أما فضائل العفة فهي الحياء، والخجل، والمسامحة، والصبر، والسخاء، وحسن التقدير، والانبساط، والدماثة، والانتظام، وحسن الهيئة، والقناعة، والهدوء، والورع، والطلاقة، والمساعدة، والتسخط، والظرف. أما الحياء فهو وسطبينقاحة والخنوثة، وقيل في حده أنه ألم يعرض للنفس عند الفزع من النقيصة. وقيل: إنه خوف الإنسان من تقصير، يقع فيه عند من هو أفضل منه، وقيل أنه رقة الوجه عند إتيان القبائح، وتحفظ النفس عن مذمومة يتوجه عليها الحق فيها. وبالجملة، فإنه يستعمل في الانقباض عن القبح ويستعمل في الانقباض عمّا يظنه المستحي قبحاً. وهذا الأخير يليق بالصبيان والنساء وهو مذموم من العقلاء. وأما الرذائل المندرجة تحت رذيلتي العفة، فهي الشره، وكلال الشهوة، والوقاحة، والتخنث، والتبذير، والتقتير، والرياء، والهتكة، والكزازة، والمجانة، والعبث، والتحاشي، والشكاسة، والملق، والحسد، والشماتة. فأما الوقاحة، فلجاج النفس في تعاطي القبيح، من غير احتزاز من الذم. وأما التخنث، فحال يعتري النفس من إفراط الحياء، يقبض النفس عن الانبساط قولاً وفعلاً. وأما التبذير فإفناء المال، فيما لا يجب وفي الوقت الذي لا يجب فيه، وأكثر مما يجب. وأما التقتير، فهو الامتناع من إنفاق ما يجب، وسببه البخل والشح واللؤم. ولكل واحد من هذه الثلاثة رتبة، وأما التقتير، فهو الامتناع من إنفاق ما يجب، وسببه البخل والشح واللؤم. ولكل واحد من هذه الثلاثة رتبة. أما البخيل، فهو الذي يفرط ويقصر في الإنفاق، خوفاً من أن تضطره الفاقة إلى المسئلة، والتذلل للأعداء، وكأن سبب البخل هو الجبن عند البحث. وأما الشحيح فهو الذي يجمع إلى ما ذكرناه أن يكره حسن حال غيره، طمعاً في أن يضطره إلى الحاجة إليه، فينال به الجاه والرفعة، ومنشأ هذا ضرب من الجهل. وأما اللئيم، فهو الذي يجمع إلى هذه الصفات احتمال العار في الشيء الحقير، وسببه نوع من الخبث، وذلك مثل المتلصص والدّيوث. وأما الرياء فهو التشبه بذوي الأعمال الفاضلة، طلباً للسمعة والمفاخرة. وأما الهتكة، فالإعراض عن تزيين النفس بالأعمال الفاضلة، والمجاهرة بأضدادها، وأما الكزازة، فاإفراط في الجد. وأما المجانة فالإفراط في الهزل، وأما العبث فالإفراط في الإعجاب بلقاء الجليس والأنيس. وأما التحاشي، فإفراط في التبرم بالجليس. وأما الشكاسة، فمخالفة المعاشرين، في شرائط الأنس، وأما الملق فالتحبب إلى المعاشرين، مع التغافل عما يلحقه من عار الاستخفاف. وأما الحسد، فالاغتمام بالخير الواصل إلى المستحق، الذي يعرفه الحاسد. وأما الشماتة، فالفرح بالشر الواصل إلى غير المستحق، ممن يعرفه الشامت. وأما العدالة، فجامعة لجميع الفضائل والجور المقابل لها، فجامع لجميع الرذائل، وما من خلق من هذه الأخلاق، إلا وقد ورد في فضائله أخبار باعثة عليه، وفي رذائله زواجر عنه، ولم نر تطويل الكتاب بها، فليطلب ذلك من آداب النبي عليه السلام، وغيره من الكتب، وإنما الغرض بيان أن الإنسان بسبب هذه القوى الثلاث يحصّل هذه الأخلاق كلها. ولكل واحد طرفان وواسطة، وهو مأمور بالتوسط والاستقامة بين طرفي الإفراط والتفريط في جملة ذلك. حتى إذا حصل ذلك كله، كمل كمالاً بقربه إلى الله تقريباً، بالرتبة لا بالمكان، بحسب قرب الملائكة المقربين من الله عز وجل. فلله البهاء الأعظم، والكمال الأتم. وكل موجود فمشتاق إلى الكمال الممكن له، وهو غايته المطلوبة منه، فإن ناله التحق بأفق العالم الذي فوقه، وإن حرم عنه انحط إلى الحضيض الذي تحته، فالإنسان بين أن ينال الكمال، فليلتحق في القرب من الله بأفق الملائكة، وذلك سعادته، أو يقبل على ما هو مشترك بينه وبين البهائم، من رذائل الشهوة والغضب، فينحط إلى درجة البهائم، ويملك هلاكاً مؤبداً، وهو شقاوته، ومثاله الفرس الجواد الذي كماله في شدة عدوه، فإن عجز عن ذلك حط إلى رتبة ما دونه، فاتخذ حمولة وأكولة. ومراتب الكمال للإنسان بحسب هذه الأخلاق وبحسب العلوم غير منحصرة، ولذلك تتفاوت درجات الخلق في الآخرة، كما تتفاوت في الدنيا في الخلق والأخلاق، والثورة واليسار وسائر الأحوال.