أخبرنا ابن دريد ، قال: أخبرنا عثمان بن سعيد بن هارون الأشنانداني، قال: أخبرنا التوزي، قال: أخبرني أبو عبيدة، قال: تزوج رجل من بني عامر بن صعصعة امرأة من قومه، وخلفها حاملاً، وخرج في بعض أمره. فولدت ابناً، فلما نظر إلية، وإذا هو أحمر غضب، أزب الحاجبين. فدعاها، وانتضى السيف، وأنشأ يقول:
لا تمْشطي رأسي ولا تفْليني |
|
وحاذري ذا الريق في يميني |
واقتربي دونكِ أخـبـرينـي |
|
ما شأنه أحمرَ كالهـجـين |
خالفَ ألونَ بنيَّ الـجـوْنِ |
|
|
فقالت تجيبه:
إنّ له من قِـبـلـي أجـدادا |
|
بِيضَ الوجوه كرُماً أنجـادا |
ما ضرَّهم إن حضروا أمجادا |
|
أو كافحوا يوم الوغى الأندادا |
ألا يكون لونـهـم سـوادا |
|
|
قلت أنا والمفضل الضبي: ويروى هذا الخبر للحارث بن عباد اليشكري.
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبه، قال: قالت امرأة من بني عامر:
وَحرْبٍ يضِجُّ القوم من بعثاتها |
|
ضجيجَ الجمالِ الجِلةِ الدَّبراتِ |
ورواها أبو تمام الطائي في الحماسة لامرأة من بني عامر أيضاً، وقال: فيه مكان بعثاتها: نفيانها.
سيبعثها قومٌ ويصْلى بحرِّها |
|
بنو نسْوةٍ للثُّكلِ مصْطبراتِ |
وروى أبو تمام: سيتركها قوم.
فإن يكُ ظنِّي صادقي وهو صادقي |
|
بكمْ وبأحْلامٍ لـكـم صـفـرات |
وقال أبو تمام: وهو صادق بكم وبأحلام لكم صفرات.
تعد منكم جزرَ الجزورِ رِماحنا |
|
وتُمسِكُ بالأكبادِ منكـسـرات |
وقال أو تمام : تعد فيكم جزر الجزور رماحنا ويمسكن.
أخبرنا ابن دريد، قال: حدثني عبد الرحمن يعني ابن أخي الأصمعي، عن عمه، عن يونس قال: انصرفت من الحج فمررت بماويه وكان لي فيها صديق من عامر بن صعصعة، قصدت إليه مسلماً، فأنزلني. فبينا أنا وهو قاعدين بفنائه، فإذا نساء مستبشرات وهن يقلن : تكلم. فقلت: ما هذا؟ فقالوا: فتى منا كان يعشق بنت عم له ، فزوجت وحلمت إلى الناحية بالحجاز فأنه لعلى فراشه منذ حول، ما تكلم ولا أكل إلا أن يؤتى بما يأكله ويشربه فقلت: أحب أن أراه، فقام وقمت معه، فمشينا غير بعيد، فإذا بقى مضطجع بفناء بيت من تلك البيوت، لم يبق منه إلا خياله. فأكب الشيخ عليه يسأله وأمه واقفه، فقالت: يا مالك هذا عمك أبو فلان يعودك. ففتح عينيه ثم أنشأ يقول:
ليبكني اليومَ أهل الود والشـفـقِِ |
|
لم يبق من مهجتي إلا شفا رمقي |
اليوم آخر عهدي بالحـياة فـقـد |
|
أطلقت من ربقة الأحزان والقلق |
ثم تنفس صعداء، فإذا هو ميت. فقام الشيخ وقمت معه فصرت إلى خبائة، فإذا جارية بضة تبكي وتفجع، فقال لها الشيخ: ما يبكيك أنت؟ فأنشأت تقول:
ألا أبكي لميتٍ شفَّ مهـجـتـه |
|
طول السقام وأضنى جسمه الكمد |
يا ليت من كلَف القلب المهيم بـه |
|
عندي فأشكو إليه بعض ما أجـد |
أنشرُ برديك أسرى ليَ النسيم بـه |
|
أم أنت حيث يناط السهد والكبد؟ |
ثم انثنت على كبدها وشهقت فإذا هي ميته.
قال يونس: فقمت من عند الشيخ وأنا وقيذ.
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: أنشدني أبو صالح الشاري يحيى بن المهلهل الأسدي، لامرأة أخيه بهلول، تدعى صعبة من بني عامر أعرابية:
وقالوا: كلي الطفشيل يا صعب تسمني |
|
وشحمي على الطفشيل شحمٌ ممانـح |
وما أنا والطفشيل والخل والـقـرى |
|
وديك على رأسي من الليل صـائح |
فما لأبي لا أحـسـن الـلـه رفـده |
|
وقامت عليه المعـولات الـنـوائح |
أخبرني محمد بن أحمد الكاتب، قال: أخبرنا أحمد بن أبي خثيمة عن الحرمازي، قال: كانت امرأة من بني عامر في نجعة فكلفت بفتى منهم، فلما لاح لهم البرق، ورجع أهلها إلى مياههم قالت:
تمتعتُ من أهل الكثيب بنظـرةٍ |
|
وقد قيل ما بعد الكثيب كـثـيب |
فإنَّ الكثيب الفرد من أيمن الحمى |
|
إليَّ وإن لـم آتـه لـحـبـيب |
ألا حبذا ريح الغضا حين أدرست |
|
بقضبانه جنح الظلام جـنـوب |
إذا هبَّ علوي الرياح وجدتنـي |
|
كأني لعلـوياتـهـنَّ نـسـيب |
ألا حبذا الأصعاد لو أستطـيعـه |
|
ولكن )...( لا ما أقام عـسـيب |
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قالت امرأة من بني عامر.
ألا ليتَ حصناً كان يعلم أنـنـا |
|
خلاءٌ وأنا في المزار قـريب |
أرى رفضَ بعرانٍ فأحسب أنها |
|
لحصنٍ فأدنو دنوة فـأخـيبُ |
أخبرني محمد بن الأزهر، قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي، قال: قالت: امرأة أحسبها من بني عامر بن صعصعة زوجت في طي:
لا تحمدن الدهر أخت أخـاً لـهـا |
|
ولا ترثين الدهر بـنـتٌ لـوالـدِ |
هم جعلوها حيث ليسـت بـحـرةٍ |
|
وهم طرحوها في الأقاصي الأباعدِ |
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قال رجل: مررت ببلاد بني عامر بعجيز قد خزفت. وحولها نسيان قد أفطن برجل يجود بنفسه، والعجوز تقول: أيا ملك الموت دع لي صعصعاً، فأن ثمره فؤاديه فإن أبيت فخذ من أعمار من ترى ما شئت، ثم تقبل على النسيات فتقول: أتسلمن؟ قيقلن: نعم والله وليزد ما شاء ثم تبكي مريضها وتقول:
كأنك لم تذبح لأهلك نـعـجة |
|
ولم تلق يوماً بالفناء إهابهـا |
ولم تجب البِيد التنائف تقتنص |
|
بهاجرةٍ حِسلانها وضِبابـهـا |
فإن متَّ هدَّ الموت أبناء عامرٍ |
|
فخصَّ بها كعباً وعمَّ كلابهـا |
ثم تعود فتقول: أيا ملك الموت أرضيت أم نزيدك؟ وتقول النسوة: ياعميمتاه أرضيه وزيديه، ثم تعود فتبكيه فتقول:
أصعصعُ مالي لا أراك تجيبـنـا |
|
أتسمع نجواناك أم لست تسمـع؟ |
إذا غيبتك الجول عنا فلـم تـؤب |
|
فمن يرقع الوهن الذي كنت ترقع |
فلو كان هذا الموت يقبـل فـدية |
|
فذاك ثمانٍ مسعـفـاتٌ وأربـع |
فيقبل النسوة عليها فيقلن: نعم والله وأكثر.
حدثني أبو عبد الله الحكيمي، قال: حدثنا أحمد بن أبي خثيمة عن عمر بن بكير عن الهيثم بن عدي عن عثمان بن عمارة بن حريم عن أشياخ من بني مرة، وقالوا:خرج فتى منا إلى ناحية الشام والحجاز مما يلي تيماء والشراة وأرض نجد في طلب بغية له، فإذا هو بخيمة قد رفعت له، وقد أصابه المطر، "فعدل إليها فتنحنح" فإذا امرأة قد كلمته، وأنزلته ، وراحت إبلهم "وغنمهم فإذا" أمر عظيم كثرة ورعاء، فقالت سلوا هذا الرجل من أين أقبل؟ قلت: من ناحية تهامة ونجد قالت: يا عبد الله أي بلاد نجد وطئت؟ قلت كلها. قالت: بمن نزلت هناك؟ قلت: ببني عامر، فتنفست الصعداء، ونظرت إليها فإذا شقة قمر لم ترعيني مثلها، فقالت: بأي بني عامر؟ فقلت: ببني الحريش، فاستعبرت وبكت وانتحبت وقالت:هل سمعت بذكر فتى يقال له: قيس يلقب بالمجنون؟ قلت: أي والله، ونزلت بأبيه وأتيته حتى نظرت إليه يهيم في تلك الفيافي ويكون مع الوحش ما يعقل ولا يفهم، إلا أن تذكر له ليلى فيبكي وينشد الأشعار فيها. فبكت حتى ظنت-والله- أن قلبها قد انصدع، فقلت: أيتها المرأة اتقي الله. فمكثت طويلاً على حالها، ثم أنشأت تقول:
ألا ليت شعري والخطوب كثيرةٌ |
|
متى رَحل قيس مستقلٌّ فراجع |
بنفسي من لا يستقلُّ برحـلـه |
|
ومن هو إنْ لم يحفظِ الله ضائعُ |
ثم غشي عليها فلما أفاقت قلت: من أنت يرحمك الله؟ قالت: أنا ليلى المشؤومة عليه، فما رأيت مثل حزنها وجزعها. وقال: محمد بن خلف بن المزربان: هذان البيتان لليلى بنت مهدي بن سعد بن العامرية صاحبة قيس بن الملوح.
قلت أنا: وقد أختلف في نسب المجنون فقيل: جعدي، وقيل: قشيري. وقيل: من بن الحريش، وقيل غير ذلك. فأما ليلى صاحبته فهي من بني عامر أيضاً والله أعلم.
ربيعة بن نزار
بن معد بن عدنان عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار
حدثنا محمد بن الحسين بن دريد، قال: أخبرنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال: كانت امرأة من عبد القيس بالبصرة، ولها ابن يلقب "النحيف" من بني جذيمة، وكان شريراً ضعيفاً،وكان بها عاقاً فقال يهجوها:
يا ليتما أمُّنا شالـت نـعـامـتـهـا |
|
أيْما إلـى جـنةٍ أيمـا إلـى نـارِ |
قَلتِهمُ الوَسق مَـشْـدوداً أشِـظـتـه |
|
كأنما وَجْهها قد سُفـع بـالـقـار |
خرقاء بالخير لا تُهدَى لوجـهـتـه |
|
وهي صَناعُ الأذى في الأهل والجار |
وكانت تعظه فلا يتعظ فقالت:
حذار بُنيَّ البـغـيَ لا تـقـربـنَّـهُ |
|
حذارِ فإنَّ البغيَ وخمٌ مـراتـعـه |
وعرضِكَ لا تبذلْ بعرضـك إنـنـي |
|
وجدتُ مضيعَ العرضِ تُلحى طبائعه |
وكم قد رأينا الدهرَ غـادر بـاغـياً |
|
بمنزلةٍ ضاقت عليه مـطـالِـعـه |
فلم يزل به شره، حتى وثب على ابن عم له، فأخطأ به ابن عمه على الأرض فدق عنقه فمات.فقالت كالشامتة به:
مازال ذو البغي شديداً هيصه |
يَطْلب مَن يقهره ويَهِصه |
ظلماً وبغياً والبلاء يُنشِصُه |
حتى أتاهُ قِرنُه فيقِصه |
ففاد عنه خاله وعَرَصه |
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن أبي شبة، قال: قالت امرأة من عبد القيس تهجو قومها في محاربتهم:
لبئس حماة الحربِ يوم لـقـيتـم |
|
غداة جواثا إذ تلوذون بالنـخـلِ |
تركتم أبا المقياس تحت لـوائهـم |
|
لذي الخال ذوّاد الطعام أخي عكلِ |
حدثني علي بن المروان، قال: أخبرني عمي يحيى بن علي، قال: حدثني أبو هفان قال: قالت: ولادة المهزمية:
لولا اتقاءُ الله قمتُ بمـفـخـرٍ |
|
لا يبلغُ الثقَلانِ فيه مَـقـامـي |
بأبوةٍ في الـجـاهـلـية سـادةٍ |
|
بذُّوا العلا أمراءَ في الإسـلام |
جادوا فسادوا مانـعـين أذاهـم |
|
لنداهـمُ، بـذل لـدى الأقـوام |
قد أنجبوا في السؤددين وأنجبـوا |
|
بِنجـابة الأخـوالِ والأعـمـام |
من بالمخاشـن وابـنـهِ جَـون |
|
ومن بالغز أو بالمهزمين يسامي |
قوم إذا سكتوا تكلمَ مـجـدهـم |
|
عنهم، وأخرسَ دونَ كل كـلام |
روى أبي تمام الطائي في "شعر القبائل" لأخت سعد بن قرط العبدي واسمها تنهان:
يا سَعدُ يا خيرَ أخٍ |
|
نازَعْتُ دَرَّ الحلمَهْ |
يا ذائدَ الخيلِ ومجتا-بَ الدِلاصِ الدَّرِمهْ يجتابها: يدخل فيها، والدلاص: الدرع المسلماء، والدرمه: التي لا حجر لها.
سَيفكَ لا يَشقَى به إلاّ السِنادُ السَّنمهْ |
يا سَعْدُكمْ أوقدتَ للأضيافِ ناراً زَهِمَه |
ويروى: خير من أوقد للأضياف، وسميت زهمة لكثرة الشي عليها.
يا قائد الخيل إلى الخيل تعادي أضِمَه |
جادَ على قَبرِكَ غيْث من سماء رزِمَه |
يُنْبِتُ نوراً أرِجاً جرجاره والينمَه |
"الجرجار واليمنه" ضربان من البقر، والأرج: طيبة الرائحة. قال: كانوا يدعون بأن تسقى القبور الغيث لتخصب فيألفها الناس فيذكرون صاحبها بخير، ويثنون عليه ويدعون له.
أخبرني أبو ذر القراطيسي، قال: حدثني الحسين بن عبد الرحمن: أن أعرابية من بني صباح من عبد القيس أوصت ابنتها عند هدائها فقالت:
لا تُهجري في القول للبعل ولا |
تُغريه بالشَرّ إذا ما أقبلا |
فأوّل الشر يكون جللا |
محتقراً ثم يصير معضلا |
ولا تَنثي ما عليه بخلا |
لتكشفي من أمره ما حمِلا |
وجدت بخط حرمي عن ابن المزربان، قالت أسماء بنت مسعود بن عبد القيس،تعير الزبرقان بن بدر بجاره:
تَقلدَ خزيها عوف بن كعب |
|
فليس لجلفها منا اعتـذارُ |
إذا وردت عكاظَ تَسمّعوها |
|
بآذانٍ مسامِعُها قِـصـار |
فإنكم وما تخفون منـهـا |
|
كذات البوِّ ليس لها حوار |
أجيرانَ ابن ميَّة خبرونـي |
|
أعَيْنٌ لابن ميّة أو صمارُ |
حدثني أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثنا العنزي، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن حمران الحمراني، قال: حدثني أبي عن جدته، امرأة من بني سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، قالت: فإذا الفرزدق قد أقبل على بغلته حتى دخل فاستظل معي، قالت: وذلك في وقت ما أخذ مالك بن المنذر.
" حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن جده قال: وأضلت نتيلة ابنها ضراراً" في الموسم، وكان وسيماً، فكاد عقلها أن يذهب عليه جزعاً. فجعلت عليها، إن رده الله، أن تكسو البيت، وجعلت تنشده وتقول:
أظللته أبيضَ لوذَعِـيا |
|
لم يك مجلوباً ولا دَعيا |
وتقول:
أظللته أبـيضَ غـير جـافِ |
|
للفتية الغرّ بـنـي مـنـاف |
ثم لعمرو منتهـى الأضـياف |
|
سنَّ لفـهـرٍ سـنة الإيلاف |
في القر يوم القر والأصياف |
|
|
قال:وحج حسان بن ثابت فرأى جزعها عليه فقال:
أأمَّ ضرارٍ تنشد الناس والـهـاً |
|
أمالِ بن تيم اللاَّت ماذا أضلت |
ولو أنَّ ما تبغي نُتَـيْلة غـدوةً |
|
بجانب رَضوى مثله ما استقلتِ |