الباب العاشر - القول في الموجودات الثواني وكيفية صدور الكثير

يفيض من الأول وجود الثاني؛ فهذا الثاني هو أيضا جوهر غير متجسم أصلا، ولا هو في مادة. فهو يعقل ويعقل الأول، وليس ما يعقل من ذاته هو شيء غير ذاته. فما يعقل من الأول يلزم عنه وجود ثالث، وبما هو متجوهر بذاته التي تخصه يلزم عنه وجود السماء الأولى.

والثالث أيضا وجوده لا في مادة، وهو بجوهره عقل. وهو يعقل ذاته ويعقل الأول. فما يتجوهر به من ذاته التي تخصه يلزم عنه وجود كرة الكواكب الثابتة؛ وبما يعقله من الأول يلزم عنه وجود رابع.

وهذا أيضا لا في مادة، فهو يعقل ذاته ويعقل الأول. فبما يتوجهر به من ذاته التي تخصه يلزم عنه وجود كرة زحل، وبما يعقله من الأول يلزم عنه وجود خامس.

وهذا الخامس أيضا وجوده لا في مادة، فهو يعقل ذاته ويعقل الأول. فما يتجوهر به من ذاته يلزم عنه كرة المشتري، وبما يعقله من الأول يلزم عنه وجود سادس.

وهذا أيضا وجوده لا في مادة، وهو يعقل ذاته ويعقل الأول. فيما يتجوهر به من ذاته يلزم عنه وجود كرة المريخ، وبما يعقله من الأول يلزم عنه وجود سابع.

وهذا أيضا وجوده لا في مادة، وهو يعقل ذاته ويعقل الأول. فبما يتجوهر به من ذاته يلزم عنه وجود كرة الشمس، وبما يعقل من الأول يلزم عنه وجود ثامن.

وهو أيضا وجوده لا في مادة، ويعقل ذاته ويعقل الأول. فبما يتجوهر به من ذاته التي تخصه يلزم عنه وجود كرة الزهرة، وبما يعقل من الأول يلزم عنه وجود تاسع.

وهذا أيضا وجوده لا في مادة، فهو يعقل ذاته ويعقل الأول. فبما يتجوهر به من ذاته يلزم عنه وجود كرة عطارد، وبما يعقل من الأول يلزم عنه وجود عاشر.

وهذا أيضا وجوده لا في مادة، وهو يعقل ذاته ويعقل الأول.

فبما يتجوهر به من ذاته يلزم عنه وجود كرة القمر، وبما يعقل من الأول يلزم عنه وجود حادي عشر.

وهذا الحادي عشر هو أيضا وجوده لا في مادة؛ وهو يعقل ذاته ويعقل الأول. ولكن عنده ينتهي الوجود الذي لا يحتاج ما يوجد ذلك الوجود إلى مادة وموضوع أصلا. وهي الأشياء المفارقة التي هي في جواهرها عقول ومعقولات. وعند كرة القمر ينتهي وجود الأجسام السماوية، وهي التي بطبيعتها تتحرك دورا.