقتضي ذلك انبعاث الأجساد واستعدادها لقبول النفوس المحشورة، وهل لهذا الإنكار مستند إلا الاستبعاد المجرد؟

قد يقال إن الفعل الإلهي لا يتغير وهو دوري

فإن قيل: الفعل الإلهي له مجرى واحد مضروب لا يتغير ولذلك قال تعالى: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر" وقال: "ولن تجد لسنة الله تبديلا" وهذه الأسباب التي أوهمتهم إمكانها إن كانت فينبغي أن تطرد أيضاً وتتكرر إلى غير غاية وأن يبقى هذا النظام الموجود في العالم من التولد والتوالد إلى غير غاية. وبعد الاعتراف بالتكرر والدور فلا يبعد أن يختلف منهاج الأمور في كل ألف ألف سنة مثلاً ولكن يكون ذلك التبدل أيضاً دائماً أبدياً على سنن واحد فإن سنة الله لا تبديل فيها.

ويصدر عن الإرادة وهي غير متعينة

وهذا لمكان أن الفعل الإلهي يصدر عن المشيئة الإلهية والمشيئة الإلهية ليست متعينة الجهة حتى يختلف نظامها باختلاف جهاتها فيكون الصادر منها كيف ما كان منتظماً انتظاماً يجمع الأول والآخر على نسق واحد كما نراه في سائر الأسباب والمسببات.

وستكون الآخرة والقيامة

فإن جوزتم استمرار التوالد والتناسل بالطريق المشاهد الآن أو عود هذا المنهاج ولو بعد زمان طويل على سبيل التكرر والدور فقد رفعتم القيامة والآخرة وما دل عليه ظواهر الشرع إذ يلزم عليه أن يكون قد تقدم على وجودنا هذا البعث كرات وسيعود كرات وهكذى على الترتيب.

ولا يمكن انقسام الحالات إلى ثلاثة

وإن قلتم إن السنة الإلهية بالكلية تتبدل إلى جنس آخر ولا تعود قط هذه السنة وتنقسم مدة الإمكان إلى ثلاثة أقسام: قسم قبل خلق العالم إذ كان الله ولا عالم وقسم بعد خلقه على هذا الوجه وقسم به الاختتام وهو المنهاج البعثي، بطل الاتساق والانتظام وحصل التبديل لسنة الله وهو محال فإن هذا إنما يمكن بمشيئة مختلفة باختلاف الأحوال أما المشيئة الأزلية فلها مجرى واحد مضروب لا تتبدل عنه لأن الفعل مضاه للمشيئة والمشيئة على سنن واحد لا تختلف بالإضافة إلى الأزمان؟

وهذا لا يناقض القول بأن الله "قادر على كل شيء"

وزعموا أن هذا لا يناقض قولنا إن الله قادر على كل شيء فإنا نقول إن الله قادر على البعث والنشور وجميع الأمور الممكنة على معنى أنه لو شاء لفعل، وليس من شرط صدق قولنا هذا أن يشاء ولا أن يفعل. وهذا كما أنا نقول إن فلاناً قادر على أن يجز رقبة نفسه ويبعج بطن نفسه ويصدق ذلك على معنى أنه لو شاء لفعل ولكنا نعلم أنه لا يشاء ولا يفعل.

ولا يناقضه أنه "لا يشاء ولا يفعل"

وقولنا: لا يشاء ولا يفعل لا يناقض قولنا إنه قادر بمعنى أنه لو شاء لفعل فإن الحمليات لا تناقض الشرطيات كما ذكر في المنطق إذ قولنا: لو شاء لفعل، شرطي موجب وقولنا: ما شاء وما فعل، حملتان سالبتان والسالبة الحملية لا تناقض الموجبة الشرطية. فإذن الدليل الذي دلنا على أن مشيئة أزلية وليست متفننة يدلنا على أن مجرى الأمر الإلهي لا يكون إلا على انتظام وإن اختلفت في آحاد الأوقات فيكون اختلافها أيضاً على انتظام واتساق بالتكرر والعود وأما غير هذا فلا يمكن.

جوابنا يمكن انقسام الحالات إلى ثلاثة

والجواب أن هذا استمداد من مسألة قدم العالم وأن المشيئة قديمة فليكن العالم قديماً وقد أبطلنا ذلك وبينا أنه لا يبعد في العقل وضع ثلثة أقسام وهو أن يكون الله موجوداً ولا عالم ثم يخلق العالم على النظم المشاهد ثم يستأنف نظماً ثانياً وهو الموعود في الجنة ثم يعدم الكل حتى لا يبقى إلا الله وهو ممكن لولا أن الشرع قد ورد بأن الثواب والعقاب والجنة والنار لا آخر لهما.

المسألة تنبنى على المسألتين الأولى والسابعة عشرة

وهذه المسألة كيف ما رددت تنبنى على مسئلتين إحديهما حدث العالم وجواز حصول حادث من قديم الثانية خرق العادات بخلق المسببات دون الأسباب أو إحداث أسباب على منهج آخر غير معتاد، وقد فرغنا عن المسئلتين جميعاً.