الباب التاسع - القول في الأسماء التي ينبغي أن يسمى بها الأولى تعالى مجده

الأسماء التي ينبغي أن يسمى بها الأول، هي الأسماء التي تدل في الموجودات التي لدينا، ثم في أفضلها عندنا، على الكمال وعلى فضيلة الوجود، من غير أن يدل شيء من تلك الأسماء فيه هو على الكمال والفضيلة التي جرت العادة أن تدل شيء من تلك الأسماء في الموجودات التي لدينا وفي أفضلها، بل على الكمال الذي يخصه هو في جوهره. وأيضا فإن أنواع الكمالات، التي جرت العادة أن يدل عليها بتلك الأسماء الكثيرة كثيرة، وليس ينبغي أن تظن بأن أنواع كمالاته التي يدل عليها بأسمائه الكثيرة أنواع كثيرة، ينقسم الأول إليها ويتجوهر بجميعها، بل ينبغي أن يدل بتلك الأسماء الكثيرة على جوهر واحد ووجود واحد غير منقسم أصلا.

والأسماء التي تدل على الكمال والفضيلة في الأشياء التي لدينا، منها ما يدل على ما هو للشيء في ذاته، لا من حيث هو مضاف إلى شيء آخر خارج عنه، مثل الموجود الواحد والحي؛ ومنها ما يدل على ما هو للشيء بالإضافة إلى شيء آخر خارج عنه، مثل العدل والجواد.

وهذه الأسماء، أما فيما لدينا فإنها تدل على فضيلة وكمال، تكون إضافته إلى شيء آخر خارج عنه جزءا من ذلك الكمال حتى تكون تلك الإضافة جزءا من جملة ما يدل عليه بتلك الأسماء، بأن يكون ذلك الاسم، أو بأن تكون تلك الفضيلة وذلك الكمال قوامه بالإضافة إلى شيء آخر. وأمثال هذه الأسماء متى نقلت وسمي بها الأول، قصدنا أن يدل بها على الإضافة التي له إلى غيره بما فاض منه من الوجود، فينبغي أن لا نجعل الإضافة جزءا من كماله، ولا أيضا نجعل ذلك الكمال المدلول عليه بذلك اسم، قوامه تلك الاضافة، بل ينبغي أن ندل به على جوهر أو كمال تتبعه ضرورة تلك الإضافة. وعلى أن قوام تلك الإضافة بذلك الجوهر، وعلى أن تلك الإضافة تابعة لما جوهره ذلك الجوهر الذي دل عليه بذلك الاسم.